فصل: الآيات (32ـ 44)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور **


-  قوله تعالى‏:‏ قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون*قالوا نحن أولوا قوة وأولوا بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين*قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة كذلك يفعلون*وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون*فلما جاء سليمان قال أتمدونن بمال فما آتاني الله خير مما آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون*إرجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون*قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين*قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين*قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم*قال نكروا لها عرشها ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون*فلما جاءت قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين*وصدها ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين*قيل لها أدخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها قال إنه صرح ممرد من قوارير قالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين‏.‏

أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري‏}‏ قال‏:‏ جمعت رؤوس مملكتها، فشاورتهم في أمرها، فاجتمع رأيهم ورأيها على أن يغزوه‏.‏ فسارت حتى إذا كانت قريبه قالت‏:‏ أرسل إليه بهدية فإن قبلها فهو ملك أقاتله، وإن ردها تابعته فهو نبي‏.‏ فلما دنت رسلها من سليمان علم خبرهم، فأمر الشياطين فهيئوا له ألف قصر من ذهب وفضة‏.‏ فلما رأت رسلها قصور ذهب قالوا‏:‏ ما يصنع هذا بهديتنا، وقصوره ذهب وفضة‏!‏ فلما دخلوا بهديتها قال‏:‏ أتهدونني بمال، ثم قال سليمان ‏{‏أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين‏}‏ فقال كاتب سليمان‏:‏ ارفع بصرك‏.‏ فرفع بصره‏.‏ فلما رجع إليه طرفه إذا هو بسريرها ‏{‏قال نكروا لها عرشها‏}‏ فنزع عنه فصوصه ومرافقه وما كان عليه من شيء فقيل لها ‏{‏أهكذا عرشك‏؟‏ قالت كأنه هو‏}‏ وأمر الشياطين‏:‏ فجعلوا لها صرحا من قوارير ممردا، وجعل فيها تماثيل السمك فقيل لها ‏{‏ادخلي الصرح‏.‏‏.‏‏.‏ فكشفت عن ساقيها‏}‏ فإذا فيها الشعر‏.‏ فعند ذلك أمر بصنعة النورة فقيل لها ‏{‏إنه صرح ممرد من قوارير، قالت رب اني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين‏}‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد في قوله ‏{‏أفتوني في أمري‏}‏ تقول‏:‏ أشيروا علي برأيكم ‏{‏ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون‏}‏ تريد‏:‏ حتى تشيروا‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبه وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال‏:‏ كان تحت يدي ملكة سبأ اثنا عشر ألف قيول، تحت يدي كل قيول مائة ألف مقاتل، وهم الذين قالوا ‏{‏نحن أولو قوة وأولو بأس شديد‏}‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال‏:‏ ذكر لنا أنه كان أولو مشورتها ثلاثمائة واثنى عشر رجلا‏.‏ كل رجل منهم على عشرة الآف من الرجال‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها‏}‏ قال‏:‏ إذا أخذوها عنوة أخربوها‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد في قوله ‏{‏وجعلوا أعزة أهلها أذله‏}‏ قال‏:‏ بالسيف‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال‏:‏ قالت بلقيس ‏{‏إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة‏}‏ قال‏:‏ يقول الرب تبارك وتعالى ‏{‏وكذلك يفعلون‏}‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبه في المصنف وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏وإني مرسلة إليهم بهدية‏}‏ قال‏:‏ أرسلت بلبنة من ذهب، فلما قدموا إذا حيطان المدينة من ذهب فذلك قوله ‏{‏أتمدونن بمال‏}‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال‏:‏ قالت اني باعثة اليهم بهدية، فمصانعتهم بها عن ملكي أن كانوا أهل دنيا‏.‏ فبعثت إليهم بلبنة من ذهب في حرير وديباج، فبلغ ذلك سليمان، فأمر بلبنة من ذهب فصنعت، ثم قذفت تحت أرجل الدواب على طريقهم تبول عليها وتروث، فلما جاء رسلها واللبنة تحت أرجل الدواب، صغر في أعينهم الذي جاؤا به‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ثابت البناني قال‏:‏ أهدت له صفائح الذهب في أوعية الديباج‏.‏ فلما بلغ ذلك سليمان أمر الجن، فموهوا له الآجر بالذهب، ثم أمر به، فالقى في الطريق‏.‏ فلما جاؤا ورأوه ملقى في الطريق وفي كل مكان قالوا‏:‏ جئنا نحمل شيئا نراه ههنا ملقى ما يلتفت اليه‏.‏ فصغر في أعينهم ما جاؤا به‏.‏

وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ‏{‏وإني مرسلة إليهم بهدية‏}‏ قال‏:‏ جوار لباسهن لباس الغلمان، وغلمان لباسهن لباس الجواري‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال‏:‏ أرسلت بثمانين من وصيف ووصيفة، وحلقت رؤوسهم كلهم، وقالت‏:‏ ان عرف الغلمان من الجواري فهو نبي، وإن لم يعرف الغلمان من الجواري فليس بنبي‏.‏ فدعا بوضوء فقال‏:‏ توضؤا‏.‏ فجعل الغلام يأخذ من مرفقيه إلى كفيه، وجعلت الجارية تأخذ من كفها إلى مرفقها فقال‏:‏ هؤلاء جوار وهؤلاء غلمان‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة قال‏:‏ كانت هدية بلقيس لسليمان مائتي فرس على كل فرس غلام وجارية‏.‏ الغلمان والجواري على هيئة واحدة، لا يعرف الجواري من الغلمان ولا الغلمان من الجواري‏.‏ على كل فرس لون ليس على الآخر‏.‏ وكانت أو هديتهم عند سليمان وآخرها عندها‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال‏:‏ الهدية‏.‏ وصفان، ووصائف، ولبنة من ذهب‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال‏:‏ كانت الهدية‏.‏ جواهر‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال‏:‏ ان الهدية لما جاءت سليمان بين الغلمان والجواري امتحنهم بالوضوء‏.‏ فغسل الغلمان ظهور السواعد قبل بطونها، وغسلت الجواري بطون السواعد قبل ظهورها‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبه عن السدي قال‏:‏ قالت‏:‏ ان هو قبل الهدية فهو ملك فقاتلوه دون ملككم، وإن لم يقبل الهدية فهو نبي لا طاقة لكم بقتاله‏.‏ فبعثت إليه بهدية‏.‏ غلمان في هيئة الجواري وحليهم، وجوار في هيئة الغلمان ولباسهم، وبعثت إليه بلبنات من ذهب، وبخرزة مثقوبة مختلفة، وبعثت إليه بقدح، وبعثت إليه تعلمه‏.‏ فلما جاء سليمان الهدية أمر الشياطين، فموهوا لبن المدينة وحيطانها ذهبا وفضة، فلما رأى ذلك رسلها قالوا‏:‏ أين نذهب باللبنات في أرض هؤلاء وحيطانهم ذهب وفضة‏؟‏‏!‏ فحسبوا اللبنات وأدخلوا عليه ما سوى ذلك وقالوا‏:‏ أخرج لنا الغلمان من الجواري‏.‏ فأمرهم فتوضأوا، وأخرج الغلمان من الجواري‏.‏ اما الجارية فافرغت على يدها، وأما الغلام فاغترف، وقالوا‏:‏ ادخل لنا في هذه الخرزة خيطا‏.‏ فدعا بالدساس فربط فيه خيطا فأدخله فيها، فجال فيها واضطرب حتى خرج من الجانب الآخر‏.‏ وقالوا‏:‏ املأ لنا هذا القدح بماء ليس من الأرض ولا من السماء ابن عباس فأمر بالخيل فأجريت حتى إذا اربدت مسح عرقها فجعله فيه حتى ملأه‏.‏ فلما رجعت رسلها فأخبروها‏:‏ ان سليمان رد الهدية‏.‏ وفدت إليه وأمرت بعرشها فجعل في سبعة أبيات وغلقت عليها فأخذت المفاتيح‏.‏ فلما بلغ سليمان ما صنعت بعرشها ‏{‏قال يا أيها الملأ يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين‏}‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد قال‏:‏ قال للهدهد ‏{‏إرجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها‏}‏ يعني من الانس والجن‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله ‏{‏لا قبل لهم بها‏}‏ قال‏:‏ لا طاقة لهم بها‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال‏:‏ لما بلغ سليمان انها جاءته وكان قد ذكر له عرشها فأعجبه‏.‏ وكان عرشها من ذهب، وقوائمه من لؤلؤ وجوهر، وكان مستترا بالديباج والحرير، وكان عليه سبعة مغاليق، فكره ان يأخذه بعد إسلامهم‏.‏ وقد علم نبي الله سليمان أن القوم متى ما يسلموا تحرم أموالهم مع دمائهم، فأحب أن يؤتى به قبل أن يكون ذلك من أمرهم فقال ‏{‏أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين‏}‏‏.‏

وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ‏{‏أيكم يأتيني بعرشها‏}‏ قال‏:‏ سرير في أريكة‏.‏

وأخرج ابن المنذر من طريق علي عن ابن عباس في قوله ‏{‏قبل أن يأتوني مسلمين‏}‏ قال‏:‏ طائعين‏.‏

وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ‏{‏قال عفريت من الجن‏}‏ قال‏:‏ مارد ‏{‏قبل أن تقوم من مقامك‏}‏ قال‏:‏ من مقعدك‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله ‏{‏قال عفريت‏}‏ قال‏:‏ عظيم كأنه جبل‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن شعيب الجبائي قال‏:‏ كان اسم العفريت‏.‏ كوزن‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن رومان قال‏:‏ اسمه كوزي‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏قال عفريت من الجن‏}‏ قال‏:‏ هو صخر الجني ‏{‏وإني عليه لقوي‏}‏ قال‏:‏ على حمله ‏{‏أمين‏}‏ قال‏:‏ على ما استودع فيه‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبه وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏قبل أن تقوم من مقامك‏}‏ قال‏:‏ من مجلسك‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد في قوله ‏{‏قبل أن تقوم من مقامك‏}‏ قال‏:‏ من مجلسك الذي تجلس فيه للقضاء‏.‏ وكان سليمان إذا جلس للقضاء لم يقم حتى تزول الشمس‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏وإني عليه لقوي أمين‏}‏ قال‏:‏ على جوهره‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبه وابن المنذر عن مجاهد في قوله ‏{‏أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك‏}‏ قال‏:‏ اني أريد أعجل من هذا ‏{‏قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد اليك طرفك‏}‏ قال‏:‏ فخرج العرش من نفق من الأرض‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن حماد بن سلمة قال‏:‏ قرأت من مصحف أبي بن كعب ‏{‏وإني عليه لقوي أمين‏}‏ قال‏:‏ أريد أعجل من ذلك‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏قال الذي عنده علم من الكتاب‏}‏ قال‏:‏ آصف‏:‏ كاتب سليمان‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن رومان قال‏:‏ هو آصف بن برخيا‏.‏ وكان صديقا يعلم الاسم الاعظم‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال‏:‏ كان اسمه أسطوم‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن لهيعة قال‏:‏ هو الخضر‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد قال‏:‏ هو رجل من الانس يقال له‏:‏ ذو النور‏.‏

وأخرج ابن عساكر عن الحسن قال‏:‏ هو آصف بن برخيا بن مشعيا بن منكيل، واسم أمه باطورا من بني إسرائيل‏.‏

وأخرج ابن جرير عن قتادة ‏{‏قال الذي عنده علم من الكتاب‏}‏ قال‏:‏ كان اسمه تمليخا‏.‏

وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ‏{‏قال الذي عنده علم من الكتاب‏}‏ قال ‏"‏ الاسم الاعظم الذي إذا دعي به أجاب، وهو يا ذا الجلال والاكرام‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ‏{‏قال الذي عنده علم من الكتاب‏}‏ قال‏:‏ كان رجلا من بني إسرائيل يعلم اسم الله الاعظم إذا دعي به أجاب‏.‏

وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ‏{‏قبل أن يرتد إليك طرفك‏}‏ قال‏:‏ ادامة النظر حتى يرتد اليك الطرف خاسئا‏.‏

وأخرج أبو عبيد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد قال‏:‏ في قراءة ابن مسعود ‏(‏قال الذي عنده علم من الكتاب أنا أنظر في كتاب ربي ثم آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك‏)‏ قال‏:‏ فتكلم ذلك العالم بكلام، دخل العرش في نفق تحت الأرض حتى خرج إليهم‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبه وابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله ‏{‏قبل أن يرتد إليك طرفك‏}‏ قال‏:‏ قال لسليمان‏:‏ انظر إلى السماء قال‏:‏ فما اطرق حتى جاءه به فوضعه بين يديه‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس‏.‏ مثله‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الزهري قال‏:‏ دعاء الذي عنده من الكتاب‏.‏ يا الهنا واله كل شيء الها واحدا لا اله إلا أنت‏:‏ ائتني بعرشها‏.‏ قال‏:‏ فمثل له بين يديه‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبه وابن المنذر وابن عساكر عن ابن عباس قال‏:‏ لم يجر عرش صاحبة سبأ بين الأرض والسماء، ولكن انشقت به الأرض فجرى تحت الأرض حتى ظهر بين يدي سليمان‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن المنذر عن ابن سابط قال‏:‏ دعا باسمه الاعظم، فدخل السرير فصار له نفق في الأرض حتى نبع بين يدي سليمان‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال‏:‏ دعا باسم من أسماء الله‏.‏ فإذا عرشها يحمل بين عينيه‏.‏ ولا يدري ذلك الاسم‏.‏ قد خفي ذلك الاسم على سليمان وقد أعظم ما أعطى‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله ‏{‏قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك‏}‏ قال‏:‏ كان رجلا من بني إسرائيل يعلم اسم الله الاعظم الذي إذا دعي به أجاب، واذا سئل له أعطي‏.‏ وارتداد الطرف أن يرى ببصره حيث بلغ ثم يرد طرفه‏.‏ فدعاه فلما رآه مستقرا عنده جزع وقال‏:‏ رجل غيري أقدر على ما عند الله مني‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله ‏{‏هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر‏}‏ إذا أتيت بالعرش ‏{‏أم أكفر‏}‏ إذا رأيت من هو أدنى مني في الدنيا أعلم مني‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏قال نكروا لها عرشها‏}‏ قال‏:‏ زيد فيه ونقص ‏{‏لننظر أتهتدي‏}‏ قال‏:‏ لننظر إلى عقلها‏.‏ فوجدت ثابتة العقل‏.‏

وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ‏{‏قال نكروا لها عرشها‏}‏ قال‏:‏ تنكيره أن يجعل أسفله أعلاه، ومقدمه مؤخره، ويزاد فيه أو ينقص منه، فلما جاءت ‏{‏قيل أهكذا عرشك‏}‏ قالت ‏{‏كأنه هو‏}‏ شبهته به وكانت قد تركته خلفها فوجدته أمامها‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال‏:‏ لما دخلت وقد غير عرشها‏.‏ فجعل كل شيء من حليته أو فرشه في غير موضعه ليلبسوا عليها قيل ‏{‏أهكذا عرشك‏}‏ فرهبت أن تقول نعم هو‏.‏ فيقولون‏:‏ ما هكذا كان حليته ولا كسوته، ورهبت أن تقول ليس هو‏.‏ فيقال لها‏:‏ بل هو ولكنا غيرناه‏.‏ فقالت كأنه هو‏.‏

‏(‏يتبع‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏

‏(‏تابع‏.‏‏.‏‏.‏ 1‏)‏‏:‏ - قوله تعالى‏:‏ قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا‏.‏‏.‏‏.‏ ‏.‏‏.‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد في قوله ‏{‏وأوتينا العلم من قبلها‏}‏ قال‏:‏ سليمان يقوله‏:‏ أوتينا معرفة الله وتوحيده‏.‏

وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ‏{‏وأوتينا العلم من قبلها‏}‏ قال‏:‏ سليمان يقوله‏.‏ وفي قوله ‏{‏وصدها ما كانت تعبد من دون الله‏}‏ قال‏:‏ كفرها بقضاء الله غير الوثن ان تهتدي للحق‏.‏ في قوله ‏{‏قيل لها ادخلي الصرح‏}‏ بركة ماء ضرب عليها سليمان قوارير، وكانت بلقيس عليها شعر، قدماها حافر كحافر الحمار، وكانت أمها جنية‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح قال‏:‏ كان الصرح من زجاج وجعل فيه تماثيل السمك‏.‏ فلما رأته وقيل لها‏:‏ أدخلي الصرح‏.‏ فكسفت عن ساقيها وظنت أنه ماء قال‏:‏ ‏{‏والممرد‏}‏‏:‏ الطويل‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال‏:‏ كان قد نعت لها خلقها، فأحب أن ينظر إلى ساقيها، فقيل لها ‏{‏ادخلي الصرح‏}‏ فلما رأته ظنت أنه ماء، فكشفت عن ساقيها، فنظر إلى ساقيها أنه عليهما شعر كثير، فوقعت من عينيه وكرهها، فقالت له الشياطين‏:‏ نحن نصنع لك شيئا يذهب به‏.‏ فصنعوا له نورة من أصداف، فطلوها فذهب الشعر، ونكحها سليمان عليه السلام‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله قالت ‏{‏رب ظلمت نفسي‏}‏ قال‏:‏ ظنت أنه ماء‏.‏ وإن سليمان أراد قتلها فقالت‏:‏ أراد قتلي - والله - على ذلك، لأقتحمن فيه‏.‏ فلما رأته أنه قوارير عرفت أنها ظلمت سليمان بما ظنت‏.‏ فذلك قولها ‏{‏ظلمت نفسي‏}‏ وإنما كانت هذه المكيدة من سليمان عليه السلام لها‏.‏ ان الجن تراجعوا فيما بينهم فقالوا‏:‏ قد كنتم تصيبون من سليمان غرة، فإن نكح هذه المرأة اجتمعت فطنة الوحي والجن فلن تصيبوا له غرة‏.‏ فقدموا إليه فقالوا‏:‏ ان النصيحة لك علينا حق، إنما قدماها حافر حمار‏.‏ فذلك حين ألبس البركة قوارير، وأرسل إلى نساء من نساء بني إسرائيل ينظرنها إذا كشفت عن ساقيها‏.‏ ما قدماها‏؟‏ فإذا هي أحسن الناس ساقا من ساق شعراء، واذا قدماها هما قدم انسان، فبشرن سليمان‏.‏ وكره الشعر، فأمر الجن، فجعلت النورة‏.‏ فذلك أو ما كانت النورة‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال‏:‏ كان سليمان بن داود عليه السلام إذا أراد سفرا قعد على سريره، ووضعت الكراسي يمينا وشمالا، فيؤذن للأنس عليه، ثم أذن للجن عليه بعد الانس، ثم أذن للشياطين بعد الجن، ثم أرسل إلى الطير فتظلهم، وأمر الريح فحملتهم وهو على سريره، والناس على الكراسي، والطير تظلهم، والريح تسير بهم‏.‏ غدوها شهر، ورواحها شهر، رخاء حيث أراد‏.‏ ليس بالعاصف، ولا باللين، وسطا بين ذلك‏.‏

وكان سليمان يختار من كل طير طيرا، فيجعله رأس تلك الطير‏.‏ فإذا أراد ان يسائل تلك الطير عن شيء سأل رأسها‏.‏

فبينما سليمان يسير إذ نزل مفازة فقال‏:‏ كم بعد الماء ههنا‏؟‏ فسأل الانس فقالوا‏:‏ لا ندري‏!‏ فسأل الشياطين فقالوا‏:‏ لا ندري‏!‏ فغضب سليمان وقال‏:‏ لا أبرح حتى أعلم كم بعد مسافة الماء ههنا‏؟‏ فقالت له الشياطين‏:‏ يا رسول الله لا تغضب، فإن يك شيء يعلم فالهدهد يعلمه‏.‏ فقال سليمان‏:‏ علي بالهدهد‏.‏ فلم يوجد، فغضب سليمان وقال ‏{‏لا عذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين‏}‏ يقول‏:‏ بعذر مبين غيبة عن مسيري هذا‏.‏

قال‏:‏ ومر الهدهد على قصر بلقيس فرأى لها بستانا خلف قصرها، فمال إلى الخضرة فوقع فيه، فإذا هو بهدهد في البستان فقال له‏:‏ هدهد سليمان أين أنت عن سليمان وما تصنع ههنا‏؟‏ فقال له هدهد بلقيس‏:‏ ومن سليمان‏؟‏‏!‏ فقال‏:‏ بعث الله رجلا يقال له‏:‏ سليمان رسولا وسخر له الجن والانس والريح والطير‏.‏ فقال له هدهد بلقيس‏:‏ أي شيء تقول‏؟‏ قال‏:‏ أقول لك ما تسمع‏.‏ قال‏:‏ ان هذا لعجب‏!‏ وأعجب من ذلك ان كثرة هؤلاء القوم تملكهم أمرأة ‏{‏وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم‏}‏ جعلوا الشكر لله‏:‏ أن يسجدوا للشمس من دون الله‏.‏

قال‏:‏ وذكر لهدهد سليمان، فنهض عنه فلما انتهى إلى العسكر تلقته الطير فقالوا‏:‏ تواعدك رسول الله، وأخبروه بما قال‏.‏ وكان عذاب سليمان للطير أن ينتفه، ثم يشمسه، فلا يطير أبدا ويصير مع هوام الأرض، أو يذبحه فلا يكون له نسل أبدا‏.‏ قال الهدهد‏:‏ وما استثنى نبي الله‏؟‏ قالوا‏:‏ بلى‏.‏ قال‏:‏ أو ليأتيني بعذر مبين‏.‏ فلما أتى سليمان قال‏:‏ وما غيبتك عن مسيري‏؟‏ قال ‏{‏أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين، اني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم‏}‏ قال‏:‏ بل اعتللت ‏{‏سننظر أصدقت ام كنت من الكاذبين، اذهب بكتابي هذا فالقه إليهم‏}‏ وكتب ‏(‏بسم الله الرحمن الرحيم‏)‏ إلى بلقيس ‏{‏أن لا تعلو علي وائتوني مسلمين‏}‏ فلما ألقى الهدهد الكتاب إليها، ألقى في روعها أنه كتاب كريم، وانه من سليمان و ‏{‏أن لا تعلوا علي وائتوني مسلمين‏.‏‏.‏‏.‏، قالوا نحن أولوا قوة‏}‏ قالت ‏{إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها‏.‏‏.‏‏.‏، وإني مرسلة إليهم بهدية‏}‏ فلما جاءت الهدية سليمان قال‏:‏ أتمدونن بمال إرجع إليهم‏.‏ فلما رجع إليها رسلها خرجت فزعة، فأقبل معها ألف قيل مع كل قيل مائة ألف‏.‏

قال‏:‏ وكان سليمان رجلا مهيبا لا يبتدأ بشيء حتى يكون هو الذي يسأل عنه‏.‏ فخرج يومئذ فجلس على سريره فرأى رهجا قريبا منه قال‏:‏ ما هذا‏؟‏ قالوا‏:‏‏:‏ بلقيس يا رسول الله قال‏:‏ وقد نزلت منا بهذا المكان‏؟‏ قال ابن عباس‏:‏ وكان بين سليمان وبين ملكة سبأ ومن معها حين نظر إلى الغبار كما بين الكوفة والحيرة قال‏:‏ فأقبل على جنوده فقال‏:‏ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين‏؟‏ قال‏:‏ وبين سليمان وبين عرشها حين نظر إلى الغبار مسيرة شهرين ‏{‏قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك‏}‏‏.‏

قال‏:‏ وكان لسليمان مجلس فيه للناس كما تجلس الامراء، ثم يقوم قال سليمان‏:‏ أريد اعجل من ذلك‏.‏ قال الذي عنده علم من الكتاب‏:‏ أنا انظر في كتاب ربي ثم آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك‏.‏ فنظر إليه سليمان فلما قطع كلامه، رد سليمان بصره، فنبع عرشها من تحت قدم سليمان‏.‏ من تحت كرسي كان يضع عليه رجله، ثم يصعد إلى السرير، فلما رأى سليمان عرشها مستقرا عنده ‏{‏قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر‏}‏ إذ أتاني به قبل أن يرتد الي طرفي ‏{‏أم اكفر‏}‏ إذ جعل من هو تحت يدي أقدر على المجيء مني، ثم ‏{‏قال نكروا لها عرشها‏.‏‏.‏، فلما جاءت‏}‏ تقدمت إلى سليمان ‏{‏قيل لها أهكذا عرشك فقالت كأنه هو‏}‏ ثم قالت‏:‏ يا سليمان اني أريد ان اسألك عن شيء فأخبرني به قال‏:‏ سلي‏.‏ قالت‏:‏ أخبرني عن ماء رواء لا من الأرض ولا من السماء‏.‏

قال‏:‏ وكان إذا جاء سليمان شيء لا يعلمه يسأل الأنس عنه، فإن كان عند الأنس منه علم‏.‏‏.‏‏.‏ وإلا سأل الجن، فإن لم يكن عند الجن علم سأل الشياطين، فقالت له الشياطين‏:‏ ما أهون هذا يا رسول الله‏!‏ مر بالخيل فتجري ثم لتملأ الآنية من عرقها فقال لها سليمان‏:‏ عرق الخيل قالت‏:‏ صدقت قالت‏:‏ فأخبرني عن لون الرب قال ابن عباس‏:‏ فوثب سليمان عن سريره فخر ساجدا فقامت عنه، وتفرقت عنه جنوده، وجاءه الرسول فقال‏:‏ يا سليمان يقول لك ربك ما شأنك‏؟‏ قال‏:‏ يا رب أنت اعلم بما قالت قال‏:‏ فإن الله يأمرك أن تعود إلى سريرك فتقعد عليه، وترسل إليها والى من حضرها من جنودها، وترسل إلى جميع جنودك الذين حضروك فيدخلوا عليك، فتسألها وتسألهم عما سألتك عنه قال‏:‏ ففعل سليمان ذلك‏.‏ فلما دخلوا عليه جميعا قال لها‏:‏ عم سألتيني‏؟‏ قالت‏:‏ سألتك عن ماء رواء لا من الأرض ولا من السماء قال‏:‏ قلت لك عرق الخيل قالت‏:‏ صدقت‏.‏ قال‏:‏ وعن أي شيء سألتيني‏؟‏ قالت‏:‏ ما سألتك عن شيء إلا عن هذا قال لها سليمان‏:‏ فلأي شيء خررت عن سريري‏؟‏‏!‏ قالت‏:‏ كان ذلك لشيء لا أدري ما هو‏.‏ فسأل جنودها فقالوا‏:‏ مثل قولها‏.‏ فسأل جنوده من الأنس، والجن، والطير، وكل شيء كان حضره من جنوده، فقالوا‏:‏ ما سألتك يا رسول الله عن شيء إلا عن ماء رواء قال‏:‏ وقد كان‏.‏

قال له الرسول‏:‏ يقول الله لك‏:‏ ارجع ثمة إلى مكانك فاني قد كفيتكم فقال سليمان للشياطين‏:‏ ابنو لي صرحا تدخل علي فيه بلقيس، فرجع الشياطين بعضهم إلى بعض فقالوا لسليمان‏:‏ يا رسول الله قد سخر الله لك ما سخر، وبلقيس ملكة سبأ ينكحها فتلد له غلاما فلا ننفك له من العبودية أبدا قال‏:‏ وكانت امرأة شعراء الساقين فقالت الشياطين‏:‏ ابنو له بنيانا كأنه الماء يرى ذلك منها فلا يتزوجها، فبنوا له صرحا من قوارير، فجعلوا له طوابيق من قوارير، وجعلوا من باطن الطوابيق كل شيء يكون من الدواب في البحر‏.‏ من السمك وغيره ثم اطبقوه، ثم قالوا لسليمان‏:‏ ادخل الصرح‏.‏ فألقي كرسيا في أقصى الصرح‏.‏ فلما دخله أتى الكرسي فصعد عليه ثم قال‏:‏ أدخلوا علي بلقيس فقيل لها ادخلي الصرح فلما ذهبت فرأت صورة السمك، وما يكون في الماء من الدواب ‏{‏حسبته لجة فكشفت عن ساقيها‏}‏ لتدخل‏.‏ وكان شعر ساقها ملتويا على ساقيها‏.‏ فلما رآه سليمان ناداها وصرف وجهه عنها ‏{‏انه صرح ممرد من قوارير‏}‏ فألقت ثوبها وقالت ‏{‏رب اني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين‏}‏‏.‏

فدعا سليمان الانس فقال‏:‏ ما أقبح هذا‏!‏ ما يذهب هذا‏!‏ قالوا‏:‏ يا رسول الله الموسى‏.‏ فقال‏:‏ الموسى تقطع ساقي المرأة، ثم دعا الشياطين فقال مثل ذلك، فتلكؤا عليه ثم جعلوا له النورة قال ابن عباس‏:‏ فإنه لأول يوم رؤيت فيه النورة قال‏:‏ واستنكحها سليمان عليه السلام‏.‏ قال ابن أبي حاتم‏:‏ قال أبو بكر ابن أبي شيبه‏:‏ ما أحسنه من حديث‏!‏

وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبه في المصنف وابن جرير وابن أبي حاتم عن عبد الله بن شداد قال‏:‏ كان سليمان عليه السلام إذا أراد أن يسير وضع كرسيه، فيأتي من أراد من الانس والجن، ثم يأمر الريح فتحملهم، ثم يأمر الطير فتظلهم‏.‏ فبينا هو يسير إذ عطشوا فقال‏:‏ ما ترون بعد الماء‏؟‏ قالوا‏:‏ لا ندري‏.‏ فتفقد الهدهد وكان له منه منزلة ليس بها طير غيره فقال ‏{‏ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين، لا عذبنه عذابا شديدا‏}‏ وكان عذابه إذا عذب الطير نتفه، ثم يجففه في الشمس ‏{‏أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين‏}‏ يعني بعذر بين‏.‏

فلما جاء الهدهد استقبلته الطير فقالت له‏:‏ قد أوعدك سليمان فقال لهم‏:‏ هل استثنى‏؟‏ فقالوا له‏:‏ نعم‏.‏ قد قال‏:‏ إلا أن يجيء بعذر بين‏.‏ فجاء بخبر صاحبة سبأ، فكتب معه إليها ‏(‏بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا علي وائتوني مسلمين‏)‏ فأقبلت بلقيس، فلما كانت على قدر فرسخ قال سليمان ‏{‏أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين، قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك‏}‏ فقال سليمان‏:‏ أريد أعجل من ذلك‏.‏ فقال الذي عنده علم من الكتاب ‏{‏أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك‏}‏ فأتى بالعرش في نفق في الأرض، يعني سرب في الأرض قال سليمان‏:‏ غيروه‏.‏ فلما جاءت ‏{‏قيل لها أهكذا عرشك‏}‏ فاستنكرت السرعة ورأت العرش ‏{‏فقالت كأنه هو‏.‏‏.‏، قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته‏}‏ لجة ماء ‏{‏وكشفت عن ساقيها‏}‏ فإذا هي امرأة شعراء فقال سليمان‏:‏ ما يذهب هذا‏؟‏ فقال بعض الجن‏:‏ أنا أذهبه‏.‏ وصنعت له النورة‏.‏ وكان أول ما صنعت النورة، وكان اسمها بلقيس‏.‏

وأخرج ابن عساكر عن عكرمة قال‏:‏ لما تزوج سليمان بلقيس قال‏:‏ ما مستني حديدة قط فقال للشياطين‏:‏ أنظروا أي شيء يذهب بالشعر غير الحديد‏؟‏ فوضعوا له النورة، فكان أول من وضعها شياطين سليمان‏.‏

وأخرج البخاري في تاريخه والعقيلي عن أبي موسى الاشعري قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏"‏أول من صنعت له الحمامات سليمان‏"‏‏.‏

وأخرج الطبراني وابن عدي في الكامل والبيهقي في الشعب عن أبي موسى الاشعري قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏"‏أول من دخل الحمام سليمان، فلما وجد حره أوه من عذاب الله‏"‏‏.‏

وأخرج أبو نعيم في الحلية عن مجاهد قال‏:‏ لما قدمت ملكة سبأ على سليمان رأت حطبا جزلا فقالت لغلام سليمان‏:‏ هل يعرف مولاك كم وزن هذا الدخان‏؟‏ فقال‏:‏ أنا أعلم فكيف مولاي‏؟‏ قالت‏:‏ فكم وزنه‏؟‏ فقال الغلام‏:‏ يوزن الحطب ثم يحرق، ثم يوزن الرماد فما نقص فهو دخانه‏.‏

وأخرج البيهقي في الزهد عن الاوزاعي قال‏:‏ كسر برج من أبراج تدمر، فأصابوا فيه امرأة حسناء دعجاء مدمجى كأن أعطافها طي الطوامير، عليها عمامة طولها ثمانون ذراعا، مكتوب على طرف العمامة بالذهب ‏(‏بسم الله الرحمن الرحيم‏)‏ أنا بلقيس ملكة سبأ زوجة سليمان بن داود، ملكت الدنيا كافرة ومؤمنة، ما لم يملكه أحد قبلي ولا يملكه أحد بعدي، صار مصيري إلى الموت فأقصروا يا طلاب الدنيا‏.‏

وأخرج ابن عساكر عن سلمة بن عبد الله بن ربعي قال‏:‏ لما أسلمت بلقيس تزوجها سليمان وأمهرها باعلبك‏؟‏‏؟‏‏.‏

-  قوله تعالى‏:‏ ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا أن اعبدوا الله فإذا هم فريقان يختصمون*قال يا قوم لم تستعجلون بالسيئه قبل الحسنه لولا تستغفرون الله اعلكم ترحمون*قالوا إطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند الله بل أنتم قوم تفتنون*وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون*قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون*ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون*فانظركيف كان عاقبة مكرهم إنا دمرناهم وقومهم أجمعين*فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا أن في ذلك لآية لقوم يعلمون*وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون*ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون*أإنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون*فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون*فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها من الغابرين*وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين‏.‏

أخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ‏{‏فإذا هم فريقان يختصمون‏}‏ قال‏:‏ مؤمن، وكافر، قولهم صالح مرسل من ربه‏.‏ وقولهم ليس بمرسل‏.‏ وفي قوله ‏{‏لم تستعجلون بالسيئة‏}‏ قال‏:‏ العذاب ‏{‏قبل الحسنة‏}‏ قال‏:‏ الرحمة‏.‏ وفي قوله ‏{‏قالوا اطيرنا بك‏}‏ قال‏:‏ تشاءمنا‏.‏ وفي قوله ‏{‏وكان في المدينة تسعة رهط‏}‏ قال‏:‏ من قوم صالح‏.‏ وفي قوله ‏{‏تقاسموا بالله‏}‏ قال‏:‏ تحالفوا على هلاكه فلم يصلوا إليه حتى أهلكوا وقومهم أجمعين‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ‏{‏فإذا هم فريقان يختصمون‏}‏ قال‏:‏ ان القوم بين مصدق ومكذب‏.‏ مصدق بالحق ونازل عنده، ومكذب بالحق تاركه‏.‏ في ذلك كانت خصومة القوم ‏{‏قالوا اطيرنا بك‏}‏ قال‏:‏ قالوا‏:‏ ما أصبنا من شر فإنما هو من قبلك ومن قبل من معك ‏{‏قال طائركم عند الله‏}‏ يقول‏:‏ علم أعمالكم عند الله ‏{‏بل أنتم قوم تفتنون‏}‏ قال‏:‏ تبتلون بطاعة الله ومعصيته ‏{‏وكان في المدينة تسعة رهط‏}‏ قال‏:‏ من قوم صالح ‏{‏قالوا‏:‏ تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله‏}‏ قال‏:‏ توافقوا على أن يأخذوه ليلا فيقتلوه قال‏:‏ ذكر لنا أنهم بينما هم معانيق إلى صالح - يعني مسرعين - ليقتلوه بعث الله عليهم صخرة فأخمدتهم ‏{‏ثم لنقولن لوليه‏}‏ يعنون رهط صالح ‏{‏ومكروا مكرا‏}‏ قال‏:‏ مكرهم الذي مكروا بصالح ‏{‏ومكرنا مكرا‏}‏ قال‏:‏ مكر الله الذي مكر بهم‏:‏ رماهم بصخرة فأهمدتهم ‏{‏فانظر كيف كان‏}‏ مكرهم قال‏:‏ شر والله ‏{‏كان عاقبة مكرهم‏}‏ أن دمرهم الله وقومهم أجمعين ثم صيرهم إلى النار‏.‏وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏طائركم‏}‏ قال‏:‏ مصائبكم‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏وكان في المدينة تسعة رهط‏}‏ قال‏:‏ كان أسماؤهم زعمي، وزعيم، وهرمي،وهريم، وداب، وهواب، ورياب، وسيطع، وقدار بن سالف عاقر الناقة‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏وكان في المدينة تسعة رهط‏}‏ قال‏:‏ وهم الذين عقروا الناقة وقالوا حين عقروها تبيتن صالحا وأهله فنقتلهم، ثم نقول لأولياء صالح ما شهدنا من هذا شيئا، ومالنا به علم فدمرهم الله أجمعين‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عطاء بن أبي رياح ‏{‏وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون‏}‏ قال‏:‏ كانوا يقرضون الدراهم‏.‏ والله أعلم‏.‏

-  قوله تعالى‏:‏ قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى آلله خير أ أما يشركون‏.‏

أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبزار وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏وسلام على عباده الذين اصطفى آلله‏}‏ قال‏:‏ هم أصحاب محم صلى الله عليه وسلم اصطفاهم الله لنبيه‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن سفيان الثوري في قوله ‏{‏وسلام على عباده الذين اصطفى‏}‏ قال‏:‏ نزلت في أصحاب محمد خاصة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة أنه كان إذا قرأ ‏{‏آلله خير أما يشركون‏}‏ قال‏:‏ بل الله خير وأبقى، وأجل وأكرم‏.‏

-  قوله تعالى‏:‏ أمن خلق السموات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإله مع الله بل هم قوم يعدلون*أمن جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنهارا وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزا أإله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون‏.‏

أخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الازرق قال له‏:‏ أخبرني عن قوله تعالى ‏{‏حدائق‏}‏ قال‏:‏ البساتين‏.‏ قال‏:‏ وهل تعرف العرب ذلك قال‏:‏ نعم‏.‏ أما سمعت الشاعر يقول‏؟‏‏:‏

بلاد سقاها الله أما سهولها * فقضب ودر مغدق وحدائق

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ‏{‏حدائق‏}‏ قال‏:‏ النخل الحسان ‏{‏ذات بهجة‏}‏ قال‏:‏ ذات نضارة‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله ‏{‏حدائق‏}‏ قال‏:‏ البساتين تخللها الحيطان ‏{‏ذات بهجة‏}‏ قال‏:‏ ذات حسن‏.‏

وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ‏{‏حدائق ذات بهجة‏}‏ قال ‏{‏البهجة‏}‏ الفقاع‏.‏ يعني النوار مما يأكل الناس والانعام‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ‏{‏أإله مع الله‏}‏ أي ليس مع الله اله‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة ‏{‏بل هم قوم يعدلون‏}‏ قال‏:‏ يشركون‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد ‏{‏بل هم قوم يعدلون‏}‏ الآلهة التي عبدوها عدلوها بالله‏.‏ ليس لله عدل، ولا ند، ولا اتخذ صاحبة، ولا ولدا‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة ‏{‏وجعل لها رواسي‏}‏ قال‏:‏ رواسيها‏:‏ جبالها ‏{‏وجعل بين البحرين حاجزا‏}‏ قال‏:‏ حاجزا من الله لا يبغي أحدهما على صاحبه‏.‏