فصل: بَابُ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ وَغَيْرِهِمْ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية (نسخة منقحة)



.بَابُ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ وَغَيْرِهِمْ:

قَالَ: (وَمَنْ أَوْصَى لِجِيرَانِهِ فَهُمْ الْمُلَاصِقُونَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَقَالَا: هُمْ الْمُلَاصِقُونَ وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ يَسْكُنُ مَحَلَّةَ الْمُوصِي وَيَجْمَعُهُمْ مَسْجِدُ الْمَحَلَّةِ) وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَقَوْلُهُ قِيَاسٌ، لِأَنَّ الْجَارَ مِنْ الْمُجَاوَرَةِ وَهِيَ الْمُلَاصَقَةُ حَقِيقَةً، وَلِهَذَا يَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ بِهَذَا الْجِوَارِ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ صَرْفُهُ إلَى الْجَمِيعِ يُصْرَفُ إلَى أَخَصِّ الْخُصُوصِ وَهُوَ الْمُلَاصِقُ.
وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ هَؤُلَاءِ كُلَّهُمْ يُسَمَّوْنَ جِيرَانًا عُرْفًا وَقَدْ تَأَيَّدَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ» وَفَسَّرَهُ بِكُلِّ مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ، وَلِأَنَّ الْقَصْدَ بِرُّ الْجِيرَانِ وَاسْتِحْبَابُهُ يَنْتَظِمُ الْمُلَاصِقَ وَغَيْرَهُ، إلَّا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الِاخْتِلَاطِ وَذَلِكَ عِنْدَ اتِّحَادِ الْمَسْجِدِ وَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: الْجِوَارُ إلَى أَرْبَعِينَ دَارًا بَعِيدٌ، وَمَا يُرْوَى فِيهِ ضَعِيفٌ، قَالُوا: وَيَسْتَوِي فِيهِ السَّاكِنُ وَالْمَالِكُ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ لِأَنَّ اسْمَ الْجَارِ يَتَنَاوَلُهُمْ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْعَبْدُ السَّاكِنُ عِنْدَهُ لِإِطْلَاقِهِ وَلَا يَدْخُلُ عِنْدَهُمَا لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَهُ وَصِيَّةٌ لِمَوْلَاهُ وَهُوَ غَيْرُ سَاكِنٍ.
الشرح:
بَابُ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ:
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ، إلَّا فِي الْمَسْجِدِ».
قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، فَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ كِلَاهُمَا فِي الصَّلَاةِ عَنْ يَحْيَى بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُد الْيَمَامِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ، إلَّا فِي الْمَسْجِدِ»، انْتَهَى.
سَكَتَ الْحَاكِمُ عَنْهُ.
قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد الْيَمَامِيُّ، الْمَعْرُوفُ بِأَبِي الْجَمَلِ، ضَعِيفٌ، وَعَامَّةُ مَا يَرْوِيه بِهَذَا الْإِسْنَادِ، لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ، انْتَهَى.
وَحَدِيثُ جَابِرٍ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُكَيْنٍ الشَّقَرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْر الْغَنَوِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ، مَرْفُوعًا نَحْوَهُ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: وَمُحَمَّدُ بْنُ سُكَيْنٍ الشَّقَرِيُّ مُؤَذِّنُ مَسْجِدِ بَنِي شَقِرَةَ، ذَكَرَهُ الْعُقَيْلِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ، انْتَهَى.
وَحَدِيثُ عَائِشَةَ: رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ عَنْ عُمَرَ بْنِ رَاشِدٍ الْمُحَارِبِيِّ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، مَرْفُوعًا نَحْوَهُ سَوَاءً، قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: وَعُمَرُ بْنُ رَاشِدٍ الْمُحَارِبِيُّ الْقُرَشِيُّ، مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ عَلَى مَالِكٍ، وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَغَيْرِهِمَا، لَا يَحِلُّ ذِكْرُهُ فِي الْكِتَابِ، إلَّا عَلَى سَبِيلِ الْقَدْحِ، فَكَيْفَ الرِّوَايَةُ عَنْهُ؟ انْتَهَى.
وَرَوَاهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْعِلَلِ الْمُتَنَاهِيَةِ مِنْ طَرِيقِ الدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ ابْنِ حِبَّانَ بِسَنَدِهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ رَاشِدٍ بِهِ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: عُمَرُ بْنُ رَاشِدٍ لَا يُسَاوِي حَدِيثُهُ شَيْئًا، انْتَهَى.
وقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ، وَهُوَ صَحِيحٌ مِنْ قَوْلِ عَلِيٍّ، انْتَهَى.
قُلْت: رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ مِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ هُشَيْمِ، وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ، قِيلَ: وَمَنْ جَارُ الْمَسْجِدِ؟ قَالَ: مَنْ أَسْمَعَهُ الْمُنَادِي، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا، وَيُنْظَرُ.
الْحَدِيثُ الثَّانِي: قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ: إنَّ الْجِوَارَ إلَى أَرْبَعِينَ دَارًا بَعِيدٌ، وَمَا يُرْوَى فِيهِ ضَعِيفٌ.
قُلْت: رُوِيَ مُسْنَدًا، وَمُرْسَلًا، فَالْمُسْنَدُ فِيهِ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ، فَحَدِيثُ كَعْبٍ: أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ عَنْ يُوسُفَ بْنِ السَّفَرِ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي نَزَلْت مَحَلَّةَ بَنِي فُلَانٍ، وَإِنَّ أَشَدَّهُمْ لِي أَذًى أَقْرَبُهُمْ لِي جِوَارًا، فَبَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعَلِيًّا أَنْ يَأْتُوا بَابَ الْمَسْجِدِ فَيَقُومُوا عَلَيْهِ، فَيَصِيحُوا: أَلَا إنَّ أَرْبَعِينَ دَارًا جِوَارٌ، وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ خَافَ جَارُهُ بَوَائِقَهُ»، قِيلَ لِلزُّهْرِيِّ: أَرْبَعِينَ دَارًا؟ قَالَ: أَرْبَعِينَ هَكَذَا، وَأَرْبَعِينَ هَكَذَا، انْتَهَى.
وَيُوسُفُ بْنُ السَّفَرِ أَبُو الْفَيْضِ فِيهِ مَقَالٌ.
وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ أَبِي الْجَنُوبِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «حَقُّ الْجِوَارِ إلَى أَرْبَعِينَ دَارًا، وَهَكَذَا وَهَكَذَا، وَهَكَذَا وَهَكَذَا، يَمِينًا وَشِمَالًا، وَقُدَّامَ وَخَلْفَ»، انْتَهَى.
وَعَنْ أَبِي يَعْلَى رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ، وَأَعَلَّهُ بِعَبْدِ السَّلَامِ بْنِ أَبِي الْجَنُوبِ، وَقَالَ: إنَّهُ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، انْتَهَى.
وَحَدِيثُ عَائِشَةَ: أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي صُفْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَوْصَانِي جَبْرَائِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْجَارِ إلَى أَرْبَعِينَ دَارًا، عَشَرَةٌ مِنْ هَاهُنَا، وَعَشَرَةٌ مِنْ هَاهُنَا، وَعَشَرَةٌ مِنْ هَاهُنَا، وَعَشَرَةٌ مِنْ هَاهُنَا»، انْتَهَى.
وَقَالَ: فِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ.
وَأَمَّا الْمُرْسَلُ: فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْوَانَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنِي أَبِي ثَنَا هِقْلُ بْنُ زِيَادٍ ثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «السَّاكِنُ مِنْ أَرْبَعِينَ دَارًا جَارٌ، قِيلَ لِلزُّهْرِيِّ: وَكَيْفَ أَرَبَعُونَ دَارًا؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ عَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ يَسَارِهِ، وَخَلْفَهُ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ»، انْتَهَى.
وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْوَانَ هَذَا هُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ الطَّاطَرِيُّ، وَهُوَ صَدُوقٌ.
قَالَ: (وَمَنْ أَوْصَى لِأَصْهَارِهِ فَالْوَصِيَّةُ لِكُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ امْرَأَتِهِ) لِمَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمَّا تَزَوَّجَ صَفِيَّةَ أَعْتَقَ كُلَّ مَنْ مَلَكَ مِنْ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهَا إكْرَامًا لَهَا» وَكَانُوا يُسَمَّوْنَ أَصْهَارَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَهَذَا التَّفْسِيرُ اخْتِيَارُ مُحَمَّدٍ وَأَبِي عُبَيْدَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَكَذَا يَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ زَوْجَةِ أَبِيهِ وَزَوْجَةِ ابْنِهِ وَزَوْجَةِ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ لِأَنَّ الْكُلَّ أَصْهَارٌ، وَلَوْ مَاتَ الْمُوصِي وَالْمَرْأَةُ فِي نِكَاحِهِ أَوْ فِي عِدَّتِهِ مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ فَالصِّهْرُ يَسْتَحِقُّ الْوَصِيَّةَ، وَإِنْ كَانَتْ فِي عِدَّةٍ مِنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ لَا يَسْتَحِقُّهَا لِأَنَّ بَقَاءَ الصِّهْرِيَّةِ بِبَقَاءِ النِّكَاحِ وَهُوَ شَرْطٌ عِنْدَ الْمَوْتِ.
الشرح:
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: رُوِيَ «أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا تَزَوَّجَ صَفِيَّةَ أَعْتَقَ كُلَّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهَا، إكْرَامًا لَهَا، وَكَانُوا يُسَمَّوْنَ أَصْهَارَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».
قُلْت: هَكَذَا فِي الْكِتَابِ: صَفِيَّةُ، وَهُوَ وَهْمٌ، وَصَوَابُهُ جَوَيْرِيَةَ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ فِي الْعَتَاقِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «وَقَعَتْ جَوَيْرِيَةَ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ الْمُصْطَلِقِ فِي سَهْمِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، أَوْ ابْنِ عَمٍّ لَهُ، لَفْظُ الْوَاقِدِيِّ بِالْوَاوِ وَابْنِ عَمٍّ لَهُ، قَالَتْ: فَتَخَلَّصَنِي ثَابِتٌ مِنْ ابْنِ عَمِّهِ بِنَخَلَاتٍ بِالْمَدِينَةِ، ثُمَّ كَاتَبَنِي ثَابِتٌ عَلَى مَا لَا طَاقَةَ لِي بِهِ، فَأَعِنِّي الْحَدِيثُ رَجَعَ إلَى رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ فَكَاتَبَتْ عَلَى نَفْسِهَا، وَكَانَتْ امْرَأَةً مُلَاحَةً، تَأْخُذُ الْعَيْنَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَجَاءَتْ تَسْأَلُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كِتَابَتِهَا، فَلَمَّا قَامَتْ عَلَى الْبَابِ رَأَيْتُهَا، فَكَرِهْتُ مَكَانَهَا، وَعَرَفْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيَرَى مِنْهَا سَبِيلَ الَّذِي رَأَيْتُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا جَوَيْرِيَةَ بِنْتُ الْحَارِثِ، وَقَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِي مَا لَا يَخْفَى عَلَيْك، وَإِنِّي وَقَعْت فِي سَهْمِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، وَإِنِّي كَاتَبْت عَلَى نَفْسِي، فَجِئْت أَسْأَلُك فِي كِتَابَتِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَهَلْ لَك إلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ؟ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا هُوَ؟ قَالَ: أُؤَدِّي عَنْكِ كِتَابَتَكِ، وَأَتَزَوَّجُكِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَتْ: قَدْ فَعَلْت، قَالَتْ فَتَسَامَعَ النَّاسُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ تَزَوَّجَ جُوَيْرِيَةَ، فَأَرْسَلُوا مَا بِأَيْدِيهِمْ يَعْنِي مِنْ السَّبْيِ فَأَعْتَقُوهُمْ، وَقَالُوا: أَصْهَارُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: فَمَا رَأَيْنَا امْرَأَةً كَانَتْ أَعْظَمَ بَرَكَةً عَلَى قَوْمِهَا مِنْهَا، أُعْتِقَ فِي سَبِيلِهَا مِائَةُ أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ»، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ رَاهْوَيْهِ، وَالْبَزَّارُ فِي مَسَانِيدِهِمْ وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ رَاهْوَيْهِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي النَّوْعِ الْحَادِيَ عَشَرَ، مِنْ الْقِسْمِ الرَّابِعِ.
وَلَهُ طَرِيقٌ آخَرُ عِنْدَ الْحَاكِمِ فِي الْمُسْتَدْرَكِ فِي الْفَضَائِلِ رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْوَاقِدِيِّ.
وَلَفْظُ الْوَاقِدِيِّ فِي الْمَغَازِي حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ ثَوْبَانَ عَنْ عَائِشَةَ، فَذَكَرَهُ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «أَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَأَخْرَجَ الْخُمُسَ عَنْهُ، ثُمَّ قَسَمَهُ بَيْنَ النَّاسِ، فَأَعْطَى الْفَارِسَ سَهْمَيْنِ، وَالرَّاجِلَ سَهْمًا، فَوَقَعَتْ جَوَيْرِيَةَ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ فِي قِسْمِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ الْأَنْصَارِيِّ، وَكَانَتْ تَحْتَ ابْنِ عَمٍّ لَهَا، يُقَالُ لَهُ: صَفْوَانُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جَذِيمَةَ، فَقُتِلَ عَنْهَا، فَكَاتَبَهَا ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ عَلَى نَفْسِهَا، عَلَى تِسْعِ أَوْرَاقٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَكَانَتْ امْرَأَةً حُلْوَةً، لَا يَكَادُ يَرَاهَا أَحَدٌ إلَّا أَخَذَتْ نَفْسَهُ، قَالَتْ: فَبَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدِي إذْ دَخَلَتْ جَوَيْرِيَةَ تَسْأَلُهُ فِي كِتَابَتِهَا، فَكَرِهْتُ دُخُولَهَا، وَعَلِمْتُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيَرَى مِنْهَا مِثْلَ الَّذِي رَأَيْتُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا امْرَأَةٌ مُسْلِمَةٌ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّك رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَا جَوَيْرِيَةَ بِنْتُ الْحَارِثِ، سَيِّدِ قَوْمِهِ، وَقَدْ أَصَابَنِي مِنْ الْأَمْرِ مَا قَدْ عَلِمْتَ، فَوَقَعْتُ فِي سَهْمِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ، فَكَاتَبَنِي عَلَى مَا لَا طَاقَةَ لِي بِهِ، وَمَا أَكْرَهَنِي عَلَى ذَلِكَ إلَّا أَنِّي رَجَوْتُك صَلَّى اللَّهُ عَلَيْك، فَأَعِنِّي فِي فِكَاكِي، فَقَالَ: أَوَخَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَتْ: مَا هُوَ؟ قَالَ: أُؤَدِّي عَنْكِ كِتَابَتَكِ، وَأَتَزَوَّجُكِ.
قَالَتْ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَتْ: قَدْ فَعَلْتُ، فَأَدَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَ عَلَيْهَا مِنْ كِتَابَتِهَا، وَتَزَوَّجَهَا، وَخَرَجَ، فَخَرَجَ الْخَبَرُ إلَى النَّاسِ، فَقَالُوا: أَصْهَارُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْتَرَقُّونَ؟ فَأَعْتَقُوا مَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ سَبْيِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَبَلَغُوا مِائَةُ أَهْلِ بَيْتٍ، قَالَتْ: فَلَا أَعْلَمُ امْرَأَةً كَانَتْ عَلَى قَوْمِهَا أَعْظَمَ بَرَكَةً مِنْهَا»
، انْتَهَى.
هَكَذَا رَوَاهُ الْوَاقِدِيُّ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي، وَالْحَاكِمُ نَقَصَ مِنْهُ التَّارِيخَ، وَزَادَ فِيهِ قَوْلَهُ: وَذَلِكَ مُنْصَرَفَهُ مِنْ غَزْوَةِ الْمُرَيْسِيعِ، وَزَادَ فِيهِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى: وَكَانَ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي ضِرَارٍ رَأْسَ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، وَسَيِّدَهُمْ وَكَانَتْ ابْنَتُهُ جَوَيْرِيَةَ اسْمُهَا بَرَّةُ، فَسَمَّاهَا عَلَيْهِ السَّلَامُ جُوَيْرِيَةَ، لِأَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُقَالَ: خَرَجَ مِنْ بَيْتِ بَرَّةَ، وَيُقَالُ: «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ صَدَاقَهَا عِتْقَ كُلِّ أَسِيرٍ مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، وَيُقَالُ: جَعَلَ صَدَاقَهَا عِتْقَ أَرْبَعِينَ مِنْ قَوْمِهَا»، انْتَهَى.
وَسَكَتَ عَنْهُ، وَرَوَاهُ ابْنُ هِشَامٍ فِي سِيرَتِهِ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، مِنْ طَرِيقِ ابْنِ إِسْحَاقَ بِسَنَدِ أَبِي دَاوُد وَمَتْنِهِ، سَوَاءً، قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُفْرَدِ فِي الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ: رَأَيْت عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَحْتَجُّ بِحَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَقَالَ: عَلِيٌّ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا يَتَّهِمُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ، وَقَالَ لِي إبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ أَنَّ الزُّهْرِيَّ كَانَ يَتَلَقَّفُ الْمَغَازِيَ مِنْ ابْنِ إِسْحَاقَ، فِيمَا يُحَدِّثُهُ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، وَاَلَّذِي يُذْكَرُ عَنْ مَالِكٍ فِي ابْنِ إِسْحَاقَ لَا يَكَادُ يَتَبَيَّنُ، وَكَانَ إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ يَقُولُ: أَخْرَجَ إلَيَّ مَالِكٌ كُتُبَ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِيهِ فِي الْمَغَازِي، وَغَيْرِهَا، فَانْتَخَبْتُ مِنْهَا كَثِيرًا، وَقَالَ لِي إبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ: كَانَ عِنْدَ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ نَحْوٌ مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ حَدِيثٍ فِي الْأَحْكَامِ، سِوَى الْمَغَازِي، وَكَانَ إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ مِنْ أَكْثَرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ حَدِيثًا فِي زَمَانِهِ، وَلَوْ صَحَّ عَنْ مَالِكٍ تَنَاوُلُهُ مِنْ ابْنِ إِسْحَاقَ.
فَلَرُبَّمَا تَكَلَّمَ الْإِنْسَانُ فَيَرْمِي صَاحِبَهُ بِشَيْءٍ وَاحِدٍ، وَلَا يَتَّهِمُهُ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا، وَقَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُلَيْحِ: نَهَانِي مَالِكٌ عَنْ شَيْخَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ، وَقَدْ أَكْثَرَ عَنْهُمَا فِي الْمُوَطَّإِ، وَهُمَا مَنْ يَحْتَجُّ بِهِمَا، وَلَمْ يَنْجُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ مِنْ كَلَامِ بَعْضِ النَّاسِ، وَذَلِكَ نَحْوُ مَا يُذْكَرُ عَنْ إبْرَاهِيمَ فِي كَلَامِهِ فِي الشَّعْبِيِّ، وَكَلَامِ الشَّعْبِيِّ فِي عِكْرِمَةَ، وَكَذَلِكَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ أَهْلُ الْعِلْمِ إلَى ذَلِكَ، وَلَا سَقَطَتْ عَدَالَةُ أَحَدٍ إلَّا بِبُرْهَانٍ ثَابِتٍ، وَحُجَّةٍ، وَقَالَ عُبَيْدُ بْنُ يَعِيشَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْر، قَالَ: سَمِعْت شُعْبَةَ يَقُولُ: مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ أَمِيرُ الْمُحَدِّثِينَ لِحِفْظِهِ، وَرَوَى عَنْهُ الثَّوْرِيُّ، وَابْنُ إدْرِيسَ، وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، وَابْنُ عُلَيَّةَ، وَعَبْدُ الْوَارِثِ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَاحْتَمَلَهُ أَحْمَدُ، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَعَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: نَظَرْتُ كِتَابَ ابْنِ إِسْحَاقَ، فَمَا وَجَدْتُ عَلَيْهِ إلَّا فِي حَدِيثَيْنِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَا صَحِيحَيْنِ، وَمَا ذُكِرَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّهُ قَالَ: كَيْفَ يَدْخُلُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَلَى امْرَأَتِي؟ إنْ صَحَّ ذَلِكَ عَنْهُ، فَجَائِزٌ أَنْ تَكْتُبَ إلَيْهِ، فَإِنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ يَرَوْنَ الْكِتَابَ جَائِزًا، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَتَبَ لِأَمِيرِ السَّرِيَّةِ كِتَابًا، وَقَالَ لَهُ: لَا تَقْرَأْ حَتَّى تَبْلُغَ مَكَانَ كَذَا، فَلَمَّا بَلَغَ فَتَحَ الْكِتَابَ، وَقَرَأَهُ، وَعَمِلَ بِمَا فِيهِ، وَكَذَلِكَ الْخُلَفَاءُ، وَالْأَئِمَّةُ، يَقْضُونَ بِكِتَابِ بَعْضِهِمْ إلَى بَعْضٍ»، وَجَائِزٌ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ سَمِعَ مِنْهَا، وَهِيَ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَهِشَامٌ لَمْ يَشْهَدْ، انْتَهَى كَلَامُهُ بِحُرُوفِهِ.
قَالَ: (وَمَنْ أَوْصَى لِأَخْتَانِهِ فَالْوَصِيَّةُ لِزَوْجِ كُلِّ ذَاتِ رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ، وَكَذَا مَحَارِمُ الْأَزْوَاجِ) لِأَنَّ الْكُلَّ يُسَمَّى خَتَنًا، قِيلَ هَذَا فِي عُرْفِهِمْ، وَفِي عُرْفِنَا لَا يَتَنَاوَلُ الْأَزْوَاجَ الْمَحَارِمَ وَيَسْتَوِي فِيهِ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَالْأَقْرَبُ وَالْأَبْعَدُ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَتَنَاوَلُ الْكُلَّ.
قَالَ: (وَمَنْ أَوْصَى لِأَقَارِبِهِ فَهِيَ لِلْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنْ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْوَالِدَانِ وَالْوَلَدُ وَيَكُونُ ذَلِكَ لِلِاثْنَيْنِ فَصَاعِدًا، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَقَالَ صَاحِبَاهُ: الْوَصِيَّةُ لِكُلِّ مَنْ يُنْسَبُ إلَى أَقْصَى أَبٍ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ) وَهُوَ أَوَّلُ أَبٍ أَسْلَمَ أَوْ أَوَّلُ أَبٍ أَدْرَكَ الْإِسْلَامَ، وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ عَلَى حَسْبِ مَا اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ، وَفَائِدَةُ الِاخْتِلَافِ تَظْهَرُ فِي أَوْلَادِ أَبِي طَالِبٍ، فَإِنَّهُ أَدْرَكَ الْإِسْلَامَ وَلَمْ يُسْلِمْ لَهُمَا أَنَّ الْقَرِيبَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْقَرَابَةِ فَيَكُونُ اسْمًا لِمَنْ قَامَتْ بِهِ فَيَنْتَظِمُ بِحَقِيقَتِهِ مَوَاضِعِ الْخِلَافِ.
وَلَهُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ أُخْتُ الْمِيرَاثِ، وَفِي الْمِيرَاثِ يُعْتَبَرُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ وَالْمُرَادُ بِالْجَمِيعِ الْمَذْكُورُ فِيهِ اثْنَانِ فَكَذَا فِي الْوَصِيَّةِ، وَالْمَقْصِدُ مِنْ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ تَلَافِي مَا فَرَّطَ فِي إقَامَةِ وَاجِبِ الصِّلَةِ وَهُوَ يَخْتَصُّ بِذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ مِنْهُ، وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ قَرَابَةُ الْوِلَادِ فَإِنَّهُمْ لَا يُسَمَّوْنَ أَقْرِبَاءَ، وَمَنْ سَمَّى وَلَدَهُ قَرِيبًا كَانَ مِنْهُ عُقُوقًا، وَهَذَا لِأَنَّ الْقَرِيبَ فِي عُرْفِ اللِّسَانِ مَنْ يَتَقَرَّبُ إلَى غَيْرِهِ بِوَسِيلَةِ غَيْرِهِ وَتَقَرُّبُ الْوَالِدِ وَالْوَلَدِ بِنَفْسِهِ لَا بِغَيْرِهِ، وَلَا مُعْتَبَرَ بِظَاهِرِ اللَّفْظِ بَعْدَ انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى تَرْكِهِ، فَعِنْدَهُ يُقَيَّدُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَعِنْدَهُمَا بِأَقْصَى الْأَبِ فِي الْإِسْلَامِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ بِالْأَبِ الْأَدْنَى.
قَالَ: (وَإِذَا أَوْصَى لِأَقَارِبِهِ وَلَهُ عَمَّانِ وَخَالَانِ فَالْوَصِيَّةُ لِعَمَّيْهِ) عِنْدَهُ اعْتِبَارًا لِلْأَقْرَبِ كَمَا فِي الْإِرْثِ، وَعِنْدَهُمَا بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا إذْ هُمَا لَا يُعْتَبَرَانِ الْأَقْرَبَ.
(وَلَوْ تَرَكَ عَمًّا وَخَالَيْنِ فَلِلْعَمِّ نِصْفُ الْوَصِيَّةِ وَالنِّصْفُ لِلْخَالَيْنِ) لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ مَعْنَى الْجَمْعِ وَهُوَ الِاثْنَانِ فِي الْوَصِيَّةِ كَمَا فِي الْمِيرَاثِ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى لِذِي قَرَابَتِهِ حَيْثُ يَكُونُ لِلْعَمِّ كُلُّ الْوَصِيَّةِ، لِأَنَّ اللَّفْظَ لِلْفَرْدِ فَيُحْرِزُ الْوَاحِدُ كُلَّهَا إذْ هُوَ الْأَقْرَبُ، وَلَوْ كَانَ لَهُ عَمٌّ وَاحِدٌ فَلَهُ نِصْفُ الثُّلُثِ لِمَا بَيَّنَّاهُ، وَلَوْ تَرَكَ عَمًّا وَعَمَّةً وَخَالًا وَخَالَةً فَالْوَصِيَّةُ لِلْعَمِّ وَالْعَمَّةِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ لِاسْتِوَاءِ قَرَابَتِهِمَا وَهِيَ أَقْوَى، وَالْعَمَّةُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَارِثَةً فَهِيَ مُسْتَحِقَّةٌ لِلْوَصِيَّةِ كَمَا لَوْ كَانَ الْقَرِيبُ رَقِيقًا أَوْ كَافِرًا، وَكَذَا إذَا أَوْصَى لِذَوِي قَرَابَتِهِ أَوْ لِأَقْرِبَائِهِ أَوْ لِأَنْسِبَائِهِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ لَفْظُ جَمْعٍ، وَلَوْ انْعَدَمَ الْمَحْرَمُ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ لِأَنَّهَا مُقَيَّدَةٌ بِهَذَا الْوَصْفِ.
قَالَ: (وَمَنْ أَوْصَى لِأَهْلِ فُلَانٍ فَهِيَ عَلَى زَوْجَتِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ).
وَقَالَ: يَتَنَاوَلُ كُلَّ مَنْ يَعُولُهُمْ وَتَضْمَنُهُمْ نَفَقَتُهُ اعْتِبَارًا لِلْعُرْفِ، وَهُوَ مُؤَيَّدٌ بِالنَّصِّ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ} وَلَهُ أَنَّ اسْمَ الْأَهْلِ حَقِيقَةٌ فِي الزَّوْجَةِ يَشْهَدُ بِذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {وَسَارَ بِأَهْلِهِ} وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: تَأَهَّلَ بِبَلْدَةِ كَذَا وَالْمُطْلَقُ يَنْصَرِفُ إلَى الْحَقِيقَةِ.
قَالَ: (وَلَوْ أَوْصَى لِآلِ فُلَانٍ فَهُوَ لِأَهْلِ بَيْتِهِ) لِأَنَّ الْآلُ الْقَبِيلَةُ الَّتِي يُنْسَبُ إلَيْهَا.
وَلَوْ أَوْصَى لِأَهْلِ بَيْتِ فُلَانٍ يَدْخُلُ فِيهِ أَبُوهُ وَجَدُّهُ لِأَنَّ الْأَبَ أَصْلُ الْبَيْتِ.
وَلَوْ أَوْصَى لِأَهْلِ نَسَبِهِ أَوْ لِجِنْسِهِ فَالنَّسَبُ عِبَارَةٌ عَمَّنْ يُنْسَبُ إلَيْهِ، وَالنَّسَبُ يَكُونُ مِنْ جِهَةِ الْآبَاءِ وَجِهَةِ أَهْلِ بَيْتِ أَبِيهِ دُونَ أُمِّهِ، لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَتَجَنَّسُ بِأَبِيهِ بِخِلَافِ قَرَابَتِهِ، حَيْثُ تَكُونُ مِنْ جَانِبِ الْأُمِّ وَالْأَبِ.
وَلَوْ أَوْصَى لِأَيْتَامِ بَنِي فُلَانٍ أَوْ لِعُمْيَانِهِمْ أَوْ لِزَمْنَاهُمْ أَوْ لِأَرَامِلِهِمْ إنْ كَانُوا قَوْمًا يُحْصَوْنَ دَخَلَ فِي الْوَصِيَّةِ فُقَرَاؤُهُمْ وَأَغْنِيَاؤُهُمْ ذُكُورُهُمْ وَإِنَاثُهُمْ، لِأَنَّهُ أَمْكَنَ تَحْقِيقُ التَّمْلِيكِ فِي حَقِّهِمْ وَالْوَصِيَّةُ تَمْلِيكٌ، وَإِنْ كَانُوا لَا يُحْصَوْنَ فَالْوَصِيَّةُ فِي الْفُقَرَاءِ مِنْهُمْ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْوَصِيَّةِ الْقُرْبَةُ وَهِيَ فِي سَدِّ الْخُلَّةِ وَرَدِّ الْجَوْعَةِ، وَهَذِهِ الْأَسَامِي تُشْعِرُ بِتَحَقُّقِ الْحَاجَةِ فَجَازَ حَمْلُهُ عَلَى الْفُقَرَاءِ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى لِشُبَّانِ بَنِي فُلَانٍ وَهُمْ لَا يُحْصَوْنَ أَوْ لِأَيَامَى بَنِي فُلَانٍ وَهُمْ لَا يُحْصَوْنَ حَيْثُ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي اللَّفْظِ مَا يُنْبِئُ عَنْ الْحَاجَةِ، فَلَا يُمْكِنُ صَرْفُهُ إلَى الْفُقَرَاءِ، وَلَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ تَمْلِيكًا فِي حَقِّ الْكُلِّ لِلْجَهَالَةِ الْمُتَفَاحِشَةِ وَتَعَذُّرِ الصَّرْفِ إلَيْهِمْ.
وَفِي الْوَصِيَّةِ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، يَجِبُ الصَّرْفُ إلَى اثْنَيْنِ مِنْهُمْ اعْتِبَارًا لِمَعْنَى الْجَمْعِ وَأَقَلُّهُ اثْنَانِ فِي الْوَصَايَا عَلَى مَا مَرَّ.
وَلَوْ أَوْصَى لِبَنِي فُلَانٍ يَدْخُلُ فِيهِمْ الْإِنَاثُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَوَّلَ قَوْلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُهُمَا لِأَنَّ جَمْعَ الذُّكُورِ يَتَنَاوَلُ الْإِنَاثَ، ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ يَتَنَاوَلُ الذُّكُورَ خَاصَّةً، لِأَنَّ حَقِيقَةَ الِاسْمِ لِلذُّكُورِ وَانْتِظَامُهُ لِلْإِنَاثِ تَجَوُّزٌ وَالْكَلَامُ لِحَقِيقَتِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بَنُو فُلَانٍ اسْمَ قَبِيلَةٍ أَوْ فَخْذٍ حَيْثُ يَتَنَاوَلُ الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ لِأَنَّهُ لَيْسَ يُرَادُ بِهَا أَعْيَانُهُمْ إذْ هُوَ مُجَرَّدُ الِانْتِسَابِ كَبَنِي آدَمَ، وَلِهَذَا يَدْخُلُ فِيهِ مَوْلَى الْعَتَاقَةِ وَالْمُوَالَاةِ وَحُلَفَاؤُهُمْ.
قَالَ: (وَمَنْ أَوْصَى لِوَلَدِ فُلَانٍ فَالْوَصِيَّةُ بَيْنَهُمْ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاءٌ) لِأَنَّ اسْمَ الْوَلَدِ يَنْتَظِمُ الْكُلَّ انْتِظَامًا وَاحِدًا.
(وَمَنْ أَوْصَى لِوَرَثَةِ فُلَانٍ فَالْوَصِيَّةُ بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) لِأَنَّهُ لَمَّا نَصَّ عَلَى لَفْظِ الْوَرَثَةِ آذَنَ ذَلِكَ بِأَنَّ قَصْدَهُ التَّفْضِيلُ كَمَا فِي الْمِيرَاثِ،
وَمَنْ أَوْصَى لِمَوَالِيهِ وَلَهُ مَوَالٍ أَعْتَقَهُمْ وَمَوَالٍ أَعْتَقُوهُ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ: إنَّ الْوَصِيَّةَ لَهُمْ جَمِيعًا، وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخِرَ أَنَّهُ يُوقَفُ حَتَّى يُصَالِحُوا لَهُ لِأَنَّ الِاسْمَ يَتَنَاوَلُهُمْ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ يُسَمَّى مَوْلًى فَصَارَ كَالْإِخْوَةِ.
وَلَنَا أَنَّ الْجِهَةَ مُخْتَلِفَةٌ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا يُسَمَّى مَوْلَى النِّعْمَةِ، وَالْآخَرُ مُنْعَمٌ عَلَيْهِ فَصَارَ مُشْتَرَكًا، فَلَا يَنْتَظِمُهَا لَفْظٌ وَاحِدٌ فِي مَوْضِعِ الْإِثْبَاتِ، بِخِلَافِ مَا إذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ مَوَالِيَ فُلَانٍ حَيْثُ يَتَنَاوَلُ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلَ لِأَنَّهُ مَقَامُ النَّفْيِ وَلَا يُنَافِيَ فِيهِ، وَيَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْوَصِيَّةِ مَنْ أَعْتَقَهُ فِي الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ وَلَا يَدْخُلُ مُدَبَّرُوهُ وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ لِأَنَّ عِتْقَ هَؤُلَاءِ يَثْبُتُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْوَصِيَّةُ تُضَافُ إلَى حَالَةِ الْمَوْتِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ الِاسْمِ قَبْلَهُ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ، لِأَنَّ سَبَبَ الِاسْتِحْقَاقِ لَازِمٌ، وَيَدْخُلُ فِيهِ عَبْدٌ قَالَ لَهُ مَوْلَاهُ: إنْ لَمْ أَضْرِبْك فَأَنْتَ حُرٌّ، لِأَنَّ الْعِتْقَ يَثْبُتُ قُبَيْلَ الْمَوْتِ عِنْدَ تَحَقُّقِ عَجْزِهِ وَلَوْ كَانَ لَهُ مَوَالٍ وَأَوْلَادُ مَوَالٍ وَمَوَالِي مُوَالَاةٍ يَدْخُلُ فِيهَا مُعْتَقُوهُ وَأَوْلَادُهُمْ دُونَ مَوَالِي الْمُوَالَاةِ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ أَيْضًا وَالْكُلُّ شُرَكَاءُ، لِأَنَّ الِاسْمَ يَتَنَاوَلُهُمْ عَلَى السَّوَاءِ.
وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ: الْجِهَةُ مُخْتَلِفَةٌ فِي مُعْتَقِ الْإِنْعَامِ وَفِي الْمَوَالِي عَقْدُ الِالْتِزَامِ وَالْإِعْتَاقُ لَازِمٌ، فَكَانَ الِاسْمُ لَهُ أَحَقَّ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِمْ مَوَالِي الْمَوَالِي لِأَنَّهُمْ مَوَالِي غَيْرِهِ حَقِيقَةً، بِخِلَافِ مَوَالِيه وَأَوْلَادِهِمْ لِأَنَّهُمْ يُنْسَبُونَ إلَيْهِ بِإِعْتَاقٍ وُجِدَ مِنْهُ، وَبِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَوَالٍ وَلَا أَوْلَادُ الْمَوَالِي لِأَنَّ اللَّفْظَ لَهُمْ مَجَازٌ فَيُصْرَفُ إلَيْهِ عِنْدَ تَعَذُّرِ اعْتِبَارِ الْحَقِيقَةِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ مُعْتَقٌ وَاحِدٌ وَمَوَالِي الْمَوَالِي فَالنِّصْفُ لِمُعْتَقِهِ وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ، وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ مَوَالٍ أَعْتَقَهُمْ ابْنُهُ أَوْ أَبُوهُ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِمَوَالِيهِ لَا حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا، وَإِنَّمَا يُحْرِزُ مِيرَاثَهُمْ بِالْعُصُوبَةِ بِخِلَافِ مُعْتَقِ الْبَعْضِ، لِأَنَّهُ يُنْسَبُ إلَيْهِ بِالْوَلَاءِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.