فصل: فصل في المياه

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية **


 فصل في المياه

- الحديث الخامس‏:‏ قال عليه السلام‏:‏ - ‏"‏الناس شركاء في ثلاث‏:‏ في الماء، والكلأ، والنار‏"‏،

قلت‏:‏ روي من حديث رجل، ومن حديث ابن عباس، ومن حديث ابن عمر‏.‏

- فحديث الرجل‏:‏ أخرجه أبو داود في ‏"‏سننه ‏[‏عند أبي داود في ‏"‏باب منع الماء‏"‏ ص 135 - ج 2‏]‏ - في البيوع‏"‏ عن حريز بن عثمان عن أبي خداش ابن حبان بن زيد عن رجل من الصحابة، قال‏:‏ غزوت مع رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ ثلاثًا، أسمعه يقول‏:‏ المسلمون شركاء في ثلاث‏:‏ في الكلأ، والماء، والنار، انتهى‏.‏ ورواه أحمد في ‏"‏مسنده‏"‏، وابن أبي شيبة في ‏"‏مصنفه - في الأقضية‏"‏، وأسند ابن عدي في ‏"‏الكامل‏"‏ عن أحمد، وابن معين أنهما قالا في حريز‏:‏ ثقة، وذكره عبد الحق في ‏"‏أحكامه‏"‏ من جهة أبي داود، قال‏:‏ لا أعلم روى عن أبي خداش إلا حريز بن عثمان، وقد قيل فيه‏:‏ مجهول، انتهى‏.‏ قال البيهقي في ‏"‏المعرفة‏"‏‏:‏ وأصحاب النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ كلهم ثقات، وترك ذكر أسمائهم في الإسناد لا يضر إن لم يعارضه ما هو أصح منه، انتهى‏.‏

- وأما حديث ابن عباس‏:‏ فأخرجه ابن ماجه في ‏"‏سننه - في الأحكام‏"‏ عن عبد اللّه بن خداش عن العوام بن حوشب عن مجاهد عن ابن عباس، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ المسلمون‏:‏ شركاء في ثلاث‏:‏ الماء، والكلأ، والنار‏"‏، وثمنه حرام، انتهى‏.‏ قال عبد الحق في ‏"‏أحكامه‏"‏، قال البخاري‏:‏ عبد اللّه بن خداش عن العوام بن حوشب منكر الحديث، وضعفه أيضًا أبو زرعة، وقال فيه أبو حاتم‏:‏ ذاهب الحديث، انتهى كلامه‏.‏ وأقرره ابن القطان عليه، انتهى‏.‏

- وأما حديث ابن عمر، فرواه الطبراني في ‏"‏معجمه‏"‏ حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا يحيى الحماني ثنا قيس بن الربيع عن زيد بن جبير عن ابن عمر، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ المسلمون شركاء في ثلاث‏:‏ الماء، والكلأ، والنار، انتهى‏.‏

  فصل في كرى الأنهار

- قوله‏:‏ عن عمر رضي اللّه عنه أنه قال‏:‏ لو تركتم لبعتم أولادكم، قلت‏:‏ غريب‏.‏

  كتاب الأشربة

- الحديث الأول‏:‏ قال عليه السلام‏:‏

- ‏"‏كل مسكر خمر‏"‏،

قلت‏:‏ أخرجه مسلم ‏[‏عند مسلم في ‏"‏الأشربة‏"‏ ص 167 - ج 2‏.‏‏]‏ عن أيوب السختياني عن نافع عن ابن عمر، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام‏"‏، انتهى‏.‏ وعند أحمد في ‏"‏مسنده‏"‏‏:‏ وكل خمر حرام، وكذلك ابن حبان في ‏"‏صحيحه‏"‏ في أول القسم الثاني، وكذلك عبد الرزاق في ‏"‏مصنفه‏"‏ أخبرنا ابن جريج عن أيوب السختياني به، ومن طريقه رواه كذلك الدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏عند الدارقطني في ‏"‏الأشربة‏"‏ ص 530 عن ابن جريج عن أيوب عن نافع، وعن ليث عن نافع، وعن ابن علاثة عن عبيد اللّه بن عمر عن نافع عن عبد اللّه بن عمرو، وعند مسلم في ‏"‏الأشربة‏"‏ ص 168 - ج 2 عن يحيى القطان عن عبيد اللّه بن نافع به‏.‏‏]‏ وهو عند مسلم أيضًا، لكنه على الظن، ولفظه عن نافع عن ابن عمر، قال‏:‏ ولا أعلمه إلا عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال‏:‏ كل مسكر خمر، وكل خمر حرام، انتهى‏.‏ قال المصنف‏:‏ وهذا الحديث طعن فيه يحيى بن معين، وذكر غيره من أصحابنا أن ابن معين طعن في ثلاثة أحاديث‏:‏ منها هذا، وحديث‏:‏ من مس ذكره، فليتوضأ، وحديث لا نكاح إلا بولي، وهذا الكلام كله لم أجده في شيء من كتب الحديث، والله أعلم‏.‏

- الحديث الثاني‏:‏ قال عليه السلام‏:‏

- ‏"‏الخمر من هاتين الشجرتين‏:‏ النخلة، والعنبة‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ أخرجه الجماعة ‏[‏عند مسلم في ‏"‏الأشربة‏"‏ ص 163 - ج 2، وعند أبي داود في ‏"‏الأشربة - في باب الخمر مما هي‏"‏ ص 161 - ج 2، وعند الترمذي في ‏"‏الأشربة - في باب ما جاء في الحبوب التي يتخذ منها الخمر‏"‏ ص 10 - ج 2‏]‏ - إلا البخاري - عن يزيد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏الخمر من هاتين الشجرتين‏:‏ النخلة، والعنبة‏"‏، انتهى‏.‏ وفي لفظ لمسلم‏:‏ الكرمة والنخلة، ووهم شيخنا علاء الدين، فعزاه للبخاري أيضًا، وقلد غيره في ذلك، فالمقلد ذهل، والمقلد جهل، والمصنف استدل بهذا الحديث، والذي قبله للقائل بأن الخمر اسم لكل مسكر، وفيه أحاديث أخرى، ستأتي قريبًا في ‏"‏أحاديث تحريم الخمر‏"‏ إن شاء اللّه تعالى‏.‏

فمنها حديث ابن عمر مرفوعًا‏:‏ نزل تحريم الخمر، وهي من خمسة‏:‏ من العنب، والتمر، والعسل، والحنطة، والشعير‏.‏

ومنها حديث أنس‏:‏ كنت ساقي القوم يوم حرمت الخمر، وما شرابهم إلا الفضيخ‏:‏ البسر، والتمر، أخرجاه في ‏"‏الصحيحين‏"‏، ومنها قول عمر‏:‏ الخمر ما خامر العقل، رواه البخاري في ‏"‏الصحيح‏"‏ قال المصنف‏:‏ وما ذكروه أن الخمر اسم لكل ما خامر العقل، فلا ينافي كون الاسم خاصًا فيه، فإن النجم مشتق من الظهور، وهو خاص بالنجم المعروف، انتهى كلامه‏.‏ ومعنى هذا الكلام أنه من باب الغلبة، فهو وإن كان اسمًا لكل ما خامر العقل، فقد غلب على التي من ماء العنب، ويؤيد ما قاله المصنف ما أخرجه البخاري في ‏"‏صحيحه‏"‏ ‏[‏عند البخاري في ‏"‏الأشربة - في باب أن الخمر من العنب‏"‏ ص 836 - ج 2‏]‏ عن نافع عن ابن عمر، قال‏:‏ لقد حرمت الخمر، وما بالمدينة منها شيء، انتهى‏.‏ قال ابن الجوزي في ‏"‏التحقيق‏"‏ وقول ابن عمر‏:‏ حرمت الخمر، وما بالمدينة منها شيء - يعني به ماء العنب - فإنه مشهور باسم الخمر، ولا يمنع هذا أن يسمى غيره خمرًا، انتهى‏.‏ وهذه مصادمة، ويؤيده أيضًا ما أخرجه الدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏عند الدارقطني في الأشربة‏"‏ ص 534، وقوله‏:‏ وفيه مجهول، هو أبو حفص عمر بن سعيد، قال أبو حاتم‏:‏ كتبت حديثه، وطرحته، انتهى - من هوامش الدارقطني - ‏.‏‏]‏ عن جعفر بن محمد عن بعض أهل بيته، أنه سأل عائشة عن النبيذ، فقالت‏:‏ إن اللّه لم يحرم الخمر لاسمها، وإنما حرمها لعاقبتها، فكل شراب يكون عاقبته، كعاقبة الخمر، فهو حرام، كتحريم الخمر، انتهى‏.‏ وفيه مجهول‏:‏ وأما ما أخرجه البخاري ‏[‏عند البخاري في ‏"‏تفسير سورة المائدة‏"‏ ص 664 - ج 2‏]‏ عن ابن عمر في ‏"‏تفسير سورة المائدة‏"‏، قال‏:‏ نزل تحريم الخمر، وإن بالمدينة يومئذ لخمسة أشربة، وما فيها شراب العنب، فهو إخبار منه بعلمه، يدل عليه ما أخرجه البخاري ‏[‏عند البخاري في ‏"‏الأشربة - في باب أن الخمر من العنب‏"‏ ص 836 - ج 2‏]‏ عن أنس، قال‏:‏ حرمت الخمر علينا حين حرمت، وما نجد خمر الأعناب إلا قليلًا، وعامة خمرنا البسر والتمر، انتهى‏.‏ فهذا اللفظ يوضح أن المراد بالأول القلة لا العدم‏.‏

- قوله‏:‏ وقد جاءت السنة متواترة أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ حرم الخمر، وعليه انعقد إجماع الأمة، قلت‏:‏ الأحاديث في تحريم الخمر‏:‏ منها ما أخرجه البخاري، ومسلم ‏[‏عند مسلم في ‏"‏الأشربة‏"‏ ص 162 - ج 2، واللفظ له، وعند البخاري في ‏"‏الأشربة - وغيره‏]‏ عن ثابت عن أنس بن مالك، قال‏:‏ كنت ساقي القوم يوم حرمت الخمر في بيت أبي طلحة، وما شرابهم إلا الفضيح‏:‏ البسر، والتمر، فإذا مناد ينادي، فقال‏:‏ اخرج، فاانظر، فخرجت، فإذا مناد ينادي‏:‏ ألا إن الخمر قد حرمت، قال‏:‏ فجرت في سكك المدينة، فقال لي أبو طلحة‏:‏ اخرج فأهرقها، فخرجت فهرقتها، قال ابن عبد البر في ‏"‏التقصي‏"‏‏:‏ هذا لا خلاف في أنه مرفوع، وكذلك كل ما كان مثله، مما شوهد فيه نزول القرآن على النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، انتهى‏.‏ وفي لفظ للبخاري ‏[‏هذا اللفظ عند البخاري في ‏"‏المظالم - والقصاص - في باب صب الخمر في الطريق‏"‏ ص 333 - ج 1‏]‏‏:‏ فأمر رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ مناديًا ينادي‏:‏ ألا إن الخمر قد حرمت، ذكره في حديث آخر، فأخرجه مسلم ‏[‏عند مسلم في ‏"‏البيوع - في باب تحريم الخمر‏"‏ ص 22 - ج 2‏]‏ عن عبد الرحمن بن وعلة، قال‏:‏ سألت ابن عباس عن بيع الخمر، فقال‏:‏ كان لرسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ صديق من ثقيف، أو من دوس، فلقيه يوم الفتح براوية خمر يهديها إليه، فقال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ يا فلان أما علمت أن اللّه حرمها‏؟‏ فأقبل الرجل على غلامه، فقال‏:‏ اذهب فبعها، فقال عليه السلام‏:‏ يا فلان بماذا أمرته‏؟‏ قال‏:‏ أمرته أن يبيعها، فقال‏:‏ إن الذي حرم شربها حرم بيعها، فأمر بها فأفرغت في البطحاء، انتهى‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه أحمد في ‏"‏مسنده‏"‏ عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص سمعت رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يقول‏:‏ إن اللّه تعالى حرم الخمر،والميسر، والكوبة، والغبيراء‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه أحمد أيضًا عن ابن عمر، قال‏:‏ أمرني رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أن آتيه بمدية، قال، فأتيته بها، فخرج بأصحابه إلى أسواق المدينة، وفيها زقاق الخمر، فشق ما كان من ذلك الزقاق بحضرته، ثم أعطانيها، وأمر أصحابه أن يمضوا معي، ويعاونوني، وأمرني أن آتي الأسواق كلها، فلا أجد فيها زق خمر إلا شققته، ففعلت، فلم أترك في أسواقها زقًا إلا شققته، ورواه البيهقي ‏[‏عند البيهقي في ‏"‏السنن - في الأشربة - في باب ما جاء في تحريم الخمر‏"‏ ص 282 - ج 8‏]‏ بقصة فيه، وقال فيه‏:‏ ثم دعا بسكين، فقال‏:‏ اشحذوها، ففعلوا، ثم أخذها رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ فخرق بها الزقاق، فقال الناس في هذه الزقاق منفعة يا رسول اللّه قال‏:‏ أجل، ولكني إنما أفعل ذلك غضبًا لله، لما فيها من سخطه، وبقية السند حدثنا الحكم بن نافع ثنا أبو بكر بن أبي مريم عن ضمرة ابن حبيب عن ابن عمر، فذكره‏.‏

- حديث آخر‏:‏ رواه أبو بكر بن أبي الدنيا في ‏"‏كتابه ذم المسكر‏"‏ عن محمد بن عبد اللّه بن بزيع عن الفضل بن سليمان النمري عن عمر بن سعيد عن الزهري حدثني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن أباه قال‏:‏ سمعت عثمان بن عفان يقول‏:‏ سمعت رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يقول‏:‏ اجتنبوا الخمر، فإنها أم الخبائث، إنه كان رجل ممن خلا قبلكم يتعبد، ويعتزل الناس، فعلقته امرأة غوية، فأرسلت إليه جاريتها، فقالت‏:‏ إنا ندعوك لشهادة، فدخل معها، فطفقت كلما دخل بابًا أغلقته دونها، حتى أفضى إلى امرأة وضيئة، عندها غلام وباطية خمر، فقالت‏:‏ إني والله ما دعوتك لشهادة، ولكن دعوتك لتقع عليّ، أو تقتل هذا الغلام، أو تشرب هذا الخمر، فستقه كأسًا، فقال، زيدوني، فلم يبرح حتى وقع عليها، وقتل النفس، فاجتنبوا الخمر، فإنها لا تجتمع هي والإيمان أبدًا إلا أوشك أحدهما أن يخرج صاحبه، انتهى‏.‏ وهذا الحديث رواه البيهقي في ‏"‏سننه‏"‏ موقوفًا على عثمان، وهو أصح‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه أبو يعلى الموصلي في ‏"‏مسنده‏"‏ ‏[‏قال الهيثمي في ‏"‏مجمع الزوائد‏"‏ ص 89 - ج 4‏:‏ رواه أبو يعلى، وفي ‏"‏الأوسط‏"‏ للطبراني طرف منه بمعناه، وفي إسناد الجميع بيعقوب العمى، وعيسى بن جارية، وفيهما كلام، وقد وثقا، انتهى‏.‏‏]‏ عن جابر بن عبد اللّه، قال‏:‏ كان رجل يحمل الخمر من خيبر إلى المدينة، فيبيعها من المسلمين، فحمل منها بمال، فقدم المدينة، فلقيه رجل من المسلمين، فقال‏:‏ يا فلان إن الخمر قد حرمت، فوضعها حيث انتهى على تل، وسجاها بأكيسة، ثم أتى النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فقال‏:‏ يا رسول اللّه‏!‏ بلغني أن الخمر قد حرمت، قال‏:‏ أجل، قال‏:‏ هل لي أن أردها على من ابتعتها منه‏؟‏ قال‏:‏ لا، قال‏:‏ أفأهديها إلى من يكافئني منها‏؟‏ قال‏:‏ لا، قال‏:‏ فإن فيها مالًا ليتامى في حجري، قال‏:‏ إذا أتانا مال البحرين فأتنا، نعوض أيتامك من مالهم، ثم نادى بالمدينة، فقال رجل‏:‏ يا رسول اللّه‏!‏ الأوعية ينتفع بها‏؟‏ قال‏:‏ فحلوا أوكيتها، فانصبت حتى استقرت في بطن الوادي، انتهى‏.‏ وبقية السند‏:‏ حدثنا جعفر بن حميد الكوفي ثنا يعقوب العمّي عن عيسى بن جارية عن جابر، فذكره‏.‏

- حديث آخر‏:‏ حديث‏:‏ لعن في الخمر عشرة، تقدم في ‏"‏الكراهية‏"‏ بجميع طرقه‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه ابن ماجه في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏عند ابن ماجه في ‏"‏أوائل الأشربة‏"‏ ص 250‏.‏‏]‏ عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏مدمن خمر كعابد وثن‏"‏، انتهى‏.‏ وفي ‏"‏صحيح ابن حبان‏"‏ عن ابن عباس نحوه، وأخرجه البزار في ‏"‏مسنده‏"‏ عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص مرفوعًا‏:‏ شارب الخمر كعابد الوثن، انتهى‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه ابن ماجه عن أبي الدرداء، قال‏:‏ أوصاني خليلي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، لا تشرب الخمر، فإنها مفتاح كل شر، انتهى‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه ابن ماجه أيضًا عن خباب بن الأرت قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ إياك والخمر، فإن خطيئتها تفرع الخطايا، كما أن شجرتها تفرع الشجر، انتهى‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه الترمذي ‏[‏عند الترمذي في ‏"‏الأشربة‏"‏ ص 8 - ج 2، وعند أبي داود ‏"‏فيه - في باب ما جاء في السكر‏"‏ ص 162 - ج 2، وعند ابن ماجه ‏"‏فيه - في باب من شرب الخمر لم تقبل له صلاة‏"‏ ص 250‏]‏ عن ابن عمر، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين صباحًا، فإن تاب تاب اللّه عليه، فإن عاد لم تقبل له صلاة أربعين صباحًا، فان تاب تاب اللّه عليه، فإن عاد لم تقبل له صلاة أربعين صباحًا، فإن تاب تاب اللّه عليه فإن عاد الرابعة لم تقبل له صلاة أربعين صباحًا، فإن تاب لم يتب اللّه عليه، وسقاه من نهر الخبال، قيل‏:‏ يا أبا عبد الرحمن، وما نهر الخبال‏؟‏ قال‏:‏ نهر من صديد أهل النار، انتهى‏.‏ وقال‏:‏ حديث حسن، وعند أبي داود نحوه عن ابن عباس، وعند ابن ماجه نحوه عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص، وعند أحمد نحوه عن أسماء بنت يزيد‏.‏

- قوله‏:‏ والشافعي يعديه إليها، وهو بعيد، لأنه خلاف السنة المشهورة، قلت‏:‏ كأنه يشير إلى حديث‏:‏ حرمت الخمر لعينها، وسيأتي قريبًا إن شاء اللّه تعالى‏.‏

- الحديث الثالث‏:‏ قال عليه السلام‏:‏

- ‏"‏إن الذي حرم شربها حرم بيعها، وأكل ثمنها‏"‏،

قلت‏:‏ تقدم في ‏"‏المسائل المنثورة - من البيوع‏"‏‏.‏

- الحديث الرابع‏:‏ قال عليه السلام‏:‏

- ‏"‏من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد فاقتلوه‏"‏،

قلت‏:‏ تقدم في ‏"‏الحدود‏"‏ قال المصنف‏:‏ وعلى ذلك انعقد إجماع الصحابة - يعني الجلد - ‏.‏

- قوله‏:‏ ولنا إجماع الصحابة - يعني على تحريم السكر - وهو النيء من ماء التمر، قلت‏:‏ روى عبد الرزاق في ‏"‏مصنفه‏"‏ أخبرنا الثوري عن منصور عن أبي وائل، قال‏:‏ اشتكى رجل منا بطنه، فنعت له السكر، فقال عبد اللّه بن مسعود‏:‏ إن اللّه لم يكن ليجعل شفاءكم فيما حرم عليكم، انتهى‏.‏ أخبرنا معمر عن منصور، وزاد، قال معمر‏:‏ والسكر يكون من التمر، انتهى‏.‏ ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في ‏"‏معجمه‏"‏ بالسند الأول، ورواه ابن أبي شيبة في ‏"‏مصنفه‏"‏ حدثنا جرير بن عبد الحميد عن منصور به حدثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم، قال‏:‏ قال عبد اللّه‏:‏ السكر خمر حدثنا حفص بن غياث عن ليث عن حرب عن سعيد بن جبير عن ابن عمر أنه سئل عن السكر، فقال‏:‏ الخمر، انتهى‏.‏ وفي ‏"‏سنن الدارقطني‏"‏ ‏[‏عند الدارقطني في ‏"‏الأشربة‏"‏ ص 532‏]‏ عن عبد اللّه بن أبي الهذيل، قال‏:‏ كان عبد اللّه يحلف بالله أن التي أمر بها النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أن تكسر دنانه، حين حرمت الخمر، لمن التمر والزبيب، انتهى‏.‏

- قوله‏:‏ وعن ابن عباس‏:‏ ما كان من الأشربة ينقى بعد عشرة أيام ولا يفسد، فهو حرام، قلت‏:‏ غريب، وروى ابن أبي شيبة في ‏"‏مصنفه‏"‏ حدثنا وكيع عن علي بن مالك عن الضحاك عن ابن عباس، قال‏:‏ النبيذ الذي بلغ فسد، وأما ما ازداد على طول الترك جودة، فلا خير فيه، انتهى‏.‏ وأخرج نحوه عن عمر بن عبد العزيز‏.‏

- قوله روي عن ابن زياد، قال‏:‏ سقاني ابن عمر شربة ما كدت أهتدي إلى أهلي، فغدوت إليه من الغد، فأخبرته بذلك، فقال‏:‏ ما زدناك على عجوة وزبيب، قلت‏:‏ رواه محمد بن الحسن في ‏"‏كتاب الآثار‏"‏ أخبرنا أبو حنيفة عن سليمان الشيباني عن ابن زياد أنه أفطر عند عبد اللّه ابن عمر، فسقاه شرابًا، فكأنه أخذ منه، فلما أصبح غدا إليه، فقال له‏:‏ ما هذا الشراب‏؟‏‏!‏ ما كدت أهتدي إلى منزلي، فقال ابن عمر‏:‏ ما زدناك على عجوة وزبيب، انتهى‏.‏

- قوله‏:‏ وروي عن ابن عمر حرمة نقيع الزبيب، وهو النيء منه، قلت‏:‏ غريب‏.‏

- الحديث الخامس‏:‏ روي أنه عليه السلام نهى عن الجمع بين التمر والزبيب، والزبيب والرطب، والرطب والبسر،

قلت‏:‏ أخرج البخاري، ومسلم ‏[‏عند البخاري في ‏"‏الأشربة - في باب من رأى أن لا يخلط البسر والتمر‏"‏ ص 838 - ج 2، وعند مسلم فيه‏:‏ ص 163 - ج 2، وعند أبي داود ‏"‏فيه - في باب في الخليطين‏"‏ ص 165 - ج 2، وعند ابن ماجه ‏"‏فيه - في باب النهي عن الخليطين‏"‏ ص 251، وعند الترمذي ‏"‏فيه - في باب ما جاء في خليط البسر والتمر‏"‏ ص 10 - ج 2، وعند النسائي فيه‏:‏ ص 323 - ج 2‏.‏‏]‏ وباقي الستة عن عطاء بن أبي رباح عن جابر عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، أنه نهى أن ينبذ الزبيب، والتمر جميعًا، ونهى أن ينبذ البسر والرطب جميعًا، انتهى‏.‏ وأخرج الجماعة ‏[‏عند البخاري في ‏"‏الأشربة - في باب من رأى أن لا يخلط‏"‏ ص 838 - ج 2، وعند مسلم فيه‏:‏ ص 164 - ج 2، وعند أبي داود فيه‏:‏ ص 165 - ج 2، وعند النسائي ‏"‏فيه - في باب خليط الزهو والرطب‏"‏ ص 322 - ج 2، وعند ابن ماجه فيه‏:‏ ص 251‏.‏‏]‏ - إلا الترمذي - عن عبد اللّه بن أبي قتادة عن أبيه أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ نهى عن خليط الزبيب والتمر، وعن خليط البسر والتمر، وعن خليط الزهو والتمر، وقال‏:‏ انتبذوا كل واحد على حدة، انتهى‏.‏ وفي لفظ فيه لمسلم‏:‏ أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قال‏:‏ لا تنبذوا الزهو والرطب جميعًا، ولا تنبذوا الرطب والزبيب جميعًا، ولكن انتبذوا كل واحد على حدته، انتهى‏.‏ ولم يذكر البخاري فيه‏:‏ الرطب، ولا البسر، وأخرج مسلم ‏[‏عند مسلم في ‏"‏الأشربة‏"‏ ص 164 - ج 2، وكذا الأحاديث الآتية المروية عن ابن عباس، وابن عمر، وأبي سعيد، عند مسلم‏:‏ ص 164 - ج 2‏]‏ عن يزيد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة، قال‏:‏ نهى رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ عن الزبيب والتمر، والبسر والتمر، وقال‏:‏ ينبذ كل واحد منهما على حدته، انتهى‏.‏ وأخرج أيضًا عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال‏:‏ نهى رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أن يخلط التمر والزبيب جميعًا، وأن يخلط التمر والبسر جميعًا، انتهى‏.‏ وأخرج أيضًا عن نافع عن ابن عمر، قال‏:‏ نهى أن ينبذ البسر والرطب جميعًا، والتمر والزبيب جميعًا، انتهى‏.‏ وأخرج أيضًا عن أبي المتوكل عن الخدري، قال‏:‏ نهانا رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أن نخلط بسرًا بتمر، أو زبيبًا بتمر، أو زبيبًا ببسر، وقال‏:‏ من شرب منكم النبيذ فليشربه زبيبًا فردًا، أو تمرًا فردًا، أو بسرًا فردًا، انتهى‏.‏

- قوله‏:‏ وهو محمول على حالة الشدة، فكان ذلك في الابتداء - يعني النهي عن الخليطين - في الحديث المتقدم، قلت‏:‏ المراد بالشدة هنا القحط، ويؤيده ما رواه محمد بن الحسن في ‏"‏كتاب الآثار‏"‏ أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي، قال‏:‏ لا بأس بنبيذ خليط التمر والزبيب، وإنما كرها لشدة العيش في الزمن الأول، كما كره السمن واللحم، وكما كره الإقران، فأما إذا وسع اللّه على المسلمين فلا بأس به، انتهى‏.‏ وأخرج ابن عدي في ‏"‏الكامل‏"‏ عن عمر بن رديح ‏[‏عمر بن رديح عن عطاء بن أبي ميمون، ضعفه أبو حاتم، وقال ابن معين‏:‏ صالح الحديث، انتهى‏.‏ وذكره ابن حبان في ‏"‏الثقات‏"‏ قلت‏:‏ ووقع في النسخة التي رأيناها من الثقات دريح، بتقديم الدال، والصواب الأول، انتهى من ‏"‏اللسان‏"‏ ص 306 - ج 4‏]‏ ثنا عطاء بن أبي ميمون عن أم سليم، وأبي طلحة أنهما كانا يشربا نبيذ الزبيب، والبسر يخلطانه، فقيل له‏:‏ يا أبا طلحة إن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ نهى عن هذا، قال‏:‏ إنما نهى عن العوز في ذلك الزمان، كما نهى عن الإقران، انتهى‏.‏ وأعله بعمر بن رديح‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه أبو داود في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏عند أبي داود في ‏"‏الأشربة - في باب ما جاء في الخليطين‏"‏ ص 165 - ج 2‏]‏ عن أبي بحر، عبد الرحمن بن عثمان البكراوي عن عتاب بن عبد العزيز الحمااني، قال‏:‏ حدثتني صفية بنت عطية، قالت‏:‏ دخلت مع نسوة من عبد القيس على عائشة، فسألناها عن التمر والزبيب، فقالت‏:‏ كنت آخذ قبضة من تمر، وقبضة من زبيب، فألقيه في إناء، فأمرسه، ثم أسقيه النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، انتهى‏.‏ والبكراوي فيه مقال‏.‏

- الحديث السادس‏:‏ ‏"‏الخمر من هاتين الشجرتين‏"‏

- الحديث السابع‏:‏ ‏"‏كل مسكر خمر‏"‏‏.‏

‏"‏تقدما أول الباب‏"‏

- الحديث الثامن‏"‏ قال عليه السلام‏:‏

- ‏"‏ما أسكر كثيره فقليله حرام‏"‏،

قلت‏:‏ روي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، ومن حديث جابر، ومن حديث سعد بن أبي وقاص، ومن حديث علي، ومن حديث عائشة، ومن حديث ابن عمر، ومن حديث خوات بن جبير، ومن حديث زيد بن ثابت‏.‏

- فحديث عمرو بن شعيب‏:‏ أخرجه النسائي، وابن ماجه ‏[‏عند ابن ماجه في ‏"‏الأشربة - في باب ما أسكر كثيره فقليله حرام‏"‏ ص 251، وعند النسائي ‏"‏فيه - في باب تحريم كل شراب أسكر كثيره‏"‏ ص 326 - ج 2‏.‏‏]‏ عن عبيد اللّه بن عمرو عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال‏:‏ ما أسكر كثيره، فقليله حرام، انتهى‏.‏ ورواه عبد الرزاق في ‏"‏مصنفه‏"‏ أخبرنا عبد اللّه بن عمر عن عمرو به‏.‏

- وأما حديث جابر‏:‏ فأخرجه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه ‏[‏عند أبي داود في ‏"‏الأشربة - في باب ما جاء في السكر‏"‏ ص 162 - ج 2، وعند الترمذي ‏"‏فيه - في باب ما أسكر قليله فكثيره حرام‏"‏ ص 9 - ج 2، وعند ابن ماجه في ‏"‏الأشربة‏"‏ ص 251‏.‏‏]‏ عن داود بن بكير عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعًا، نحوه سواء، قال الترمذي‏:‏ حديث حسن غريب من حديث جابر، وأخرجه ابن حبان في ‏"‏صحيحه‏"‏ في النوع التاسع والتسعين، من القسم الأول عن موسى بن عقبة عن محمد بن المنكدر به، وداود بن بكر بن أبي الفرات الأشجعي، قال ابن معين‏:‏ ثقة، وقال أبو حاتم‏:‏ لا بأس به، ليس بالمتين، انتهى‏.‏ وقد تابعه موسى بن عقبة، كما أخرجه ابن حبان‏.‏

- وأما حديث سعد‏:‏ فأخرجه النسائي ‏[‏عند النسائي في ‏"‏الأشربة‏"‏ ص 326 - ج 2‏.‏‏]‏ عن محمد بن عبد اللّه بن عمار الموصلي عن الوليد بن كثير عن الضحاك بن عثمان عن بكير بن عبد اللّه بن الأشجع عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن سعد أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ نهى عن قليل ما أسكر كثيره، انتهى‏.‏ ورواه ابن حبان في ‏"‏صحيحه‏"‏ في أول القسم الثاني، قال المنذري في ‏"‏مختصره‏"‏‏:‏ أجود أحاديث هذا الباب حديث سعد، فإنه من رواية محمد بن عبد اللّه الموصلي، وهو أحد الثقات عن الوليد بن كثير، وقد احتج بهما الشيخان، انتهى‏.‏ قال النسائي‏:‏ وفي هذا الحديث دليل على تحريم السكر قليله وكثيره، وليس كما يقول المخادعون ‏[‏قوله‏:‏ ليس كما يقول المخادعون، أراد به الحنفية، قال الشيخ الإمام، ختام المحدثين، بقية السلف، النجم الثاقب، والبحر الصائب، السيد ‏"‏محمد أنور الكشميري‏"‏ قدس اللّه سره العزيز، لم أر للحنفية وجهًا شافيًا يشفي القلوب، ويثلج الصدور، يكون مسكة عند الاحتياج، وقوامًا للمذهب، إلا ما ذكره صاحب ‏"‏العقد الفريد‏"‏ من كتب الأدب، فهاك عبارته، واعتبر بدلالته، وإشارته، ونزله وعجالته النافعة، تجديك خيرًا، وتسدي إليك نميرًا‏:‏ فقال في ‏"‏العقد الفريد‏"‏ ص 330 - ج 4‏:‏ وذكر ابن قتيبة في ‏"‏كتاب الأشربة‏"‏ أن اللّه حرم علينا الخمر بالكتاب، والمسكر بالسنة، فكان فيه فسحة، أو بعضه، كالقليل من الديباج، والحرير يكون في الثوب، والحرير محرم بالسنة، وكالتفريط في صلاة الوتر، وركعتي الفجر، وهما سنة، فلا نقول‏:‏ إن تاركهما كتارك الفرائض من الظهر والعصر، وقد استأذن عبد الرحمن بن عوف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في لباس الحرير لبلية كانت به، وأذن عرفجة بن سعد - وكان أصيب أنفه يوم الكلاب - باتخاذ أنف من الذهب، وقد جعل اللّه فيما أحل عوضًا مما حرم، فحرم الربا، وأحل البيع، وحرم السفاح، وأحل النكاح، وحرم الديباج، وأحل الوشي، وحرم الخمر، وأحل النبيذ غير المسكر، والمسكر منه ما أسكرك، انتهى‏.‏ ثم قال صاحب ‏"‏العقد الفريد‏"‏‏:‏ وقال المحلون للنبيذ‏:‏ إن الحرام هو الشربة الأخيرة فقط، وقال المحرمون‏:‏ إن جميع ما شرب هو المحرم المسكر، وأن الشربة الأخيرة إنما أسكرت بالأولى، فرد على هؤلاء صاحب ‏"‏العقد‏"‏ وأيد قول المحلين للنبيذ، فقال‏:‏ ينبغي أن يكون قليل النبيذ الذي يسكر كثيره حلالًا، وكثيره حرامًا، وأن الشربة الأخيرة المسكرة هي المحرمة، ومثل الأربعة الأقداح التي يسكر منها القدح الرابع، مثل أربعة رجال اجتمعوا على رجل، فشجه أحدهم موضحة، ثم شجه الثاني منقلة، ثم شجه الثالث مأمومة، ثم أقبل الرابع فأجهز عليه، فلا تقول‏:‏ إن الأول هو القائل، والثاني، والثالث، وإنما قتله الرابع الذي أجهز عليه، وعليه القود، انتهى‏.‏ ثم نقل رسالة عمر بن عبد العزيز إلى أهل الأمصار في الأنبذة، وفيها‏:‏ وأن في الأشربة التي أحل اللّه من العسل، والسويق، والنبيذ من الزبيب، والتمر لمندوحة عن الأشربة، غير أن كل ما كان من نبيذ العسل والتمر والزبيب، فلا ينبذ إلا في أسقية الأدم، التي لا زفت فيها، ولا يشرب منها ما يسكر، فإنه قد بلغنا أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نهى عن شرب ماجعل في الجرار، والدباء، والظروف المزفتة، وقال‏:‏ كل مسكر حرام، فاستغنوا بما أحل اللّه لكم عما حرم عليكم، اهـ ‏.‏ ثم قال صاحب ‏"‏العقد الفريد‏"‏‏:‏ ومن احتجاج المحلين للنبيذ ما رواه مالك في ‏"‏الموطأ‏"‏ من حديث أبي سعيد الخدري، وفيه بعد قصة، فأخبروه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏كنت نهيتكم عن الانتباذ في الدباء، والمزفت، فانتبزوا، وكل مسكر حرام‏"‏ اهـ ‏.‏ وإنما هو ناسخ ومنسوخ، وإنما كان نهيه أن ينتبذوا في الدباء، والمزفت نهيًا عن النبيذ الشديد، لأن الأشربة فيها تشتد، ولا معنى للدباء، والمزفت غير هذا، وقوله عليه السلام‏:‏ ‏"‏وكل مسكر حرام‏"‏ ينهاكم بذلك أن تشربوا حتى تسكروا، وإنما المسكر ما أسكرك، ولا يسمى القليل الذي لا يسكر مسكرًا، ولو كان ما يسكر كثيره يسمى قليله مسكرًا، ما أباح لنا منه شيئًا، والدليل على ذلك أن النبي صلى اللّه عليه وسلم شرب من سقاية العباس، فوجده شديدًا، فقطب بين حاجبيه، ثم دعا بذنوب من ماء زمزم، فصب عليه، ثم قال‏:‏ إذا اغتلمت أشربتكم، فاكسروها بالماء، ولو كان حرامًا لأراقه، ولما صبّ عليه ماء، ثم شربه، وقالوا في قول رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏كل خمر مسكر، وما أسكر الفرق منه، فملء الكف منه حرام‏"‏‏:‏ هذا كله منسوخ، نسخه شربه للصلب يوم حجة الوداع، قالوا‏:‏ ومن الدليل على ذلك أنه كان ينهى وفد عبد القيس عن شرب المسكر، فوفدوا إليه بعد، فرآهم مصفرة ألوانهم، سيئة حالهم، فسألهم عن قصتهم، فأعلموه أنه كان لهم شراب فيه قوام أبدانهم، فمنعهم من ذلك، فأذن لهم في شربه، وأن ابن مسعود قال‏:‏ شهدنا التحريم، وشهدنا التحليل، وغبتم، وأنه كان يشرب الصلب من نبيذ التمر، حتى كثرت الروايات عنه به، وشهرت، وأذيعت، واتبعه عامة التابعين من الكوفيين، وجعلوه أعظم حججهم، وقال في ذلك شاعرهم‏:‏

من ذا يحرم ماء المزن خالطه * في جوف خابية ماء العناقيدإني لأكره تشديد الرواة لنا * فيه، ويعجبني قول ابن مسعود

قال العبد الأحقر ‏"‏محمد يوسف الكاملبوري‏"‏‏:‏ وإليه ينزع ما قال أبو الأسود الدؤلي، معلم الحسنين‏:‏

دع الخمر يشربها الغواة، فإنني * رأيت أخاها مغنيًا بمكانها

فإن لم يكنها، أو يكنها، فإنه * أخوها، غذته أمه بلبانها

ثم قال صاحب ‏"‏العقد الفريد‏"‏‏:‏ وإنما أراد الشاعر الأول أنهم كانوا يعمدون إلى الرُّبّ الذي ذهب ثلثاه، وبقي ثلثه، فيزيدون عليه الماء قدر ما ذهب منه، ثم يتركونه حتى يغلي ويسكن جأشه، ثم يشربونه، وكان عمر يشرب على طعامه الصلب، ويقول‏:‏ يقطع هذا اللحم في بطونا، واحتجوا بحديث ابن عباس أنه قال‏:‏ حرمت الخمر بعينها، والمسكر من كل شراب، وما روى عنه أن النبي صلى اللّه عليه وسلم طاف وهو شاك على بعير، ومعه محجن، فلما مر بالحجر استلمه بالمحجن، حتى إذا انقضى طوافه، نزل فصلى ركعتين، ثم أتى السقاية، فقال‏:‏ أسقوني من هذا، فقال له العباس‏:‏ ألا نسقيك مما يصنع في البيوت‏؟‏ قال‏:‏ ولكن أسقوني مما يشرب الناس، فأتى بقدح من نبيذ فذاقه، فقطب، فقال‏:‏ هلموا فصبوا فيه الماء، ثم قال‏:‏ زد فيه مرة، أو مرتين، أو ثلاثًا، ثم قال‏:‏ إذا صنع أحد منكم هكذا، فاصنعوا به هكذا، وما روي عن أبي مسعود الأنصاري أن النبي صلى اللّه عليه وسلم عطش، وهو يطوف بالبيت، فأتى بنبيذ من السقاية فشمه، فقطب، ثم دعا بذنوب من ماء زمزم، فصب عليه، ثم شربه، فقال له رجل‏:‏ أحرام هذا يا رسول اللّه‏؟‏ فقال‏:‏ لا‏.‏ وقال الشعبي‏:‏ شرب أعرابي من أدواة عمر، فأغشى، فحده عمر، فقال‏:‏ شربت من أدوائك، فقال‏:‏ إنما حددتك للسكر لا للشرب، ودخل عمر بن الخطاب على قوم يشربون، ويوقدون في الأخصاص، فقال‏:‏ نهيتكم عن معاقرة الشراب فعاقرتم، وعن الايقاد في الأخصاص فأوقدتم، وهمَّ بتأديبهم، فقالوا‏:‏ يا أمير المؤمنين نهاك اللّه عن التجسس، فتجسست، ونهاك عن الدخول بغير إذن، فدخلت، فقال‏:‏ هاتان بهاتين، وانصرف، وهو يقول‏:‏ كل الناس أفقه منك يا عمر، وإنما نهاهم عن المعاقرة وإدمان الشراب حتى يسكروا، ولم ينههم عن الشراب، وعن مالك بن دينار‏:‏ وسئل عن النبيذ أحلال هو أم حرام‏؟‏ فقال‏:‏ انظر ثمن التمر من أين هو، ولا تسأل عن النبيذ أحلال هو أم حرام، انتهى‏.‏ ملخصًا‏.‏ وقال شيخنا الإمام المنعوت ذكره‏:‏ إن الحنفية ما قالوا بحل قليل من النبيذ على وجه التلهي، بل قالوا على وجه التقوّي، يستظهر به على العبادات، قلت‏:‏ هذا محمل حسن، وفيه بعض بلغة، ومنجع، وفي الدارقطني في ‏"‏الأشربة‏"‏ ص 535 عن ابن المبارك، قال‏:‏ سأل عبد اللّه بن عمر العمري أبا حنيفة عن الشراب، فقال‏:‏ حدثونا من قبل أبيك رحمه اللّه، قال‏:‏ إن رابكم فاكسروه بالماء، فقال له عبد اللّه‏:‏ فإذا تيقنت، ولم ترتب، انتهى‏]‏ بتحريمهم آخر الشربة‏.‏ دون ما تقدمها، إذ لا خلاف بين أهل العلم، أن السكر بكليته لا يحدث عن الشربة الأخيرة فقط، دون ما تقدمها‏.‏

- وأما حديث علي‏:‏ فأخرجه الدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏ص 531 - ج 2‏.‏‏]‏ عن عيسى بن عبد اللّه بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب حدثني أبي عن أبيه عن جده عن علي، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏كل مسكر حرام، وما أسكر كثيره فقليله حرام‏"‏، انتهى‏.‏ وعيسى بن عبد اللّه عن آبائه تركه الدارقطني‏.‏

- وأما حديث عائشة‏:‏ فأخرجه أبو داود، والترمذي ‏[‏عند أبي داود في ‏"‏الأشربة - في باب ما جاء في السكر‏"‏ ص 163 - ج 2، وعند الترمذي فيه‏:‏ ص 9 - ج 2، وفي لفظ للترمذي‏:‏ فالحسوة منه حرام‏]‏ عن أبي عثمان عمرو بن سالم الأنصاري عن القاسم بن محمد عن عائشة أنها سمعت النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، يقول‏:‏ كل مسكر حرام، وما أسكر الفرق فملء الكف منه حرام، وفي لفظ للترمذي‏:‏ فالحسوة منه، انتهى‏.‏ قال الترمذي‏:‏ حديث حسن، ورواه ابن حبان في ‏"‏صحيحه‏"‏ في النوع السابع والستين، من القسم الثاني، وأحمد في ‏"‏مسنده‏"‏ قال المنذري في ‏"‏مختصره‏"‏‏.‏ رجاله كلهم محتج بهم في ‏"‏الصحيحين‏"‏ إلا عمرو بن سالم، وهو مشهور، لم أجد لأحد فيه كلامًا، انتهى‏.‏ قلت‏:‏ قال ابن القطان في ‏"‏كتابه‏"‏‏:‏ وأبو عثمان هذا لا يعرف حاله، وتعقبه صاحب ‏"‏التنقيح‏"‏ فقال‏:‏ وثقه أبو داود، وذكره ابن حبان في ‏"‏الثقات‏"‏، انتهى‏.‏ وأخرجه الدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏عند الدارقطني في ‏"‏الأشربة‏"‏ ص 533‏.‏

‏(‏يتبع‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏

‏(‏تابع‏.‏‏.‏‏.‏ 1‏)‏‏:‏ - الحديث الثامن‏"‏ قال عليه السلام‏:‏‏.‏‏.‏‏.‏ ‏.‏‏.‏‏.‏

‏]‏ من طرق أخرى عديدة، أضربنا عن ذكرها، لأنها كلها ضعيفة‏.‏

- وأما حديث ابن عمر‏:‏ فرواه إسحاق بن راهويه في ‏"‏مسنده‏"‏ أخبرنا أبو عامر العقدي ثنا أبو معشر عن موسى بن عقبة عن سالم بن عبد اللّه بن عمر عن أبيه مرفوعًا‏:‏ ما أسكر كثيره فقليله حرام‏.‏ انتهى‏.‏ ورواه الطبراني في ‏"‏معجمه‏"‏ حدثنا علي بن سعيد الرازي ثنا أبو مصعب ثنا المغيرة بن عبد الرحمن عن موسى بن عقبة به، ورواه في ‏"‏الوسط‏"‏ من طريق مالك عن نافع عن ابن عمر، ومن طريق ابن إسحاق عن نافع به‏.‏

- وأما حديث خوات بن جبير‏:‏ فأخرجه الحاكم في ‏"‏المستدرك ‏[‏في ‏"‏المستدرك - في مناقب بن جبير‏"‏ ص 413 - ج 3‏.‏‏]‏ - في كتاب الفضائل‏"‏ عن عبد اللّه بن إسحاق بن صالح بن خوات بن جبير ‏[‏خوات بن جبير هو من أجداد عبد اللّه بن إسحاق، كما يفهم من سند التخريج، ومثله في ‏"‏المستدرك‏"‏ ص 413 - ج 3، ولكن السند في ‏"‏اللسان‏"‏ ص 258 - ج 3، وعند الدارقطني‏:‏ ص 532، هكذا‏:‏ عن عبد اللّه ابن إسحاق بن الفضل بن عبد الرحمن بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب حدثني أبي عن صالح بن خوات ابن صالح بن خوات بن جبير الأنصاري عن أبيه عن جده، فعلم أن عبد اللّه بن إسحاق ليس من أولاد خوات ابن جبير، وفي ‏"‏التهذيب‏"‏ ذكر ترجمة صالح بن خوات هو الجد، ثم ذكر ترجمة صالح بن خوات الحفيد، فقال‏:‏ صالح بن خوات بن صالح بن خوات، حفيد الذي قبله، روى عنه ابن المبارك، وفضل بن سليمان، وطلحة بن زيد، وإسحاق بن الفضل الهاشمي، والواقدي، انتهى‏]‏ حدثني أبي عن أبيه عن جده خوات بن جبير مرفوعًا، نحوه سواء، وسكت عنه، ورواه الطبراني في ‏"‏معجمه‏"‏، والدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏‏.‏ والعقيلي في ‏"‏ضعفائه‏"‏، وأعله بعبد اللّه بن إسحاق هذا، وقال‏:‏ لا يتابع عليه بهذا الإسناد، والحديث معروف بغير هذا الإسناد‏.‏- وأما حديث زيد بن ثابت، فرواه الطبراني في ‏"‏معجمه‏"‏ ‏[‏قال الهيثمي في ‏"‏مجمع الزوائد‏"‏ ص 57 - ج 5‏:‏ رواه الطبراني في ‏"‏الكبير - والأوسط‏"‏ وفيه إسماعيل بن قيس، وهو ضعيف جدًا، انتهى‏]‏ حدثنا محمد بن عبد اللّه بن عرس المروزي ثنا يحيى بن سليمان المدني ثنا إسماعيل بن قيس عن أبيه عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه زيد بن ثابت مرفوعًا، نحوه سواء‏.‏

- قوله‏:‏ ويروى‏:‏ ما أسكر الجرة منه، فالجرعة حرام، قلت‏:‏ هذه رواية غريبة، ولكن معناها في حديث عائشة، ما أسكر الفرق، فملؤ الكف منه حرام، أخرجه أبو داود، والترمذي، وقد تقدم، وفي رواية للترمذي، فالحسوة منه حرام‏.‏

- قوله‏:‏ وهذا الحديث ليس بثابت، ثم هو محمول على القدح الأخير‏:‏ قلت‏:‏ أخرج الدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏عند الدارقطني في ‏"‏الأشربة‏"‏ ص 531، ثم أخرج عن حماد عن إبراهيم أنه قال في الحديث الذي جاء‏:‏ كل مسكر حرام‏:‏ هو القدح الأخير الذي يسكر منه، هذا هو الصحيح عن حماد أنه من قول إبراهيم، انتهى‏]‏ عن عمار بن مطر ثنا جرير بن عبد الحميد عن الحجاج عن حماد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد اللّه في قوله عليه السلام‏:‏ ‏"‏كل مسكر حرام‏"‏ قال‏:‏ هي الشربة التي أسكرتك، ثم أخرجه عن عمار بن مطر ثنا شريك عن أبي حمزة عن إبراهيم، قوله‏:‏ كل مسكر حرام، قال‏:‏ هي الشربة التي أسكرتك، قال‏:‏ وهذا أصح من الأول، ولم يسنده غير الحجاج، واختلف عنه، وعمار بن مطر ضعيف، وحجاج ضعيف، وإنما هو من قول إبراهيم النخعي، ثم أسند عن ابن المبارك، أنه ذكر له حديث ابن مسعود، كل مسكر حرام هي الشربة التي أسكرتك، فقال‏:‏ حديث باطل، انتهى‏.‏ وقال البيهقي في ‏"‏المعرفة‏"‏‏:‏ هذا إنما يرويه حجاج بن أرطأة، وهو لا يحتج به، وقد ذكر لابن المبارك فقال‏:‏ حديث باطل، قال‏:‏ وسببه ما أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، فأسند عن البخاري أنه قال‏:‏ قال زكريا بن عدي‏:‏ لما قدم بن المبارك الكوفة، فذكر قصة رواها ابن المبارك عن الحسن بن عمرو الفقيمي عن فضيل بن عمرو عن إبراهيم، قال‏:‏ كانوا يقولون‏:‏ إذا سكر من شراب لم يحل له أن يعود فيه أبدًا، قال البيهقي‏:‏ فكيف يكون عند إبراهيم قول ابن مسعود هكذا، ثم يخالفه‏؟‏ فدل على بطلان ما رواه الحجاج بن أرطأة، انتهى كلامه‏.‏

- الحديث التاسع‏:‏ قال عليه السلام‏:‏

- ‏"‏حرمت الخمر لعينها - ويروى - بعينها، قليلها وكثيرها، والسكر من كل شراب‏"‏،

قلت‏:‏ رواه العقيلي في ‏"‏كتب الضعفاء - في ترجممة محمد بن الفرات‏"‏ حدثنا عمرو بن أحمد بن عمرو بن السرح ثنا يوسف بن عدي ثنا محمد بن الفرات الكوفي عن أبي إسحاق السبيعي عن الحارث عن علي، قال‏:‏ طاف النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بين الصفا والمروة أسبوعًا، ثم استند إلى حائط من حيطان مكة، فقال‏:‏ هل من شربة‏؟‏، فأتى بقعب من نبيذ، فذاقه، فقطب، ورده، فقام إليه رجل من آل حاطب، فقال‏:‏ يا رسول اللّه هذا شراب أهل مكة، قال‏:‏ فصب عليه الماء، ثم شرب، ثم قال‏:‏ حرمت الخمر بعينها، والسكر من كل شراب، انتهى‏.‏ وأعله بمحمد بن الفرات، ونقل عن يحيى بن معين أنه قال فيه‏:‏ ليس بشيء، ونقل عن البخاري أنه قال‏:‏ منكر الحديث، وقال العقيلي‏:‏ لا يتابع عليه، انتهى، وأخرجه العقيلي أيضًا عن عبد الرحمن بن بشر الغطفاني عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي، قال‏:‏ سألت رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ عن الأشربة عام حجة الوداع، فقال‏:‏ حرم اللّه الخمر بعينه، والسكر من كل شراب، انتهى‏.‏‏.‏ قال‏:‏ وعبد الرحمن هذا مجهول في الرواية والنسب، وحديثه غير محفوظ، وإنما يروى هذا عن ابن عباس من قوله، انتهى‏.‏ وأخرجه النساائي في ‏"‏سننه‏"‏ موقوفًا على ابن عباس من طرق، فأخرجه عن ابن شبرمة عن عبد الله بن شداد عن ابن عباس، أنه قال‏:‏ حرمت الخمر قليلها وكثيرها، والسكر من كل شراب، انتهى‏.‏ قال النسائي‏:‏ وابن شبرمة لم يسمعه من ابن شداد، ثم أخرجه عن هشيم عن ابن شبرمة، حدثني الثقة عن ابن شداد عن ابن عباس، قال‏:‏ حرمت الخمر بعينها، قليلها وكثيرها، والسكر من كل شراب، انتهى‏.‏ وقال‏:‏ هشيم بن بشير كان يدلس، وليس في حديثه ذكر السماع من ابن شبرمة، ثم أخرجه عن أبي عون عن ابن شداد عن ابن عباس، قال‏:‏ حرمت الخمر بعينها، قليلها وكثيرها، والمسكر من كل شراب، وفي لفظ‏:‏ وما أسكر من كل شراب، وقال هذا أولى بالصواب من حديث ابن شبرمة، انتهى‏.‏ ورواه البزار في ‏"‏مسنده‏"‏ حدثنا محمد بن حرب ثنا أبو سفيان الحميري ثنا هشيم عن ابن شبرمة عن عمار الدهني عن عبد اللّه بن شداد عن ابن عباس موقوفًا، قال البزار‏:‏ وقد رواه أبو عون عن عبد اللّه ابن شداد، ورواه عن أبي عون، مسعر، والثوري، وشريك، ولا نعلم رواه عن ابن شبرمة عن عمار الدهني عن ابن شداد عن ابن عباس إلا هشيم، ولا عن هشيم إلا أبو سفيان، ولم يكن هذا الحديث إلا عند محمد بن حرب - وكان واسطيًا ثقة - حدثنا زيد بن أخرم أبو طالب الطائي ثنا أبو داود ثنا شعبة عن مسعر عن أبي عون عن عبد اللّه بن شداد، فذكره، حدثنا أحمد بن منصور ثنا يزيد بن أبي حكيم ثنا سفيان عن أبي سلمة عن أبي عون عن ابن شداد عن ابن عباس، قال‏:‏ وشعبة يقول‏:‏ والمسكر، وقد رواه جماعة عن أبي عون، فاقتصرنا على رواية مسعر، ولا نعلم روى الثوري عن مسعر حديثًا مسندًا إلا هذا الحديث، انتهى‏.‏ وأخرجه الطبراني في ‏"‏معجمه‏"‏ عن أبي عون عن عبد الله بن شداد عن ابن عباس موقوفًا‏:‏ حرمت الخمر بعينها، القليل منها والكثير، والسكر من كل شراب، انتهى‏.‏ وأخرجه عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس، مرفوعًا نحوه، وأخرجه أبو نعيم في ‏"‏الحلية - في ترجمة مسعر‏"‏ عن خلاد بن يحيى عن مسعر عن أبي عون به، قال‏:‏ وقد رواه عن مسعر سفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، وسفيان، وإبراهيم ابنا عيينة، ورفعه سفيان بن عيينة عن مسعر، فقال‏:‏ عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وتفرد شعبة عن مسعر، فقال‏:‏ والسكر من كل شراب، انتهى‏.‏ وأخرجه الدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏عند الدارقطني‏:‏ في ‏"‏الأشربة‏"‏ ص 533‏]‏ من طريق أحمد بن حنبل ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن مسعر عن أبي عون عن ابن شداد عن ابن عباس موقوفًا، إنما حرمت الخمر بعينها، والمسكر من كل شراب، قال‏:‏ وهذا هو الصواب عن ابن عباس، لأنه قد روى عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ كل مسكر حرام، وروى طاوس، وعطاء، ومجاهد عن ابن عباس قال‏:‏ قليل ما أسكر كثيره حرام، انتهى‏.‏