فصل: تفسير الآيات (1- 6):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.سورة النمل:

.تفسير الآيات (1- 6):

{طس تِلْكَ آَيَاتُ الْقُرْآَنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (1) هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (3) إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ (4) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (5) وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآَنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (6)}
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {طس} قال: هو اسم الله الأعظم.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {طس} قال: هو اسم الله الأعظم.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {طس} قال: هو اسم من أسماء القرآن. وفي قوله: {إن الذين لا يؤمنون بالآخرة} قال: لا يُقِرّون بها ولا يؤمنون بها {فهم يعمهون} قال: في صلاتهم وفي قوله: {وإنك لتلقى القرآن} يقول: تأخذ القرآن من عند {حكيم عليم}.

.تفسير الآية رقم (7):

{إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا سَآَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آَتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (7)}
أخرج الطستي عن ابن عباس. أن نافع بن الأزرق قال له: اخبرني عن قوله عز وجل {بشهاب قبس} قال: شعلة من نار يقتبسون منه قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم. أما سمعت قول طرفة:
هم عراني فبت أدفعه ** دون سهادي كشعلة القَبس

.تفسير الآيات (8- 9):

{فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (8) يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9)}
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {فلما جاءها نودي أن بورك من في النار} يعني تبارك وتعالى نفسه، كان نور رب العالمين في الشجرة {ومن حولها} يعني الملائكة.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير وابن مردويه عنه عن ابن عباس {نودي أن بورك من في النار ومن حولها} يقول: بوركت بالنار ناداه الله وهو في النور.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال: كانت تلك النار نوراً {أن بورك من في النار ومن} حول النار.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس {أن بورك من في النار} قال: بوركت النار.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد. مثله.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال: في مصحف أبي بن كعب {بوركت النار ومن حولها} أما النار فيزعمون أنها نور رب العالمين {ومن حولها} الملائكة.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة أنه كان يقرأ {أن بوركت النار}.
وأخرج ابن المنذر عن محمد بن كعب في الآية قال: النار: نور الرحمن {ومن حولها} موسى والملائكة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {بورك} قال: قدس.
وأخرج عبد بن حميد ومسلم وابن ماجة وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في الأسماء والصفات من طريق أبي عبيدة عن أبي موسى الأشعري قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه. يرفع إليه عمل الليل قبل النهار وعمل النهار قبل الليل. حجابه النور لو رفع الحجاب لأحرقت سبحات وجهه كل شيء أدركه بصره» ثم قرأ أبو عبيدة {أن بورك من في النار ومن حولها وسبحان الله رب العالمين}.

.تفسير الآيات (10- 14):

{وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآَهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10) إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (11) وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آَيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (12) فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آَيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (13) وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (14)}
أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {فلما رآها تهتز كأنها جان} قال: حين تحوّلت حية تسعى.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {ولم يعقب يا موسى} قال: لم يرجع وفي قوله: {إلا من ظلم ثم بدل حسناً بعد سوء} قال: ثم تاب من بعد ظلمه واساءته.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {ولى مدبراً} قال: فاراً {ولم يعقب} قال: لم يلتفت. وفي قوله: {لا يخاف لدي} قال: عندي وفي قوله: {إلا من ظلم} قال: إن الله لم يجز ظالماً. ثم عاد الله بعائدته وبرحمته فقال: {ثم بدل حسناً بعد سوء} أي فعمل عملاً صالحاً بعد عمل سيء عمله {فإني غفور رحيم}.
وأخرج ابن المنذر عن ميمون قال: إن الله قال لموسى {إنه لا يخاف لديَّ المرسلون إلا من ظلم} وليس للظالم عندي أمان حتى يتوب.
وأخرج سعيد بن منصور عن زيد بن أسلم أنه قرأ {إلا من ظلم}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كانت على موسى جبة لا تبلغ مرفقيه فقال له {أدخل يدك في جيبك} فادخلها.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن مقسم قال: إنما قيل {أدخل يدك في جيبك} لأنه لم يكن لها كم.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد قال: كانت عليه مدرعة إلى بعض يده، ولو كان لها كم أمره أن يدخل يده في كمه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {وأدخل يدك في جيبك} قال: جيب القميص.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة {وأدخل يدك في جيبك} قال: في جيب قميصك {تخرج بيضاء من غير سوء} قال: من غير برص {في تسع آيات} قال: يقول هاتان الآيتان: يد موسى، وعصاه {في تسع آيات} وكان ابن عباس رضي الله عنهما يقول: التسع آيات: يد موسى، وعصاه، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، والسنين في بواديهم ومواشيهم، ونقص من الثمرات في أمصارهم. وفي قوله: {فلما جاءتهم آياتنا مبصرة} قال: بينة {وجحدوا بها} قال: كذبت القوم بآيات الله بعدما استيقنتها أنفسهم أنها حق. والجحود لا يكون إلا من بعد المعرفة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {ظلماً وعلواً} قال: تعظماً واستكباراً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً} قال: تكبروا وقد استيقنتها أنفسهم؛ وهذا من التقديم والتأخير.
وأخرج عبد بن حميد عن الأعمش أنه قرأ {ظلماً وعلياً} وقرأ عاصم {وعلواً} برفع العين واللام.

.تفسير الآية رقم (15):

{وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15)}
أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال: كان داود أعطي ثلاثاً: سخرت له الجبال يسبحن معه، وأُلِينَ له الحديد، وعلم منطق الطير. وأعطي سليمان: منطق الطير، وسخرت له الجن، وكان ذلك مما ورث عنه. ولم تسخر له الجبال، ولم يلن له الحديد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب: إن الله لم ينعم على عبد نعمة فحمد الله عليها إلا كان حمده أفضل من نعمته.
إن كنت لا تعرف. ذلك في كتاب الله المنزل قال الله عز وجل {ولقد آتينا داود وسليمان علماً وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين} وأي نعمة أفضل مما أوتي داود وسليمان!.

.تفسير الآية رقم (16):

{وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16)}
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وورث سليمان داود} قال: ورثه نبوته، وملكه، وعلمه.
وأما قوله تعالى: {وقال يا أيها الناس}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأوزاعي قال: الناس عندنا: أهل العلم.
وأما قوله تعالى: {علمنا منطق الطير}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن مسعود قال: كنت عند عمر بن الخطاب فدخل علينا كعب الحبر فقال: يا أمير المؤمنين ألا أخبرك بأغرب شيء قرأت في كتب الأنبياء: إن هامة جاءت إلى سليمان فقالت: السلام عليك يا نبي الله، فقال: وعليك السلام يا هام، أخبريني كيف لا تأكلين الزرع؟ فقالت: يا نبي الله لأن آدم عصى ربه في سببه لذلك لا آكله، قال: فكيف لا تشربين الماء؟ قالت: يا نبي الله لأن الله أغرق بالماء قوم نوح من أجل ذلك تركت شربه، قال: فكيف تركت العمران وأسكنت الخراب؟ قالت: لأن الخراب ميراث الله، وأنا أسكن في ميراث الله وقد ذكر الله ذلك في كتابه فقال: {وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها} [ القصص: 58] إلى قوله: {وكنا نحن الوارثين} [ القصص: 58].
وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد في الزهد وابن أبي حاتم عن أبي الصديق الناجي قال: خرج سليمان بن داود يستسقي بالناس، فمر بنملة مستلقية على قفاها رافعة قوائمها إلى السماء وهي تقول: اللهم إنا خلق من خلقك ليس بنا غنى عن رزقك، فاما أن تسقينا، وإما أن تهلكنا فقال سليمان للناس: ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي الدرداء قال: كان داود يقضي بين البهائم يوماً وبين الناس يوماً، فجاءت بقرة فوضعت قرنها في حلقة الباب ثم تنغمت كما تنغم الوالدة على ولدها، وقالت: كنت شابة كانوا ينتجوني ويستعملوني، ثم إني كبرت فأرادوا أن يذبحوني، فقال داود: أحسنوا إليها ولا تذبحوها ثم قرأ {علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء}.
وأخرج الحاكم في المستدرك عن جعفر بن محمد قال: أعطي سليمان ملك مشارق الأرض ومغاربها، فملك سليمان سبعمائة سنة وستة أشهر. ملك أهل الدنيا كلهم من الجن، والإِنس، والدواب، والطير، والسباع، وأعطي كل شيء ومنطق كل شيء، وفي زمانه صنعت الصنائع المعجبة. حتى إذا أراد الله أن يقبضه إليه أوحى إليه: أن استودع علم الله وحكمته أخاه. وولد داود كانوا أربعمائة وثمانين رجلاً أنبياء بلا رسالة. قال الذهبي: هذا باطل.
وأخرج الحاكم عن محمد بن كعب قال: بلغنا أن سليمان كان عسكره مائة فرسخ: خمسة وعشرون منها للإِنس، وخمسة وعشرون للجن، وخمسة وعشرون للوحش، وخمسة وعشرون للطير، وكان له ألف بيت من قوارير على الخشب.
فيها ثلثمائة صريحة، وسبعمائة سرية، وأمر الريح العاصف فرفعته، فأمر الريح فسارت به. فأوحى الله إليه: إني زدتك في ملكك أن لا يتكلم أحد بشيء إلا جاءت الريح فأخبرتك.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن المنذر عن وهب بن منبه قال: مر سليمان بن داود وهو في ملكه قد حملته الريح على رجل حراث من بني إسرائيل، فلما رآه قال- سبحان الله- لقد أوتي آل داود ملكاً. فحملتها الريح، فوضعتها في أذنه، فقال: ائتوني بالرجل، فأتي به فقال: ماذا قلت؟ فأخبره فقال سليمان: إني خشيت عليك الفتنة. لثواب سبحان الله عند الله يوم القيامة أعظم مما أوتي آل داود فقال الحراث: أذهب الله همك كما أذهبت همي قال: وكان سليمان رجلاً أبيض، جسيماً، أشقر، غزاء، لا يسمع بملك إلا أتاه فقاتله فدوخه، يأمر الشياطين فيجعلون له داراً من قوارير، فيحمل ما يريد من آلة الحرب فيها، ثم يأمر العاصف فتحمله من الأرض، ثم يأمر الرخاء فتقدمه حيث شاء.
وأخرج ابن المنذر عن يحيى بن كثير قال: قال سليمان بن داود لبني إسرائيل: ألا أريكم بعض ملكي اليوم قالوا: بلى يا نبي الله قال: يا ريح ارفعينا. فرفعتهم الريح فجعلتهم بين السماء والأرض، ثم قال: يا طير أظلينا. فأظلتهم الطير بأجنحتها لا يرون الشمس. قال: يا بني إسرائيل أي ملك ترون؟ قالوا: نرى ملكاً عظيماً قال: قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير؛ خير من ملكي هذا، ومن الدنيا وما فيها. يا بني إسرائيل من خشي الله في السر والعلانية، وقصد في الغنى والفقر، وعدل في الغضب والرضا، وذكر الله على كل حال، فقد أعطي مثل ما أعطيت.