فصل: أصول الطريقة البكتاشية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة (نسخة منقحة)



.الطريقة البكتاشية تنتشر في مصر:

* استطاع مؤسس الطريقة البكتاشية وهو خنكار محمد بكتاش أن يربي مجموعة من المريدين وكان منهم (أبدال موسى سلطان) الذي كان خليفة بعده، وربى أبدال هذا رجلًا يسمى (قبوغوسز) وهذا القبوغوسز لا يعرف من أبوه ولا أمه، وإنما تسمى بغيبي (الرسالة الأحمدية ص34)، واستطاع هذا الرجل أن يرتحل مع مجموعة من الدراويش من تركية إلى مصر واختار لمن يصحبه في هذه الرحلة دراويش من النوع الذين يطيعون في كل صغيرة وكبيرة حتى إنه كان يقول لهم عن الشجرة الباسقة الطويلة.. هذه شجرة قثاء فيقولون نعم هي قثاء (الرسالة الأحمدية ص38). ولما دخل بهم مصر. أمرهم أن يضع كل منهم على عينه قطعة قطن؛ فلما سألهم الشرط والجنود عن ذلك قالوا: إننا نغمض عين الظاهر، وننظر بعين الباطن.. والناس على دين ملوكهم.. وكان قد علم قبوغوسز أن الأمير يشتكي من وجع عينه!! وأراد الملك أن يختبرهم فعمل لهم وليمة كبرى ووضع لهم ملاعق طويلة جدًا وأحضر وجهاء الناس ليأكلوا، وأمرهم ألا يأكلوا إلا بهذه الملاعق، فعجز الجميع عن الأكل إلا قبوغوسز ودراويشه فإنهم تناولوا الملاعق الطويلة، وكان كل منهم يطعم من أمامه وهكذا. وسر بهم الأمير الذي أعطاهم مكانًا يبنون فيه (تكية) أي زاوية ورباطًا لهم. ومنذ ذلك الوقت وهو سنة 800هـ- بدأ انتشار الطريقة البكتاشية في مصر في بداية القرن التاسع الهجري وسمى قبوغوسز نفسه عبدالله المغاوري، وسموا أول تكية لهم تكية القصر العيني.. وظل هذا الحال قائمًا في مصر إلى سنة 1242هـ- 1826م حتى جاء السلطان محمود الثاني العثماني فأمر بإلغاء الإنكشارية والطريقة البكتاشية، وأعطيت أملاكهم للطريقة القادرية.. ولكن في عهد السلطان عبد المجيد عادت الطريقة البكتاشية مرة ثانية إلى مصر بعد أن سمح لهم هذا السلطان بالعمل والنشاط وذلك منذ عام 1525م حيث حصل الشيخ علي الساعاتي على لقب (دده بابا) أي شيخ المشايخ، فجمع الدراويش حوله مرة ثانية وبنى تكية جديدة في باب اللوق، وأخذ يعطي العهود ويقيم حلقات الذكر.
وفي سنة 1276هـ- 1859م صدرت أوامر الحكومة المصرية بتخصيص المغاره التي دفن فيها عبدالله المغاوري (قبوغوسز) للطريقة البكتاشية، فبنوا تكية عظيمة هناك بعد أن طردوا الرعاة والبدو الذين يلجأون إليها بأغنامهم وإبلهم وبنوا قبة عظيمة لمؤسس طريقتهم في مصر. وأصبحت هذه التكية فيما بعد قبلة الشعب المصري حيث يؤمونها لزيارة (ولي الله المغاوري)!! الذي تخصص (بتحبيل النسوان) وشفاء الأمراض وتلبية الحاجات فكانت تقصده كل امرأة لا تلد، وكانت المرأة تدخل في المغارة ضمن كهوف مظلمة طويلة.. وبقيت تكية المغاوري هذه تابعة للمركز الرئيسي للطريقة في تركية، ثم أصبحت تابعة للمركز الرئيسي في ألبانية، ثم بعد أن قتل صالح نيازي بابا نفسه سنة 1949، اجتمع أتباع الطريقة واختاروا أحمد سري شيخ تكية قبوغوسز (عبدالله المغاوري) شيخًا لمشايخ علوم الطريقة وكان ذلك في 30 يناير سنة 1949م (الرسالة الأحمدية ص31) ومنذ ذلك الوقت أصبحت مصر هي المقر الرئيسي لهذه الطريقة، وأصبح أحمد سري (دده بابا) هو شيخ مشايخها. وفي يناير سنة 1957م أمرت الحكومة المصرية بإخلاء تكية المقطم لوقوعها ضمن المناطق العسكرية، وأعطت الحكومة أرباب الطريقة مكانًا آخر في ضاحية المعادي. حيث أسس المقر الجديد على غرار التكايا البكتاشية ثم نشط البكتاشيون، وجددوا التكايا القديمة التي لهم.
* هذه لمحة سريعة عن تاريخ هذه الطريقة التي نشأت وترعرعت في أوساط أهل السنة في تركية ومصر، وسيعجب القارئ أشد العجب عندما يعلم أن هذه الطريقة شيعية خالصة في المعتقد والأذكار والمشاعر، وأنها لا تمت إلى أهل السنة بصلة مطلقًا.. سيعجب كيف خفي مثل ذلك على علماء الإسلام ورجال السنة في تركية ومصر، ولكن يزول العجب عندما نعلم أن الظاهر الصوفي كان دائمًا خداعًا يخفي تحته ما يخفي من العقائد الباطنية.

.أصول الطريقة البكتاشية:

الطريقة البكتاشية مزيج كامل من عقيدة وحدة الوجود، وعبادة المشايخ وتأليههم، وعقيدة الشيعة في الأئمة.
يقول أحمد سري (دده بابا) شيخ مشايخ الطريقة:
الطريقة العلية البكتاشية هي طريقة أهل البيت الطاهر رضوان الله عليهم أجمعين. (الرسالة الأحمدية ص67) ويقول أيضًا:
وجميع الصوفية على اختلاف طرقهم يقدسون النبي وأهل بيته ويغالون في هذه المحبة لدرجة اتهامهم بالباطنية والاثني عشرية. (الرسالة الأحمدية ص68).
ويقول أيضًا:
والطريقة العلية البكتاشية قد انحدرت أصولها من سيدنا ومولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وعن أولاده وأحفاده إلى أن وصلت إلى مشايخنا الكرام يدًا بيد، وكابر عن كابر، وعنهم أخذنا مبادئ هذه الطريقة الجليلة. (الرسالة الأحمدية ص69).
مراتب الطريقة البكتاشية:
وقد قسم أرباب هذه الطريقة المنتسبين إلى طريقهم على النحو التالي حسب درجاتهم:
1- العاشق: وهو الذي يحب الطريق ويعتنق مبادئها وتسيطر عليه الروح البكتاشية، وله رغبة في الانضمام إلى الطريقة، ويكثر من الحضور إلى التكية ويسمع ما يدور بها. ويرشحه الشيخ ليكون في المنزلة التالي وهي درجة الطالب.
2- الطالب: وهو الذي يعلن رغبته في الانضمام ويرشحه الشيخ لذلك ليتقبل الإقرار، ويعطي العهد. وتقام له حفلة بذلك.
3- المحب: وهو الطالب الذي انتسب إلى هذه الطريقة بعد حفلة الإقرار والبيعة.
4- الدرويش: الذي يتبحر في آداب الطريقة وعلومها ويلم بأركانها ومبادئها. ويهب نفسه للخدمة العامة فيها.
5- البابا: وهي درجة المشيخة ولا يصل إليها الدرويش إلا بعد مدة طويلة حيث يكون قد عرف الرموز الصوفية وأحاط بها..
6- الددة: وهو الخليفة، ولا يمنح هذه المنزلة إلا شيخ المشايخ ويكون هذا رئيسًا لفرع من فروع الطريقة في مصر.
7- الددة بابا: شيخ المشايخ وينتخب من بين الخلفاء وهو المدير العام لشئون الطريقة في العالم وهو الذي يعين البابوات وله حق عزل المشايخ..

.التكية البكتاشية:

التكية البكتاشية في الغالب عبارة عن ضيعة كبيرة بها قصر فخم وقبور مزخرفة مبنية، ويقيم بها الدراويش أبدًا منقطعين للخدمة، وقد تضم التكية آلاف المواشي والأنعام من البقر والغنم، وتأتيها الإتاوات والأرزاق من منتسبي التكية في القطر. إذ لا يجوز للزائر الدخول إليها إلا وهو يحمل شيئًا ما يقدمه قربانًا.. ونستطيع أن نقول إنها مملكة أو إمارة خاصة.. ولذلك فالمنتسب إلى هذه الطريقة لا بد أن يكون خادمًا في هذه المملكة الخاصة لأسياده المشايخ الذين يتربعون على عرش الولاية البكتاشية. يقول أحد سري (دد بابا): والمنتسب إلى الطريقة العلية تنتظره واجبات كثيرة يؤديها في منزله وفي التكية عند زيارته لها. فالواجبات المنزلية هي إقامة الصلوات في أوقاتها وتلاوة الأوراد والأذكار المأذون بتلاوتها وحفظ الأدعية المأثورة، وفي التكية يكلف بالخدمة مع الدراويش ثم يخصص لخدمة مثل سقاية القهوة أو خدمة الضيوف أو إعداد الطعام وتجهيز المائدة وغسل الأواني أو خدمة الحديقة، فإذا حذق التعاليم كلفه الشيخ بخدمة أرقى فيعين نقيبًا أو دليلًا أو ميدانجيًا. وهكذا... اهـ.. (الرسالة الأحمدية ص72).
العهد ودخول الطريقة:
لتعميد المريد أو الطالب نظام خاص في الطريق البكتاشي فعند دخوله إلى ميدان التكية يقرأ الدليل أبياتًا معينة من الشعر ثم يقول:
اللهم صل على جمال محمد، وكمال علي والحسن والحسين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، ثم يقول:
جئت بباب الحق بالشوق سائلًا

مقرًا به محمدًا وحيدرًا

(حيدر هو علي بن أبي طالب).
وطالب بالسر والفيض منهما

ومن الزهراء وشبير (وشبير المقصود علي بن أبي طالب أيضًا ويعنون بهذا القصير) شبرًا
ثم يقرأ الشيخ على الطالب آية البيعة:
{إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرًا عظيمًا} [الفتح: 10].
ثم يقول الطالب أبياتًا من الشعر يعلن بها دخول الطريق ومن هذه الأبيات:
وبالحب أسلمت الحشا خادمًا لآل العبا (آل العبا يعنون بهم أهل الكساء وهم علي وفاطمة والحسن والحسين والعباس، وبعد دخول الطالب وإقامة الحفل على هذا النحو يسلم الطالب خدمة ما في التكية كأن يكون ساقيًا للقهوة أو فلاحًا، أو خادمًا للضيوف أو طباخًا.. إلخ).
وملاذي هو الحاج بكتاش قطب الأوليا!!

.آداب الطريقة البكتاشية:

.آداب زيارة التكية:

فرض أرباب الطريقة على المريد أن يغتسل قبل زيارة التكية وأن يأخذ معه هدية ولا بد ولو كان ملحًا. فإذا وصل الباب سمى ولا يجوز له أن يطأ العتبة برجله لأنها مقدسة ثم يلتحق بالخدمة التي تطلب منه، وفي وقت المجلس يجلس حسب مرتبته، ولكل شخص مرتبة خاصة، والمراتب بالأقدمية.
* ثم يذهب المريد بعد دخول التكية والاستراحة فيها إلى القبر الموجود في التكية، ولزيارة القبرة آداب خاصة منها السلام المخصوص، ثم العودة بظهره إلى خارج الضريح.
والشيخ في العادة لا يجلس مع المريدين، ولا يزار إلا إذا صدر الإذن بذلك من الشيخ، ولا يزوره المريد إلا بصحبة الدرويش المختص، وعلى المريد أن يخلع حذاءه ويدخل مطأطئ الرأس ويقف على بعد خطوات من الشيخ ويقرأ:
وجهك مشكاة وللهدى منارة

وجهك لصورة الحق إشارة!!

وجهك الحج والعمرة والزيارة

وجهك للطائعين قبلة الإمارة

وجهك القرآن الموجز العبارة (الرسالة الأحمدية ص74)!!
ولا يخفى أن هذا هو عين الفكر الباطني في جعل الدين هو طاعة رجل كما تقول الإسماعيلية: الدين طاعة رجل، وهذه العبودية الكاملة هي عين ما تهدف إليه هذه الطريقة حيث تجعل معاني الحج والعمرة والزيارة والقرآن بل والله سبحانه وتعالى هو هذا الشيخ الصوفي الباطني.
وبعد ذلك يتقدم المريد فيقبل يد الشيخ ثم يعود بظهره بضع خطوات ولا يجلس حتى يأذن له الشيخ بالجلوس وعند الوقوف أمام الشيخ لا بد من مراعاة ما يلي:
1- أن يضع إبهام القدم اليمنى فوق اليسرى.
2- وضع اليدين على الصدر فوق السرة!!

.الأوراد البكتاشية:

والناظر في الأوراد البكتاشية يرى كيف أسست هذه الأوراد على عقيدة الشيعة الإمامية الاثني عشرية، فالورد البكتاشي يبدأ بذكر لله ثم للرسول ثم لعلي ثم لفاطمة ثم للحسن ثم للحسين ثم لعلي زين العابدين ثم الباقر، وهكذا إلى الإمام الثاني عشر عند الشيعة ثم الإعلان أن الذاكر بهذا الذكر متول للشيعة، بريء من جميع أهل السنة، ثم بعد ذلك ورد خاص في لعن الصديق أبي بكر رضي الله عنه وكل من رضي وتابع له، ثم في النهاية إشهاد الله أن الخلفاء بعد الرسول هم الأئمة الأثنا عشر دون غيرهم. وإليك بعض نصوص هذه الأوراد البكتاشية.
1- اللهم صل وسلم وزد وبارك على السيد المطهر، والإمام المظفر والشجاع الغضنفر إلى شبير وشبر- قاسم طوبى وسقر- (شبير: هو لقب يطلقونه على علي لأنه كان قصيرًا دون الربعة. ومعنى أنه قاسم طوبي وسقر أن له الجنة والنار وهو يدخل من يشاء كيف يشاء فالقسمة إليه).
2- اللهم صل وسلم وزد وبارك على السيدة الجليلة الجميلة الكريمة النبيلة المكروبة العليلة ذات الأحزان الطويلة!! في المدة القليلة المعصومة المظلومة، الرضية الحليمة، العفيفة السليمة، المدفونة سرًا، والمغصوبة جهرًا، المجهولة قدرًا، والمخفية قبرًا، سيدة النساء الأنسية، الحوراء البتول العذراء، أم الأئمة النقباء النجباء فاطمة التقية الزهراء عليها السلام.
ولا يخفى ما في هذا الكلام من الدس والطعن واتهام الصحابة رضوان الله عليهم بظلم فاطمة رضي الله عنه ا وغصبها، وادعاء العصمة المطلقة لها.
3- اللهم صل وسلم وزد وبارك على السيد المجتبى والإمام المرتجى سبط المصطفى وابن المرتضى علم الهدى.. الشفيع ابن الشفيع المقتول بالسم النقيع- المدفون بأرض البقيع.. الإمام المؤتمن.. والمسموم الممتحن.. الإمام بالحق أبي محمد الحسن.. (الرسالة الأحمدية ص83).
ولا يخفى ما في هذا أيضًا من الدس وأن الحسن بن علي رضي الله عنه مات مسمومًا.
4- وأما في الصلاة على الحسين فيقول الورد البكتاشي:
اللهم صل وسلم وزد وبارك على السيد الزاهد والإمام العابد الراكع الساجد.. قتيل الكافر الجاحد.. الإمام بالحق عبدالله الحسين..
5- وهكذا تستمر هذه الأوراد على هذا النحو ذاكرة إمامًا من أئمة الشيعة الاثني عشرية إلى أن يأتي الورد الخاص بمهدي الشيعة المنتظر الذي يسمونه محمد بن الحسن العسكري فيقول الورد بالنص:
اللهم صل وزد وبارك على صاحب الدعوة النبوية، والصولة الحيدرية، والعصمة الفاطمية، والحلم الحسينية والشجاعة الحسينية، والعبادة السجادية، والمآثر الباقرية، والآثار الجعفرية، والعلوم الكاظمية، والحجج الرضوية، والجود التقوية والنقاوة والنقوبة والهيبة العسكرية، والغيبة الإلهية، القائم بالحق والداعي إلى الصدق المطلق، كلمة الله، وأمان الله، وحجة الله، القائم لأمر الله، المقسط لدين الله، الذابّ عن حرم الله، إمام السر والعلن، دافع الكرب والمحن، صاحب الجود والمنن، الإمام بالحق أبي القاسم محمد بن الحسن، صاحب العصر والزمان، وخليفة الرحمن، ومظهر الإيمان وقاطع البرهان وسيد الإنس والجان، المولى الولي، وسمي النبي والوصي، والصراط السوي، صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين، الصلاة والسلام عليك يا وصي الحسن، والخلف الصالح، يا إمام زماننا، أيها القائم المنتظر المهدي، يا ابن رسول الله، يا ابن أمير المؤمنين، يا إمام المسلمين، يا حجة الله على خلقه، يا سيدنا ومولانا إنا توجهنا واستشفعنا وتوسلنا بك إلى الله، وقدمناك بين يدي حاجتنا في الدنيا والآخرة يا وجيهًا عند الله اشفع لنا عند الله بحقك وبحق جدك وبحق آبائك الطاهرين (الرسالة الأحمدية ص88،89).
وأما في ورد التولي والتبري فإنهم يقولون:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. وما توفيقي واعتصامي إلا بالله. إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرًا. والصلاة والسلام على رسولنا محمد الذي أرسله بالهدى. قل لا أسألكم عليه أجرًا إلا المودة في القربى. وعلى آله وأصحابه وأزواجه الهدى. يا سادتي ويا موالي إني توجهت بكم أنتم أئمتي وعدتي ليوم فقري وفاقتي وحاجتي إلى الله. وتوسلت بكم إلى الله واستشفعت بكم إلى الله. وبحبكم وبقربكم أرجو النجاة من الله. تكونوا عند الله. رجائي يا سادتي يا أولياء الله. صلى الله عليكم أجمعين. اللهم إن هؤلاء أئمتنا وساداتنا وقاداتنا وكبراؤنا وشفعاؤنا بهم نتولى ومن أعدائهم نتبرأ في الدنيا والآخرة. والعن من ظلمهم. وانصر شيعتهم واغضب على من جحدهم. وعجل فرجهم. وأهلك عدوهم من الجن والإنس أجمعين من الأولين والآخرين إلى يوم الدين. اللهم ارزقنا في الدنيا زيارتهم وفي الآخرة شفاعتهم. وزدنا محبتهم. واحشرنا معهم. وفي زمرتهم. وتحت لوائهم. بمنك وكرمك يا أكرم الأكرمين.. ويا أرحم الراحمين. والحمد لله رب العالمين. اللهم صل على محمد وآل محمد.
ولا يخفى أيضًا ما في هذا الورد من التبري من أهل السنة جميعًا بادعاء أنهم ظلموا أهل البيت وجحدوهم حقهم. وفي الورد الذي يلي هذا القول:
اللهم العن أول ظالم ظلم حق محمد وآل محمد وآخر تابع له على ذلك. (الأحمدية ص90)، ولا يخفى أنهم يعنون بذلك الصديق أبا بكر رضي الله عنه وكل مسلم رضي بولايته إلى يوم القيامة!!
وفي ختام الأوراد على المريد البكتاشي والسالك أن يشهد هذه الشهادة ويقول:
وأشهد أن الأئمة الأبرار. والخلفاء الأخيار. بعد الرسول المختار: على قامع الكفار. ومن بعده سيد أولاده الحسن بن علي. ثم أخوه السبط التابع لمرضات الله الحسين. ثم العابد علي ثم الباقر محمد. ثم الصادق جعفر. ثم الكاظم موسى. ثم الرضا علي ثم التقي محمد. ثم النقي علي. ثم الذكي العسكري الحسن. ثم الحجة الخلف الصالح القائم، المنتظر المهدي المرجى، الذي ببقائه بقيت الدنيا، وبيمنه رزق الورى، وبوجوده ثبتت الأرض والسماء، به يملأ الأرض قسطًا وعدلًا، بعدما ملئت ظلمًا وجورًا، وأشهد أن أقوالهم حجة وامتثالهم فريضة، وطاعتهم مفروضة، ومودتهم لازمة مقضية، والاقتداء بهم منجية، ومخالفتهم مردية، وهم سادات أهل الجنة أجمعين، وشفاء يوم الدين، وأئمة أهل الأرض على اليقين وأفضل الأوصياء المرضيين. (الرسالة الأحمدية ص92).
ولا شك بعد ذلك أن هذه عقيدة شيعية كاملة حملتها هذه الأوراد، والعجيب حقًا أن هذه العقيدة الشيعية قد انتشرت في تركية الدولة السنية، وفي مصر كذلك، واستمرت هذه العقيدة الباطنية تنتشر وتنمو طيلة هذه القرون الطويلة من أواسط القرن الثامن تقريبًا إلى يومنا هذا في القرن الخامس عشر الهجري وكل ذلك تحت جناح التصوف.. فأي تلازم أبلغ بعد ذلك وأي تطابق بين التصوف والتشيع.. وهل كان التصوف إلا المعبرة التي عبر عن طريقها الفكر الشيعي الباطني إلى ديار الإسلام.. بل هل كان التصوف إلا المعبرة التي عبرت بها كل الفلسفات وكل أشكال الإلحاد والزندقة والتخريف إلى العالم الإسلامي؟!!