فصل: تفسير الآية رقم (3):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني المشهور بـ «تفسير الألوسي»



.تفسير الآية رقم (3):

{اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (3)}
{اتبعوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مّن رَّبّكُمْ} خطاب لكافة المكلفين، والمراد بالموصول الكتاب المنزل إليه صلى الله عليه وسلم كما روي عن قتادة إلا أنه وضع المظهر موضع المضمر وجعل منزلًا إليهم لتأكيد وجوب الاتباع؛ وقيل: المراد به ما يعم الكتاب والسنة فليس من وضع المظهر موضع المضمر. وإيثاره لفائدة التعميم وتشميم من أسلوب قول الأنمارية هم كالحلقة المفرغة لا يدري أين طرفاها وتتميم لشرح الصدر فإنه لما شجع أمر الجميع باتباع جميع ما يرسمه ليكون أدعى لانشراح صدره عليه الصلاة والسلام ورحب ذراعه. ولا يخفى أن هذا الحمل بعيد. نعم يعم السنة بأقسامها الحكم بطريق الدلالة لا بطريق العبارة، و{مِنْ} متعلقة بأنزل على أنها لابتداء الغاية مجازًا أو حذوف وقع حالًا من الموصول أو من ضميره في الصلة، وفي التعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضمير المخاطبين مزيد لطف بهم وترغيب لهم في الامتثال بما أمروا به وتأكيد لوجوبه إثر تأكيد.
{وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء} الضمير المجرور عائد إلى {رَبُّكُمْ} والجار متعلق حذوف وقع حالًا من فاعل فعل النهي أي ولا تتبعوا متجاوزين ربكم الذي أنزل إليكم ما يهديكم إلى الحق أولياء من الشياطين والكهان بأن تقبلوا منهم ما يلقونه إليكم من الأباطيل ليضلوكم عن الحق بعد إذ جاءكم ويحملوكم على البدع والأهواء الزائغة. ويجوز أن يكون الجار متعلقًا حذوف وقع حالًا من {أَوْلِيَاء} قدم عليه لكونه نكرة أي أولياء كائنة غيره تعالى، وأن يكون متعلقًا بالفعل قبله أي تعدلوا عنه سبحانه إلى غيره. ولما كان اتباع ما أنزله سبحانه جل وعلا اتباعًا له عز شأنه عقب الأمر السابق بهذا النهي، وقيل: الضمير لما أنزل على حذف مضاف في {أَوْلِيَاء} أي لا تتبعوا من دون ما أنزل أباطيل أولياء، وكأنه قيل: ولا تتبعوا من دون دين ربكم دين أولياء، وذلك التقدير لأنه لا يحسن وصف المنزل بكونه دونهم، وجوز كون الضمير للمصدر أي لا تتبعوا أولياء اتباعًا من دون اتباعكم ما أنزل إليكم وفيه بعد. وقرأ مجاهد {تَبْتَغُواْ} بالغين المعجمة من الابتغاء.
{قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ} أي تذكرًا قليلًا أو زمانًا قليلًا تذكرون لا كثيرًا حيث لا تتأثرون بذلك ولا تعملون وجبه وتتركون الحق وتتبعون غيره، فقليلًا نعت مصدر أو زمان محذوف أقيم مقامه ونصبه بالفعل بعده وقدم عليه للقصر، و{مَا} مزيد لتأكيد القلة لأنها تفيدها في نحو أكلت أكلًا ما فهي هاهنا قلة على قلة، والظاهر من القلة معناها، وجوز أن يراد بها العدم كما في قوله تعالى: {فَقَلِيلًا مَّا يُؤْمِنُونَ}
[البقرة: 88] وأجيز أن يكون {قَلِيلًا} نعت مصدر لتتبعوا أي اتباعًا قليلًا، قيل: ويضعفه أنه لا معنى حينئذٍ لقوله سبحانه: {تَذَكَّرُونَ} وأما النهي عن الاتباع القليل فلا يضر لأنه يفهم منه غيره بالطريق البرهاني، وأن يكون حالًا من فاعل {لاَ تَتَّبِعُواْ} وما مصدرية أو موصولة فاعل له كما قيل ذلك في قوله تعالى: {كَانُواْ قَلِيلًا مّن اليل مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17] والنهي متوجه إلى القيد والمقيد جميعًا واعترض بأنه لا طائل تحت معناه وأن وجه بما وجه، وأن يكون ما مصدرية أو موصولة مبتدأ، و{قَلِيلًا} على معنى زمانًا قليلًا خبره، وقيل: إن ما نافية و{قَلِيلًا} معمول لما بعده، والكوفيون يجوزون عمل ما بعد ما النافية فيما قبلها، والمعنى ما تذكرون قليلًا فكيف تذكرون كثيرًا وليس بشيء.
وقرأ حمزة والكسائي وحفص {تَذَكَّرُونَ} بحذف إحدى التاءين وذال مخففة. وقرأ ابن عامر {يَتَذَكَّرُونَ} بياء تحتية ومثناة فوقية وذال مخففة، وفي طريق شاذة عنه بتاءين فوقيتين. وقرأ الباقون بتاء فوقية وذال مشددة على إدغام التاء المهموسة في الذال المجهورة، والجملة على ما قاله غير واحد اعتراض تذييلي مسوق لتقبيح حال المخاطبين، والالتفات على القراءة المشهورة عن ابن عامر للإيذان باقتضاء سوء حالهم في عدم الامتثال بالأمر والنهي صرف الخطاب عنهم، وحكاية جناياتهم لغيرهم بطريق المباتة ولا حجة في الآية لنفاة القياس كما لا يخفى.

.تفسير الآية رقم (4):

{وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ (4)}
{وَكَم مّن قَرْيَةٍ أهلكناها} شروع في تذكيرهم وإنذارهم ما نزل بمن قبلهم من العذاب بسبب إعراضهم عن دين الله تعالى وإصرارهم على أباطيل أوليائهم، و{كَمْ} خبرية للتكثير في محل رفع على الابتداء؛ والجملة بعدها خبرها و{مِنْ} سيف خطيب و{قَرْيَةٌ} تمييز. ويجوز أن يكون محل {كَمْ} نصبًا على الاشتغال، وضمير {أهلكناها} راجع إلى معنى كم فإن المعنى قرى كثيرة أهلكناها، والمراد بإهلاكها إرادة إهلاكها مجازًا كما في قوله تعالى: {إِذَا قمتم إلى الصلاة} [المائدة: 6] الآية فلا إشكال في التعقيب الذي تفهمه الفاء في قوله سبحانه: {فَجَاءهَا بَأْسُنَا} أي عذابنا، واعترض هذا الجواب بعض المدققين بأن فيه إشكالًا أصوليًا، وهو أن الإرادة إن كانت باعتبار تعلقها التنجيزي فمجيء البأس مقارن لها لا متعقب لها وبعدها، وإن لم يرد ذلك فهي قديمة فإن كان البأس يعقبها لزم قدم العالم وإن تأخر عنها لزم العطف بثم. وأجيب بأن المراد التعلق التنجيزي قبل الوقوع أي قصدنا إهلاكها فتدبر، وقيل: إن المراد بالإهلاك الخذلان وعدم التوفيق فهو استعارة أو من إطلاق المسبب على السبب، وإلى هذا يشير كلام ابن عطية وتعقب بأنه اعتزالي وأن الصواب أن يقال: معناه خلقنا في أهلها الفسق والمخالفة فجاءها بأسنا، وقيل: المراد حكمنا بإهلاكها فجاءها، وقيل: الفاء تفسيرية نحو توضأ فغسل وجهه إلخ. وقيل: إن الفاء للترتيب الذكري. وقال ابن عصفور: إن المراد أهلكناها هلاكًا من غير استئصال فجاءها هلاك الاستئصال، وقال الفراء: الفاء عنى الواو أو المراد فظهر مجيء بأسنا واشتهر، وقيل: الكلام على القلب وفيه تقديم وتأخير أي أهلكناها بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائلُونَ فجاءها بأسنا فالإهلاك في الدنيا ومجيء البأس في الآخرة فيشمل الكلام عذاب الدارين، ويأباه ما بعد إباء ظاهرًا فإنه يدل على أن العذاب في الدنيا، وقدر غير واحد في النظم الكريم مضافًا أي فجاء أهلها.
وجوز بعضهم الحمل على الاستخدام لأن القرية تطلق على أهلها مجازًا، ومن الناس من قدر في الأول المضاف أيضًا مع أن القرية تتصف بالهلاك وهو الخراب.
والبيات في الأصل مصدر بات يبيت بيتًا وبيتة وبياتًا وبيتوتة، وذكر الراغب: «أن البيات وكذا التبييت قصد العدو ليلًا». وقال الليث: البيتوتة الدخول في الليل، ونصبه على الحال بتأويله ببائتين. وجوز أن يكون على الظرفية وهو خلاف الظاهر، واحتمال النصب على المفعولية له كما زعم أبو البقاء مما لا يلتفت إليه. و{أو} للتنويع وما بعدها عطف على الحال وهو في موضع الحال أيضًا وأضمرت فيه الواو كما قال ابن الأنباري لوضوح المعنى ومن أجل أن أو حرف عطف والواو كذلك فاستثقلوا الجمع بين حرفين من حروف العطف فحذفوا الثاني، ونقل ذلك عن الفراء أيضًا.
وتعقب بأن واو الحال مغايرة لواو العطف بكل حال وهي قسم من أقسام الواو كواو القسم بدليل أنها تقع حيث لا يمكن أن يكون ما قبلها حالًا وكونها للعطف يقتضي أن لا تقع إلا حيث يكون ما قبلها حالا حتى تعطف حالا على حال. وقال ابن المنير: إن هذه الواو لابد أن تمتاز عن واو العطف زية ألا تراها تصحب الجملة الاسمية بعد الفعلية في قولك: جاءني زيد وهو راكب ولو كانت عاطفة مجردة لاستقبح توسطها بين المتغايرين وإن لم يكن قبيحًا فالأفصح خلافه وحيث رأيناها تتوسط بينهما والكلام حينئذ هو الأفصح أو المتعين علمنا امتيازها عنى وخاصية عن واو العطف وإذا ثبت ذلك فلا غرو في اجتماعهما. وإن كان فيها معنى العطف مضافًا إلى تلك الخاصية فإما أن تسلبه حينئذ لغناء العاطفة عنها أو تستمر عليه وتجامع أو كما تجامع الواو لكن في الفصيح لما فيها من زيادة معنى الاستدراك في مثل قوله: {ولكن لاَّ يَشْعُرُونَ} [البقرة: 12] وعلى هذا فالاجتماع ممكن بلا كراهية، فلو قلت: سَبِّحِ الله تعالى وأنت راكع أو وأنت ساجد لكان فصيحًا لا خبث فيه ولا كراهة. خلافًا لأبي حيان مدعيًا أن النحويين نصوا على أن الجملة الحالية إذا دخل عليها حرف عطف امتنع دخول واو الحال عليها للمشابهة اللفظية فالمثال على هذا غير صحيح، وظاهر كلام الزمخشري أن هذه الواو واو العطف في الأصل ثم استعيرت للحال لما فيها من الربط فقد خرجت عن العطف واستعملت لمعنى آخر لكنها أعطيت حكم أصلها في امتناع مجامعتها لعاطف آخر، وعلى هذا ينبغي أن يحمل كلام ذينك الإمامين وهذا مذهب لهما ولمن اتبعهما.
وقال بعض النحاة: إن الضمير هنا مغن عن إضمار الواو والاكتفاء به غير شاذ كما قيل بل هو أكثر من رمل يبرين ومها فلسطين، وقد نقل عن الزمخشري الرجوع إلى هذا القول والمسألة خلافية وفيها تفصيل. ففي البديع الاسمية الحالية لا تخلو من أن تكون من سبب ذي الحال أو أجنبية فإن كانت من سببه لزمها العائد والواو تقول: جاء زيد وأبوه منطلق وخرج عمرو ويده على رأسه إلا ما شذ من قولهم: كلمته فوه إلى في. وإن كانت أجنبية لزمتها الواو ونابت عن العائد. وقد يجمع بينهما نحو قدم عمرو وبشر قام إليه وقد جاءت بلا واو ولا ضمير كما في قوله:
ثم انتصينا جبال الصفد معرضة ** عن اليسار وعن إيماننا جدد

فإن جبال الصفد معرضة حال بلا واو ولا ضمير. وعن الشيخ عبد القاهر جعل ذلك على قسمين ما يلزمه الواو مطلقًا وهو ما إذا صدر بضمير ذي الحال نحو جاء زيد وهو يسرع لأن إعادة ضميره تقتضي أن الجملة مستأنفة لئلا تلغو الإعادة فإذا لم يقصد الاستئناف فلابد من الواو وما عداه تلزمه الواو في الفصيح إلا على طريق التشبيه بالمفرد والتأويل فإنه حينئذ قد تترك الواو جوازًا، وقيل ولم يسلم: إن الضابط في ذلك أنه إذا كان المبتدأ ضمير ذي الحال تجب الواو وإلا فإن كان الضمير فيما صدر به الجملة سواء كان مبتدأ نحو فوه إلى في و{بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} [البقرة: 36] أو خبرًا نحو وجدته حاضراه الجود والكرم فلا يحكم بضعفه لكونه الرابط في أول الجملة وإلا فضعيف قليل.
وقال ابن مالك وتبعه ابن هشام ونقل عن السكاكي: إنه إذا كانت الجملة الاسمية مؤكدة لزم الضمير وترك الواو نحو هو الحق لا شبهة فيه و{ذلك الكتاب لاَ رَيْبَ فِيهِ} [البقرة: 2]، واختار ابن المنير أن المصحح لوقوع هذه الجملة هنا حالًا من غير واو هو العاطف إذ يقتضي مشاركة الجملة الثانية لما عطفت عليه في الحالية فيستغني عن واو الحال كما أنك تعطف على المقسم به فتدخله في حكم القسم من غير واو نحو موقعة {واليل إِذَا يغشى والنهار إِذَا تجلى} [الليل: 1، 2] وقوله سبحانه: {فَلاَ أُقْسِمُ بالخنس الجوار الكنس واليل إِذَا عَسْعَسَ} [التكوير: 15- 17] ويستغنى عن تكرار حرف القسم بنيابة العاطف منابه. فليفهم. وأيًا ما كان فحاصل المعنى أتاهم عذابنا تارة ليلًا كقوم لوط عليه السلام وتارة وقت القيلولة كقوم شعيب عليه السلام.
والقيلولة من قال يقيل فهو قائل ويقال قيلا وقائلة وميقالًا ومقيلًا، وهي كما في القاموس نصف النهار، أو هي الراحة والدعة نصف النهار وإن لم يكن معها نوم كما في النهاية، واستدل له بقوله تعالى: {أصحاب الجنة يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} إذ الجنة لا نوم فيها. وقال الليث: هي نومة نصف النهار، ودفع الاستدلال بأن ذلك مجاز، وإنما خص إنزال العذاب عليهم في هذين الوقتين لما أن نزول المكروه عند الغفلة والدعة أفظع وحكايته للسامعين أزجر وأردع عن الاغترار بأسباب الأمن والراحة، وفي التعبير في الحال الأولى بالمصدر وجعلها عين البيات وفي الحال الثانية بالجملة الاسمية المفيدة في المشهور للثبوت مع تقديم المسند إليه المفيد للتقوى ما لا يخفى من المبالغة، وكذا في وصف الكل بوصف البيات والقيلولة مع أن بعض المهلكين عزل منهما إيذان بكمال الأمن والغفلة، وفي هذا ذم لهم بالغفلة عما هم بصدده، وإنما خولف بين العبارتين على ما قيل وبنيت الحال الثانية على تقوى الحكم والدلالة على قوة أمرهم فيما أسند إليهم لأن القيلولة أظهر في إرادة الدعة وخفض العيش فإنها من دأب المترفين والمتنعمين دون من اعتاد الكدح والتعب. وفيه إشارة إلى أنهم أرباب أشر وبطر.

.تفسير الآية رقم (5):

{فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (5)}
{فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ} أي دعاؤهم واستغاثتهم كما في قوله تعالى: {دعواهم فِيهَا} [يونس: 10] وقول بعض العرب فيما حكاه الخليل وسيبويه: اللهم أشركنا في صالح دعوى المسلمين أو ادعاءهم كما هو المشهور في معنى الدعوى {إِذْ جَاءهُم بَأْسُنَا} عذابنا وشاهدوا أماراته {إِلاَّ أَن قَالُواْ} جميعًا {إِنَّا كُنَّا ظالمين} أي إلا اعترافهم بظلمهم فيما كانوا عليه وشهادتهم ببطلانه تحسرًا عليه وندامة وطمعًا في الخلاص وهيهات ولات حين نجاة. وفي جعل هذا الاعتراف عين ذلك مبالغة على حد قوله:
تحية بينهم ضرب وجيع

و{دَعْوَاهُمْ} يجوز فيه كما قال أبو البقاء أن يكون اسم كان والخبر {إِلاَّ أَن قَالُواْ} أن يكون هو الخبر و{إِلاَّ أَن قَالُواْ} الاسم، ورجح الثاني بأن جعل الأعراف اسمًا هو المعروف في كلامهم. والمصدر هنا يشبه المضمر لأنه لا يوصف وهو أعرف من المضاف. وأورد عليه أن الاسم والخبر إذا كانا معرفتين وإعرابهما غير ظاهر لا يجوز تقديم أحدهما على الآخر فتعين الأول. وأجيب عنه بأن ذلك عند عدم القرينة والقرينة هنا كون الثاني أعرف وترك التأنيث، وأيضًا ذاك لم يكن حصر فإن كان يلاحظ ما يقتضيه. ورجح في الكشف الثاني بأنه الوجه المطابق لنظائره في القرآن. والمعنى عليه أشد ملاءمة لأن الفرض أن قولًا آخر لم يقع هذا الموقع، فالمقصود الحكم على القول المخصوص بأنه هو الدعاء وزيد تأكيدًا بإدخال أداة القصر، وليس من التقديم في شيء لأن حق المقصور عليه التأخير أبدًا فتأمل وتذكر.