فصل: تفسير الآية رقم (5):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (5):

{ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آَبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (5)}
أخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عمر: «أن زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كنا ندعوه إلا زيد بن محمد. حتى نزل القرآن {ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله} فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنت زيد بن حارثة بن شراحيل».
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن عائشة «أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وكان ممن شهد بدراً تبنى سالماً، وأنكحه بنت أخيه هند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة، وهو مولى لامرأة من الأنصار، كما تبنى النبي صلى الله عليه وسلم زيداً، وكان من تبنى رجلاً في الجاهلية دعاه الناس إليه وورثه من ميراثه حتى أنزل الله في ذلك {ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم} فردوا إلى آبائهم، فمن لم يعلم له أب كان مولى وأخاً في الدين، فجاءت سهلة بنت سهيل بن عمرو إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن سالماً كان يدعى لأبي حذيفة رضي الله عنه، وإن الله قد أنزل في كتابه {ادعوهم لآبائهم} وكان يدخل عليَّ، وأنا وحدي، ونحن في منزل ضيق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ارضعي سالماً تحرمي عليه».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان من أمر زيد بن حارثة رضي الله عنه أنه كان في أخواله بني معن من بني ثعل من طيء، فأصيب في غلمة من طيء، فقدم به سوق عكاظ، وانطلق حكيم بن حزام بن خويلد إلى عكاظ يتسوق بها، فأوصته عمته خديجة رضي الله عنها أن يبتاع لها غلاماً ظريفاً عربياً ان قدر عليه، فلما جاء وجد زيداً يباع فيها، فأعجبه ظرفه، فابتاعه فقدم به عليها وقال لها: إني قد ابتعت لك غلاماً ظريفاً عربياً، فإن أعجبك فخذيه وإلا فدعيه، فإنه قد أعجبني، فلما رأته خديجة اعجبها، فأخذته فتزوّجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عندها، فأعجب النبي صلى الله عليه وسلم ظرفه، فاستوهبه منها فقالت: هو لك فإن أردت عتقه فالولاء لي، فأبى عليها فوهبته له إن شاء أعتق وإن شاء أمسك قال: فشب عند النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم إنه خرج في إبل طالب إلى الشام، فمر بأرض قومه. فعرفه عمه، فقام إليه فقال: من أنت يا غلام؟ قال: غلام من أهل مكة. قال: من أنفسهم؟ قال: لا. فحر أنت أم مملوك؟ قال: بل مملوك قال: لمن؟ قال: لمحمد بن عبد الله بن عبد المطلب فقال له: أعربي أنت أم عجمي؟ قال: بل عربي قال: ممن أهلك؟ قال: من كلب قال: من أي كلب؟ قال: من بني عبدود قال: ويحك.
. ! ابن من أنت؟ قال: ابن حارثة بن شراحيل قال: وأين أصبت؟ قال: في أخوالي قال: ومن أخوالك؟ قال: طي قال: ما اسم أمك؟ قال: سعدي. فالتزمه وقال ابن حارثة: ودعا أباه وقال: يا حارثة هذا ابنك. فأتاه حارثة، فلما نظر إليه عرفه قال: كيف صنع مولاك إليك؟ قال: يؤثرني على أهله وولده، ورزقت منه حباً، فلا أصنع إلا ما شئت.
فركب معه وأبوه وعمه وأخوه حتى قدموا مكة، فلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له حارثة: يا محمد أنتم أهل حرم الله وجيرانه، وعند بيته. تفكون العاني، وتطعمون الأسير. ابني عبدك، فامنن علينا، وأحسن إلينا في فدائه، فإنك ابن سيد قومه فإنا سنرفع لك في الفداء ما أحببت. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعطيكم خيراً من ذلك قالوا: وما هو؟ قال: أخيره فإن اختاركم فخذوه بغير فداء، وإن اختارني فكفوا عنه قالوا: جزاك الله خيراً فقد أحسنت، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا زيد اتعرف هؤلاء؟ قال: نعم. هذا أبي وعمي وأخي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأنا من قد عرفته، فإن اخترتهم فأذهب معهم، وإن اخترتني فأنا من تعلم فقال زيد: ما أنا بمختار عليك أحداً أبداً، أنت مني بمكان الوالد والعم قال له أبوه وعمه: يا زيد تختار العبودية على الربوبية؟ قال: ما أنا بمفارق هذا الرجل.
فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم حرصه عليه قال: اشهدوا أنه حر، وإنه ابني يرثني وأرثه، فطابت نفس أبيه وعمه، لما رأوا من كرامته عليه، فلم يزل زيد في الجاهلية يدعى: زيد بن محمد. حتى نزل القرآن {ادعوهم لآبائهم} فدعي زيد بن حارثة»
.
وأخرج ابن عساكر من طريق زيد بن شيبة عن الحسن بن عثمان رضي الله عنه قال: حدثني عدة من الفقهاء وأهل العلم قالوا: كان عامر بن ربيعة يقال له: عامر بن الخطاب وإليه كان ينسب، فأنزل الله فيه، وفي زيد بن حارثة، وسالم مولى أبي حذيفة، والمقداد بن عمرو {ادعوهم لآبائهم..}.
وأخرج ابن جرير عن أبي بكرة رضي الله عنه أنه قال: قال الله: {ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم} فإنا ممن لا يعلم أبوه، وأنا من اخوانكم في الدين.
وأخرج ابن جرير عن قتادة {ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله} أعدل عند الله {فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم} فإذا لم تعلم من أبوه فإنما هو أخوك في الدين ومولاك.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم} قال: إن لم تعرف أباه فأخوك في الدين ومولاك مولى فلان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في الآية يقول: إن لم تعلموا لهم آباء تدعوهم إليهم فانسبوهم اخوانكم في الدين إذ تقول: عبد الله، وعبد الرحمن، وعبيد الله، وأشباههم من الأسماء، وأن يدعى إلى اسم مولاه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم} يقول: أخوك في الدين ومولاك مولى بني فلان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سالم بن أبي الجعد قال: لما نزلت {ادعوهم لآبائهم} لم يعرفوا لسالم أباً ولكن مولى أبي حذيفة إنما كان حليفاً لهم.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به} قال: هذا من قبل النهي في هذا وغيره {ولكن ما تعمدت قلوبكم} بعد ما أمرتم وبعد النهي.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به...} قال: لو دعوت رجلاً لغير أبيه وأنت ترى أنه أبوه لم يكن عليك بأس، ولكن ما أردت به العمد.
وأخرج ابن المنذر وابن مردويه عن أبي هريرة يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والله ما أخشى عليك الخطأ، ولكن أخشى عليك العمد».
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني لست أخاف عليكم الخطأ، ولكن أخاف عليكم العمد».

.تفسير الآية رقم (6):

{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (6)}
أخرج البخاري وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من مؤمن إلا وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة، اقرأوا إن شئتم {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم} فأيما مؤمن ترك مالاً فليرثه عصبته من كانوا فإن ترك ديناً، أو ضياعاً، فليأتني فأنا مولاه».
وأخرج الطيالسي وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «كان المؤمن إذا توفي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتي به النبي صلى الله عليه وسلم سأل هل عليه دين؟ فإن قالوا: نعم. قال: هل ترك وفاء لدينه؟ فإن قالوا: نعم. صلى عليه، وإن قالوا: لا. قال: صلوا على صاحبكم، فلما فتح الله علينا الفتوح قال: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن ترك ديناً فإليّ، ومن ترك مالاً فللوارث».
وأخرج أحمد وأبو داود وابن مردويه عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يقول: «أنا أولى بكل مؤمن من نفسه. فأيما رجل مات وترك ديناً فإليّ، ومن ترك مالاً فهو لورثته».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والنسائي عن بريدة رضي الله عنه قال: غزوت مع علي اليمن فرأيت منه جفوة، فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت علياً، فتنقصته فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم تغير وقال: «يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه».
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {وأزواجه أمهاتهم} قال: يعظم بذلك حقهن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {وأزواجه أمهاتهم} يقول: أمهاتهم في الحرمة، لا يحل لمؤمن أن ينكح امرأة من نساء النبي صلى الله عليه وسلم في حياته ان طلق، ولا بعد موته. هي حرام على كل مؤمن مثل حرمة أمه.
وأخرج ابن سعد وابن المنذر والبيهقي في سننه عن عائشة أن امرأة قالت لها: يا أمي فقالت: أنا أم رجالكم ولست أم نسائكم.
وأخرج ابن سعد عن أم سلمة قالت: أنا أم الرجال منكم والنساء.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وإسحاق بن راهويه وابن المنذر والبيهقي عن بجالة قال: مر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بغلام وهو يقرأ في المصحف {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم} فقال: يا غلام حكها فقال: هذا مصحف أبي فذهب إليه فسأله فقال: إنه كان يلهيني القرآن، ويلهيك الصفق بالأسواق.
وأخرج الفريابي وابن مردويه والحاكم والبيهقي في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرأ هذه الآية {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم وأزواجه أمهاتهم}.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه أنه قرأ {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه قال: كان في الحرف الأول {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم}.
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال: في القراءة الأولى {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم}.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين} قال: لبث المسلمون زماناً يتوارثون بالهجرة، والاعرابي المسلم لا يرث من المهاجر شيئاً. فأنزل الله هذه الآية، فخلط المؤمنين بعضهم ببعض، فصارت المواريث بالملل.
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفاً} قال: توصون لحلفائكم الذين والى بينهم النبي صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار.
وأخرج ابن المنذر وابن جرير وابن أبي حاتم عن محمد بن علي بن الحنفية رضي الله عنه في قوله: {إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفاً} قال: نزلت هذه الآية في جواز وصية المسلم لليهودي والنصراني.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم} قال: القرابه من أهل الشرك {معروفاً} قال: وصية ولا ميراث لهم {كان ذلك في الكتاب مسطوراً} قال: وفي بعض القراءات {كان ذلك عند الله مكتوباً} أن لا يرث المشرك المؤمن.
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة والحسن رضي الله عنه في قوله: {إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفاً} قالا: إلا أن يكون لك ذو قرابة على دينك فتوصي له بالشيء، وهو وليك في النسب، وليس وليك في الدين.

.تفسير الآيات (7- 8):

{وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (7) لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (8)}
أخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم} قال: في ظهر آدم {وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً} قال: أغلظ مما أخذه من الناس {ليسأل الصادقين عن صدقهم} قال: المبلغين من الرسل المؤدين.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم...} الآية. قال: أخذ الله على النبيين خصوصاً أن يصدق بعضهم بعضاً، وأن يتبع بعضهم بعضاً.
وأخرج الطبراني وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن أبي مريم الغساني رضي الله عنه: «أن أعرابياً قال: يا رسول الله ما أول نبوّتك؟ قال: أخذ الله مني الميثاق كما أخذ من النبيين ميثاقهم، ثم تلا {وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً} ودعوة أبي إبراهيم قال: {وابعث فيهم رسولاً منهم} [ البقرة: 129] وبشارة المسيح ابن مريم، ورأت أم رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامها: أنه خرج من بين رجليها سراج أضاءت له قصور الشام».
وأخرج الطيالسي والطبراني وابن مردويه عن أبي العالية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خلق الله الخلق، وقضى القضية، وأخذ ميثاق النبيين، وعرشه على الماء، فأخذ أهل اليمين بيمينه، وأخذ أهل الشمال بيده الأخرى، وكلتا يدي الرحمن يمين، فأما أصحاب اليمين فاستجابوا إليه فقالوا: لبيك ربنا وسعديك قال: {ألست بربكم؟ قالوا: بلى} [ الأعراف: 172] فخلط بعضهم ببعض فقال قائل منهم: يا رب لم خلطت بيننا فإن {لهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون} [ المؤمنون: 63] قال: أن يقولوا يوم القيامة {إنا كنا عن هذا غافلين} [ الأعراف: 172] ثم ردهم في صلب آدم عليه السلام فأهل الجنة أهلها، وأهل النار أهلها، فقال قائل: فما العمل إذاً؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يعمل كل قوم لمنزلتهم، فقال: ابن الخطاب رضي الله عنه: إذن نجتهد يا رسول الله».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «قيل يا رسول الله متى أخذ ميثاقك؟ قال: وآدم بين الروح والجسد».
وأخرج ابن سعد رضي الله عنه قال: «قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: متى استنبئت؟ قال: وآدم بين الروح والجسد حين أخذ مني الميثاق».
وأخرج البزار والطبراني في الأوسط وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «قيل يا رسول الله متى كنت نبيا؟ قال: وآدم بين الروح والجسد».
وأخرج أحمد والبخاري في تاريخه والطبراني والحاكم وصححه وأبو نعيم والبيهقي معاً في الدلائل عن ميسرة الفخر رضي الله عنه قال: «قلت يا رسول الله متى كنت نبياً؟ قال: وآدم بين الروح والجسد».
وأخرج الحاكم وأبو نعيم والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «قيل للنبي صلى الله عليه وسلم متى وجبت لك النبوّة؟ قال: بين خلق آدم ونفخ الروح فيه».
وأخرج أبو نعيم عن الصنابحي قال: «قال عمر رضي الله عنه: متى جعلت نبياً؟ قال: وآدم منجدل في الطين».
وأخرج ابن سعد عن ابن أبي الجدعاء رضي الله عنه قال: «قلت يا رسول الله متى جعلت نبيا؟ قال: وآدم بين الروح والجسد».
وأخرج ابن سعد عن مطرف بن الشخير رضي الله عنه «أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم متى كنت نبياً؟ قال: وآدم بين الروح والطين».
وأخرج ابن أبي شيبة عن قتادة رضي الله عنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قرأ {وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح}. قال: بدئ بي في الخير. وكنت آخرهم في البعث».
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح} قال: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول «كنت أول الأنبياء في الخلق، وآخرهم في البعث».
وأخرج ابن أبي عاصم والضياء في المختارة عن أبي بن كعب {وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح} قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أولهم نوح، ثم الأول فالأول».
وأخرج الحسن بن سفيان وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل والديلمي وابن عساكر من طريق قتادة عن الحسن عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قول الله: {وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم...} قال «كنت أول النبيين في الخلق، وآخرهم في البعث، فبدئ به قبلهم».
وأخرج البزار عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خيار ولد آدم خمسة: نوح. وإبراهيم. وموسى. وعيسى. ومحمد، وخيرهم محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما {ميثاقهم} عهدهم.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني بسند صحيح عن ابن عباس {وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم} قال: إنما أخذ الله ميثاق النبيين على قومهم.
وأخرج أبو نعيم والديلمي عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ليس من عالم إلا وقد أخذ الله ميثاقه يوم أخذ ميثاق النبيين، يدفع عنه مساوي عمله لمحاسن عمله، إلا أنه لا يوحي إليه».