فصل: الآيات (102 - 106)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور **


 الآيات 97 - 98

أخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني، عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - في قوله ‏(‏سأستغفر لكم ربي‏)‏ قال‏:‏ إن يعقوب عليه السلام أخر بنيه إلى السحر‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن مردويه، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله ‏{‏سأستغفر لكم ربي‏}‏ قال‏:‏ أخرهم إلى السحر، وكان يصلي بالسحر‏.‏

وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل‏:‏ لم أخر يعقوب بنيه في الاستغفار‏؟‏‏!‏‏.‏‏.‏‏.‏قال‏:‏ ‏"‏أخرهم إلى السحر، لأن دعاء السحر مستجاب‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال‏:‏ قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏في قصة قول أخي يعقوب لبنيه ‏{‏سوف أستغفر لكم ربي‏}‏ يقول‏:‏ حتى تأتي ليلة الجمعة‏"‏‏.‏

وأخرج الترمذي وحسنه والحاكم وصححه وابن مردويه، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال جاء علي بن أبي طالب - رضي الله عنهما - إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ‏"‏بأبي أنت وأمي، تفلت هذا القرآن من صدري‏.‏ فما أجدني أقدر عليه‏؟‏‏.‏‏.‏‏.‏فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ يا أبا الحسن، أفلا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن، وينفع الله بهن من علمته، ويثبت ما تعلمت في صدرك‏؟‏‏.‏‏.‏‏.‏قال‏:‏ أجل يا رسول الله، فعلمني‏.‏

قال‏:‏ إذا كانت ليلة الجمعة، فإن استطعت أن تقوم ثلث الليل الأخير، فإنه ساعة مشهودة، والدعاء فيها مستجاب‏.‏ وقد قال أخي يعقوب لبنيه ‏{‏سوف أستغفر لكم ربي‏}‏ يقول‏:‏ حتى تأتي ليلة الجمعة، فإن لم تستطع، فقم في وسطها، فإن لم تستطع، فقم في أولها، فصل أربع ركعات، تقرأ في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب وسورة يس، وفي الركعة الثانية بفاتحة الكتاب وحم الدخان، وفي الركعة الثالثة بفاتحة الكتاب وآلم تنزيل السجدة، وفي الركعة الرابعة بفاتحة الكتاب وتبارك المفصل، فإذا فرغت من التشهد، فاحمد الله وأحسن الثناء على الله، وصل علي وعلى سائر النبيين، واستغفر للمؤمنين والمؤمنات ولإخوانك الذين سبقوك بالإيمان، ثم قل في آخر ذلك‏:‏

اللهم ارحمني بترك المعاصي أبدا ما أبقيتني، وارحمني أن أتكلف ما لا يعنيني، وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني، اللهم بديع السموات والأرض، ذا الجلال والإكرام والعزة التي لا ترام، أسألك يا الله، يا رحمن، بجلالك ونور وجهك أن تلزم قلبي حفظ كتابك كما علمتني، وارزقني أن أتلوه على النحو الذي يرضيك عني‏.‏ اللهم بديع السموات والأرض، ذا الجلال والإكرام والعزة التي لا ترام، أسألك يا الله، يا رحمن، بجلالك ونور وجهك أن تنور بكتابك بصري، وأن تطلق به لساني، وأن تفرج به عن قلبي، وأن تشرح به صدري، وأن تغسل به بدني، فإنه لا يعينني على الحق غيرك، ولا يؤتيه إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم‏.‏

يا أبا الحسن، تفعل ذلك ثلاث جمع، أو خمسا أو سبعا، بإذن الله تعالى، والذي بعثني بالحق ما أخطأ مؤمنا قط‏"‏‏.‏ قال ابن عباس - رضي الله عنهما - فوالله ما مكث علي - رضي الله عنه - إلا خمسا أو سبعا، حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في مثل ذلك المجلس، قال ‏"‏يا رسول الله كنت فيما خلا لا آخذ الأربع آيات ونحوهن، فإذا قرأتهن على نفسي تفلتن، وأنا أتعلم اليوم أربعين آية ونحوها، فإذا قرأتها على نفسي فكأنما كتاب الله بين عيني، ولقد كنت أسمع الحديث، فإذا رددته تفلت‏.‏ وأنا اليوم أسمع الأحاديث، فإذا تحدثت بها لم أخرم منها حرفا‏.‏ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك‏:‏ مؤمن ورب الكعبة أبا الحسن‏.‏‏.‏‏.‏‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ، عن عمرو بن قيس - رضي الله عنه - في قوله ‏{‏سأستغفر لكم ربي‏}‏ قال‏:‏ في صلاة الليل‏.‏

وأخرج ابن جرير عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال‏:‏ إن الله لما جمع ليعقوب عليه السلام شمله ببنيه وأقر عينه، خلا ولده نجيا‏.‏ فقال بعضهم لبعض‏:‏ ألستم قد علمتم ما صنعتم وما لقي منكم الشيخ‏؟‏ فجلسوا بين يديه ويوسف إلى جنب أبيه قاعد، قالوا‏:‏ يا أبانا، أتيناك في أمر لم نأتك في مثله قط، ونزل بنا أمر لم ينزل بنا مثله، حتى حركوه - والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، أرحم البرية - فقال‏:‏ ما لكم يا بني‏؟‏‏؟‏‏؟‏‏.‏‏.‏‏.‏قالوا‏:‏ ألست قد علمت ما كان منا إليك، وما كان منا إلى أخينا يوسف‏؟‏ قالا‏:‏ بلى‏.‏ قالوا‏:‏ أفلستما قد عفوتما‏؟‏ قالا‏:‏ بلى‏.‏ قالوا‏:‏ فإن عفوكما لا يغني عنا شيئا إن كان الله لم يغن عنا‏.‏ قال‏:‏ فما تريدون يا بني‏؟‏ قالوا‏:‏ نريد أن تدعو الله، فإذا جاءك من عند الله بأنه قد عفا، قرت أعيننا واطمأنت قلوبنا‏.‏ وإلا، فلا قرة عين في الدنيا لنا أبدا‏.‏ قال‏:‏ فقام الشيخ فاستقبل القبلة، وقام يوسف خلف أبيه، وقاموا خلفهما أذلة خاشعين‏,‏ فدعا وأمن يوسف، فلم يجب فيهم عشرين سنة، حتى إذا كان رأس العشرين، نزل جبريل عليه السلام على يعقوب عليه السلام فقال‏:‏ إن الله بعثني أبشرك بأنه قد أجاب دعوتك في ولدك، وأنه قد عفا عما صنعوا، وأنه قد اعتقد مواثيقهم من بعدك على النبوة‏.‏وأخرج أبو الشيخ عن الحسن - رضي الله عنه - قال‏:‏ لما جمع الله ليعقوب عليه السلام بنيه، قال ليوسف‏:‏ حدثني، ما صنع بك إخوتك‏؟‏ قال‏:‏ فابتدأ يحدثه، فغشي عليه جزعا‏.‏ فقال‏:‏ يا أبت، إن هذا من أهون ما صنعوا بي، فقال لهم يعقوب عليه السلام‏:‏ يا بني، أما لكم موقف بين يدي الله تخافون أن يسألكم عما صنعتم‏؟‏ قالوا يا أبانا، قد كان ذاك فاستغفر لنا، وقال‏:‏ وقد كان الله تبارك وتعالى عود يعقوب عليه السلام، إذا ساله حاجة أن يعطيها إياه في أول يوم أو في الثاني أو الثالث لا محالة - فقال‏:‏ إذا كان السحر، فأفيضوا عليكم من الماء، ثم البسوا ثيابكم التي تصونوها، ثم هلموا إلي‏:‏ ففعلوا فجاؤوا، فقام يعقوب أمامهم ويوسف عليه السلام خلفه، وهم خلف يوسف إلى أن طلعت الشمس لم تنزل عليهم التوبة، ثم اليوم الثاني، ثم اليوم الثالث، فلما كانت الليلة الرابعة، ناموا، فجاءهم يعقوب عليه السلام فقال‏:‏ يا بني، تنامون والله عليكم ساخط‏؟‏‏!‏ فقوموا‏.‏ فقام وقاموا عشرين سنة يطلبون إلى الله الحاجة، فأوحى الله إلى يعقوب عليه السلام‏:‏ إني قد تبت عليهم وقبلت توبتهم‏.‏ قال‏:‏ يا رب، النبوة قال‏:‏ قد أخذت ميثاقهم في النبيين‏.‏

وأخرج أبو الشيخ، عن ابن عائشة قال‏:‏ ما تيب على ولد يعقوب إلا بعد عشرين سنة، وكان أبوهم بين أيديهم فما تيب عليهم، حتى نزل جبريل عليه السلام فعلمه هذا الدعاء‏:‏ ‏"‏يا رجاء المؤمنين، لا تقطع رجاءنا، يا غياث المؤمنين، أغثنا‏.‏ يا مانع المؤمنين، امنعنا‏.‏ يا مجيب التائبين، تب علينا‏"‏‏.‏ قال‏:‏ فأخره إلى السحر فدعا به، فتيب عليهم‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن الليث بن سعد، أن يعقوب وإخوة يوسف، أقاموا عشرين سنة يطلبون فيما فعل إخوة يوسف بيوسف، لا يقبل ذلك منهم، حتى لقي جبريل يعقوب فعلمه هذا الدعاء‏:‏ يا رجاء المؤمنين، لا تخيب رجائي، ويا غوث المؤمنين، أغثني‏.‏ ويا عون المؤمنين، أعني‏.‏ يا حبيب التوابين، تب علي‏.‏ فاستجيب لهم‏.‏

وأخرج أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر، عن ابن جريج في قوله ‏{‏سوف أستغفر لكم ربي‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ إلى قوله ‏{‏إن شاء الله آمنين‏}‏ قال يوسف‏:‏ أستغفر لكم ربي إن شاء الله‏.‏ وبين هذا وبين ذاك ما بينه قال‏:‏ وهذا من تقديم القرآن وتأخيره‏.‏ قال أبو عبيد‏:‏ ذهب ابن جريج إلى أن الاستثناء في قوله ‏{‏إن شاء الله‏}‏ من كلام يعقوب عليه السلام، حين قال‏:‏ ادخلوا مصر‏.‏

وأخرج ابن جرير عن أبي عمران الجوني - رضي الله عنه - قال‏:‏ ما قص الله علينا نبأهم يعيرهم بذلك إنهم أنبياء من أهل الجنة، ولكن قص علينا نبأهم لئلا يقنط عبده‏.‏

 الآيات 99 - 100

أخرج أبو الشيخ عن أبي هريرة قال‏:‏ دخل يعقوب عليه السلام مصر في ملك يوسف عليه السلام، وهو ابن مائة وثمانين سنة، وعاش في ملكه ثلاثين سنة‏.‏ ومات يوسف عليه السلام وهو ابن مائة وعشرين سنة‏.‏ قال أبو هريرة - رضي الله عنه - وبلغني أنه كان عمر إبراهيم خليل الله مائة وخمسة وتسعين سنة‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله ‏{‏آوى إليه أبويه‏}‏ قال‏:‏ أبوه وأمه ضمهما‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن وهب بن منبه - رضي الله عنه - في قوله ‏{‏ورفع أبويه على العرش‏}‏ قال‏:‏ أبوه وخالته، وكانت توفيت أم يوسف في نفاس أخيه بنيامين‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن سفيان بن عينية ‏{‏ورفع أبويه‏}‏ قال‏:‏ كانت الخالة‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله ‏{‏ورفع أبويه على العرش‏}‏ قال‏:‏ السرير‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله ‏{‏ورفع أبويه على العرش‏}‏ قال‏:‏ السرير‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن ابن زيد - رضي الله عنه - في قوله ‏{‏ورفع أبويه على العرش‏}‏ قال‏:‏ مجلسه‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن عدي بن حاتم - رضي الله عنه - في قوله ‏{‏وخروا له سجدا‏}‏ قال‏:‏ كان تحية من كان قبلكم السجود، بها يحيي بعضهم بعضا، وأعطى الله هذه الأمة السلام تحية أهل الجنة، كرامة من الله عجلها لهم ونعمة منه‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن ابن زيد - رضي الله عنه - في قوله ‏{‏وخروا له سجدا‏}‏ قال‏:‏ ذلك السجود تشرفة، كما سجدت الملائكة عليهم السلام تشرفة لآدم عليه السلام، وليس بسجود عبادة‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ‏{‏وخروا له سجدا‏}‏ قال‏:‏ بلغنا أن أبويه وإخوته سجدوا ليوسف عليه السلام إيماء برؤوسهم، كهيئة الأعاجم، وكانت تلك تحيتهم كما يصنع ذلك ناس اليوم‏.‏

وأخرج ابن جرير عن الضحاك وسفيان - رضي الله عنهما - قالا‏:‏ كانت تلك تحيتهم‏.‏

وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا في كتاب العقوبات، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان، عن سلمان الفارسي - رضي الله عنه - قال‏:‏ كان بين رؤيا يوسف عليه السلام وبين تأويلها، أربعون سنة‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وأبو الشيخ والبيهقي، عن عبد الله بن شداد - رضي الله عنه - قال‏:‏ كان بين رؤيا يوسف عليه السلام وتأويلها أربعون سنة‏.‏ وإليه ينتهي أقصى الرؤيا‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة - رضي الله عنه - قال‏:‏ بينهما خمسة وثلاثون عاما‏.‏

وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد، عن الحسن - رضي الله عنه - قال‏:‏ كان بين الرؤيا والتأويل ثمانون سنة‏.‏

وأخرج ابن جرير والحاكم وابن مردويه، عن الفضيل بن عياض - رضي الله عنه - قال‏:‏ كان بين فراق يوسف بن يعقوب إلى أن التقيا، ثمانون سنة‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن جريج - رضي الله عنه - قال‏:‏ كان بينهما سبع وسبعون سنة‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وابن عبد الحكم في فتوح مصر، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وابن مردويه، عن الحسن - رضي الله عنه - أن يوسف عليه السلام ألقي في الجب وهو ابن سبع عشرة سنة، ولقي أباه بعد ثمانين سنة، وعاش بعد ذلك ثلاثا وعشرين سنة، ومات وهو ابن مائة وعشرين سنة‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن زياد يرفعه قال‏:‏ لبث يوسف عليه السلام في العبودية، بضعة وعشرين سنة‏.‏

وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد، عن حذيفة - رضي الله عنه - قال‏:‏ كان بين فراق يوسف يعقوب عليهما السلام إلى أن لقيه، سبعون سنة‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن علي بن أبي طلحة - رضي الله عنه - في قوله ‏{‏وجاء بكم من البدو‏}‏ قال‏:‏ كان يعقوب وبنوه بأرض كنعان، أهل مواش وبرية‏.‏

وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ، عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله ‏{‏وجاء بكم من البدو‏}‏ قال‏:‏ كانوا أهل بادية وماشية، وبلغنا أن بينهم يومئذ ثمانين فرسخا، وقد كان فارقه قبل ذلك ببضع وسبعين سنة‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله ‏{‏إن ربي لطيف لما يشاء‏}‏ قال‏:‏ لطف بيوسف وصنع له حين أخرجه من السجن، وجاء بأهله من البدو، ونزع من قلبه نزغ الشيطان، وتحريشه على إخوته‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن ثابت البناني - رضي الله عنه - قال‏:‏ لما قدم يعقوب على يوسف عليه السلام، تلقاه يوسف عليه السلام على العجل، ولبس حلية الملوك، وتلقاه فرعون إكراما ليوسف، فقال يوسف لأبيه‏:‏ إن فرعون قد أكرمنا، فقل له‏.‏ فقال له يعقوب‏:‏ لقد بوركت يا فرعون‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن سفيان الثوري - رضي الله عنه - قال‏:‏ لما التقى يوسف ويعقوب، عانق كل واحد منهما صاحبه وبكى‏.‏ فقال يوسف‏:‏ يا أبت، بكيت علي حتى ذهب بصرك، ألم تعلم أن القيامة تجمعنا‏؟‏ قال‏:‏ بلى يا بني، ولكن خشيت أن يسلب دينك فيحال بيني وبينك‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن ثابت البناني - رضي الله عنه - قال‏:‏ لما حضر يعقوب عليه السلام الموت قال‏:‏ ليوسف عليه السلام‏.‏ إني أسألك خصلتين وأعطيك خصلتين، أسألك أن تعفو عن إخوتك ولا تعاقبهم بما صنعوا بك، وأسألك إذا أنا مت أن تحملني فتدفنني مع آبائي إبراهيم وإسحق وأعطيك أن تغمضني عند الموت، وأن ادخل ابنين لك في الأسباط، فما وضع يوسف عليه السلام يده على وجه أبيه ليغمضه، فتح عينيه ثم قال‏:‏ يا بني، إن هذا من الأبناء للآباء عند الله عظيم‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن أبي بكر بن عياش - رضي الله عنهما - قال‏:‏ لما مات يعقوب النبي عليه السلام، أقيم عليه النوائح أربعة أشهر‏.‏

وأخرج أحمد في الزهد عن مالك بن دينار - رضي الله عنه - أن يعقوب عليه السلام، قال لما ثقل لابنه يوسف عليه السلام‏:‏ أدخل يدك تحت صلبي، فاحلف لي برب يعقوب لتدفنني مع آبائي، فإني قد أشركتهم في العمل، فأشركني معهم في قبورهم‏.‏ فلما توفي يعقوب عليه السلام، فعل ذلك يوسف حتى أتى به أرض كنعان فدفنه معهم‏.‏

 الآية 101

أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن الأعمش - رضي الله عنه - قال‏:‏ لما قال يوسف عليه السلام ‏{‏رب قد آتيتني من الملك‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ إلى قوله ‏{‏توفني مسلما وألحقني بالصالحين‏}‏ شكر الله له ذلك، فزاده في عمره ثمانين عاما‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طريق ابن جريج، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في الآية قال‏:‏ اشتاق إلى لقاء الله، وأحب أن يلحق به وبآبائه، فدعا الله أن يتوفاه وأن يلحقه بهم‏.‏ قال ابن عباس - رضي الله عنهما - ولم يسأل نبي قط الموت غير يوسف عليه السلام، فقال ‏{‏رب قد آتيتني من الملك‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ قال ابن جريج - رضي الله عنه - وأنا أقول‏:‏ في بعض القرآن من الأنبياء من قال توفني‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال‏:‏ ما سأل نبي الوفاة غير يوسف‏.‏

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الضحاك - رضي الله عنه - في قوله ‏{‏توفني مسلما وألحقني بالصالحين‏}‏ يقول‏:‏ توفني على طاعتك، واغفر لي إذا توفيتني‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك - رضي الله عنه - في قوله ‏{‏وألحقني بالصالحين‏}‏ قال‏:‏ يعني إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن عكرمة - رضي الله عنه - في قوله ‏{‏توفني مسلما وألحقني بالصالحين‏}‏ قال‏:‏ يعني أهل الجنة‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه - رضي الله عنه - قال‏:‏ لما أوتي يوسف عليه السلام من الملك ما أوتي، تاقت نفسه إلى آبائه، قال ‏{‏رب قد أتيتني من الملك‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ إلى قوله ‏{‏وألحقني بالصالحين‏}‏ قال‏:‏ بآبائه إبراهيم وإسحق ويعقوب‏.‏

وأخرج أحمد في الزهد وابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة قال‏:‏ لما قدم على يوسف أبوه وإخوته وجمع الله شمله وأقر عينيه - وهو يومئذ مغموس في نعيم من الدنيا - اشتاق إلى آبائه الصالحين‏:‏ إبراهيم وإسحق ويعقوب، فسأل الله القبض، ولم يتمن الموت أحد قط، نبي ولا غيره إلا يوسف‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم، عن سعيد بن عبد العزيز - رضي الله عنه - أن يوسف عليه السلام، لما حضرته الوفاة قال‏:‏ يا إخوتاه، إني لم أنتصر من أحد ظلمني في الدنيا، وإني كنت أحب أن أظهر الحسنة وأخفي السيئة، فذلك زادي من الدنيا‏.‏ يا إخوتاه، إني أشركت آبائي في أعمالهم، فأشركوني معهم في قبورهم، وأخذ عليهم الميثاق، فلم يفعلوا حتى بعث الله موسى عليه السلام، فسأل عن قبره، فلم يجد أحدا يخبره إلا امرأة يقال لها شارخ بنت شيرا بن يعقوب، فقالت‏:‏ أدلك عليه على أن أشترط عليك‏.‏ قال ذاك لك، قالت‏:‏ أصير شابة كلما كبرت‏.‏ قال‏:‏ ذلك لك‏.‏ قال‏:‏ وأكون معك في درجتك يوم القيامة‏.‏ فكأنه امتنع، فأمر أن يمضي لها ذلك ففعل، فدلته عليه فأخرجه، فكانت كلما كانت بنت خمسين سنة، صارت مثل ابنة ثلاثين‏.‏ حتى عمرت عمر نسرين ألف وستمائة سنة، أو ألف وأربعمائة، حتى أدركها سليمان بن داود عليه السلام فتزوجها‏.‏

وأخرج ابن إسحق وابن أبي حاتم، عن عروة بن الزبير - رضي الله عنه - قال‏:‏ إن الله حين أمر موسى عليه السلام بالسير ببني إسرائيل، أمره أن يحتمل معه عظام يوسف عليه السلام، وأن لا يخلفها بأرض مصر، وأن يسير بها حتى يضعها بالأرض المقدسة، فسأل موسى عليه السلام عمن يعرف موضع قبره، فما وجد إلا عجوزا من بني إسرائيل، فقالت‏:‏ يا نبي الله، إني أعرف مكانه، إن أنت أخرجتني معك ولم تخلفني بأرض مصر، دللتك عليه‏.‏ قال‏:‏ أفعل‏.‏ وقد كان موسى وعد بني إسرائيل أن يسير بهم إذا طلع الفجر، فدعا ربه أن يؤخر طلوعه حتى يفرغ من أمر يوسف، ففعل‏.‏ فخرجت به العجوز حتى أرته إياه في ناحية من النيل في الماء، فاستخرجه موسى عليه السلام صندوقا من مرمر فاحتمله‏.‏

 الآيات 102 - 106

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله ‏{‏وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون‏}‏ قال‏:‏ هم بنو يعقوب، إذ يمكرون بيوسف‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ، عن قتادة - رضي الله عنه - ‏{‏وما كنت لديهم‏}‏ يعني محمدا صلى الله عليه وسلم، يقول ‏{‏ما كنت لديهم‏}‏ وهم يلقونه في غيابة الجب ‏{‏وهم يمكرون‏}‏ بيوسف‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك - رضي الله عنه - ‏{‏وكأين من آية‏}‏ - قال‏:‏ كم من آية في السماء، يعني شمسها وقمرها ونجومها وسحابها‏.‏ وفي الأرض، ما فيها من الخلق والأنهار والجبال والمدائن والقصور‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن قتادة قال في مصحف عبد الله‏[‏وكأين من آية في السموات والأرض يمشون عليها‏]‏ والسماء والأرض آيتان عظيمتان‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله ‏{‏وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون‏}‏ قال‏:‏ سلهم من خلقهم، ومن خلق السموات والأرض‏؟‏‏؟‏‏.‏‏.‏‏.‏ فيقولون‏:‏ الله‏.‏ فذلك إيمانهم وهم يعبدون غيره‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ، عن عطاء - رضي الله عنه - في قوله ‏{‏وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون‏}‏ قال‏:‏ كانوا يعلمون أن الله ربهم وهو خالقهم وهو رازقهم، وكانوا مع ذلك يشركون‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله ‏{‏وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون‏}‏ قال‏:‏ إيمانهم، قولهم‏:‏ الله خلقنا وهو يرزقنا ويميتنا، فهذا إيمان مع شرك عبادتهم غيره‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن الضحاك - رضي الله عنه - في قوله ‏{‏وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون‏}‏ قال‏:‏ كانوا يشركون به في تلبيتهم، يقولون‏:‏ لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك، تملكه وما ملك‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن الحسن - رضي الله عنه - في قوله ‏{‏وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون‏}‏ قال‏:‏ ذاك المنافق، يعمل بالرياء وهو مشرك بعمله‏.‏

 الآية 107

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله ‏{‏غاشية من عذاب الله‏}‏ قال‏:‏ تغشاهم‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله ‏{‏غاشية من عذاب الله‏}‏ قال‏:‏ واقعة تغشاهم‏.‏

أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله ‏{‏غاشية‏}‏ قال‏:‏ عقوبة من عذاب الله‏.‏

 الآية 108

أخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله ‏{‏قل هذه سبيلي‏}‏ قال‏:‏ دعوتي‏.‏

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ، عن الربيع بن أنس - رضي الله عنه - مثله‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - ‏{‏قل هذه سبيلي‏}‏ قال‏:‏ صلاتي‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن زيد - رضي الله عنه - في قوله ‏{‏قل هذه سبيلي‏}‏ قال‏:‏ أمري وسنتي ومنهاجي‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله ‏{‏على بصيرة‏}‏ أي على هدى ‏{‏أنا ومن اتبعني‏}‏‏.‏

 الآية 109

أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله ‏{‏وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى‏}‏ أي ليسوا من أهل السماء كما قلتم‏.‏

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ، عن ابن جريج - رضي الله عنه - في قوله ‏{‏وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم‏}‏ قال‏:‏ إنهم قالوا ‏(‏ما أنزل الله على بشر من شيء‏)‏ ‏(‏الأنعام الآية 91‏)‏ وقوله ‏(‏وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين‏)‏ ‏(‏وما تسألهم عليه من أجر‏)‏ وقوله ‏(‏وكأين من آية في السموات والأرض يمرون عليها‏)‏ وقوله ‏(‏أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله‏)‏ وقوله ‏{‏أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم‏}‏ قال‏:‏ كل ذلك قال لقريش أفلم يسيروا في الأرض فينظروا في آثارهم فيعتبروا ويتفكروا‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله ‏{‏وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى‏}‏ قال‏:‏ ما نعلم أن الله أرسل رسولا قط إلا من أهل القرى، لأنهم كانوا أعلم وأحكم من أهل العمود‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن - رضي الله عنه - في قوله ‏{‏أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم‏}‏ قال‏:‏ فينظروا كيف عذب الله قوم نوح وقوم لوط وقوم صالح والأمم التي عذب‏.‏

 الآية 110

أخرج أبو عبيد والبخاري والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه من طريق عروة، أنه سأل عائشة رضي الله عنها عن قوله ‏{‏حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا‏}‏ قال‏:‏ قلت‏:‏ أكذبوا، أم كذبوا‏؟‏ قالت عائشة - رضي الله عنها - بل ‏(‏كذبوا‏)‏ يعني بالتشديد، قلت‏:‏ والله لقد استيقنوا أن قومهم كذبوهم، فما هو بالظن‏.‏ قالت‏:‏ أجل، لعمري لقد استيقنوا بذلك‏.‏ فقلت لعلها ‏{‏وظنوا أنهم قد كذبوا‏}‏ مخففة‏.‏ قالت‏:‏ معاذ الله، لم تكن الرسل لتظن ذلك بربها‏.‏ قلت‏:‏ فما هذه الآية‏؟‏ قالت‏:‏ هم أتباع الرسل الذين آمنوا بربهم وصدقوهم، وطال عليهم البلاء واستأخر عنهم النصر، حتى إذا استيأس الرسل ممن كذبهم من قومهم، وظنت الرسل أن أتباعهم قد كذبوهم، جاءهم نصر الله عند ذلك‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه، عن عبد الله بن أبي مليكة - رضي الله عنه - أن ابن عباس - رضي الله عنهما - قرأها عليه ‏{‏وظنوا أنهم قد كذبوا‏}‏ مخففة‏.‏ يقولوا أخلفوا، وقال ابن عباس - رضي الله عنهما - وكانوا بشرا، وتلا ‏(‏حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله‏)‏ ‏(‏البقرة الآية 214‏)‏ قال ابن أبي مليكة‏:‏ فذهب ابن عباس - رضي الله عنهما - إلى أنهم يئسوا وضعفوا، فظنوا أنهم قد أخلفوا، قال ابن أبي مليكة‏:‏ وأخبرني عروة عن عائشة أنها خالفت ذلك وأبته وقالت‏:‏ ما وعد الله رسوله من شيء إلا علم أنه سيكون قبل أن يموت، ولكنه لم يزل البلاء بالرسل حتى ظنوا أن من معهم من المؤمنين قد كذبوهم، وكانت تقرؤها ‏{‏وظنوا أنهم قد كذبوا‏}‏ مثقلة للتكذيب‏.‏

وأخرج ابن مردويه من طريق عروة، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ ‏{‏وظنوا أنهم قد كذبوا‏}‏ بالتشديد‏.‏

وأخرج ابن مردويه من طريق عمرة، عن عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ ‏{‏وظنوا أنهم قد كذبوا‏}‏ مخففة‏.‏

وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه من طريق، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه كان يقرأ ‏{‏حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا‏}‏ مخففة‏.‏ قال‏:‏ يئس الرسل من قومهم أن يستجيبوا لهم، وظن قومهم أن الرسل قد كذبوهم فيما جاؤوهم به ‏{‏جاءهم نصرنا‏}‏ قال‏:‏ جاء الرسل نصرنا‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر والطبراني وأبو الشيخ، عن تميم بن حرام قالت‏:‏ قرأت على ابن مسعود - رضي الله عنه - القرآن فلم يأخذ علي إلا حرفين ‏(‏كل أتوه داخرين‏)‏ فقال‏:‏ أتوه، مخففة‏.‏ وقرأت عليه ‏{‏وظنوا أنه قد كذبوا‏}‏ فقال‏:‏ ‏{‏كذبوا‏}‏ مخففة قال‏:‏ ‏{‏استيأس الرسل‏}‏ من إيمان قومهم أن يؤمنوا لهم، وظن قومهم حين أبطأ الأمر ‏{‏أنهم قد كذبوا‏}‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه من طريق أبي الأحوص عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال‏:‏ حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في سورة يوسف ‏{‏وظنوا أنهم قد كذبوا‏}‏ خفيفة‏.‏

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ، عن ربيعة بن كلثوم قال‏:‏ حدثني أبي أن مسلم بن يسار - رضي الله عنه - سأل سعيد بن جبير - رضي الله عنه - فقال‏:‏ يا أبا عبد الله، آية قد بلغت مني كل مبلغ ‏{‏حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا‏}‏ فهذا الموت أن نظن الرسل أنهم قد كذبوا أو نظن أنهم قد كذبوا مخففة‏.‏ فقال سعيد بن جبير - رضي الله عنه - ‏{‏حتى إذا استيأس الرسل‏}‏ من قومهم أن يستجيبوا لهم، وظن قومهم أن الرسل كذبتهم ‏{‏جاءهم نصرنا‏}‏ فقام مسلم إلى سعيد فاعتنقه وقال‏:‏ فرج الله عنك كما فرجت عني‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن إبراهيم، عن أبي حمزة الجزري قال‏:‏ صنعت طعاما فدعوت ناسا من أصحابنا، منهم سعيد بن جبير والضحاك بن مزاحم، فسأل فتى من قريش سعيد بن جبير - رضي الله عنه - فقال‏:‏ يا أبا عبد الله، كيف تقرأ هذا الحرف‏؟‏ فإني إذا أتيت عليه تمنيت أني لا أقرأ هذه السورة ‏{‏حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا‏}‏ قال‏:‏ نعم ‏{‏حتى إذا استيأس الرسل‏}‏ من قومهم أن يصدقوهم، وظن المرسل إليهم أن الرسل ‏{‏قد كذبوا‏}‏ فقال الضحاك - رضي الله عنه - لو رحلت في هذه إلى اليمن، لكان قليلا‏.‏

وأخرج ابن جرير، عن مجاهد - رضي الله عنه - أنه قرأها ‏{‏كذبوا‏}‏ بفتح الكاف والتخفيف‏.‏ قال‏:‏ استيأس الرسل أن يعذب قومهم، وظن قومهم أن الرسل قد كذبوا ‏{‏جاءهم نصرنا‏}‏ قال‏:‏ جاء الرسل نصرنا‏.‏ قال مجاهد‏:‏ قال في المؤمن ‏(‏فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم‏)‏ ‏(‏غافر آية 83‏)‏ قال قولهم‏:‏ نحن أعلم منهم ولن نعذب، وقوله ‏(‏وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون‏)‏ ‏(‏الزمر آية 48‏)‏ قال‏:‏ حاق بهم ما جاءت به رسلهم من الحق‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس - رضي الله عنهما - ‏{‏فننجي من نشاء‏}‏ قال‏:‏ فننجي الرسل ومن نشاء ‏{‏ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين‏}‏ وذلك أن الله تعالى بعث الرسل يدعون قومهم، فأخبروهم أنه من أطاع الله نجا، ومن عصاه عذب وغوى‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - ‏{‏جاءهم نصرنا‏}‏ قال‏:‏ العذاب‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن نصر بن عاصم - أنه قرأ‏[‏فنجا من نشاء‏]‏‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن أبي بكر - أنه قرأ ‏{‏فننجي من نشاء‏}‏‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن السدي - ‏{‏ولا يرد بأسنا‏}‏ قال‏:‏ عذابه‏.‏

 الآية 111

أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله ‏{‏لقد كان في قصصهم عبرة‏}‏ قال‏:‏ يوسف وإخوته‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله ‏{‏لقد كان في قصصهم عبرة‏}‏ قال‏:‏ معرفة ‏{‏لأولي الألباب‏}‏ قال‏:‏ لذوي العقول‏.‏

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ،عن قتادة - رضي الله عنه - ‏{‏ما كان حديثا يفترى‏}‏ والفرية، الكذب ‏{‏ولكن تصديق الذي بين يديه‏}‏ قال‏:‏ القرآن، يصدق الكتب التي كانت قبله من كتب الله التي أنزلها قبله على أنبيائه، فالتوراة والإنجيل والزبور، يصدق ذلك كله ويشهد عليه أن جميعه حق من عند الله ‏{‏وتفصيل كل شيء‏}‏ فصل الله به بين حرامه وحلاله، وطاعته ومعصيته‏.‏

وأخرج ابن السني والديلمي، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إذا عسر على المرأة ولادتها أخذ إناء نظيف وكتب عليه ‏(‏كأنهم يوم يرون ما يوعدون‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏ ‏(‏الأحقاف، الآية 35‏)‏ إلى آخر الآية ‏(‏كأنهم يوم يرونها‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏ ‏(‏النازعات، الآية 46‏)‏ إلى آخر الآية ‏{‏لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ إلى آخر الآية، ثم تغسل وتسقى المرأة منه وينضح على بطنها وفرجها‏.‏