فصل: أحوال الطلاق البائن بينونة صغرى:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي



.إثبات الطلاق:

كمال الطلاق أن يكون على السنة في الوقت والعدد، وأن يَشهد عليه رجلان عدلان، وأن يُثبت ويُكتب؛ لحفظ حق الزوجة، وتسهيل زواجها من آخر، وقطع النزاع إن حصل.
وإذا ادعت الزوجة أن زوجها طلقها فالقول قول الزوج مع يمينه؛ لأن الأصل بقاء النكاح، وعدم الطلاق، ما لم تكن معها بينة فيُقبل قولها، ويَنفذ الطلاق.

.2- أقسام الطلاق البدعي:

الطلاق البدعي: هو الطلاق المخالف للشرع.
والطلاق البدعي قسمان:
الأول: طلاق بدعي في الوقت:
كأن يطلقها في حيض أو نفاس، أو في طهر جامعها فيه ولم يتبين حملها، فهذا الطلاق محرم ويقع، وفاعله آثم، ويجب عليه أن يراجع زوجته منه إن كان الطلاق رجعياً، وإذا راجع الحائض أو النفساء أمسكها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء طلقها، وإن شاء أمسكها، ومن طلقها في طهر جامعها فيه أمسكها حتى تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء طلقها أو أمسكها.
1- عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنَّهُ طَلَّقَ امْرَأتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا طَاهِراً أوْ حَامِلاً». متفق عليه.
2- وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنَّهُ طَلَّقَ امْرَأتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَسَألَ عُمَرُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ حَيْضَةً أُخْرَى، ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ يُطَلِّقُ بَعْدُ، أوْ يُمْسِكُ». متفق عليه.
الثاني: طلاق بدعي في العدد:
كأن يطلقها ثلاثاً بكلمة واحدة فيقول: أنت طالق ثلاثاً، أو بالثلاث، أو يطلقها ثلاثاً متفرقات في مجلس واحد فيقول: أنت طالق، طالق، طالق، وهذا الطلاق محرم؛ لأنه في غير العدة المشروعة للطلاق، ومن طلق هذا الطلاق فهو آثم، ويقع طلاقه، لكن الطلاق ثلاثاً بكلمة واحدة أو كلمات في طهر واحد لا يقع إلا واحدة.
وإذا كانت المرأة لا تحيض لصغر أو إياس، أو غير مدخول بها، فلا سنة ولا بدعة في طلاقها، فيطلقها زوجها متى شاء من الأوقات، وحال الحيض أو الطهر لغير المدخول بها، أما العدد فيثبت لهؤلاء وغيرهن، فيجب العمل به.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا [1]} [الطلاق:1].

.حكم طلاق الثلاث:

إذا عقد الزوج على زوجته مَلَك عليها ثلاث طلقات، ويحرم عليه أن يطلقها ثلاثاً بلفظ واحد، أو بألفاظ متتابعة في مجلس واحد؛ لأنه بذلك يسد باب التلاقي عند الندم، ويضر المرأة، ويخالف الشرع، ويتعدى حدود الله بإيقاع الطلاق ثلاثاً دفعة واحدة، والله يريدها مفرقة؛ لِتُمْكن الرجعة.
1- إذا طلق الرجل زوجته ثلاثاً بكلمة واحدة، أو بكلمات متفرقات في مجلس واحد، أو في طهر واحد، فلا يقع إلا طلقة واحدة؛ لأن جمع الثلاث محرم، وغير مشروع، فيقع طلقة واحدة، اعتباراً بأصل الطلاق، ويلغي الوصف المحرم.
قال الله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [229] فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [230]} [البقرة:229- 230].
2- إذا تتابع الناس على الطلاق، وتساهلوا به، وأكثروا منه، وكان في إلزامهم به مصلحة أُلزموا به كما فعل عمر رضي الله عنه، فإن لم تكن مصلحة فلا تقع الثلاث إلا واحدة.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ الطَّلاقُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَأبِي بَكْرٍ وَسَنَتَيْنِ مِنْ خِلافَةِ عُمَرَ، طَلاقُ الثَّلاثِ وَاحِدَةً، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: إِنَّ النَّاسَ قَدِ اسْتَعْجَلُوا فِي أمْرٍ قَدْ كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ أنَاةٌ، فَلَوْ أمْضَيْنَاهُ عَلَيْهِمْ! فَأمْضَاهُ عَلَيْهِمْ. أخرجه مسلم.
الطلاق الرجعي والبائن:

.أقسام الطلاق:

ينقسم الطلاق من حيث وقوعه إلى قسمين:
طلاق رجعي.. وطلاق بائن.

.الأول: الطلاق الرجعي:

الطلاق الرجعي: هو الذي يملك الزوج بعده إعادة المطلقة المدخول بها إلى الزوجية ما دامت في العدة ولو لم ترض، من غير حاجة إلى عقد ومهر جديدين، بقصد الاستمتاع بها لا الإضرار بها.
ويكون الطلاق الرجعي بعد الطلقة الأولى والثانية.
فإذا طلق زوجته الطلقة الأولى، فله مراجعتها ما دامت في العدة، فإن راجعها وهي في العدة ثم طلقها الثانية فله مراجعتها ما دامت في العدة.
وهي في الحالتين زوجته ما دامت في العدة، يرثها وترثه، ولها النفقة والسكنى، وله أن يستمتع بها ويطأها.
وإذا انتهت العدة من الطلقة الأولى أو الثانية ولم يراجعها، انقلب الطلاق الرجعي بائناً بينونة صغرى، ولا يملك الزوج بعدها إرجاع زوجته المطلقة إلا بعقد ومهر جديدين، وللزوجة بعد انتهاء عدة الطلاق الرجعي أن تتزوج زوجها الأول أو غيره، فإن راجعها بعد الطلقة الثانية وهي في العدة، ثم طلقها الثالثة، فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.
1- قال الله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [229] فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [230]} [البقرة: 229- 230].
2- وقال الله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [228]} [البقرة: 228].
3- وقال الله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [231]} [البقرة: 231].

.آثار الطلاق الرجعي:

يترتب على الطلاق الرجعي الآثار الآتية:
نقص عدد الطلقات.. إمكان المراجعة أثناء العدة.. انتهاء رابطة الزوجية بالخروج من العدة.. المرأة الرجعية زوجة ما دامت في العدة.

.ضابط الطلاق الرجعي:

كل طلاق يقع رجعياً إلا إذا كان قبل الدخول.. أو كان على مال كالخلع.. أو كان مكملاً للثلاث.

.مكان عدة المطلقة الرجعية:

يجب على المطلقة الرجعية-وهي المطلقة طلقة واحدة أو طلقتين بعد الدخول- أن تبقى وتعتد في بيت زوجها لعله يراجعها.
ويستحب لها أن تتزين لزوجها، وتتطيب له، وتلبس الحلي، ليكون ذلك باعثاً له على إمساكها والرغبة فيها.
ولا يجوز للزوج إخراج مطلقته الرجعية من بيتها إن لم يراجعها حتى تنقضي عدتها؛ لأنها زوجته.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا [1]} [الطلاق: 1].

.الثاني: الطلاق البائن:

الطلاق البائن: هو الطلاق الذي تنفصل به الزوجة من زوجها نهائياً.
والطلاق البائن ينقسم إلى قسمين:

.القسم الأول: بائن بينونة صغرى:

وهو الطلاق الذي لا يستطيع الزوج بعده أن يعيد المطلقة إليه إلا بعقد ومهر جديدين.

.أحوال الطلاق البائن بينونة صغرى:

يكون الطلاق بائناً بينونة صغرى في الأحوال التالية:
1- الطلاق قبل الدخول:
لأن هذا الطلاق لا تجب به العدة، ولا يقبل الرجعة، وإذا لم تجب العدة فلا تمكن المراجعة؛ لأن الرجعة لا تكون إلا في العدة.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا [49]} [الأحزاب: 49].
2- الطلاق دون الثلاث:
فإذا طلق زوجته طلقة واحدة، ثم انتهت عدتها ولم يراجعها، طلقت طلاقاً بائناً بينونة صغرى.
ومن حقه كغيره أن يتزوجها بعد العدة بعقد ومهر جديدين، ولو لم تنكح زوجاً غيره.
وكذا لو طلقها الطلقة الثانية، ولم يراجعها في العدة، بانت منه بينونة صغرى، وله نكاحها بعد العدة بعقد ومهر جديدين، ولو لم تنكح زوجاً غيره.
ويحرم على أهل الزوجة عضلها ومنعها من نكاح زوجها الأول بعد العدة.
1- قال الله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229].
2- وقال الله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ [232]} [البقرة: 232].
3- الطلاق على مال:
فإذا خالع الرجل امرأته على مال تدفعه له ليفارقها، أو طلقها على مال تدفعه له لتنهي علاقتها به، طَلُقت، وليس له مراجعتها في العدة، فهذا الطلاق يقع بائناً بينونة صغرى، وإذا تم هذا الطلاق، فلا تحل الزوجة بعده إلا بعقد ومهر جديدين، سواء كان زوجها أو غيره، فتعتد بحيضة، ثم يحل نكاحها.
1- قال الله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [229]} [البقرة: 229].
2- وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ امْرَأةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَارَسُولَ الله، ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ، مَا أعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلا دِينٍ، وَلَكِنِّي أكْرَهُ الكُفْرَ فِي الإِسْلامِ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ». قَالَتْ: نَعَمْ، قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «اقْبَلِ الحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً». أخرجه البخاري.
4- الطلاق لرفع الضرر عن الزوجة:
وهو الطلاق الذي يوقعه القاضي بطلب الزوجة، إما لسوء عشرة زوجها، أو غَيبته عنها، أو حبسه مدة طويلة، أو كان بزوجها عيب مستحكم كالعقم، أو عدم القدرة على الوطء، أو مرض خطير منفر ونحو ذلك.
ففي هذه الحالات يقع الطلاق بائناً بينونة صغرى، وللمرأة بعد العدة أن تنكح من شاءت، ولزوجها مراجعتها ونكاحها بعقد جديد في العدة أو بعدها.
ويحرم على الزوج أن يحبس زوجته ليضرها، ويَحْرِمها مما أحل الله لها.
1- قال الله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [231]} [البقرة: 231].

.القسم الثاني: بائن بينونة كبرى:

وهو الطلاق الذي يزيل الملك والحل معاً، ولا يبقي للزوجة أثر سوى العدة، وهو الطلاق المكمل للثلاث، فإذا طلق الزوج زوجته طلقة ثم راجعها، ثم طلقها ثم راجعها، ثم طلقها الثالثة، فإنها تنفصل عنه نهائياً، ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره نكاحاً شرعياً بنية الدوام.
فإذا دخل بها الزوج الثاني بعد العدة ووطئها، ثم طلقها ثم فرغت من العدة، جاز لزوجها الأول نكاحها بعقد ومهر جديدين كغيره.
1- قال الله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [229] فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [230]} [البقرة: 229- 230].
2- وعَنْ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أنَّ زَوْجَهَا المَخْزُومِيَّ طَلَّقَهَا، فَأبَى أنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا، فَجَاءَتْ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَأخْبَرَتْهُ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لا نَفَقَةَ لَكِ فَانْتَقِلِي، فَاذْهَبِي إِلَى ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَكُونِي عِنْدَهُ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ أعْمَى، تَضَعِينَ ثِيَابَكِ عِنْدَهُ». أخرجه مسلم.

.متى يقع الطلاق بائناً:

يقع الطلاق بائناً إذا كان على عوض.. أو كان قبل الدخول.. أو كان مكملاً للثلاث.

.مكان عدة المطلقة البائن:

المطلقة البائن تعتد في بيت أهلها؛ لأنها لا تحل لزوجها، ولا نفقة لها ولا سكنى إلا إن كانت حاملاً.
ولا يجوز لها أن تخرج من بيت أهلها أثناء العدة إلا لحاجة.
1- قال الله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى [6]} [الطلاق: 6].
2- وَعَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله! زَوْجِي طَلَّقَنِي ثَلاثاً، وَأخَافُ أنْ يُقْتَحَمَ عَلَيَّ، قال: فَأمَرَهَا فَتَحَوَّلَتْ. أخرجه مسلم.
3- وَعَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فِي المُطَلَّقَةِ ثَلاثاً، قال: «لَيْسَ لَهَا سُكْنَى وَلا نَفَقَةٌ». أخرجه مسلم.

.آثار الطلاق البائن:

الطلاق البائن تثبت له الأحكام الآتية:
الأول: يشترك الطلاق الرجعي والبائن في أحكام هي:
وجوب نفقة العدة للمطلقة الحامل.. ثبوت نسب الولد الذي تلده للمطلق.. ويهدم الزواج الثاني ما كان من الطلاق في الزواج الأول.
الثاني: الطلاق البائن بينونة صغرى يثبت به ما يلي:
1- زوال الملك لا الحل بمجرد الطلاق، فله مراجعتها ونكاحها بعقد جديد، ولا تحل له إلا بعقد جديد في العدة أو بعدها.
2- حلول الصداق المؤجل بمجرد الطلاق.
3- عدم التوارث بين الزوجين إذا مات أحدهما أثناء العدة؛ لأن الطلاق البائن ينهي الزوجية.
الثالث: الطلاق البائن بينونة كبرى يثبت به ما يلي:
1- زوال الملك والحل معاً، فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.
2- حلول الصداق المؤجل إلى الطلاق أو الوفاة.
3- منع التوارث بين الزوجين، لانقطاع الزوجية.
4- حرمة المطلقة على الزوج تحريماً مؤقتاً حتى تنكح زوجاً غيره ثم يطلقها فتحل له.

.حكم زواج التحليل:

من طلق زوجته الطلقة الثالثة فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره بنكاح صحيح، ثم يطلقها فتحل له.
ولا تحل هذه المطلقة لزوجها الأول إلا بثلاثة شروط:
أن تنكح زوجاً غيره.. وأن يكون النكاح صحيحاً لا حيلة فيه.. وأن يطأها الزوج الثاني في الفرج.
ويحرم على الزوج الثاني نكاحها ليحللها للأول، وإذا حصل هذا النكاح فهو باطل؛ لأنه أشبه بالسفاح.
1- قال الله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230].
2- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أنَّ امْرَأةَ رِفَاعَةَ القُرَظِيِّ جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله، إِنَّ رِفَاعَةَ طَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلاقِي، وَإِنِّي نَكَحْتُ بَعْدَهُ عَبْدَالرَّحْمَنِ بْنَ الزُّبَيْرِ القُرَظِيَّ، وَإِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ الهُدْبَةِ، قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لَعَلَّكِ تُرِيدِينَ أنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ؟ لا، حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ وَتَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ». متفق عليه.