فصل: تفسير الآية رقم (57):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (57):

{إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (57)}
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إن الذين يؤذون الله ورسوله} الآية. قال: نزلت في الذين طعنوا على النبي صلى الله عليه وسلم حين أخذ صفية بنت حيي رضي الله عنها.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنزلت في عبدالله بن أُبي، وناس معه قذفوا عائشة رضي الله عنها، فخطب النبي صلى الله عليه وسلم وقال: «من يعذرني في رجل يؤذيني، ويجمع في بيته من يؤذيني» فنزلت.
وأخرج الحاكم عن ابن أبي مليكة قال: جاء رجل من أهل الشام، فسب علياً رضي الله عنه عند ابن عباس رضي الله عنهما، فحصبه ابن عباس رضي الله عنهما وقال: يا عدوّ الله آذيت رسول الله {إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة} لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حياً لآذتيه.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله: {إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة} قال: آذوا الله فيما يدعون معه، وآذوا رسول الله قالوا: إنه ساحر مجنون.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله: {إن الذين يؤذون الله ورسوله} قال: أصحاب التصاوير.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول فيما يروي عن ربه عز وجل «شتمني ابن آدم ولم ينبغ له أن يشتمني، وكذبني ولم ينبغ له أن يكذبني، فأما شتمه إياي فقوله: {اتخذ الله ولداً} [ البقرة: 116] وأنا الأحد الصمد، وأما تكذيبه إياي فقوله: لن يعيدني كما بدأني. قال قتادة: إن كعباً رضي الله عنه كان يقول: يخرج يوم القيامة عنق من النار فيقول: يا أيها الناس إني وكلت منكم بثلاث، بكل عزيز كريم، وبكل جبار عنيد، وبمن دعا مع الله إلهاً آخر، فيلتقطهم كما يلتقط الطير الحب من الأرض، فتنطوي عليهم فتدخل النار، فتخرج عنق أخرى فتقول: يا أيها الناس أني وكلت منكم بثلاثة: بمن كذب الله، وكذب على الله، وآذى الله، فأما من كذب الله، فمن زعم أن الله لا يبعثه بعد الموت، وأما من كذب على الله، فمن زعم أن الله يتخذ ولداً، وأما من آذى الله: فالذين يصورون ولا يحيون. فتلقطهم كما تلقط الطير الحب من الأرض، فتنطوي عليهم، فتدخل النار».

.تفسير الآية رقم (58):

{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (58)}
أخرج الفريابي وابن سعد في الطبقات وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات} قال: يقعون {بغير ما اكتسبوا} يقول: بغير ما علموا {فقد احتملوا بهتاناً} قال: إثماً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في الآية قال: يلقى الجرب على أهل النار، فيحكون حتى تبدو العظام، فيقولون: ربنا بم أصابنا هذا؟ فيقال: بأذاكم المسلمين.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال: إياكم وأذى المؤمنين فإن الله يحوطهم، ويغضب لهم، وقد زعموا أن عمر بن الخطاب قرأها ذات يوم، فأفزعه ذلك حتى ذهب إلى أُبي بن كعب رضي الله عنه، فدخل عليه فقال: يا أبا المنذر إني قرأت آية من كتاب الله تعالى فوقعت مني كل موقع {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات} والله إني لأعاقبهم وأضربهم فقال له: إنك لست منهم، إنما أنت معلم.
وأخرج ابن المنذر عن الشعبي رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: إني لأبغض فلاناً، فقيل للرجل: ما شأن عمر رضي الله عنه يبغضك! فلما أكثر القوم في الذكر جاء فقال: يا عمر أفتقت في الإِسلام فتقاً؟ قال: لا. قال: فجنيت جناية؟ قال: لا. قال: أحدثت حدثاً؟ قال: لا. قال: فعلام تبغضني وقد قال الله: {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً}؟! فقد آذيتني فلا غفرها الله لك. فقال عمر رضي الله عنه: صدق والله ما فتق فتقاً، ولا ولا فاغفرها لي، فلم يزل به حتى غفرها له.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن ابن عمر رضي الله عنهما {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات} إلى قوله: {وإثماً مبيناً} قال: فكيف بمن أحسن إليهم يضاعف لهم الأجر.
وأخرج الطبراني وابن مردويه وابن عساكر عن عبدالله بن يسر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليس منَّا ذو حسد، ولا نميمة، ولا خيانة، ولا إهانة، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات...}».
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه «أي الربا أربى عند الله؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال: أربى الربا عند الله استحلال عرض امرئ مسلم، ثم قرأ {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا..}».

.تفسير الآية رقم (59):

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (59)}
أخرج ابن سعد والبخاري ومسلم وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن عائشة رضي الله عنها قالت: «خرجت سودة رضي الله عنها بعد ما ضرب الحجاب لحاجتها، وكانت امرأة جسيمة لا تخفى على من يعرفها، فرآها عمر رضي الله عنه فقال: يا سودة إنك والله ما تخفين علينا، فانظري كيف تخرجين، فانكفأت راجعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، وإنه ليتعشى، وفي يده عِرْقٌ فدخلت وقالت: يا رسول الله إني خرجت لبعض حاجتي فقال لي عمر رضي الله عنه: كذا.. كذا.. فأوحي إليه ثم رفع عنه وان العِرْقَ في يده فقال: إنه قد أذن لكن ان تخرجن لحاجتكن».
وأخرج سعيد بن منصور وابن سعد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي مالك قال: كان نساء النبي صلى الله عليه وسلم يخرجن بالليل لحاجتهن، وكان ناس من المنافقين يتعرضون لهن فيؤذين، فقيل ذلك للمنافقين فقالوا: إنما نفعله بالإِماء. فنزلت هذه الآية {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين} فأمر بذلك حتى عرفوا من الأماء.
وأخرج ابن جرير عن أبي صالح رضي الله عنه قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة على غير منزل، فكان نساء النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهن إذا كان الليل خرجن يقضين حوائجهن، وكان رجال يجلسون على الطريق للغزل، فأنزل الله: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك...}. يعني بالجلباب حتى تعرف الأمة من الحرة.
وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال: كان رجل من المنافقين يتعرض لنساء المؤمنين يؤذيهن، فإذا قيل له قال: كنت أحسبها أمة، فأمرهن الله تعالى أن يخالفن زي الأماء، ويدنين عليهن من جلابيبهن، تخمر وجهها إلا إحدى عينيها {ذلك أدنى أن يعرفن} يقول: ذلك أحرى أن يعرفن.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية قال: أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عيناً واحدة.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وأبو داود وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: لما نزلت هذه الآية {يدنين عليهن من جلابيبهن} خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان، من أكسيه سود يلبسنها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي قلابة رضي الله عنه قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا يدع في خلافته أمة تقنع ويقول: إنما القناع للحرائر لكيلا يؤذين.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن أنس رضي الله عنه قال: رأى عمر رضي الله عنه جارية مقنعة، فضربها بدرته وقال: القي القناع لا تشبهين بالحرائر.
وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت: رحم الله نساء الأنصار، لما نزلت {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين...}. شققن مروطهن. فاعتجرن بها، فصلين خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، كأنما على رؤوسهن الغربان.
وأخرج عبد بن حميد عن ابن شهاب رضي الله عنه أنه قيل له: الأمة تزوج فتخمر قال: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن} فنهى الله الاماء أن يتشبهن بالحرائر.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن سيرين رضي الله عنه قال: سألت عبيدة رضي الله عنه عن هذه الآية {يدنين عليهن من جلابيبهن} فرفع ملحفة كانت عليه فقنع بها، وغطى رأسه كله حتى بلغ الحاجبين، وغطى وجهه، وأخرج عينه اليسرى من شق وجهه الأيسر مما يلي العين.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن} قال: أخذ الله عليهن إذا خرجن أن يعدنها على الحواجب {ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين} قال: قد كانت المملوكة يتناولونها، فنهى الله الحرائر أن يتشبهن بالاماء.
وأخرج عبد بن حميد عن الكلبي في الآية قال: كن النساء يخرجن إلى الجبابين لقضاء حوائجهن، فكان الفساق يتعرضون لهن، فيؤذونهن فأمرهن الله أن يدنين عليهن من جلابيبهن، حتى تعلم الحرة من الأمة.
وأخرج عبد بن حميد عن معاوية بن قرة أن ذعارا من ذعار أهل المدينة كانوا يخرجون بالليل، فينظرون النساء ويغمزونهن، وكانوا لا يفعلون ذلك بالحرائر إنما يفعلون ذلك بالإِماء، فأنزل الله هذه الآية {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين} إلى آخر الآية.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال: كانت الحرة تلبس لباس الأمة، فأمر الله نساء المؤمنين أن يدنين عليهم من جلابيبهن، وأدنى الجلباب: أن تقنع، وتشده على جبينها.
وأخرج ابن سعد عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يُعْرَفْنَ فلا يُؤْذَيْنَ} قال: أماؤكن بالمدينة يتعرض لهن السفهاء فيؤذين، فكانت الحرة تخرج، فيحسب أنها أمة فتؤذى، فأمرهن الله أن يدنين عليهن من جلابيبهن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في الآية قال: كان أناس من فساق أهل المدينة بالليل حين يختلط الظلام، يأتون إلى طرق المدينة فيتعرضون للنساء، وكانت مساكن أهل المدينة ضيقة، فإذا كان الليل خرج النساء إلى الطرق، فيقضين حاجتهن، فكان أولئك الفساق يتبعون ذلك منهن، فإذا رأوا امرأة عليها جلباب قالوا: هذه حرة فكفوا عنها، وإذا رأوا المرأة ليس عليها جلباب قالوا: هذه أمة فوثبوا عليها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله: {يدنين عليهن من جلابيبهن} قال: يسدلن عليهن من جلابيبهن. وهو القناع فوق الخمار، ولا يحل لمسلمة أن يراها غريب إلا أن يكون عليها القناع فوق الخمار وقد شدت به رأسها ونحرها.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في الآية قال: تدني الجلباب حتى لا يرى ثغرة نحرها.
وأخرج ابن المنذر عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه في قوله: {يدنين عليهن من جلابيبهن} قال: هو الرداء.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {يدنين عليهن من جلابيبهن} قال: يتجلببن بها فيعلمن أنهن حرائر، فلا يعرض لهن فاسق بأذى من قول ولا ريبه.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن سيرين رضي الله عنه قال: سألت عبيداً السلماني رضي الله عنه عن قول الله: {يدنين عليهن من جلابيبهن} فتقنع بملحفة، فغطى رأسه ووجهه، وأخرج احدى عينيه.

.تفسير الآيات (60- 62):

{لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (60) مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا (61) سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (62)}
أخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال: إن أناساً من المنافقين أرادوا أن يظهروا نفاقهم، فنزلت فيهم {لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم} لنحرشنك بهم.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال (الارجاف) الكذب الذي كان يذيعه أهل النفاق ويقولون: قد أتاكم عدد وعدة. وذكر لنا: إن المنافقين أرادوا أن يظهروا ما في قلوبهم من النفاق، فأوعدهم الله بهذه الآية {لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض...} إلى قوله: {لنغرينك بهم} أي لنحملك عليهم، ولنحرشنك بهم، فلما أوعدهم الله بهذه الآية كتموا ذلك وأسروه {ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلاً} أي بالمدينة {ملعونين} قال: على كل حال {أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلاً} قال: إذا هم أظهروا النفاق {سنة الله في الذين خلوا من قبل} يقول: هكذا سنة الله فيهم إذا أظهروا النفاق.
وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب رضي الله عنه في قوله: {لئن لم ينته المنافقون} قال: يعني المنافقين بأعيانهم {والذين في قلوبهم مرض} شك. يعني المنافقين أيضاً.
وأخرج ابن سعد عن عبيد بن حنين رضي الله عنه في قوله: {لئن لم ينته المنافقون} قال: عرف المنافقين بأعيانهم {والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة} هم المنافقون جميعاً.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن طاوس رضي الله عنه في الآية قال: نزلت في بعض أمور النساء.
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مالك بن دينار رضي الله عنه قال: سألت عكرمة رضي الله عنه عن قول الله: {لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض} قال: أصحاب الفواحش.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه في قوله: {والذين في قلوبهم مرض} قال: أصحاب الفواحش.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه في قوله: {والذين في قلوبهم مرض} قال: كانوا مؤمنين، وكان في أنفسهم أن يزنوا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله: {لئن لم ينته المنافقون} قال: كان النفاق على ثلاثة وجوه: نفاق مثل نفاق عبدالله بن أبي بن سلول. ونفاق مثل نفاق عبدالله بن نبتل، ومالك بن داعس، فكان هؤلاء وجوهاً من وجوه الأنصار، فكانوا يستحبون أن يأتوا الزنا يصونون بذلك أنفسهم {والذين في قلوبهم مرض} قال: الزنا إن وجدوه عملوه، وإن لم يجدوه لم يبتغوه. ونفاق يكابرون النساء مكابرة، وهم هؤلاء الذين كانوا يكابرون النساء {لَنُغْرِيَنَّكَ بهم} يقول: لَنُعلِّمَنَّك بهم، ثم قال: {ملعونين} ثم فصله في الآية {أينما ثقفوا} يعملون هذا العمل مكابرة النساء {أخذوا وقتلوا تقتيلاً} قال: السدي رضي الله عنه: هذا حكم في القرآن ليس يعمل به.
لو أن رجلاً أو أكثر من ذلك اقتصوا أثر امرأة، فغلبوها على نفسها، ففجروا بها كان الحكم فيهم غير الجلد والرجم. أن يؤاخذوا فتضرب أعناقهم {سنة الله في الذين خلوا من قبل} كذلك كان يفعل بمن مضى من الأمم {ولن تجد لسنة الله تبديلاً} قال: فمن كابر امرأة على نفسها فغلبها فقتل، فليس على قاتله دية لأنه مكابر.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {لنغرينك بهم} قال: لنسلطنك عليهم.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر والخطيب في تالي التلخيص عن محمد بن سيرين رضي الله عنه في قوله: {لئن لم ينته المنافقون...} قال: لا أعلم أغري بهم حتى مات.
وأخرج ابن الأنباري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله: {لنغرينك بهم} قال: لنولعنك قال الحارث بن حلزة:
لا تخلنا على غرائك انا ** قلما قد رشى بنا الأعداء