فصل: كتاب الوديعة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية **


  كتاب الوديعة

- حديث‏:‏ - ‏"‏ليس على المستعير، غير المغل ضمان، ولا على المستودع، غير المغل ضمان‏"‏،

قلت‏:‏ أخرجه الدارقطني، ثم البيهقي في ‏"‏سننيهما‏"‏ ‏[‏عند الدارقطني في ‏"‏البيوع‏"‏ ص 306 - ج 2، وعند البيهقي في ‏"‏السنن - في كتاب العارية - باب من قال‏:‏ لا يغرم‏"‏ ص 91 - ج 6‏.‏‏]‏ عن عمرو بن عبد الجبار عن عبيدة بن حسان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ليس على المستودع، غير المغل ضمان، ولا على المستعير، غير المغل ضمان‏"‏، انتهى‏.‏ قال الدارقطني‏:‏ عمرو، وعبيدة ضعيفان، وإنما يروى هذا من قول شريح غير مرفوع، ثم أخرجه من قول شريح، ولم يروه عبد الرزاق في ‏"‏مصنفه‏"‏ إلا من قول شريح، وقال ابن حبان في ‏"‏كتاب الضعفاء‏"‏‏:‏ عبيدة يروي الموضوعات عن الثقات، انتهى‏.‏

 من أحاديث الباب

ما أخرجه ابن ماجه في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏عند ابن ماجه في ‏"‏الأحكام - باب الوديعة‏"‏ ص 175‏]‏‏.‏ عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال‏:‏ ‏"‏من أودع وديعة فلا ضمان عليه‏"‏،انتهى‏.‏ ورواه ابن حبان في ‏"‏كتاب الضعفاء‏"‏ من حديث ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب به، وأعله بابن لهيعة، قال‏:‏ وعمرو بن شعيب وإن كان ثقة، ولكن في حديثه المناكير، إذا كان من رواية أبيه عن جده، فإنه لا يخلو أن يكون مرسلًا ومنقطعًا، فإنه إن أراد جده الأعلى، وهو عبد اللّه بن عمرو، فشعيب لم يلق عبد اللّه، فالخبر منقطع، وإن أراد جده الأدنى، فهو محمد بن عبد اللّه، وهو لا صحبة له، فهو مرسل، وكلاهما لا تقوم به الحجة، وقد كان بعض شيوخنا تقول‏:‏ إذا سمى جده عبد اللّه ابن عمرو فهو صحيح، وقد اعتبرت ما قاله، فلم أجده من رواية الثقات المتقنين عن عمرو بن شعيب، وإنما ذلك شيء يقوله محمد بن إسحاق، وبعض الرواة، ليعلم أن جده اسمه عبد اللّه، فأدرج في الإسناد، فليس الحكم عندي في عمرو بن شعيب، إلا مجانبة ما روى عن أبيه عن جده، والاحتجاج بما روى عن الثقات غير أبيه، انتهى كلامه، واللّه أعلم‏.‏   كتاب العارية

- الحديث الأول‏:‏ روي أن النبي صلى الله عليه وسلم استعار دروعًا من صفوان،

قلت‏:‏ أخرجه أبو داود ‏[‏عند أبي داود في ‏"‏البيوع - باب في تضمين العارية‏"‏ ص 145 - ج 2، وفي ‏"‏المستدرك - في البيوع‏"‏ ص 47 - ج 2، وحديث إسحاق بن عبد اللّه، عند الدارقطني في ‏"‏البيوع‏"‏ ص 305، وفي ‏"‏السنن‏"‏ للبيهقي في ‏"‏كتاب العارية - باب العارية مؤداة‏"‏ ص 88 - ج 6‏]‏ والنسائي عن عبد العزيز بن رفيع عن أمية بن صفوان بن أمية عن أبيه صفوان بن أمية أن النبي صلى الله عليه وسلم استعار منه دروعًا يوم حنين، فقال‏:‏ أغصب يا محمد‏؟‏ قال‏:‏ بل عارية مضمونة، انتهى‏.‏ ورواه أحمد في ‏"‏مسنده‏"‏، والحاكم في ‏"‏المستدرك - في البيوع‏"‏، وسكت عنه، وإنما قال‏:‏ وله شاهد صحيح، ثم أخرجه عن خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم استعار من صفوان بن أمية أدرعًا وسلاحًا في غزوة حنين، فقال‏:‏ يا رسول اللّه أعارية مؤداة‏؟‏ قال‏:‏ نعم عارية مؤداة، انتهى‏.‏ وقال‏:‏ حديث صحيح على شرط مسلم، انتهى‏.‏ وأخرجه الدارقطني، ثم البيهقي عن إسحاق عن عبد الواحد ثنا خالد بن عبد اللّه عن خالد الحذاء، قال في ‏"‏التنقيح‏"‏‏:‏ قال أبو علي الحافظ‏:‏ إسحاق بن عبد الواحد متروك الحديث، انتهى‏.‏ وأخرجه الحاكم أيضًا في ‏"‏المغازي‏"‏ ‏[‏في ‏"‏المستدرك - في المغازي‏"‏ ص 48 - ج 3‏.‏‏]‏ من طريق ابن إسحاق حدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن عبد الرحمن بن جابر عن أبيه جابر بن عبد اللّه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد المسير إلى حنين بعث رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إلى صفوان بن أمية فسأله أدراعًا، مائة درع، وما يصلحها من عدتها، فقال‏:‏ أغصبًا يا محمد‏؟‏ فقال‏:‏ بل عارية مضمونة حتى نؤديها إليك، ثم خرج رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، مختصر، وقال‏:‏ صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، انتهى‏.‏ وله طريق أخرى مرسلة في ‏"‏السنن‏"‏ فأخرجه أبو داود ‏[‏عند أبي داود في ‏"‏البيوع - باب في تضمين العارية‏"‏ ص 145، وص 146 - ج 2‏]‏ عن جرير عن عبد العزيز بن رفيع عن أناس من آل عبد اللّه بن صفوان أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ يا صفوان، هل عندك من سلاح‏؟‏ الحديث، وعن أبي الأحوص عن عبد العزيز بن رفيع عن عطاء عن ناس من آل صفوان، قال‏:‏ استعار رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وأخرجه النسائي ‏[‏وعند الدارقطني عن قيس بن الربيع عن عبد العزيز بن رفيع عن ابن أبي مليكة به، وفيه‏:‏ فضاع بعضها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ إن شئت غرمتها، قال‏:‏ لا، إلا أن في قلبي من الإسلام غير ما كان يومئذ، انتهى‏]‏ عن إسرائيل عن عبد العزيز بن رفيع عن ابن أبي مليكة عن عبد الرحمن بن صفوان بن أمية أن النبي صلى الله عليه وسلم استعار من صفوان، وعن هاشم عن حجاج عن عطاء أن النبي صلى الله عليه وسلم، فذكره، يبقى الإشكال في الروايتين، إحداهما قال‏:‏ بل عارية مضمونة، والأخرى قال‏:‏ بل عارية مؤداة، والروايتان عند أبي داود، والنسائي، كلاهما في ‏"‏عارية صفوان‏"‏، قال صاحب ‏"‏التنقيح‏"‏ بعد ذكره الروايتين‏:‏ وهذا دليل على أن العارية منقسمة إلى مؤداة، ومضمونة، قال‏:‏ ويرجع ذلك إلى المعير، فإن شرط الضمان كانت مضمونة، وإلا فهي أمانة، قال‏:‏ وهو مذهب أحمد، وعنه أنها مضمونة بكل حال، وقال أبو حنيفة‏:‏ لا يضمن إلا إذا فرط فيها، وحجته‏:‏ ليس على المستعير، غير المغل ضمان، انتهى‏.‏ قلت‏:‏ بل هما واقعتان، يدل عليه ما رواه عبد الرزاق في ‏"‏مصنفه‏"‏ في أثناء ‏"‏البيوع‏"‏ أخبرنا معمر عن بعض بني صفوان عن صفوان أن النبي صلى الله عليه وسلم استعار منه عاريتين‏:‏ إحداهما بضمان، والأخرى بغير ضمان، انتهى‏.‏

 أحاديث الباب

‏:‏ أخرج أبو داود ‏[‏عند أبي داود في ‏"‏البيوع - باب تضمين العارية‏"‏ ص 146 - ج 2‏]‏ والنسائي عن قتادة عن عطاء بن أبي رباح عن صفوان بن يعلى بن أمية عن أبيه يعلى بن أمية، قال‏:‏ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ إذا أتتك رسلي فأعطهم ثلاثين بعيرًا، وثلاثين درعًا، قال‏:‏ فقلت‏:‏ يا رسول اللّه أعارية مضمونة، أو عارية مؤداة‏؟‏ قال‏:‏ بل مؤداة، انتهى‏.‏ ورواه ابن حبان في ‏"‏صحيحه‏"‏ في النوع الحادي عشر، من القسم الرابع، قال عبد الحق في ‏"‏أحكامه‏"‏‏:‏ حديث يعلى بن أمية أصح من حديث صفوان بن أمية، قال ابن القطان‏:‏ وذلك لأن حديث صفوان هو من رواية شريك عن عبد العزيز بن رفيع، ولم يقل‏:‏ حدثنا، وهو مدلس، وأما أمية بن صفوان فخرج له مسلم، انتهى كلامه‏.‏ وقال في موضع آخر‏:‏ وهم ثلاثة ولوا القضاء، فساء حفظهم بالاشتغال عن الحديث‏:‏ محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وشريك، وقيس بن الربيع، ثم إن شريكًا مدلس، ولم يذكر السماع، انتهى‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه البخاري، ومسلم ‏[‏قلت‏:‏ عند البخاري في ‏"‏الهبة‏"‏ ص 358 - ج 1، وفي ‏"‏الجهاد - باب اسم الفرس الحمار‏"‏ ص 400 - ج 1، وعند مسلم في ‏"‏الفضائل - باب شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ ص 352 - ج 2‏]‏ عن شعبة عن قتادة عن أنس، قال‏:‏ كان فزع بالمدينة، فاستعار النبي صلى الله عليه وسلم فرسًا من أبي طلحة، يقال له‏:‏ المندوب‏:‏ فركب، فلما رجع، قال‏:‏ ما رأينا من شيء، وإن وجدناه لبحرًا، انتهى‏.‏ ورواه البخاري في ‏"‏الجهاد‏"‏، ومسلم في ‏"‏الفضائل‏"‏‏.‏

- حديث آخر‏:‏ رواه الطبراني في ‏"‏معجمه‏"‏ حدثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة الحوطي ثنا عبد الوهاب بن الضحاك ثنا إسماعيل بن عياش عن الأوزاعي عن الزهري عن أبي سلمة عن الشفاء بنت عبد اللّه قالت‏:‏ أتيت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أسأله، فجعل يتعذر إليّ، وأنا ألومه، فحضرت الصلاة، فخرجت على ابنتي وهي تحت شرحبيل بن حسنة، فوجدت شرحبيل في البيت، فقلت‏:‏ قد حضرت الصلاة، وأنت في البيت‏؟‏ فجعلت ألومه، فقال‏:‏ يا خالة لا تلوميني، فإنه كان لنا ثوب، فاستعاره النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت‏:‏ بأبي وأمي، كنت ألومه منذ اليوم، وهذه حاله، ولا أشعر‏؟‏ فقال شرحبيل‏:‏ ما كان إلا درع دفعناه، انتهى‏.‏

- الحديث الثاني‏:‏ قال صلى الله عليه وسلم‏:‏

- ‏"‏المنحة مردودة، والعارية مؤداة‏"‏،

قلت‏:‏ روي من حديث أبي أمامة، ومن حديث ابن عمر، ومن حديث ابن عباس، ومن حديث أنس‏.‏

- فحديث أبي أمامة‏:‏ أخرجه أبو داود ‏[‏عند أبي داود في ‏"‏البيوع - باب في تضمين العارية‏"‏ ص 146 - ج 2، وعند الترمذي في ‏"‏البيوع - باب ما جاء أن العارية مؤداة‏"‏ ص 164 - ج 1، وعند الدارقطني في ‏"‏البيوع‏"‏ ص 306‏.‏‏]‏ عن إسماعيل بن عياش عن شرحبيل بن مسلم عن أبي أمامة، قال‏:‏ سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ إن اللّه قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث، إلى أن قال‏:‏ العارية مؤداة، والمنحة مردودة، قال الترمذي‏:‏ حديث حسن، وأخرجه ابن حبان في ‏"‏صحيحه‏"‏ في النوع السادس والستين، من القسم الثالث عن الجراح بن مليح البهراني ثنا حاتم بن حريث الطائي، سمعت أبا أمامة يقول‏:‏ قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏العارية مؤداة، والمنحة مردودة‏"‏، انتهى‏.‏ وكذلك أخرجه الطبراني في ‏"‏معجمه‏"‏، وقد تقدم الكلام على الحديث في ‏"‏الكفالة‏"‏‏.‏

- وأما حديث ابن عمر‏:‏ فرواه البزار في ‏"‏مسنده‏"‏ حدثنا عبد اللّه بن شبيب ثنا إسحاق بن محمد ثنا عبيد اللّه بن عمر عن زيد بن أسلم عن ابن عمر، قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏العارية مؤداة‏"‏، انتهى‏.‏ وقال‏:‏ لا نعلمه يروى عن ابن عمر إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد‏.‏

- وأما حديث ابن عباس‏:‏ فأخرجه ابن عدي في ‏"‏الكامل‏"‏ عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني قاضي الموصل ثنا سفيان الثوري عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏الزعيم غارم، والدين مقضي، والعارية مؤداة، والمنحة مردودة‏"‏، انتهى‏.‏ وأعله بإسماعيل هذا، وقال‏:‏ إنه منكر الحديث، وعامة ما يرويه لا يتابع عليه‏.‏

- وأما حديث أنس‏:‏ فرواه الطبراني في ‏"‏مسند الشاميين‏"‏، وقد تقدم في ‏"‏الكفالة‏"‏‏.‏

- حديث آخر‏:‏ مرسل، أخرجه الدارقطني، ثم البيهقي في ‏"‏سننيهما ‏[‏عند الدارقطني في ‏"‏البيوع‏"‏ ص 306، وعند البيهقي في ‏"‏السنن - في باب العارية مؤداة‏"‏ ص 88 - ج 6‏]‏ في البيوع‏"‏ عن عطاء بن أبي رباح، قال‏:‏ أسلم قوم في أيديهم عواري المشركين، فقالوا‏:‏ قد أحرز لنا الإسلام ما بأيدينا من عواري المشركين، فبلغ ذلك رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ‏"‏إن الإسلام لا يحرز لكم ما ليس لكم، العارية مؤداة‏"‏، فأدى القوم ما بأيديهم من العواري، انتهى‏.‏ قال الدارقطني‏:‏ هذا مرسل، ولا تقوم به حجة، انتهى‏.‏ - أحاديث ضمان العارية‏:‏ لأصحابنا في القول بعدم الضمان حديث‏:‏ ‏"‏ليس على المستعير، غير المغل ضمان‏"‏، وقد تقدم، وأخرج عبد الرزاق في ‏"‏مصنفه‏"‏ عن عمر بن الخطاب، قال‏:‏ العارية بمنزلة الوديعة، لا ضمان فيها، إلا أن يتعدى، انتهى‏.‏ وأخرج عن علي، قال‏:‏ ليس على صاحب العارية ضمان‏.‏

 أحاديث مختلفة

-  أحاديث الخصوم

- استدلوا بحديث أخرجه الترمذي ‏[‏عند الترمذي في ‏"‏البيوع - في باب قبل - باب ما جاء أن العارية مؤداة‏"‏ ص 164 - ج 1‏.‏‏]‏ عن شريك، وقيس بن الربيع عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة، قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أدّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك‏"‏، انتهى‏.‏ وقال‏:‏ حسن غريب، قال ابن القطان‏:‏ والمانع من تصحيحه أن شريكًا، وقيس بن الربيع مختلف فيهما، انتهى‏.‏ وبحديث الحسن عن سمرة مرفوعًا ‏[‏عند الترمذي ‏"‏باب ما جاء أن العارية مؤداة ص 164 - ج 1‏]‏‏:‏ على اليد ما أخذت حتى تؤدي، قال ابن القطان في ‏"‏كتبه‏"‏‏:‏ وهذا يمكن الاستدلال به لإغرام القيم في المتلفات من العواري، قال‏:‏ وقد رواه ابن أبي شيبة عن عبدة بن سليمان عن سعيد بن أبي عروبة بإسناده، فقال فيه‏:‏ حتى تؤديه، فهو بزيادة الهاء، موجب لرد العين بحسب ما كانت قائمة، كقوله‏:‏ ‏"‏العارية مؤداة‏"‏، ذكر ذلك البزار، انتهى كلامه‏.‏ وأخرج عبد الرزاق في ‏"‏مصنفه‏"‏ عن أبي هريرة قال‏:‏ العارية تغرم، وأخرج ابن عباس نحوه‏.‏

  كتاب الهبة

- الحديث الأول‏:‏ قال عليه السلام‏:‏

- ‏"‏تهادوا تحابوا‏"‏،

قلت تكلف شيخنا علاء الدين مقلدًا لغيره، فعزاه للفردوس دون غيره، وهذا عجز، فقد أخرجه أصحاب الكتب المشهورة من حديث أبي هريرة، ومن حديث ابن عمرو، ومن حديث ابن عمر، ومن حديث عائشة، وروى مرسلًا‏.‏

- فحديث أبي هريرة‏:‏ رواه البخاري في ‏"‏كتابه المفرد في الأدب‏"‏ وترجم عليه ‏"‏باب قبول الهدية‏"‏ حدثنا عمرو بن خالد ثنا ضمام بن إسماعيل سمعت موسى بن وردان عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏تهادوا تحابوا‏"‏، انتهى‏.‏ وأخرجه النسائي في ‏"‏كتاب الكنى‏"‏ عن أبي الحسين محمد بن بكير الحضرمي عن ضمام بن إسماعيل به، وكذلك رواه أبو يعلى الموصلي في ‏"‏مسنده‏"‏، والبيهقي في ‏"‏شعب الإيمان‏"‏ في الباب الحادي والستين، ورواه ابن عدي في ‏"‏الكامل‏"‏، وأعله بضمام بن إسماعيل، وقال‏:‏ إن أحاديثه لا يرويها غيره، انتهى‏.‏

- وأما حديث ابن عمرو‏:‏ فرواه الحاكم في ‏"‏كتاب علوم الحديث‏"‏ ‏[‏أخرجه الحاكم في ‏"‏كتابه معرفة علوم الحديث‏"‏ في النوع العشرين، من علوم الحديث‏:‏ ص 80‏]‏ فقال‏:‏ سمعت أبا زكريا العنبري، قال‏:‏ سمعت أبا عبد اللّه البوشبخي عن يحيى بن بكير عن ضمام بن إسماعيل عن أبي قبيل المعافري عن عبد اللّه بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ قال‏:‏ ‏"‏تهادوا تحابوا‏"‏، انتهى‏.‏ قال الحاكم‏:‏ وتحابوا إما - بتشديد الباء - من الحب، وإما بالتخفيف من المحاباة، انتهى‏.‏ قلت‏:‏ يترجح الأول بما أخرجه البيهقي في ‏"‏شعب الإيمان‏"‏ عن صفية بنت حرب عن أم حكيم بنت وداع، أو قال‏:‏ وادع، قال‏:‏ سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ تهادوا تحابوا، رواه ضمام بن إسماعيل، واختلف عليه، فروى عنه موسى بن وردان عن أبي هريرة، وبهذا الإسناد أخرج مسلم حديث أبا النذير، وروى عنه أبو قبيل عن عبد اللّه بن عمرو، فيحتمل أن يكون لضمام فيه طريقان‏:‏ عن أبي قبيل، وعن موسى بن وردان، وقد روى من طريق ضعيف عن ابن عمر، رواه إسماعيل الراشدي بالإسناد الذي يأتي‏.‏

- وأما حديث ابن عمر‏:‏ فرواه ابن القاسم الأصبهاني في ‏"‏كتاب الترغيب والترهيب‏"‏ من حديث إسماعيل بن إسحاق الراشدي ثنا محمد بن داود بن عبد الجبار عن أبيه عن العوام بن حوشب عن شهر بن حوشب عن ابن عمر، قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ تهادوا تحابو، انتهى‏.‏

- وأما حديث عائشة‏:‏ فرواه الطبراني في ‏"‏معجمه الوسط‏"‏ حدثنا محمد بن يحيى ثنا يحيى ابن محمد بن السكن ثنا ريحان بن سعيد ثنا عرعرة بن البرند ثنا المثنى أبو حاتم العطار عن عبيد بن العيزار عن القاسم بن محمد بن أبي بكر عن عائشة، قالت‏:‏ قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ تهادوا تحابوا، وهاجروا تورثوا أولادكم مجدًا، وأقيلوا الكرام عثراتهم، انتهى‏.‏ حدثنا محمد بن عبد اللّه الحضرمي ثنا إسحاق بن زيد الخطابي ثنا محمد بن سليمان بن أبي داود ثنا المثنى أبو حاتم العطار به‏.‏

- وأما الحديث المرسل‏:‏ فرواه مالك في ‏"‏الموطأ‏"‏ ‏[‏عند مالك في ‏"‏أواخر الموطأ - باب ما جاء في المهاجرة‏"‏ ص 365‏]‏ عن عطاء بن عبد اللّه الخراساني، قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏تصافحوا يذهب الغل، وتهادوا تحابوا، وتذهب الشحناء‏"‏، انتهى‏.‏ ذكره في ‏"‏أواخر الكتاب - في باب ما جاء في المهاجرة‏"‏، وفي نسخة - الهجرة - ‏.‏

 أحاديث الباب

أخرج البخاري في ‏"‏صحيحه‏"‏ ‏[‏عند البخاري في ‏"‏الهبة - باب القليل من الهبة‏"‏ ص 349 - ج 1، وفي ‏"‏الأطعمة - باب من أجاب إلى كراع‏"‏ ص 778 - ج 2‏.‏‏]‏ عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال‏:‏ لو دعيت إلى ذراع أو كراع لأجبته، ولو أهدي إليّ ذراع أو كراع لقبلت، انتهى‏.‏ وأخرج أيضًا ‏[‏عند البخاري في ‏"‏الهبة - باب المكافأة في الهبة‏"‏ ص 352 - ج 1‏]‏ عن عائشة قالت‏:‏ كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها، انتهى‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه الترمذي ‏[‏عند الترمذي في ‏"‏الولاء - باب ما جاء في حث النبي صلى الله عليه وسلم على الهدية‏"‏ ص 36 - ج 2‏.‏‏]‏ في ‏"‏الولاء‏"‏ عن أبي معشر نجيح السندي عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال‏:‏ تهادوا، فإن الهدية تذهب وحر الصدر، ولا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة، انتهى‏.‏ وقال‏:‏ غريب، ورواه أحمد في مسنده‏"‏، قال ابن القطان في ‏"‏كتابه‏"‏‏:‏ وأبو معشر هذا مختلف فيه، فمنهم من يضعفه، ومنهم من يوثقه، فالحديث من أجله حسن، انتهى‏.‏

- الحديث الثاني‏:‏ قال عليه السلام‏:‏

- ‏"‏لا تجوز الهبة إلا مقبوضة‏"‏،

قلت‏:‏ غريب، ورواه عبد الرزاق من قول النخعي، رواه في ‏"‏آخر الوصايا - من مصنفه‏"‏ فقال‏:‏ أخبرنا سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم، قال‏:‏ لا تجوز الهبة حتى تقبض، والصدقة تجوز قبل أن تقبض، انتهى‏.‏

- وفي الباب آثار‏:‏ منها ما رواه مالك في ‏"‏الموطأ‏"‏ ‏[‏عند مالك في ‏"‏الموطأ - في القضاء - باب مالا يجوز من النحل‏"‏ ص 314، وفيه أن أبا بكر نحلها جداد عشرين وسقًا بالغابة، وفي ‏"‏الموطأ‏"‏ لمحمد بن الحسن الشيباني - بالعالية - كما في التخريج، واللّه أعلم‏]‏ - في كتاب القضاء‏"‏ عن ابن شهاب الزهري عن عروة عن عائشة قالت‏:‏ إن أبا بكر كان نحلها جداد عشرين وسقًا بالعالية، فلما حضرته الوفاة قال‏:‏ ما من الناس أحد أحب إلى غنى بعدي منك، ولا أعز على فقرًا منك، وإني كنت نحلتك جداد عشرين وسقًا، فلو كنت حزيته كان لك، وإنما هو اليوم مال وارث، وإنما هو‏:‏ هما أخواك، وأختاك، فاقتسموه على كتاب اللّه، قالت‏:‏ يا أبت واللّه لو كان كذا وكذا لتركته، إنما هي أسماء، فمن الأخرى‏؟‏ قال‏:‏ ذو بطن بنت خارجة، أراها جارية، فولدت جارية أخواها عبد الرحمن، ومحمد، وبنت خارجة هي حبيبة بنت خارجة بن زيد زوجة أبي بكر، كانت ذلك الوقت خارجة، فولدت أم كلثوم، انتهى‏.‏ وعن مالك رواه محمد بن الحسن في ‏"‏موطأه‏"‏، ورواه عبد الرزاق في ‏"‏مصنفه‏"‏ أخبرنا ابن جريج أخبرني بن أبي مليكة أن القاسم بن محمد بن أبي بكر أخبره أن أبا بكر قال لعائشة‏:‏ يا بنية إني كنت نحلتك نخلًا من خيبر، وإني أخاف أن أكون آثرتك على ولدي، وإنك لم تكوني حزيته فرديه على ولدي، فقالت‏:‏ لو كانت لي خيبر بجدادها لرددتها، انتهى‏.‏

- أثر آخر‏:‏ رواه عبد الرزاق أيضًا أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة بن الزبير، قال‏:‏ أخبرني المسور بن مخرمة، وعبد الرحمن بن عبد القاري أنهما سمعا عمر بن الخطاب يقول‏:‏ ما بال أقوام ينحلون أولادهم، فإذا مات الابن قال الأب‏:‏ مالي وفي يدي، وإذا مات الأب، قال‏:‏ مالي كنت نحلت ابني إلى كذا وكذا، ألا لايحل إلا لمن حازه وقبضه، انتهى ‏[‏قال الإمام محمد في ‏"‏الموطأ - في باب النحلى‏"‏ أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن عثمان ابن عفان قال‏:‏ من نحل ولدًا صغيرًا لم يبلغ أن يجوز نحله، فأعلن بها، وأشهد عليها، فهي جائزة، وإن وليها أبوها، قال محمد‏:‏ وبهذا كله نأخذ، وهو قول أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا‏]‏‏.‏

- أثر آخر‏:‏ قال عبد الرزاق‏:‏ أخبرنا ابن جريج، قال‏:‏ زعم سليمان بن موسى أن عمر بن عبد العزيز كتب‏:‏ أيما رجل نحل من قد بلغ الحوز، فلم يدفعه إليه، فتلك النحلة باطلة، وزعم أن عمر أخذه من نحل أبي بكر عائشة، فلم يبنها بإفراده حين حضره الموت، انتهى‏.‏

- الحديث الثالث‏:‏ حديث أكل أولادك نحلت مثل هذا‏؟‏،

قلت‏:‏ أخرجه الأئمة الستة ‏[‏عند البخاري في ‏"‏الهبة - باب الهبة للولد‏"‏ ص 352 - ج 1، وعند مسلم في ‏"‏الهبة - باب كراهية تفضيل بعض الأولاد في الهبة‏"‏ ص 36 - ج 2، وعند الدارقطني في ‏"‏البيوع‏"‏ ص 306 - ج 2‏.‏

‏]‏ عن النعمان بن بشير، قال‏:‏ إن أباه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ إني نحلت ابني هذا غلامًا كان لي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ أكلّ ولدك نحلته مثل هذا‏؟‏ قال‏:‏ لا، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ فارجعه، زاد مسلم في لفظ‏:‏ أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء‏؟‏ قال بلى، قال‏:‏ فلا إذن، انتهى‏.‏ أخرجه البخاري، ومسلم في ‏"‏الهبة‏"‏، وأبو داود في ‏"‏االبيوع‏"‏، والنسائي في ‏"‏النحل‏"‏، والترمذي، وابن ماجه في ‏"‏الأحكام‏"‏ أخرجوه من غير وجه عن النعمان بن بشير بألفاظ مختلفة، والمعنى واحد، وفي لفظ للدارقطني‏:‏ أن الذي نحله أبو النعمان للنعمان كان حائطًا من نخل، قال أبو عبيد القاسم بن سلام في ‏"‏كتاب الأموال‏"‏‏:‏ الحائط هو المخرف ذو النخل والشجر والزرع، انتهى‏.‏ قال البيهقي في ‏"‏المعرفة‏"‏‏:‏ في الحديث دلالة على أمور‏:‏ منها حسن الأدب في أن لا يفضل أحد بعض ولده على بعض في كل، فيعرض في قلبه شيء يمنعه من برّه، لأن كثيرًا من قلوب الناس جبلت على القصور في البر إذا أوثر عليه، ومنها أن نحل الوالد بعض ولده دون بعض جائز، وإلا لكان عطاؤه وتركه سواء، قال الشافعي‏:‏ وقد فضل أبو بكر عائشة بنحل، وفضل عمر ابنه عاصمًا بشيء أعطاه، وفضل عبد الرحمن بن عوف ولد أم كلثوم، ومنها رجوع الوالد في هبته للولد، انتهى‏.‏ ومذهب أحمد وجوب التساوي بين الولد، وإن نحل بعضهم وجب الرجوع فيه، آخذًا بظاهر الحديث، هكذا نقله ابن الجوزي في ‏"‏التحقيق‏"‏، واستدل للقائلين بعدم وجوب الرجوع بما رواه سعيد بن منصور حدثنا إسماعيل بن عياش عن سعيد بن يوسف عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن ابن عباس، قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ساووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلًا أحدًا لفضلت النساء، انتهى‏.‏ ورواه ابن عدي، وقال‏:‏ لا أعلم يرويه عنه غير إسماعيل بن عياش، وهو قليل الحديث، ورواياته بإثبات الأسانيد لا بأس بها، ولا أعرف له شيئًا أنكر مما ذكرت من حديث عكرمة عن ابن عباس، وذكره ابن حبان في ‏"‏الثقات‏"‏، قال في ‏"‏التنقيح‏"‏‏:‏ وسعيد بن يوسف تكلم فيه أحمد، وابن معين، والنسائي، انتهى‏.‏

- الحديث الرابع‏:‏ قال عليه السلام‏:‏

- ‏"‏من أعمر عمرى فهي للمعمر له، ولورثته من بعده‏"‏،

قلت‏:‏ أخرجه الجماعة - إلا البخاري - عن جابر، قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏من أعمر رجلًا عمرى له ولعقبه، فقد قطع‏"‏‏.‏

- قوله‏:‏ حقه فيها وهي لمن أعمر ولعقبه، انتهى‏.‏ وسيأتي قريبًا‏.‏

 باب الرجوع في الهبة

- الحديث الأول‏:‏ قال عليه السلام‏:‏

- ‏"‏لا يرجع الواهب في هبته، إلا الوالد فيما يهب لولده‏"‏،

قلت‏:‏ أخرجه أصحاب السنن الأربعة ‏[‏عند أبي داود في ‏"‏البيوع - باب الرجوع في الهبة‏"‏ ص 143 - ج 2، وعند الترمذي ‏"‏باب ما جاء في كراهية الرجوع في الهبة‏"‏ ص 36 - ج 2، وفي ‏"‏المستدرك - في البيوع‏"‏ ص 46 - ج 2‏.‏‏]‏ عن حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن طاوس عن ابن عمر، وابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال‏:‏ ‏"‏لا يحل لرجل أن يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطي ولده، ومثل االذي يعطي العطية ثم يرجع فيها، كمثل الكلب يأكل، فإذا شبع قاء، ثم عاد في قيئه‏"‏، انتهى‏.‏ قال الترمذي‏:‏ حديث حسن صحيح، ورواه ابن حبان في ‏"‏صحيحه‏"‏ في النوع السابع والثمانين، من القسم الثاني، والحاكم في ‏"‏المستدرك - في كتاب البيوع‏"‏، وقال‏:‏ حديث صحيح الإسناد، ولا أعلم خلافًا في عدالة عمرو بن شعيب، إنما اختلفوا في سماع أبيه من جده، انتهى‏.‏ ورواه أحمد في ‏"‏مسنده‏"‏، والطبراني في ‏"‏معجمه‏"‏، والدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏، ورواه عبد الرزاق في ‏"‏مصنفه‏"‏، أخبرنا ابن جريج عن الحسن بن مسلم عن طاوس عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا‏.‏

- طريق آخر‏:‏ أخرجه النسائي‏.‏ وابن ماجه ‏[‏عند ابن ماجه في ‏"‏الأحكام - باب من أعطى ولده، ثم رجع فيه‏"‏ ص 173، وعند النسائي في ‏"‏الهبة - باب رجوع الوالد فيما يعطي ولده‏"‏ ص 136 - ج عند ابن ماجه في ‏"‏الأحكام - باب من أعطى ولده، ثم رجع فيه‏"‏ ص 173، وعند النسائي في ‏"‏الهبة - باب رجوع الوالد فيما يعطي ولده‏"‏ ص 136 - ج 2‏]‏ عن عامر الأحول عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، قال‏:‏ ‏"‏لا يرجع في هبته إلا الوالد من ولده‏"‏ زاد النسائي‏:‏ والعائد في هبته، كالكلب يعود في قيئه، انتهى‏.‏ قال الدارقطني في ‏"‏علله‏"‏ ‏[‏قلت‏:‏ ومثله قال الدارقطني في ‏"‏السنن‏"‏ عقيب حديث عامر الأحول في ‏"‏البيوع‏"‏ ص 307‏:‏ تابعه إبراهيم بن طهمان، وعبد الوارث عن عامر الأحول، ورواه أسامة بن زيد، والحجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم، في ‏"‏العائد في الهبة‏"‏ دون ذكر الوالد يرجع في هبته، انتهى‏.‏ قلت‏:‏ حديث أسامة بن زيد عن عمرو بن شعيب عند أبي داود في ‏"‏باب الرجوع في الهبة‏"‏ ص 143 - ج 2، وحديث حجاج عن أبي الزبير عن عمرو بن شعيب، عند النسائي في ‏"‏الهبة‏"‏ ص 137 - ج 2، وحديث الحسن بن مسلم عن طاوس مرسلًا، عند النسائي أيضًا في ‏"‏الهبة‏"‏ ص 137 - ج 2‏.‏‏]‏‏:‏ هذا الحديث يرويه عمرو بن شعيب، واختلف عليه فيه، فرواه حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن طاوس عن ابن عمر، وابن عباس، ورواه عامر الأحول عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، ولعل الإسنادين محفوظان، ورواه أسامة بن زيد، والحجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم في العائد في هبته دون ذكر الوالد يرجع في هبته، ورواه الحسن بن مسلم عن طاوس مرسلًا، وتابعه إبراهيم بن طهمان، وعبد الوارث عن عامر الأحول، انتهى كلامه، ومما استدل به الخصوم على منع الرجوع في الهبة حديث قتادة ‏[‏عند أبي داود في ‏"‏البيوع‏"‏ ص 143 - ج 2‏.‏‏]‏ عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس مرفوعًا‏:‏ العائد في هبته كالعائد في قيئه، انتهى‏.‏ زاد أبو داود‏:‏ قال قتادة‏:‏ لا نعلم القيء إلا حرامًا، انتهى‏.‏ وهو أقوى في الحجة من حديث طاوس عن ابن عباس مرفوعًا‏:‏ العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه، انتهى‏.‏ قال ابن القطان‏:‏ أخرجهما البخاري، ومسلم ‏[‏قلت‏:‏ كلا الحديثين عند االبخاري، فأما حديث طاوس فعنده في ‏"‏باب هبة الرجل لامرأته، والمرأة لزوجها‏"‏ ص 352، وحديث قتادة عنده في ‏"‏الهبة - باب لا يحل لأحد أن يرجع في هبته‏"‏ ص 357 - ج 1، وكلا الحديثين، عند مسلم في ‏"‏كتاب الهبة‏"‏ ص 36 - ج 2‏]‏‏.‏

- الحديث الثاني‏:‏ قال عليه السلام‏:‏

- ‏"‏الواهب أحق بهبته ما لم يثب منها‏"‏،

قلت‏:‏ روي من حديث أبي هريرة، ومن حديث ابن عباس، ومن حديث ابن عمر‏.‏

- فحديث أبي هريرة‏:‏ أخرجه ابن ماجه ‏[‏عند ابن ماجه في ‏"‏أبواب الشهادات - باب من وهب هبة رجاء ثوابها‏"‏ ص 174، وعند الدارقطني في ‏"‏البيوع‏"‏ ص 307‏.‏‏]‏ في ‏"‏الأحكام‏"‏ عن إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع ابن جارية عن عمرو بن دينار عن أبي هريرة، قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏الرجل أحق بهبته ما لم يثبت منها‏"‏، انتهى‏.‏ وأخرجه الدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏، وابن أبي شيبة في‏"‏مصنفه‏"‏، وإبراهيم ابن إسماعيل بن جارية ضعفوه‏.‏

- وأما حديث ابن عباس‏:‏ فله طريقان‏:‏ أحدهما‏:‏ عند الطبراني في ‏"‏معجمه‏"‏ حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة حدثني أبي قال‏:‏ وجدت في كتاب أبي عن ابن أبي ليلى عن عطاء عن ابن عباس، قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏من وهب هبة، فهو أحق بهبته ما لم يثبت منها، فإن رجع في هبته، فهو كالذي يقيء ثم يأكل قيئه‏"‏، انتهى‏.‏

الطريق الثاني‏:‏ عند الدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏عند الدارقطني في ‏"‏البيوع‏"‏ ص 307‏]‏ عن إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي عن محمد ابن عبيد اللّه عن عطاء عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال‏:‏ ‏"‏من وهب هبة فارتجع فيها، فهو أحق بها ما لم يثب منها، ولكنه كالكلب يعود في قيئه‏"‏، انتهى‏.‏ وأعله عبد الحق في ‏"‏أحكامه‏"‏ بمحمد بن عبيد اللّه العرزمي، قال ابن القطان كالمتعقب عليه‏:‏ وهو لم يصل إلى العرزمي إلا على لسان كذاب، وهو إبراهيم ابن أبي يحيى الأسلمي، فلعل الجناية منه، انتهى‏.‏

- وأما حديث ابن عمر‏:‏ فرواه الحاكم في ‏"‏المستدرك - في البيوع‏"‏ ‏[‏في ‏"‏المستدرك - في البيوع‏"‏ ص 52 - ج 2، وعند الدارقطني فيه‏:‏ ص 307، وفي ‏"‏السنن للبيهقي - في باب المكافأة بالهبة‏"‏ ص 181 - ج 6‏.‏‏]‏ حدثنا أحمد بن حازم ابن أبي عزرة ثنا عبد اللّه بن موسى ثنا حنظلة بن أبي سفيان، قال‏:‏ سمعت سالم بن عبد اللّه يحدث عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏من وهب هبة فهو أحق بها ما لم يثب منها‏"‏، انتهى‏.‏ وقال‏:‏ حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، إلا أن يكون الحمل فيه على شيخنا، انتهى‏.‏ ورواه الدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏، وعن الحاكم رواه البيهقي في ‏"‏المعرفة‏"‏، وقال‏:‏ غلط فيه عبد اللّه بن موسى، والصحيح رواية عبد اللّه بن وهب عن حنظلة عن سالم عن أبيه عن عمر من قوله، وإسناد حديث أبي هريرة أليق إلا أن فيه إبراهيم بن إسماعيل، وهو ضعيف عند أهل الحديث، فلا يبعد منه الغلط والصحيح رواية سفيان بن عيينة ‏[‏وقال البيهقي في ‏"‏السنن‏"‏ ص 181 - ج 6‏:‏ وعمرو بن دينار عن أبي هريرة منقطع، والمحفوظ عن عمرو بن دينار عن سالم عن أبيه عن عمر، الحديث، وحكى عن البخاري أن هذا أصح، انتهى‏]‏ عن عمرو بن دينار عن سالم عن أبيه عن عمر، فرجع الحديث إلى عمر من قوله، واللّه أعلم، انتهى كلامه‏.‏

- وفي الباب حديث‏:‏ إذا كانت الهبة لذي رحم محرم لم يرجع فيها، وسيأتي قريبًا، وحجتنا فيه بمفهوم الشرط، لأن معناه‏:‏ وإذا كانت لغير محرم فله الرجوع، بل هو مصرح به في أثر عن عمر، ورواه عبد الرزاق في ‏"‏مصنفه‏"‏ أخبرنا سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم، قال‏:‏ قال عمر‏:‏ من وهب هبة لذي رحم، فليس له أن يرجع فيها، ومن وهب هبة لغير ذي رحم، فله أن يرجع فيها، إلا أن يثاب منها، انتهى‏.‏

- الحديث الثالث‏:‏ قال عليه السلام‏:‏

- ‏"‏العائد في هبته كالعائد في قيئه‏"‏،

قلت‏:‏ أخرجه الجماعة - إلا الترمذي - عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال‏:‏ العائد في هبته كالعائد في قيئه‏"‏، انتهى‏.‏ زاد أبو داود قال قتادة‏:‏ ولا نعلم القيء إلا حرامًا، انتهى‏.‏ ويوجد في بعض نسخ ‏"‏الهداية‏"‏ العائد في هبته، كالكلب يعود في قيئه، وهو كذلك في غالب كتب أصحابنا، أخرجه البخاري، ومسلم عن طاوس عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ العائد في هبته، كالكلب يعود في قيئه، انتهى‏.‏

الحديث الرابع‏:‏ قال عليه السلام‏:‏

- ‏"‏إذا كانت الهبة لذي رحم محرم لم يرجع فيها‏"‏،

قلت‏:‏ أخرجه الحاكم في ‏"‏المستدرك - في البيوع‏"‏، والدارقطني، ثم البيهقي في ‏"‏سننيهما‏"‏ ‏[‏في ‏"‏المستدرك - في البيوع‏"‏ ص 52 - ج 2، وعند الدارقطني في ‏"‏البيوع‏"‏ ص 307، وفي ‏"‏السنن للبيهقي - باب المكافأة في الهبة‏"‏ ص 181 - ج 6‏]‏ عن عبد اللّه بن جعفر عن عبد اللّه بن المبارك عن حماد بن سلمة عن قتادة عن الحسن عن سمرة قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إذا كانت الهبة لذي رحم محرم لم يرجع فيها‏"‏، انتهى‏.‏ قال الحاكم‏:‏ فحديث صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه، انتهى‏.‏ وقال الدارقطني‏:‏ تفرد به عبد اللّه بن جعفر، انتهى‏.‏ ووقع للحاكم مثل هذا في حديث‏:‏ على اليد ما أخذت، حتى تؤدي، وتعقبه الشيخ تقي الدين في ‏"‏الإلمام‏"‏، وقال‏:‏ بل هو على شرط الترمذي، انتهى‏.‏ وقال ابن الجوزي في ‏"‏التحقيق‏"‏‏:‏ وعبد اللّه بن جعفر هذا ضعيف، وخطأه صاحب ‏"‏التنقيح‏"‏ وقال‏:‏ بل هو ثقة من رجال - الصحيحين - والضعيف هو والد علي بن المديني، وهو متقدم على هذا، وهو الرقي ثقة، ورواة هذا الحديث كلهم ثقات، ولكنه حديث منكر، وهو من أنكر ما روى عن الحسن عن سمرة، انتهى‏.‏ - الحديث الخامس‏:‏ روي أنه عليه السلام أجاز العمرى، وأبطل شرط المعمر،

قلت‏.‏ قال البخاري، ومسلم ‏[‏عند البخاري في ‏"‏الهبات - باب ما قيل في العمرى والرقبى‏"‏ ص 357 - ج 1، وعند مسلم في ‏"‏الهبات - باب العمرى‏"‏ ص 37، وص 38 - ج 2‏]‏ عن أبي سلمة عن جابر، قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أمسكوا عليكم أموالكم لا تعمروها، فإنه من أعمر عمرى، فإنها للذي أعمرها حيًا وميتًا، ولعقبه‏"‏، انتهى‏.‏ وأخرج أيضًا ‏[‏عند مسلم في ‏"‏الهبات - باب في العمرى ص 38 - ج 2‏]‏ عن أبي الزبير عن جابر، قال‏:‏ أعمرت امرأة بالمدينة حائطًا لها ابنًا لها، ثم توفي، وتوفيت بعده، وترك ولدًا له، وله إخوة بنون للمعمرة، فقال ولد المعمرة‏:‏ رجع الحائط إلينا، وقال بنو المعمر‏:‏ بل كان لأبينا حياته وموته، فاختصموا إلى طارق مولى عثمان، فدعا جابرًا، فشهد على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بالعمرى لصاحبها، فقضى بذلك طارق، ثم كتب إلى عبد الملك، فأخبره بذلك، وأخبره بشهادة جابر، فقال عبد الملك‏:‏ صدق جابر، فأمضى ذلك طارق، فإن ذلك الحائط لبني المعمر حتى اليوم، انتهى‏.‏ وأخرجه أبو داود، والنسائي ‏[‏عند أبي داود في ‏"‏البيوع - باب في العمرى‏"‏ ص 144 - ج 2، وعند النسائي في ‏"‏العمرى‏"‏ ص 139 - ج 2‏]‏ عن عروة عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال‏:‏ ‏"‏من أعمر عمرى فهي له ولعقبه، يرثها من يرث من عقبه‏"‏، انتهى‏.‏ وأخرجه أبو داود ‏[‏عند أبي داود في ‏"‏البيوع - باب من قال فيه‏:‏ ولعقبه‏"‏ ص 144 - ج 2‏.‏‏]‏ عن طارق المكي عن جابر بن عبد اللّه‏:‏، قال‏:‏ قضى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في امرأة من الأنصار أعطاها ابنها حديقة من نخل، فماتت، فقال ابنها‏:‏ إنما أعطيتها حياتها، وله إخوة، فقال عليه السلام‏:‏ هي لها حياتها وموتها، قال‏:‏ كنت تصدقت بها عليها، قال‏:‏ ذلك أبعد لك منها، انتهى‏.‏ قال ابن القطان‏:‏ رجال إسناده كلهم ثقات، وطارق المكي هو قاضي مكة، مولى عثمان بن عفان، وهو ثقة، قاله أبو زرعة، انتهى كلامه‏.‏ ورواه أحمد في ‏"‏مسنده‏"‏ حدثنا روح ثنا سفيان الثوري عن حميد بن قيس عن محمد بن إبراهيم عن جابر أن رجلًا من الأنصار أعطى أمه حديقة من نخل حياتها، فماتت، فجاء إخوته، فقالوا‏:‏ نحن فيه شرع سواء، فأبى، فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقسمها بينهم ميراثًا، انتهى‏.‏ قال في ‏"‏االتنقيح‏"‏‏:‏ ورواته كلهم ثقات، انتهى‏.‏ وأخرج البخاري، ومسلم ‏[‏عند البخاري في ‏"‏الهبات - باب ما قيل في العمرى‏"‏ ص 357 - ج 1، وعند مسلم فيه‏:‏ ص 38 - ج 2‏.‏‏]‏ عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة، قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏العمرى جائزة‏"‏، انتهى‏.‏ ويشكل على هذا ما أخرجه مسلم ‏[‏عند مسلم في ‏"‏الهبات - باب العمرى‏"‏ ص 38 - ج 2‏.‏‏]‏ عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر بن عبد اللّه، قال‏:‏ إنما العمرى التي أجاز رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أن يقول‏:‏ هي لك ولعقبك، فأما إذا قال‏:‏ هي لك ما عشت، فإنها ترجع إلى صاحبها، قال معمر‏:‏ كان الزهري يفتي به، انتهى‏.‏

- الحديث السادس‏:‏ حديث نهي عن بيع وشرط، تقدم ‏"‏أوائل البيوع‏"‏‏.‏

- الحديث السابع‏:‏ روي أنه عليه السلام أجاز العمرى، ورد الرقبى،

قلت‏:‏‏"‏ غريب، ومذهب أحمد كقول أبي يوسف في جواز الرقبى، قياسًا على العمرى، واستدل لهما ابن الجوزي في ‏"‏التحقيق‏"‏ بأحاديث‏:‏ منها ما أخرجه النسائي، وابن ماجه ‏[‏عند النسائي في ‏"‏العمرى‏"‏ ص 139 - ج 2، وعند ابن ماجه في‏:‏ ص 173، وزاد ابن ماجه قال‏:‏ والرقبى أن يقول هو للآخر مني، ومنك موتًا، انتهى‏]‏ عن عطاء عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن عمر مرفوعًا‏:‏ لا عمرى ولا رقبى، فمن أعمر شيئًا، أو أرقبه، فهو له حياته ومماته، انتهى‏.‏ وصحح الترمذي في ‏"‏كتابه‏"‏ حديثًا من رواية حبيب عن ابن عمر، وهو حديث‏:‏ بني الإسلام على خمس، وفيه اختلاف، بيّنه الدارقطني في ‏"‏علله‏"‏ فقال‏:‏ هذا حديث يرويه عطاء بن أبي رباح عن حبيب عن ابن عمر مرفوعًا كذلك، ورواه يزيد بن أبي زياد عن حبيب عن ابن عمر مرفوعًا في الرقبى دون العمري، ورواه مسعر عن حبيب به في العمرى دون الرقبى، ورواه أيوب السختياني، وعمرو بن دينار، وكامل أبو العلاء عن حبيب به موقوفًا، وهو أشبه بالصواب، انتهى‏.‏

وبحديث أخرجه أبو داود، والنسائي ‏[‏عند أبي داود في ‏"‏البيوع - باب من قال فيه‏:‏ ولعقبه‏"‏ ص 145 - ج 2، وفي روايته‏:‏ فمن أرقب شيئًا، أو أعمره، فهو لورثته، وعند النسائي في ‏"‏كتاب العمرى‏"‏ ص 139 - ج 2‏.‏

‏]‏ عن ابن جريج عن عطاء عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ لا ترقبوا، أو لا تعمروا، فمن أعمر عمرى، أو أرقب رقبى، فهي سبيل الميراث، انتهى‏.‏ وأخرجه النسائي عن عبد الكريم عن عطاء مرسلًا، وأخرجه الأربعة ‏[‏عند الترمذي في ‏"‏الأحكام - باب ما جاء في الرقبى‏"‏ ص 173 - ج 1 عن داود عن أبي هند عن أبي الزبير عن جابر، قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏العمرى جائزة لأهلها، والرقبى جائزة لأهلها‏"‏ انتهى‏.‏ وعند ابن ماجه في ‏"‏الشهادات - باب الرقبى‏"‏ ص 173 بالسند السابق مرفوعًا‏:‏ العمرى جائزة لمن أعمرها، والرقبى جائزة لمن أرقبها، وعند أبي داود في ‏"‏باب الرقبى‏"‏ ص 145 - ج 2 به مرفوعًا، مثل متن الترمذي، وعند النسائي بأسانيد ومتون مختلفة، فليراجع‏]‏ عن أبي الزبير عن جابر، وفي مسنده ومتنه اختلاف‏.‏

وبحديث‏:‏ أخرجه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه ‏[‏عند النسائي في ‏"‏العمرى‏"‏ ص 138 - ج 2، وعند أبي داود ‏"‏باب في الرقبى‏"‏ ص 145 - ج 2، وعند ابن ماجه في ‏"‏باب العمرى‏"‏ مرفوعًا‏:‏ ص 173‏]‏ وأحمد في ‏"‏مسنده‏"‏، وابن حبان في ‏"‏صحيحه‏"‏ عن عمرو بن دينار عن طاوس عن حجر المدري عن زيد بن ثابت، قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏من أعمر شيئًا فهو لمعمره حياته ومماته، ولا ترقبوا، فمن أرقب شيئًا فهو سبيله‏"‏، انتهى‏.‏ وأخرجه النسائي عن ابن طاوس عن أبيه به، بلفظ‏:‏ العمرى للوارث، وبلفظ‏:‏ العمرى جائزة‏.‏وبحديث‏:‏ أخرجه النسائي ‏[‏عند النسائي في ‏"‏الرقبى‏"‏ ص 138 - ج 2، وينظر الاختلافات في - النسائي‏]‏ عن حجاج بن أرطأة عن أبي الزبير عن طاوس عن ابن عباس مرفوعًا‏:‏ من أعمر عمرى، فهي لمن أعمرها جائزة، ومن أرقب رقبى، فهي لمن أرقبها جائزة، وفيه اختلاف ذكره النسائي في ‏"‏سننه‏"‏‏.‏

  كتاب الإجارات

- الحديث الأول‏:‏ قال عليه السلام‏:‏

- ‏"‏أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه‏"‏،

قلت‏:‏ روي من حديث ابن عمر، ومن حديث أبي هريرة، ومن حديث جابر، ومن حديث أنس‏.‏

- فحديث ابن عمر‏:‏ أخرجه ابن ماجه في ‏"‏سننه ‏[‏ص 178‏]‏ - في كتاب الأحكام - في باب أجر الأجراء‏"‏ عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر، قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏اعطوا الأجير أجره، قبل أن يجف عرقه‏"‏، انتهى‏.‏ وهو معلول بعبد الرحمن بن زيد‏.‏

- وأما حديث أبي هريرة‏:‏ فرواه أبو يعلى الموصلي في ‏"‏مسنده‏"‏ حدثنا إسحاق بن إسرائيل ثنا عبد اللّه بن جعفر أخبرني سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعًا، نحوه سواء، ورواه ابن عدي في ‏"‏الكامل‏"‏، وأعله بعبد اللّه بن جعفر هذا، وهو والد علي بن المديني، وأسند تضعيفه عن النسائي، والسعدي، وابن معين، والفلاس، ولينه ابن عدي، فقال‏:‏ عامة ما يرويه لا يتابع عليه، ومع ضعفه يكتب حديثه، انتهى‏.‏ ورواه أبو نعيم الحافظ في ‏"‏كتاب الحلية - في ترجمة سفيان الثوري‏"‏ حدثنا محمد بن عمر بن سلم ثنا أحمد بن الحسن بن إسماعيل السكوني بالكوفة - من كتابه - ثنا أحمد بن بديل ثنا عبد العزيز بن أبان عن سفيان عن سهيل به، وقال‏:‏ غريب لم نكتبه إلا من هذا الوجه، انتهى‏.‏ ووهم شيخنا علاء الدين مقلدًا لغيره، فعزاه للبخاري‏.‏

- وأما حديث أنس‏:‏ فرواه أبو عبد اللّه الترمذي الحكيم في ‏"‏كتاب نوادر الأصول‏"‏ في الأصل الثاني عشر، حدثنا موسى بن عبد اللّه بن سعيد الأزدي ثنا محمد بن زياد بن ريان الكلبي عن بشر بن الحسين ‏[‏قلت‏:‏ بشر بن الحسين أبو محمد الأصبهاني الهلالي، صاحب الزبير بن عدي، راجع له ‏"‏اللسان‏"‏ ص 21 - ج 2‏.‏‏]‏ الهلالي عن الزبير بن عدي عن أنس بن مالك مرفوعًا، نحوه سواء‏.‏

- حديث آخر‏:‏ مرسل، رواه أبو أحمد بن زنجويه النسائي في ‏"‏كتاب الأموال‏"‏ حدثنا مسلم بن إبراهيم ثنا عثمان بن عثمان الغطفاني عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال‏:‏ أعطوا الأجير أجره، إلى آخره‏.‏

- وأما حديث جابر‏:‏ فرواه الطبراني في ‏"‏معجمه الصغير‏"‏ حدثنا أحمد بن محمد بن الصلت البغدادي بمصر ثنا محمد بن زياد بن ريان الكلبي ثنا شرقي بن قطامي عن أبي الزبير عن جابر، قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فذكره، وقال‏:‏ تفرد به محمد بن زياد، قال ابن طاهر‏:‏ هذا حديث روي من حديث ابن عمر، ومن حديث أبي هريرة، ومن حديث جابر‏.‏

- فحديث ابن عمر‏:‏ رواه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر، وعبد الرحمن ضعيف‏.‏

- وحديث أبي هريرة‏:‏ له طرق، فرواه أبو إسحاق الكوري عن زيد بن أسلم عن عطاء عن أبي هريرة، والكوري هذا ضعيف، ورواه عبد اللّه بن جعفر المديني عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة، وعبد اللّه هذا هو والد علي بن المديني، وليس بشيء في الحديث، ورواه محمد بن عمار المؤذن عن المقبري عن أبي هريرة، والحديث يعرف بابن عمار هذا، وليس بالمحفوظ، وحديث جابر، رواه محمد بن زياد بن ريان الطائي عن شرقي بن قطامي عن أبي الزبير عن جابر، وشرقي منكر الحديث، انتهى كلامه‏.‏ ومعنى الحديث في ‏"‏الصحيح‏"‏ أخرجه البخاري ‏[‏عند البخاري في ‏"‏الإجارات - باب إثم من منع أجر الأجراء‏"‏ ص 302 - ج 1، وعند ابن ماجه في ‏"‏الأحكام - باب أجر الأجراء‏"‏ ص 178‏.‏‏]‏ عن المقبري عن أبي هريرة، قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة رجل أعطى بي، ثم غدر، ورجل باع حرًا، فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرًا، فاستوفى منه، ولم يعطه أجره، انتهى‏.‏

- الحديث الثاني‏:‏ قال عليه السلام‏:‏

- ‏"‏من استأجر أجيرًا فليعلمه أجره‏"‏،

قلت‏:‏ رواه عبد الرزاق في ‏"‏مصنفه - في البيوع‏"‏ حدثنا معمر، والثوري عن حماد عن إبراهيم عن أبي هريرة، وأبي سعيد الخدري، أو أحدهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏من استأجر أجيرًا، فليسم له أجرته‏"‏، قال عبد الرزاق‏:‏ فقلت للثوري يومًا‏:‏ أسمعت حمادًا يحدث عن إبراهيم عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ من استأجر أجيرًا فليسم له أجرته‏؟‏ قال‏:‏ نعم، وحدث به مرة أخرى، فلم يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم، انتهى‏.‏ ورواه محمد بن الحسن في ‏"‏كتاب الآثار‏"‏ أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي عن أبي سعيد الخدري، وأبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏من استأجر أجيرًا فليعلمه أجره‏"‏، انتهى‏.‏ وعن عبد الرزاق رواه إسحاق بن راهويه في ‏"‏مسنده‏"‏، فقال‏:‏ أخبرنا عبد الرزاق ثنا معمر عن حماد عن إبراهيم عن الخدري عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، قال‏:‏ ‏"‏من استأجر أجيرًا فليبين له أجرته‏"‏، انتهى‏.‏ أخبرنا النضر بن شميل ثنا حماد بن سلمة عن حماد عن إبراهيم عن الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يستأجر الرجل حتى يبين له أجره، انتهى‏.‏ وبهذا اللفظ الأخير رواه أحمد في ‏"‏مسنده‏"‏ وأبو داود في ‏"‏مراسيله‏"‏، ومن جهة أبي داود ذكره عبد الحق في ‏"‏أحكامه‏"‏، قال‏:‏ وإبراهيم لم يدرك أبا سعيد، انتهى‏.‏ ‏[‏قوله‏:‏ وإبراهيم لم يدرك أبا سعيد، انتهى‏.‏ قال الحافظ ابن حجر في ‏"‏الدراية‏"‏ أي لم يسمع منه‏]‏ وسند أبي داود حدثنا موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان، ورواه النسائي في ‏"‏المزارعة‏"‏ موقوفًا على الخدري ‏[‏عند النسائي في ‏"‏المزارعة‏"‏ ص 150 - ج 2‏.‏‏]‏‏:‏ إذا استأجرت أجيرًا فأعلمه أجره، ولم يذكره ابن عساكر في ‏"‏أطرافه‏"‏، ورواه ابن أبي شيبة في ‏"‏مصنفه‏"‏ موقوفًا على الخدري، وأبي هريرة، فقال‏:‏ حدثنا وكيع عن سفيان عن حماد عن إبراهيم عن أبي هريرة، وأبي سعيد، قالا‏:‏ من استأجر أجيرًا فليعلمه أجره، انتهى‏.‏ ذكره في ‏"‏البيوع‏"‏ قال ابن أبي حاتم في ‏"‏كتاب العلل‏"‏ ‏[‏في ‏"‏الإجارات‏"‏ ص 443 - ج 2‏.‏‏]‏‏:‏ سألت أبا زرعة عن حديث رواه حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يستأجر حتى يعلم أجره، ورواه الثوري عن حماد عن إبراهيم عن أبي سعيد موقوفًا، فقال أبو زرعة‏:‏ الصحيح موقوف، فإن الثوري أحفظ، انتهى كلامه‏.‏

 أحاديث الباب

قال المصنف‏:‏ وقد شهدت بصحتها الآثار - يعني الإجارة - ثم ذكر الحديثين المتقدمين، وفيها أحاديث صحيحه‏:‏ منها حديث أبي هريرة‏:‏ ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة‏:‏ رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرًا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه، ولم يعطه أجره، انتهى‏.‏ رواه البخاري‏.‏

- حديث آخر‏:‏ حديث اللديغ، رواه الأئمة الستة في ‏"‏كتبهم‏"‏، وسيأتي قريبًا‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه البخاري، ومسلم عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى الحجام أجره، انتهى‏.‏ وسيأتي قريبًا‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه البخاري ‏[‏عند البخاري في ‏"‏الإجارات - باب رعي الغنم على قراريط‏"‏ ص 301 - ج 1‏.‏

‏]‏ عن عمرو بن يحيى عن جده عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ما بعث اللّه نبيًا إلا رعى الغنم، فقال أصحابه‏:‏ وأنت يا رسول اللّه‏؟‏ قال‏:‏ نعم، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة، انتهى‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه البخاري أيضًا ‏[‏عند البخاري في ‏"‏الإجارات - باب استئجار المشركين عند الضرورة‏"‏ ص 301 - ج 1‏]‏ عن عروة عن عائشة، قالت‏:‏ استأجر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر رجلًا من الديل، هاديًا خريتًا، وهو على دين كفار قريش، فدفعا إليه راحلتيهما، ووعداه غار ثور بعد ثلاث ليال براحلتيهما صبح ثلاث، انتهى‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه ابن حبان في ‏"‏صحيحه‏"‏ عن سويد بن قيس، قال‏:‏ جلبت أنا ومخرمة العبدي بزًا من هجر، فأتانا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فساومنا سراويل، وعنده وزان يزن بالأجر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ زن وأرجح، انتهى‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه ابن ماجه ‏[‏عند ابن ماجه في ‏"‏الأحكام - باب الرجل يستقي كل دلو بتمرة، ويشترط جلدة‏"‏ ص 178‏]‏ عن حنش عن عكرمة عن ابن عباس، قال‏:‏ أصاب نبي اللّه صلى الله عليه وسلم خصاصة، فبلغ ذلك عليًا رضي اللّه عنه، فخرج يلتمس عملًا يصيب فيه شيئًا ليغيث به رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فأتى بستانًا لرجل من اليهود، فاستقى له تسعة عشر دلوًا، كل دلو بتمرة، ثم جاء بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، انتهى‏.‏ وأعله في ‏"‏التنقيح‏"‏ بحنش، قال‏:‏ واسمه حسين بن قيس، وقد ضعفوه إلا الحاكم، فإنه وثقه، وقد رواه أحمد في ‏"‏مسنده‏"‏ أخبرنا إسماعيل ثنا أيوب عن مجاهد، قال‏:‏ قال علي رضي اللّه عنه‏:‏ جعت مرة بالمدينة جوعًا شديدًا فخرجت أطلب العمل في عوالي المدينة، فإذا أنا بامرأة تريد الماء، فقاطعتها كل ذنوب بتمرة، فمددت ستة عشر ذنوبًا حتى قحلت يداي، ثم أتيتها فقلت بكفيّ - هكذا بين يديها - فعدت لي ست عشرة تمرة، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فأكل معي منها، انتهى‏.‏ قال في ‏"‏التنقيح‏"‏‏:‏ فيه انقطاع، قال أبو زرعة‏:‏ مجاهد عن علي مرسل‏:‏ وقال أبو حاتم‏:‏ مجاهد أدرك عليًا، ولا نعلم له رواية ولا سماعًا، انتهى كلامه‏.‏

-