فصل: القاعدة الخامسة والأربعون: حث الباري سبحانه في كتابه على الصلاح والإصلاح:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: القواعد الحسان في تفسير القرآن



.القاعدة الثانية والأربعون: الحقوق لله ولرسوله:

قد ميز الله في كتابه بين حقه الخاص وحق رسوله الخاص والحق المشترك.
واعلم بذلك أن الحقوق ثلاثة:
حق لله وحده، لا يكون لغيره: وهو عبادته وحده لا شريك له بجميع أنواع العبادات.
وحق خاص لرسوله صلى الله عليه وسلم: وهو التعزير والتوقير والقيام بحقه اللائق واتباعه والاقتداء به.
وحق مشترك: وهو الإيمان بالله ورسوله وطاعة الله ورسوله ومحبة الله ومحبة رسوله.
وقد ذكر الله الحقوق الثلاثة في آيات كثيرة من القرآن، فأما حقه الخاص: فكل آية فيها الأمر بعبادته وإخلاص العمل له، والترغيب في ذلك، وهذا شيء لا يحصى.
وقد جمع الله ذلك في قوله في سورة الفتح: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ}، فهذا مشترك {وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ}، فهذا خاص بالرسول {وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} [الفتح: 9]، فهذا حق لله وحده.
وقوله: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}، في آيات كثيرة.
وكذلك: {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ}.
وكذلك قوله في سورة التوبة: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوه} [التوبة: 62]، وقوله تعالى: {سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ}، فهذا مشترك {إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ} [التوبة: 59]، وهذا مختص بالله تعالى.
ولكن ينبغي أن يعرف العبد أن الحق المشترك ليس معناه أن ما لله منه يثبت لرسوله مثله ونظيره في كل خصائصه، بل المحبة والإيمان والطاعة لله لابد أن يصحبها التعبد والتعظيم لله والخضوع رغبة ورهبة.
وأما المتعلق بالرسول من ذلك: فإنه حب في الله، وطاعة لله فمن أطاع الرسول فقد أطاع الله بل حق الرسول على أمته من حق الله تعالى عليهم، فيقوم المؤمن بحق رسوله وطاعته امتثالاً لأمر الله، وعبودية له.
وإنما قيل له حق الرسول، لتعلقه بالرسول، وإلا فجميع ما أمر الله به وحث عليه من القيام بحقوق رسوله، وحقوق الوالدين والأولاد والأزواج والأقارب والجيران والعلماء والولاة والأمراء، والكبير على الصغير والصغير على الكبير وغيرهم، كله حق لله تعالى، فيقوم به العبد امتثالا لأمر الله وتعبداً له، وقياماً بحق ذي الحق، وإحساناً إليه، إلا الرسول فإن الإحسان منه كله إلى أمته فما وصل إليهم خير إلا على يديه صلى الله عليه وسلم تسليماً.

.القاعدة الثالثة والأربعون: الأمر بالتثبت:

يأمر الله بالتثبت وعدم العجلة في الأمور التي يخشى من سوء عواقبها، ويأمر ويحث على المبادرة على أمور الخير التي يخشى فواتها.
وهذه القاعدة في القرآن كثيرة:
قال تعالى في القسم الأول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا} [النساء: 94]، وفي قراءة: {فتثبتوا}، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ} [الحجرات: 6].
وقد عاب الله المتسرعين إلى إذاعة الأخبار التي يخشى من إذاعتها، فقال تعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83]، وقال تعالى: {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ} [يونس: 39]، ومن هذا الباب: الأمر بالمشاورة في الأمور، وأخذ الحذر، وأن لا يقول الإنسان ما ليس له به علم، وفي هذا آيات كثيرة.
وأما القسم الثاني: كقوله: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْض} [آل عمران: 133]، وقوله: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: 148]، وقوله: {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} [المؤمنون: 61]، وقوله: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} [الواقعة: 10]، أيْ: السابقون في الدنيا إلى الخيرات: هم السابقون في الآخرة إلى الجنات والكرامات. والآيات في هذا المعنى كثيرة.
وهذا الكمال الذي أرشد الله عباده إليه، هو أن يكونوا حازمين لا يفوتون فرص الخيرات، وأن يكونوا متثبتين خشية الوقوع في المكروهات والمضرّات.
ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون؟.

.القاعدة الرابعة والأربعون: علاج ميل النفوس إلى ما لا ينبغي:

عند ميل النفوس أو خوف ميلها إلى ما لا ينبغي، يذكرها الله ما يفوتها من الخير، وما حصل لها من الضرر بهذا الميل.
وهذا في القرآن كثير، وهو من أنفع الأشياء في حصول الاستقامة، لأن الأمر بالمعروف والنهي المجرد لا يكفي أكثر الخلق في كفهم عما لا ينبغي، حتى يقرن بذلك ما يفوت من المحبوبات التي تزيد أضعافاً مضاعفة على الذي يكرهه الله، وتميل إليه النفس، وما يحصل من المكروه المرتب عليه كذلك.
قال تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ} [الأنفال: 28]، فهنا لما ذكر فتنة الأموال والأولاد التي مالت بأكثر الخلق عن طريق الاستقامة، قال مذكراً لهم ما يفوتهم إن افتتنوا بها، وما يحصل لهم إن سلموا من فتنتها {وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: 28].
وقال تعالى: {هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً} [النساء: 109]، وقال تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} [الشورى: 20]، وقوله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ (205) ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ (206) مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ} [الشعراء: 205- 207].
والآيات في هذا المعنى الجليل كثيرة جداً. فإذا بان للناظر أصلها وقاعدتها سهل عليه تنزيل كل ما يرد منها على الأصل المقرر، والله أعلم.

.القاعدة الخامسة والأربعون: حث الباري سبحانه في كتابه على الصلاح والإصلاح:

وهذه القاعدة من أهم القواعد، فإن القرآن يكاد يكون كله داخلاً تحتها فإن الله أمر بالصلاح في آيات متعددة والإصلاح، وأثنى على الصالحين والمصلحين في آيات أخر.
والصلاح: أن تكون الأمور كلها مستقيمة معتدلة آخذة سبيلها الذي سنه الله مقصوداً بها غايتها الحميدة، التي قصد الله إليها. فأمر الله بالأعمال الصالحة وأثنى على الصالحين، لأن أعمال الخير تصلح القلوب والإيمان، وتصلح الدين والدنيا والآخرة، وضدها فساد هذه الأشياء، وكذلك في آيات متعددة فيها الثناء على المصلحين ما أفسد الناس، والمصلحين بين الناس والتصالح فيما بين المتنازعين، وأخبر على وجه العموم أن الصلح خير.
فإصلاح الأمور الفاسدة: السعي في إزالة ما تحتوي عليه من الشرور والضرر العام والخاص.
ومن أهم أنواع الإصلاح: السعي في إصلاح أحوال المسلمين في إصلاح دينهم ودنياهم، كما قال شعيب عليه السلام: {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ} [هود: من الآية 88]، فكل ساعٍ في مصلحة دينية أو دنيوية، فإنه مصلح، والله يهديه ويرشده ويسدده، وكل ساعٍ بضد ذلك فهو مفسد، والله لا يصلح عمل المفسدين.
ومن أهم ما حث الله عليه: السعي في الصلح بين المتنازعين، كما أمر الله بذلك في الدماء والأموال والحقوق بين الزوجين، والواجب أن يصلح بالعدل، ويسلك كل طريق توصل إلى الملائمة بين المتنازعين، فإن آثار الصلح بركة وخير وصلاح، حتى إن الله أمر المسلمين إذا جنح الكفار الحربيون إلى المسالمة والمصالحة أن يوافقوهم على ذلك متوكلين على الله.
وأمثلة هذه القاعدة لا تنحصر، وحقيقتها: السعي في الكمال الممكن حسب القدرة بتحصيل المصالح أو تكميلها أو إزالة المفاسد والمضار أو تقليلها: الكلية منها والجزئية، والمتعدية والقاصرة، والله أعلم.

.القاعدة السادسة والأربعون: ما أمر الله به في كتابه، إما أن يوجه إلى من لم يدخل فيه فهذا أمر له بالدخول فيه، وإما أن يوجه لمن دخل فيه فهذا أمر به ليصحح ما وجد منه، ويسعى في تكميل ما لم يوجد فيه:

وهذه القاعدة مطردة في جميع الأوامر القرآنية: أصولها وفروعها.
فقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا} [النساء: من الآية 47]، من القسم الأول.
وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا} [البقرة: من الآية 104]، من الثاني والثالث، فإنه أمرهم بما يصحح ويكمل إيمانهم من الأعمال الظاهرة والباطنة، وكمال الإخلاص فيها، ونهاهم عما يفسدها وينقصها.
وكذلك أمره للمؤمنين أن يقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، ويصوموا رمضان أمر بتكميل ذلك، والقيام بكل شرط ومكمل لذلك العمل، والنهي عن كل مفسد وناقص لذلك العمل.
وكذلك أمره لهم بالتوكل والإنابة ونحوها من أعمال القلوب هو أمر بتحقيق ذلك، وإيجاد ما لم يوجد منه.
وبهذه القاعدة نفهم جواب الإيراد الذي يورد على طلب المؤمنين من ربهم الهداية إلى الصراط المستقيم، مع أن الله قد هداهم للإسلام!!.
جوابه: ما تضمنته هذه القاعدة.
ولا يقال: هذا تحصيل للحاصل، فافهم هذا الأصل الجليل النافع، الذي يفتح لك من أبواب العلم كنوزاً، وهو في غاية اليسر والوضوح لمن تفطن.

.القاعدة السابعة والأربعون: السياق الخاص يراد به العام إذا كان سياق الآيات في أمور خاصة وأراد الله أن يحكم عليها وذلك الحكم لا يختص بها، بل يشملها ويشمل غيرها، جاء الله بالحكم العام:

وهذه القاعدة من أسرار القرآن وبدائعه، وأكبر دليل على إحكامه وانتظامه العجيب.
وأمثلة هذه القاعدة كثيرة:
منها: لما ذكر الله المنافقين وذمهم، واستثنى منهم التائبين، فقال: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 146]، فلما أراد الله أن يحكم لهم بالأجر لم يقل: وسوف يؤتيهم أجراً عظيماً، بل قال: {وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً}، ليشملهم وغيرهم من كل مؤمن، ولئلا يظن اختصاص الحكم بهم.
ولما قال: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ} [النساء: من الآية 150]، إلى قوله: {أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً} [النساء: 151].
لم يقل: واعتدنا لهم، للحكمة التي ذكرناها، ومثله: {قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا} [الأنعام: من الآية 64]، أي: هذه الحالة التي وقع السياق لأجلها {وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ} [الأنعام: من الآية 64].

.القاعدة الثامنة والأربعون: متى علق الله علمه بالأمور بعد وجودها، كان المراد بذلك العلم الذي يترتب عليه الجزاء:

وذلك أنه قد تقرر في الكتاب والسنة والإجماع أن الله بكل شيء عليم، وأن علمه محيط بالعالم العلوي والسفلي، والظواهر والبواطن والجليات والخفيات والماضي والمستقبل، وقد علم ما العباد عاملون قبل أن يعملوا الأعمال.
وقد ورد عدة آيات يخبر بها أنه شرع وقدر كذا؛ ليعلم كذا.
فوجه هذا: أن هذا العلم الذي يترتب عليه الجزاء. وأما علمه بأعمال العباد وما هم عاملون قبل أن يعملوا، فذلك علم لا يترتب عليه الجزاء، لأنه إنما يجازي على ما وجد من الأعمال، وعلى هذا الأصل نزل ما يرد عليك من الآيات كقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْب} [المائدة: من الآية 94]، وقوله: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ} [البقرة: من الآية 143]، وقوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ} [الحديد: من الآية 25]، وقوله: {وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ} [العنكبوت: 11]، وقوله: {ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَداً} [الكهف: 12].
وما أشبه هذه الآيات كلها على هذا الأصل.

.القاعدة التاسعة والأربعون: إذا منع الله عباده المؤمنين شيئاً تتعلق به إرادتهم، فتح لهم باباً أنفع لهم منه وأسهل وأولى:

وهذا من لطفه، قال تعالى: {وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: من الآية 32]، فنهاهم عن تمني ما ليس بنافع، وفتح لهم أبواب الفضل والإحسان، وأمرهم أن يسألوه بلسان الحال.
ولما سأل موسى عليه السلام ربَّه الرؤية حين سمع كلامه، ومنعه منها، وبلسان المقال سلّاه بما أعطاه من الخير العظيم، فقال: {قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [الأعراف: 144]، وقوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: من الآية 106]، وقوله تعالى: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ} [النساء: من الآية 130]، وفي هذا المعنى آيات كثيرة.