فصل: تفسير الآية رقم (111):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (111):

{يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (111)}
أخرج ابن المبارك وابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن كعب قال: كنت عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: خوفنا يا كعب، فقلت: يا أمير المؤمنين، أوليس فيكم كتاب الله وحكمة رسوله؟ قال: بلى، ولكن خوفنا، قلت: يا أمير المؤمنين، لو وافيت القيامة بعمل سبعين نبياً لازدريت عملك مما ترى. قال: زدنا. قلت: يا أمير المؤمنين، لو فتح من جهنم قدر منخر ثور بالمشرق ورجل بالمغرب، لغلا دماغه حتى يسيل من حرّها. قال: زدنا. قلت: يا أمير المؤمنين، إن جهنم لتزفر زفرة يوم القيامة، لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا خر جاثياً على ركبتيه، حتى أن إبراهيم خليله ليخرّ جاثياً على ركبتيه، فيقول: ربّ نفسي... نفسي... لا أسألك اليوم إلا نفسي فأطرق عمر ملياً. قلت: يا أمير المؤمنين، أوليس تجدون هذا في كتاب الله؟ قال: كيف؟ قلت: قول الله في هذه الآية {يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون}.

.تفسير الآيات (112- 114):

{وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (112) وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (113) فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (114)}
أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة...} الآية. قال: يعني مكة.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطية رضي الله عنه في قوله: {وضرب الله مثلاً قرية} قال: هي مكة، ألا ترى أنه قال: {ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه}.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {قرية كانت آمنة} قال: مكة. ألا ترى إلى قوله: {ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب} قال: أخذهم الله بالجوع والخوف والقتل الشديد.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {فأذاقها الله لباس الجوع والخوف} قال: فأخذهم الله بالجوع والخوف والقتل. وفي قوله: {ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه} قال: أي والله يعرفون نسبه وأمره.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن سليم بن عمر قال: صحبت حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وهي خارجة من مكة إلى المدينة، فأخبرت أن عثمان قد قتل فرجعت. وقالت: ارجعوا بي، فوالذي نفسي بيده إنها للقرية التي قال الله: {قرية كانت آمنة مطمئنة...} إلى آخر الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب. قال: القرية التي قال الله: {كانت آمنة مطمئنة} هي يثرب.

.تفسير الآية رقم (115):

{إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (115)}
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {إنما حرم عليكم الميتة} قال: إن الإسلام دين مطهر، طهره الله من كل سوء وجعل لك فيه يا ابن آدم سعة إذا اضطررت إلى شيء من ذلك.

.تفسير الآيات (116- 117):

{وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (116) مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (117)}
أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام} قال: هي البحيرة والسائبة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي نضرة قال: قرأت هذه الآية في سورة النحل {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام...} إلى آخر الآية، فلم أزل أخاف الفتيا إلى يومي هذا.
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: عسى رجل أن يقول إن الله أمر بكذا ونهى عن كذا، فيقول الله عز وجل له: كذبت. ويقول: إن الله حرم كذا وأحل كذا، فيقول الله عز وجل له: كذبت.

.تفسير الآيات (118- 119):

{وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (118) ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (119)}
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن الحسن في قوله: {وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل} قال: في سورة الأنعام.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل} قال: ما قص الله ذكره في سورة الأنعام، حيث يقول: {وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر...} [ الأنعام: 146] إلى قوله: {وإنا لصادقون} [ الأنعام: 146].

.تفسير الآيات (120- 123):

{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (121) وَآَتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (122) ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (123)}
أخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والحاكم وصححه، عن ابن مسعود أنه سئل: ما الأمة؟ قال: الذي يعلم الناس الخير. قالوا: فما القانت؟ قال: الذي يطيع الله ورسوله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {إن إبراهيم كان أمة قانتاً} قال: كان على الإسلام ولم يكن في زمانه من قومه أحد على الإسلام غيره، فلذلك قال الله: {كان أمة قانتاً}.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {إن إبراهيم كان أمة} قال: إماماً في الخير {قانتاً} قال: مطيعاً.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله: {إن إبراهيم كان أمة} قال: كان مؤمناً وحده والناس كفار كلهم.
وأخرج ابن جرير عن شهر بن حوشب قال: لم يبق في الأرض إلا وفيها أربعة عشر يدفع الله بهم عن أهل الأرض ويخرج بركتها، إلا زمن إبراهيم فإنه كان وحده.
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد يشهد له أمة إلا قبل الله شهادتهم. والأمة، الرجل فما فوقه إن الله يقول: {إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفاً ولم يك من المشركين}».
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله: {إن إبراهيم كان أمة} قال: إمام هدى يقتدى به وتتبع سنته.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله: {وآتيناه في الدنيا حسنة} قال: لسان صدق.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله: {وآتيناه في الدنيا حسنة} قال: فليس من أهل دين إلا يرضاه ويتولاه.
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة معاً في المصنف، وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في الشعب، عن ابن عمرو قال: صلى إبراهيم الظهر والعصر والمغرب بعرفات ثم وقف، حتى إذا غابت الشمس دفع. ثم صلى المغرب والعشاء بجمع، ثم صلى به الفجر كأسرع ما يصلي أحد من المسلمين، ثم وقف به حتى إذا كان كأبطأ ما يصلي أحد من المسلمين، دفع ثم رمى الجمرة ثم ذبح وحلق، ثم أفاض به إلى البيت فطاف به فقال الله لنبيه: {ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً} والله تعالى أعلم.

.تفسير الآية رقم (124):

{إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (124)}
أخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله: {إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه} قال: أراد الجمعة فأخذوا السبت مكانه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه} قال: إن الله فرض على اليهود الجمعة فأبوا وقالوا: يا موسى، إنه لم يخلق يوم السبت شيئاً فاجعل لنا السبت، فلما جعل عليهم السبت استحلوا فيه ما حرم عليهم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق السدي، عن أبي مالك وسعيد بن جبير في قوله: {إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه} قال: بإستحلالهم إياه، رأى موسى عليه السلام رجلاً يحمل حطباً يوم السبت فضرب عنقه.
وأخرج الشافعي في الأم والبخاري ومسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم، ثم هذا يومهم الذي فرض عليهم يوم الجمعة فاختلفوا فيه فهدانا الله له، فالناس لنا فيه تبع اليهود غداً والنصارى بعد غد».
وأخرج أحمد ومسلم عن أبي هريرة وحذيفة قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا، فكان لليهود يوم السبت، وكان للنصارى يوم الأحد، فجاء الله بنا فهدانا ليوم الجمعة والسبت والأحد، وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة، نحن الآخرون من أهل الدنيا والأولون يوم القيامة المقضي لهم قبل الخلائق والله أعلم».

.تفسير الآية رقم (125):

{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125)}
أخرج ابن مردويه عن أبي ليلى الأشعري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «تمسكوا بطاعة أئمتكم ولا تخالفوهم، فإن طاعتهم طاعة الله معصيتهم معصية الله، فإن الله إنما بعثني أدعو إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة، فمن خالفني في ذلك فهو من الهالكين وقد برئت منه ذمة الله وذمة رسوله، ومن ولي من أمركم شيئاً فعمل بغير ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين».
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {وجادلهم بالتي هي أحسن} قال: أعرض عن أذاهم إياك.

.تفسير الآيات (126- 128):

{وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (126) وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (127) إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (128)}
أخرج الترمذي وحسنه وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند، والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل، عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: لما كان يوم أحد أصيب من الأنصار أربعة وستون رجلاً، ومن المهاجرين ستة، منهم حمزة فمثلوا بهم فقالت الأنصار: لئن أصبنا منهم يوماً مثل هذا لَنُربِيَنَّ عليهم، فلما كان يوم فتح مكة أنزل الله: {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نصبر ولا نعاقب... كفوا عن القوم إلا أربعة».
وأخرج ابن سعد والبزار وابن المنذر وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل، عن أبي هريرة: «أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف على حمزة حين استشهد، فنظر إلى منظر لم يَرَ شيئاً قط كان أوجع لقلبه منه، ونظر إليه قد مثل به فقال: رحمة الله عليك فإنك كنت ما علمت وصولاً للرحم فعولاً للخيرات، ولولا حزن من بعدك عليك لسّرني أن أتركك حتى يحشرك الله من أرواح شتى، أما والله لأمثلن بسبعين منهم مكانك. فنزل جبريل والنبي صلى الله عليه وسلم واقف بخواتيم النحل {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم...} الآية. فكفّر النبي عن يمينه وأمسك عن الذي أراد وصبر».
وأخرج ابن المنذر والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم قتل حمزة ومثل به: «لئن ظفرت بقريش لأمثلن بسبعين رجلاً منهم. فأنزل الله: {وإن عاقبتم...} الآية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل نصبر يا رب» فصبر ونهى عن المثلة.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن جرير، عن الشعبي قال: لما كان يوم أحد وانصرف المشركون فرأى المسلمون بإخوانهم مثله، جعلوا يقطعون آذانهم وآنافهم ويشقون بطونهم. فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: لئن أنالَنَا الله منهم لنفعلن ولنفعلن... فأنزل الله: {وإن عاقبتم...} الآية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بل نصبر».
وأخرج ابن إسحاق وابن جرير عن عطاء بن يسار قال: نزلت سورة النحل كلها بمكة إلا ثلاث آيات من آخرها نزلت بالمدينة يوم أحد حيث قتل حمزة ومثل به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لئن ظهرنا عليهم لنمثلن بثلاثين رجلاً منهم فلما سمع المسلمون ذلك قالوا: والله لئن ظهرنا عليهم لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب بأحد قط» فأنزل الله: {وإن عاقبتم فعاقبوا...} إلى آخر السورة.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه، عن ابن عباس في قوله: {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به} قال: هذا حين أمر الله نبيه أن يقاتل من قاتله، ثم نزلت براءة وانسلاخ الأشهر الحرم. قال: فهذا من المنسوخ.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن زيد قال: كانوا قد أمروا بالصفح عن المشركين فأسلم رجال ذو منعة، فقالوا: يا رسول الله، لو أذن الله لنا لانتصرنا من هؤلاء الكلاب. فنزلت هذه الآية، ثم نسخ ذلك بالجهاد.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن الحسن في قوله: {إن الله من الذين اتقوا والذين هم محسنون} قال: اتقوا فيما حرم الله عليهم وأحسنوا فيما افترض عليهم.
وأخرج سعيد بن منصور وابن سعد وابن أبي شيبة وهناد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن هرم بن حيان أنه لما نزل به الموت قالوا له: أوص. قال: أوصيكم بآخر سورة النحل {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة...} إلى آخر السورة.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد في قوله: {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به} قال: لا تعتدوا.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن محمد بن سيرين في قوله: {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به} قال: إن أخذ منك رجل شيئاً فخذ منه مثله.