فصل: تفسير الآية رقم (97):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني المشهور بـ «تفسير الألوسي»



.تفسير الآية رقم (95):

{ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آَبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (95)}
{ثُمَّ بَدَّلْنَآ} عطف على {أخذنا} [الأعراف: 94] داخل في حكمه {مَكَانَ السيئة} التي أصابتهم لما تقدم {الحسنة} وهي السعة والسلامة، ونصب {مَّكَانَ} كما قيل على الظرفية و{بَدَّلَ} متضمن معنى أعطى الناصب لمفعولين وهما هنا الضمير المحذوف والحسنة أي أعطيناهم الحسنة في مكان السيئة، ومعنى كونها في مكانها أنها بدل منها. وقال بعض المحققين: الأظهر أن مكان مفعول به لبدلنا لا ظرف، والمعنى بدلنا مكان الحال السيئة الحال الحسنة فالحسنة هي المأخوذة الحاصلة في مكان السيئة المتروكة والمتروك هو الذي تصحبه الباء في نحو بدلت زيدًا بعمرو {حتى عَفَواْ} أي كثروا ونموا في أنفسهم وأموالهم، وبذلك فسره ابن عباس وغيره من عفا النبات وعفا الشحم والوبر إذا كثرت، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «أحفوا الشوارب واعفوا اللحى» وقول الحطيئة:
بمستأسد القريان عاف نباته ** تساقطني والرحل من صوت هدهد

وقوله:
ولكنا نعض السيف منها ** بأسوق عافيات الشحم كوم

وتفسير أبي مسلم له بالإعراض عن الشكر ليس بيانًا للمعنى اللغوي كما لا يخفى، {وحتى} هذه الداخلة على الماضي ابتدائية لا غائية عند الجمهور، ولا محل للجملة بعدها كما نقل ذلك الجلال السيوطي في «شرح جمع الجوامع» له عن بعض مشايخه، وأما زعم ابن مالك أنها جارة غائية وأن مضمرة بعدها على تأويل المصدر فغلطه فيه أبو حيان وتبعه ابن هشام فقال: لا أعرف له في ذلك سلفًا، وفيه تكلف إضمار من غير ضرورة، ولا يشكل عليه ولا على من يقول؛ إن معنى الغاية لازم لحتى ولو كانت ابتدائية أن الماضي لمضيه لا يصلح أن يكون غاية لماقبل لتأخر الغاية عن ذي الغاية لأن الفعل وإن كان ماضيًا لكنه بالنسبة إلى ما صار غاية له مستقبل فافهم.
{يَصِدُّونَ وَقَالُواْ} غير واقفين على أن ما أصابهم من الأمرين ابتلاء منه سبحانه: {قَدْ مَسَّ ءابَاءنَا} كما مسنا.
{الضراء والسراء} وما ذلك إلا من عادة الدهر يعاقب في الناس بين الضراء والسراء ويداولهما بنيهم من غير أن يكون هناك داعية إليهما أو تبعة تترتب عليهما وليس هذا كقول القائل:
ثمانية عمت بأسبابها الورى ** فكل امرئ لابد يلقى الثمانية

سرور وحزن واجتماع وفرقة ** وعسر ويسر ثم سقم وعافية

كما لا يخفى، ولعل تأخير السراء للإشعار بأنها تعقب الضراء فلا ضير فيها {فأخذناهم} عطف على مجموع عفوًا وقالوا أو على قالوا لأنه المسبب عنه أي فأخذناهم إثر ذلك {بَغْتَةً} أي فجأة.
{وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} بشيء من ذلك ولا يخطرون ببالهم شيئًا من المكاره، والجملة حال مؤكدة لمعنى البغتة، وهذا أشد أنواع الأخذ كما قيل: وأنكأ شيء يفجؤك البغت، وقيل: المراد بعدم الشعور عدم تصديقهم بإخبار الرسل عليهم السلام بذلك لا خلو أذهانهم عنه ولا عن وقته لقوله تعالى: {ذلك أَن لَّمْ يَكُنْ رَّبُّكَ مُهْلِكَ القرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غافلون} [الأنعام: 131] ولا يخفى مافيه من الغفلة عن معنى الغفلة وعن محل الجملة.

.تفسير الآية رقم (96):

{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بما كَانُوا يَكْسِبُونَ (96)}
{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القرى} أي القرى المهلكة المدلول عليها بقوله سبحانه: {فِى قَرْيَةٍ} [الأعراف: 94] فاللام للعهد الذكرى والقرية وإن كانت مفردة لكنها في سياق النفي فتساوي الجمع، وجوز أن تكون اللام للعهد الخارجي إشارة إلى مكة وما حولها. وتعقب ذلك بأنه غير ظاهر من السياق، ووجه بأنه تعالى لما أخبر عن القرى الهالكة بتكذيب الرسل وأنهم لو آمنوا سلموا وغنموا انتقل إلى انذار أهل مكة وما حولها مما وقع بالأمم والقرى السابقة.
وجوز في الكشاف أن تكون للجنس، والظاهر أن المراد حينئذ ما يتناول القرى المرسل إلى أهلها من المذكورة وغيرها لا ما لا يتناول قرى أرسل إليها نبي وأخذ أهلها بما أخذ وغيرها كما قيل لإباء ظاهر ما في حين الاستدراك الآتي {ءامَنُواْ} أي بما أنزل على أنبيائهم {واتقوا} أي ما حرم الله تعالى عليهم كما قال قتادة ويدخل في ذلك ما أرادوه من كلمتهم السابقة.
{لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بركات مّنَ السماء والأرض} أي ليسرنا عليهم الخير من كل جانب، وقيل: المراد بالبركات السماوية المطر وبالبركات الأرضية النبات، وأيًا ما كان ففي فتحنا استعارة تبعية. ووجه الشبه بين لمستعار منه والمستعار له الذي أشرنا إليه سهولة التناول، ويجوز أن يكون هناك مجاز مرسل والعلاقة اللزوم ويمكن أن يتكلف لتحصيل الاستعارة التمثيلية، وفي الآية على ما قيل إشكال وهو أنه يفهم بحسب الظاهر منها أنه لم يفتح عليهم بركات من السماء والأرض، وفي الأنعام {فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلّ شَيْء} [الأنعام: 44] وهو يدل على أنه فتح عليهم بركات من السماء والأرض؛ وهو معنى قوله سبحانه: {أَبْوَابَ كُلّ شَيْء} وهو يدل على أنه فتح عليهم بركات من السماء والأرض؛ وهو معنى قوله سبحانه: {أَبْوَابَ كُلّ شَيْء} لأن المراد منها الخصب والرخاء والصحة والعافية المقابلة أخذناهم بالبأساء والضراء، وحمل فتح البركات على إدامته أو زيادته عدول عن الظاهر وغير ملائم لتفسيرهم الفتح بتيسير الخير ولا المطر والنبات. وأجاب عنه الخيالي بأنه ينبغي أن يارد بالبركات غير الحسنة أو يراد آمنوا من أول الأمر فنجوا من البأساء والضراء كما هو الظاهر، والمراد في سورة الأنعام بالفئج ما أريد بالحسنة هاهنا فلا يتوهم الأشكال انتهى. وأنت خبير بأن أرادة آمنوا من أول الأمر إلى آخره غير ظاهرة بل الظاهر أنهم لو أنهم آمنوا بعد أن ابتلوا ليسرنا عليهم ما يسرنا مكان ما أصابهم من فنون العقوبات التي بعضها من السماء كأمطار الحجارة وبعضها من الأرض كالرجفة وبهذا ينحل الإشكال لأن آية الأنعام لا تدل على نه فتح لهم هذا الفتح كما هو ظاهر لتاليها، وما ذكر من أن المراد بالفتح هناك ما أريد بالحسنة هاهنا إن كان المراد به أن الفتح هناك واقع موقع إعطاء الحسنة بدل السيئة هنا حيث كان ذكر كل منهما بعد ذكر الأخذ بالبأساء والضراء وبعده الأخذ بغتة فرا يكون له وجه لكنه وحده لا يجدي نفعًا، وإن كان المراد به أن مدلول ذلك العام المراد به التكثير هومدلول الحسنة فلا يخفى ما فيه فتدبر، وقيل: المراد بالبركات السماوية والأرضية الأشياء التي تحمد عواقبها ويسعد في الدارين صاحبها وقد جاءت البركة عنى السعادة في كلامهم فتحمل هنا على الكامل من ذلك الجنس ولا يفتح ذلك إلا للمؤمن بخلاف نحو المطر والنبات والصحة والعافية فإنه يفتح له وللكافر أيضًا استدراجًا ومكرًا، ويتعين هذا الحمل على ما قيل إذا أريد من القرى ما يتناول قرى أرسل إليها نبي وأخذ أهلها بما أخذ وغيرها، وقيل: البركات السماوية إجابة الدعاء والأرضية قضاء الحوائج فليفهم.
وقرأ ابن عامر {لَفَتَحْنَا} بالتشديد {ولكن كَذَّبُواْ} أي ولكن لم يؤمنوا ولم يتقوا، وقد اكتفى بذكر الأول لاستلزامه الثاني وللإشارة إلى أنه أعظم الأمرين {فأخذناهم بما كَانُواْ يَكْسِبُونَ} من أنواع الكفر والمعاصي التي من جملتها قولهم السابق، والظاهر أن هذا الأخذ والمتقدم في قوله سبحانه: {فأخذناهم بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} [الأعراف: 95] واحد وليس عبارة عن الجدب والقحط كما قيل: لأنهما قد زالا بتبديل الحسنة مكان السيئة، وحمل أحد الأخذين على الأخذ الأخروي والآخر على الدنيوي بعيد، ومن ذهب إلى حمل أل على الجنس على الوجه الأخير فيه يلزمه أن يحمل كذبوا فأخذناهم على وقوع التكذيب والأخذ فيما بينهم ولا يخفى بعده.

.تفسير الآية رقم (97):

{أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (97)}
{أَفَأَمِنَ أَهْلُ القرى} الهمزة لانكار الواقع واستقباحه، وقيل: لانكار الوقوع ونفيه، وتعقب بأن {فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ الله} [الأعراف: 99] إلخ يأباه، والفاء للتعقيب مع السبب، والمراد بأهل القرى قيل: أهل القرى المذكورة على وضع المظهر موضع المضمر للإيذان بأن مدار التوبيخ أمن كل طائفة ما أتاهم من البأس لا أمن مجموع الأمم، وقيل: المراد بهم أهل مكة وما حواليها ممن بعث إليه نبينا صلى الله عليه وسلم وهو الأولى عندي وإلى ذلك ذهب محيي السنة، والعطف على القولين على {فأخذناهم بَغْتَةً} [الأعراف: 95] لا على محذوف ويقدر بما يناسب المقام كما وقع نحو ذلك في القرآن كثيرًا، وأمر صدارة الاستفهام سهل، وقوله سبحانه: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القرى ءامَنُواْ} [الأعراف: 96] إلخ اعتراض توسط بينهما للمسارعة إلى بيان أن الأخذ المذكور مما كسبته أيديهم نظرًا للأول ولأنه يؤيد ما ذكر من أن الأخذ بغتة ترتب على الإيمان والتقوى، ولو عكس لانعكس الأمر نظرًا للثاني، ولو جعلت اللام فيما تقدم للجنس أكد هذا الاعتراض المعطوف والمعطوف عليها وشملهما شمولًا سواء على ما في الكشف ولم يجعل العطف على {فإخذناهم} [الأعراف: 96] الأقرب لأنه لم يسق لبيان القرى وقصة هلاكها قصدًا كالذي قبله فكان العطف عليه دونه أنسب وهذا إذا أريد بالقرى القرى المدلول عليها بما سبق، وأما إذا أريد بها مكة وما حولها فوجه ذلك أظهر لأن منشأ الانكار ما أصاب الأمم السالفة لا ما أصاب أهل مكة ومن حولها من القحط وضيق الحال، ورا يقال: إذا كان المراد بأهل القرى في الموضعين أهل مكة وما حولها يكون العطف على الأقرب أنسب، والمعنى أبعد ذلك الأخذ لمن استكبر وتعزز وخالف الرسل عليهم السلام وشيوعه والعلم به يأمن أهل القرى المشاركون لهم في ذلك {أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا} أي عذابنا {بياتا} أي وقت بيات وهو مراد من قال ليلا، وهو مصدر بات ونصبه على الظرفية بتقدير مضاف، ويجوز أن يكون حالا من المفعول أي بائتين، وجوز أن يكون مصدر بيت ونصبع على أنه مفعول مطلق ليأتيهم من غير لفظه أي تبيبتًا أو حال من الفاعل عنى مبيتا بالكسر أو من المفعول عنى مبيتين بالفتح، واختار غير واحد الظرفية ليناسب ما سيأتي {وَهُمْ نَائِمُونَ} حال من ضميرهم البارز أو المستتر في بياتا لتأويله بالصفة كما سمعت وهو حال متداخلة حينئذ.

.تفسير الآية رقم (98):

{أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98)}
{أَوَ أَمِنَ أَهْلُ القرى} انكار بعد انكار للمبالغة في التوبيخ والتشديد، ولم يقصد الترتيب بينهما فلذا لم يؤت بالفاء.
وقرأ نافع. وابن كثير. وابن عامر. {أَوْ} بسكون الواو وهي لأحد الشيئين والمراد الترديد بين أن يأتيهم العذاب بياتًا وما دل عليه قوله سبحانه: {أَن يَأْتِيَهُمُ} أي ضحوة النهار وهو في الأصل ارتفاع الشمس أو شروقها وقت ارتفاعها ثم استعمل للوقت الواقع فيه ذلك وهو أحد ساعات النهار عندهم وهي الذرور والبزوغ والضحى والغزالة والهاجرة والزوال والدلوك والعصر والأصيل والصنوت والحدور والغروب وبعضهم يسميها البكور والشروق والأشراق والراد والضحى والمنوع والهاجرة والأصيل والعصر والطفل والحدود والغروب، ويكون كما قال الشهاب متصرفًا إن لم يرد به وقت من يوم بعينه وغير متصرف ان أريد به ضحوة يوم معين فيلزم النصب على الطرفية وهو مقصور فإن فتح مد، وقد عدوا لفظ الضحى مما يذكر ويؤنث. {وَهُمْ يَلْعَبُونَ} أي يلهون من فرط الغفلة وهو مجاز مرسل في ذلك، ويحتمل أن يكون هناك استعارة أي يشتغلون بما لا نفع فيه كأنهم يلعبون.

.تفسير الآية رقم (99):

{أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99)}
{أفَأمنُوا مَكْرَ الله} تكرير لمجموع الانكارين السابقين جمعًا بين التفريق قصدًا إلى زيادة التحذير والإنذار، وذكر جمع من جلة المحققين أنه لو جعل تكريرًا له ولما سلف من غرة أهل القرى السابقة أيضًا على معنى أن الكل نتيجة الأمن من مكر الله تعالى لجاز إلا أنه لما جعل تهديدًا للموجودين كان الأنسب التخصيص، وفيه تأمل. والمكر في الأصل الخذاع ويطلق على الستر يقال: مكر الليل أي ستر بظلمته ما هو فيه، وإذا نسب إليه سبحانه فالمراد به استدراجه العبد العاصي حتى يهلكه في غفلته تشبيهًا لذلك بالخداع، وتجوز هذه النسبة إليه سبحانه من غير مشاكلة خلافًا لبعضهم، وهو هنا إتيان البأس في الوقتين والحالين المذكورين، وهل كان تبديل مكان السيئة الحسنة المذكور قبل مكرًا واستدراجًا أو ملاطفة ومراوحة؟ فيه خلاف والكل محتمل {فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ الله إِلاَّ القوم الخاسرون} أي الذين خسروا أنفسهم فاضاعوا فطرة الله التي فطر الناس عليها والاستعداد القريب المستفاد من النظر في الآيات والفاء هنا متعلق كما قال القطب الرازي وغيره قدر كأنه قبل فلما آمنوا خسروا فلا يأمن إلخ. وقال أبو البقاء إنها للتنبيه على تعقيب العذاب أمن مكر الله تعالى، وقد يقال: إنها لتعليل ما يفهمه الكلام من ذم الأمن واستقباحه أو يقال إنها فصيحة، ويقدر ما يستفاد من الكلام شرطًا أي إذا كان الأمن في غاية القبح فلا يرتكبه إلا من خسر نفسه، واستدلت الحنفية بالآية على أن الأمن من مكر الله تعالى وهو كما في جميع الجوامع الاسترسال في المعاصي إتكالًا على عفو الله تعالى كفر، ومثله اليأس من رحمة الله تعالى لقوله تعالى: {إنَّهُ لاَ يَيْأس مِنْ رُوحِ اللهِ إلاَّ القَوْم الكَافِرُون} [يوسف: 87] وذهبت الشافعية إلى أنهما من الكبائر لتصريح ابن مسعود رضي الله تعالى عنه بذلك وروى ابن أبي حاتم. والبزار عن ابن عباس أنه صلى الله تعالى عليه وسلم سئل ما الكبائر؟ فقال: الشرك بالله تعالى واليأس من روح الله والامن من مكر الله وهذا أكبر الكبائر قالوا: وما ورد من أن ذلك كفر محمول على التغليظ وآية لا ييأس إلخ كقوله تعالى: {الزانية لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ} [النور: 3] و{لاَّ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بالله واليوم الاخر يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ الله} [المجادلة: 22] في قول. وقال بعض المحققين: إن كان في الأمن اعتقاد أن الله تعالى لا يقدر على الانتقام منه وكذا إذا كان في اليأس اعتقاد عدم القدرة على الرحمة والاحسان أو نحو ذلك فذلك مما لا ريب في أنه كفر وإن خلا عن نحو هذا الاعتقاد ولم يكن فيه تهاون وعدم مبالاة بالله تعالى فذلك كبيرة وهو كالمحاكمة بين القولين.