فصل: الآية (17)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور **


-  قوله تعالى‏:‏ ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخره ذلك هو الخسران المبين*يدعو من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه ذلك هو الضلال البعيد*يدعو لمن ضره أقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير*إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار إن الله يفعل ما يريد‏.‏

أخرج البخاري وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما ‏{‏ومن الناس من يعبد الله على حرف‏}‏ قال‏:‏ كان الرجل يقدم المدينة فإن ولدت امرأته غلاما ونتجت خيله قال‏:‏ هذا دين صالح؛ وإن لم تلد امرأته ولم تنتج خيله، قال‏:‏ هذا دين سوء‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه بسند صحيح، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ كان ناس من الأعراب يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيسلمون، فإذا رجعوا إلى بلادهم فإن وجدوا عام غيث وعام خصب وعام ولاد حسن، قالوا‏:‏ إن ديننا هذا صالح فتمسكوا به؛ وإن وجدوا عام جدب وعام ولاد سوء وعام قحط، قالوا‏:‏ ما في ديننا هذا خير‏.‏ فأنزل الله ‏{‏ومن الناس من يعبد الله على حرف‏}‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال‏:‏ كان أحدهم إذا قدم المدينة - وهي أرض وبيئة - فإن صح بها جسمه ونتجبت فرسه مهرا حسنا وولدت امرأته غلاما، رضي به واطمأن اليه وقال‏:‏ ما أصبت منذ كنت على ديني هذا إلا خيرا؛ وإن رجع المدينة وولدت امرأته جارية وتأخرت عنه الصدقة، أتاه الشيطان فقال‏:‏ والله ما أصبت منذ كنت على دينك هذا إلا شرا‏.‏ وذلك الفتنة‏.‏

وأخرج ابن مردويه من طريق عطية، عن أبي سعيد رضي الله عنه قال‏:‏ أسلم رجل من اليهود فذهب بصره وماله وولده فتشاءم بالإسلام، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ‏"‏أقلني‏.‏ فقال‏:‏ إن الإسلام لا يقال‏.‏ فقال‏:‏ لم أصب في ديني هذا خيرا‏.‏ ذهب بصري ومالي ومات ولدي‏.‏‏.‏‏.‏‏!‏ فقال‏:‏ يا يهودي، الإسلام، يسبك الرجال كما تسبك النار خبث الحديد والذهب والفضة‏"‏‏.‏ ونزلت‏:‏ ‏{‏ومن الناس من يعبد الله على حرف‏}‏‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ‏{‏ومن الناس من يعبد الله على حرف‏}‏ قال‏:‏ على شك‏.‏ وفي قوله ‏{‏فإن أصابه خير‏}‏ قال‏:‏ رخاء وعافية ‏{‏اطمأن به‏}‏ قال‏:‏ استقر ‏{‏وإن أصابته فتنة‏}‏ قال‏:‏ عذاب ومصيبة ‏{‏انقلب على وجهه‏}‏ قال‏:‏ ارتد على وجهه كافرا‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه في قوله ‏{‏ومن الناس من يعبد الله على حرف‏}‏ قال‏:‏ كان الرجل يأتي المدينة مهاجرا، فإن صح جسمه وتتابعت عليه الصدقة وولدت امرأته غلاما وأنتجت فرسه مهرا، قال‏:‏ والله لنعم الدين وجدت دين محمد صلى الله عليه وسلم هذا، ما زلت أعرف الزيادة في جسدي وولدي؛ وإن سقم بها جسمه واحتبست عليه الصدقة وأزلقت فرسه وأصابته الحاجة وولدت امرأته الجارية، قال‏:‏ والله لبئس الدين دين محمد هذا، والله ما زلت أعرف النقصان في جسدي وأهلي وولدي ومالي‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله ‏{‏ومن الناس من يعبد الله على حرف‏}‏ قال‏:‏ على شك ‏{‏فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه‏}‏ يقول‏:‏ إن أصاب خصبا وسلوة من عيش وما يشتهي، اطمأن اليه وقال‏:‏ أنا على حق وأنا أعرف الذي أنا عليه ‏{‏وإن أصابته فتنة‏}‏ أي بلاء ‏{‏انقلب على وجهه‏}‏ يقول‏:‏ ترك ما كان عليه من الحق فأنكر معرفته، خسر الدنيا والآخرة‏.‏ يقول‏:‏ خسر دنياه التي كان لها يحزن وبها يفرح ولها يسخط ولها يرضى، وهي همه وسدمه وطلبته ونيته، ثم أفضى إلى الآخرة وليس له حسنة يعطى بها خيرا ‏{‏فذلك هو الخسران المبين‏}‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله ‏{‏يدعو من دون الله ما لا يضره‏}‏ إن عصاه في الدنيا ‏{‏وما لا ينفعه‏}‏ ان أطاعه وهو الصنم ‏{‏يدعو لمن ضره أقرب من نفعه‏}‏ يقول‏:‏ ضره في الآخرة من أجل عبادته إياه في الدنيا ‏{‏لبئس المولى‏}‏ يقول‏:‏ الصنم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد ‏{‏لبئس المولى ولبئس العشير‏}‏ قال‏:‏ الصاحب‏.‏

-  قوله تعالى‏:‏ من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخره فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده مايغيظ*وكذلك أنزلناه آيات بينات وأن الله يهدي من يريد‏.‏

أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ‏{‏من كان يظن أن لن ينصره الله‏}‏ قال‏:‏ من كان يظن أن لن ينصر الله محمدا ‏{‏في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب‏}‏ قال‏:‏ فليربط حبلا ‏{‏إلى السماء‏}‏ قال‏:‏ إلى سماء بيته السقف ‏{‏ثم ليقطع‏}‏ قال‏:‏ ثم يختنق به حتى يموت‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ‏{‏من كان يظن أن لن ينصره الله‏}‏ يقول‏:‏ أن لن يرزقه الله ‏{‏فليمدد بسبب إلى السماء‏}‏ فليأخذ حبلا فليربطه في سماء بيته فليختنق به ‏{‏فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ‏}‏ قال‏:‏ فلينظر هل ينفعه ذلك أو يأتيه برزق‏؟‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد رضي الله عنه ‏{‏من كان يظن ان لن ينصره الله‏}‏ قال‏:‏ ان لن يرزقه الله ‏{‏فليمدد بسبب إلى السماء‏}‏ قال‏:‏ بحبل بيته ‏{‏ثم ليقطع‏}‏ ثم ليختنق ‏{‏فلينظر هل يذهبن كيده‏}‏ ذلك ‏{‏ما يغيظ‏}‏ قال‏:‏ ذلك خيفة أن لا يرزق‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في الآية قال‏:‏ من كان يظن أن لن ينصر الله نبيه ويكابد هذا الأمر ليقطعه عنه، فليقطع ذلك من أصله من حيث يأتيه، فإن أصله في السماء ‏{‏ثم ليقطع‏}‏ أي عن النبي الوحي الذي يأتيه من الله إن قدر‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه في الآية قال‏:‏ من كان يظن ان لن ينصر الله محمدا، فليجعل حبلا في سماء بيته فليختنق به، فلينظر هل يغيظ ذلك إلا نفسه‏؟‏‏.‏‏.‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله ‏{‏من كان يظن أن لن ينصره الله‏}‏ يقول‏:‏ من كان يظن أن الله غير ناصر دينه ‏{‏فليمدد بحبل إلى السماء‏}‏ سماء البيت فليختنق ‏{‏فلينظر‏}‏ ما يرد ذلك في يده‏.‏

-  قوله تعالى‏:‏ إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامه إن الله على كل شيء شهيد‏.‏

أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله ‏{‏ان الذين آمنوا‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ الصائبون قوم يعبدون الملائكة ويصلون القبلة ويقرأون الزبور ‏{‏والمجوس‏}‏ عبدة الشمس والقمر والنيران وأما ‏{‏الذين أشركوا‏}‏ فهم عبدة الأوثان ‏{‏ان الله يفصل بينهم يوم القيامة‏}‏ قال‏:‏ الأديان ستة‏:‏ فخمسة للشيطان ودين لله عز وجل‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله ‏{‏ان الله يفصل بينهم‏}‏ قال‏:‏ فصل قضاءه بينهم فجعل الجنة مشتركة وجعل هذه الأمة واحدة‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه قال‏:‏ قالت اليهود‏:‏ عزير ابن الله، وقالت النصارى‏:‏ المسيح ابن الله‏.‏ وقالت الصابئه‏:‏ نحن نعبد الملائكة من دون الله‏.‏ وقالت المجوس‏:‏ نحن نعبد الشمس والقمر من دون الله‏.‏ وقالت المشركون‏:‏ نحن نعبد الأوثان من دون الله‏.‏ فأوحى الله إلى نبيه ليكذب قولهم‏:‏ ‏(‏قل هو الله أحد‏)‏ ‏(‏سورة الصمد، الآية 1‏)‏ إلى آخرها ‏(‏وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا‏)‏ ‏(‏الإسراء، آية 111‏)‏ وأنزل الله ‏{‏ان الذي آمنوا والذين هادوا والصائبين والنصارى والمجوس‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية قال‏:‏ ‏{‏الذين هادوا‏}‏ اليهود، والصائبون، ليس لهم كتاب ‏{‏المجوس‏}‏ أصحاب الأصنام والمشركون، نصارى العرب‏.‏

-  قوله تعالى‏:‏ ألم ترى أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء*هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رؤسهم الحميم*يصهر به مافي بطونهم والجلود*ولهم مقامع من حديد*كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق*أن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير‏.‏

أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله‏:‏ ‏{‏ألم تر أن الله يسجد له من في السموات‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ سجود ظل هذا كله ‏{‏وكثير من الناس‏}‏ قال‏:‏ المؤمنون ‏{‏وكثير حق عليه العذاب‏}‏ قال‏:‏ هذا الكافر سجود ظله وهو كاره‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في الآية قال‏:‏ سجود كل شيء فيئه، وسجود الجبال فيئها‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال‏:‏ الثوب يسجد‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، عن أبي العالية رضي الله عنه قال‏:‏ ما في السماء من شمس ولا قمر ولا نجم، إلا يقع ساجدا حتى يغيب، ثم لا ينصرف حتى يؤذن له فيأخذ ذات اليمين حتى يرجع إلى معلمه‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه قال‏:‏ إذا فاء الفيء لم يبق شيء من دابة ولا طائر إلا خر لله ساجدا‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن دينار رضي الله عنه قال‏:‏ سمعت رجلا يطوف بالبيت ويبكي، فإذا هو طاوس‏!‏ فقال‏:‏ عجبت من بكائي‏؟‏ قلت‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ ورب هذه البنية، إن هذا القمر ليبكي من خشية الله ولا ذنب له‏.‏

وأخرج أحمد في الزهد عن ابن أبي مليكة رضي الله عنه قال‏:‏ مر رجل على عبد الله بن عمرو وهو ساجد في الحجر وهو يبكي فقال‏:‏ أتعجب أن أبكي من خشية الله وهذا القمر يبكي من خشية الله‏.‏‏.‏‏.‏‏؟‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن طاوس رضي الله عنه في الآية قال‏:‏ لم يستثن من هؤلاء أحدا، حتى إذا جاء ابن آدم استثناه فقال ‏{‏وكثير من الناس‏}‏ قال‏:‏ والذي أحق بالشكر هو أكثرهم‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم واللالكائي في السنة والخلعي في فوائده، عن علي أنه قيل له‏:‏ ان ههنا رجلا يتكلم في المشيئة‏.‏ فقال له علي‏:‏ يا عبد الله، خلقك الله لما يشاء أو لما شئت‏؟‏ قال‏:‏ بل لما يشاء‏.‏ قال‏:‏ فيمرضك إذا شاء أو إذا شئت‏؟‏ قال‏:‏ بل إذا شاء‏.‏ قال‏:‏ فيشفيك إذا شاء أو إذا شئت‏؟‏ قال‏:‏ بل إذا شاء‏.‏ قال‏:‏ فيدخلك الجنة حيث شاء أو حيث شئت‏؟‏ قال‏:‏ بل حيث شاء‏.‏ قال‏:‏ والله لو قلت غير ذلك لضربت الذي فيه عيناك بالسيف‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل، عن أبي ذر رضي الله عنه أنه كان يقسم قسما إن هذه الآية ‏{‏هذان خصمان اختصموا في ربهم‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ إلى قوله ‏{‏ان الله يفعل ما يريد‏}‏ نزلت في الثلاثة والثلاثة الذين تبارزوا يوم بدر وهم‏:‏ حمزة بن عبد المطلب، وعبيدة بن الحارث، وعلي بن أبي طالب، وعتبة وشيبة ابنا ربيعة، والوليد بن عتبة‏.‏ قال علي رضي الله عنه‏:‏ أنا أول من يجثو في الخصومة على ركبتيه بين يدي الله يوم القيامة‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري والنسائي وابن جرير والبيهقي من طريق قيس بن عبادة، عن علي رضي الله عنه قال‏:‏ أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة‏.‏ قال قيس‏:‏ فيهم نزلت ‏{‏هذان خصمان اختصموا في ربهم‏}‏ قال‏:‏ هم الذين بارزوا يوم بدر‏:‏ علي وحمزة وعبيدة وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد ابن عتبة‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال‏:‏ لما بارز علي وحمزة وعبيدة وعتبة وشيبة والوليد، قالوا لهم‏:‏ تكلموا نعرفكم‏.‏ قال‏:‏ أنا علي، وهذا حمزة، وهذا عبيدة‏.‏ فقالوا‏:‏ أكفاء كرام‏!‏ فقال علي‏:‏ أدعوكم إلى الله وإلى رسوله‏.‏ فقال عتبة‏:‏ هلم للمبارزة‏.‏ فبارز علي شيبة فلم يلبث أن قتله، وبارز حمزة عتبة فقتله، وبارز عبيدة الوليد فصعب عليه فأتى علي فقتله‏.‏ فأنزل الله ‏{‏هذان خصمان‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية قال‏:‏ لما التقوا يوم بدر قال لهم عتبة بن ربيعة‏:‏ لا تقتلوا هذا الرجل، فإنه إن يكن صادقا فأنتم أسعد الناس بصدقة، وإن يكن كاذبا فأنتم أحق من حقن دمه‏.‏ فقا أبو جهل بن هشام‏:‏ لقد امتلأت رعبا‏.‏ فقال عتبة‏:‏ ستعلم أينا الجبان المفسد لقومه‏.‏ قال‏:‏ فبرز عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة، فنادوا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقالوا‏:‏ ‏"‏ابعث الينا أكفاءنا نقاتلهم‏.‏ فوثب غلمة من الأنصار من بني الخزرج، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم اجلسوا‏.‏‏.‏‏.‏ قوموا يا بني هاشم‏.‏ فقام حمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث فبرزوا لهم، فقال عتبة‏:‏ تكلموا نعرفكم ان تكونوا أكفاءنا قاتلناكم‏.‏ قال حمزة‏:‏ أنا حمزة بن عبد المطلب‏.‏‏.‏‏.‏ أنا أسد الله وأسد رسوله‏.‏ فقال عتبة‏:‏ كفء كريم‏!‏ فقال علي‏:‏ أنا علي بن أبي كالب‏.‏‏.‏‏.‏ فقال‏:‏ كفء كريم‏!‏ فقال عبيدة‏.‏ أنا عبيدة بن الحارث‏.‏‏.‏‏.‏ فقال عتبة‏:‏ كفء كريم‏!‏ فأخذ حمزة شيبة بن ربيعة، وأخذ علي بن أبي طالب عتبة بن ربيعة، وأخذ عبيدة الوليد‏.‏ فأما حمزة، فأجاز على شيبة، وأما علي فاختلفا ضربتين‏[‏‏؟‏‏؟‏‏]‏، فأقام فأجاز على عتبة، وأما عبيدة فأصيبت رجله‏.‏ قال‏:‏ فرجع هؤلاء وقتل هؤلاء، فنادى أبو جهل وأصحابه‏:‏ لنا العزى ولا عزى لكم، فنادى منادي للنبي صلى الله عليه وسلم قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار‏.‏ فأنزل الله ‏{‏هذان خصمان اختصموا في ربهم‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن لاحق بن حميد قال‏:‏ نزلت هذه الآية يوم بدر ‏{‏هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار‏}‏ في عتبة ابن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة‏.‏ ونزلت ‏{‏ان الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات‏}‏ إلى قوله ‏(‏وهدوا إلى صراط الحميد‏)‏ في علي بن أبي طالب وحمزة وعبيدة بن الحارث‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله ‏{‏هذان خصمان اختصموا في ربهم‏}‏ قال‏:‏ مثل المؤمن والكافر اختصامها في البعث‏.‏

وأخرج ابن جرير عن مجاهد وعطاء بن أبي رباح والحسن قال‏:‏ هم الكافرون والمؤمنون اختصموا في ربهم‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله ‏{‏هذان خصمان اختصموا في ربهم‏}‏ قال‏:‏ هم أهل الكتاب، قالوا للمؤمنين نحن أولى بالله وأقدم منكم كتابا، ونبينا قبل نبيكم‏.‏ وقال المؤمنون‏:‏ نحن أحق بالله، آمنا بمحمد وآمنا بنبيكم وبما أنزل الله من كتاب، وأنتم تعرفون كتابنا ونبينا ثم تركتموه وكفرتم به حسدا، فكان ذلك خصومتهم في ربهم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة قال‏:‏ اختصم المسلمون وأهل الكتاب، فقال أهل الكتاب‏:‏ نبينا قبل نبيكم وكتابنا قبل كتابكم، ونحن أولى بالله منكم وقال المسلمون‏:‏ إن كتابنا يقضي على الكتب كلها ونبينا خاتم الأنبياء، فنحن أولى بالله منكم، فأفلج الله أهل الإسلام على من ناوأهم فأنزل الله ‏{‏هذان خصمان اختصموا في ربهم‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ إلى قوله ‏{‏عذاب الحريق‏}‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن عكرمة في قوله ‏{‏هذان خصمان اختصموا في ربهم‏}‏ قال‏:‏ هما الجنة والنار اختصمتا فقالت النار‏:‏ خلقني الله لعقوبته‏.‏ وقالت الجنة‏:‏ خلقني الله لرحمته‏.‏

وأخرج ابن جرير عن جاهد ‏{‏فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار‏}‏ قال‏:‏ الكافر قطعت له ثياب من نار، والمؤمن يدخله الله جنات تجري من تحتها الانهار‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير في قوله ‏{‏قطعت لهم ثياب من نار‏}‏ من نحاس، وليس من الآنية شيء إذا حمي اشتد بأحر منه‏.‏ وفي قوله ‏{‏يصب من فوق رؤوسهم الحميم‏}‏ قال‏:‏ النحاس يذاب على رؤوسهم‏.‏ وفي قوله ‏{‏يصهر به ما في بطونهم‏}‏ قال‏:‏ تسيل أمعاؤهم والجلود، قال‏:‏ تتناثر جلودهم حتى يقوم كل عضو بحياله‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم التيمي، أنه قرأ قوله ‏{‏قطعت لهم ثياب من نار‏}‏ قال‏:‏ سبحان من قطع من النار ثيابا‏.‏

وأخرج أبو نعيم في الحلية عن وهب بن منبه قال‏:‏ كسي أهل النار والعري كان خيرا لهم، وأعطوا الحياة والموت كان خيرا لهم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد والترمذي وصححه، وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وأبو نعيم في الحلية وابن مردويه، عن أبي هريرة أنه تلا هذه الآية فقال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏ان الحميم ليصب على رؤوسهم فينفذ الجمجمة، حتى يخلص إلى جوفه فيسلت ما في جوفه حتى يمرق من قدمه وهو الصهر، ثم يعاد كما كان‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال‏:‏ يأتيه الملك يحمل الاناء بكليتين من حرارته، فإذا ادناه من وجهه يكرهه فيرفع مقمعة معه فيضرب بها رأسه فيفذغ دماغه، ثم يفرغ الإناء من دماغه فيصل إلى جوفه من دماغه‏.‏ فذلك قوله ‏{‏يصهر به ما في بطونهم والجلود‏}‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية، عن سعيد ابن جبير قال‏:‏ إذا جاء أهل النار في النار استغاثوا بشجرة الزقوم فأكلوا منها فاختنست جلود وجوههم، فلو أن مارا يمر بهم يعرفهم لعرف جلود وجوههم بها، ثم يصب عليهم العطش فيستغيثون فيغاثون بماء كالمهل، وهو الذي قد سقطت عنه الجلود و ‏{‏يصهر به ما في بطونهم‏}‏ يمشون وأمعاؤهم تساقط وجلودهم، ثم يضربون‏.‏ بمقامع من حديد فيسقط كل عضو على حياله يدعون بالويل والثبور‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏يصهر به ما في بطونهم والجلود‏}‏ قال‏:‏ يمشون وأمعاؤهم تساقط وجلودهم‏.‏ وفي قوله ‏{‏ولهم مقامع من حديد‏}‏ قال‏:‏ يضربون بها فيقع كل عضو على حياله‏.‏

وأخرج ابن الأنباري والطستي في مسائله، عن ابن عباس أن نافع بن الازرق سأله عن قوله ‏{‏يصهر‏}‏ قال‏:‏ يذاب ‏{‏ما في بطونهم‏}‏ إذا شربوا الحميم‏.‏ قال‏:‏ وهل تعرف العرب ذلك‏؟‏ قال‏:‏ نعم، أما سمعت قول الشاعر‏:‏

سخنت صهارته فظل عثانه * في شيطل كعب به تتردد

وظل مرتثيا للشمس تصهره* حتى إذا لشمس قامت جانبا عدلا

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله ‏{‏يصهر به ما في بطونهم والجلود‏}‏ قال‏:‏ يسقون ماء إذا دخل بطونهم أذابها والجلود مع البطون‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله ‏{‏يصهر به ما في بطونهم‏}‏ قال‏:‏ يذاب إذابة‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن الضحاك مثله‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة ‏{‏يصهر به‏}‏ قال‏:‏ يذاب‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء الخراساني في قوله ‏{‏يصهر به‏}‏ قال‏:‏ يذاب كما يذاب الشحم‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم، عن الضحاك في قوله ‏{‏ولهم مقامع‏}‏ قال‏:‏ مطارق‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال‏:‏ كان عمر يقول‏:‏ أكثروا ذكر النار، فإن حرها شديد وإن قعرها بعيد وإن مقامعها حديد‏.‏

وأخرج أحمد وأبو يعلى وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في البعث، عن أبي سعيد الخدري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏لو أن مقمعا من حديد وضع في الأرض فاجتمع الثقلان، ما أقلوه في الأرض، ولو ضرب الجبل بمقمع من حديد لتفتت ثم عاد كما كان‏"‏‏.‏

وأخرج ابن المبارك وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وهناد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه، عن سلمان قال‏:‏ النار سوداء مظلمة لا يضيء لهبا ولا جمرها‏.‏ ثم قرأ ‏{‏كلما أرادوا ان يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها‏}‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي جعفر القاري، أنه قرأ هذه الآية ‏{‏كلما أرادوا ان يخرجوا منها من غم‏}‏ فبكى وقال‏:‏ أخبرني زيد بن أسلم في هذه الآية ان أهل النار في النار لا يتنفسون‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن الفضيل بن عياض في الآية قال‏:‏ والله ما طمعوا في الخروج؛ لأن الأرجل مقيدة والأيدي موثقة، ولكن يرفعهم لهبا وتردهم مقامعها‏.‏

وأخرج البخاري ومسلم عن عمر قال‏:‏ قال النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة‏"‏‏.‏

وأخرج النسائي والحاكم عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة، ومن شرب الخمر في الدنيا لم يشربه في الآخرة، ومن شرب في آنية الذهب والفضة لم يشرب في الآخرة‏"‏‏.‏

ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لباس أهل الجنة وشراب أهل الجنة وآنية أهل الجنة‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في سننه، عن ابن الزبير قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة‏"‏‏.‏ قال ابن الزبير من قبل نفسه‏:‏ ومن لم يلبسه في الآخرة لم يدخل الجنة؛ لأن الله تعالى قال‏:‏ ‏{‏ولباسهم فيها حرير‏}‏‏.‏

وأخرج النسائي والحاكم وابن حبان عن أبي سعيد الخدري قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة، وإن دخل الجنة لبسه أهل الجنة ولم يلبسه‏"‏‏.‏

-  قوله تعالى‏:‏ وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد*إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم*وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود*وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق*ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير‏.‏

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله ‏{‏وهدوا إلى الطيب‏}‏ قال‏:‏ ألهموا‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله ‏{‏وهدوا إلى الطيب من القول‏}‏ قال‏:‏ في الخصومة، إذ قالوا‏:‏ الله مولانا ولا مولى لكم‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن إسماعيل بن أبي خالد ‏{‏وهدوا إلى الطيب من القول‏}‏ قال‏:‏ القرآن ‏{‏وهدوا إلى صراط الحميد‏}‏ قال‏:‏ الإسلام‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك ‏{‏وهدوا إلى الطيب من القول‏}‏ قال‏:‏ الإخلاص ‏{‏وهدوا إلى صراط الحميد‏}‏ قال‏:‏ الإسلام‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله ‏{‏وهدوا إلى الطيب من القول‏}‏ قال‏:‏ لا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، الذي قال ‏(‏اليه يصعد الكلم الطيب‏)‏‏.‏

وأخرج عبد حميد عن ابن عباس قال‏:‏ الحرم كله هو المسجد الحرام‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس في قوله ‏{‏سواء العاكف فيه والباد‏}‏ قال‏:‏ خلق الله فيه سواء‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير مثله‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏سواء‏}‏ يعني شرعا واحدا ‏{‏العاكف فيه‏}‏ قال‏:‏ أهل مكة في مكة أيام الحج ‏{‏والباد‏}‏ قال‏:‏ من كان في غير أهلها من يعتكف به من الآفاق، قال‏:‏ هم في منازل مكة، سواء، فينبغي لأهل مكة أن يوسعوا لهم حتى يقضوا مناسكهم‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال البادي وأهل مكة سواء في المنزل والحرم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد وعطاء ‏{‏سواء العاكف فيه والباد‏}‏ قال‏:‏ سواء في تعظيم البلد وتحريمه‏.‏

وأخرج عبد بن حميد والبيهقي في شعب الإيمان، عن قتادة في الآية قال‏:‏ ‏{‏سواء‏}‏ في جواره وأمنه وحرمته ‏{‏العاكف فيه‏}‏ أهل مكة ‏{‏والباد‏}‏ من يعتكفه من أهل الآفاق‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن ابن حصين قال‏:‏ سألت سعيد بن جبير‏:‏ أعتكف بمكة‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏‏.‏‏.‏ أنت معتكف ما أقمت‏.‏ قال الله ‏{‏سواء العاكف فيه والباد‏}‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن مجاهد في الآية قال‏:‏ الناس بمكة سواء، ليس أحد أحق بالمنازل من أحد‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد، عن عبد الله بن عمرو قال‏:‏ من أخذ من أجور بيوت مكة إنما يأكل في بطنه نارا‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن عطاء، أنه كان يكره أن تباع بيوت مكة أو تكرى‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم أنه كان يكره اجارة بيوت مكة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن ابن عمر، أن عمر نهى أن تغلق أبواب دور مكة، فإن الناس كانوا ينزلون منها حيث وجدوا، حتى كانوا يضربون فساطيطهم في الدور‏.‏

وأخرج ابن سعد عن عمر بن الخطاب، أن رجلا قال له عند المروة‏:‏ يا أمير المؤمنين، أقطعني مكانا لي ولعقبي‏.‏ فأعرض عنه عمر وقال‏:‏ هو حرم الله ‏{‏سواء العاكف فيه والباد‏}‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال‏:‏ بيوت مكة لا تحل إجارتها‏.‏

وأخرج ابن أبي شية عن ابن جريج قال‏:‏ أنا قرأت كتاب عمر بن عبد العزيز على الناس بمكة، فنهاهم عن كراء بيوت مكة ودورها‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن القاسم قال‏:‏ من أكل شيئا من كراء مكة، فإنما يأكل نارا‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء قال‏:‏ كان عمر يمنع أهل مكة أن يجعلوا لها أبوابا حتى ينزل الحاج في عرصات الدور‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن جعفر عن أبيه قال‏:‏ لم يكن للدور بمكة أبواب، كان أهل مصر وأهل العراق يأتون فيدخلون دور مكة‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سابط في قوله ‏{‏سواء العاكف فيه والباد‏}‏ قال‏:‏ البادي، الذي يجيء من الحج والمقيمون سواء في المنازل ينزلون حيث شاؤوا ولا يخرج رجل من بيته‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه بسند صحيح، عن ابن عباس قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الله تعالى ‏{‏سواء العاكف فيه والباد‏}‏ قال‏:‏ ‏"‏سواء المقيم والذي يرحل‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله ‏{‏سواء العاكف فيه والباد‏}‏ قال‏:‏ ينزل أهل مكة وغيرهم في المسجد الحرام‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏مكة مباحة لا تؤجر بيوتها ولا تباع رباعها‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن ماجة عن علقمة بن نضلة قال‏:‏ توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر، وما تدعى رباع مكة إلا السوائب، من احتاج سكن ومن استغنى أسكن‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد، عن عمر أنه قال‏:‏ يا أهل مكة، لا تتخذوا لدوركم أبوابا لينزل البادي حيث شاء‏.‏

وأخرج الدار قطني عن ابن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏من أكل كراء بيوت مكة أكل نارا‏"‏‏.‏

وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن راهويه وأحمد وعبد بن حميد والبزار وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه، عن ابن مسعود رفعه في قوله ‏{‏ومن يرد فيه بالحاد بظلم‏}‏ قال‏:‏ لو أن رجلا هم فيه بإلحاد وهو بعدن أبين، لأذاقه الله تعالى عذابا أليما‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور والطبراني، عن ابن مسعود في قوله ‏{‏ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم‏}‏ قال‏:‏ من هم بخطيئة فلم يعملها في سوى البيت لم تكتب عليه حتى يعملها، ومن هم بخطيئة في البيت لم يمته الله من الدنيا حتى يذيقه من عذاب أليم‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال‏:‏ نزلت هذه الآية في عبد الله بن أنيس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه مع رجلين،‏:‏ أحدهما مهاجري والآخر من الأنصار، فافتخروا في الأنساب فغضب عبد الله بن أنيس فقتل الأنصاري ثم ارتد عن الإسلام وهرب إلى مكة‏.‏ فنزلت فيه ‏{‏ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم‏}‏ يعني من لجأ إلى الحرم ‏{‏بإلحاد‏}‏ يعني بميل عن الإسلام‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير والبيهقي في شعب الإيمان، عن قتادة في قوله ‏{‏ومن يرد فيه بإلحاد‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏‏.‏ قال‏:‏ من لجأ إلى الحرم ليشرك فيه عذبه الله‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله ‏{‏ومن يرد فيه بإلحاد بظلم‏}‏ قال‏:‏ بشرك‏.‏

وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله ‏{‏ومن يرد فيه بإلحاد بظلم‏}‏ قال‏:‏ هو أن يعبد فيه غير الله‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس ‏{‏ومن يرد فيه بإلحاد بظلم‏}‏ يعني أن تستحل من الحرام ما حرم الله عليك من لسان أو قتل، فتظلم من لا يظلمك وتقتل من لا يقتلك‏.‏ فإذا فعل ذلك فقد وجب له عذاب أليم‏.‏

وأخرج ابن جرير عن حبيب بن أبي ثابت في قوله ‏{‏ومن يرد فيه بإلحاد بظلم‏}‏ قال‏:‏ هم المحتكرون الطعام بمكة‏.‏

وأخرج البخاري في تاريخه وعبد بن حميد وأبو داود وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن يعلى بن أمية، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏احتكار الطعام في الحرم إلحاد فيه‏"‏‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور والبخاري في تاريخه وابن المنذر، عن عمر بن الخطاب قال‏:‏ احتكار الطعام بمكة إلحاد بظلم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم، عن ابن عمر قال‏:‏ بيع الطعام بمكة إلحاد‏.‏

وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏احتكار الطعام بمكة إلحاد‏"‏‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن منيع وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن مجاهد قال‏:‏ كان لعبد الله بن عمرو فسطاطان‏:‏ أحدهما في الحل والآخر في الحرم، فإذا أراد أن يصلي صلى في الذي في الحرم، واذا أراد أن يعاتب أهله عاتبهم في الذي في الحل‏.‏ فقيل له فقال‏:‏ كنا نحدث أن من الالحاد فيه أن يقول الرجل‏:‏ كلا والله وبلى والله‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآيه قال‏:‏ شتم الخادم في الحرم ظلم فما فوقه‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس قال‏:‏ تجارة الأمير بمكة إلحاد‏.‏

وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال‏:‏ أقبل تبع بريد الكعبة، حتى إذا كان بكراع الغميم بعث الله تعالى عليه ريحا، لا يكاد القائم يقوم إلا بمشقة‏.‏ ويذهب القائم يقعد فيصرع، وقامت عليه ولقوا منها عناء، ودعا تبع حبريه فسألهما‏:‏ ما هذا الذي بعث علي‏؟‏ قالا‏:‏ أوتؤمنا‏؟‏ قال‏:‏ أنتم آمنون‏.‏ قالا‏:‏ فإنك تريد بيتا يمنعه الله ممن أراده‏!‏ قال‏:‏فما يذهب هذا عني‏؟‏ قالا‏:‏ تجرد في ثوبين ثم تقول‏:‏ لبيك اللهم لبيك، ثم تدخل فتطوف به فلا تهيج أحدا من أهله‏.‏ قال‏:‏ فإن أجمعت على هذا، ذهبت هذه الريح عني‏؟‏ قالا نعم‏.‏ فتجرد ثم لبى فأدبرت الريح كقطع الليل المظلم‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله ‏{‏ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم‏}‏ قال‏:‏ حدثنا شيخ من عقب المهاجرين والانصار، أنهم أخبروه أن ايما أحد أراد به ما أراد أصحاب الفيل، عجل لهم العقوبة في الدنيا وقال‏:‏ إنما يؤتي استحلاله من قبل أهله‏.‏ فأخبرني عنهم أنه وجد سطران بمكة مكتوبان في المقام‏:‏ أما أحدهما، فكان كتابته‏:‏ بسم الله والبركة، وضعت بيتي بمكة طعام أهله اللحم والسمن والتمر، ومن دخله كان آمنا لا يحله إلا أهله‏.‏ قال‏:‏ لولا أن أهله هم الذين فعلوا به ما قد علمت لعجل لهم في الدنيا العذاب‏.‏ قال‏:‏ ثم أخبرني أن عبد الله بن عمرو بن العاص قال‏:‏ قبل أن يستحل منه الذي يستحل قال‏:‏ أجد مكتوبا في الكتاب الأول‏:‏ عبد الله يستحل به الحرم، وعنده عبد الله بن عمرو بن الخطاب وعبد الله بن الزبير‏.‏ فقال‏:‏ عبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، قال كل واحد منهما‏:‏ لست قارا به إلا حاجا أو معتمرا أو حاجة لا بد منها‏.‏ وسكت عبد الله بن الزبير فلم يقل شيئا فاستحل من بعد ذلك‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن مسعود قال‏:‏ من هم بسيئة لم تكتب عليه حتى يعملها‏.‏ ولو أن رجلا كان بعدن أبين حدث نفسه بأن يلحد في البيت، والالحاد فيه‏:‏ أن يستحل فيه ما حرم الله عليه فمات قبل أن يصل إلى ذلك، أذاقه الله من عذاب أليم‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن الضحاك في قوله ‏{‏ومن يرد فيه بإلحاد‏}‏ قال‏:‏ ان الرجل ليهم بالخطيئة بمكة وهو بأرض أخرى، فتكتب عليه وما عملها‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد قال‏:‏ تضاعف السيئات بمكة كما تضاعف الحسنات‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر، عن عطاء بن أبي رباح ‏{‏ومن يرد فيه بإلحاد بظلم‏}‏ قال‏:‏ القتل والشرك‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن ابن أبي مليكة، أنه سئل عن قوله ‏{‏ومن يرد فيه بإلحاد بظلم‏}‏ قال‏:‏ ما كنا نشك أنها الذنوب حتى جاء اعلاج من أهل البصرة إلى أعلاج من أهل الكوفة، فزعموا أنها الشرك‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال‏:‏ ما من عبد يهم بذنب فيؤاخذه الله بشيء حتى يعمله، إلا من هم بالبيت العتيق شراء فإنه من هم به شرا عجل الله له‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن أبي الحجاج في الآية قال‏:‏ إن الرجل يحدث نفسه أن يعمل ذنبا بمكة فيكتبه الله عليه ذنبا‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن مجاهد قال‏:‏ رأيت عبد الله بن عمرو بعرفة، ومنزله في الحل ومسجده في الحرم فقلت له‏:‏ لم تفعل هذا‏؟‏‏؟‏ قال‏:‏ لأن العمل فيه أفضل والخطيئة فيه أعظم‏.‏ والله أعلم‏.‏

وأخرج أبو الشيخ وابن عدي وابن مردويه والديلمي بسند ضعيف، عن عائشة قالت‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏دثر مكان البيت فلم يحجه هود ولا صالح حتى بوأه الله لإبراهيم‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه من طريق حارثه بن مضرب، عن علي بن أبي طالب قال‏:‏ لما أمر إبراهيم ببناء البيت خرج معه إسماعيل وهاجر، فلما قدم مكة رأى على رأسه في موضع البيت مثل الغمامة فيه مثل الرأس، فكلمه فقال‏:‏ يا إبراهيم، ابن على ظلي أو على قدري ولا تزد ولا تنقص‏.‏ فلما بنى خرج وخلف إسماعيل وهاجر‏.‏ وذلك حين يقول الله ‏{‏واذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق في المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر، عن عطاء بن أبي رياح قال‏:‏ لما أهبط الله آدم كان رجلاه في الأرض ورأسه في السماء، فيسمع كلام أهل السماء ودعاءهم فيأنس إليهم، فهابت الملائكة منه حتى شكت إلى الله في دعائها وفي صلاتها، فأخفضه الله إلى الأرض، فلما فقد ما كان يسمع منهم استوحش حتى شكا إلى الله في دعائه وفي صلاته، فوجه إلى مكة فكان موضع قدمه قرية وخطوه مفازة، حتى انتهى إلى مكة فأنزل الله ياقوته من ياقوت الجنة فكانت على موضع البيت الآن، فلم يزل يطاف به حتى أنزل الله الطوفان فرفعت تلك الياقوته، حتى بعث الله إبراهيم فبناه‏.‏ فذلك قول الله ‏{‏واذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق معمر، عن قتادة قال‏:‏ وضع الله البيت مع آدم حين أهبط الله آدم إلى الأرض، وكان مهبطه بأرض الهند، وكان رأسه في السماء ورجلاه في الأرض، وكانت الملائكة تهابه فنقص إلى ستين ذراعا، فحزن آدم إذ فقد أصوات الملائكة وتسبيحهم فشكا ذلك إلى الله فقال الله‏:‏ ‏"‏يا آدم، إني قد أهبطت لك بيتا يطاف به كما يطاف حول عرشي، ويصلى عنده كما يصلى عند عرشي‏.‏‏.‏‏.‏ فاخرج إليه‏"‏‏.‏ فخرج اليه آدم ومد له في خطوه، فكان بين كل خطوتين مفازة‏.‏ فلم تزل تلك المفاوز بعد على ذلك‏.‏‏.‏‏.‏ وأتى آدم فطاف به ومن بعده من الأنبياء‏.‏

‏(‏يتبع‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏

‏(‏تابع‏.‏‏.‏‏.‏ 1‏)‏‏:‏ - قوله تعالى‏:‏ وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد*إن‏.‏‏.‏‏.‏ ‏.‏‏.‏‏.‏

قال معمر‏:‏ وأخبرني أبان أن البيت أهبط ياقوته واحدة أو درة واحدة‏.‏ قال معمر‏:‏ وبلغني أن سفينة نوح طافت بالبيت سبعا، حتى إذا أغرق الله قوم نوح فقدوا بقي أساسه، فبوأه الله لإبراهيم فبناه بعد ذلك‏.‏ فذلك قول الله ‏{‏واذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏‏.‏ قال معمر‏:‏ قال ابن جريج‏:‏ قال ناس‏:‏ أرسل الله سبحانه سحابه فيها رأس، فقال الرأس‏:‏ يا ابرهيم، إن ربك يأمرك أن تأخذ قدر هذه السحابة‏.‏ فجعل ينظر إليها ويخط قدرها‏.‏ قال الرأس‏:‏ قد فعلت‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ ثم ارتفعت فحفر فأبرز عن أساس ثابت في الأرض‏.‏ قال ابن جريج‏:‏ قال مجاهد‏:‏ أقبل الملك والصرد والسكينة مع إبراهيم من الشام، فقالت السكينة‏:‏ يا إبراهيم، ريض على البيت‏.‏ قال‏:‏ فلذلك لا يطوف البيت أعرابي ولا ملك من هذه الملوك، إلا رأيت عليه السكينة والوقار‏.‏

قال ابن جريج‏:‏ وقال ابن المسيب‏:‏ قال علي بن أبي طالب‏:‏ وكان الله استودع الركن أبا قبيس، فلما بنى إبراهيم ناداه أبو قبيس فقال‏:‏ يا إبراهيم، هذا الركن في فخده‏.‏ فحفر عنه فوضعه، فلما فرغ إبراهيم من بنائه قال‏:‏ قد فعلت يا رب، فأرنا مناسكنا‏.‏‏.‏‏.‏ أبرزها لنا وعلمناها‏.‏ فبعث الله جبريل فحج به، حتى إذا رأى عرفة قال‏:‏ قد عرفت‏.‏ وكان أتاها قبل ذلك مرة‏.‏ قال‏:‏ فلذلك سميت عرفة، حتى إذا كان يوم النحر عرض له الشيطان فقال‏:‏ احصب‏.‏ فحصبه بسبع حصيات‏.‏ ثم اليوم الثاني فالثالث فسد ما بين الجبلين - يعني إبليس - فلذلك كان رمي الجمار‏.‏ قال‏:‏ اعل على ثبير‏.‏ فعلاه فنادى‏:‏ يا عباد الله، أجيبوا الله‏.‏‏.‏‏.‏ يا عباد الله، أطيعوا الله‏.‏‏.‏‏.‏ فسمع دعوته من بين الابحر السبع ممن كان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان‏.‏ فهي التي أعطى الله إبراهيم في المناسك قوله‏:‏ لبيك اللهم لبيك، ولم يزل على وجه الأرض سبعة مسلمون فصاعدا، فلولا ذلك هلكت الأرض ومن عليها‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب الأحبار قال‏:‏ كان البيت غثاة - وهي الماء - قبل أن يخلق الله الأرض بأربعين عاما، ومنه دحيت الأرض‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل، عن السدي قال‏:‏ إن الله عز وجل أمر إبراهيم أن يبني البيت هو وإسماعيل، فانطلق إبراهيم حتى أتى مكة فقام هو وإسماعيل وأخذ المعاول لا يدريان أين البيت، فبعث الله ريحا يقال لها ريح الخجوج، لها جناحان ورأس في صورة حية، فكنست لهما ما حول الكعبة من البيت الأول، واتبعاها بالمعاول يحفران حتى وضعا الأساس‏.‏ فذلك حين يقول الله ‏{‏واذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت‏}‏ فلما بنيا القواعد فبلغ مكان الركن، قال إبراهيم لإسماعيل‏:‏ اطلب لي حجرا حسنا أضعه ههنا‏.‏ قال‏:‏ يا أبت، اني كسلان لغب‏.‏ قال‏:‏ علي ذلك‏.‏ فانطلق يطلب له حجرا فأتاه بحجر فلم يرضه، فقال‏:‏ ائتني بحجر أحسن من هذا‏.‏ فانطلق يطلب له حجرا فجاءه جبريل بالحجر الأسود من الجنة، وكان أبيض ياقوته بيضاء مثل الثغامة، وكان آدم هبط به من الجنة فاسود من خطايا الناس، فجاءه إسماعيل بحجر فوجد عنده الركن فقال‏:‏ يا أبت، من جاءك بهذا‏؟‏ قال‏:‏ جاءني به من هو أنشط منك‏.‏ فبينما هما يدعوان بالكلمات التي ابتلى بها إبراهيم ربه، فلما فرغا من البنيان أمره الله أن ينادي‏.‏ فقال ‏{‏أذن في الناس بالحج‏}‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن حوشب بن عقيل قال‏:‏ سألت محمد بن عباد بن جعفر‏:‏ متى كان البيت‏؟‏ قال‏:‏ خلقت الأشهر له‏.‏ قلت‏:‏ كم كان طول بناء إبراهيم‏؟‏ قال‏:‏ ثمانية عشر ذراعا‏.‏ قلت‏:‏ كم هو اليوم‏؟‏ قال‏:‏ ستة وعشرون ذراعا‏:‏ قلت‏:‏ هل بقي من حجارة بناء إبراهيم شيء‏؟‏ قال‏:‏ حشي به البيت إلا حجرين مما يليا الحجر‏.‏

وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال‏:‏ قال الله لنبيه ‏{‏وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود‏}‏ قال‏:‏ طواف قبل الصلاة‏.‏ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏الطواف بالبيت بمنزلة الصلاة، إلا أن الله قد أحل فيه المنطق، فمن نطق فلا ينطق إلا بخير‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن عطاء في قوله ‏{‏للطائفين‏}‏ قال‏:‏ الذين يطوفون به ‏{‏والقائمين‏}‏ قال‏:‏ المصلين عنده‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة قال‏:‏ القائمون، المصلون‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن منيع وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في سننه، عن ابن عباس قال‏:‏ لما فرغ إبراهيم من بناء البيت قال‏:‏ رب، قد فرغت‏.‏ فقال ‏{‏أذن في الناس بالحج‏}‏ قال‏:‏ رب، وما يبلغ صوتي‏؟‏ قال‏:‏ أذن وعلي البلاغ‏.‏ قال‏:‏ رب، كيف أقول‏؟‏ قال‏:‏ يا أيها الناس، كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق‏.‏‏.‏‏.‏ فسمعه من بين السماء والأرض، ألا ترى أنهم يجيئون من أقصى الأرض يلبون‏.‏‏.‏‏.‏‏؟‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر والحاكم والبيهقي، عن ابن عباس قال‏:‏ لما بنى إبراهيم البيت، أوحى الله اليه أن أذن في الناس بالحج‏.‏ فقال‏:‏ ألا إن ربكم قد اتخذ بيتا وأمركم أن تحجوه‏.‏ فاستجاب له ماسمعه من حجر أو شجر أو أكمة أو تراب أو شيء‏.‏ فقالوا‏:‏ لبيك اللهم لبيك‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال‏:‏ لما أمر الله إبراهيم أن ينادي في الناس بالحج، صعد أبا قبيس فوضع أصبعيه في أذنيه ثم نادى‏:‏ إن الله كتب عليكم الحج فأجيبوا ربكم‏.‏ فأجابوه بالتلبية في أصلاب الرجال وأرحام النساء، وأول من أجابه أهل اليمن‏.‏ فليس حاج من يومئذ إلى أن تقوم الساعة، إلا من كان أجاب إبراهيم يومئذ‏.‏

وأخرج الديلمي بسند واه، عن علي رفعه‏:‏ لما نادى إبراهيم بالحج لبى الخلق، فمن لبى تلبية واحدة حج واحدة، ومن لبى مرتين حج حجتين، ومن زاد فبحساب ذلك‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله ‏{‏وأذن في الناس بالحج‏}‏ قال‏:‏ قام إبراهيم عليه السلام على الحجر فنادى‏:‏ يا أيها الناس، كتب عليكم الحج‏.‏‏.‏‏.‏ فأسمع من في أصلاب الرجال وأرحام النساء، فأجاب من آمن ممن سبق في علم الله أن يحج إلى يوم القيامة‏:‏ لبيك اللهم لبيك‏.‏

وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير ‏{‏وأذن في الناس بالحج‏}‏ قال‏:‏ وقرت في كل ذكر وأنثى‏.‏

وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير قال‏:‏ لما فرغ إبراهيم من بناء البيت، أوحى الله إليه أن ‏{‏اذن في الناس بالحج‏}‏ فخرج فنادى في الناس‏:‏ يا أيها الناس، ان ربكم قد اتخذ بيتا فحجوه‏.‏ فلم يسمعه حينئذ من إنس ولا جن ولا شجرة ولا أكمة ولا تراب ولا جبل ولا ماء ولا شيء، إلا قال‏:‏ لبيك اللهم لبيك‏.‏

وأخرج أبو الشيخ في كتاب الأذان، عن عبد الله بن الزبير قال‏:‏ أخذ الأذان من أذان إبراهيم في الحج ‏{‏وأذن في الناس بالحج‏}‏ قال‏:‏ فأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن عبيد بن عمير قال‏:‏ لما أمر إبراهيم عليه السلام بدعاء الناس إلى الله، استقبل المشرق فدعا، ثم استقبل المغرب فدعا، ثم استقبل الشام فدعا، ثم استقبل اليمن فدعا، فأجيب‏:‏ لبيك لبيك‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن علي بن أبي طلحة، أن الله أوحى إلى إبراهيم عليه السلام أن ‏{‏أذن في الناس بالحج‏}‏ فقام على الحجر فقال‏:‏ يا أيها الناس، إن الله يأمركم بالحج‏.‏ فأجابه من كان مخلوقا في الأرض يومئذ، ومن كان في أرحام النساء، ومن كان في أصلاب الرجال، ومن كان في البحور، فقالوا‏:‏ لبيك اللهم لبيك‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال‏:‏ قال جبريل لإبراهيم ‏{‏وأذن في الناس بالحج‏}‏ قال‏:‏ كيف أؤذن‏؟‏ قال‏:‏ قل يا أيها الناس، أجيبوا إلى ربكم‏.‏ ثلاث مرات‏.‏ فأجاب العباد فقالوا‏:‏ لبيك اللهم ربنا لبيك، لبيك اللهم ربنا لبيك‏.‏ فمن أجاب إبراهيم يومئذ من الخلق فهو حاج‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال‏:‏ لما فرغ إبراهيم وإسماعيل من بناء البيت، أمر إبراهيم أن يؤذن بالحج، فقام على الصفا فنادى بصوت سمعه ما بين المشرق والمغرب يا أيها الناس، أجيبوا إلى ربكم‏.‏ فأجابوه وهم في أصلاب آبائهم فقالوا‏:‏ لبيك‏.‏ قال‏:‏ فإنما يحج البيت اليوم من أجاب إبراهيم يومئذ‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال‏:‏ لما أذن إبراهيم بالحج قال‏:‏ يا أيها الناس، أجيبوا ربكم‏.‏ فلبى كل رطب ويابس‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب، عن مجاهد قال‏:‏ لما أمر إبراهيم أن يؤذن في الناس بالحج، قام على المقام فنادى بصوت أسمع من بين المشرق والمغرب‏:‏ يا أيها الناس، أجيبوا ربكم‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب، عن مجاهد قال‏:‏ قال إبراهيم‏:‏ كيف أقول‏؟‏ قال‏:‏ قل يا أيها الناس أجيبوا ربكم‏.‏فما خلق الله من جبل ولا شجر ولاشيء من المطيعين له، إلا ينادي‏:‏ لبيك اللهم لبيك‏.‏ فصارت التلبيه‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب، عن مجاهد قال‏:‏ قال إبراهيم‏:‏ كيف أقول‏؟‏ قال‏:‏ قل يا أيها الناس أجيبوا ربكم‏.‏ فما خلق الله من جبل ولا شجر ولا شيء من المطيعين له، إلا ينادي‏:‏ لبيك اللهم لبيك‏.‏ فصارت التلبية‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال‏:‏ تطاول به المقام حتى كان كأطول جبل في الأرض، فأذن فيهم بالحج فأسمع من تحت البحور السبع وقالوا‏:‏ لبيك أطعنا‏.‏‏.‏‏.‏ لبيك أجبنا‏.‏ فكل من حج إلى يوم القيامة ممن استجاب له يومئذ‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال‏:‏ قيل لإبراهيم ‏{‏أذن في الناس بالحج‏}‏ قال‏:‏ يا رب، كيف أقول‏؟‏ قال‏:‏ قل لبيك اللهم لبيك‏.‏ فكان إبراهيم أول من لبى‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة قال‏:‏ لما أمر إبراهيم بالحج قام على المقام فنادى نداء سمعه جميع أهل الأرض‏:‏ ألا إن ربكم قد وضع بيتا وأمركم أن تحجوه‏.‏ فجعل الله في أثر قدميه آية في الصخرة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عطاء قال‏:‏ صعد إبراهيم على الصفا فقال‏:‏ يا أيها الناس، أجيبوا ربكم‏.‏ فأسمع من كان حيا في أصلاب الرجال‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير قال‏:‏ أجاب إبراهيم كل جني وإنسي وكل شجر وحجر‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان، عن ابن عباس قال‏:‏ لما أمر إبراهيم أن يؤذن في الناس، تواضعت له الجبال ورفعت له الأرض فقام فقال‏:‏ يا أيها الناس، اجيبوا ربكم‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال‏:‏ صعد إبراهيم أبا قبيس فقال‏:‏ الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن إبراهيم رسول الله‏.‏‏.‏‏.‏ أيها الناس، إن الله أمرني أن أنادي في الناس بالحج‏.‏‏.‏‏.‏ أيها الناس، أجيبوا ربكم‏.‏ فأجابه من أخذ الله مثاقه بالحج إلى يوم القيامة‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏وأذن في الناس بالحج‏}‏ يعني بالناس أهل القبلة، ألم تسمع أنه قال ‏(‏ان أول بيت وضع للناس‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏ إلى قوله ‏(‏ومن دخله كان آمنا‏)‏ ‏(‏آل عمران، آية 96‏)‏ يقول‏:‏ ومن دخله من الناس الذين أمر أن يؤذن فيهم وكتب عليهم الحج‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس، ‏{‏يأتوك رجالا‏}‏ قال‏:‏ مشاة ‏{‏وعلى كل ضامر‏}‏ قال‏:‏ الإبل ‏{‏يأتين من كل فج عميق‏}‏ قال‏:‏ بعيد‏.‏

وأخرج الخطيب في تاريخه عن محمد بن كعب القرظي قال‏:‏ سمعت ابن عباس يقول‏:‏ ما آسي على شيء إلا أني لم أكن حججت راجلا؛ لأني سمعت الله يقول ‏{‏يأتوك رجالا وعلى كل ضامر‏}‏ وهكذا كان يقرأوها‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن سعد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ ما آسي على شيء فاتني، إلا أني لم أحج ماشيا حتى أدركني الكبر أسمع الله تعالى يقول ‏{‏يأتوك رجالا وعلى كل ضامر‏}‏ فبدأ بالرجال قبل الركبان‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن مجاهد، أن إبراهيم وإسماعيل حجا وهما ماشيان‏.‏

وأخرج ابن خزيمة والحاكم وصححه والبيهقي، عن ابن عباس رضي الله عنهما‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏من حج من مكة ماشيا حتى يرجع إلى مكة، كتب الله له بكل خطوة سبعمائة حسنة من حسنات الحرم‏.‏ قيل‏:‏ وما حسنات الحرم‏؟‏ قال‏:‏ بكل حسنة مائة ألف حسنة‏"‏‏.‏

وأخرج ابن سعد وابن مردويه والضياء في المختارة، عن ابن عباس رضي الله عنهما‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏ان للحاج الراكب بكل خطوة تخطوها راحلته سبعين حسنة، وللماشي بكل قدم سبعمائة حسنة من حسنات الحرم‏.‏ قيل‏:‏ يا رسول الله، وما حسنات الحرم‏!‏‏؟‏ قال‏:‏ الحسنة مائة ألف حسنة‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي وضعفه عن عائشة رضي الله عنها قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم طان الملائكة لتصافح ركاب الحجاج وتعتنق المشاة‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ‏{‏يأتوك رجالا‏}‏ قال‏:‏ على أرجلهم ‏{‏وعلى كل ضامر‏}‏ قال‏:‏ الإبل ‏{‏يأتون من كل فج عميق‏}‏ يعني مكان بعيد‏.‏

وأخرج ابن جرير وعبد الرزاق عن مجاهد رضي الله عنه قال‏:‏ كانوا يحجون ولا يتزودون، فأنزل الله ‏(‏وتزودوا‏)‏ ‏(‏البقرة، آية 197‏)‏‏.‏ وكانوا يحجون ولا يركبون، فأنزل الله ‏{‏يأتوك رجالا وعلى كل ضامر‏}‏ فأمرهم بالزاد ورخص لهم في الركوب والمتجر‏.‏

وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس، أن نافع بن الازرق سأله عن قوله ‏{‏من كل فج عميق‏}‏ قال‏:‏ طريق بعيد قال‏:‏ وهل تعرف العرب ذلك‏؟‏ قال‏:‏ نعم، أما سمعت قول الشاعر‏:‏

فساروا العناء وسدوا الفجاج * بأجساد عادلها آيدات

وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ‏{‏يأتوك رجالا وعلى كل ضامر‏}‏ قال‏:‏ هم المشاة والركبان‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ‏{‏وعلى كل ضامر‏}‏ قال‏:‏ ما تبلغه المطي حتى تضمر‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ‏{‏من كل فج عميق‏}‏ قال‏:‏ طريق بعيد‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك رضي الله عنه مثله‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن أبي العالية رضي الله عنه ‏{‏من كل فج عميق‏}‏ قال‏:‏ مكان بعيد‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه مثله‏.‏

وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عبيد بن عمير قال‏:‏ لقي عمر بن الخطاب رضي الله عنه ركبا يريدون البيت، فقال‏:‏ من أنتم‏؟‏ فأجابه أحدثهم سنا فقال‏:‏ عباد الله المسلمون‏.‏ فقال‏:‏ من أين جئتم‏؟‏ قال‏:‏ من الفج العميق‏.‏ قال‏:‏ أين تريدون‏؟‏ قال‏:‏ البيت العتيق‏.‏ فقال عمر رضي الله عنه‏:‏ تأولها لعمر الله‏.‏ فقال عمر رضي الله عنه‏:‏ من أميركم‏؟‏ فأشار إلى شيخ منهم، فقال عمر‏:‏ بل أنت أميرهم لأحدثهم سنا الذي أجابه‏.‏

‏(‏يتبع‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏

‏(‏تابع‏.‏‏.‏‏.‏ 2‏)‏‏:‏ - قوله تعالى‏:‏ وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد*إن‏.‏‏.‏‏.‏ ‏.‏‏.‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما ‏{‏ليشهدوا منافع لهم‏}‏ قال‏:‏ أسواقا كانت لهم‏.‏ ما ذكر الله منافع إلا الدنيا‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ‏{‏ليشهدوا منافع لهم‏}‏ قال‏:‏ منافع في الدنيا ومنافع في الآخرة‏.‏ فأما منافع الآخرة، فرضوان الله عز وجل‏.‏ وأما منافع الدنيا، فما يصيبون من لحوم البدن في ذلك اليوم والذبائح والتجارات‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه ‏{‏ليشهدوا منافع لهم‏}‏ قال‏:‏ الأجر في الآخرة والتجارة في الدنيا‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل رضي الله عنه في قوله ‏{‏ويذكروا اسم الله‏}‏ قال‏:‏ فيما ينحرون من البدن‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه ‏{‏ويذكروا اسم الله‏}‏ قال‏:‏ كان يقال‏:‏ إذا ذبحت نسيكتك فقل بسم الله والله أكبر، اللهم هذا منك ولك عن فلان، ثم كل وأطعم كما أمرك الله‏:‏ الجار والأقرب فالأقرب‏.‏

وأخرج أبو بكر المروزي في كتاب العيدين وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ الأيام المعلومات، أيام العشر‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ الأيام المعلومات‏:‏ يوم النحر وثلاثة أيام بعده‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما ‏{‏في أيام معلومات‏}‏ يعني أيام التشريق‏.‏

وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه ‏{‏في أيام معلومات‏}‏ يعني أيام التشريق ‏{‏على ما رزقهم من بهيمة الأنعام‏}‏ يعني البدن‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عمر رضي الله عنه قال‏:‏ الأيام المعلومات والمعدودات، هن جميعهن أربعة أيام‏.‏ فالمعلومات، يوم النحر ويومان بعده‏.‏ والمعدودات، ثلاثة أيام بعد يوم النحر‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن علي رضي الله عنه قال‏:‏ الأيام المعلومات، يوم النحر وثلاثة أيام بعده‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ‏{‏في أيام معلومات‏}‏ قال‏:‏ قبل يوم التروية بيوم، ويوم التروية، ويوم عرفة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن عطاء ومجاهد رضي الله عنه قال‏:‏ الأيام المعلومات، أيام العشر‏.‏

وأخرج عن سعيد بن جبير والحسن رضي الله عنه مثله‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن إبراهيم رضي الله عنه قال‏:‏ كان المشركون لا يأكلون من ذبائح نسائكم، فأنزل الله ‏{‏فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير‏}‏ فرخص للمسلمين، فمن شاء أكل ومن شاء لم يأكل‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في سننه، عن مجاهد في الآية قال‏:‏ هي رخصة، إن شاء أكل وإن شاء لم يأكل‏.‏ بمنزلة قوله‏:‏ ‏(‏وإذا حللتم فاصطادوا‏)‏ ‏(‏‏؟‏‏؟‏‏)‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن عطاء ‏{‏فكلوا منها وأطعموا‏}‏ قال‏:‏ إذا ذبحتم فاهدوا وكلوا وأطعموا وأقلوا لحوم الأضاحي عندكم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن أبي صالح الحنفي رضي الله عنه ‏{‏فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير‏}‏ قال‏:‏ هي في الأضاحي‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن عطاء رضي الله عنه قال‏:‏ إن شاء أكل من الهدي والأضحية؛ وإن شاء لم يأكل‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ‏{‏فكلوا منها‏}‏ ان ابن مسعود كان يقول للذي يبعث‏:‏ بهدية معه كل ثلثا، وتصدق بالثلث، واهد لآل عتبة ثلثا‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن جابر بن عبد الله قال‏:‏ نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم من كل جزور بضعة، فجعلت في قدر فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي من اللحم وحسوا من المرق‏.‏ قال سفيان‏:‏ لأن الله يقول ‏{‏فكلوا منها‏}‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله ‏{‏وأطعموا البائس‏}‏ قال‏:‏ الزمن‏.‏

وأخرج الطستي عن ابن عباس، أن نافع بن الازرق قال له‏:‏ أخبرني عن قول الله ‏{‏وأطعموا البائس الفقير‏}‏ قال‏:‏ ‏{‏البائس‏}‏ الذي لم يجد شيئا من شدة الحاجة‏.‏ قال‏:‏ وهل تعرف العرب ذلك‏؟‏ قال‏:‏ نعم، أما سمعت طرفة وهو يقول‏:‏

يغشاهم البائس المدقع * والضيف وجار مجاور جنب

وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة ومجاهد قالا ‏{‏البائس‏}‏ الذي يمد كفيه إلى الناس يسأل‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه قال‏:‏ ‏{‏البائس‏}‏ المضطر الذي عليه البؤس و ‏{‏الفقير‏}‏ الضعيف‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ‏{‏البائس الفقير‏}‏ قال‏:‏ هما سواء‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه قال‏:‏ ‏{‏البائس الفقير‏}‏ الذي به زمانه وهو فقير‏.‏

-  قوله تعالى‏:‏ ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق‏.‏

أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، عن ابن عمر رضي الله عنه قال‏:‏ التفث، المناسك كلها‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ التفث، قضاء النسك كله‏.‏‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه قال في التفث‏:‏ حلق الرأس، والأخذ من العارضين، ونتف الابط، وحلق العانة والوقوف بعرفة، والسعي بين الصفا والمروة، ورمي الجمار، وقص الأظفار، وقص الشارب، والذبح‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ‏{‏ثم ليقضوا تفثهم‏}‏ قال‏:‏ يعني بالتفث‏:‏ وضع إحرامهم من حلق الرأس، ولبس الثياب، وقص الأظفار‏.‏‏.‏‏.‏ ونحو ذلك ‏{‏وليوفوا نذورهم‏}‏ قال‏:‏ يعني نحر ما نذروا من البدن‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه ‏{‏ثم ليقضوا تفثهم‏}‏ قال‏:‏ التفث، كل شيء أحرموا منه ‏{‏وليوفوا نذورهم‏}‏ قال‏:‏ هو الحج‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه قال‏:‏ ‏{‏ليقضوا تفثهم‏}‏ قال‏:‏ حلق الرأس والعانة، ونتف الابط، وقص الشارب والأظافر، ورمي الجمار، وقص اللحية‏:‏ ‏{‏وليوفوا نذورهم‏}‏ قال‏:‏ نذر الحج‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن كعب قال‏:‏ التفث، حلق العانة، ونتف الابط، وأخذ من الشارب، وتقليم الأظافر‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه، أنه قرأ ‏{‏وليوفوا نذورهم‏}‏ مثقله بجزم اللام‏.‏ ‏{‏وليطوفوا‏}‏ بجزم اللام مثقلة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ‏{‏وليطوفوا‏}‏ قال‏:‏ هو الطواف الواجب يوم النحر‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد، عن الضحاك رضي الله عنه في قوله ‏{‏وليطوفوا‏}‏ قال‏:‏ هو الطواف الواجب يوم النحر‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن الضحاك رضي الله عنه في قوله ‏{‏وليطوفوا‏}‏ قال‏:‏ طواف الزيارة‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما ‏{‏وليطوفوا‏}‏ قال‏:‏ يعني زيارة البيت‏.‏ ولفظ ابن جرير‏:‏ هو طواف الزيارة يوم النحر‏.‏

وأخرج البخاري في تاريخه والترمذي وحسنه وابن جرير والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل، عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏إنما سمى الله البيت العتيق؛ لأن الله أعتقه من الجبابرة فلم يظهر عليه جبار قط ‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ البيت العتيق، لأنه أعتق من الجبابرة‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه قال‏:‏ إنما سمي البيت العتيق؛ لأنه أعتق من الجبابرة لم يدعه جبار قط‏.‏ وفي لفظ‏:‏ فليس في الأرض جبار يدعي أنه له‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال‏:‏ إنما سمي البيت العتيق؛ لأنه لم يرده أحد بسوء إلا هلك‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال‏:‏ إنما سمي البيت العتيق؛ لأنه أعتق من الغرق في زمان نوح‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال‏:‏ إنما سمي العتيق؛ لأنه أول بيت وضع‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن جابر رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏إنما جعل الطواف بالبيت ملاذا؛ لأن الله لما خلق آدم أمر إبليس بالسجود له فأبى، فغضب الرحمن فلاذت الملائكة بالبيت حتى سكن غضبه‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ لما نزلت هذه الآية ‏{‏وليطوفوا بالبيت العتيق‏}‏ طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم من ورائه‏.‏

وأخرج سفيان بن عيينة والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في سننه، عن ابن عباس قال‏:‏ الحجر من البيت؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت من ورائه وقال الله ‏{‏وليطوفوا بالبيت العتيق‏}‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال‏:‏ طواف الوداع واجب، وهو قول الله ‏{‏وليطوفوا بالبيت العتيق‏}‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي جمرة قال‏:‏ قال لي ابن عباس‏:‏ أتقرأ سورة الحج‏؟‏ يقول الله ‏{‏وليطوفوا بالبيت العتيق‏}‏ قال‏:‏ فإن آخر المناسك الطواف بالبيت‏.‏

وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال‏:‏ كانوا ينفرون من منى إلى وجوههم، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون آخر عهدهم بالبيت، ورخص للحائض‏.‏

وأخرج البيهقي في الشعب عن أبي سعيد الخدري قال‏:‏ من طاف بهذا البيت سبعا لا يتكلم فيه إلا بتكبير أو تهليل، كان عدل رقبة‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمر قال‏:‏ من طاف بالبيت أسبوعا وصلى ركعتين، كان مثل يوم ولدته أمه‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمرو قال‏:‏ من طاف بالبيت كان عدل رقبة‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب، عن ابن عمر قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏من طاف بالبيت سبعا يحصيه، كتب الله له بكل خطوة حسنة ومحيت عنه سيئة ورفعت له درجة، وكان له عدل رقبة‏"‏‏.‏

وأخرج ابن عدي والبيهقي عن أبي عقال قال‏:‏ طفت مع أنس في مطرة فقال لنا‏:‏ استأنفوا العمل فقد غفر لكم، طفت من نبيكم صلى الله عليه وسلم في مثل هذا اليوم فقال‏:‏ ‏"‏استأنفوا العمل فقد غفر لكم‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن محمد بن المنكدر عن أبيه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏من طاف حول البيت أسبوعا لا يلغو فيه، كان عدل رقبة يعتقها‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال‏:‏ من طاف بالبيت خمسين أسبوعا، خرج من الذنوب كيوم ولدته أمه‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه عن جبير بن مطعم، ان النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏يا بني عبد مناف، لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أي ساعة شاء من ليل أو نهار‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الدرداء، أنه طاف بالبيت بعد العصر وصلى ركعتين، فقيل له فقال‏:‏ انها ليست كسائر البلدان‏.‏

وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عمر، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان إذا طاف بالبيت، استلم الحجر والركن في كل طواف‏.‏

وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال‏:‏ رأيت عمر بن الخطاب قبل الحجر وسجد عليه، ثم قال‏:‏ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الركن اليماني ووضع خده عليه‏.‏

وأخرج الحاكم وصححه، عن سعيد بن جبير قال‏:‏ كان ابن عباس يقول‏:‏ احفظوا هذا الحديث‏.‏ وكان يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو به بين الركنين‏:‏ ‏"‏رب قنعني بما رزقتني وبارك لي فيه، واخلف علي كل غائبة بخير‏"‏‏.‏

وأخرج الترمذي والحاكم وصححه، عن ابن عباس يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ان الطواف بالبيت مثلا الصلاة، إلا أنكم تتكلمون، فمن تكلم فلا يتكلم إلا بخير‏"‏‏.‏

وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب ماء في الطواف‏.‏

وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في الشعب، عن عبد الأعلى التيمي قال‏:‏ قالت خديجة رضي الله عنها‏:‏ ‏"‏يا رسول الله، ما أقول وأنا أطوف بالبيت‏؟‏ قال‏:‏ قولي‏:‏ اللهم اغفر ذنوبي وخطئي وعمدي وإسرافي في أمري، انك إن لا تغفر لي تهلكني‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد والحاكم وصححه، عن ابن جريج قال‏:‏ قلت لعطاء‏:‏ أسمعت ابن عباس‏؟‏ قال‏:‏ إنما أمرتم بالطواف به ولم تؤمروا بدخوله‏.‏ قال‏:‏ لم يكن نهانا عن دخوله، ولكن سمعته يقول‏:‏ أخبرني أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل البيت، فلما خرج ركع ركعتين في قبل البيت‏.‏ وقال‏:‏ هذه القبلة‏.‏

وأخرج الحاكم وصححه عن عائشة قالت‏:‏ ‏"‏خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من عندي وهو قرير العين طيب النفس، ثم رجع وهو حزين فقلت‏:‏ يا رسول الله، خرجت من عندي وأنت كذا وكذا‏.‏‏.‏‏.‏‏!‏ قال‏:‏ إني دخلت الكعبة‏.‏‏.‏‏.‏ وددت أني لم أكن فعلته، إني أخاف أن أكون أتعبت أمتي من بعدي‏"‏‏.‏

وأخرج الحاكم وصححه عن عائشة، أنها كانت تقول‏:‏ عجبا للمرء المسلم‏!‏ إذا دخل الكعبة حين يرفع بصره قبل السقف، يدع ذلك إجلالا لله وإعظاما، دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة ما خلف بصره موضع سجوده حتى خرج منها‏.‏