فصل: تفسير الآية رقم (52):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني المشهور بـ «تفسير الألوسي»



.تفسير الآية رقم (51):

{أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آَمَنْتُمْ بِهِ آَلْآَنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (51)}
والمراد بقوله سبحانه: {أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ ءامَنْتُمْ بِهِ} زيادة التنديم والتجهيل، والمعنى أئذا وقع العذاب وحل بكم حقيقة آمنتم به وعاد استهزاؤكم وتكذيبكم تصديقًا وإذعانًا، وجيء بثم دلالة على زيادة الاستبعاد، وفيه إن هذا الثاني أبعد من الأول وأدخل في الإنكار.
وجوز أن يكون هذا جواب الشرط والاستفهامية الأولى اعتراض، والمعنى أخبروني أن أتاكم عذابه آمنتم به بعد وقوعه حين لا ينفعكم الإيمان، وأصل الكلام على ما قيل: إن أتاكم عذابه بياتًا أو نهارًا ووقع وتحقق آمنتم ثم جيء بحرف التراخي بدل الواو دلالة على الاستبعاد ثم زيد أداة الشرط دلالة على استقلاله بالاستبعاد وعلى أن الأول كالتمهيد له وجيء بإذا مؤكدًا بما ترشيحًا لمعنى الوقوع والتحقيق وزيادة للتجهيل وأنهم لم يؤمنوا إلا بعد إن لم ينفعهم البتة، وهذا الوجه مما جوزه الزمخشري. وتعقب بأنه في غاية البعد لأن ثم حرف عطف لم يسمع تصدير الجواب به والجملة المصدرة بالاستفهام لا تقع جوابًا بدون الفاء وأجيب عن هذا بما مر.
وأما الجواب عنه بأنه أجرى {ثُمَّ} مجرى الفاء فكما أن الفاء في الأصل للعطف والترتيب وقد ربطت الجزاء فكذلك هذه فمخالف لإجماع النحاة، وقياسه على الفاء غير جلي ولهذه الدغدغة قيل: مراد الزمخشري أنه يدل على الجواب والتقدير إن أتاكم عذابه أمنتم به بعد وقوعه وما في النظم الكريم معطوف عليه للتأكيد نحو {كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ} [التكاثر: 3، 4] وتعقب بأنه لا يخفى تكلفه فإن عطف التأكيد بثم مع حذف المؤكد مما لا ينبغي ارتكابه ولو قيل: المراد إن {أَمِنتُمْ} هو الجواب و{أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ} معترض فالاعتراض بالواو والفاء وأما بثم فلم يذهب إليه أحد، وبالجملة قد كثر الجرح والتعديل لهذا الوجه ولا يصلح العطار ما أفسد الدهر. وقرئ {ثُمَّ} بفتح الثاء عنى هنالك، وقوله سبحانه: {الئان} على تقدير القول وهو الأظهر والأقوى معنى أي قيل لهم عند إيمانهم بعد وقوع العذاب الآن آمنتم به. فالآن في محل نصب على أنه ظرف لآمنتم مقدرًا، ومنع أن يكون ظرفًا للمذكور لأن الاستفهام له صدر الكلام. وقرئ بدون همزة الاستفهام والظاهر عندي على هذا تعلقه قدر أيضًا لأن الكلام على الاستفهام، وبعض جوز تعلقه بالمذكور وليس بذاك. وعن نافع أنه قرئ {الئان} بحذف الهمزة التي بعد اللام وإلقاء حركتها على اللام، وقوله سبحانه: {وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} في موضع الحال من فاعل {أَمِنتُمْ} المقدر، والكلام على ما قيل مسوق من جهته تعالى غير داخل تحت القول الملقن لتقرير مضمون ما سبق من إنكار التأخير والتوبيخ عليه، وفائدة الحال تشديد التوبيخ والتقريع وزيادة التنديم والتحسير. قال العلامة الطيبي: إن الآن آمنتم به يقتضي أن يقال بعده: وقد كنتم به تكذبون لا {تَسْتَعْجِلُونَ} إلا أنه وضع موضعه لأن المراد به الاستعجال السابق وهو ما حكاه سبحانه عنهم بقوله تعالى: {متى هذا الوعد} [يونس: 48] وكان ذلك تهكمًا منهم وتكذيبًا واستبعادًا، وفي العدول استحضار لتلك المقالة الشنيعة فيكون أبلغ من تكذبون، وتقديم الجار والمجرور على الفعل لمراعاة الفواصل، وقوله تعالى: {ثُمَّ قِيلَ} إلخ عطف على قيل المقدر قبل {الئان} لتوكيد التوبيخ.

.تفسير الآية رقم (52):

{ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (52)}
{لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ} أي وضعوا ما نهوا عنه من الكفر والتكذيب موضع ما أمروا به من الإيمان والتصديق أو ظلموا أنفسهم بتعريضها للهلاك والعذاب، ووضع الموصول موضع الضمير لذمهم بما في حيز الصلة والإشعار بعليته لإصابة ما أصابهم {ذُوقُواْ عَذَابَ الخلد} أي المؤلم على الدوام {هَلْ تُجْزَوْنَ} أي ما تجزون اليوم {إِلاَّ بما كُنتُمْ تَكْسِبُونَ} أي إلا ما استمررتم على كسبه في الدنيا من أصناف الكفر التي من جملتها ما مر من الاستعجال، وزاد غير واحد في البيان سائر أنواع المعاصي بناء أن الكفار مكلفون بالفروع فيعذبون على ذلك لكن هل العذاب عليه مستمر تبعًا للكفر أو منته كعذاب غيرهم من العصاة؟ قيل: الظاهر الثاني وبه جمع بين النصوص الدالة على تخفيف عذاب الكفار وما يعارضها فقالوا: إن المخفف عذاب المعاصي والذي لا يخفف عذاب الكفر.

.تفسير الآية رقم (53):

{وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ عْجِزِينَ (53)}
{وَيَسْتَنْبؤُنَكَ} أي يستخبرونك {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ} أي العذاب الموعود كما هو الأنساب بالسياق دون ادعاء النبوة الذي جوزه بعضهم، ورجح عليه أيضًا بأنه لا يتأتى إثبات النبوة لمنكريها بالقسم. وأجيب بأنه ليس المراد منه إثباتها بل كون تلك الدعوى جدًا لا هزلًا أو أنه بالنسبة لمن يقنع بالإثبات ثله، وقد يقال: ما ذكر مشترك الإلزام لأن العذاب الموعود لا يثبت عند الزاعمين أنه افتراء قبل وقوعه جرد القسم أيضًا فلا يصلح ما ذكر مرجحًا، والحق أن القسم لم يذكر للإلزام بل توكيد لما أنكروه، والاستفهام للإنكار، والاستنباء على سبيل التهكم والاستهزاء كما هو المعلوم من حالهم فلا يقتضي بقاءه على أصله، ورا يقال: إن الاستنباء عنى طلب النبأ حقيقة لكن لا عن الحقبة ومقابلها بالمعنى المتبادر لأنهم جازمون بالثاني بل المراد من ذلك الجد والهزل كأنهم قالوا: إنا جازمون بأن ما تقوله كذب لكنا شاكون في أنه جد منك أم هزل فأخبرنا عن حقيقة ذلك، ونظير هذا قولهم: {أفترى عَلَى الله كَذِبًا أَم بِهِ جِنَّةٌ} [سبأ: 8] على ما قرره الجماعة إلا أن ذلك خلاف الظاهر، و{حَقّ} خبر قدم على المبتدأ الذي هو {هُوَ} ليلى الهمزة المسؤول عنه، وجوز أن يكون مبتدأ وهو مرتفع به ساد مسد الخبر لأنه عنى ثابت فهو حينئذٍ صفة وقعت بعد الاستفهام فتعمل ويكتفي رفوعها عن الخبر إذا كان اسمًا ظاهرًا أو في حكمه كالضمير المنفصل هنا، والمشهور أن استنبأ تتعدى إلى اثنين أحدهما بدون واسطة والآخر بواسطة عن فالمفعول الأول على هذا ليستنبؤون الكاف والثاني قامت مقامه هذه الجملة، على معنى يسألونك عن جواب هذا السؤال إذ الاستفهام لا يسأل عنه وإنما يسأل عن جوابه. والزمخشري لما رأى أن الجملة هنا لا تصلح أن تكون مفعولًا ثانيًا معنى لما عرفت ولفظًا لأنه لا يصح دخول عن عليها جعل الفعل مضمنًا معنى القول أي يقولون لك هذا، والجملة في محل نصب مفعول القول. وقرأ الأعمش {الحق هُوَ} بالتعريف مع الاستفهام وهي تؤيد كون الاستفهام للإنكار لما فيها من التعريض لبطلانه المقتضى لإنكاره لإفادة الكلام عليها القصر وهو من قصر المسند على المسند إليه على المشهور، والمعنى أن الحق ما تقول أم خلافه، وجعله الزمخشري من قصر المسند إليه على المسند حيث قال كأنه قيل: أهو الحق لا الباطل أو أهوى الذي سميتموه الحق، وأشار بالترديد إلى أن الغرض من هذا الوجه لا يختلف جعل الحصر حقيقيًا تحكمًا أو ادعائيًا. واعترض ذلك بأنه مخالف لما عليه علماء المعاني في مثل هذا التركيب.
وفي الكشف أنه يتخايل أن الحصر على معنى أهو الحق لا غيره لا معنى أهو الحق لا الباطل على ما قرروه في قولهم: زيد المنطلق والمنطلق زيد، فعلى هذا لا يسد ما ذكره الزمخشري ولكنه يضمحل بما حققناه في قوله تعالى: {وَقُودُهَا الناس والحجارة} [البقرة: 24] وأن انحصار أحدهما في الآخر يلاحظ بحسب المقام وحينئذٍ لا يبالي قدم أو أخر، وههنا المعنى على حصر العذاب في الحقية لا على حصر الحقية في العذاب.
وقد قال هناك: إن التحقيق أن نحو زيد المنطلق وعكسه إنما يحكم فيه بقصر الثاني أعني الانطلاق على الأول لأن المناسب قصر العام على الخاص، وكذلك نحو الناس هم العلماء والعلماء هم الناس وإن كان بينهما عموم وخصوص من وجه لأن المقصود بين، وأما في نحو قولنا: الخاشعون هم العلماء والعلماء هم الخاشعون فالحكم مختلف تقديمًا وتأخيرًا وأحد القصرين غير الآخر، فينبغي أن ينظر إلى مقتضى المقام إن تعين أحدهما لذلك حكم به قدم أو أخر وإلا روعي التقديم والتأخير، وقد يكون القصر متعاكسًا نحو زيد المنطلق إذا أريد المعهود وهذا ذاك، وكذلك الجنسان إذا اتحدا موردًا كقولك: الضاحك الكاتب إلى آخر ما قال، وكون المعنى هاهنا على حصر العذاب في الحقية دون العكس هو المناسب، ومخالفة علماء المعاني ليست بدعا من صاحب الكشاف وأمثاله، والحق ليس محصورًا بما هم عليه كما لا يخفى فتدبر {قُلْ إِى وَرَبّى إِنَّهُ لَحَقٌّ} أي قل لهم غير مكترث باستهزائهم مغضيًا عما قصدوا بانيًا للأمر على أساس الحكمة: نعم إن ذلك العذاب الموعود ثابت البتة، فضمير {أَنَّهُ} للعذاب أيضًا {وإي} حرف جواب وتصديق عنى نعم قيل: ولا تستعمل كذلك إلا مع القسم خاصة كما أن هل عنى قد في الاستفهام خاصة، ولذلك سمع من كلامهم وصلها بواو القسم إذا لم يذكر المقسم به فيقولون إيو ويوصلون به هاء السكت أيضًا فيقولون: إيوه وهذه اللفظة شائعة اليوم في لسان المصريين وأهل ذلك الصقع. وادعى أبو حيان أنه يجوز استعمالها مع القسموبدونه إلا أن الأول هو الأكثر قال: وما ذكر من السماع ليس بحجة لأن اللغة فسدت خالطة غير العرب فلم يبق وثوق بالسماع، وحذف المجرور بواو القسم والاكتفاء بها لم يسمع من موثوق به وهو مخالف للقياس، وأكد الجواب بأتم وجوه التأكيد حسب شدة إنكارهم وقوته وقد زيد تقريرًا وتحقيقًا بقوله جل شأنه: {لأَتٍ وَمَا أَنتُم عْجِزِينَ} أي بفائتين العذاب على أنه من فاته الأمر إذا ذهب عنه، ويصح جعله من أعجزه عنى وجده عاجزًا أي ما أنتم بواجدي العذاب أو من يوقعه بكم عاجزًا عن إدراككم وإيقاعه بكم، وأيًا ما كان فالجملة إما معطوفة على جواب القسم أو مستأنفة سيقت لبيان عجزهم عن الخلاص مع ما فيه من التقرير المذكور.

.تفسير الآية رقم (54):

{وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (54)}
{وَلَوْ أَنَّ لِكُلّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ} أي بالكفر أو بالتعدي على الغير أو غير ذلك من أصناف الظلم كذا قيل، ورا يقتصر على الأول لأنه الفرد الكامل مع أن الكلام في حق الكفار و{لَوْ} قيل عنى أن وقيل على ظاهرها واستبعد ولا أراه بعيدًا {مَّا فِي الأرض} أي ما في الدنيا من خزائنها وأموالها ومنافعها قاطبعة {لاَفْتَدَتْ بِهِ} أي لجعلته فدية لها من العذاب من افتداه عنى فداه فالمفعول محذوف أي لافتدت نفسها به.
وجوز أن يكون افتدى لازمًا على أنه مطاوع فدى المتعدي يقال فداه فافتدى، وتعقب بأنه غير مناسب للسياق إذ المتبادر منه أن غيره فداه لأن معناه قبلت الفدية والقابل غير الفاعل، ونظر فيه بأنه قد يتحد القابل والفاعل إذا فدى نفسه نعم المتبادر الأول {وَأَسَرُّواْ} أي النفوس المدلول عليها بكل نفس، والعدول إلى صيغة الجمع لإفادة تهويل الخطب بكون الإسرار بطريق المعية والاجتماع، وإيثار صيغة جمع المذكر لحمل لفظ النفس على الشخص أو لتغليب ذكور مدلوله على إناثه، والإسرار الإخفاء أي أخفوا {الندامة} أي الغم والأسف على ما فعلوا من الظلم، والمراد إخفاء آثارها كالبكاء وعض اليد وإلا فهي من الأمور الباطنة التي لا تكون إلا سرًا وذلك لشدة حيرتهم وبهتهم {لَمَّا رَأَوُاْ العذاب} أي عند معاينتهم من فظاعة الحال وشدة الأهوال ما لم يمر لهم ببال، فأشبه حالهم حال المقدم للصلب يثخنه ما دهمه من الخطب ويغلب حتى لا يستطيع التفوه ببنت شفة ويبقى جامدًا مبهوتًا، وقيل: المراد بالإسرار الإخلاص أي أخلصوا الندامة وذلك إما لأن إخفاءها إخلاصها وإما من قولهم: سر الشيء لخالصه الذي من شأنه أن يخفى ويصان ويضن به وفيه تهكم بهم: وقال أبو عبيدة. والجبائي: إن الأسرار هنا عنى الإظهار. وفي الصحاح أسررت الشيء كتمته وأعلنته أيضًا وهو من الأضداد، والوجهان جميعًا يفسران في قوله تعالى: {وَأَسَرُّواْ الندامة} وكذلك في قول امرئ القيس:
لو يسرون مقتلي

انتهى وفي القاموس أيضًا أسره كتمه وأظهره ضد، وفيه اختلاف اللغويين فإن الأزهري منهم ادعى أن استعمال أسر عنى أظهر غلط وأن المستعمل بذلك المعنى هو أشر بالشين المعجمة لا غير. ولعله قد غلط في الغليط، وعليه فالإظهار أيضًا باعتبار الآثار على ما لا يخفى.
وجوز بعضهم أن يكون المراد بالإسرار الإخفاء إلا أن المراد من ضمير الجمع الرؤساء أي أخفى رؤساؤهم الندامة من سفلتهم الذين أضلوهم حياء منهم وخوفًا من توبيخهم، وفيه أن ضمير {أَسَرُّواْ} عام لا قرينة على تخصيصه على أن هول الموقف أشد من أن يتفكر معه في أمثال ذلك، وجملة {أَسَرُّواْ} مستأنفة على الظاهر وقيل: حال بتقدير قد، و{لَّمًّا} على سائر الأوجه عنى حين منصوب بأسروا، وجوز أن يكون للشرط والجواب محذوف على الصحيح لدلالة ما تقدم عليه أي لما رأوا العذاب أسروا الندامة {وَقُضِىَ} أي حكم وفصل {بَيْنَهُمْ} أي بين النفوس الظالمة {بالقسط} أي بالعدل {وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} أصلًا لأنه لا يفعل بهم إلا ما يقتضيه استعدادهم، وقيل: ضمير {بَيْنَهُمْ} للظالمين السابقين في قوله سبحانه: {وَلَوْ أَنَّ لِكُلّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ} والمظلومين الذين ظلموهم وإن لم يجر لهم ذكر لكن الظلم يدل فهومه عليهم وتخصيص الظلم بالتعدي، والمعنى وقعت الحكومة بين الظالمين والمظلومين وعومل كل منهما بما يليق به.
وأنت تعلم أن المقام لا يساعد على ذلك لأنه إن لم يقتض حمل الظلم على أعظم أفراده وهو الشرك فلا أقل من أنه يقتضي حمله على ما يدخل ذلك فيه دخولًا أوليًا، والظاهر أن جملة {قَضَى} مستأنفة، وجوز أن تكون معطوفة على جملة {رَأَوْاْ} فتكون داخلة في حيز لما.