فصل: تفسير الآية رقم (96):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني المشهور بـ «تفسير الألوسي»



.تفسير الآية رقم (96):

{دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (96)}
{درجات} قدم عليها فانتصب على الحال، ولكونه مصدرًا في الأصل يستوي فيه الواحد وغيره جاز نعت الجمع به بعيد، وجوز في {درجات} أن يكون بدلًا من {أَجْرًا} [النساء: 95] بدل الكل مبينًا لكمية التفضيل، وأن يكون حالًا أي ذوي درجات، وأن يكون واقعًا موقع الظرف أي في درجات، وقوله سبحانه: {مِنْهُ} متعلق حذوف وقع صفة لدرجات دالة على فخامتها وعلو شأنها، أخرج عبد بن حميد عن ابن محيرز أنه قال: هي سبعون درجة ما بين الدرجتين عدو الفرس الجواد المضمر سبعين سنة، وأخرج مسلم وأبو داود والنسائي عن أبي سعيد «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من رضي بالله تعالى ربًا وبالإسلام دينًا وحمد عليه الصلاة والسلام رسولًا وجبت له الجنة فعجب لها أبو سعيد فقال: أعدها علي يا رسول الله فأعادها عليه، ثم قال صلى الله عليه وسلم: وأخرى يرفع الله تعالى بها العبد مائة درجة في الجنة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض قال: وما هي يا رسول الله؟ قال: الجهاد في سبيل الله تعالى»، وعن السدي أنها سبعمائة، وجوز أن يكون انتصاب درجات على المصدرية كما في قولك: ضربته أسواطًا أي ضربات، كأنه قيل: فضلهم تفضيلات، وجمع القلة هنا قائم مقام جمع الكثرة، وقيل: إنه على بابه. والمراد بالدرجات ما ذكر في آية براءة {مَا كَانَ لاهْلِ المدينة وَمَنْ حَوْلَهُمْ مّنَ الاعراب أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ الله وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ ذلك} إلى قوله سبحانه: {لِيَجْزِيَهُمُ الله أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [التوبة: 120، 121] ونسب إلى عبد الله بن زيد.
وقوله عز شأنه: {وَمَغْفِرَةٌ} عطف على {درجات} الواقع بدلًا من {أَجْرًا} [النساء: 95] بدل الكل إلا أن هذا بدل البعض منه لأن بعض الأجر ليس من باب المغفرة، أي ومغفرة عظيمة لما يفرط منهم من الذنوب التي لا يكفرها سائر الحسنات التي يأتي بها القاعدون، فحينئذ تعدّ من خصائصهم، وقوله تعالى: {وَرَحْمَةً} عطف عليه أيضًا وهو بدل الكل من {أَجْرًا}، وجوز أن يكون انتصابهما بفعل مقدر أي غفر لهم مغفرة ورحمهم رحمة. هذا ولعل تكرير التفضيل بطريق العطف المنبئ عن المغايرة، وتقييده تارة بدرجة وأخرى بدرجات مع اتحاد المفضل والمفضل عليه حسا يستدعيه الظاهر إما لتنزيل الاختلاف العنواني بين التفضيلين وبين الدرجة والدرجات منزلة الاختلاف الذاتي تمهيدًا لسلوك طريق الإبهام ثم التفسير روْمًا لمزيد التحقيق والتقرير المؤذن بأن فضل المجاهدين حل لا تستطيع طير الأفكار الخضر أن تصل إليه، ولما كان هذا مما يكاد أن يتوهم منه حرمان القاعدين اعتنى سبحانه بدفع ذلك بقوله عز قائلًا: {وَكُلًا وَعَدَ الله الحسنى} [النساء: 95] ثم أراد جل شأنه تفسير ما أفاده التنكير بطريق الإبهام بحيث يقطع احتمال كونه للوحدة، فقال ما قال وسد باب الاحتمال.
ولا يخفى ما في الإبهام والتفسير من اللطف، وأما ما قيل من إفراد الدرجة أولا لأن المراد هناك تفضيل كل مجاهد، والجمع ثانيًا لأن المراد فيه تفضيل الجمع ففي الدرجات مقابلة الجمع بالجمع، فلكل مجاهد درجة ومآل العبارتين واحد والاختلاف تفنن، فمن الكلام الملفوظ لا من اللوح المحفوظ، وإما للاختلاف بالذات بين التفضيلين وبين الدرجة والدرجات، وفي هذا رغب الراغب، واستطيبه الطيبي على أن المراد بالتفضيل الأول ما خولهم الله تعالى عاجلًا في الدنيا من الغنيمة والظفر والذكر الجميل الحقيقي بكونه درجة واحدة، وبالتفضيل الثاني ما ادخره سبحانه لهم من الدرجات العالية والمنازل الرفيعة المتعالية عن الحصر كما ينبئ عنه تقديم الأول وتأخير الثاني وتوسيط الوعد بالجنة بينهما، كأنه قيل: فضلهم عليهم في الدنيا درجة واحدة، وفي الأخرى درجات لا تحصى، وقد وسط بينهما في الذكر ما هو متوسط بينهما في الوجود أعني الوعد بالجنة توضيحًا لحالهما ومسارعة إلى تسلية المفضول كذا قرره الفاضل مولانا شيخ الإسلام، وقيل: المراد من التفضيل الأول رضوان الله تعالى ونعيمه الروحاني، ومن التفضيل الثاني نعيم الجنة المحسوس، وفيه أن عطف المغفرة والرحمة يبعد هذا التخصيص، وقيل: المراد من المجاهدين الأولين من جاهد الكفار، ومن المجاهدين الآخرين من جاهد نفسه، وزيد لهم في الأجر لمزيد فضلهم كما يدل عليه قوله عليه الصلاة والسلام: «رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر» وفيه أن السياق وسبب النزول يأبيان ذلك، والحديث الذي ذكره لا أصل له كما قال المحدثون. وقيل المراد من القاعدين في الأول الأضراء، وفي الثاني غيرهم كما قال ابن جريج، وأخرج عنه ابن جرير، وفيه من تفكيك النظم ما لا يخفى.
بقي أن الآية لا تدل نصًا على حكم أولي الضرر بناءًا على التفسير المقبول عندنا، نعم في بعض الأحاديث ما يؤذن ساواتهم للمجاهدين، فقد صح من حديث أنس رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رجع من غزوة تبوك فدنا من المدينة قال: «إن في المدينة لأقوامًا ما سرتم من سير ولا قطعتم من واد إلا كانوا معكم فيه قالوا: يا رسول الله وهم بالمدينة؟ قال: نعم وهم بالمدينة حبسهم العذر» وعليه دلالة مفهوم الصفة والاستثناء في {غَيْرُ أُوْلِى الضرر} [النساء: 95]، وعن الزجاج أنه قال: إلا أولوا الضرر فإنهم يساوون المجاهدين، وعن بعضهم إن هذه المساواة مشروطة بشريطة أخرى غير الضرر قد ذكرت في قوله تعالى: {لَّيْسَ عَلَى الضعفاء وَلاَ على المرضى} إلى قوله سبحانه: {إِذَا نَصَحُواْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ}[التوبة؛ 91] والذي يشهد له النقل والعقل أن الأضراء أفضل من غيرهم درجة كما أنهم دون المجاهدين في الدرجة الدنيوية، وأما إنهم مساوون لهم في الدرجة الأخروية فلا قطع به، والآية على ما قاله ابن جريج تدل على أنهم دونهم في ذلك أيضًا.
وقد أخرج ابن المنذر من طريق ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن ابن أم مكتوم كان بعد نزول الآية يغزو، ويقول: ادفعوا إليَّ اللواء وأقيموني بين الصفين فإني لن أفر، وأخرج ابن منصور عن أنس بن مالك أنه قال: لقد رأيت ابن أم مكتوم بعد ذلك في بعض مشاهد المسلمين ومعه اللواء، ويعلم من نفي المساواة في صدر الآية المستلزم للتفضيل المصرح به بعد بين المجاهد بالمال والنفس والقاعد نفيها بين المجاهد بأحدهما والقاعد؛ واحتمال أن يراد من الآية نفي المساواة بين القاعد عن الجهاد بالمال والمجاهد به وبين القاعد عن الجهاد بالنفس والمجاهد بها بأن يكون المراد بالمجاهدين في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم المجاهدين فيه بأموالهم، والمجاهدين فيه بأنفسهم وبالقاعدين أيضًا قسمي القاعد، ويكون المراد نفي المساواة بين كل قسم من القاعد ومقابله بعيد جدًا، واحتج بها كمال قال ابن الغرس: من فضل الغنى على الفقر بناءًا على أنه سبحانه فضل المجاهد اله على المجاهد بغير ماله، ولا شك أن الدرجة الزائدة من الفضل للمجاهد اله إنما هي من جهة المال، واستدلوا بها أيضًا على تفضيل المجاهد ال نفسه على المجاهد ال يعطاه من الديوان ونحوه {وَكَانَ الله غَفُورًا رَّحِيمًا} تذييل مقرر لما وعد سبحانه من قبل.

.تفسير الآية رقم (97):

{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97)}
{إِنَّ الذين توفاهم الملئكة} بيان لحال القاعدين عن الهجرة إثر بيان القاعدين عن الجهاد، أو بيان لحال القاعدين عن نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم والجهاد معه من المنافقين عقب بيان حال القاعدين من المؤمنين، و{توفاهم} يحتمل أن يكون ماضيًا، وتركت علامة التأنيث للفصل ولأن الفاعل غير مؤنث حقيقي، ويحتمل أن يكون مضارعًا، وأصله تتوفاهم فحذفت إحدى التاءين تخفيفًا، وهو لحكاية الحال الماضية، ويؤيد الأول قراءة من قرأ {توفتهم}، والثاني قراءة إبراهيم {توفاهم} بضم التاء على أنه مضارع وفيت عنى أن الله تعالى يوفي الملائكة أنفسهم، فيتوفونها أي يمكنهم من استيفائها فيستوفونها، وإلى ذلك أشار ابن جني، والمراد من التوفي قبض الروح، وهو الظاهر الذي ذهب إليه ابن عباس رضي الله تعالى عنه. وعن الحسن أن المراد به الحشر إلى النار، والمراد من الملائكة ملك الموت وأعوانه، وهم كما في البحر ستة: ثلاثة لأرواح المؤمنين، وثلاثة لأرواح الكافرين، وعن الجمهور أن المراد بهم ملك الموت فقط وهو من إطلاق الجمع مرادًا به الواحد تفخيمًا له وتعظيمًا لشأنه، ولا يخفى أن إطلاق الجمع على الواحد لا يخلو عن بعد، والتحقيق أنه لا مانع من نسبة التوفي إلى الله تعالى وإلى ملك الموت وإلى أعوانه، والوجه في ذلك أن الله تعالى هو الآمر بل هو الفاعل الحقيقي، والأعوان هم المزاولون لإخراج الروح من نحو العروق والشرايين والعصب، والقاطعون لتعلقها بذلك، والملك هو القابض المباشر لأخذها بعد تهيئتها، وفي القرآن {الله يَتَوَفَّى الانفس} [الزمر؛ 42] و{يتوفاكم مَّلَكُ الموت الذي وُكّلَ بِكُمْ} [السجدة: 11] و{تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا} [الأنعام: 61] ومثله {توفاهم الملئكة}.
{ظَالِمِى أَنفُسِهِمْ} بترك الهجرة واختيار مجاورة الكفار الموجبة للإخلال بأمور الدين، أو بنفاقهم وتقاعدهم عن نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإعانتهم الكفرة، فقد أخرج الطبراني عن ابن عباس «أنه كان قوم كة قد أسلموا فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم كرهوا أن يهاجروا وخافوا فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية». وأخرج ابن جرير عن الضحاك «إن هؤلاء أناس من المنافقين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كة فلم يخرجوا معه إلى المدينة وخرجوا مع مشركي قريش إلى بدر فأصيبوا فيمن أصيب فأنزل الله فيهم هذه الآية» وروي عن عكرمة أن الآية نزلت في قيس بن الفاكه بن المغيرة والحرث بن زمعة بن الأسود وقيس بن الوليد بن المغيرة وأبي العاص بن منبه بن الحجاج، وعلي بن أمية بن خلف كانوا قد أسلموا واجتمعوا ببدر مع المشركين من قريش فقتلوا هناك كفارًا، ورواه أبو الجارود عن أبي جعفر رضي الله تعالى عنه، و{ظَالِمِى} منصوب على الحالية من ضمير المفعول في {توفاهم} وإضافته لفظية فلا تفيده تعريفًا، والأصل ظالمين أنفسهم.
{قَالُواْ} أي الملائكة عليهم السلام للمتوفين توبيخًا لهم بتقصيرهم في إظهار إسلامهم وإقامة أحكامه وشعائره أو قالوا تقريعًا لهم وتوبيخًا بما كانوا فيه من مساعدة الكفرة وتكثير سوادهم وانتظامهم في عسكرهم وتقاعدهم عن نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم {فِيمَ كُنتُمْ} أي في أي شيء كنتم من أمور دينكم وحذفت ألف ما الاستفهامية المجرورة وفاءًا بالقاعدة، وتكتب متصلة تنزيلًا لها مع ما قبلها منزلة الكلمة الواحدة، ولهذا تكتب إلى وعلى وحتى في إلام وعلام وحتى م بالألف ما لم يوقف على م بالهاء، ولكن السؤال كما علمت طابقه الجواب بقوله تعالى: {قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأرض} وإلا فالظاهر في الجواب كنا في كذا، أو لم نكن في شيء، والجملة استئناف مبني على سؤال نشأ من حكاية سؤال الملائكة كأنه قيل: فماذا قال أولئك المتوفون في الجواب؟ فقيل: قالوا في جوابهم: كنا مستضعفين في أرض مكة بين ظهراني المشركين الأقرباء. والمراد أنهم اعتذروا عن تقصيرهم في إظهار الإسلام وإدخالهم الخلل فيه بالاستضعاف والعجز عن القيام واجب الدين بين أهل مكة فلذا قعدوا وناموا، أو تعللوا عن الخروج معهم؛ والانتظام في ذلك الجمع المكسر بأنهم كانوا مقهورين تحت أيديهم، وأنهم فعلوا ذلك كارهين، وعلى التقديرين لم تقبل الملائكة ذلك منهم كما يشير إليه قوله سبحانه: {قَالُواْ} أي الملائكة {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ الله واسعة فتهاجروا فِيهَا} أي إن عذركم عن ذلك التقصير بحلولكم بين أهل تلك الأرض أبرد من الزمهرير إذ يمكنكم حل عقدة هذا الأمر الذي أخل بدينكم بالرحيل إلى قطر آخر من الأرض تقدرون فيه على إقامة أمور الدين كما فعل من هاجر إلى الحبشة وإلى المدينة، أو إن تعللكم عن الخروج مع أعداء الله تعالى لما يغيظ رسوله صلى الله عليه وسلم بأنكم مقهورون بين أولئك الأقوام غير مقبول لأنكم بسبيل من الخلاص عن قهرهم متمكنون من المهاجرة عن مجاورتهم والخروج من تحت أيديهم.
{فَأُوْلَئِكَ} الذي شرحت حالهم الفظيعة {مَأْوَاهُمُ} أي مسكنهم في الآخرة {جَهَنَّمَ} لتركهم الفريضة المحتومة، فقد كانت الهجرة واجبة في صدر الإسلام، وعن السدي كان يقول: من أسلم ولم يهاجر فهو كافر حتى يهاجر، والأصح الأول أو لنفاقهم وكفرهم ونصرتهم أعداء الله تعالى على سيد أحبائه عليه الصلاة والسلام، وعدم التقييد بالتأييد ليس نصًا في العصيان بما دون الكفر، وإنما النص التقييد بعدمه، واسم الإشارة مبتدأ أول، و{مَأْوَاهُمُ} مبتدأ ثان، و{جَهَنَّمَ} خبر الثاني وهما خبر الأول، والرابط الضمير المجرور، والمجموع خبر إن، والفاء لتضمن اسمها معنى الشرط، وقوله سبحانه: {قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ} في موضع الحال من الملائكة، وقد معه مقدرة في المشهور، وجعله حالًا من الضمير المفعول بتقدير قد أولا، ولهم آخرًا بعيد، أو هو الخبر والعائد فيه محذوف أي لهم، والجملة المصدرة بالفاء معطوفة عليه مستنتجة منه ومما في خبره، ولا يصح جعل شيء من {قَالُواْ} الثاني، والثالث خبرًا لأنه جواب، ومراجعة فمن قال: لو جعل {قَالُواْ}: الثاني خبرًا لم يحتج إلى تقدير عائد فقد وهم، وقيل: الخبر محذوف تقديره هلكوا ونحوه، و{تهاجروا} منصوب في جواب الاستفهام وقوله تعالى: {الشراب وَسَاءتْ} من باب بئس أي بئست {مَصِيرًا} والمخصوص بالذم مقدر أي مصيرهم أو جهنم.
واستدل بعضهم بالآية على وجوب الهجرة من موضع لا يتمكن الرجل فيه من إقامة دينه، وهو مذهب الإمام مالك، ونقل ابن العربي وجوب الهجرة من البلاد الوبيئة أيضًا، وفي «كتاب الناسخ والمنسوخ» أنها كانت فرضًا في صدر الإسلام فنسخت وبقي ندبها، وأخرج الثعلبي من حديث الحسن مرسلًا «من فر بدينه من أرض إلى أرض وإن كان شبرًا من الأرض استوجبت له الجنة، وكان رفيق أبيه إبراهيم ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم» وقد قدمنا لك ما ينفعك هنا فتذكر.