فصل: الآيات( 10 - 14)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور **


 الآية 10 - 14

أخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه ‏{‏والذين جاؤوا من بعدهم‏}‏ قال‏:‏ الذين أسلموا فعنوا أيضا عبد الله بن نبتل وأوس بن قيظي‏.‏

وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص قال‏:‏ الناس على ثلاثة منازل قد مضت منزلتان وبقيت منزلة، فأحسن ما أنتم كائنون عليه إن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت، ثم قرأ ‏{‏للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم‏}‏ الآية، ثم قال‏:‏ هؤلاء المهاجرون وهذه منزلة وقد مضت ثم قرأ ‏{‏والذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلهم‏}‏ الآية ثم قال‏:‏ هؤلاء الأنصار وهذه منزلة وقد مضت، ثم قرأ ‏{‏والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمانْ‏}‏ فقد مضت هاتان المنزلتان وبقيت هذه المنزلة فأحسن ما أنتم كائنون عليه أن تكونوا بهذه المنزلة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك رضي الله عنه ‏{‏والذين جاؤوا من بعدهم‏}‏ الآية قال‏:‏ أمروا بالاستغفار لهم، وقد علم ما أحدثوا‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ أمروا أن يستغفروا لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسبوهم ثم قرأت هذه الآية ‏{‏والذين جاؤوا يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذي سبقونا بالإيمان‏}‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر أنه سمع رجلا وهو يتناول بعض المهاجرين، فقرأ عليه ‏{‏للفقراء المهاجرين‏}‏ الآية، ثم قال‏:‏ هؤلاء المهاجرون فمنهم أنت‏؟‏ قال‏:‏ لا ثم قرأ عليه ‏{‏والذين تبوؤا الدار والإيمان‏}‏ الآية، ثم قال‏:‏ هؤلاء الأنصار أفأنت منهم‏؟‏ قال‏:‏ لا ثم قرأ عليه ‏{‏والذين جاؤوا من بعدهم‏}‏ الآية، ثم قال‏:‏ أفمن هؤلاء أنت‏؟‏ قال‏:‏ أرجو قال‏:‏ لا ليس من هؤلاء من يسب هؤلاء‏.‏

وأخرج ابن مردويه من وجه آخرعن ابن عمر أنه بلغه أن رجلا نال من عثمان، فدعاه فأقعده بين يديه، فقرأ عليه ‏{‏للفقراء المهاجرين‏}‏ الآية قال‏:‏ من هؤلاء أنت‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏ ثم قرأ ‏{‏والذين جاؤوا من بعدهم‏}‏ الآية، قال‏:‏ من هؤلاء أنت‏؟‏ قال‏:‏ أرجوا أن أكون منهم‏.‏ قال‏:‏ لا والله ما يكون منهم من يتناولهم وكان في قلبه الغل عليهم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن الأعمش أنه قرأ ‏{‏ربنا لا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا‏}‏‏.‏

وأخرج الحكيم الترمذي النسائي عن أنس رضي الله عنه قال‏:‏ ‏"‏بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ يطلع الآن رجل من أهل الجنة فأطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته ماء من وضوئه، معلق نعليه في يده الشمال، فلما كان من الغد‏.‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة فاطلع ذلك الرجل على مثل مرتبته الأولى، فلما كان من الغد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ذلك، فأطلع ذلك الرجل، فلما قام الرجل أتبعه عبد الله بن عمرو بن العاص فقال‏:‏ إني لاحيت أبي فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاثا فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تحل يميني فعلت‏.‏ قال‏:‏ نعم، قال أنس‏:‏ فكان عبد بن عمرو يحدث أنه بات معه ليلة فلم يره يقوم من الليل شيئا غير أنه كان إذا تقلب على فراشه ذكر الله وكبر، حتى يقوم لصلاة الفجر فيسبغ الوضوء غير أني لا أسمعه يقول إلا خيرا، فلما مضت الليالي الثلاث وكدت احتقر عمله قلت‏:‏ يا عبد الله إنه لم يكن بيني وبين والدي غضب ولا هجرة ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك ثلاث مرات في ثلاث مجالس يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة، فأطلعت أنت تلك المرات الثلاث، فأردت أن آوي إليك فأنظر ما عملك، فإذا ما هو إلا ما رأيت فانصرفت عنه فلما وليت دعاني فقال‏:‏ ما هو إلا ما قد رأيت غير أني لا أجد في نفسي غلا لأحد من المسلمين، ولا أحسده على خير أعطاه الله إياه، فقال له عبد الله بن عمرو‏:‏ هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق‏"‏‏.‏

وأخرج الحكيم الترمذي عن عبد العزيز بن أبي رواد قال‏:‏ ‏"‏بلغنا أن رجلا صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلما انصرف قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ هذا الرجل من أهل الجنة‏.‏

قال عبد الله بن عمروا‏:‏ فأتيته فقلت‏:‏ يا عماه الضيافة، قال نعم، فإذا له خيمة وشاة ونخل، فلما أمسى خرج من خيمته فاحتلب العنز واجتنى لي رطبا ثم وضعه، فأكلت معه فبات نائما وبت قائما، وأصبح مفطرا وأصبحت صائما، ففعل ذلك ثلاث ليال، فقلت له‏:‏ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيك‏:‏ إنك من أهل الجنة فأخبرني ما عملك‏؟‏ فائت الذي أخبرك حتى يخبرك بعملي فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال‏:‏ ائته فمره أن يخبرك فقلت‏:‏ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تخبرني‏.‏ قال‏:‏ أما الآن فنعم فقال‏:‏ لو كانت الدنيا لي فأخذت مني لم أحزن عليها، ولو أعطيتها لم أفرح بها وأبيت وليس في قلبي غل على أحد قال عبد الله‏:‏ لكني والله أقوم الليل وأصوم النهار ولو وهبت لي شاة لفرحت بها، ولو ذهبت لحزنت عليها، والله لقد فضلك الله علينا فضلا بينا‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس ‏{‏ألم تر إلى الذين نافقوا‏}‏ قال عبد الله بن أبي بن سلول ورفاعة بن تابوت وعبد الله بن نبتل وأوس بن قيظي وإخوانهم بنو النضير‏.‏

وأخرج ابن إسحق وابن المنذر وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس أن رهطا من بني عوف بن الحارث منهم عبد الله بن أبي بن سلول ووديعة بن مالك وسويد وداعس بعثوا إلى بني النضير أن اثبتوا وتمنعوا فإنا لا نسلمكم، وإن قوتلتم قاتلنا معكم، وإن خرجتم خرجنا معكم، فتربصوا ذلك من نصرهم فلم يفعلوا وقذف الله الرعب في قلوبهم، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجليهم، ويكف عن دمائهم، على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلا الحلقة، ففعل، فكان الرجل منهم يهدم بيته فيضعه على ظهر بعيره فينطلق به فخرجوا إلى خيبر ومنهم من سار إلى الشام‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال‏:‏ قدأسلم ناس من أهل قريظة والنضير، وكان فيهم منافقون، وكانوا يقولون لأهل النضير‏:‏ لئن أخرجتم لنخرجن معكم، فنزلت فيهم هذا الآية ‏{‏ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله‏:‏ ‏{‏ألم تر إلى الذين نافقوا‏}‏ قال‏:‏ عبد الله بن أبي سلول ورفاعة بن تابوت وعبد الله بن نبتل وأوس بن قيظي ‏{‏يقولون لإخوانهم‏}‏ قال‏:‏ النضير ‏{‏بأسهم بينهم شديد‏}‏ قال‏:‏ بالكلام ‏{‏تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى‏}‏ قال‏:‏ المنافقون يخالف دينهم دين النضير ‏{‏كمثل الذين من قبلهم قريبا‏}‏ قال‏:‏ كفار قريش يوم بدر‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله‏:‏ ‏{‏تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى‏}‏ قال‏:‏ كذلك أهل الباطل مختلفة شهادتهم، مختلفة أهواؤهم، مختلفة أعمالهم، وهم مجتمعون في عداوة أهل الحق ‏{‏كمثل الذين من قبلهم قريبا‏}‏ قال‏:‏ هم بنو النضير‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس ‏{‏تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى‏}‏ قال‏:‏ هم المشركون‏.‏

وأخرج الديلمي عن علي قال‏:‏ المؤمنون بعضهم لبعض نصحاء وادون وإن افترقت منازلهم، والفجرة بعضهم لبعض غششة خونة وإن اجتمعت أبدانهم‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن مجاهد ‏{‏كمثل الذين من قبلهم قريبا‏}‏ قال‏:‏ هم كفار قريش يوم بدر‏.‏

وأخرج عبد الرزاق عن قتادة ‏{‏كمثل الذين من قبلهم قريبا‏}‏ قال‏:‏ هم بنو النضير‏.‏

 الآية 15 - 20

أخرج عبد الرزاق وابن راهويه وأحمد في الزهد وعبد بن حميد والبخاري في تاريخه وابن جرير وابن المنذر والحاكم صححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن علي بن أبي طالب أن رجلا كان يتعبد في صومعة، وأن امرأة كان لها إخوة فعرض لها شيء، فأتوه بها، فزينت له نفسه فوقع عليها، فجاءه الشيطان فقال‏:‏ اقتلها فإنهم إن ظهروا عليك افتضحت، فقتلها ودفنها، فجاؤوه فأخذوه، فذهبوا به، فبينما هم يمشون إذاجاءه الشيطان فقال‏:‏ إني أنا الذي زينت لك فاسجد لي سجدة أنجيك، فسجد له، فذلك قوله‏:‏ ‏{‏كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر‏}‏ الآية

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏كمثل الشيطان‏}‏ الآية، قال‏:‏ كان راهب من بين إسرائيل يعبد الله فيحسن عبادته، وكان يؤتي من كل أرض فيسأل عن الفقه، وكان عالما، وإن ثلاثة إخوة لهم أخت حسناء من أحسن الناس، وإنهم أرادوا أن يسافروا، وكبر عليهم أن يدعوها ضائعة، فعمدوا إلى الراهب، فقالوا‏:‏ إنا نريد السفر، وإنا لا نجد أحد أوثق في أنفسنا ولا آمن عندنا منك، فإن رأيت جعلنا أختنا عندك، فإنها شديدة الوجع، فإن ماتت، فقم عليها، وإن عاشت فأصلح إليها حتى ترجع، فقال‏:‏ اكفيكم إن شاء الله فقام عليها فداواها حتى برئت وعاد إليها حسنها، وإنه اطلع إليها فوجدها متصنعة، ولم يزل به الشيطان حتى وقع عليها فحملت، ثم ندمه الشيطان فزين له قتلها وقال‏:‏ إن لم تفعل افتضحت وعرف أمرك، فلم يكن لك معذره، فلم يزل به حتى قتلها، فلما قدم إخوتها سألوه ما فعلت‏؟‏ قال‏:‏ ماتت، فدفنتها‏.‏ قالوا‏:‏ أحسنت‏.‏ فجعلوا يرون في المنام ويخبرون أن الراهب قتلها أنها تحت شجرة كذا وكذا، وأنهم عمدوا إلى الشجرة فوجدها قد قتلت، فعمدوا إليه فأخذوه فقال الشيطان‏:‏ أنا الذي زينت لك الزنا وزينت لك قتلها، فهل لك أن تطيعني وأنجيك‏؟‏ قال‏:‏ نعم، قال‏:‏ قال فاسجد لي سجدة واحدة فسجد له ثم قتل فذلك قول الله‏:‏ ‏{‏كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في هذه الآية قال‏:‏ كانت امرأة ترعى الغنم وكان لها أربعة إخوة، وكانت تأوي بالليل إلى صومعة راهب فنزل الراهب ففجر بها، فأتاه الشيطان فقال‏:‏ اقتلها ثم ادفنها، فإنك رجل مصدق يسمع قولك، فقتلها ثم دفنها، فأتى الشيطان إخوتها في المنام، فقال لهم‏:‏ إن الراهب فجر بأختكم، فلما أحبلها قتلها ثم دفنها في مكان كذا وكذا، فلم أصبح قال رجل منهم‏:‏ لقد رأيت البارحة كذا وكذا فقال الآخر‏:‏ وأنا والله لقد رأيت كذلك فقال الآخر‏:‏ وأنا والله لقد رأيت كذلك قالوا‏:‏ فوالله ما هذا إلا لشيء، فانطلقوا فاستعدوا ملكهم على ذلك الراهب فأتوه فأنزلوه، ثم انطلقوا به، فلقيه الشيطان فقال‏:‏ إني أنا الذي أوقعتك في هذا، ولن ينجيك منه غيري فاسجد لي سجدة واحدة وأنجيك مما أوقعتك فيه، فسجد له فلما أتوا به ملكهم تبرأ منه وأخذ فقتل‏.‏

وأخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن عبيد بن رفاعة الدارمي يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ كان راهب في بني إسرائيل، فأخذ الشيطان جارية فخنقها فألقى في قلوب أهلها أن دواءها عند الراهب، فأتي بها الراهب، فأبى أن يقبلها، فلم يزالوا به حتى قبلها، فكانت عنده، فأتاه الشيطان فوسوس له وزين له، فلم يزل به حتى وقع عليها، فلما حملت وسوس له الشيطان فقال‏:‏ الآن تفتضح، يأتيك أهلها فاقتلها، فإن أتوك، فقل‏:‏ ماتت‏.‏ فقتلها ودفنها فأتى الشيطان أهلها فوسوس

وأخرج ابن المنذر والخرائطي في اعتلال القلوب من طريق عدي بن ثابت عن ابن عباس في الآية قال‏:‏ كان راهب في بني إسرائيل متعبدا زمانا حتى كان يؤتى بالمجانين فيقرأ عليهم ويعودهم حتى يبرؤوا فأتى بامرأة في شرف قد عرض لها الجنون، فجاء إخواتها إليه ليعوذها، فلم يزل به الشيطان يزين له حتى وقع عليها فحملت، فلما عظم بطنها لم يزل الشيطان يزين له حتى قتلها ودفنها في مكان، فجاء الشيطان في صورة رجل إلى بعض إخوتها فأخبره، فجعل الرجل يقول لأخيه‏:‏ والله لقد أتاني آت فأخبرني بكذا وكذا حتى أفضى به بعضهم إلى بعض حتى رفعوه إلى ملكهم، فسار الملك والناس حتى استنزله فأقر واعترف فأمر به الملك فصلب، فأتاه الشيطان وهو على خشبته فقال‏:‏ أنا الذي زينت لك، هذا وألقيتك فيه، فهل أنت مطيعي فيما آمرك به وأخلصك‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ فاسجد لي سجدة واحدة، فسجد له وكفر، فقتل في تلك الحال‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن طاووس قال‏:‏ كان رجل من بني إسرائيل عابدا وكان ربما داوى المجانين وكانت امرأة جميلة أخذها الجنون فجيء بها إليه فتركت عنده، فأعجبته، فوقع عليها، فحملت، فجاءه الشيطان، فقال‏:‏ إن علم بهذا افتضحت فاقتلها وادفنها في بيتك، فقتلها فجاء أهلها بعد زمان يسألونه عنها، فقال‏:‏ ماتت، فلم يتهموه لصلاحه فيهم ورضاه، فجاءهم الشيطان فقال‏:‏ إنها لم تمت ولكنها وقع عليها فحملت فقتلها ودفنها في بيته في مكان كذا وكذا، فجاء أهلها فقالوا‏:‏ ما نتهمك، ولكن أخبرنا أين دفنتها ومن كان معك ففتشوا بيته فوجدوها حيث دفنها، فأخذ فسجن، فجاءه الشيطان فقال‏:‏ إن كنت تريد أن أخرجك مما أنت فيه فأكفر بالله، فأطاع الشيطان وكفر، فأخذ وقتل فتبرأ منه الشيطان حينئذ قال طاوس‏:‏ ما أعلم إلا أن هذه الآية أنزلت فيه ‏{‏كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود في الآية قال‏:‏ ضرب الله مثل الكفار والمنافقين الذين كانوا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ‏{‏كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر‏}‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه ‏{‏كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر‏}‏ قال‏:‏ عامة الناس‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن الأعمش أنه كان يقرأ ‏"‏فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدان فيها‏"‏ والله أعلم‏.‏

قوله تعالى‏:‏ ‏{‏يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله‏}‏ الآية‏.‏

أخرج ابن أبي شيبة ومسلم والنسائي وابن ماجة وابن مردويه عن جرير قال‏:‏ كنت جالسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه قوم مجتابي النمار متقلدي السيوف عليهم أزر ولا شيء غيرها، عامتهم من مضر، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم الذي بهم من الجهد والعري والجوع تغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قام فدخل بيته، ثم راح إلى المسجد، فصلى الظهر ثم صعد منبره، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال‏:‏ ‏"‏أما بعد ذلكم فإن الله أنزل في كتابه ‏{‏يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون، لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون‏}‏ تصدقوا قبل أن لا تصدقوا، تصدقوا قبل أن يحال بينكم وبين الصدقة، تصدق امرؤ من ديناره تصدق امرؤ من درهمه، تصدق امرؤ من بره، من شعيره، من تمره، لا يحقرن شيء من الصدقة ولو بشق التمرة‏"‏ فقام رجل من الأنصار بصرة في كفه فناولها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو على منبره فعرف السرور في وجهه، فقال‏:‏ ‏"‏من سن في الإسلام سنة حسنة فعمل بها كان له أجرها ومثل أجر من عمل بها لا ينقص من أجورهم شيئا، ومن سن سنة سيئة فعمل بها كان عليه وزرها ومثل وزر من عمل بها لا ينقص من أوزارهم شيئا‏"‏ فقام الناس فتفرقوا فمن ذي دينار، ومن ذي درهم، ومن ذي طعام، ومن ذي، ومن ذي فاجتمع فقسمه بينهم‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله‏:‏ ‏{‏ما قدمت لغد‏}‏ قال‏:‏ يوم القيامة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن نعيم بن محمد الرحبي قال‏:‏ كان من خطبة أبي بكر الصديق‏:‏ واعلموا أنكم تغدون وتروحون في أجل قد غيب عنكم علمه فإن استطعتم أن ينقضي الأجل وأنتم على حذر فافعلوا، ولن تستطيعوا ذلك إلا بإذن الله، وإن قوما جعلوا أجلهم لغيرهم فنهاكم الله أن تكونوا أمثالهم، فقال‏:‏ ‏{‏ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون‏}‏ أين من كنتم تعرفون من إخوانكم‏؟‏ قد انتهت عنهم أعمالهم ووردوا على ما قدموا‏.‏ أين الجبارون الأولون الذين بنوا المدائن وحصنوها بالحوائط‏؟‏ قد صاروا تحت الصخر والآكام هذا كتاب الله لا تفنى عجائبه، ولا يطفأ نوره استضيئوا منه اليوم ليوم الظلمة، واستنصحوا كتابه وتبيانه، فإن الله قد أفنا على قوم فقال‏:‏ ‏(‏كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين‏)‏ ‏(‏سورة الأنبياء الآية 90‏)‏ لا خير في قول لا يبتغي به وجه الله، ولا خر في مال لا ينفق في سبيل الله، ولا خير فيمن يغلب غضبه حلمه، ولا خير في رجل يخاف في الله لومة لائم‏.‏

 الآية 21 - 24

أخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله‏:‏ ‏{‏لو أنزلنا هذا القرآن على جبل‏}‏ الآية، قال‏:‏ لو أنزلت هذا القرآن على جبل فأمرته بالذي أمرتكم وخوفته بالذي خوفتكم به إذا يصدع ويخشع من خشية الله، فأنتم أحق أن تخشوا وتذلوا وتلين قلوبكم لذكر الله‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن مالك بن دينار قال‏:‏ أقسم لكم لا يؤمن عبد بهذا القرآن إلا صدع قلبه‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏لو أنزلنا هذا القرآن‏}‏ الآية قال‏:‏ يقول‏:‏ لو أني أنزلت هذا القرآن على جبل حملته إياه تصدع وخشع من ثقله ومن خشية الله فأمر الله الناس إذا نزل عليهم القرآن أن يأخذوه بالخشية الشديدة والتخشع قال‏:‏ ‏{‏كذلك يضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتفكرون‏}‏‏.‏

وأخرج الديلمي عن ابن مسعود وعلي مرفوعا في قوله‏:‏ ‏{‏لو أنزلنا هذا القرآن على جبل‏}‏ إلى آخر السورة، قال‏:‏ هي رقية الصداع‏.‏

وأخرج الخطيب البغدادي في تاريخه قال‏:‏ أنبأنا أبو نعيم الحافظ أبنأنا أبو الطيب محمد بن أحمد بن يوسف بن جعفر المقري البغدادي، يعرف بغلام ابن شنبوذ، أبنأنا إدريس بن عبد الكريم الحداد قال‏:‏ قرأت على خلف فلما بلغت هذه الآية ‏{‏لو أنزلنا هذا القرآن على جبل‏}‏ قال‏:‏ ضع يدك على رأسك فإني قرأت على سليم فلما بلغت هذه الآية قال‏:‏ ضع يدك على رأسك فإني قرأت على الأعمش، فلما بلغت هذه الآية قال‏:‏ ضع يدك على رأسك، فإني قرأت على يحيى بن وثاب، فلما بلغت هذه الآية قال‏:‏ ضد يدك على رأسك، فإني قرأت على علقمة والأسود، فلما بلغت هذه الآية قال‏:‏ ضع يدك على رأسك، فإنا قرأنا على عبد الله، فلما بلغنا هذه الآية قال‏:‏ ضعا أيديكما على رؤوسكما فإني قرأت على النبي صلى الله عليه وسلم، فلما بلغت هذه الآية قال لي‏:‏ ‏"‏ضع يدك على رأسك فإن جبريل لما نزل بها إلي قال لي‏:‏ ضع يدك على رأسك فإنها شفاء من كل داء إلا السأم والسأم الموت‏"‏‏.‏

أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال‏:‏ اسم الله الأعظم هو الله‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن أبي أيوب الأنصاري أنه كان له مربد للتمر في بيته، فوجد المربد قد نقص، فلما كان الليل أبصره، فإذا بحس رجل فقال له‏:‏ من أنت‏؟‏ قال‏:‏ رجل من الجن، أردنا هذا البيت فأرملنا من الزاد فأصبنا من تمركم، ولا ينقصكم الله منه شيئا، فقال له أبو أيوب الأنصاري‏:‏ إن كنت صادقا فناولني يدك فناوله يده، فإذا بشعر كذراع الكلب، فقال له أبو أيوب‏:‏ ما أصبت من تمرنا فأنت في حل، ألا تخبرني بأفضل ما تتعوذ به الإنس من الجن‏؟‏ قال‏:‏ هذه الآية آخر سورة الحشر‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن أنس قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏من قرأ آخر سورة الحشر ثم مات من يومه وليلته كفر عنه كل خطيئة عملها‏"‏‏.‏

وأخرج ابن السني في عمل يوم وليلة وابن مردويه عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر رجلا إذا أوى إلى فراشه أن يقرأ آخر سورة الحشر، وقال‏:‏ ‏"‏إن مت مت شهيدا‏"‏‏.‏

وأخرج أبو علي عبد الرحمن بن محمد النيسابوري في فوائده عن محمد بن الحنفية أن البراء بن عازب قال لعلي بن أبي طالب‏:‏ سألتك بالله إلا ما خصصتني بأفضل ما خصك به رسول الله صلى الله عليه وسلم، مما خصه به جبريل، مما بعث به إليه الرحمن، قال‏:‏ يا براء إذا أردت أن تدعو الله باسمه الأعظم فاقرأ من أول الحديد عشر آيات وآخر سورة الحشر، ثم قل‏:‏ يا من هو هكذا وليس شيء هكذا غيره أسألك أن تفعل بي كذا وكذا، فوالله يا براء لو دعوت علي لخسف بي‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن أبي أمامة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏من تعوذ بالله من الشيطان ثلاث مرات ثم قرأ آخر سورة لحشر بعث الله إليه سبعين ألف ملك يطردون عنه شياطين الإنس والجن إن كان ليلا حتى يصبح، وإن كان نهارا حتى يمسي‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله إلا أنه قال‏:‏ يتعوذ الشيطان عشر مرات‏.‏

وأخرج أحمد والدارمي والترمذي وحسنه وابن الضريس والبيهقي في شعب الإيمان عن معقل بن يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏من قال حين يصبح عشر مرات أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، ثم قرأ الثلاث آيات من آخر سورة الحشر وكل الله به سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى يمسي، وإن مات ذلك اليوم مات شهيدا، ومن قالها حين يمسي كان بتلك المنزلة‏"‏‏.‏

وأخرج ابن عدي وابن مردويه والخطيب والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي أمامة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏من قرأ خواتيم الحشر في ليل أو نهار فمات في يومه أو ليلته فقد أوجب له الجنة‏"‏‏.‏

وأخرج ابن الضريس عن عتيبة قال‏:‏ حدثنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه من قرأ خواتيم الحشر حين يصبح أدرك ما فاته من ليلته وكان محفوظا إلى أن يمسي، ومن قرأها حين يمسي أدرك ما فاته من يومه وكان محفوظا إلى أن يصبح، وإن مات أوجب‏.‏

وأخرج الدارمي وأبن الضريس عن الحسن قال‏:‏ من قرأ ثلاث آيات من آخر سورة الحشر إذا أصبح فمات من يومه ذلك طبع بطابع الشهداء، وإن قرأ إذا مسى فمات من ليلته طبع بطابع الشهداء‏.‏

وأخرج الديلمي عن ابن عباس قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏اسم الله الأعظم في ستة آيات من آخر سورة الحشر‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏عالم الغيب والشهادة‏}‏ قال‏:‏ السر والعلانية، وفي قوله‏:‏ ‏{‏المؤمن‏}‏ قال‏:‏ المؤمن خلقه من أن يظلمهم وفي قوله‏:‏ ‏{‏المهيمن‏}‏ قال‏:‏ الشاهد‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قي قوله‏:‏ ‏{‏عالم الغيب‏}‏ قال‏:‏ ما يكون وما هو كائن وفي قوله‏:‏ ‏{‏القدوس‏}‏ قال‏:‏ تقدسه الملائكة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة في قوله‏:‏ ‏{‏القدوس‏}‏ قال‏:‏ المبارك ‏{‏السلام المؤمن‏}‏ قال‏:‏ المؤمن من آمن به ‏{‏المهيمن‏}‏ الشهيد عليه ‏{‏العزيز‏}‏ في نقمته إذا انتقم ‏{‏الجبار‏}‏ جبر خلقه على ما يشاء المتكبر عن كل سوء‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن زيد بن علي قال‏:‏ إنما سمي نفسه ‏{‏المؤمن‏}‏ لأنه آمنهم من العذاب‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر والبيهقي في الأسماء والصفات عن محمد بن كعب قال‏:‏ إنما تسمى ‏{‏الجبار‏}‏ أنه يجبر الخلق على ما أراده‏.‏