فصل: الآيات( 5 - 8)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور **


‏(‏تابع‏.‏‏.‏‏.‏ 1‏)‏‏:‏ الآية 1 - 4‏.‏‏.‏‏.‏ ‏.‏‏.‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن طاووس ‏{‏ثم يعودون لما قالوا‏}‏ قال‏:‏ الوطء‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن طاووس قال‏:‏ إذا اكلم الرجل بالظهار المنكر والزور فقد وجبت عليه الكفارة حنث أو لم يحنث‏.‏

وأخرج عبد الرزاق عن طاووس قال‏:‏ كان طلاق أهل الجاهلية الظهار فظاهر رجل في الإسلام وهو يريد الطلاق فأنزل الله فيه الكفارة‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عطاء أنه سئل عن هذه الآية من قبل أن يتماسا قال‏:‏ هو الجماع‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد ‏{‏فإطعام ستين مسكينا‏}‏ قال‏:‏ كهيئة الطعام في اليمين مدين لكل مسكين‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن أبي هريرة قال‏:‏ ثلاث فيهن مد كفارة اليمين وكفارة الظهار وكفارة الصيام‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الذي أتى أهله في رمضان بكفارة الظهار‏.‏

وأخرج عبد الرزاق عن عطاء والزهري وقتادة قالوا‏:‏ العتق في الظهار والصيام والطعام كل ذلك من قبل أن يتماسا‏.‏

وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال‏:‏ ‏"‏ كان الظهار في الجاهلية يحرم النساء فكان أول من ظاهر في الإسلام أوس بن الصامت، وكانت امرأته خولة بنت خويلد، وكان الرجل ضعيفا، وكانت المرأة جلدة، فلما تكلم بالظهار قال‏:‏ لا أراك إلا قد حرمت علي فانطلقي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلك تبتغي شيئا يردك علي فانطلقت، وجلس ينتظرها، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم وماشطة تمشط رأسه، فقالت‏:‏ يا رسول الله إن أوس بن الصامت من قد علمت من ضعف رأيه وعجز مقدرته، وقد ظاهر مني فابتغ لي يا رسول الله شيئا إليه يا خويلة‏:‏ ما أمرنا بشيء في أمرك وأن نؤمر فسأخبرك، فبينا ماشطته قد فزعت من شق رأسه وأخذت في الشق الآخر أنزل الله عز وجل، وكان إذا أنزل عليه الوحي تربد لذلك وجهه حتى يجد بردة فإذا سري عنه عاد وجهه أبيض كالقلب، ثم تكلم بما أمر به، فقالت ما شطته‏:‏ يا خويلة إني لأظنه الآن في شأنك فأخذها افكل ‏(‏هكذا في الأصل ولعلها إفك‏)‏ ثم قالت‏:‏ اللهم بك أعوذ أن تنزل في إلا خيرا فإني لم أبغ من رسولك إلا خيرا فلما سري عنه قال‏:‏ يا خويلة قد أنزل الله فيك وفي صاحبك فقرأ ‏{‏قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا‏}‏ فقالت‏:‏ والله يا رسول الله ماله خادم غيري ولا لي خادم غيره، قال‏:‏ ‏{‏فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين‏}‏ قالت‏:‏ والله إنه إذا لم يأكل في اليوم مرتين يسدر بصره، قال‏:‏ ‏{‏فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا‏}‏ قالت‏:‏ والله ما لنا في اليوم إلا وقية، قال‏:‏ فمريه فليطلق إلى فلان فليأخذ منه شطر وسق من تمر فليتصدق به على ستين مسكينا وليراجعك‏"‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق في المصنف من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عن سلمة بن صخر الأنصاري أنه جعل امرأته عليه كظهر أمه، حتى يمضي رمضان فسمنت وتربصت فوقع عليها في النصف من رمضان، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم كأنه يعظم ذلك، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أتستطيع أن تعتق رقبة‏؟‏ فقال‏:‏ لا، قال‏:‏ أفتستطيع أن تصوم شهرين متتابعين‏؟‏ قال‏:‏ لا، قال‏:‏ أفتستطيع أن تطعم ستين مسكينا‏؟‏ قال‏:‏ لا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ يا فروة بن عمرو أعطه ذلك العرق وهو مكتل يأخذ خمسة عشر أو ستة عشر صاعا فليطعمه ستين مسكينا، فقال‏:‏ أعلي أفقر مني فوالذي بعثك بالحق ما بين لا بتيها أهل بيت أحوج إليه منا فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال‏:‏ اذهب به إلى أهلك‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه والبيهقي في السنن عن أبي العالية قال‏:‏ ‏"‏كانت خولة بنت ودبيج تحت رجل من الأنصار، وكان سييء الخلق ضرير البصر فقيرا، وكانت الجاهلية إذا أراد الرجل أن يفارق امرأته قال‏:‏ أنت علي كظهر أمي، فادارعته بعض الشيء فقال‏:‏ أنت علي كظهر أمي، وكان له عيل أو عيلان، فلما سمعته يقول ما قال احتملت صبيانها فانطلقت تسعى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوافقته عند عائشة، وإذا عائشة تغسل شق رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقامت عليه، ثم قالت‏:‏ يا رسول الله إن زوجي فقير ضرير البصر سييء الخلق، وإني نازعته في شيء فقال‏:‏ أنت علي كظهر أمي، ولم يرد الطلاق، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه فقال‏:‏ ما أعلم إلا قد حرمت عليه، فاستكانت وقالت‏:‏ أشتكي إلى الله ما نزل بي ومصيبتي، وتحولت عائشة تغسل شق رأسه الآخر فتحولت معها فقالت‏:‏ مثل ذلك قالت‏:‏ ولي منه عيل أو عيلان، فرفع النبي رأسه إليها فقال‏:‏ ما أعلم إلا قد حرمت عليه، فبكت وقالت‏:‏ أشتكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مصيبتي، وتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت عائشة‏:‏ وراءك فتنحت ومكث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله ثم انقطع الوحي، فقال يا عائشة‏:‏ أين المرأة‏؟‏ قالت‏:‏ هاهي، قال‏:‏ ادعيها فدعتها فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ اذهبي فجيئي بزوجك، فانطلقت تسعى فلم تلبث أن جاءت فأدخلته على النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا هو كما قالت‏:‏ ضرير فقير سييء الخلق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم ‏{‏بسم الله الرحمن الرحيم قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي‏}‏ إلى آخر الآية، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ أتجد رقبة‏؟‏ قال‏:‏ لا، قال‏:‏ أفتستطيع صوم شهرين متتابعين‏؟‏ قال‏:‏ والذي بعثك بالحق إني إذا لم آكل المرة والمرتين والثلاثة يكاد يغشى علي، قال‏:‏ أفتستطيع أن تطعم ستين مسكينا‏؟‏ قال‏:‏ لا إلا أن تعينني فيها فأعانه رسول الله صلى الله عليه وسلم فكفر يمينه‏"‏‏.‏

وأخرج البزار والحاكم والطبراني وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال‏:‏ ‏"‏أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال‏:‏ إني ظاهرت من امرأتي فرأيت بياض خلخالها في ضوء القمر فأعجبتني فوقعت عليها قبل أن أكفر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ألم يقل الله ‏{‏من قبل أن يتماسا‏}‏ قال‏:‏ قد فعلت يا رسول الله، قال‏:‏ أمسك حتى تكفر‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والحاكم والبيهقي من طريق عكرمة عن ابن عباس ‏"‏أن رجلا قال‏:‏ يا رسول الله إني ظاهرت من امرأتي فوقعت عليها قبل أن أكفر، قال‏:‏ وما حملك على ذلك‏؟‏ قال‏:‏ ضوء خلخالها في ضوء القمر، قال‏:‏ فلا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله‏"‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وأحمد وأبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجة والطبراني والبغوي في معجمه والحاكم وصححه والبيهقي عن سلمة بن صخر الأنصاري قال‏:‏ كنت رجلا قد أوتيت من جماع النساء ما لم يؤت غيري، فلما دخل رمضان ظاهرت من امرأتي حتى ينسلخ رمضان فرقا من أن أصيب منها في ليلى فأتتابع في ذلك ولا أستطيع أن أنزع حتى يدركني الصبح، فبينما هي تخدمني ذات ليلة إذ انكشف لي منها شيء فوثبت عليها فلما أصبحت غدوت على قومي فأخبرتهم خبري، فقلت‏:‏ انطلقوا معي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره بأمري، فقالوا‏:‏ لا والله لا نفعل نتخوف أن ينزل فينا القرآن، أو يقول فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالة يبقى علينا عارها، ولكن اذهب أنت فاصنع ما بدا لك، فخرجت فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته خبري فقال‏:‏ أنت بذاك‏؟‏ قلت‏:‏ أنا بذاك، قال‏:‏ أنت بذاك‏؟‏ قلت‏:‏ أنا بذاك قال‏:‏ أنت بذاك‏؟‏ قلت‏:‏ أنا بذاك، وها أنا ذا فامض في حكم الله فإني صابر لذلك قال‏:‏ أعتق رقبة فضربت صفحة عنقي بيدي قلت‏:‏ لا والذي بعثك بالحق ما أصبحت أملك غيرها، فصم شهرين متتابعين، قلت‏:‏ وهل أصابني ما أصابني إلا في الصيام‏؟‏ قال‏:‏ فأطعم ستين مسكينا، قلت‏:‏ والذي بعثك بالحق لقد بتنا ليلتنا هذه وبني ما لنا عشاء، قال‏:‏ اذهب إلى صاحب صدقة بني زريق فقل له، فليدفعها إليك، فأطعم عنك منها وسقا ستين مسكينا، ثم استعن بسائرها عليك وعلى عيالك، فرجعت إلى قومي فقلت‏:‏ وجدت عندكم الضيق وسوء الرأي ووجدت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم السعة والبركة، أمر لي بصدقتكم فدفعوها إليه‏"‏‏.‏

 الآية 5 - 8

أخرج الفريابي وعبد بن حميد عن مجاهد ‏{‏يحادون‏}‏ قال‏:‏ يتشاقون‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله‏:‏ ‏{‏إن الذين يحادون الله رسوله‏}‏ قال‏:‏ يجادلون الله ورسوله ‏{‏كبتوا كما كبت الذين من قبلهم‏}‏ قال‏:‏ خزوا كما خزي الذين من قبلهم‏.‏

وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن الضحاك ‏{‏ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم‏}‏ قال‏:‏ هو الله على العرش وعلمه معهم‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله‏:‏ ‏{‏ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى‏}‏ قال‏:‏ اليهود‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال‏:‏ كان بين يهود وبين النبي صلى الله عليه وسلم موادعة فكانوا إذا مر بهم رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم جلسوا يتناجون بينهم حتى يظن المؤمن أنهم يتناجون بقتله أو بما يكره المؤمن، فإذا رأى المؤمن ذلك خشيهم فترك طريقه عليهم فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن النجوى فلم ينتهوا، فأنزل الله ‏{‏ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبزار وابن المنذر والطبراني وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان بسند جيد عن ابن عمرو رضي الله عنه أن اليهود كانوا يقولون لرسول الله صلى اللله عليه وسلم‏:‏ سام عليك، يريدون بذلك شتمه - ثم يقولون في أنفسهم‏:‏ ‏{‏لولا يعذبنا الله بما نقول‏}‏ فنزلت هذه الآية ‏{‏وإذا جاؤوك حيوك بما لم يحيك به الله‏}‏‏.‏

وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري والترمذي وصححه عن أنس ‏"‏أن يهوديا أتى على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقال‏:‏ السام عليكم، فرد عليه القوم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ هل تدرون ما قال هذا‏؟‏ قالوا‏:‏ الله ورسوله أعلم يا نبي الله، قال‏:‏ لا ولكنه قال‏:‏ كذا وكذا، ردوه علي فردوه، قال‏:‏ قلت السام عليكم، قال‏:‏ نعم قال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك، إذا سلم عليكم أحد من أهل الكتاب فقولوا عليك ما قلت، قال‏:‏ ‏{‏وإذا جاؤوك حيوك بما لم يحيك به الله‏}‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن عائشة قالت‏:‏ ‏"‏دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود فقالوا‏:‏ السام عليك يا أبا القاسم، فقالت عائشة‏:‏ وعليكم السام واللعنة، فقال‏:‏ يا عائشة إن الله لا يحب الفحش ولا التفحش، قلت‏:‏ ألاتسمعهم يقولون السام عليك‏؟‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ أو ما سمعت ما أقول‏:‏ وعليكم، فأنزل الله ‏{‏وإذا جاؤوك حيوك بما لم يحيك به الله‏}‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في هذه الآية قال‏:‏ كان المنافقون يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حيوه‏:‏ سام عليك فنزلت‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد ‏{‏وإذا جاؤوك حيوك بما لم يحيك به الله‏}‏ يقولون‏:‏ سام عليك هم أيضا يهود‏.‏

‏(‏‏؟‏‏؟‏‏؟‏‏؟‏‏؟‏‏؟‏‏)‏ يوجد نقص أو خطأ في الكتاب‏.‏

 الآية 9 - 11

أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال‏:‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بعث سرية وأغزاها التقى المنافقون فانغضوا رؤوسهم إلى المسلمين، ويقولون‏:‏ قتل القوم، وإذا رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم تناجوا وأظهروا الحزن فبلغ ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم ومن المسلمين، فأنزل الله ‏{‏يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال‏:‏ كان المنافقون يتناجون بينهم، فكان ذلك يغيظ المؤمنين ويكبر عليهم، فأنزل الله في ذلك ‏{‏إنما النجوى من الشيطان‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج البخاري ومسلم وابن مردويه عن ابن مسعود قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إذا كنتم ثلاثة فلا يتناج اثنان دون الثالث فإن ذلك يحزنه‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد قال‏:‏ ‏"‏كنا نتناوب رسول الله صلى الله عليه وسلم يطرقه أمر أو يأمر بشيء فكثر أهل النوب والمحتسبون ليلة حتى إذا كنا نتحدث فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل فقال‏:‏ ما هذه النجوى‏؟‏ ألم تنهوا عن النجوى‏؟‏‏"‏‏.‏

قوله تعالى‏:‏ ‏{‏يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا‏}‏ الآية

وأخرج عبد بن حميد عن الحسن أنه كان يقرأها ‏"‏تفسحوا في المجالس بالألف فافسحوا يفسح الله لكم‏"‏ وقال‏:‏ في القتال ‏{‏وإذا قيل انشزوا فانشزوا‏}‏ قال‏:‏ إذا قيل‏:‏ انهدوا إلى الصدر فانهدوا‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس‏}‏ قال‏:‏ مجلس النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت ‏{‏يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم‏}‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وعبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله‏:‏ ‏{‏إذا قيل لكم تفسحوا‏}‏ الآية قال‏:‏ نزلت هذه الآية في مجالس الذكر، وذلك أنهم كانوا إذا رأوا أحدهم مقبلا ضنوا بمجالسهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرهم الله أن يفسح بعضهم لبعض‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن الحسن في الآية قال‏:‏ كانوا يجيئون فيجلسون ركاما بعضهم خلف بعض، فأمروا أن يتفسحوا في المجلس فانفسح بعضهم لبعض‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال‏:‏ أنزلت هذه الآية يوم جمعة وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ في الصفة، وفي المكان ضيق، وكان يكرم أهل بدر من المهاجرين والأنصار، فجاء ناس من أهل بدر وقد سبقوا إلى المجلس، فقاموا حيال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، فرد النبي صلى الله عليه وسلم عليهم، ثم سلموا على القوم بعد ذلك فردوا عليهم، فقاموا على أرجلهم ينتظرون أن يوسع لهم، فعرف النبي صلى الله عليه وسلم ما يحملهم على القيام فلم يفسح لهم، فشق ذلك عليه فقال لمن حوله من المهاجرين والأنصار من غير أهل بدر‏:‏ قم يا فلان، وأنت يا فلان، فلم يزل يقيمهم بعدة النفر الذين هم قيام من أهل بدر، فشق ذلك على من أقيم من مجلسه، فنزلت هذه الآية‏.‏

وأخرج البخاري ومسلم عن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه فيجلس فيه، ولكن تفسحوا وتوسعوا‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس‏}‏ قال‏:‏ ذلك في مجلس القتال ‏{‏وإذا قيل انشزوا‏}‏ قال‏:‏ إلا الخير والصلاة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله‏:‏ ‏{‏وإذا قيل انشزوا‏}‏ قال‏:‏ إلى كل خير قتال عدو وأمر بمعروف أو حق ما كان‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله‏:‏ ‏{‏وإذا قيل انشزوا فانشزوا‏}‏ يقول‏:‏ إذا دعيتم إلى خير فأجيبوا‏.‏

وأخرج ابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في المدخل عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات‏}‏ قال‏:‏ يرفع الله الذين أوتوا العلم من المؤمنين على الذين لم يؤتوا العلم درجات‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه قال‏:‏ تفسير هذه الآية‏:‏ يرفع الله الذين آمنوا منكم وأوتوا العلم على الذين آمنوا ولم يؤتوا العلم درجات‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود قال‏:‏ ما خص الله العلماء في شيء من القرآن ما خصهم في هذه الآية، فضل الله الذين آمنوا وأوتوا العلم على الذين آمنوا ولم يؤتوا العلم‏.‏

 الآية 12 - 13

أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏إذا ناجيتم الرسول‏}‏ الآية قال‏:‏ إن المسلمين أكثروا المسائل على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى شقوا عليه، فأراد الله أن يخفف عن نبيه صلى الله عليه وسلم، فلما قال ذلك‏:‏ امتنع كثير من الناس وكفوا عن المسألة فأنزل الله بعد هذا ‏{‏أأشفقتم‏}‏ الآية فوسع الله عليهم ولم يضيق‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والنحاس عن علي بن أبي طالب قال‏:‏ لم نزلت ‏{‏يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة‏}‏ الآية قال لي النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ما ترى دينارا قلت‏:‏ لا يطيقونه، قال‏:‏ فنصف دينار، قلت‏:‏ لا يطيقونه، قال‏:‏ فكم قلت شعيرة‏؟‏ قال‏:‏ إنك لزهيد، قال‏:‏ فنزلت ‏{‏أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات‏}‏ قال‏:‏ فبي خفف الله عن هذه الأمة‏"‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن علي قال‏:‏ ما عمل بها أحد غيري حتى نسخت وما كانت إلا ساعة يعني آية النجوى‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن راهويه وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه عن علي قال‏:‏ إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي، ولا يعمل بها أحد بعدي آية النجوى ‏{‏يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة‏}‏ كان عندي دينار فبعته بعشرة دراهم‏.‏

فكنت كلما ناجيت النبي صلى الله عليه وسلم قدمت بين يدي درهما، ثم نسخت فلم يعمل بها أحد فنزلت ‏{‏أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال‏:‏ نهوا عن مناجاة النبي صلى الله عليه وسلم حتى يقدموا صدقة فلم يناجه إلا علي بن أبي طالب، فإنه قد قدم دينارا فتصدق به، ثم ناجى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن عشر خصال، ثم نزلت الرخصة‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور عن مجاهد قال‏:‏ كان من ناجى النبي صلى الله عليه وسلم تصدق بدينار، وكان أول من صنع ذلك علي بن أبي طالب، ثم نزلت الرخصة ‏{‏فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم‏}‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل قال‏:‏ إن الأغنياء كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيكثرون مناجاته، ويغلبون الفقراء على المجالس، حتى كره النبي صلى الله عليه وسلم طول جلوسهم ومناجاتهم، فأمر الله بالصدقة عند المناجاة، فأما أهل العسرة فلميجدوا شيئا، وكان ذلك عشر ليال، وأما أهل الميسرة فمنع بعضهم ماله وحبس نفسه إلا طوائف منهم جعلوا يقدمون الصدقة بين يدي النجوى، ويزعمون أنه لم يفعل ذلك غير رجل من المهاجرين من أهل بدر فأنزل الله ‏{‏أأشفقتم‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج الطبراني وابن مردويه بسند فيه ضعف عن سعد بن أبي وقاص قال‏:‏ نزلت ‏{‏يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة‏}‏ فقدمت شعيرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إنك لزهيد‏"‏ فنزلت الآية الأخرى ‏{‏أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات‏}‏‏.‏

وأخرج أبو داود في ناسخه وابن المنذر من طريق عطاء الخراساني عن ابن عباس في المجادلة ‏{‏إذا ناجيتم الرسول فقدوا بين يدي نجواكم صدقة‏}‏ قال‏:‏ نسختها الآية التي بعدها ‏{‏أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات‏}‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن سلمة بن كهيل ‏{‏يا أيها الذين آمنوا إذا نأجيتم الرسول‏}‏ الآية قال‏:‏ أول من عمل بها علي رضي الله عنه ثم نسخت، والله أعلم‏.‏

 الآية 14 - 18

أخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ألم تر إلى الذين تولوا قوما‏}‏ الآية قال‏:‏ بلغنا أنه نزلت في عبد الله بن نبتل، وكان رجلا من المنافقين‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج ‏{‏ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم‏}‏ قال‏:‏ هم اليهود والمنافقون ويحلفون على الكذب، وهم يعلمون حلفهم أنهم لمنكم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه ‏{‏ألم تر إلى الذين تولوا قوما‏}‏ الآية قال‏:‏ هم المنافقون تولوا اليهود ‏{‏يوم يبعثهم الله‏}‏ الآية قال‏:‏ يحالف المنافقون ربهم يوم القيامة كما حالفوا أولياءه في الدنيا‏.‏

وأخرج أحمد والبزار والطبراني وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا في ظل حجرة من حجره وعنده نفر من المسلمين فقال‏:‏ إنه سيأتيكم إنسان فينظر إليكم بعين شيطان، فإذا جاءكم فلا تكلموه، فلم يلبثوا أن طلع عليهم رجل أزرق أعور فقال، حين رآه‏:‏ علام تشتمني أنت وأصحابك‏؟‏ فقال ذرني آتك بهم، فانطلق فدعاهم فحلفوا واعتذروا فأنزل الله ‏{‏يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم‏}‏ الآية والتي بعدها‏.‏

 الآية 19 - 22

أخرج أبو داود والنسائي والحاكم وصححه وابن مردويه عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏ما من ثلاثة في قرية ولا بد ولا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان فعليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله‏:‏ ‏{‏كتب الله لأغلبن أنا ورسلي‏}‏ قال‏:‏ كتب الله كتابا فأمضاه‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في سننه وابن عساكر عن عبد الله بن شوذب قال‏:‏ جعل والد أبو عبيدة بن الجراح يتصدى لأبي عبيدة يوم بدر، وجعل أبو عبيدة يحيد عنه فلما أكثر قصده أبو عبيدة فقتله فنزلت ‏{‏لا تجد قوما يؤمنون بالله‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال‏:‏ حدثت أن أبا قحافة سب النبي صلى الله عليه وسلم فصكه أبو بكر صكه فسقط، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ أفعلت يا أبا بكر‏؟‏ فقال‏:‏ والله لو كان السيف مني قريبا لضربته، فنزلت ‏{‏لا تجد قوما‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن عبد الرحمن بن ثابت بن قيس بن الشماس أنه استأذن النبي صلى الله عليه وسلم أن يزور خاله من المشركين فأذن له، فلما قدم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأناس حوله ‏{‏لا تجد قوما يؤمنون بالله‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن كثير بن عطية عن رجل قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏اللهم لا تجعل لفاجر ولا لفاسق عندي يدا ولا نعمة فإني وجدت فيما أوحيته إلي ‏{‏لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله‏}‏ قال سفيان‏:‏ يرون أنها أنزلت فيمن يخالط السلطان‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ أحب في الله وأبغض في الله وعاد في الله ووال في الله فإنما تنال الله بذلك، ثم قرأ ‏{‏لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أوحى الله إلى نبي من الأنبياء أن قل لفلان العابد أما زهدك في الدنيا فتعجلت راحة نفسك، وأما انقطاعك إلي فتعززت بي، فماذا عملت في مالي عليك‏؟‏ قال يا رب‏:‏ ومالك علي‏؟‏ قال‏:‏ هل واليت لي وليا أو عاديت لي عدوا‏؟‏‏"‏‏.‏

وأخرج الحكيم الترمذي عن واثلة بن الأسقع قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏يبعث الله يوم القيامة عبدا لا ذنب له فيقول له‏:‏ بأي الأمرين أحب إليك أن أجزيك بعملك أم بنعمتي عليك‏؟‏ قال‏:‏ رب أنت تعلم أني لم أعصك، قال‏:‏ خذوا عبدي بنعمة من نعمي فما يبقى له حسنة إلا استغرقتها تلك النعمة، فيقول‏:‏ رب بنعمتك ورحمتك، فيقول‏:‏ بنعمتي وبرحمتي ويؤتى بعبد محسن في نفسه لا يرى أن له سيئة فيقال له‏:‏ هل كنت توالي أوليائي‏؟‏ قال‏:‏ يا رب كنت من الناس سلما قال‏:‏ هل كنت تعادي أعدائي قال‏:‏ يا رب لم أكن أحب أن يكون بيني وبين أحد شيء فيقول الله تبارك وتعالى‏:‏ وعزتي لا ينال رحمتي من لم يوال أوليائي ويعاد أعدائي‏.‏

وأخرج الطيالسي وابن أبي شيبة عن البراء بن عازب قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله‏"‏‏.‏

وأخرج الديلمي من طريق الحسن عن معاذ قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏اللهم لا تجعل لفاجر عندي يدا ولا نعمة فيوده قلبي، فإني وجدت فيما أحيت إلي ‏{‏لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله‏}‏ الآية‏"‏‏.‏