فصل: تفسير الآيات (106- 109):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (100):

{قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا (100)}
أخرج ابن أبي حاتم عن عطاء في قوله: {خزائن رحمة ربي} قال: الرزق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله: {إذا لأمسكتم خشية الإنفاق} قال: إذن ما أطعمتم أحداً شيئاً.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {خشية الإنفاق} قال: الفقر، وفي قوله: {وكان الإنسان قتوراً} قال: بخيلاً.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {خشية الإنفاق} قال: خشية الفاقة {وكان الإنسان قتوراً} قال: بخيلاً ممسكاً.

.تفسير الآيات (101- 105):

{وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا (101) قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا (102) فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا (103) وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا (104) وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (105)}
أخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات} قال: اليد والعصا والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والسنين ونقص من الثمرات.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {تسع آيات بينات} قال: يده وعصاه ولسانه والبحر والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم.
وأخرج الطيالسي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وصححه، والنسائي وابن ماجة وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن قانع والحاكم وصححه، وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معاً في الدلائل، عن صفوان بن عسال: «أن يهوديين قال أحدهما لصاحبه: انطلق بنا إلى هذا النبي نسأله، فأتياه فسألاه عن قول الله: {ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تشركوا بالله شيئاً ولا تزنوا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولا تسرقوا ولا تسحروا ولا تمشوا ببريء إلى ذي سلطان فيقتله، ولا تأكلوا الربا ولا تقذفوا محصنة. أو قال: ولا تفروا من الزحف، شك شعبة، وعليكم يا يهود خاصة أن لا تعتدوا في السبت، فقبلا يديه وقالا: نشهد أنك نبي. قال: فما يمنعكما أن تسلما؟!... قالا: إن داود دعا أن لا يزال في ذريته نبي، وإنا نخاف إن أسلمنا أن تقتلنا اليهود».
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الغضب، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه سئل عن قول الله تعالى: {وإني لأظنك يا فرعون مثبوراً} قال: مخالفاً. وقال: الأنبياء أكرم من أن تُلعَنَ أو تُسَبّ.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد في الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرأ {فاسأل بني إسرائيل} يقول: سأل موسى فرعون بني إسرائيل أن أرسلهم معي. قال مالك بن دينار: وإنما كتبوا {فسل} بلا ألف، كما كتبوا قال: (قَلَ).
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن علي رضي الله عنه أنه كان يقرأ {لقد علمت} يعني بالرفع. قال علي: والله ما علم عدوّ الله، ولكن موسى هو الذي علم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأ {لقد علمت} بالنصب- يعني فرعون- ثم تلا {وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم} [ النمل: 14].
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق، عن ابن عباس رضي الله عنهما {مثبوراً} قال: ملعوناً.
وأخرج ابن جرير من طريق علي عن ابن عباس رضي الله عنهما مثله.
وأخرج الشيرازي في الألقاب وابن مردويه من طريق ميمون بن مهران، عن ابن عباس رضي الله عنهما {مثبوراً} قال: قليل العقل.
وأخرج الطستي عن ابن عباس، أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله: {مثبوراً} قال: ملعوناً، محبوساً عن الخير. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت عبد الله بن الزبعرى يقول:
إذ أتاني الشيطان في سنة النو ** م ومن مال ميلة مثبوراً

وأخرج ابن جرير من طريق العوفي، عن ابن عباس رضي الله عنهما {لفيفاً} قال: جميعاً.

.تفسير الآيات (106- 109):

{وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (106) قُلْ آَمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (109)}
أخرج النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي، عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ أنه قرأ {وقرآناً فرقناه} مثقلة. قال: نزل القرآن إلى سماء الدنيا في ليلة القدر من رمضان جملة واحدة، فكان المشركون إذا أحدثوا شيئاً، أحدث الله لهم جواباً. ففرقه الله في عشرين سنة.
وأخرج ابن أبي حاتم ومحمد بن نصر وابن الأنباري في المصاحف من طريق الضحاك، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نزل القرآن جملة واحد من عند الله من اللوح المحفوظ إلى السفرة الكرام الكاتبين في السماء الدنيا، فنجمته السفرة على جبريل عشرين ليلة، ونجمه جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم عشرين سنة. فقال المشركون: لولا نزل عليه القرآن جملة واحد. فقال الله: {كذلك لنثبت به فؤادك} [ الفرقان: 32] أي أنزلناه عليك متفرقاً ليكون عندك جواب ما يسألونك عنه، ولو أنزلناه عليك جملة واحدة ثم سألوك لم يكن عندك جواب ما يسألونك عنه.
وأخرج البزار والطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنزل القرآن جملة واحدة حتى وضع في بيت العزة في السماء الدنيا، ونزله جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم بجواب كلام العباد وأعمالهم.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر من طريق أبي العالية، عن ابن عباس أنه قرأها مثقلة، يقول: أنزل آية آية.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان، عن عمر رضي الله عنه قال: تعلموا القرآن خمس آيات خمس آيات، فإن جبريل كان ينزل بالقرآن على النبي صلى الله عليه وسلم خمساً خمساً.
وأخرج ابن عساكر من طريق أبي نضرة قال: كان أبو سعيد الخدري رضي الله عنه يعلمنا القرآن خمس آيات بالغداة وخمس آيات بالعشي، ويخبر أن جبريل نزل بالقرآن خمس آيات خمس آيات.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر، عن أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قرأ {وقرآناً فرقناه} مخففاً، يعني بيّناه.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما {وقرآناً فرقناه} قال: فصلناه {على مكث} بأمد {يخرون للأذقان} يقول: للوجوه.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد {على مكث} في ترسل.
وأخرج ابن الضريس عن قتادة في قوله: {وقرآناً فرقناه} الآية. قال: لم ينزل في ليلة ولا ليلتين ولا شهر ولا شهرين ولا سنة ولا سنتين، وكان بين أوله وآخره عشرون سنة، أو ما شاء الله من ذلك.
وأخرج ابن الضريس من طريق قتادة، عن الحسن رضي الله عنه قال: كان يقال: أنزل القرآن على نبي الله صلى الله عليه وسلم ثمان سنين بمكة وعشراً بعد ما هاجر.
وكان قتادة يقول: عشر بمكة وعشر بالمدينة.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه {إن الذين أوتوا العلم من قبله} هم ناس من أهل الكتاب حين سمعوا ما أنزل الله على محمد.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله: {من قبله} من قبل النبي صلى الله عليه وسلم {إذا يتلى} ما أنزل عليهم من عند الله.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد {إذا يتلى عليهم} قال: كتابهم.
وأخرج ابن المبارك وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن عبد الأعلى التيمي قال: إن من أوتي من العلم ما لا يبكيه لخليق، أن قد أوتي من العلم ما لا ينفعه؛ لأن الله نعت أهل العلم فقال: {ويخرون للأذقان يبكون}.
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي الجراح، عن أبي حازم: «أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل عليه جبريل وعنده رجل يبكي، فقال: من هذا؟ قال: فلان. قال جبريل: إنا نزن أعمال بني آدم كلها إلا البكاء، فإن الله يطفئ بالدمعة نهوراً من نيران جهنم».
وأخرج الحكيم الترمذي، عن النضر بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو أن عبداً بكى في أمة من الأمم، لأنجى الله تلك الأمة من النار ببكاء ذلك العبد؛ وما من عمل إلا له وزن وثواب إلا الدمعة، فإنها تطفئ بحوراً من النار. وما اغرورقت عين بمائها من خشية الله، إلا حرم الله جسدها على النار، وإن فاضت على خده لم يرهق وجهه قتر ولا ذلة».
وأخرج ابن أبي شيبة، عن الجعد أبي عثمان قال: بلغنا أن داود عليه السلام قال: «إلهي... ما جزاء من فاضت عيناه من خشيتك؟... قال: جزاؤه أن أؤمنه يوم الفزع الأكبر».

.تفسير الآية رقم (110):

{قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (110)}
أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه، عن عائشة رضي الله عنها قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر بالدعاء فجعل يقول: يا الله... يا رحمن... فسمعه أهل مكة فأقبلوا عليه، فأنزل الله: {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن...} الآية».
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ذات يوم، فدعا ربه فقال في دعائه: يا الله... يا رحمن... فقال المشركون: انظروا إلى هذا الصابئ، ينهانا أن ندعو إلهين وهو يدعو إلهين. فأنزل الله: {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن} الآية».
وأخرج ابن أبي حاتم، عن إبراهيم النخعي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم في حرث في يده جريدة، فسأله اليهود عن الرحمن- وكان لهم كاهن باليمامة يسمونه الرحمن- فأنزلت {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن...} الآية.
وأخرج ابن جرير عن مكحول: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتهجد بمكة ذات ليلة يقول في سجوده: يا رحمن... يا رحيم... فسمعه رجل من المشركين، فلما أصبح قال لأصحابه: انظروا ما قال ابن أبي كبشة، يزعم الليلة الرحمن الذي باليمن- وكان باليمن رجل يقال له رحمن- فنزلت {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن...} الآية».
وأخرج البيهقي في الدلائل من طريق نهشل بن سعيد، عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله: {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياً ما تدعوا فله الأسماء الحسنى....} إلى آخر الآية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هو أمان من السرق».
وإن رجلاً من المهاجرين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تلاها، حيث أخذ مضجعه فدخل عليه سارق، فجمع ما في البيت وحمله- والرجل ليس بنائم- حتى انتهى إلى الباب فوجد الباب مردوداً، فوضع الكارة ففعل ذلك ثلاث مرات، فضحك صاحب الدار ثم قال: إني أحصنت بيتي.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد {أياً ما تدعوا} قال: باسم من أسمائه، والله أعلم.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حبان وابن مردويه والطبراني والبيهقي في سننه، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ولا تجهر بصلاتك...} الآية. قال: نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة متوار، فكان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن، فإذا سمع ذلك المشركون سبّوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به، فقال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم {ولا تجهر بصلاتك} أي بقراءتك، فيسمع المشركون فيسبوا القرآن {ولا تخافت بها} عن أصحابك فلا تسمعهم القرآن حتى يأخذوه عنك {واتبغ بين ذلك سبيلاً} يقول: بين الجهر والمخافتة.
وأخرج ابن إسحاق وابن جرير والطبراني وابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جهر بالقرآن وهو يصلي، تفرقوا عنه وأبوا أن يستمعوا منه، فكان الرجل إذا أراد أن يسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض ما يتلو وهو يصلي، استرق السمع دونهم فرقاً منهم، فإن رأى أنهم قد عرفوا أنه يستمع، ذهب خشية أذاهم فلم يستمع. فإن خفض رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يستمع الذين يستمعون من قراءته شيئاً. فأنزل الله: {ولا تجهر بصلاتك} فيتفرقوا عنك {ولا تخافت بها} فلا تسمع من أراد أن يسمعها ممن يسترق ذلك، لعله يرعوي إلى بعض ما يستمع فينتفع به {وابتغ بين ذلك سبيلاً}.
وأخرج ابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهر بالقراءة بمكة فيؤذي، فأنزل الله: {ولا تجهر بصلاتك}.
وأخرج ابن أبي شيبة في الصنف، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى عند البيت جهر بقراءته، فكان المشركون يؤذونه، فنزلت {ولا تجهر بصلاتك...} الآية.
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى يجهر بصلاته، فآذى ذلك المشركين فأخفى صلاته هو وأصحابه. فلذك قال الله: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} وقال: في الأعراف {واذكر ربك في نفسك} [ الأعراف: 205] الآية.
وأخرج الطبراني والبيهقي في سننه، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} قال: كان الرجل إذا دعا في الصلاة رفع صوته.
وأخرج الطبراني وابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان مسيلمة الكذاب قد تسمّى الرحمن، فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى فجهر ببسم الله الرحمن الرحمن، قال المشركون: يذكر إله اليمامة. فأنزل الله: {ولا تجهر بصلاتك}.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف، عن سعيد رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع صوته ببسم الله الرحمن الرحيم. وكان مسيلمة قد تسمّى الرحمن، فكان المشركون إذا سمعوا ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: قد ذكر مسيلمة إله اليمامة، ثم عارضوه بالمكاء والتصدية والصفير. فأنزل الله: {ولا تجهر بصلاتك...} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جهر بالقرآن شق ذلك على المشركين، فيؤذون النبي صلى الله عليه وسلم بالشتم- وذلك بمكة- فأنزل الله: يا محمد {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} لا تخفض صوتك حتى لا تسمع اذنيك {وابتغ بين ذلك سبيلاً} يقول: اطلب الاعلان والجهر، وبين التخافت والجهر طريقاً.
.. لا جهراً شديداً ولا خفضاً حتى لا تسمع أذنيك. فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ترك هذا كله.
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان، عن محمد بن سيرين قال: نبئت أن أبا بكر رضي الله عنه كان إذا قرأ خفض. وكان عمر رضي الله عنه إذا قرأ جهر. فقيل لأبي بكر رضي الله عنه: لم تصنع هذا؟ قال: أناجي ربي وقد علم حاجتي. وقيل لعمر رضي الله عنه: لم تصنع هذا؟ قال: اطرد الشيطان وأوقظ الوسنان. فلما نزلت {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} قيل لأبي بكر رضي الله عنه: ارفع شيئاً. وقيل لعمر رضي الله عنه: اخفض شيئاً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس رضي الله عنه قال: كان أبو بكر رضي الله عنه إذا صلى من الليل خفض صوته جداً، وكان عمر رضي الله عنه إذا صلى رفع صوته جداً. فقال عمر رضي الله عنه: يا أبا بكر، لو رفعت من صوتك شيئاً. وقال أبو بكر رضي الله عنه: يا عمر، لو خفضت من صوتك شيئاً. فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه بأمرهما فأنزل الله: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها...} الآية. فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليهما فقال: «يا أبا بكر، ارفع من صوتك شيئاً. وقال لعمر رضي الله عنه: اخفض من صوتك شيئاً».
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة في المصنف، والبخاري ومسلم وأبو داود في الناسخ، والبزار والنحاس وابن نصر وابن مردويه والبيهقي في سننه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: إنما نزلت هذه الآية {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} في الدعاء.
وأخرج ابن جرير والحاكم، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: نزلت هذه الآية في التشهد {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها}.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن عائشة رضي الله عنها في قوله: {ولا تجهر بصلاتك} قال: نزلت في المسألة والدعاء.
وأخرج محمد بن نصر وابن مردويه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى عند البيت رفع صوته بالدعاء وآذاه المشركون، فنزل {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها}.
وأخرج سعيد بن منصور والبخاري في تاريخه وابن المنذر وابن مردويه، عن دراج أبي السمح: أن شيخاً من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «{ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} إنما نزلت في الدعاء، لا ترفع صوتك في دعائك فتذكر ذنوبك فتسمع منك فتعير بها».
وأخرج ابن أبي شيبة وابن منيع وابن جرير ومحمد بن نصر وابن المنذر وابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ولا تجهر بصلاتك} قال: نزلت في الدعاء، كانوا يجهرون بالدعاء: اللهم ارحمني. فلما نزلت، أمروا أن يخافتوا ولا يجهروا.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن جرير وابن المنذر، عن عبد الله بن شداد رضي الله عنه قال: كان أعراب من بني تميم إذا سلم النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: اللهم ارزقنا إبلاً وولداً. فنزلت هذه الآية {ولا تجهر بصلاتك}.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {ولا تجهر بصلاتك} قال: ذلك في الدعاء والمسألة.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ولا تجهر بصلاتك} ولا تصلِّ مراياة الناس {ولا تخافت بها} قال: لا تدعها مخافة الناس.
وأخرج ابن عساكر عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} قال: لا تُصلِّها رياء ولا تدعها حياء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ولا تجهر بصلاتك} لا تجعلها كلها جهراً {ولا تخافت بها} قال: لا تجعلها كلها سراً.
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف، عن أبي رزين رضي الله عنه قال: في قراءة عبد الله بن عمر {ولا تخافت} بصوتك ولا تعال به.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير، عن ابن مسعود قال: لم يخافت من أسمع أذنيه.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير قال: العلم خير من العمل، وخير الأمور أوسطها، والحسنة بين تلك السيئتين، وذلك لأن الله تعالى يقول: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلاً}.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي قلابة قال: خير الأمور أوسطها.