فصل: تفسير الآية رقم (54):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (49- 51):

{وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (49) قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا (50) أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا (51)}
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ورفاتاً} قال غباراً.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {ورفاتاً} قال: تراباً. وفي قوله: {قل كونوا حجارة أو حديداً} قال: ما شئتم فكونوا فسيعيدكم الله كما أنتم.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عمر رضي الله عنهما في قوله: {أو خلقاً مما يكبر في صدروكم} قال: الموت. قال: لو كنتم موتى لأحييتكم.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن جرير والحاكم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {أو خلقاً مما يكبر في صدروكم} قال: الموت.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة، عن الحسن رضي الله عنه مثله.
وأخرج عبد الله بن أحمد وابن جرير وابن المنذر، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله: {أو خلقاً مما يكبر في صدروكم} قال: هو الموت ليس شيء أكبر في نفس ابن آدم من الموت فكونوا الموت ان استطعتم، فإن الموت سيموت.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {فسينغضون إليك رؤوسهم} قال: يحركون رؤوسهم استهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج الطستي، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله تعالى: {فسينغضون إليك رؤوسهم} قال: يحركون رؤوسهم استهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم. أما سمعت قول الشاعر وهو يقول:
اتنغض لي يوم الفخار وقد ترى ** خيولاً عليها كالأسود ضواريا

وأخرج ابن المنذر، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {ويقولون متى هو} قال: الإعادة والله تعالى أعلم.

.تفسير الآيات (52- 53):

{يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا (52) وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا (53)}
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {فتستجيبون بحمده} قال بأمره.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله: {فتستجيبون بحمده} قال: يخرجون من قبورهم وهم يقولون: سبحانك اللهم وبحمدك.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده} أي بمعرفته وطاعته {وتظنون إن لبثتم إلا قليلاً} أي في الدنيا تحاقرت الأعمار في أنفسهم، وقلت حين عاينوا يوم القيامة.
وأخرج الحكيم الترمذي وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه وأبو يعلى والبيهقي في شعب الإيمان، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في قبورهم ولا في منشرهم وكأني بأهل لا إله إلا الله ينفضون التراب عن رؤوسهم ويقولون الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن».
وأخرج ابن مردويه، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة عند الموت ولا في القبور، ولا في الحشر كأني بأهل لا إله إلا الله قد خرجوا من قبورهم ينفضون رؤوسهم من التراب يقولون الحمد الله الذي أذهب عنا الحزن».
وأخرج الخطيب في التاريخ، عن موسى بن هرون الحمال قال حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم الموصلي رضي الله عنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقلت: يا رسول الله، إن يحيى الحماني حدثنا، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن ابن عمر عنك صلى الله عليك- أنك قلت ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في قبورهم ولا في منشرهم وكأني بأهل لا إله إلا الله ينفضون التراب عن رؤوسهم ويقولون الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن. فقال: صدق الحماني.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن سيرين رضي الله عنه في قوله: {وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن} قال لا إله إلا الله.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله: {وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن} قال: يعفوا عن السيئة.
وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله: {وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن} قال: لا يقول له مثل ما يقول، بل يقول له: يرحمك الله، يغفر الله لك.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه قال: نزغ الشيطان تحريشه.
وأخرج البخاري ومسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يشيرن أحدكم إلى أخيه بالسلاح، فإنه لا يدري أحدكم لعل الشيطان ينزغ في يده، فيقع في حفرة من نار».
وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله: {إن الشيطان كان للإنسان عدوّاً مبيناً} قال: عادوه، فإنه يحق على كل مسلم عداوته، وعداوته أن تعاديه بطاعة الله.

.تفسير الآية رقم (54):

{رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (54)}
أخرج ابن جرير وابن المنذر، عن ابن جريج في قوله: {ربكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم} قال: فتؤمنوا {وإن يشأ يعذبكم} فتموتوا على الشرك كما أنتم.

.تفسير الآية رقم (55):

{وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآَتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (55)}
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله: {ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض} قال: اتخذ الله إبراهيم خليلاً، وكلم موسى تكليماً، وجعل عيسى كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فكان، وهو عبد الله ورسوله من كلمة الله وروحه، وآتى سليمان ملكاً عظيماً لا ينبغي لأحد من بعده، وآتى داود زبوراً، وغفر لمحمد صلى الله عليه وسلم ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله: {ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض} قال: كلم الله موسى، وأرسل محمداً إلى الناس كافة.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {وآتينا داود زبوراً} قال: كنا نحدث أنه دعاء علمه داود وتحميد أو تمجيد الله عز وجل ليس فيه حلال ولا حرام ولا فرائض ولا حدود.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الربيع بن أنس رضي الله عنه قال: الزبور ثناء على الله ودعاء وتسبيح.
وأخرج أحمد في الزهد، عن عبد الرحمن بن مردويه قال: في زبور آل داود ثلاثة أحرف: طوبى لرجل لا يسلك سبيل الخطائين، وطوبى لمن لم يأتمر بأمر الظالمين، وطوبى من لم يجالس البطالين.
وأخرج أحمد في الزهد، عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال: في أول شيء من مزامير داود عليه السلام: طوبى لرجل لا يسلك طريق الخطائين ولم يجالس البطالين، ويستقيم على عبادة ربه عز وجل، فمثله كمثل شجرة نابتة على ساقية لا يزال فيها الماء يفضل ثمرها في زمان الثمار، ولا تزال خضراء في غير زمان الثمار.
وأخرج أحمد، عن مالك بن دينار رضي الله عنه قال: قرأت في بعض زبور داود- عليه السلام- تساقطت القرى وأبطل ذكرهم، وأنا دائم الدهر مقعد كرسي للقضاء.
وأخرج أحمد، عن وهب رضي الله عنه قال: وجدت في كتاب داود- عليه السلام- أن الله تبارك وتعالى يقول: «بعزتي وجلالي إنه من أهان لي ولياً، فقد بارزني بالمحاربة، وما ترددت عن شيء أريد، ترددي عن موت المؤمن، قد علمت أنه يكره الموت ولا بد له منه، وأنا أكره أن أسوءه» قال: وقرأت في كتاب آخر: ان الله تبارك وتعالى يقول: «كفاني لعبدي مالاً إذا كان عبدي في طاعتي أعطيته قبل أن يسألني، واستجبت له من قبل أن يدعوني، فإني أعلم بحاجته التي ترفق به من نفسه» قال: وقرأت في كتاب آخر: إن الله عز وجل يقول: «بعزتي إنه من اعتصم بي وإن كادته السموات بمن فيهن، والأرضون بمن فيهن، فإني أجعل له من بين ذلك مخرجاً، ومن لم يعتصم بي، فإني أقطع يديه من أسباب السماء، وأخسف به من تحت قدميه الأرض فأجعله في الهواء، ثم أكله إلى نفسه».
وأخرج أحمد، عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال: في حكمة آل داود وحق على العاقل أن لا يشتغل عن أربع ساعات: ساعة يناجي ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يفضي فيها إلى اخوانه الذين يخبرونه بعيوبه، ويصدقونه عن نفسه، وساعة يخلي بين نفسه وبين لذاتها فيما يحل ويجمل، فإن هذه الساعات: عون على هذه الساعات، وإجماع للقلوب، وحق على العاقل أن يكون عارفاً بزمانه، حافظاً للسانه، مقبلاً على شأنه، وحق على العاقل أن لا يظعن إلا في احدى ثلاث: زاد لمعاد، أو مرمة لمعاش، أو لذة في غير محرم.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد، عن خالد الربعي رضي الله عنه قال: وجدت فاتحة الزبور الذي يقال له: زبور داود عليه السلام- أن رأس الحكمة خشية الله تعالى.
وأخرج أحمد، عن أيوب الفلسطيني رضي الله عنه قال: مكتوب في مزامير داود عليه السلام: «أتدري لمن أغفر قال: لمن يا رب؟ قال: للذي إذا أذنب ذنباً ارتعدت لذلك مفاصله، فذلك الذي آمر ملائكتي أن لا يكتبوا عليه ذلك الذنب».
وأخرج أحمد عن مالك بن دينار رضي الله عنه قال: مكتوب في الزبور، بطلت الامانة، والرجل مع صاحبه بشفتين مختلفتين، يهلك الله عز وجل كل ذي شفتين مختلفتين. قال: ومكتوب في الزبور، بنار المنافق تحترق المدينة.
وأخرج أحمد، عن مالك بن دينار رضي الله عنه قال: مكتوب في الزبور- وهو أول الزبور- «طوبى لمن لم يسلك سبيل الأثمة، ولم يجالس الخطائين، ولم يفيء في هم المستهزئين، ولكن همه سنة الله عز وجل، وإياها يتعلم بالليل والنهار، مثله مثل شجرة تنبت على شط تؤتي ثمرتها في حينها، ولا يتناثر من ورقها شيء، وكل عمله بأمري، ليس ذلك مثل عمل المنافقين».
وأخرج أحمد عن مالك بن دينار رضي الله عنه قال: قرأت في الزبور بكبر المنافق يحترق المسكين.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول، عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال: قرأت في آخر زبور داود- عليه الصلاة والسلام- ثلاثين سطراً (يا داود هل تدري أي المؤمنين أحب إلي أن أطيل حياته؟ الذي قال لا إله إلا الله أقشعر جلده، وإني أكره لذلك الموت كما تكره الوالدة لولدها، ولا بد له منه، إني أريد أن أسره في دار سوى هذه الدار، فإن نعيمها بلاء، ورخاءها شدة، فيها عدو لا يألوهم خبالاً يجري منه مجرى الدم، من أجل ذلك عجلت أوليائي إلى الجنة).
وأخرج ابن أبي شيبة، عن مالك بن مغول قال: في زبور داود مكتوب (إني أنا الله لا إله إلا أنا ملك الملوك قلوب الملوك بيدي، فأيما قوم كانوا على طاعة جعلت الملوك عليهم رحمة، وأيما قوم كانوا على معصية، جعلت الملوك عليهم نقمة، لا تشغلوا أنفسكم بسبب الملوك، ولا تتوبوا إليهم، توبوا إليَّ أعطف قلوبهم عليكم).

.تفسير الآيات (56- 57):

{قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا (56) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا (57)}
أخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة والبخاري والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل، عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله: {قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلاً} قال: كان نفر من الإنس يعبدون نفراً من الجن، فأسلم النفر من الجن، وتمسك الإنسيون بعبادتهم، فأنزل الله: {أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة} كلاهما بالياء.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معاً في الدلائل، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: نزلت هذه الآية في نفر من العرب كانوا يعبدون نفراً من الجن، فأسلم الجنيون، والنفر من العرب لا يشعرون بذلك.
وأخرج ابن جرير، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كانت قبائل من العرب يعبدون صنفاً من الملائكة يقال لهم الجن، ويقولون هم بنات الله، فأنزل الله: {أولئك الذين يدعون} الآية.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية. قال: كان أهل الشرك يعبدون الملائكة والمسيح وعزيراً.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {فلا يملكون كشف الضر عنكم} قال: عيسى وأمه وعزير.
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {أولئك الذين يدعون} قال: هم عيسى وعزير والشمس والقمر.
وأخرج الترمذي وابن مردويه واللفظ له، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- سلوا الله لي الوسيلة قالوا: وما الوسيلة؟ قال: القرب من الله,ثم قرأ {يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب}».