فصل: لا حركة ولا سكون للمريد إلا بإذن الشيخ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة (نسخة منقحة)



.لا حركة ولا سكون للمريد إلا بإذن الشيخ:

الأدب السادس من آداب المريد الصوفي مع شيخه أنه لا يجوز له أن يتحرك أو يسكن، أو يتصرف في نفسه أو ماله أو زوجته، أو سفره أو إقامته إلا بإذن شيخه، وأنه لا يجوز أن يجلس في مجلسه إلا بإذنه وأن يظهر قدمه أمام شيخه، أو يرفع صوته، أو يسأله من عند نفسه لأن الشيخ أعلم بما في نفس مريده فلا يجوز أن يبدأ بالسؤال، أو يستفسر عن إشكال وإنما ينتظر في كل ذلك ما يجود به شيخه.. لأنه في زعمهم هو أعلم بحاله.. وليس وراء ذلك عبودية في الأرض.. والعجيب أن المتصوفة قد أخذوا كل الحقوق والخصوصيات التي جعلها الله لرسوله فجعلوها حقًا أيضًا للشيوخ فانظر مثلًا ما يقوله صاحب الرائية وما يشرح به أحمد بن مبارك:
:
ولا ترفعوا أصواتكم فوق صوته ** ولا تجهروا كجهر الذي هو في قفر

يقول السلجماسي: والله أعلم لا ترفعوا أيها المريدون أصواتكم فوق صوت الشيخ فإن ذلك يخل بالأدب ولا تجهروا له بالقول كجهر سكان القفار والبوادي الذين معهم جفاء وجلافة ولكن عظموه وفخموه وقولوه يا سيدي ويا أستاذي ويا ولي الله ونحو ذلك وأصل هذا الكلام الآية الشريفة {يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون} [الحجرات: 2]. قال السهروردي في العوارف (رضي الله عنه) ومن تأديب الله تعالى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: {لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي} [الحجرات: 2]. كان ثابت بن قيس بن شماس في أذنه وقر وكان جهوري الصوت وكان إذا تكلم جهر بصوته وربما كان يكلم النبي صلى الله عليه وسلم فيتأذى بصوته فأنزل الله الآية تأديبًا له ولغيره ثم قال بعد أن ذكروا آية في سبب نزولها وأنها نزلت في منازعة أبي بكر وعمر رضي الله عنه ما بحضرته قال فكان عمر بعد ذلك إذا تكلم عند النبي صلى الله عليه وسلم لا يسمع كلامه حتى يستفهم وقيل لما نزلت الآية إلى أبو بكر أن لا يتكلم عند النبي صلى الله عليه وسلم إلا كأخفى السر فهكذا ينبغي أن يكون المريد مع شيخه فلا ينبسط برفع الصوت وكثرة الضحك والكلام إلا إذا باسطه الشيخ. انتهى. (الإبريز ص256).
وقد غاب عن هؤلاء الذين قرروا لشيوخهم ما أمر الله به نحو رسوله لمنزلته الخاصة غاب عنهم أن الله سبحانه وتعالى قال: {كجهر بعضكم لبعض} [الحجرات: 2]. فالمسلمون من شأنهم أن يجهر بعضهم في الكلام لبعض وأما مع النبي صلى الله عليه وسلم فيجب أن يكون للمسلمين معه أدب خاص في معاملتهم له صلى الله عليه وسلم..
وليت أنهم أعطوا الشيخ من الحقوق ما يجب على المسلم نحو الرسول واكتفوا بذلك بل جعلوا لشيوخهم من الحقوق على مريديهم ما لم يجعله الله سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم فقد جعلوا من حق الشيخ أن لا تنطق عنده إلا بإذنه وأن تطيل إذا أحب منك الإطالة وتختصر إذا أراد الاختصار.
قال صاحب الرائية:
ولا تنطقن يومًا لديه فإن دعا ** إليه فلا تعدل إلى الكلم النزر

وقال الشارح يقول والله أعلم لا تنطق في وقت من الأوقات عند شيخك فإن سألك عن شيء فلا تعدل عن الجواب الذي تدعو إليه الحاجة إلى الإكثار والتطويل فإن ذلك يزيل هيبة الشيخ وهذا والله أعلم ما لم يطلب منه الشيخ الإكثار من الكلام فإن طلب منه ذلك وكان للشيخ فيه غرض فإنه ينبغي له حينئذ الإسهاب والتطويل مراعيًا خاطر الشيخ فإذا رآه شبع من الكلام فإنه يجب عليه الرجوع إلى أدبه وقد سبق ما كان يقوله لنا الشيخ رضي الله عنه حين يغيب في المشاهدة أهدروا علي كثيرًا فإن الله يأجركم على ذلك يعني لأنه يرجع بذلك إلى حسه. أصل هذا الكلام الذي في البيت لصاحب العوارف قال فيها بعد أن ذكر تأويلات في قوله تعالى: {لا تقدموا بين يدي الله ورسوله} [الحجرات: 1]. وقيل نزلت في أقوام كانوا يحضرون مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا سأل الرسول صلى الله عليه وسلم عن شيء خاضوا فيه وتقدموا بالقول والفتوى فنهو عن ذلك وهكذا دأب المريد في مجلس الشيخ ينبغي أن يلزم السكون ولا يقول شيئًا بحضرته من كلام حسن إلا إذا استأمر الشيخ في ذلك ووجد من الشيخ فسحة. اهـ.. (الإبريز ص205).
وقد جاوزوا هنا ما أمر الله به المسلمين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله} [الحجرات: 1]. معناها أي لا تفتوا قبل أن يفتي ولا تحكموا في شيء حتى يأتيكم حكمه من الله ورسوله. وليس معناه لا تبدأوا في أي كلام وإلا فالصحابة كثيرًا ما كانوا يبدأون ويعيدون في شئون كثيرة والنبي جالس يستمع وربما تبسم صلى الله عليه وسلم عندما يتكلمون أحيانًا في شئون الجاهلية. كما ثبت في صحيح مسلم وغيره أن الصحابة كانوا يجلسون مع النبي بعد صلاة الصبح يستمع لهم وربما تبسم صلى الله عليه وسلم.. وأما هؤلاء الصوفية فإنهم جعلوا على المريد حجرًا أن لا يتكلم بحضرة شيخه إلا أذن له.. وأن يختصر حيث أراد الشيخ أن يطيل إذا أمره الشيخ بذلك فجعلوه آلة ميتة يتحرك بحركة الشيخ ولماذا نذهب بعيدًا وقد أجملوا هذه الآداب مع شيخهم بقولهم: كن بين يدي شيخك كالميت بين يدي المغسل.. والعجيب أنهم لم يكتفوا بهذا أيضًا بل جعلوا من جملة الآداب في خطاب الشيخ أن يسأل الله التوفيق قبل أن يبدأ أمام الشيخ بالكلام.. انظر ما يقولون:
وقال أيضًا من الأدب مع الشيخ أن المريد إذا كان له كلام مع الشيخ في شيء من أمر دينه أو دنياه لا يعجل بالإقدام على مكالمة الشيخ بالهجوم عليه حتى يتبين له من حال الشيخ أنه مستعد له ولسماع كلامه فكما أن للدعاء أوقاتًا وآدابًا وشروطًا لأنه مخاطبة لله تعالى فللقول مع الشيخ أيضًا آداب وشروط لأنه من معاملة الله تعالى (!!) ويسأل الله قبل الكلام مع الشيخ التوفيق لما يجب من الآداب. اهـ.. (الإبريز ص213).
فجعلوا الشيخ هنا بمنزلة الله سبحانه وتعالى فكما أن لدعاء الله شروطًا وآدابًا وأوقاتًا.. فكذلك يجب أن يكون الكلام مع الشيخ.. وانظر قوله (لأنه.. أي لأن معاملة الشيخ من معاملة الله تعالى..) فأي عبودية في الأرض أعظم من هذه؟...
وحتى يتلبس الأمر على المريدين التباسًا كاملًا ولا يستطيع المريد أن يفرق بين الشيخ والله فإن المتصوفة زعموا أن الشيخ عندما يتكلم بكلامه في الدرس لا يكون متكلمًا من عند نفسه وإنما هو مستمع كذلك لما يلقى عليه من الله، وما يجري على لسانه رغمًا عنه فالشيخ غير مسئول عن كلامه، لأن كلامه في الدرس وحي من الله وإلهام إليه لا حيلة له فيه. قال السلجماسي:
قال ويكون الشيخ فيما يجريه الحق سبحانه وتعالى على لسانه مستمعًا كأحدكم فأشكل ذلك على بعض الحاضرين وقال إذا كان القائل يعلم ما يقول فكيف يكون مستمعًا (فرجع إلى منزله فرأى في ليلته في المقام كأن قائلًا يقول له: أليس الغواص يغوص في البحر لطلب الدر ويرجع بالصدف) ويرجع بالصدف في مخلاته والدر وقد حصل معه ولكن لا يراه إلا إذا خرج من البحر ويشاركه في رؤية الدر من هو على الساحل ففهم في المنام إشارة الشيخ في ذلك فأحسن آداب المريد مع الشيخ السكون والخمود والجمود حتى يبادئه الشيخ بما له فيه المصلحة قولًا وفعلًا. (الإبريز ص105).
وهذا المثال الذي ضربوه لا ينطبق على هذا الأمر لا شكلًا ولا موضوعًا.. فالقضية الأساسية وهي أن الشيخ يلقي عليه الكلام عن الغيب رأسًا في الدرس ولا حيلة له فيه هذا كفر وزندقة لأنه لا وحي بعد محمد صلى الله عليه وسلم.. ومن زعم أنه ينزل عليه وحي أو يكاشفه ملك، أو يطلع على غيب بعد رسول الله فهو كافر مرتد حلال الدم بإجماع الأمة.
وأما أن الغواص يغوص فيأتي بالمحار من البحر ولا يعرف إن كان فيها لؤلؤ أم لا ثم يفتحها على الشاطئ ويطالع مع الموجودين هناك.. إن أرادوا أن الشيخ يغوص في الغيب ويأتي بالمحار ولا يعرف هل أتى بلؤلؤ أم لا إن زعموا أن كلام الله الذي يأتي به الشيخ لا يعرف إن كان فيها لباب أم لا فهذا كفر صريح لأنه تشبيه للوحي الإلهي بأن منه ما يجوز أن يلقى مرة ثانية إلى البحر كما يرمي الغواص بقشور المحار التالفة التي لا نفع منها وقد نجد جوهرة وقد لا نجد..
وهذا المثال الذي ضربوه لما يجري على ألسنة شيوخهم ينطبق فقط على الإلقاء الشيطاني فالشياطين تلقي على أسماع أوليائها من الإنس الأمر مما يسمعونه من السماء يكون فيه شيء واحد صادق وتسعة وتسعون كذبًا وهذا هو بالفعل حال شيوخ التصوف المتصلين بالجن والشياطين؛ قد يطلعهم الجن على شيء واحد صادق ولكن الجن يكذبون مع كل خبر صادق مئة كذبة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في تفسير قوله تعالى: {وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا} [الجن: 9]، وفي قوله تعالى: {لا يسمعون إلى الملأ الأعلى ويقذفون من كل جانب * دحورًا ولهم عذاب واصب * إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب} [الصافات: 8، 9].
فشيوخ التصوف يحدثون بأحاديث الجن والشياطين فيكذبون مئة كذبة ويفترون آلاف الافتراءات على الله ورسالته، وقد يصدقون مرة واحدة. والمهم في هذا الصدد أن هؤلاء المشايخ بمثل هذا الأمر جعلوا المريد صنمًا مع شيخه لا يستطيع أن يقاطعه أو أن يعترض عليه لأن الشيخ أصلًا مستمع لما يوحى إليه وليس مؤلفًا ولا ناقلًا كلام نفسه.
وجعلوا من واجب المريد أيضًا أن لا يسافر سفرًا إلا بإذن الشيخ. قال عبدالكريم القشيري:
ومن أحكام المريد إذا لم يجد من يتأدب به في موضعه أن يهاجر إلى من هو منصوب في وقته لإرشاد المريدين ثم يقيه إليه ولا يبرح عن سدته إلى وقت الإذن. (القشيرية ص184).
وبالطبع الإذن الذي يجب على المريد أن ينتظره ليس هو إذن الشيخ في زعمهم وإنما هو الإذن الإلهي فالشيخ يأمر المريد أن يبقى في مكانه ولا يتحول عنه إلا إذا جاءه الأمر الإلهي بأن يسافر من عند شيخه. وبالطبع ليس هذا أمرًا إلهيًا وإنما هو أوامر شيطانية يلتزم بها هؤلاء وهؤلاء..
ويفلسف القشيري هذا الأدب الصوفي، أعني عدم جواز سفر المريد وإلا بإذن شيخه، فيقول:
ومن آداب المريد بل فرائض حاله أن يلازم موضع إرادته وأن لا يسافر قبل أن يقبله الطريق وقبل وصول القلب إلى الرب فإن السفر للمريد في غير وقته سم قاتل ولا يصل أحد منهم إلى ما كان يرجى له إذا سافر في غير وقته وإذا أراد الله بمريد خيرًا أثبته في أول إرادته وإذا أراد الله بمريد محنة شرده في مطارح غربته هذا إذا كان المريد يصلح للوصول فأما إذا كان شابًا طريقته للخدمة في الظاهر بالنفس للفقراء وهو دونهم في هذه الطريقة رتبة فهو وأمثاله يكتفون بالترسم في الظاهر فينقطعون في الأسفار وغاية نصيبهم من هذه الطريقة حجات يحصلونها وزيارات لمواضع يرتحل إليها لبقاء شيوخ بظاهر سلام فيشاهدون الظواهر ويكتفون بما في هذا الباب من السير فهؤلاء الواجب لهم دوام السفر حتى لا تؤديهم الدعة إلى ارتكاب محظور فإن الشاب إذا وجد الراحة والدعة كان في معرض الفتنة إذا توسط المريد جميع الفقراء والأصحاب في بدايته فهو مضر له جدًا وإن امتحن واحد بذلك فليكن سبيله احترام الشيخ والخدمة للأصحاب وترك الخلاف عليهم والقيام بما فيه راحة فقيره والجهد أن لا يستوحش منه قلب شيخ ويجب أن يكون في صحبته مع الفقراء أبدًا خصمهم على نفسه ولا يكون خصم نفسه عليهم ويرى لكل واحد منهم عليه حقًا واجبًا ولا يرى لنفسه واجبًا على أحد. اهـ.. (القشيرية ص183).
وهكذا يجب أن يكون المريد أداة طيعة في يد شيخه يختار له من المراتب والمسالك ما يريد. بل يجب عليه أيضًا أن ينخلع عن حرفته وصنعته وأن ينقطع كل علائقه بالدنيا، وينقطع انقطاعًا كاملًا لشيخه..
والحق أن قضية الانقطاع الكامل عن الدنيا والإقبال التام على التصوف وملازمة الشيوخ كان هو الأمر في القرن الرابع وما بعده، وما زال هذا موجودًا في الإقطاعيات الصوفية الكثيرة التي تأتيها دخول دائمة وأوقاف دائمة للمريدين الذين يجب أن يسير فيه. ويقول القشيري أيضًا:
وكل مريد بقي في قلبه شيء من عروض الدنيا مقدار وخطر فاسم الإرادة له مجاز وإذا بقي في قلبه اختيار فيما يخرج عنه من معلومه فيريد أن يخص به نوعًا من أنواع البر أو شخصًا دون شخص فهو متكلف في حاله وبالخطر أن يعود سريعًا إلى الدنيا لأن قصد المريد في حذف العلائق الخروج منها لا السعي في أعمال البر وقبيح بالمريد أن يخرج من معلومه من رأس ماله وقنيته ثم يكون أسير حرفة وينبغي أن يستوي عنده وجود ذلك وعدمه حتى لا ينافر لأجله فقيرًا ولا يضايق به أحدًا ولو مجوسيًا. انتهى (القشيرية ص184).
ومعنى هذا أنه يجب على المريد الخروج من الحرف الدنيوية نهائيًا بزعم أنه يضايق أهل الحرف والصناعات ويزاحمهم وهذا يضاد التصوف حتى ولو كان من يزاحمهم مجوسيًا.. كما أنه يجب على المريد أن لا يفعل معروفًا مع شخص إلا بأمر شيخه.
وقال أيضًا: ومن شأن المريد قصر الأمل فإن الفقير ابن وقته فإذا كان له تدبير في المستقبل وتطلع لغير ما هو فيه من الوقت وأمل فيها يستأنفه لا يجيء منه شيء.. ومن شأن المريد أن لا يكون له معلوم وإن قل لا سيما بين الفقراء فإن ظلمة المعلوم تطفئ نور الوقت. (الإبريز ص208).
يعني أن المريد يجب عليه أن لا يكون له تدبير مالي، للمستقبل أبدًا ولا راتب شهري معلوم يرجع إليه لأن هذا يطفئ نوره ويؤجل مكاشفاته..
وجعلوا كذلك من آداب المريد في مجلس الشيخ ما يأتي:
من آداب المريد مع شيخه أن لا يجلس بحضرته متربعًا، ولا مظهرًا رجلًا له. قال صاحب الرائية:
ولا يعقدن قدامه متربعًا ** ولا باديًا رجلًا فبادر إلى الستر

ولا يجوز له كذلك أن يلبس لباس الشيوخ إلا إذا انتهى من مقام التربية. اهـ..
وهذه حقوق أعطيت للشيخ لم يجعلها الله لرسوله فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر الصحابة أن لا يلبسوا لباسه.. أو يتشبهوا به في عمامته أو قلنسوته أو يجلسوا متربعين في حضرته صلى الله عليه وسلم..
بل كانوا يجلسون بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم متربعين ومضطجعين وكان أحيانًا يضجع معهم ولم يكن له صلى الله عليه وسلم زي خاص ولا مجلس خاص، وهذا يدلك على ابتداع المتصوفة وبعدهم عن الدين. وجعلوا من آدابهم أيضًا ما قاله القشيري:
ومن شروط المريد إذا زار شيخًا أن يدخل عليه بالحرمة وينظر إليه بالحشمة فإن أهل الشيخ لشيء من الخدمة عَدَّ ذلك من جزيل النعمة. (القشيرية ص184).
فجعلوا خدمة شيوخهم من جزيل النعمة ومن تفضل الشيخ على المريد والأمر على العكس لأن من يخدم غيره دون أجر هو المتفضل لقوله صلى الله عليه وسلم للذين خدموا إخوانهم في السفر: «ذهب المفطرون بالأجر كله».
وقبول قلوب المشايخ للمريد أصدق شاهد لسعادته ومن رده قلب شيخ من الشيوخ فلا محالة يرى غِبَّ ذلك ولو بعد حين ومن خذل بترك حرمة الشيوخ فقد أظهر رقم شقاوته وذلك لا يخطئ... اهـ..
وهذا يعني أن غضب الشيخ الصوفي على المريد هو غضب الله. فليس له قبول أبدًا.. وهذا من أعجب العجب..