فصل: القاعدة التاسعة: في طريقة القرآن في أمر المؤمنين وخطابهم بالأحكام الشرعية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: القواعد الحسان في تفسير القرآن



.القاعدة السادسة: في طريقة القرآن في تقرير التوحيد ونفي ضده:

القرآن كله لتقرير التوحيد ونفي ضده، وأكثر الآيات يقرر الله فيها توحيد الألوهية، وإخلاص العبادة لله وحده، لا شريك له، ويخبر أن جميع الرسل إنما أرسلت تدعوا قومها إلى أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئا، وأن الله تعالى إنما خلق الجن والإنس ليعبدوه، وأن الكتب والرسل بل الفطر والعقول السليمة كلها اتفقت على هذا الأصل، الذي هو أصل الأصول كلها، وأن من لم يَدِنْ بهذا الدين الذي هو إخلاص العبادة والقلب والعمل لله وحده فعمله باطل {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: 65]، {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 88]، ويدعوا العباد إلى ما تقرر في فطرهم وعقولهم من أن الله المنفرد بالخلق والتدبير والمنفرد بالنعم الظاهرة والباطنة: هو الذي يستحق العبادة وحده، ولا ينبغي أن يكون شيء منها لغيره، وأن سائر الخلق ليس عندهم أي قدرة على خلق، ولا نفع، ولا دفع ضر، عن أنفسهم فضلا عن أن يغنوا عن أحد غيرهم من الله شيئا.
ويدعوهم أيضاً إلى هذا الأصل بما يَتَمَدَّح به، ويُثني على نفسه الكريمة، من تفرده بصفات العظمة والمجد، والجلال والكمال، وأن من له هذا الكمال المطلق الذي لا يشاركه فيه مشارك: أحق من أُخلصت له الأعمال الظاهرة والباطنة.
ويقرر هذا التوحيد بأنه هو الحاكم وحده، فلا يحكم غيره شرعاً ولا جزاء {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [يوسف: 40].
وتارة يقرر هذا بذكر محاسن التوحيد، وأنه الدين الوحيد الواجب شرعاً وعقلاً وفطرة، على جميع العبيد، وبذكر مساوئ الشرك وقبحه، واختلال عقول أصحابه بعد اختلال أديانهم، وتقليب أفئدتهم، وكونهم أضل من الأنعام سبيلا.
وتارة يدعو إليه بذكر ما رتب عليه من الجزاء الحسن في الدنيا والآخرة، والحياة الطيبة في الدور الثلاث، وما رتب على ضده من العقوبات العاجلة والآجلة، وكيف كانت عواقب المشركين أسوأ العواقب وشرها.
وبالجملة: فكل خير عاجل وآجل، فإنه من ثمرات التوحيد، وكل شر عاجل وآجل، فإنه من ثمرات الشرك والله أعلم.

.القاعدة السابعة: في طريقة القرآن في تقرير نبوة محمد صلى الله عليه وسلم:

هذا الأصل الكبير: قرره الله في كتابه بالطرق المتنوعة التي يعرف بها كمال صدقه صلى الله عليه وسلم فأخبر أنه صدق المرسلين، ودعا إلى ما دعوا إليه، وأن جميع المحاسن التي في الأنبياء في نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وما نُزِّهوا عنه من النقائص والعيوب، فرسولنا محمد صلى الله عليه وسلم أولاهم وأحقهم بهذا التنزيه، وأن شريعته مهيمنة على جميع الشرائع، وكتابه مهيمن على كل الكتب. فجميع محاسن الأديان والكتب قد جمعها الله في هذا الكتاب وهذا الدين، وفاق عليها بمحاسن وأوصاف لم توجد في غيره، وقرر نبوته بأنه أمي لا يكتب ولا يقرأ، ولا جالس أحداً من أهل العلم بالكتب السابقة، بل لم يَفْجَأ الناس إلا وقد جاءهم بهذا الكتاب الذي لو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثله ما أَتوا ولا قَدِروا، ولا هو في استطاعتهم ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا، وأنه محال مع هذا أن يكون من تلقاء نفسه، أو أن يكون قد تقوَّله على ربه، أو أن يكون على الغيب ظنيناً.
وأعاد القرآن وأبدى في هذا النوع، وقرر ذلك بأنه يخبر بقصص الأنبياء السابقين مطولة على جميع الواقع، الذي لا يستريب فيه أحد، ثم يخبر تعالى: أنه ليس له طريق ولا وصول إلى هذا إلا بما آتاه الله من الوحي، كمثل قوله تعالى لما ذكر قصة موسى مطولة: {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ} [القصص: 44] ولما ذكر قصة يوسف وإخوته مطولة قال: {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ} [يوسف: 102].
فهذه الأمور والإخبارات المفصلة التي يفصلها الرسول صلى الله عليه وسلم بما أوحي إليه تفصيلاً، صحح به أكثر الأخبار والحوادث التي كانت في كتب أهل الكتاب محرفة ومشوهة بما أضافوا إليها من خرافات وأساطير، حتى ما يتعلق منها بعيسى وأمه وولادتهما ونشأتهما، وبموسى وولادته ونشأته، كل ذلك وغيره لم يكن يعرفه أهل الكتاب على حقيقته حتى جاء القرآن، فقص ذلك على ما وقع وحصل، مما أدهش أهل الكتاب وغيرهم، وأخرس ألسنتهم حتى لم يقدر أحد منهم ممن كان في وقته، ولا ممن كانوا بعد ذلك، أن يكذبوا بشيء منها، فكان ذلك من أكبر الأدلة على أنه رسول الله حقاً.
وتارة يقرر نبوته بكمال حكمة الله، وتمام قدرته، وأن تأييده لرسوله ونصره على أعدائه، وتمكينه في الأرض هو مقتضى حكمةِ ورحمةِ العزيز الحكيم، وأن من قدح في رسالته فقد قدح في حكمة الله وفي قدرته. وفي رحمته، بل وفي ربوبيته.
وكذلك نصره وتأييده الباهر لهذا النبي صلى الله عليه وسلم على الأمم الذين هم أقوى أهل الأرض من آيات رسالته، وأدلة توحيده، كما هو ظاهر للمتأملين.
وتارة يقرر نبوته ورسالته بما جمع له وكمله به من أوصاف الكمال، وما هو عليه من الأخلاق الجميلة، وأن كل خلق عال سام فلرسول الله صلى الله عليه وسلم منه أعلاه وأكمله.
فمن عظمت صفاته، وفاقت نعوته جميع الخلق التي أعلاها: الصدق والأمانة، أليس هذا أكبرَ الأدلة على أنه رسول رب العالمين، والمصطفى المختار من الخلق أجمعين؟
وتارة يقررها بما هو موجود في كتب الأولين، وبشارات الأنبياء والمرسلين السابقين، إما باسمه العلم أو بأوصافه الجليلة، وأوصاف أمته وأوصاف دينه، كما في قوله تعالى: {وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف: 6].
وتارة يقرر رسالته بما أخبر به من الغيوب الماضية والغيوب المستقبلة، التي وقعت في زمان مضى على زمانه، أو وقعت في زمانه والتي لا تزال تقع في كل وقت، فلولا الوحي ما وصل إليه شيء من هذا، ولا كان له ولا لغيره طريق إلى العلم به.
وتارة يقررها بحفظه إياه، وعصمته له من الخلق، مع تكالب الأعداء وضغطهم عليه، وجِدِّهم التام في الإيقاع به بكل ما في وسعهم، والله يعصمه ويمنعه منهم وينصره عليهم، وما ذاك إلا لأنه رسوله حقا، وأمينه على وحيه والمبلغ ما أمر به.
وتارة يقرر رسالته بذكر عظمة ما جاء به وهو القرآن الذي {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: 42] ويتحدى أعداءه، ومن كفر به أن يأتوا بمثله أو بعشر سور مثله أو بسورة واحدة، فعجزوا ونكصوا وباءوا بالخيبة والفشل، وهم أهل اللسان المُبَرِّزون في ميدان القول والفصاحة، ومع ذلك ما استطاعوا- مع شدة حرصهم ومحاولتِهم- أن يأتوا بسورة منه وما استطاعوا ولا قدروا- مع شدة حرصهم ومحاولتِهم- أن يجدوا فيه نقصاً أو عيباً ينزل به عن أعلى درجات الفصاحة التي ملكت أزمة قلوبهم، فلجئوا إلى السيف وإراقة دمائهم، وما كانوا يعمدون إلى هذا لولا أنهم لم يجدوا سبيلاً إلى محاربته بالقول، وما كانوا يزعمونه عندهم علوماً وحكماً، فكان عدولهم إلى السيف وإراقة الدماء أكبر الأدلة على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم وأنه لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، وأقطع البراهين على أنه الحق والهدى من عند الله الذي جمع الله فيه لرسوله وللمؤمنين به كل ما يكفل لهم سعادة الدنيا والآخرة في كل شئونهم. وأن هذا القرآن لأكبرُ أدلة رسالته وأجلُّها وأعمُّها.
والله تعالى يقرر أن القرآن كاف جداً أن يكون هو الدليل الوحيد على صدق رسوله صلى الله عليه وسلم في مواضع عدة، منها قوله: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [العنكبوت: 51].
وتارة يقرر رسالته بما أظهر على يديه من المعجزات، وما أجرى له من الخوارق والكرامات، الدالِّ كل واحد منها بمفرده- فكيف إذا اجتمعت- على أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم الصادق المصدوق، الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
وتارة يقررها بعظيم شفقته على الخلق، وحُنوِّه الكامل على أمته، وأنه بالمؤمنين رءوف رحيم، وأنه لم يوجد ولن يوجد أحد من الخلق أعظم شفقة ولا براً وإحساناً إلى الخلق منه، وآثار ذلك ظاهرة للناظرين.
فهذه الأمور والطرق قد أكثر الله من ذكرها في كتابه وقررها بعبارات متنوعة، ومعاني مفصلة وأساليب عجيبة، وأمثلتها تفوق العد والإحصاء. والله أعلم.

.القاعدة الثامنة: طريقة القرآن في تقرير المعاد:

وهذا الأصل الثالث من الأصول التي اتفقت عليها الرسل والشرائع كلها وهي: التوحيد، والرسالة، وأمر المعاد وحشر العباد.
وهذا قد أكثر الله من ذكره في كتابه الكريم، وقرره بطرق متنوعة:
منها: إخباره وهو أصدق القائلين عنه وعما يكون فيه من الجزاء الأوفى، مع إكثار الله من ذكره، فقد أقسم عليه في ثلاثة مواضع من كتابه، كقوله: {لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [القيامة: 1].
ومنها الإخبار بكمال قدرة الله تعالى، ونفوذ مشيئته، وأنه لا يعجزه شيء، فإعادة العباد بعد موتهم فرد من أفراد آثار قدرته.
ومنها تذكيره العباد بالنشأة الأولى، وأن الذي أوجدهم ولم يكونوا شيئاً مذكوراً، لابد أن يعيدهم كما بدأهم، وأن الإعادة أهون عليه، وأعاد هذا المعنى في مواضع كثيرة بأساليب متنوعة.
ومنها: إحياؤه الأرضَ الهامدة الميتة بعد موتها، وأن الذي أحياها سيحيي الموتى، وقرر ذلك بقدرته على ما هو أكبر من ذلك، وهو خلق السماوات والأرض، والمخلوقات العظيمة، فمتى أثبت المنكرون ذلك، ولن يقدروا على إنكاره، فلأي شيء يستبعدون إحياء الموتى؟ وقرر ذلك بسعة علمه، وكمال حكمته، وأنه لا يليق به، ولا يحسن أن يترك خلقه سدى مهملين، لا يُؤمرون ولا ينهون، ولا يثابون ولا يعاقبون. وهذا طريق قرر به النبوة وأمر المعاد.
ومما قرر به البعث ومجازاة المحسنين بإحسانهم، والمسيئين بإساءتهم: ما أخبر به من أيامه وسننه سبحانه في الأمم الماضية والقرون الغابرة. وكيف نجى الأنبياء وأتباعهم، وأهلك المكذبين لهم المنكرين للبعث، ونوَّعَ عليهم العقوبات، وأحل بهم المَثُلات، فهذا جزاء معجل ونموذج من جزاء الآخرة أراه الله عباده، ليهلك من هلك عن بينة، ويحي من حي عن بينة.
ومن ذلك: ما أرى الله عباده من إحيائه الأموات في الدنيا كما ذكره الله عن صاحب البقرة والألوف من بني إسرائيل، والذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها، وقصة إبراهيم الخليل والطيور، وإحياء عيسى بن مريم للأموات وغيرها مما أراه الله عباده في هذه الدار، ليعلموا أنه قوي ذو اقتدار، وأن العباد لابد أن يَرِدوا دار القرار، إما الجنة أو النار.
وهذه المعاني أبداها الله وأعادها في محال كثيرة. والله أعلم.
بالإيمان، قوموا بشكر هذه النعمة، بفعل كذا وترك كذا.

.القاعدة التاسعة: في طريقة القرآن في أمر المؤمنين وخطابهم بالأحكام الشرعية:

قد أمر الله تعالى بالدعاء إلى سبيله بالتي هي أحسن، أي بأقرب طريق موصل للمقصود، محصل للمطلوب، ولا شك أن الطرق التي سلكها الله في خطاب عباده المؤمنين بالأحكام الشرعية هي أحسنها وأقربها.
فأكثر ما يدعوهم إلى الخير وينهاهم عن الشر بالوصف الذي من عليهم به وهو الإيمان، فيقول: يا أيها الذين آمنوا افعلوا كذا واتركوا كذا لأن في ذلك دعوة لهم من وجهين:
أحدهما من جهة الحث على القيام بلوازم الإيمان، وشروطه ومكملاته، فكأنه يقول: يا أيها الذين آمنوا قوموا بما يقتضيه إيمانكم من امتثال الأوامر، واجتناب النواهي، والتخلق بكل خلق حميد والتجنب لكل خلق رذيل.
فإن الإيمان الحقيقي هكذا يقتضي، ولهذا أجمع السلف أن الإيمان يزيد وينقص، وأن جميع شرائع الدين الظاهرة والباطنة من الإيمان ولوازمه، كما دلت على هذا الأصل الأدلة الكثيرة، من الكتاب والسنة- وهذا أحدها- حيث يصدر الله أمر المؤمنين بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} أو يعلق فعل ذلك على الإيمان وأنه لا يتم الإيمان إلا بذلك المذكور.
والوجه الثاني أن يدعوهم بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} افعلوا كذا، أو اتركوا كذا، أو يعلق ذلك بالإيمان، يدعوهم بمنته عليهم بهذه المنة، التي هي أجل المنن، أي: يا من مَنَّ الله عليهم.
فالوجه الأول: دعوة لهم أن يتمموا إيمانهم، ويكملوه بالشرائع الظاهرة والباطن.
والوجه الثاني: دعوة لهم إلى شكر نعمة الإيمان، ببيان تفصيل هذا الشكر، وهو الانقياد التام لأمره ونهيه، وتارة يدعوا المؤمنين إلى الخير، وينهاهم عن الشر، بذكر آثار الخير، وعواقبه الحميدة العاجلة والآجلة، وبذكر آثار الشر، وعواقبه الوخيمة في الدنيا والآخرة.
وتارة يدعوهم إلى ذلك بذكر نعمه المتنوعة، وآلائه الجزيلة، وإن النعم تقتضي فهم القيام بشكرها، وشكرها هو القيام بحقوق الإيمان.
وتارة يدعوهم إلى ذلك بالترغيب والترهيب، ويذكر ما أعد الله للمؤمنين الطائعين من الثواب وما للعصاة من العقاب.
وتارة يدعوهم إلى ذلك بذكر ما له من الأسماء الحسنى، وما له من الحق العظيم على عباده، وأن حقه عليهم أن يقوموا بعبوديته ظاهراً وباطناً، ويتعبدوا له وحده، ويدعوه بأسمائه الحسنى وصفاته المقدسة.
فالعبادات كلها شكر لله وتعظيم وتكبير، وإجلال وإكرام، وتودد إليه، وتقرب منه.
وتارة يدعوهم إلى ذلك، لأجل أن يتخذوه وحده ولياً وملجأ، وملاذا ومَعاذا، ومفزعا إليه في الأمور كلها، وينيبوا إليه في كل حال، ويخبرهم أن هذا هو أصل سعادة العبد وصلاحه وفلاحه، وأنه إن لم يدخل في ولاية الله وتوليه الخاص تولاه عدوه الذي يريد له الشر والشقاء، ويمنيه ويغره، حتى يفوِّته المنافع والمصالح ويوقعه في المهالك.
وهذا كله مبسوط في القرآن بعبارات متنوعة.
وتارة يحثهم على ذلك ويحذرهم من التشبه بأهل الغفلة والإعراض، والأديان المُبَدَّلة، لئلا يلحقهم من اللوم ما لحق أولئك الأقوام. كقوله: {وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: 65]، {فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِين} [البقرة: 35]، {وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ} [الأعراف: 205]، {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد: 16]، إلى غير ذلك من الآيات.