فصل: سورة النحل

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور **


*2*16 -  سورة النحل مكية وآياتها ثمان وعشرون ومائة

 آية 1 - 4

أخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ نزلت سورة النحل بمكة‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله‏.‏

وأخرج النحاس من طريق مجاهد، عن ابن عباس قال‏:‏ سورة النحل نزلت بمكة سوى ثلاث آيات من آخرها فإنهن نزلن بين مكة والمدينة في منصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحد‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال‏:‏ لما نزلت ‏{‏أتى أمر الله‏}‏ ذعر أصحاب الرسول، حتى نزلت ‏{‏فلا تستعجلوه‏}‏ فسكنوا‏.‏

وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن جرير وابن أبي حاتم، عن أبي بكر بن حفص قال‏:‏ لما نزلت ‏{‏أتى أمر الله‏}‏ قاموا فنزلت ‏{‏فلا تستعجلوه‏}‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه من طريق الضحاك، عن ابن عباس ‏{‏أتى أمر الله‏}‏ قال‏:‏ خروج محمد صلى الله عليه وسلم‏.‏

وأخرج ابن جرير عن أبي بن كعب قال‏:‏ دخلت المسجد فصليت فقرأت سورة النحل، وجاء رجلان فقرآ خلاف قراءتنا، فأخذت بأيدهما فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت‏:‏ ‏"‏يا رسول الله، استقرئ هذين فقرأ أحدهما فقال‏:‏ أصبت‏.‏ ثم استقرأ الآخر فقال‏:‏ أصبت‏.‏ فدخل قلبي أشد مما كان في الجاهلية من الشك والتكذيب، فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدري فقال‏:‏ أعاذك الله من الشك والشيطان‏.‏ فتصببت عرقا، قال‏:‏ أتاني جبريل فقال‏:‏ اقرأ القرآن على حرف واحد‏.‏ فقلت‏:‏ إن أمتي لا تستطيع ذلك، حتى قال‏:‏ سبع مرات‏.‏ فقال لي‏:‏ اقرأ على سبعة أحرف، بكل ردة رددتها مسألة‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن ابن جريج قال‏:‏ لما نزلت هذه الآية ‏{‏أتى أمر الله فلا تستعجلوه‏}‏ قال رجال من المنافقين بعضهم لبعض‏:‏ إن هذا يزعم أن أمر الله قد أتى فأمسكوا عن بعض ما كنتم تعملون حتى تنظروا ما هو كائن، فلما رأوا أنه لا ينزل شيء قالوا‏:‏ ما نراه نزل‏.‏ فنزلت ‏{‏اقترب للناس حسابهم‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ فقالوا‏:‏ إن هذا يزعم مثلها أيضا، فلما رأوا أنه لا ينزل شيء قالوا‏:‏ ما نراه نزل شيء، فنزلت ‏(‏ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏ ‏(‏هود، آية 8‏)‏ الآية‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والحاكم وصححه، عن عقبة بن عامر قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏تطلع عليكم قبل الساعة سحابة سوداء من قبل المغرب مثل الترس، فما تزال ترتفع في السماء حتى تملأ السماء، ثم ينادي مناد‏:‏ يا أيها الناس، فيقبل الناس بعضهم على بعض‏:‏ هل سمعتم‏؟‏ فمنهم من يقول‏:‏ نعم‏.‏ ومنهم من يشك‏.‏ ثم ينادي الثانية‏:‏ يا أيها الناس، هل سمعتم‏؟‏ فيقولون‏:‏ نعم‏.‏ ثم ينادي‏:‏ أيها الناس ‏{‏أتى أمر الله فلا تستعجلوه‏}‏ ‏"‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏فوالذي نفسي بيده، إن الرجلين لينشران الثوب فما يطويانه، وإن الرجل ليملأ حوضه فما يسقى فيه شيئا، وإن الرجل ليحلب ناقته فما يشربه ويشغل الناس‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن الضحاك في قوله‏:‏ ‏{‏أتى أمر الله فلا تستعجلوه‏}‏ قال‏:‏ الأحكام والحدود والفرائض‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏ينزل الملائكة بالروح‏}‏ قال‏:‏ بالوحي‏.‏

وأخرج آدم بن أبي أياس وسعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات، عن ابن عباس قال‏:‏ ‏{‏الروح‏}‏ أمر من أمر الله وخلق من خلق الله، وصورهم على صورة بني آدم‏.‏ وما ينزل من السماء ملك إلا ومعه واحد من الروح، ثم تلا ‏(‏يوم يقوم الروح والملائكة صفا‏)‏ ‏(‏النبأ، آية 38‏)‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة، عن مجاهد في قوله‏:‏ ‏{‏ينزل الملائكة بالروح من أمره‏}‏ قال‏:‏ إنه لا ينزل ملك إلا ومعه روح كالحفيظ عليه، لا يتكلم ولا يراه ملك ولا شيء مما خلق الله‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله‏:‏ ‏{‏ينزل الروح من أمره‏}‏ قال‏:‏ بالوحي والرحمة‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم، عن الحسن في قوله‏:‏ ‏{‏ينزل الملائكة بالروح‏}‏ قال‏:‏ بالنبوة‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة، عن الضحاك في قوله‏:‏ ‏{‏ينزل الملائكة بالروح‏}‏ قال‏:‏ القرآن‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن الربيع بن أنس في قوله‏:‏ ‏{‏ينزل الملائكة بالروح‏}‏ قال‏:‏ كل شيء تكلم به ربنا فهو روح ‏{‏من أمره‏}‏ قال‏:‏ بالرحمة والوحي على من يشاء من عباده، فيصطفي منهم رسلا‏.‏ ‏{‏أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون‏}‏ قال‏:‏ بها بعث الله المرسلين أن يوحد الله وجده، ويطاع أمره ويجتنب سخطه‏.‏

وأخرج ابن سعد وأحمد وابن ماجه والحاكم وصححه، عن يسر بن جحاش قال‏:‏ بصق رسول الله في كفه ثم قال‏:‏ ‏"‏يقول الله أنى تعجزني وقد خلقتك من مثل هذه، حتى إذا سويتك فعدلتك مشيت بين برديك، وللأرض منك وئيد‏.‏ فجمعت ومنعت، حتى إذا بلغت الحلقوم قلت‏:‏ أتصدق وأنى أوان الصدقة‏"‏‏.‏

 آية 6 - 8

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏لكم فيها دفء‏}‏ قال‏:‏ الثياب ‏{‏ومنافع‏}‏ قال‏:‏ ما تنتفعون به من الأطعمة والأشربة‏.‏

وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏لكم فيها دفء ومنافع‏}‏ قال‏:‏ نسل كل دابة‏.‏

وأخرج الديلمي عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏البركة في الغنم، والجمال في الإبل‏"‏‏.‏

وأخرج ابن ماجه عن عروة البارقي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏الإبل عز لأهلها، والغنم بركة‏"‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، عن قتادة في قوله‏:‏ ‏{‏ولكم فيها جمال حين تريحون‏}‏ قال‏:‏ إذا راحت كأعظم ما يكون أسنمة، وأحسن ما تكون ضروعا ‏{‏وحين تسرحون‏}‏ قال‏:‏ إذا سرحت لرعيها‏.‏ قال قتادة‏:‏ وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم، سئل عن الإبل فقال‏:‏ ‏"‏هي عز لأهلها‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر، عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏وتحمل أثقالكم إلى بلد‏}‏ قال يعني مكة ‏{‏لم تكونوا بالغيه إلا بشق الانفس‏}‏ قال‏:‏ لو تكلفتموه لم تطيقوا إلا بجهد شديد‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله‏:‏ ‏{‏إلا بشق الأنفس‏}‏ قال‏:‏ مشقة عليكم‏.‏

وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏إياكم أن تتخذوا ظهور دوابكم منابر فإن الله تعالى إنما سخرها لكم لتبلغوا إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس وجعل لكم الأرض فعليها فاقضوا حاجاتكم‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد وأبو يعلى والحاكم وصححه عن معاذ بن أنس، عن أبيه‏:‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على قوم وهم وقوف على دواب لهم ورواحل، فقال لهم‏:‏ ‏"‏اركبوا هذه الدواب سالمة ودعوها سالمة ولا تتخذوها كراسي لأحاديثكم في الطرق والأسواق، فرب مركوبة خير من راكبها، وأكثر ذكرا لله تعالى منه‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء بن دينار قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لا تتخذوا ظهور الدواب كراسي لأحاديثكم، فرب راكب مركوبة هي خير من راكبها وأكثر ذكرا لله تعالى منه‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة، عن عطاء بن دينار قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لا تتخذوا ظهور الدواب كراسي لأحاديثكم، فرب راكب مركوبة هي خير منه وأطوع لله منه وأكثر ذكرا‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة، عن حبيب قال‏:‏ كان يكره طول الوقوف على الدابة، وأن تضرب وهي محسنة‏.‏

وأخرج أحمد والبيهقي، عن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏لو غفر لكم ما تأتون إلى البهائم لغفر لكم كثير‏"‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله‏:‏ ‏{‏لتركبوها وزينة‏}‏ قال‏:‏ جعلها لتركبوها وجعلها زينة لكم‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة‏:‏ أن أبا عياض كان يقرؤها ‏{‏والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة‏}‏ يقول‏:‏ جعلها زينة‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس قال‏:‏ كانت الخيل وحشية، فذللها الله لإسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة، عن وهب بن منبه قال‏:‏ بلغني أن الله أراد أن يخلق الفرس قال لريح الجنوب‏:‏ إني خالق منك خلقا، أجعله عزا لأوليائي، ومذلة لأعدائي، وحمى لأهل طاعتي، فقبض من الريح قبضة، فخلق منها فرسا، فقال‏:‏ سميتك فرسا وجعلتك عربيا، الخير معقود بناصيتك والغنائم محازة على ظهرك، والغنى معك حيث كنت، أرعاك لسعة الرزق على غيرك من الدواب، وجعلتك لها سيدا، وجعلتك تطير بلا جناحين، فأنت للطلب وأنت للهرب، وسأحمل عليك رجالا يسبحوني، فتسبحني معهم إذا سبحوا، ويهللوني، فتهللني معهم إذا هللوا، ويكبروني، فتكبرني معهم إذا كبروا، فلما صهل الفرس، قال‏:‏ باركت عليك، أرهب بصهيلك المشركين، أملأ منه آذانهم، وأرعب منه قلوبهم، وأذل أعناقهم، فلما عرض الخلق على آدم وسماهم، قال الله تعالى‏:‏ يا آدم، اختر من خلقي من أحببت، فاختار الفرس، فقال الله‏:‏ اخترت عزك، وعز ولدك باق فيهم ما بقوا، وينتج منه أولادك أولادا، فبركتي عليك وعليهم، فما من تسبيحة ولا تهليلة ولا تكبيرة تكون من راكب الفرس إلا والفرس تسمعها وتجيبه مثل قوله‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن سعيد بن جبير قال‏:‏ سأل رجل ابن عباس، عن أكل لحوم الخيل، فكرهها وقرأ ‏{‏والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة‏}‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه كان يكره لحوم الخيل ويقول‏:‏ قال الله‏:‏ ‏{‏والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون‏}‏ فهذه للأكل ‏{‏والخيل والبغال والحمير لتركبوها‏}‏ فهذه للركوب‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة، عن مجاهد أنه سئل عن لحوم الخيل‏؟‏ فقال‏:‏ ‏{‏والخيل والبغال والحمير لتركبوها‏}‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن الحكم في قوله‏:‏ ‏{‏والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون‏}‏ فجعل منه الأكل، ثم قرأ ‏{‏والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة‏}‏ قال‏:‏ لم يجعل لكم فيها أكلا وكان الحكم يقول‏:‏ الخيل والبغال والحمير حرام في كتاب الله‏.‏

وأخرج أبو عبيد وأبو داود والنسائي وابن المنذر، عن خالد بن الوليد قال‏:‏ ‏"‏نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع، وعن لحوم الخيل والبغال والحمير‏"‏‏.‏

وأخرج أبو عبيد وابن أبي شيبة والترمذي وصححه والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله قال‏:‏ طعمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوم الخيل ونهانا عن لحوم الحمر الأهلية‏.‏

وأخرج أبو داود وابن أبي حاتم من طريق أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله أنهم ذبحوا يوم خيبر الحمير والبغال والخيل، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن الحمير والبغال، ولم ينههم عن الخيل‏.‏

وأخرج ابن أبي شبية والنسائي وابن جرير وابن مردويه من طريق عطاء، عن جابر قال‏:‏ كنا نأكل لحم الخيل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ قلت‏:‏ والبغال‏؟‏ قال‏:‏ أما البغال فلا‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه وابن المنذر، عن أسماء قالت‏:‏ نحرنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسا، فأكلناه‏.‏

وأخرج أحمد، عن دحية الكلبي قال‏:‏ قلت يا رسول الله، أحمل لك حمارا على فرس، فينتج لك بغلا وتركبها‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون‏"‏‏.‏

وأخرج الخطيب في تاريخه، وابن عساكر، عن ابن عمر قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله‏:‏ ‏{‏ويخلق ما لا تعلمون‏}‏ قال البراذين‏.‏

وأخرج ابن عساكر، عن مجاهد في قوله‏:‏ ‏{‏ويخلق ما لا تعلمون‏}‏ قال‏:‏ السوس في الثياب‏.‏

وأخرج ابن مردويه، عن ابن عباس قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إن مما خلق الله لأرضا من لؤلؤة بيضاء مسيرة ألف عام عليها جبل من ياقوتة حمراء محدق بها، في تلك الأرض ملك قد ملأ شرقها وغربها، له ستمائة رأس، في كل رأس ستمائة وجه، في كل وجه ستون ألف فم‏.‏ في كل فم ستون ألف لسان، يثني على الله ويقدسه ويهلله ويكبره، بكل لسان ستمائة ألف وستين ألف مرة، فإذا كان يوم القيامة نظر إلى عظمة الله، فيقول‏:‏ وعزتك ما عبدتك حق عبادتك‏"‏‏.‏ فذلك قوله‏:‏ ‏{‏ويخلق ما لا تعلمون‏}‏‏.‏

وأخرج أبو الشيخ في العظمة والبيهقي في الأسماء والصفات، عن الشعبي قال‏:‏ إن لله عبادا من وراء الأندلس، كما بيننا وبين الأندلس، ما يرون أن الله عصاه مخلوق، رضراضهم الدر والياقوت، وجبالهم الذهب والفضة، لا يحرثون ولا يزرعون ولا يعملون عملا، لهم شجر على أبوابهم لها ثمر هي طعامهم، وشجر لها أوراق عراض هي لباسهم‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم، عن وهب أنه قيل له‏:‏ أخبرنا من أتى سعالة الريح، وإنه رأى بها أربع نجوم كانها أربعة أقمار‏؟‏ فقال وهب‏:‏ ‏{‏ويخلق ما لا تعلمون‏}‏‏.‏

 آية 9 - 13

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏وعلى الله قصد السبيل‏}‏ يقول البيان ‏{‏ومنها جائر‏}‏ قال الأهواء المختلفة‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس ‏{‏وعلى الله قصد السبيل‏}‏ يقول‏:‏ على الله أن يبين الهدى والضلالة، ‏{‏ومنها جائر‏}‏ قال السبيل المتفرقة‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله‏:‏ ‏{‏وعلى الله قصد السبيل‏}‏ قال طريق الحق على الله‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله‏:‏ ‏{‏وعلى الله قصد السبيل‏}‏ قال‏:‏ على الله بيان حلاله وحرامه وطاعته ومعصيته ‏{‏ومنها جائر‏}‏ قال‏:‏ على السبيل ناكب عن الحق وفي قراءة ابن مسعود ‏"‏ومنكم جائر‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف، عن علي أنه كان يقرأ هذه الآية ‏"‏فمنكم جائر‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير، عن ابن زيد في قوله‏:‏ ‏{‏وعلى الله قصد السبيل‏}‏ قال‏:‏ طريق الهدى، ‏{‏ومنها جائر‏}‏ قال‏:‏ من السبل جائر عن الحق، وقرأ ‏(‏ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله‏)‏ ‏(‏الأنعام، آية 153‏)‏ ‏{‏ولو شاء لهداكم أجمعين‏}‏ لقصد السبيل الذي هو الحق وقرأ ‏(‏ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا‏)‏ ‏(‏يونس، آية 99‏)‏ وقرأ ‏(‏ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها‏)‏ ‏(‏السجدة، آية 13‏)‏ والله أعلم‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏فيه تسيمون‏}‏ قال‏:‏ ترعون فيه أنعامكم‏.‏

وأخرج الطستي، عن ابن عباس، أن نافع بن الأزرق قال له‏:‏ أخبرني عن قوله عز وجل‏:‏ ‏{‏فيه تسيمون‏}‏ قال‏:‏ فيه ترعون‏.‏ قال‏:‏ وهل تعرف العرب ذلك‏؟‏ قال‏:‏ نعم أما سمعت الأعشى وهو يقول‏:‏

ومشى القوم بالعماد إلى الدو * حاء أعماد المسيم بن المساق

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله‏:‏ ‏{‏وما ذرأ لكم في الأرض‏}‏ قال‏:‏ ما خلق لكم في الأرض مختلفا‏:‏ من الدواب، والشجر، والثمار‏.‏ نعم من الله متظاهرة، فاشكروها لله عز وجل، والله أعلم بالصواب‏.‏

 آية 14

أخرج ابن أبي حاتم، عن مطر إنه كان لا يرى بركوب البحر بأسا، وقال‏:‏ ما ذكره الله في القرآن إلا بخير‏.‏

وأخرج عبد الرزاق عن ابن عمر‏:‏ إنه كان يكره ركوب البحر إلا لثلاث‏:‏ غاز أو حاج أو معتمر‏.‏

وأخرج عبد الرزاق، عن علقمة بن شهاب القرشي قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏من لم يدرك الغزو معي فليغزو في البحر، فإن أجر يوم في البحر كأجر يوم في البر وإن القتل في البحر، كالقتلتين في البر، وإن المائد في السفينة، كالمتشحط في دمه، وإن خيار شهداء أمتي أصحاب الكف، قالوا‏:‏ وما أصحاب الكف يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ قوم تتكفأ بهم مراكبهم في سبيل الله‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عبد الله بن عمرو بن العاص، عن كعب الأحبار‏:‏ إن الله قال للبحر الغربي حين خلقه‏:‏ قد خلقتك فأحسنت خلقك وأكثرت فيك من الماء وإني حامل فيك عبادا لي يكبروني ويهللوني ويسبحوني ويحمدوني، فكيف تعمل بهم‏؟‏ قال‏:‏ أغرقهم، قال الله‏:‏ إني أحملهم على كفي، وأجعل بأسك في نواحيك، ثم قال للبحر الشرقي‏:‏ قد خلقتك فأحسنت خلقك، وأكثرت فيك من الماء، وإني حامل فيك عبادا لي يكبروني ويهللوني ويسبحوني ويحمدوني، فكيف أنت فاعل بهم‏؟‏ قال أكبرك معهم، وأحملهم بين ظهري وبطني، فأعطاه الله الحلية والصيد الطيب‏.‏

وأخرج البزار، عن أبي هريرة قال‏:‏ كلم الله البحر الغربي، وكلم البحر الشرقي، فقال للبحر الغربي‏:‏ إني حامل فيك عبادا من عبادي، فما أنت صانع بهم‏؟‏ قال‏:‏ أغرقهم‏.‏ قال‏:‏ بأسك في نواحيك، وحرمة الحلية والصيد وكلم هذا البحر الشرقي، فقال‏:‏ إني حامل فيك عبادا من عبادي، فما أنت صانع بهم‏؟‏ قال‏:‏ أحملهم على يدي، وأكون لهم كالوالدة لولدها، فأثابه الحلية والصيد‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله‏:‏ ‏{‏وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا‏}‏ يعني حيتان البحر ‏{‏وتستخرجوا منه حلية تلبسونها‏}‏ قال‏:‏ هذا اللؤلؤ‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي في قوله‏:‏ ‏{‏لتأكلوا منه لحما طريا‏}‏ قال‏:‏ هو السمك وما فيه من الدواب‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن قتادة‏:‏ أنه سئل عن رجل قال لأمرأته‏:‏ إن أكلت لحما فأنت طالق‏؟‏ فأكلت سمكا، قال‏:‏ هي طالق‏.‏ قال الله‏:‏ ‏{‏لتأكلوا منه لحما طريا‏}‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة، عن عطاء قال‏:‏ يحنث قال الله‏:‏ ‏{‏لتأكلوا منه لحما طريا‏}‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة، عن أبي جعفر قال‏:‏ ليس في الحلي زكاة، ثم قرأ ‏{‏وتستخرجوا منه حلية تلبسونها‏}‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏وترى الفلك مواخر‏}‏ قال‏:‏ جواري‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله‏:‏ ‏{‏وترى الفلك مواخر فيه‏}‏ قال‏:‏ تمخر السفن الرياح، ولا تمخر الريح السفن، إلا الفلك العظام‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن عكرمة ‏{‏وترى الفلك مواخر فيه‏}‏ قال‏:‏ تشق الماء بصدرها‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن الضحاك في قوله‏:‏ ‏{‏وترى الفلك مواخر فيه‏}‏ قال‏:‏ السفينتان تجريان بريح واحدة، كل واحدة مستقبلة الأخرى‏.‏

وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله‏:‏ ‏{‏وترى الفلك مواخر فيه‏}‏ قال‏:‏ تجري بريح واحدة مقبلة ومدبرة‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي في قوله‏:‏ ‏{‏ولتبتغوا من فضله‏}‏ قال‏:‏ هو التجارة والله أعلم بالصواب‏.‏

 آية 15 - 23

أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر من طريق قتادة، عن الحسن عن قيس بن عباد قال‏:‏ إن الله لما خلق الأرض جعلت تمور، فقالت الملائكة‏:‏ ما هذه بمقرة على ظهرها أحد، فأصبحت صبحان وفيها رواسيها، فلم يدروا من أين خلقت، فقالوا ربنا هل من خلقك شيء أشد من هذا‏؟‏ قال‏:‏ نعم، الحديد، فقالوا‏:‏ هل من خلقك شيء أشد من الحديد‏؟‏ قال‏:‏ نعم، النار‏.‏ قالوا‏:‏ ربنا، هل من خلقك شيء أشد من النار‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏!‏ الماء‏.‏ قالوا‏:‏ ربنا، هل من خلقك شيء هو أشد من الماء‏؟‏ قال‏:‏ نعم الريح‏.‏ قالوا‏:‏ ربنا، هل من خلقك شيء هوأشد من الريح‏؟‏ قال‏:‏ نعم الرجل‏.‏ قالوا‏:‏ ربنا، هل من خلقك شيء هو أشد من الرجل‏؟‏ قال‏:‏ نعم المرأة‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله‏:‏ ‏{‏رواسي‏}‏ قال‏:‏ الجبال ‏{‏أن تميد بكم‏}‏ قال‏:‏ أثبتها بالجبال، ولولا ذلك ما أقرت عليها خلقا‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله‏:‏ ‏{‏رواسي أن تميد بكم‏}‏ قال‏:‏ حتى لا تميد بكم‏.‏ كانوا على الأرض تمور بهم لا يستقر بها، فأصبحوا صبحا، وقد جعل الله الجبال، وهي الرواسي أوتادا في الأرض‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله‏:‏ ‏{‏أن تميد بكم‏}‏ قال‏:‏ أن تكفأ بكم، وفي قوله‏:‏ وأنهارا قال‏:‏ بكل بلدة‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي في قوله‏:‏ ‏{‏وسبلا‏}‏ قال‏:‏ السبل هي الطرق بين الجبال‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والخطيب في كتاب في كتاب النجوم، عن قتادة في قوله‏:‏ ‏{‏وسبلا‏}‏ قال‏:‏ طرقا ‏{‏وعلامات‏}‏ قال‏:‏ هي النجوم‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي في قوله‏:‏ ‏{‏وعلامات‏}‏ قال‏:‏ أنهار الجبال‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر، عن الكلبي في قوله‏:‏ ‏{‏وعلامات‏}‏ قال‏:‏ الجبال‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏وعلامات‏}‏ يعني معالم الطرق بالنهار ‏{‏وبالنجم هم يهتدون‏}‏ يعني بالليل‏.‏ وأخرج أبو الشيخ في العظمة، عن إبراهيم ‏{‏وعلامات‏}‏ قال‏:‏ هي الأعلام التي في السماء ‏{‏وبالنجم هم يهتدون‏}‏ قال‏:‏ يهتدون به في البحر في أسفارهم‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد في قوله‏:‏ ‏{‏وعلامات وبالنجم هم يهتدون‏}‏ قال‏:‏ منها ما يكون علامة، ومنها ما يهتدى به‏.‏

وأخرج ابن المنذر، عن مجاهد أنه كان لا يرى بأسا أن يتعلم الرجل منازل القمر‏.‏

وأخرج ابن المنذر، عن إبراهيم، إنه كان لا يرى بأسا أن يتعلم الرجل من النجوم ما يهتدي به‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله‏:‏ ‏{‏أفمن يخلق كمن لا يخلق‏}‏ قال‏:‏ الله هو الخالق الرازق، وهذه الأوثان التي تعبد من دون الله تخلق ولا تخلق شيئا، ولا تملك لأهلها ضرا ولا نفعا‏.‏ قال الله‏:‏ ‏{‏أفلا تذكرون‏}‏ وفي قوله‏:‏ ‏{‏والذين يدعون من دون الله‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ هذه الأوثان التي تعبد من دون الله أموات لا أرواح فيها، ولا تملك لأهلها خيرا ولا نفعا ‏{‏إلهكم إله واحد‏}‏ قال‏:‏ الله إلهنا ومولانا وخالقنا ورازقنا ولا نعبد ولا ندعو غيره‏.‏ ‏{‏فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة‏}‏ يقول منكرة لهذا الحديث ‏{‏وهم مستكبرون‏}‏ قال‏:‏ مستكبرون عنه‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي، عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏لاجرم‏}‏ يقول‏:‏ بلى‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي مالك في قوله‏:‏ ‏{‏لا جرم‏}‏ يعني الحق‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم، الضحاك في قوله‏:‏ ‏{‏لاجرم‏}‏ قال‏:‏ لا كذب‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله‏:‏ ‏{‏إنه لا يحب المستكبرين‏}‏ قال‏:‏ هذا قضاء الله الذي قضى ‏{‏إنه لا يحب المستكبرين‏}‏ وذكر لنا، أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ يانبي الله، إنه ليعجبني الجمال، حتى أود أن علاقة سوطي، وقبالة نعلي حسن، فهل ترهب علي الكبر‏؟‏ فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ كيف تجد قلبك‏؟‏ قال‏:‏ أجده عارفا للحق مطمئنا إليه‏.‏ قال‏:‏ فليس ذاك بالكبر، ولكن الكبر أن تبطر الحق وتغمص الناس، فلا ترى أحدا أفضل منك، وتغمص الحق، فتجاوزه إلى غيره‏.‏

وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد، وعبد بن حميد وابن جرير، وابن أبي حاتم، عن الحسين بن علي، إنه كان يجلس إلى المساكين ثم يقول‏:‏ ‏{‏إنه لا يحب المستكبرين‏}‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم، عن علي قال‏:‏ ثلاث من فعلهن لم يكتب مستكبرا‏:‏ من ركب الحمار ولم يسنكف، ومن أعتقل الشاة واحتلبها، وأوسع للمسكين وأحسن مجالسته‏.‏

وأخرج مسلم والبيهقي في الشعب، عن عياض بن حمار المجاشعي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ في خطبته ‏"‏إن الله أوحى إلي، أن تواضعوا، حتى لا يفخر أحد على أحد‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي، عن عمر بن الخطاب رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ يقول الله‏:‏ ‏"‏من تواضع لي هكذا - وأشار بباطن كفه إلى الأرض وأدناه من الأرض - رفعته هكذا - وأشار بباطن كفه إلى السماء - ورفعها نحو السماء‏"‏‏.‏

وأخرج الخطيب والبيهقي، عن عمر أنه قال على المنبر‏:‏ يا أيها الناس تواضعوا، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏من تواضع لله رفعه الله وقال‏:‏ انتعش رفعك الله، فهو في نفسه صغير، وفي أعين الناس عظيم، ومن تكبر، وضعه الله، وقال‏:‏ اخسأ خفضك الله، فهو في أعين الناس صغير، وفي نفسه كبير، حتى لهو أهون عليهم من كلب أو خنزير‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي، عن ابن عباس قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ما من آدمي إلا وفي رأسه سلسلتان - سلسلة في السماء وسلسلة في الأرض - وإذا تواضع العبد، رفعه الملك الذي بيده السلسلة من السماء، وإذا تجبر جذبته السلسلة التي في الأرض‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي، عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ما من آدمي إلا وفي رأسه حكمة - الحكمة بيد ملك - فإن تواضع قيل للملك‏:‏ ارفع حكمته، وإن ارتفع، قيل للملك‏:‏ ضع حكمته‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي، عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏من تكبر تعظما وضعه الله، ومن تواضع لله تخشعا رفعه الله‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه وابن مردويه والبيهقي، عن ابن مسعود قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، ولا يدخل النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان‏"‏‏.‏ فقال رجل‏:‏ يا رسول الله، الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا‏؟‏ فقال‏:‏ ‏"‏إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمص الناس‏"‏‏.‏

وأخرج ابن سعد وأحمد والبيهقي، عن أبي ريحانة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏لا يدخل شيء من الكبر الجنة‏"‏ قال قائل‏:‏ يا رسول الله إني أحب أن أتجمل بعلاقة سوطي وشسع نعلي‏؟‏ فقال‏:‏ إن ذلك ليس بالكبر ‏"‏إن الله جميل يحب الجمال، إنما الكبر من سفه الحق، وغمص الناس بعينيه‏"‏‏.‏ وأخرجه البغوي في معجمه والطبراني، عن سوار بن عمرو الأنصاري قال‏:‏ قلت يا رسول الله، إني رجل حبب إلي الجمال، وأعطيت ما ترى، فما أحب أن يفوقني أحد في شسع افمن الكبر ذاك‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏ قلت‏:‏ فما الكبر يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏من سفه الحق وغمص الناس‏"‏‏.‏

وأخرج البغوي والطبراني، عن سوار بن عمرو الأنصاري قال‏:‏ سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال‏:‏ يا رسول الله، إني رجل حبب إلي الجمال، حتى إني لا أحب أحدا يفوقني بشراك، أفمن الكبر ذاك‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏ ‏"‏ولكن الكبر من غمص الناس وبطر الحق‏"‏‏.‏

وأخرج ابن عساكر، عن ابن عمر، عن أبي ريحانة قال‏:‏ يا رسول الله، إني لأحب الجمال حتى في نعلي وعلاقة سوطي، أفمن الكبر ذلك‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏إن الله جميل يحب الجمال، ويحب أن يرى أثر نعمته على عبده، الكبر من سفه الحق، وغمص الناس أعمالهم‏"‏‏.‏

وأخرج ابن عساكر، عن خريم بن فاتك أنه قال‏:‏ يا رسول الله، إني لأحب الجمال، حتى إني لأحبه في شراك نعلي، وجلاد سوطي، وإن قومي يزعمون أنه من الكبر، فقال‏:‏ ‏"‏ليس الكبر أن يحب أحدكم الجمال، ولكن الكبر أن يسفه الحق ويغمص الناس‏"‏‏.‏

وأخرج سمويه في فوائده، والباوردي، وابن قانع، والطبراني، عن ثابت بن قيس بن شماس قال‏:‏ ذكر الكبر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال‏:‏ ‏"‏إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا‏"‏ فقال رجل من القوم‏:‏ والله يا رسول الله، إن ثيابي لتغسل، فيعجبني بياضها، ويعجبني علاقة سوطي، وشراك نعلي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ليس ذاك من الكبر، إنما الكبر‏:‏ أن تسفه الحق وتغمص الناس‏"‏‏.‏

وأخرج الطبراني، عن أسامة قال‏:‏ أقبل رجل من بني عامر فقال‏:‏ يا رسول الله، بلغنا أنك شددت في لبس الحرير والذهب، وإني لأحب الجمال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إن الله جميل يحب الجمال، إنما الكبر من جهل الحق وغمص الناس بعينه‏"‏‏.‏

وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال‏:‏ إني رجل حبب إلي الجمال، وأعطيت منه ما ترى، حتى ما أحب أن يقوقني أحد بشراك، أو شسع، أفمن الكبر هذا‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏لا، ولكن الكبر من بطر الحق وغمص الناس‏"‏‏.‏

وأخرج الحاكم وصححه، عن ابن مسعود رضي الله عنه مثله، وفيه‏:‏ أن الرجل مالك الرهاوي، وقال البغي بدل الكبر‏.‏

وأخرج أحمد في الزهد، عن عطاء بن يسار رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أوصى نوح ابنه، فقال‏:‏ إني موصيك بوصية وقاصرها عليك حتى لا تنسى، أوصيك بأثنتين، وأنهاك عن اثنتين، فأما اللتان أوصيك بهما، فإني رأيتهما يكثران الولوج على الله عز وجل، ورأيت الله تبارك وتعالى يستبشر بهما، وصالح خلقه، قل سبحان الله وبحمده، فإنها صلاة الخلق، وبها يرزق الخلق، وقل لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فإن السموات والأرض لو كن حلقة لقصمتها، ولو كن في كفة لرجحت بهن، وأما اللتان أنهاك عنهما، فالشرك والكبر، فقال عبد الله بن عمرو‏:‏ يا رسول الله، الكبر أن يكون لي حلة حسنة ألبسها‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏لا إن الله جميل يحب الجمال‏"‏ قال‏:‏ فالكبر أن يكون لي دابة صالحة أركبها‏؟‏ قال‏:‏ لا، قال‏:‏ فالكبر أن يكون لي أصحاب يتبعوني وأطعمهم‏؟‏ قال‏:‏ لا، قال‏:‏ فأيما الكبر يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏أن تسفه الحق وتغمص الناس‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة، عن عبد الله بن عمرو قال‏:‏ لا يدخل حظيرة القدس متكبر‏.‏

وأخرج عبد بن حميد، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال‏:‏ المتكبرون يجعلون يوم القيامة في توابيت من نار فتطبق عليهم‏.‏

وأخرج أحمد والدارمي والترمذي والنسائي وابن ماجه وأبو يعلى وابن حبان والحاكم، عن ثوبان، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏من فارق الروح جسده وهو بريء من ثلاث دخل الجنة، الكبر والدين والغلول‏"‏ قال‏:‏ ابن الجوزي‏:‏ في جامع المسانيد كذا وكذا روى لنا الكبر، وقال الدارقطني إنما هو الكنز بالنون والزاي‏.‏

وأخرج الطبراني عن السائب بن يزيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر‏"‏ قالوا‏:‏ يا رسول الله هلكنا وكيف لنا إن نعلم ما في قلوبنا من دأب الكبر‏؟‏ وأين هو‏؟‏ فقال‏:‏ ‏"‏من لبس الصوف، أو حلب الشاة، أو أكل مع من ملكت يمينه، فليس في قلبه إن شاء الله الكبر‏"‏‏.‏

وأخرج تمام في فوائده وابن عساكر، عن ابن عمر قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏من لبس الصوف وانتعل المخصوف وركب حماره وحلب شاته وأكل مع عياله، فقد نحى الله عنه الكبر‏.‏ أنا عبد ابن عبد أجلس جلسة العبد وآكل أكلة العبد، إني أوحي إلي أن تواضعوا ولا يبغ أحد على أحد، إن يد الله مبسوطة في خلقه، فمن رفع نفسه وضعه الله، ومن وضع نفسه رفعه الله، ولا يمشي امرؤ على الأرض شبرا يبتغي سلطان الله إلا أكبه الله‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد في الزهد عن يزيد بن ميسرة قال‏:‏ قال عيسى عليه السلام‏:‏ ما لي لا أرى فيكم أفضل عبادة‏؟‏ قالوا‏:‏ وما أفضل عبادة يا روح الله‏؟‏ قال‏:‏ التواضع لله‏.‏

وأخرج أحمد في الزهد والبيهقي، عن عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ إنكم لتدعون أفضل العبادة‏:‏ التواضع‏.‏

وأخرج البيهقي عن يحيى بن أبي كثير قال‏:‏ أفضل العمل الورع، وخير العبادة التواضع‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي، عن ابن عمرو أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر، كبه الله على وجهه في النار‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي عن النعمان بن بشير‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏إن للشيطان مصالي وفخوخا، وإن من مصاليه وفخوخه البطر بنعم اللله والفخر بعطاء الله والكبر على عباد الله واتباع الهوى في غير ذات الله تعالى‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ألا أنبئكم بأهل النار‏؟‏ كل فظ غليظ مستكبر‏.‏ ألا أنبئكم بأهل الجنة‏؟‏ كل ضعيف متضعف ذي طمرين، لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره‏"‏‏.‏

وأخرج الترمذي وحسنه والحاكم وصححه والبيهقي، عن جبير بن مطعم قال‏:‏ يقولون في التيه‏:‏ وقد ركبت الحمار ولبست الشملة وحلبت الشاة‏.‏ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏من فعل هذا فليس فيه من الكبر شيء‏"‏

وأخرج أحمد في الزهد، عن عبد الله بن شداد رفع الحديث قال‏:‏ من لبس الصوف واعتقل الشاة وركب الحمار وأجاب دعوة الرجل الدون أو العبد، لم يكتب عليه من الكبر شيء‏.‏

وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وأبو يعلى والحاكم وصححه والبيهقي، عن عبد الله بن سلام أنه رؤي في السوق على رأسه حزمة حطب، فقيل له‏:‏ أليس قد أوسع الله عليك‏؟‏ قال‏:‏ بلى، ولكني أردت أن أدفع الكبر، وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر‏"‏

وأخرج البيهقي عن جابر قال‏:‏ ‏"‏كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فأقبل رجل، فلما رآه القوم أثنوا عليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ إني أرى على وجهه سفعة من النار‏.‏ فلما جاء وجلس قال‏:‏ أنشدك بالله، أجئت وأنت ترى أنك أفضل القوم‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي عن ابن المبارك، أنه سئل عن التواضع فقال‏:‏ التكبر على الأغنياء‏.‏

وأخرج البيهقي عن ابن المبارك قال‏:‏ من التواضع أن تضع نفسك عند من هو دونك في نعمة الدنيا، حتى تعلمه أنه ليس لك فضل عليه لدنياك، وأن ترفع نفسك عند من هو فوقك في دنياه، حتى تعلمه أنه ليس لدنياه فضل عليك‏.‏

واخرج البيهقي عن ابن مسعود قال‏:‏ من خضع لغني ووضع له نفسه إعظاما له وطمعا فيما قبله، ذهب ثلثا مروءته وشطر دينه‏.‏

وأخرج أحمد في الزهد عن عون بن عبد الله قال‏:‏ قال عبد الله بن مسعود‏:‏ لا يبلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يحل بذروته، ولا يحل بذروته حتى يكون الفقر أحب إليه من الغنى والتواضع أحب إليه من الشرف، وحتى يكون حامده وذامه سواء‏.‏ قال‏:‏ ففسرها أصحاب عبد الله قالوا‏:‏ حتى يكون الفقر في الحلال أحب إليه من الغنى في الحرام‏.‏ وحتى يكون التواضع في طاعة الله أحب إليه من الشرف في معصية الله، وحتى يكون يكون حامده وذامه في الحق سواء‏.‏

 الآية 24

أخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال‏:‏ اجتمعت قريش فقالوا‏:‏ إن محمدا رجل حلو اللسان، إذا كلمه الرجل ذهب بعقله، فانظروا أناسا من أشرافكم المعدودين المعروفة أنسابهم، فابعثوهم في كل طريق من طرق مكة على رأس كل ليلة أو ليلتين، فمن جاء يريده فردوه عنه‏.‏ فخرج ناس منهم في كل طريق، فكان إذا أقبل الرجل وافدا لقومه ينظر ما يقول محمد فينزل بهم‏.‏ قالوا له‏:‏ أنا فلان ابن فلان‏.‏ فيعرفه بنسبه ويقول‏:‏ أنا أخبرك عن محمد، فلا يريد أن يعني إليه، وهو رجل كذاب، لم يتبعه على أمره إلا السفهاء والعبيد ومن لا خير فيه‏.‏ وأما شيوخ قومه وخيارهم، فمفارقون له فيرجع أحدهم‏.‏ فذلك قوله‏:‏ ‏{‏وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين‏}‏ فإذا كان الوافد ممن عزم الله له على الرشاد فقالوا له مثل ذلك في محمد، قال‏:‏ بئس الوافد أنا لقومي إن كنت جئت، حتى إذا بلغت إلا مسيرة يوم، رجعت قبل أن ألقى هذا الرجل‏.‏ وأنظر ما يقول‏:‏ وآتي قومي ببيان أمره، فيدخل مكة فيلقى المؤمنين فيسألهم‏:‏ ماذا يقول محمد‏؟‏ فيقولون‏:‏ ‏(‏خيرا‏.‏‏.‏‏.‏ للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة‏)‏ ‏(‏سورة النحل، 30‏)‏‏.‏ يقول‏:‏ مال ‏(‏ولدار الآخرة خير‏)‏ ‏(‏سورة النحل، 30‏)‏ وهي الجنة‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في الآية أن أناسا من مشركي العرب يقعدون بطريق من أتى نبي الله فإذا مروا سألوهم فأخبروهم بما سمعوا من النبي فقالوا إنما هو أساطير الأولين‏.‏