فصل: سورة الزلزلة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور **


*2*98 -  سورة البينة مدنية وآياتها ثمان

بسم الله الرحمن الرحيم

 الآية 1 - 8

أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال‏:‏ نزلت سورة ‏{‏لم يكن‏}‏ بالمدينة‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت‏:‏ نزلت سورة ‏{‏لم يكن‏}‏ بمكة‏.‏

وأخرج أبو نعيم في المعرفة عن إسماعيل بن أبي حكيم المزني أحد بني فضيل‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏إن الله ليسمع قراءة ‏{‏لم يكن‏}‏ فيقول‏:‏ أبشر عبدي فوعزتي وجلالي لأمكنن لك في الجنة حتى ترضى‏"‏‏.‏

وأخرج أبو موسى المديني في المعرفة عن إسماعيل بن أبي حكيم عن مطر المزني أو المدني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏إن الله ليسمع قراءة ‏{‏لم يكن الذين كفروا‏}‏ فيقول‏:‏ أبشر عبدي فوعزتي وجلالي لا أنساك على حال من أحوال الدنيا والآخرة ولأمكنن لك في الجنة حتى ترضى‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد وابن قانع في معجم الصحابة والطبراني وابن مردويه عن أبي حبة البدري قال‏:‏ لما نزلت ‏{‏لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب‏}‏ إلى آخرها، قال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ يا رسول الله إن ربك يأمرك أن تقرئها أبيا فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي‏:‏ إن جبريل أمرني أن أقرئك هذه السورة‏.‏ قال أبي‏:‏ وقد ذكرت ثم يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ نعم فبكى‏.‏

وأخرج ابن سعد وأحمد والبخاري ومسلم وابن مردويه عن أنس قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بن كعب‏:‏ ‏"‏إن الله أمرني أن أقرأ عليك ‏{‏لم يكن الذين كفروا‏}‏ قال‏:‏ وسماني لك‏؟‏ قال‏:‏ نعم فبكى، وفي لفظ‏:‏ لما نزلت ‏{‏لم يكن الذين كفروا‏}‏ دعا أبي بن كعب فقرأها عليه، فقال‏:‏ ‏"‏أمرت أن أقرأ عليك‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد والترمذي والحاكم وصححه عن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن ‏{‏لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب‏}‏ فقرأ فيها ولو أن ابن آدم سأل واديا من مال فأعطيته لسأل ثانيا، ولو سأل ثانيا فأعطيته لسأل ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب وإن ذات الدين عند الله الحنيفيه غير المشركة ولا اليهودية ولا النصرانية، ومن يفعل ذلك فلن يكفره‏.‏

وأخرج أحمد عن أبي بن كعب قال‏:‏ قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إن الله أمرني أن أقرأ عليك فقرأ علي ‏{‏لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة رسول من الله يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة وما تفرق الذين أوتو الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة‏}‏ إن الدين عند الله الحنيفية غير المشركة ولا اليهودية ولا النصرانية، ومن يفعل خيرا فلن يكفره‏"‏‏.‏ قال شعبة‏:‏ ثم قرأ آيات بعدها ثم قرأ ‏"‏لو أن لابن آدم واديا من مال لسأل واديا ثانيا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب‏"‏، قال‏:‏ ثم ختم بما بقي من السورة‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏يا أبي إني أمرت أن أقرئك سورة فاقرأنيها ‏{‏لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة رسول من الله يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة‏}‏ أي ذات اليهودية والنصرانية إن أقوم الدين الحنيفية مسلمة غير مشركة، ومن يعمل صالحا فلن يكفره ‏{‏وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة‏}‏ إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله وفارقوا الكتاب لما جاءهم أولئك عند الله شر البرية، ما كان الناس إلا أمة واحدة ثم أرسل الله النبيين مبشرين ومنذرين يأمرون الناس يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويعبدون الله وحده، وأولئك عند الله هم خير البرية ‏{‏جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه‏}‏‏.‏

وأخرج أحمد عن ابن عباس قال‏:‏ جاء رجل إلى عمر يسأله فجعل عمر ينظر إلى رأسه مرة وإلى رجليه أخرى هل يرى عليه من البؤس، ثم قال له عمر‏:‏ كم مالك‏؟‏ قال‏:‏ أربعون من الإبل‏.‏ قال ابن عباس‏:‏ قلت صدق الله ورسوله لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى الثالث، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب‏.‏ فقال عمر‏:‏ ما هذا‏؟‏ فقلت‏:‏ هكذا اقرأني أبي‏.‏ قال‏:‏ فمر بنا إليه فجاء إلى أبي فقال‏:‏ ما تقول هذا‏؟‏ قال أبي‏:‏ هكذا اقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ قال‏:‏ إذا أثبتها في المصحف‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏

وأخرج ابن الضريس عن ابن عباس قال‏:‏ قلت يا أمير المؤمنين‏:‏ إن أبيا يزعم أنك تركت من آيات الله آية لم تكتبها‏.‏ قال‏:‏ والله لأسألن أبيا فإن أنكر لتكذبن‏.‏ فلما صلى صلاة الغداة غدا على أبي فأذن له وطرح له وسادة وقال‏:‏ يزعم هذا أنك تزعم أني تركت آية من كتاب الله لم أكتبها‏.‏ فقال‏:‏ إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏لو أن لابن آدم واديين من مال لابتغى إليهما واديا ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب‏"‏‏.‏ فقال عمر‏:‏ أفأكتبها‏؟‏ قال‏:‏ لا أنهاك‏.‏ قال‏:‏ فكأن أبيا شك أقول من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قرآن منزل‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال‏:‏ لما نزلت ‏{‏لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب‏}‏ لقي أبي بن كعب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ يا أبي إن الله قد أنزل سورة وأمرني أن أقرئها فقال‏:‏ آلله أمرك‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ فافعل‏.‏ قال‏:‏ فأقرأها إياه‏.‏

أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة ‏{‏لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين‏}‏ قال‏:‏ منتهي عما هم فيه ‏{‏حتى تأتيهم البينة‏}‏ أي هذا القرآن ‏{‏رسول من الله يتلو صحفا مطهرة‏}‏ قال‏:‏ يذكر القرآن بأحسن الذكر، ويثني عليه بأحسن الثناء

{‏وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء‏}‏ والحنيفيه الختام وتحريم الأمهات والبنات والأخوات والعمات والخالات والمناسك ‏{‏ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة‏}‏ قال‏:‏ هو الذي بعث الله به رسوله وشرعه لنفسه ورضيه‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏منفكين‏}‏ قال‏:‏ برحين‏.‏

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد ‏{‏منفكين‏}‏ قال‏:‏ منتهين لم يكونوا ليؤمنوا حتى تبين لهم الحق‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله‏:‏ ‏{‏حتى تأتيهم البينة‏}‏ قال‏:‏ محمد، وفي قوله‏:‏ ‏{‏وذلك دين القيمة‏}‏ قال‏:‏ القيم‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن عكرمة في قوله‏:‏ ‏{‏من بعد ما جاءتهم البينة‏}‏ قال‏:‏ محمد‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن عقيل قال‏:‏ قلت للزهري تزعمون أن الصلاة والزكاة ليس من الإيمان فقرأ ‏{‏وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة‏}‏ ترى هذا من الإيمان أم لا‏؟‏‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن عطاء بن أبي رباح أنه قيل له‏:‏ إن قوما قالوا‏:‏ إن الصلاة والزكاة ليسا من الدين فقال‏:‏ أليس يقول الله ‏{‏وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة‏}‏ فالصلاة والزكاة من الدين‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن المغيرة قال‏:‏ كان أبو واثل إذا سئل عن شيء من الإيمان قرأ ‏{‏لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين‏}‏‏.‏

أخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال‏:‏ أتعجبون من منزلة الملائكة من الله‏؟‏ والذي نفسي بيده لمنزلة العبد المؤمن عند الله يوم القيامة أعظم من منزلة ملك واقراؤا إن شئتم ‏{‏إن الذين آمنوا وعملو الصالحات أولئك هم خير البرية‏}‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت‏:‏ قلت يا رسول الله‏:‏ من أكرم الخلق على الله‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏يا عائشة أما تقرئين ‏{‏إن الذين آمنوا وعملو الصالحات أولئك هم خير البرية‏}‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج ابن عساكر عن جابر بن عبد الله قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأقبل علي فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة، ونزلت ‏{‏إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية‏}‏ ‏"‏ فكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا أقبل علي قالوا‏:‏ جاء خير البرية‏.‏

وأخرج ابن عدي وابن عساكر عن أبي سعيد مرفوعا‏:‏ علي خير البرية‏.‏

وأخرج ابن عدي عن ابن عباس قال‏:‏ لما نزلت ‏{‏إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية‏}‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي‏:‏ هو أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن علي قال‏:‏ قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ألم تسمع قول الله‏:‏ ‏{‏إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية‏}‏ أنت وشيعتك وموعدي وموعدكم الحوض إذا جئت الأمم للحساب تدعون غرا محجلين‏"‏‏.‏

*2*99 -  سورة الزلزلة مدنية وآياتها ثمان

بسم الله الرحمن الرحيم

 الآية 1 - 8

اخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال‏:‏ نزلت سورة ‏{‏إذا زلزلت‏}‏ بالمدينة‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن قتادة قال‏:‏ نزلت بالمدينة ‏{‏إذا زلزلت‏}‏‏.‏

وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن عمرو قال‏:‏ ‏"‏أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ اقرئني يا رسول الله قال له‏:‏ اقرأ ثلاثا من ذوات الراء فقال له الرجل‏:‏ كبر سني واشتد قلبي وغلظ لساني‏.‏ قال‏:‏ اقرأ ثلاثا من ذوات حم‏.‏ فقال مثل مقالته الأولى، فقال‏:‏ اقرأ ثلاثا من المسبحات‏.‏ فقال مثل مقالته، ولكن اقرئني يا رسول الله سورة جامعة فأقرأه ‏{‏إذا زلزلت الأرض زلزالها‏}‏ حتى فرغ منها‏.‏ قال الرجل‏:‏ والذين بعثك بالحق لا أزيد عليها، ثم أدبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ أفلح الرويجل أفلح الرويجل‏"‏‏.‏

وأخرج الترمذي وابن مردويه والبيهقي عن أنس قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ من قرأ ‏{‏إذا زلزلت‏}‏ عدلت له بنصف القرآن، ومن قرأ ‏(‏قل هو الله أحد‏)‏ ‏(‏سورة الإخلاص‏)‏ عدلت له بثلث القرآن، ومن قرأ ‏(‏قل يا أيها الكافرون‏)‏ ‏(‏سورة الكافرون‏)‏ عدلت له بربع القرآن‏"‏‏.‏

وأخرج الترمذي وابن الضريس ومحمد بن نصر الحاكم وصححه والبيهقي عن ابن عباس قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ ‏{‏إذا زلزلت‏}‏ تعدل نصف القرآن و ‏(‏قل هو الله أحد‏)‏ تعدل ثلث القرآن و ‏(‏قل يا أيها الكافرون‏)‏ تعدل ربع القرآن‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏من قرأ في ليلة ‏{‏إذا زلزلت‏}‏ كان له عدل نصف القرآن‏"‏‏.‏

وأخرج أبو داود والبيهقي في سننه عن رجل من بني جهينة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصبح ‏{‏إذا زلزلت الأرض‏}‏ في الركعتين كلتيهما فلا أدري أنس أم قرأ ذلك عمدا‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه الفجر فقرأ بهم في الركعة الأولى ‏{‏إذا زلزلت الأرض‏}‏ ثم أعادها في الثانية‏.‏

وأخرج أحمد ومحمد بن نصر والطبراني والبيهقي في سننه عن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين بعد الوتر وهو جالس يقرأ فيهما ‏{‏إذا زلزلت‏}‏ و ‏(‏قل يا أيها الكافرون‏)‏‏.‏

وأخرج البيهقي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد الوتر ركعتين وهو جالس يقرأ في الركعة الأولى بأم الكتاب ‏{‏وإذا زلزلت‏}‏ وفي الثانية ‏(‏قل يا أيها الكافرون‏)‏‏.‏

وأخرج الخطيب في تاريخه عن الشعبي قال‏:‏ من قرأ ‏{‏إذا زلزلت‏}‏ فإنها تعدل سدس القرآن‏.‏

وأخرج ابن الضريس عن عاصم قال‏:‏ كان يقال‏:‏ ‏(‏قل هو الله أحد‏)‏ ثلث القرآن ‏{‏وإذا زلزلت الأرض‏}‏ نصف القرآن و ‏(‏قل يا أيها الكافرون‏)‏ ربع القرآن‏.‏

أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس ‏{‏إذا زلزلت الأرض زلزالها‏}‏ تحركت من أسفلها ‏{‏وأخرجت الأرض أثقالها‏}‏ قال‏:‏ الموتى ‏{‏وقال الإنسان مالها‏}‏ قال‏:‏ يقول الكافر مالها ‏{‏يومئذ تحدث أخبارها‏}‏ قالها ربك قولي فقالت‏:‏ ‏{‏بأن ربك أوحى لها‏}‏ قال‏:‏ أوحى إليها ‏{‏يومئذ يصدر الناس أشتاتا‏}‏ قال‏:‏ من كل من ههنا وههنا‏.‏

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله‏:‏ ‏{‏وأخرجت الأرض أثقالها‏}‏ قال‏:‏ من في القبور ‏{‏يومئذ تحدث أخبارها‏}‏ قال‏:‏ تخبر الناس بما عملوا عليها ‏{‏بأن ربك أوحى لها‏}‏ قال‏:‏ أمرها وألقت ما فيها‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية ‏{‏وأخرجت الأرض أثقالها‏}‏ قال‏:‏ ما فيها من الكنوز والموتى‏.‏

وأخرج مسلم عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏تقيء الأرض أفلاذ كبدها أمثال الأسطوان من الذهب والفضة فيجيء القاتل فيقول في هذا قتلت، ويجيء القاطع فيقول في هذا قطعت رحمي، ويجيء السارق فيقول في هذا قطعت يدي، ثم يدعونه فلا يأخذون منه شيئا‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه والنسائي وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة قال‏:‏ قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية ‏{‏يومئذ تحدث أخبارها‏}‏ قال‏:‏ ‏"‏أتدرون ما أخبارها‏؟‏ قالوا‏:‏ الله ورسوله أعلم، قال‏:‏ فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها، تقول‏:‏ عمل كذا وكذا في يوم كذا وكذا فهذه أخبارها‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏إن الأرض لتخبر يوم القيامة بكل ما عمل على ظهرها، وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏{‏إذا زلزلت الأرض زلزالها‏}‏ حتى بلغ ‏{‏يومئذ تحدث أخبارها‏}‏ قال‏:‏ أتدرون ما أخبارها جاءني جبريل قال‏:‏ خبرها إذا كان يوم القيامة أخبرت بكل عمل عمل على ظهرها‏"‏‏.‏

وأخرج الطبراني عن ربيعة الجرشي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ تحفظوا من الأرض فإنها أمكم، وإنه ليس من أحد عامل عليها خيرا أو شرا إلا وهي مخرة به‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن الحكم رضي الله عنه قال‏:‏ رأيت أبا أمية صلى في المسجد الحرام المتوبة، ثم تقدم فجعل يصلي ههنا وههنا، فلما فرغ قلت له‏:‏ ما هذا الذي رأيتك تصنع‏؟‏ قال‏:‏ قرأت هذه الآية ‏{‏إذا زلزلت الأرض زلزالها‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏يومئذ تحدث أخبارها‏}‏ فأردت أن تشهد لي يوم القيامة‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف عن إسماعيل بن عبد الله قال‏:‏ سمعت سعيد بن جبير يقرأ بقراءة ابن مسعود هذه الآية‏:‏ ‏"‏يومئذ تنبئ أخبارها‏"‏ وقرأ مرة ‏{‏يومئذ تحدث أخبارها‏}‏‏.‏

وأخرج ابن بي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله‏:‏ ‏{‏يومئذ يصدر الناس أشتاتا‏}‏ قال‏:‏ فرقا‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه ‏{‏يومئذ يصدر الناس‏}‏ قال‏:‏ يتصدعون ‏{‏أشتاتا‏}‏ فلا يجتمعون بعد ذلك آخر ما عليهم، وكان يقال إن هذه السورة الفاذة الجامعة‏.‏

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط والحاكم في تاريخه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس رضي الله عنه قال‏:‏ بينما أبو بكر الصديق رضي الله عنه يأكل مع النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ إذا نزلت عليه ‏{‏فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره‏}‏ فرفع أبو بكر رضي الله عنه يده وقال‏:‏ يا رسول الله إني لراء ما عملت من مثقال ذرة من شر، فقال‏:‏ ‏"‏يا أبا بكر أرأيت ما ترى في الدنيا مما تكره فبمثاقيل ذر بشر ويدخل لك مثاقيل ذر الخير حتى توفاه يوم القيامة‏"‏‏.‏

وأخرج إسحق بن راهويه وعبد بن حميد والحاكم وابن مردويه عن أسماء قالت‏:‏ بينما أبو بكر رضي الله عنه يتغدى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزلت هذه الآية ‏{‏فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره‏}‏ فأمسك أبو بكر رضي الله عنه وقال‏:‏ يا رسول الله أكل ما عملناه من سوء رأيناه‏؟‏ فقال‏:‏ ‏"‏ما ترون مما تكرهون فذاك مما تجزون به ويدخر الخير لأهله في الآخرة‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب البكاء وابن جرير والطبراني وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال‏:‏ أنزلت ‏{‏إذا زلزلت الأرض زلزالها‏}‏ وأبو بكر الصديق رضي الله عنه قاعد، فبكى فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ما يبكيك يا أبا بكر‏؟‏‏"‏ قال‏:‏ تبكيني هذه السورة‏.‏ فقال‏:‏ ‏"‏لولا أنكم تخطئون وتذنبون فيغفر لكم لخلق الله أمة يخطئون ويذنبون فيغفر لهم‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال‏:‏ بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق إذ نزلت عليه هذه الآية ‏{‏فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره‏}‏ فأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم يده عن الطعام ثم قال‏:‏ ‏"‏من عمل منكم خيرا فجزاؤه في الآخرة، ومن عمل منكم شرا يراه في الدنيا مصيبات وأمراضا، ومن يكن فيه مثقال ذرة من خير دخل الجنة‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن أبي إدريس الخولاني رضي الله عنه قال‏:‏ كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يأكل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ نزلت عليه هذه الآية ‏{‏فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره‏}‏ فأمسك أبو بكر يده وقال‏:‏ يا رسول الله إنا لراؤون ما عملنا من خير أو شرا‏؟‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏يا أبا بكر أرأيت ما رأيت مما تكره فهو من مثاقيل الشر ويدخر لك مثاقيل الخير حتى توفاه يوم القيامة، وتصديق ذلك في كتاب الله ‏(‏وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير‏)‏ ‏(‏سورة الشورى الآية 30‏)‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري قال‏:‏ ‏"‏لما أنزلت هذه الآية ‏{‏فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره‏}‏ قلت‏:‏ يا رسول الله إني لراء عملي‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قلت‏:‏ تلك الكبار الكبار‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قلت‏:‏ الصغار الصغار‏.‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قلت‏:‏ واثكل

أمي‏.‏ قال‏:‏ أبشر يا أبا سعيد فإن الحسنة بعشر أمثالها يعني إلى سبعمائة ضعف، والله يضاعف لمن يشاء والسيئة بمثلها أو يعفو الله، ولن ينجو أحد منك بعمله‏.‏ قلت‏:‏ ولا أنت يا نبي الله‏؟‏ قال‏:‏ ولا أنا إلا أن يتغمدني الله منه بالرحمة‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله‏:‏ ‏{‏فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره‏}‏ الآية قال‏:‏ لما نزلت ‏(‏ويطعمون الطعام على حبه‏)‏ ‏(‏سورة الإنسان الآية 8‏)‏ كان المسلمون يرون أنهم لا يؤجرون على الشيء القليل إذا أعطوه، فيجيء السائل إلى أبوابهم فيستقلون أن يعطوه التمرة والكسرة فيردونه، ويقولون‏:‏ ما هذا بشيء إنهما نؤجر على ما نعطي ونحن نحبه، وكان آخرون يرون أنهم لا يلامون على الذنب اليسير كالكذبة والنظرة والغيبة وأشباه ذلك، ويقولون‏:‏ إنما وعد الله النار على الكبائر فرغبهم في الخير القليل أن يعملوه فإنه يوشك أن يكثر، وحذرهم اليسير من الشر فإنه يوشك أن يكثر ‏{‏فمن يعمل مثقال ذرة‏}‏ يعني وزن أصغر النمل ‏{‏خيرا يره‏}‏ يعني في كتابه ويسره ذلك‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏فمن يعمل مثقال ذرة‏}‏ الآية قال‏:‏ ليس من مؤمن ولا كافر عمل خيرا ولا شرا في الدنيا إلا أره الله إياه، فأما لمؤمن فيريه الله حسناته وسيئاته فيغفر له من سيئاته ويثيبه على حسناته، وأما الكافر فيريه حسناته وسيئاته فيرد حسناته ويعذبه بسيئاته‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن محمد بن كعب في الآية قال‏:‏ من يعمل مثقال ذرة من خير من كافر يرى ثوابها في الدنيا في نفسه وأهله وماله وولده حتى يخر من الدنيا وليس عنده خير ‏{‏ومن يعمل مثقال ذرة شرا‏}‏ من مؤمن يرى عقوبته في الدنيا في نفسه وأهله وماله وولده حتى يخرج من الدنيا وليس عليه شيء‏.‏

وأخرج ابن المبارك في الزهد وأحمد وعبد بن حميد والنسائي والطبراني وابن مردويه عن صعصعة بن معاوية عم الفرزدق أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه ‏{‏فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره‏}‏ فقال‏:‏ حسبي لا أبالي أن لا أسمع من القرآن غيرها‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور عن المطلب بن عبد الله بن حنطب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في مجلس ومعهم أعرابي جالس ‏{‏فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعلم مثقال ذرة شرا يره‏}‏ فقال الأعرابي‏:‏ يا رسول الله أمثقال ذرة‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ فقال الأعرابي‏:‏ وأسوأتاه‏.‏ ثم قال وهو يقولها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لقد دخل قلب الأعرابي الإيمان‏"‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد عن زيد بن أسلم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ ‏{‏فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره‏}‏ الآية فقام رجل فجعل يضع يده على رأسه وهو يقول‏:‏ وأسوأتاه فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أما الرجل فقد آمن‏"‏‏.‏

وأخرج ابن المبارك عن زيد بن أسلم رضي الله عنه أن رجلا قال‏:‏ يا رسول الله ليس أحد يعمل مثقال ذرة خيرا إلا رآه ولم يعمل مثقال ذرة شرا إلا رآه‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ فانطلق الرجل وهو يقول‏:‏ واسوأتاه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏آمن الرجل‏"‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دفع رجلا إلى رجل يعلمه فعلمه حتى بلغ ‏{‏فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره‏}‏ فقال الرجل‏:‏ حسبي فقال الرجل‏:‏ يا رسول الله أرأيت الرجل الذي أمرتني أن أعلمه لما بلغ ‏{‏فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره‏}‏ فقال حسبي‏:‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏دعه فقد فقه‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه قال‏:‏ ذكر لنا أن رجلا ذهب مرة يستقرئ فلما سمع هذه الآية ‏{‏فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره‏}‏ إلى آخرها فقال‏:‏ حسبي حسبي إن عملت مثقال ذرة من خيرا رأيته، وإن عملت مثقال ذرة من شر رأيته‏.‏ قال‏:‏ وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول‏:‏ ‏"‏هي الجامعة الفاذة‏"‏‏.‏

وأخرج ابن المبارك وعبد الرزاق عن الحسن قال‏:‏ لما نزلت ‏{‏فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره‏}‏ الآية قال رجل من المسلمين‏:‏ حسبي حسبي إن عملت مثقال ذرة من خير أو شر رأيته انتهت الموعظة‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن الحارث بن سويد أنه قرأ ‏{‏إذا زلزلت‏}‏ حتى بلغ ‏{‏فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره‏}‏ قال‏:‏ إن هذا الإحصاء شديد‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في الآية قال‏:‏ هو الكافر يعطي كتابه يوم القيامة فينظر فيه فيرى فيه كل حسنة عملها في الدنيا، فترد عليه حسناته، وذلك قول الله تعالى‏:‏ ‏(‏وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا‏)‏ ‏(‏سورة الفرقان الآية 23‏)‏ فأبلس واسود وجهه، وأما المؤمن فإنه يعطى كتابه بيمنيه يوم القيامة فيرى فيها كل خطيئة عملها في دار الدنيا ثم يغفر له ذلك وذلك قول الله‏:‏ ‏(‏فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات‏)‏ ‏(‏سورة الفرقان الآية 70‏)‏ فابيض وجهه واشتد سروره‏.‏

‏(‏يتبع‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏

‏(‏تابع‏.‏‏.‏‏.‏ 1‏)‏‏:‏ الآية 1 - 8‏.‏‏.‏‏.‏ ‏.‏‏.‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن سليمان بن عامر رضي الله عنه أنه قال‏:‏ ‏"‏يا رسول الله إن أبي كان يصل الرحم ويفي بالذمة ويكرم الضيف‏.‏ قال‏:‏ مات قبل الإسلام‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ لن ينفعه ذلك، ولكنها تكون في عقبه فلن تخزوا أبدا، ولن تذلوا أبدا ولن تفتقروا أبدا‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد في الزهد وابن المنذر عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال‏:‏ لولا ثلاث لأحببت أن لا أبقى في الدنيا وضعي وجهي للسجود لخالقي في اختلاف الليل والنهار أقدمه لحياتي، وظمأ الهواجر، ومقاعدة أقوام ينتقون الكلام كما تنتقى الفاكهة، وتمام التقوى أن يتقي الله تعإلى البعد حتى يتقيه في مثقال ذرة حتى أن يترك بعض ما يرى أنه حلال خشية أن يكون حراما حتى يكون حاجزا بينه وبين الحرام، إن الله قد بين للناس الذي هو يصيرهم إليه قال‏:‏ ‏{‏فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره‏}‏ فلا تحقرن شيئا من الشر أن تتقيه ولا شيئا من الشر أن تفعله‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏اعملو أن الجنة والنار أقرب إلى أحدكم من شراك نعله من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره‏}‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏اتقو النار ولو بشق تمرة‏"‏‏.‏ ثم قرأت ‏{‏فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره‏}‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه قال‏:‏ ذكر لنا أن عائشة رضي الله عنها جاءها سائل فسأل فأمرت له بتمرة، فقال لها قائل‏:‏ يا أم المؤمنين إنكم لتصدقون بالتمرة‏؟‏ قالت‏:‏ نعم والله إن الخلق كثير، ولا يشبعه إلا الله أوليس فيها مثاقيل ذر كثيرة‏؟‏‏.‏

وأخرج البيهقي في شبع الإيمان عن عائشة أن سائلا جاءها فقالت لجاريتها‏:‏ أطعميه، فوجدت تمرة فقالت‏:‏ أعطيه إياها فإن فيها مثاقيل ذر إن تقبلت‏.‏

وأخرج مالك وابن سعد وعبد بن حميد من طريق عائشة رضي الله عنها أن سائلا أتاها وعندها سلة من عنب فأخذت حبة من عنب فأعطته فقيل لها في ذلك، فقالت‏:‏ هذه أثقل من ذر كثير، ثم قرأت ‏{‏فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره‏}‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن جعفر بن برقان قال‏:‏ بلغنا أن عمر بن الخطاب أتاه مسكين وفي يده عنقود من عنب فناوله منه حبة وقال‏:‏ فيه مثاقيل ذر كثيرة‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن سائلا سأل عبد الرحمن بن عوف وبين يديه طبق وعليه فناوله حبة، فكأنهم أنكروا ذلك عليه، فقال‏:‏ في هذه مثاقيل ذر كثير‏.‏

وأخرج سعد عن عطاء بن فروخ أن سعد بن مالك أتاه سائل وبين يديه طبق عليه تمر فأعطاه تمرة، فقبض السائل يده‏.‏ فقال سعد‏:‏ ويحك تقبل الله منا مثقا الذرة والخردلة وكم في هذه من مثاقيل الذر‏؟‏‏.‏

وأخرج ابن سعد عن شداد بن أوس أنه خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه وقال‏:‏ يا أيها الناس ألا إن الدنيا أجل حاضر يأكل منها البار والفاجر، ألا وإن الآخرة أجل مستأخر يقضي فيها ملك قادر، ألا وإن الخير بحذافيره في الجنة، ألا وإن الشر بحذافيره في النار، ألا واعلموا أنه ‏{‏فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره‏}‏‏.‏

وأخرج الزجاجي في أماليه عن أنس بن مالك أن سائلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأعطاه تمرة فقال السائل‏:‏ نبي من أنبياء يتصدق بتمرة‏.‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أما علمت أن فيها مثاقيل ذر كثير‏"‏‏.‏

وأخرج هناد عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏مثقال ذرة‏}‏ إنه أدخل يده في التراب ثم رفعها ثم نفخ فيها وقال‏:‏ كل من هؤلاء مثقال ذرة‏.‏

وأخرج الحسين بن سفيان في مسنده وأبو نعيم في الحلية عن شداد بن أوس قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ أيها الناس إن الدنيا عرض حاضر يأكل منه البر والفاجر، وإن الآخرة وعد صادق يحكم فيها ملك قادر، يحق فيها الحق ويبطل الباطل أيها الناس كونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن كل أم يتبعها ولدها‏.‏ اعملوا وأنتم من الله على حذر، واعملوا أنكم معرضون على أعمالكم، وأنكم ملاقوا الله لا بد منه ‏{‏فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره‏}‏‏.‏

وأخرج مالك والبخاري وأحمد ومسلم والنسائي وابن ماجة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏الخيل لثلاثة‏:‏ لرجل أجر ولرجل ستر وعلى رجل وزر‏"‏ الحديث‏.‏ قال‏:‏ وسئل عن الحمر فقال‏:‏ ما نزل علي فيها إلا هذه الآية الجامعة الفاذة ‏{‏فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره‏}‏ ‏"‏‏.‏