فصل: تفسير الآية رقم (214):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني المشهور بـ «تفسير الألوسي»



.تفسير الآية رقم (208):

{وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ (208)}
{وَمَآ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ} من القرى المهلكة {إِلاَّ لَهَا مُنذِرُونَ} قد أنذروا أهلها إلزامًا للحجة، والجار والمجرور متعلق حذوف وقع خبرًا مقدمًا و{مُنذِرُونَ} مبتدأ، والجملة في موضع الحال من {قَرْيَةٌ} قاله أبو حيان ثم قال: الأعراب أن يكون {لَهَا} في موضع الحال وارتفع {مُنذِرُونَ} بالجار والمجرور أي إلا كائنًا لها منذرون فيكون من مجيء الحال مفردًا لا جملة، ومجيء الحال من المنفي كقولك ما مررت بأحد إلا قائمًا فصيح انتهى، وفي الوجهين مجيء الحال من النكرة. وحسن ذلك على ما قيل عمومها لوقوعها في حيز النفي مع زيادة من قبلها، وكأن هذا القائل جعل العموم مسوغًا لمجيء الحال قياسًا على جعلهم إياه مسوغًا للابتداء بالنكرة لاشتراك العلة. وذهب الزمخشري إلى أن {لَهَا مُنذِرُونَ} جملة في موضع الصفة لقرية ولم يجوز أبو حيان كون الجملة الواقعة بعد إلا صفة ثم قال: مذهب الجمهور إنه لا تجيء الصفة بعد إلا معتمدة على أداة الاستثناء نحو ما جاءني أحد إلا راكب وإذا سمع خرج على البدل أي إلا رجل راكب. ويدل على صحة هذا المذهب أن العرب تقول: ما مررت بأحد إلا قائمًا ولا يحفظ من كلامها ما مررت بأحد إلا قائم فلو كانت الجملة في موضع الصفة للنكرة لورد المفرد بعد إلا صفة لها فإن كانت الصفة غير معتمدة على الأداة جاءت الصفة بعد إلا نحو ما جاءني أحد إلا زيد خير من عمرو فإن التقدير ما جاءني أحد خير من عمرو إلا زيد انتهى فتذكر. وأيًا ما كان فضمير {لَهَا} للقرية التي هي لما سمعت في معنى الجمع فكأنه قيل وما أهلكنا القرى إلا لها منذرون على معنى أن للكل منذرين أعم من أن يكون لكل قرية منها منذر واحد أو أكثر.
وقوله تعالى:

.تفسير الآية رقم (209):

{ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ (209)}
{ذِكْرِى} منصوب على الحال من الضمير في {مُنذِرُونَ} [الشعراء: 208] عند الكسائي وعلى المصدر عند الزجاج فعلى الحال إما أن يقدر ذوي ذكرى أو يقدر مذكرين أو يبقى على ظاهره اعتبارًا للمبالغة. وعلى المصدر فالعامل {مُنذِرُونَ} لأنه في معنى مذكرون فكأنه قيل: مذكرون ذكرى أي تذكرة. وأجاز الزمخشري أن يكون مفعولًا له على معنى أنهم ينذرون لأجل الموعظة والتذكرة. وأن يكون مرفوعًا على أنه خبر مبتدأ محذوف عنى هذه ذكرى، والجملة اعتراضية أو صفة عنى منذرون ذوو ذكرى أو مذكرين أو جعلوا نفس الذكرى مبالغة لإمعانهم في التذكرة وإطنابهم فيها، وجوز أيضًا أن يكون متعلقًا بأهلكنا على أنه مفعول له. والمعنى ما أهلكنا من قرية ظالمين إلا بعد ما ألزمناهم الحجة بإرسال المنذرين إليهم ليكون إهلاكهم تذكرة وعبرة لغيرهم فلا يعصوا مثل عصيانهم ثم قال: وهذا هو الوجه المعول عليه. وبين ذلك في الكشف بقوله: لأنه وعيد للمستهزئين وبأنهم يستحقون أن يجعلوا نكالًا وعبرة لغيرهم كالأمم السوالف حيث فعلوا مثل فعلهم من الاستهزاء والتكذيب فجوزوا بما جوزوا وحينئذٍ يتلائم الكلام انتهى، وتعقب بأن مذهب الجمهور أن ما قبل إلا لا يعمل فيما بعدها إلا أن يكون مستثنى أو مستثنى منه أو تابعًا له غير معتمد على الأداة والمفعول له ليس واحدًا من هذه الثلاثة فلا يجوز أن يتعلق بأهلكنا. ويتخرج جواز ذلك على مذهب الكسائي. والأخفش وإن كانا لم ينصبا على المفعول له هنا وكان ذلك لما في نصبه عليه من التكلف وأمر الالتئام سهل كما لا يخفى {وَمَا كُنَّا ظالمين} أي ليس شأننا أن يصدر عنا قتضى الحكمة ما هو في صورة الظلم لو صدر من غيرنا بأن نهلك أحدًا قبل إنذاره أو بأن نعاقب من لم يظلم. ولإرادة نفي أن يكون ذلك من شأنه عز شأنه قال: {وَمَا كُنَّا} دون وما نظلم.

.تفسير الآية رقم (210):

{وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (210)}
{وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشياطين} متعلق بقوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبّ العالمين} [الشعراء: 192] إلخ وهو رد لقول مشركي قريش إن لمحمد صلى الله عليه وسلم تابعًا من الجن يخبره كما تخبر الكهنة وأن القرآن مما ألقاه إليه عليه الصلاة والسلام. والتعبير بالتفعيل لأن النزول لو وقع لكان بالاستراق التدريجي، وقرأ الحسن. وابن السميقع {الشياطون} فقال أبو حاتم: هو غلط من الحسن أو عليه، وقال النحاس: هو غلط عند جميع النحويين. وقال المهدوي: هو غير جائز في العربية، وقال الفراء: غلط الشيخ ظن أنها النون التي على هجائين، وقال النضر بن شميل: إن جاز أن يحتج بقول العجاج. ورؤبة فهلا جاز أن يحتج بقول الحسن وصاحبه مع أنا نعلم أنهما لم يقرآ به إلا وقد سمعا فيه، وقال يونس بن حبيب. سمعت أعرابيًا يقول دخلت بساتين من ورائها بساتون فقلت: ما أشبه هذا بقراءة الحسن انتهى. ووجهت هذه القراءة بأنه لما كان آخره كرخر يبرين وفلسطين وقد قيل فيهما يبرون وفلسطون أجرى فيه نحو ما أجرى فيهما فقيل الشياطون.
وحقه على هذا على ما في الكشاف أن يشتق من الشيطوطة وهي الهلاك، وفي البحر نقلًا عن بعضهم إن كان اشتقاقه من شاط أي احترق يشيط شوطة كان لقراءتهما وجه. قيل: ووجهها أن بناء المبالغة منه شياط وجمعه الشياطون فخففا الياء وقد روي عنهما التشديد وقرأ به غيرهما، وقال بعض: إنه جمع شياط مصدر شاط كخاط خياطًا كأنهما ردا الوصف إلى المصدر عناه مبالغة ثم جمعا والكل كما ترى، وقال صاحب الكشف. لا وجه لتصحيح هذه القراءة البتة. وقد أطنب ابن جني في تصحيحها ثم قال: وعلى كل حال فالشياطون غلط. وأبو حيان لا يرضى بكونه غلطًا ويقول: قرأ به الحسن. وابن السميقع. والأعمش ولا يمكن أن يقال: غلطوا لأنهم من العلم ونقل القرآن كان والله تعالى أعلم. والذي أراه أنه متى صح رفع هذه القراءة إلى هؤلاء الأجلة لزم توجيهها فإنهم لا يقرؤون إلا عن رواية كغيرهم من القراء في جميع ما يقرؤونه عندنا، وزعم المعتزلة أن بعض القراءات بالرأي.

.تفسير الآية رقم (211):

{وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ (211)}
{الشياطين وَمَا يَنبَغِى لَهُمْ} أي وما يصح وما يستقيم لهم ذلك {وَمَا يَسْتَطِيعُونَ} أي وما يقدرون على ذلك أصلًا.

.تفسير الآية رقم (212):

{إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (212)}
{أَنَّهُمْ} أي الشياطين {عَنِ السمع} لما يتكلم به الملائكة عليهم السلام في السماء {لَمَعْزُولُونَ} أي ممنوعون بالشهب بعد أن كانوا ممكنين كما يدل عليه قوله تعالى: {وَأَنَّا لَمَسْنَا السماء فوجدناها مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مقاعد لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الان يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا} [الجن: 8، 9] والمراد تعليل ما تقدم على أبلغ وجه لأنهم إذا كانوا ممنوعين عن سماع ما تتكلم به الملائكة في السماء كانوا ممنوعين من أخذ القرآن المجيد من اللوح المحفوظ أو من بيت العزة أو من سماعه إذ يظهره الله عز وجل لمن شاء في سمائه من باب أولى، وقيل: المعنى أنهم لمعزولون عن السمع لكلام الملائكة عليهم السلام لأنه مشروط بالمشاركة في صفات الذات وقبول فيضان الحق والانتقاش بالصور الملكوتية ونفوسهم خبيثة ظلمانية شريرة بالذات لا تقبل ذلك والقرآن الكريم مشتمل على حقائق ومغيبات لا يمكن تلقيها إلا من الملائكة عليهم السلام، وتعقب بأنه إن أراد أن السمع لكلام الملائكة عليهم السلام مطلقًا مشروط بصفات هم متصفون بنقائضها فهو غير مسلم كيف وقد ثبت أن الشياطين كانوا يسترقون السمع وظاهر الآيات أنهم إلى اليوم يسترقونه ويخطفون الخطفة فيتبعهم شهاب ثاقب. وأيضًا لو كان ما ذكر شرطًا للسمع وهو منتف فيهم فأي فائدة للحرس ومنعهم عن السمع بالرجوم.
وأيضًا لو صح ما ذكر لم يتأت لهم سماع القرآن العظيم من الملائكة عليهم السلام سواء كان مشتملًا على الحقائق والمغيبات أم لا فما فائدة في قوله: والقرآن مشتمل إلخ إلى غير ذلك. وإن أراد أن السمع لكلام الملائكة عليهم السلام إذا كان وحيًا منزلًا على الأنبياء عليهم السلام مشروط بما ذكر فهو مع كونه خلاف ظاهر الكلام غير مسلم أيضًا كيف وقد ثبت أن جبريل عليه السلام حين ينزل بالقرآن ينزل معه رصد حفظًا للوحي من الشيطان وقد قال عز وجل: {فَلاَ يُظْهِرُ على غَيْبِهِ أَحَدًا إِلاَّ مَنِ ارتضى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا لّيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُواْ رسالات رَبّهِمْ} [الجن: 26- 28] وأيضًا ظاهر العزل عن السمع يقتضي أنهم كانوا ممكنين منه قبل ثم منعوا عنه فيلزم على ما ذكر أنهم كانوا يسمعون الوحي من قبل مع أن نفوسهم خبيثة ظلمانية شريرة بالذات فيبطل كون المشاركة المذكورة شرطًا للسمع، فإن ادعى أن الشرط كان موجودًا إذ ذاك ثم فقد والتزم القول بجواز تغير ما بالذات فهو مما لم يقم عليه دليل وقياس جميع الشياطين على إبليس عليه اللعنة مما لا يخفى حاله فتدبر.
وبالجملة الذي أميل إليه في معنى الآية ما ذكرته أولاف. وسيأتي قريبًا إن شاء الله تعالى ما يتعلق بذلك، وجوز كون ضمير {أَنَّهُمْ} للمشركين. والمراد أنهم لا يصغون للحق لعنادهم، وفي الآية شمة من قوله تعالى: {والذين كَفَرُواْ أَوْلِيَاؤُهُمُ الطاغوت يُخْرِجُونَهُم مّنَ النور إِلَى الظلمات} [البقرة: 257] وهو بعيد جدًا.

.تفسير الآية رقم (213):

{فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (213)}
{فَلاَ تَدْعُ مَعَ الله إلها ءاخَرَ فَتَكُونَ مِنَ المعذبين} خوطب به النبي صلى الله عليه وسلم مع استحالة صدور المنهي عنه عليه الصلاة والسلام تهييجًا وحثًا لازدياد الإخلاص فهو كناية عن أخلص في التوحيد حتى لا ترى معه عز وجل سواه. وفيه لطف لسائر المكلفين ببيان أن الإشراك من القبح والسوء بحيث ينهى عنه من لم يمكن صدوره عنه فكيف بمن عداه. وكأن الفاء فصيحة أي إذا علمت ما ذكر فلا تدع مع الله إلهًا آخر.

.تفسير الآية رقم (214):

{وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214)}
{وَأَنذِرِ} العذاب الذي يستتبعه الشرك والمعاصي {عَشِيرَتَكَ الاقربين} أي ذوي القرابة القريبة أو الذين هم أكثر قربًا إليك من غيرهم.
والعشيرة على ما قال الجوهري: رهط الرجل الأدنون. وقال الراغب هم أهل الرجل الذين يتكثر بهم أي يصيرون له نزلة العدد الكامل وهو العشرة. واشتهر أن طبقات الأنساب ست، الأولى: الشعب بفتح الشين وهو النسب الأبعد كعدنان، الثانية: القبيلة وهي ما انقسم فيه الشعب كربيعة ومضر. الثالثة: العمارة بكسر العين وهي ما انقسم فيه أنساب القبيلة كقريش وكنانة. الرابعة: البطن وهو ما انقسم فيه أنساب العمارة كبني عبد مناف وبني مخزوم. الخامسة: الفخذ وهو ما انقسم فيه أنساب البطن كبني هاشم. وبني أمية. السادسة: الفصيلة وهي ما انقسم فيه أنساب الفخذ كبني العباس. وبني عبد المطلب وليس دون الفصيلة إلا الرجل وولده.
وحكى أبو عبيد عن ابن الكلبي عن أبيه تقديم الشعب ثم القبيلة ثم الفصيلة ثم العمارة ثم الفخذ فأقام الفصيلة مقام العمارة في ذكرها بعد القبيلة والعمارة مقام الفصيلة في ذكرها قبل الفخذ ولم يحك ما يخالفه ولم يذكر في الترتيبين العشيرة، وفي البحر أنها تحت الفخذ فوق الفصيلة، والظاهر أن ذلك على الترتيب الأول.
وحكى بعضهم بعد أن نقل الترتيب المذكور عن النووي عليه الرحمة أنه قال في تحرير التنبيه: وزاد بعضهم العشيرة قبل الفصيلة. ويفهم من كلام البعض أن العشيرة إذا وصفت بالأقرب اتحدت مع الفصيلة التي هي سادسة الطبقات، وأنت تعلم أن الأقربية إذا كانت مأخوذة في مفهومها كما يفهم من كلام الجوهري تستغني دعوى الاتحاد عن الوصف المذكور.
وفي كليات أبي البقاء كل جماعة كثيرة من الناس يرجعون إلى أب مشهور بأمر زائد فهو شعب كعدنان ودونه القبيلة وهي ما انقسمت فيها أنساب الشعب كربيعة. ومضر، ثم العمارة وهي ما انقسمت فيها أنساب القبيلة كقريش. وكنانة، ثم البطن وهي ما انقسمت فيها أنساب العمارة كبني عبد مناف. وبني مخزوم، ثم الفخذ وهي ما انقسمت فيها أنساب البطن كبني هاشم. وبني أمية، ثم العشيرة وهي ما انقسمت فيها أنساب الفخذ كبني العباس. وبني أبي طالب. والحي يصدق على الكل لأنه للجماعة المتنازلين ربع منهم انتهى.
ولم يذكر فيه الفصيلة وكأنه يذهب إلى اتحادها بالعشيرة. ووجه تخصيص عشيرته صلى الله عليه وسلم الأقربين بالذكر مع عموم رسالته عليه الصلاة والسلام دفع توهم المحاباة وأن الاهتمام بشأنهم أهم وأن البداءة تكون بمن يلي ثم من بعده كما قال سبحانه: {قَاتِلُواْ الذين يَلُونَكُمْ مّنَ الكفار} [التوبة: 123] وفي كيفية الإنذار أخبار كثيرة، منها ما أخرجه البخاري عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: لما نزلت {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الاقربين} صعد النبي صلى الله عليه وسلم على الصفا فجعل ينادي يا بني فهو يا بني عدي لبطون قريش حتى اجتمعوا فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولًا لينظر ما هو فجاء أبو لهب وقريش فقال: «أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلًا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي؟» قالوا: نعم ما جربنا عليك إلا صدقًا قال: «فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد» فقال أبو لهب: تبًا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا فنزلت {تَبَّتْ يَدَا أَبِى لَهَبٍ وَتَبَّ مَا أغنى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ} [المسد: 1، 2]» ومنها ما أخرجه أحمد. وجماعة عن أبي هريرة قال: لما نزلت {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الاقربين} دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشًا وعم وخص فقال: «يا معشر قريش انقذوا أنفسكم من النار فإني لا أملك لكم ضرًا ولا نفعًا يا معشر بني كعب ابن لؤي انقذوا أنفسكم من النار فإني لا أملك لكم ضرًا ولا نفعًا يا معشر بني قصي انقذوا أنفسكم من النار فإني لا أملك لكم ضرًا ولا نفعًا يا معشر بني عبد مناف انقذوا أنفسكم من النار فإني لا أملك لكم ضرًا ولا نفعًا يا معشر بني عبد المطلب انقذوا أنفسكم من النار فإني لا أملك لكم ضرًا ولا نفعًا يا فاطمة بنت محمد انقذي نفسك من النار فإني لا أملك لك ضرًا ولا نفعًا إلا أن لكم رحمًا وسأبلها ببلالها».
وجاء في بعض الروايات: «أنه صلى الله عليه وسلم لما نزلت الآية جمع عليه الصلاة والسلام بني هاشم فأجلسهم على الباب وجمع نساءه وأهله فأجلسهم في البيت ثم أطلع عليهم فأنذرهم»، وجاء في بعض آخر منها: أنه عليه الصلاة والسلام أمر عليًا كرم الله تعالى وجهه أن يصنع طعامًا ويجمع له بني عبد المطلب ففعل وجمعهم وهم يومئذٍ أربعون رجلًا فبعد أن أكلوا أراد صلى الله عليه وسلم أن يكلمهم بدره أبو لبه إلى الكلام فقال: لقد سحركم صاحبكم فتفرقوا ثم دعاهم من الغد إلى مثل ذلك ثم بدرهم بالكلام فقال: «يا بني عبد المطلب إني أنا النذير إليكم من الله تعالى والبشير قد جئتكم بما لم يجئ به أحد جئتكم بالدنيا والآخرة فأسلموا تسلموا وأطيعوا تهتدوا» إلى غير ذلك من الأخبار والروايات وإذا صح الكل فطريق الجمع أن يقال بتعدد الإنذار.
ومن الروايات ما يتمسك به الشيعة فيما يدعونه في أمر الخلافة وهو مؤول أو ضعيف أو موضوع {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الاقربين} ورهطك منهم المخلصين.