فصل: تفسير الآيات (138- 141):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (138- 141):

{وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138) إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (139) قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (140) وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (141)}
أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: {فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم} قال: على لخم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي عمران الجوني في قوله: {فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم} قال: هم لخم وجذام.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم} قال: تماثيل بقر من نحاس، فلما كان عجل السامري شبه لهم أنه من تلك البقر، فلذلك كان أول شأن العجل لتكون لله عليهم حجة فينتقم منهم بعد ذلك.
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: {قالوا يا موسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة} قال: يا سبحان الله... ! قوم أنجاهم الله من العبودية، وأقطعهم البحر، وأهلك عدوهم، وأراهم الآيات العظام، ثم سألوا الشرك صراحية.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي واقد الليثي قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حنين، فمررنا بسدرة فقلت: يا رسول الله اجعل لنا هذه ذات أنواط كما للكفار ذات أنواط، وكان الكفار ينوطون سلاحهم بسدرة ويعكفون حولها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم «الله أكبر، هذا كما قالت بنو إسرائيل لموسى {اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة} إنكم تركبون سنن الذين من قبلكم».
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والطبراني من طريق كثير بن عبد الله بن عوف عن أبيه عن جده قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح ونحن ألف ونيف، ففتح الله له مكة وحنينا، حتى إذا كنا بين حنين والطائف مررنا بشجرةٍ دنوا عظيمة سدرة كان يناط بها السلام فسميت ذات أنواط، وكانت تُعبد من دون الله، فلما رآها رسول الله صلى عليه وسلم صرف عنها في يوم صائف إلى ظل هو أدنى منها، فقال له رجل يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط. فقال رسول الله صلى عليه وسلم «إنها السنن قلتم. والذي نفس محمد بيده كما قالت بنو إسرائيل {اجعل لنا آلهاً كما لهم آلهة}».
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله: {متبر} قال: خسران.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله: {متبر} قال: هالك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله: {إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل} قال: المتبر المخسر، وقال المتبر والباطل سواء كله واحد كهيئة غفور رحيم، والعرب تقول: إنه البائس المتبر، وإنه البائس المخسر.

.تفسير الآية رقم (142):

{وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (142)}
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طرق عن ابن عباس في قوله: {وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر} قال: ذو القعده، وعشر من ذي الحجة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سليمان التيمي قال: زعم حضرمي أن الثلاثين ليلة التي وعد موسى ذو القعدة، والعشر التي تمم الله بها الأربعين ليلة عشر ذي الحجة.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال: ما من عمل في أيام من السنة أفضل منه في العشر من ذي الحجة، وهي العشر التي أتمها الله لموسى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله: {وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر} يعني ذا القعده وعشراً من ذي الحجة، خلف موسى أصحابه واستخلف عليهم هرون، فمكث على الطور أربعين ليلة وأنزل عليه التوراة في الألواح، فقربه الرب نجياً وكلمه وسمع صريف القلم، وبلغنا أنه لم يحدث في الأربعين ليلة حتى هبط من الطور.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن مجاهد {وواعدنا موسى ثلاثين ليلة} قال: ذو القعدة {وأتممناها بعشر} قال: عشر ذي الحجة.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر} قال: إن موسى قال لقومه: إن ربي وعدني ثلاثين ليلة أن ألقاه وأخلف هرون فيكم، فلما فصل موسى إلى ربه زاده الله عشراً، فكانت فتنتهم في العشر التي زاده الله، فلما مضى ثلاثون ليلة كان السامري أبصر جبريل، فأخذ من أثر الفرس قبضة من تراب فقال حين مضى ثلاثون ليلة: يا بني إسرائيل إن معكم حلياً من حلى آل فرعون وهو حرام عليكم فهاتوا ما عندكم فنحرقها، فأتوه بما عندهم من حليهم، فأوقد ناراً ثم ألقى الحلى في النار، فلما ذاب الحلى ألقى تلك القبضة من التراب في النار فصار عجلاً جسداً له خوار، فخار خورة واحدة لم يثن فقال السامري: إن موسى ذهب يطلب ربكم وهذا إله موسى، فذلك قوله: {هذا إلهكم وإله موسى فنسي} [ طه: 88] يقول: انطلق يطلب ربه فضل عنه وهو هذا، فقال الله تبارك وتعالى لموسى وهو يناجيه {قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفاً} [ طه: 85- 86] قال يعني حزيناً.
وأخرج أحمد في الزهد عن وهب قال: قال الرب تبارك وتعالى لموسى عليه السلام «مرْ قومك أن ينيبوا إلي ويدعوني في العشر يعني عشر ذي الحجة فإذا كان اليوم العاشر فليخرجوا إليَّ أُغْفِرْ لهم» قال وهب: اليوم الذي طلبته اليهود فأخطأوه، وليس عدد أصوب من عدد العرب.
وأخرج الديلمي عن ابن عباس رفعه «لما أتى موسى ربه وأراد أن يكلمه بعد الثلاثين يوماً وقد صام ليلهن ونهارهن، فكره أن يكلم ربه وريح فمه ريح فم الصائم، فتناول من نبات الأرض فمضغه، فقال له ربه: لم أفطرت وهو أعلم بالذي كان قال: أي رب كرهت أن أكلمك إلا وفي طيب الريح. قال: أو ما علمت يا موسى أن ريح فم الصائم عندي أطيب من ريح المسك، ارجع فصم عشرة أيام ثم إيتني. ففعل موسى الذي أمره ربه فلما كلم الله موسى قال له ما قال».
أما قوله تعالى: {ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه}.
وأخرج البزار وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في الأسماء والصفات عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لما كلم الله موسى يوم الطور كلمه بغير الكلام الذي كلمه يوم ناداه، فقال له موسى: يا رب أهذا كلامك الذي كلمتني به؟ قال: يا موسى إنما كلمتك بقوة عشرة آلاف لسان، ولي قوة الألسن كلها وأقوى من ذلك، فلما رجع موسى إلى بني إسرائيل قالوا: يا موسى صف لنا كلام الرحمن. فقال: لا تستطيعونه، ألم تروا إلى أصوات الصواعق الذي يقبل في أحلى حلاوة سمعتموه، فذاك قريب منه وليس به».
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن عطاء بن السائب قال: كان لموسى عليه السلام قبة طولها ستمائة ذراع، يناجي فيها ربه عز وجل.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن كعب قال: لما كلم الله موسى قال: يا رب أهكذا كلامك؟ قال: يا موسى إنما أكلمك بقوة عشرة آلاف لسان ولي قوة الألسنة كلها، ولو كلمتك بكنه كلامي لم تك شيئاً.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن كعب قال: لما كلم الله موسى كلمه بالألسنة كلها قبل كلامه يعني كلام موسى فجعل يقول: يا رب لا أفهم حتى كلمه آخر الألسنة بلسانه بمثل صوته، فقال: يا رب هكذا كلامك؟ قال: لا، لو سمعت كلامي أي على وجهه لم تك شيئاً. قال يا رب هل في خلقك شيء شبه كلامك؟ قال: لا، وأقرب خلقي شبهاً بكلامي أشد ما سمع الناس من الصواعق.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي قال: قيل لموسى عليه السلام ما شبهت كلام ربك مما خلق؟ فقال موسى: الرعد الساكن.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن أبي الحويرث عبد الرحمن بن معاوية قال: إنما كلم الله موسى بقدر ما يطيق من كلامه، ولو تكلم بكلامه كله لم يطقه شيء، فمكث موسى أربعين ليلة لا يراه أحد إلا مات من نور رب العالمين.
وأخرج الديلمي عن أبي هريرة رفعه، لما خرج أخي موسى إلى مناجاة ربه كلمه ألف كلمة ومائتي كلمة، فأول ما كلمه بالبربرية أن قال: يا موسى ونفسي معبراً: أي أنا الله الأكبر. قال موسى: يا رب أعطيت الدنيا لأعدائك ومنعتها أولياءك فما الحكمة في ذلك؟ فأوحى الله إليه: أعطيتها أعدائي ليتمرغوا، ومنعتها أوليائي ليتضرعوا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عجلان قال: كلم الله موسى بالألسنة كلها، وكان فيما كلمه لسان البربر فقال كلمنه بالبربرية: أنا الله الكبير.
وأخرج سعيد بن منصور وابي المنذر والحاكم وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يوم كلم الله موسى كان عليه جبة صوف، وكساء صوف، وسراويل صوف، وكمه صوف، ونعلان من جلد حمار غير ذكي».
وأخرج أبو الشيخ عن عبد الرحمن بن معاوية قال: لما كلم موسى ربه عز وجل مكث أربعين يوماً لا يراه أحد إلا مات من نور رب العالمين.
وأخرج أبو الشيخ عن عروة بن رويم قال: كان موسى لم يأت النساء منذ كلمه ربه، وكان قد ألبس على وجهه بوقع فكاق لا ينظر إليه أحد إلا مات فكشف لها عن وجهه، فأخذتها من غشيته مثل شعاع الشمس، فوضعت يدها على وجهها وخرت لله ساجدة.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وأبو نعيم في الحلية عن وهب بن منبه قال: كلم الله موسى من ألف مقام، فكان كلما كلمه رأى النور على وجهه ثلاثة أيام قال: وما قرب موسى امرأة مذ كلمه ربه.
وأخرج ابن المنذر عن عروة بن رويم اللخمي قال: قالت امرأة موسى لموسى: إني أيم منك مذ أربعين سنة فأمتعني بنظرة. فرفع البرقع عن وجهه فغشى وجهه نور التمع بصرها، فقالت ادع الله أن يجعلني زوجتك في الجنة. قال: على أن لا تزوّجي بعدي وأن لا تأكلي إلا من عمل يديك. قال: فكانت تتبع الحصادين، فإذا رأوا ذلك تخاطوا لها، فإذا أحست بذلك تجاوزته.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وأبو خيثمة في كتاب العلم والبيهقي عن ابن عباس قال: قال موسى عليه السلام حين كلم ربه: أي رب أي عبادك أحب إليك؟ قال: أكثرهم لي ذكراً. قال: أي عبادك أحكم؟ قال: الذي يقضي على نفسه كما يقضي على الناس. قال رب أي عبادك أغنى؟ قال: الراضي بما أعطيته.
وأخرج أحمد في الزهد والبيهقي عن الحسن.
أن موسى عليه السلام سأل ربه جماعاً من الخير فقال: أصحب الناس بما تحب أن تصحب به.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والبيهقي من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم «أن الله تبارك وتعالى ناجى موسى عليه السلام بمائة ألف وأربعين ألف كلمة في ثلاثة أيام، فلما سمع موسى كلام الآدميين مقتهم لما وقع في مسامعه من كلام الرب عز وجل، فكان فيما ناجاه إن قال: يا موسى إنه لم يتصنع المتصنعون بمثل الزهد في الدنيا، ولم يتقرب إليّ المتقربون بمثل الورع عما حرمت عليهم، ولم يتعبد المتعبدون بمثل البكاء من خشيتي. فقال موسى: يا رب ويا إله البرية كلها، ويا مالك يوم الدين، ويا ذا الجلال والإِكرام، ماذا أعددت لهم؟ وماذا جزيتهم؟ قال: أما الزاهدون في الدنيا فإني أبيحهم جنتي حتى يتبوَّأوا فيها حيث شاؤوا، وأما الورعون عما حرمت عليهم فإذا كان يوم القيامة لم يبق عبد إلا ناقشته الحساب وفتشت عما في يديه إلا الورعون فأني أستحيهم، وأجلهم، وأكرمهم، وأدخلهم الجنة بغير حساب، وأما الباكون من خشيتي فأولئك لهم الرفيق الأعلى لا يشاركهم في أحد».
وأخرج أبو يعلى وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قال موسى: يا رب علمني شيئاً أذكرك به وأدعوك به. قال: قل يا موسى لا إله إلا الله. قال: يا رب كل عبادك يقول هذا... ! قال: قل لا إله إلا الله. قال: لا إله إلا أنت يا رب، إنما أريد شيئاً تخصني به. قال يا موسى لو أن السموات السبع وعامرهن غيري والأرضين السبع في كفة، ولا إله إلا الله في كفة مالت بهن لا إله إلا الله».
وأخرج أحمد في الزهد وابن أبي الدنيا في كتاب الأولياء عن عطاء بن يسار قال: قال موسى عليه السلام: يا رب من أهلك الذين هم أهلك الذين تظلهم في ظل عرشك؟ قال: هم البريئة أيديهم، الطاهرة قلوبهم، الذين يتحابون بجلالي، الذين إذا ذكرت ذكروا بي، وذا ذكروا ذكرت بذكرهم، الذين يسبغون الوضوء في المكاره، وينيبون إلى ذكري كما تنيب النسور إلى وكورها، ويكلفون بحبي كما يكلف الصبي بحب الناس، ويغضبون لمحارمي إذا استحلت كما يغضب النمر إذا حزب.
وأخرج أحمد عن عمر أن القصير قال: قال موسى بن عمران: أي رب أين أبغيك؟ قال: ابغني عند المنكسرة قلوبهم، إني أدنو منهم كل يوم باعاً ولولا ذلك انهدموا.
وأخرج ابن المبارك وأحمد عن عمار بن ياسر. أن موسى عليه السلام قال: يا رب حدثني بأحب الناس إليك قال: ولم.
..؟ قال: لأحبه لحبك أياه. فقال: عبد في أقصى الأرض سمع به عبد آخر في أقصى الأرض لا يعرفه، فإن أصابته مصيبة فكأنما أصابته، وإن شاكته شوكة فكأنما شاكته ما ذاك إلا لي، فذلك أحب خلقي إلي. قال: يا رب خلقت خلقاً تدخلهم النار أو تعذبهم؟ فأوحى الله إليه: كلهم خلقي، ثم قال: ازرع زرعاً. فزرعه. فقال: اسقه فسقاه، ثم قال: قم عليه فقام عليه فحصده ورفعه، فقال: ما فعل زرعك يا موسى؟ قال: فرغت منه ورفعته: قال: ما تركت منه شيئاً؟ قال: ما لا خير فيه. قال: كذلك أنا لا أعذب إلا من لا خير فيه.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم «أن موسى عليه السلام قال: يا رب أخبرني بأكرم خلقك عليك. قال: الذي يسرع إلى هواي إسراع النسر إلى هواه، والذي يكلف بعبادي الصالحين كما يكلف الصبي بالناس، والذي يغضب إذا انتهكت محارمي غضب النمر لنفسه، فإن النمر إذا غضب لم يبال أَقَلَّ الناس أم كثروا.
وأخرجه ابن أبي شيبة عن عروه موقوفاً»
.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن مجاهد قال: سأل موسى عليه السلام ربه عزَّ وجل فقال: أي عبادك أغنى؟ قال: الذي يقنع بما يؤتى. قال: فأي عبادك أحكم؟ قال: الذي يحكم للناس بما يحكم لنفسه قال: فأي عبادك أعلم؟ قال: أخشاهم.
وأخرج أبو بكر بن أبي عاصم في كتاب السنة وأبو نعيم عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن موسى عليه السلام كان يمشي ذات يوم في الطريق، فناداه الجبار عز وجل: يا موسى، فالتفت يميناً وشمالاً فلم ير أحداً... ! ثم ناداه الثانية: يا موسى بن عمران فالتفت يميناً وشمالاً فلم ير أحداً وارتعدت فرائصه ثم نودي الثالثه يا موسى بن عمران إنني أنا الله لا إله إلا أنا فقال: لبيك لبيك، فخر لله تعالى ساجداً فقال: ارفع رأسك يا موسى بن عمران، فرفع رأسه فقال: يا موسى إن أحببت أن تسكن في ظل عرشي يوم لا ظل إلا ظلي كن لليتيم كالأب الرحيم، وكن للأرملة كالزوج العطوف، يا موسى بي عمران أرحم ترحم، يا موسى كما تدين تدان، يا موسى نبي بني إسرائيل أنه من لقيني وهو جاحد صلى الله عليه وسلم أدخلته النار. فقال: ومن أحمد؟ فقال: يا موسى وعزتي وجلالي ما خلقت خلقاً أكرم عليَّ منه، كتبت اسمه مع اسمي في العرش قبل أن أخلق السموات والأرض والشمس والقمر بألفي سنة، وعزتي وجلالي إن الجنة محرمة على جميع خلقي حتى يدخلها محمد وأمته. قال موسى، ومن أمة أحمد؟ قال: أمته الْحَمَّادون يحمدون صعوداً وهبوطاً وعلى كل حال، يشدون أوساطهم ويطهرون أطرافهم، صائمون بالنهار رهبان بالليل، أقبل منهم اليسير وأدخلهم الجنة بشهادة أن لا إله إلا الله. قال: إجعلني نبي تلك الأمة. قال: نبيها منها. قال: إجعلني من أمة ذلك النبي. قال: استقدمت واستأخر يا موسى ولكن سأجمع بينك وبينه في دار الجلال».
وأخرج أبو نعيم عن وهب قال: قال موسى عليه السلام إلهي ما جزاء من ذكرك بلسانه وقلبه؟ قال: يا موسى أظله يوم القيامة بظل عرشي، وأجعله في كنفي. قال: يا رب أي عبادك أشقى؟ قال: من لا تنفعه موعظة، ولا يذكرني إذا خلا.
وأخرج أبو نعيم عن كعب قال: قال موسى: يا رب ما جزاء من آوى يتيماً حتى يستغني أو كفل أرملة؟ قال: أسكنه جنتي وأظله يوم لا ظل إلا ظلي.
وأخرج ابن شاهين في الترغيب عن أبي بكر الصدريق رضي الله عنه قال: قال موسى عليه السلام: يا رب ما لمن عزى الثكلى؟ قال: أظله بظلي يوم لا ظل إلا ظلي.
وأخرج آدم بن أبي أياس في كتاب العلم عن عبد الله بن مسعود قال: لما قرب موسى نجياً أبصر في ظل العرش رجلاً فغبطه بمكانه، فسأل عنه فلم يخبر باسمه وأخبر بعمله، فقال له: هذا رجل كان لا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله، بر بالوالدين لا يمشي بالنميمة. فقال الله: يا موسى ما جئت تطلب؟ قال جئت أطلب الهدى يا رب. قال: قد وجدت يا موسى. قال: رب أغفر لي ما مضى من ذنوبي وما غبر وما بين ذلك وما أنت أعلم به مني، وأعوذ بك من وسوسة نفسي وسوء عملي. فقيل له: قد كفيت يا موسى. قال: رب أي العمل أحب إليك أن أعمله؟ قال: اذكرني يا موسى. قال: رب أي عبادك أتقى؟ قال: الذي يذكرني ولا ينساني. قال رب أي عبادك أغنى؟ قال الذي يقنع بما يؤتى قال: رب أي عبادك أفضل؟ قال: الذي يقض بالحق ولا يتبع الهوى قال: رب أي عبادك أعلم؟ قال: الذي يطلب علم الناس إلى علمه لعله يسمع كلمة تدله على هدى أو ترده عن ردى. قال: رب أي عبادك أحب إليك عملاً؟ قال: الذي لا يكذب لسانه، ولا يزني فرجه، ولا يفجر قلبه. قال: رب ثم أي على أثر هذا؟ قال: قلب مؤمن في خلق حسن قال: رب أي عبادك أبعض إليك؟ قال: قلب كافر في خلق سيِّئ. قال: رب ثم أي عمل أثر هذا؟ قال جيفة بالليل بطال بالنهار.
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي الجلد. أن الله أوحى إلى موسى عليه السلام: إذا ذكرتني فاذكرني وأنت تنتفض أعضاؤك، وكن عند ذكري خاشعاً مطمئناً، وإذا ذكرتني فاجعل لسانك وراء قلبك، وإذا قمت بين يدي فقم مقام العبد الحقير الذليل، وذمَّ نفسك فهي أولى بالذم، وناجني حين تناجيني بقلب وجل ولسان صادق.
وأخرج أحمد عن قسي رجل من أهل الكتاب قال: إن الله أوحى إلى موسى عليه السلام: يا موسى إن جاءك الموت وأنت على غير وضوء فلا تلومن إلا نفسك. قال: وأوحى إليه أن الله تبارك وتعالى يدفع بالصدقة سبعين باباً من السوء، مثل الغرق والحرق والسرق وذات الجنب. قال: وقال له: والنار؟ قال: والنار.
وأخرج أحمد عن كعب الأحبار قال: أوحى الله إلى موسى: أن عَلِّم الخير وتعلمه فأني منوّر لمعلم الخير ومتعلمه في قبورهم حتى لا يستوحشوا لمكانهم.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أبي هريرة قال: لما ارتقى موسى طور سينا رأى الجبار في أصبعه خاتماً قال: يا موسى ما هذا؟ وهو أعلم به قال: شيء من حلي الرجال يا رب. قال فهل عليه شيء من أسمائي مكتوب أو كلامي؟ قال: لا. قال: فاكتب عليه {لكل أجل كتاب} [ الرعد: 38].
وأخرج الحكيم الترمذي عن عطاء قال: قال موسى عليه السلام: يا رب أيتمت الصبي من أبويه وتدعه هكذا؟ قال: يا موسى: أما ترضى بي كافلاً. !
وأخرج ابن المبارك عن عطاء قال: قال موسى: يا رب أي عبادك أحب إليك؟ قال: أعلمهم بي.
وأخرج أحمد في الزهد وأبو نعيم في الحلية عن وهب قال: قال موسى: يا رب إنهم سيسألنني كيف كان بدؤك؟ قال: فأخبرهم إني أنا الكائن قبل كل شيء، والمكوّن لكل شيء، والكائن بعد كل شيء.
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي الجلد. أن موسى عليه السلام سأل ربه قال: أي رب أنزل عليَّ آية محكمة أسير بها في عبادك. فأوحى إليه: يا موسى أن أذهب فما أحببت أن يأتيه عبادي إليك فأته إليهم.
وأخرج أحمد عن قتادة. أن موسى عليه السلام قال: أي رب أي شيء وضعت في الأرض أقل؟ قال: العدل أقل ما وضعت في الأرض.
وأخرج أحمد عن عمرو بن قيس قال: قال موسى عليه السلام: يا رب أي الناس أتقى؟ قال: الذي يذكر ولا ينسى. قال: فأي الناس أعلم؟ قال: الذي يأخذ من علم الناس إلى علمه.
وأخرج أحمد وأبو نعيم عن وهب بن منبه قال: قال موسى عليه السلام: يا رب أي عبادك أحب إليك؟ قال: من أذكر برؤيته.
قال: أي رب أي عبادك أحب إليك؟ قال: الذين يعودون المرضى، ويعزون الثكلى، ويشيعون الهلكى.
وأخرج ابن المنذر عن قتادة قال: لما قيل للجبال أنه يريد أن يتجلى تطاولت الجبال كلها وتواضع الجبل تجلى له.
وأخرج البيهقي في الشعب من طريق أحمد بن أبي الحواري عن أبي سليمان قال: إن الله اطلع في قلوب الآدميين فلم يجد قلباً أشد تواضعاً من قلب موسى عليه السلام فخصه بالكلام لتواضعه. قال. وقال غير أبي سليمان: أوحى الله إلى الجبال: إني مكلم عليك عبداً من عبيدي. فتطاولت الجبال ليكلمه عليها وتواضع الطور. قال إن قدر شيء كان، قال: فكلمه عليه لتواضعه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن العلاء بن كثيِّر قال: إن الله تعالى قال: يا موسى أتدري لم كلمتك؟ قال: لا يا رب قال: لأني لم أخلق خلقاً تواضع لي تواضعك.
وأخرج أحمد في الزهد وأبو نعيم في الحلية عن نوف البكالي قال: أوحى الله إلى الجبال إني نازل على جبل منكم، قال: فشمخت الجبال كلها إلا جبل الطور فإنه تواضع. قال: أرضى بما قسم لي فكان الأمر عليه. وفي لفظ إن قدر لي شيء فسيأتيني، فأوحى الله: إني سأنزل عليك بتواضعك لي ورضاك بقدرتي.
وأخرج الخطيب في تاريخه عن أبي خالد الأحمق قال: لما كلم الله تعالى موسى عرض إبليس على الجبل، فإذا جبريل قد وافاه فقال: أخّر يا لعين ايش تعمل ههنا؟! قال: جئت أتوقع من موسى ما توقعت من أبيه. فقال له جبريل: أخر يا لعين. ثم قعد جبريل يبكي حيال موسى، فأنطق الله الجبة فقالت: يا جبريل ايش هذا البكاء؟ قال: إني في القرب من الله، وإني لأشتهي أن اسمع كلام الله كما يسمعه موسى. قالت الجبة: يا جبريل أنا جبة موسى، وأنا على جلد موسى، أنا أقرب إلى موسى أو أنت، يا جبريل أنا لا أسمع ما تسمعه أنت.