فصل: أحاديث الباب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية **


 أحاديث الباب

واستدل ابن الجوزي في ‏"‏التحقيق‏"‏ لأصحابنا بأحاديث‏:‏ منها ما أخرجه النسائي ‏[‏عند النسائي في ‏"‏الأشربة‏"‏ ص 333 - ج 2‏.‏‏]‏ عن يحيى بن اليمان العجلي عن سفيان عن منصور عن خالد بن سعد عن أبي مسعود الأنصاري أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ عطش وهو يطوف بالبيت، فأُتي بنبيذ من السقاية، فقطب، فقال له رجل‏:‏ أحرام هو يا رسول اللّه‏؟‏ قال‏:‏ لا، عليّ بذنوب من ماء زمزم، فصبه عليه، ثم شرب، وهو يطوف بالبيت، انتهى‏.‏ قال في ‏"‏التنقيح‏"‏‏:‏ حديث ضعيف، لأن يحيى بن يمان انفرد به، دون أصحاب سفيان، وهو سيء الحفظ، كثير الخطأ، رواه الأشجعي، وغيره عن سفيان عن الكلبي عن أبي صالح عن المطلب بن أبي وداعة السهمي، قال‏:‏ أُتي النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بنبيذ، نحو هذا مرسل، ورواه يحيى بن سعيد عن سفيان عن منصور عن إبراهيم عن خالد بن سعد عن أبي مسعود، فعله، وقال ابن عدي‏:‏ قال البخاري‏:‏ حديث يحيى بن يمان هذا لا يصح، وقال أبو حاتم، وأبو زرعة‏:‏ أخطأ ابن يمان في إسناد هذا الحديث، وإنما ذاكرهم سفيان عن الكلبي عن أبي صالح عن المطلب بن أبي وداعة مرسلًا، فأدخل ابن اليمان حديثًا في حديث، والكلبي لا يحل الاحتجاج به ‏[‏قال في ‏"‏الدراية‏"‏ ص 351‏:‏ قال أبو حاتم، وأبو زرعة‏:‏ أخطأ ابن اليمان في إسناده، وإنما ذاكرهم سفيان الثوري عن الكلبي عن أبي صالح عن المطلب بن أبي وادعة مرسلًا، فظنه يحيى بن يمان عنده عن منصور عن خالد بن سعد عن أبي مسعود، فأدخل حديثًا في حديث، انتهى، ومثله في ‏"‏كتاب العلل‏"‏ ص 26 - ج 2‏]‏‏.‏

- وبحديث آخر‏:‏ أخرجه النسائي أيضًا ‏[‏عند النسائي في ‏"‏الأشربة‏"‏ ص 332 - ج 2‏]‏ عن عبد الملك بن نافع، قال‏:‏ قال ابن عمر‏:‏ رأيت رجلًا جاء إلى رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فدفع إليه قدحًا فيه نبيذ، فوجده شديدًا، فرده عليه، فقال رجل من القوم‏:‏ يا رسول اللّه أحرام هو‏؟‏ فعاد، فأخذ منه القدح، ثم دعا بماء، فصبه عليه، ثم رفعه إلى فيه، فقطب، ثم دعا بماء آخر، فصبه عليه، ثم قاال‏:‏ إذا اغتلمت عليكم هذه الأوعية، فاكسروا متونها بالماء، قال النسائي‏:‏ وعبد الملك بن نافع غير مشهور، ولا يحتج بحديثه، والمشهور عن ابن عمر، خلاف هذا، ثم أخرج عن ابن عمر حديث تحريم المسكر من غير وجه، قال‏:‏ وهؤلاء أهل البيت، والعدالة المشهورون بصحة النقل، وعبد الملك لا يقوم مقام واحد منهم، وقال البخاري‏:‏ لا يتابع عليه، وقال أبو حاتم‏:‏ هذا حديث منكر، وعبد الملك بن نافع شيخ مجهول، وقال البيهقي‏:‏ هذا حديث يعرف بعبد الملك بن نافع، وهو رجل مجهول، اختلفوا في اسمه، واسم أبيه، فقيل‏:‏ هكذا، وقيل‏:‏ عبد الملك بن القعقاع، وقيل‏:‏ مالك بن القعقاع، انتهى‏.‏

- وبحديث آخر‏:‏ أخرجه النسائي ‏[‏وعند الدارقطني أيضًا في ‏"‏الأشربة‏"‏ ص 534‏]‏ عن أبي الأحوص عن سماك عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي بردة، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ اشربوا في الظروف، ولا تسكروا، قال النسائي‏:‏ حديث منكر، غلط فيه أبو الأحوص سلام بن سليم، ولا نعلم أحدًا تابعه عليه من أصحاب سماك، وسماك كان يقبل التلقين، قال أحمد بن حنبل‏:‏ كان أبو الأحوص يخطئ في هذا الحديث، خالفه شريك في إسناده، ولفظه، ثم أخرجه عن شريك عن سماك بن حرب عن ابن بريدة عن أبيه أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ نهى عن الدباء، والختم، والنقير، والمزفت، وقال أبو زرعة ‏[‏راجع ‏"‏كتاب العلل‏"‏ ص 24 - ج 2‏]‏‏:‏ وهم أبو الأحوص فقال‏:‏ عن سماك عن القاسم عن أبيه عن أبي بردة، فقلب من الإسناد موضعًا، وصحف موضعًا، أما القلب، فقوله‏:‏ عن أبي بردة، أراد عن ابن بريدة، ثم احتاج أن يقول‏:‏ ابن بريدة عن أبيه، فقلب الإسناد بأسره، وأفحش من ذلك تصحيفه لمتنه‏:‏ اشربوا في الظروف ولا تسكروا، وقد روى هذا الحديث عن ابن بريدة عن أبيه أبو سنان ضرار بن مرة، وزبيد اليامي عن محارب بن دثار، وسماك بن حرب، والمغيرة بن سبيع، وعلقمة بن مرثد، والزبير بن عدي، وعطاء الخراساني، وسلمة بن كهيل، كلهم عن ابن بريدة عن أبيه عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال‏:‏ نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي، فوق ثلاث، فامسكوا ما بدا لكم، ونهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء، فاشربوا في الأسقية، ولا تشربوا مسكرًا، وفي حديث بعضهم‏:‏ واجتنبوا كل مسكر، لم يقل أحد منهم‏:‏ ولا تسكروا، فقد بان وهم أبي الأحوص، من اتفاق هؤلاء على خلافه وقال ابن أبي حاتم‏:‏ سمعت أبا زرعة يقول‏:‏ سمعت أحمد بن حنبل يقول‏:‏ حديث أبي الأحوص عن سماك عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي بردة خطأ الإسناد، والكلام، أما الإسناد، فإن شريكًا، وأيوب، ومحمدًا ابني جابر رووه عن سماك عن القاسم بن عبد الرحمن عن ابن بريدة عن أبيه عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، كما رواه الناس‏:‏ انتبذوا في كل وعاء، ولا تشربوا مسكرًا، قال أبو زرعة‏:‏ وكذلك أقول‏:‏ هذا خطأ، والصحيح حديث ابن بريدة، عن أبيه، انتهى‏.‏

- وبحديث آخر‏:‏ أخرجه الدارقطني عن القاسم بن بهرام ثنا عمرو بن دينار عن ابن عباس، قال‏:‏ مر رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ على قوم بالمدينة، فقالوا‏:‏ يا رسول اللّه إن عندنا شرابًا لنا، أفلا نسقيك منه‏؟‏ قال‏:‏ بلى، فأُتي بعقب، أو قدح فيه نبيذ، فلما أخذه النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وقربه إلى فيه، قطب، ثم دعا الذي جاء به، فقال‏:‏ خذه فأهرقه، فقال‏:‏ يا رسول اللّه هذا شرابنا، إن كان حرامًا لم نشربه، فأخذه، ثم دعا بماء فشنه عليه، ثم شرب، وسقى، وقال‏:‏ إذا كان هكذا، فصنعوا به هكذا، انتهى‏.‏ قال ابن الجوزي‏:‏ تفرد به القاسم بن بهرام، قال ابن حبان‏:‏ لا يجوز الاحتجاج به بحال، انتهى‏.‏

- الحديث العاشر‏:‏ قال عليه السلام في حديث فيه طول بعد ذكر الأوعية‏:‏

- فاشربوا في كل ظرف، فإن الظرف لا تحل شيئًا ولا تحرمه، ولا تشربوا المسكر، وقاله بعد ما أخبر عن النهي عنه،

قلت‏:‏ أخرجه الجماعة ‏[‏عند مسلم في ‏"‏الأشربة‏"‏ ص 166 - ج 2، وعند مسلم في ‏"‏الأوعية‏"‏ أيضًا‏:‏ ص 164 - ج 2، وعند النسائي فيه‏:‏ في ‏"‏باب الإذن في الجر خاصة‏"‏ ص 328 - ج 2، وعند الترمذي ‏"‏فيه - في باب ما جاء في الرخصة أن ينتبذ في الظرف‏"‏ ص 9 - ج 2، وعند ابن ماجه ‏"‏فيه - في باب ما رخص فيه من ذلك‏"‏ ص 252‏.‏‏]‏ - إلا البخاري - عن بريدة قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ كنت نهيتكم عن الأشربة إلا في ظروف الأدم، فاشربوا في كل وعاء، غير أن لا تشربوا مسكرًا، وفي لفظ لمسلم‏:‏ نهيتكم عن الظروف، وأن الظرف لا يحل شيئًا، ولا يحرمه، وكل مسكر حرام، انتهى‏.‏ أخرجه مسلم، وأبو داود، والنسائي عن عبد اللّه بن بريدة عن أبيه، وأخرجه الترمذي عن سليمان بن بريدة عن أبيه، وأخرجه ابن ماجه عن ابن بريدة عن أبيه لم يسمه، وأخرجه ابن حبان في ‏"‏صحيحه‏"‏ عن مسروق عن ابن مسعود، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏إني نهيتكم عن نبيذ الأوعية، ألا وإن وعاء لا يحرم شيئًا، وكل مسكر حرام‏"‏، انتهى‏.‏

- الحديث الحادي عشر‏:‏ قال عليه السلام‏:‏

- ‏"‏نعم الإدام الخل‏"‏،

قلت‏:‏ روي من حديث جابر، ومن حديث عائشة، ومن حديث أم هانئ، ومن حديث أيمن‏.‏

- فحديث جابر‏:‏ رواه الجماعة ‏[‏عند مسلم في ‏"‏الأشربة - في باب فضيلة الخل والتأدم به‏"‏ ص 182 - ج 2، وعند أبي داود في ‏"‏الأطعمة - في باب في الخل‏"‏ ص 179 - ج 2، وعند الترمذي في ‏"‏الأطعمة - في باب ماجاء في الخل‏"‏ عن أبي الزبير، ومحارب ابن دثار عن جابر‏:‏ ص 6 - ج 2، وعند ابن ماجه في ‏"‏الأطعمة - في باب الائتدام بالخل‏"‏ ص 246‏]‏ - إلا البخاري - فمسلم، والنسائي عن طلحة بن نافع عن جابر، والباقون عن محارب بن دثار عنه، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ نعم الإدام الخل، انتهى‏.‏ أخرجه النسائي في ‏"‏الوليمة‏"‏، والباقون في ‏"‏الأطعمة‏"‏‏.‏

- وأما حديث عائشة‏:‏ فأخرجه الترمذي ‏[‏عند الترمذي في ‏"‏الأطعمة - في باب ما جاء في الخل‏"‏ ص 6 - ج 2، وعند مسلم في ‏"‏الأشربة‏"‏ ص 182 - ج 2‏.‏‏]‏ عن سليمان بن بلال عن هشام بن عروة عن عروة عن عائشة، قالت‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ نعم الإدام الخل، انتهى‏.‏ وقال‏:‏ حديث حسن صحيح، غريب من هذا الوجه، لا يعرف من حديث هشام بن عروة، إلا عن سليمان بن بلال، انتهى‏.‏ وأخرجه مسلم بالإسناد المذكور، نعم الأدم، أو الإدام الخل، وفي لفظ‏:‏ نعم الأدم الخل، من غير شك‏.‏

- وأما حديث أم هانئ‏:‏ فأخرجه الحاكم في ‏"‏المستدرك ‏[‏في ‏"‏المستدرك - في مناقب أم هانئ‏"‏ ص 54 - ج 4‏.‏‏]‏ - في الفضائل‏"‏ عن عطاء عن ابن عباس عن أم هانئ بنت أبي طالب، قالت‏:‏ قال لي رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ هل عندك طعام آكله‏؟‏ وكان جائعًا، فقلت‏:‏ إن عندي لكسرة يابسة، وأنا أستحيي أن أقربها إليك، فقال‏:‏ هلميها، فكسرتها، ونثرت عليها الملح، فقال‏:‏ هل من إدام، فقلت‏:‏ يا رسول اللّه ما عندي إلا شيء من خل، قال‏:‏ هلميه، فلما جئته به صب على طعامه، فأكل منه، ثم حمد اللّه، ثم قال‏:‏ نعم الإدام الخل، يا أم هانئ لا يفقر بيت فيه خل، انتهى‏.‏

- وأما حديث أم أيمن‏:‏ فأخرجه البيهقي في ‏"‏شعب الإيمان‏"‏ عن عبد الواحد بن أيمن عن أبيه، قال‏:‏ نزل بجابر ضيف، فجاءه بخبز وخل، فقال‏:‏ كلوا، فإني سمعت رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يقول‏:‏ نعم الإدام الخل، هلاك بالقوم أن يحتقروا ما قدم إليهم، وهلاك بالرجل أن يحتقر ما في بيته، يقدمه لأصحابه، انتهى‏.‏

 أحاديث الباب

أخرج الدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏عند الدارقطني في ‏"‏أواخر الأشربة‏"‏ ص 537‏.‏‏]‏ عن فرج بن فضالة عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن أم سلمة أنها كانت لها شاة تحتلبها، ففقدها النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فقال‏:‏ ما فعلت الشاة‏؟‏ قالوا‏:‏ ماتت، قال‏:‏ أفلا انتفعتم بإهابها‏؟‏ فقلنا‏:‏ إنها ميتة، فقال عليه السلام‏:‏ إن دباغها يحله، كما يحل خل الخمر، انتهى‏.‏ قال الدارقطني‏:‏ تفرد به فرج بن فضالة، وهو ضعيف، يروي عن يحيى بن سعيد الأنصاري أحاديث لا يتابع عليها، انتهى‏.‏

- حديث آخر‏:‏ خير خلكم، خل خمركم، قال البيهقي في ‏"‏المعرفة‏"‏‏:‏ رواه المغيرة بن زياد، عن أبي الزبير عن جابر عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أنه قال‏:‏ ‏"‏خير خلكم خل خمركم‏"‏ تفرد به المغيرة بن زياد، وليس بالقوي، وأهل الحجاز يسمون خل العنب خل الخمر، قال‏:‏ وإن صح فهو محمول على ما إذا تخلل بنفسه، وعليه يحمل أيضًا حديث فرج بن فضالة، انتهى‏.‏

- أحاديث الخصوم‏:‏ واستدل الشافعية على منع تخليل الخمر بما أخرجه مسلم ‏[‏عند مسلم في ‏"‏الأشربة - في باب تحريم الخمر تخليل الخمر‏"‏ ص 163 - ج 2‏.‏‏]‏ عن أنس، قال‏:‏ سئل النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ عن الخمر أيتخذ خلًا‏؟‏ قال‏:‏ لا، انتهى‏.‏ وأخرج أيضًا عن أنس أن أبا طلحة سأل النبي عن أيتام ورثوا خمرًا، قال‏:‏ أهرقها، قال‏:‏ فلا نجعلها خلًا‏؟‏ قال‏:‏ لا، انتهى‏.‏ قالوا‏:‏ فلو كان التخلل جائزًا لكان فيه تضييع مال اليتيم، ولوجب فيه الضمان، قالوا‏:‏ ولأن الصحابة أراقوها حين نزلت آية التحريم، كما ورد في ‏"‏الصحيح‏"‏، فلو جاز التخليل لنبه عليه السلام، كما نبه أهل الشاة الميتة على دباغها، وأجاب الطحاوي بأنه محمول على التغليظ والتشديد، لأنه كان في ابتداء الإسلام، كما ورد ذلك في سؤر الكلب، بدليل أنه ورد في بعض طرقه الأمر بكسر الدنان، وتقطيع الزقاق، ررواه الطبراني في ‏"‏معجمه‏"‏ حدثنا معاذ بن المثنى ثنا مسدد ثنا معتمر ثنا ليث عن يحيى بن عباد عن أنس عن أبي طلحة، قال‏:‏ قلت‏:‏ يا رسول اللّه إني اشتريت خمرًا لأيتام في حجري، فقال‏:‏ أهرق الخمر، وكسر الدنان، ورواه الدارقطني أيضًا، وروى أحمد في ‏"‏مسنده‏"‏ حدثنا الحكم بن نافع ثنا أبو بكر بن أبي مريم عن ضمرة بن حبيب عن ابن عمر أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ شق زقاق الخمر بيده في أسواق المدينة، وقد تقدم بتمامه في ‏"‏أحاديث تحريم الخمر‏"‏، وهذا صريح في الغليظ، لأن فيه إتلاف مال الغير، وقد كان يمكن إراقة الدنان، والزقاق، وتطهيرها، ولكن قصد بإتلافها التشديد، ليكون أبلغ في الردع، وقد روي عن عمر أنه أحرق بيت خمار، كما رواه ابن سعد في ‏"‏الطبقات‏"‏ ‏[‏عند ابن سعد في طبقاته - في ترجمة عمر‏"‏ ص 202 - في القسم الأول، من الجزء الثالث‏]‏ أخبرنا يزيد بن هارون أنبأ ابن أبي ذئب عن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه أن عمر حرق بيت رويشد الثقفي، وكان حانوتًا لشراب، قال‏:‏ فقد رأيته يلتهب نارًا، انتهى‏.‏ وقد ورد في حديث عن جابر أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ عوض الأيتام عن خمرهم مالًا، كما رواه أبو يعلى الموصلي في ‏"‏مسنده‏"‏ ‏[‏وأخرجه الهيثمي في ‏"‏مجمع الزوائد‏"‏ ص 89 - ج 4، وقال‏:‏ وقد تقدم الكلام في عيسى بن جارية، انتهى‏.‏‏]‏ حدثنا جعفر بن حميد الكوفي ثنا يعقوب العمِّي عن عيسى بن جارية عن جارية، فذكره، وفيه قال‏:‏ إذا أتانا مال البحرين فأتنا، نعوض أيتامك مالهم، وقد تقدم بتمامه في ‏"‏أحاديث تحريم الخمر‏"‏‏.‏  كتاب الصيد

- الحديث الأول‏:‏ قال عليه السلام لعدي بن حاتم‏:‏

- ‏"‏إذا أرسلت كلبك المعلم، وذكرت اسم اللّه عليه، فكل، وإن أكل منه فلا تأكل، لأنه إنما أمسك على نفسه، وإن شارك كلبك كلب آخر فلا تأكل، فإنك إنما سميت على كلبك، ولم تسم على كلب غيرك‏"‏

قلت‏:‏ أخرجه الأئمة الستة ‏[‏عند البخاري في ‏"‏الذبح والصيد - في باب إذا وجد مع الصيد كلبًا آخر‏"‏ص 824 - ج 2‏"‏ وعند مسلم في ‏"‏الصيد‏"‏ ص 145 - ج 2، وكذا عند الأربعة فيه‏.‏‏]‏ عنه، قلت‏:‏ يا رسول اللّه إني أرسل كلبي، وأسمي فقال‏:‏ إذا أرسلت كلبك وسميت، فأخذ فقتل فكل، فإن أكل منه، فلا تأكل، فإنما أمسك على نفسه، قلت‏:‏ إني أرسل كلبي فأجد معه آخر، لا أدري أيهما أخذه، فقال‏:‏ لا تأكل، فإنما سميت على كلبك، ولم تسم على كلب آخر، انتهى‏.‏

- أحاديث الخصوم‏:‏ استدل لمالك في إباحة ما أكل منه الكلب بحديثين‏:‏ أحدهما أخرجه أبو داود ‏[‏عند أبي داود في ‏"‏الضحايا‏"‏ ص 38 - ج 2‏]‏ عن داود بن عمرو الدمشقي عن بشر بن عبيد اللّه عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ثعلبة، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، في صيد الكلب‏:‏ إذا أرسلت كلبك، وذكرت اسم اللّه، فكل، وإن أكل منه، وكل ما ردت عليك يدك، انتهى‏.‏ قال في التنقيح‏:‏ إسناده حسن‏.‏

- الحديث الثاني‏:‏ أخرجه الدارقطني ‏[‏عند الدارقطني في ‏"‏الصيد والذبائح‏"‏ ص 548، وعند أبي داود في ‏"‏الضحايا‏"‏ ص 38 - ج 2‏]‏ عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلًا أتى النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يقال‏:‏ له أبو ثعلبة، فقال‏:‏ يا رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ إن لي كلابًا مكلبة، فأفتني ففي صيدها، فقال‏:‏ إن كانت لك كلاب مكلبة، فكل مما أمسكن عليك قال‏:‏ ذكي، وغير ذكي‏؟‏ قال‏:‏ ذكي، وغير ذكي، قال‏:‏ وإن أكل منه‏؟‏ قال‏:‏ وإن أكل منه، قال‏:‏ يا رسول اللّه أفتني في قوسي، قال‏:‏ كل ما رد عليك قوسك، قال‏:‏ ذكي، وغير ذكي‏؟‏ قال ذكي، وغير ذكي، قال‏:‏ وإن تغيب عني‏؟‏ قال‏:‏ وإن تغيب عنك ما لم يصلّ ‏[‏قال في ‏"‏النهاية‏"‏ ص 296 - ج 2‏:‏ كل ما رد عليك قوسك ما لم يصلّ، أي ما لم ينتن، يقال‏:‏ صلّ اللحم، وأصل هذا على الاستحباب، فإنه يجوز أكل اللحم المتغير الريح، إذ كان ذكيًا، انتهى‏.‏‏]‏ أو تجد فيه أثرًا غير سهمك، انتهى‏.‏ قال في التنقيح‏:‏ إسناده صحيح، قال‏:‏ وقد يجمع بين الأحاديث بأنه علل التحريم في حديث عدي بكونه أمسك على نفسه، وفي حديث داود، وعمر، ويحتمل أنه أباحه لكونه أكل منه بعد انصرافه، انتهى‏.‏ قلت‏:‏ يعكر هذا بما أخرجه أبو نعيم في الحلية - ‏"‏في ترجمة الفضيل بن عياض‏"‏ عن علي بن ثابت الدهان ثنا الفضيل بن عياض عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب عن سلمان، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ إذا أدركت كلبك، وقد أكل نصفه فكل، انتهى‏.‏ وقال‏:‏ غريب تفرد به عن الفضيل علي بن ثابت، والصحيح ما رواه عدي بن حاتم‏:‏ وإن أكل منه الكلب، فلا تأكل، انتهى‏.‏

- حديث لأحمد في تحريمه أكل صيد الكلب الأسود‏:‏ أخرجه أصحاب السنن الأربعة ‏[‏عند الترمذي في ‏"‏الصيد - في باب ما جاء في قتل الكلاب‏"‏ ص 192 - ج 1‏"‏ وعند النسائي في‏"‏ الصيد - في باب صفة الكلاب التي أمر بقتلها ‏"‏ص 193 - ج 2، وعند ابن ماجه في‏"‏ الصيد - في باب النهي عن اقتناء الكلب ‏"‏ص 238، وعند أبي داود في‏"‏ الذبائح - في باب اتخاذ الكلب للصيد وغيره‏"‏ ص 37 - ج 2‏.‏‏]‏ عن الحسن عن عبد اللّه بن مغفل، قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ لولا أن الكلاب أمة من الأمم، لأمرت بقتلها، فاقتلوا منها الأسود البهيم، انتهى‏.‏ وصححه الترمذي، قال في ‏"‏التنقيح‏"‏‏:‏ قال أحمد‏:‏ الحسن سمع من ابن المغفل، وقال ابن الجوزي في ‏"‏التحقيق‏"‏‏:‏ فأمره بقتله، نهى عن إمساكه والاصطياد به، انتهى‏.‏ وقال البيهقي‏:‏ وحديث أبي ثعلبة مخرج في ‏"‏الصحيحين‏"‏ وليس فيه ذكر الأكل، وحديث عدي بن حاتم إذا أكل منه الكلب، فلا تأكل، أصح من حديث داود، وحديث عمرو بن شعيب، انتهى‏.‏

-