فصل: الآية 121

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور **


 الآية 121

أخرج ابن إسحق والبيهقي في الدلائل عن ابن شهاب وعاصم بن عمر بن قتادة ومحمد بن يحيى بن حبان والحصين بن عبد الرحمن بن سعد بن معاذ قالوا‏:‏ كان يوم أحد يوم بلاء وتمحيص، اختبر الله به المؤمنين، ومحق به الكافرين ممن كان يظهر الإسلام بلسانه وهو مستخف بالكفر، ويوم أكرم الله فيه من أراد كرامته بالشهادة من أهل ولايته، فكان مما نزل من القرآن في يوم أحد ستون آية من آل عمران فيها صفة ما كان في يومه ذلك، ومعاتبة من عاتب منهم‏.‏ يقول الله لنبيه ‏{‏وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم‏}‏‏.‏

وأخرج البيهقي في الدلائل عن ابن شهاب قال‏:‏ ‏"‏قاتل النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر في رمضان سنة اثنتين، ثم قاتل يوم أحد في شوال سنة ثلاث، ثم قاتل يوم الخندق وهو يوم الأحزاب وبني قريظة في شوال سنة أربع‏"‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق والبيهقي في الدلائل عن عروة قال‏:‏ كانت وقعة أحد في شوال على رأس سنة من وقعة بدر، ولفظ عبد الرزاق‏:‏ على رأس ستة أشهر من وقعة بني النضير، ورئيس المشركين يومئذ أبو سفيان بن حرب‏.‏

وأخرج البيهقي عن قتادة قال‏:‏ كانت وقعة أحد في شوال يوم السبت لإحدى عشرة ليلة مضت من شوال، وكان أصحابه يومئذ سبعمائة، والمشركون ألفين أو ما شاء الله من ذلك‏.‏

وأخرج أبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم عن المسور بن مخرمة قال‏:‏ قلت لعبد الرحمن بن عوف يا خال أخبرني عن قصتكم يوم أحد‏؟‏ قال‏:‏ اقرأ بعد العشرين ومائة من آل عمران تجد قصتنا ‏{‏وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال‏}‏ إلى قوله ‏(‏إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا‏)‏ قال‏:‏ هم الذين طلبوا الأمان من المشركين إلى قوله ‏(‏ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه‏)‏ قال‏:‏ هو تمني المؤمنين لقاء العدو إلى قوله ‏(‏أفإن مات أو قتل انقلبتم‏)‏ قال‏:‏ هو صياح الشيطان يوم أحد‏:‏ قتل محمد إلى قوله ‏(‏أمنة نعاسا‏)‏ قال‏:‏ ألقي عليهم النوم‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس وإذ ‏{‏غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال‏}‏ قال‏:‏ يوم أحد‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله ‏{‏تبوئ المؤمنين‏}‏ قال‏:‏ توطئ‏.‏

وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله ‏{‏تبوئ المؤمنين‏}‏ قال‏:‏ توطن المؤمنين لتسكن قلوبهم قال‏:‏ وهل تعرف العرب ذلك‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ أما سمعت قول الأعشى الشاعر‏:‏

وما بوأ الرحمن بيتك منزلا * بأجياد غربي الفنا والمحرم

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ‏{‏وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال‏}‏ قال‏:‏ مشى النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ على رجليه يبوئ المؤمنين‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله ‏{‏وإذ غدوت من أهلك‏}‏ قال‏:‏ يعني محمدا صلى الله عليه وسلم يبوئ المؤمنين مقاعد للقتال يوم الأحزاب‏.‏

وأخرج ابن اسحق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن ابن شهاب ومحمد ابن يحيى بن حبان وعاصم بن عمر بن قتادة والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ وغيرهم‏.‏ كل حدث بعض الحديث عن يوم أحد قالوا‏:‏ لما أصيبت قريش أو من ناله منهم يوم بدر من كفار قريش، ورجع قلهم إلى مكة، ورجع أبو سفيان بعيره‏.‏ مشى عبد الله بن أبي ربيعة، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، في رجال من قريش ممن أصيب آباؤهم وإخوانهم ببدر، فكلموا أبا سفيان ابن حرب ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة فقالوا‏:‏ يا معشر قريش إن محمدا قد وتركم، وقتل خياركم، فأعينوننا بهذا المال على حربه لعلنا ندرك منه ثأرا بمن أصاب، ففعلوا فأجمعت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخرجت بجدتها وجديدها، وخرجوا معهم بالظعن التماس الحفيظة ولئلا يقروا‏.‏ وخرج أبو سفيان وهو قائد الناس، فأقبلوا حتى نزلوا بعينين جبل ببطن السبخة من قناة على شفير الوادي مما يلي المدينة‏.‏

فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون وأنهم قد نزلوا حيث نزلوا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إني رأيت بقرا تنحر، ورأيت في ذباب سيفي ثلما، ورأيت أني أدخلت يدي في درع حصينة فأولتها المدينة، فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام، وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها‏.‏

ونزلت قريش منزلها أحدا يوم الأربعاء، فأقاموا ذلك اليوم، ويوم الخميس، ويوم الجمعة، وراح رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صلى الجمعة فأصبح بالشعب من أحد، فالتقوا يوم السبت للنصف من شوال سنة ثلاث، وكان رأي عبد الله بن أبي مع رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى رأيه في ذلك‏.‏ أن لا يخرج إليهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره الخروج من المدينة فقال رجال من المسلمين ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيرهم ممن كان فاته يوم بدر وحضروه‏:‏ يا رسول الله أخرج بنا إلى أعدائنا لا يرون أنا جبنا عنهم وضعفنا فقال عبد الله بن أبي‏:‏ يا رسول الله أقم بالمدينة فلا تخرج إليهم، فوالله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط إلا أصاب منا، ولا دخلها علينا إلا أصبنا منهم، فدعهم يا رسول الله فإن أقاموا أقاموا بشر، وإن دخلوا قاتلهم النساء والصبيان والرجال بالحجارة من فوقهم، وإن رجعوا رجعوا خائبين كما جاؤوا‏.‏

فلم يزل الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم حتى دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلبس لأمته - وذلك يوم الجمعة حين فرغ من الصلاة - ثم خرج عليهم وقد ندم الناس وقالوا‏:‏ استكرهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن لنا ذلك فإن شئت فاقعد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل‏"‏‏.‏ فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ألف رجل من أصحابه، حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد تحول عنه عبد الله بن أبي بثلث الناس، ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سلك في حرة بني حارثة، فذب فرس بذنبه فأصاب ذباب سيفه فاستله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم - وكان يحب الفأل ولا يعتاف - لصاحب السيف ‏"‏شم سيفك فإني أرى السوف ستستل اليوم‏"‏‏.‏ ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل بالشعب من أحد من عدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد، وتعبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم للقتال وهو في سبعمائة رجل، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرماة عبد الله بن جبير والرماة خمسون رجلا فقال‏:‏ ‏"‏انضح عنا الجبل بالنبل لا يأتونا من خلفنا إن كان علينا أو لنا فأنت مكانك لنؤتين من قبلك وظاهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين درعين‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن السدي ‏"‏أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يوم أحد‏:‏ أشيروا علي ما أصنع‏؟‏ فقالوا‏:‏ يا رسول الله أخرج إلى هذه الأكلب فقالت الأنصار‏:‏ يا رسول الله ما غلبنا عدو لنا أتانا في ديارنا فكيف وأنت فينا‏.‏ فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أبي بن سلول - ولم يدعه قط قبلها - فاستشاره فقال‏:‏ يا رسول الله أخرج بنا إلى هذه الأكلب، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه أن يدخلوا عليه المدينة فيقاتلوا في الأزقة، فأتى النعمان بن مالك الأنصاري فقال‏:‏ يا رسول الله لا تحرمني الجنة قال له‏:‏ بم‏؟‏ قال‏:‏ بأني أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وأني لا أفر من الزحف قال‏:‏ صدقت‏.‏ فقتل يومئذ‏.‏ ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا بدرعه فلبسها، فلما رأوه وقد لبس السلاح ندموا وقالوا‏:‏ بئسما صنعنا نشير على رسول الله صلى الله عليه وسلم والوحي يأتيه، فقاموا واعتذروا إليه وقالوا‏:‏ اصنع ما رأيت فقال‏:‏ رأيت القتال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ لا ينبغي لنبي أن يلبس لأمته فيضعها حتى يقاتل‏.‏ وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد في ألف رجل، وقد وعدهم الفتح إن يصبروا‏.‏ فرجع عبد الله بن أبي في ثلاثمائة، فتبعهم أبو جابر السلمي يدعوهم فأعيوه وقالوا له‏:‏ ما نعلم قتالا، ولئن أطعتنا لترجعن معنا وقال ‏{‏إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا‏}‏ وهم بنو سلمة، وبنو حارثة، هموا بالرجوع حين رجع عبد الله بن أبي، فعصمهم الله وبقي رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبعمائة‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة ‏{‏وإذ تبوئ المؤمنين‏}‏ قال‏:‏ ذاك يوم أحد، غدا نبي الله صلى الله عليه وسلم من أهله إلى أحد ‏{‏تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال‏}‏ وأحد بناحية المدينة‏.‏

 الآية 122

أخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن جابر بن عبد الله قال‏:‏ فينا نزلت في بني حارثة، وبني سلمة ‏{‏إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا‏}‏ وما يسرني أنها لم تنزل لقول الله ‏{‏والله وليهما‏}‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد ‏{‏إذ همت طائفتان‏}‏ قال‏:‏ بنو حارثة كانوا نحو أحد، وبنو سلمة نحو سلع‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ‏{‏إذ همت طائفتان‏}‏ قال‏:‏ ذلك يوم أحد ‏{‏والطائفتان‏}‏ بنو سلمة، وبنو حارثة، حيان من الأنصار هموا بأمر فعصمهم الله من ذلك، وقد ذكر لنا أنه لما أنزلت هذه الآية قالوا‏:‏ ما يسرنا أنا لم نهم بالذي هممنا به وقد أخبرنا الله أنه ولينا‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس ‏{‏إذ همت طائفتان‏}‏ قال‏:‏ هم بنو حارثة، وبنو سلمة‏.‏

وأخرج ابن جرير عن عكرمة قال‏:‏ نزلت في بني سلمة من الخزرج، وبني حارثة من الأوس ‏{‏إذ همت طائفتان‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج ابن جرير من طريق ابن جريج قال ابن عباس‏:‏ الفشل الجبن والله أعلم‏.‏

 الآية 123

أخرج أحمد وابن حبان عن عياض الأشعري قال‏:‏ شهدت اليرموك وعلينا خمسة أمراء‏:‏ أبو عبيدة، ويزيد بن أبي سفيان، وابن حسنة، وخالد بن الوليد، وعياض، وليس عياض هذا قال‏:‏ وقال عمر‏:‏ إذا كان قتال فعليكم أبو عبيدة‏.‏‏.‏‏.‏ فكتبنا إليه أنه قد حاس إلينا الموت واستمددناه‏.‏ فكتب الينا أنه قد جاءني كتابكم تستمدونني، وإني أدلكم على من هو أعز نصرا وأحضر جندا، الله عز وجل، فاستنصروه فإن محمدا صلى الله عليه وسلم قد نصر يوم بدر في أقل من عدتكم، فإذا جاءكم كتابي هذا فقاتلوهم ولا تراجعوني‏.‏ فقاتلناهم فهزمناهم أربعة فراسخ‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد ‏{‏و لقد نصركم الله ببدر‏}‏ إلى ‏(‏ثلاثة آلاف من الملائكة منزلين‏)‏ ‏(‏آل عمران الآية 124‏)‏ في قصة بدر‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن علي بن أبي طالب قال‏:‏ بدر بئر‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر عن الشعبي قال‏:‏ كانت بدر بئرا لرجل من جهينة يقال له بدر فسميت به‏.‏

وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال‏:‏ بدر ماء عن يمين طريق مكة، بين مكة والمدينة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال‏:‏ بدر ماء بين مكة والمدينة، التقى عليه النبي صلى الله عليه وسلم والمشركون، وكان أول قتال قاتله النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر لنا أنه قال لأصحابه يومئذ‏:‏ إنهم اليوم بعدة أصحاب طالوت يوم لقي جالوت، وكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا، وألف المشركون يومئذ أو راهقوا ذلك‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن عكرمة قال‏:‏ كانت بدر متجرا في الجاهلية‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله ‏{‏وأنتم أذلة‏}‏ يقول‏:‏ وأنتم قليل، وهم يومئذ بضعة عشر وثلاثمائة‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن ماجة وابن أبي حاتم عن رافع بن خديج قال‏:‏ قال جبريل لرسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ما تعدون من شهد بدرا فيكم‏؟‏ قال‏:‏ خيارنا قال‏:‏ وكذلك نعد من شهد بدرا من الملائكة فينا‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن عيينة قال‏:‏ على كل مسلم أن يشكر الله في نصره ببدر‏.‏ يقول الله ‏{‏لقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون‏}‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن الزهري قال‏:‏ سمعت ابن المسيب يقول‏:‏ غزا النبي صلى الله عليه وسلم ثماني عشرة غزوة قال‏:‏ وسمعته مرة أخرى يقول أربعا وعشرين غزوة، فلا أدري أكان وهما منه أو شيئا سمعه بعد ذلك‏؟‏ قال الزهري‏:‏ وكان الذي قاتل فيه النبي صلى الله عليه وسلم كل شيء ذكر في القرآن‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا تسع عشرة، قاتل في ثمان‏:‏ يوم بدر، ويوم أحد، ويوم الأحزاب، ويوم قديد، ويوم خيبر، ويوم فتح مكة، ويوم ماء لبني المصطلق، ويوم حنين‏.‏

 الآيات 124 - 127

أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الشعبي أن المسلمين بلغهم يوم بدر أن كرز بن جابر المحاربي يمد المشركين، فشق ذلك عليهم، فأنزل الله ‏{‏ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف‏}‏ إلى قوله ‏{‏مسومين‏}‏ قال‏:‏ فبلغت كرزا الهزيمة فلم يمد المشركين، ولم يمد المسلمون بالخمسة‏.‏

وأخرج ابن جرير عن الشعبي قال‏:‏ لما كان يوم بدر بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر نحوه إلا أنه قال ‏{‏ويأتوكم من فورهم هذا‏}‏ يعني كرزا وأصحابه ‏{‏يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين‏}‏ فبلغ كرزا وأصحابه الهزيمة فلم يمدهم ولم تنزل الخمسة، وأمدوا بعد ذلك بألف فهم أربعة آلاف من الملائكة مع المسلمين‏.‏

أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله ‏{‏إذ تقول للمؤمنين‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ هذا يوم بدر‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في الآية قال‏:‏ أمدوا بألف، ثم صاروا ثلاثة آلاف، ثم صاروا خمسة آلاف‏.‏ وذلك يوم بدر‏.‏

وأخرج ابن جرير عن عكرمة في قوله ‏{‏بلى إن تصبروا وتتقوا‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ قال هذا يوم أحد فلم يصبروا ولم يتقوا فلم يمدوا يوم أحد، ولو مدوا لم يهزموا يومئذ‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة قال‏:‏ لم يمد النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد ولا بملك واحد لقول الله ‏{‏وإن تصبروا وتتقوا‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله ‏{‏إن تصبروا وتتقوا‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ كان هذا موعدا من الله يوم أحد عرضه على نبيه صلى الله عليه وسلم أن المؤمنين إن اتقوا وصبروا أيدهم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين، ففر المسلمون يوم أحد وولوا مدبرين فلم يمدهم الله‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال‏:‏ ‏"‏قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهم ينتظرون المشركين‏:‏ يا رسول الله أليس يمدنا الله كما أمدنا يوم بدر‏؟‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏{‏ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين‏}‏ فإنما أمدكم يوم بدر بألف قال‏:‏ فجاءت الزيادة من الله على أن يصبروا ويتقوا‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏ويأتوكم من فورهم هذا‏}‏ يقول‏:‏ من سفرهم هذا‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة قال ‏{‏من فورهم‏}‏ من وجههم‏.‏

وأخرج ابن جرير عن الحسن والربيع وقتادة والسدي‏.‏ مثله‏.‏

وأخرج ابن جرير من وجه آخر عن عكرمة ‏{‏من فورهم‏}‏ قال‏:‏ فورهم ذلك كان يوم أحد، غضبوا ليوم بدر مما لقوا‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد ‏{‏من فورهم‏}‏ قال‏:‏ من غضبهم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي صالح مولى أم هانئ‏.‏ مثله‏.‏

وأخرج ابن جرير عن الضحاك ‏{‏ويأتوكم من فورهم‏}‏ يقول‏:‏ من وجههم وغضبهم‏.‏

وأخرج الطبراني وابن مردويه بسند ضعيف عن ابن عباس قال‏:‏ ‏"‏قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله ‏{‏مسومين‏}‏ قال‏:‏ معلمين، وكانت سيما الملائكة يوم بدر عمائم سودا، ويوم أحد عمائم حمرا‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عبد الله بن الزبير أن الزبير كان عليه يوم بدر عمامة صفراء معتمرا أو معتما بها، فنزلت الملائكة عليهم عمائم صفر‏.‏

وأخرج ابن إسحق والطبراني عن ابن عباس قال‏:‏ كانت سيما الملائكة يوم بدر عمائم بيضا، قد أرسلوها في ظهورهم‏.‏ ويوم حنين عمائم حمرا، ولم تضرب الملائكة في يوم سوى يوم بدر، وكانوا يكونون عددا ومددا لا يضربون‏.‏

وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له‏:‏ أخبرني عن قوله تعالى ‏{‏مسومين‏}‏ قال‏:‏ الملائكة عليهم عمائم بيض مسومة فتلك سيما الملائكة قال‏:‏ وهل تعرف العرب ذلك‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ أما سمعت الشاعر يقول‏:‏

ولقد حميت الخيل تحمل شكة * جرداء صافية الأديم مسومة

وأخرج ابن جرير عن أبي أسيد وكان بدريا أنه كان يقول‏:‏ لو أن بصري معي ثم ذهبتم معي إلى أحد لأخبرتكم بالشعب الذي خرجت منه الملائكة في عمائم صفر، قد طرحوها بين أكتافهم‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن عروة قال‏:‏ نزلت الملائكة يوم بدر على خيل بلق، وكان على الزبير يومئذ عمامة صفراء‏.‏

وأخرج أبو نعيم في فضائل الصحابة عن عروة قال‏:‏ نزل جبريل يوم بدر على سيما الزبير، وهو معتم بعمامة صفراء‏.‏

وأخرج أبو نعيم وابن عساكر عن عباد بن عبد الله بن الزبير أنه بلغه أن الملائكة نزلت يوم بدر، وهم طير بيض عليهم عمائم صفر، وكان على رأس الزبير يومئذ عمامة صفراء من بين الناس فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏نزلت الملائكة على سيما أبي عبد الله‏.‏ وجاء النبي صلى الله عليه وسلم وعليه عمامة صفراء‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن عمير بن إسحق قال‏:‏ إن أول ما كان الصوف ليوم بدر‏.‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏تسوموا فإن الملائكة قد تسومت‏.‏ فهو أول يوم وضع الصوف‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب قال‏:‏ كان سيما الملائكة يوم بدر الصوف الأبيض في نواصي الخيل وأذنابها‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي هريرة في قوله ‏{‏مسومين‏}‏ قال‏:‏ بالعهن الأحمر‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏مسومين‏}‏ قال‏:‏ أتوا مسومين بالصوف، فسوم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أنفسهم وخيلهم على سيماهم بالصوف‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ‏{‏مسومين‏}‏ قال‏:‏ معلمين مجزوزة أذناب خيولهم ونواصيها، فيها الصوف والعهن‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله ‏{‏مسومين‏}‏ قال‏:‏ ذكر لنا أن سيماهم يومئذ الصوف بنواصي خيلهم وأذنابهم، وأنهم على خيل بلق‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة ‏{‏مسومين‏}‏ قال‏:‏ عليهم سيما القتال‏.‏

وأخرج ابن جرير عن الربيع قال‏:‏ كانوا يومئذ على خيل بلق‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن عمير بن إسحق قال‏:‏ ‏"‏لما كان يوم أحد أجلى الله الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بقي سعد بن مالك يرمي، وفتى شاب ينبل له كلما فني النبل أتاه به فنثره فقال‏:‏ إرم أبا إسحق، إرم أبا إسحق‏.‏ فلما انجلت المعركة سئل عن ذلك الرجل فلم يعرف‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ‏{‏وما جعله الله إلا بشرى لكم‏}‏ يقول‏:‏ إنما جعلهم لتستبشروا بهم ولتطمئنوا إليهم، ولم يقاتلوا معهم يومئذ لا قبله ولا بعده، إلا يوم بدر‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن زيد ‏{‏وما النصر إلا من عند الله‏}‏ قال‏:‏ لو شاء أن ينصركم بغير الملائكة فعل‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ‏{‏ليقطع طرفا من الذين كفروا‏}‏ قال‏:‏ قطع الله يوم بدر طرفا من الكفار، وقتل صناديدهم ورؤوسهم وقادتهم في الشر‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن ‏{‏ليقطع طرفا‏}‏ قال‏:‏ هذا يوم بدر، قطع الله طائفة منهم وبقيت طائفة‏.‏

وأخرج ابن جرير عن السدي قال‏:‏ ذكر الله قتلى المشركين بأحد، وكانوا ثمانية عشر رجلا فقال ‏{‏ليقطع طرفا من الذين كفروا‏}‏ ثم ذكر الشهداء فقال ‏(‏ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا‏)‏ الآية‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن مجاهد ‏{‏أو يكبتهم‏}‏ قال‏:‏ يخزيهم‏.‏

وأخرج ابن جرير عن قتادة والربيع‏.‏ مثله‏.‏