فصل: 3- التغني بالقرآن:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الواضح في علوم القرآن



.3- التغني بالقرآن:

ذكرنا فيما سبق أن من آداب التلاوة: تحسين الصوت وتجويد التلاوة، ونزيد هنا هذا الأمر وضوحا فنقول: إنّ تحسين الصوت وتزيينه بالقرآن مستحب ولو بالألحان العربية المعروفة، ولكن بشرط مراعاة آداب القرآن وملاحظة الأحكام المنصوص عليها في علم التجويد، وعدم الإخلال بأيّ حكم من أحكام القرآن، ويؤيّد هذا قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لأبي موسى الأشعري: «لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود» أي أوتيت صوتا حسنا. وكان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قارئا نديّ الصوت ويجيد تلاوة القرآن، وقد قال عنه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من أحبّ أن يقرأ القرآن غضّا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد» يعني ابن مسعود.
وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قرأ في العشاء بالتين والزيتون، فما سمعت أحدا أحسن صوتا منه. متفق عليه.
وفي أبي داود والبخاري تعليقا، أن النبيّ عليه الصلاة والسلام قال: «زيّنوا القرآن بأصواتكم، ليس منا من لم يتغنّ بالقرآن».
أما المبالغة في التجويد إلى حد الإفراط والتكلّف فحرام؛ لأن فيها زيادة حرف أو إخفاء حرف، ويوضح الماوردي في كتابه (الحاوي) هذا الحكم فيقول:
(القراءة بالألحان الموضوعة إن أخرجت لفظ القرآن عن صفته بإدخال حركات فيه، وإخراج حركات منه، أو قصر ممدود، أو مدّ مقصور، أو تمطيط يخفى فيه اللفظ فيلتبس به المعنى، فهو حرام يفسق به القارئ ويأثم به المستمع، وإن لم يخرجه اللحن عن لفظه وقرأ به على ترتيله كان مباحا؛ لأنه زاد بألحانه في تحسينه).
وقد نبّه العلماء على ما ابتدعه الناس من قراءة القرآن بنغم شجيّ يتردّد فيه الصوت تردّد الوقع الموسيقى، وعبّر الرافعي في كتابه (إعجاز القرآن) عن ذلك بقوله: ومما ابتدع في القراءة والأداء هذا التلحين الذي بقي إلى اليوم يتناقله المفتونة قلوبهم وقلوب من يعجبهم شأنهم، ويقرءون به على ما يشبه الإيقاع، وهو الغناء!.. ومن أنواعه عندهم في أقسام النغم:
(الترعيد): وهو أن يرعد القارئ صوته، كأنه يرعد من البرد أو الألم.
و:(الترقيص): وهو أن يروم السكوت على الساكن ثم ينقر مع الحركة كأنّه في عدو أو هرولة.
و:(التّطريب) وهو أن يترنّم بالقرآن ويتنغم به فيمدّ في غير مواضع المد، ويزيد في المد إن أصاب موضعه.
و:(التحزين) وهو أن يأتي القراءة على وجه حزين يكاد يبكي مع خشوع وخضوع.
ثم (الترديد) وهو ردّ الجماعة على القارئ في ختام قراءته بلحن واحد على وجه من تلك الوجوه.
وإنما كانت القراءة تحقيقا: وهو إعطاء كل حرف حقّه على مقتضى ما قرّره العلماء مع ترتيل وتؤدة، أو حدرا: وهو إدراج القراءة وسرعتها مع مراعاة شروط الأداء الصحيحة، أو تدويرا: وهو التّوسّط بين التحقيق والحدر.
وقد أخرج الطبراني والبيهقي، أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «اقرءوا القرآن بلحون العرب وأصواتها، وإيّاكم ولحون أهل الكتابين وأهل الفسق، فإنه سيجيء أقوام يرجّعون القرآن ترجيع الغناء والرهبانية لا يجاوز حناجرهم، مفتونة قلوبهم وقلوب من يعجبهم شأنهم».

.خامسا: احترام القرآن معناه ومظاهره- البدع المتعلقة بذلك:

.1- احترام القرآن:

معناه: لا ريب أن الاحترام الحقيقي للقرآن الكريم إنما يكون بالإكثار من تلاوته، وإتقان حفظه، والعمل بما جاء في آياته، وما طواه في صفحاته من امتثال أوامره واجتناب نواهيه، ووقوف عند حدوده، وتأدّب بآدابه، واتخاذه ميزانا في القبول والرفض، والأخذ والترك، والحب والبغض، وأن يكون القرآن هو الغاية في العلم والأدب والعقيدة والعمل، والمنهج والسلوك.
ومن المؤكد أن الغرض من نزول القرآن الكريم على محمّد بن عبد الله صلّى الله عليه وسلّم هو هداية الناس إلى الحق، وإخراجهم من الظلمات إلى النور؛ قال تعالى: {قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة].
مظاهره: وإلى جانب هذا الاحترام الحقيقي لابد من مراعاة مظاهر التعظيم والتوقير لكتاب الله تعالى ومنها: وجوب الطهارة عند مسّ القرآن، قال تعالى: {لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79]، وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يمسّ القرآن إلا طاهر»، ووجوب حفظ كتاب الله في غلاف خاص مناسب جميل، والحرص على نظافته، ووضعه في مكان لائق، وعدم إلقائه على الأرض.
وقد أفتى العلماء بكفر من رمى به في قاذورة، وبحرمة بيعه لمن يخشى منه عدم احترامه.
وفي الصحيحين أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نهى عن السفر به إلى أرض العدو، إذا خيف وقوع المصحف في أيديهم.
وقد ورد عن سلفنا الصالح ما يدلّ على تعظيمهم لكتاب الله وإجلالهم له بأقوالهم وأفعالهم؛ قال قتادة رضي الله عنه: ما أكلت الكرّاث منذ قرأت القرآن.
وقال يزيد بن أبي مالك: إنّ أفواهكم طرق من طرق القرآن فطهّروها ونظّفوها ما استطعتم. وقال الراوي الذي يحدث عنه: فما أكل البصل منذ قرأ القرآن. وقال مجاهد: إذا تثاءبت وأنت تقرأ القرآن فأمسك عن القرآن حتى يذهب تثاؤبك. وقال النووي: ويستحب أن يقوم للمصحف إذا قدم به عليه؛ لأن القيام يستحب للعلماء والأخيار، فالمصحف أولى.

.2- البدع المتعلقة باحترام القرآن والتحذير منها:

.أ- تقبيل المصحف:

نتساءل في بحث احترام القرآن عن تقبيل المصحف، هل هو فعل مأثور ومشروع، أم بدعة مستحدثة؟ ونجد جوابا لهذا التساؤل في قول ضعيف أن التقبيل بدعة، ولكننا نتبيّن من التحقيق في ذلك أنه روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه كان يأخذ المصحف كلّ غداة ويقبّله ويقول: عهد ربّي ومنشور ربّي عزّ وجلّ. وكان عثمان رضي الله عنه يقبّل المصحف ويمسحه على وجهه.
وهذا يدل على أنّ التقبيل للمصحف مع العمل بآياته وأحكامه مستحسن، اقتداء بعمر وعثمان رضي الله عنهما؛ لما رواه أبو داود من قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي».
وأما التقبيل للمصحف مع ترك العمل به، فهو مخالفة ظاهرة لسنّة الخلفاء الراشدين، واحترام سطحيّ وظاهريّ لا يقام له وزن ولا قيمة.

.ب- تعليق المصحف بالأعناق:

إذا علّق المؤمن أو المؤمنة المصحف الشريف أو آيات من القرآن تعظيما له أو بنية الحفظ أو الاستشفاء به فهو جائز. وأما إذا علّقه بنية الزينة، أو لعادة جرت (موضة) أو غير ذلك مما يوهم الاستعمال، أو يكون لغير التعظيم فلا يخلو من كراهة أو حرمة، وهذا كلّه مع ملاحظة أن يكون القرآن مخطوطا بشكل ظاهر ويقرأ بأدنى تأمل، أما ما اعتاده الناس في أيامنا هذه من حمل مصحف صغير الحجم جدا، فقد نصّ الفقهاء على كراهة ذلك، ففي الدر المختار: (ويكره تصغير مصحف وكتابته بقلم دقيق). وكذا ما يفعله بعض النساء أو بعض طالبات المدارس خاصة من وضع مصحف صغير في علبة مذهبة وتعليقه على نحورهن، مظهرات صدورهن في الأسواق أمام الرجال، فهذا حرام قطعا، لإضافتهن على ما تقدم تكشيف العورات، ولا يقبل منهن هذا الاحترام الزائف للقرآن، ولا عذر لهن في أنهن يفعلن ذلك ليتميزن عن غيرهن من غير المسلمات؛ لأن المرأة المسلمة والفتاة المؤمنة يميزها سترها ودينها وخلقها.

.ج- الاستخارة بالقرآن:

ومن الناس من يعبّر عن احترامه للقرآن بتصرّف غريب، وهو أخذ الفأل من القرآن، فإن وجد آية تأمر بفعل شيء فعل، كأن يسافر أو يتزوج، وإن وجد آية تنهى عن فعل شيء، ترك الفعل، ويفهم أنه نهي عنه، وذكر فضيلة الشيخ محمد الخضر حسين في كتاب (بلاغة القرآن) أنه حكى بعض المؤرخين أن بعض العلماء أراد السفر في البحر ففتح المصحف وقابله قول الله تعالى: {وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ} [الدخان: 24] فترك السفر، وغرق المركب في البحر براكبيه. وهذا الذي حدث مجرّد مصادفة، والقرآن لم ينزله الله تعالى لأخذ الفأل منه، بل أنزله ليكون شفاء لما في الصدور.
ومن الناس من يستخير بالقرآن بطريقة أخرى، وهي أن يأخذ المصحف ويفتحه عفوا ثم ينظر إلى أولى سطر في الصحيفة الأولى، وبعضهم يعدّ سبع ورقات ثم سبعة أسطر ثم سبع كلمات، ثم يقرأ، فإن وجد آية تأمر بفعل شيء فعل، وإن وجد آية تنهى عن فعل شيء ترك الفعل، وهذه الاستخارة لا أصل لها في الشرع ولم تنقل عن أحد من الأئمة أو العلماء، وهي مبنية على المصادفة والمخاطرة، والقرآن إنما أنزل كتاب هداية كما ذكرنا من قبل.
وقد شرع النبيّ عليه الصلاة والسلام صلاة الاستخارة ودعاءها، ففي البخاري عن جابر رضي الله عنه قال: كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يعلّمنا الاستخارة في الأمور كلّها كما يعلمنا السورة من القرآن يقول: «إذا همّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علّام الغيوب.
اللهمّ إن كنت تعلم أنّ هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فاقدره لي ويسّره لي، ثم بارك لي فيه، اللهم وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شرّ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضّني به»
قال: ويسمّي حاجته.
وينظر المسلم بعد صلاة الاستخارة ودعائها إلى انشراح صدره، فإن لم ير شيئا كرّر الصلاة والدعاء سبعا، لحديث ابن السني: «إذا هممت بأمر فاستخر ربّك فيه سبع مرات» وقد كان الصحابة يكرّرونها.
وحرام على المسلم أن يلجأ إلى غير هذا الطريق القويم، كأن يلجأ إلى الاستخارة بمثل هذه البدع المتقدمة، والتي ليس فيها أي احترام لكتاب الله، وحرام عليه أن يلجأ إلى منجم أو عرّاف، وجمود منه أن يطلب من غيره أن يستخير له ويترك إحياء سنة الاستخارة الشرعية الميسرة بنفسه.

.سادسا: أخذ الأجرة على قراءة القرآن وتعليمه، والمداواة به:

.1- أخذ الأجرة على قراءة القرآن وتعليمه:

تعليم القرآن فرض كفاية، وحفظه واجب على الأمة، حتى لا ينقطع عدد التواتر فيه حفظا، ولا يتطرّق إليه التبديل والتحريف؛ روى البخاري عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه».
وقد اختلفت أنظار الفقهاء في أخذ الأجرة على قراءة القرآن وتعليمه:
فذهب الجمهور- منهم مالك والشافعي- إلى جواز أخذ الأجرة على ذلك، واستدلّوا بما رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنّ أحقّ ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله»، ويؤيّده ما رواه البخاري وغيره أن النبيّ عليه الصلاة والسلام جعل تعليم الرجل لامرأته القرآن مهرا لها فقال له: «زوّجناكها بما معك من القرآن».
وذهب الحنفية إلى تحريم أخذ الأجرة على قراءة القرآن وتعليمه، واستدلوا بما أخرجه أبو داود من حديث عبادة بن الصامت قال: علّمت ناسا من أهل الصّفة الكتاب والقرآن، فأهدى إليّ رجل منهم قوسا، فقلت: ليست لي بمال، فأرمي عليها في سبيل الله، فأتيته فقلت: يا رسول الله، رجل أهدى إليّ قوسا ممن كنت أعلّمه الكتاب والقرآن، وليست لي بمال فأرمي عليها في سبيل الله؟ فقال: «إن كنت تحبّ أن تطوّق طوقا من نار فاقبلها».
وما رواه الإمام أحمد والبزار: أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «اقرءوا القرآن ولا تغلوا فيه، ولا تجفوا عنه، ولا تأكلوا به».
وفي حاشية العلامة ابن عابدين (رد المحتار على الدر المختار): (أن أصول المذهب تقتضي أن الإجارة على الطاعات غير صحيحة؛ لأنّ كلّ طاعة يختص بها المسلم لا يصح الاستئجار عليها؛ ولأن كل قربة تقع من العامل إنما تقع عنه لا عن غيره، فلو لم يكن أهلا لأدائها لا تقع منه، فلا يصح له أن يأخذ عليها أجرا من غيره).
ولكن المتأخرين من الحنفية أفتوا بجواز أخذ الأجرة على بعض الطاعات للضرورة، فأجازوا أخذ الأجرة على تعليم القرآن، خوفا من ضياعه، ومثله تعليم الفقه وغيره من العلوم الشرعية حتى لا يبقى الناس جهّالا في دينهم، وكذا أجازوا أخذ الأجرة على الأذان، والإمامة، والخطابة، والتدريس، والوعظ، خوفا من تعطيلها. أما قراءة القرآن على المقابر وفي الولائم والمآتم، فإنه لا يصحّ الاستئجار عليها إذ لا ضرورة تدعو إليها.
والذي ترتاح إليه نفس المؤمن عدم اتخاذ قراءة القرآن وسيلة للتكسب أو للتسول، وعدم قراءته من غير اتعاظ أو خشية، كما يحصل في بعض مجالس الولائم والمآتم، حيث يتأوّه الناس أو يطربون لصوت القارئ، دون تدبّر أو فهم لمعنى القرآن، فهذا ولا شكّ حرام لا يجوز إقراره أو السكوت عليه.

.2- المداواة بالقرآن:

المداواة بالقرآن أو ما يسمّى بالرقية، وهي قراءة القرآن على المريض بقصد الاستشفاء جائزة، وأخذ الأجرة عليها جائز أيضا، فقد روى البخاري وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا مرض أحد من أهله نفث عليه بالمعوّذات.
وفي رواية أخرى: كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوّذات وينفث، فلما مرض مرضه الذي مات فيه جعلت أنفث عليه وأمسحه بيد نفسه، لأنها كانت أعظم بركة من يدي.
وأخرج البخاريّ ومسلم، وغيرهما، عن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه قال: كنّا في مسير لنا، فنزلنا منزلا، فجاءت جارية، فقالت: إنّ سيّد الحيّ سليم. وإنّ نفرنا غيّب، فهل منكم راق؟ فقام معها رجل ما كنّا نأبنه برقية، فرقاه فبرأ، فأمر له بثلاثين شاة، وسقانا لبنا، فلما رجع قلنا له: أكنت تحسن رقية؟
أو: كنت ترقي؟ قال: لا، ما رقيت إلا بأمّ الكتاب. قلنا: لا تحدثوا شيئا حتى نأتي- أو نسأل- رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فلما قدمنا المدينة ذكرناه للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فقال:
«وما كان يدريه أنها رقية، اقسموا واضربوا لي بسهم».
[سليم: السليم اللديغ، سمي به تفاؤلا له بالسلامة. وإن نفرنا غيّب: النفر هاهنا الرجال خاصة، والغيّب: الغائبون عن الحيّ. نأبنه: أي نتهمه].
واحتجّ الشافعية وغيرهم بهذا الحديث على جواز أخذ العوض في مقابل قراءة القرآن كما سبق، ولا فرق عندهم بين قراءته للتعليم، وقراءته للطب.
أما الحنفية فقد أجابوا عن هذا الحديث، بأن الرقية ليست تلاوة فقط، بل المقصود منها الطبّ، وأخذ الأجرة على الطبّ جائز عندهم.