فصل: تفسير الآيات (27- 28):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (26):

{إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (26)}
أخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والنسائي وابن جرير والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل «عن سهل بن حنيف أنه قال يوم صفين: اتهموا أنفسكم فلقد رأيتنا يوم الحديبية نرجئ الصلح الذي كان بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين المشركين، ولو نرى قتالاً لقاتلنا، فجاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: ألسنا على الحق وهم على الباطل؟ قال: بلى. قال: أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال: بلى. قال ففيم نعطي الدنية في ديننا ونرجع لما يحكم الله بيننا وبينهم؟ فقال يا ابن الخطاب: إني رسول الله ولن يضيعني الله أبداً. فرجع متغيظاً لم يصبر حتى جاء أبا بكر، فقال يا أبا بكر: ألسنا على الحق وهم على الباطل؟ قال: بلى. قال: أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال: بلى. قال: فلمَ نعطي الدنية في ديننا؟ قال: يا ابن الخطاب إنه رسول الله ولن يضيعه الله أبداً. فنزلت سورة الفتح، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمر رضي الله عنه فأقرأه إياها. قال يا رسول الله: أو فتح هو؟ قال: نعم».
وأخرج النسائي والحاكم وصححه من طريق أبي إدريس عن أبيّ بن كعب رضي الله عنه أنه كان يقرأ {إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام فأنزل الله سكينته على رسوله} فبلغ ذلك عمر فاشتد عليه، فبعث إليه فدخل عليه، فدعا ناساً من أصحابه فيهم زيد بن ثابت، فقال: من يقرأ منكم سورة الفتح؟ فقرأ زيد على قراءتنا اليوم، فغلظ له عمر فقال أبيّ أأتكلم؟ قال: تكلم. فقال: لقد علمت أني كنت أدخل على النبي صلى الله عليه وسلم ويقرئني، وأنت بالباب، فإن أحببت أن أقرئ الناس على ما أقرأني أقرأت، وإلا لم أقرئ حرفاً ما حييت. قال: بل أقرئ الناس.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {حمية الجاهلية} قال: حميت قريش أن يدخل عليهم محمد صلى الله عليه وسلم، وقالوا: لا يدخلها علينا أبداً، فوضع الله الحمية عن محمد وأصحابه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأجلح قال: كان حمزة بن عبد المطلب رجلاً حسن الشعر، حسن الهيئة، صاحب صيد، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على أبي جهل فولع به وآذاه، فرجع حمزة من الصيد وامرأتان تمشيان خلفه، فقالت إحداهما لو علم ذا ما صنع بابن أخيه أقصر عن مشيته، فالتفت إليهما، فقال: وما ذاك؟ قالت: أبو جهل فعل بمحمد كذا وكذا، فدخلته الحمية فجاء حتى دخل المسجد وفيه أبو جهل فعلا رأسه بقوسه، ثم قال: ديني دين محمد إن كنتم صادقين فامنعوني، فقامت إليه قريش فقالوا يا أبا يعلى، فأنزل الله: {إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية} إلى قوله: {وألزمهم كلمة التقوى} قال: حمزة بن عبد المطلب.
أما قوله تعالى: {وألزمهم كلمة التقوى}.
أخرج الترمذي وعبدالله بن أحمد في زوائد المسند وابن جرير والدارقطني في الأفراد وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبيّ بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم {وألزمهم كلمة التقوى} قال: لا إله إلا الله.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه «عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {وألزمهم كلمة التقوى} قال: لا إله إلا الله».
وأخرج ابن مردويه عن سلمة بن لأكوع «عن النبي صلى الله عليه وسلم في قول الله: {وألزمهم كلمة التقوى} قال: لا إله إلا الله».
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه {وألزمهم كلمة التقوى} قال: لا إله إلا الله.
وأخرج ابن جرير وأبو الحسين بن مروان في فوائده عن علي رضي الله عنه {وألزمهم كلمة التقوى} قالا: لا إله إلا الله والله أكبر.
وأخرج أحمد عن حمران مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: «سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إني لأعلم كلمة لا يقولها عبد حقّاً من قلبه إلا حرمه الله على النار فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنا أحدثكم ما هي كلمة الإِخلاص التي ألزمها الله محمداً وأصحابه وهي كلمة التقوى التي حض عليها نبي الله عمه أبا طالب عند الموت شهادة أن لا إله إلا الله».
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما {وألزمهم كلمة التقوى} قال: شهادة أن لا إله إلا الله، وهي رأس كل تقوى.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي عن علي الأزدي قال: كنت مع ابن عمر رضي الله عنه بين مكة ومنى فسمع الناس يقولون لا إله إلا الله والله أكبر، فقال: هي هي، فقلت: ما هي هي؟ قال: {وألزمهم كلمة التقوى}.
وأخرج ابن أبي حاتم والدارقطني في الأفراد عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم {وألزمهم كلمة التقوى} قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
وأخرج ابن جرير من طريق ابن جريج عن مجاهد وعطاء في قوله: {وألزمهم كلمة التقوى} قال أحدهما: الاخلاص، وقال الآخر: كلمة التقوى لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد {وألزمهم كلمة التقوى} قال: كلمة الاخلاص.
وأخرج ابن جرير عن عمرو بن ميمون {وألزمهم كلمة التقوى} قال: لا إله إلا الله.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه {وألزمهم كلمة التقوى} قال: لا إله إلا الله.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد والحسن وقتادة وإبراهيم التيمي وسعيد بن جبير مثله.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عطاء الخراساني رضي الله عنه {وألزمهم كلمة التقوى} قال: لا إله إلا الله محمد رسول الله.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الزهري رضي الله عنه {وألزمهم كلمة التقوى} قال: بسم الله الرحمن الرحيم.
وأخرج ابن جرير عن قتادة {وكانوا أحق بها وأهلها} وكان المسلمون أحق بها، وكانوا أهلها والله أعلم.

.تفسير الآيات (27- 28):

{لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا (27) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (28)}
أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن مجاهد قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالحديبية أنه يدخل مكة هو وأصحابه آمنين محلقين رؤوسهم ومقصرين، فلما نحر الهدي بالحديبية قال له أصحابه: أين رؤياك يا رسول الله؟ فأنزل الله: {لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق} إلى قوله: {فجعل من دون ذلك فتحاً قريباً} فرجعوا ففتحوا خيبر، ثم اعتمر بعد ذلك فكان تصديق رؤياه في السنة المقبلة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما: {لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق} قال: كان تأويل رؤياه في عمرة القضاء.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق} قال: هو دخول محمد صلى الله عليه وسلم البيت والمؤمنين محلقين رؤوسهم ومقصرين.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق} قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يطوف بالبيت وأصحابه، فصدق الله رؤياه بالحق.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق} قال: رأى في المنام أنهم يدخلون المسجد الحرام وأنهم آمنون محلقين رؤوسهم ومقصرين.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله: {لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق} إلى آخر الآية. قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لهم: «إني قد رأيت أنكم ستدخلون المسجد الحرام محلقين رؤوسكم ومقصرين» فلما نزلت بالحديبية ولم يدخل ذلك العام طعن المنافقون في ذلك، فقال الله: {لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق} إلى قوله: {لا تخافون} أي لم أره أنه يدخله هذا العام، وليكونن ذلك، {فعلم ما لم تعلموا} قال: رده لمكان من بين أظهرهم من المؤمنين والمؤمنات وأخره ليدخل الله في رحمته من يشاء ممن يريد الله أن يهديه {فجعل من دون ذلك فتحاً قريباً} قال: خيبر حين رجعوا من الحديبية فتحها الله عليهم، فقسمها على أهل الحديبية كلهم إلا رجلاً واحداً من الأنصار يقال له أبو دجانة سماك بن خرشة كان قد شهد الحديبية وغاب عن خيبر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم معتمراً في ذي القعدة معه المهاجرون والأنصار حتى أتى الحديبية، فخرجت إليه قريش، فردوه عن البيت حتى كان بينهم كلام وتنازع حتى كاد يكون بينهم قتال، فبايع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه وعدتهم ألف وخمسمائة تحت الشجرة، وذلك يوم بيعة الرضوان، فقاضاهم النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت قريش: نقاضيك على أن تنحر الهدي مكانه وتحلق وترجع، حتى إذا كان العام المقبل نخلي لك مكة ثلاثة أيام، ففعل، فخرجوا إلى عكاظ فأقاموا فيها ثلاثة أيام واشترطوا عليه أن لا يدخلها بسلاح إلا بالسيف، ولا يخرج بأحد من أهل مكة إن خرج معه، فنحر الهدي مكانه وحلق ورجع حتى إذا كان في قابل من تلك الأيام دخل مكة، وجاء بالبدن معه، وجاء الناس معه، فدخل المسجد الحرام فأنزل الله عليه {لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين} وأنزل عليه: {الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص} [ البقرة: 194] الآية.
أما قوله تعالى: {محلقين رؤوسكم ومقصرين}.
أخرج مالك والطيالسي وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة «عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رحم الله المحلقين قالوا: والمقصرين يا رسول الله، قال: رحم الله المحلقين قالوا: والمقصرين يا رسول الله، قال:والمقصرين».
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وابن ماجة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم اغفر للمحلقين قالوا يا رسول الله والمقصرين قال: اللهم اغفر للمحلقين ثلاثاً قالوا يا رسول الله والمقصرين قال والمقصرين».
وأخرج الطيالسي وأحمد وأبو يعلى عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حلقوا رؤوسهم يوم الحديبية إلا عثمان بن عفان وأبا قتادة فاستغفر رسول الله صلى الله عليه وسلم للمحلقين ثلاثاً وللمقصرين مرة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن حبشي بن جنادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم اغفر للمحلقين قالوا يا رسول الله والمقصرين قال اللهم اغفر للمحلقين قالوا يا رسول الله والمقصرين قال اللهم اغفر للمقصرين».
وأخرج ابن أبي شيبة عن يزيد بن أبي مريم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم اغفر للمحلقين ثلاثاً قالوا يا رسول الله والمقصرين قال والمقصرين» وكنت يومئذ محلوق الرأس فما يسرني بحلق رأسي حمر النعم.
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم عن يحيى بن أبي الحصين عن جدته أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم دعا للمحلقين ثلاثاً وللمقصرين مرة في حجة الوداع.
وأخرج أحمد عن مالك بن ربيعة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم اغفر للمحلقين ثلاثاً قال رجل: والمقصرين فقال في الثالثة أو الرابعة وللمقصرين».
وأخرج البيهقي في الدلائل عن ابن عباس أنه قيل له لم ظاهر رسول الله صلى الله عليه وسلم للمحلقين ثلاثاً وللمقصرين مرة فقال: «إنهم لم يشكوا».
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم اغفر للمحلقين قالها ثلاثاً فقالوا يا رسول الله ما بال المحلقين ظاهرت لهم الترحم قال: إنهم لم يشكوا».
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال: كانوا يستحبون للرجل أول ما يحج أن يحلق وأول ما يعتمر أن يحلق.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر أنه كان يقول للحلاق إذا حلق في الحج والعمرة أبلغ للعظمين.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء قال: السنة أن يبلغ بالحلق إلى العظمين.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أنس أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم قال للحلاق هكذا، وأشار بيده إلى الجانب الأيمن.
وأخرج أبو داود والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس على النساء حلق إنما على النساء التقصير».