فصل: الآية (214)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور **


-  قوله تعالى‏:‏ وأنذر عشيرتك الأقربين‏.‏

أخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان وفي الدلائل عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ لما نزلت هذه الآية ‏{‏وأنذر عشيرتك الأقربين‏}‏ دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا وعم وخص فقال ‏"‏يا معشر قريش أنقذوا انفسكم من النار فاني لا أملك لكم ضرا ولا نفعا، يا معشر بني كعب بني لؤي أنقذوا انفسكم من النار فاني لا أملك لكم ضرا ولا نفعا، يا معشر بني قصي أنقذوا انفسكم من النار فاني لا أملك لكم ضرا ولا نفعا، يا معشر بني عبد مناف أنقذوا انفسكم من النار فاني لا أملك لكم ضرا ولا نفعا، يا بني عبد المطلب أنقذوا انفسكم من النار فاني لا أملك لكم ضرا ولا نفعا، يا فاطمة بنت محمد انقذي نفسك من النار فاني لا أملك لك ضرا ولا نفعا، إلا ان لكم رحما وسابلها ببلالها‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد ومسلم والترمذي وابن جرير وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ لما نزلت ‏{‏وأنذر عشيرتك الأقربين‏}‏ قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال ‏"‏يا فاطمة ابنة محمد، يا صفية ابنة عبد المطلب، يا بني عبد المطلب لا أملك لكم من الله شيئا سلوني من مالي ما شئتم‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن مردويه عن عروة مرسلا‏.‏ مثلا‏.‏

وأخرج مسدد ومسلم والنسائي وابن جرير والبغوي في معجمه والباوردي والطحاوي وأبو عوانة وابن قانع والطبراني وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن قبيصة بن مخارق وزفير بن عمرو قالا‏:‏ لما نزلت ‏{‏وأنذر عشيرتك الأقربين‏}‏ انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ربوة من جبل، فعلا أعلاها حجرا ثم قال ‏"‏يا بني عبد مناف أني نذير لكم إنما مثلي ومثلكم كمثل رجل رأى العدو فانطلق يريد أهله فخشي أن يسبقوه إلى أهله، فجعل يهتف‏:‏ يا صباحاه‏.‏‏.‏ يا صباحاه‏.‏‏.‏ أتيتم‏.‏ أتيتم‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد والترمذي وابن جرير وابن مردويه عن أبي موسى الاشعري قال‏:‏ لما نزلت ‏{‏وأنذر عشيرتك الأقربين‏}‏ وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم إصبعيه في اذنيه ورفع صوته وقال ‏"‏يا بني عبد مناف، يا صباحاه‏.‏‏.‏‏.‏‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال‏:‏ لما نزلت ‏{‏وأنذر عشيرتك الأقربين‏}‏ بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم جمع أهله فقال ‏"‏يا بني عبد مناف أنقذوا انفسكم من النار، يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار‏.‏ ثم التفت إلى فاطمة فقال‏:‏ يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من النار فاني لا اغنى عنكم من الله شيئا، غير ان لكم رحما سابلها ببلالها‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن البراء قال‏:‏ لما نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم ‏{‏وأنذر عشيرتك الأقربين‏}‏ صعد النبي صلى الله عليه وسلم ربوة من جبل فنادى‏"‏يا صباحاه‏.‏‏.‏ فاجتمعوا فحذرهم وانذرهم ثم قال‏:‏ لا أملك لكم من الله شيئا، يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من النار فاني لا أملك من الله شيئا‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن الزبير بن العوام قال‏:‏ لما نزلت ‏{‏وأنذر عشيرتك الأقربين‏}‏ صاح على أبي قبيس‏"‏يا آل عبد مناف أني نذير‏.‏ فجاءته قريش فحذرهم‏.‏‏.‏‏.‏ وأنذرهم‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن عدي بن حاتم ان النبي صلى الله عليه وسلم ذكر قريشا فقال ‏{‏وانذر عشيرتك الأقربين‏}‏ يعني‏:‏ قومي‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ لما نزلت ‏{‏وأنذر عشيرتك الأقربين‏}‏ جعل يدعوهم قبائل قبائل‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور والبخاري وابن مردويه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ لما نزلت ‏{‏وأنذر عشيرتك الأقربين‏}‏ ورهطك منهم المخلصين خرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى صعد على الصفا فنادى‏"‏يا صباحاه‏.‏‏.‏ فقالوا من هذا الذي يهتف‏؟‏ قالوا‏:‏ محمد‏.‏ فاجتمعوا اليه، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا لينظر ما هو، فجاء أبو لهب وقريش فقال‏:‏ أرأيتكم لو اخبرتكم ان خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي قالوا‏:‏ نعم‏.‏ ما جربنا عليك إلا صدقا قال‏:‏ فاني نذير لكم بين يدي عذاب شديد‏"‏ فقال أبو لهب‏:‏ تبا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا‏!‏ فنزلت ‏{‏تبت يدا أبي لهب وتب‏}‏ ‏(‏المسد، الآية 1 - 2‏)‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه ‏{‏وأنذر عشيرتك الأقربين‏}‏ قال‏:‏ ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم نادى على الصفا بأفخاذ عشيرته‏.‏ فخذا فخذا يدعوهم إلى الله‏.‏ فقال في ذلك المشركون‏:‏ لقد بات هذا الرجل يهوت منذ الليلة قال‏:‏ وقال الحسن رضي الله عنه‏:‏ جمع نبي الله صلى الله عليه وسلم أهل بيته قبل موته فقال ‏"‏إلا ان لي عملي ولكم عملكم، إلا اني لا أغني عنكم من الله شيئا، إلا ان أوليائي منكم المتقون، ألا لا أعرفنكم يوم القيامة تاتون بالدنيا تحملونها على رقابكم، ويأتي الناس يحملون الآخرة‏.‏ يا صفية بنت عبد المطلب، يا فاطمة بنت محمد، اعملا فاني لا أغني عنكما من الله شيئا‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏ يا بني هاشم، ويا صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، اني لا أغني عنكم من الله شيئا‏.‏ إياكم ان يأتي الناس يحملون الآخرة، وتأتون أنتم تحملون الدنيا، وانكم تردون على الحوض ذات الشمال وذات اليمين فيقول القائل منكم‏:‏ يا رسول الله أنا فلان بن فلان‏.‏ فاعرف الحسب وانكر الوصف، فاياكم ان يأتي أحدكم يوم القيامة وهو يحمل على ظهره فرسا ذات جمعمة، أبو بعيرا له رغاء، أو شاة لها ثغاء، أو يحمل قشعا من أدم فيختلجون من دوني، ويقال لي‏:‏ أنك لا تدري ما أحدثوا بعدك‏.‏ فاطيبوا نفسا واياكم ان ترجعوا القهقرى من بعدي‏"‏ قال عكرمة رضي الله عنه‏:‏ إنما قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا القول حيث أنزل الله عليه ‏{‏وأنذر عشيرتك الأقربين‏}‏‏.‏

وأخرج الطبراني وابن مردويه عن أبي امامة رضي الله عنه قال‏:‏ لما نزلت ‏{‏وأنذر عشيرتك الأقربين‏}‏ جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بني هاشم، فاجلسهم على الباب، وجمع نساءه وأهله فاجلسهم في البيت، ثم اطلع عليهم فقال ‏"‏يا بني هاشم اشتروا أنفسكم من النار، واسعوا في فكاك رقابكم أو افتكوها بانفسكم من الله فاني لا أملك لكم من الله شيئا، ثم أقبل على أهل بيته فقال‏:‏ يا عائشة بنت أبي بكر، ويا حفصة بنت عمر، ويا أم سلمة، ويا فاطمة بنت محمد، ويا أم الزبير عمة رسول الله، اشتروا أنفسكم من الله، واسعوا في فكاك رقابكم فاني لا أملك لكم من الله شيئا ولا أغني، فبكت عائشة رضي الله عنها وقالت‏:‏ وهل يكون ذلك يوم لا تغني عنا شئيا‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ في ثلاثة مواطن‏.‏

يقول الله ‏{‏ونضع الموازين القسط ليوم القيامة‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ ‏(‏الأنبياء، الآية 47‏)‏ فعند ذلك لا أغني عنكم من الله شيئا، ولا أملك لكم من الله شيئا، وعند النور من شاء الله أتم له نوره ومن شاء أكبه في الظلمات يغمه فيها فلا أملك لكم من الله شيئا، ولا أغني عنكم‏.‏ من الله شيئا، وعند الصراط من شاء الله سلمه، ومن شاء أجازه، ومن شاء كبكبه في النار‏.‏

قالت‏:‏ عائشة قد علمنا الموازين‏:‏ هي الكفتان‏.‏ فيوضع في هذه اليسرى، فترجح احداهما وتخف الاخرى، وقد علمنا النور والظلمة، فما الصراط‏؟‏ قال‏:‏ طريق بين الجنة والنار يجوز الناس عليها، وهو مثل حد الموس، والملائكة حفافه يمينا وشمالا يخطفونهم بالكلاليب مثل شوك السعدان وهم يقولون‏:‏ رب سلم سلم ‏{‏وافئدتهم هواء‏}‏ فمن شاء الله سلمه، ومن شاء كبكبه فيها‏"‏‏.‏

وأخرج ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي في الدلائل من طريق عن علي رضي الله عنه قال‏:‏ لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏{‏وأنذر عشيرتك الأقربين‏}‏ دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال ‏"‏يا علي ان الله أمرني أن أنذر عشيرتي الاقربين فضقت ذرعا، وعرفت اني مهما أبادئهم بهذا الامر أرى منهم ما أكره‏.‏

قصمت عليها حتى جاء جبريل فقال‏:‏ يا محمد انك ان لم تفعل ما تؤمر به يعذبك ربك، فاصنع لي صاعا من طعام، واجعل عليه رجل شاة، واجعل لنا عسا من لبن، ثم اجمع لي بني عبد المطلب حتى أكلمهم وأبلغ ما أمرت به، ففعلت ما أمرني به ثم دعوتهم له وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصونه، فيهم أعمامه أبو طالب، وحمزة، والعباس، وأبو لهب‏.‏

فلما اجتعوا اليه دعاني بالطعام الذي صنعت لهم فجئت به، فلما وضعته تناول النبي صلى الله عليه وسلم بضعة من اللحم فشقها باسنانه ثم ألقاها في نواحي الصحفة ثم قال‏:‏ كلوا بسم الله‏.‏ فاكل القوم حتى تهلوا عنه ما ترى إلا آثار أصابعهم‏.‏ والله ان كان الرجل الواحد ليأكل ما قدمت لجميعهم‏.‏ ثم قال‏:‏ اسق القوم يا علي، فجئتهم بذلك العس فشربوا منه حتى رووا جميعا‏.‏ وايم الله ان كان الرجل منهم ليشرب مثله‏.‏ فلما أراد النبي صلى الله عليه وسلم ان يكلمهم بدره أبو لهب إلى الكلام فقال‏:‏ لقد سحركم صاحبكم‏.‏ فتفرق القوم ولم يكلمهم النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

فلما كان الغد قال‏:‏ يا علي ان هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول، فتفرق القوم قبل ان أكلمهم، فعد لنا بمثل الذي صنعت بالامس من الطعام والشراب ثم اجمعهم لي‏.‏ ففعلت، ثم جمعتهم، ثم دعاني بالطعام فقربته، ففعل كما فعل بالامس فاكلوا وشربوا حتى نهلوا، ثم تكلم النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ يا بني عبد المطلب اني والله ما أعلم أحدا في العرب جاء قومه بافضل مما جئتكم به، اني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله ان أدعوكم اليه فايكم يوازرني على أمري هذا فقلت وأنا احدثهم سنا‏:‏ انه أنا‏.‏ فقام القوم يضحكون‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن البراء بن عازب قال‏:‏ لما نزلت هذه الآية ‏{‏وأنذر عشيرتك الأقربين‏}‏ جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بني عبد المطلب وهم يومئذ أربعون رجلا، منهم العشرة يأكلون المسنة، ويشربون العس، وامر عليا برجل شاة صنعها لهم ثم قربها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاخذ منها بضعة فاكل منها، ثم تتبع بها جوانب القصعة ثم قال ‏"‏ادنوا بسم الله‏.‏ فدنا القوم عشرة‏.‏‏.‏ عشرة‏.‏ فاكلوا حتى صدروا، ثم دعا بقعب من لبن فجرع منها جرعة فناولهم فقال‏:‏ اشربوا بسم الله‏.‏ فشربوا حتى رووا عن آخرهم، فقطع كلامهم رجل فقال لهم‏:‏ ما سحركم مثل هذا الرجل، فاسكت النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ فلم يتكلم‏.‏

ثم دعاهم من الغد على مثل ذلك من الطعام والشراب، ثم بدرهم بالكلام فقال‏:‏ يا بني عبد المطلب اني انا النذير اليكم من الله والبشير، قد جئتكم بما لم يجيء به احد‏.‏ جئتكم بالدنيا والآخرة فاسلموا تسلموا، وأطيعوا تهتدوا‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله ‏{‏وأنذر عشيرتك الأقربين‏}‏ قال‏:‏ أمر الله محمدا صلى الله عليه وسلم ان ينذر قومه ويبدأ باهل بيته وفصيلته قال‏:‏ ‏{‏وكذب به قومك وهو الحق‏}‏ ‏(‏الانعام، الآية 66‏)‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن عمرو بن مرة أنه كان يقرأ ‏(‏وأنذر عشيرتك الأقربين ورهطك منهم المخلصين‏)‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه وابن عساكر والديلمي عن عبد الواحد الدمشقي قال‏:‏ رأيت ابا الدرداء يحدث الناس ويفتيهم‏.‏ وولده وأهل بيته جلوس في جانب الدار يتحدثون فقيل له‏:‏ يا أبا الدرداء ما بال الناس يرغبون فيما عندك من العلم، وأهل بيتك جلوس لاهين‏؟‏ فقال‏:‏ اني سمعت نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول ‏"‏أن ازهد الناس في الانبياء، واشدهم عليهم‏.‏ الاقربون وذلك فيما أنزل الله ‏{‏وأنذر عشيرتك الأقربين‏}‏ إلى آخر الآية‏.‏ ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ان أزهد الناس في العالم أهله حتى يفارقهم، وانه يشفع في أهله وجيرانه، فإذا مات خلا عنهم من مردة الشياطين اكثر من عدد ربيعة ومضر قد كانوا مشتغلين به، فاكثروا التعوذ بالله منهم‏"‏‏.‏

وأخرج ابن عساكر عن محمد بن جحادة‏.‏ ان كعبا لقي أبا مسلم الخولاني فقال‏:‏ كيف كرامتك على قومك‏؟‏ قال‏:‏ اني عليهم لكريم‏.‏ قال‏:‏ اني أجد في التوراة غير ما تقول قال‏:‏ وما هو‏؟‏ قال‏:‏ وجدت في التوراة انه لم يكن حكيم في قوم إلا كان أزهدهم فيه قومه، ثم الاقرب فالاقرب، وإن كان في حبسه شيء عيروه به، وإن كان عمل برهة من دهره ذنبا عيروه به‏.‏

وأخرج البيهقي في الدلائل عن كعب انه قال لأبي مسلم‏:‏ كيف تجد قومك لك‏؟‏ قال‏:‏ مكرمين مطيعين‏.‏ قال‏:‏ ما صدقتني التوراة اذن ما كان رجل حكيم في قوم إلا بغوا عليه وحسدوه‏.‏

-  قوله تعالى‏:‏ واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين*فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون*وتوكل على العزيز الرحيم‏.‏

أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال‏:‏ لما نزلت ‏{‏وأنذر عشيرتك الأقربين‏}‏ بدأ بأهل بيته وفصيلته، فشق ذلك على المسلمين فأنزل الله ‏{‏وأخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين‏}‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله ‏{‏وأخفض جناحك لمن اتبعك‏}‏ يقول ذلك لهم، وفي قوله ‏{‏فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون‏}‏ وقال‏:‏ أمره بهذا ثم نسخه فأمره بجهادهم‏.‏

-  قوله تعالى‏:‏ الذي يراك حين تقوم*وتقلبك في الساجدين*إنه هو السميع العليم‏.‏

أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏الذي يراك حين تقوم‏}‏ قال‏:‏ للصلاة‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك ‏{‏الذي يراك حين تقوم‏}‏ قال‏:‏ من فراشك او من مجلسك‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد ‏{‏الذي يراك حين تقوم‏}‏ قال‏:‏ أينما كنت‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد ابن جبير ‏{‏الذي يراك حين تقوم‏}‏ قال‏:‏ في صلاتك ‏{‏وتقلبك في الساجدين‏}‏ قال‏:‏ كما كانت تقلب الانبياء قبلك‏.‏

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله ‏{‏الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين‏}‏ قال‏:‏ قيامه وركوعه وسجوده وجلوسه‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ‏{‏الذي يراك حين تقوم‏}‏ قال‏:‏ يراك قائما وقاعدا وعلى حالاتك ‏{‏وتقلبك في الساجدين‏}‏ قال‏:‏ قيامه وركوعه وسجوده وجلوسه‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ‏{‏الذي يراك حين تقوم‏}‏ قال‏:‏ يراك قائما وقاعدا وعلى حالاتك ‏{‏وتقلبك في الساجدين‏}‏ قال‏:‏ في الصلاة يراك وحدك ويراك في الجميع‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ‏{‏وتقلبك في الساجدين‏}‏ قال‏:‏ في المصلين‏.‏

وأخرج الفريابي عن مجاهد‏.‏ مثله‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس ‏{‏الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين‏}‏ يقول‏:‏ قيامك، وركوعك، وسجودك‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس ‏{‏وتقلبك في الساجدين‏}‏ قال‏:‏ يراك وأنت مع الساجدين تقوم وتقعد معهم‏.‏

وأخرج سفيان بن عيينة والفريابي والحميدي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن مجاهد في قوله ‏{‏وتقلبك في الساجدين‏}‏ قال‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى من خلفه في الصلاة كما يرى من بين يديه‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس ‏{‏وتقلبك في الساجدين‏}‏ قال‏:‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رأى من خلفه كما يرى من بين يديه‏.‏

وأخرج مالك وسعيد بن منصور والبخاري ومسلم وابن مردويه عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏"‏هل ترون قبلتي ههنا فو الله ما يخفى علي خشوعكم ولا ركوعكم واني لا راكم من وراء ظهري‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي عمر العدني في مسنده والبزار وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن مجاهد في قوله ‏{‏وتقلبك في الساجدين‏}‏ قال‏:‏ من نبي إلى نبي حتى أخرجت نبيا‏.‏

وأخرج سفيان بن عيينة والفريابي والحميدي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مرديوه والبيهقي في الادئل عن مجاهد ‏{‏وتقلبك في الساجدين‏}‏ قال‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى من خلفه في الصلاة كما يرى من بين يديه‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس في قوله ‏{‏وتقلبك في الساجدين‏}‏ قال‏:‏ ما زال النبي صلى الله عليه وسلم يتقلب في أصلاب الانبياء حتى ولدته أمه‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال‏:‏ سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت‏:‏ بأبى أنت وأمي أين كنت وآدم في الجنة‏؟‏ فتبسم حتى بدت نواجده ثم قال ‏"‏اني كنت في صلبه، وهبط إلى الأرض وأنا في صلبه، وركبت السفينة في صلب أبي نوح، وقذفت في النار في صلب أبي إبراهيم، ولم يلتق أبواي قط على سفاح، لم يزل الله ينقلني من الإصلاب الطيبة إلى الأرحام الطاهرة مصفى مهذبا لا تتشعب شعبتان إلا كنت في خيرهما‏.‏

قد أخذ الله بالنبوة ميثاقي، وبالاسلام هداني، وبين في التوراة والإنجيل ذكري، وبين كل شيء من صفتي في شرق الأرض وغربها، وعلمني كتابه، ورقي بي في سمائه، وشق لي من أسمائه فذو العرش محمود وانا محمد ووعدني أن يحبوني بالحوض، وأعطاني الكوثر‏.‏ وأنا أو شافع، وأول مشفع، ثم أخرجني في خير قرون أمتي، وأمتي الحمادون يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر‏"‏‏.‏

-  قوله تعالى‏:‏ هل أنبئكم على من تنزل الشياطين*تنزل على كل أفاك أثيم*يلقون السمع وأكثرهم كاذبون‏.‏

أخرج ابن أبي شيبه وعبد بن حميد عن سعيد بن وهب قال‏:‏ كنت عند عبد الله بن الزبير فقيل له‏:‏ ان المختار يزعم أنه يوحى إليه فقال ابن الزبير‏:‏ صدق ثم تلا ‏{‏هل انبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم‏}‏‏.‏

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ‏{‏على كل أفاك أثيم‏}‏ قال‏:‏ كذاب من الناس ‏{‏يلقون السمع‏}‏ قال‏:‏ ما سمعه الشيطان ألقاه ‏{‏على كل أفاك‏}‏ كذاب من الناس‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ‏{‏تنزل على كل أفاك أثيم‏}‏ قال‏:‏ الافاك‏:‏ الكذاب‏.‏ وهم الكهنة تسترق الجن السمع، ثم يأتون به إلى أوليائهم من الأنس‏.‏ وفي قوله ‏{‏يلقون السمع وأكثرهم كاذبون‏}‏ قال‏:‏ كانت الشياطين تصعد إلى السماء فتسمع، ثم تنزل إلى الكهنة فتخبرهم، فتحدث الكهنة بما أنزلت به الشياطين من السمع، وتخلط الكهنة كذبا كثيرا، فيحدثون به الناس‏.‏ فأما ما كان من سمع السماء فيكون حقا، وأما ما خلطوا به من الكذب فيكون كذبا‏.‏

وأخرج البخاري ومسلم وابن مردويه عن عائشة قالت‏:‏ سأل أناس النبي صلى الله عليه وسلم عن الكهان فقال ‏"‏انهم ليسوا بشيء فقالوا‏:‏ يا رسول الله انهم يحدثوننا أحيانا بالشيء يكون حقا‏.‏ قال‏:‏ تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني فيقذفها في أذن وليه فيخلطون فيها أكثر من مائة كذبة‏"‏‏.‏

وأخرج البخاري وابن المنذر عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏الملائكة تحدث في العنان - والعنان‏:‏ الغمام - بالأمر في الأرض‏.‏ فيسمع الشيطان الكلمة فيقرها في أذن الكاهن كما تقر القارورة، فيزيدون معها مائة كذبة‏"‏‏.‏

-  قوله تعالى‏:‏ والشعراء يتبعهم الغاوون*ألم تر أنهم في كل واد يهيمون*وأنهم يقولون ما لا يفعلون*إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون‏.‏

أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال‏:‏ تهاجى رجلان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ أحدهما من الانصار‏.‏ والآخر من قوم آخرين، وكان مع كل واحد منهما غواة من قومه وهم السفهاء‏.‏ فأنزل الله ‏{‏والشعراء يتبعهم الغاوون‏.‏‏.‏‏}‏ الآيات‏.‏

وأخرج ابن جرير عن الضحاك‏.‏ مثله‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال‏:‏ تهاجى شاعران في الجاهلية وكان مع كل واحد منهما فئام من الناس‏.‏ فأنزل الله ‏{‏والشعراء يتبعهم الغاوون‏}‏‏.‏

وأخرج ابن سعد وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن عساكر عن عروة قال‏:‏ لما نزلت ‏{‏والشعراء‏}‏ إلى قوله ‏{‏ما لا يفعلون‏}‏ قال عبد الله بن رواحة‏:‏ يا رسول الله قد علم الله أني منهم‏.‏ فأنزل الله ‏{‏إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات‏}‏ إلى قوله ‏{‏ينقلبون‏}‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبه وعبد بن حميد وأبو داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي حسن سالم البراد قال‏:‏ لما نزلت ‏{‏والشعراء‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ جاء عبد الله بن رواحة، وكعب بن مالك، وحسان بن ثابت، وهم يبكون فقالوا‏:‏ يا رسول الله لقد أنزل الله هذه الآية وهو يعلم انا شعراء أهلكنا‏؟‏ فأنزل الله ‏{‏إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات‏}‏ فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلاها عليهم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد والحاكم عن أبي الحسن مولى بني نوفل‏.‏ أن عبد الله بن رواحة، وحسان بن ثابت، أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نزلت الشعراء يبكيان وهو يقرأ ‏{‏والشعراء يتبعهم الغاوون‏}‏ حتى بلغ ‏{‏إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات‏}‏ قال‏:‏ أنتم ‏{‏وذكروا الله كثيرا‏}‏ قال‏:‏ أنتم ‏{‏وانتصروا من بعد ما ظلموا‏}‏ قال‏:‏ أنتم ‏{‏وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون‏}‏ قال‏:‏ الكفار‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس ‏{‏يتبعهم الغاوون‏}‏ قال‏:‏ هم الكفار‏.‏ يتبعون ضلال الجن والانس ‏{‏في كل واد يهيمون‏}‏ في كل لغو يخوضون ‏{‏وأنهم يقولون ما لا يفعلون‏}‏ أكثر ولهم مكذبون، ثم استثنى منهم فقال ‏{‏إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا‏}‏ في كلامهم ‏{‏وانتصروا من بعد ما ظلموا‏}‏ قال‏:‏ ردوا على الكفار الذين كانون يهجون المؤمنين‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس ‏{‏والشعراء‏}‏ قال‏:‏ المشركون منهم الذين كانوا يهجون النبي صلى الله عليه وسلم ‏{‏يتبعهم الغاوون‏}‏ غواة الجن ‏{‏في كل واد يهيمون‏}‏ في كل فن من الكلام يأخذون، ثم استثنى فقال ‏{‏إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات‏}‏ يعني حسان بن ثابت، وعبد الله بن رواحة، وكعب بن مالك، كانوا يذبون عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه هجاء المشركين‏.‏

وأخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس ‏{‏يتبعهم الغاوون‏}‏ قال‏:‏ هم الرواة‏.‏

وأخرج البخاري في الأدب وأبو داود في ناسخه عن ابن عباس قال ‏{‏الشعراء يتبعهم الغاوون‏}‏ فنسخ من ذلك واستثنى فقال ‏{‏إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا‏}‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه وابن عساكر عن ابن عباس ‏{‏إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا‏}‏ قال‏:‏ أبو بكر، وعمر، وعلي، وعبد الله بن رواحة‏.‏

وأخرج أحمد والبخاري في تاريخه وأبو يعلى وابن مردويه عن كعب بن مالك أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ان الله قد أنزل في الشعراء ما أنزل فكيف ترى فيه‏؟‏ فقال ‏"‏ان المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه - والذي نفسي بيده - لكانما بوجههم مثل نضج النبل‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبه عن أبي سعيد قال‏:‏ بينما نحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عرض شاعر ينشد فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏"‏لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا‏"‏‏.‏

وأخرج الديلمي عن ابن مسعود مرفوعا‏:‏ الشعراء الذين يموتون في الإسلام يأمرهم الله أن يقولوا شعرا تتغنى به الحور العين لأزواجهن في الجنة، والذين ماتوا في الشرك يدعون بالويل والثبور في النار‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏"‏ان من الشعر حكمة قال‏:‏ وأتاه قرظة بن كعب، وعبد الله بن رواحة، وحسان بن ثابت فقالوا‏:‏ انا نقول الشعر، وقد نزلت هذه الآية‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرأوا ‏{‏والشعراء‏}‏ إلى قوله ‏{‏إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات‏}‏ قال‏:‏ أنتم هم ‏{‏وذكروا الله كثيرا‏}‏ قال‏:‏ أنتم هم ‏{‏وانتصروا من بعد ما ظلموا‏}‏ قال‏:‏ أنتم هم‏"‏‏.‏

وأخرج الفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله ‏{‏والشعراء يتبعهم الغاوون‏}‏ قال‏:‏ كان الشاعران يتقاولان ليكون لهذا تبع ولهذا تبع‏.‏

وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة ‏{‏والشعراء يتبعهم الغاوون‏}‏ قال‏:‏ هم عصاة الجن‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة ‏{‏والشعراء يتبعهم الغاوون‏}‏ قال‏:‏ الشياطين ‏{‏ألم تر انهم في كل واد يهيمون‏}‏ قال‏:‏ يمدحون قوما بباطل، ويشتمون قوما بباطل‏.‏

وأخرج الفريابي وابن جرير وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد ‏{‏والشعراء يتبعهم الغاوون‏}‏ قال‏:‏ الشياطين ‏{‏ألم تر أنهم في كل واد يهيمون‏}‏ قال‏:‏ في كل فن يفتنون ‏{‏إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ قال‏:‏ عبد الله بن رواحة، وأصحابه‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة ‏{‏إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات‏}‏ قال‏:‏ هذه ثنية الله من الشعراء ومن غيرهم ‏{‏ذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا‏}‏ قال‏:‏ في بعض القراءة ‏{‏وانتصروا بمثل ما ظلموا‏}‏ قال‏:‏ نزلت هذه الآية في رهط من الانصار هاجوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم كعب بن مالك، وعبد الله بن رواحة، وحسان بن ثابت ‏{‏وسيعلم الذين ظلموا‏}‏ من الشعراء وغيرهم ‏{‏أي منقلب ينقلبون‏}‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله ‏{‏إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ قال‏:‏ نزلت في عبد الله بن رواحة‏.‏ وفي شعراء الانصار‏.‏

وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبه عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت ‏"‏اهج المشركين فإن جبريل معك‏"‏‏.‏

وأخرج ابن سعد عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال ‏"‏قيل يا رسول الله ان أبا سفيان بن الحرث بن عبد المطلب يهجوك، فقام ابن رواحة، فقال‏:‏ يا رسول الله أئذن لي فيه قال‏:‏ أنت الذي تقول ثبت الله‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ يا رسول الله قلت‏:‏

ثبت الله ما أعطاك من حسن * تثبيت موسى ونصرا مثل ما نصرا

قال‏:‏ وأنت يفعل الله بك مثل ذلك، ثم وثب كعب فقال‏:‏ يا رسول الله ائذن لي فيه فقال‏:‏ أنت الذي تقول همت‏؟‏ قال‏:‏ نعم يا رسول الله قلت‏:‏

همت سخينة ان تغالب ربها * فليغلبن مغالب الغلاب

قال‏:‏ أما ان الله لم ينس لك ذلك، ثم قام حسان الحسام فقال‏:‏ يا رسول الله ائذن لي فيه، وأخرج لسانا له اسود فقال‏:‏ يا رسول الله ائذن لي فيه فقال‏:‏ اذهب إلى أبي بكر فليحدثك القوم، وأيامهم، وأحسابهم واهجهم وجبريل معك‏"‏‏.‏

وأخرج ابن سعد عن ابن بريدة‏.‏ ان جبريل أعان حسان بن ثابت على مدحته النبي صلى الله عليه وسلم بسبعين بيتا‏.‏

وأخرج ابن سعد وأحمد عن أبي هريرة قال‏:‏ مر عمر بحسان وهو ينشد في المسجد فلحظ إليه‏.‏ فنظر إليه فقال‏:‏ قد كنت أنشد فيه، وفيه من هو خير منك‏.‏ فسكت‏.‏ ثم التفت حسان إلى أبي هريرة فقال‏:‏ أنشدك بالله هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏"‏أجب عني اللهم أيده بروح القدس‏"‏‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏

وأخرج ابن سعد عن ابن سيرين قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة وهم في سفر‏"‏أين حسان بن ثابت‏؟‏ فقال‏:‏ لبيك يا رسول الله وسعديك قال‏:‏ أحد‏.‏ فجعل ينشده ويصغي إليه حتى فرغ من نشيده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذا أشد عليهم من وقع النبي‏"‏‏.‏

وأخرج ابن عساكر عن حسن بن علي قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏"‏لعبد الله بن رواحة ما الشعر‏؟‏ قال‏:‏ شيء يختلج في صدر الرجل فيخرجه على لسانه شعرا‏"‏‏.‏

وأخرج ابن سعد عن مدرك بن عمارة قال‏:‏ قال عبد الله بن رواحة‏:‏ قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ كيف تقول الشعر إذا أردت أن تقول - كأنه يتعجب لذاك - ‏!‏ قلت‏:‏ انظر في ذاك ثم أقول‏.‏ قال‏:‏ فعليك بالمشركين‏.‏

وأخرج ابن سعد عن جابر بن عبد الله قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏"‏ من يحمي أعراض المسلمين فقال عبد الله بن رواحة‏:‏ أنا‏.‏ وقال كعب بن مالك‏:‏ أنا‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ انك تحسن الشعر‏.‏ وقال حسان بن ثابت‏:‏ أنا‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ اهجهم فإن روح القدس سيعينك‏"‏‏.‏وأخرج ابن سعد عن محمد بن سيرين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏إذا نصر القوم بسلاحهم أنفسهم فالسنتهم أحق‏.‏ فقام رجل فقال‏:‏ يا رسول الله أنا‏.‏ قال‏:‏ لست هناك‏.‏ فجلس فقام آخر فقال‏:‏ يا رسول الله أنا‏.‏ فقال بيده معنى أجلس‏.‏ فقام حسان فقال‏:‏ يا رسول الله ما يسرني به مقولا بين صنعاء وبصرى، وانك ما سببت قوما قط بشيء هو أشد عليهم من شيء يعرفونه، فمر بي إلى من يعرف أيامهم وبيوتاتهم حتى أضع لساني، فأمر به إلى أبي بكر‏"‏‏.‏

وأخرج ابن سعد عن محمد بن سيرين رضي الله عنه قال‏:‏ هجا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ثلاثة من كفار قريش‏.‏ أبو سفيان بن الحرث، وعمرو بن العاص، وابن الزبعري، قال قائل‏:‏ لعلي أهج عنا هؤلاء القوم الذين قد هجونا فقال علي‏:‏ ان أذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلت‏.‏ فقال‏:‏ الرجل‏:‏ يا رسول الله أئذن لعلي كيما يهجو عنا هؤلاء القوم الذين هجونا فقال‏:‏ ليس هناك‏.‏ ثم قال للانصار‏:‏ ما يمنع القوم الذين قد نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسلاحهم وأنفسهم أن ينصروه بألسنتهم‏؟‏ فقال حسان بن ثابت‏:‏ أنا لها يا رسول الله، وأخذ بطرف لسانه فقال‏:‏ والله ما يسرني بهم مقولا بين بصرى وصنعاء فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ وكيف تهجوهم وأنا منهم‏؟‏ فقال‏:‏ اني أسلك منهم كما تسل الشعرة من العجين، فكان يهجوهم ثلاثة من الانصار يجيبونهم‏.‏ حسان بن ثابت، وكعب بن مالك، وعبد الله بن رواحة‏.‏

فكان حسان وكعب يعارضانهم بمثل قولهم بالوقائع، والايام، والمآثر، ويعيرونهم بالمناقب، وكان ابن رواحة يعيرهم بالكفر وينسبهم إلى الكفر، ويعلم أنه ليس فيهم شيء شرا من الكفر‏.‏ وكانوا في ذلك الزمان أشد القول عليهم قول حسان وكعب، وأهون القول عليهم قول ابن رواحة، فلما أسلموا وفقهوا الإسلام كان أشد القول عليهم قول ابن رواحة‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبه عن بريدة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏"‏ان من الشعر حكما‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبه عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول‏"‏ان من الشعر حكما‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبه عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏ان من الشعر حكما، وإن من البيان سحرا‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن فضالة ابن عبيدة في قوله ‏{‏وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون‏}‏ قال‏:‏ هؤلاء الذين يخربون البيت‏.‏

وأخرج أحمد عن أبي أمامة بن سهل حنيف قال‏:‏ سمعت رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ أتركوا الحبشة ما تركوكم، فإنه لا يستخرج كنز الكعبة إلا ذو السويقتين من الحبشة‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبه والحاكم وصححه عن أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏يبايع رجل بين الركن والمقام، ولن يستحل هذا البيت إلا أهله، فإذا استحلوه فلا تسأل عن هلكة العرب، ثم تجيء الحبشة فتخربه خرابا لا يعمر بعده أبدا، وهم الذين يستخرجون كنزه‏"‏‏.‏

وأخرج الحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏اتركوا الحبشة ما تركوكم فإنه لا يستخرج كنز الكعبة إلا ذو السويقتين من الحبشة‏"‏‏.‏

وأخرج الحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو قال‏:‏ من آخر أمر الكعبة أن الحبشة يغزون البيت، فيتوجه المسلمون نحوهم، فيبعث الله عليهم ريحا شرقية فلا تدع لله عبدا في قلبه مثقال ذرة من تقى إلا قبضته حتى إذا فرغوا من خيارهم بقي عجاج من الناس‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبه والبخاري ومسلم والنسائي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبه عن علي ابن أبي طالب قال كأني أنظر إلى رجل من الحبش‏.‏ أصلع، أجمع، حمش الساقين، جالس عليها وهو يهدمها‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبه عن عبد الله بن عمرو قال‏:‏ كأني به‏.‏ أصيلع، أفيدع، قائم عليها، يهدمها بمسحاته‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة قالت‏:‏ كتب أبي في وصيته سطرين بسم الله الرحمن الرحيم‏.‏ هذا ما أوصى به أبو بكر بن أبي قحافة عند خروجه من الدنيا حين يؤمن الكافر، ويتقي الفاجر، ويصدق الكاذب‏.‏ اني استخلفت عليكم عمر بن الخطاب فإن يعدل فذلك ظني به ورجائي فيه، وإن يجر ويبدل فلا أعلم الغيب ‏{‏وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون‏}‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبه عن عبد الله بن رباح قال‏:‏ كان صفوان بن مجرز إذا قرأ هذه الآية بكى ‏{‏وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون‏}‏‏.‏