فصل: تفسير الآيات (36- 44):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (18- 26):

{كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (18) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ (19) تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (20) فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (21) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (22) كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ (23) فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (24) أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (25) سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ (26)}
{عاد} قبيلة وقد تقدم قصصها. وقوله تعالى: {فكيف كان عذابي ونذر}، كيف نصب إما على خبر {كان} وإما على الحال. و: {كان} بمعنى وجد ووقع في هذا الوجه. {ونذر} جمع نذير وهو المصدر. وقرأ ورش وحده: {ونذري} بالياء، وقرأ الباقون {ونذر} بغير ياء على خط المصحف. و: الصرصر قال ابن عباس وقتادة معناه الباردة وهو الصر. وقال جماعة من المفسرين معناه: المصوتة نحو هذين الحرفين مأخوذ من صوت الريح إذا هبت دفعاً، كأنها تنطق بهذين الحرفين، الصاد والراء، وضوعف الفعل كما قالوا: كبكب وكفكف من كب وكب، وهذا كثير، ولم يختلف القراء في سكون الحاء من {نحْس} وإضافة اليوم إليه إلا ما روي عن الحسن أنه قرأ: {في يومٍ} بالتنوين و: نحِس بكسر الحاء. و{مستمر} معناه: متتابع، قال قتادة: استمر بهم ذلك النحس حتى بلغهم جهنم. قال الضحاك في كتاب الثعلبي المعنى كان مراً عليهم، وذكره النقاش عن الحسن، وروي أن ذلك اليوم الذي كان لهم فيه {نحس مستمر} كان يوم أربعاء، وورد في بعض الأحاديث في تفسير هذه الآية: {يوم نحس مستمر}: يوم الأربعاء، فتأول في ذلك بعض الناس أنه يصحب في الزمن كله، وهذا عندي ضعيف وإن كان الدولابي أبو بشر قد ذكر حديثاً رواه أبو جعفر المنصور عن أبيه محمد عن أبيه علي عن أبيه عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «آخر أربعاء من الشهر يوم نحس مستمر»، ويوجد نحو هذا في كلام الفرس والأعاجم، وقد وجد ذكر الأربعاء التي لا تدور في شعر لبعض الخراسانيين المولدين، وذكر الثعلبي عن زر بن حبيش في تفسير هذا اليوم لعاد أنه كل يوم أربعاء لا تدور، وذكره النقاش عن جعفر بن محمد وقال: كان القمر منحوساً بزحل وهذه نزعة سوء عياذاً بالله أن تصح عن جعفر بن محمد.
وقوله: {تنزع الناس} معناه: تنقلهم من مواضعهم نزعاً فتطرحهم. وروي عن مجاهد: أنها كانت تلقي الرجل على رأسه فيتفتت رأسه وعنقه وما يلي ذلك من بدنه فلذلك حسن التشبيه ب أعجاز النخل وذلك أن المنقعر هو الذي ينقلب من قعره. فذلك التشعث والشعب التي لأعجاز النخل، كان يشبهها ما تقطع وتشعث من شخص الإنسان، وقال قوم: إنما شبههم ب أعجاز النخل لأنهم كانوا يحفرون حفراً ليمتنعوا فيها من الريح، فكأنه شبه تلك الحفر بعد النزع بحفر أعجاز النخل، والنخل يذكّر ويؤنث فلذلك قال هنا: {منقعر} وفي غير هذه السورة:
{خاوية} [الحاقة: 7] والكاف في قوله: {كأنهم أعجاز} في موضع الحال، قاله الزجاج، وما روي من خبر الخلجان وغيره وقوتهم ضعيف كله، وفائدة تكرار قوله: {فكيف كان عذابي ونذر} التخويف وهز الأنفس قال الرماني: لما كان الإنذار أنواعاً، كرر التذكير والتنبيه، وفائدة تكرار قوله: {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر} التأكيد والتحريض وتنبيه الأنفس. وهذا موجود في تكرار الكلام، مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا هل بلغت، ألا هل بلغت». ومثل قوله: «ألا وقول الزور، ألا وقول الزور، ألا وقول الزور». وكان صلى الله عليه وسلم إذا سلم على قوم سلم عليهم ثلاثاً، فهذا كله نحو واحد وإن تنوع، و: {ثمود} قبيلة صالح عليه السلام وهم أهل الحجر.
وقرأ الجمهور: {أبشراً منا واحداً} ونصب قوله بشراً بإضمار فهل يدل عليه قوله: {نتبعه}، و: {واحداً} نعت ل بشر. وقرأ أبو السمال: {أبشرٌ منا واحداً نتبعه} ورفعه إما على إضمار فعل مبني للمفعول، التقدير: أينبأ بشر، وإما على الابتداء والخبر في قوله: {نتبعه} و: واحداً على هذه القراءة إما من الضمير في: {نتبعه} وإما عن المقدر مع: {منا} كأنه يقول: أبشر كائن منا واحداً، وفي هذا نظر. وحكى أبو عمر والداني قراءة أبي السمال: {أبشر منا واحد} بالرفع فيهما.
وهذه المقالة من ثمود حسد منهم واستبعاد منهم أن يكون نوع المبشر يفضل بعضه بعضاً هذا الفضل فقالوا: أنكون جمعاً ونتبع واحداً، ولم يعلموا أن الفضل بيد الله، يؤتيه من يشاء، ويفيض نور الهدى من رضيه.
وقوله: {في ضلال} معناه: في أمر متلف مهلك بالإتلاف، {وسعر} معناه: في احتراق أنفس واستعارها حنقاً وهماً باتباعه، وقيل في السعر: العناء، وقاله قتادة. وقيل الجنون، ومنه قولهم ناقة بمعنى مسعورة، إذا كانت تفرط في سيرها، ثم زادوا في التوقي بقولهم: {أألقي الذكر عليه من بيننا}، و{ألقي} بمعنى أنزل، وكأنه يتضمن عجلة في الفعل، والعرب تستعمل هذا الفعل، ومنه قوله تعالى: {وألقيت عليك محبة مني} [طه: 39] ومنه قوله: {إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً} [المزمل: 5]، و{الذكر} هنا: الرسالة وما يمكن أن جاءهم به من الحكمة والموعظة، ثم قالوا: {بل هو كذاب أشر} أي ليس الأمر كما يزعم، والأشر: البطر والمرح، فكأنهم رموه بأنه {أشر}، فأراد العلو عليهم وأن يقتادهم ويتملك طاعتهم فقال الله تعالى لصالح: {سيعلمون غداً} وهذه بالياء من تحت قراءة علي بن أبي طالب وجمهور الناس. وقرأ ابن عامر وحمزة وحفص عن عاصم وابن وثاب وطلحة والأعمش {ستعلمون} بالتاء على معنى قل لهم يا صالح.
وقوله: {غداً} تقريب يريد به الزمان المستقبل، لا يوماً بعينه، ونحو المثل: مع اليوم غد.
وقرأ جمهور الناس: {الأشِر} بكسر السين كحذِر بكسر الذال. وقرأ مجاهد فيما ذكر عنه الكسائي: {الأشُر} بضم الشين كحذُر بضم الذال، وهما بناءان من اسم فاعل. وقرأ أبو حيوة: {الأشَر} بفتح الشين، كأنه وصف بالمصدر. وقرأ أبو قلابة: {الأشَرّ} بفتح الشين وشد الراء، وهو الأفعل، ولا يستعمل بالألف واللام وهو كان الأصل لكنه رفض تخفيفاً وكثرة استعمال.

.تفسير الآيات (27- 35):

{إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ (27) وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ (28) فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ (29) فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (30) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ (31) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (32) كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ (33) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آَلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ (34) نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ (35)}
هذه {الناقة} التي اقترحوها أن تخرج لهم من صخرة صماء من الجبل، وقد تقدم قصصها، فأخبر الله تعالى صالحاً على جهة التأنيس أنه يخرج لهم الناقة ابتلاء واختباراً، ثم أمره بارتقاب الفرج وبالصبر. {واصطبر} أصله: اصتبر. افتعل، أبدلت التاء طاء لتناسب الصاد. ثم أمره بأن يخبر ثمود {أن الماء قسمة بينهم}: و{الماء}: هو ماء البئر التي كانت لهم، واختلف المتأولون في معنى هذه القسمة، فقال جمهور منهم {قسمة بينهم}: و{الماء}: هو ماء البئر التي كانت لهم، واختلف المتأولون في معنى هذه القسمة، فقال جمهور منهم {قسمة بينهم}: يتواسونه في اليوم الذي لا ترده الناقة وذلك فيما روي أن الناقة كانت ترد البئر غباً، وتحتاج جميع مائه يومها، فنهاهم الله عن أن يستأثر أهل اليوم الذي لا ترد الناقة فيه بيومهم، وأمرهم بالتواسي مع الذين ترد الناقة في يومهم. وقال آخرون معناه: الماء بين جميعهم وبين الناقة قسمة. و: {محتضر} معناه: محضور مشهود متواسىً فيه، وقال مجاهد المعنى: {كل شرب} أي من الماء يوماً ومن لبن الناقة يوماً {محتضر} لهم، فكأنه أنبأهم الله عليهم في ذلك. و: {صاحبهم} هو قدار بن سالف، وبسببه سمي الجزار القدار لشبه في الفعل، قال الشاعر [عدي بن ربيعة]: [الكامل]
إنا لنضرب بالسيوف رؤوسهم ** ضرب القدار نقيعة القدام

وقد تقدم شرح أمر قدار بن سالف. و: تعاطى مطاوع عاطى، فكأن هذه الفعلة تدافعها الناس وأعطاها بعضهم بعضاً، فتعاطاها هو وتناول العقر بيده، قاله ابن عباس، ويقال للرجل الذي يدخل نفسه في تحمل الأمور الثقال متعاط على الوجه الذي ذكرناه، والأصل عطا يعطو، إذا تناول، ثم يقال: عاطى، وهو كما تقول: جرى وجارى وتجارى وهذا كثير، ويروى أنه كان مع شرب وهم التسعة الرهط، فاحتاجوا ماء فلم يجدوه بسبب ورد الناقة، فحمله أصحابه على عقرها. ويروى أن ملأ القبيل اجتمع على أن يعقرها، ورويت أسباب غير هذين، وقد تقدم ذلك.
والصيحة: يروى أن جبريل عليه السلام صاحها في طرف من منازلهم فتفتتوا وهمدوا {فكانوا كهشيم المحتظر}. والهشيم: ما تفتت وتهشم من الأشياء.
وقرأ جمهور الناس: {كهشيم المحتظِر} بكسر الظاء، ومعناه: الذي يصنع حظيرة من الرعاء ونحوهم قاله أبو إسحاق السبيعي والضحاك وابن زيد، وهي مأخوذة من الحظر وهو المنع، والعرب وأهل البوادي يصنعونها للمواشي وللسكنى أيضاً من الأغصان والشجر المورق والقصب ونحوه، وهذا كله هشيم يتفتت إما في أول الصنعة، وإما عند بلى الحظيرة وتساقط أجزائها. وحكى الطبري عن ابن عباس وقتادة أن {المحتظِر} معناه: المحترق.
قال قتادة: كهشيم محرق. وقرأ الحسن بن أبي الحسن وأبو رجاء: {المحتظَر} بفتح الظاء، ومعناه الموضع الذي احتظر، فهو مفعل من الحظر، أو الشيء الذي احتظر به. وقد روي عن سعيد بن جبير أنه فسر: {كهشيم المحتظر} بأن قال: هو التراب الذي سقط من الحائط البالي، وهذا متوجه، لأن الحائط حظيرة، والساقط هشيم. وقال أيضاً هو وغيره: {المحتظر}، معناه: المحرق بالنار، كأنه ما في الموضع المحتظر بالنار، وما ذكرناه عن ابن عباس وقتادة هو على قراءة كسر الظاء، وفي هذا التأويل بعض البعد. وقال قوم: المحتظَر بالفتح الهشيم نفسه وهو مفتعل، وهو كمسجد الجامع وشبهه.
وقد تقدم قصص قوم لوط. والحاصب: السحاب الرامي بالبرد وغيره، وشبه تلك الحجارة التي رمى بها قوم لوط به بالكثرة والتوالي، وهو مأخوذ من الحصباء، كان السحاب يحصب مقصده، ومنه قول الفرزدق: [البسيط]
مستقبلين شمال الشام تحصبهم ** بحاصب كنديف القطن منثور

وقال ابن المسيب: سمعت عمر بن الخطاب يقول لأهل المدينة: مصروف، لأنه نكرة لم يرد به يوم بعينه. وقوله: {نعمة} نصب على المصدر، أي فعلنا ذلك إنعاماً على القوم الذين نجيناهم، وهذا هو جزاؤنا لمن شكر نعمنا وآمن وأطاع.

.تفسير الآيات (36- 44):

{وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ (36) وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ (37) وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ (38) فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ (39) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (40) وَلَقَدْ جَاءَ آَلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ (41) كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ (42) أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ (43) أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ (44)}
المعنى: ولقد أنذر لوط قومه أخذنا إياهم، و: {بطشتنا} بهم، أي عذابنا لهم. و: {تماروا} معناه: تشككوا وأهدى بعضهم الشك إلى بعض بتعاطيهم الشبه والضلال. و: {النذر} جمع نذير. وهو المصدر، ويحتمل أن يراد {بالنذر} هنا وفي قوله: {كذبت قوم لوط بالنذر} [القمر: 33] جمع نذير، الذي هو اسم الفاعل والضيف: يقع للواحد والجميع، وقد تقدم ذكر أضيافه وقصصهم مستوعباً.
وقوله: {فطمسنا أعينهم} قال قتادة: هي حقيقة، جر جبريل شيئاً من جناحه على أعينهم فاستوت مع وجوههم. قال أبو عبيدة: مطموسة بجلد كالوجه. وقال ابن عباس والضحاك: هي استعارة وإنما حجب إدراكهم فدخلوا المنزل ولم يروا شيئاً، فجعل ذلك كالطمس.
وقوله تعالى: {بكرة} قيل: كان ذلك عند طلوع الفجر، وأدغم ابن محيصن الدال في الصاد من قوله: {ولقد صبحهم} والجمهور على غير الإدغام. {بكرة} نكرة، فلذلك صرفت. وقوله: {فذوقوا عذابي} يحتمل أن يكون من قول الله تعالى لهم، ويحتمل أن يكون من قول الملائكة، {ونذر} جمع المصدر، أي وعاقبة نذري التي كذبتم بها، وقوله: {مستقر} في صفة العذاب، لأنه لم يكشف عنهم كاشف، بل اتصل ذلك بموتهم، وهم مدة موتهم تحت الأرض معذبون بانتظار جهنم، ثم يتصل ذلك بعذاب النار، فهو أمر متصل مستقر، وكرر {فذوقوا عذابي ونذر} تأكيداً وتوبيخاً، وروى ورش عن نافع: {نذري} بياء.
و{آل فرعون}: قومه وأتباعه ومنه قول الشاعر [أراكة الثقفي]: [الطويل]
فلا تبك ميتاً بعد ميت أجنه ** علي وعباس وآل أبي بكر

يريد: المسلمين في مواراة النبي عليه السلام، ويحتمل أن يريد ب {آل فرعون}: قرابته على عرف الآن، وخصصهم بالذكر، لأنهم عمدة القوم وكبراؤهم.
وقوله: {كذبوا بآياتنا} يحتمل أن يريد {آل فرعون} المذكورين. و: {أخذناهم} كذلك يريدهم بالضمير، لأن ذلك الإغراق الذي كان في البحر، كان بالعزة والقدرة، ويكون قوله: {بآياتنا} يريد بها: التسع، ثم أكد بكلها، ويحتمل أن يكون قوله: {ولقد جاء آل فرعون النذر} كلاماً تاماً، ثم يكون قوله: {كذبوا بآياتنا كلها} يعود الضمير في {كلها} على جميع من ذكر من الأمم المذكورة.
وقوله تعالى: {أكفاركم} الآية خطاب لقريش، وفهم على جهة التوبيخ. أثم خصلة من المال أو قوة أبدان وبسطة أو عقول أو غير ذلك ممنا يقتضي أنكم خير من هؤلاء المعذبين لما كذبوا، فيرجى لكم بذلك الفضل النجاء من العذاب حين كذبتم رسولكم؟ {أم لكم} في كتب الله المنزلة {براءة} من العذاب؟ قاله الضحاك وابن زيد وعكرمة، ثم قال تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم: {أم يقولون} نحن واثقون بجماعتنا منتصرون بقوتنا على جهة الإعجاب والتعاطي؟ سيهزمون، فلا ينفع جمعهم. وقرأ أبو حيوة {أم تقولون} بالتاء من فوق.