فصل: تفسير الآية رقم (52):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (51):

{تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آَتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا (51)}
أخرج ابن جرير عن ابن عباس {ترجي من تشاء} يقول: تؤخر.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {ترجي من تشاء منهن} قال: أمهات المؤمنين {وتؤوي} يعني نساء النبي صلى الله عليه وسلم، ويعني بالارجاء يقول: من شئت خليت سبيله منهن، ويعني بالايواء يقول: من أحببت أمسكت منهن. وقوله: {ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن} يعني بذلك النساء اللاتي أحلهن الله له من بنات العمة، والخال، والخالة، وقوله: {اللاتي هاجرن معك} يقول: إن مات من نسائك التي عندك أحد، أو خليت سبيلها، فقد أحللت لك مكان من مات من نسائك اللاتي كن عندك، أو خليت سبيلها، فقد أحللت لك أن تستبدل من اللاتي أحللت لك، ولا يصلح لك أن تزاد على عدة نسائك اللاتي عندك شيئاً.
وأخرج ابن مردويه عن مجاهد قال: كان للنبي صلى الله عليه وسلم تسع نسوة فخشينا أن يطلقهن فقلن: يا رسول الله اقسم لنا من نفسك ومالك ما شئت، ولا تطلقنا فأنزل الله: {ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء} إلى آخر الآية. قال: وكان المؤويات خمسة: عائشة. وحفصة. وأم سلمة. وزينب. وأم حبيبة. والمرجآت أربعة: جويرية. وميمونة. وسودة. وصفية.
وأخرج ابن مردويه عن سعيد بن المسيب عن خولة بنت حكيم قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوّجها فارجأها فيمن أرجا من نسائه.
وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب القرظي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم موسعاً عليه في قسم أزواجه، يقسم بينهن كيف شاء، وذلك قوله الله {ذلك أدنى أن تقر أعينهن} إذا علمن أن ذلك من الله.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم موسعاً عليه في قسم أزواجه أن يقسم بينهن كيف شاء، فلذلك قال الله: {ذلك أدنى أن تقر أعينهن} إذا علمن أن ذلك من الله.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم موسعاً عليه في قسم أزواجه أن يقسم بينهن كيف شاء، فلذلك قال الله: {ذلك أدنى أن تقر أعينهن} إذا علمن أن ذلك من الله.
وأخرج عبد بن حميد عن الشعبي. أن امرأة من الأنصار وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم، وكانت فيمن أرجئ.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب امرأة، لم يكن لرجل أن يخطبها حتى يتزوّجها أو يتركها.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وابن جرير عن الحسن وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عائشة قالت: كنت أغار من اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأقول: كيف تهب نفسها؟ فلما أنزل الله: {ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك} قلت: ما أرى ربك الا يسارع في هواك.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تقول: أما تستحي المرأة أن تهب نفسها للرجل! فأنزل الله في نساء النبي صلى الله عليه وسلم {ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء} فقال عائشة رضي الله عنها: أرى ربك يسارع في هواك.
وأخرج ابن سعد عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما نزلت {ترجي من تشاء منهن} قلت: إن الله يسارع لك فيما تريد.
وأخرج ابن سعد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في السنن عن الشعبي رضي الله عنه قال: كن وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخل ببعضهن وارجأ بعضهن، فلم يقربن حتى توفي، ولم ينكحن بعده. منهن أم شريك فذلك قوله: {ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء}.
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي زيد رضي الله عنه قال: همَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطلق من نسائه، فلما رأين ذلك أتينه فقلن: لا تخل سبيلنا وأنت في حل فيما بيننا وبينك، افرض لنا من نفسك ومالك ما شئت، فأنزل الله: {ترجي من تشاء منهن} نسوة. يقول: تعزل من تشاء فارجأ منهن واوى نسوة، وكان ممن أرجئ ميمونة. وجويرية. وأم حبيبة. وصفية. وسودة. وكان يقسم بينهن من نفسه وماله ما شاء، وكان ممن آوى عائشة. وحفصة. وأم سلمة. وزينب. فكانت قسمته من نفسه وماله بينهن سواء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب رضي الله عنه في قوله: {ترجي من تشاء} قال: هذا أمر جعله الله إلى نبيه صلى الله عليه وسلم في تأديبه نساءه، لكي يكون ذلك أقر لأعينهن، وأرضى في عيشتهن، ولم نعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أرجأ منهن شيئاً، ولا عزله بعد أن خيرهن فاخترنه.
وأخرج ابن سعد عن ثعلبة بن مالك رضي الله عنه قال: هم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطلق بعض نسائه، فجعلنه في حل فنزلت {ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء}.
وأخرج الفريابي وابن سعد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {ترجي من تشاء منهن} قال: تعتزل من تشاء منهن لا تأتيه بغير طلاق {وتؤوي إليك من تشاء} قال: ترده إليك {ومن ابتغيت ممن عزلت} أن تؤويه إليك إن شئت.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {ترجي} قال: تؤخر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يطلق، كان يعتزل.
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستأذن في يوم المرأة منا بعد أن أنزلت هذه الآية {ترجي من تشاء منهن} فقلت لها: ما كنت تقولين؟ قالت: كنت أقول له: إن ذاك إلي فإني لا أريد أن أوثر عليك أحداً.

.تفسير الآية رقم (52):

{لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا (52)}
أخرج الفريابي والدارمي وابن سعد وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والضياء في المختارة عن زياد رضي الله عنه قال: قلت لأبي رضي الله عنه: أرأيت لو أن ازواج النبي صلى الله عليه وسلم متن أما يحل له أن يتزوج؟ قال: وما يمنعه من ذلك! قلت: قوله: {لا يحل لك النساء من بعد} فقال: إنما أحل له ضرباً من النساء، ووصف له صفة، فقال: {يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك} [ الأحزاب: 50] إلى قوله: {وامرأة مؤمنة} ثم قال: {لا تحل لك النساء من بعد} هذه الصفة.
وأخرج عبد بن حميد والترمذي وحسنه وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصناف النساء، إلا ما كان من المؤمنات المهاجرات قال: {لا تحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك} فأحل له الفتيات المؤمنات {وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي} [ الأحزاب: 50] وحرم كل ذات دين إلا الإِسلام وقال: {يا أيها النبي إنا أحللنا أزواجك} [ الأحزاب: 50] إلى قوله: {خالصة لك من دون المؤمنين} [ الأحزاب: 50] وحرم ما سوى ذلك من أصناف النساء».
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال: كان عكرمة رضي الله عنه يقول {لا تحل لك النساء من بعد} هؤلاء التي سمى الله تعالى له إلا بنات عمك، وبنات عماتك، وبنات خالك، وبنات خالاتك.
وأخرج الفريابي وأبو داود وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه {لا تحل لك النساء من بعد} ما بينت لك من هذه الأصناف بنات عمك، وبنات عماتك، وبنات خالك، وبنات خالاتك، وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي فأحل له من هذه الأصناف أن ينكح ما شاء.
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {لا تحل لك النساء من بعد} يهوديات ولا نصرانيات لا ينبغي أن يكن أمهات المؤمنين {إلا ما ملكت يمينك} قال: هي اليهوديات والنصرانيات لا بأس أن يشتريها.
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله: {لا تحل لك النساء من بعد} قال: يهودية ولا نصرانيه.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس {لا تحل لك النساء من بعد} قال: «نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوّج بعد نسائه الأول شيئاً».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {لا تحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج} قال: حبسه الله عليهن كما حبسهن عليه.
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن مردويه والبيهقي في سننه عن أنس رضي الله عنه قال: لما خيرهن الله فاخترن الله ورسوله قصره عليهن فقال: {لا تحل لك النساء من بعد}.
وأخرج ابن سعد عن عكرمة قال: لما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم أزواجه اخترن الله ورسوله، فأنزل الله: {لا تحل لك النساء من بعد} هؤلاء التسع التي اخترنك، فقد حرم عليك تزويج غيرهن.
وأخرج ابن سعد وابن أبي حاتم عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل الله له أن يتزوج من النساء ما شاء إلا ذات محرم، وذلك قول الله: {ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء}.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وأبو داود في ناسخه والترمذي وصححه والنسائي وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي من طريق عطاء عن عائشة رضي الله عنها قالت: لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل الله له أن يتزوج من النساء ما شاء إلا ذات محرم لقوله: {ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء}.
وأخرج ابن سعد عن ابن عباس، مثله.
وأخرج ابن سعد عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام في قوله: {لا تحل لك النساء من بعد} قال: حبس رسول الله صلى الله عليه وسلم على نسائه، فلم يتزوج بعدهن.
وأخرج ابن سعد عن سليمان بن يسار رضي الله عنه قال: لما تزوّج رسول الله صلى الله عليه وسلم الكندية، وبعث في العامريات، ووهبت له أم شريك رضي الله عنها نفسها قالت أزواجه: لئن تزوج النبي صلى الله عليه وسلم الغرائب ما له فينا من حاجة، فأنزل الله تعالى حبس النبي صلى الله عليه وسلم على أزواجه، وأحل له من بنات العم، والعمة، والخال، والخالة، ممن هاجر ما شاء، وحرم عليه ما سوى ذلك إلا ما ملكت اليمين غير المرأة المؤمنة التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم، وهي أم شريك.
وأخرج سعيد بن منصور وابن سعد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي ذر رضي الله عنه {لا تحل لك النساء من بعد} قال: من المشركات إلا ما سبيت فملكته يمينك.
وأخرج البزار وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان البدل في الجاهلية أن يقول الرجل: تنزل لي عن امرأتك وأنزل لك من امرأتي؟ فأنزل الله: {ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن} قال: فدخل عيينة بن حصن الفزاري على النبي صلى الله عليه وسلم وعنده عائشة بلا اذن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أين الاستئذان؟ قال: يا رسول الله ما استأذنت على رجل من الأنصار منذ أدركت، ثم قال: من هذه الحميراء إلى جنبك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذه عائشة أم المؤمنين قال: أفلا أنزل لك عن أحسن الخلق؟ قال: يا عيينة: إن الله حرم ذلك. فلما ضن خرج قالت عائشة رضي الله عنها: من هذا؟ قال: أحمق مطاع، وأنه على ما ترين لسيد في قومه».
وأخرج ابن المنذر عن زيد بن أسلم رضي الله عنه في قوله: {ولا أن تبدل بهن من أزواج} قال: كانوا في الجاهلية يقول الرجل للرجل الآخر وله امرأة جميلة: تبادل امرأتي بامرأتك وأزيدك إلى ما ملكت يمينك؟
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبد الله بن شداد رضي الله عنه في قوله: {ولا أن تبدل بهن من أزواج} قال: ذلك لو طلقهن لم يحل له أن يستبدل، وقد كان ينكح بعد ما نزلت هذه الآية ما شاء قال: ونزلت وتحته تسع نسوة، ثم تزوج بعد أم حبيبة رضي الله عنها بنت أبي سفيان، وجويرية بنت الحارث.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي بن زيد عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {ولا أن تبدل بهن من أزواج} قال: قصره الله على نسائه التسع اللاتي مات عنهن قال علي: فاخبرت علي بن الحسين رضي الله عنه فقال: لو شاء تزوج غيرهن، ولفظ عبد بن حميد فقال: بل كان له أيضاً أن يتزوج غيرهن.
وأخرج عبد بن حميد عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم نزلت هذه الآية {ولا أن تبدل بهن من أزواج} قال: كان يومئذ يتزوج ما شاء.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه {وكان الله على كل شيء رقيباً} أي حفيظاً.