فصل: الآيتان 188 - 189

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور **


 الآيات 183 - 185

أخرج ابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله ‏{‏حتى يأتينا بقربان تأكله النار‏}‏ قال‏:‏ يتصدق الرجل منا فإذا تقبل منه أنزلت عليه نار من السماء فأكلته‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال‏:‏ كان من قبلنا من الأمم يقرب أحدهم القربان، فتخرج الناس فينظرون أيتقبل منهم أم لا، فإن تقبل منهم جاءت نار بيضاء من السماء فأكلت ما قرب، وإن لم يتقبل لم تأت النار فعرف الناس أن لم يقبل منهم، فلما بعث الله محمدا سأله أهل الكتاب أن يأتيهم بقربان ‏{‏قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم‏}‏ القربان ‏{‏فلم قتلتموهم‏}‏ يعيرهم بكفرهم قبل اليوم‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله ‏{‏الذين قالوا إن الله عهد‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ قال هم اليهود قالوا لمحمد صلى الله عليه وسلم‏:‏ إن أتيتنا بقربان تأكله النار صدقناك وإلا فلست بنبي‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الشعبي قال‏:‏ إن الرجل يشترك في دم الرجل، وقد قتل قبل أن يولد‏.‏ ثم قرأ الشعبي ‏{‏قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم‏}‏ فجعلهم هم الذين قتلوهم ولقد قتلوا قبل أن يولدوا بسبعمائة عام‏.‏ ولكن قالوا قتلوا بحق وسنة‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله ‏{‏الذين قالوا إن الله عهد إلينا‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ كذبوا على الله‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن العلاء بن بدر قال‏:‏ كانت رسل تجيء بالبينات، ورسل علامة نبوتهم أن يضع أحدهم لحم البقر على يده فتجيء نار من السماء فتأكله‏.‏ فأنزل الله ‏{‏قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم‏}‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ‏{‏فإن كذبوك‏}‏ قال‏:‏ اليهود‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ‏{‏فقد كذبت رسل من قبلك‏}‏ قال‏:‏ يعزي نبيه صلى الله عليه وسلم‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي عن أصحابه في قوله ‏{‏بالبينات‏}‏ قال‏:‏ الحرام والحلال ‏{‏والزبر‏}‏ قال‏:‏ كتب الأنبياء ‏{‏والكتاب المنير‏}‏ قال‏:‏ هو القرآن‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ‏{‏والزبر والكتاب المنير‏}‏ قال‏:‏ يضاعف الشيء وهو واحد‏.‏

قوله تعالى‏:‏ ‏{‏كل نفس ذائقة الموت‏}‏ الآية‏.‏

أخرج ابن أبي حاتم عن علي بن علي بن أبي طالب قال‏:‏ لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم وجاءت التعزية‏.‏ جاءهم آت يسمعون حسه ولا يرون شخصه فقال‏:‏ السلام عليكم يا أهل البيت ورحمة الله وبركاته ‏{‏كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة‏}‏ إن في الله عزاء من كل مصيبة، وخلفا من كل هالك، ودركا من كل ما فات فبالله فثقوا، وإياه فارجوا، فإن المصاب من حرم الثواب‏.‏ فقال علي‏:‏ هذا الخضر‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وعبد بن حميد والترمذي والحاكم وصححاه وابن حبان وابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال‏:‏ ‏"‏قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ إن موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها، واقرؤوا إن شئتم ‏{‏فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور‏}‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن سهل بن سعد قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها‏.‏ ثم تلا هذه الآية ‏{‏فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز‏}‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن أنس قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لغدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا بما عليها، ولقاب قوس أحدهم في الجنة خير من الدنيا بما عليها‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع قال‏:‏ إن آخر من يدخل الجنة يعطى من النور بقدر ما دام يحبو فهو في النور حتى تجاوز الصراط‏.‏ فذلك قوله ‏{‏فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز‏}‏‏.‏

وأخرج أحمد عن ابن عمرو قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏من أحب أن يزحزح عن النار وأن يدخل الجنة فلتدركه منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه‏"‏‏.‏

وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله ‏{‏فقد فاز‏}‏ قال سعد‏:‏ ونجا‏.‏ قال‏:‏ وهل تعرف العرب ذلك‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ أما سمعت قول عبد الله بن رواحة‏:‏

وعسى أن أفوز ثمت ألقى * حجة اتقى بها الفتانا

وأخرج ابن جرير عن عبد الرحمن بن سابط في قوله ‏{‏وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور‏}‏ قال‏:‏ كزاد الراعي يزوده الكف من التمر، أو الشيء من الدقيق يشرب عليه اللبن‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة ‏{‏وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور‏}‏ قال‏:‏ هي متاع متروك أوشكت والله أن تضمحل عن أهلها، فخذوا من هذا المتاع طاعة الله إن استطعتم‏.‏ ولا قوة إلا بالله‏.‏

 الآية 186

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله ‏{‏لتبلون‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية قال‏:‏ أعلم الله المؤمنين أنه سيبتليهم، فينظر كيف صبرهم على دينهم‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الزهري في قوله ‏{‏ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم‏}‏ قال‏:‏ هو كعب بن الأشرف، وكان يحرض المشركين على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في شعره، ويهجو النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه‏.‏

وأخرج ابن المنذر من طريق الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك‏.‏ مثله‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج ‏{‏ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب‏}‏ يعني اليهود والنصارى، فكان المسلمون يسمعون من اليهود قولهم‏:‏ عزير ابن الله‏.‏ ومن النصارى قولهم‏:‏ المسيح ابن الله‏.‏ وكان المسلمون ينصبون لهم الحرب، ويسمعون إشراكهم بالله ‏{‏وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور‏}‏ قال‏:‏ من القوة مما عزم الله عليه وأمركم به‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله ‏{‏وإن تصبروا وتتقوا‏.‏‏.‏‏.‏ْ‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ أمر الله المؤمنين أن يصبروا على من آذاهم رغم أنهم كانوا يقولون‏:‏ يا أصحاب محمد لستم على شيء، نحن أولى منكم، أنتم ضلال‏.‏ فأمروا أن يمضوا ويصبروا‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله ‏{‏إن ذلك من عزم الأمور‏}‏ يعني هذا الصبر على الأذى في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ‏{‏من عزم الأمور‏}‏ يعني من حق الأمور التي أمر الله تعالى‏.‏

 الآية 187

أخرج ابن إسحق وابن جرير من طريق عكرمة عن ابن عباس ‏{‏وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس‏}‏ إلى قوله ‏{‏عذاب أليم‏}‏ يعني فنحاص وأشيع وأشباههما من الأحبار‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله ‏{‏وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس‏}‏ قال‏:‏ كان أمرهم أن يتبعوا النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته، وقال‏:‏ واتبعوه لعلكم تهتدون‏.‏ فلما بعث الله محمدا قال ‏(‏وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم‏)‏ ‏(‏البقرة الآية 40‏)‏ عاهدهم على ذلك فقال حين بعث محمدا‏:‏ صدقوه وتلقون عندي الذي أحببتم‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علقمة بن وقاص عن ابن عباس في الآية قال‏:‏ في التوراة والإنجيل أن الإسلام دين الله الذي افترضه على عباده، وأن محمدا رسول الله يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل فينبذونه‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية ‏{‏وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب‏}‏ قال‏:‏ اليهود ‏{‏لتبيننه للناس‏}‏ قال‏:‏ محمدا صلى الله عليه وسلم‏.‏

وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال‏:‏ إن الله أخذ ميثاق اليهود لتبينن للناس محمدا‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال‏:‏ هذا ميثاق أخذه الله على أهل العلم، فمن علم علما فليعلمه للناس، وإياكم وكتمان العلم فإن كتمان العلم هلكة، ولا يتكلفن رجل ما لا علم له به فيخرج من دين الله فيكون من المتكلفين‏.‏ كان يقول مثل علم لا يقال به كمثل كنز لا ينتفع به، ومثل حكمة لا تخرج كمثل صنم قائم لا يأكل ولا يشرب‏.‏ وكان يقال في الحكمة‏:‏ طوبى لعالم ناطق، وطوبى لمستمع واع‏.‏ هذا رجل علم علما فعلمه وبذله ودعا إليه، ورجل سمع خيرا فحفظه ووعاه وانتفع به‏.‏

وأخرج ابن جرير عن أبي عبيدة قال‏:‏ جاء رجل إلى قوم في المسجد وفيه عبد الله بن مسعود فقال‏:‏ إن أخاكم كعبا يقرؤكم السلام ويبشركم أن هذه الآية ليست فيكم ‏{‏وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه‏}‏ فقال له عبد الله‏:‏ وأنت فأقرئه السلام أنها نزلت وهو يهودي‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال‏:‏ قلت لابن عباس‏:‏ إن أصحاب عبد الله يقرؤون ‏"‏وإذ أخذ ربك من الذين أوتوا الكتاب ميثاقهم‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن الحسن أنه كان يفسر قوله ‏{‏لتبيننه للناس ولا تكتمونه‏}‏ ليتكلمن بالحق، وليصدقنه بالعمل‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الشعبي في قوله ‏{‏فنبذوه وراء ظهورهم‏}‏ قال إنهم قد كانوا يقرؤونه ولكنهم نبذوا العمل به‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن جريج ‏{‏فنبذوه‏}‏ قال‏:‏ نبذوا الميثاق‏.‏

وأخرج ابن جرير عن السدي ‏{‏واشتروا به ثمنا قليلا‏}‏ أخذوا طعما، وكتموا اسم محمد صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ كتموا وباعوا فلم يبدوا شيئا إلا بثمن‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ‏{‏فبئس ما يشترون‏}‏ قال‏:‏ تبديل يهود التوراة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن أبي هريرة قال‏:‏ لولا ما أخذ الله على أهل الكتاب ما حدثتكم‏.‏ وتلا ‏{‏وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه‏}‏‏.‏

وأخرج ابن سعد عن الحسن قال لولا الميثاق الذي أخذه الله على أهل العلم ما حدثتكم بكثير مما تسألون عنه‏.‏

 الآيتان 188 - 189

أخرج البخاري ومسلم وأحمد والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم والبيهقي في الشعب من طريق حميد بن عبد الرحمن بن عوف أن مروان قال لبوابه‏:‏ اذهب يا رافع إلى ابن عباس فقل له‏:‏ لئن كان كل امرئ منا فرح بما أتى وأحب أن يحمد بما لم يفعل معذبا لنعذبن أجمعين‏.‏ فقال ابن عباس ما لكم ولهذه الآية‏؟‏‏!‏ إنما أنزلت هذه في أهل الكتاب، ثم تلا ابن عباس ‏{‏وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ ‏(‏آل عمران الآية 187‏)‏ الآية وتلا ‏{‏لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا‏}‏ الآية فقال ابن عباس‏:‏ سألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء فكتموه إياه وأخبروه بغيره، فخرجوا وقد أروه أن قد أخبروه بما سألهم عنه، واستحمدوا بذلك إليه، وفرحوا بما أتوا من كتمان ما سألهم عنه‏.‏

وأخرج البخاري ومسلم وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي سعيد الخدري أن رجالا من المنافقين كانوا إذا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الغزو تخلفوا عنه، وفرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغزو اعتذروا إليه وحلفوا، وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا‏.‏ فنزلت ‏{‏لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن زيد بن أسلم أن رافع بن خديج وزيد بن ثابت كانا عند مروان وهو أمير بالمدينة فقال مروان‏:‏ يا رافع في أي شيء نزلت هذه الآية ‏{‏لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا‏}‏‏؟‏ قال رافع‏:‏ أنزلت في ناس من المنافقين، كانوا إذا خرج النبي صلى الله عليه وسلم اعتذروا وقالوا‏:‏ ما حبسنا عنكم إلا الشغل، فلوددنا أنا كنا معكم، فأنزل الله فيهم هذه الأية، فكأن مروان أنكر ذلك، فجزع رافع من ذلك فقال لزيد ين ثابت‏:‏ أنشدك بالله هل تعلم ما أقول‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ فلما خرجا من عند مروان قال له زيد‏:‏ ألا تحمدني شهدت لك قال‏:‏ أحمدك أن تشهد بالحق قال‏:‏ نعم‏.‏ قد حمد الله على الحق أهله‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال‏:‏ هؤلاء المنافقون يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم لو قد خرجت لخرجنا معك، فإذا خرج النبي صلى الله عليه وسلم تخلفوا وكذبوا، ويفرحون بذلك، ويرون أنها حيلة احتالوا بها‏.‏

وأخرج ابن إسحق وابن جرير وابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس في الآية قال‏:‏ يعني فنحاص، وأشيع، وأشباههما من الأحبار الذين يفرحون بما يصيبون من الدنيا على ما زينوا للناس من الضلالة ‏{‏ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا‏}‏ أن يقول لهم الناس علماء وليسوا بأهل علم، لم يحملوهم على هدى ولا خير، ويحبون أن يقول لهم الناس قد فعلوا‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في الآية قال‏:‏ هم أهل الكتاب، أنزل الله عليهم الكتاب فحكموا بغير الحق، وحرفوا الكلم عن مواضعه، وفرحوا بذلك، وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا‏.‏ فرحوا أنهم كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم، وما أنزل الله إليه، وهم يزعمون أنهم يعبدون الله، ويصومون، ويصلون، ويطيعون الله، فقال الله لمحمد ‏{‏لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا‏}‏ كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم، وكفروا بالله، ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا من الصلاة والصوم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الضحاك في الآية قال‏:‏ إن اليهود كتب بعضهم إلى بعض‏:‏ إن محمدا ليس بنبي، فأجمعوا كلمتكم، وتمسكوا بدينكم وكتابكم الذي معكم، ففعلوا ففرحوا بذلك، وفرحوا باجتماعهم على الكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم‏.‏

وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال‏:‏ كتموا اسم محمد ففرحوا بذلك حين اجتمعوا عليه، وكانوا يزكون أنفسهم فيقولون‏:‏ نحن أهل الصيام، وأهل الصلاة، وأهل الزكاة، ونحن على دين إبراهيم‏.‏ فأنزل الله فيهم ‏{‏لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا‏}‏ من كتمان محمد ‏{‏ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا‏}‏ أحبوا أن تحمدهم العرب بما يزكون به أنفسهم وليسوا كذلك‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير ‏{‏لا تحسبن الذن يفرحون بما أتوا‏}‏ قال‏:‏ بكتمانهم محمدا ‏{‏ويحبون أن يحمدا بما لم يفعلوا‏}‏ قال‏:‏ هو قولهم نحن على دين إبراهيم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال‏:‏ يهود فرحوا بإعجاب الناس بتبديلهم الكتاب، وحمدهم إياهم عليه‏.‏ ولا تملك يهود ذلك ولن تفعله‏.‏

وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير في الآية قال‏:‏ هم اليهود يفرحون بما آتى الله إبراهيم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال‏:‏ ذكر لنا أن يهود خيبر أتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فزعموا أنهم راضون بالذي جاء به، وأنهم متابعوه وهم متمسكون بضلالتهم، وأرادوا أن يحمدهم النبي صلى الله عليه وسلم بما لم يفعلوا‏.‏ فأنزل الله ‏{‏ولا تحسبن الذين يفرحون‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج عبد الزراق وابن جرير من وجه آخر عن قتادة في الآية قال‏:‏ إن أهل خيبر أتوا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقالوا‏:‏ إنا على رأيكم، وإنا لكم ردء‏.‏ فأكذبهم الله‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال‏:‏ إن اليهود من أهل خيبر قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا‏:‏ قد قبلنا الدين ورضينا به، فأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا‏.‏

وأخرج مالك وابن سعد والبيهقي في الدلائل عن محمد بن ثابت ‏"‏أن ثابت بن قيس قال‏:‏ يا رسول الله لقد خشيت أن أكون قد هلكت قال‏:‏ لم‏.‏‏.‏‏.‏‏؟‏ قال‏:‏ نهانا الله أن نحب أن نحمد بما لم نفعل، وأجدني أحب الحمد‏.‏ ونهانا عن الخيلاء، وأجدني أحب الجمال‏.‏ ونهانا أن نرفع صوتنا فوق صوتك، وأنا رجل جهير الصوت‏.‏ فقال‏:‏ يا ثابت ألا ترضى أن تعيش حميدا، وتقتل شهيدا، وتدخل الجنة‏.‏ فعاش حميدا، وقتل شهيدا، يوم مسليمة الكذاب‏"‏‏.‏

وأخرج الطبراني عن محمد بن ثابت قال‏:‏ حدثني ثابت بن قيس بن شماس قال ‏"‏ قلت‏:‏ يا رسول الله لقد خشيت فذكره‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال‏:‏ كان في بني إسرائيل رجال عباد فقهاء، فأدخلتهم الملوك فرخصوا لهم وأعطواهم، فخرجوا وهم فرحون بما أخذت الملوك من قولهم وما أعطوا‏.‏ فأنزل الله ‏{‏لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا‏}‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن إبراهيم في قوله ‏{‏لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا‏}‏ قال‏:‏ ناس من اليهود جهزوا جيشا لرسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن الأحنف بن قيس أن رجلا قال له‏:‏ ألا تميل فنحملك على ظهر قال‏:‏ لعلك من العراضين قال‏:‏ وما العراضون‏؟‏ قال‏:‏ الذين ‏{‏يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا‏}‏ إذا عرض لك الحق فاقصد له واله عما سواه‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن يعمر ‏"‏فلا يحسبنهم‏"‏ يعني أنفسهم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد أنه قرأ ‏"‏فلا يحسبنهم‏"‏ على الجماع بكسر السين ورفع الباء‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله ‏{‏بمفازة‏}‏ قال بمنجاة، وأخرج ابن جرير عن ابن زيد مثله‏.‏