فصل: كتاب الكفالة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية **


 أحاديث مختلفة

 أحاديث الخصوم

واستدل صاحب ‏"‏التنقيح‏"‏ لمذهبه في صحة السلم في الحيوان بحديث أخرجه أبو داود في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏عند أبي داود في ‏"‏البيوع - بعد باب في الحيوان بالحيوان نسيئة‏"‏ ص 121 - ج 2، وفيه عن عمرو بن حريش عن عبد اللّه بن عمر - بدون - الواو، وفي ‏"‏المستدرك - في البيوع - باب النهي عن السلف في الحيوان‏"‏ ص 56 - ج 2 عن يزيد بن أبي حبيب عن مسلم بن جبير عن أبي سفيان عن عبد اللّه بن عمر، ولم يذكر فيه عمرو بن حريش بين أبي سفيان، وعبد اللّه، وفي الدارقطني‏:‏ ص 318 بطريقين، فطريق حماد بن سلمة يوافق ما رواه أبو داود، وطريق جرير بن حازم فيه تقديم أبي سفيان على مسلم بن جبير‏]‏ عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن مسلم بن جبير عن أبي سفيان عن عمرو بن حريش عن عبد اللّه بن عمرو أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أمره أن يجهز جيشًا، فنفدت الإبل، فأمره أن يأخذ من قلائص الصدقة، فكان يأخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة، انتهى‏.‏ ورواه أحمد في ‏"‏مسنده‏"‏، والحاكم في ‏"‏المستدرك‏"‏، وقال‏:‏ حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، انتهى‏.‏ قال ابن القطان في ‏"‏كتابه‏"‏‏:‏ هذا حديث ضعيف، مضطرب الإسناد، فرواه حماد بن سلمة عن ابن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن مسلم بن جبير عن أبي سفيان عن عمرو بن حريش عن ابن عمرو، هكذا أورده أبو داود، ورواه جرير بن حازم عن ابن إسحاق، فأسقط يزيد بن أبي حبيب، وقدم أبا سفيان على مسلم بن جبير فقال فيه‏:‏ عن ابن إسحاق عن أبي سفيان عن مسلم بن جبير عن عمرو بن حريش، ذكر هذه الرواية الدارقطني، ورواه عفان عن حماد بن سلمة، فقال فيه‏:‏ عن ابن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن مسلم بن أبي سفيان عن عمرو بن حريش، ورواه عبد الأعلى عن ابن إسحاق عن أبي سفيان عن مسلم بن كثير عن عمرو بن الحريش، فذكره، ورواه عن عبد الأعلى ابن أبي شيبة، فأسقط يزيد بن أبي حبيب، وقدم أبا سفيان، كما فعل جرير بن حازم، إلا أنه قال في مسلم بن جبير‏:‏ مسلم بن كثير، ومع هذا الاضطراب فعمرو بن حريش مجهول الحال، ومسلم بن جبير لم أجد له ذكرًا، ولا أعلمه في غير هذا الإسناد، وكذلك مسلم مجهول الحال أيضًا إذا كان عن أبي سفيان، وأبو سفيان فيه نظر‏.‏ انتهى كلامه‏.‏ وقد يعترض على هذا الحديث بحديث النهي عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، رواه ابن عباس، وسمرة بن جندب، وجابر بن عبد اللّه، وجابر بن سمرة، وابن عمر‏.‏

- فحديث ابن عباس أخرجه ابن حبان في ‏"‏صحيحه‏"‏ في القسم الثاني منه، عن سفيان عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن ابن عباس، أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، انتهى‏.‏ ورواه عبد الرزاق في ‏"‏مصنفه‏"‏ حدثنا معمر به، وكذلك رواه الدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏عند الدارقطني في ‏"‏البيوع‏"‏ ص 319 - ج 2‏]‏ والبزار في ‏"‏مسنده‏"‏ قال البزار‏:‏ ليس في الباب أجلّ إسنادًا من هذا، انتهى‏.‏ قال البيهقي في ‏"‏المعرفة‏"‏‏:‏ الصحيح في هذا الحديث عن عكرمة مرسل، هكذا رواه غير واحد عن معمر، وكذلك رواه علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير انتهى‏.‏ قلت‏:‏ أخرجه الطبراني في ‏"‏معجمه‏"‏ عن داود بن عبد الرحمن العطار عن معمر به مسندًا‏.‏

- وأما حديث سمرة‏:‏ فأخرجه أصحاب السنن الأربعة ‏[‏عند أبي داود في ‏"‏البيوع - باب في الحيوان بالحيوان نسيئة‏"‏ ص 121 - ج 2، وعند الترمذي فيه ‏"‏باب ما جاء في كراهية بيع الحيوان بالحيوان‏"‏ ص 160 - ج 1، قال الترمذي‏:‏ والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم وغيرهم في بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، وهو قول سفيان الثوري، وأهل الكوفة، وبه يقول أحمد، الخ‏.‏ وعند ابن ماجه فيه ‏"‏باب الحيوان بالحيوان نسيئة، ص 165 - ج 2، وعند النسائي ‏"‏باب بيع الحيوان بالحيوان نسيئة‏"‏ ص 225 - ج 2‏]‏ عن الحسن عن سمرة أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، انتهى‏.‏ قال الترمذي‏:‏ حديث حسن صحيح، قال البيهقي في ‏"‏المعرفة‏"‏‏:‏ قال الشافعي‏:‏ حديث النهي عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة غير ثابت، قال البيهقي‏:‏ وأكثر الحفاظ لا يثبتون سماع الحسن من سمرة في غير حديث العقيقة، انتهى‏.‏

- وأما حديث جابر بن عبد اللّه‏:‏ فأخرجه الترمذي ‏[‏عند الترمذي في ‏"‏البيوع - باب ما جاء في كراهية بيع الحيوان بالحيوان‏"‏ ص 160‏]‏ عن الحجاج بن أرطأة عن أبي الزبير عن جابر، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏الحيوان اثنين بواحد، لا يصلح نسأ، ولا بأس به يدًا بيد‏"‏، انتهى‏.‏ وقال‏:‏ حديث حسن‏.‏

- وأما حديث جابر بن سمرة‏:‏ فرواه الطبراني في ‏"‏معجمه‏"‏ حدثنا أحمد بن زهير التستري ثنا إبراهيم بن راشد الأدمي ثنا داود بن مهران ثنا محمد بن الفضل بن عطية عن سماك عن جابر بن سمرة أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، انتهى‏.‏

- وأما حديث ابن عمر‏:‏ فأخرجه الطبراني أيضًا عن محمد بن دينار الطاحي ثنا يونس بن عبيد عن زياد بن جبير عن ابن عمر، نحوه سواء، قال البيهقي في ‏"‏المعرفة‏"‏‏:‏ ومحمد بن دينار هذا ضعفه ابن معين، وقال الترمذي‏:‏ سألت البخاري عن هذا الحديث، فقال‏:‏ إنما يروى عن زياد بن جبير عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ مرسلًا، انتهى‏.‏ قلت‏:‏ رواه أحمد في ‏"‏مسنده‏"‏ حدثنا حسين بن محمد ثنا خلف بن خليفة عن أبي حسان عن أبيه عن ابن عمر، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏لا تبيعوا الدينار بالدينارين، ولا الدرهم بالدرهمين، فقال رجل‏:‏ يا رسول اللّه أرأيت الرجل يبيع الفرس بالأفراس، والبختية بالإبل، قال‏:‏ لا بأس إذا كان يدًا بيد‏"‏، انتهى‏.‏ وذكر ابن الجوزي من هذه الأحاديث الثلاثة الأول، ثم قال‏:‏ وهذه الأحاديث محمولة على أن يكون النسأ فيها من الطرفين، فيبيع شيئًا في ذمته، بشيء في ذمة الآخر، انتهى‏.‏

- الحديث الرابع‏:‏ قال عليه السلام‏:‏

- ‏"‏لا تسلفوا في الثمار حتى يبدو صلاحها‏"‏،

قلت‏:‏ أخرجه أبو داود، وابن ماجه ‏[‏عند أبي داود في ‏"‏البيوع - باب في السلم في ثمرة بعينها‏"‏ ص 135 - ج 2، وعند ابن ماجه في ‏"‏البيوع باب إذا أسلم في نخل بعينه لم يطلع‏"‏ ص 166، وحديث أبي البختري الآتي عن ابن عمرو عن ابن عباس، عند البخاري في ‏"‏المسلم - باب السلم إلى من ليس عنده أصل‏"‏ ص 299 - ج 1‏]‏ واللفظ له عن أبي إسحاق عن رجل نجراني، قلت لعبد اللّه بن عمر‏:‏ أسلم في نخل قبل أن يطلع‏؟‏ قال‏:‏ لا، قلت‏:‏ لم‏؟‏ قال‏:‏ لأن رجلًا أسلم في حديقة نخل على عهد رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قبل أن يطلع النخل فلم تطلع النخل شيئًا ذلك العام، فقال المشتري‏:‏ هو لي حتى يطلع، وقال البائع‏:‏ إنما بعتك النخل هذه السنة، فاختصما إلى رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فقال للبائع‏:‏ أخذ من نخلك شيئًا‏؟‏ قال‏:‏ لا، قال‏:‏ بم تستحل ماله‏؟‏ أردد عليه ما أخذت منه، ولا تسلموا في نخل حتى يبدو صلاحه، انتهى‏.‏ وغفل المنذري في ‏"‏مختصره‏"‏ عن ابن ماجه، فلم يعزه إليه، وإنما قال‏:‏ في إسناده رجل مجهول، انتهى‏.‏ وذكره عبد الحق في ‏"‏أحكامه‏"‏ من جهة أبي داود، وقال‏:‏ إسناده منقطع، انتهى‏.‏ وأخرج البخاري عن أبي البختري، قال‏:‏ سألت ابن عمر عن السلم في النخل، فقال‏:‏ نهى رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ عن بيع النخل حتى يصلح، وعن بيع الورق نسأ بناجز، وسألت ابن عباس عن السلم في النخل، فقال‏:‏ نهى رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ عن بيع النخل حتى يؤكل منه، انتهى‏.‏ وأخرج الطبراني في ‏"‏المعجم الوسط‏"‏ حدثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو ثنا أبو اليمان ثنا حريز بن عثمان عن حبيب بن عبيد عن أبي بشر عن أبي هريرة عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال‏:‏ مطل الغني ظلم، وإن أحالك على مليء فاحتل، ولا تقربوا حبالى السبي حتى يضعن، ولا تسلموا في ثمرة حتى يأمن عليها صاحبها العاهة، انتهى‏.‏ ورواه في ‏"‏مسند الشاميين‏"‏ حدثنا أبو زرعة عن علي بن عياش ثنا حريز بن عثمان به‏.‏

 أحاديث مختلفة

 أحاديث الخصوم

واحتج ابن الجوزي في ‏"‏التحقيق‏"‏ للشافعي، وأحمد على جواز السلم في المعدوم وقت العقد، إذا كان موجودًا عند المحل بحديث ابن عباس المتقدم‏:‏ من أسلف فليسلف في كيل معلوم، إلى آخره، وبحديث أخرجه البخاري ‏[‏عند البخاري في ‏"‏السلم‏"‏ ص 299، وص 300 - ج 1‏]‏ في ‏"‏صحيحه‏"‏ عن محمد بن أبي المجالد، مولى بني هاشم، قال أرسلني بن شداد، وأبو بردة، وقالا‏:‏ انطلق إلى ابن أبي أوفى، فقل له‏:‏ إن عبد اللّه بن شداد، وأبا بردة يقرئانك السلام، ويقولان‏:‏ هل كنتم تسلفون في عهد رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ في البر والشعير والزيت‏؟‏ قال‏:‏ نعم كنا نصيب غنائم في عهد رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فنسلفها في البر والشعير والزيت والتمر، فقلت‏:‏ عند من كان له زرع، أو عند من لم يكن له زرع‏؟‏ فقال‏:‏ ما كنا نسألهم عن ذلك، فقالا‏:‏ انطلق إلى عبد الرحمن بن أبزى فأسأله، فانطلق فسأله، فقال مثل ما قال ابن أبي أوفى، انتهى‏.‏ وكان وجه الدلالة من الأول أنه استقصى شرائط السلم فيه، ولم يذكر فيه وجوده عند العقد، والمحل، ومن الثاني ترك الاستقصاء، فإنه قال‏:‏ ما كنا نسألهم عن ذلك، واللّه أعلم‏.‏

- الحديث الخامس‏:‏ قوله‏:‏

- ولا يجوز السلم إلا مؤجلًا، وقال الشافعي‏:‏ يجوز لإطلاق الحديث‏:‏ ‏"‏ورخص في السلم‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ يشير إلى الحديث المتقدم أول الباب‏:‏ نهى عن بيع ما ليس عند الإنسان، ورخص في السلم، وهذا يدل على أن المصنف جعله حديثًا واحدًا‏.‏

- الحديث السادس‏:‏ قال عليه السلام‏:‏

- ‏"‏إلى أجل معلوم‏"‏،

قلت‏:‏ تقدم‏.‏

- الحديث السابع‏:‏ قال عليه السلام‏:‏

- ‏"‏أرأيت لو أذهب اللّه الثمرة، بم يستحل أحدكم مال أخيه المسلم‏؟‏‏!‏‏"‏

قلت‏:‏ غريب في هذا المعنى، فإن المصنف قال‏:‏ ولا يجوز السلم في طعام قرية بعينها‏.‏ أو ثمرة نخلة بعينها، لأنه قد يعتريه آفة فلا قدرة على التسليم، وإليه أشار عليه السلام حيث قال‏:‏ أرأيت لو أذهب اللّه الثمرة، بم يستحل أحدكم مال أخيه المسلم‏؟‏، وهذا اللفظ إنما ورد في ‏"‏البيع‏"‏، كما أخرجه البخاري، ومسلم ‏[‏عند البخاري في ‏"‏البيوع - باب إذا باع الثمار قبل أن يبدو صلاحها‏"‏ ص 193 - ج 1، وعند مسلم في ‏"‏البيوع - باب وضع الجوائح‏"‏ ص 16 - ج 2، وكذا حديث جابر عند مسلم‏:‏ ص 16 - ج 2‏]‏ عن حميد عن أنس أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ نهى عن بيع ثمر النخل حتى يزهو، فقلت لأنس‏:‏ ما زهوها‏؟‏ قال‏:‏ تحمر وتصفر، أرأيتك إن منع اللّه الثمرة، بم تستحل مال أخيك‏؟‏‏.‏ انتهى‏.‏ وأخرجه مسلم عن أبي الزبير عن جابر أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قال‏:‏ ‏"‏لو بعت من أخيك تمرًا فأصابه جائحة، فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئًا، ثم تأخذ مال أخيك بغير حق، انتهى‏.‏ وأما في السلم فلا أعرف ورود هذا، لكن في ‏"‏الصحيحين‏"‏ أيضًا عن أنس أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قال‏:‏ إن لم يثمرها اللّه فبم يستحل أحدكم مال أخيه‏؟‏، انتهى‏.‏ هل يؤخذ بإطلاق هذا اللفظ، فيدخل فيه السلم أيضًا أو يصرف إلى البيع، كالأول‏؟‏ فيه نظر، ويعاد فيه التأمل‏.‏

- الحديث الثامن‏:‏ النهي عن بيع الكالي بالكالي، تقدم‏.‏

- الحديث التاسع‏:‏ قال عليه السلام‏:‏

- ‏"‏لا تأخذ إلا سلمك، أو رأس مالك‏"‏

قلت‏:‏ أخرج أبو داود، وابن ماجه ‏[‏عند أبي داود في ‏"‏البيوع - باب السلف لا يحوّل‏"‏ ص 135 - ج 2، وعند ابن ماجه في ‏"‏البيوع - باب من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره‏"‏‏]‏ عن أبي بدر شجاع بن الوليد ثنا زياد بن خيثمة عن سعد الطائي عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره‏"‏، انتهى‏.‏ وعزاه شيخنا علاء الدين للدارقطني عن أنس، ولم أجده، ورواه الترمذي في ‏"‏عللّه الكبير‏"‏، وقال‏:‏ لا أعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه، وهو حديث حسن، انتهى‏.‏ ورواه ابن ماجه أيضًا عن عطية عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ مرسلًا، ولم يذكر فيه سعدًا، وأخرجه الدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏قلت‏:‏ أخرجه الدارقطني في ‏"‏البيوع‏"‏ص 208 عن الحسن بن عرفة، وإبراهيم بن سعيد الجوهري، وعلي بن الحسين الدرهمي، وأبي سعيد الأشج، الخ‏]‏ عن إبراهيم بن سعيد الجوهري، وعلي بن الحسين الدرهمي قالا‏:‏ أنا أبو بدر به، باللفظ المذكور، ثم قال‏:‏ اللفظ للدرهمي، وقال إبراهيم بن سعيد‏:‏ فلا يأخذ إلا ما أسلم فيه، أو رأس ماله، انتهى‏.‏ قال عبد الحق في ‏"‏أحكامه‏"‏‏:‏ وعطية العوفي لا يحتج به، وإن كان الجلة قد رووا عنه، انتهى‏.‏ وقال في ‏"‏التنقيح‏"‏‏:‏ وعطية العوفي ضعفه أحمد، وغيره، والترمذي يحسن حديثه، وقال ابن عدي‏:‏ هو مع ضعفه يكتب حديثه، انتهى‏.‏

- أثر آخر‏:‏ قال عبد الرزاق في ‏"‏مصنفه‏"‏‏:‏ أخبرنا معمر عن قتادة عن ابن عمر، قال‏:‏ إذا أسلفت في شيء فلا تأخذ إلا رأس مالك، والذي أسلفت فيه، انتهى‏.‏ أخبرنا ابن عيينة عن عمرو ابن دينار، قال سمعت أبا الشعثاء يقول نحوه‏.‏

- أثر آخر‏:‏ رواه ابن أبي شيبة في ‏"‏مصنفه‏"‏ حدثنا محمد بن ميسرة عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن أبيه شعيب أن عبد اللّه بن عمرو كان يسلف له في الطعام، ويقول للذي يسلف له‏:‏ لا تأخذ بعض رأس مالنا أو بعض طعامنا، ولكن خذ رأس مالنا كله، أو الطعام وافيًا، انتهى‏.‏

- الحديث العاشر‏:‏ النهي عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان، تقدم في ‏"‏المرابحة - والتولية‏"‏

*4* مسائل منثورة

- الحديث الأول‏:‏ قال عليه السلام‏:‏

- ‏"‏إن من السحت مهر البغي، وثمن الكلب‏"‏،

قلت‏:‏ روي من حديث أبي هريرة، ومن حديث السائب بن يزيد، ومن حديث عمر بن الخطاب‏.‏

- فحديث أبي هريرة‏:‏ أخرجه ابن حبان في ‏"‏صحيحه‏"‏ في القسم الأول‏:‏ عن حماد بن سلمة عن قيس بن سعيد عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال‏:‏ ‏"‏إن مهر البغي، وثمن الكلب، وكسب الحجام من السحت‏"‏، انتهى‏.‏ وأخرجه الدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏عند الدارقطني في ‏"‏البيوع‏"‏ ص 319‏]‏ بسندين فيهما ضعف‏:‏ أحدهما‏:‏ عن الوليد بن عبيد اللّه بن أبي رباح عن عمه عطاء عن أبي هريرة عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال‏:‏ ثلاث كلهن سحت‏:‏ أجر الحجام، ومهر البغي، وثمن الكلب، انتهى‏.‏ الثاني‏:‏ عن المثنى عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعًا نحوه، قال الدارقطني‏:‏ والوليد بن عبيد اللّه بن أبي رباح، والمثنى ضعيفان، انتهى‏.‏

- وأما حديث السائب بن يزيد‏:‏ فرواه أبو يعلى الموصلي في ‏"‏مسنده‏"‏ حدثنا سفيان بن وكيع ثنا محمد بن فضيل عن محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن محمد عن إبراهيم بن محمد، قال‏:‏ سمعت السائب بن يزيد قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏السحت ثلاث‏:‏ مهر البغي، وكسب الحجام، وثمن الكلب‏"‏، انتهى‏.‏ ورواه ابن أبي حاتم في آخر ‏"‏كتاب العلل‏"‏ ‏[‏في باب ‏"‏الإجارات‏"‏ ص 444 - ج 2‏.‏‏]‏ وقال أبي‏:‏ وعبد الرحمن بن محمد هذا هو القارئ، وإبراهيم هو أخوه فيما أظن، والناس يروون هذا الحديث عن السائب بن يزيد عن رافع بن خديج، انتهى كلامه‏.‏

- وأما حديث عمر‏:‏ فرواه الطبراني في ‏"‏معجمه‏"‏ من حديث يزيد بن عبد الملك بن المغيرة النوفلي عن يزيد بن خصيفة عن السائب عن يزيد عن عمر بن الخطاب أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قال‏:‏ ‏"‏ثمن الكلب سحت، ومن نبت لحمه من سحت فله النار‏"‏ مختصر، ورواه ابن عدي في ‏"‏الكامل‏"‏، وأعله بيزيد بن عبد الملك هذا، وقال‏:‏ إنه مضطرب الحديث لا يضبط ما يرويه، وعامة ما يرويه غير محفوظ، ثم أسند عن النسائي أنه قال فيه‏:‏ متروك الحديث، انتهى‏.‏

 أحاديث مختلفة

 أحاديث الباب

أخرج البخاري، ومسلم ‏[‏عند البخاري في ‏"‏البيوع - باب ثمن الكلب‏"‏ ص 298 - ج 1، وعند مسلم فيه ‏"‏باب تحريم ثمن الكلب، وحلوان الكاهن‏"‏ ص 19 - ج 2، وكذا حديث رافع بن خديج، وحديث جابر، عند مسلم في هذا الباب، وحديث أبي مسعود الأنصاري، عند الترمذي أيضًا ‏"‏باب ما جاء في ثمن الكلب‏"‏ ص 165 - ج 1‏]‏ عن أبي مسعود الأنصاري أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن، انتهى‏.‏ وأخرج مسلم عن رافع بن خديج أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قال‏:‏ ‏"‏ثمن الكلب خبيث، ومهر البغي خبيث، وكسب الحجام خبيث‏"‏، انتهى‏.‏ وأخرج أيضًا عن جابر أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ زجر عن ثمن الكلب، انتهى‏.‏

- الحديث الثاني‏:‏ روي عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أنه نهى عن بيع الكلب إلا كلب صيد أو ماشية،

قلت‏:‏ غريب بهذا اللفظ، وأخرج الترمذي ‏[‏عند الترمذي في ‏"‏البيوع - باب ما جاء في كراهية ثمن الكلب والسنور‏"‏ ص 166 - ج 1‏]‏ عن أبي المهزم يزيد بن سفيان عن أبي هريرة، قال‏:‏ نهى عن ثمن الكلب إلا كلب الصيد، انتهى‏.‏ وقال‏:‏ لا يصح من هذا الوجه، وأبو المهزم تكلم فيه شعبة، وقد روى عن جابر مرفوعًا نحو هذا ‏[‏قال الترمذي‏:‏ ص 166 - ج 1، بعد ذكره حديث جابر‏:‏ هذا حديث في إسناده اضطراب، وقد روى هذا الحديث عن الأعمش عن بعض أصحابه عن جابر، واضطربوا على الأعمش في رواية هذا الحديث، انتهى‏.‏ وعند النسائي في ‏"‏البيوع - باب ما استثنى - بعد باب بيع الكلب‏"‏ ص 230 - ج 2، وعند الدارقطني في ‏"‏البيوع‏"‏ ص 319 - ج 2‏]‏ ولا يصح إسناده أيضًا، انتهى‏.‏ وحديث جابر هذا الذي أشار إليه أخرجه النسائي عن حجاج بن محمد عن حماد بن سلمة عن أبي الزبير عن جابر أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ نهى عن ثمن الكلب، والسنور إلا كلب صيد، انتهى‏.‏ وقال‏:‏ حديث منكر، وقال مرة‏:‏ ليس بصحيح، انتهى‏.‏ وأخرجه الدارقطني عن الحسن بن أبي جعفر عن أبي الزبير به، وأخرجه البيهقي ‏[‏هذا الحديث، وما بعده، عند البيهقي في ‏"‏السنن - باب النهي عن ثمن الكلب‏"‏ ص 5 - ج 6‏.‏‏]‏ عن عبد الواحد بن غياث ثنا حماد ثنا أبو الزبير عن جابر، قال‏:‏ نهى عن ثمن الكلب، والسنور إلا كلب صيد، قال البيهقي‏:‏ هكذا رواه عبد الواحد، وسويد بن عمرو ‏[‏أقول‏:‏ سويد بن عمرو هو الصواب، كما في البيهقي‏:‏ ص 5 - ج 6، والدارقطني، وليس هو ابن عبد العزيز، كما في النسخة - السعيدية، ونسخة - الدار‏]‏ عن حماد، ولم يذكر النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ورواه عبيد اللّه بن موسى عن حماد بالشك في ذكر النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ فيه، ورواه الهيثم بن جميل عن حماد، وقال فيه‏:‏ نهى رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، ورواه الحسن بن أبي جعفر عن أبي الزبير عن جابر عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وليس بالقوي، والأحاديث الصحيحة عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ في النهي عن ثمن الكلب خالية عن هذا الاستثناء، وإنما الاستثناء في أحاديث النهي عن الاقتناء، فلعله شبه على من ذكر في حديث النهي عن ثمنه من الرواة الذين هم دون الصحابة والتابعين، انتهى كلامه‏.‏

- حديث آخر‏:‏ رواه أبو حنيفة رضي اللّه عنه في ‏"‏مسنده‏"‏ عن الهيثم عن عكرمة عن ابن عباس، قال‏:‏ أرخص رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ في ثمن كلب الصيد، انتهى‏.‏ وهذا سند جيد، فإن الهيثم ذكره ابن حبان في الثقات من أثبات التابعين، ورواه ابن عدي في ‏"‏الكامل‏"‏ حدثنا أحمد بن علي المدائني ثنا أبو علي أحمد بن عبد اللّه الكندي ثنا علي بن معبد ثنا محمد بن الحسن عن أبي حنيفة عن الهيثم به، أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ رخص في ثمن كلب الصيد، انتهى‏.‏ وأعله بأبي علي الكندي، وهو المعروف باللجلاج، قال‏:‏ وله أشياء ينفرد بها من طريق أبي حنيفة، انتهى‏.‏ وقال ابن القطان‏:‏ اللجلاج لم تثبت عدالته، وقد حدث بأحاديث كثيرة لأبي حنيفة كلها مناكير لا تعرف، انتهى‏.‏

- الحديث الثالث‏:‏ قال عليه السلام في الخمر‏:‏

- ‏"‏إن الذي حرم شربها حرم بيعها، وأكل ثمنها‏"‏،

قلت‏:‏ أخرجه مسلم ‏[‏عند مسلم في ‏"‏البيوع - باب تحريم بيع الخمر‏"‏ ص 22 - ج 2‏.‏‏]‏ عن عبد الرحمن بن وعلة، قال‏:‏ سألت ابن عباس عما يعصر من العنب، فقال ابن عباس‏:‏ إن رجلًا أهدى إلى النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ راوية خمر، فقال له رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ هل علمت أن اللّه حرم شربها‏؟‏ قال‏:‏ لا، قال‏:‏ فسارّ إنسانًا، فقال له رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ بم ساررته‏؟‏ قال‏:‏ أمرته ببيعها، فقال‏:‏ إن الذي حرم شربها حرم بيعها، قال‏:‏ ففتح المزادة حتى ذهب ما فيها، انتهى‏.‏

 أحاديث مختلفة

 أحاديث الباب

أخرج البخاري، ومسلم ‏[‏عند مسلم في ‏"‏البيوع - باب تحريم بيع الخمر‏"‏ ص 23 - ج 2، وعند البخاري في ‏"‏البيوع - باب بيع الميتة‏"‏ ص 297، وص 298 - ج 1، وفي تفسير ‏"‏سورة الأنعام‏"‏ ص 667 - ج 2‏.‏‏]‏ عن عطاء عن جابر أنه سمع رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ عام الفتح يقول، وهو بمكة‏:‏ إن اللّه ورسوله حرم بيع الخمر، والميتة، والخنزير، والأصنام، فقيل‏:‏ يا رسول اللّه أرأيت شحوم الميتة، فإنه يطلى به السفن، ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس، فقال‏:‏ لا، هو حرام، ثم قال‏:‏ قاتل اللّه اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوه، فباعوه، وأكلوا ثمنه، انتهى‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه مسلم ‏[‏عند مسلم في ‏"‏البيوع - باب تحريم الخمر‏"‏ ص 22 - ج 2‏]‏ عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري، قال‏:‏ سمعت رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يخطب بالمدينة يقول‏:‏ يا أيها الناس إن اللّه يعرض بالخمر، ولعل اللّه ينزل فيها أمرًا، فمن كان عنده منها شيئًا فليبعه، ولينتفع به، قال‏:‏ فما لبثنا إلا يسيرًا حتى قال النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ إن اللّه حرم الخمر، فمن أدركته هذه الآية، وعنده منها شيء، فلا يشرب، ولا يبع، قال‏:‏ فاستقبل الناس بما كان عندهم منها في طريق المدينة، فسفكوها، انتهى‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه أحمد في ‏"‏مسنده‏"‏ عن نافع بن كيسان أن أباه أخبره أنه كان يتجر في الخمر زمن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وأنه أقبل من الشام، ومعه زقاق خمر، يريد بها التجارة، فأتى رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ فقال‏:‏ يا رسول اللّه إني أتيتك بشراب جيد، فقال عليه السلام‏:‏ يا كيسان إنها قد حرمت بعدك، قال‏:‏ أفأبيعها يا رسول اللّه‏؟‏ قال‏:‏ إنها حرمت، وحرم ثمنها، فانطلق كيسان إلى الزقاق فأخذ بأرجلها فهراقها، انتهى‏.‏ وأخرج أيضًا عبد الحميد بن جعفر عن شهر بن حوشب عن تميم الداري أنه كان يهدي كل عام راوية خمر، فلما أنزل اللّه تحريم الخمر جاء بها، فلما رآه رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ ضحك، قال‏:‏ أشعرت أنها قد حرمت بعدك‏؟‏ قال‏:‏ يا رسول اللّه أفلا أبيعها، وأنتفع بثمنها‏؟‏ قال‏:‏ إن اللّه حرم الخمر وثمنها‏.‏

- حديث آخر‏:‏ حديث‏:‏ لعن في الخمر عشرة، رواه ابن عمر، وابن عباس، وابن مسعود، وأنس، وسيأتي الكلام عليها في ‏"‏كتاب الكراهية‏"‏ إن شاء اللّه تعالى‏.‏

- الحديث الرابع‏:‏ قال المصنف‏:‏ وأهل الذمة في المبايعات كالمسلمين، لقوله عليه السلام في ذلك الحديث‏:‏

- فأعلمهم أن لهم ما للمسلمين، وعليهم ما عليهم،

قلت‏:‏ لم أعرف الحديث الذي أشار إليه المصنف، ولم يتقدم في هذا المعنى إلا حديث معاذ، وهو في ‏"‏كتاب الزكاة‏"‏، وحديث بريدة، وهو في ‏"‏كتاب السير‏"‏، وليس فيهما ذلك‏.‏

- قوله‏:‏ عن عمر رضي اللّه عنه أنه قال‏:‏ ولوهم بيعها، وخذوا العشر من أثمانها، قلت‏:‏ رواه عبد الرزاق في ‏"‏مصنفه - في البيوع‏"‏ أخبرنا سفيان الثوري عن إبراهيم بن عبد الأعلى الجعفي عن سويد بن غفلة، قال‏:‏ بلغ عمر بن الخطاب أن عماله يأخذون الجزية من الخمر، فناشدهم ثلاثًا، فقال له بلال‏:‏ إنهم ليفعلون ذلك، قال‏:‏ فلا تفعلوا، ولوهم بيعها، فإن اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها، وأكلوا أثمانها، انتهى‏.‏ ورواه كذلك أبو عبيد في ‏"‏كتاب الأموال‏"‏، وقال فيه‏:‏ ولوهم بيعها، وخذوا أنتم من الثمن، فإن اليهود، إلى آخره، قال أبو عبيد‏:‏ كانوا يأخذون من أهل الذمة الخمر، والخنازير في جزية رءُوسهم، وخراج أرضهم بقيمتها، ثم يتولى المسلمون بيعها، فهذا الذي أنكره بلال، ونهى عنه عمر، ثم رخص لهم أن يأخذوا ذلك من أثمانها إذا كان أهل الذمة المتولين لبيعها، لأنها مالهم، وليست بمال للمسلمين، انتهى‏.‏

*2* كتاب الصرف

- الحديث الأول‏:‏ ‏"‏الذهب بالذهب، مثلًا بمثل‏"‏، الحديث تقدم في ‏"‏الربا‏"‏‏.‏

- الحديث الثاني‏:‏ حديث‏:‏ ‏"‏جيدها ورديئها سواء‏"‏ تقدم فيه أيضًا‏.‏

- قوله‏:‏ عن عمر رضي اللّه عنه أنه قال‏:‏ وإن استنظرك أن يدخل بيته، فلا تنظره،

قلت‏:‏ رواه مالك في ‏"‏الموطأ‏"‏ ‏[‏عند مالك في ‏"‏البيوع - باب بيع الذهب بالورق عينًا وتبرًا‏"‏ ص 261، ولفظه‏:‏ لا تبيعوا الذهب بالذهب‏"‏ إلا مثلًا بمثل، ولا تشفعوا بعضًا على بعض، الحديث‏]‏ عن مالك عن عبد اللّه بن دينار عن ابن عمر عن عمر، قال‏:‏ لا تبيعوا الذهب بالذهب، إلا مثلًا بمثل، ولا تبيعوا الورق بالذهب أحدهما غائب، والآخر ناجز، وإن استنظرك أن يلج بيته، فلا تنظره إلا يدًا بيد، هاء وهاء، إني أخشى عليكم الربا، انتهى‏.‏ ورواه أيضًا عن نافع عن ابن عمر، فذكره، وقال في آخره‏:‏ إني أخشى الرما، والرما هو الربا، انتهى بحروفه‏.‏ ورواه عبد الرزاق في ‏"‏مصنفه‏"‏ أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر، قال‏:‏ قال عمر‏:‏ إذا صرف أحدكم من صاحبه فلا يفارقه حتى يأخذها، وإن استنظره حتى يدخل بيته، فلا ينظره، إني أخاف عليكم الربا، انتهى‏.‏

- أثر آخر‏:‏ رواه البخاري في ‏"‏كتابه المفرد في الأدب‏"‏ حدثنا أحمد بن عيسى ثنا عبد اللّه بن وهب أخبرني مخرمة بن بكير عن أبيه، قال‏:‏ سمعت يزيد بن عبد اللّه بن قسيط قال‏:‏ أرسل عبد اللّه بن عمر غلامًا له بذهب أو ورق، فصرفه، فانظر في الصرف، فرجع إليه، فضربه ضربًا وجيعًا، وقال‏:‏ اذهب، فلا تصرفه، انتهى‏.‏

- قوله‏:‏ وعن ابن عمر رضي اللّه عنه أنه قال‏:‏ وإن وثب من سطح، فثب معه، قلت‏:‏ غريب جدًا ‏[‏قال ابن الهمام في ‏"‏الفتح‏"‏ 371 - ج 5‏:‏ وحديث ابن عمر هذا غريب جدًا من كتب الحديث، وذكره في ‏"‏المبسوط‏"‏، فقال‏:‏ وعن أبي جبلة، قال‏:‏ سألت عبد اللّه ابن عمر، فقلت‏:‏ إنا نقدم أرض الشام ومعنا الورق الثقال النافقة، وعندهم الورق الخفاف الكاسدة، فنبتاع ورقهم العشرة بتسعة ونصف، فقال‏:‏ لا تفعل، ولكن بع ورقك بذهب، واشتر ورقهم بالذهب، ولا تفارقه حتى تستوفي، وإن وثب من سطح فثب معه، وفيه دليل رجوعه عن جواز التفاضل، كما هو مذهب ابن عباس، وعن ابن عباس أيضًا رجوعه، انتهى‏]‏‏.‏

- الحديث الثالث‏:‏ قال عليه السلام‏:‏

- ‏"‏الذهب بالورق ربا، إلا هاء وهاء‏"‏، قلت‏:‏ أخرجه الأئمة الستة في ‏"‏كتبهم‏"‏ ‏[‏قد مر تخريجه في ‏"‏أحاديث الربا‏"‏‏.‏‏]‏ عن مالك بن أوس بن الحدثان عن عمر بن الخطاب عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ الذهب بالورق ربا، إلا هاء وهاء، والبر بالبر ربا، إلا هاء وهاء، والشعير بالشعير ربا، إلا هاء وهاء، والتمر بالتمر ربا، إلا هاء وهاء، انتهى‏.‏ وقد تقدم في ‏"‏الربا‏"‏‏.‏

- الحديث الرابع‏:‏ قال عليه السلام لمالك بن الحويرث، وابن عمر‏:‏

- ‏"‏إذا سافرتما فأذنا وأقيما‏"‏،

قلت‏:‏ أخرجه الأئمة الستة في ‏"‏كتبهم‏"‏ ‏[‏قد مر تخريجه في ‏"‏أحاديث الأذان‏"‏‏.‏‏]‏ مطولًا ومختصرًا عن مالك بن الحويرث، قال‏:‏ أتيت النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أنا وصاحب لي، وفي رواية‏:‏ وابن عم لي، وفي رواية للنسائي‏:‏ وابن عمر، فلما أردنا الانصراف، قال لنا‏:‏ إذا حضرت الصلاة، فأذنا وأقيما، ويؤمكما أكبركما، انتهى‏.‏ والمصنف ذكر الحديث على الصواب، ووهم فيه في ‏"‏باب الأذان‏"‏، فقال لقوله عليه السلام لابن أبي مليكة‏:‏ ‏"‏إذا سافرتما‏"‏، الحديث‏:‏ وقد بيناه هناك‏.‏

  كتاب الكفالة

- الحديث الأول‏:‏ قال عليه السلام‏:‏

- ‏"‏الزعيم غارم‏"‏،

قلت‏:‏ روي من حديث أبي أمامة، ومن حديث أنس، ومن حديث ابن عباس‏.‏

- فحديث أبي أمامة‏:‏ أخرجه أبو داود في ‏"‏أواخر البيوع‏"‏، والترمذي ‏"‏فيه - وفي الوصايا‏"‏ ‏[‏عند أبي داود في ‏"‏أواخر البيوع - باب في تضمين العارية‏"‏ ص 146 - ج 2، وعند الترمذي فيه ‏"‏باب ما جاء أن العارية مؤداة‏"‏ ص 164 - ج 1، وفي ‏"‏الوصايا - باب ما جاء لا وصية لوارث‏"‏ ص 34 - ج 2، وعند الدارقطني في ‏"‏البيوع‏"‏ ص 306، قلت‏.‏ وعند ابن ماجه في ‏"‏الكفالة‏"‏ بهذا اللفظ‏:‏ ص 175، فصدق ما قاله ‏"‏صاحب الجوهر‏]‏ عن إسماعيل بن عياش عن شرحبيل بن مسلم عن أبي أمامة، قال‏:‏ سمعت رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يقول‏:‏ ‏"‏إن اللّه قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث، لا تنفق المرأة شيئًا من بيتها إلا بإذن زوجها، فقيل‏:‏ يا رسول اللّه ولا الطعام‏؟‏ قال‏:‏ ذلك أفضل أموالنا، ثم قال‏:‏ العارية مؤداة، والمنحة مردودة، والدين مقضي، والزعيم غارم‏"‏، انتهى‏.‏ زاد الترمذي في ‏"‏الوصايا‏"‏‏:‏ الولد للفراش، وللعاهر حجر، وحسابهم على اللّه، ومن ادعى إلى غير أبيه، أو انتمى إلى غير مواليه، فعليه لعنة اللّه التابعة إلى يوم القيامة، لا تنفق امرأة من بيت زوجها، إلى آخره‏.‏ وقال‏:‏ حديث حسن، انتهى‏.‏ ورواه بتمامه أحمد، وأبو داود الطيالسي، وأبو يعلى الموصلي في ‏"‏مسانيدهم‏"‏، والدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏، ورواه ابن أبي شيبة، وعبد الرزاق في ‏"‏مصنفيهما‏"‏ حدثنا إسماعيل بن عياش به‏:‏ العارية مؤداة، والدين مقضي، والزعيم غارم، زاد ابن أبي شيبة - يعني الكفيل - انتهى‏.‏ ووهم شيخنا علاء الدين مقلدًا لغيره، فعزا هذا الحديث لابن ماجه، فإن ابن ماجه روى هذا الحديث في موضعين من ‏"‏سننه‏"‏، ولم يذكر فيهما قوله‏:‏ والزعيم غارم، فرواه في ‏"‏الأحكام‏"‏ بلفظ‏:‏ العارية مؤداة، والمنحة مردودة فقط، ورواه في ‏"‏الوصايا‏"‏ بلفظ‏:‏ إن اللّه قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث فقط، ولم يصب المنذري في ‏"‏مختصره‏"‏ إذ قال‏:‏ وأخرجه الترمذي، وابن ماجه مختصرًا، فإن الترمذي وإن كان اختصره في ‏"‏البيوع‏"‏، فقد طوله في ‏"‏الوصايا‏"‏، إلا أن يجعل قوله‏:‏ مختصرًا حالًا من ابن ماجه فقط، وهو خلاف ظاهر اللفظ، واللّه أعلم‏.‏ قال صاحب ‏"‏التنقيح‏"‏‏:‏ رواية إسماعيل بن عياش عن الشاميين جيدة، وشرحبيل من ثقات الشاميين، قاله الإمام أحمد، ووثقه أيضًا العجيلي، وابن حبان، وضعفه ابن معين، انتهى كلامه‏.‏

- وأما حديث أنس‏:‏ فرواه الطبراني في ‏"‏كتاب مسند الشاميين‏"‏ حدثنا أحمد بن أنس بن مالك ثنا هشام بن عمار ثنا محمد بن شعيب ثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أنس بن مالك، قال‏:‏ إني لتحت ناقة رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يسيل عليّ لعابها، فسمعته يقول‏:‏ إن اللّه جعل لكل ذي حق حقه، ألا لا وصية لوارث، لا تنفق المرأة، إلى آخر اللفظ الأول‏.‏- وأما حديث ابن عباس‏:‏ فأخرجه ابن عدي في ‏"‏الكامل‏"‏ عن إسماعيل بن زياد السكوني ثنا سفيان الثوري عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال‏:‏ الزعيم غارم، والدين مقضي، والعارية مؤداة، والمنحة مردودة، انتهى‏.‏ وأعله بإسماعيل هذا، وقال‏:‏ إنه منكر الحديث، لا يتابع على عامة ما يرويه، انتهى‏.‏ وقال ابن طاهر‏:‏ إسماعيل بن زياد، ويقال‏:‏ ابن أبي زياد شيخ دجال‏:‏، لا يحل ذكره إلا على سبيل القدح، انتهى‏.‏ وفي صحيح ابن حبان عن فضالة بن عبيد عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال‏:‏ أنا زعيم لمن آمن بي، وأسلم، وهاجر، ببيت في ربض الجنة، قال ابن حبان‏:‏ الزعيم لغة أهل المدينة، والحميل لغة أهل العراق، والكفيل لغة أهل مصر‏.‏

- الحديث الثاني‏:‏ قال عليه السلام‏:‏

- ‏"‏من ترك كلًا أو عيالًا، فإلي‏"‏،

قلت‏:‏ روى مسلم‏:‏ والبخاري ‏[‏عند مسلم في ‏"‏الفرائض‏"‏ 35 - ج 2، وعند البخاري في ‏"‏الفرائض - باب قول النبي صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏من ترك مالًا فلأهله‏"‏ ص 997 - ج 2، قلت‏:‏ وعند أبي داود أيضًا في ‏"‏الخراج في أرزاق الذرية‏"‏ ص 54 - ج 2 عن أبي هريرة‏]‏ في ‏"‏الفرائض‏"‏ من حديث أبي حازم عن أبي هريرة عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أنه قال‏:‏ من ترك مالًا فلورثته، ومن ترك كلًا، فإلينا، انتهى‏.‏ وأخرج أبو داود، والنسائي، وابن ماجه ‏[‏عند أبي داود في ‏"‏الفرائض - باب ميراث ذوي الأرحام‏"‏ ص 54 - ج 2، وعند ابن ماجه في ‏"‏الفرائض‏"‏ فيه‏:‏ ص 201‏]‏ في ‏"‏الفرائض‏"‏ عن المقدام بن معد يكرب، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏من ترك كلًا فإلي، ومن ترك مالًا، فلورثته، وأنا وارث من لا وارث له، أعقل منه، وأرثه، والخال وارث من لا وارث له، يعقل عنه ويرثه‏"‏، انتهى‏.‏ ورواه ابن حبان في ‏"‏صحيحه‏"‏ في النوع السادس والستين، من القسم الثالث، وفي لفظ لأبي داود، قال‏:‏ أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، فمن ترك دينًا أو ضيعة، فإلي، الحديث، وأخرج أبو داود في ‏"‏الخراج‏"‏ ‏[‏عند أبي داود في ‏"‏الخراج في أرزاق الذرية‏"‏ عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر، وعن الزهري عن أبي سلمة عن جابر‏:‏ ص 54 - ج 2، عند ابن ماجه في ‏"‏الكفالة - باب التشديد في الدين‏"‏ ص 176‏]‏ وابن ماجه في ‏"‏الأحكام‏"‏ عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر، قال‏:‏ كان رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يقول‏:‏ أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، من ترك مالًا، فلأهله، ومن ترك دينًا أو ضياعًا، فإلي، وعليّ، انتهى‏.‏ ورواه ابن حبان أيضًا في النوع الرابع والعشرين، من القسم الخامس، وذهل شيخنا علاء الدين، فعزاه مقلدًا لغيره لابن ماجه فقط، واللّه أعلم‏.‏

- الحديث الثالث‏:‏ قال عليه السلام‏:‏

- ‏"‏لا كفالة في حد‏"‏‏:‏،

قلت‏:‏ أخرجه البيهقي في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏عند البيهقي في ‏"‏السنن - في الضمان - باب ما جاء في الكفالة ببدن من عليه حق‏"‏ ص 77 - ج 6‏]‏ عن بقية عن عمر بن أبي عمر الكلاعي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قال‏:‏ ‏"‏لا كفالة في حد‏"‏، انتهى‏.‏ و قال‏:‏ تفرد به عمر بن أبي عمر الكلاعي، وهو من مشايخ بقية المجهولين، ورواياته منكرة، انتهى‏.‏ ورواه ابن عدي في ‏"‏الكامل‏"‏ عن عمر الكلاعي، وأعله به، و قال‏:‏ إنه مجهول، لا أعلم روى عنه غير بقية، كما يروى عن سائر المجهولين، وأحاديثه منكرة، وغير محفوظة، انتهى‏.‏

  كتاب الحوالة - الحديث الأول‏:‏ قال عليه السلام‏:‏

- ‏"‏من أحيل على مليء فليتبع‏"‏‏.‏قلت‏:‏ رواه أحمد في ‏"‏مسنده‏"‏ عن سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏مطل الغني ظلم، ومن أحيل على مليء فليحتل‏"‏، انتهى‏.‏ وكذلك رواه ابن أبي شيبة في ‏"‏مصنفه‏"‏، ورواه الطبراني في ‏"‏معجمه الوسط‏"‏ عن محمد بن عجلان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏مطل الغني ظلم، ومن أحيل على مليء فليتبع‏"‏، انتهى‏.‏ ورواه البخاري، ومسلم ‏[‏عند مسلم ‏"‏باب تحريم مطل الغني‏"‏ ص 18 - ج 2، وعند البخاري في ‏"‏الحوالة‏"‏ ص 305 - ج 1‏]‏ عن أبي الزناد به، بلفظ‏:‏ ‏"‏وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع‏"‏، انتهى‏.‏ وروى أحمد أيضًا أخبرنا سريج بن النعمان ثنا هشيم ثنا يونس بن عبيد عن نافع عن ابن عمر، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏مطل الغني ظلم، وإذا أحلت على مليء فاتبعه‏"‏، انتهى‏.‏

- الحديث الثاني‏:‏ نهى رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ عن قرض جَرَّ نفعًا‏.‏

قلت روى الحارث بن أبي أسامة في ‏"‏مسنده‏"‏ حدثنا حفص بن حمزة أنا سوار بن مصعب عن عمارة الهمداني، قال‏:‏ سمعت عليًا يقول‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏كل قرض جر منفعة فهو ربا‏"‏، انتهى‏.‏ ومن جهة الحارث بن أبي أسامة ذكره عبد الحق في ‏"‏أحكامه - في البيوع‏"‏، وأعله بسوار بن مصعب، وقال‏:‏ إنه متروك، انتهى‏.‏ ورواه أبو الجهم في ‏"‏جزئه المعروف‏"‏ حدثنا سوار بن مصعب به، ولم يعزه صاحب ‏"‏التنقيح‏"‏ إلا - لجزء - أبي الجهم، وقال‏:‏ إسناده ساقط، وسوار متروك الحديث، انتهى‏.‏ وأخرج ابن عدي في ‏"‏الكامل‏"‏ عن إبراهيم بن نافع الحلاب ثنا عمر بن موسى بن وجيه عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏السفتجات حرام‏"‏، انتهى‏.‏ وأعله بعمر بن موسى بن وجيه، وضعفه عن البخاري، والنسائي، وابن معين، ووافقهم، وقال‏:‏ إنه في عداد من يضع الحديث، انتهى‏.‏ ومن طريق ابن عدي رواه ابن الجوزي في ‏"‏الموضوعات‏"‏، ونقل كلامه، وروى ابن أبي شيبة في ‏"‏مصنفه‏"‏ حدثنا أبو خالد الأحمر عن حجاج عن عطاء، قال‏:‏ كانوا يكرهون كل قرض جَرَّ منفعة، انتهى‏.‏

 كتاب أدب القاضي

- الحديث الأول‏:‏ روي أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قلد عليًا قضاء اليمن حين لم يبلغ حد الاجتهاد‏.‏

قلت‏:‏ روي من حديث علي، ومن حديث ابن عباس‏.‏

- فحديث علي‏:‏ أخرجه أبو داود ‏[‏عند أبي داود في ‏"‏القضاء - باب كيف القضاء‏"‏ ص 148 - ج 2، وقال المخرج‏:‏ أخرجه الحاكم في ‏"‏المستدرك - في الأحكام‏"‏، قلت‏:‏ حديث حنش عن علي في ‏"‏المستدرك - في الأحكام‏"‏ ص 93 - ج 4‏.‏‏]‏ عن شريك عن سماك عن حنش عن علي، قال‏:‏ بعثني رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ إلى اليمن قاضيًا، فقلت‏:‏ يا رسول اللّه ترسلني، وأنا حديث السن، ولا علم لي بالقضاء‏!‏‏؟‏ فقال‏:‏ ‏"‏إن اللّه سيهدي قلبك، ويثبت لسانك، فإذا جلس بين يديك الخصمان، فلا تقضين حتى تسمع من الآخر، كما سمعت من الأول، فإنه أحرى بك أن يتبين لك القضاء‏"‏، قال، فما زلت قاضيًا، أو ما شككت في قضاء بعد، انتهى‏.‏ ورواه أحمد، وإسحاق بن راهويه، وأبو داود الطيالسي في ‏"‏مسانيدهم‏"‏، ورواه الحاكم في ‏"‏كتاب المستدرك - في كتاب الفضائل‏"‏، وقال‏:‏ حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، انتهى‏.‏

- طريق آخر‏:‏ أخرجه ابن ماجه في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏عند ابن ماجه في ‏"‏الأحكام - باب ذكر القضاء‏"‏ ص 168، وفي ‏"‏المستدرك - في الفضائل - في مناقب علي ابن أبي طالب كرم اللّه وجهه‏"‏ ص 135 - ج 3‏]‏ عن أبي البختري، واسمه سعيد بن فيروز عن علي قال‏:‏ بعثني النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ إلى اليمن، وأنا شاب أقضي بينهم، ولا أدري ما القضاء، قال‏:‏ فضرب في صدري بيده، وقال‏:‏ اللّهم اهد قلبه، وثبت لسانه، قال‏:‏ فما شككت بعد في قضاء بين اثنين، انتهى‏.‏ ورواه الحاكم في ‏"‏المستدرك‏"‏، وقال‏:‏ حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، انتهى‏.‏ ورواه البزار في ‏"‏مسنده‏"‏، وقال‏:‏ أبو البختري لا يصح سماعه من علي، وقد رواه شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي البحتري حدثني من سمع عليًا، انتهى‏.‏ ورأيت حاشيته على ‏"‏المستدرك‏"‏، قال شعبة‏:‏ أبو البختري لم يدرك عليًا، وقال أبو حاتم‏:‏ قتل في الجماجم، لم يدرك عليًا، انتهى‏.‏ والذي أشار إليه البزار أخرجه أبو يعلى الموصلي في ‏"‏مسنده‏"‏ عن غندر ثنا شعبة عن عمر، فقال‏:‏ سمعت أبا البختري يقول‏:‏ أخبرني من سمع عليًا، فذكره‏.‏

- طريق آخر‏:‏ أخرجه البزار في ‏"‏مسنده‏"‏ عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب عن علي، فذكره، وقال‏:‏ هذا أحسن إسناد فيه عن علي، انتهى‏.‏

- طريق آخر‏:‏ أخرجه ابن حبان في ‏"‏صحيحه‏"‏ عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس عن علي، قال‏:‏ بعثني رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ برسالة، فقلت‏:‏ يا رسول اللّه تبعثني وأنا غلام حديث السن، فأسأل عن القضاء، ولا أدري ما أجيب‏؟‏ قال‏:‏ ما بد من ذلك، أن أذهب بها أنا، أو أنت، فقلت‏:‏ إن كان ولا بد، فأنا أذهب، قال‏:‏ انطلق، فإن اللّه تعالى يثبت لسانك، ويهدي قلبك، إن الناس يتقاضون إليك، فإذا أتاك الخصمان فلا تقض لواحد حتى تسمع كلام الآخر، فإنه أجدر أن تعلم لمن الحق، انتهى‏.‏

- وأما حديث ابن عباس‏:‏ فأخرجه الحاكم في ‏"‏المستدرك ‏[‏في‏"‏المستدرك - في أوائل الأحاكم‏"‏ ص 88 - ج 4 عن شبابة بن سوار عن ورقاء بن عمر عن مسلم عن مجاهد به، وبهذا السند في ‏"‏تلخيصه‏"‏ للذهبي، فسقط في نسخة التخريج راو بين ورقاء بن عمر، وبين مجاهد، وهو مسلم‏]‏ في أول كتاب الأحكام‏"‏ عن شبابة بن سوار ثنا ورقاء بن عمر عن مجاهد عن ابن عباس، قال‏:‏ بعث النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ عليًا إلى اليمن، فقال‏:‏ علمهم الشرائع، واقض بينهم، فقال‏:‏ لا علم لي بالقضاء، فدفع في صدره، وقال‏:‏ اللّهم أهده للقضاء، انتهى‏.‏ وقال‏:‏ صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، انتهى‏.‏ وأخرجه أبو داود أيضًا في ‏"‏مراسيله‏"‏ حدثنا عبد اللّه بن محمد بن يحيى ثنا محمد بن المغيرة المدني المخزومي ثنا سليمان بن محمد بن يحيى بن عروة عن عبد اللّه بن عبد العزيز العمري، قال‏:‏ لما استعمل النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ علي بن أبي طالب على اليمن، قال علي‏:‏ دعاني، وأعله عبد الحق في ‏"‏أحكامه‏"‏ بالإرسال، قال ابن القطان‏:‏ وفيه جماعة مجهولون - أعني لا يعرفون - محمد بن المغيرة، وسليمان بن محمد، لا يعرفان بغير هذا، والعمري هو الزاهد المشهور، وحاله في الحديث مجهولة، ولا أعلم له رواية غير هذه، انتهى كلامه‏.‏

- الحديث الثاني‏:‏ قال عليه السلام‏:‏

- ‏"‏من قلد إنسانًا عملًا، وفي رعيته من هو أولى منه، فقد خان اللّه، ورسوله، وجماعة المسلمين‏"‏

قلت‏:‏ روي من حديث ابن عباس، ومن حديث حذيفة‏.‏

- فحديث ابن عباس‏:‏ أخرجه الحاكم في ‏"‏المستدرك ‏[‏في ‏"‏المستدرك - في الأحكام‏"‏ ص 92 - ج 4، ولفظه‏:‏ من استعمل رجلًا من عصابة، الحديث، ولم يذكره الذهبي في ‏"‏تلخيصه‏"‏‏.‏‏]‏ في كتاب الأحكام‏"‏ عن حسين بن قيس الرحبي عن عكرمة عن ابن عباس، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏من استعمل رجلًا على عصابة، وفي تلك العصابة من هو أرضى للّه منه، فقد خان اللّه، ورسوله، وجماعة المسلمين‏"‏، انتهى‏.‏ وقال‏:‏ حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وتعقبه شيخنا شمس الدين الذهبي في ‏"‏مختصره‏"‏، وقال‏:‏ حسين بن قيس ضعيف، انتهى‏.‏ قلت‏:‏ رواه ابن عدي في ‏"‏الكامل‏"‏ وضعف حسين بن قيس عن النسائي، وأحمد بن حنبل، ورواه العقيلي أيضًا في ‏"‏كتابه‏"‏، وأعله بحسين بن قيس، وقال‏:‏ إنما يعرف هذا من كلام عمر بن الخطاب، انتهى‏.‏ وأخرجه الطبراني في ‏"‏معجمه‏"‏ عن حمزة النصيبيني عن عمرو بن دينار عن ابن عباس، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ من تولى من أمر المسليمن شيئًا فاستعمل عليهم رجلًا، وهو يعلم أن فيهم من هو أولى بذلك، وأعلم منه بكتاب اللّه، وسنة رسوله، فقد خان اللّه ورسوله، وجماعة المسلمين، مختصر‏.‏ وأخرجه الخطيب البغدادي في ‏"‏تاريخ بغداد‏"‏ عن إبراهيم بن زياد القرشي عن خصيف عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعًا، بلفظ الطبراني، قال الخطيب‏:‏ وإبراهيم بن زياد في حديثه نكرة، وقال ابن معين‏:‏ لا أعرفه، انتهى‏.‏

- وأما حديث حذيفة‏:‏ فرواه أبو يعلى الموصلي في ‏"‏مسنده‏"‏ حدثنا أبو وائل خالد بن محمد البصري ثنا عبد اللّه بن بكر السهمي ثنا خلف بن خلف عن إبراهيم بن سالم عن عمرو بن ضرار عن حذيفة عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال‏:‏ ‏"‏أيما رجل استعمل رجلًا على عشرة أنفس، وعلم أن في العشرة من هو أفضل منه، فقد غش اللّه، ورسوله، وجماعة المسلمين‏"‏، انتهى‏.‏

- قوله‏:‏ روي عن الصحابة أنهم تقلدوا القضاء، وكفى بهم قدوة، قلت‏:‏ تقدم عند أبي داود، والترمذي، وابن ماجه، أن عليًا تقلد القضاء من النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وقال الترمذي‏:‏ حديث حسن، وأخرج البيهقي أن أبا بكر لما ولى ولى عمر بن الخطاب القضاء، وأبا عبيدة المال، وأخرج أيضًا عن عن أبي وائل، أن عمر استعمل عبد اللّه بن مسعود على القضاء، وبيت المال، وأخرج ابن سعد في ‏"‏الطبقات‏"‏ أخبرنا عفان بن مسلم ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا الحجاج بن أرطأة عن نافع، قال‏:‏ لما استعمل عمر بن الخطاب زيد بن ثابت على القضاء فرض له رزقًا، انتهى‏.‏

-