فصل: الآيات (19 - 27)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور **


 الآيات 19 - 27

أخرج عبد بن حميد والبخاري وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس قال‏:‏ كان اللات رجلا يلت سويق الحاج، ولفظ عبد بن حميد‏:‏ يلت السويق يسقيه الحاج‏.‏

وأخرج النسائي وابن مردويه عن أبي الطفيل قال‏:‏ لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة بعث خالد بن الوليد إلى نخلة، وكان بها العزى فأتاها خالد وكانت على ثلاث سمرات فقطع السمرات وهدم البيت الذي كان عليها، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال‏:‏ ارجع فإنك لم تصنع شيئا، فرجع خالد، فلما أبصرته السدنة، وهم حجبتها، أمعنوا في الجبل وهم يقولون‏:‏ يا عزى يا عزى، فأتاها خالد فإذا امرأة عريانة ناشرة شعرها تحفن التراب على رأسها، فعممها بالسيف حتى قتلها، ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال‏:‏ تلك العزى‏.‏

وأخرج الطبراني وابن مردويه عن ابن عباس أن العزى كانت ببطن نخلة وأن اللات كانت بالطائف، وأن مناة كانت بقديد‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور والفاكهي عن مجاهد قال‏:‏ كانت اللات رجلا في الجاهلية على صخرة بالطائف وكان له غنم فكان يأخذ من رسلها ويأخذ من زبيب الطائف والأقط فيجعل منه حيسا ويطعم من يمر من الناس، فلما مات عبدوه وقالوا‏:‏ هو اللات، وكان يقرأ‏:‏ اللات مشددة‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال‏:‏ كان اللات يلت السويق على الحاج فلا يشرب منه أحدا إلا سمن، فعبدوه‏.‏

وأخرج الفاكهي عن ابن عباس أن اللات لما مات قال لهم عمرو بن لحي‏:‏ إنه لم يمت ولكنه دخل الصخرة فعبدوها وبنوا عليها بيتا‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله ‏{‏أفرأيتم اللات‏}‏ قال‏:‏ كان رجل من ثقيف يلت السويق بالزيت فلما توفي جعلوا قبره وثنا، وزعم الناس أنه عامر بن الظرب أخذ عدوانا‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله ‏{‏أفرأيتم اللات والعزى‏}‏ قال‏:‏ اللات كان يلت السويق بالطائف فاعتكفوا على قبره، والعزى شجرات‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله ‏{‏أفرأيتم اللات والعزى ومناة‏}‏ قال‏:‏ آلهة كانوا يعبدونها، فكان اللات لأهل الطائف وكانت العزى لقريش بسقام شعب ببطن نخلة، وكانت مناة للأنصار بقديد‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي صالح قال‏:‏ اللات الذي كان يقوم على آلهتهم، وكان يلت لهم السويق، والعزى بنخلة كانوا يعلقون عليها السبور والعهن، ومناة حجر بقديد‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن أبي الجوزاء قال‏:‏ اللات حجر كان يلت السويق عليه فسمي اللات‏.‏

قوله تعالى‏:‏ ‏{‏تلك إذا قسمة ضيزى‏}‏‏.‏

أخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله ‏{‏ضيزى‏}‏ قال‏:‏ جائرة‏.‏ قال‏:‏ وهل تعرف العرب ذلك‏؟‏ قال‏:‏ نعم، أما سمعت قول امرئ القيس‏:‏

ضازت بنو أسد بحكمهم * إذ يعدلون الرأس بالذنب

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله ‏{‏ضيزى‏}‏ قال‏:‏ منقوصة‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله ‏{‏ضيزى‏}‏ قال‏:‏ جائرة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك مثله‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله ‏{‏ضيزى‏}‏ قال‏:‏ جائرة لا حق فيها‏.‏

قوله تعالى‏:‏ ‏{‏أم للإنسان ما تمنى‏}‏‏.‏

أخرج أحمد والبخاري والبيهقي عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إذا تمنى أحدكم فلينظر ما تمنى فإنه لا يدري ما يكتب له من أمنيته‏"‏‏.‏

قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وكم من ملك في السموات‏}‏ الآية‏.‏

أخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله ‏{‏وكم من ملك في السموات لا تغنى شفاعتهم شيئا‏}‏ قال‏:‏ لقولهم‏:‏ إن الغرانقة ليشفعون‏.‏

 الآيات 28 - 31

أخرج ابن أبي حاتم عن عمر بن الخطاب قال‏:‏ احذروا هذا الرأي على الدين، فإنما كان الرأي من رسول الله صلى الله عليه وسلم مصيبا لأن الله كان يريه، وإنما هو ههنا تكلف وظن ‏{‏وإن الظن لا يغني من الحق شيئا‏}‏‏.‏

قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ذلك مبلغهم من العلم‏}‏‏.‏

أخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله ‏{‏ذلك مبلغهم من العلم‏}‏ قال‏:‏ رأيهم‏.‏

وأخرج الترمذي وحسنه عن ابن عمر قال‏:‏ قلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات لأصحابه‏:‏ ‏"‏اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما يهون علينا مصيبات الدنيا، ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا‏"‏‏.‏

قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولله ما في السموات‏}‏ الآية‏.‏

أخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله ‏{‏ليجزي الذين أساؤا بما عملوا‏}‏ قال‏:‏ أهل الشرك ‏{‏ويجزي الذين أحسنوا‏}‏ قال‏:‏ المؤمنين‏.‏

 الآية 32

أخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله ‏{‏الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش‏}‏ قال‏:‏ الكبائر ما سمى فيه النار ‏{‏والفواحش‏}‏ ما كان فيه حد في الدنيا‏.‏

قوله تعالى‏:‏ ‏{‏إلا اللمم‏}‏‏.‏

أخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وابن جرير وابن المنذر وابن مردوية والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال‏:‏ ما رأيت شيئا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر، وزنا اللسان النطق، والنفس تمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه‏"‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود في قوله ‏{‏إلا اللمم‏}‏ قال‏:‏ زنا العينين النظر، وزنا الشفتين التقبيل، وزنا اليدين البطش، وزنا الرجلين المشي، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه، فإن تقدم بفرجه كان زانيا وإلا فهو اللمم‏.‏

وأخرج مسدد وابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي هريرة أنه سئل عن قوله ‏{‏إلا اللمم‏}‏ قال‏:‏ هي النظرة والغمزة والقبلة والمباشرة فإذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل وهو الزنا‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن الزبير قال‏:‏ اللمم ما بين الحدين‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور والترمذي وصححه والبزار وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردوية والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله ‏{‏إلا اللمم‏}‏ قال‏:‏ هو الرجل يلم بالفاحشة ثم يتوب منها، قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إن تغفر اللهم تغفر جما وأي عبد لك لا ألما‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏إلا اللمم‏}‏ يقول‏:‏ إلا ما قد سلف‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال‏:‏ قال المشركون‏:‏ إنما كانوا بالأمس يعملون معنا فأنزل الله ‏{‏إلا اللمم‏}‏ ما كان منهم في الجاهلية قبل الإسلام، وغفرها لهم حين أسلموا‏.‏

وأخرج ابن جرير عن زيد بن أسلم في قوله ‏{‏الذين يجتنبون كبائر الإثم‏}‏ قال‏:‏ الشرك ‏{‏والفواحش‏}‏ قال‏:‏ الزنا تركوا ذلك حين دخلوا في الإسلام، وغفر الله لهم ما كانوا ألم به وأصابوا من ذلك قبل الإسلام‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردوية والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة أراه رفعه في قوله ‏{‏إلا اللمم‏}‏ قال‏:‏ اللمة من الزنا ثم يتوب ولا يعود، واللمة من شرب الخمر ثم يتوب ولا يعود، قال‏:‏ فتلك الإلمام‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن في قوله ‏{‏إلا اللمم‏}‏ قال‏:‏ كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون‏:‏ هو الرجل يصيب اللمة من الزنا واللمة من شرب الخمر فيجتنبها أو يتوب منها‏.‏

وأخرج ابن مردوية عن الحسن قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أتدرون ما اللمم‏؟‏ قالوا‏:‏ الله ورسوله أعلم‏.‏ قال‏:‏ هو الذي يلم بالخطرة من الزنا ثم لا يعود، ويلم بالخطرة من شرب الخمر ثم لا يعود، ويلم بالسرقة ثم لا يعود‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله ‏{‏إلا اللمم‏}‏ قال‏:‏ يلم بها في الحين ثم يتوب‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن أبي صالح قال‏:‏ سئلت عن اللمم، فقلت‏:‏ هو الرجل يصيب الذنب ثم يتوب، وأخبرت بذلك ابن عباس، فقال‏:‏ لقد أعانك عليها ملك كريم‏.‏

وأخرج البخاري في تاريخه عن الحسن في قوله ‏{‏إلا اللمم‏}‏ قال‏:‏ الزنية في الحين‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن أبي صالح في قوله ‏{‏إلا اللمم‏}‏ قال‏:‏ الوقعة من الزنا لا يعود لها‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن عطاء في قوله ‏{‏إلا اللمم‏}‏ قال‏:‏ هو ما دون الجماع‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن عكرمة أنه ذكر له قول الحسن في اللمم هي الخطرة من الزنا، فقال‏:‏ لا ولكنها الضمة والقبلة والشمة‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عمرو قال‏:‏ اللمم ما دون الشرك‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن ابن عباس قال‏:‏ اللمم كل شيء بين الحدين حد الدنيا وحد الآخرة يكفره الصلاة، وهو دون كل موجب، فأما حد الدنيا فكل حد فرض الله عقوبته في الدنيا، وأما حد الآخرة فكل شيء ختمه الله بالنار، وأخر عقوبته إلى الآخرة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله ‏{‏إلا اللمم‏}‏ قال‏:‏ اللمم ما بين الحدين ما لم يبلغ حد الدنيا ولا حد الآخرة موجبة قد أوجب الله لأهلها النار أو فاحشة يقام عليه الحد في الدنيا‏.‏

وأخرج ابن جرير عن محمد بن سيرين قال‏:‏ سأل رجل زيد بن ثابت عن هذه الآية ‏{‏الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم‏}‏ فقال‏:‏ حرم الله عليك الفواحش ما ظهر منها وما بطن‏.‏

قوله تعالى‏:‏ ‏{‏هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض‏}‏‏.‏

أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبو نعيم في المعرفة وابن مردوية والواحدي عن ثابت بن الحارث الأنصاري قال‏:‏ كانت اليهود إذا هلك لهم صبي صغير قالوا‏:‏ هذا صديق، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ‏"‏كذبت يهود ما من نسمة يخلقها الله في بطن أمها إلا أنه شقي أو سعيد‏"‏‏.‏ فأنزل الله عند ذلك ‏{‏هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض‏}‏ الآية كلها‏.‏

وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله ‏{‏هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض‏}‏ قال‏:‏ هو كنحو قوله ‏(‏وهو أعلم بالمهتدين‏)‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله ‏{‏إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة‏}‏ قال‏:‏ حين خلق الله آدم من الأرض ثم خلقكم من آدم‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن في قوله ‏{‏هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم‏}‏ قال‏:‏ علم الله من كل نفس ما هي عاملة وما هي صانعة وما هي إليه صائرة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن زيد بن أسلم في قوله ‏{‏فلا تزكوا أنفسكم‏}‏ قال‏:‏ لا تبرئوا أنفسكم‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله ‏{‏فلا تزكوا أنفسكم‏}‏ قال‏:‏ لا تعملوا بالمعاصي وتقولون‏:‏ نعمل بالطاعة‏.‏

وأخرج ابن سعد وأحمد ومسلم وأبو داود وابن مردوية عن زينب بنت أبي سلمة أنها سميت برة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ ‏{‏فلا تزكوا أنفسكم‏}‏ الله أعلم بأهل البر منكم سموها زينب‏"‏‏.‏

وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات عن جده عبد الله بن مصعب قال‏:‏ قال أبو بكر الصديق لقيس بن عاصم‏:‏ صف لنا نفسك‏.‏ فقال‏:‏ إن الله يقول ‏{‏فلا تزكوا أنفسكم‏}‏ فلست ما أنا بمزك نفسي، وقد نهاني الله عنه، فأعجب أبا بكر ذلك منه‏.‏

 الآيات 33 - 37

أخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في مغزاة فجاء رجل فلم يجد ما يخرج عليه فلقي صديقا له فقال‏:‏ أعطني شيئا، قال‏:‏ أعطيك بكري هذا على أن تتحمل بذنوبي، فقال له‏:‏ نعم، فأنزل الله ‏{‏أفرأيت الذي تولى وأعطى قليلا وأكدى‏}‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن دراج أبي السمح قال‏:‏ خرجت سرية غازية فسأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحمله، فقال‏:‏ لا أجد ما أحملك عليه فانصرف حزينا فمر برجل رحاله منيخة بين يديه فشكا إليه، فقال له الرجل‏:‏ هل لك أن أحملك فتلحق الجيش‏؟‏ فقال‏:‏ نعم، فنزلت ‏{‏أفرأيت الذي تولى‏}‏ إلى قوله ‏{‏ثم يجزاه الجزاء الأوفى‏}‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال‏:‏ إن رجلا أسلم فلقيه بعض من يعيره فقال‏:‏ أتركت دين الأشياخ وضللتهم، وزعمت أنهم في النار‏؟‏ قال‏:‏ إني خشيت عذاب الله قال‏:‏ أعطني شيئا وأنا أحمل كل عذاب كان عليك فأعطاه شيئا، فقال‏:‏ زدني فتعاسرا حتى أعطاه شيئا وكتب له كتابا وأشهد له، ففيه نزلت هذه الآية ‏{‏أفرأيت الذي تولى وأعطى قليلا وأكدى أعنده علم الغيب فهو يرى‏}‏‏.‏

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ‏{‏أفرأيت الذي تولى‏}‏ قال‏:‏ الوليد بن المغيرة، كان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر فيسمع ما يقولان وذلك ‏{‏ما أعطى‏}‏ من نفسه أعطى الاستماع ‏{‏وأكدى‏}‏ قال‏:‏ انقطع عطاؤه نزل في ذلك ‏{‏أعنده علم الغيب‏}‏ قال‏:‏ الغيب القرآن أرأى فيه باطلا أنفذه ببصره إذ كان يختلف إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر‏.‏

وأخرج ابن مردوية عن ابن عباس في قوله ‏{‏وأعطى قليلا وأكدى‏}‏ قال‏:‏ قطع نزلت في العاص بن وائل‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏وأعطى قليلا وأكدى‏}‏ قال‏:‏ أطاع قليلا ثم انقطع‏.‏

وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله ‏{‏أعطى قليلا وأكدى‏}‏ قال‏:‏ أعطى قليلا من ماله، ومنع الكثير ثم كدره بمنة قال‏:‏ وهل تعرف العرب ذلك‏؟‏ قال‏:‏ نعم أما سمعت قول الشاعر‏:‏

أعطى قليلا ثم أكدى بمنه * ومن ينشر المعروف في الناس يحمد

قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وإبراهيم الذي وفى‏}‏‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردوية والشيرازي في الألقاب والديلمي بسند ضعيف عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏أتدرون ما قوله ‏{‏وإبراهيم الذي وفى‏}‏ قالوا‏:‏ الله ورسوله أعلم‏.‏ قال‏:‏ وفى عمل يومه بأربع ركعات كان يصليهن من أول النهار وزعم أنها صلاة الضحى‏"‏‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏وإبراهيم الذي وفى‏}‏ قال‏:‏ وفى الله بالبلاغ‏.‏

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله ‏{‏وإبراهيم الذي وفى‏}‏ قال‏:‏ وفى ما فرض عليه‏.‏

وأخرج الحاكم وصححه وابن مردوية عن ابن عباس قال‏:‏ سهام الإسلام ثلاثون سهما لم يمسها أحد قبل إبراهيم عليه الصلاة والسلام، قال الله ‏{‏وإبراهيم الذي وفى‏}‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن قتادة ‏{‏وإبراهيم الذي وفى‏}‏ قال‏:‏ وفى طاعة الله وبلغ رسالة ربه إلى خلقه‏.‏

وأخرج ابن جرير عن مجاهد وعكرمة ‏{‏وإبراهيم الذي وفى‏}‏ قال‏:‏ بلغ هذه الآية ‏{‏أن لا تزر وازرة وزر أخرى‏}‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير ‏{‏وإبراهيم الذي وفى‏}‏ قال‏:‏ بلغ ما أمر به‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس ‏{‏وإبراهيم الذي وفى‏}‏ يقول‏:‏ الذي استكمل الطاعة فيما فعل بابنه حين رأى الرؤيا والذي في صحف موسى ‏{‏أن لا تزر وازرة وزر أخرى‏}‏ إلى آخر الآية‏.‏

وأخرج ابن جرير عن القرظي ‏{‏وإبراهيم الذي وفى‏}‏ قال‏:‏ وفى بذبح ابنه‏.‏

وأخرج ابن مردوية عن ابن عباس في قوله ‏{‏وإبراهيم الذي وفى‏}‏ قال‏:‏ وفى سهام الإسلام كلها ولم يوفها أحد غيره، وهي ثلاثون سهما منها عشرة في براءة ‏(‏إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم‏)‏ ‏(‏التوبة 111‏)‏ الآيات كلها وعشرة في الأحزاب ‏(‏إن المسلمين والمسلمات‏)‏ ‏(‏الأحزاب 35‏)‏ الآيات كلها وستة في ‏(‏قد أفلح المؤمنين‏)‏ ‏(‏المؤمنون 1‏)‏ من أولها الآيات كلها وأربع في ‏(‏سأل سائل‏)‏ ‏(‏المعارج 1‏)‏ ‏(‏والذين يصدقون بيوم الدين‏)‏ ‏(‏المعارج 26‏)‏ ‏(‏والذين هم من عذاب ربهم مشفقون‏)‏ ‏(‏المعارج 27‏)‏ الآيات كلها فذلك ثلاثون سهما فمن وافى الله بسهم منها فقد وافاه بسهم من سهام الإسلام ولم يوافه بسهام الإسلام كلها إلا إبراهيم عليه الصلاة والسلام، قال الله ‏{‏وإبراهيم الذي وفى‏}‏‏.‏

 الآيات 38 - 41

أخرج عبد بن حميد والحاكم وصححه وابن مردوية عن ابن عباس قال‏:‏ لما نزلت ‏{‏والنجم‏}‏ فبلغ ‏{‏وإبراهيم الذي وفى‏}‏ قال‏:‏ وفى ‏{‏أن لا تزر وازرة وزر أخرى‏}‏ إلى قوله ‏{‏من النذر الأولى‏}‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن أبي العالية في قوله ‏{‏وإبراهيم الذي وفى‏}‏ قال‏:‏ أدى عن ربه ‏{‏أن لا تزر وازرة وزر أخرى‏}‏‏.‏

وأخرج الشافعي وسعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن عمرو بن أوس قال‏:‏ كان الرجل يؤخذ بذنب غيره حتى جاء إبراهيم فقال الله ‏{‏وإبراهيم الذي وفى‏}‏ قال‏:‏ بلغ وأدى ‏{‏أن لا تزر وازرة وزر أخرى‏}‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس ‏{‏وإبراهيم الذي وفى‏}‏ قال‏:‏ كانوا قبل إبراهيم يأخذون الولي بالمولى حتى كان إبراهيم فبلغ ‏{‏أن لا تزر وازرة وزر أخرى‏}‏ لا يؤخذ أحد بذنب غيره‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن هذيل بن شرحبيل قال‏:‏ كان الرجل يؤخذ بذنب غيره فيما بين نوح إلى إبراهيم حتى جاء إبراهيم ‏{‏فلا تز وازرة وزر أخرى‏.‏

قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وأن ليس للإنسان إلا ما سعى‏}‏‏.‏

أخرج أبو داود والنحاس كلاهما في الناسخ وابن جرير وابن المنذر وابن مردوية عن ابن عباس قال ‏{‏وأن ليس للإنسان إلا ما سعى‏}‏ فأنزل الله بعد ذلك ‏(‏والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم‏)‏ ‏(‏سورة الطور، الآية 21‏)‏ فأدخل الله الأبناء الجنة بصلاح الآباء‏.‏

وأخرج ابن مردوية عن ابن عباس قال‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ ‏{‏وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى‏}‏ استرجع واستكان‏.‏

 الآيات 42 - 47

أخرج الدارقطني في الأفراد والبغوي في تفسيره عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله ‏{‏وأن إلى ربك المنتهى‏}‏ قال‏:‏ لا فكرة في الرب، وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن سفيان الثوري في قوله ‏{‏وأن إلى ربك المنتهى‏}‏ قال‏:‏ لا فكرة في الرب‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال‏:‏ مر النبي صلى الله عليه وسلم على قوم يتفكرون في الله فقال‏:‏ ‏"‏تفكروا في الخلق ولا تتفكروا في الخالق فإنكم لن تقدرونه‏"‏‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن أبي ذر قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏تفكروا في خلق الله ولا تفكروا في الله فتهلكوا‏"‏‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن يونس بن مسيرة قال‏:‏ خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه وهم يذكرون عظمة الله تعالى، فقال‏:‏ ‏"‏ما كنتم تذكرون‏؟‏ ‏"‏ قالوا‏:‏ كنا نتفكر في عظمة الله تعالى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ألا في الله فلا تفكروا، ثلاثا، ألا فتفكروا في عظم ما خلق، ثلاثا‏"‏‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن أبي أمية مولى شبرمة واسمه الحكم عن بعض أئمة الكوفة قال‏:‏ قال ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقصد نحوهم فسكتوا، فقال‏:‏ ‏"‏ما كنتم تقولون‏"‏‏؟‏ قالوا‏:‏ نظرنا إلى الشمس فتفكرنا فيها من أين تجيء ومن أين تذهب، وتفكرنا في خلق الله، فقال‏:‏ ‏"‏كذلك فافعلوا تفكروا في خلق الله ولا تفكروا في الله فإن لله تعالى وراء المغرب أرضا بيضاء بياضها ونورها مسيرة الشمس أربعين يوما فيها خلق من خلق الله لم يعصوا الله طرفة عين‏"‏ قيل‏:‏ يا رسول الله من ولد آدم هم‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏ما يدرون خلق آدم أم لم يخلق‏"‏ قيل‏:‏ يا نبي الله فأين إبليس عنهم‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏لا يدرون خلق إبليس أم لم يخلق‏"‏‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال‏:‏ دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في المسجد حلق حلق، فقال لنا‏:‏ فيم أنتم‏؟‏ قلنا‏:‏ نتفكر في الشمس كيف طلعت، وكيف غربت‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏أحسنتم كونوا هكذا تفكروا في المخلوق ولا تفكروا في الخالق فإن الله خلق ما شاء لما شاء وتعجبون من ذلك إن من وراء ‏(‏ق‏)‏ سبع بحار كل بحر خمسمائة عام، ومن وراء ذلك سبع أرضين يضيء نورها لأهلها ومن وراء ذلك سبعين ألف أمة خلقوا على أمثال الطير هو وفرخه في الهواء، لا يفترون عن تسبيحة واحدة ومن وراء ذلك سبعين ألف أمة خلقوا من ريح، فطعامهم ريح، وشرابهم ريح، وثيابهم من ريح، وآنيتهم من ريح، ودوابهم من ريح، لا تستقرحوا فردوا بهم إلى الأرض إلى قيام الساعة، أعينهم في صدروهم ينام أحدهم نومة واحدة، ينتبه وعند رأسه رزقه، ومن وراء ذلك ظل العرش، وفي ظل العرش سبعون ألف أمة ما يعلمون أن الله خلق آدم ولا ولد آدم ولا إبليس ولا ولد إبليس، وهو قوله تعالى ‏(‏ويخلق ما لا تعلمون‏)‏ ‏(‏سورة النحل 8‏)‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردوية عن عائشة قالت‏:‏ مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على قوم يضحكون فقال‏:‏ ‏"‏لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرا ولضحكتم قليلا، فنزل عليه جبريل، فقال‏:‏ إن الله ‏{‏وأنه هو أضحك وأبكى‏}‏ فرجع إليهم فقال‏:‏ ما خطوت أربعين خطوة حتى أتاني جبريل، فقال‏:‏ ائت هؤلاء فقل لهم‏:‏ ‏"‏إن الله أضحك وأبكى‏"‏‏.‏

وأخرج أبو الشيخ في العظمة وابن مردوية عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏هبط آدم من الجنة بياقوتة بيضاء تمسح بها دموعه، قال‏:‏ وبكى آدم على الجنة أربعين عاما، فقال له جبريل‏:‏ يا آدم ما يبكيك إن الله بعثني إليك معزيا، فضحك آدم، فذلك قول الله ‏{‏هو أضحك وأبكى‏}‏ فضحك آدم، وضحكت ذريته وبكى آدم وبكت ذريته‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن جبار الطائي قال‏:‏ شهدت جنازة أم مصعب بن الزبير وفيها ابن عباس، فسمعنا أصوات نوائح فقلت‏:‏ عباس يصنع هذا وأنت ههنا‏؟‏ فقال‏:‏ دعنا عنك يا جبار فإن الله أضحك وأبكى‏.‏