فصل: كِتَابُ الْمَفْقُودِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العقود الدرية في تنقيح الفتاوي الحامدية



.كِتَابُ الْمَفْقُودِ:

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا غَابَ رَجُلٌ عَنْ بَلْدَتِهِ وَمَضَى لِذَلِكَ نَحْوَ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَلَمْ يُعْلَمْ مَكَانُهُ وَلَا مَوْتُهُ وَلَا حَيَاتُهُ وَلَا حُقُوقٌ عِنْدَ مَنْ يُقِرُّ بِهَا فَهَلْ يَنْصِبُ لَهُ الْقَاضِي مَنْ يَحْفَظُ مَالَهُ وَيَسْتَوْفِي حُقُوقَهُ مِمَّا لَا وَكِيلَ لَهُ فِيهِ.
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْمُلْتَقَى.
(سُئِلَ) فِي الرَّجُلِ الْمَفْقُودِ إذَا كَانَ لَهُ جَارِيَةٌ هَلْ يَمْلِكُ الْقَاضِي بَيْعَهَا بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَفِي بُيُوعِ فَتَاوَى الدِّينَارِيِّ إذَا فُقِدَ الرَّجُلُ وَلَهُ جَارِيَةٌ أَوْ غُلَامٌ يَمْلِكُ الْقَاضِي بَيْعَهَا وَلَوْ كَانَ الْمَالِكُ غَائِبًا غَيْرَ مَفْقُودٍ لَا يَمْلِكُ بَيْعَهَا.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا نَصَبَ الْقَاضِي زَيْدًا قَيِّمًا عَنْ عَمْرٍو الْمَفْقُودِ لِتَعَاطِي مَصَالِحِهِ وَهُوَ أَهْلٌ لِذَلِكَ وَلِلْمَفْقُودِ ابْنٌ بَالِغٌ يُعَارِضُ الْقَيِّمَ فِي مَصَالِحِ أَبِيهِ وَيُرِيدُ مُبَاشَرَتَهَا فَهَلْ لَيْسَ لِلِابْنِ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ إلَّا بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ.
(سُئِلَ) فِي صَغِيرَةٍ مَاتَتْ عَنْ أَبٍ مَفْقُودٍ لَا تَدْرِي حَيَاتَهُ وَلَا مَوْتَهُ وَلَهَا ابْنُ عَمٍّ عَصَبِيٌّ يُرِيدُ أَنْ يَرِثَهَا فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَتَبْقَى تَرِكَتُهَا حَتَّى يَظْهَرَ أَمْرُ أَبِيهَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَفِي الذَّخِيرَةِ وَمَدَارُ مَسَائِلِ الْمَفْقُودِ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ حَيًّا فِي مَالِهِ مَيِّتًا فِي مَالِ غَيْرِهِ إلَى أَنْ قَالَ وَيُوقَفُ نَصِيبُ الْمَفْقُودِ إلَى أَنْ يَظْهَرَ حَالُهُ. اهـ.
بِاخْتِصَارٍ.
(سُئِلَ) فِي مَفْقُودٍ مَاتَ أَقْرَانُهُ فِي بَلْدَتِهِ فَهَلْ يُحْكَمُ بِمَوْتِهِ بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ يُحْكَمُ بِمَوْتِهِ بِمَوْتِ أَقْرَانِهِ فِي بَلَدِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ تَنْوِيرٌ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ تِسْعُونَ سَنَةً قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ.
وَلَا بُدَّ مِنْ الْقَضَاءِ بِمَوْتِهِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مُحْتَمَلٌ وَيُوَزَّعُ مَالُهُ عَلَى مَنْ يَرِثُهُ.
(سُئِلَ) فِي الْقَيِّمِ الْمَنْصُوبِ عَنْ الْمَفْقُودِ لِحِفْظِ مَالِهِ فَهَلْ لَا يَكُونُ خَصْمًا فِيمَا يَدَّعِي عَلَى الْمَفْقُودِ مِنْ دَيْنٍ أَوْ شَرِكَةٍ أَوْ عَقَارٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَيَنْصِبُ الْقَاضِي مَنْ يَأْخُذُ حَقَّهُ وَيَحْفَظُ مَالَهُ وَيَقُومُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ بِخَصْمٍ فِيمَا يَدَّعِي عَلَى الْمَفْقُودِ مِنْ دَيْنٍ الْوَدِيعَةٍ وَشَرِكَةٍ فِي عَقَارٍ أَوْ رَقِيقٍ وَنَحْوِهِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي مَفْقُودٍ لَهُ مَبْلَغٌ قَرْضٌ مَعْلُومٌ فِي ذِمَّةِ زَيْدٍ الْمُقِرِّ بِالْمَبْلَغِ الْمَزْبُورِ وَلَيْسَ لِلْمَفْقُودِ وَكِيلٌ وَلَهُ أُمٌّ وَأُخْتٌ شَقِيقَةٌ فَإِذَا نَصَبَ الْقَاضِي أَمَةً قَيِّمَةً عَنْهُ وَكَانَتْ أَهْلًا لِذَلِكَ فَهَلْ لَهَا قَبْضُ الْمَبْلَغِ مِنْ زَيْدٍ وَحِفْظُهُ إلَى أَنْ يَظْهَرَ أَمْرُ الْمَفْقُودِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَنَقْلُهَا مَا مَرَّ آنِفًا.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ ابْنِ بَالِغٍ غَائِبٍ وَبِنْتٍ حَاضِرَةٍ وَلِلْمُتَوَفَّى ابْنُ ابْنٍ آخَرَ بَالِغٌ نَصَبَهُ الْقَاضِي قَيِّمًا عَنْ عَمِّهِ الْغَائِبِ لِيَضْبِطَ لِلْغَائِبِ قَدْرَ مَا يَخُصُّهُ مِنْ مُخَلَّفَاتِ أَبِيهِ الْمُتَوَفَّى فَضَبَطَ لَهُ ذَلِكَ وَصَدَرَ ذَلِكَ لَدَى حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ حَكَمَ بِأَنَّ قَبْضَ الْقَيِّمِ الْمَذْكُورِ صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَتْ الْغَيْبَةُ لَيْسَتْ بِمُنْقَطِعَةٍ وَإِنْ كَانَ النَّاصِبُ حَنَفِيًّا بِحَادِثَةٍ ذَلِكَ كُلُّهُ غِبُّ الدَّعْوَى الشَّرْعِيَّةِ وَكَتَبَ حُجَّةً أَفْتَى مُفْتِي مَذْهَبِهِ بِصِحَّتِهَا وَأَنْفَذَ حُكْمَهُ حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً أُخْرَى فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِهَا بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي أَسِيرٍ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يُدْرَى حَيَاتُهُ وَلَا مَوْتُهُ وَلَهُ عَقَارٌ وَمَالٌ فِي بَلْدَتِهِ فَهَلْ إذَا نَصَبَ الْقَاضِي ابْنَتَهُ الْأَمِينَةَ وَكِيلًا لِتَأْخُذَ غَلَّتَهُ مِنْ عَقَارِهِ وَتَحْفَظَ مَالَهُ وَتَقُومُ عَلَيْهِ فَهَلْ يَكُونُ النَّصْبُ الْمَذْكُورُ صَحِيحًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ هُوَ غَائِبٌ لَمْ يُدْرَ مَوْضِعُهُ إذْ الْعِلْمُ بِالْمَكَانِ وَلَوْ بَعُدَ لَا يَسْتَلْزِمُ الْعِلْمَ بِهِمَا أَيْ بِالْمَوْتِ وَالْحَيَاةِ غَالِبًا فَدَخَلَ مَنْ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ وَلَمْ تُعْلَمْ حَيَاتُهُ وَلَا مَوْتُهُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ نَهْرٌ وَأَوْضَحَهُ فِي الْبَحْرِ غَايَةَ الْإِيضَاحِ.
(سُئِلَ) فِي مَفْقُودٍ لَهُ حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ مِنْ دَارٍ وَلَهُ قَيِّمٌ خَافَ خَرَابَهَا وَانْهِدَامَهَا وَلَيْسَ لِلْغَائِبِ مَالٌ تُعَمَّرُ بِهِ وَيُرِيدُ بَيْعَهَا بِإِذْنِ الْقَاضِي بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَيُحْفَظُ عِنْدَهُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَيَبِيعُ الْقَاضِي مَا يَخَافُ عَلَيْهِ الْفَسَادَ مِنْ مَالِ الْمَفْقُودِ. اهـ.
بِدَايَةٌ لِلْقَاضِي بَيْعُ مَالِ الْمَفْقُودِ وَالْأَسِيرِ مِنْ الْمَتَاعِ وَالرَّقِيقِ وَالْعَقَارِ إذَا خِيفَ عَلَيْهِ الْفَسَادُ وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهَا لِنَفَقَةِ عِيَالِهِمَا وَإِنْ بَاعَهَا لِخَوْفِ الضَّيَاعِ فَصَارَتْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ يُعْطِي النَّفَقَةَ مِنْهَا بِطَرِيقِهِ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَفِيهِ وَلَهُ بَيْعُهَا لِلنَّفَقَةِ وَلَوْ فَعَلَ نَفَذَ وَلَوْ بَاعَ لِقَضَاءِ دَيْنِهِ جَازَ وَلِلْقَاضِي بَيْعُ عَبْدِ الْمَفْقُودِ وَأَرْضِهِ إذَا كَانَ يَنْقُصُ بِمُضِيِّ الْأَيَّامِ وَفِي الْمُحِيطِ وَلَوْ بَاعَهَا لِقَضَاءِ دَيْنِهِ جَازَ وَكَذَا لَوْ عَلِمَ حَيَاتَهُ لَكِنْ لَا يَرْجِعُ مُنْذُ سِنِينَ قُنْيَةٌ مُؤَيَّدْ زَادَهْ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ أُخْتٍ لِأُمٍّ وَعَنْ أَخٍ لِأُمٍّ مَفْقُودٍ وَعَنْ أَخٍ لِأَبٍ وَخَلَّفَ تَرِكَةً فَكَيْفَ يُفْعَلُ؟
(الْجَوَابُ): تُقْسَمُ التَّرِكَةُ بَعْدَ إخْرَاجِ مَا يَجِبُ إخْرَاجُهُ شَرْعًا مِنْ سِتَّةِ أَسْهُمٍ لِلْأُخْتِ لِأُمٍّ السُّدُسُ سَهْمٌ وَاحِدٌ وَلِلْأَخِ الْمَفْقُودِ سَهْمٌ وَاحِدٌ يُوقَفُ لَهُ إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ حَالُهُ وَالْبَاقِي لِلْأَخِ لِأَبٍ.

.كِتَابُ اللَّقِيطِ وَاللُّقَطَةِ:

(سُئِلَ) فِي صَغِيرِ لَقِيطٍ عُمْرُهُ سَنَةٌ الْتَقَطَهُ رَجُلٌ حُرٌّ مُسْلِمٌ يُنْفِقُ عَلَيْهِ وَيُرَبِّيهِ وَيُرِيدُ رَجُلٌ آخَرُ أَجْنَبِيٌّ أَخْذَهُ مِنْهُ قَهْرًا بِغَيْرِ رِضَاهُ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا الْتَقَطَ رَجُلٌ عَبَاءَةً وَوَجَدَهَا فِي يَدِ غَيْرِهِ هَلْ يَمْلِكُ الْخُصُومَةَ وَيَدُهُ أَحَقُّ؟
(الْجَوَابُ): الصَّحِيحُ أَنَّ لَهُ الْخُصُومَةَ لِأَنَّ يَدَهُ أَحَقُّ كَمَا فِي النَّهْرِ عَنْ السِّرَاجِ.
(فَرْعٌ):
قَدْ كَثُرَ السُّؤَالُ عَنْهُ وَهُوَ مَا الْحُكْمُ فِي الْحَاجِّ وَنَحْوِهِ إذَا أَعْيَا بَعِيرَهُ فَتَرَكَهُ فَقَامَ بِهِ غَيْرُهُ حَتَّى عَادَ لِحَالِهِ وَقَدْ رَأَيْت لِابْنِ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيِّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ فِي كِتَابِ اللُّقَطَةِ عِنْدَ أَحْمَدَ وَاللَّيْثِ يَمْلِكُهُ وَيَرْجِعُ بِمَا صَرَفَهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَعِنْدَنَا يَعْنِي الشَّافِعِيَّةَ لَا يَمْلِكُهُ وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ إلَّا إذَا اسْتَأْذَنَ الْحَاكِمَ فِي الْإِنْفَاقِ أَوْ أَشْهَدَ عِنْدَ فَقْدِهِ أَنَّهُ يُنْفِقُ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ أَوْ نَوَاهُ فَقَطْ عِنْدَ فَقْدِ الشُّهُودِ لِأَنَّ فَقْدَهُمْ هُنَا غَيْرُ نَادِرٍ وَمَنْ أَخْرَجَ مَتَاعًا غَرِقَ مِلْكُهُ عِنْدَ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَرُدَّ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى خِلَافِهِ. اهـ.
وَلَا شَكَّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ الْقَاضِي أَنْ يُنْفِقَ وَيَرْجِعَ وَقَدْ ذَكَرَ الْبَزَّازِيُّ وَصَاحِبُ الْخُلَاصَةِ وَغَيْرُهُ فِي آخِرِ كِتَابِ الْهِبَةِ مَا هُوَ كَالصَّرِيحِ فِي ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ وَتَأَمَّلْ كَذَا فِي حَاشِيَةِ خَيْرِ الدِّينِ مِنْ آخِرِ كِتَابِ اللُّقَطَةِ.

.كِتَابُ الْوَقْفِ:

رُتْبَتُهُ عَلَى ثَلَاثِ أَبْوَابٍ:
(الْبَابُ الْأَوَّلُ) فِي أَحْكَامِهِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ مِنْ صِحَّةٍ وَبُطْلَانٍ وَاسْتِبْدَالٍ وَشُرُوطٍ وَمَا يَصِحُّ بَيْعُهُ مِنْهُ وَمَا لَا يَصِحُّ ثُمَّ بَيَانُ أَحْكَامِهِ اللَّفْظِيَّةِ فِي كُتُبِهِ وَصُكُوكِهِ وَمَا يُكْتَبُ فِيهَا مِنْ الشُّرُوطِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
(الْبَابُ الثَّانِي) فِي أَحْكَامِ اسْتِحْقَاقِ أَهْلِهِ مِنْ رِيعِهِ وَاسْتِحْقَاقِ أَصْحَابِ الْوَظَائِفِ وَأَحْكَامِ بَيْعِ أَنْقَاضِهِ وَأَشْجَارِهِ وَقِسْمَتِهِ وَغَصْبِهِ وَإِجَارَتِهِ وَأُجْرَتِهِ وَمُسَاقَاةِ أَشْجَارِهِ وَعِمَارَتِهِ وَسُكْنَاهُ وَأَرْبَابِ الشَّعَائِرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
(الْبَابُ الثَّالِثُ) فِي أَحْكَامِ النُّظَّارِ وَأَصْحَابِ الْوَظَائِفِ مِنْ نَصْبٍ وَعَزْلٍ وَتَوْكِيلٍ وَفَرَاغٍ وَإِيجَارٍ وَتَعْمِيرٍ وَاسْتِدَانَةٍ وَإِقْرَارٍ وَقَبْضٍ وَصَرْفٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

.الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي أَحْكَامِهِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ مِنْ صِحَّةٍ وَبُطْلَانٍ وَاسْتِبْدَالٍ وَشُرُوطٍ وَمَا يَصِحُّ بَيْعُهُ مِنْهُ وَمَا لَا يَصِحُّ ثُمَّ بَيَانُ أَحْكَامِهِ اللَّفْظِيَّةِ فِي كُتُبِهِ وَصُكُوكِهِ وَمَا يُكْتَبُ فِيهَا مِنْ الشُّرُوطِ وَغَيْرِ ذَلِكَ:

(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ وَقَفَتْ فِي مَرَضِ مَوْتِهَا وَقْفًا عَلَى شَخْصٍ ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ مُتَّصِلَةٍ وَمَاتَتْ مِنْهُ عَنْ وَرَثَةٍ لَمْ يُجِيزُوا الْوَقْفَ وَخَلَّفَتْ تَرِكَةً يَخْرُجُ الْوَقْفُ مِنْ ثُلُثِهَا فَهَلْ يَصِحُّ الْوَقْفُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الْإِسْعَافِ إذَا وَقَفَ الْمَرِيضُ أَرْضَهُ أَوْ دَارِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ صَحَّ فِي كُلِّهَا إنْ خَرَجَتْ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ وَأَجَازَتْهُ الْوَرَثَةُ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا يَبْطُلُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ فُقِدَ كِتَابُ وَقْفِهِ وَلَمْ يُوقَفْ عَلَى شَرْطِ وَاقِفِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ كَيْفَ تَصَرُّفُ نُظَّارُهُ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِهِ وَلَيْسَ لَهُ رَسْمٌ فِي دَوَاوِينِ الْقُضَاةِ وَعُلِمَ أَصْلُ مَصْرِفِهِ عَلَى ذُرِّيَّةِ وَاقِفِهِ وَبِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الذُّرِّيَّةِ قَدْرٌ مَعْلُومٌ مِنْ غَلَّتِهِ يَتَنَاوَلُهُ مِنْ نِظَارَةٍ ثُمَّ مَاتَ شَخْصٌ مِنْ الذُّرِّيَّةِ لَا عَنْ وَلَدٍ فَهَلْ يُصْرَفُ نَصِيبُهُ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ لِبَقِيَّةِ مُسْتَحِقِّيهِ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ يُصْرَفُ نَصِيبُهُ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ لِبَقِيَّةِ مُسْتَحَقِّيهِ مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزِ ذَكَرٍ عَلَى أُنْثَى وَلَا تَقْدِيمِ بَطْنٍ عَلَى بَطْنٍ حَيْثُ عُلِمَ أَصْلُ مَصْرِفِهِ عَلَى ذُرِّيَّةِ وَاقِفِهِ وَلَمْ يُعْلَمْ تَصَرُّفُ الْقِوَامِ السَّابِقِينَ وَلَا شَرْطُ وَاقِفِهِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي الْخَامِسِ وَالْخَيْرِيَّةِ وَكَذَا فِيمَنْ لَمْ يَذْكُرْ وَاقِفُهُ سَهْمَ مَنْ يَمُوتُ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ إلَخْ كَذَا فِي الْإِسْعَافِ فِي بَابِ الْوَقْفِ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ.
(سُئِلَ) فِي وَقْفٍ تَقَادَمَ أَمْرُهُ وَمَاتَ شُهُودُهُ وَلَهُ رُسُومٌ فِي دَوَاوِينِ الْقُضَاةِ وَقَدْ عُرِفَ مِنْ قِوَامِهِ صَرْفُ غَلَّتِهِ إلَى جَمَاعَةٍ مَخْصُوصِينَ جِيلًا بَعْدَ جِيلٍ وَأَنَّهُ إذَا مَاتَ أَحَدٌ مِنْ مُسْتَحِقِّي رِيعِهِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ يَصْرِفُونَ نَصِيبَهُ إلَى الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ إلَى الْمَيِّتِ هَلْ يَجِبُ إجْرَاؤُهُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الرُّسُومِ وَلَا يُكَلَّفُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إلَى بَيِّنَةٍ فِي نَسَبِهِ إلَى الْوَاقِفِ حَيْثُ كَانَ فِي أَيْدِيهمْ جِيلًا بَعْدَ جِيلٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ يَجِبُ إجْرَاؤُهُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الرُّسُومِ فِي دَوَاوِينِ الْقُضَاةِ وَيُعْتَبَرُ تَصَرُّفُ الْقِوَامِ السَّابِقِينَ وَلَا يُكَلَّفُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إلَى بَيِّنَةٍ فِي اتِّصَالِ نَسَبِهِ إلَى الْوَاقِفِ.
(سُئِلَ) فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ قَدِيمٍ يَتَصَرَّفُ نُظَّارُهُ فِي رِيعِهِ يَصْرِفُونَهُ لِلذُّكُورِ مِنْ ذُرِّيَّةِ وَاقِفِهِ دُونَ الْإِنَاثِ جِيلًا بَعْدَ جِيلٍ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ حَتَّى انْحَصَرَ فِي رَجُلٍ مِنْ الذُّرِّيَّةِ مِنْ طَرِيقِ التَّلَقِّي مِنْ أَبِيهِ الْمُتَصَرِّفِ فِي ذَلِكَ قَبْلَهُ كُلُّ ذَلِكَ بِلَا مُعَارِضٍ وَلَا مُنَازِعٍ وَالْآنَ قَامَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الذُّرِّيَّةِ تَطْلُبُ اسْتِحْقَاقًا فِي الْوَقْفِ وَمُشَارَكَةَ الرَّجُلِ فِي ذَلِكَ مُسْتَنِدَةً إلَى كِتَابِ وَقْفٍ بِيَدِهَا مُنْقَطِعِ الثُّبُوتِ وَلَمْ يَسْبِقْ تَصَرُّفٌ فِي رِيعِ الْوَقْفِ لِلْإِنَاثِ مِنْ الذُّرِّيَّةِ أَصْلًا بَلْ التَّصَرُّفُ لِلذُّكُورِ فَهَلْ يُعْمَلُ بِالتَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا وَلَا عِبْرَةَ بِمُجَرَّدِ كِتَابِ الْوَقْفِ الْمُنْقَطِعِ الثُّبُوتِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ فِي يَدِهِ ضَيْعَةٌ فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّهَا وَقْفٌ وَأَحْضَرَ صَكًّا فِيهِ خُطُوطُ الْعُدُولِ وَالْقُضَاةِ الْمَاضِيَةِ وَطَلَبَ مِنْ الْقَاضِي الْقَضَاءَ بِذَلِكَ الصَّكِّ قَالُوا لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ بِذَلِكَ الصَّكِّ لِأَنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا يَقْضِي بِالْحُجَّةِ وَالْحُجَّةُ هِيَ الْبَيِّنَةُ أَوْ الْإِقْرَارُ وَأَمَّا الصَّكُّ فَلَا يَصْلُحُ حُجَّةً لِأَنَّ الْخَطَّ يُشْبِهُ الْخَطَّ وَكَذَا لَوْ كَانَ عَلَى بَابِ الدَّارِ لَوْحٌ مَضْرُوبٌ يَتَعَلَّقُ بِالْوَقْفِ لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ بِالْوَقْفِ مَا لَمْ يَشْهَدْ الشُّهُودُ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ وَأُخْتُهُ هِنْدٌ نِصْفَ دَارٍ لَهُمَا شَائِعًا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ وَلَمْ يَفْرِزَاهُ وَأَنْشَآهُ عَلَى أَنْفُسِهِمَا ثُمَّ مِنْ بَعْدِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ وَثُمَّ وَلَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ فِي حَادِثَةِ الشُّيُوعِ فَهَلْ لِلْقَاضِي إبْطَالُ الْوَقْفِ حَيْثُ لَمْ يَقَعْ فِيهِ حُكْمُ قَاضٍ بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ فِي حَادِثَةِ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ صَحَّ وَقْفٌ مُشَاعٌ قُضِيَ بِجَوَازِهِ لِأَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ فَلِلْحَنَفِيِّ الْمُقَلِّدِ أَنْ يَحْكُمَ بِصِحَّةِ وَقْفِ الْمَشَاعِ وَبُطْلَانِهِ لِاخْتِلَافِ التَّرْجِيحِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ لَهُ حِصَّةٌ شَائِعَةٌ مَعْلُومَةٌ مِنْ دَارٍ مَعْلُومَةٍ فَوَقَفَهَا عَلَى نَفْسِهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى بِنْتِهِ ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ مُتَّصِلَةٍ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِصِحَّتِهِ وَإِنْ كَانَ مَشَاعًا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ وَإِنْ كَانَ عَلَى النَّفْسِ فَهَلْ صَحَّ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ اتَّفَقَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ عَلَى جَوَازِ وَقْفٍ مَشَاعٍ لَا تُمْكِنُ قِسْمَتُهُ كَالْحَمَّامِ وَالْبِئْرِ وَالرَّحَى وَاخْتُلِفَ فِي الْمُمْكِنِ فَأَجَازَهُ أَبُو يُوسُفَ وَبِهِ أَخَذَ مَشَايِخُ بَلْخِي وَأَبْطَلَهُ مُحَمَّدٌ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِهِمَا الْمُتَقَدِّمِ فَنَقُولُ تَفْرِيعًا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَإِذَا وَقَفَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ مِنْ أَرْضٍ جَازَ إسْعَافٌ مِنْ فَصْلِ وَقْفِ الْمَشَاعِ وَصَحَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ جَعْلُ غَلَّةِ الْوَقْفِ أَوْ الْوِلَايَةِ لِنَفْسِهِ مُلْتَقِي مِنْ الْوَقْفِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَتْ هِنْدٌ حِصَّةً شَائِعَةً لَهَا فِي غِرَاسٍ يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ قَائِمٍ فِي أَرْضِ وَقْفٍ آخَرَ عَلَى نَفْسِهَا ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهَا ثُمَّ وَثُمَّ ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ مُتَّصِلَةٍ بِمُوجِبِ كِتَابِ وَقْفٍ فَكَيْفَ حُكْمُ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ؟
(الْجَوَابُ): وَقْفُ الْمُشَاعِ الَّذِي يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ صَحِيحٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَصِحُّ وَلَا يَصِحُّ وَقْفُ الْمَنْقُولِ إلَّا فِي أَشْيَاءَ مَخْصُوصَةٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَيَصِحُّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَالشَّجَرُ مِنْ قَبِيلِ الْمَنْقُولِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ وَالْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَبْطَلَ وَقْفَ الْمَنْقُولِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا وَلَا يَرَى مُحَمَّدٌ الْوَقْفَ عَلَى النَّفْسِ فَلَا يَصِحُّ عِنْدَ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ الْمُفْتِي بِدِمَشْقَ سَابِقًا وَهُوَ مَسْطُورٌ فِي فَتَاوِيهِ مِنْ الْوَقْفِ وَفِي فَتَاوَى الشَّلَبِيِّ وَقْفُ الْبِنَاءِ بِدُونِ الْأَرْضِ صَحِيحٌ وَالْحُكْمُ بِهِ صَحِيحٌ لَكِنْ فِي وَقْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ إشْكَالٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى النَّفْسِ أَجَازَهُ أَبُو يُوسُفَ وَمَنَعَهُ مُحَمَّدٌ وَوَقْفُ الْبِنَاءِ بِدُونِ الْأَرْضِ مِنْ قَبِيلِ وَقْفِ الْمَنْقُولِ وَلَا يَقُولُ بِهِ وَأَبُو يُوسُفَ بَلْ مُحَمَّدٌ فَيَكُونُ الْحُكْمُ بِهِ مُرَكَّبًا مِنْ مَذْهَبَيْنِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ لَكِنَّ الطَّرَسُوسِيَّ ذَكَرَ أَنَّ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي مَا يُفِيدُ جَوَازَ الْحُكْمِ الْمُرَكَّبِ مِنْ مَذْهَبَيْنِ وَعَلَى هَذَا يَتَخَرَّجُ الْحُكْمُ بِوَقْفِ الْبِنَاءِ عَلَى نَفْسِهِ فِي مِصْرٍ فِي أَوْقَاتٍ كَثِيرَةٍ عَلَى هَذَا النَّمَطِ حَكَمَ بِهَا الْقُضَاةُ السَّابِقُونَ وَلَعَلَّهُمْ بَنَوْهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ جَوَازِ الْحُكْمِ الْمُرَكَّبِ مِنْ مَذْهَبَيْنِ أَوْ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لَمَّا كَانَتْ مُتَقَرِّرَةً لِلِاحْتِكَارِ نَزَلَتْ مَنْزِلَةَ مَا لَوْ وَقَفَ الْبِنَاءَ مَعَ الْأَرْضِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْأَرْضَ بِيَدِ أَرْبَابِ الْبِنَاءِ يَتَصَرَّفُونَ فِيهَا بِمَا شَاءُوا مِنْ هَدْمٍ وَبِنَاءٍ وَتَغْيِيرٍ لَا يَتَعَرَّضُ أَحَدٌ لَهُمْ فِيهَا وَلَا يُزْعِجُهُمْ عَنْهَا وَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ غَلَّةٌ تُؤْخَذُ مِنْهُمْ كَمَا أَفَادَهُ الْخَصَّافُ هَذَا مَا تَحَرَّرَ لِي مِنْ الْجَوَابِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. اهـ.
وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الْوَقْفِ مِنْ فَتَاوَى الشَّلَبِيِّ الْمَذْكُورِ مَا نَصُّهُ فَإِذَا كَانَ وَقْفُ الدَّرَاهِمِ لَمْ يُرْوَ إلَّا عَنْ زُفَرَ وَلَمْ يُرْوَ عَنْهُ فِي وَقْفِ النَّفْسِ شَيْءٌ فَلَا يَتَأَتَّى وَقْفُهَا عَلَى النَّفْسِ حِينَئِذٍ عَلَى قَوْلِهِ لَكِنْ لَوْ فَرَضْنَا أَنَّ حَاكِمًا حَنَفِيًّا حَكَمَ بِصِحَّةِ وَقْفِ الدَّرَاهِمِ عَلَى النَّفْسِ هَلْ يَنْفُذُ حُكْمُهُ فَنَقُولُ النَّفَاذُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الْحُكْمِ الْمُلَفَّقِ وَبَيَانُ التَّلْفِيقِ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى النَّفْسِ لَا يَقُولُ بِهِ إلَّا أَبُو يُوسُفَ وَهُوَ لَا يَرَى وَقْفَ الدَّرَاهِمِ وَوَقْفُ الدَّرَاهِمِ لَا يَقُولُ بِهِ إلَّا زُفَرُ وَهُوَ لَا يَرَى الْوَقْفَ عَلَى النَّفْسِ فَكَانَ الْحُكْمُ بِجَوَازِ وَقْفِ الدَّرَاهِمِ عَلَى النَّفْسِ حُكْمًا مُلَفَّقًا مِنْ قَوْلَيْنِ كَمَا تَرَى وَقَدْ مَشَى شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْعَلَّامَةُ زَيْنُ الدِّينِ قَاسِمٌ فِي دِيبَاجَةِ تَصْحِيحِ الْقُدُورِيِّ عَلَى عَدَمِ نَفَاذِهِ وَنَقَلَ فِيهَا عَنْ كِتَابِ تَوْفِيقِ الْحُكَّامِ فِي غَوَامِضِ الْأَحْكَامِ أَنَّ الْحُكْمَ الْمُلَفَّقَ بَاطِلٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَمَشَى الطَّرَسُوسِيُّ فِي كِتَابِهِ أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ عَلَى النَّفَاذِ مُسْتَنِدًا فِي ذَلِكَ لِمَا رَآهُ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي فَلْيَنْظُرْهُ مَنْ أَرَادَهُ. اهـ.
(أَقُولُ) وَرَأَيْت بِخَطِّ شَيْخِ مَشَايِخِنَا مُنْلَا عَلِيٍّ التُّرْكُمَانِيِّ فِي مَجْمُوعَتِهِ الْكَبِيرَةِ نَاقِلًا عَنْ خَطِّ الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ السُّؤَالَاتِيّ بَعْدَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْمَنْقُولَةِ عَنْ فَتَاوَى الشَّلَبِيِّ مَا نَصُّهُ أَقُولُ وَبِالْجَوَازِ أَفْتَى شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو السُّعُودِ فِي فَتَاوَاهُ وَأَنَّ الْحُكْمَ يَنْفُذُ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ. اهـ.
مَا رَأَيْته بِخَطِّهِ عَنْ الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ الْمَذْكُورِ.
(وَأَقُولُ أَيْضًا) قَدْ يُوَجَّهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْحُكْمِ الْمُلَفَّقِ الَّذِي نَقَلَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ أَنَّهُ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِمَا جَزَمَ بِبُطْلَانِهِ مَا إذَا كَانَ مِنْ مَذَاهِبَ مُتَبَايِنَةٍ كَمَا إذَا حُكِمَ بِصِحَّةِ نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَبِلَا شُهُودٍ بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُلَفَّقًا مِنْ أَقْوَالِ أَصْحَابِ الْمَذْهَبِ الْوَاحِدِ فَإِنَّهَا لَا تَخْرُجُ عَنْ الْمَذْهَبِ فَإِنَّ أَقْوَالَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِمَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى قَوَاعِدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَوْ هِيَ أَقْوَالٌ مَرْوِيَّةٌ عَنْهُ وَإِنَّمَا نُسِبَتْ إلَيْهِمْ لَا إلَيْهِ لِاسْتِنْبَاطِهِمْ لَهَا مِنْ قَوَاعِدِهِ أَوْ لِاخْتِيَارِهِمْ إيَّاهَا كَمَا أَوْضَحْت ذَلِكَ فِي صَدْرِ حَاشِيَتِي عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ بِمَا لَا مَزِيد عَلَيْهِ فَارْجِعْ إلَيْهِ وَيُؤَيِّدُ مَا مَرَّ عَنْ الشَّلَبِيِّ مِنْ حُكْمِ الْقُضَاةِ الْمَاضِينَ بِذَلِكَ وَكَذَا مَا فِي الدُّرَرِ مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ عِنْدَ قَوْلِهِ الْقَضَاءُ فِي مُجْتَهَدٍ فِيهِ بِخِلَافِ رَأْيِهِ نَاسِيًا مَذْهَبَهُ، نَافِذٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَوْ عَامِدًا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ حَيْثُ قَالَ مَا نَصُّهُ وَالْمُرَادُ بِخِلَافِ الرَّأْيِ خِلَافُ أَصْلِ الْمَذْهَبِ كَالْحَنَفِيِّ إذَا حَكَمَ عَلَى مَذْهَب الشَّافِعِيّ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ.
وَأَمَّا إذَا حَكَمَ الْحَنَفِيّ بِمَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو يُوسُفَ أَوْ مُحَمَّدٌ أَوْ نَحْوُهُمَا مِنْ أَصْحَابِ الْإِمَامِ فَلَيْسَ حُكْمًا بِخِلَافِ رَأْيِهِ. اهـ.
فَتَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت فِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ أَمِينِ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ الْعَالِ مَا نَصُّهُ وَمَتَى أَخَذَ الْمُفْتِي بِقَوْلِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ يَعْلَمُ قَطْعًا أَنَّ الْقَوْلَ الَّذِي أَخَذَ بِهِ هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْ جَمِيعِ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ الْكِبَارِ كَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَزُفَرَ وَالْحَسَنِ أَنَّهُمْ قَالُوا مَا قُلْنَا فِي مَسْأَلَةٍ قَوْلًا إلَّا وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَقْسَمُوا عَلَيْهِ أَيْمَانًا غِلَاظًا فَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ لَمْ يَتَحَقَّقْ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْفِقْهِ جَوَابٌ وَلَا مَذْهَبٌ إلَّا لَهُ كَيْفَمَا كَانَ وَمَا نُسِبَ إلَى غَيْرِهِ إلَّا مَجَازًا وَهُوَ كَقَوْلِ الْقَائِلِ قَوْلِي قَوْلُهُ وَمَذْهَبِي مَذْهَبُهُ.ا هـ.
(سُئِلَ) فِي مَرِيضٍ مَرَضَ الْمَوْتِ وَقَفَ فِيهِ عَقَارَهُ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ الْمَذْكُورِ عَنْهُمْ وَلَمْ يُجِيزُوا الْوَقْفَ الْمَزْبُورَ وَلَمْ يَحْكُمْ بِهِ حَاكِمٌ شَرْعِيٌّ يَرَى صِحَّتَهُ فَهَلْ يَكُونُ الْوَقْفُ الْمَذْبُورُ غَيْرَ جَائِزٍ؟
(الْجَوَابُ): هَذَا الْوَقْفُ وَصِيَّةٌ وَالْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ بَاطِلَةٌ فَلَا يَجُوزُ الْوَقْفُ الْمَذْكُورُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ دَارِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ وَكَتَبَ فِي الصَّكِّ وَقَفَ فُلَانٌ عَلَى أَوْلَادِهِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ كَذَا وَقَفَهُ عَلَيْهِمْ وَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِمْ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ قَالَ هَذَا يُوجِبُ الْفَسَادَ لِأَنَّ هَذَا وَصِيَّةٌ لِلْوَارِثِ وَالْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ بَاطِلَةٌ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْتَاطَ فِي ذَلِكَ فَلْيَكْتُبْ فِي حَيَاتِهِ وَصِحَّتِهِ قَالَ وَكَذَا سَمِعْت مِنْ السَّيِّدِ الْإِمَامِ أَبِي شُجَاعٍ وَهَذَا الْجَوَابُ صَحِيحٌ فِيمَا إذَا كَانَ لَهُ وَارِثٌ آخَرُ سِوَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَقَفَ عَلَيْهِمْ غَيْرُ صَحِيحٍ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ آخَرُ مِنْ أَوَّلِ التَّاسِعِ عَشَرَ مِنْ وَقْفِ التَّتَارْخَانِيَّةِ وَلَوْ قَالَ أَرْضِيّ هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ بَعْدَ وَفَاتِي عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي وَنَسْلِهِمْ فَالْوَقْفُ عَلَى مَنْ لِصُلْبِهِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ لَا تَجُوزُ وَعَلَى وَلَدِ وَلَدِهِ تَجُوزُ لَكِنْ لَا يَكُونُ الْكُلُّ لَهُمْ مَا دَامَ وَلَدُ الصُّلْبِ حَيًّا فَتُقْسَمُ الْغَلَّةُ فِي كُلِّ سَنَةٍ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ فَمَا أَصَابَ وَلَدَ الْوَلَدِ فَهُوَ لَهُمْ وَقْفٌ وَمَا أَصَابَ وَلَدَ الصُّلْبِ فَهُوَ مِيرَاثٌ بَيْنَ جَمِيعِ وَرَثَتِهِ حَتَّى يُشَارِكَهُمْ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ وَغَيْرُهُمَا فَإِنْ مَاتَ بَعْضُ وَلَدِ الصُّلْبِ فَالْغَلَّةُ تُقْسَمُ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِ وَلَدِ الْوَلَدِ وَعَلَى الْبَاقِي مِنْ وَلَدِ الصُّلْبِ فَمَا أَصَابَ الْبَاقِيَ مِنْ وَلَدِ الصُّلْبِ يَكُونُ بَيْنَ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ الْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ كُلُّ مَنْ كَانَ حَيًّا عِنْدَ مَوْتِ الْوَاقِفِ. اهـ.
مِنْ الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ وَقْفِ الْخُلَاصَةِ فَفِي مَسْأَلَتِنَا الْوَقْفُ عَلَى الْأَوْلَادِ يَكُونُ وَصِيَّةً وَالْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ لَا تَجُوزُ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ وَلَا تَصِحُّ لِوَارِثٍ إلَّا بِإِجَازَةِ وَرَثَتِهِ. اهـ.
قَالَ الْعَلَائِيُّ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ إلَّا أَنْ يُجِيزَهَا الْوَرَثَةُ» يَعْنِي عِنْدَ وُجُودِ وَارِثٍ آخَرَ كَمَا يُفِيدُهُ آخِرُ الْحَدِيثِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَارِثٌ آخَرُ غَيْرُهُمْ فِي مَسْأَلَتِنَا وَالْحَالُ أَنَّهُمْ لَمْ يُجِيزُوهُ فَلَا يَجُوزُ الْوَقْفُ الْمَذْكُورُ وَفِي التَّنْوِيرِ مِنْ الْوَصِيَّةِ مِنْ بَابِ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ إعْتَاقُهُ وَمُحَابَاتُهُ وَوَقْفُهُ وَضَمَانُهُ وَصِيَّةٌ فَتُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ. اهـ.
وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ لِقَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ لَا تَصِحُّ لِوَارِثٍ إلَخْ وَلِصَرِيحِ قَوْلِ الْخُلَاصَةِ فَالْوَقْفُ عَلَى مَنْ لِصُلْبِهِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ لَا تَجُوزُ. اهـ.
وَلِصَرِيحِ كَلَامِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَيْضًا فَتَحَرَّرَ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْأَوْلَادِ وَصِيَّةٌ وَالْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ لَا تَجُوزُ إلَّا بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ وَإِذَا لَمْ يُجِيزُوهُ لَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ فَكَذَا الْوَقْفُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْمُوَفِّقُ. (أَقُولُ) فِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ رَجُلٌ وَقَفَ دَارًا لَهُ فِي مَرَضِهِ عَلَى ثَلَاثِ بَنَاتٍ لَهُ وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ غَيْرُهُنَّ قَالَ الثُّلُثُ مِنْ الدَّارِ وَقْفٌ وَالثُّلُثَانِ مُطْلَقٌ يَصْنَعْنَ بِهِمَا مَا شِئْنَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ هَذَا إذَا لَمْ يُجِزْنَ أَمَّا إذَا أَجَزْنَ صَارَ الْكُلُّ وَقْفًا عَلَيْهِنَّ. اهـ.
فَعُلِمَ أَنَّ الثُّلُثَ صَارَ وَقْفًا فِي مَسْأَلَتِنَا وَإِنْ لَمْ يُجِزْ الْأَوْلَادُ لِأَنَّ نَفَاذَ الْوَصِيَّةِ مِنْ الثُّلُثِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ فَتَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ وَإِنْ كَانَتْ لِلْوَارِثِ لِعَدَمِ الْمُنَازِعِ وَعَدَمِ جَوَازِهَا لِلْوَارِثِ عِنْدَ وُجُودِ وَارِثٍ آخَرَ مُنَازِعٍ.
وَأَمَّا الثُّلُثَانِ فَلَا تَجُوزُ فِيهِمَا الْوَصِيَّةُ وَإِنْ كَانَتْ لِلْوَارِثِ وَلَا مُنَازِعَ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَجْعَلْ لِلْمُوصِي حَقًّا فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَلَمْ تَجُزْ بِلَا إجَازَةِ الْوَارِثِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي تَوْجِيهِ كَلَامِ الظَّهِيرِيَّةِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ إطْلَاقَ الْمُؤَلِّفِ عَدَمَ جَوَازِ الْوَقْفِ فِيهِ نَظَرٌ فَتَدَبَّرْ، وَأَمَّا كَوْنُ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ حَاكِمٌ فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي مَحَلِّهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ وَقَفَتْ دَارَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهَا عَلَى بَعْلِهَا الْمُسْتَقِرَّةِ فِي عِصْمَتِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ وَمَاتَتْ عَنْ وَرَثَةٍ لَمْ يُجِيزُوا الْوَقْفَ وَلَمْ تُخَلِّفْ غَيْرَ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ يَنْفُذُ الْوَقْفُ مِنْ الثُّلُثِ وَيَبْطُلُ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ؟
(الْجَوَابُ): الْوَقْفُ فِي الْمَرَضِ وَصِيَّةٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُنْجِزَهُ الْمَرِيضُ بِأَنْ يَقُولَ وَقَفْت عَلَى كَذَا أَوْ يُوصِي بِهِ وَالْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ لَا تَجُوزُ إلَّا بِإِجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ وَلَوْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ وَلِغَيْرِ الْوَارِثِ تَجُوزُ مِنْ الثُّلُثِ وَقَدْ جَمَعَتْ الْوَاقِفَةُ الْمَذْكُورَةُ بَيْنَ الْوَارِثِ وَغَيْرِهِ حَيْثُ وَقَفَتْ عَلَى زَوْجِهَا ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ فَحَيْثُ لَمْ تَتْرُكْ غَيْرَ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ فَيَجُوزُ الْوَقْفُ فِي ثُلُثِهَا وَيَبْطُلُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ حَيْثُ لَمْ تُجِزْهُ الْوَرَثَةُ وَمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ يَصِيرُ مِلْكًا لِلْوَرَثَةِ عَلَى قَدْرِ سِهَامِهِمْ وَمَا خَرَجَ مِنْ غَلَّةِ الثُّلُثِ يُقْسَمُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ جَمِيعًا عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى مَا عَاشَ بَعْلُهَا الْمَذْكُورُ فَإِذَا مَاتَ صُرِفَتْ غَلَّةُ الثُّلُثِ كُلُّهَا لِجِهَةِ الْبِرِّ الْمَذْكُورَةِ ثُمَّ وَثُمَّ عَلَى مَا شَرَطَتْ الْوَاقِفَةُ الْمَذْكُورَةُ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ وَالْخَصَّافِ وَالْخَانِيَّةِ وَالْبَحْرِ وَغَيْرِهَا؟
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ وَقَفَ وَقْفَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَلَى بَنَاتِهِ الثَّلَاثِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِنَّ عَلَى أَوْلَادِهِنَّ ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ لَا تَنْقَطِعُ ثُمَّ مَاتَ الرَّجُلُ مِنْ مَرَضِهِ الْمَزْبُورِ عَنْهُنَّ وَعَنْ زَوْجَةٍ وَأَوْلَادِ عَمٍّ عَصَبَةٍ لَمْ يُجِيزُوا الْوَقْفَ وَلَا صَدَّقُوا عَلَيْهِ وَالْوَقْفُ الْمَزْبُورُ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟
(الْجَوَابُ): يَجُوزُ الْوَقْفُ وَمَا خَرَجَ مِنْ غَلَّتِهِ يُقْسَمُ بَيْنَ وَرَثَةِ الرَّجُلِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْبَنَاتِ الثَّلَاثِ الثُّلُثَانِ وَلِلزَّوْجَةِ الثُّمُنُ وَالْبَاقِي لِأَوْلَادِ الْعَمِّ الْعَصَبَةِ الذُّكُورِ تُقْسَمُ غَلَّتُهُ كَذَلِكَ مَا عَاشَتْ الْبَنَاتُ الْمَذْكُورَاتُ، فَإِذَا مُتْنَ صُرِفَتْ غَلَّتُهُ لِأَوْلَادِهِنَّ عَلَى مَا شَرَطَهُ الرَّجُلُ. (أَقُولُ) وَهَاهُنَا فَائِدَةٌ ذَكَرَهَا فِي الْبَحْرِ بِقَوْلِهِ ثُمَّ اعْلَمْ لَوْ وَقَفَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَلَا وَارِثَ لَهُ إلَّا زَوْجَتُهُ وَلَمْ تُجِزْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهَا السُّدُسُ وَالْخَمْسَةُ الْأَسْدَاسِ تَكُونُ وَقْفًا لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا مَاتَ وَلَمْ يَدَّعِ إلَّا امْرَأَةً وَاحِدَةً وَأَوْصَى بِكُلِّ مَالِهِ لِرَجُلٍ إنْ أَجَازَتْ فَكُلُّ الْمَالِ لَهُ وَإِلَّا فَالسُّدُسُ لَهَا وَالْخَمْسَةُ الْأَسْدَاسِ لَهُ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ يَأْخُذُ الثُّلُثَ أَوَّلًا بَقِيَ أَرْبَعَةٌ تَأْخُذُ الْمَرْأَةُ الرُّبُعَ وَالثَّلَاثَةُ الْبَاقِيَةُ لِلْمُوصَى لَهُ فَحَصَلَ لَهُ خَمْسَةٌ مِنْ سِتَّةٍ. اهـ.
وَلَا شَكَّ أَنَّ الْوَقْفَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَصِيَّةٌ. اهـ.
وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا حَيْثُ لَمْ يُخَلِّفْ غَيْرَ الدَّارِ الْمَوْقُوفَةِ.
(2 سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَتْ هِنْدٌ مِنْ زَيْدٍ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَرَهَنَتْ عِنْدَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمِيعَ دَارِهَا الْمَعْلُومَةِ رَهْنًا شَرْعِيًّا مُسَلَّمًا ثُمَّ وَقَفَتْ الدَّارَ وَهِيَ مُعْسِرَةٌ ثُمَّ بَاعَتْهَا مِنْ زَيْدٍ لِوَفَاءِ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ الْوَقْفُ بَاطِلٌ وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَبَطَلَ وَقْفُ رَاهِنٍ مُعْسِرٍ عَلَائِيٌّ مِنْ الْوَقْفِ وَأَمَّا وَقْفُ الْمَرْهُونِ فَإِنْ افْتَكَّهُ أَوْ مَاتَ عَنْ وَفَاءٍ عَادَ إلَى جِهَةِ الْوَقْفِ وَإِنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَفَاءٍ بِيعَ وَبَطَلَ الْوَقْفُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَسَكَتَ عَنْ حُكْمِهِ حَالَ الْحَيَاةِ لَوْ كَانَ مُعْسِرًا وَفِي الْإِسْعَافِ لَوْ وَقَفَ الْمَرْهُونُ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ أَجْبَرَهُ الْقَاضِي عَلَى دَفْعِ مَا عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا أَبْطَلَ الْوَقْفَ وَبَاعَهُ فِيمَا عَلَيْهِ. اهـ.
وَهَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ بَحْرٌ مِنْ أَوَائِلِ كِتَابِ الْوَقْفِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ عَلَيْهِ دَيْنَانِ رَهَنَ بِأَحَدِهِمَا دَارًا لَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا ثُمَّ وَقَفَهَا قَصْدًا لِلْمُمَاطَلَةِ وَقِيمَتُهَا تَزِيدُ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنَيْنِ فَهَلْ لَيْسَ لِلْقَاضِي تَنْفِيذُ هَذَا الْوَقْفِ بِمِقْدَارِ مَا شَغَلَ بِالدَّيْنِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ سُئِلَ فِي رَجُلٍ صَحِيحٍ مَدْيُونٍ دَيْنًا مُسْتَغْرِقًا إذَا وَقَفَ وَقْفًا عَلَى جِهَةِ بِرٍّ لَا تَنْقَطِعُ وَسَجَّلَهُ الْقَاضِي تَسْجِيلًا شَرْعِيًّا ثُمَّ مَاتَ فَهَلْ يُنْقَضُ وَقْفُهُ لِأَرْبَابِ الدُّيُونِ أَوْ لَا؟ أَجَابَ حَيْثُ صَارَ الْوَقْفُ مُسَجَّلًا شَرْعًا لَا يُنْقَضُ لِذَلِكَ لِأَنَّ الْوَقْفَ تَبَرُّعٌ وَلَمْ يُشْتَرَطْ لِصِحَّتِهِ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْ الدَّيْنِ الْمُسْتَغْرِقِ بِالْإِجْمَاعِ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ بِدَيْنٍ عَلَى رَأْيِ مَنْ يَرَاهُ وَلَا يَثْبُتُ الْحَجْرُ إلَّا بِالْقَضَاءِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ قَالَ فِي الْإِسْعَافِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ يَعْنِي الْمَدْيُونَ يَصِحُّ وَقْفُهُ وَإِنْ قُصِدَ بِهِ ضَرَرُ غُرَمَائِهِ. اهـ.
وَصَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ فَقَدْ خَالَفَ وَقْفَ الْمَرِيضِ مَرَضُ الْمَوْتِ الْمُحِيطِ دَيْنُهُ بِمَالِهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ حِينَئِذٍ بِالْعَيْنِ وَهُنَا بِالذِّمَّةِ مَحْضًا وَبَنَى عُلَمَاؤُنَا الْأَحْكَامَ عَلَى ذَلِكَ وَأَمَّا إذَا كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فَأَطْلَقَ الْخَصَّافُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَقَالَ ابْنُ الْهُمَامِ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ وَعِنْدَ الْكُلِّ إذَا حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ. اهـ.
(أَقُولُ) قَالَ الْعَلَائِيُّ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَبَطَلَ وَقْفُ رَاهِنٍ مُعْسِرٍ وَمَرِيضٍ مَدْيُونٍ بِمُحِيطٍ بِخِلَافِ صَحِيحٍ لَوْ قَبْلَ الْحَجْرِ ثُمَّ قَالَ قُلْت لَكِنْ فِي مَعْرُوضَاتِ الْمُفْتِي أَبِي السُّعُودِ سُئِلَ عَمَّنْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَهَرَبَ مِنْ الدُّيُونِ هَلْ يَصِحُّ فَأَجَابَ لَا يَصِحُّ وَلَا يَلْزَمُ وَالْقُضَاةُ مَمْنُوعُونَ مِنْ الْحُكْمِ وَتَسْجِيلِ الْوَقْفِ بِمِقْدَارِ مَا شُغِلَ بِالدَّيْنِ. اهـ.
فَلْيُحْفَظْ فَقَدْ اسْتَدْرَكَ الْعَلَائِيُّ بِمَا فِي الْمَعْرُوضَاتِ وَأَقَرَّهُ وَقَدْ تَبِعَهُ تِلْمِيذُهُ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ الْحَائِكُ فَفِي فَتَاوِيهِ سُئِلَ فِي رَجُلٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِزَيْدٍ وَلَهُ دَارٌ مِلْكٌ فَقَطْ لَا يَفِي ثَمَنُهَا بِقَدْرِ دَيْنِهِ وَلَيْسَ لَهُ مَا يُوفِي بِهِ دَيْنَهُ فَوَقَفَ الدَّارَ لِمَنْعِ صَاحِبِ الدَّيْنِ أَجَابَ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُنْفِذَ هَذَا الْوَقْفَ وَيُجْبَرُ الرَّجُلُ الْمَزْبُورُ عَلَى بَيْعِهِ وَوَفَاءِ الدَّيْنِ وَالْقُضَاةُ مَمْنُوعُونَ عَنْ تَنْفِيذِ مِثْلِ هَذَا الْوَقْفِ كَمَا أَفَادَهُ الْمَرْحُومُ الْمُفْتِي الْأَعْظَمُ أَبُو السُّعُودِ أَفَنْدِي غَمَرَهُ اللَّهُ بِغُفْرَانِهِ.ا هـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْصَى رَجُلٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِمَبْلَغٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ لِيُعَمِّرَ بِهِ سَبِيلَ مَاءٍ فِي مَكَان مُهَيَّأٍ لِبِنَائِهِ فِي طَرِيقٍ لِيَشْرَبَ مِنْهُ الْمَارَّةُ وَوَقَفَ كَرْمَهُ عَلَى ذَلِكَ تُصْرَفُ غَلَّتُهُ فِي مَصَالِحِهِ ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ الْمَذْكُورِ عَنْ تَرِكَةٍ يَخْرُجُ الْمَبْلَغُ وَالْكَرْمُ مِنْ ثُلُثِهَا فَهَلْ يَصِحُّ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَقَفَ عَقَارًا عَلَى مَسْجِدٍ أَوْ مَدْرَسَةٍ هَيَّأَ مَكَانًا لِبِنَائِهَا قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَهَا اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ وَتُصْرَفُ غَلَّتُهُ إلَى الْفُقَرَاءِ إلَى أَنْ تُبْنَى وَإِذَا بُنِيَتْ رُدَّتْ إلَيْهَا الْغَلَّةُ ابْنُ الْهُمَامِ عَلَى الْهِدَايَةِ مِنْ الْوَقْفِ.
وَنَقَلَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ جَدِّهِ مَا صُورَتُهُ سُئِلَ فِيمَا إذَا أَنْشَأَ رَجُلٌ وَقْفَهُ عَلَى مَسْجِدٍ سَيُعَمِّرُهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ الصَّرْفُ عَلَيْهِ فَعَلَى جِهَةِ بِرٍّ أُخْرَى مُتَّصِلَةٍ ثُمَّ مَاتَ الْوَاقِفُ وَلَمْ يُعَمِّرْ الْمَسْجِدَ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ وَلَا أَعَدَّ مَكَانًا لِتَعْمِيرِهِ فَهَلْ يَكُونُ الْوَقْفُ الْمَزْبُورُ بَاطِلًا وَتُقْسَمُ الْأَمَاكِنُ الْمَوْقُوفَةُ بَيْنَ وَرَثَةِ الْوَاقِفِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَمْ لَا؟
(الْجَوَابُ): الْحَمْدُ لِلَّهِ ذُكِرَ فِي كُتُبِ الْفَتَاوَى رَجُلٌ هَيَّأَ مَوْضِعًا لِبِنَاءِ مَدْرَسَةٍ وَقَبْلَ أَنْ يَبْنِيَ وَقَفَ عَلَى هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ قُرًى بِشَرَائِطِهِ وَجَعَلَ آخِرَهُ لِلْفُقَرَاءِ وَحَكَمَ قَاضٍ بِصِحَّتِهِ أَفْتَى الْقَاضِي الْإِمَامُ صَدْرُ الدِّينِ أَنَّ هَذَا الْوَقْفَ غَيْرُ صَحِيحٍ مُعَلِّلًا بِأَنَّ هَذَا الْوَقْفَ قَبْلَ وُجُودِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَأَفْتَى غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ زَمَانِهِ بِصِحَّتِهِ وَرُجِّحَ بِأَنَّ بَعْضًا مِنْ الْمَسْجِدِ بَلْ هُوَ الْأَصْلُ فِيهَا قَدْ كَانَ مَوْجُودًا زَمَانَ الْوَقْفِ وَهُوَ الْمَوْضِعُ الْمُهَيَّأُ لِبِنَاءِ الْمَدْرَسَةِ وَأَمَّا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ حَيْثُ لَمْ يُهَيِّئْ مَوْضِعًا لِبِنَاءِ الْمَدْرَسَةِ فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ وَقَفَ عَلَى مَعْدُومٍ حَقِيقَةً وَهُوَ أَحْرَى بِمَا عَلَّلَ بِهِ الْإِمَامُ الْقَاضِي صَدْرُ الدِّينِ مِنْ الْبَطَلَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيُّ عُفِيَ عَنْهُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَتْ هِنْدٌ دَارَهَا مُنْجِزًا عَلَى أَوْلَادِهَا الْمَوْجُودِينَ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ، ثُمَّ، وَثُمَّ، ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ وَلَمْ يَحْكُمْ بِمُوجِبِ الْوَقْفِ حَاكِمٌ شَرْعِيٌّ حُكْمًا شَرْعِيًّا عَلَى وَجْهِهِ فِي حَادِثَةِ ذَلِكَ وَمَاتَتْ عَنْ أَوْلَادِهَا الْمَزْبُورِينَ ثُمَّ افْتَقَرَ أَوْلَادُهَا فَبَاعُوا الدَّارَ بَعْدَمَا أَطْلَقَ لَهُمْ قَاضِي الْقُضَاةِ بَيْعَهَا فَهَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ؟ وَيَكُونُ حُكْمًا بِبُطْلَانِ الْوَقْفِ أَمْ لَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَكُونُ حُكْمًا بِبُطْلَانِ الْوَقْفِ حَيْثُ لَمْ يَحْكُمْ بِلُزُومِهِ حَاكِمٌ شَرْعِيٌّ بِوَجْهِهِ الصَّحِيحِ الشَّرْعِيِّ وَأَطْلَقَ الْقَاضِي لِلْوَارِثِ الْبَيْعَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ وَأَفْتَى بِذَلِكَ التُّمُرْتَاشِيُّ وَالْمَوْلَى أَبُو السُّعُودِ وَالْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ نَقْلًا عَنْ الْمُعْتَبَرَاتِ وَفِي الْإِسْمَاعِيلِيَّة فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ غِرَاسًا عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ وَثُمَّ ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ مُتَّصِلَةٍ وَحَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ حَنْبَلِيٌّ فِي غَيْرِ وَجْهِ خَصْمٍ ثُمَّ بَاعَ الْوَاقِفُ الْغِرَاسَ أَجَابَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْوَقْفُ مُسَجَّلًا مَحْكُومًا بِهِ فَلِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَلَا يَكُونُ الْحُكْمُ الَّذِي لَمْ يَكُنْ عَلَى الدَّعْوَى الشَّرْعِيَّةِ مَانِعًا مِنْ ذَلِكَ. اهـ.
وَأَفْتَى بِذَلِكَ عَلَى هَذَا السُّؤَالِ الْمَرْحُومُ الْمَوْلَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَفَنْدِي الْعِمَادِيُّ مُفْتِي دِمَشْقَ. (أَقُولُ) وَبِصِحَّةِ بَيْعِ غَيْرِ الْمُسَجَّلِ أَفْتَى ابْنُ نُجَيْمٍ صَاحِبُ الْبَحْرِ فِي فَتَاوَاهُ وَقَالَ وَبِهَذَا أَفْتَى سِرَاجُ الدِّينِ قَارِئُ الْهِدَايَةِ إلَخْ لَكِنَّهُ قَالَ فِي بَحْرِهِ إنَّ هَذَا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ الْمَرْجُوحِ أَيْ مِنْ أَنَّ الْوَقْفَ إنَّمَا يَتِمُّ بِالْقَضَاءِ وَعَلَى قَوْلِهِمَا الرَّاجِحِ الْمُفْتَى بِهِ فَإِنْ كَانَ حَنَفِيًّا مُقَلِّدًا فَحُكْمُهُ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا بِالصَّحِيحِ الْمُفْتَى بِهِ فَهُوَ مَعْزُولٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ وَلِذَا قَالَ فِي الْقُنْيَةِ تَفْرِيعًا عَلَى الصَّحِيحِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ وَلَوْ قَضَى الْقَاضِي بِصِحَّتِهِ وَقَدْ أَفْتَى بِهِ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ وَأَمَّا مَا أَفْتَى بِهِ الْعَلَّامَةُ سِرَاجُ الدِّينِ قَارِئُ الْهِدَايَةِ مِنْ صِحَّةِ الْحُكْمِ بِبَيْعِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ بِوَقْفِهِ فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ مُجْتَهِدٌ أَوْ سَهْوٌ مِنْهُ.
ا هـ كَلَامُ الْبَحْرِ وَأَقَرَّهُ فِي النَّهْرِ وَالدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْعَلَّامَةَ قَارِئَ الْهِدَايَةِ ذَكَرَ فِي فَتَاوَاهُ ثَانِيًا خِلَافَ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا كَمَا نَقَلْته فِي حَاشِيَتِي عَلَى الْبَحْرِ فَرَاجِعْهَا وَأَمَّا مَا فِي الْإِسْمَاعِيلِيَّة فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وَقْفُهُ بِلَا حُكْمٍ لِكَوْنِهِ غِرَاسًا وَهُوَ مِنْ الْمَنْقُولِ وَلِكَوْنِهِ وَقْفًا عَلَى النَّفْسِ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ حُكْمِ حَاكِمٍ يَرَاهُ.
(سُئِلَ) فِي قَاعَةٍ قَدِيمَةٍ عَامِرَةٍ مُحْكَمَةِ الْبِنَاءِ فِي مَحَلَّةٍ أَمِينَةٍ مَرْغُوبٍ فِي السُّكْنَى فِيهَا وَتُؤَجَّرُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ وَأَرْضُهَا مَفْرُوشَةٌ بِبَلَاطٍ قَدِيمٍ مِنْ عَهْدِ وَاقِفِهَا وَالْآنَ يُرِيدُ بَعْضُ مُسْتَحَقِّي الْوَقْفِ بَيْعَ الْبَلَاطِ الْمَزْبُورِ بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَفِي ذَلِكَ تَغْيِيرُ صِيغَةِ الْوَاقِفِ وَبَيْعُ الْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ فَهَلْ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ فِي عُمْدَةِ الْفَتَاوَى لَا يَجُوزُ بَيْعُ بِنَاءِ الْوَقْفِ قَبْلَ هَدْمِهِ وَلَا الْأَشْجَارِ الْمَوْقُوفَةِ الْمُثْمِرَةِ قَبْلَ قَلْعِهَا بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُثْمِرَةِ. اهـ.
بَحْرٌ مِنْ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ تَحْتَ قَوْلِ الْمَاتِنِ وَعُلُوٍّ سَقَطَ وَمِثْلُهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ الْعَاشِرِ وَلَا يَجُوزُ لِلنَّاظِرِ تَغْيِيرُ صِيغَةِ الْوَاقِفِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَالْحَانُوتِيُّ وَغَيْرُهُمَا فَكَيْفَ تُبَاعُ الْعَيْنُ بِلَا مُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ.
(سُئِلَ) فِي أَشْجَارِ الْوَقْفِ الْغَيْرِ الْمُثْمِرَةِ إذَا ثَبَتَ يُبْسُهَا وَشِلْوُهَا وَعَدَمُ الِانْتِفَاعِ بِهَا إلَّا حَطَبًا وَفِي بَيْعِهَا وَقَلْعِهَا الْحَظُّ وَالْمَصْلَحَةُ لِجِهَةِ الْوَقْفِ ثُبُوتًا شَرْعِيًّا بَعْدَ دَعْوَى شَرْعِيَّةٍ فَهَلْ يَجُوزُ قَلْعُهَا وَبَيْعُهَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَسُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ عَنْ شَجَرَةٍ وَقْفٍ يَبِسَ بَعْضُهَا وَبَقِيَ بَعْضُهَا فَقَالَ مَا يَبِسَ مِنْهَا فَسَبِيلُهُ سَبِيلُ غَلَّتِهَا وَمَا بَقِيَ فَمَتْرُوكٌ عَلَى حَالِهَا. اهـ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَقَالَ الْفَضْلِيُّ وَبَيْعُ الْأَشْجَارِ الْمَوْقُوفَةِ مَعَ الْأَرْضِ لَا يَجُوزُ قَبْلَ الْقَلْعِ كَبَيْعِ الْأَرْضِ وَقَالَ أَيْضًا إذَا لَمْ تَكُنْ مُثْمِرَةً يَجُوزُ بَيْعُهَا قَبْلَ الْقَلْعِ أَيْضًا لِأَنَّهُ غَلَّتُهَا وَالْمُثْمِرَةُ لَا تُبَاعُ إلَّا بَعْدَ الْقَلْعِ كَبِنَاءِ الْوَقْفِ بَحْرٌ مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ تَحْتَ قَوْلِهِ وَلَا يَمْلِكُ الْوَقْفَ.
وَفِي التَّتَارْخَانِيَّةِ تُوتٌ عَلَى أَرْبَابٍ مُسَمِّينَ فِي يَدِ مُتَوَلٍّ بَاعَ وَرَقَ أَشْجَارِ التُّوتِ جَازَ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْغَلَّةِ فَلَوْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي قَلْعَ قَوَائِمِ الشَّجَرِ يُمْنَعُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَبِيعَةٍ وَلَوْ امْتَنَعَ الْمُتَوَلِّي مِنْ مَنْعِ الْمُشْتَرِي عَنْ قَلْعِ الْقَوَائِمِ كَانَ خِيَانَةً مِنْهُ. اهـ.
مِنْ الْفَصْلِ السَّابِعِ، وَفِيهَا قُبَيْلَ الْفَصْلِ الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ: الْأَشْجَارُ الْمَوْقُوفَةُ إذَا كَانَتْ غَيْرَ مُثْمِرَةٍ يَجُوزُ بَيْعُهَا قَبْلَ الْقَلْعِ لِأَنَّهَا هِيَ الْغَلَّةُ بِعَيْنِهَا وَالْمُثْمِرَةُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا إلَّا بَعْدَ الْقَلْعِ كَبِنَاءِ الْوَقْفِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي شَجَرَةٍ وَقْفٍ غَيْرِ مُثْمِرَةٍ يُرِيدُ الْمُتَوَلِّي بَيْعَهَا بِثَمَنِ الْمِثْلِ قَبْلَ الْقَلْعِ لِمَا رَأَى فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ لِلْوَقْفِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَأَجَابَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ سُؤَالٍ آخَرَ بِأَنَّهُ لَا تُنْقَضُ الْبَيِّنَةُ الْمَذْكُورَةُ بِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ أُخْرَى أَنَّ الْغِرَاسَ حِينَ الْبَيْعِ كَانَ مُثْمِرًا قَدْ تُرَجَّحُ الْبَيِّنَةُ بِكَوْنِهَا لِمَنْ يَدَّعِي صِحَّةَ الْعَقْدِ الَّذِي وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ فِيهِ مَثَلًا لَوْ بَاعَ الْوَصِيُّ دَارَ الصَّغِيرِ مِنْ رَجُلٍ قَائِلًا إنَّهَا مُتَوَجِّهَةٌ إلَى الْخَرَابِ وَتَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِيهَا زَمَانًا وَعَمَّرَهَا فَلَمَّا كَبُرَ الصَّغِيرُ وَصَارَ بَالِغًا ادَّعَى عَلَى الْمُشْتَرِي بِأَنَّ بَيْعَ الْوَصِيِّ إيَّاهَا بَاطِلٌ لِأَنَّ الدَّارَ كَانَتْ مَعْمُورَةً حِينَ بَاعَهَا الْوَصِيُّ مِنْهُ كَانَ الْقَوْلُ لِلصَّغِيرِ أَعْنِي قَوْلَهُ إنَّ الدَّارَ كَانَتْ مَعْمُورَةً حِينَ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ لَا يُنْكِرُ الْعَقْدَ وَتُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي عَلَى أَنَّهَا أَيْ الدَّارَ كَانَتْ خَرِبَةً وَقْتَ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ صِحَّةَ الْبَيْعِ وَبَيِّنَةُ الصَّغِيرِ تَنْفِيهَا وَتُثْبِتُ بُطْلَانَ بَيْعِ الْوَصِيِّ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْوَصِيِّ حَالَ كَوْنِ الدَّارِ مَعْمُورَةً بَاطِلٌ لَا مُجِيزَ لَهُ فَتُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الصَّغِيرِ كَذَا فِي فَتَاوَى الْبَزَّازِيَّةِ وَالْفَتَاوَى الصُّغْرَى وَغَيْرِهِمَا. اهـ.
وَكَذَا لَوْ بَاع الْمُتَوَلِّي أَشْجَارَ الْوَقْفِ وَقُلِعَتْ وَادَّعَى أَهْلُ الْوَقْفِ أَنَّهَا كَانَتْ مُثْمِرَةً وَقَالَ يَابِسَةٌ وَاجِبَةُ الْقَلْعِ فَبَعْدَ الْهَلَاكِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ مِنْ الضَّمَانِ وَكَذَا بَيِّنَتُهُ عِنْدَ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ كَذَا فِي هَامِشِ الْقَوْلِ لِمَنْ فِي الْبُيُوعِ وَفِي الْخَيْرِيَّةِ الْمُصَرَّحُ بِهِ عَدَمُ جَوَازِ اسْتِئْنَافِ الدَّعْوَى بَعْدَ انْفِصَالِهَا عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَفِيهَا نَقْلًا عَنْ الْكَافِي مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ إذَا تَضَمَّنَتْ الشَّهَادَةُ نَقْضَ قَضَاءٍ تُرَدُّ. اهـ.
فَفِي الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ ثُبُوتِ الشِّلْوِ وَعَدَمِ الِانْتِفَاعِ وَالْحُكْمِ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ كَيْفَ تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الْمُسْتَحِقِّ وَيُنْقَضُ الْقَضَاءُ وَتُسْتَأْنَفُ الدَّعْوَى تَأَمَّلْ وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الدَّعَاوَى أَيُّ بَيِّنَةٍ سَبَقَتْ وَقُضِيَ بِهَا لَمْ تُقْبَلْ الْأُخْرَى.
(سُئِلَ) فِي دَارٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَى الذُّرِّيَّةِ سَكَنَتْ بِهَا امْرَأَةٌ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ مَعَ زَوْجِهَا وَقَدْ غَيَّرَ زَوْجُهَا بَعْضَ مَعَالِمِ الْوَقْفِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ إعَادَةُ مَا غَيَّرَهُ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الشَّلَبِيِّ يُرْفَعُ أَمْرُ الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ لِوَلِيِّ الْأَمْرِ فَيَأْمُرُهُ بِهَدْمِ بِنَائِهِ وَإِعَادَةِ الْوَقْفِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ وَيُؤَدِّبُهُ عَلَى ذَلِكَ التَّأْدِيبَ الزَّاجِرَ لَهُ اللَّائِقَ بِهِ وَيُثَابُ وَلِيُّ الْأَمْرِ أَيَّدَ اللَّهُ بِهِ الدِّينَ وَقَمَعَ الطُّغَاةَ وَالْمُعْتَدِينَ عَلَى ذَلِكَ الثَّوَابَ الْجَزِيلَ. اهـ.
وَفِيهَا جَوَابًا عَنْ سُؤَالٍ آخَرَ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ نُورِ الدِّينِ الطَّرَابُلُسِيِّ جَمِيعُ مَا غَيَّرَهُ يَلْزَمُهُ إعَادَتُهُ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ وَهَدْمُ الْبِئْرِ وَقَلْعُ الْأَشْجَارِ وَتَغْيِيرُ النَّوْلِ وَاجِبٌ عَلَيْهِ مُلْزَمٌ بِهِ وَكَذَا يَلْزَمُهُ عِمَارَةُ مَا تَلِفَ بِسَبَبِ الْبِئْرِ وَالسَّقْيِ وَأُجْرَةُ مَا انْتَفَعَ بِهِ. اهـ.
وَقَالَ سِرَاجُ الدِّينِ قَارِئُ الْهِدَايَةِ فِي فَتَاوِيهِ يَنْظُرُ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ مَا غَيَّرَهُ إلَيْهِ أَنْفَعَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَأَكْثَرَ رِيعًا أُخِذَ مِنْهُ الْأَجْرُ وَبَقِيَ مَا عَمَّرَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَهُوَ مُتَبَرِّعٌ بِمَا أَنْفَقَهُ فِي الْعِمَارَةِ وَلَا يُحْسَبُ لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَنْفَعَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَلَا أَكْثَرَ رِيعًا أُلْزِمَ بِهَدْمِ مَا صَنَعَ وَإِعَادَةِ الْوَقْفِ إلَى الصِّفَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا بَعْدَ تَعْزِيرِهِ بِمَا يَلِيقُ بِحَالِهِ. اهـ.
وَالْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْإِجَارَاتِ وَفِي فَتَاوَى الْكَازَرُونِيُّ نَقْلًا عَنْ الْحَانُوتِيِّ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ مَا نَصُّهُ وَيُطَالَبُ بِهَدْمِ مَا غَيَّرَ بِهِ صِفَةَ عَيْنِ الْوَقْفِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لِلْوَقْفِ فِيهِ مَصْلَحَةٌ إلَى آخِرِ مَا حَرَّرَهُ.
(سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ بَاعَ حَمَّامًا وَقْفًا لِاحْتِيَاجِهِ إلَى التَّرْمِيمِ مَعَ مُسَاعَدَةِ الْوَقْفِ مِنْ رَجُلٍ ذِي قُدْرَةٍ وَشَوْكَةٍ فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ وَقَلَعَ الْحَمَّامَ وَبَنَى مَكَانَهُ دَارًا هَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ الْمَزْبُورُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ أَوْ لَا وَبَعْدَ ذَلِكَ فَمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِمَا؟
(الْجَوَابُ): أَمَّا النَّاظِرُ فَلَزِمَهُ الْعَزْلُ وَأَمَّا ذُو الْقُدْرَةِ فَيَلْزَمُهُ قَلْعُ مَا بَنَاهُ وَضَمَانُ قِيمَةِ مَا قَلَعَهُ وَدَفْعُهُ إلَى مُتَوَلِّي مَعَ سَاحَةِ الْحَمَّامِ فَإِنَّهُ لَا قُدْرَةَ فِي مُقَابَلَةِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ مِنْ الْوَقْفِ.
(سُئِلَ) فِي أَنْقَاضِ الْوَقْفِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى أَحْجَارٍ وَأَخْشَابٍ مُكَسَّرَةٍ مُلْقَاةٍ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ إذَا تَعَذَّرَ عَوْدُهَا لِمَحَلِّهَا وَعُدِمَ الِانْتِفَاعُ بِهَا لِلْوَقْفِ وَبَاعَهَا الْمُتَوَلِّي بِسَبَبِ ذَلِكَ مِنْ رَجُلٍ بِثَمَنٍ هُوَ ضِعْفُ ثَمَنِ الْمِثْلِ الثَّابِتِ ذَلِكَ مَعَ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ لِلْوَقْفِ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ جَائِزًا أَمْ لَا؟
(الْجَوَابُ): مَسْأَلَةُ بَيْعِ أَنْقَاضِ الْوَقْفِ صُرِّحَ بِهَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فَإِنَّهُ قَالَ مَا انْهَدَمَ مِنْ بِنَاءِ الْوَقْفِ وَآلَتِهِ صَرَفَهُ الْحَاكِمُ فِي عِمَارَةِ الْوَقْفِ إنْ احْتَاجَ وَإِنْ اسْتَغْنَى عَنْهُ أَمْسَكَهُ حَتَّى يَحْتَاجَ لِلْعِمَارَةِ فَيَصْرِفُهُ فِيهَا لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْعِمَارَةِ لِيَبْقَى عَلَى التَّأْبِيدِ فَيَحْصُلُ مَقْصُودُ الْوَاقِفِ فَإِنْ مَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ فِي الْحَالِ صَرَفَهَا فِيهَا وَإِلَّا أَمْسَكَهَا حَتَّى لَا يَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَوَانَ الْحَاجَةِ فَيَبْطُلُ الْمَقْصُودُ وَإِنْ تَعَذَّرَ إعَادَةُ عَيْنِهِ إلَى مَوْضِعِهِ بِيعَ وَصُرِفَ ثَمَنُهُ إلَى الْمَرَمَّةِ صَرْفًا لِلْبَدَلِ إلَى مُصَرِّفِ الْمُبْدَلِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْسِمَهُ يَعْنِي النَّقْضَ بَيْنَ مُسْتَحِقِّي الْوَقْفِ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الْعَيْنِ وَلَا حَقَّ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فِيهِ وَإِنَّمَا حَقُّهُمْ فِي الْمَنَافِعِ وَالْعَيْنُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يُصْرَفُ إلَيْهِمْ غَيْرُ حَقِّهِمْ. اهـ.
وَقَدْ حَصَلَ بِمَا ذُكِرَ الْجَوَابُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
وَأَجَابَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ عَنْ وَقْفٍ انْهَدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ يُعَمَّرُ بِهِ وَلَا أَمْكَنَ إجَارَتُهُ وَتَعْمِيرُهُ هَلْ تُبَاعُ أَنْقَاضُهُ بِقَوْلِهِ إذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ صَحَّ بَيْعُهُ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ وَقْفٌ مَكَانَهُ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ رَدُّهُ إلَى وَرَثَةِ الْوَاقِفِ إنْ وُجِدُوا وَإِلَّا يُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ.
(سُئِلَ) فِي خَرَابَةٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ تَعَطَّلَ الِانْتِفَاعُ بِهَا وَضَعُفَتْ عَنْ الْغَلَّةِ وَلَيْسَ فِي الْوَقْفِ غَيْرُهَا حَتَّى يُعَمَّرَ بِهَا وَأَدَّتْ الضَّرُورَةُ إلَى الِاسْتِبْدَالِ بِهَا بِطَرِيقِهِ الشَّرْعِيِّ بِمَا فِيهِ مِنْ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ لِلْوَقْفِ وَلَوْ بِالدَّرَاهِمِ لِيَشْتَرِيَ بِهَا دَارًا أُخْرَى أَكْثَرَ نَفْعًا وَأَدَرَّ رِيعًا وَأَحْسَنَ صَقْعًا فَهَلْ لِلْقَاضِي أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ سُئِلَ عَنْ اسْتِبْدَالِ الْوَقْفِ مَا صُورَتُهُ هَلْ هُوَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَوْ أَصْحَابِهِ أَجَابَ الِاسْتِبْدَالُ إذَا تَعَيَّنَ بِأَنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَثَمَّةَ مَنْ يَرْغَبُ فِيهِ وَيُعْطِي بَدَلَهُ أَرْضًا أَوْ دَارًا لَهَا رِيعٌ يَعُودُ نَفْعُهُ عَلَى جِهَةِ الْوَقْفِ فَالِاسْتِبْدَالُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ لِلْوَقْفِ رِيعٌ وَلَكِنْ يَرْغَبُ شَخْصٌ فِي اسْتِبْدَالِهِ إنْ أَعْطَى بَدَلَهُ أَكْثَرَ رِيعًا مِنْهُ فِي صُقْعٍ أَحْسَنَ مِنْ صُقْعِ الْوَقْفِ جَازَ عِنْدَ الْقَاضِي أَبِي يُوسُفَ وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ. اهـ.
قَالَ الْعَلَّامَةُ صَاحِبُ النَّهْرِ فِي ذَيْلِ الْفَتْوَى الْمَذْكُورَةِ مَا نَصُّهُ وَرَأَيْت بَعْضَ الْمَوَالِي يَمِيلُ إلَى هَذَا وَيَعْتَمِدُهُ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمُسْتَبْدِلَ إذَا كَانَ قَاضِيَ الْجِهَةِ فَالنَّفْسُ بِهِ مُطْمَئِنَّةٌ فَلَا يُخْشَى الضَّيَاعُ مَعَهُ وَلَوْ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. اهـ.
وَقَدْ أَفْتَى بِجَوَازِ الِاسْتِبْدَالِ بِالنُّقُودِ إذَا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْوَقْفِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْأَعْلَامِ مِنْهُمْ الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَتِلْمِيذُهُ الْفَهَّامَةُ السَّيِّدُ عَبْدُ الرَّحِيمِ اللُّطْفِيُّ وَالْمُحَقِّقُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ الْحَائِكُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْأَعْلَامِ رَوَّحَ اللَّهُ تَعَالَى رُوحَهُمْ بِدَارِ السَّلَامِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(
أَقُولُ) قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَفِيهَا أَيْ فِي الْأَشْبَاهِ لَا يَجُوزُ اسْتِبْدَالُ الْعَامِرِ إلَّا فِي أَرْبَعٍ قُلْت لَكِنْ فِي مَعْرُوضَاتِ الْمُفْتِي أَبِي السُّعُودِ أَنَّهُ فِي سَنَةِ 951 وَرَدَ الْأَمْرُ الشَّرِيفُ بِمَنْعِ اسْتِبْدَالِهِ وَأُمِرَ بِأَنْ يَصِيرَ بِأَمْرِ السُّلْطَانِ تَبَعًا لِتَرْجِيحِ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ. اهـ.
فَلْيُحْفَظْ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي دُورٍ مُتَعَدِّدَةٍ مَعْلُومَاتٍ مِنْ قِبَلِ وَاقِفِيهَا الْمُتَعَدِّدِينَ الْمُخْتَلِفِينَ بِيعَتْ دَارٌ مِنْهَا بَيْعًا حُكْمِيًّا بَعْدَ ثُبُوتِ مُسَوِّغَاتِ الْبَيْعِ لَدَى الْحَاكِمِ يَرَى ذَلِكَ وَحُكِمَ بِصِحَّتِهِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ قَبَضَهُ نُظَّارُ الْوَقْفِ لِيَشْتَرُوا بِهِ عَقَارًا بَدَلَهُ وَالْآنَ احْتَاجَتْ بَقِيَّةُ الدُّورِ لِلتَّعْمِيرِ الضَّرُورِيِّ وَلَا مَالَ فِي الْأَوْقَافِ حَاصِلٌ وَلَا مَنْ يَرْغَبُ فِي اسْتِئْجَارِ الدُّورِ مُدَّةً مُسْتَقْبَلَةً بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ تُصْرَفُ فِي التَّعْمِيرِ وَيُرِيدُ النُّظَّارُ وَالِاسْتِدَانَةَ عَلَى الدُّورِ بِإِذْنِ الْقَاضِي الْعَامِّ لِأَجَلِ التَّعْمِيرِ الْمَزْبُورِ فَهَلْ يُسَوَّغُ لَهُمْ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُمْ الصَّرْفُ عَلَى التَّعْمِيرِ مِنْ ثَمَنِ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لِأَنَّ ثَمَنَهَا صَارَ وَقْفًا بِمَنْزِلَةِ عَيْنِهَا وَلَا سِيَّمَا مَعَ تَعَدُّدِ الْوَاقِفِينَ الْمَذْكُورِينَ وَلَكِنْ فِي فَتَاوَى اللُّطْفِيِّ مِنْ الْوَقْفِ سُئِلَ عَنْ وَقْفٍ اسْتَبْدَلَهُ مُتَوَلِّيهِ بِإِذْنِ الْقَاضِي بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ اسْتِبْدَالًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا وَقَبَضَهَا فَهَلْ تَكُونُ تِلْكَ الدَّرَاهِمُ بَدَلَ الْمَوْقُوفِ الْمُسْتَبْدَلِ أَوْ يَسْتَحِقُّهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ وَوَرَثَتُهُمْ مِنْ بَعْدِهِمْ الْجَوَابُ تِلْكَ الدَّرَاهِمُ بَدَلُ الْمَوْقُوفِ الْمُسْتَبْدَلِ يَشْتَرِي بِهَا مَا يَكُونُ وَقْفًا مَكَانَهُ وَقَدْ تَصَرَّفَ فِي عِمَارَةِ الْوَقْفِ الضَّرُورِيَّةِ بِإِذْنِ قَاضٍ يَمْلِكُ ذَلِكَ وَيُسْتَوْفَى مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ بَعْدَ الْعِمَارَةِ لِيَشْتَرِيَ بِهَا مَا يَكُونُ وَقْفًا كَالْأَوَّلِ وَلَا تَكُونُ مِلْكًا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَلَا إرْثًا وَمَسْأَلَةُ الِاسْتِبْدَالِ بِالدَّرَاهِمِ مَعْلُومَةٌ وَتَحْتَاجُ إلَى دِيَانَةٍ وَلَا يَتَوَلَّى قَبْضَ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ إلَّا مُتَوَلِّي الْوَقْفِ لَا النَّاظِرُ بِمَعْنَى الْمُشَارِفِ وَلَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْفَقِيهِ النَّبِيهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ.
فَمُقْتَضَاهُ جَوَازُ صَرْفِ الْبَدَلِ فِي عِمَارَةِ الْوَقْفِ فَتَأَمَّلْ وَالِاسْتِبْدَالُ وَالْبَيْعُ وَاحِدٌ مِنْ حَيْثُ الْمَآلُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(أَقُولُ) وَكَذَا أَجَابَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ فِي فَتَاوَاهُ بِأَنَّهُ يَعْمُرُ مِنْ مَالِ الِاسْتِبْدَالِ وَلَا يَسْتَدِينُ حَيْثُ كَانَ فِي الْوَقْفِ مَالٌ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ. اهـ.
وَلَكِنْ مَا فِي سُؤَالِنَا الْوَاقِفُونَ مُتَعَدِّدُونَ وَلَا يُصْرَفُ رِيعُ وَقْفٍ عَلَى وَقْفٍ آخَرَ فَضْلًا عَنْ صَرْفِ بَدَلِهِ مِنْ حَوَادِثِ الْوَقْف وَلَوْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ بِمُسَوِّغَاتِ الِاسْتِبْدَالِ يُكَذِّبُهَا الْحِسُّ كَمَا لَوْ شَهِدُوا مَثَلًا بِأَنَّ الدَّارَ سَائِغَةٌ لِلِاسْتِبْدَالِ لِانْهِدَامِهَا وَحَكَمَ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمْ وَبِيعَتْ كَمَا ذُكِرَ شَهِدَتْ أُخْرَى لَدَى حَاكِمٍ بِأَنَّهَا عَامِرَةٌ آنَ الِاسْتِبْدَالِ إلَى هَذَا الزَّمَانِ وَكَانَ الْحِسُّ يَقْضِي بِأَنَّ عِمَارَتَهَا آنَ الِاسْتِبْدَالِ هِيَ الْعِمَارَةُ الْقَائِمَةُ فِي هَذَا الزَّمَانِ فَالْقَضَاءُ بِشَهَادَةِ شُهُودِ الِاسْتِبْدَالِ حِينَئِذٍ بَاطِلٌ إذْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى بَيِّنَةٍ يُكَذِّبُهَا الْحِسُّ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ جَاءَ حَيًّا بَعْدَ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ خَيْرِيَّةٌ مِنْ الْوَقْفِ وَمِثْلُهُ فِي فَتَاوَى الشَّلَبِيِّ وَالشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ.
(سُئِلَ) فِي نَاظِرَتَيْنِ عَلَى وَقْفٍ أَهْلِيٍّ اُسْتُبْدِلَتَا بَسَاتِينَ مَعْلُومَةً جَارِيَةً فِي الْوَقْفِ الْمَرْقُومِ مِنْ رَجُلٍ اسْتِبْدَالًا شَرْعِيًّا مُسْتَوْفِيًا لِلشَّرَائِطِ الشَّرْعِيَّةِ مَعَ ثُبُوتِ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ فِي ذَلِكَ لِلْوَقْفِ مَحْكُومًا بِصِحَّةِ ذَلِكَ مِنْ قَاضِي الْقُضَاةِ بَعْدَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ الشَّرْعِيَّتَيْنِ فَهَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ الْبَسَاتِينُ فِي غَيْرِ وِلَايَةِ الْقَاضِي الْمُسْتَبْدَلِ لَدَيْهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الْبَحْرِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْقَضَاءِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُتَدَاعِيَانِ فِي بَلَدِ الْقَاضِي إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى فِي الْمَنْقُولِ وَالدَّيْنِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ فِي عَقَارٍ لَا فِي وِلَايَتِهِ فَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَإِيَّاكَ أَنْ تَفْهَمَ خِلَافَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ غَلَطٌ. اهـ.
وَاقْتَصَرَ عَلَى الصِّحَّةِ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوَاهُ الْمَشْهُورَةِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الدَّعْوَى وَالصَّحِيحُ أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي فِي الْمَحْدُودِ يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي وِلَايَتِهِ وَالْمَسْأَلَةُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا فِي أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِنَصْرَانِيٍّ دَارٌ مَعْلُومَةٌ فَوَقَفَهَا فِي صِحَّةٍ مُنْجِزًا عَلَى قَسَاقِسِ النَّصَارَى الْمَوْجُودِينَ يَوْمئِذٍ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى الْقَسَاقِسِ وَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ فَعَلَى فُقَرَاءِ النَّصَارَى وَكُتِبَ بِذَلِكَ صَكٌّ فَهَلْ يَجُوزُ الْوَقْفُ وَيَكُونُ لِفُقَرَاءِ النَّصَارَى؟
(الْجَوَابُ): يَجُوزُ الْوَقْفُ الْمَذْكُورُ قَالَ الْإِمَامُ الْخَصَّافُ فِي وَقْفِ أَهْلِ الذِّمَّةِ قُلْت فَمَا تَقُولُ إنْ قَالَ جَعَلْت دَارِي هَذِهِ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً تَجْرِي غَلَّتُهَا عَلَى فُقَرَاءِ بَيْعَةِ كَذَا وَكَذَا قَالَ هَذَا جَائِزٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ إنَّمَا يُصْرَفُ فِي هَذَا إلَى الصَّدَقَةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى فُقَرَاءِ النَّصَارَى أَنِّي أُجِيزَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ عَمَّمَ وَلَمْ يَخُصَّ فَقَالَ تَجْرِي غَلَّةُ صَدَقَتِي هَذِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ قَالَ هَذَا جَائِزٌ قُلْت فَمَا تَقُولُ لَوْ جَعَلَ الذِّمِّيُّ أَرْضًا لَهُ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً فَقَالَ تُنْفَقُ غَلَّتُهَا عَلَى بَيْعَةِ كَذَا وَكَذَا فَإِنْ خَرِبَتْ هَذِهِ الْبَيْعَةُ كَانَتْ غَلَّةُ هَذِهِ الصَّدَقَةِ بَعْدَ النَّفَقَةِ عَلَيْهَا فِي الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ قَالَ لَا يَجُوزُ الْوَقْفُ وَيَكُونُ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَلَا يُنْفَقُ عَلَى الْبَيْعَةِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ قُلْت وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ تَجْرِي غَلَّةُ هَذِهِ الصِّيغَةِ عَلَى الرُّهْبَانِ وَالْقِسِّيسِينَ قَالَ هَذَا بَاطِلٌ قُلْت فَإِنْ خَصَّ الرُّهْبَانَ وَالْقِسِّيسِينَ الَّذِينَ فِي بَيْعَةِ كَذَا وَكَذَا قَالَ هَذَا كُلُّهُ بَاطِلٌ. اهـ.
وَفِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ إذَا وَقَفَ الذِّمِّيُّ عَلَى الْكَنِيسَةِ أَوْ الْبَيْعَةِ فَهَلْ يَجُوزُ أَجَابَ الْوَقْفُ بَاطِلٌ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَيُورَثُ عَنْهُ وَكَذَا إذَا وَقَفَ عَلَى الرُّهْبَانِ وَالْقِسِّيسِينَ وَإِنْ وَقَفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ النَّصَارَى جَازَ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي ذِمِّيٍّ مَرِيضٍ مَرَضَ الْمَوْتِ وَقَفَ دَارِهِ عَلَى بِنْتَيْهِ الذِّمِّيَّتَيْنِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمَا عَلَى كَنِيسَةِ كَذَا ثُمَّ هَلَكَ مِنْ مَرَضِهِ الْمَزْبُورِ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ عَنْهُمَا وَعَنْ زَوْجَةٍ وَأَخَوَيْنِ شَقِيقَيْنِ لَمْ يُجِيزُوا ذَلِكَ فَهَلْ يَكُونُ الْوَقْفُ غَيْرَ جَائِزٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قُلْت وَكُلُّ وَقْفٍ وَقَفَهُ الذِّمِّيُّ فَجَعَلَ غَلَّةَ ذَلِكَ فِيمَا لَا يَجُوزُ مِثْلُ قَوْلِهِ فِي عِمَارَةِ الْبَيْعِ وَالْكَنَائِسِ وَبُيُوتِ النِّيرَانِ وَالْإِسْرَاجُ فِيهَا وَمَرَمَّتُهَا أَلَيْسَ ذَلِكَ بَاطِلًا قَالَ بَلَى. اهـ.
خَصَّافٌ مِنْ بَابِ وَقْفِ الذِّمِّيِّ وَمِثْلُهُ فِي الْإِسْعَافِ وَالْبَحْرِ وَغَيْرِهِمَا وَالْوَقْفُ فِي الْمَرَضِ وَصِيَّةٌ تُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ إنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا وَلِلْوَارِثِ لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ وَلَمْ يُجِيزُوا ذَلِكَ فِي مَسْأَلَتِنَا.
(سُئِلَ) فِي ذِمِّيٍّ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى ذُرِّيَّتِهِ فَإِذَا انْقَرَضُوا فَعَلَى الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَشَرَطَ أَنْ لَا يُؤَجِّرَ إلَّا عَقْدًا بِعَقْدٍ وَلَا لِمُتَجَاهِي وَلَا يُعَجِّلُ بِمَالِهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ ثُمَّ إنَّ الْوَاقِفَ آجَرَ مِنْ آخَرَ وَتَعَجَّلَ لِسِتِّ سِنِينَ كُلَّ سَنَتَيْنِ عَقْدٌ وَحَكَمَ بِهِ حَنْبَلِيٌّ ثُمَّ فَرَغَ عَنْ الْوَقْفِ فَهَلْ بِالْفَرَاغِ لِأَوْلَادِهِ يَفْسَخُ الْإِيجَارَ وَيُضِيعُ مَالَ الْمُسْتَأْجِرِ وَهَلْ لَهُ حَبْسُ الْوَقْفِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مَالَهُ؟ (أَجَابَ) وَقْفُ الذِّمِّيِّ عَلَى نَفْسِهِ صَحِيحٌ وَأَمَّا عَلَى أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ فَمَدْلُولُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ وَقْفَ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَ قُرْبَةً عِنْدَنَا وَعِنْدَ هُمْ حَتَّى لَوْ جَعَلَ دَارِهِ مَسْجِدًا لِلْمُسْلِمِينَ لَا يَجُوزُ وَإِنَّمَا جَازَ وَقْفُهُمْ عَلَى مَسْجِدِ الْقُدْسِ لِأَنَّ ذَلِكَ قُرْبَةٌ عِنْدَ هُمْ إلَّا أَنْ يُقَالَ يَصِحُّ عَلَى مَنْ ذُكِرَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَيُلْغَى قَوْلُهُ عَلَى أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ وَيَكُونُ آخِرُهُ لِلْفُقَرَاءِ بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَكُونُ مُؤَبَّدًا وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ التَّأْبِيدَ وَأَمَّا الْإِجَارَةُ الْمَذْكُورَةُ فَإِنْ حَكَمَ فِيهَا حَاكِمٌ يَرَاهَا بَعْدَ تَقَدُّمِ دَعْوَى ارْتَفَعَ الْخِلَافُ وَهَذَا الْجَوَابُ لَمْ أَنْقُلْهُ مِنْ تَحْتِ يَدَيَّ عَلَى وَرَقَةِ السَّائِلِ لِعَدَمِ جَزْمِي بِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ فَتَاوَى الْكَازَرُونِيُّ مِنْ الْوَقْفِ عَنْ الْحَانُوتِيِّ وَلَوْ وَقَفَهَا عَلَى مَصَالِحِ بَيْعَةِ كَذَا مِنْ عِمَارَةٍ وَمَرَمَّةٍ وَسِرَاجٍ وَإِذَا خَرِبَتْ وَاسْتَغْنَى عَنْهَا تَكُونُ الْغَلَّةُ لِإِسْرَاجِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَوْ قَالَ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ يَجُوزُ الْوَقْفُ وَتَكُونُ الْغَلَّةُ لِلْإِسْرَاجِ أَوْ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَلَا يُنْفَقُ عَلَى الْبَيْعَةِ مِنْهَا شَيْءٌ. اهـ.
إسْعَافٌ مِنْ بَابِ أَوْقَافِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَتَأَمَّلْ فَلَعَلَّهُ يُفِيدُ مَا قَالَهُ الْحَانُوتِيُّ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إلَخْ وَفِي الْخَصَّافِ مِنْ الْبَابِ الْمَزْبُورِ أَفْصَحُ مِنْ هَذَا وَأَصْرَحُ فَرَاجِعْهُ.
(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ ذِمِّيَّةٍ لَهَا حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ فِي دَارٍ وَقَفَتْ الْحِصَّةَ الْمَزْبُورَةَ فِي صِحَّتِهَا مُنَجَّزًا عَلَى فُقَرَاءِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَفُقَرَاءِ بَيْعَةِ كَذَا وَحَكَمَ حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ وَلُزُومِهِ حُكْمًا شَرْعِيًّا فَهَلْ يَكُونُ الْوَقْفُ الْمَزْبُورُ صَحِيحًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ صَحَّ وَقْفُ الذِّمِّيِّ بِشَرْطِ كَوْنِهِ قُرْبَةً عِنْدَنَا وَعِنْدَ هُمْ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ أَوْ عَلَى فُقَرَاءِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَإِنْ عَمَّمَ جَازَ الصَّرْفُ إلَى كُلِّ فَقِيرٍ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ وَإِنْ خَصَّصَ فُقَرَاءَ أَهْلِ الذِّمَّةِ اُعْتُبِرَ شَرْطُهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْخَصَّافُ بَحْرٌ مِنْ الْوَقْفِ وَقَفَهَا عَلَى فُقَرَاءِ بَيْعَةِ كَذَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِكَوْنِهِ قَصَدَ الصَّدَقَةَ إسْعَافٌ مِنْ بَابِ أَوْقَافِ أَهْلِ الذِّمَّةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَنْشَأَ ذِمِّيٌّ وَقْفَهُ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ وَذُرِّيَّتِهِ إلَخْ وَهَلَكَ وَانْحَصَرَ رِيعُهُ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَهَلْ يَسْتَمِرُّ نَصِيبُهُ فِي رِيعِ الْوَقْفِ مُسْتَحَقًّا لَهُ وَلَا يُحْرَمُهُ وَشَرْطُ الْوَاقِفِ النَّظَرَ لِلْأَرْشَدِ صَحِيحٌ يَتَوَلَّاهُ أَرْشَدُهُمْ مِنْ الذُّرِّيَّةِ دُونَ غَيْرِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ مُحَمَّدٌ الْعِمَادِيُّ الْمُفْتِي بِدِمَشْقَ الشَّامِ عُفِيَ عَنْهُ قَالَ الْمُؤَلِّفُ ثُمَّ إنِّي سُئِلْت عَنْ هَذَا الْوَقْفِ بِمَا إذَا شَرَطَ النَّظَرَ لِلْأَرْشَدِ فَالْأَرْشَدِ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَهَلَكَ وَانْحَصَرَ رِيعُ وَقْفِهِ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَمَاتَ عَنْ بِنْتٍ بَالِغَةٍ مُسْلِمَةٍ هِيَ أَرْشَدُ الْمَوْجُودِينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ فَهَلْ إذَا ثَبَتَتْ أَرْشَدِيَّتُهَا بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ تُوَلَّى النَّظَرَ عَلَى الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ الْجَوَابُ نَعَمْ عَلَى مُقْتَضَى مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ الْمَذْكُورُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ حِصَّتَهُ وَهِيَ النِّصْفُ مِنْ جَوَامِيسَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَلَمْ يَحْكُمْ بِالْوَقْفِ حَاكِمٌ يَرَاهُ ثُمَّ بَاعَ الْحِصَّةَ مِنْ آخَرَ فَهَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ دُونَ الْوَقْفِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ يَصِحُّ الْبَيْعُ وَالْوَقْفُ غَيْرُ صَحِيحٍ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ غِرَاسٌ قَائِمٌ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ فَأَقَرَّ أَنَّهُ وَقَفَهُ عَلَى ابْنَيْ أَخِيهِ وَلَمْ يُسْلِمْهُ إلَى الْمُتَوَلِّي وَلَا لَهُمَا وَلَا جَعَلَ آخِرَهُ لِجِهَةِ بِرٍّ لَا تَنْقَطِعُ وَلَا حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ شَرْعِيٌّ أَصْلًا فَهَلْ يَكُونُ الْوَقْفُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ صَحِيحٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لِأَنَّ الْغِرَاسَ مِنْ الْمَنْقُولِ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ وَقَفَ جَامُوسًا فِي بَلَدٍ لَمْ يَتَعَارَفُوا وَقْفَهُ وَلَا تَعَامَلُوا بِهِ فَإِذَا صَدَرَ مِنْ وَاحِدٍ أَوْ اثْنَيْنِ هَلْ يُعَدُّ ذَلِكَ تَعَامُلًا أَوْ لَا وَإِذْ لَمْ يُعَدَّ تَعَامُلًا هَلْ الْوَقْفُ الْمَذْكُورُ غَيْرُ جَائِزٍ حَيْثُ لَمْ يُتَعَارَفْ أَمْ كَيْفَ الْحُكْمُ؟
(الْجَوَابُ): إذَا كَانَ فِي بَلَدٍ تُعُورِفَ ذَلِكَ يَجُوزُ وَإِلَّا فَلَا قَالَ فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ سُئِلَ أَبُو حَنِيفَةَ عَمَّنْ وَقَفَ بَقَرَةً عَلَى الرِّبَاطِ لِيَشْرَبَ مِنْ لَبَنِهَا أَبْنَاءُ السَّبِيلِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَارَفٍ حَتَّى لَوْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ يُتَعَارَفُ ذَلِكَ يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا. اهـ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ وَقَفَ بَقَرَةً حَتَّى يُعْطِيَ مَا يَخْرُجُ مِنْ لَبَنِهَا وَسَمْنِهَا لِأَبْنَاءِ السَّبِيلِ قَالَ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ غَلَبَ ذَلِكَ فِي أَوْقَافِهِمْ رَجَوْت أَنْ يَكُونَ جَائِزًا. اهـ.
زَادَ فِي الذَّخِيرَةِ وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ بِالْجَوَازِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ جَرَى التَّعَارُفُ فِي دِيَارِ الْمُسْلِمِينَ بِذَلِكَ. اهـ.
فَاعْتَبَرَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ التَّعَامُلَ مُطْلَقًا فِي دِيَارِ الْمُسْلِمِينَ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ غَالِبُ الْمَشَايِخِ أَنَّ التَّعَامُلَ يُعْتَبَرُ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ فَإِذَا كَانَ فِي بَلَدٍ يَتَعَامَلُ بِهِ يَجُوزُ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ وَإِنْ كَانَ فِي بَلَدٍ لَا يَتَعَامَلُ بِهِ لَا يَجُوزُ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ كَمَا ذَكَرْنَا وَمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ غَلَبَ ذَلِكَ فِي أَوْقَافِهِمْ أَنَّهُ لَا يَكْفِي صُدُورُهُ مِنْ وَاحِدٍ أَوْ اثْنَيْنِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِغَالِبٍ قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْهُمَامِ فِي التَّحْرِيرِ فِي بَحْثِ الْحَقِيقَةِ إنَّ التَّعَامُلَ هُوَ الْأَكْثَرُ اسْتِعْمَالًا. اهـ.
وَبِمَا ذَكَرْنَا حَصَلَ الْجَوَابُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وُجِدَ شَرْطٌ فِي كِتَابِ وَقْفٍ مُنْقَطِعِ الثُّبُوتِ وَلَمْ يَسْبِقْ لِلْقُوَّامِ السَّابِقِينَ تَصَرُّفٌ بِهِ أَصْلًا فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ الذُّرِّيَّةِ يُكَلِّفُ النَّاظِرَ التَّصَرُّفَ بِهِ بِمُجَرَّدِ ذِكْرِهِ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): لَا يُعْمَلُ بِهِ بِمُجَرَّدِ ذِكْرِهِ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ وَيُكَلَّفُ الرَّجُلُ إثْبَاتَهُ عَلَى تَلَفُّظِ الْوَاقِفِ بِهِ.
قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ وَأَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى شَرَائِطِ الْوَقْفِ وَجِهَاتِهِ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّرَائِطِ وَالْجِهَاتِ بِالتَّسَامُعِ وَهَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ الْأُسْتَاذُ ظَهِيرُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. اهـ.
وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْعَمُّ وَغَيْرُهُ.
(أَقُولُ) فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ سُئِلَ فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ وَظَائِفُ فِي وَقْفٍ وَمَشْرُوطٌ مَبْلَغٌ مَعْلُومٌ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ فَهَلْ إذَا اعْتَرَفَ النَّاظِرُ أَنَّ هَذَا الْكِتَابَ الْمَشْرُوطَ فِيهِ ذَلِكَ هُوَ كِتَابُ الْوَقْفِ يُؤْمَرُ بِإِعْطَاءِ مَعْلُومِ الْوَظَائِفِ عَلَى مُقْتَضَى شَرْطِ الْوَاقِفِ الْجَوَابُ نَعَمْ. اهـ.
وَنَقَلَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ الشَّلَبِيِّ قُبَيْلَ الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ مَسَائِلِ الْوَقْفِ مِنْ الْفَتَاوَى الْمَذْكُورَةِ أَنَّهُ يُلْزَمُ النَّاظِرُ بِإِحْضَارِ كِتَابِ الْوَقْفِ لِيَعْمَلَ بِمَا فِيهِ. اهـ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُلْزَمُ بِذَلِكَ إذَا كَانَ مُتَّصِلَ الثُّبُوتِ أَوْ اعْتَرَفَ بِهِ النَّاظِرُ عَلَى مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ وَحِينَئِذٍ فَيُحْمَلُ مَا فِي مَسْأَلَتِنَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَعْتَرِفْ بِهِ أَنَّهُ كِتَابُ الْوَقْفِ فَتَأَمَّلْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ عَقَارٌ فَقَالَ إذَا مِتّ فَقَدْ وَقَفْت عَقَارِي عَلَى جِهَةِ كَذَا ثُمَّ بَاعَهُ فَهَلْ يَصِحُّ بَيْعُهُ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ عَلَّقَهُ بِمَوْتِهِ فَلَا يَزُولُ بِهِ مِلْكُهُ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي النَّهْرِ فَيَلْزَمُ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ لَا قَبْلَهُ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى وَغَيْرِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ إذْ حَكَمَهُ حُكْمُ الْوَصِيَّةِ فَيَصِحُّ بَيْعُهُ وَقَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ وَلَا يَجُوزُ تَعَلُّقُ الْوَقْفِ بِالْإِضَافَةِ إلَى وَقْتٍ إلَّا إذَا أَضَافَهُ إلَى الْمَوْتِ الْمُطْلَقِ فَهُوَ وَصِيَّةٌ فَيَصِحُّ وَلَوْ رَجَعَ عَنْهُ صَحَّ رُجُوعُهُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ بِيَدِ زَيْدٍ أَرْضٌ مَعْلُومَةٌ مُتَصَرَّفٌ فِيهَا بِطَرِيقِ الْإِرْثِ بِلَا مُعَارِضٍ لَهُ وَلِمُوَرِّثِهِ قَبَلَهُ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى سِتِّينَ سَنَةً وَالْآنَ قَامَ نَاظِرُ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ يُعَارِضُهُ فِيهَا مُدَّعِيًا جَرَيَانَهَا فِي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ مُسْتَنِدًا فِي ذَلِكَ لِمُجَرَّدِ ذِكْرِهَا فِي كِتَابِ وَقْفٍ بِيَدِهِ مُنْقَطِعِ الثُّبُوتِ وَلَمْ يَسْبِقْ لَهُ وَلَا لِمَنْ قَبْلَهُ مِنْ نُظَّارِ الْوَقْفِ وَضْعُ يَدٍ عَلَيْهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ فَهَلْ حَيْثُ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ يُمْنَعُ النَّاظِرُ مِنْ مُعَارَضَةِ زَيْدٍ فِيهَا وَيُعْمَلُ بِوَضْعِ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ الْمَزْبُورَيْنِ وَلَا عِبْرَةَ بِمُجَرَّدِ ذِكْرِ الْأَرْضِ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ بِدُونِ سَبْقِ تَصَرُّفٍ شَرْعِيٍّ لِجِهَةِ الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لِأَنَّ حُجَجَ الشَّرْعِ الشَّرِيفِ ثَلَاثَةٌ الْبَيِّنَةُ وَالْإِقْرَارُ وَالنُّكُولُ وَكِتَابُ الْوَقْفِ إنَّمَا هُوَ كَاغِدٌ بِهِ خَطٌّ وَهُوَ لَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ وَلَا يُعْمَلُ بِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْ عُلَمَائِنَا وَلَا يُنْزَعُ شَيْءُ مِنْ يَدِ أَحَدٍ إلَّا بِحَقٍّ ثَابِتٍ مَعْرُوفٍ.
(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ وَقَفَتْ وَقْفًا وَشَرَطَتْ لِنَفْسِهَا فَقَطْ بَيْعَهُ إذَا ضَعُفَ حَالُهَا وَاحْتَاجَتْ لِثَمَنِهِ ثُمَّ مَاتَتْ عَنْ أَوْلَادٍ يُرِيدُونَ بَيْعَهُ فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ بَاطِلًا أَمْ لَا؟
(الْجَوَابُ): قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ مِنْ الْوَقْفِ وَإِنْ شَرَطَ فِي الْوَقْفِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الِاسْتِبْدَالَ بِثَمَنِهِ مَا يَكُونُ وَقْفًا مَكَانَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ الْوَقْفُ بَاطِلٌ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ الْوَقْفُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ. اهـ.
وَقَالَ فِي الْإِسْعَافِ مِنْ بَابِ الْوَقْف الْبَاطِلِ وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ لِي إبْطَالَهُ أَوْ رَدَّهُ مِنْ سَبِيلِ الْوَقْفِ أَوْ بَيْعَهُ أَوْ رَهْنَهُ أَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ لِفُلَانٍ أَوْ لِوَرَثَتِي أَنْ يُبْطِلُوهُ أَوْ يَبِيعُوهُ وَمَا أَشْبَهَهُ كَانَ الْوَقْفُ بَاطِلًا عَلَى قَوْلِ الْخَصَّافِ وَهِلَالٍ وَجَائِزًا عَلَى قَوْلِ يُوسُفَ بْنِ خَالِدٍ السَّمْتِيِّ لِإِبْطَالِهِ الشَّرْطَ بِإِلْحَاقِهِ إيَّاهُ بِالْعِتْقِ. اهـ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَنْ يَبِيعهَا وَيَصْرِف ثَمَنهَا إلَى حَاجَتِهِ فَالْوَقْفُ بَاطِلٌ هُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ فَتَلَخَّصَ أَنَّ الْمُفْتَى بِهِ الْبُطْلَانُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ بِيَدِ زَيْدٍ دَارٌ مَعْلُومَةٌ مُتَصَرَّفٌ فِيهَا بِطَرِيقِ الْمِلْكِ مُدَّةً حَتَّى مَاتَ وَتَصَرَّفَ فِيهَا وَرَثَتُهُ بَعْدَهُ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً بِلَا مُعَارِضٍ لَهُمْ فِي ذَلِكَ وَالْآنَ ظَهَرَ رَجُلٌ يَدَّعِي أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ جَدِّهِ فُلَانٍ وَيُرِيدُ إقَامَةَ بَيِّنَةٍ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ إذَا أَقَامَهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لَا يَسْتَحِقُّ بِذَلِكَ شَيْئًا؟
(الْجَوَابُ): لَا يُحْكَمُ لَهُ بِمُجَرَّدِ مَا ذُكِرَ قَالَ فِي الْإِسْعَافِ لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى آخَرَ أَنَّ هَذِهِ الْأَرْضَ الَّتِي فِي يَدِهِ وَقْفُهَا عَلَى زَيْدِ بْنِ عَمْرٍو وَذُو الْيَدِ يَجْحَدُ الْوَقْفَ وَيَقُولُ هِيَ مِلْكِي وَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً أَنَّ زَيْدًا وَقَفَهَا عَلَيْهِ لَا يَسْتَحِقُّ بِذَلِكَ شَيْئًا وَإِنْ شَهِدَتْ أَنَّهَا كَانَتْ فِي يَدِهِ يَوْمَ وَقْفِهَا لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يُوقِفُ مَا لَا يَمْلِكُهُ وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ فِي يَدِهِ بِعَقْدِ إجَارَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. اهـ.
وَقَدْ أَفْتَى بِمِثْلِهِ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ الْمُفْتِي بِدِمَشْقَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي فَتَاوِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَيْهِ وَقَفَهَا فُلَانٌ وَهُوَ يَمْلِكُهَا فَإِنَّهَا تُقْبَلُ.
(أَقُولُ) قَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ أَيْضًا فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ عَنْ الْخَصَّافِ لَكِنَّ فِيهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِنَحْوِ ثَلَاثِ كَرَارِيسَ مِنْ الْوَقْفِ أَيْضًا مَا نَصُّهُ وَقَدْ ذَكَرَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ رَامِزًا لِلْعِدَّةِ يَنْبَغِي أَنْ تُقْبَلَ يَعْنِي الشَّهَادَةَ بِالسَّمَاعِ لَوْ كَانَ قَدِيمًا وَقْفٌ مَشْهُورٌ قَدِيمٌ لَا يُعْرَفُ وَاقِفُهُ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ ظَالِمٌ فَادَّعَى الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ وَقْفٌ عَلَى كَذَا مَشْهُورٌ وَشَهِدَا كَذَلِكَ فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَجُوزُ. اهـ.
فَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا مَرَّ عَلَى خِلَافِ الْمُخْتَارِ أَوْ يُحْمَلَ مَا نَقَلَهُ فِي الْخَيْرِيَّةِ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَلَى مَا إذَا كَانَ غَصْبُ الظَّالِمِ ثَابِتًا بِإِحْدَى الْحُجَجِ الثَّلَاثِ أَوْ يُحْمَلُ مَا مَرَّ عَنْ الْإِسْعَافِ وَالْخَصَّافِ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْوَقْفُ غَيْرَ قَدِيمٍ وَهَذَا التَّوْفِيقُ أَحْسَنُ لِإِمْكَانِ عِلْمِ الشُّهُودِ بِمِلْكِ الْوَاقِفِ لَهُ بِخِلَافِ الْقَدِيمِ فَلَا تُشْتَرَطُ فِيهِ الشَّهَادَةُ بِأَنَّهُ وَقَفَهَا وَهُوَ يَمْلِكُهَا فَلْيُتَأَمَّلْ.
(سُئِلَ) فِي الشَّهَادَةِ بِالسَّمَاعِ عَلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ هَلْ تَكُونُ غَيْرَ مَقْبُولَةِ؟
(الْجَوَابُ): لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالشُّهْرَةِ لِإِثْبَاتِ شَرَائِطِ الْوَقْفِ فِي الْأَصَحِّ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الدُّرَرِ وَالتَّنْوِيرِ وَأَفْتَى عَلِيٌّ أَفَنْدِي أَيْضًا بِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِالتَّسَامُعِ عَلَى شُرُوطِ الْوَقْفِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ بِيَدِ زَيْدٍ عَقَارٌ مَعْلُومٌ يَتَصَرَّفُ فِيهِ هُوَ وَأَبُوهُ مِنْ قَبْلِهِ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى أَرْبَعِينَ سَنَةً بِلَا مُعَارِضٍ ثُمَّ مَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ قَامَ عَمْرٌو الْآنَ يَدَّعِي عَلَيْهِمْ أَنَّهُ وَقَفَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُصَدِّقُوهُ عَلَى ذَلِكَ وَمَضَتْ هَذِهِ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَدَّعِ عَمْرٌو بِذَلِكَ وَلَا مَنَعَهُ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ وَالْكُلُّ فِي بَلْدَةٍ فَهَلْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْمَزْبُورَةِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ تَرَكَ الدَّعْوَى ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَانِعٌ مِنْ الدَّعْوَى ثُمَّ ادَّعَى لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِأَنَّ تَرْكَ الدَّعْوَى مَعَ التَّمَكُّنِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحَقِّ ظَاهِرًا. اهـ.
وَقَدْ أَفْتَى بِمِثْلِ ذَلِكَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَبْدُ اللَّهِ أَفَنْدِي الْمُفْتِي بِالْمَمَالِكِ الْعُثْمَانِيَّةِ وَسُئِلَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَمَّا إذَا سَمِعَ الْقَاضِي تِلْكَ الشَّهَادَةَ وَحَكَمَ بِنَزْعِ الْعَقَارِ لِلْوَقْفِ مِنْ يَدِ الْوَرَثَةِ وَكَتَبَ بِهِ حُجَّةً فَهَلْ يَنْفُذُ حُكْمُهُ أَمْ لَا وَمَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الْقَاضِي؟ فَأَجَابَ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ وَلَا تُعْتَبَرُ حُجَّتُهُ وَيُعْزَلُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَتْ هِنْدٌ حِصَّةً مُشَاعَةً مَنْقُولَةً غَيْرَ مُتَعَارَفٍ وَقْفُهَا قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ عَلَى نَفْسِهَا ثُمَّ وَثُمَّ وَذَلِكَ لَدَى حَاكِمٍ حَنَفِيٍّ وَلَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّتِهِ حَاكِمٌ يَرَاهَا بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ يَكُونُ غَيْرَ صَحِيحٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ وَقَفَتْ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى وَلَدَيْ بِنْتِهَا فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَقْفًا صَحِيحًا مُنَجَّزًا مُسَلَّمًا لِلْمُتَوَلَّى مُسَجَّلًا مَحْكُومًا بِصِحَّتِهِ وَجَعَلَتْ آخِرَهُ لِجِهَةِ بِرٍّ لَا تَنْقَطِعُ فَهَلْ يَكُونُ الْوَقْفُ الْمَزْبُورُ جَائِزًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَأَفْتَى بِذَلِكَ مُفْتِي الدَّوْلَةِ الْعَلِيَّةِ الْمَرْحُومُ عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَفِي الْخَانِيَّةِ مِنْ وَقْفِ الْمَنْقُولِ عَنْ زُفَرَ رَجُلٌ وَقَفَ الدَّرَاهِمَ أَوْ الطَّعَامَ أَوْ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ قَالَ يَجُوزُ قِيلَ لَهُ كَيْفَ يَكُونُ قَالَ يَدْفَعُ الدَّرَاهِمَ مُضَارَبَةً ثُمَّ يَتَصَدَّقُ بِفَضْلِهَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي وَقَفَ عَلَيْهِ وَمَا يُكَالُ وَيُوزَنُ يُبَاعُ وَيُدْفَعُ ثَمَنُهُ مُضَارَبَةً أَوْ بِضَاعَةً كَالدَّرَاهِمِ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الدُّرَرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ عَنْ الْأَنْصَارِيِّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ زُفَرَ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ وَقَفَ وَقْفَهُ عَلَى مَصَالِحِ جَامِعِ كَذَا هَلْ يَدْخُلُ الْمُؤَذِّنُ فِي الْوَقْفِ الْمَرْقُومِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الْأَكْمَلُ فِي خِزَانَتِهِ وَقَالَ فِي الْوَهْبَانِيَّةِ وَيَدْخُلُ فِي وَقْفِ الْمَصَالِحِ قَيِّمٌ إمَامٌ خَطِيبٌ وَالْمُؤَذِّنُ يُعَبِّرُ.
(سُئِلَ) فِي مَدْرَسَةٍ مَعْلُومَةٍ جَعَلَ وَاقِفُهَا لَهَا إمَامًا وَجَعَلَ لَهُ مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ فِي كُلِّ شَهْرٍ وَرَتَّبَ مِقْدَارًا مِنْ الشَّمْعِ يُوقَدُ فِيهَا وَقْتَ صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ وَصَرَفَ الْإِمَامُ فِي الْمَعْلُومِ الْمَذْكُورِ وَفِي فَاضِلِ الشَّمْعِ الْمَرْقُومِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ وَمَاتَ الْوَاقِفُ وَتَصَرَّفَ الْإِمَامُ فِي الْمَعْلُومِ وَفِي الْفَاضِلِ بَعْدَهُ مُدَّةً وَالْآنَ قَامَ بَعْضُ خَدَمَةِ الْمَدْرَسَةِ يُعَارِضُ الْإِمَامَ فِي أَخْذِهِ فَاضِلَ الشَّمْعِ الْمَذْكُورِ مَعَ أَنَّ الْوَاقِفَ شَرَطَ لِنَفْسِهِ الزِّيَادَةَ وَالنُّقْصَانَ وَالْعُرْفُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَنَّ الْإِمَامَ يَأْخُذُهُ فَهَلْ لِلْإِمَامِ أَخْذُهُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ بَعَثَ شَمْعًا إلَى مَسْجِدٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَاحْتَرَقَ وَبَقِيَ مِنْهُ ثُلُثُهُ أَوْ دُونَهُ لَيْسَ لِلْإِمَامِ وَلَا لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الدَّافِعِ وَلَوْ كَانَ الْعُرْفُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَنَّ الْإِمَامَ وَالْمُؤَذِّنَ يَأْخُذُهُ مِنْ غَيْرِ صَرِيحِ الْإِذْنِ فِي ذَلِكَ فَلَهُ ذَلِكَ. اهـ.
قُنْيَةٌ مِنْ مُتَفَرِّقَاتِ الْوَقْفِ.
(سُئِلَ) فِي بِنَاءِ دَارٍ مَوْقُوفٍ عَلَى النَّفْسِ مُسْلِمٌ أَرَادَ وَاقِفُهُ الرُّجُوعَ مُتَمَسِّكًا بِقَوْلِ الْإِمَامِ الْهُمَامِ فَعَارَضَهُ الْمُتَوَلِّي فِي ذَلِكَ وَتَمَسَّكَ بِلُزُومِ الْوَقْفِ عَلَى قَوْلِ الصَّاحِبَيْنِ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِصِحَّتِهِ عَلَى قَوْلِهِمَا هَلْ صَحَّ حُكْمُهُ؟
(الْجَوَابُ): حُكْمُ الْقَاضِي لَمْ يُصَادِفْ قَوْلَ مُحَمَّدٍ مِنْ جِهَةِ الْوَقْفِ عَلَى النَّفْسِ حَيْثُ لَا يَرَى الْوَقْفَ عَلَى النَّفْسِ كَمَا فِي الْمُلْتَقَيْ وَلَا قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ مِنْ جِهَةِ وَقْفِ الْمَنْقُولِ لِأَنَّ أَبَا يُوسُفَ مَعَ مُحَمَّدٍ وَقَفَ الْمَنْقُولَ مِنْ السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ كَالْخَيْلِ وَالْإِبِلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَطْ لَا فِي غَيْرِهَا فَالْحُكْمُ مُلَفَّقٌ وَأَنَّهُ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ وَعِبَارَةُ الْمُلْتَقَيْ تُرْشِدُك إلَى هَذَا. (أَقُولُ) وَمَرَّ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ تَصَرَّفَ فِي غِرَاسِ وَقْفٍ لِنَفْسِهِ نَحْوُ عِشْرِينَ سَنَةً مُدَّعِيًا مِلْكَهُ وَيُرِيدُ نَاظِرُ الْوَقْفِ الْآنَ الدَّعْوَى عَلَى الرَّجُلِ بِجَرَيَانِ الْغِرَاسِ فِي الْوَقْفِ وَبِتَصَرُّفِ النُّظَّارِ قَبْلَهُ فِيهِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَإِقَامَةَ بَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ وَتُرْفَعُ يَدُ الرَّجُلِ عَنْ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِأَخَوَيْنِ عَقَارٌ وَقَفَاهُ عَلَى نَفْسِهِمَا ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمَا عَلَى أَوْلَادِهِمَا ثُمَّ وَثُمَّ وَشَرَطَا أَنَّهُ مَا دَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا حَيًّا لَهُ أَنْ يُدْخِلَ فِي الْوَقْفِ وَيُخْرِجَ مَنْ شَاءَ وَمَاتَ أَحَدُ الْأَخَوَيْنِ عَنْ بَنَاتٍ ثَلَاثٍ وَمَاتَتْ إحْدَاهُنَّ عَنْ أَوْلَادٍ فَأَخْرَجَ الْوَاقِفُ الْحَيُّ أَوْلَادَهَا مِنْ الْوَقْفِ ثُمَّ جَعَلَ لَهُمْ حِصَّةً مُفْرَزَةً مَعْلُومَةً مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ وَيُرِيدُ الْأَوْلَادُ الْمُخْرَجُونَ أَنْ يَضُمُّوا مَا أَفْرَزَهُ الْوَاقِفُ الْمَزْبُورُ إلَى مَا شُرِطَ لَهُمْ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ وَالْإِخْرَاجُ صَحِيحٌ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي وَقْفٍ مُعَيَّنٍ بِاسْمِ مُؤَذِّنِي جَامِعِ كَذَا مِنْ قِبَلِ وَاقِفِهِ وَكَانَ مُؤَذِّنُوهُ حِينَ الْوَقْفَ سِتَّةً ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ فَرَّغَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ لِبَنِيهِ الثَّلَاثَةِ مَا يَخُصُّهُ وَقَرَّرَهُمْ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ وَصَارُوا شُرَكَاءَ فِي الْمُبَاشَرَةِ لِلْأَذَانِ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْوَاقِفُ جَمَاعَةً مَعْلُومِينَ وَلَا عَدَدًا مَخْصُوصًا بَلْ أَطْلَقَ وَقَالَ عَلَى مُؤَذِّنِي الْجَامِعِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ يَدْخُلُ الْبَنُونَ الْمَذْكُورُونَ فِي الْوَقْفِ لِاتِّصَافِهِمْ بِهَذَا الْوَصْفِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ مَسْطُورَةٌ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ.
(سُئِلَ) فِي أَنْقَاضِ الْوَقْفِ إذَا تَعَذَّرَ عَوْدُهَا لِمَحَلِّهَا وَخِيفَ ضَيَاعُهَا وَعَدَمُ الِانْتِفَاعِ بِهَا إذَا بَاعَهَا نَاظِرُهُ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ هُوَ ثَمَنُ الْمِثْلِ الثَّابِتِ شَرْعًا وَفِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ لِلْوَقْفِ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ الْمَزْبُورُ صَحِيحًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَفِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى مِنْ الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ الْوَقْفِ أَهْلُ مَسْجِدٍ افْتَرَقُوا وَتَدَاعَى الْمَسْجِدُ إلَى الْخَرَابِ وَبَعْضُ الْمُتَغَلِّبَةِ يَسْتَوْلُونَ عَلَى خَشَبِ الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ الْخَشَبُ بِإِذْنِ الْقَاضِي وَيُمْسِكَ الثَّمَنُ وَيَصْرِفَهُ إلَى بَعْضِ الْمَسَاجِدِ أَوْ إلَى هَذَا الْمَسْجِدِ قَالَ قَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي زَمَنِ السَّيِّدِ الْإِمَامِ أَبِي شُجَاعٍ فِي رِبَاطٍ خَرِبٍ وَهُوَ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ وَلَا تَنْتَفِعُ بِهِ الْمَارَّةُ وَلَهُ أَوْقَافٌ قَالَ يَجُوزُ صَرْفُهَا إلَى رِبَاطٍ آخَرَ يَنْتَفِعُ بِهِ الْمَارَّةُ لِأَنَّ الْوَاقِفَ غَرَضُهُ مِنْ ذَلِكَ انْتِفَاعُ الْمَارَّةِ وَيَحْصُلُ ذَلِكَ فِي الثَّانِي. اهـ.
وَفِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ حُسَامِ الدِّينِ مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي بِئْرٌ بُنِيَتْ بِالْآجُرِّ فِي قَرْيَةٍ فَخَرِبَتْ الْقَرْيَةُ وَانْقَرَضَ أَهْلُهَا وَعِنْدَ هَذِهِ الْقَرْيَةِ قَرْيَةٌ أُخْرَى فِيهَا حَوْضٌ يَحْتَاجُ إلَى الْآجُرِّ مِنْ تِلْكَ الْبِئْرِ أَيَجُوزُ أَنْ يُؤْخَذَ الْآجُرُّ مِنْ تِلْكَ الْبِئْرِ وَيُنْفَقَ فِي الْحَوْضِ إنْ كَانَ عَرَفَ الْبَانِي لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِذْنِهِ لِأَنَّهُ رَجَعَ إلَى مِلْكِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ الْبَانِي فَالطَّرِيقُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى فَقِيرٍ ثُمَّ الْفَقِيرُ يُنْفِقُ فِي الْحَوْضِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ اللُّقَطَةِ وَلَوْ أَرَادَ الْقَاضِي أَنْ يُنْفِقَ مِنْ غَيْرِ هَذَا الطَّرِيقِ لَا بَأْسَ بِهِ.
ا هـ وَكَتَبَ عَلَى صُورَتِهِ دَعْوَى مَا صُورَتُهُ أَنَّا تَأَمَّلْنَا شَرْطَ الْوَاقِفِ فَوَجَدْنَاهُ مَكْتُوبًا فِيهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِ أَوْلَادِهِ الْمَوْجُودِينَ فَهَذَا يَعُمُّ سَائِرَ أَوْلَادِهِ الْمَوْجُودِينَ.
وَقَوْلُهُ وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ فَذِكْرُ الشَّيْءِ لَا يَنْفِي مَا عَدَاهُ فَهَذَا شَائِعٌ فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تُشْرِكُوا} الْآيَةَ مَعَ أَنَّهُ تَعَالَى قَدْ حَرَّمَ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِأَصْحَابِهِ {أَلَا أُحَدِّثُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ} مَعَ أَنَّهُ وَرَدَ أَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ أَنَّهَا مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّ قَوْلَ الْوَاقِفِ وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ هَذِهِ مُفَسِّرَةُ مَعْرِفَةِ الطَّرَفَيْنِ فَتُفِيدُ الْحُصْرَ فَيَكُونُ مَعْنَاهَا أَنَّ أَوْلَادَهُ الْمَوْجُودِينَ هُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ لَا غَيْرُهُمْ أَيْ لَا مَوْجُودَ لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ غَيْرُهُمْ فَعَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمَذْكُورُ لَا يُنْكِرُ بَقِيَّةُ أَهْلِ الْوَقْفِ أَنَّهُ ابْنُ ابْنِ ابْنِ الْوَاقِفِ فَيَكُونُ بِمُقْتَضَى مَا ذَكَرْنَا حَدَثَ جَدُّهُ بَعْدَ الْوَقْفِ صَوْنًا لِكَلَامِ الْوَاقِفِ عَنْ اللَّغْوِ وَقَدْ شَرَطَ الْوَاقِفُ فِي كِتَابٍ وَقَفَهُ وَعَلَى مَنْ سَيَحْدُثُ لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ وَأَمَّا عَجْزُهُ عَنْ إثْبَاتِ كَوْنِ جَدِّهِ حَدَثَ بَعْدَ الْوَاقِفِ فَهَذَا شَيْءٌ لَا يَنْفِي اسْتِحْقَاقَهُ إذَا كَانَ وَاضِعُ الْيَدِ مُتَصَرِّفًا بِحِصَّةِ مِنْ الْوَقْفِ فَإِنَّ وَضْعَ الْيَدِ حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ وَضْعُ يَدِهِ كَانَ بِطَرِيقِ الْمُصَادَقَةِ وَقَدْ مَاتَ الْمُصَادِقُونَ فَبَطَلَتْ الْمُصَادَقَةُ وَإِبْرَازُهُمْ لِحُجَجِ الْمُصَادَقَاتِ فَبِهَذَا الْكَلَامِ يَحْتَاجُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ إلَى إثْبَاتِ كَوْنِهِ كَانَ وَاضِعَ الْيَدِ وَمُتَصَرِّفًا قَبْلَ الْمُصَادَقَةِ. (أَقُولُ) أَوَّلُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ يُوهِمُ أَنَّ تَعْيِينَ الْأَوْلَادِ بِالْعَدِّ لَا يَنْفِي مَنْ عَدَاهُمْ وَالْمَنْقُولُ خِلَافُهُ فَفِي أَوْقَافِ الْخَصَّافِ مِنْ بَابِ الْوَقْفِ عَلَى وَرَثَةِ فُلَانٍ مَا نَصُّهُ وَلَوْ قَالَ عَلَى وَلَدِ زَيْدٍ وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ فَعَدَّ خَمْسَةَ أَنْفُسٍ وَمِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى الْفُقَرَاءِ كَانَتْ الْغَلَّةُ لِهَؤُلَاءِ الْخَمْسَةِ الَّذِينَ سَمَّاهُمْ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِمْ سَائِرُ وَلَدِ زَيْدٍ وَلَا مَنْ يَحْدُثُ لِزَيْدٍ مِنْ الْوَلَدِ فَمَنْ مَاتَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْخَمْسَةِ كَانَ سَهْمُهُ مِنْ غَلَّةِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ لِلْمَسَاكِينِ وَكَذَا الْحَالُ فِي كُلِّ مَنْ يَمُوتُ مِنْهُمْ كَانَ سَهْمُهُ لِلْمَسَاكِينِ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْإِسْعَافِ وَغَيْرِهِ.
(سُئِلَ) فِي عَقَارٍ وَقْفٍ بِيَدِ أَخَوَيْنِ مَاتَ أَحَدُهُمَا عَنْ أَوْلَادٍ اخْتَلَفُوا مَعَ عَمِّهِمْ فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ الْعَمُّ يَدَّعِي أَنَّ شَرْطَ الْوَاقِفِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَحِقُّونَ فِي حَيَاةِ الْعَمِّ الْمَذْكُورِ حِصَّةً وَأَوْلَادُ الْمَيِّتِ يَدَّعُونَ أَنَّهُ وَقَفَ مُطْلَقًا وَأَنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ حِصَّةَ أَبِيهِمْ وَكُلٌّ بَرْهَنَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ فَأَيُّ الْبَيِّنَتَيْنِ أَوْلَى؟
(الْجَوَابُ): بَيِّنَةُ مُدَّعِي الْوَقْفِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ أَوْلَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الدُّرَرِ وَالْقُنْيَةِ وَغَيْرِهِمَا وَالْوَقْفُ بَيْنَ أَخَوَيْنِ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَبَقِيَ فِي يَدِ الْحَيِّ وَأَوْلَادِ الْمَيِّتِ ثُمَّ الْحَيُّ بَرْهَنَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ أَوْلَادِ الْأَخِ أَنَّ الْوَقْفَ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ وَالْبَاقِي غَيْبٌ وَالْوَاقِفُ وَاحِدٌ تُقْبَلُ وَيَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْبَاقِينَ وَلَوْ بَرْهَنَ أَوْلَادُ الْأَخِ أَنَّ الْوَقْفَ مُطْلَقٌ عَلَيْك وَعَلَيْنَا فَبَيِّنَةُ مُدَّعِي الْوَقْفِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ أَوْلَى كَذَا فِي الْقُنْيَةِ دُرَرٌ مِنْ آخِرِ الْوَقْفِ.
(أَقُولُ) وَلَعَلَّ وَجْهَهُ مَا قَالُوا إنَّ الْبَيِّنَةَ تُثْبِتُ خِلَافَ الظَّاهِرِ وَالظَّاهِرُ الْإِطْلَاقُ وَلِذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ شَرْطَ الْوَاقِفِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِأَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الذُّرِّيَّةِ يُصْرَفُ إلَى الْجَمِيعِ بِالسَّوِيَّةِ كَمَا مَرَّ فَاَلَّتِي تُثْبِتُ التَّقْيِيدَ تُثْبِتُ خِلَافَ الظَّاهِرِ فَتُرَجَّحُ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ الزِّيَادَةَ فَمَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ وَهَذَا كُلُّهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِإِحْدَاهُمَا وَإِلَّا فَلَوْ سَبَقَتْ إحْدَاهُمَا وَقَضَى بِهَا تُلْغَى الْأُخْرَى لِمَا قَالُوا إذَا تَعَارَضَتْ الْبَيِّنَتَانِ وَسَبَقَ الْقَضَاءُ بِإِحْدَاهُمَا لَغَتْ الْأُخْرَى فَتَنَبَّهْ.
(سُئِلَ) فِي دَارٍ مَعْلُومَةٍ جَارِيَةٍ فِي مِلْكِ زَيْدٍ وَزَوْجَتِهِ لِكُلِّ مِنْهُمَا حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ فِيهَا فَوَقَفَاهَا عَلَى نَفْسِهِمَا ثُمَّ مَنْ بَعْدِهِمَا عَلَى جِهَةِ بِرٍّ مُتَّصِلَةٍ وَسَلَّمَاهَا لِمُتَوَلٍّ وَصَدَرَ ذَلِكَ مِنْهُمَا فِي صِحَّتِهِمَا فَهَلْ يَكُونُ الْوَقْفُ جَائِزًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَتَصَدَّقَا بِهَا جُمْلَةً صَدَقَةً مَوْقُوفَةً عَلَى الْمَسَاكِينِ وَدَفَعَاهَا مَعًا إلَى قَيِّمٍ وَاحِدٍ جَازَ اتِّفَاقًا لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الْجَوَازِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ هُوَ الشُّيُوعُ وَقْت الْقَبْضِ لَا وَقْتَ الْعَقْدِ وَلَمْ يُوجَدْ هَاهُنَا لِوُجُودِهِمَا مَعًا مِنْهُمَا وَلَوْ وَقَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا نَصِيبَهُ عَلَى جِهَةٍ وَجَعَلَا الْقَيِّمَ وَاحِدًا وَسَلَّمَاهُ مَعًا جَازَ اتِّفَاقًا لِعَدَمِ الشُّيُوعِ وَقْتَ الْقَبْضِ إسْعَافٌ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ وَقَفَ كِتَابًا مِنْ كُتُبِ التَّفْسِيرِ عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ وَذُرِّيَّتِهِ ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ مُتَّصِلَةٍ وَسَلَّمَ الْكِتَابَ لِزَيْدٍ وَالْآنَ يُرِيدُ الرُّجُوعَ عَنْهُ وَأَخْذَ الْكِتَابِ مِنْ زَيْدٍ فَهَلْ صَحَّ الْوَقْفُ وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ نُقِلَ فِي الْبَحْرِ تَحْتَ قَوْلِ الْمَاتِنِ وَمَنْقُولٌ فِيهِ تَعَامُلٌ وَجَوَّزَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَقْفَ الْكُتُبِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي النِّهَايَةِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي بُسْتَانٍ جَارٍ فِي وَقْفَيْنِ لَهُ حَائِطٌ مُحِيطٌ بِجَوَانِبِهِ الْأَرْبَعِ انْهَدَمَ بَعْضُ الْحِيطَانِ وَحَصَلَ لَلِبْسَتَانِ ضَرَرٌ بِذَلِكَ وَامْتَنَعَ النَّاظِرَانِ مِنْ عِمَارَتِهِ وَلِلْوَقْفَيْنِ غَلَّةٌ فَهَلْ يُجْبَرَانِ عَلَيْهَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ الْخَصَّافِ إذَا امْتَنَعَ يَعْنِي النَّاظِرَ مِنْ الْعِمَارَةِ وَلَهُ أَيْ لِلْوَقْفِ غَلَّةٌ أُجْبِرَ عَلَيْهَا فَإِنْ فَعَلَ فَبِهَا وَإِلَّا أَخْرَجَهُ مِنْ يَدِهِ خَيْرِيَّةٌ أَوَائِلِ الْوَقْفِ.
(سُئِلَ) فِي وَاقِفٍ جَعَلَ غَلَّةَ وَقْفِهِ الْوِلَايَةَ عَلَيْهِ لِنَفْسِهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ جَائِزًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَيُجِيزُ شَرْطَ الْمَنْفَعَةِ وَالْوِلَايَةِ لِنَفْسِهِ يَعْنِي جَازَ لِلْوَاقِفِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ أَنْ يُشْتَرَطَ انْتِفَاعُهُ مِنْ وَقْفِهِ وَتَوْلِيَتِهِ لِنَفْسِهِ لِمَا رُوِيَ {أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ صَدَقَتِهِ} أَيْ مِنْ وَقْفِهِ وَلَا يَحِلُّ ذَلِكَ إلَّا بِالشَّرْطِ فَعُلِمَ أَنَّهُ مَشْرُوعٌ إلَّا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ أَمِينًا فَلِلْقَاضِي عَزْلُهُ وَلَوْ كَانَ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَا يَعْزِلَهُ أَحَدٌ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلشَّرْعِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْفُقَرَاءِ وَلَوْ صَارَ عَدْلًا بَعْدَهُ لَا تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ إلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ مَالِكٍ.
(سُئِلَ) فِي قُدُورٍ نُحَاسٍ مَوْقُوفَةٍ وَقَفَهَا زَيْدٌ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ قَامَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ يُكَلِّفُ النَّاظِرَ بَيْعَهَا بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) مِنْ قَاضِي الشَّامِ سَنَةَ (1146) فِي رَجُلٍ وَقَفَ وَقْفَهُ عَلَى جِهَاتِ بِرٍّ مُعَيَّنَةٍ وَجَعَلَ فَاضِلَ الْوَقْفِ لِذُرِّيَّتِهِ وَأَنْ يَكُونَ تَوْجِيهُ جِهَاتِ الْبِرِّ الْمَذْكُورَةَ لِمُتَوَلِّي الْوَقْفِ فَقَامَ جَمَاعَةٌ مِنْ مُسْتَحَقِّي الْوَقْفِ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ فُقَرَاءُ وَأَنَّهُمْ أَوْلَى بِالْمِيرَاثِ مِنْ غَيْرِهِمْ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟
(الْجَوَابُ): قَالَ فِي الْإِسْعَافِ يَجِبُ صَرْفُ الْغَلَّةِ عَلَى مَا شَرَطَ الْوَاقِفُ وَفِي غَيْرِهِ شَرْطُ الْوَاقِفِ كَنَصِّ الشَّارِعِ أَيْ فِي الْمَفْهُومِ وَالدَّلَالَةِ وَاَلَّذِي رَأَيْنَاهُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ جِهَةِ الصَّرْفِ إلَيْهِمْ فِي مُنْقَطِعِ الْوَسَطِ وَأَمَّا إذَا كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى مَبَرَّاتٍ عَيَّنَهَا وَسَمَّاهَا الْوَاقِفُ أَنَّهُ لَا يُصْرَفُ إلَيْهَا وَيُصْرَفُ إلَى الذُّرِّيَّةِ فَلَمْ نَرَهُ الْآنَ مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُسْتَعَانُ وَأَمَّا إذَا وَقَفَهُ عَلَى أَبْوَابِ الْبِرِّ وَالْمَسَاكِينِ فَاحْتَاجَ وَلَدُهُ فَهُوَ مُقَدَّمٌ كَمَا يَأْتِي عَنْ الْإِسْعَافِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا شَرَطَ وَاقِفٌ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِمَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ إلَيْهِ فَالْأَقْرَبُ فَمَاتَ وَاحِدٌ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَفِي دَرَجَتِهِ شَقِيقُهُ وَأَخٌ لِأَبٍ فَلِمَنْ تَئُولُ حِصَّتُهُ؟
(الْجَوَابُ): لِلْأَخِ الشَّقِيقِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَيْهِ دُونَ الْأَخِ لِأَبٍ قَالَ الْخَصَّافُ فِي بَابِ الرَّجُلِ يَقِفُ الْأَرْضَ عَلَى أَقْرَبِ النَّاسِ مِنْهُ فَإِنْ قَالَ أَقْرَبُ النَّاسِ إلَيَّ أَوْ مِنِّي وَذَكَرَ بَعْدَ كَلَامٍ مَا نَصُّهُ قُلْت فَإِنْ كَانَ لِلْوَاقِفِ ثَلَاثَةُ إخْوَةٍ مُتَفَرِّقِينَ قَالَ فَالْغَلَّةُ لِأَخِيهِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ قُلْت فَإِنْ كَانَ لَهُ أَخٌ لِأَبٍ وَأَخٌ لِأُمٍّ، قَالَ الْغَلَّةُ لَهُمَا جَمِيعًا لِأَنَّ الْأَخَ مِنْ الْأَبِ قَرَابَتُهُ مِنْهُ بِأَبِيهِ وَالْأَخُ مِنْ الْأُمِّ قَرَابَتُهُ مِنْهُ بِأُمِّهِ وَلَيْسَ يَكُونُ الْوَقْفُ عَلَى قَدْرِ حَالِ الْمَوَارِيثِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْأَخَ مِنْ الْأُمِّ قَدْ ارْتَكَضَ مَعَ الْوَاقِفِ فِي رَحِمٍ وَالْأَخُ مِنْ الْأَبِ قَدْ ارْتَكَضَ مَعَ الْوَاقِفِ فِي صُلْبِ الْأَبِ فَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِأَقْرَبَ إلَيْهِ مِنْ صَاحِبِهِ.
ا هـ ثُمَّ إذَا لَمْ يُقَيِّدْ الْوَاقِفُ الْأَقْرَبِيَّةَ لَا إلَى الْوَاقِفِ وَلَا إلَى الْمُتَوَفَّى يَنْصَرِفُ إلَى الْمُتَوَفَّى كَمَا فِي فَتَاوَى الْمَوْلَى الْهُمَامِ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَفَنْدِي الْعِمَادِيِّ مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ.
(أَقُولُ) وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ فَإِنَّ مَنْ فِي دَرَجَةِ الْمُتَوَفَّى كُلُّهُمْ فِي الْقُرْبِ إلَى الْوَاقِفِ سَوَاءٌ بِخِلَافِ قُرْبِهِمْ إلَى الْمُتَوَفَّى فَإِنَّ قَرَابَةَ أَهْلِ دَرَجَتِهِ مِنْهُ تَتَفَاوَتُ كَالْإِخْوَةِ وَأَوْلَادِ الْعَمِّ وَنَحْوِهِمْ وَالْأَصْلُ اسْتِعْمَالُ أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ فِيمَا يَتَفَاوَتُ فَكَانَ انْصِرَافُ الْأَقْرَبِ إلَى الْمُتَوَفَّى أَوْلَى تَأَمَّلْ وَقَدْ أَفَادَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ تَقْدِيمَ ذِي الْجِهَتَيْنِ عَلَى ذِي الْجِهَةِ وَإِنْ كَانَتْ إحْدَى الْجِهَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْوَقْفِ حَيْثُ سُئِلَ فِي وَقْفٍ شُرِطَتْ فِيهِ الْأَقْرَبِيَّةُ إلَى الْمُتَوَفَّى فَوُجِدَ أَوْلَادُ عَمَّةٍ وَابْنُ عَمَّةٍ ثَانِيَةٍ هُوَ ابْنُ عَمِّ الْمُتَوَفَّى وَالْعَمُّ الْمَزْبُورُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ فَأَفْتَى بِتَقْدِيمِ ابْنِ عَمَّةِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ كَانَ الْعَمُّ الْمَذْكُورُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْوَقْفِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي تَقْدِيمِ ذِي الْجِهَتَيْنِ حَيْثُ شُرِطَتْ الْأَقْرَبِيَّةُ إلَى الْوَاقِفِ لَا إلَى الْمُتَوَفَّى ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ مِنْ اسْتِوَاءِ الْأَخِ لِأَبٍ مَعَ الْأَخِ لِأُمٍّ هُوَ قَوْلُهُمَا وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ يَبْدَأُ بِالْأَخِ لِأَبٍ كَمَا فِي الْإِسْعَافِ وَذَكَرَهُ الْخَصَّافُ أَيْضًا وَظَاهِرُ الْخَصَّافِ تَرْجِيحُ قَوْلِهِمَا.
(سُئِلَ) مِنْ طَرَابُلُسَ الشَّامِ فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ عَقَارَهُ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ يَكُونُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ ذَلِكَ عَلَى وَلَدِهِ مُحَمَّدٍ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ وَثُمَّ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ أَوْ أَسْفَلَ مِنْهُ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى وَلَدِهِ وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ عَادَ نَصِيبُهُ إلَى الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ إلَى الْوَاقِفِ إلَى أَنْ قَالَ وَالرُّبْعُ الرَّابِعُ يَكُونُ وَقْفًا عَلَى مَنْ يَحْدُثُ لِلْوَاقِفِ مِنْ الْأَوْلَادِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ وَثُمَّ وَالْحُكْمُ فِي هَذَا كَالْحُكْمِ فِيمَا وَقَفَهُ عَلَى مُحَمَّدٍ الْمَذْكُورِ وَكُلُّ مِنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ ذُرِّيَّةٍ مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ عَادَ نَصِيبُهُ إلَى أَقْرَبِ النَّاسِ إلَيْهِ مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ فَإِذَا انْقَرَضَتْ ذُرِّيَّةُ الْوَاقِفِ فَعَلَى جِهَةِ بِرٍّ عَيَّنَهَا هَذَا نَصُّ كِتَابِ الْوَقْفِ مَاتَ وَاحِدٌ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ عَنْ أُمِّهِ وَأُخْتِهِ وَخَالِهِ الَّذِينَ هُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ فَهَلْ يَكُونُ شَرْطُهُ فِي الرُّبْعِ مِنْ عَوْدِ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ إلَى أَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الْمَيِّتِ مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ نَاسِخًا لِلشَّرْطِ الْأَوَّلِ فِي الثَّلَاثَةِ أَرْبَاعَ مِنْ عَوْدِ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ إلَى الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ إلَى الْوَاقِفِ فَيَعُودُ نَصِيبُ الْمُتَوَفَّى الْمَذْكُورِ إلَى أُمِّهِ فَقَطْ دُونَ أُخْتِهِ وَخَالِهِ؟
(الْجَوَابُ): مَتَى ذَكَرَ الْوَاقِفُ شَرْطَيْنِ مُتَعَارِضَيْنِ يُعْمَلُ بِالْمُتَأَخِّرِ مِنْهُمَا عِنْدَنَا لِأَنَّهُ نَاسِخٌ كَمَا فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ آخِرَ الْوَقْفِ وَذَكَرَهُ فِي الْأَشْبَاهِ فِي قَاعِدَةِ إعْمَالِ الْكَلَامِ أَوْلَى مِنْ إهْمَالِهِ وَنَقَلَهُ الْكَازَرُونِيُّ عَنْ الْخَصَّافِ فَيَعُودُ نَصِيبُ الْمُتَوَفَّى الْمَذْكُورِ إلَى أُمِّهِ فَقَطْ دُونَ أُخْتِهِ وَخَالِهِ لِكَوْنِهَا أَقْرَبَ إلَيْهِ مِنْهُمَا قَالَ فِي الْإِسْعَافِ وَلَوْ قَالَ أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إلَى أَقْرَبِ النَّاسِ مِنِّي أَوْ قَالَ إلَيَّ وَمِنْ بَعْدِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ إلَى أَنْ قَالَ وَلَوْ كَانَ لَهُ أُمٌّ وَإِخْوَةٌ تَكُونُ الْغَلَّةُ لِأُمِّهِ دُونَ إخْوَتِهِ لِكَوْنِهَا أَقْرَبَ إلَيْهِ مِنْهُمْ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْخَصَّافِ وَالذَّخِيرَةِ الْبُرْهَانِيَّةِ.
(سُئِلَ) فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ ثَبَتَ مِنْ شَرْطِ وَاقِفِهِ بِتَصَرُّفِ نُظَّارِهِ أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ فَمَاتَتْ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ لَا عَنْ وَلَدٍ لِبَطْنِهَا بَلْ لَهَا ابْنَا ابْنٍ مَاتَ فِي حَيَاتِهَا فَهَلْ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهَا مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ لِابْنَيْ ابْنِهَا الْمَزْبُورِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ لِبَطْنِهَا؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهَا مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ لِابْنَيْ ابْنِهَا الْمَزْبُورَيْنِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ لِبَطْنِهَا وَلَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ لِأَنَّ اسْمَ الْوَلَدِ حَقِيقَةٌ فِي وَلَدِ الصُّلْبِ أَوْ الْبَطْنِ لِلْأُنْثَى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدُ الصُّلْبِ أَوْ الْبَطْنِ يَسْتَحِقُّهُ وَلَدُ الِابْنِ كَمَا فِي الدُّرَرِ وَالْأَشْبَاهِ وَغَيْرِهِمَا وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ وَأَوْصَى لِوَلَدِ زَيْدٍ لَا يَدْخُلُ وَلَدُ وَلَدِهِ إنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ لِصُلْبِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ لِصُلْبِهِ اسْتَحَقَّهُ وَلَدُ الِابْنِ وَاخْتُلِفَ فِي وَلَدِ الْبِنْتِ فَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَدَمُ الدُّخُولِ وَصُحِّحَ فَإِذَا وُلِدَ لِلْوَاقِفِ وَلَدٌ رَجَعَ مِنْ وَلَدِ الِابْنِ إلَيْهِ لِأَنَّ اسْمَ الْوَلَدِ حَقِيقَةٌ فِي وَلَدِ الصُّلْبِ وَهَذَا فِي الْمُفْرَدِ أَمَّا إذَا وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ دَخَلَ النَّسْلُ كَذِكْرِ الطَّبَقَاتِ الثَّلَاثِ بِلَفْظِ الْوَلَدِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَكَأَنَّهُ لِلْعُرْفِ فِيهِ وَإِلَّا فَالْوَلَدُ مُفْرَدًا وَجَمْعًا حَقِيقَةٌ فِي وَلَدِ الصُّلْبِ أَشْبَاهٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (أَقُولُ) فِي مَسْأَلَةِ الْوَقْفِ عَلَى الْأَوْلَادِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ كَلَامٌ سَيَأْتِي قَرِيبًا.
(سُئِلَ) فِي وَاقِفَةٍ وَقَفَتْ وَقْفًا عَلَى جِهَاتِ مَبَرَّاتٍ وَمَهْمَا فَضَلَ مِنْ الْمُبِرَّاتِ الْمَذْكُورَةِ يُصْرَفُ لِأَوْلَادِ أَخِيهَا خَلِيلٍ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ فَمَاتَ أَخُوهَا خَلِيلٌ عَنْ أَوْلَادِهِ الثَّلَاثَةِ وَهُمْ عِيسَى وَعُثْمَانُ وَخَدِيجَةُ ثُمَّ مَاتَ عِيسَى عَنْ ابْنٍ هُوَ حَسَنٌ ثُمَّ مَاتَ حَسَنٌ عَنْ ابْنٍ هُوَ مُحَمَّدٌ ثُمَّ مَاتَتْ خَدِيجَةُ عَنْ أَوْلَادٍ وَأَوْلَادِ أَوْلَادٍ مَاتَ آبَاؤُهُمْ فِي حَيَاتِهَا ثُمَّ مَاتَ أَوْلَادُ أَوْلَادِهَا عَنْ أَوْلَادٍ وَالْمَوْجُودُونَ الْآنَ عُثْمَانُ بْنُ خَلِيلٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ حَسَنٍ بْنِ عِيسَى وَأَوْلَادُ أَوْلَادِ أَوْلَادِ خَدِيجَةَ فَهَلْ يَخْتَصُّ بِالْفَاضِلِ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ بَعْدَ الْمُبِرَّاتِ الْمَذْكُورَةِ عُثْمَانُ بْنُ خَلِيلٍ بِمُفْرَدِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي يَدْخُلُ فِيهِ الْبُطُونُ لِعُمُومِ اسْمِ الْأَوْلَادِ لَكِنْ يُقَدَّمُ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ فَإِذَا انْقَرَضَ فَالثَّانِي ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ يَشْتَرِكُ جَمِيعُ الْبُطُونِ عَلَى السَّوَاءِ قَرِيبُهُمْ وَبَعِيدُهُمْ. اهـ.
وَأَمَّا إذَا وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ دَخَلَ النَّسْلُ كُلُّهُ كَذِكْرِ الطَّبَقَاتِ الثَّلَاثِ بِلَفْظِ الْوَلَدِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَكَأَنَّهُ لِلْعُرْفِ فِيهِ وَإِلَّا فَالْوَلَدُ مُفْرَدًا وَجَمْعًا حَقِيقَةٌ فِي الصُّلْبِيِّ أَشْبَاهٌ مِنْ قَاعِدَةِ الْأَصْلِ فِي الْكَلَامِ الْحَقِيقَةِ وَفِي حَاشِيَتِهَا لِلْعَلَّامَةِ الْمَقْدِسِيِّ لَكِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى تَحْرِيرٍ فَإِنَّ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مَا يُخَالِفُهُ ظَاهِرًا فَإِنَّهُ قَالَ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَجَعَلَ آخِرَهُ لِلْفُقَرَاءِ فَمَاتَ بَعْضُهُمْ يُصْرَفُ إلَى الْبَاقِي وَإِذَا مَاتُوا يُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ وَلَا يُصْرَفُ إلَى وَلَدِ وَلَدِهِ. اهـ.
وَأَجَابَ الْمُؤَلِّفُ بِأَنَّ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ فَرْقًا فَإِنَّ الَّذِي فِي الْأَشْبَاهِ وَقْفٌ عَلَى أَوْلَادِهِ فَقَطْ وَأَمَّا مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ فَإِنَّهُ جَعَلَ آخِرَهُ لِلْفُقَرَاءِ فَيُحْمَلُ عَلَى وَلَدِ الصُّلْبِ وَبَعْدَهُ لِلْفُقَرَاءِ وَأَمَّا مَا فِي الْأَشْبَاهِ فَإِنَّهُ يُصْرَفُ إلَى مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْوَلَدِ وَهُمْ النَّسْلُ كُلُّهُ فَيَكُونُ جَوَابُ كُلٍّ مِنْهُمَا صَحِيحًا لِعَدَمِ التَّنَافِي.
(أَقُولُ) وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ ذِكْرَ الْفُقَرَاءِ حَذْفٌ مِنْ كَلَامِ الْأَشْبَاهِ اخْتِصَارًا لِأَنَّ كُلَّ وَقْفٍ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُؤَبَّدًا وَيَكُونُ مَآلُهُ لِلْفُقَرَاءِ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِلَفْظِ التَّأْبِيدِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْمُعْتَمَدِ وَعِنْدَهُمَا لَا بُدَّ فِي صِحَّةِ الْوَقْفِ مِنْ التَّصْرِيحِ بِهِ وَيَأْتِي عَقِبَ هَذَا تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى مَا فِي الِاخْتِيَارِ وَالْأَشْبَاهِ.
(سُئِلَ) مِنْ قَاضِي الشَّامِ فِي مُحَرَّمٍ سَنَةَ 1149 فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ وَقْفَهُ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى أَوْلَادِ أَخِيهِ رَمَضَانَ هُمَا عَلِيٌّ وَشَعْبَانُ وَعَلَى خِضْرٍ أَغَا سَوِيَّةً بَيْنَهُمْ ثُمَّ مِنْ بَعْدِ عَلِيٍّ وَشَعْبَانَ الْمَذْكُورَيْنِ عَلَى أَوْلَادِهِمَا الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ وَمِنْ بَعْدِ خِضْرٍ أَغَا عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَعَلَى أَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَأَنْسَالِهِمْ وَأَعْقَابِهِمْ عَلَى الشَّرْطِ وَالتَّرْتِيبِ الْمُعَيَّنِ أَعْلَاهُ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَمِنْ أَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَأَنْسَالِهِمْ وَأَعْقَابِهِمْ عَنْ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ وَلَدٍ أَوْ نَسْلٍ أَوْ عَقِبٍ عَادَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ إلَى وَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ أَوْ الْأَسْفَلِ مِنْ ذَلِكَ.
وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَأَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَأَنْسَالِهِمْ وَأَعْقَابِهِمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ عَادَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ إلَى مَنْ هُوَ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ لِشَيْءٍ مِنْ مَنَافِعِ هَذَا الْوَقْفِ وَتَرَكَ وَلَدًا أَوْ وَلَدَ وَلَدٍ أَوْ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ الْمَتْرُوكُ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ الْمُتَوَفَّى وَقَامَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ مَقَامَهُ فَإِنْ انْقَرَضُوا بِأَجْمَعِهِمْ وَأَبَادَهُمْ الْمَوْتُ عَنْ آخِرِهِمْ وَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ نَسْلٌ وَلَا عَقِبٌ عَادَ ذَلِكَ وَقْفًا شَرْعِيًّا عَلَى مَصَارِفِ وَمَصَالِحِ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ هُمَا مَكَّةُ الْمُشَرَّفَةُ وَالْمَدِينَةُ الْمُنَوَّرَةُ عَلَى مُنَوِّرِهَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَعَيْنُ مَبَرَّاتٍ وَمَاتَ الْوَاقِفُ الْمَرْقُومُ، وَآلَ الْوَقْفُ لِشَعْبَانَ وَعَلِيٍّ وَخِضْرٍ أَغَا الْمَذْكُورِينَ أَعْلَاهُ ثُمَّ مَاتَ خِضْرٌ أَغَا الْمَرْقُومُ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ ثُمَّ مَاتَ شَعْبَانُ عَنْ غَيْرِ وَلَدِ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ وَتَصَرَّفَ عَلِيٌّ بِنَصِيبِهِمَا مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ لِكَوْنِهِ فِي دَرَجَتِهِمَا وَأَقْرَبَ إلَيْهِمَا مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى أَرْبَعِينَ سَنَةً هُوَ وَأَوْلَادُهُ وَذُرِّيَّتُهُ لِانْتِقَالِ ذَلِكَ إلَيْهِمْ عَمَّنْ ذُكِرَ حَتَّى انْحَصَرَ فِي الْإِنَاثِ مِنْ ذُرِّيَّةِ عَلِيٍّ الْمَذْكُورِ وَهُنَّ فُقَرَاءُ قَامَ الْآنَ مُتَوَلِّي وَقْفِ الْحَرَمَيْنِ يُرِيدُ نَزْعَ الْوَقْفِ مِنْ أَيْدِيهِنَّ بِمُقْتَضَى الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ لَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي ذَلِكَ وَلَا يَئُولُ الْوَقْفُ لِلْحَرَمَيْنِ مَا دَامَ أَحَدٌ مِنْ النَّسْلِ وَالْعَقِبِ عَلَى مُقْتَضَى مَا شَرَطَ الْوَاقِفُ؟
(الْجَوَابُ): الْحَمْدُ لِلَّهِ الْهَادِي إلَى سَوَاءِ السَّبِيلِ وَهُوَ حَسْبِي وَنِعْمَ الْوَكِيلُ نَعَمْ لَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي ذَلِكَ وَلَا يَئُولُ الْوَقْفُ لِلْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ مَا دَامَ أَحَدٌ مِنْ نَسْلِ أَهْلِ الْوَقْفِ عَلَى مَا شَرَطَ الْوَاقِفُ الْمَذْكُورُ بِمُقْتَضَى مَا ظَهَرَ لِأَنَّ مَنْ ذُكِرَ مِنْ نَسْلِ عَلِيٍّ وَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ قَالَ فِي الْإِسْعَافِ فِي بَابِ الْوَقْفِ عَلَى أَوْلَادِهِ النَّسْلُ الْوَلَدُ وَوَلَدُ الْوَلَدِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا. اهـ.
وَقَدْ شَرَطَ الْوَاقِفُ الْمَذْكُورُ انْتِقَالَهُ لِلْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ إذَا لَمْ يَبْقَ لَهُمْ نَسْلٌ فَمَعَ وُجُودِ النَّسْلِ لَا يَنْتَقِلُ عَمَلًا بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ لِمَا قَالَ الْعَلَّامَةُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ فِي تَوْضِيحِ الْأُصُولِ فِي بَحْثِ الْحُرُوفِ إنَّ (عَلَى) تُسْتَعْمَلُ لِلشَّرْطِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {يُبَايِعْنَك عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاَللَّهِ شَيْئًا} وَذَكَرَ بَعْدَهُ أَنَّ عَلَى لِلشَّرْطِ حَقِيقَةً وَفِي شَرْحِ الْمَنَارِ لِابْنِ مَالِكٍ كَلِمَةٌ (عَلَى) تَدُلُّ عَلَى الشَّرْطِ حَقِيقَةً إلَى أَنْ قَالَ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ إذَا أَمْكَنَ. اهـ.
وَالشَّرْطُ إذَا تَعَقَّبْ جُمَلًا مُتَعَاطِفَةً مُتَّصِلًا بِهَا فَإِنَّهُ لِلْكُلِّ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ نُجَيْمٍ فِي بَحْرِهِ مِنْ شَتَّى الْقَضَاءِ وَمِثْلُهُ فِي الْمِنَحِ وَذَكَرَهُ الْمُحَقِّقُ الْعَلَّامَةُ الْعَضُدُ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْمُنْتَهَيْ أُصُولِ جَمَالِ الْعَرَبِ الْعَلَّامَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَقَالَ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ أَيْ الشَّرْطَ لِلْجَمِيعِ وَذَكَرَهُ أَيْضًا الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ الْعَبَّادِيُّ الشَّافِعِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى جَمْعِ الْجَوَامِعِ الْمُسَمَّاةِ بِالْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ وَنَصُّ عِبَارَتِهِ وَقَدْ نَقَلَ الْإِمَامُ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ مُوَافَقَتَنَا عَلَى عَوْدِ الشَّرْطِ إلَى الْكُلِّ إلَى أَنْ قَالَ لِأَنَّ الشَّرْطَ وَإِنْ تَأَخَّرَ لَفْظًا فَهُوَ مُتَقَدِّمٌ تَقْدِيرًا وَقَالَ أَيْضًا قَبْلَهُ إنْ تَوَسَّطَ الْحَرْفُ الْمَوْضُوعُ لِلتَّشْرِيكِ وَالْجَمْعِ يُجْعَلُ الْكُلُّ بِمَنْزِلَةِ جُمْلَةٍ وَاحِدَةٍ. اهـ.
فَيَكُونُ قَوْلُ الْوَاقِفِ عَلَى أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ وَلَا عَارِضَ يَقْتَضِي تَخْصِيصَهُ بِأَوْلَادِ خِضْرٍ وَيُسَاعِدُ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يَذْكُرْ التَّفْصِيلَ وَالْمَآلُ فِي أَوْلَادِ عَلِيٍّ وَشَعْبَانَ كَمَا هُوَ دَأْبُ الْوَاقِفِينَ إذَا أَرْجَعْنَاهُ لِأَوْلَادِ خِضْرٍ فَقَطْ وَيُؤَكِّدُ إرْجَاعَهُ لِكُلِّ أَهْلِ الْوَقْفِ قَوْلُهُ أَجْمَعِينَ وَبِأَجْمَعِهِمْ وَعَنْ آخِرِهِمْ وَيُعَضِّدُهُ تَصَرُّفُ النُّظَّارِ السَّابِقِينَ مِنْ عَلِيٍّ وَذُرِّيَّتِهِ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ بِحِصَّةِ خَضْرَةَ فَفِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ لَا يُحْمَلُ فِعْلُ النُّظَّارُ عَلَى الْمُخَالَفَةِ أَيْ لِشَرْطِ الْوَاقِفِ لِأَنَّهُ فِسْقٌ يَبْعُدُ عَنْ الْمُؤْمِنِ. اهـ.
وَهُوَ أَيْضًا أَقْرَبُ إلَى غَرَضِ الْوَاقِفِينَ الَّذِي يَصْلُحُ مُخَصِّصًا كَمَا فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ لِلْعَلَّامَةِ إبْرَاهِيم بِيرِيٌّ زَادَهْ نَاقِلًا ذَلِكَ عَنْ التَّقْوِيمِ وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ قَاعِدَةِ إعْمَالِ الْكَلَامِ أَوْلَى مِنْ إهْمَالِهِ إذَا تَعَارَضَ الْأَمْرُ بَيْنَ إعْطَاءِ بَعْضِ الذُّرِّيَّةِ وَحِرْمَانِهِمْ تَعَارَضَا لَا تَرْجِيحَ فِيهِ فَالْإِعْطَاءُ أَوْلَى لِأَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى غَرَضِ الْوَاقِفِ. اهـ.
وَقَوْلُهُ الذُّكُورُ دُونَ الْإِنَاثِ خَاصٌّ بِأَوْلَادِ عَلِيٍّ وَشَعْبَانَ الصُّلْبِيَّيْنِ فَقَطْ لِأَنَّهُ وَصَفَ الْأَوْلَادَ بِهِ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ الْعَلَّامَةُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ مِنْ أَنَّهُ إذَا وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ فَقَطْ يُحْمَلُ عَلَى أَوْلَادِ الصُّلْبِ.
وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَعِبَارَتُهَا رَجُلٌ وَقَفَ أَرْضًا عَلَى أَوْلَادِهِ وَجَعَلَ آخِرَهُ لِلْفُقَرَاءِ فَمَاتَ بَعْضُهُمْ قَالَ هِلَالٌ يُصْرَفُ الْوَقْفُ إلَى الْبَاقِي فَإِنْ مَاتُوا يُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ لَا إلَى وَلَدِ الْوَلَدِ. اهـ.
وَيُوَافِقُهُ مَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَخِزَانَةِ الْفَتَاوَى وَخِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَالنُّتَفِ فَقَيْدُ الذُّكُورِيَّةِ مُخْتَصٌّ بِأَوْلَادِ عَلِيٍّ وَشَعْبَانَ الصُّلْبِيَّيْنِ فَقَطْ وَأَمَّا أَوْلَادُ أَوْلَادِهِمْ فَأَدْخَلَهُمْ بِقَوْلِهِ عَلَى أَنَّهُ أَوْ يُقَالُ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ مُتَأَخِّرٌ نَاسِخٌ لِلْأَوَّلِ لِمَا ذَكَرَ الْإِمَامُ الْجَلِيلُ الْخَصَّافُ فِي كِتَابِهِ أَحْكَامِ الْأَوْقَافِ إذَا تَعَارَضَ شَرْطَانِ فَالْعَمَلُ بِالْمُتَأَخِّرِ مِنْهُمَا لِأَنَّ الشَّرْطَ الْأَخِيرَ يُفَسَّرُ عَنْ مُرَادِهِ فَلِذَلِكَ أَعْمَلْنَاهُ. اهـ.
وَفِي حَاشِيَةِ بِيرِيٌّ زَادَهْ الشُّرُوطُ إذَا تَعَارَضَتْ وَأَمْكَنَ الْعَمَلُ بِهَا وَجَبَ وَإِلَّا عُمِلَ بِالْأَخِيرِ مِنْهَا وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْوَاوُ وَثُمَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَرْخَيْنَا الْعَنَانَ وَقُلْنَا إنَّ الْأَوْلَادَ يَدْخُلُ فِيهِ النَّسْلُ كُلُّهُ لِعُمُومِ اسْمِ الْأَوْلَادِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ وَالِاخْتِيَارِ وَإِنْ كَانَ قَوْلًا مُخَالِفًا لِمَا فِي الْمَشَاهِيرِ الْمُعْتَبَرَةِ مِنْ عَدَمِ شُمُولِ النَّسْلِ كُلِّهِ وَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ أَيْ مَعَ مُلَاحَظَةِ صِفَةِ الذُّكُورِيَّةِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ وَصَفَهُمْ الْوَاقِفُ بِهَا وَقَدْ انْقَرَضُوا فَنَقُولُ لَا يَئُولُ أَيْضًا لِلْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ النَّاشِئِ عَنْ غَيْرِ دَلِيلٍ لِأَنَّهُ شَرْطُ عَوْدِهِ إلَيْهِمَا بَعْدَ انْقِطَاعِ النَّسْلِ وَلَا شَكَّ أَنَّ النِّسَاءَ الْمَوْجُودَاتِ مِنْ نَسْلِ أَهْلِ الْوَقْفِ فَالنَّسْلُ بَاقٍ فَلَا يَعُودُ إلَيْهِمَا وَيَكُونُ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ وَحُكْمُهُ أَنَّهُ لِلْفُقَرَاءِ كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَنَا وَالْمُتَظَاهِرُ عَلَى أَلْسِنَةِ عُلَمَائِنَا وَمَعَ ذَلِكَ حَيْثُ إنَّهُنَّ بِصِفَةِ الْفَقْرِ يَجُوزُ الصَّرْفُ إلَيْهِنَّ بَلْ هُوَ الْأَفْضَلُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ صَدَقَةً وَصِلَةً وَمَقْصُودُ الْوَاقِفِ الثَّوَابُ وَالتَّصَدُّقُ عَلَى الْقَرَابَةِ أَكْثَرُ ثَوَابًا وَإِلَيْهِ أَشَارَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «بِقَوْلِهِ لِامْرَأَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ حِينَ سَأَلَتْهُ التَّصَدُّقَ عَلَى زَوْجِهَا لَك أَجْرَانِ أَجْرُ الصَّدَقَةِ وَأَجْرُ الصِّلَةِ}. اهـ.
وَلَا يُنْزَعُ شَيْءٌ مِنْ يَدِ أَحَدٍ إلَّا بِحَقٍّ ثَابِتٍ مَعْرُوفٍ وَشَيْءٌ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَتَعُمُّ الْأَمْوَالَ وَالْحُقُوقَ وَالِاسْتِحْقَاقَ فَلَا يُنْزَعُ الْوَقْفُ مِنْ أَيْدِيهنَّ وَيَبْقَى مَعَهُنَّ إلَى انْقِرَاضِ النَّسْلِ فَيَعُودُ لِلْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ.
هَذَا مَا ظَهَرَ لَنَا بَعْدَ التَّأَمُّلِ التَّامِّ فِي هَذَا الْمَقَامِ وَاَللَّهُ وَلِيُّ التَّوْفِيقِ وَالْإِنْعَامِ وَهُوَ الْهَادِي وَعَلَيْهِ اعْتِمَادِي إيضَاحٌ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْجَوَابُ مَعَ تَتِمَّاتٍ فِي رِسَالَةِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُخْرِجَ شَيْئًا مِنْ يَدِ أَحَدٍ إلَّا بِحَقٍّ ثَابِتٍ مَعْرُوفٍ وَشَيْئًا نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَتَعُمُّ الْأَمْوَالَ وَالْحُقُوقَ فَتَاوَى التُّمُرْتَاشِيِّ وَوَافَقْنَا فِي عَوْدِ الشَّرْطِ إلَى الْكُلِّ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَفِي فَتَاوَى ابْنِ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَجَابَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ فِي ضِمْنِ فَتْوَى رُفِعَتْ إلَيْهِ فِي عَوْدِ الْوَصْفِ بِالذُّكُورَةِ إلَى جَمِيعِ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ الْمُتَعَاطِفَاتِ أَمْ مُخْتَصٌّ بِالْأَخِيرِ بِقَوْلِهِ يَعُودُ إلَى الْجَمِيعِ عَمَلًا بِقَاعِدَةِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي عَوْدِ الْمُتَعَلِّقَاتِ الْمَذْكُورَةِ بَعْدَ جُمَلٍ أَوْ مُفْرَدَاتٍ مِنْ شَرْطٍ أَوْ اسْتِثْنَاءٍ أَوْ وَصْفٍ أَوْ غَيْرِهَا إلَى جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ غَيْرِ اخْتِصَاصٍ بِالْأَخِيرَةِ ثُمَّ رَدَّ عَلَى مَنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ وَأَطَالَ فِيهِ بِمَا يُؤَيِّدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَاوِ وَثُمَّ. اهـ.
وَكَذَلِكَ وَافَقَنَا الْحَنْبَلِيُّ فِي شَرْحِ الْإِقْنَاعِ فَلَوْ تَعَقَّبَ الشَّرْطُ وَنَحْوُهُ جُمَلًا عَادَ إلَى الْكُلِّ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ رَجَبٍ مَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا أَيْ فِي عَوْدِ الشَّرْطِ وَنَحْوِهِ لِلْكُلِّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَطْفِ بِالْوَاوِ أَوْ بِالْفَاءِ أَوْ بِثُمَّ عَلَى عُمُومِ كَلَامِهِمْ. اهـ.
مُلَخَّصًا وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ هَلْ يَدْخُلُ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ الْجَوَابُ فِيهِ خِلَافٌ فِي عِبَارَاتِ الْكُتُبِ وَالصَّحِيحُ لَا يَدْخُلُ وَأَفْتَى بِهِ عَلِيٌّ أَفَنْدِي.
قَوْلُهُ أَيْ صَاحِبُ الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ أَوْ قَالَ ابْتِدَاءً عَلَى أَوْلَادِي يَسْتَوِي فِيهِ الْأَقْرَبُ وَالْأَبْعَدُ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ صَرِيحًا وَالْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَخِزَانَةِ الْفَتَاوَى وَخِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَالنُّتَفِ نَعَمْ قَالَ فِي الِاخْتِيَارِ لَوْ قَالَ عَلَى أَوْلَادِي يَدْخُلُ فِيهِ الْبُطُونُ كُلُّهَا لِعُمُومِ اسْمِ الْأَوْلَادِ وَلَكِنْ يُقَدَّمُ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ فَإِذَا انْقَرَضَ فَالثَّانِي ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ يَشْتَرِكُ جَمِيعُ الْبُطُونِ فِيهِ عَلَى السَّوَاءِ قَرِيبُهُمْ وَبَعِيدُهُمْ وَيُوجَدُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَيْضًا مَا يُوَافِقُهُ وَقَدْ اسْتَفْتَى بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنْ مَوْلَانَا أَبِي السُّعُودِ وَأَدْرَجَ فِي سُؤَالِهِ عِبَارَةً وَاقِعَةً فِي بَعْضِ الْكُتُبِ مُوَافِقَةً لِمَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الِاخْتِيَارِ ثُمَّ قَالَ هَلْ يُعْمَلُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَمْ لَا فَأَجَابَ عَنْهُ الْمَوْلَى الْمَزْبُورُ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ أَخْطَأَ فِيهَا رَضِيُّ الدِّينِ السَّرَخْسِيُّ فِي مُحِيطِهِ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الدُّرَرِ. اهـ.
كَلَامُهُ وَمَا قَالَهُ حَقٌّ يُطَابِقُ الْكُتُبَ الْمُعْتَبَرَةَ كَمَا تَحَقَّقْتُ وَمَا يُخَالِفُهُ مِنْ شَوَاذِّ الْأَقْوَالِ لَا مَحَالَةَ وَلَقَدْ أَصَابَ الْمَوْلَى الْمَزْبُورُ فِي التَّنْبِيهِ الْمَذْكُورِ جَعَلَ اللَّهُ سَعْيَهُ مَشْكُورًا وَعَمَلَهُ مَبْرُورًا ثُمَّ إنَّ مَا فِي الدُّرَرِ غَيْرُ مُوَافِقٍ لِذَلِكَ الْقَوْلِ الشَّاذِّ أَيْضًا كَمَا ظَنَّهُ لِأَنَّ مُؤَدَّى كَلَامِهِمْ تَقْدِيمُ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ ثُمَّ الْبَطْنُ الثَّانِي ثُمَّ الِاشْتِرَاكُ بَيْنَ الْأَقْرَبِ وَالْأَبْعَدِ بِخِلَافِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ صَاحِبِ الدُّرَرِ فِي اسْتِوَاءِ الْأَقْرَبِ وَالْأَبْعَدِ بَعْدَ أَوَّلًا وَآخِرًا. اهـ.
عَزْمِي زَادَهْ عَلَى الدُّرَرِ.
(أَقُولُ) وَيُخَالِفُ مَا فِي الِاخْتِيَارِ وَالْمُحِيطِ أَيْضًا مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ الْخَصَّافُ فِي الْبَابِ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ عَلَى وَلَدِ زَيْدٍ وَعَلَى أَوْلَادِهِمْ فَهِيَ لِوَلَدِ زَيْدٍ لِصُلْبِهِ وَلِأَوْلَادِهِمْ فَإِذَا انْقَرَضُوا فَلِلْمَسَاكِينِ وَإِنْ قَالَ عَلَى وَلَدِ زَيْدٍ وَعَلَى وَلَدِ وَلَدِهِ وَأَوْلَادِهِمْ فَلَهُمْ جَمِيعًا وَلِمَنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ لِأَنَّهُ سَمَّى ثَلَاثَةَ أَبْطُنٍ فَصَارُوا بِمَنْزِلَةِ الْفَخِذِ إلَخْ لَكِنَّ مِثْلَ مَا فِي الِاخْتِيَارِ وَالْمُحِيطِ مَا مَرَّ عَنْ الْأَشْبَاهِ مُعَزِّيًا إلَى فَتْحِ الْقَدِيرِ وَمِثْلُهُ أَيْضًا مَا فِي الْإِسْعَافِ حَيْثُ قَالَ وَلَوْ قَالَ عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي يُصْرَفُ إلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا وَلَا يُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ مَا دَامَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بَاقِيًا وَإِنْ سَفَلَ لِأَنَّ اسْمَ الْأَوْلَادِ يَتَنَاوَلُ الْكُلَّ بِخِلَافِ اسْمِ الْوَلَدِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ ذِكْرُ ثَلَاثَةِ بُطُونٍ حَتَّى يُصْرَفَ إلَى النَّوَافِلِ مَا تَنَاسَلُوا. اهـ.
وَيَبْعُدُ كُلَّ الْبَعْدِ أَنْ يَكُونَ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ كُلُّهُمْ تَوَارَدُوا عَلَى الْخَطَأِ فَالْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرُ بِأَنَّهُ خِلَافُ الصَّحِيحِ كَمَا مَرَّ أَنَّهُ حَيْثُ نُقِلَ كُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي عِدَّةِ كُتُبٍ مُعْتَمَدَةٍ يَتَوَقَّفُ الْقَوْلُ بِتَصْحِيحِ أَحَدِهِمَا وَتَرْجِيحِهِ عَلَى النَّقْلِ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَرْبَابِ التَّصْحِيحِ وَالتَّرْجِيحِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِي وَاقِفٍ شَرَطَ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ شُرُوطًا مِنْهَا الْإِدْخَالُ وَالْإِخْرَاجُ وَالتَّغْيِيرُ وَالتَّبْدِيلُ وَالزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ لِلْوَاقِفِ نَفْسِهِ فِي مُدَّةِ حَيَاتِهِ لَا لِغَيْرِهِ وَأَنَّهُ بِالْمُقْتَضِي الْمَزْبُورِ أَدْخَلَ وَأَخْرَجَ فِي حَيَاتِهِ بَعْضَ أَوْلَادِهِ بِمُوجِبِ حُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ وَمَاتَ الْوَاقِفُ الْمَزْبُورُ فَهَلْ يَكُونُ فِعْلُهُ صَحِيحًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ أَمْلَاكٌ مَعْلُومَةٌ وَقَفَهَا فِي صِحَّتِهِ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ الْمَوْجُودِينَ وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ لَا تَنْقَطِعُ وَقْفًا صَحِيحًا فَمَاتَ أَحَدُ الْأَوْلَادِ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ الْوَاقِف عَنْ أَوْلَادٍ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ فِي الْوَقْفِ حِصَّةَ أَبِيهِمْ مَعَ وُجُودِ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ الْمَزْبُورِينَ بِدُونِ شَرْطٍ مِنْ الْوَاقِفِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَا يَسْتَحِقُّونَ شَيْئًا مَعَ أَعْمَامِهِمْ الْمَرْقُومِينَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا شَرَطَ وَاقِفٌ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ الثَّابِتِ الْمَضْمُونِ نَقْضَ الْقِسْمَةِ بِانْقِرَاضِ الطَّبَقَةِ وَانْقَرَضَتْ فَهَلْ يُعْمَلُ بِشَرْطِهِ وَتُنْقَضُ الْقِسْمَةُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ. (أَقُولُ) تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ بِانْقِرَاضِ الطَّبَقَةِ فِي الْوَقْفِ الْمُرَتَّبِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْوَقْفُ كَمَا سَنُوَضِّحُهُ.
(سُئِلَ) فِي وَاقِفٍ شَرَطَ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ شُرُوطًا مِنْهَا أَنَّ مَنْ مَاتَ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ لِشَيْءٍ مِنْ مَنَافِعِ الْوَقْفِ وَتَرَكَ وَلَدًا أَوْ وَلَدَ وَلَدٍ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ الْمَتْرُوكُ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ الْمُتَوَفَّى أَنْ لَوْ كَانَ حَيًّا وَقَامَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ مَقَامَهُ فَمَاتَتْ ابْنَةُ الْوَاقِفِ فِي حَيَاةِ أَبِيهَا عَنْ ابْنَيْنِ قَاصِرَيْنِ ثُمَّ مَاتَ الْوَاقِفُ عَنْ أَوْلَادٍ وَعَنْ ابْنِي بِنْتِهِ الْمُتَوَفَّاةِ فِي حَيَاتِهِ وَيُرِيدُ أَبُو الْقَاصِرِينَ مُطَالَبَةَ النَّاظِرِ بِمَا خَصَّ ابْنَيْهِ مِنْ حِينِ مَوْتِ الْوَاقِفِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): يَسْتَحِقَّانِ مَا كَانَتْ وَالِدَتُهُمَا تَسْتَحِقُّهُ أَنْ لَوْ كَانَتْ حَيَّةً وَلِوَالِدِهِمَا مُطَالَبَةُ النَّاظِرِ بِذَلِكَ عَمَلًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ الْمَذْكُورِ.
(أَقُولُ) قَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ الشِّهَابُ ابْنُ الشَّلَبِيِّ فِي فَتَاوَاهُ الْمَشْهُورَةِ وَرَدَّ عَلَى مَنْ أَفْتَى بِخِلَافِ ذَلِكَ زَعْمًا مِنْهُ أَنَّ بِنْتَ الْوَاقِفِ الْمَذْكُورَةِ لَا تَسْتَحِقُّ شَيْئًا فِي حَيَاةِ الْوَاقِفِ حَتَّى يَسْتَحِقَّ وَلَدَاهَا وَغَفَلَ عَنْ كَوْنِ الْمُرَادِ مَا تَسْتَحِقُّهُ عَلَى فَرْضِ حَيَاتِهَا عِنْدَ مَوْتِ أَبِيهَا وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى مَسْأَلَةِ الدَّرَجَةِ الْجَعْلِيَّةِ هَذَا وَقَدْ وَقَعَتْ فِي زَمَانِنَا حَادِثَةُ الْفَتْوَى فِي رَجُلٍ وَقَفَ دَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى أُخْتِهِ فُلَانَةَ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهَا ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ وَتَرَكَ وَلَدًا قَامَ مَقَامَهُ إلَخْ فَمَاتَ الْوَاقِفُ ثُمَّ أُخْتُهُ الْمَذْكُورَةُ عَنْ أَوْلَادِ وَعَنْ أَوْلَادِ ابْنٍ مَاتَ فِي حَيَاةِ الْوَاقِفِ قَبْلَ صُدُورِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ أَوْلَادُ الِابْنِ الْمَذْكُورِ شَيْئًا أَمْ لَا أَجَابَ بَعْضُ أَهْلِ عَصْرِنَا بِنَعَمْ وَأَجَبْت بِلَا لِكَوْنِ الِابْنِ الْمُتَوَفَّى قَبْلَ الْوَقْفِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ وَلَا بِعَرْضِيَّةِ أَنْ يَصِيرَ مُسْتَحِقًّا لِكَوْنِهِ مَيِّتًا حِينَ الْوَقْفِ فَلَمْ يَدْخُلْ فِيهِ أَصْلًا لِأَنَّ أَهْلَ الْوَقْفِ مَنْ كَانَ حَيًّا عِنْدَ الْوَقْفِ وَمَنْ سَيُوجَدُ بَعْدَهُ وَالْمَيِّتُ عِنْدَ الْوَقْفِ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ فَلَا يَقُومُ أَوْلَادُهُ مَقَامَهُ فِي اسْتِحْقَاقِهِ إذْ لَا اسْتِحْقَاقَ لَهُ بَلْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ أَصْلًا كَأَبِيهِمْ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا فِي الْإِسْعَافِ فِي بَابِ الْوَقْفِ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَلَوْ قَالَ عَلَى وَلَدِي وَعَلَى أَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَنَسْلِهِمْ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا وَكَانَ لَهُ أَوْلَادٌ وَقَدْ مَاتَ بَعْضُهُمْ عَنْ أَوْلَادٍ قَبْلَ الْوَقْفِ يَكُونُ عَلَى الْأَحْيَاءِ وَأَوْلَادِهِمْ فَقَطْ وَلَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ أَوْلَادُ مَنْ مَاتَ قَبْلَهُ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا عَلَى الْأَحْيَاءِ وَمَنْ سَيَحْدُثُ دُونَ الْأَمْوَاتِ وَقَدْ نَسَبَهُ إلَى أَوْلَادِ الْأَحْيَاءِ يَوْمَ الْوَقْفِ بِقَوْلِهِ وَأَوْلَادُهُمْ بِعَوْدِ الضَّمِيرِ إلَيْهِمْ دُونَ غَيْرِهِمْ وَلَوْ قَالَ عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي وَعَلَى أَوْلَادِهِمْ إلَخْ يَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ مَنْ مَاتَ قَبْلَهُ لِقَوْلِهِ عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي وَوَلَدِ مَنْ مَاتَ قَبْلَهُ وَلَدُ وَلَدِهِ. اهـ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِهِمْ بِالْإِضَافَةِ إلَى ضَمِيرِ الْغَيْبَةِ يَخْتَصُّ بِأَوْلَادِ الْأَحْيَاءِ الْمَذْكُورِينَ أَوَّلًا لِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يَصِحُّ عَلَى الْمَيِّتِ فَلَا يَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ أَوْلَادُ الْمَيِّتِ قَبْلَ صُدُورِ الْوَقْفِ وَإِذَا قَالَ أَوْلَادُ أَوْلَادِي بِالْإِضَافَةِ إلَى ضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ يَدْخُلُ أَوْلَادُ الْمَيِّتِ مِنْ أَوْلَادِهِ لِأَنَّهُمْ أَوْلَادُ أَوْلَادِهِ لِكَوْنِهِ نَسَبَهُمْ إلَى نَفْسِهِ فَفِي حَادِثَةِ الْفَتْوَى لَمَّا قَالَ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أُخْتِي اخْتَصَّ بِالْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ دُونَ مَنْ كَانَ قَدْ مَاتَ قَبْلَ الْوَقْفِ لِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يَصِحُّ عَلَى الْمَيِّتِ وَلَمَّا قَالَ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ عَادَ الضَّمِيرُ إلَى الْمَذْكُورِينَ أَوَّلًا وَهُمْ الْأَحْيَاءُ لِمَا قُلْنَا فَأَوْلَادُ ابْنِ أُخْتِهِ الْمَيِّتِ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ أَصْلًا نَعَمْ لَوْ قَالَ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِ أُخْتِي دَخَلُوا كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ وَهِنْدٍ أُمِّ امْرَأَتِهِ دَارٌ مَعْلُومَةٌ جَارِيَةٌ فِي مِلْكِهِمَا فَوَقَفَاهَا عَلَى نَفْسِهِمَا أَيَّامَ حَيَاتِهِمَا ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمَا فَعَلَى زَوْجَةِ زَيْدٍ بِنْتِ هِنْدٍ الْمَذْكُورَةِ وَعَلَى أُخْتِهَا لِأُمِّهَا وَعَلَى ابْنِ أَخِيهِمَا فُلَانٍ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا وَثُمَّ ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ لَا تَنْقَطِعُ فَمَاتَ زَيْدٌ فَهَلْ يُصْرَفُ نَصِيبُ زَيْدٍ إلَى الْفُقَرَاءِ إلَى أَنْ تَمُوتَ هِنْدٌ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ فَإِذَا مَاتَتْ هِنْدٌ يُصْرَفُ إلَى مَا شَرَطَا.
(سُئِلَ) فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ فَقَدَ كِتَابَ وَقْفِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ شُرُوطَ وَاقِفِهِ غَيْرَ أَنَّ نُظَّارَهُ تَصَرَّفُوا بِنَصِيبِ مَنْ مَاتَ مِنْ مُسْتَحَقِّيهِ عَنْ وَلَدٍ لِوَلَدِهِ أَوْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ لِجَمِيعِ مُسْتَحَقِّيهِ فِيمَا مَضَى مِنْ الزَّمَانِ فَمَاتَتْ امْرَأَةٌ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ وَلَهَا ابْنُ أُخْتٍ مِنْ الْمُسْتَحَقِّينَ فَهَلْ إذَا ثَبَتَ تَصَرُّفُ نُظَّارِهِ كَمَا ذُكِرَ يُصْرَفُ نَصِيبُ الْمَرْأَةِ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ لِجَمِيعِ مُسْتَحَقِّيهِ لَا لِابْنِ الْأُخْتِ وَحْدَهُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ مَوْقُوفٍ عَلَى أَوْلَادِ الذُّكُورِ دُونَ أَوْلَادِ الْإِنَاثِ حَسْبَمَا جَرَى تَصَرُّفُ نُظَّارِهِ جَمِيعِهِمْ عَلَى ذَلِكَ وَعَلَى صَرْفِ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَوْلَادِ الذُّكُورِ مِنْ الْإِنَاثِ لِأَخِيهَا أَوْ أُخْتِهَا مِنْ أَوْلَادِ الذُّكُورِ دُونَ أَوْلَادِ الْإِنَاثِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لَهَا أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِغَيْرِهِمْ مِنْ أَوْلَادِ الذُّكُورِ دُونَ أَوْلَادِ الْمُتَوَفَّاةِ وَدُونَ أَوْلَادِ الْإِنَاثِ وَمَاتَتْ امْرَأَةٌ مِنْ أَوْلَادِ الذُّكُورِ عَنْ أَوْلَادِ ذُكُورٍ وَإِنَاثٍ وَلَهَا قَدْرُ اسْتِحْقَاقٍ مَعْلُومٍ فِي الْوَقْفِ وَلَهَا أُخْتٌ لِأَبٍ مِنْ أَوْلَادِ الذُّكُورِ الْمُتَنَاوِلِينَ وَمِنْ أَهْلِ جَمَاعَةٍ غَيْرِهَا مِنْ أَوْلَادِ الذُّكُورِ فَهَلْ يُعْمَلُ بِتَصَرُّفِ النُّظَّارِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَيُصْرَفُ نَصِيبُ الْمُتَوَفَّاةِ الْمَذْكُورَةِ لِأُخْتِهَا الْمَذْكُورَةِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ ثَبَتَ مِنْ شَرْطِ وَاقِفِهِ بِتَصَرُّفِ نُظَّارِهِ أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ فَمَاتَتْ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ لَا عَنْ وَلَدٍ لِبَطْنِهَا بَلْ لَهَا ابْنَا ابْنٍ مَاتَ فِي حَيَاتِهَا فَهَلْ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهَا مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ لِابْنَيْ الْمَزْبُورِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ لِبَطْنِهَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ لِبَطْنِهَا وَلَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ لِأَنَّ اسْمَ الْوَلَدِ حَقِيقَةٌ فِي وَلَدِ الصُّلْبِ أَوْ الْبَطْنِ لِلْأُنْثَى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدُ الصُّلْبِ أَوْ الْبَطْنِ اسْتَحَقَّهُ وَلَدُ الِابْنِ كَمَا فِي الدُّرَرِ وَالْأَشْبَاهِ وَغَيْرُهُمَا. (أَقُولُ) يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الْوَاقِفَ إذَا قَالَ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ أَنَّ الْمُرَادَ عَوْدُ النَّصِيبِ لِوَلَدِ الْوَلَدِ حَيْثُ لَا وَلَدَ فَلَوْ كَانَ الْمُتَوَفَّى لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ وَلَدُ وَلَدٍ أَيْضًا لَا شَيْءَ لِوَلَدِ الْوَلَدِ وَبِهِ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ الشَّلَبِيُّ وَوَافَقَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ عُلَمَاءِ عَصْرِهِ كَمَا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي فَتَاوَاهُ؟
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَثْبَتَ نَاظِرَا وَقْفٍ أَهْلِيٍّ أَنَّهُمَا وَمَنْ قَبْلَهُمَا يَصْرِفُونَ غَلَّةَ الْوَقْفِ لِأَوْلَادِ الذُّكُورِ دُونَ أَوْلَادِ الْإِنَاثِ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى أَرْبَعِينَ سَنَةً فِي وَجْهِ أَخَوَيْنِ يَدَّعِيَانِ حِصَّةً آلَتْ إلَيْهِمَا عَنْ أُمِّهِمَا الْمُتَلَقِّيَةِ ذَلِكَ عَنْ أَبِيهَا وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً ثُمَّ أَثْبَتَ الْأَخَوَانِ بِوَجْهِ أَحَدِ النَّاظِرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ أَنَّ النَّاظِرَيْنِ السَّابِقَيْنِ قَبْلَهُمَا كَانَا يَصْرِفَانِ غَلَّةَ الْوَقْفِ لِأَوْلَادِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَأَوْلَادِهِمْ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى أَرْبَعِينَ سَنَةً وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً فَبِأَيِّ الثُّبُوتَيْنِ يُعْمَلُ؟
(الْجَوَابُ): أَنَّ الثُّبُوتَ الثَّانِيَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِوُجُوهٍ الْأَوَّلُ كَوْنُ الدَّعْوَى بِوَجْهِ أَحَدِ النَّاظِرَيْنِ بِدُونِ حَضْرَةِ الْآخَرِ وَلَا رَأْيِهِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْجَوْهَرَةِ بِاشْتِرَاطِ رَأْيِ الْآخَرِ وَلَمْ يُوجَدْ الثَّانِي أَنَّ الْبَيِّنَةَ إذَا تَضَمَّنَتْ نَقْضَ قَضَاءٍ تُرَدُّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ الثَّالِثُ أَنَّ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ لَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْبَيِّنَةُ قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ مِنْ الْعِشْرِينَ فِي الدَّعْوَى مُتَوَلٍّ ذُو يَدٍ بَرْهَنَ عَلَى الْوَقْفِ فَبَرْهَنَ الْخَارِجُ عَلَى الْمِلْكِ يُحْكَمُ بِالْمِلْكِ لِلْخَارِجِ فَلَوْ بَرْهَنَ الْمُتَوَلِّي بَعْدَهُ عَلَى الْوَقْفِ لَا تُسْمَعُ وَبِهِ يُفْتَى. اهـ.
قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي الثَّالِثَ عَشَرَ لِأَنَّ الْمُتَوَلِّيَ صَارَ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ مَعَ مَنْ يَدَّعِي تَلَقِّي الْوَقْفِ مِنْ جِهَتِهِ. اهـ.
الرَّابِعُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ تُطْلَبُ مِنْ طَرَفِ مُدَّعِي التَّخْصِيصِ بِأَوْلَادِ الذُّكُورِ وَهُمَا النَّاظِرَانِ وَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي التَّعْمِيمِ عَلَى الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَهُمَا الْمُدَّعِيَانِ لِأَنَّهُمَا مُتَمَسِّكَانِ بِالْأَصْلِ وَهُوَ الْإِطْلَاقُ وَالتَّعْمِيمُ وَقَدْ صَرَّحَ فِي تَرْجِيحِ الْبَيِّنَاتِ أَنَّ بَيِّنَةَ مُدَّعِي التَّخْصِيصِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ عَدَمِهِ وَصَرَّحَ فِي الدُّرَرِ أَنَّ بَيِّنَةَ مُدَّعِي الْوَقْفِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ أَوْلَى كَمَا مَرَّ نَقْلُ عِبَارَتِهِ وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ وَفِي يَدِ أَحَدِهِمَا ضَيْعَةٌ يَدَّعِي أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ وَالِابْنُ الْآخَرُ يَقُولُ إنَّهَا وَقْفٌ عَلَيْنَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْقَوْلُ قَوْلُ الثَّانِي وَقَالَ غَيْرُهُ الْقَوْلُ قَوْلُ ذِي الْيَدِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. اهـ.
وَفِي الذَّخِيرَةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِأَنَّهُمَا تَصَادَقَا عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ فِي يَدِ أَبِيهِمَا فَلَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِاسْتِحْقَاقِهِ إلَّا بِحُجَّةٍ اهـ. وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ أَمْلَاكَهُ عَلَى نَفْسِهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ بَيْنَهُمْ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ فَنَصِيبُهُ إلَى مَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْوَاقِفِ ثُمَّ صَارَ نَصِيبُ وَلَدِ الْوَاقِفِ الشِّهَابِيِّ أَحْمَدَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ قِيرَاطًا فَمَاتَ الشِّهَابِيُّ أَحْمَدُ عَنْ ابْنٍ يُدْعَى عُمَرَ وَبِنْتَيْنِ إحْدَاهُمَا تُدْعَى بزيخان وَالْأُخْرَى بيزدان ثُمَّ مَاتَ عُمَرُ عَنْ ابْنَيْنِ أَحَدُهُمَا يُدْعَى عَلِيًّا وَالْآخَرُ عَبْدَ الْقَادِرِ ثُمَّ مَاتَتْ بيزادن عَنْ ابْنٍ يُدْعَى مُحَمَّدًا وَبِنْتٍ تُدْعَى سُتَيْتَةَ ثُمَّ مَاتَتْ بِزَيْخَانَ عَنْ بِنْتٍ تُدْعَى فَاطِمَةَ ثُمَّ مَاتَتْ فَاطِمَةُ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَالْمَوْجُودُ إذْ ذَاكَ وَلَدَا خَالَتِهَا وَهُمَا مُحَمَّدٌ وَسُتَيْتَةُ وَابْنَا خَالِهَا وَهُمَا عَلِيٌّ وَعَبْدُ الْقَادِرِ ثُمَّ مَاتَ مُحَمَّدٌ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَالْمَوْجُودُ إذْ ذَاكَ شَقِيقَتُهُ سُتَيْتَةَ وَابْنَا خَالِهِ وَهُمَا عَلِيٌّ وَعَبْدُ الْقَادِرِ ثُمَّ مَاتَ عَلِيٌّ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَالْمَوْجُودُ إذْ ذَاكَ أَخُوهُ عَبْدُ الْقَادِرِ وَبِنْتُ عَمَّتِهِ سُتَيْتَةَ وَالْحَالُ أَنَّ بَعْضَ مَنْ فِي دَرَجَةِ الْمُتَوَفَّى يَنْتَسِبُ إلَى الْوَاقِفِ بِأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَهُوَ مُحَمَّدٌ وَأُخْتُهُ سُتَيْتَةَ وَالْبَعْضُ الْآخَرُ يَنْتَسِبُ بِأَبِيهِ فَقَطْ فَهَلْ يَكُونُ مَنْ يَنْتَسِبُ إلَى الْوَاقِفِ مِمَّنْ هُوَ فِي دَرَجَةِ الْمُتَوَفَّى عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ أَقْرَبَ إلَى الْوَاقِفِ مِمَّنْ يَنْتَسِبُ إلَيْهِ بِجِهَةِ أَبِيهِ فَقَطْ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْوَاقِفِ فَتَسْتَحِقُّ سُتَيْتَةَ بِمُفْرَدِهَا نَصِيبَ فَاطِمَةَ وَمُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ الْمَذْكُورِينَ مُضَافًا إلَى نَصِيبِهَا فِي الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ أَوْ لَا؟
(الْجَوَابُ): الْحَمْدُ لِلَّهِ يَكُونُ مَنْ يَنْتَسِبُ إلَى الْوَاقِفِ مِمَّنْ هُوَ فِي دَرَجَةِ الْمُتَوَفَّى عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ بِجِهَةِ أَبِيهِ وَجِهَةِ أُمِّهِ مَعًا أَقْرَبَ إلَى الْوَاقِفِ مِمَّنْ يَنْتَسِبُ إلَيْهِ بِجِهَةِ أَبِيهِ فَقَطْ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْوَاقِفِ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْأَقْرَبِيَّةِ الْأَقْرَبِيَّةُ فِي الْقَرَابَةِ لَا فِي الطَّبَقَاتِ لِئَلَّا يَلْغُوَ شَرْطُهُ الْأَقْرَبِيَّةَ مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلَّ مَنْ فِي الدَّرَجَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْوَاقِفِ فِي الطَّبَقَةِ سَوَاءٌ فَتَسْتَحِقُّ سُتَيْتَةُ بِمُفْرَدِهَا نَصِيبَ فَاطِمَةَ وَمُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ الْمَذْكُورِينَ مُضَافًا إلَى نَصِيبِهَا فِي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ كَتَبَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عُفِيَ عَنْهُ أَعْنِي بِهِ الْمَرْحُومَ الْعَلَّامَةَ الْجَدَّ الْكَبِيرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَفَنْدِي الْعِمَادِيَّ وَمِنْ خَطِّهِ نَقَلْته.
(أَقُولُ) قَدْ سُئِلَ الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ عَنْ نَظِيرِ هَذَا السُّؤَالِ مِمَّا شُرِطَتْ فِيهِ الْأَقْرَبِيَّةُ إلَى الْوَاقِفِ لَا إلَى الْمُتَوَفَّى فَحَكَى فِي تَقْدِيمِ ذِي جِهَتَيْنِ عَلَى ذِي جِهَةٍ أَقْوَالًا ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَتْ الْقَرَابَةُ إلَى الْوَاقِفِ قَرَابَةَ الْوِلَادَةِ لَا قَرَابَةَ الْإِخْوَةِ الْمُتَفَرِّقِينَ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَرْجَحِيَّتُهُ هُوَ مُسَاوَاةُ الْجَمِيعِ مِمَّنْ يُدْلِي مِنْ قِبَلِ أَبَوَيْهِ أَوْ أَبِيهِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ اعْتِبَارِ أَرْجَحِيَّةِ ذِي الْجِهَتَيْنِ عَلَى ذِي جِهَةٍ فِي ابْنٍ هُوَ ابْنُ ابْنِ عَمٍّ وَآخَرَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ كَامْرَأَةٍ تَزَوَّجَتْ بِابْنِ عَمِّهَا وَلَهَا مِنْهُ ابْنٌ وَمِنْ أَجْنَبِيٍّ ابْنٌ آخَرُ وَوَقَفَتْ عَلَى الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ إلَيْهَا مِنْ أَوْلَادِهَا وَنَسْلِهَا وَذُرِّيَّتِهَا تَرْجِيحُ أَحَدِ ابْنَيْهَا وَهُوَ الَّذِي مِنْ جِهَةِ ابْنِ عَمِّهَا عَلَى الْآخَرِ وَهَذَا بَعِيدٌ جِدًّا عَنْ أَغْرَاضِ الْوَاقِفِينَ وَأَمَّا مَنْ أَدْلَى بِالْأُمِّ فَقَطْ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ وَلَوْ قَضَى الْقَاضِي بِهِ عَنْ اجْتِهَادٍ نَفَذَ قَضَاؤُهُ لِأَنَّهُ مَحَلُّ اجْتِهَادٍ وَمَوْضِعُ نَظَرٍ كَمَا قَدْ قَدَّرْته لَك. اهـ.
ثُمَّ أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ كَذَلِكَ فِي مَحَلٍّ آخَرَ قَائِلًا لِكَوْنِهِمْ فِي الْقُرْبِ إلَى الْوَاقِفِ سَوَاءً وَلَا يُنْظَرُ إلَى قُوَّةِ الْقَرَابَةِ وَضَعْفِهَا إذْ لَا نَظَرَ لَهَا فِي قَوْلِ الْوَاقِفِ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْوَاقِفِ وَلَمْ يَقُلْ إلَى الْمَيِّتِ فَقَدْ اعْتَبَرَ الْوَاقِفُ الْأَقْرَبِيَّةَ إلَيْهِ لَا الْقُوَّةُ وَهَذَا مِمَّا لَا يُشَكُّ فِيهِ إلَخْ. اهـ.
لَكِنْ أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا ظَاهِرٌ لَوْ لَمْ يَذْكُرْ الْوَاقِفُ الدَّرَجَةَ إذْ مَعَ ذِكْرِهَا يَلْزَمُ إلْغَاءُ هَذَا الشَّرْطِ بِالْكُلِّيَّةِ إذْ كُلُّ مَنْ فِي الدَّرَجَةِ مُسْتَوُونَ فِي الْقُرْبِ إلَيْهِ فَيَتَرَجَّحُ مَا قَالَهُ جَدُّ الْمُؤَلِّفِ مِنْ الْمَصِيرِ إلَى أَنْ يُرَادَ بِالْأَقْرَبِيَّةِ زِيَادَةُ الْقُوَّةِ فِي قَرَابَةِ الْوِلَادَةِ أَيْضًا كَمَا فِي قَرَابَةِ الْإِخْوَةِ لِأَنَّ إعْمَالَ الْكَلَامِ أَوْلَى مِنْ إلْغَائِهِ لَكِنْ يَنْبَغِي تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِمَا عَدَا الطَّبَقَةَ الْأُولَى مِنْ قَرَابَةِ الْوِلَادَةِ بِقَرِينَةِ غَرَضِ الْوَاقِفِ وَإِنْ كَانَ وُقُوعُ ذَلِكَ فِي غَايَةِ النُّدْرَةِ وَبِهِ انْدَفَعَ الْإِلْزَامُ الْمَذْكُورُ بِابْنٍ ذِي جِهَتَيْنِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِفَهْمِي الْقَاصِرِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ؟
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا شَرَطَ وَاقِفُ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ الثَّابِتِ الْمَضْمُونِ شُرُوطًا مِنْهَا أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ عَادَ نَصِيبُهُ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ إلَى مَنْ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ لِلْمُتَوَفَّى فَمَاتَ رَجُلٌ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ اسْمُهُ إبْرَاهِيمُ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ وَلَهُ اسْتِحْقَاقٌ فِي الْوَقْفِ آلَ إلَيْهِ عَنْ أُمِّهِ زَيْنٍ الْمُتَوَفَّاةِ الْمُسْتَحِقَّةِ مِنْ الْوَقْفِ وَفِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ مِنْ جُمْلَتِهِمْ أَبُوهُ أَحْمَدُ بْن كَاتِبَةِ الْمُسْتَحِقَّةِ الْمُتَوَفَّاةِ عَنْهُ ثُمَّ مَاتَ أَحْمَدُ الْمَذْكُورُ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ وَفِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ الْجَمَاعَةُ الْمَذْكُورُونَ الْبَعْضُ مِنْهُمْ أَوْلَادُ أَوْلَادِ خَالِ وَخَالَةِ كَاتِبَةَ أُمِّ أَحْمَدَ الْمَزْبُورِ وَالْبَعْضُ أَوْلَادُ أَوْلَادِ أَوْلَادِ عَمِّ جَدِّهِ أَحْمَدَ الْمَزْبُورِ وَلِأَحْمَدَ الْمَزْبُورِ أَوْلَادُ أُخْتٍ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ أَنْزَلُ دَرَجَةً مِنْهُ مَاتَتْ أُمُّهُمْ عَنْهُمْ فِي حَيَاةِ أَحْمَدَ يَزْعُمُونَ أَنَّ نَصِيبَ أَحْمَدَ مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ يَعُودُ إلَيْهِمْ لأقربيتهم لِأَحْمَدَ وَإِنْ كَانُوا أَنْزَلَ دَرَجَةً مِنْهُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ الْوَاقِفِ الْقَاضِي فَتْحِ الدِّينِ الْمَالِكِيِّ فَهَلْ يَعُودُ نَصِيبُ إبْرَاهِيمَ مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ لِأَبِيهِ أَحْمَدَ ثُمَّ تَعُودُ حِصَّةُ أَحْمَدَ مَعَ مَا آلَ إلَيْهِ مِنْ ابْنِهِ إبْرَاهِيمَ الْمَذْكُورِ لِلْأَقْرَبِ مِنْ أَهْلِ دَرَجَتِهِ وَهُمْ أَوْلَادُ أَوْلَادِ خَالِ وَخَالَةِ كَاتِبَةَ أُمِّهِ دُونَ أَوْلَادِ أُخْتِهِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الدَّرَجَةِ الْمَذْكُورِينَ أَمْ لَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ عَمَلًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ عَادَ نَصِيبُهُ لِمَنْ هُوَ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى فَقَدْ شَرَطَ الْأَقْرَبِيَّةَ بَعْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الدَّرَجَةِ وَهُوَ تَمَامُ الشَّرْطِ الْمُقَيَّدِ بِالدَّرَجَةِ.
(أَقُولُ) وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ حَيْثُ شَرَطَ الْأَقْرَبِيَّةَ مِنْ أَهْلِ الدَّرَجَةِ وَوَجَدَ فِيهَا جَمَاعَةً بَعْضُهُمْ أَقْرَبُ لِلْمُتَوَفَّى مِنْ بَعْضٍ وَوَجَدَ أَيْضًا فِي أَنْزَلَ مِنْهَا مَنْ هُوَ أَقْرَبُ نَسَبًا لِلْمُتَوَفَّى مِنْ الْجَمِيعِ قُدِّمَ الْأَقْرَبُ مِنْ أَهْلِ الدَّرَجَةِ وَإِنْ كَانَ الْأَنْزَلُ مِنْهُ أَقْرَبَ نَسَبًا لِئَلَّا يَلْغُو اشْتِرَاطُ الدَّرَجَةِ وَالْوَاقِفُ قَدْ اعْتَبَرَ الْأَقْرَبِيَّةَ فِي أَهْلِ الدَّرَجَةِ لَا مُطْلَقًا وَسَيَأْتِي سُؤَالٌ فِي ذَلِكَ أَيْضًا قَالَ الْمُؤَلِّفُ ثُمَّ رَأَيْت بَعْدَ عِدَّةِ سِنِينَ جَوَابًا لِلشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْبَهْنَسِيِّ شَارِحِ الْمُلْتَقَى مُوَافِقًا لِمَا ذَكَرْنَا صُورَتَهُ فِيمَا إذَا شَرَطَ وَاقِفٌ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ إلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ فَمَاتَ مُسْتَحِقٌّ يُدْعَى بَدْرَ الدِّينِ وَبِيَدِهِ ثُلُثٌ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَهُ بِنْتُ خَالٍ وَخَالَةٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ثُلُثٌ فَهَلْ تَنْتَقِلُ حِصَّتُهُ لِبِنْتِ الْخَالِ أَوْ لِلْخَالَةِ أَوْ لَهُمَا فَأَجَابَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَقَّهَ مَنْ أَرَادَ بِهِ خَيْرًا فِي دِينِهِ وَوَفَّقَهُ لِتَحْرِيرِ مَسَائِلِهِ وَبَرَاهِينِهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مُظْهِرِ الْحَقِّ بِلَا خِلَافٍ فِي حِينِهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الَّذِينَ مَيَّزُوا مِنْ غَثِّ الشَّيْءِ سَمِينَهُ صَلَاةً دَائِمَةً إلَى يَوْمِ {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} وَبَعْدُ فَقَدْ اخْتَلَقَ جَوَابًا مَنْ نَسَبَ إلَى الْعِلْمِ نَفْسَهُ وَلَمْ يَخْشَ التَّجَرِّيَ عَلَى النَّارِ حِينَ يَحِلُّ رَمْسَهُ فَكَتَبَ أَوَّلًا أَنَّهُ يَنْتَقِلُ مَا بِيَدِهِ لِخَالَتِهِ لِكَوْنِهَا أَقْرَبَ وَغَفَلَ عَنْ اعْتِبَارِ الدَّرَجَةِ وَالطَّبَقَةِ قَبْلَ الْأَقْرَبِيَّةِ وَهَذَا خَطَأٌ بَيِّنٌ لَا يَصْدُرُ مِثْلُهُ عَمَّنْ لَهُ أَدْنَى أَنَانِيَّةٍ وَلَوْ عَلِمَ شَرْعًا مَعْنَاهَا وَاشْتِقَاقَهَا لُغَةً وَمَبْنَاهَا لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ هَذَا الْغَلَطُ الْوَاضِحُ ثُمَّ نَادَى عَلَى نَفْسِهِ حَيْثُ إنَّهُ كَتَبَ عَلَى سُؤَالٍ آخَرَ بِأَنَّهُ يَنْتَقِلُ لِبِنْتِ الْخَالِ بِنِدَاءٍ فَاضِحٍ ثُمَّ بَلَغَنِي أَنَّهُ أَرَادَ الْجَمْعَ بَيْنَ الْجَوَابَيْنِ وَالتَّوْفِيقَ فَذَكَرَ أَشْيَاءَ يُنْكِرُهَا مَنْ شَمَّ رَائِحَةَ التَّحْقِيقِ وَبَسْطُ الْكَلَامِ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ مِمَّا لَا يَلِيقُ فَأَقُولُ الْحَقُّ فِي الْمَسْأَلَةِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ إنْ أُرِيدَ بِالدَّرَجَةِ وَالطَّبَقَةِ الْمُسَاوَاةُ فِي النَّسَبِ إلَى الْوَاقِفِ وَهُوَ الرَّاجِحُ فَالْحِصَّةُ تَنْتَقِلُ لِبِنْتِ الْخَالِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ قَالَهُ فَقِيرُ ذِي اللُّطْفِ الْخَفِيِّ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَهْنَسِيُّ الْحَنَفِيُّ حَامِدًا مُصَلِّيًا مُسَلِّمًا.
(أَقُولُ) وَوَجْهُ مُوَافَقَتِهِ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ أَعْطَى الْحِصَّةَ لِبِنْتِ الْخَالِ لِكَوْنِهَا فِي الدَّرَجَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا أَحَدٌ فِي دَرَجَتِهَا وَلَمْ يُعْطِ الْخَالَةَ مَعَ أَنَّهَا أَقْرَبُ نَسَبًا لِلْمُتَوَفَّى لِأَنَّ الْوَاقِفَ اعْتَبَرَ الدَّرَجَةَ أَوَّلًا ثُمَّ الْأَقْرَبِيَّةَ فِيهَا وَالْخَالَةُ أَعْلَى دَرَجَةً فَلَا تُعْطَى وَإِنْ كَانَتْ أَقْرَبَ حَيْثُ وُجِدَ فِي الدَّرَجَةِ أَحَدٌ وَإِنْ انْفَرَدَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ حَيْثُ شَرَطَ الْوَاقِفُ الِانْتِقَالَ لِلْأَقْرَبِ مِنْ أَهْلِ الدَّرَجَةِ يُعْطَى لِمَنْ هُوَ أَقْرَبُ نَسَبًا فِيهَا سَوَاءٌ وُجِدَ مَعَهُ فِيهَا غَيْرَهُ أَوْ لَا وَسَوَاءٌ وُجِدَ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ نَسَبًا مِنْهُ فِي غَيْرِهَا أَعْلَى مِنْهُ دَرَجَةً أَوْ أَنْزَلَ أَوْ لَا ثُمَّ تَفْسِيرُ الدَّرَجَةِ بِمَا ذُكِرَ لَا يُنَافِي مَا مَرَّ عَنْ فَتَاوَى جَدِّ الْمُؤَلِّفِ مِنْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُقَيِّدْ الْأَقْرَبِيَّةَ تَنْصَرِفُ إلَى الْمُتَوَفَّى لَا إلَى الْوَاقِفِ لِأَنَّ هَذَا فِي بَيَانِ مَعْنَى الدَّرَجَةِ وَالطَّبَقَةِ بِأَنَّهَا مُسَاوَاةُ الْمُتَوَفَّى فِي النَّسَبِ إلَى الْوَاقِفِ وَذَلِكَ فِي بَيَانِ الْمُرَادِ بِالْأَقْرَبِيَّةِ بَعْدَ تَحَقُّقِ الدَّرَجَةِ الْمَذْكُورَةِ فَصَارَ الْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا وُجِدَ فِي دَرَجَةِ الْمُتَوَفَّى جَمَاعَةٌ يُسَاوُونَهُ فِي النَّسَبِ إلَى الْوَاقِفِ وَقَدْ أَطْلَقَ الْوَاقِفُ الْأَقْرَبِيَّةَ يُقَدَّمُ مِنْ هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةِ الْمُسَاوِينَ لَهُ فِي الدَّرَجَةِ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ نَسَبًا وَرَحِمًا إلَيْهِ لَا إلَى الْوَاقِفِ.
(سُئِلَ) أَيْضًا عَنْ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ وَقْفَهُ عَلَى نَفْسِهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ وَسَمَّاهُمْ وَعَلَى مَنْ سَيُحْدِثُهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ وَثُمَّ مِثْلٍ ثُمَّ عَلَى أَنْسَالِهِمْ وَأَعْقَابِهِمْ وَإِنْ سَفَلُوا بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا مِنْهُمْ تَحْجُبُ السُّفْلَى عَلَى أَنَّهُ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ عَنْ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ وَلَدٍ أَوْ نَسْلٍ أَوْ عَقِبٍ عَادَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهِ عَلَى وَلَدِهِ ثُمَّ وَثُمَّ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ عَادَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَى الْمُتَوَفَّى إلَى مَنْ هُوَ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ إلَيْهِ فَالْأَقْرَبُ وَيَسْتَوِي فِيهِ الْأَخُ الشَّقِيقُ وَالْأَخُ لِأَبٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي دَرَجَةِ الْمُتَوَفَّى مَنْ يُسَاوِيهِ فَعَلَى أَقْرَبِ الْمَوْجُودِينَ إلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ ثُمَّ عَلَى وَلَدِ مَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ ذَلِكَ ثُمَّ عَلَى وَلَدِ وَلَدِهِ ثُمَّ عَلَى نَسْلِهِ وَعَقِبِهِ عَلَى الشَّرْطِ وَالتَّرْتِيبِ الْمَذْكُورَيْنِ ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ مُتَّصِلَةٍ بِمُوجِبِ كِتَابِ وَقْفِهِ الشَّرْعِيِّ ثُمَّ مَاتَ الْوَاقِفُ وَأَوْلَادُهُ وَأَوْلَادُهُمْ وَانْحَصَرَ الْوَقْفُ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فِي طَبَقَةٍ وَدَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ هِيَ الطَّبَقَةُ السَّادِسَةُ وَمَاتَ مِنْهُمْ مُسْتَحِقٌّ هُوَ إبْرَاهِيمُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ وَلَهُ نَصِيبٌ فِي رِيعِ الْوَقْفِ آلَ إلَيْهِ عَنْ أُمِّهِ زَيْنٍ الْمَزْبُورَةِ وَأَقْرَبُ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ مِنْ جِهَةِ أُمِّهِ الْمَزْبُورَةِ أَبُوهُ أَحْمَدُ بْنُ كَاتِبَةَ الْمُسْتَحِقَّةِ الْمُتَوَفَّاةِ عَنْهُ وَفِي الطَّبَقَةِ السَّابِعَةِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ هُوَ أَوْلَادُ عَمَّتِهِ مُسَاوُونَ لَهُ فِي الطَّبَقَةِ السَّابِعَةِ الَّتِي مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ فَلِمَنْ يَعُودُ نَصِيبُهُ فِي الْوَقْفِ الْآيِلِ إلَيْهِ عَنْ أُمِّهِ زَيْنٍ الْمَزْبُورَةِ؟.
(الْجَوَابُ): يَعُودُ نَصِيبُهُ مِنْ الْوَقْفِ الْآيِلِ إلَيْهِ عَنْ أُمِّهِ زَيْنٍ الْمَزْبُورَةِ لِأَبِيهِ الْمَزْبُورِ لِكَوْنِهِ أَقْرَبَ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ إلَيْهِ عَمَلًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ الْمَذْكُورِ وَلَا يَعُودُ لِأَوْلَادِ عَمَّتِهِ الْمَذْكُورِينَ لِكَوْنِهِمْ فِي الدَّرَجَةِ السُّفْلَى عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا مِنْهُمْ تَحْجُبُ السُّفْلَى وَبِقَوْلِهِ فِي ذَيْلِ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى الشَّرْطِ وَالتَّرْتِيبِ الْمَذْكُورَيْنِ وَقَدْ أَفْتَى الْمَرْحُومُ الْعَلَّامَةُ الْعَمُّ مُحَمَّدٌ الْعِمَادِيُّ عَلَى سُؤَالٍ رُفِعَ إلَيْهِ فِي رَجُلٍ لَهُ دَرَجَتَانِ دَرَجَةٌ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ وَدَرَجَةٌ مِنْ جِهَةِ أُمِّهِ بِمَا مُلَخَّصُهُ أَنَّ مَا آلَ إلَيْهِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ يَعُودُ لِمَنْ هُوَ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ وَمَا آلَ إلَيْهِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ جِهَةِ أُمِّهِ فَلِمَنْ هُوَ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ مِنْ جِهَةِ أُمِّهِ وَقَدْ بَحَثَ فِي ذَلِكَ بَحْثًا مُفِيدًا فَقَالَ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ النَّصِيبَيْنِ آلَ إلَيْهِ مِنْ جِهَةٍ وَلِكُلٍّ مِنْ الْجِهَتَيْنِ دَرَجَةٌ وَقَدْ شَرَطَ الْوَاقِفُ عَوْدَ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ لِمَنْ هُوَ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ فَيَصْدُقُ عَلَى أَهْلِ كُلِّ دَرَجَةٍ مِنْ الدَّرَجَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ أَنَّهُمْ فِي دَرَجَةِ الْمُتَوَفَّى لِاخْتِلَافِ جِهَةِ الِاسْتِحْقَاقِ فِي الْأَصْلِ فَلَوْ أَعْطَيْنَا جَمِيعَ مَا آلَ إلَيْهِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ لِأَهْلِ الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا دُونَ مَنْ كَانَ مُسَاوِيًا لَهُ مِنْ أَهْلِ الدَّرَجَةِ السُّفْلَى لَزِمَ تَخْصِيصُ إحْدَى الدَّرَجَتَيْنِ عَلَى أَهْلِ الدَّرَجَةِ الْأُخْرَى مِنْ غَيْرِ مُخَصِّصٍ يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْوَاقِفِ.
وَإِهْمَالُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ صَرِيحُ كَلَامِهِ مَعَ إمْكَانِ الْعَمَلِ بِهِ وَإِعْمَالُ الْكَلَامِ أَوْلَى مِنْ إهْمَالِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ خَصَّصْنَا النَّصِيبَ بِأَهْلِ الدَّرَجَةِ السُّفْلَى وَيَلْزَمُ أَيْضًا حِرْمَانُ إحْدَى الدَّرَجَتَيْنِ مِنْ الْإِعْطَاءِ مَعَ صَرِيحِ دَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَى الْإِعْطَاءِ وَمَتَى احْتَمَلَ اللَّفْظُ الْإِعْطَاءَ وَالْحِرْمَانَ يُقَدَّمُ الْإِعْطَاءُ الَّذِي هُوَ أَقْرَبُ إلَى كَلَامِ الْوَاقِفِينَ فَكَيْفَ مَعَ عَدَمِ احْتِمَالِ اللَّفْظِ لِلْحِرْمَانِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلَوْ قُلْنَا بِاسْتِحْقَاقِ جَمِيعِ أَهْلِ الدَّرَجَتَيْنِ لِلنَّصِيبِ الْمَذْكُورِ يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ اشْتِرَاكُ إحْدَى الدَّرَجَتَيْنِ بِنَصِيبِ الْأُخْرَى مِنْ غَيْرِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ صَرِيحُ كَلَامِ الْوَاقِفِ مَعَ إمْكَانِ إعْمَالِهِ فِي عَوْدِ نَصِيبِ أَهْلِ الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا لِمَنْ كَانَ مُسَاوِيًا لِلْمُتَوَفَّى فِيهَا وَكَذَلِكَ فِي أَهْلِ السُّفْلَى وَالْإِعْمَالُ أَوْلَى مِنْ الْإِهْمَالِ فَمَا آلَ إلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا يَعُودُ لِمَنْ كَانَ مُسَاوِيًا لَهُ فِيهَا مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ وَمَا آلَ إلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الدَّرَجَةِ السُّفْلَى يَعُودُ أَيْضًا لِمَنْ كَانَ مُسَاوِيًا لَهُ فِيهَا مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ أَقُولُ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ نَخْتَارُ الشِّقَّ الثَّانِيَ وَهُوَ اسْتِحْقَاقُ جَمِيعِ أَهْلِ الدَّرَجَتَيْنِ لِأَنَّ لَفْظَ الدَّرَجَةِ جِنْسٌ يُطْلَقُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْعُلْيَا وَالسُّفْلَى حَقِيقَةً وَلِأَنَّ الْمُضَافَ يَعُمُّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} أَيْ كُلِّ أَمْرٍ لِلَّهِ تَعَالَى.
وَفَرَّعُوا عَلَيْهِ مَا لَوْ أَوْصَى لِوَلَدِ زَيْدٍ أَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِ زَيْدٍ وَلَهُ أَوْلَادٌ ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ كَانَ لِلْكُلِّ وَتَمَامُهُ فِي أَوَاخِرِ الْأَشْبَاهِ قُبَيْلَ الدُّعَاءِ بِرَفْعِ الطَّاعُونِ فَكَذَا يَعُمُّ فِي مَسْأَلَتِنَا وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْوَاقِفِ مَا يَخُصُّ إحْدَاهُمَا حَيْثُ وُجِدَتَا وَلَا مَا يَمْنَعُ إرَادَتَهُمَا مَعًا لَا لُغَةً وَلَا اصْطِلَاحًا وَلَا مَا يَقْتَضِي تَخْصِيصَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِبَعْضِ مَا فِي يَدِ الْمُتَوَفَّى وَلَفْظُ مَا مِنْ أَدَوَاتِ الْعُمُومِ فَقَوْلُ الْوَاقِفِ وَمَا كَانَ فِي يَدِهِ أَوْ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ أَوْ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهِ يَنْتَقِلُ إلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ يَشْمَلُ جَمِيعَ مَا فِي يَدِهِ فَيَعُودُ إلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّرَجَةُ وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ وَتَخْصِيصُ بَعْضِهَا بِبَعْضِهِ تَخْصِيصٌ بِلَا مُخَصِّصٍ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ الَّذِي آلَ إلَى الْمُتَوَفَّى مِنْ جِهَةِ دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ وَقُلْنَا إنَّ ذَلِكَ الَّذِي آلَ إلَيْهِ يَنْتَقِلُ بَعْدَ مَوْتِهِ إلَى أَهْلِ تِلْكَ الدَّرَجَةِ فَقَطْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَرْجِيحُ تِلْكَ الدَّرَجَةِ عَلَى الْأُخْرَى بِلَا مُرَجِّحٍ، وَحِرْمَانُ بَعْضِ الدَّرَجَاتِ وَإِهْمَالُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْوَاقِفِ مِنْ إطْلَاقِ الدَّرَجَةِ وَعَدَمُ حِرْمَانِ أَهْلِهَا وَالْإِعْمَالُ أَوْلَى مِنْ الْإِهْمَالِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ إنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ اشْتِرَاكُ إحْدَى الدَّرَجَتَيْنِ بِنَصِيبِ الْأُخْرَى، فَإِنَّمَا يَرِدُ لَوْ سَلَّمْنَا أَنَّ مَا انْتَقَلَ إلَيْهِ مِنْ إحْدَى الدَّرَجَتَيْنِ هُوَ نَصِيبُهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ بَعْدَ انْتِقَالِهِ صَارَ نَصِيبُهُ لَا نَصِيبُهَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِقَالِهِ إلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الدَّرَجَةِ عَوْدُهُ إلَيْهَا بَعْدَ مَوْتِهِ لِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ نَصِيبَهَا بَعْدَ صَيْرُورَتِهِ نَصِيبَهُ وَلَوْ بَقِيَ نَصِيبُهَا بَعْدَ انْتِقَالِهِ إلَيْهِ لَزِمَ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الدَّرَجَةِ أَحَدٌ أَنْ لَا يُعْطَى لِأَهْلِ دَرَجَتِهِ الْأُخْرَى فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ إهْمَالُ كَلَامِ الْوَاقِفِ بِالْكُلِّيَّةِ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَشْيَاءُ أُخَرُ تَظْهَرُ لِمَنْ تَدَبَّرَ نَعَمْ إذَا رَتَّبَ الْوَاقِفُ بَيْنَ الطَّبَقَاتِ وَشَرَطَ حَجْبَ الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا لِلطَّبَقَةِ السُّفْلَى فَحِينَئِذٍ يُقَالُ بِاخْتِصَاصِ الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا مِنْ طَبَقَتَيْ الْمُتَوَفَّى بِمَا فِي يَدِهِ كُلِّهِ مِنْ أَيِّ طَبَقَةٍ كَانَ ذَلِكَ مُنْتَقِلًا إلَيْهِ عَمَلًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُمْكِنُ الْعَمَلُ بِشَرْطِهِ تَرْتِيبَ الطَّبَقَاتِ وَبِشَرْطِهِ انْتِقَالَ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ إلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ الثَّانِي نَاسِخًا لِعُمُومِ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ كَمَا إذَا كَانَ لِلْمُتَوَفَّى دَرَجَةٌ وَاحِدَةٌ وَفَوْقَهُ دَرَجَةٌ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي يَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ فِي مَسْأَلَةِ مَنْ لَهُ دَرَجَتَانِ مُتَفَاوِتَتَانِ وَمَاتَ لَا عَنْ وَلَدٍ مَعَ شَرْطِ الْوَاقِفِ عَوْدَ نَصِيبِهِ إلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ أَنَّهُ يَعُودُ إلَى كُلِّ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ سَوَاءٌ كَانَ نَصِيبُهُ أَصْلِيًّا أَوْ آئِلًا إلَيْهِ مِنْ إحْدَى الدَّرَجَتَيْنِ أَوْ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لِعَدَمِ التَّرْجِيحِ إلَّا إذَا كَانَ الْوَقْفُ مُرَتَّبًا بِثُمَّ مَشْرُوطًا فِيهِ حَجْبُ الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا لِلسُّفْلَى فَحِينَئِذٍ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ لِلْعُلْيَا مِنْ دَرَجَتَيْهِ كَمَا فِي مَسْأَلَتِنَا فَيُدْفَعُ نَصِيبُ إبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ أَحْمَدَ لِكَوْنِهِ فِي الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ وَقْفَهُ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ يَعُودُ نِصْفُهُ عَلَى ابْنَتِهِ وَأُخْتِهِ وَالنِّصْفُ الثَّانِي عَلَى فُقَرَاءِ النَّقْشَبَنْدِيَّةِ الْمُقِيمِينَ بِدِمَشْقَ الْمَنْسُوبِينَ بِالتَّلْمَذَةِ لَهُ وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ وَعَدَدُهُمْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَمَاتَ ثُمَّ غَابَ وَاحِدٌ مِنْ الْفُقَرَاءِ الْمَذْكُورِينَ عَنْ دِمَشْقَ وَأَعْمَالِهَا إلَى بَلْدَةٍ بَعِيدَةٍ وَلَيْسَ لَهُ بِدِمَشْقَ زَوْجَةٌ وَلَا بَيْتٌ وَلَا تَعَلُّقُ أَصْلًا وَلَهُ بِنْتٌ تُطَالِبُ الْمُتَوَلِّي بِنَصِيبِ أَبِيهَا فَهَلْ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ وَقْفًا عَلَى تَلَامِذَتِهِ وَنَصَّ عَلَيْهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَهُمْ مَعْلُومُونَ وَمَاتَ فَادَّعَتْ امْرَأَةٌ أَنَّهَا مِنْ تَلَامِذَةِ زَيْدٍ وَطَلَبَتْ حِصَّةً مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ لَكِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِمْ فَهَلْ لَا تَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَلَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِ زَيْدٍ وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَعَدَّ خَمْسَةً لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ سَائِرُ أَوْلَادِهِ وَمَنْ يَحْدُثُ لَهُ فَهُوَ كَمَا تَرَى قَدْ نَفَى الدُّخُولَ بِالتَّعْيِينِ وَالْعَدِّ كَذَا فِي أَوَاخِرِ وَقْفِ الْخَيْرِيَّةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ وَقْفَهُ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ الْمَوْجُودِينَ وَسَمَّاهُمْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَأَنْسَالِهِمْ وَأَعْقَابِهِمْ عَلَى الشَّرْطِ وَالتَّرْتِيبِ الْمُعَيَّنَيْنِ أَعْلَاهُ وَمَاتَ وَتَصَرَّفَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ بَعْدَهُ عَلَى وَفْقِ شَرْطِهِ مِنْ حَجْبِ الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا لِلسُّفْلَى مِنْ مُدَّةٍ مَدِيدَةٍ فَهَلْ يُعْمَلُ بِذَلِكَ فَلَا يُعْطَى لِأَهْلِ الطَّبَقَةِ السُّفْلَى شَيْءٌ مَا دَامَ وَاحِدٌ مِنْ الْعُلْيَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ مُرَتَّبٍ بِثُمَّ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَمِنْ شُرُوطِهِ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا عَقِبٍ فَنَصِيبُهُ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ لِمَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَيْهِ ثُمَّ مَاتَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ وَلَيْسَ فِي طَبَقَتِهَا وَلَا فِي الطَّبَقَةِ الَّتِي فَوْقَهَا أَحَدٌ وَفِي الطَّبَقَةِ الَّتِي تَلِي طَبَقَتَهَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ لَيْسَ مِنْهُمْ أَقْرَبُ إلَيْهَا مِنْ ابْنِ أَخِيهَا وَبِنْتِ أُخْتِهَا لِأَبِيهَا فَهَلْ يَعُودُ نَصِيبُ الْمَرْأَةِ إلَيْهِمَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي وَقْفٍ أَنْشَأَهُ وَاقِفُهُ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى بَنَاتِهِ لِصُلْبِهِ الْأَرْبَعِ وَعَلَى أَوْلَادِ ابْنِهِ إبْرَاهِيمَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ جَمِيعًا عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَعَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ كَذَلِكَ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ وَثُمَّ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ وَلَدٍ رَجَعَ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ رَجَعَ نَصِيبُهُ إلَى مَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ مُتَّصِلَةٍ ثُمَّ مَاتَ الْوَاقِفُ عَنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ الْمَذْكُورِينَ ثُمَّ مَاتُوا عَنْ أَوْلَادٍ ثُمَّ مَاتَتْ الْآنَ امْرَأَةٌ مِنْ الذُّرِّيَّةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ وَلَمْ يَبْقَ حِينَ مَوْتِهَا فِي دَرَجَتِهَا أَحَدٌ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ سِوَى جَمَاعَةٍ فِي الدَّرَجَةِ الَّتِي تَلِي دَرَجَتَهَا النَّازِلَةِ مِنْهَا الَّتِي هِيَ أَعْلَى الدَّرَجَاتِ وَهُمْ أَوْلَادُ أُخْتِهَا وَأَوْلَادُ أَوْلَادِ بِنْتَيْ عَمَّةِ أَبِيهَا فَلِمَنْ يَرْجِعُ نَصِيبُهَا مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ جَعَلَ الْوَاقِفُ الْمَذْكُورُ أَوْلَادَ ابْنِهِ إبْرَاهِيمَ فِي دَرَجَةِ أَوْلَادِهِ وَطَبَقَتِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ كَذَلِكَ وَرَتَّبَ الطَّبَقَاتِ بِثُمَّ وَجَعَلَ نَصِيبَ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ لِمَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ وَلَمْ يَكُنْ فِي طَبَقَةِ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ أَحَدٌ فَيَرْجِعُ نَصِيبُهَا مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ لِلدَّرَجَةِ الَّتِي تَلِي دَرَجَتَهَا النَّازِلَةَ مِنْهَا الَّتِي هِيَ أَعْلَى الدَّرَجَاتِ وَهُمْ أَوْلَادُ أُخْتِهَا وَأَوْلَادُ أَوْلَادِ بِنْتِي عَمَّةِ أَبِيهَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(أَقُولُ) فِي كَوْنِهِ يَعُودُ إلَى أَعْلَى الدَّرَجَاتِ فَقَطْ كَلَامٌ سَتَعْرِفُهُ وَقَدْ نَبَّهَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ حَيْثُ جَعَلَ الْوَاقِفُ إلَخْ عَلَى أَنَّ أَوْلَادَ أَوْلَادِ بِنْتَيْ عَمَّةِ أَبِيهَا فِي دَرَجَةِ أَوْلَادِ أُخْتِهَا وَإِنْ كَانُوا مِنْ ذُرِّيَّةِ إبْرَاهِيمَ ابْنِ الْوَاقِفِ وَفِي ذَلِكَ تَنْبِيهٌ عَلَى دَفْعِ مَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ النَّاسِ فِي زَمَانِنَا مِنْ مُدَّةِ سِنِينَ حَيْثُ زَعَمَ فِي نَظِيرِ هَذِهِ الْحَادِثَةِ أَنَّ أَوْلَادَ ابْنِ الْوَاقِفِ أَنْزَلُ دَرَجَةً مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ وَكَذَا أَوْلَادُ أَوْلَادِ الِابْنِ أَنْزَلُ مِنْ أَوْلَادِ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ وَهَكَذَا حَتَّى إنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ أَوْ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ مِنْهُمْ وَلَا شَيْءَ لِأَوْلَادِ ابْنِ الْوَاقِفِ أَوْ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ لِزَعْمِهِ أَنَّهُمْ أَنْزَلُ طَبَقَةً بِاعْتِبَارِ أَبِيهِمْ وَلَا شُبْهَةَ فِي أَنَّهُ زَعْمٌ فَاسِدٌ مَنْشَؤُهُ اشْتِبَاهُ الطَّبَقَةِ النِّسْبِيَّةِ بِالطَّبَقَةِ الِاسْتِحْقَاقِيَّةِ فَإِنَّ أَوْلَادَ ابْنِهِ مِنْ حَيْثُ النَّسَبُ أَنْزَلُ طَبَقَةً مِنْ أَوْلَادِهِ وَلَكِنَّ الْوَاقِفَ قَدْ جَعَلَهُمْ فِي طَبَقَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ حَيْثُ الِاسْتِحْقَاقُ ثُمَّ رَتَّبَ كَذَلِكَ فِي أَوْلَادِهِمْ أَوْ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَفِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ ابْنِ الشَّلَبِيِّ عَنْ الْمُحَقِّقِ ابْنِ الْغَرْسِ صَاحِبِ الْفَوَاكِهِ الْبَدْرِيَّةِ الْمُعْتَبَرُ طَبَقَاتُ الِاسْتِحْقَاقِ الْجَعْلِيَّةِ لَا طَبَقَاتُ الْإِرْثِ النَّسَبِيَّةِ وَرُبَّمَا كَانَ الْأَقْرَبُ طَبَقَةً أَبْعَدُ نَسَبًا.
وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ بَيْنَ قَوْلِنَا هَذَا أَقْرَبُ طَبَقَةً وَهَذَا أَقْرَبُ نَسَبًا وَإِذَا وَقَعَ تَطْبِيقُ الْوَاقِفِ وَتَرْتِيبُهُ فِي أَهْلِ نَسَبٍ وَاحِدٍ لَا يَكُونُ مَنَاطُ الِاسْتِحْقَاقِ إلَّا ذَلِكَ التَّرْتِيبُ وَالتَّطْبِيقُ دُونَ الْأَنْسَابِ وَطَبَقَاتِهَا. اهـ.
فَرَحِمَهُ اللَّهُ مَا أَجْزَلَ عِبَارَتَهُ. اهـ.
مَا فِي فَتَاوَى الشِّهَابِ ابْنِ الشَّلَبِيِّ ثُمَّ لَيْتَ شَعْرِي مَا يَقُولُ هَذَا الزَّاعِمُ فِيمَا لَوْ وَقَفَ الْوَاقِفُ عَلَى أَوْلَادِهِ وَعَلَى رَجُلٍ آخَرَ أَجْنَبِيٍّ أَدْخَلَهُ مَعَهُمْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَأَنْسَالِهِمْ أَمَا يُضْطَرُّ إلَى أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيَّ فِي دَرَجَةِ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ وَأَوْلَادَ الْأَجْنَبِيِّ فِي دَرَجَةِ أَوْلَادِ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ نَظَرًا إلَى الطَّبَقَاتِ الِاسْتِحْقَاقِيَّةِ الْجَعْلِيَّةِ الَّتِي جَعَلَهَا الْوَاقِفُ وَلَوْ كَانَ لِمُعْتَبَرِ الطَّبَقَاتِ النَّسَبِيَّةِ لَزِمَ إخْرَاجُ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ وَأَوْلَادِهِ مِنْ الْوَقْفِ أَصْلًا فَهَلْ هَذَا الْإِعْنَادُ ظَاهِرٌ وَقَدْ عُقِدَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَجْلِسٌ حَافِلٌ مِنْ أَعْيَانِ الْأَفَاضِلِ وَاجْتَمَعَ رَأْيُ الْجَمِيعِ عَلَى خِلَافِ مَا زَعَمَهُ ذَلِكَ الزَّاعِمُ وَبَقِيَ هُوَ مُنْفَرِدًا فِي غَلَطِهِ وَلَمْ يَزَلْ إلَى الْآنِ زَائِدًا فِي شَطَطِهِ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ وَقْفَهُ مُنَجِّزًا عَلَى وَلَدِهِ إبْرَاهِيمَ وَعَلَى بِنْتِهِ رِضَا مَا دَامَتْ حَيَّةً بِلَا زَوْجٍ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَإِذَا تَزَوَّجَتْ سَقَطَ حَقُّهَا وَإِذَا تَأَيَّمَتْ عَادَ حَقُّهَا وَلَيْسَ لِأَوْلَادِهَا فِي الْوَقْفِ حَقٌّ مُطْلَقًا ثُمَّ مِنْ بَعْدِ وَلَدِهِ إبْرَاهِيمَ الْمَذْكُورِ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَنَسْلِهِمْ وَعَقِبِهِمْ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ وَطَبَقَةً بَعْدَ طَبَقَةٍ الذُّكُورُ دُونَ الْإِنَاثِ عَلَى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ عَنْ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ وَلَدٍ كَانَ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ كَانَ نَصِيبُهُ لِمَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ فَإِذَا انْقَرَضَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ نَسْلٌ وَلَا عَقِبٌ كَانَ ذَلِكَ وَقْفًا عَلَى أَقْرَبِ عَصَبَاتِ الْوَاقِفِ عَلَى الشَّرْطِ وَالتَّرْتِيبِ الْمَشْرُوحِ فَإِذَا انْقَرَضَتْ عَصَبَاتُ الْوَاقِفِ وَخَلَتْ الْأَرْضُ مِنْهُمْ كَانَ ذَلِكَ وَقْفًا عَلَى مَصَالِحِ الْحَرَمِ الشَّرِيف فَمَاتَ إبْرَاهِيمُ عَنْ ابْنِهِ أَحْمَدَ ثُمَّ مَاتَ أَحْمَدُ عَنْ ابْنِهِ إبْرَاهِيمَ ثُمَّ مَاتَ إبْرَاهِيمُ وَلَمْ يُعْقِبْ فَهَلْ يَئُولُ الْوَقْفُ إلَى عَصَبَاتِ الْوَاقِفِ؟
(الْجَوَابُ): لَا يَئُولُ الْوَقْفُ الْمَذْكُورُ لِعَصَبَاتِ الْوَاقِفِ لِأَنَّ الْوَاقِفَ شَرَطَ عَوْدَهُ لِعَصَبَاتِهِ بَعْدَ انْقِرَاضٍ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَنْقَرِضُوا مَعَ وُجُودِ رِضَا الْمَذْكُورَةِ وَشَرَطَ فِي نَصِيبِ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ عَوْدَهُ لِمَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ وَلَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ فِي دَرَجَةِ الْمُتَوَفَّى فَيَكُونُ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ فَلَا يَئُولُ لِلْعَصَبَاتِ لِعَدَمِ انْقِرَاضِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَلَا لِرِضَا لِكَوْنِهَا لَيْسَتْ فِي دَرَجَةِ الْمُتَوَفَّى بَلْ يَئُولُ لِلْفُقَرَاءِ فَتَأْخُذُ رِضَا حِصَّتَهَا وَهِيَ الثُّلُثُ مُدَّةَ حَيَاتِهَا وَمِنْ بَعْدِهَا لِأَوْلَادِهَا لِأَنَّ قَوْلَهُ عَلَى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ إلَخْ شَرْطٌ مُتَأَخِّرٌ نَاسِخٌ لِلْأَوَّلِ وَالثُّلُثَانِ لِلْفُقَرَاءِ كَمَا ذَكَرَ إلَى انْقِرَاضِ رِضَا وَذُرِّيَّتِهَا فَيَئُولُ الْوَقْفُ جَمِيعًا إلَى عَصَبَاتِ الْوَاقِفِ قَالَ فِي الْإِسْعَافِ وَلَوْ قَالَ عَلَى وَلَدِي هَذَيْنِ فَإِذَا انْقَرَضَتْ فَعَلَى أَوْلَادِهِمَا أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا إذَا انْقَرَضَ أَحَدُ الْوَلَدَيْنِ وَخَلَفَ وَلَدًا يُصْرَفُ نِصْفُ الْغَلَّةِ إلَى الْبَاقِي، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ إلَى الْفُقَرَاءِ بَحْرٌ وَنَحْوُهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَالتَّتَارْخَانِيَّة وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْحَانُوتِيُّ وَالْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا إذَا كَانَ رِضَا غَيْرَ فَقِيرَةٍ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ فَقِيرَةً فَيُصْرَفُ إلَيْهَا حِصَّةُ الْمُتَوَفَّى أَيْضًا مَعَ حِصَّتِهَا لِأَنَّهَا بِنْتُ الْوَاقِفِ وَذُرِّيَّةُ الْوَاقِفِ أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهِمْ مِنْ حَيْثُ الْفَقْرُ لِأَنَّهَا صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ لَا مِنْ حَيْثُ الِاسْتِحْقَاقُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
(أَقُولُ) وَقَوْلُهُ وَمِنْ بَعْدِهَا لِأَوْلَادِهَا إلَخْ أَفْتَى بِمِثْلِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي فَتَاوِيهِ حَيْثُ أَعْطَى أَوْلَادَ بِنْتٍ فِي وَقْفٍ مَشْرُوطٍ فِيهِ إعْطَاءَ أَوْلَادِ الظُّهُورِ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ قُلْت مَا تَفْعَلُ فِي قَوْلِهِ أَوْلَادُ الظُّهُورِ مِنْهُمْ دُونَ أَوْلَادِ الْبُطُونِ قُلْت قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْوَاقِفَ إذَا شَرَطَ شَرْطَيْنِ مُتَعَارِضَيْنِ يُعْمَلُ بِالْمُتَأَخِّرِ مِنْهُمَا وَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ إلَخْ مُتَأَخِّرٌ فَتَأَمَّلْ هَذَا مَا ظَهَرَ لِفَهْمِي الْقَاصِرِ وَمَنْ ظَهَرَ لَهُ خِلَافُ ذَلِكَ فَلْيُفِدْهُ وَلَهُ الْأَجْرُ الْوَافِرُ وَمَا أَبْرَزْت هَذَا الْجَوَابَ إلَّا بَعْدَ النَّظَرِ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَالْأَخْذِ الْمَذْكُورِ مِنْ عِبَارَاتِهِمْ يُفْهَمُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ.
كَلَامُهُ وَأَقُولُ أَيْضًا الْعَمَلُ بِالْمُتَأَخِّرِ مِنْ الشَّرْطَيْنِ الْمُتَعَارِضَيْنِ إنَّمَا هُوَ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ الْعَمَلُ بِهِمَا مَعًا وَهُوَ مَسْأَلَتُنَا مُمْكِنٌ بِأَنْ يُصْرَفَ الشَّرْطُ الْمُتَأَخِّرُ وَهُوَ قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ إلَخْ إلَى إبْرَاهِيمَ وَأَوْلَادِهِ وَنَسْلِهِ دُونَ بِنْتِ الْوَاقِفِ وَهُوَ رِضَا الْمَذْكُورَةِ لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ صَرِيحُ كَلَامِ الْوَاقِفِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَوْلَادِهَا فِي الْوَقْفِ حَقٌّ مُطْلَقًا فَهَذَا قَرِينَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى تَخْصِيصِ شَرْطِهِ الْعَامِّ الْمُتَأَخِّرِ بِعَوْدِهِ إلَى إبْرَاهِيمَ وَنَسْلِهِ دُونَهَا وَحِينَئِذٍ فَلَا تَعَارُضَ بَلْ فِيهِ الْعَمَلُ بِغَرَضِ الْوَاقِفِ الَّذِي هُوَ صَرِيحٌ فِي كَلَامِهِ وَقَدْ قَالَ فِي الْخَيْرِيَّةِ قَدْ صَرَّحُوا بِوُجُوبِ مُرَاعَاةِ غَرَضِهِ حَتَّى نَصَّ الْأُصُولِيُّونَ أَنَّ الْغَرَضَ يَصْلُحُ مُخَصِّصًا. اهـ.
فَلْيُتَأَمَّلْ وَانْظُرْ أَيْضًا مَا يَأْتِي فِي الصَّفْحَةِ الثَّانِيَةِ.
(سُئِلَ) فِي وَاقِفَةٍ أَنْشَأَتْ وَقْفَهَا عَلَى نَفْسِهَا أَيَّامَ حَيَاتِهَا ثُمَّ مِنْ بَعْدِهَا عَلَى زَوْجِهَا فُلَانٍ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَنَسْلِهِ وَعَقِبِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا وَدَائِمًا مَا بَقُوا عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَمَاتَتْ الْوَاقِفَةُ وَآلَ الْوَقْفُ إلَى زَوْجِهَا ثُمَّ مَاتَ زَوْجُهَا عَنْ ابْنَيْنِ وَبِنْتٍ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ ثُمَّ مَاتَتْ الْبِنْتُ عَنْ الِابْنِ الثَّانِي وَعَنْ أَوْلَادٍ فَهَلْ يَعُودُ نَصِيبُهَا إلَى شَقِيقِهَا أَمْ إلَى أَوْلَادِهَا؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ رَتَّبَ الْوَاقِفُ بِثُمَّ فَيَعُودُ نَصِيبُهَا إلَى شَقِيقِهَا وَلَا يَعُودُ لِأَوْلَادِهَا مَا دَامَ شَقِيقُهَا مَوْجُودًا قَالَ الْإِمَامُ الْخَصَّافُ فِي بَابِ الرَّجُلُ يَجْعَلُ أَرْضَهُ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى ذُرِّيَّةِ زَيْدٍ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى الْمَسَاكِينِ قَالَ الْوَقْفُ جَائِزٌ وَيَكُونُ لِذُرِّيَّةِ زَيْدٍ مَا بَقِيَ مِنْهُمْ أَحَدٌ فَإِذَا انْقَرَضُوا كَانَتْ لِلْمَسَاكِينِ. اهـ.
وَنُقِلَ فِي الْإِسْعَافِ فِي بَابِ الْوَقْفِ عَلَى الْأَوْلَادِ وَأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ وَلَوْ ذَكَرَ الْبُطُونَ الثَّلَاثَةَ ثُمَّ قَالَ عَلَى الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ أَوْ قَالَ عَلَى وَلَدِي ثُمَّ عَلَى وَلَدِ وَلَدِي ثُمَّ وَثُمَّ أَوْ قَالَ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ يَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ بِهِ الْوَاقِفُ وَلَا يَكُونُ لِلْبَطْنِ الْأَسْفَلِ شَيْءٌ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَعْلَى أَحَدٌ. اهـ.
وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ. (أَقُولُ) وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَجْعَلْ الْوَاقِفُ نَصِيبَ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ لِوَلَدِهِ فَإِنْ شَرَطَ ذَلِكَ أَخَذَ الْوَلَدُ نَصِيبَ أَبِيهِ مَعَ أَهْلِ طَبَقَةِ أَبِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
(سُئِلَ) مِنْ قَاضِي الشَّامِ سَنَةَ 1149 عَمَّنْ وَقَفَ وَقْفَهُ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى وَلَدِهِ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِمُفْرَدِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ كَذَلِكَ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ نَظِيرُ ذَلِكَ ثُمَّ عَلَى أَنْسَالِهِ وَأَعْقَابِهِ شِبْهُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَمِنْ أَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَأَنْسَالِهِمْ وَأَعْقَابِهِمْ عَنْ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ وَلَدٍ أَوْ نَسْلٍ أَوْ عَقِبٍ عَادَ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ أَوْ الْأَسْفَلِ مِنْهُ وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَمِنْ أَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَأَنْسَالِهِمْ وَأَعْقَابِهِمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ عَادَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ لِمَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى إلَخْ وَبَعْدَ انْقِرَاضِ ذُرِّيَّةِ وَلَدِهِ الْمَزْبُورِ يَعُودُ ذَلِكَ وَقْفًا شَرْعِيًّا عَلَى مَنْ يُوجَدُ مِنْ أَوْلَادِ الْإِنَاثِ الذُّكُورِ أَيْضًا دُونَ الْإِنَاثِ وَالْحُكْمُ فِيهِمْ كَالْحُكْمِ فِي أَوْلَادِ وَلَدِ الْوَاقِفِ عَلَى الشَّرْطِ وَالتَّرْتِيبِ الْمُعَيَّنَيْنِ أَعْلَاهُ فَإِذَا انْقَرَضُوا بِأَجْمَعِهِمْ فَعَلَى جِهَةِ بِرٍّ عَيَّنَهَا ثُمَّ مَاتَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ثَلَاثٍ بَنَاتٍ لَهُنَّ أَوْلَادٌ ذُكُورٍ فَلِمَنْ يَعُودُ رِيعُ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ.
(الْجَوَابُ): الَّذِي ظَهَرَ لَنَا فِي هَذَا الشَّرْطِ أَنَّهُ يَعُودُ لِأَوْلَادِ الْبَنَاتِ وَأَمَّا قَوْلُ الْوَاقِفِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ إلَخْ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِأَوْلَادِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ الذُّكُورِ وَأَمَّا الْبَنَاتُ فَإِنَّهُنَّ خَرَجْنَ بِصَرِيحِ كَلَامِهِ كَمَا يَظْهَرُ ذَلِكَ بِإِمْعَانِ النَّظَرِ وَبِاَللَّهِ سُبْحَانَهُ التَّوْفِيقُ. (أَقُولُ) يَعْنِي أَنَّ قَوْلَهُ عَلَى أَنَّ إلَخْ لَوْ عَادَ إلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَأَوْلَادِهِ لَكَانَ رِيعُ الْوَقْفِ لِبَنَاتِهِ الْمَذْكُورَاتِ دُونَ أَوْلَادِهِنَّ الذُّكُورِ مَعَ أَنَّ الْبَنَاتِ خَارِجَاتٌ فِي صَدْرِ كَلَامِ الْوَاقِفِ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا أَفْتَى بِهِ الْمُؤَلِّفُ نَفْسُهُ فِي مَسْأَلَةِ رِضَى الْمُتَقَدِّمَةِ قَبْلَ وَرَقَةٍ حَيْثُ جَعَلَ الْمُتَأَخِّرَ نَاسِخًا لِلْأَوَّلِ مَعَ تَصْرِيحِ الْوَاقِفِ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِأَوْلَادِهَا فِي الْوَقْفِ حَقٌّ مُطْلَقًا لَكِنَّهُ مُؤَيِّدٌ لِمَا قُلْنَاهُ هُنَاكَ وَالظَّاهِرُ انْتِقَالُ الرِّيعِ إلَى أَوْلَادِ الْبَنَاتِ الْمَذْكُورِينَ دُونَهُنَّ كَمَا ذُكِرَ وَإِنْ عَادَ قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ إلَخْ إلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَيْضًا لِأَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يَجْعَلْ لِلْإِنَاثِ فِي وَقْفِهِ حَظًّا مُطْلَقًا فِي جَمِيعِ الطَّبَقَاتِ حَيْثُ قَيَّدَ بِالذُّكُورِ فِي الطَّبَقَةِ الْأُولَى ثُمَّ قَيَّدَ أَيْضًا بِهِ فِيمَا بَعْدَهَا بِقَوْلِهِ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ نَظِيرُ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ شِبْهُ ذَلِكَ ثُمَّ قَيَّدَ بِهِ بَعْدَهُ أَيْضًا فِي الشُّرُوطِ فَلَا شَيْءَ لِبَنَاتِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بَعْدَ مَوْتِهِ نَعَمْ يَنْتَقِلُ لِأَوْلَادِهِنَّ الذُّكُورِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْوَاقِفِ وَبَعْدَ انْقِرَاضِ ذُرِّيَّةِ وَلَدِهِ عَلَى مَنْ يُوجَدُ مِنْ أَوْلَادِ الْإِنَاثِ الذُّكُورِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِي وَقْفٍ عَلَى الذُّرِّيَّةِ مِنْ شُرُوطِهِ أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ عَادَ نَصِيبُهُ لِمَنْ هُوَ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ الْمُتَنَاوِلِينَ لِرِيعِهِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ مِنْهُمْ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى فَمَاتَتْ امْرَأَةٌ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَيْسَ فِي دَرَجَتِهَا سِوَى أَوْلَادِ ابْنِ خَالَةِ أُمِّهَا الْمُتَنَاوِلِينَ وَلَهَا أَوْلَادُ أُخْتٍ مُتَنَاوِلُونَ أَنْزَلُ مِنْهَا بِدَرَجَةٍ فَلِمَنْ يَعُودُ نَصِيبُ الْمَرْأَةِ الْمُتَوَفَّاةِ الْمَذْكُورَةِ؟
(الْجَوَابُ): يَعُودُ نَصِيبُهَا إلَى أَوْلَادِ ابْنِ خَالَةِ أُمِّهَا الْمُتَنَاوِلِينَ الْمَرْقُومِينَ لِكَوْنِهِمْ فِي دَرَجَتهَا وَمِنْ ذَوِي طَبَقَتِهَا وَلَيْسَ فِي الدَّرَجَةِ غَيْرُهُمْ دُونَ أَوْلَادِ أُخْتِهَا الْمُتَنَاوِلِينَ وَإِنْ كَانُوا أَقْرَبَ إلَيْهَا عَمَلًا بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْوَاقِفِ فَإِنَّهُ اعْتَبَرَ الْأَقْرَبِيَّةَ الْمُقَيَّدَةَ بِالدَّرَجَةِ وَالطَّبَقَةِ لَا مُطْلَقَ الْقَرَابَةِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
كَتَبَهُ مُحَمَّدٌ الْعِمَادِيُّ الْمُفْتِي بِدِمَشْقَ وَالشَّامِ الْحَمْدُ لِلَّهِ تَعَالَى حَيْثُ شَرْطَ نَصِيبَ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ مَعَ قَيْدِ الْأَقْرَبِيَّةِ وَقَدْ عُلِمَ تَسَاوِي أَوْلَادِ ابْنِ خَالَةِ أُمِّهَا فِي الْقُرْبِ وَالدَّرَجَةِ يَعُودُ نُصِيبُهَا إلَيْهِمْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ حَامِدٌ الْعِمَادِيُّ الْمُفْتِي بِدِمَشْقَ الشَّامِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا شَرَطَ وَاقِفُو وَقْفٍ فِي كِتَابِ وَقْفِهِمْ شُرُوطًا مِنْهَا أَنَّ الْوَقْفَ مُتَّصِلُ الِابْتِدَاءِ وَالْوَسَطِ وَالِانْتِهَاءِ فَابْتِدَاؤُهُ عَلَى الْوَاقِفِينَ مُدَّةَ حَيَاتِهِمْ ثُمَّ مِنْ بَعْدِ كُلٍّ مِنْهُمْ يَعُودُ نَصِيبُهُ وَقَفَا عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَنْسَالِهِ وَأَعْقَابِهِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ عَلَى أَنَّ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ وَتَرَكَ وَلَدًا أَوْ وَلَدَ وَلَدٍ أَوْ نَسْلًا أَوْ عَقِبًا عَادَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى وَلَدِهِ ثُمَّ عَلَى وَلَدِ وَلَدِهِ ثُمَّ عَلَى نَسْلِهِ وَعَقِبِهِ وَمَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ عَادَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ وَقْفًا عَلَى مَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ مَاتَ الْوَاقِفُونَ ثُمَّ مَاتَ جَمَاعَةٌ مِنْ مُسْتَحِقِّي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ ذُكُورًا وَإِنَاثًا عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ فَتَرَافَعَ بَعْضُ مُسْتَحِقِّي الْوَقْفِ مَعَ بَعْضِهِمْ لَدَى قَاضِي الْقُضَاةِ بِحُضُورِ نَاظِرِ الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ فِي خُصُوصِ حِصَّةِ مَنْ مَاتَ عَقِيمًا عَلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِمْ وَذَوِي طَبَقَتِهِمْ فَطَلَبَ بَعْضُهُمْ تَوْزِيعَهَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَطَلَبَ بَعْضُهُمْ تَوْزِيعَهَا بِالسَّوِيَّةِ فَسَأَلَهُمْ الْحَاكِمُ الْمُتَدَاعِي لَدَيْهِ أَهَكَذَا شَرَطَ الْوَاقِفُونَ وَهَلْ وَقَعَ مِثْلُ هَذِهِ الْحَادِثَةِ فِي هَذَا الْوَقْفِ وَكَيْفَ تَصَرَّفَ الْقُوَّامُ السَّابِقُونَ فِي ذَلِكَ فَأَجَابُوا بِأَنَّهُ هَكَذَا شَرَطَ الْوَاقِفُونَ وَإِنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ مِثْلُ هَذِهِ الْحَادِثَةِ فِي هَذَا الْوَقْفِ وَلَا تَصَرَّفَ الْقُوَّامُ السَّابِقُونَ بِشَيْءٍ مِمَّا وَقَعَ النِّزَاعُ فِيهِ الْآنَ.
وَأَبْرَزُوا كِتَابَ الْوَقْفِ فَوَجَدَهُ مُطَابِقًا لِمَا ذَكَرُوهُ مِنْ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ فَتَأَمَّلْهُ وَعَرَفَهُمْ إنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ شَرْطٌ مُنَاقِضٌ لِأَوَّلٍ الْكَلَامِ لَا يُمْكِنُ فِيهِ التَّوْفِيقُ حَتَّى يُجْعَلَ نَاسِخًا لِلْأَوَّلِ أَوْ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ لَيْسَ بِتَابِعٍ لِلْأَوَّلِ بَلْ هُوَ نَاظِرٌ لِلْأَوَّلِ وَهُوَ تَفْصِيلٌ بَعْدَ إجْمَالٍ فَإِنَّ الْوَاقِفِينَ وَقَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ وَثُمَّ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ثُمَّ فَصَّلُوا وَبَيَّنُوا كَيْف يُوَزِّع فَقَالُوا إنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ وَمِنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِمَنْ هُوَ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ فَقَدْ أَجْمَلُوا أَوَّلًا ثُمَّ فَصَّلُوا وَبَيَّنُوا بَعْدَهُ فَالشَّرْطُ مُقَدَّمٌ لِأَنَّ الشَّرْطَ وَإِنْ تَأَخَّرَ لَفْظًا فَهُوَ مُقَدَّمٌ تَقْدِيرًا وَلَيْسَ بِشَرْطٍ مُنَاقِضٍ لِلْأَوَّلِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ حَتَّى يُجْعَلَ نَاسِخًا بَلْ شَرْطٌ مُتَمِّمٌ لِلْأَوَّلِ وَمُبَيِّنٌ لِطَرِيقَةِ تَوْزِيعِهِ مَعَ مُلَاحَظَةِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ لَا سِيَّمَا وَقَدْ تَوَسَّطَ الْحَرْفُ الْمَوْضُوعُ لِلتَّشْرِيكِ وَالْجَمْعِ فَيُجْعَلُ الْكُلُّ بِمَنْزِلَةِ جُمْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ بِمَعْنَى مَعَ فَيَسْتَمِرُّ الْوَصْفُ الْمَذْكُورُ مُلَاحَظًا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ فَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِأَنَّهُ يُوَزَّعُ نَصِيبُ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ عَلَى أَهْلِ دَرَجَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَأَمَرَ النَّاظِرُ الْمَرْقُومُ بِالتَّوْزِيعِ كَذَلِكَ حُكْمًا وَأَمْرًا شَرْعِيَّيْنِ بِالْتِمَاسٍ شَرْعِيٍّ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً شَرْعِيَّةً فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِهَا بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ.
(أَقُولُ) وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ وَثُمَّ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ثُمَّ شَرَطَ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَقِيمًا فَنَصِيبُهُ لِأَهْلِ دَرَجَتِهِ فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمْ عَقِيمًا وَفِي دَرَجَتِهِ ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ يُوَزَّعُ نَصِيبُ الْمُتَوَفَّى بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَإِنْ تَرَكَ الْوَاقِفُ التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ وَلَا يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى السَّوِيَّةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُقْسَمُ بِالسَّوِيَّةِ لَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْمُفَاضَلَةَ وَهُوَ قَدْ اشْتَرَطَهَا أَوَّلًا فِي قِسْمَةِ رِيعِ الْوَقْفِ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِهِمْ وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ قِسْمَةُ نَصِيبِ الْمُتَوَفَّى عَقِيمًا عَلَى أَهْلِ دَرَجَتِهِ فَيَنْسَحِبُ الشَّرْطُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ فِيهِ لِأَنَّ قَوْلَهُ عَلَى أَنَّ إلَخْ تَفْصِيلٌ لِمَا أَجْمَلَهُ أَوَّلًا مِنْ قَوْلِهِ عَلَى أَوْلَادِي إلَخْ وَهُوَ كَلَامٌ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا فِي فَتَاوَى الْمُحَقِّقِ ابْنِ حَجَرٍ عَنْ شَيْخِهِ الْعَلَّامَةِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ الْقَاضِي زَكَرِيَّا مِمَّا حَاصِلُهُ أَنَّ زَيْدًا مَلَّكَ عَمْرًا الْأَجْنَبِيَّ أَرْضًا لِيَقِفَهَا عَلَيْهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ فَلَمَّا مَلَكَهَا عَمْرٌو وَقَفَهَا عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ الْخَمْسَةِ وَعَدَّهُمْ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ وَإِنْ سَفَلَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَيْهِ وَمَنْ مَاتَ عَقِيمًا فَنَصِيبُهُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَنَسْلِهِمْ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ فَمَاتَ زَيْدٌ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ أَوْلَادِهِ الْخَمْسَةِ عَنْ بِنْتٍ ثُمَّ مَاتَتْ الْبِنْتُ عَقِيمًا وَفِي دَرَجَتِهَا أَوْلَادُ أَعْمَامِهَا فَأَجَابَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْمَذْكُورُ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَنْتَقِلَ نَصِيبُهَا لِلْأَقْرَبِ إلَى الْوَاقِفِ وَهُوَ الرَّجُلُ الْأَجْنَبِيُّ الَّذِي جُعِلَ وَاسِطَةً لِانْقِطَاعِ الْوَقْفِ فِي حِصَّتِهَا عَمَلًا بِقَضِيَّةِ شَرْطِ الْوَاقِفِ فِي الْأَوْلَادِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَنْتَقِلَ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهَا وَهُمْ أَوْلَادُ أَعْمَامِهَا تَسْوِيَةً بَيْنَ الْمُتَعَاطِفِينَ فِي الْمُتَعَلِّقِ وَإِنْ كَانَ مُتَوَسِّطًا وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ لَا لِاطِّرَادِهِ بَلْ لِلْقَرِينَةِ وَهِيَ الْغَالِبُ وَغَرَضُ الْوَاقِفِ إذْ الْغَالِبُ اتِّصَالُ الْوَقْفِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَأَنْ يَكُونَ مَنَافِعُ الْمَوْقُوفِ لَهُ وَلِذُرِّيَّتِهِ مَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ مَانِعٌ ظَاهِرٌ. اهـ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ اشْتِرَاطَ انْتِقَالِ نَصِيبِ الْمُتَوَفَّى عَقِيمًا إلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ إنَّمَا ذُكِرَ فِي أَوْلَادِ زَيْدٍ الْخَمْسَةِ فَقَطْ وَلَمْ يُصَرَّحْ بِهِ فِي أَوْلَادِهِمْ وَنَسْلِهِمْ لَكِنْ لَمَّا عَطَفَ أَوْلَادَهُمْ عَلَيْهِمْ اشْتَرَكُوا فِي الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ فَصَارَ مُنْسَحِبًا عَلَى الْجَمِيعِ تَسْوِيَةً بَيْنَ الْمُتَعَاطِفَيْنِ لِلْقَرِينَةِ الْمَذْكُورَةِ وَهِيَ كَوْنُ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا هِيَ الْغَالِبَ وَكَوْنُ غَرَضِ الْوَاقِفِ الِاتِّصَالُ وَعَدَمُ الِانْقِطَاعِ إذْ لَوْ لَمْ يُصْرَفْ نَصِيبُ الْبِنْتِ إلَى أَوْلَادِ عَمِّهَا صَارَ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ فَيُصْرَفُ نَصِيبُهَا إلَى الْأَقْرَبِ إلَى الْوَاقِفِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فَفِي ذَلِكَ تَأْيِيدٌ لِمَا أَفْتَى بِهِ الْمُؤَلِّفُ مِنْ صِحَّةِ الْحُكْمِ بِمَا مَرَّ لَا يُقَالُ يُخَالِفُ ذَلِكَ مَا فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْوَقْفِ مِنْ الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ مِمَّا حَاصِلُهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ شَمْسِ الدِّينِ وَرَجَبٍ وَرَهْجَةَ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ الذُّكُورِ الْمَذْكُورِينَ دُونَ الْأُنْثَى ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ فَمَاتَ الْوَاقِفُ وَمَاتَتْ بِنْتُهُ رَهْجَةُ عَقِيمًا وَمَاتَ وَلَدَاهُ شَمْسُ الدِّينِ وَرَجَبٌ عَنْ أَوْلَادٍ فَكَيْفَ يُقَسَّمُ الْوَقْفُ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يُقَسَّمُ عَلَى أَوْلَادِ الْمَذْكُورِينَ الْمُسْتَوِينَ فِي الدَّرَجَةِ وَلَا يَفْضُلُ الذَّكَرُ الْأُنْثَى فِيهِمْ إذْ شَرْطُ التَّفَاضُلِ فِي أَوْلَادِ الْوَاقِفِ لَا غَيْرُ وَلَمْ يَشْرِطْهُ فِي غَيْرِهِمْ فَبَقِيَ مُطْلَقًا وَفِيهِ يَسْتَوِي الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى. اهـ.
لِأَنَّا نَقُولُ إنَّ اشْتِرَاطَ التَّفَاضُلِ فِي مَسْأَلَتِنَا الْمَارَّةِ مَذْكُورٌ فِي أَوْلَادِ الْوَاقِفِ وَأَوْلَادِهِمْ وَنَسْلِهِمْ فَيَنْسَحِبُ ذَلِكَ الشَّرْطُ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَأَخِّرِ فِي بَيَانِ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ عَقِيمًا إذْ هُوَ مِمَّنْ شَمَلَهُمْ الشَّرْطُ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ بِخِلَافِ مَا فِي الْخَيْرِيَّةِ فَإِنَّ الشَّرْطَ لَمْ يُذْكَرْ إلَّا فِي أَوْلَادِ الْوَاقِفِ فَقَطْ ثُمَّ أُطْلِقَ فِي أَوْلَادِهِمْ وَالْأَصْلُ فِي بَابِ الْوَقْفِ الْقِسْمَةُ بِالسَّوِيَّةِ إلَّا إذَا اشْتَرَطَ التَّفَاضُلَ، وَإِلَّمْ يَشْتَرِطْهُ فَلَا يُعْدَلُ عَنْ الْأَصْلِ وَلَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ حَتَّى يُسَوِّيَ بَيْنَ الْمُتَعَاطِفَيْنِ فَتَأَمَّلْ.
وَقَدْ أَفْتَى بِنَظِيرِ مَا فِي الْخَيْرِيَّةِ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ الْغَزِّيُّ السَّائِحَانِيُّ وَاسْتَشْهَدَ بِمَا فِي الْخَيْرِيَّةِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ فِي مَسْأَلَةِ الْخَيْرِيَّةِ تَنْبِيهًا عَلَى فَائِدَةٍ سَنِيَّةٍ وَهِيَ أَنَّ قَوْلَ الْوَاقِفِينَ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ مَعْنَاهُ الْمُفَاضَلَةُ لَا الْقِسْمَةُ بِالسَّوِيَّةِ وَبِهِ أَفْتَى الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ أَيْضًا وَأَفْتَى بِهِ أَيْضًا الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ كَمَا هُوَ مَسْطُورٌ فِي فَتَاوَاهُ وَكَذَا شَيْخُ مَشَايِخِنَا السَّائِحَانِيُّ وَكَذَا جَدُّ الْمُؤَلِّفِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَفَنْدِي كَمَا سَنُنَبِّهُ عَلَيْهِ فِي مَحَلِّهِ وَكَذَا أَفْتَى بِهِ غَيْرُهُمْ مِنْ أَئِمَّةٍ مُعْتَبَرِينَ مِنْهُمْ الْعَلَّامَةُ الشِّهَابُ أَحْمَدُ الشَّلَبِيُّ الْحَنَفِيُّ وَالْعَلَّامَةُ التُّمُرْتَاشِيُّ وَالْإِمَامُ الْبُلْقِينِيُّ الشَّافِعِيُّ وَالشِّهَابُ أَحْمَدُ الرَّمْلِيُّ الْكَبِيرُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمْ بِنَاءً عَلَى مَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ بَيْنَ النَّاسِ الَّذِي لَا يَكَادُونَ يَفْهَمُونَ غَيْرَهُ وَلِذَا يُرْدِفُونَ هَذَا اللَّفْظَ فِي أَكْثَرِ الْمَوَاضِعِ بِقَوْلِهِمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ تَصْرِيحًا بِمَعْنَاهُ الْمُرَادِ وَلَوْ كَانَ مَعْنَاهُ الْقِسْمَةَ بِالسَّوِيَّةِ لَكَانَ تَنَاقُضًا وَلَكَانَ الصَّوَابُ أَنْ يُرْدِفُوهُ بِقَوْلِهِمْ سَوِيَّةً بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى مَعَ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يُتَعَارَفْ وَلَمْ يُسْمَعْ أَصْلًا بَلْ الْمُتَعَارَفُ أَنَّ الْقِسْمَةَ الشَّرْعِيَّةَ مَعْنَاهَا الْمُفَاضَلَةُ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ صَرَّحَ بَعْدَهَا بِأَنَّهَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ أَوْ لَا وَمَنْ جَهِلَ ذَلِكَ فَلْيَسْأَلْ الْعَوَامَّ فَضْلًا عَنْ الْخَوَاصِّ.
وَقَدْ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ فِي قَاعِدَةِ الْعَادَةُ مُحَكَّمَةٌ نَقْلًا عَنْ وَقْفِ فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّ أَلْفَاظَ الْوَاقِفِينَ تُبْنَى عَلَى عُرْفِهِمْ. اهـ.
فَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الْمِنْقَارِ وَأَلَّفَ فِيهِ رِسَالَةً مِنْ أَنَّ مَعْنَاهُ الْقِسْمَةُ بِالسَّوِيَّةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَإِنْ تَبِعَهُ مِنْ أَهْلِ عَصْرِهِ بَعْضُ الْأَخْيَارِ وَأَقَرَّهُ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَقَدْ أَوْضَحْت ذَلِكَ فِي رِسَالَةٍ مُهِمَّةٍ تَلْزَمُ مُطَالَعَتُهَا لِكُلِّ ذِي هِمَّةٍ فَإِنَّ فِيهَا مِنْ الْكَشْفِ عَنْ هَذِهِ الْمُدْلَهِمَّةِ مَا يُزِيحُ عَنْ الْفُؤَادِ غَمَّهُ وَهَمَّهُ وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَنْشَأَ وَاقِفٌ وَقْفَهُ عَلَى نَفْسِهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ الثَّلَاثَةِ مُحَمَّدٍ وَمَحْمُودٍ وَمَحْفُوظٍ وَعَلَى مَنْ سَيَحْدُثُ لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ الذُّكُورِ سَوِيَّةً بَيْنَهُمْ ثُمَّ مِنْ بَعْدِ كُلٍّ مِنْهُمْ يَعُودُ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهِ عَلَى أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ بَيْنَهُمْ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ مُدَّةَ حَيَاةِ الْإِنَاثِ وَمَنْ مَاتَ مِنْ الْإِنَاثِ عَادَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهَا مِنْ ذَلِكَ عَلَى إخْوَتِهَا وَأَخَوَاتِهَا دُونَ أَوْلَادِهَا ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ كَذَلِكَ ثُمَّ عَلَى أَنْسَالِهِ وَأَعْقَابِهِ وَذُرِّيَّاتِهِ نَظِيرُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ عَنْ وَلَدٍ أَوْ أَسْفَلَ مِنْهُ يَعُودُ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ إلَى وَلَدِهِ أَوْ الْأَسْفَلِ مِنْهُ وَعَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ يَعُودُ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ إلَى مَنْ هُوَ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْهُمْ إلَى الْمُتَوَفَّى إلَخْ فَمَاتَ الْوَاقِفُ ثُمَّ مَاتَ أَوْلَادُهُ الثَّلَاثَةُ الْمَذْكُورُونَ عَنْ أَوْلَادٍ ذُكُورٍ وَإِنَاثٍ ثُمَّ مَاتَ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ عَنْ أَوْلَادٍ وَذُرِّيَّةٍ ذُكُورٍ وَإِنَاثٍ فَهَلْ يَدْخُلُ أَوْلَادُ الْإِنَاثِ مَعَ أَوْلَادِ الذُّكُورِ فِي هَذَا الْوَقْفِ بِمُقْتَضَى قَوْلِهِ آخِرًا عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ إلَخْ أَوْ لَا يَدْخُلُونَ بَيِّنُوا لَنَا الْجَوَابَ بِمَا يَظْهَرُ لَكُمْ مِنْ الصَّوَابِ؟
(الْجَوَابُ): الْحَمْدُ لِلَّهِ تَعَالَى مُقْتَضَى مَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ هَذَا الشَّرْطِ أَنَّ أَوْلَادَ الْإِنَاثِ يَدْخُلُونَ لِأَنَّ الْوَاقِفَ عَمَّمَ آخِرًا فَقَالَ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ لِمَا ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ إذَا ذَكِرَ الْوَاقِفُ عِبَارَتَيْنِ مُتَنَافِيَتَيْنِ فَإِنْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِأَنْ يُحْمَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى حَالٍ وَجَبَ الْمَصِير إلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ يُعْمَلُ بِالْمُتَأَخِّرِ مِنْهُمَا وَيَكُونُ نَاسِخًا لِلْأَوَّلِ وَقَالُوا أَيْضًا إذَا تَعَارَضَ عِبَارَتَانِ فِي كَلَامِ الْوَاقِفِ إحْدَاهُمَا تَقْتَضِي حِرْمَانَ بَعْضِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَالْأُخْرَى تَقْتَضِي عَدَمَهُ فَالْأَقْرَبُ إلَى مَقَاصِدِ الْوَاقِفِينَ أَنَّهُمْ لَا يَقْصِدُونَ حِرْمَانَ أَحَدٍ مِنْ ذُرِّيَّتِهِمْ فَيَتَرَجَّحُ الْكَلَامُ الثَّانِي لِأَنَّ الْحِرْمَانَ لَيْسَ مِنْ مَقَاصِدِ الْوَاقِفِينَ غَالِبًا فَكَأَنَّ الْوَاقِفَ رَجَعَ عَنْ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ لِمَا لَزِمَ مِنْهُ حِرْمَانُ بَعْضِ ذُرِّيَّتِهِ فَعَمَّمَ بِقَوْلِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ فَقَدْ نَصَّ أَوَّلًا فِي كَلَامِهِ عَلَى أَوْلَادِ الظُّهُورِ دُونَ أَوْلَادِ الْبُطُونِ ثُمَّ عَمَّمَ بِقَوْلِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَأَكَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ أَجْمَعِينَ فَيُعْمَلُ بِهِ لِأَنَّهُ مُتَأَخِّرٌ وَالْعَمَلُ يَكُونُ بِالْمُتَأَخِّرِ كَمَا صَرَّحُوا بِذَلِكَ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ فِي بَحْثِ الْعَامِّ.
وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ مِنْهُمْ رَاجِعٌ إلَى مَا تَقَدَّمَ الْمُؤَكَّدِ بِقَوْلِهِ أَجْمَعِينَ وَالْمُتَقَدِّمُ الذُّكُورُ وَبَنَاتُ الذُّكُورِ فَيَرْجِعُ الْأَمْرُ إلَيْهِنَّ أَيْضًا فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ أَوْلَادُهُنَّ وَإِنْ أَرْجَعْنَا الضَّمِيرَ إلَى الذُّكُورِ فَقَطْ تَصْحِيحًا لِلْكَلَامَيْنِ فَيَحْتَاجُ إلَى شَيْءٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَلَيْسَ هُنَا شَيْءٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ الْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ فَبَقِيَ شَرْطَانِ مُتَنَاقِضَانِ فَيُعْمَلُ بِالْمُتَأَخِّرِ مِنْهُمَا وَهُوَ إدْخَالُ أَوْلَادِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ جَمِيعًا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ أَجْمَعِينَ وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَا مَا أَجَابَ بِهِ الشَّيْخُ الْحَانُوتِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي بَعْضِ فَتَاوِيهِ بِقَوْلِهِ وَأَمَّا إنْ نَصَّ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ عَلَى أَوْلَادِ الظُّهُورِ دُونَ أَوْلَادِ الْبُطُونِ ثُمَّ عَمَّمَهُمْ بِالذُّرِّيَّةِ فَيُعْمَلُ بِهِ أَيْضًا لِأَنَّهُ مُتَأَخِّرٌ وَالْعَمَلُ عَلَى الْمُتَأَخِّرِ وَلِأَنَّ الْعَامَّ قَطْعِيٌّ يُعَارِض الْخَاصَّ عِنْدَنَا. اهـ.
وَيَشْهَدُ لِمَا ذَكَرْنَا مَا ذَكَرَهُ فِي الْإِسْعَافِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ قَالَ أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى وَلَدِي لِصُلْبِي مَا دَامُوا أَحْيَاءً يَجْرِي ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَلَا يَخْرُجُ عَنْهُمْ شَيْءٌ مِنْهَا إلَى غَيْرِهِمْ حَتَّى يَنْقَرِضُوا فَإِذَا انْقَرَضُوا تَكُونُ الْغَلَّةُ لِوَلَدِ وَلَدِي وَأَوْلَادِهِمْ وَنَسْلِهِمْ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَكُلَّمَا حَدَثَ الْمَوْتُ عَلَى وَلَدِي لِصُلُبِي كَانَ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ لِوَلَدِهِ ثُمَّ لِوَلَدِ وَلَدِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا وَكُلُّ مَنْ مَاتَ مِنْ وَلَدِي أَوْ وَلَدِ وَلَدِي عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ كَانَ نَصِيبُهُ رَاجِعًا إلَى أَصْلِ الْوَقْفِ وَجَارِيًا مَجْرَاهُ كَانَ الْوَقْفُ جَائِزًا وَتُصْرَفُ غَلَّتُهُ لِمَا شَرَطَهُ ثُمَّ إذَا مَاتَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلَادِ الصُّلْبِ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ إلَى وَلَدِهِ عَلَى مَا شَرَطَهُ ثَانِيًا مِنْ انْتِقَالِهِ إلَى وَلَدِ وَلَدِهِ وَانْتَسَخَ بِهِ قَوْلُهُ لَا يَخْرُجُ عَنْهُمْ شَيْءٌ مِنْهَا إلَخْ لِكَوْنِهِ مُتَأَخِّرًا مُفَسِّرًا. اهـ.
مَا ذَكَرَهُ فِي الْإِسْعَافِ فِي بَابِ الْوَقْفِ عَلَى أَوْلَادِهِ وَهَذَا مَا ظَهَرَ لَنَا الْآنَ عَمَّا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ مِنْ الْجَوَابِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا شَرَطَ وَاقِفٌ وَقْفَ أَهْلِيٍّ شُرُوطًا مِنْهَا أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِهِمْ وَذُرِّيَّتِهِمْ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ وَمَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ عَادَ نَصِيبُهُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى ثُمَّ مَاتَ مِنْهُمْ رَجُلٌ عَقِيمًا وَالْمَوْجُودُ بِنْتُ خَالَتِهِ وَأَوْلَادُ ابْنِ خَالَتِهِ وَعَادَ نَصِيبُهُ لِبِنْتِ خَالَتِهِ ثُمَّ مَاتَتْ بِنْتُ خَالَتِهِ عَنْ بِنْتَيْنِ وَآلَ نَصِيبُهَا الْأَصْلِيُّ وَالْآيِلُ إلَيْهِمَا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ فَقَامَ أَوْلَادُ ابْنِ الْخَالَةِ يُعَارِضُونَ الْبِنْتَيْنِ فِي نَصِيبِ الرَّجُلِ الْمُتَوَفَّى الْمَزْبُورِ الْآيِلِ لِأُمِّهِمَا زَاعِمِينَ أَنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَيْهِمْ بِمَوْتِهِ فَهَلْ لَا يَنْتَقِلُ إلَيْهِمْ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِمْ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ أَقُولُ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ إلَيْهِمْ شَيْءٌ أَصْلًا مِنْ النَّصِيبِ الْآيِلِ عَنْ الرَّجُلِ إلَى بِنْتِ خَالَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهَا وَإِنْ كَانَ أَوْلَادُ ابْنِ الْخَالَةِ مُسَاوِينَ لِهَاتَيْنِ الْبِنْتَيْنِ فِي الدَّرَجَةِ وَفِي الْأَقْرَبِيَّةِ إلَى الرَّجُلِ الْمُنْتَقِلِ عَنْهُ ذَلِكَ النَّصِيبُ لِأَنَّ مَا آلَ عَنْهُ إلَى بِنْتِ خَالَتِهِ صَارَ يُسَمَّى نَصِيبَهَا فَيُنْقَلُ مَعَ نَصِيبِهَا الْأَصْلِيِّ إلَى بِنْتَيْهَا وَيُشْكَلُ انْتِقَالُ مَا آلَ إلَيْهَا إلَى بِنْتَيْهَا بِمَا فِي شَرْحِ الْأَشْبَاهِ لِلْبِيرِيِّ حَيْثُ قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ مَا نَصُّهُ وَهَاهُنَا دَقِيقَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ النَّصِيبَ الْمُنْتَقِلَ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ الْمُنْتَقِلُ عَنْهُ اسْتَحَقَّهُ بِنَفْسِهِ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ الْأَوَّلِ حَتَّى لَوْ مَاتَ الِابْنُ الْمُنْتَقِلُ إلَيْهِ نَصِيبُ أَبِيهِ لَا يَنْتَقِلُ هَذَا النَّصِيبُ إلَى ابْنِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِنَصِيبِ أَبِيهِ بَلْ نَصِيبُ جَدِّهِ وَنَصِيبُ أَبِيهِ هُوَ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ أَبُوهُ مِنْ الْوَقْفِ بِنَفْسِهِ فَتَأَمَّلْهُ فَقَدْ جَهِلَهُ الْكَثِيرُ مِنْ أَهْلِ الْعَصْرِ. اهـ.
لَكِنْ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ غَالِبَ الْأَنْصِبَاءِ فِي الْأَوْقَافِ الْمَشْرُوطِ فِيهَا انْتِقَالُ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ إلَى وَلَدِهِ ثُمَّ إلَى وَلَدِ وَلَدِهِ إنَّمَا تَكُونُ بِطَرِيقِ الِانْتِقَالِ مِنْ الْأَبِ إلَى ابْنِهِ ثُمَّ مِنْهُ إلَى ابْنِ ابْنِهِ وَهَكَذَا مَا لَمْ تُنْقَضْ الْقِسْمَةُ بِانْقِرَاضِ كُلِّ طَبَقَةٍ عُلْيَا عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ وَمِثْلُهُ الِانْتِقَالُ إلَى أَهْلِ الدَّرَجَةِ وَلَمْ أَرَ مَنْ قَيَّدَ كَذَلِكَ بِالنَّصِيبِ الْأَصْلِيِّ إلَّا مَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ مُفْتِي طَرَابُلُسَ بِقَوْلِهِ سُئِلَ فِي وَقْفٍ ثَابِتِ الْمَضْمُونِ شَرَطَ وَاقِفُهُ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ شُرُوطًا مِنْهَا أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ الْمُسْتَحَقِّينَ فِيهِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ عَادَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَى الْمُتَوَفَّى مِنْ ذَلِكَ إلَى مَنْ هُوَ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ وَمَاتَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْتَحَقِّينَ فِيهِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ فَانْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى زَيْدٍ الَّذِي هُوَ أَقْرَبُ مَنْ يُسَاوِيهِ فِي دَرَجَتِهِ وَضَمَّ زَيْدٌ ذَلِكَ إلَى نَصِيبِهِ الَّذِي كَانَ تَلَقَّاهُ عَنْ أُصُولِهِ فَهَلْ إذَا مَاتَ زَيْدٌ أَيْضًا عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ يَكُونُ هَذَا النَّصِيبُ الَّذِي تَلَقَّاهُ بِكَوْنِهِ أَقْرَبَ دَرَجَةً لِمَنْ يَلِي زَيْدًا فِي أَقْرَبِيَّةِ الدَّرَجَةِ مِنْ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ إلَيْهِ فَالْأَقْرَبُ وَيَكُونُ نَصِيبُهُ الَّذِي تَلَقَّاهُ عَنْ أُصُولِهِ لِأَقْرَبِ مَنْ يُسَاوِيهِ فِي دَرَجَتِهِ أَوْ يَكُونُ نَصِيبَاهُ مَعًا لِأَقْرَبِ مَنْ يُسَاوِيهِ فِي دَرَجَتِهِ أَفْتَوْنَا مَأْجُورِينَ الْجَوَابُ لَا يَكُونُ لِأَقْرَبِ مَنْ يُسَاوِي زَيْدًا فِي دَرَجَتِهِ إلَّا نَصِيبُهُ الَّذِي تَلَقَّاهُ عَنْ أُصُولِهِ.
وَأَمَّا النَّصِيبُ الَّذِي تَلَقَّاهُ بِكَوْنِهِ أَقْرَبَ دَرَجَةً مِنْ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ لِمَنْ هُوَ أَقْرَبُ إلَيْهِ دَرَجَةً بَعْدَ زَيْدٍ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ إلَيْهِ فَالْأَقْرَبُ فَحَيْثُ مَاتَ زَيْدٌ انْتَقَلَ ذَلِكَ النَّصِيبُ لِمَنْ هُوَ أَقْرَبُ مِنْ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ بَعْدَهُ لِأَنَّا لَوْ جَعَلْنَاهُ لِأَقْرَبِ مَنْ يُسَاوِي زَيْدًا فِي دَرَجَتِهِ لَزِمَ إلْغَاءُ قَوْلِ الْوَاقِفِ فَالْأَقْرَبُ وَنَصُّ الْوَاقِفِ كَنَصِّ الشَّارِعِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَصَّافُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي بَابِ يَقِفُ الرَّجُلُ أَرْضَهُ عَلَى قَرَابَتِهِ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا جَعَلَ أَرْضًا لَهُ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَبَدًا عَلَى قَرَابَتِهِ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ وَمِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَالْوَقْفُ جَائِزٌ وَتَكُونُ غَلَّةُ هَذَا الْوَقْفِ كُلُّهَا لِأَقْرَبِ قَرَابَةٍ مِنْهُ وَاحِدًا كَانَ أَقْرَبُهُمْ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ قُلْت فَإِنْ مَاتَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَانُوا أَقْرَبَ إلَيْهِ قَالَ تَكُونُ الْغَلَّةُ لِمَنْ يَلِيهِمْ. اهـ.
وَقَالَ أَيْضًا فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ فَإِنْ قَالَ أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَبَدًا عَلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِي وَأَهْلِ بَيْتِي الْأَقْرَبِ مِنْهُمْ فَالْأَقْرَبِ قَالَ الْوَقْفُ جَائِزٌ فَإِذَا جَاءَتْ الْغَلَّةُ أُعْطِيَ أَقْرَبُهُمْ إلَى الْوَاقِفِ فَإِنْ مَاتَ أَقْرَبُهُمْ وَهُوَ الَّذِي كَانَ يَأْخُذُ الْغَلَّةَ كَانَتْ الْغَلَّةُ لِلَّذِي يَلِي هَذَا فِي الْقُرْبِ وَأَعْطَى الْغَلَّةَ لِأَقْرَبِهِمْ بَعْدَ الْأَوَّلِ. اهـ.
وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْعَلِيمُ وَكَتَبَهُ مُحَمَّدٌ الْمُفْتِي فِي طَرَابُلُس الشَّامِ عُفِيَ عَنْهُ.
(وَأَقُولُ) وَفِي هَذَا نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ الْخَصَّافِ لَا يُفِيدُ مُدَّعَاهُ بَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ اسْتَحَقَّ شَيْئًا مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ صَارَ ذَلِكَ الشَّيْءُ نَصِيبَهُ سَوَاءٌ اسْتَحَقَّهُ مِنْ جِهَةِ أُصُولِهِ أَوْ آلَ إلَيْهِ مِنْ أَهْلِ دَرَجَتِهِ فَجَمِيعُ مَا اسْتَحَقَّهُ زَيْدٌ الْمَذْكُورُ وَمَا آلَ إلَيْهِ يُسَمَّى نَصِيبَهُ وَجَارِيًا عَلَيْهِ فَإِذَا مَاتَ زَيْدٌ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ عَادَ نَصِيبُهُ الْمَذْكُورُ إلَى الْأَقْرَبِ إلَيْهِ لَا إلَى الْأَقْرَبِ إلَى الْمُتَوَفَّى الْأَوَّلِ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ عَادَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهِ إلَخْ فَكُلُّ مَنْ تُوُفِّيَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ شَمِلَهُ قَوْلُ الْوَاقِفِ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ لِأَنَّ كَلِمَةَ مِنْ عَامَّةٌ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِ الْوَاقِفِ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ إلَيْهِ فَالْأَقْرَبُ عَائِدٌ عَلَى كَلِمَةِ مِنْ الْعَامَّةِ فَيَعُودُ نَصِيبُ كُلِّ مَنْ تُوُفِّيَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ إلَى الْأَقْرَبِ إلَيْهِ لَا إلَى الْأَقْرَبِ إلَى أَوَّلِ مُتَوَفَّى وَإِلَّا لَزِمَ إعْمَالُ كَلَامِ الْوَاقِفِ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي ذَلِكَ الْمُتَوَفَّى الْأَوَّلِ بِأَنْ يُنْظَرَ إلَى الْأَقْرَبِ إلَيْهِ وَحْدَهُ ثُمَّ الْأَقْرَبِ إلَى آخِرِ الدَّهْرِ وَيُلْغَى فِيمَنْ سِوَاهُ وَأَيْضًا يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ ذَلِكَ الْمُتَوَفَّى الْأَوَّلُ وَانْتَقَلَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهِ إلَى زَيْدٍ لِكَوْنِهِ أَقْرَبَ إلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ عَنْ وَلَدٍ أَنَّهُ لَا يُعْطَى وَلَدُهُ نَصِيبَهُ الْمَذْكُورَ بَلْ يُنْظَرُ إلَى مَنْ يَلِي زَيْدًا فِي الْقُرْبِ إلَى الْمُتَوَفَّى الْأَوَّلِ وَفِي ذَلِكَ إلْغَاءُ قَوْلِ الْوَاقِفِ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ وَكَوْنُ ذَلِكَ لَيْسَ نَصِيبَهُ بَلْ نَصِيبَ الْمُتَوَفَّى الْأَوَّلِ مَمْنُوعٌ فَإِنَّهُ لَمَّا مَاتَ لَمْ يَبْقَ لَهُ نَصِيبٌ فِي الْوَقْفِ وَإِنَّمَا صَارَ ذَلِكَ نَصِيبَ زَيْدٍ فَيَئُولُ إلَى وَلَدِهِ عَلَى مَا شَرَطَ الْوَاقِفُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَلْحُوظَ إلَيْهِ فِي مَسْأَلَتِنَا إلَى الْأَقْرَبِيَّةِ لَيْسَ شَخْصًا وَاحِدًا بَلْ مُتَعَدِّدٌ وَهُوَ كُلُّ مَنْ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَمَعْنَى التَّدْرِيجِ فِي قَوْلِهِ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ أَنَّهُ يُنْظَرُ أَوَّلًا إلَى الْأَقْرَبِ إلَيْهِ كَالْأَخِ الشَّقِيقِ مَثَلًا فَإِنْ وُجِدَ نَقَلْنَا نَصِيبَهُ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَإِلَى الْأَخِ لِأَبٍ وَهَكَذَا وَأَمَّا مَا نَقَلَهُ عَنْ الْإِمَامِ الْخَصَّافِ فَالْمَلْحُوظُ فِيهِ الْأَقْرَبِيَّةُ إلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْوَاقِفُ فَكُلَّمَا مَاتَ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إلَى الْوَاقِفِ تُنْقَلُ حِصَّتُهُ إلَى مَنْ يَلِيهِ فِي الْقُرْبِ إلَى الْوَاقِفِ وَهَكَذَا كَمَا لَوْ كَانَ لِلْوَاقِفِ أَخٌ وَعَمٌّ وَابْنُ عَمٍّ نَحْكُمُ بِرِيعِ الْوَقْفِ أَوَّلًا لِلْأَخِ ثُمَّ لِلْعَمِّ ثُمَّ لِابْنِ الْعَمِّ وَلَا نَنْظُرُ إلَى الْأَقْرَبِ لِلْأَخِ الْمُتَوَفَّى لِأَنَّ الْوَاقِفَ شَرَطَ الْأَقْرَبِيَّةَ إلَيْهِ لَا إلَى الْمُتَوَفَّى كَمَا فِي مَسْأَلَتِنَا حَتَّى نَنْظُرَ كُلَّمَا مَاتَ أَحَدٌ إلَى الْأَقْرَبِ إلَيْهِ فَظَهَرَ أَنَّ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ بَوْنًا بَعِيدًا وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ أَيْضًا انْدَفَعَ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبِيرِيِّ وَلَمْ نَرَ مَنْ عَوَّلَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِ الْإِفْتَاءِ وَلَا رَأَيْنَا لَهُ شَيْئًا يَعْضُدُهُ أَصْلًا بَلْ نَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إلَى مَا فِي يَدِ الْمُتَوَفَّى مِمَّا انْتَقَلَ إلَيْهِ عَنْ أُصُولِهِ أَوْ آلَ إلَيْهِ عَنْ أَهْلِ دَرَجَتِهِ فَيُعْطُونَهُ لِوَلَدِهِ أَوْ لِأَهْلِ دَرَجَتِهِ عَلَى مَا شَرَطَ الْوَاقِفُ وَهُوَ الَّذِي يَتَبَادَرُ إلَى الْأَذْهَانِ وَيَقْصِدُهُ الْوَاقِفُونَ فَمَنْ اطَّلَعَ عَلَى نَقْلٍ صَرِيحٍ مُخَالِفٍ لِذَلِكَ فَلْيُثْبِتْهُ هُنَا وَلَهُ الْأَجْرُ وَالثَّوَابُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَنْشَأَ رَجُلٌ وَقْفَهُ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ الثَّلَاثَةِ وَهُمْ عَائِشَةُ وَأَسْمَاءُ وَالشِّهَابِيُّ أَحْمَدُ الرَّضِيعُ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ بِالسَّوِيَّةِ، الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاءٌ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى أَوْلَادِ الذُّكُورِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ كَذَلِكَ ثُمَّ عَلَى أَنْسَالِهِمْ ثُمَّ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مِثْلُ ذَلِكَ يُقَدَّمُ أَوْلَادُ الذُّكُورِ عَلَى أَوْلَادِ الْإِنَاثِ فَإِذَا انْقَرَضَ أَوْلَادُ الذُّكُورِ بِأَجْمَعِهِمْ عَادَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهِمْ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يُوجَدُ مِنْ أَوْلَادِ الْإِنَاثِ مِنْ الذُّكُورِ مِنْهُمْ وَالْإِنَاثِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَمِنْ أَوْلَادِهِمْ وَأَنْسَالِهِمْ وَأَعْقَابِهِمْ عَنْ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ وَلَدٍ وَإِنْ سَفَلَ عَادَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى وَلَدِهِ ثُمَّ وَلَدِ وَلَدِهِ ثُمَّ نَسْلِهِ ثُمَّ عَقِبِهِ بَيْنَهُمْ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ عَادَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَنْ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ مِنْهُمْ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ مُتَّصِلَةٍ وَمَاتَ الْوَاقِفُ عَنْ أَوْلَادِهِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورِينَ ثُمَّ مَاتَتْ أَسْمَاءُ وَلَمْ تُعْقِبْ ثُمَّ مَاتَ أَحْمَدُ عَنْ ابْنِهِ أَبِي بَكْرٍ وَمَاتَتْ عَائِشَةُ عَنْ ابْنِهَا عِزِّ الدِّينِ وَانْحَصَرَ الْوَقْفُ فِيهِمَا بِالسَّوِيَّةِ ثُمَّ مَاتَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ بِنْتَيْهِ بَدِيعَةَ وَفَاطِمَةَ وَمَاتَ عِزُّ الدِّينِ عَنْ ابْنِهِ شَرَفِ الدِّينِ ثُمَّ مَاتَتْ فَاطِمَةُ عَنْ بِنْتَيْنِ زُلَيْخَا وَنَبَوِيَّةَ وَمَاتَتْ بَدِيعَةُ عَنْ بِنْتٍ مَاتَتْ وَلَمْ تُعْقِبْ وَمَاتَ شَرَفُ الدِّينِ عَنْ أَحْمَدَ وَمَاتَتْ زُلَيْخَا عَنْ بِنْتِهَا زَاهِدَةَ وَمَاتَتْ نَبَوِيَّةُ عَنْ ابْنِهَا عَلِيٍّ فَهَلْ يَخْتَصُّ أَحْمَدُ بْنُ شَرَفِ الدِّينِ بِالْوَقْفِ لِكَوْنِهِ ذَكَرًا مِنْ ذَكَرٍ عَمَلًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ الْمَذْكُورِ فِي أَوْلَادِ الذُّكُورِ وَلَا يُشَارِكُهُ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ وَلَدَيْ زُلَيْخَا وَنَبَوِيَّةَ لِكَوْنِهِمَا وَلَدَيْ إنَاثٍ مِنْ إنَاثٍ وَهَلْ يَكُونُ الضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ الْمُتَّصِلُ فِي قَوْلِ الْوَاقِفِ فِي الشَّرْطِ الْأَخِيرِ الْمُتَعَلِّقِ بِأَوْلَادِ الْإِنَاثِ عَلَى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ رَاجِعًا إلَى أَوْلَادِ الْإِنَاثِ لِكَوْنِهِمْ أَقْرَبَ مَذْكُورٍ وَيَسْتَلْزِمُ إرْجَاعُهُ إلَيْهِمْ إعْمَالُ جَمِيعِ كَلَامِ الْوَاقِفِ فِي شَرْطَيْهِ الَّذِي هُوَ أَوْلَى مِنْ الْإِهْمَالِ أَوْ لَا؟
(الْجَوَابُ): الْحَمْدُ اللَّه اللَّهُمَّ يَا حَقُّ إلْهَامًا لِلْحَقِّ، مُحَصَّلُ مَا شَرَطَهُ هَذَا الْوَاقِفُ أَنَّهُ جَعَلَ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِمْ مِنْ بَعْدِهِ ثَلَاثَةَ أَصْنَافٍ الصِّنْفُ الْأَوَّلُ يَكُونُ الْوَقْفُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى مِنْ غَيْرِ مَزِيَّةٍ وَهُمْ أَوْلَادُهُ الثَّلَاثَةُ الْمَذْكُورُونَ ثُمَّ أَوْلَادُهُمْ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى هَذَا الْحُكْمِ وَهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَعِزُّ الدِّينِ.
الصِّنْفُ الثَّانِي يَكُونُ الْوَقْفُ لِأَوْلَادِ الذُّكُورِ دُونَ أَوْلَادِ الْإِنَاثِ وَهُمْ أَوْلَادُ أَبِي بَكْرٍ وَعِزِّ الدِّينِ ثُمَّ مَنْ بَعْدَهُمْ يَكُونُ عَلَى أَوْلَادِهِمْ كَذَلِكَ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ كَذَلِكَ ثُمَّ عَلَى أَنْسَالِهِمْ ثُمَّ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مِثْلُ ذَلِكَ يُقَدَّمُ فِي الْجَمِيعِ أَوْلَادُ الذُّكُورِ عَلَى أَوْلَادِ الْإِنَاثِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ مِنْهُمْ إلَّا مَنْ كَانَ أَبُوهُ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ وَلَا يَسْتَحِقُّ مَعَهُ مَنْ كَانَ أَبُوهُ أَجْنَبِيًّا وَأُمُّهُ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ.
الصِّنْفُ الثَّالِثُ يَكُونُ الْوَقْفُ بَيْنَ ذُكُورِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَهُمْ مَنْ يُوجَدُ مِنْ أَوْلَادِ الْإِنَاثِ بَعْدَ انْقِرَاضِ أَوْلَادِ الذُّكُورِ ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ شُرُوطِ الصِّنْفِ الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ عَلَى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ إلَخْ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ شَرَفِ الدِّينِ يَخْتَصُّ بِالْوَقْفِ دُونَ وَلَدَيْ زُلَيْخَا وَنَبَوِيَّةَ لِأَنَّ الْجَمِيعَ الْآنَ مِنْ الصِّنْفِ الثَّانِي بِلَا شُبْهَةٍ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ يُقَدَّمُ فِي هَذَا الصِّنْفِ مَنْ كَانَ أَبُوهُ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ وَهَذَا صَادِقٌ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ شَرَفِ الدِّينِ فَقَطْ وَأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ مَعَهُ مَنْ كَانَتْ أُمُّهُ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ وَأَبُوهُ أَجْنَبِيًّا وَذَلِكَ صَادِقٌ عَلَى وَلَدَيْ زُلَيْخَا وَنَبَوِيَّةَ ثُمَّ لَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا ذُكِرَ بَعْدَ انْقِضَاءِ شَرْطِ هَذَا الصِّنْفِ الثَّانِي وَالشُّرُوعُ فِي شُرُوطِ الصِّنْفِ الثَّالِثِ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ إلَخْ لِأَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى الثَّالِثِ كَمَا ذَكَرْنَا أَوَّلًا وَهُمْ مَنْ يُوجَدُ مِنْ أَوْلَادِ الْإِنَاثِ بَعْدَ انْقِرَاضِ أَوْلَادِ الذُّكُورِ لِأَنَّهُمْ الْمُتَحَدَّثُ عَنْهُمْ وَهُوَ أَقْرَبُ مَذْكُورٍ وَلِتَنْتَظِمَ جَمِيعُ الشُّرُوطِ فِي سِلْكِ الصِّحَّةِ وَالسَّدَادِ وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ تَكُونَ الشُّرُوطُ السَّابِقَةُ لَغْوًا خَالِيًا عَنْ الْمُرَادِ وَلَا شَكَّ أَنَّ إعْمَالَ الْكَلَامِ مَهْمَا أَمْكَنَ أَوْلَى مِنْ إهْمَالِهِ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ شَائِعٌ وَلَا سِيَّمَا شَرْطُ الْوَاقِفِ الْمُشَبَّهُ بِنَصِّ الشَّارِعِ قَالَ ذَلِكَ وَكَتَبَهُ الْفَقِيرُ إلَى لُطْفِ رَبِّهِ الْخَفِيِّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عِمَادِ الدِّينِ الْحَنَفِيُّ.
(أَقُولُ) قَدْ جَعَلَ الصِّنْفَ الثَّالِثَ مُقَابِلًا لِلصِّنْفِ الْأَوَّلِ مِنْ حَيْثُ الْقِسْمَةُ فَذَكَرَ فِي الْأَوَّلِ أَنَّهَا بِالسَّوِيَّةِ وَفِي الثَّالِثِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَوْ كَانَ قَوْلُ الْوَاقِفِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ مَعْنَاهُ الْقِسْمَةُ بِالسَّوِيَّةِ لِمَا كَانَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَكَانَ الظَّاهِرِ أَنْ يَقُولَ بَدَلَهُ بِالسَّوِيَّةِ فَدَلَّ عَلَى تَغَايُرِهِمَا وَعَلَى أَنَّ الْفَرِيضَةَ الشَّرْعِيَّةَ مَعْنَاهَا الْمُفَاضَلَةُ كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ عَقَارَهُ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ وَذُرِّيَّتِهِ مُرَتَّبًا بَيْنَ الطَّبَقَاتِ بِثُمَّ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ عَادَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَنْ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى عَلَى الشَّرْطِ وَالتَّرْتِيبِ الْمَذْكُورَيْنِ وَمَاتَ الْوَاقِفُ ثُمَّ مَاتَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ وَلَيْسَ فِي دَرَجَتِهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ وَلَهُ فِي الدَّرَجَةِ السُّفْلَى أَوْلَادُ أُخْتٍ ثَلَاثَةٌ ذُكُورٌ وَثَلَاثٌ إنَاثٌ وَابْنَا أَخٍ اثْنَانِ وَالْكُلُّ لِأَبَوَيْنِ لَيْسَ لَهُ أَقْرَبُ مِنْهُمْ فَهَلْ يَعُودُ نَصِيبُهُ إلَيْهِمْ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ يَعُودُ نَصِيبُهُ إلَيْهِمْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِلرَّمْلِيِّ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَإِنَّ مُصَرِّفَهُ أَقْرَبُ النَّاسِ رَحِمًا لَا إرْثًا فَيُقَدَّمُ وُجُوبًا ابْنُ بِنْتٍ عَلَى ابْنِ عَمٍّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ صِحَّةُ مَا أَفْتَى بِهِ الْعِرَاقِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ فِي كُتُبِ الْأَوْقَافِ ثُمَّ الْأَقْرَبُ إلَى الْوَاقِفِ أَوْ الْمُتَوَفَّى قُرْبُ الدَّرَجَةِ وَالرَّحِمِ لَا قُرْبُ الْإِرْثِ وَالْعُصُوبَةِ فَلَا تَرْجِيحَ بِهِمَا فِي مُسْتَوِيَيْنِ فِي الْقُرْبِ مِنْ حَيْثُ الرَّحِمُ وَالدَّرَجَةُ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ لَا يُرَجَّحُ عَمٌّ عَلَى خَالٍ بَلْ هُمَا مُسْتَوِيَانِ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِابْنِ حَجَرٍ خَيْرِيَّةٌ مِنْ الْوَقْفِ وَلَوْ كَانَ لَهُ بِنْتُ بِنْتٍ وَابْنُ ابْنِ ابْنٍ تَكُونُ الْغَلَّةُ لِبِنْتِ الْبِنْتِ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْهُ لِإِدْلَائِهَا بِوَاسِطَةٍ وَإِدْلَائِهِ بِوَاسِطَتَيْنِ وَإِنْ كَانَ الْمِيرَاثُ لَهُ دُونَهَا لِأَنَّ الْوَقْفَ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الْمِيرَاثِ وَلَوْ قَالَ عَلَى أَقْرَبِ قَرَابَةٍ مِنِّي وَكَانَ لَهُ أَبَوَانِ وَوَلَدٌ لَا يَدْخُلُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فِي الْوَقْفِ إذْ لَا يُقَالُ لَهُمْ قَرَابَةٌ إسْعَافٌ مِنْ فَصْلِ الْوَقْفِ عَلَى قَرَابَتِهِ وَأَقْرَبِ النَّاسِ فَفِي مَسْأَلَتِنَا أَوْلَادُ أُخْتٍ وَابْنَا أَخٍ وَالْكُلُّ لِأَبَوَيْنِ لَيْسَ لَهُ أَقْرَبُ مِنْهُمْ فَيَعُودُ إلَيْهِمْ بِالسَّوِيَّةِ لِأَنَّك قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُرَادَ قُرْبُ الدَّرَجَةِ وَالرَّحِمِ لَا الْإِرْثِ وَالْعُصُوبَةِ فَفِي الدَّرَجَةِ وَالرَّحِمِ هُمْ سَوَاءٌ مَعَ أَنَّ الْإِرْثَ لِابْنَيْ الْأَخِ لِأَنَّ الْوَقْفَ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الْمِيرَاثِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(أَقُولُ) لَكِنْ إذَا فَقَدَ الدَّرَجَةَ فَفِي بَقَاء اعْتِبَارِ شَرْطِ الْأَقْرَبِيَّةِ كَلَامٌ سَتَعْرِفُهُ بَعْدَ أَوْرَاقٍ.
(سُئِلَ) فِي وَقْفٍ مُرَتَّبٍ بَيْنَ الطَّبَقَاتِ بِثُمَّ مِنْ شُرُوطِهِ أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ عَادَ نَصِيبُهُ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ إلَى مَنْ هُوَ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى وَمَاتَتْ الْآنَ امْرَأَةٌ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ عَقِيمًا وَفِي دَرَجَتِهَا جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ رَجُلٌ يُدْعَى مُصْطَفَى بْن سُلَيْمَان وَابْنُ صَالِحَةَ وَلَهُ اتِّصَالٌ مِنْ جِهَتِهَا إلَى الْوَاقِفِ وَهُوَ ابْنُ خَالَةِ الْمَرْأَةِ الْمَزْبُورَةِ وَابْنُ ابْنِ عَمِّ أُمِّهَا وَلِلرَّجُلِ أَخَوَانِ هُمَا حَمْزَةُ وَفَاطِمَةُ مَعَ بَقِيَّةِ أَهْلِ الدَّرَجَةِ هُمْ أَوْلَادُ أَوْلَادِ عَمِّ أُمِّهَا فَلِمَنْ يَعُودُ نَصِيبُ الْمَرْأَةِ الْمَزْبُورَةِ؟
(الْجَوَابُ): يَعُودُ نَصِيبُ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ إلَى ابْنِ خَالَتِهَا مُصْطَفَى لِكَوْنِهِ فِي دَرَجَتِهَا وَأَقْرَبُ الْمَوْجُودِينَ إلَيْهَا كَتَبَهُ الْفَقِيرُ مُحَمَّدٌ الْعِمَادِيُّ الْمُفْتِي بِدِمَشْقَ الشَّامِ الْجَوَابُ كَمَا بِهِ الْعَمُّ الْمَرْحُومُ أَجَابَ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ حَامِدٌ الْعِمَادِيُّ الْمُفْتِي بِدِمَشْقَ الشَّامِ عُفِيَ عَنْهُ فَلَوْ كَانَ لَهُ أَخَوَانِ أَوْ أُخْتَانِ أَحَدُهُمَا لِأَبَوَيْهِ وَالْآخَرُ لِأَبِيهِ يَبْدَأُ بِمَنْ لِأَبَوَيْهِ ثُمَّ بِمَنْ لِأَبِيهِ وَحُكْمُ أَوْلَادِهِمَا كَحُكْمِهِمَا إسْعَافٌ مِنْ فَصْلٍ فِي بَيَانِ الْأَقْرَبِ مِنْ قَرَابَتِهِ وَتَمَامُهُ فِيهِ.
(أَقُولُ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ الْمَعْمُولُ بِهِ مِنْ تَرْجِيحِ الْأَقْرَبِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الدَّرَجَةِ حَيْثُ شَرَطَهُ الْوَاقِفُ كَمَا هُنَا وَبِذَلِكَ أَفْتَى فِي الْخَيْرِيَّةِ وَعَلَيْهِ فَمَا وَقَعَ فِي الْخَيْرِيَّةِ أَيْضًا فِي مَحَلٍّ آخَرَ مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ حَيْثُ شَرَّكَ بَيْنَ جَمِيعِ أَهْلِ الدَّرَجَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ ذُهُولٌ مِنْهُ عَنْ اشْتِرَاطِ الْأَقْرَبِيَّةِ الْوَاقِعِ فِي سُؤَالِهِ وَإِلَّا لَزِمَ إلْغَاءُ شَرْطِ الْوَاقِفِ فَتَنَبَّهْ ثُمَّ رَأَيْت فِي أَنْفَعْ الْوَسَائِلِ لِلْإِمَامِ الطَّرَسُوسِيِّ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ لَمْ يَعْتَبِرْ لَفْظَ أَقْرَبَ فِي التَّقْدِيمِ بَلْ سَوَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَبْعَدِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ بَعْضَ الْقُضَاةِ حَكَمَ بِذَلِكَ فَسَوَّى بَيْنَ الْأَخِ الشَّقِيقِ وَالْأَخِ لِأَبٍ فِي وَقْفٍ اُشْتُرِطَ فِيهِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ ثُمَّ قَالَ وَكَانَ قَاضِي الْقُضَاة تَقِيُّ الدِّينِ الشَّافِعِيِّ السُّبْكِيّ قَدْ تَحَدَّثَ مَعِي وَقَالَ هَذَا الْحُكْمُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَطَلَبَ نَقْضَهُ فَمَا وَافَقْته عَلَيْهِ وَقُلْت لَهُ هَذَا مَوْضِعُ اجْتِهَادٍ وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَك فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَفِي الْجُمْلَةِ فَإِنَّهُ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ إلْغَاءُ صِيغَةِ أَفْعَلَ بِلَا دَلِيلٍ وَإِلْغَاءُ مَقْصُودِ الْوَاقِفِ مِنْ تَقْدِيمِ الْأَقْرَبِ وَهُوَ مُشْكِلٌ. اهـ.
مُلَخَّصًا.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ رَجُلٌ وَقْفًا عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى بِنْتِهِ فَاطِمَةَ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهَا وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهَا الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ ثُمَّ وَثُمَّ إلَخْ فَمَاتَ الْوَاقِفُ وَبِنْتُهُ فَاطِمَةُ وَانْقَرَضَتْ أَوْلَادُهَا وَلَهَا أَوْلَادُ أَوْلَادٍ فَهَلْ يَكُونُ لَفْظُ الذُّكُورَ قَيْدًا لِأَوْلَادِ أَوْلَادِ فَاطِمَةَ فَيَدْخُلُ الذَّكَرُ مِنْهُمْ سَوَاءٌ أَدْلَى بِذَكَرٍ أَوْ بِأُنْثَى أَوْ يَكُونُ قَيْدًا لِأَوْلَادِ فَاطِمَةَ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهَا فَلَا يَدْخُلُ مِنْ أَوْلَادِ أَوْلَادِهَا مَنْ يُدْلِي بِأُنْثَى؟
(الْجَوَابُ): اعْلَمْ أَنَّ الْقَيْدَ الْمَذْكُورَ أَعْنِي بِهِ لَفْظَ الذُّكُورِ قَيْدٌ لِلْمُضَافِ فَيَدْخُلُ جَمِيعُ الذُّكُورِ سَوَاءٌ أَدْلَى بِذَكَرٍ أَوْ بِأُنْثَى كَتَبَهُ الْفَقِيرُ إبْرَاهِيمُ الْمُفْتِي بِدِمَشْقِ الْمَحْرُوسَةِ عُفِيَ عَنْهُ طَابَ الْجَوَابُ وَطَابَقَ الصَّوَابَ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ مُحِبُّ الدِّينِ عُفِيَ عَنْهُ مَا أَفَادَهُ الْعَلَّامَةُ أَعْلَاهُ هُوَ الْحَقُّ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ كَتَبَهُ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ الْفِيشَاوِيُّ الشَّافِعِيُّ. (أَقُولُ) أَفْتَى الْعَلَّامَةُ ابْنُ نُجَيْمٍ بِخِلَافِ هَذَا حَيْثُ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ مِنْ الْوَقْفِ وَقَعَتْ حَادِثَةُ وَقْفٍ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى أَوْلَادِ الْأَمِيرِ فُلَانٍ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ عَلَى ذُرِّيَّتِهِمْ وَنَسْلِهِمْ وَعَقِبِهِمْ مِنْ الذُّكُورِ خَاصَّةً دُونَ الْإِنَاثِ فَإِذَا انْقَرَضَ أَوْلَادُ الذُّكُورِ صُرِفَ إلَى كَذَا فَهَلْ قَوْلُهُ مِنْ الذُّكُورِ قَيْدٌ لِلْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ حَتَّى لَا تَسْتَحِقَّ أُنْثَى وَلَا وَلَدُ أُنْثَى أَمْ هُوَ قَيْدٌ فِي الْأَبْنَاءِ دُونَ الْآبَاءِ حَتَّى يَسْتَحِقَّ الذَّكَرُ وَلَوْ مِنْ أَوْلَادِ الْإِنَاثِ أَمْ هُوَ قَيْدٌ فِي الْآبَاءِ دُونَ الْأَبْنَاءِ حَتَّى يَسْتَحِقَّ وَلَدُ الذَّكَرِ وَلَوْ كَانَ أُنْثَى فَأَجَبْت بِأَنَّهُ قَيْدٌ فِي الْآبَاءِ دُونَ الْأَبْنَاءِ لِأَنَّ الْأَصْلَ كَوْنُ الْوَصْفِ بَعْدَ مُتَعَاطِفَيْنِ لِلْأَخِيرِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي بَابِ الْمُحَرَّمَاتِ فِي قَوْله تَعَالَى {مِنْ نِسَائِكُمْ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} بَعْدَ قَوْله تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمْ} وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَقْصُودَهُ حِرْمَانُ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ لِكَوْنِهِمْ يُنْسَبُونَ إلَى آبَائِهِمْ ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا وَتَخْصِيصُ أَوْلَادِ الْأَبْنَاءِ وَلَوْ كَانُوا إنَاثًا لِكَوْنِهِمْ يُنْسَبُونَ إلَيْهِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ فَإِذَا انْقَرَضَ أَوْلَادُ الذُّكُورِ وَلَمْ يَقُلْ أَبْنَاءُ الذُّكُورِ وَلَا أَبْنَاءُ الْأَوْلَادِ ثُمَّ بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَ الشَّافِعِيَّةِ جَعَلَهُ قَيْدًا فِي الْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ وَوَافَقَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ فَرَأَيْت الْإِمَامَ الْإِسْنَوِيَّ فِي التَّمْهِيدِ نَقَلَ أَنَّ الْوَصْفَ بَعْدَ الْجُمَلِ يَرْجِعُ إلَى الْجَمِيعِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَإِلَى الْأَخِيرِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَأَنَّ مَحَلَّ كَلَامِ الشَّافِعِيَّةِ فِيمَا إذَا كَانَ الْعَطْفُ بِالْوَاوِ وَأَمَّا بِثُمَّ فَيَعُودُ إلَى الْأَخِيرِ اتِّفَاقًا. اهـ.
مَا فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ جَعَلَ الْوَصْفَ الْمَذْكُورَ قَيْدًا لِلْمُضَافِ إلَيْهِ فِي قَوْلِ الْوَاقِفِ أَوْلَادُ أَوْلَادِهِمْ فَيَدْخُلُ فِيهِ جَمِيعُ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ مِنْ أَوْلَادِ الذُّكُورِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَوْدِ الْوَصْفِ إلَى الْأَخِيرِ قَالَ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ فِي التَّحْرِيرِ إنَّهُ الْأَوْجَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ لَفْظَ الذُّكُورِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَيْدًا لِلْمُضَافِ فَقَطْ أَوْ لِلْمُضَافِ إلَيْهِ فَقَطْ أَوْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَعًا وَالْمَعَانِي مُخْتَلِفَةُ الْأَحْكَامِ كَمَا عُلِمَ مِنْ صَدْرِ عِبَارَةِ الْأَشْبَاهِ وَالْأَوَّلُ أَفْتَى بِهِ الْجَمَاعَةُ الَّذِينَ نَقَلَ عَنْهُمْ الْمُؤَلِّفُ فِي السُّؤَالِ الْمَذْكُورِ وَالثَّانِي أَفْتَى بِهِ صَاحِبُ الْإِشَارَةِ وَلَمْ يُعَوِّلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى كَوْنِهِ قَيْدًا لِلْكُلِّ مِنْ الْمُتَضَايِفَيْنِ وَقَدْ مَشَى عَلَيْهِ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ فِي فَتَاوِيهِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْوَلِيِّ أَبِي زُرْعَةَ عَمَلًا بِقَاعِدَةِ الشَّافِعِيِّ فِي عَوْدِ الْمُتَعَلِّقَاتِ الْمَذْكُورَةِ بَعْدَ جُمَلٍ أَوْ مُفْرَدَاتٍ مِنْ شَرْطٍ أَوْ اسْتِثْنَاءٍ أَوْ وَصْفٍ أَوْ غَيْرِهَا إلَى جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ غَيْرِ اخْتِصَاصٍ بِالْأَخِيرِ بِلَا فَرْقٍ بَيْنَ الْعَطْفِ بِالْوَاوِ وَثُمَّ وَتَقَدَّمَ نَقْلُ الْمُؤَلِّفِ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ عَنْ الْحَنَابِلَةِ أَيْضًا لَكِنَّ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ إنَّمَا يَظْهَرُ جَرَيَانُهَا فِي الْمُتَعَاطِفَيْنِ دُونَ الْمُتَضَايِفَيْنِ وَقَدْ اخْتَلَفَ كَلَامُ عُلَمَائِنَا فِي مَسْأَلَةِ الْوَصْفِ بِالذُّكُورَةِ هَلْ هُوَ قَيْدٌ لِكُلٍّ مِنْ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ أَوْ لِلْمَعْطُوفِ فَقَطْ لِتَأَخُّرِهِ وَأَمَّا جَعْلُهُ قَيْدًا لِلْمُضَافِ إلَيْهِ فَقَطْ فَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِ صَاحِبِ الْأَشْبَاهِ فَفِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ عَنْ وَقْفِ هِلَالٍ الْبَصْرِيِّ مَا نَصُّهُ قَالَ قُلْت أَرَأَيْت إنْ قَالَ عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي الذُّكُورِ قَالَ فَهِيَ لِمَنْ كَانَ ذَكَرًا مِنْ وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ قُلْت وَالذُّكُورُ مِنْ وَلَدِ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ سَوَاءٌ قَالَ نَعَمْ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي الْفُقَرَاءِ أَنِّي أُعْطِي مَنْ كَانَ فَقِيرًا مِنْ وَلَدِ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ الذُّكُورُ وَقَوْلُهُ الذُّكُورُ وَالْفُقَرَاءُ وَاحِدٌ. اهـ.
فَقَدْ جَعَلَهُ قَيْدًا لِلْمُضَافِ الْمَعْطُوفِ وَكَذَا جَعَلَهُ قَيْدًا لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ حَيْثُ خَصَّهُ بِذُكُورِ أَوْلَادِهِ لِصُلْبِهِ وَبِذُكُورِ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَلَوْ كَانُوا أَوْلَادَ بَنَاتٍ وَلَوْ جَعَلَهُ قَيْدًا لِلْمُضَافِ إلَيْهِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ لَكَانَ لِلذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ مِنْ أَوْلَادِ الذُّكُورِ وَمَا قِيلَ أَنْ هَذَا لَا يُنَافِي مَا فِي الْأَشْبَاهِ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى رِوَايَةِ دُخُولِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ فِي لَفْظُ الْأَوْلَادِ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَهُوَ وَهْمٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّ قَوْلَ هِلَالٍ فَهِيَ لِمَنْ كَانَ ذَكَرًا مِنْ وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ صَرِيحٌ فِي كَوْنِهِ جَعَلَهُ قَيْدًا لِلْمُضَافِ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَالْمُخَالَفَةُ لِظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَقَعَتْ فِي قَوْلِهِ بَعْدَهُ وَالذُّكُورُ مِنْ وَلَدِ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ سَوَاءٌ فَعَدَمُ دُخُولِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يُنَافِي كَوْنَ لَفْظِ الذُّكُورِ يَبْقَى قَيْدًا لِلْمُضَافِ فِي عِبَارَةِ هِلَالٍ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى ذَوِي الْكَمَالِ وَفِي الْإِسْعَافِ وَلَوْ قَالَ عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي الْإِنَاثِ يَكُونُ لِلْإِنَاثِ مِنْ وَلَدِهِ دُونَ ذُكُورِهِمْ وَالْإِنَاثُ مِنْ وَلَدِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَهُنَّ فِيهِ سَوَاءٌ. اهـ.
فَهُوَ صَرِيحٌ أَيْضًا فِي أَنَّهُ قَيْدٌ لِلْمُضَافِ الْمَعْطُوفِ دُونَ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَهُوَ صَرِيحٌ أَيْضًا فِي أَنَّهُ قَيْدٌ لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ أَيْضًا.
وَنَقَلَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى رَجُلٌ وَقَفَ عَقَارًا وَجَعَلَ وِلَايَتَهُ إلَى نَفْسِهِ مَا دَامَ حَيًّا ثُمَّ إلَى وَلَدِ وَلَدِهِ فُلَانٍ مَا عَاشَ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ إلَى الْأَعَزِّ الْأَرْشَدِ مِنْ أَوْلَادِهِ فَإِنَّهَا مُنْصَرِفَةٌ إلَى الِابْنِ دُونَ الْوَاقِفِ لِأَنَّ الْكِنَايَةَ تَنْصَرِفُ إلَى أَقْرَبِ الْمَكْنِيَّاتِ بِمُقْتَضَى الْوَضْعِ وَلِذَلِكَ مَسَائِلُ ثَلَاثٌ إحْدَاهَا إذَا وَقَفَ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَنَسْلِهِ أَنَّ الْهَاءَ تَنْصَرِفُ إلَى عَمْرٍو فَحَسْبُ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ وَقَفْت عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي الذُّكُورِ أَنَّ الذُّكُورِيَّةَ رَاجِعَةٌ إلَى وَلَدِ الْوَلَدِ دُونَ وَلَدِ الصُّلْبِ وَالْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ عَلَى عَكْسِهِ إذَا قَالَ وَقَفْت عَلَى بَنِي زَيْدٍ وَعَمْرٍو أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ بَنُو عَمْرٍو فِي الْوَقْفِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى زَيْدٍ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْقَاضِي كَامِلُ الدِّينِ مُفْتِي الْأُمَّةِ الْخَطِيبُ بِأَصْفَهَانَ وَقَالَ الْهَاءُ تَنْصَرِفُ إلَى الْوَاقِفِ دُونَ ابْنِهِ وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ. اهـ.
فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ قَيْدٌ لِلْمَعْطُوفِ لِتَأَخُّرِهِ دُونَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَدُونَ الْمُضَافِ إلَيْهِ فَتَحَرَّرَ أَنَّهُ فِي جَعْلِ الْوَصْفِ قَيْدًا لِلْمُتَعَاطِفَيْنِ مَعًا أَوْ لِلْمَعْطُوفِ فَقَطْ خِلَافٌ مَشَى عَلَى الْأَوَّلِ هِلَالٌ وَصَاحِبُ الْإِسْعَافِ وَعَلَى الثَّانِي صَاحِبُ جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى وَاسْتَوْجَهَهُ ابْنُ الْهُمَامِ فِي التَّحْرِيرِ كَمَا مَرَّ.
وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ الْأَوْجَهَ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْوَصْفَ الْمَذْكُورَ فِي مَعْنَى الشَّرْطِ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ إلَّا إذَا كَانُوا ذُكُورًا وَقَدْ صَرَّحَ أَئِمَّتُنَا فِي كُتُبِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ بِأَنَّ الشَّرْطَ إذَا تَعَقَّبَ جُمَلًا مُتَعَاطِفَةً مُتَّصِلًا بِهَا فَهُوَ لِلْكُلِّ بِخِلَافِ الِاسْتِثْنَاءِ فَهُوَ لِلْأَخِيرِ وَكَذَا الضَّمِيرُ فِي الصَّحِيحِ كَمَا عَلِمْت فِي مَسْأَلَةِ الْوَقْفِ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَنَسْلِهِ وَبِهَا صَرَّحَ الْخَصَّافُ أَيْضًا وَأَمَّا جَعْلُ الْوَصْفِ قَيْدًا لِلْمُضَافِ إلَيْهِ كَمَا عَوَّلَ صَاحِبُ الْأَشْبَاهِ فَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْوَصْفَ لِلْأَخِيرِ مِنْ الْمُتَعَاطِفَاتِ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ هُوَ الْمُضَافُ دُونَ الْمُضَافِ إلَيْهِ لِأَنَّ الْمُضَافَ إلَيْهِ الْحَقِيقِيَّ إنَّمَا يُؤْتَى بِهِ لِلتَّعْرِيفِ أَوْ التَّخْصِيصِ لَا لِذَاتِهِ بِخِلَافِ الْمَعْطُوفِ فَإِنَّهُ مَقْصُودٌ بِذَاتِهِ كَالْمُضَافِ نَعَمْ قَوْلُ الْأَشْبَاهِ وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ إلَخْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَيْدٌ لِلْمُضَافِ إلَيْهِ فَكَانَ الْأَوْلَى لَهُ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ فِي التَّعْلِيلِ فَإِنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ كُلَّهُ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الْخُلُوِّ عَنْ الْقَرِينَةِ اللَّفْظِيَّةِ أَوْ الْحَالِيَّةِ فَحَيْثُ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى كَوْنِ الْوَصْفِ أَوْ الضَّمِيرِ أَوْ الِاسْتِثْنَاءِ أَوْ نَحْوِهِ لِلْمُتَعَاطِفَيْنِ أَوْ الْمُتَضَايِفَيْنِ أَوْ لِوَاحِدٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا اتَّبَعَتْ كَمَا لَا يَخْفَى فَاغْتَنِمْ تَحْرِيرَ هَذَا الْمَحَلِّ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ وَلَمْ أَرَ مَنْ اعْتَنَى بِتَحْرِيرِهِ مِنْ عُلَمَائِنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَبِالْعَمَلِ بِالْقَرِينَةِ صَرَّحَ فِي التَّحْرِيرِ فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ حَيْثُ ذُكِرَ أَنَّهُ لِلْأَخِيرِ إلَّا لِدَلِيلٍ وَمِنْ ذَلِكَ مَا فِي الْخَيْرِيَّةِ حَيْثُ سُئِلَ عَمَّنْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ الطِّفْلِ الْمَدْعُوِّ حَسَنًا وَعَلَى مَنْ سَيَحْدُثُ لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ الذُّكُورِ إلَى أَنْ قَالَ فَإِذَا انْقَرَضَ الذُّكُورُ فَعَلَى أَوْلَادِهِ الْإِنَاثِ وَأَوْلَادِهِنَّ إلَخْ ثُمَّ حَدَثَ لِلْوَاقِفِ وَلَدٌ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ ثُمَّ مَاتَ حَسَنٌ الْمَذْكُورُ فَهَلْ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ وَعَلَى مَنْ سَيَحْدُثُ لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ رَاجِعٌ إلَى حَسَنٍ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مَذْكُورٍ فَلَا يَدْخُلُ مُحَمَّدٌ فِي الْوَقْفِ أَمْ هُوَ رَاجِعٌ إلَى الْوَاقِفِ فَيَدْخُلُ مُحَمَّدٌ فَأَجَابَ مُفْتِي الْحَنَفِيَّةِ بِمِصْرَ مَوْلَانَا الشَّيْخُ حَسَنٌ الشُّرُنْبُلَالِيُّ بِأَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى الْوَاقِفِ وَلَا يَتَوَهَّمُ رُجُوعَهُ إلَى وَلَدِهِ حَسَنٍ مَنْ لَهُ نَوْعُ إلْمَامٍ بِمَسَائِلِ الْفِقْهِ.
ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ إنَّ إرْجَاعَهُ إلَى الْوَاقِفِ مِمَّا لَا يَشُكُّ ذُو فَهْمٍ فِيهِ إذْ هُوَ الْأَقْرَبُ إلَى غَرَضِ الْوَاقِفِ مَعَ صَلَاحِيَّةِ اللَّفْظِ لَهُ وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي شُرُوطِ الْوَاقِفِينَ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِلَّفْظِ مُحْتَمَلَانِ يَجِبُ تَعْيِينُ أَحَدِ مُحْتَمَلَيْهِ بِالْغَرَضِ وَإِذَا أَرْجَعْنَا الضَّمِيرَ إلَى حَسَنٍ لَزِمَ حِرْمَانُ وَلَدِ الْوَاقِفِ لِصُلْبِهِ وَاسْتِحْقَاقُ أَوْلَادِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ وَفِيهِ غَايَةُ الْبُعْدِ وَلَا تَمَسُّكَ بِكَوْنِهِ أَقْرَبَ مَذْكُورٍ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْمَحْظُورِ وَهَذَا لِغَايَةِ ظُهُورِهِ غَنِيٌّ عَنْ الِاسْتِدْلَالِ لَهُ. اهـ.
فَقَدْ أَرْجَعَ الضَّمِيرَ إلَى غَيْرِ الْأَقْرَبِ عَمَلًا بِالْقَرِينَةِ وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مَا فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ فِيمَنْ وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى وَلَدِهِ لِصُلْبِهِ خَضِرٍ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى نَسْلِهِ وَعَقِبِهِ يَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالطَّبَقَةُ الْعُلْيَا وَالسُّفْلَى فَإِذَا انْقَرَضُوا فَعَلَى جِهَةِ بِرٍّ مُتَّصِلَةٍ فَمَاتَ خَضِرٌ عَنْ بِنْتِهِ مُؤْمِنَةَ ثُمَّ مَاتَتْ مُؤْمِنَةُ عَنْ ابْنِهَا مُحَمَّدٍ ثُمَّ مَاتَ مُحَمَّدٌ عَنْ أَوْلَادِهِ الثَّلَاثَةِ سُلَيْمَانَ وَمُؤْمِنَةَ وَعَائِشَةَ ثُمَّ مَاتَتْ مُؤْمِنَةُ عَنْ وَلَدَيْهَا أَحْمَدَ وَبَكْرِيٍّ ثُمَّ مَاتَ أَحْمَدُ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ ثُمَّ مَاتَ بَكْرِيٌّ عَنْ بِنْتِهِ فُلَانَةَ ثُمَّ مَاتَتْ عَائِشَةُ عَنْ بِنْتِهَا فَخْرَى فَهَلْ لِفَخْرَى بِنْتِ عَائِشَةَ وَفُلَانَةَ بِنْتِ بَكْرِيٍّ شَيْءٌ مَعَ سُلَيْمَانَ أَمْ لَا أَجَابَ يَكُونُ الْوَقْفُ وَقْفَ تَرْتِيبٍ مَا دَامَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلَادِ أَوْلَادِ أَوْلَادِ خَضِرٍ مَوْجُودًا وَسُلَيْمَانُ الْمَرْقُومُ مِنْ أَوْلَادِ أَوْلَادِ أَوْلَادِ خَضِرٍ فَيَخْتَصُّ بِغَلَّةِ الْوَقْفِ عَمَلًا بِثُمَّ وَلَا اسْتِحْقَاقَ لِفَخْرَى بِنْتِ عَائِشَةَ وَلَا لِفُلَانَةَ بِنْتِ بَكْرِيٍّ لِكَوْنِهِمَا فِي طَبَقَةِ النَّسْلِ وَالْعَقِبِ وَقَوْلُ الْوَاقِفِ يَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالطَّبَقَةُ الْعُلْيَا وَالسُّفْلَى قَيْدٌ لِلْأَخِيرِ الَّذِي هُوَ دَرَجَةُ النَّسْلِ وَالْعَقِبِ وَالْقَيْدُ وَصْفًا كَانَ أَوْ حَالًا أَوْ غَيْرَهُمَا إذَا وَقَعَ فِي حَيِّزِ الْعَطْفِ بِثُمَّ الْمُفِيدَةِ لِتَرْتِيبِ الطَّبَقَاتِ كَانَ لِلْأَخِيرِ كَمَا ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ نُجَيْمٍ فِي الْأَشْبَاهِ وَغَيْرِهِ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ التَّعَارُضُ بَيْنَ أَوَّلِ كَلَامِ الْوَاقِفِ وَآخِرِهِ وَالتَّوْفِيقُ بَيْنَ الْمُتَعَارِضَيْنِ وَاجِبٌ مَهْمَا أَمْكَنَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.
وَقَدْ أَجَابَ بِعَيْنِ هَذَا الْجَوَابِ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ التَّاجِيُّ الْبَعْلِيُّ كَمَا رَأَيْته فِي فَتَاوَاهُ فَهَذَا أَيْضًا فِيهِ بَيَانُ الْمُرَادِ بِالْقَرِينَةِ وَهِيَ عَدَمُ التَّعَارُضِ فِي كَلَامِ الْعَاقِلِ وَانْظُرْ لِمَ لَمْ يَجْعَلُوا قَوْلَهُ يَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالطَّبَقَةُ الْعُلْيَا وَالسُّفْلَى نَاسِخًا لِلتَّرْتِيبِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ ثُمَّ بِجَعْلِهَا لِلتَّرْتِيبِ فِي الذِّكْرِ فَقَطْ دُونَ التَّرْتِيبِ فِي الرُّتْبَةِ فَيَكُونُ ذَلِكَ الْمُتَأَخِّرُ رَاجِعًا إلَى جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَهُ فَيَكُونُ رِيعُ الْوَقْفِ بَيْنَ سُلَيْمَانَ وَفَخْرَى بِنْتِ عَائِشَةَ وَفُلَانَةَ بِنْتِ بَكْرِيٍّ وَيُرَشِّحُهُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي كَلَامِ الْوَاقِفِ مَا يَقْتَضِي حِرْمَانَ بَعْضِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَمَا يَقْتَضِي إعْطَاءَهُ تَرَجَّحَ الثَّانِي لِأَنَّ الْحِرْمَانَ لَيْسَ مِنْ مَقَاصِدِ الْوَاقِفِينَ وَقَالَ الْإِمَامُ الْخَصَّافُ فِي ذَيْلِ مَسْأَلَةِ قُلْت فُقِدَ شَرْطُ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا فَلِمَ أَعْلَمْت الْأَخِيرَ قَالَ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْأَخِيرَ يُفَسِّرُ عَنْ مُرَادِهِ فَلِذَلِكَ أَعْمَلْنَاهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ تَجْرِي غَلَّةُ هَذِهِ الصَّدَقَةِ عَلَى وَلَدِي لِصُلْبِي فَإِذَا انْقَرَضُوا كَانَتْ لِلْمَسَاكِينِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي تَفْسِيرِ الْوَقْفِ وَكُلَّمَا حَدَثَ الْمَوْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ وَلَدِي لِصُلْبِي رُدَّ نَصِيبُهُ عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَنَسْلِهِ أَبَدًا إنِّي أَرَادَ نَصِيبَ كُلِّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَلَهُ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ وَلَدٍ عَلَيْهِمْ وَلَا أَجْعَلُهُ لِلْمَسَاكِينِ إلَّا بَعْدَ انْقِرَاضِ آخِرِهِمْ. اهـ.
وَكَذَا يُقَالُ هُنَا إنَّ الشَّرْطَ الْأَخِيرَ فَسَّرَ عَنْ مُرَادِهِ بِثُمَّ أَنَّهَا لَيْسَتْ لِتَرْتِيبِ الطَّبَقَاتِ وَكَوْنُ الْقَيْدِ لِلْأَخِيرِ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ مِنْ الْكَلَامِ لَا يُقَالُ إنَّ هَذَا الْقَيْدَ يَتَعَيَّنُ إرْجَاعُهُ لِلنَّسْلِ لِأَنَّهُ لَا تَرْتِيبَ فِي بُطُونِهِ وَإِنَّمَا التَّرْتِيبُ فِي الْبُطُونِ الَّتِي قَبْلَهُ فَيَكُونُ الْقَيْدُ لِتَأْكِيدِ الْمُرَادِ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّ الْوَاقِفَ إذَا عَطَفَ النَّسْلَ وَالْعَقِبَ بَعْدَ ذِكْرِهِ ثَلَاثَةَ بُطُونٍ مُثُلًا مُتَعَاطِفَةً بِثُمَّ الْمُفِيدَةِ لِلتَّرْتِيبِ تَكُونُ بُطُونُ النَّسْلِ مَرْتَبَةً فَيَكُونُ الْبَطْنُ الرَّابِعُ الَّذِي هُوَ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ الْمُصَرَّحِ فِيهَا بِثُمَّ مُقَدَّمًا عَلَى الْخَامِسِ وَالْخَامِسُ عَلَى السَّادِسِ وَهَكَذَا إلَى انْقِرَاضِ النَّسْلِ وَالْعَقِبِ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ الْوَاقِفُ بَعْدَ ذِكْرِ النَّسْلِ وَالْعَقِبِ بِقَوْلِهِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا فِي الْخَانِيَّةِ وَنَصُّهُ ذَكَرَ هِلَالٌ فِي وَقْفِهِ إذَا ذَكَرَ الْوَاقِفُ ثَلَاثَ بُطُونٍ يَكُونُ الْوَقْفُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ الْأَقْرَبُ وَالْأَبْعَدُ فِيهِ سَوَاءٌ إلَّا أَنْ يَذْكُرَ الْوَاقِفُ فِي وَقْفِهِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ أَوْ يَقُولُ عَلَى وَلَدِي ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى وَلَدِ وَلَدِي أَوْ يَقُولُ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ فَحِينَئِذٍ يَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ بِهِ الْوَقْفُ. اهـ.
زَادَ فِي الْإِسْعَافِ وَلَا يَكُونُ لِلْبَطْنِ الْأَسْفَلِ شَيْءٌ مَا بَقِيَ مِنْ الْبَطْنِ إلَّا عَلَى أَحَدٍ وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ بَطْنٍ حَتَّى تَنْتَهِيَ الْبُطُونُ مَوْتًا. اهـ.
فَهَذَا صَرِيحٌ فِي الْمَطْلُوبِ فَإِنَّ حَاصِلَهُ أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ الْبُطُونَ الثَّلَاثَةَ دَخَلَ مَنْ بَعْدَهُمْ أَيْضًا وَيَشْتَرِكُ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا وَمَنْ دُونَهَا إلَّا إذَا قَالَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ أَوْ عَطَفَ بَيْنَ الْبُطُونِ الثَّلَاثَةِ بِثُمَّ أَوْ قَالَ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ فَفِي كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ يَصِيرُ الْوَقْفُ مُرَتَّبًا فَيُقَدَّمُ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ عَلَى مَنْ يَلِيهِ وَالثَّانِي عَلَى مَنْ يَلِيهِ وَهَكَذَا إلَى انْقِرَاضِ الْبُطُونِ كُلِّهَا وَلَا يَخْتَصُّ التَّرْتِيبُ بِالْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَالثَّالِثِ فَقَطْ وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِمْ وَعَلَى هَذَا الْعَمَلِ وَقَدْ كُنْت مُتَوَقِّفًا فِي الْجَزْمِ بِذَلِكَ وَأَطْلُبُ نَقْلَهُ إلَى أَنْ ظَفِرْت بِعِبَارَةِ الْخَانِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ ثُمَّ رَأَيْت التَّصْرِيحَ بِهِ فِي صُورَةِ فَتْوَى مَنْقُولَةٍ عَنْ خَطِّ شَيْخِ الْإِسْلَامِ مُحَمَّدٍ أَفَنْدِي الْكَوَاكِبِيِّ مُفْتِي حَلَبِ الشَّهْبَاءِ حَيْثُ قَالَ وَالنَّسْلُ فِي كَلَامِ الْوَاقِفِ مَعْطُوفٌ بِكَلِمَةِ ثُمَّ التَّرْتِيبِيَّةِ فَكَانَ التَّرْتِيبُ ثَابِتًا إلَى آخِرِ الْبُطُونِ. اهـ.
فَاغْتَنِمْ هَذِهِ الْفَائِدَةَ ثُمَّ بَعْدَ كِتَابَتِي لِهَذَا الْمَحَلِّ رَأَيْت بِهَامِشِ الْخَيْرِيَّةِ بِخَطِّ الْمَرْحُومِ الشَّيْخِ يَحْيَى التَّاجِيِّ صُورَةُ فَتْوَى مِثْلُ الْفَتْوَى السَّابِقَةِ وَفِيهَا التَّرْتِيبُ بَيْنَ الْبُطُونِ الثَّلَاثَةِ بِثُمَّ وَعَطْفُ النَّسْلِ بِثُمَّ أَيْضًا مَعَ اشْتِرَاطِ اسْتِوَاءِ الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا وَالسُّفْلَى وَجَوَابُهَا لِلشَّيْخِ خَيْرِ الدِّينِ بِأَنَّهُ رَجَعَ الْوَاقِفُ عَنْ التَّرْتِيبِ بِقَوْلِهِ يَسْتَوِي إلَخْ فَهَذَا عَيْنُ مَا قُلْنَاهُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ وَقَفَ وَقْفَهُ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ السِّتَّةِ وَهُمْ حُسَيْنٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَمُصْطَفَى وَإِسْمَاعِيلُ وَفَاطِمَةُ وَعَائِشَةُ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى أَنْسَالِهِمْ وَأَعْقَابِهِمْ وَذُرِّيَّتِهِمْ وَبَعْدَ الِانْقِرَاضِ فَعَلَى الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَتَيْنِ وَإِنْ تَعَذَّرَ فَعَلَى فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ الْمُقِيمِينَ بِدِمَشْقَ ثُمَّ مَاتَ الْوَاقِفُ ثُمَّ مَاتَ إسْمَاعِيلُ عَنْ أَوْلَادٍ ثُمَّ مَاتَتْ عَائِشَةُ عَنْ وَلَدٍ ثُمَّ مَاتَ حُسَيْنٌ عَنْ بِنْتٍ وَالْكُلُّ فُقَرَاءُ فَهَلْ يُصْرَفُ نَصِيبُ الْمُتَوَفِّينَ إلَيْهِمْ جَمِيعًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ حَيْثُ كَانُوا فُقَرَاءَ وَإِذَا انْقَرَضَ جَمِيعُ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ يَنْتَقِلُ نُصِيبُهُمْ إلَى أَوْلَادِهِمْ. (أَقُولُ) هَذِهِ مِنْ مَسَائِلِ مُنْقَطِعِ الْوَسَطِ فَيُصْرَفُ نَصِيبُ مَنْ مَاتَ إلَى الْفُقَرَاءِ مَا دَامَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ وَلَا يُصْرَفُ نَصِيبُهُ إلَى الْبَاقِي مِنْهُمْ وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ وَقَفَ أَرْضَهُ عَلَى أَوْلَادِهِ وَجَعَلَ آخِرَهُ لِلْفُقَرَاءِ فَمَاتَ بَعْضُهُمْ قَالَ هِلَالٌ يُصْرَفُ الْوَقْفُ إلَى الْبَاقِي فَإِنْ مَاتُوا يُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ لَا إلَى وَلَدِ الْوَلَدِ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَسَمَّاهُمْ فَقَالَ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَجَعَلَ آخِرَهُ لِلْفُقَرَاءِ فَمَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ يُصْرَفُ نَصِيبُهُ إلَى الْفُقَرَاءِ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَبَعْدَ مَوْتِ أَحَدِهِمْ بَقِيَ أَوْلَادُهُ وَهَاهُنَا وَقَفَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ وَجَعَلَ آخِرَهُ لِلْفُقَرَاءِ فَإِذَا مَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ كَانَ نَصِيبُهُ لِلْفُقَرَاءِ.
(سُئِلَ) فِي وَقْفٍ مُرَتَّبٍ بِثُمَّ بَيْنَ الطَّبَقَاتِ عَلَى أَنَّ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ وَلَدٍ أَوْ أَسْفَلَ مِنْهُ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ أَوْ الْأَسْفَلِ مِنْهُ وَمَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ فَنَصِيبُهُ لِمَنْ هُوَ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى زِيَادَةٌ عَمَّا بِيَدِهِ ثُمَّ عَلَى وَلَدِ مَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ ذَلِكَ ثُمَّ عَلَى نَسْلِهِ وَعَقِبِهِ إلَخْ فَمَاتَ صَغِيرٌ مِنْ أَوْلَادِ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ وَلَهُ اسْتِحْقَاقٌ آلَ إلَيْهِ مِنْ أُمِّهِ وَالْمَوْجُودُ حِينَ مَوْتِهِ جَدُّهُ لِأَبِيهِ ابْنُ الْوَاقِفِ وَبِنْتُ الْوَاقِفِ وَخَالُهُ ابْنُ ابْنِ الْوَاقِفِ وَكُلُّهُمْ مُتَنَاوِلُونَ وَمَاتَتْ صَغِيرَةٌ مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ وَلَهَا اسْتِحْقَاقٌ فِي الْوَقْفِ آلَ إلَيْهَا مِنْ أَبِيهَا وَالْمَوْجُودُ حِينَ مَوْتِهَا ابْنُ الْوَاقِفِ وَبِنْتُ الْوَاقِفِ الْمَذْكُورَانِ وَعَمُّهَا وَعَمَّتُهَا وَلَدَا ابْنٍ آخَرَ لِلْوَاقِفِ فَهَلْ يَنْتَقِلُ اسْتِحْقَاقُ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ الْمَزْبُورَيْنِ إلَى ابْنِ الْوَاقِفِ وَبِنْتِ الْوَاقِفِ الْمَذْكُورَيْنِ لِكَوْنِهِمَا أَعْلَى طَبَقَةً مِنْ بَقِيَّةِ أَهْلِ الْوَقْفِ عَمَلًا بِالتَّرْتِيبِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ لَفْظَةِ ثُمَّ حَيْثُ لَمْ يَنُصَّ الْوَاقِفُ عَلَى مَا يُبْطِلُ حُكْمَهُ فِي نَصِيبِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ وَلَمْ يَكُنْ فِي دَرَجَتِهِمَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ دُونَ خَالِ الصَّغِيرِ وَدُونَ عَمِّ الصَّغِيرَةِ وَعَمَّتِهَا الْمَزْبُورَيْنِ الَّذِينَ هُمْ أَسْفَلُ دَرَجَةً أَوْ لَا؟
(الْجَوَابُ): الْحَمْدُ لِلَّهِ نَعَمْ يَنْتَقِلُ نَصِيبُ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ الْمَزْبُورَيْنِ إلَى ابْنِ الْوَاقِفِ وَبِنْتِ الْوَاقِفِ الْمَذْكُورَيْنِ لِكَوْنِهِمَا أَعْلَى طَبَقَةً مِنْ بَقِيَّةِ أَهْلِ الْوَقْفِ عَمَلًا بِالتَّرْتِيبِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ لَفْظَةِ ثُمَّ دُونَ خَالِ الصَّغِيرِ وَدُونَ عَمِّ الصَّغِيرَةِ وَعَمَّتِهَا الْمَزْبُورَيْنِ لِكَوْنِهِمْ أَدْنَى دَرَجَةً مِنْ ابْنِ وَبِنْتِ الْوَاقِفُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ عِمَادُ الدِّينِ عُفِيَ عَنْهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ مِنْ مُمِدِّ الْكَوْنِ أَسْتَمِدُّ التَّوْفِيقَ وَالْعَوْنَ جَوَابِي كَمَا أَجَابَ بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْعِمَادُ نَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ الْعِبَادَ إذْ لَا وَجْهَ لِانْتِقَالِ مَا كَانَ لَهُمَا لِلْخَالِ وَالْعَمِّ وَالْعَمَّةِ مَعَ وُجُودِ ابْنِ الْوَاقِفِ وَبِنْتِهِ وَبِمَوْتِهِمَا لَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ طَبَقَتِهِمَا رَجَعَ اسْتِحْقَاقُهُمَا لِمَا أَصَّلَهُ الْوَاقِفُ وَرَتَّبَهُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ خَيْرُ الدِّينِ بْنُ أَحْمَدَ الْحَنَفِيُّ الْأَزْهَرِيُّ حَامِدًا مُصَلِّيًا مُسْلِمًا.
(أَقُولُ) هَذِهِ الْحَادِثَةُ بِعَيْنِهَا أَلَّفَ فِيهَا الْعَلَّامَةُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ رِسَالَتَهُ الْمُسَمَّاةَ بِالِابْتِسَامِ بِأَحْكَامِ الْإِفْحَامِ وَنَشْقِ نَسِيمِ الشَّامِ وَرَدَّ فِيهَا عَلَى مُفْتِي الشَّامِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عِمَادُ الدِّينِ الْمَذْكُورُ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ بِثُمَّ قَدْ بَطَلَ حُكْمُهُ فِي نَصِيبِ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ بِاشْتِرَاطِ صَرْفِهِ لِلْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنْ أَهْلِ دَرَجَتِهِ وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ وَقْفَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَيَّامَ حَيَاتِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِ وَفَاتِهِ عَلَى أَوْلَادِ ابْنِهِ فَلِأَنَّ الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاتِهِ وَهُمْ عَبْدُ النَّبِيِّ وَعَلِيٌّ وَنُورُ الدِّينِ وَمَنْصُورٌ سَوِيَّةً بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى أَوْلَادِهِمْ الذُّكُور دُونَ الْإِنَاثِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ كَذَلِكَ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ مِثْلُ ذَلِكَ ثُمَّ عَلَى أَنْسَالِهِمْ وَأَعْقَابِهِمْ شِبْهُ ذَلِكَ الذُّكُورُ دُونَ الْإِنَاثِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَمِنْ أَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَإِنْ سَفَلَ عَنْ وَلَدٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ لِوَلَدِهِ ثُمَّ لِلْأَسْفَلِ مِنْهُ الذُّكُورُ دُونَ الْإِنَاثِ وَعَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَمِنْ أَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَإِنْ سَفَلَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ إلَى مَنْ هُوَ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى كُلُّ ذَلِكَ عَلَى الشَّرْطِ وَالتَّرْتِيبِ الْمُعَيَّنَيْنِ أَعْلَاهُ فَإِذَا انْقَرَضَتْ أَوْلَادُ الذُّكُورِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ نَسْلٌ وَلَا عَقِبٌ عَادَ ذَلِكَ وَقْفًا عَلَى مَنْ يُوجَدُ مِنْ الْإِنَاثِ وَأَوْلَادِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْحُكْمُ فِيهِمْ كَالْحُكْمِ فِي أَوْلَادِ الذُّكُورِ ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ لَا تَنْقَطِعُ فَانْقَرَضَ الْآنَ أَوْلَادُ الذُّكُورِ وَالْمَوْجُودُ الْآنَ مِنْ أَوْلَادِ الْإِنَاثِ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ ذُكُورًا وَإِنَاثًا فَهَلْ يَعُودُ الْوَقْفُ لِلذُّكُورِ سَوِيَّةً بَيْنَهُمْ أَمْ لِلذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ شُرِطَ فِي أَوْلَادِ الذُّكُورِ أَنْ يُعْطَى لِلذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ وَجَعَلَ الْحُكْمَ فِي أَوْلَادِ الْإِنَاثِ كَالْحُكْمِ فِي أَوْلَادِ الذُّكُورِ يَعُودُ الْوَقْفُ الْمَذْكُورُ لِلذُّكُورِ سَوِيَّةً بَيْنَهُمْ دُونَ الْإِنَاثِ عَمَلًا بِشَرْطِهِ الْمَذْكُورِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (أَقُولُ) رَأَيْت فِي هَذَا الْمَحَلِّ عَلَى الْهَامِشِ بِخَطِّ شَيْخِ مَشَايِخِنَا الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ الْغَزِّيِّ السَّائِحَانِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ دُونَ الْإِنَاثِ هَذَا لَا يَظْهَرُ بَعْدَ قَوْلِ الْوَاقِفِ عَادَ ذَلِكَ وَقْفًا عَلَى مَنْ يُوجَدُ مِنْ الْإِنَاثِ وَأَوْلَادِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَأَيْضًا كَيْفَ يُعْطِي الْفَرْعَ وَيَمْنَعُ الْأَصْلَ أَوْ أَخَوَاتِهِ مَعَ عُمُومِ لَفْظِهِ فَضْلًا عَنْ صَرِيحِهِ نَعَمْ يُحْمَلُ قَوْلُهُ وَالْحُكْمُ فِيهِمْ كَالْحُكْمِ فِي أَوْلَادِ الذُّكُورِ عَلَى قَوْلِهِ سَوِيَّةً وَعَلَى التَّرْتِيبِ وَعَلَى رَدِّ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ وَقَدْ صَرَّحَ هُوَ وَغَيْرُهُ أَنَّ غَرَضَ الْوَاقِفِ يَصْلُحُ مُخَصِّصًا انْتَهَى وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْحُكْمَ فِي قَوْلِ الْوَاقِفِ وَالْحُكْمُ فِيهِمْ إلَخْ لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ وَقَدْ وَقَعَ فِي نَظِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اضْطِرَابٌ فَفِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ سُئِلَ فِيمَا إذَا وَقَفَ رَجُلٌ طَاحُونَةً عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى وَلَدِهِ لِصُلْبِهِ الْبُرْهَانِيِّ إبْرَاهِيمَ ثُمَّ مِنْ بَعْدِ إبْرَاهِيمَ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَنْسَالِهِ وَأَعْقَابِهِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يَسْتَقِلُّ بِهِ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ إذَا انْفَرَدَ وَيَشْتَرِكُ فِيهِ الِاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا.
فَإِنْ مَاتَ إبْرَاهِيمُ وَلَمْ يُعْقِبْ أَوْ أَعْقَبَ وَانْقَرَضُوا عَادَ ذَلِكَ وَقْفًا شَرْعِيًّا عَلَى مَنْ يُوجَدُ مِنْ إخْوَتِهِ لِأَبِيهِ ذُكُورًا كَانُوا وَإِنَاثًا بَيْنَهُمْ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى الْحُكْمِ الْمُعَيَّنِ أَعْلَاهُ فَإِذَا انْقَرَضُوا بِأَجْمَعِهِمْ عَادَ ذَلِكَ وَقْفًا عَلَى الزَّاوِيَةِ الْفُلَانِيَّةِ إلَى أَنْ قَالَ ثُمَّ مَاتَ الْوَاقِفُ وَمَاتَ ابْنُهُ إبْرَاهِيمُ بَعْدَهُ وَلَمْ يُعْقِبْ وَوُجِدَ لِإِبْرَاهِيمَ إخْوَةٌ لِأَبٍ فَتَنَاوَلُوا الْوَقْفَ ثُمَّ انْقَرَضُوا عَنْ آخِرِهِمْ وَلَهُمْ أَوْلَادٌ وَأَوْلَادُ أَوْلَادٍ فَهَلْ يَنْتَقِلُ الْوَقْفُ إلَى الزَّاوِيَةِ الْمَزْبُورَةِ بِانْقِرَاضِ إخْوَةِ إبْرَاهِيمَ بَعْدَهُ وَلَا يَدْخُلُ أَحَدٌ مِنْ أَوْلَادِهِمْ وَذُرِّيَّتِهِمْ أَوْ لَا؟
أَجَابَ الْأَقْرَبُ إلَى غَرَضِ الْوَاقِفِ انْتِقَالُهُ إلَى أَوْلَادِ إخْوَةِ إبْرَاهِيمَ لِأَمْرَيْنِ الْأَوَّلُ الْأَقْرَبِيَّةُ إلَى غَرَضِ الْوَاقِفِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَالثَّانِي قَوْلُهُ عَلَى الْحُكْمِ الْمُعَيَّنِ أَعْلَاهُ فَإِنَّهُ عَرَفَهُ بِاللَّامِ وَذَلِكَ لِلْعُمُومِ وَالِاعْتِبَارُ لِعُمُومِ اللَّفْظِ وَالْعَامُّ يَبْقَى عَلَى عُمُومِهِ حَتَّى لَا يُعْتَبَرَ مَعَهُ خُصُوصُ السَّبَبِ.
وَقَدْ ذَكَرَ الْأَكْمَلُ ذَلِكَ فِي الْعِنَايَةِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَالصُّلْحُ صَحِيحٌ مَعَ إقْرَارٍ أَوْ سُكُوتٍ أَوْ إنْكَارٍ كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} فَإِنَّهُ بِإِطْلَاقِهِ يَتَنَاوَلُهَا يَعْنِي الثَّلَاثَةَ وَإِنْ كَانَ فِي صُلْحِ الزَّوْجَيْنِ قَالَ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ لِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا لِخُصُوصِ السَّبَبِ فَهُوَ مُنَادٍ فِي مَسْأَلَتِنَا بِاسْتِحْقَاقِ أَوْلَادِ إخْوَةِ إبْرَاهِيمَ لِهَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا غَرَضُ الْوَاقِفِ وَإِفَادَةُ اللَّفْظِ لَهُ وَالْحَقُّ أَحَقُّ بِالِاتِّبَاعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.
مَا فِي الْخَيْرِيَّةِ وَرَأَيْت بِهَامِشِهَا بِخَطِّ الْمَرْحُومِ الشَّيْخِ يَحْيَى التَّاجِيِّ الْبَلْعَمِيِّ نَاقِلًا عَنْ الْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ يَاسِينَ الْبِقَاعِيِّ الْحَنَفِيِّ مَا حَاصِلُهُ قَوْلُهُ الْأَقْرَبُ إلَى غَرَضِ الْوَاقِفِ إلَخْ يُخَالِفُهُ مَا أَفْتَى بِهِ الْمَرْحُومُ يَحْيَى أَفَنْدِي مُفْتِي الدِّيَارِ الرُّومِيَّةِ وَالْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ حَسَنٌ الشُّرُنْبُلَالِيُّ مُفْتِي الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ عُلَمَاءِ مِصْرَ وَالشَّامِ مِنْ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ فِي عَصْرِهِمَا وَعَصْرِ مَنْ قَبْلَهُمَا وَرَدُّوا الْوَقْفَ بَعْدَ مَوْتِ الْإِخْوَةِ لِلزَّاوِيَةِ لَا لِأَوْلَادِ الْإِخْوَةِ وَرَدُّوا الْحُكْمَ الْمُعَيَّنَ أَعْلَاهُ إلَى قَوْلِهِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ يَسْتَقِلُّ بِهِ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ إذَا انْفَرَدَ وَيَشْتَرِكُ فِيهِ الِاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهَا وَجَعَلُوهُ بَيَانًا لِذَلِكَ وَقَيْدًا لَهُ وَرُجُوعًا بِهِ إلَى مُسْتَحِقٍّ مَوْجُودٍ دُونَ غَيْرِهِ الَّذِي لَمْ يُوجَدْ فِي شَرْطِهِ فَهُوَ عَامٌّ مَخْصُوصٌ بِقَوْلِهِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَإِنَّهُ مَا مِنْ عَامٍّ إلَّا وَقَدْ خُصَّ وَرُجُوعُهُ إلَى هَذَا مُتَيَقَّنٌ لِوُجُودِهِ فِي لَفْظِهِ وَإِلَى أَوْلَادِ الْإِخْوَةِ مَشْكُوكٌ فِيهِ لِعَدَمِهِ فِي لَفْظِهِ فَيُقَدَّمُ الْمُتَيَقَّنُ عَلَى الْمَشْكُوكِ فِيهِ لِأَنَّ الْيَقِينَ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ وَغَرَضُ الْوَاقِفِ إذَا خَالَفَ صَرِيحَ لَفْظِهِ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ. اهـ.
وَلَا يَخْفَى عَلَى مَنْ أَمْعَنَ النَّظَرَ فِي هَذَا الْمَقَامِ اتِّجَاهُ كُلٍّ مِنْ الْكَلَامَيْنِ وَالتَّرْجِيحُ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ صَعْبٌ وَلَكِنْ ذَكَرَ الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ فِي شَرْحِ الْأَشْبَاهِ أَنَّهُ مَتَى اُخْتُلِفَ فِي مَسْأَلَةٍ فَالْعِبْرَةُ بِمَا قَالَهُ الْأَكْثَرُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَنْشَأَ وَاقِفٌ وَقْفَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَيَّامَ حَيَاتِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ فَعَلَى زَوْجَتِهِ خَاتُونَ وَعَلَى الْمَدْعُوَّةِ نَفِيسَةَ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَلَى عُتَقَاءِ الْوَاقِفِ وَهُمْ عَلِيٌّ وَزَوْجَتُهُ قَرَنْفُلَةُ وَعَائِشَةُ سَوِيَّةً بَيْنَهُمْ مُدَّةَ حَيَاتِهِمْ ثُمَّ مِنْ بَعْدِ كُلٍّ مِنْهُمْ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَأَنْسَالِهِ وَأَعْقَابِهِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِذَا انْقَرَضُوا بِأَجْمَعِهِمْ عَادَ ذَلِكَ وَقْفًا شَرْعِيًّا عَلَى أَوْلَادِ أَخِي الْوَاقِفِ الْمَرْقُومِ حَسَنٍ أَغَا وَهُمْ كَاتِبَةُ وَصَفِيَّةُ وَمَرْوَةُ وَرَحْمَةُ سَوِيَّةً بَيْنَهُمْ ثُمَّ مِنْ بَعْدِ وَفَاةِ كُلٍّ مِنْهُنَّ عَلَى أَوْلَادِهَا وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهَا وَأَنْسَالِهَا وَأَعْقَابِهَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ مُتَّصِلَةٍ ثُمَّ مَاتَ الْوَاقِفُ وَمَاتَ بَعْدَهُ عَلِيٌّ وَقَرَنْفُلَةُ وَعَائِشَةُ وَخَاتُونُ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا عَقِبٍ وَبَقِيَتْ نَفِيسَةُ لَا غَيْرُ فَهَلْ تُقْسَمُ غَلَّةُ الْوَقْفِ مِنْ خَمْسَةِ أَخْمَاسٍ لِنَفِيسَةَ خُمُسٌ وَاحِدٌ وَالْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ تُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ وَإِذَا كَانَتْ بَنَاتُ أَخِي الْوَاقِفِ فُقَرَاءَ أَوْ إحْدَاهُنَّ فَهُنَّ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْ الْفُقَرَاءِ الْأَجَانِبِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ. (أَقُولُ) قَوْلُهُ تُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ يَعْنِي مَا دَامَتْ نَفِيسَةُ مَوْجُودَةً فَإِذَا مَاتَتْ يُصْرَفُ الْكُلُّ إلَى بَنَاتِ أَخِي الْوَاقِفِ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُنَّ مِنْ الْوَقْفِ مَشْرُوطٌ بِمَوْتِ خَاتُونَ وَنَفِيسَةَ وَعُتَقَاءِ الْوَاقِفِ وَأَوْلَادِهِمْ وَأَعْقَابِهِمْ فَمَا دَامَ أَحَدٌ مِنْهُمْ مَوْجُودًا لَا تَسْتَحِقُّ بَنَاتُ أَخِي الْوَاقِفِ شَيْئًا وَيَكُونُ الْوَقْفُ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ وَفِيهِ يُصْرَفُ نَصِيبُ مَنْ مَاتَ إلَى الْفُقَرَاءِ وَإِذَا كَانَتْ بَنَاتُ أَخِي الْوَاقِفِ فُقَرَاءَ يُصْرَفُ إلَيْهِنَّ لِصِفَةِ الْفَقْرِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَوِيَّةِ لَا الِاسْتِحْقَاقِ قَالَ فِي الْإِسْعَافِ فِي بَابِ الْوَقْفِ فِي أَبْوَابِ الْبِرِّ لَوْ قَالَ هِيَ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ فِي أَبْوَابِ الْبِرِّ فَاحْتَاجَ وَلَدُهُ أَوْ وَلَدُ وَلَدِهِ أَوْ قَرَابَتُهُ يُصْرَفُ إلَيْهِ مِنْ الْغَلَّةِ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَبْوَابِ الْبِرِّ وَكَذَلِكَ لَوْ جَعَلَهَا صَدَقَةً مَوْقُوفَةً عَلَى الْمَسَاكِينِ فَاحْتَاجَ وَلَدُهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَيْهِ مِنْ الْغَلَّةِ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَسَاكِينِ وَلِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَدَقَةً وَرَحِمٌ مُحْتَاجَةٌ} فَيَكُونُ وَلَدُهُ وَقَرَابَتُهُ أَحَقَّ وَلَكِنْ لَا يَتَعَيَّنُ بِحَيْثُ لَا يَجُوزُ الدَّفْعُ إلَى غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ بِجَعْلِ قَاضٍ بَلْ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْسَانِ وَالْأَفْضَلِيَّةِ وَلَوْ عُزِلَ الْقَاضِي أَوْ مَاتَ يَجُوزُ لِمَنْ يَلِي بَعْدَهُ أَنْ يُجْرِيَهُ عَلَيْهِ وَأَنْ يُبْطِلَهُ لِعَدَمِ كَوْنِ فِعْلِ الْأَوَّلِ قَضَاءً.
وَمَنْ مَاتَ أَوْ اسْتَغْنَى سَقَطَ حَقُّهُ وَحُكْمُ وَرَثَتِهِ كَحُكْمِهِ إنْ كَانُوا أَقَارِبَ الْوَاقِفِ وَكَذَا جِيرَانُ الْوَاقِفِ إنْ كَانُوا فُقَرَاءَ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَوْ الْقَيِّمِ أَنْ يُعْطِيَهُمْ مِنْ الْغَلَّةِ مَا يَرَى. اهـ.
لَكِنْ قَيَّدَ ذَلِكَ فِي الْخَانِيَّةِ بِأَحَدِ شَرْطَيْنِ حَيْثُ قَالَ رَجُلٌ وَقَفَ فِي صِحَّتِهِ أَرْضًا عَلَى الْفُقَرَاءِ فَاحْتَاجَ بَعْضُ وَرَثَةِ الْوَاقِفِ قَالُوا يَجُوزُ صَرْفُ الْوَقْفِ إلَيْهِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ سَائِرِ الْفُقَرَاءِ بِأَحَدِ شَرْطَيْنِ أَنْ يُصْرَفَ الْبَعْضُ إلَيْهِمْ وَالْبَعْضُ إلَى الْأَجَانِبِ أَوْ الْكُلُّ إلَى وَرَثَةِ الْوَاقِفِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَافِ لِأَنَّهُ لَوْ صَرَفَ الْكُلَّ إلَيْهِمْ عَلَى الدَّوَامِ يَظُنُّ النَّاسُ أَنَّهُ وَقَفَ عَلَيْهِمْ فَرُبَّمَا يَتَّخِذُونَهُ مِلْكًا. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا شَرَطَ وَاقِفٌ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ الْمُرَتَّبِ بِثُمَّ شُرُوطًا مِنْهَا أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ يَعُودُ نَصِيبُهُ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ إلَى مَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ فَمَاتَ رَجُلٌ مِنْ الذُّرِّيَّةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَفِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ أَخَوَاهُ وَجَمَاعَةٌ آخَرُونَ الْبَعْضُ مِنْهُمْ مُتَنَاوَلٌ وَالْبَعْضُ غَيْرُ مُتَنَاوَلٍ لِحَجْبِهِ بِأَصْلِهِ فَهَلْ يَعُودُ نَصِيبُ الرَّجُلِ الْمُتَوَفَّى الْمَزْبُورِ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ لِجَمِيعِ أَهْلِ دَرَجَتِهِ الْمَزْبُورِينَ وَلَا يَخْتَصُّ بِذَلِكَ أَخَوَاهُ الْمَذْكُورَانِ عَمَلًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ يَعُودُ نَصِيبُ الرَّجُلِ الْمُتَوَفَّى عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ لِجَمِيعِ أَهْلِ دَرَجَتِهِ وَلَا يَخْتَصُّ بِذَلِكَ أَخَوَاهُ الْمَذْكُورَانِ عَمَلًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ مَنْ لَهُ حَقٌّ إمَّا حَالًا أَوْ مَآلًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ مُحَمَّدٌ الْعِمَادِيُّ الْمُفْتِي بِالشَّامِ عُفِيَ عَنْهُ الْجَوَابُ كَمَا بِهِ الْعَمُّ الْمَرْحُومُ أَجَابَ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.
وَفِي فَتَاوَى الْكَازَرُونِيُّ عَنْ الْحَانُوتِيِّ ضِمْنَ سُؤَالٍ أَجَابَ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَخٍ وَلَا أُخْتٍ انْتَقَلَ مَا كَانَ لَهُ إلَى كُلِّ مَنْ هُوَ فِي طَبَقَتِهِ وَذَوِي دَرَجَتِهِ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ إلَخْ لِأَنَّهُ مُتَأَخِّرٌ عَنْ قَوْلِهِ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا تَحْجُبُ الطَّبَقَةَ السُّفْلَى وَالْعَمَلُ عَلَى مَا تَأَخَّرَ مِنْ الشُّرُوطِ كَمَا هُوَ الْمُصَرَّحُ بِهِ وَيَسْتَحِقُّ ذَلِكَ جَمِيعُ مَنْ فِي طَبَقَتِهِ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ اسْتِحْقَاقٌ سَابِقٌ فِي الْوَقْفِ أَمْ كَانَ مَحْجُوبًا بِأَصْلِهِ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ انْتَقَلَ إلَى مَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ لَفْظِ مِنْ وَمِنْ قَوْلِهِ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُضَافٌ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنْ يَعُمَّ وَأَمَّا قَوْلُ الْوَاقِفِ مُضَافًا إلَى مَا يَسْتَحِقُّهُ فَلَيْسَ قَيْدًا لِدَفْعِ اسْتِحْقَاقِ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ اسْتِحْقَاقٌ سَابِقٌ فِي الْوَقْفِ وَإِنَّمَا هُوَ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ مَنْ يَتَوَهَّمُ أَنَّ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ لَهُ اسْتِحْقَاقٌ سَابِقٌ لَا يَسْتَحِقُّ مِنْ ذَلِكَ الْمَيِّتِ شَيْئًا اكْتِفَاءً بِمَا لَهُ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ السَّابِقِ فَدَفَعَ ذَلِكَ بِمَا يُفِيدُ أَنَّ مَنْ فُرِضَ لَهُ اسْتِحْقَاقٌ سَابِقٌ لَا يَكُونُ ذَلِكَ مَانِعًا لَهُ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ ذَلِكَ الْمَيِّتِ الَّذِي مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ إلَخْ بَلْ يَسْتَحِقُّ مِنْهُ مُضَافًا لِمَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ سَابِقًا.
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا أَنَّهُ لَوْ فُرِضَ أَنَّ جَمِيعَ مَنْ فِي الطَّبَقَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ اسْتِحْقَاقٌ سَابِقٌ كَانَ الظَّاهِرُ أَنْ تَنْتَقِلَ حِصَّةُ ذَلِكَ الْمَيِّتِ لَهُمْ عَدَمُ تَحَقُّقِ قَوْلِ الْوَاقِفِ مُضَافًا إلَى مَا يَسْتَحِقُّهُ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا بَلْ لِدَفْعِ التَّوَهُّمِ كَمَا بَيَّنَّاهُ. اهـ.
مُلَخَّصًا.
(أَقُولُ) وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْإِضَافَةَ فِي قَوْلِ الْوَاقِفِ مُضَافًا إلَى مَا يَسْتَحِقُّهُ عِنْدَ إمْكَانِهَا أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ لَهُ اسْتِحْقَاقًا وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْإِسْعَافِ مِمَّا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَلَمْ يُوجَدْ إلَّا ذُكُورٌ فَقَطْ أَوْ إنَاثٌ فَقَطْ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ أَوْ بَيْنَهُنَّ بِالسَّوِيَّةِ لِأَنَّ الْمُرَادَ التَّفَاضُلُ عَلَى تَقْدِيرِ الِاخْتِلَاطِ. اهـ.
وَيَأْتِي قَرِيبًا مَا يُفِيدُ ذَلِكَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ يَشْمَلُ النَّصِيبَ الْمُقَدَّرَ.
(سُئِلَ) فِي وَقْفٍ مِنْ شُرُوطِهِ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ عَادَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ إلَى مَنْ هُوَ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى وَمَاتَ الْوَاقِفُ ثُمَّ مَاتَ شَخْصٌ مِنْ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ هُوَ صَالِحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَلَيْسَ فِي دَرَجَتِهِ سِوَى ابْنِ عَمِّهِ مُحَمَّدٍ هُوَ عُمَرُ لَكِنَّهُ مَحْجُوبٌ بِأَبِيهِ مُحَمَّدٍ الْمُسْتَحِقِّ فِي الْوَقْفِ بِالْفِعْلِ فَهَلْ يَعُودُ نَصِيبُ صَالِحٍ الْمَذْكُورِ لِعُمَرَ الْمَرْقُومِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(أَقُولُ) رَأَيْت بِخَطِّ شَيْخِ مَشَايِخِنَا الْعَلَّامَةِ الْفَقِيهِ مُنْلَا عَلِيٍّ التُّرْكُمَانِيِّ أَمِينِ فَتْوَى الْمُؤَلِّفِ قَالَ فِي مَجْمُوعَتِهِ الْفِقْهِيَّةِ الْكَبِيرَةِ مَا حَاصِلُهُ إذَا كَانَ فِي الدَّرَجَةِ جَمَاعَةٌ غَيْرُ مُتَنَاوِلِينَ فَقَطْ مَحْجُوبُونَ بِأُصُولِهِمْ فَالْحُكْمُ فِيهِمْ أَنَّهُ يَنْتَقِلُ حِصَّةُ الْمُتَوَفَّى إلَيْهِمْ لِأَنَّ إعْمَالَ الْكَلَامِ أَوْلَى مِنْ إهْمَالِهِ وَالْمَحْجُوبُ بِصَدَدِ الِاسْتِحْقَاقِ فَتَسْمِيَتُهُ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ جَائِزَةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ السُّيُوطِيّ وَاخْتَارَهُ فِي الْأَشْبَاهِ وَهَذَا ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي دَرَجَتِهِ غَيْرُهُمْ وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي دَرَجَتِهِ مُتَنَاوِلٌ وَمَحْجُوبٌ فَاخْتَلَفَ الْإِفْتَاءُ فِيهِ فَبَعْضُهُمْ أَفْتَى بِعَدَمِ مُشَارَكَةِ الْمَحْجُوبِ لِلْمُتَنَاوِلِ مِنْهُمْ الْمَوْلَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَفَنْدِي الْعِمَادِيُّ وَمُحَمَّدٌ أَفَنْدِي الْمُعِيدُ الْمُفْتِيَانِ بِدِمَشْقَ لِأَنَّ الْمُتَنَاوَلَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ حَقِيقَةً وَالْمَحْجُوبُ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ مَجَازًا وَإِعْمَالُ الْحَقِيقَةِ أَوْلَى وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا غَيْرُ جَائِزٍ وَلَا يُصَارُ إلَى الْمَجَازِ إلَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ الْعَمَلُ بِالْحَقِيقَةِ أَوْ لَمْ تَكُنْ الْحَقِيقَةُ مَوْجُودَةً أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي الطَّبَقَةِ إلَّا الْمَحْجُوبُ وَأَفْتَى الْبَعْضُ بِمُشَارَكَةِ الْمَحْجُوبِ لِلْمُتَنَاوِلِ مِنْهُمْ الْعَلَّامَةُ الْكَوَاكِبِيُّ وَتَاجُ الدِّينِ الْحَنَفِيُّ الْأَزْهَرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ شَاهِينَ الْحَنَفِيُّ لِعُمُومِ مَنْ وَالدَّرَجَةِ فِي قَوْلِ الْوَاقِفِ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ لِأَنَّ الْمُضَافَ يَعُمُّ.
وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنْ يَعُمَّ الْمُتَنَاوَلَ وَالْمَحْجُوبَ وَالْعُمُومُ فِي الْأَوْقَافِ حُجَّةٌ بِلَا خِلَافٍ ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الدَّلَالَاتِ وَالْعَامُّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ قَطْعِيٌّ كَالْخَاصِّ. اهـ.
وَأَقُولُ أَيْضًا قَدْ يَقَعُ فِي بَعْضِ (م) عِبَارَاتِ الْوَافِقِينَ تَقْيِيدُ أَهْلِ الدَّرَجَةِ بِالْمُسْتَحَقِّينَ أَوْ الْمُتَنَاوِلِينَ مِنْ رِيعِهِ وَلَا خَفَاءَ حِينَئِذٍ فِي عَدَمِ دُخُولِ الْمَحْجُوبِ وَرَأَيْت بِخَطِّ مُنْلَا عَلِيٍّ الْمَذْكُورِ أَيْضًا نَقْلًا عَنْ التُّحْفَةِ لِابْنِ حَجَرٍ الْمَكِّيِّ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَصْلِ أَحْكَامِ الْوَقْفِ اللَّفْظِيَّةِ مَا نَصُّهُ فَائِدَةٌ يَقَعُ فِي كُتُبِ الْأَوْقَافِ وَمَنْ مَاتَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ الْمُسْتَحِقِّينَ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُسْتَحِقِّينَ تَأْسِيسٌ لَا تَأْكِيدٌ فَيُحْمَلُ عَلَى وَضْعِهِ الْمَعْرُوفِ فِي اسْمِ الْفَاعِلِ مِنْ الِاتِّصَافِ حَقِيقَةً بِالِاسْتِحْقَاقِ مِنْ الْوَقْفِ حَالَ مَوْتِ مَنْ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ نَصِيبُهُ وَلَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى الْمَجَازِ أَيْضًا بِأَنْ يُرَادَ الِاسْتِحْقَاقُ وَلَوْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِأَنَّ قَوْلَهُ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ كَافٍ فِي إرَادَةِ هَذَا فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ إلْغَاءُ قَوْلِهِ الْمُسْتَحَقِّينَ وَأَنَّهُ لِمُجَرَّدِ التَّأْكِيدِ وَالتَّأْسِيسُ خَيْرٌ مِنْهُ فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ وَيَقَعُ فِيهَا لَفْظُ النَّصِيبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمُتَقَدِّمُونَ وَالْمُتَأَخِّرُونَ فِي أَنَّهُ هَلْ يُحْمَلُ عَلَى مَا يَعُمُّ النَّصِيبَ الْمُقَدَّرَ مَجَازًا لِقَرِينَةٍ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ كَثِيرُونَ وَكَادَ السُّبْكِيّ أَنْ يَنْقُلَ إجْمَاعَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ عَلَيْهِ أَوْ يَخْتَصُّ بِالْحَقِيقِيِّ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَالْقَرَائِنُ فِي ذَلِكَ ضَعِيفَةٌ وَهُوَ الْمَنْقُولُ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةٌ كَثِيرُونَ أَيْضًا وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ قَوْلُ السُّبْكِيّ الْأَقْرَبُ إلَى قَوَاعِدِ الْفِقْهِ وَاللُّغَةِ أَنَّ ذَا الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ مَثَلًا الْمَحْجُوبَ بِغَيْرِهِ يُسَمَّى مَوْقُوفًا عَلَيْهِ لِشُمُولِ لَفْظِ الْوَاقِفِ لَهُ قَالَ وَإِذَا كَانَ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ كَانَ لَهُ نَصِيبٌ بِالْقُوَّةِ بَلْ بِالْفِعْلِ إذْ الْمُتَوَقِّفُ عَلَى انْقِرَاضِ غَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ أَخْذُهُ لَا دُخُولُهُ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَعَلَى هَذَا أَفْتَيْت فِي مَوْقُوفٍ عَلَى مُحَمَّدٍ ثُمَّ عَلَى بِنْتَيْهِ وَعَتِيقِهِ فُلَانٍ عَلَى أَنَّ مَنْ تُوُفِّيَتْ مِنْهُمَا تَكُونُ حِصَّتُهَا لِلْأُخْرَى فَتُوُفِّيَتْ إحْدَاهُمَا فِي حَيَاةِ الْوَاقِفِ بَعْدَ الْوَقْفِ ثُمَّ مُحَمَّدٌ عَنْ الْأُخْرَى وَفُلَانٌ بِأَنَّ لَهَا الثُّلُثَيْنِ وَلِلْعَتِيقِ الثُّلُثُ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْوَاقِفَ لَمَّا جَعَلَ الْعَتِيقَ فِي مَرْتَبَتِهِمَا خَشِيَ أَنَّهُ رُبَّمَا انْفَرَدَ مَعَ إحْدَاهُمَا فَيُنَاصِفُهَا فَأَخْرَجَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ عَلَى أَنَّهُ إلَخْ وَبَيَّنَ أَنَّ إحْدَاهُمَا مَتَى انْفَرَدَتْ مَعَ الْعَتِيقِ لَمْ تُنَاصِفْهُ بَلْ تَأْخُذُ ضِعْفَهُ.
وَبَيَّنْت فِي الْفَتَاوَى أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ الْخِلَافِ مَا لَمْ يَصْدُرْ مِنْ الْوَاقِفِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ النَّصِيبُ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ كَمَا هُنَا ثُمَّ رَأَيْتنِي ذَكَرْت فِي بَعْضِ الْفَتَاوَى مَا حَاصِلُهُ الِاسْتِحْقَاقُ وَالْمُشَارَكَةُ هَلْ يُحْمَلَانِ عَلَى مَا بِالْقُوَّةِ نَظَرًا لِقَصْدِ الْوَاقِفِ أَنَّهُ لَا يَحْرِمُ أَحَدًا مِنْ ذُرِّيَّتِهِ أَوْ عَلَى مَا بِالْفِعْلِ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادِرُ مِنْ لَفْظِهِ فَيَكُونُ حَقِيقَةً فِيهِ وَالْحَقِيقَةُ لَا تَنْصَرِفُ عَنْ مَدْلُولِهَا بِمُجَرَّدِ غَرَضٍ لَمْ يُسَاعِدْهُ اللَّفْظُ فِيهِ اضْطِرَابٌ طَوِيلٌ وَاَلَّذِي حَرَّرْته فِي كِتَابِ سَوَابِغِ الْمُدَدِ أَنَّ الرَّاجِحَ الثَّانِي وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ شَيْخُنَا يَعْنِي الْقَاضِيَ زَكَرِيَّا بَعْدَ إفْتَائِهِ بِالْأَوَّلِ وَرَدَ عَلَى السُّبْكِيّ وَآخَرِينَ وَمِنْهُمْ الْبُلْقِينِيُّ اعْتِمَادَهُمْ الْأَوَّلَ. اهـ.
وَأَقُولُ أَيْضًا حَاصِلُ مَا قَرَّرَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ مُوَافِقًا لِمَا عَلَيْهِ أَهْلُ الْإِفْتَاءِ مِنْ عُلَمَائِنَا الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ إذَا قَيَّدَ الْوَاقِفُ بِالْمُسْتَحَقِّينَ لَا يَدْخُلُ الْمَحْجُوبُ بِأَصْلِهِ وَأَنَّ لَفْظَ النَّصِيبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ يَخْتَصُّ بِالْحَقِيقِيِّ لَا يَدْخُلُ فِيهِ مَا بِالْقُوَّةِ إلَّا إذَا دَلَّ عَلَيْهِ دَلِيلٌ وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ الْوَاقِفُ فِي شُرُوطِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ وَلَدٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ أَوْ انْتَقَلَ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ إلَى وَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ إلَخْ خَاصٌّ بِمَنْ مَاتَ عَنْ اسْتِحْقَاقٍ بِالْفِعْلِ.
أَمَّا مَنْ مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ لَا يَقُومُ وَلَدُهُ مَقَامَهُ فِيمَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ هُوَ بِالْقُوَّةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ فِي الْخَيْرِيَّةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ وَنَقَلَهُ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْوَقْفِ عَنْ فَتَاوَى الشَّيْخِ أَمِينِ الدِّينِ وَفَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ وَقَالَ وَفِي الْمَسْأَلَةِ مُعْتَرَكٌ عَظِيمٌ وَاضْطِرَابٌ طَوِيلٌ إلَخْ نَعَمْ لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ قِيَامَ وَلَدِ مَنْ مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ مَقَامَ أَبِيهِ فَحِينَئِذٍ يَقُومُ مَقَامَهُ فِيمَا كَانَ يَنْتَقِلُ إلَى أَبِيهِ لَوْ كَانَ أَبُوهُ حَيًّا عَلَى مَا فِيهِ مِنْ الْكَلَامِ الْآتِي فِي الدَّرَجَةِ الْجَعْلِيَّةِ وَقَدْ وَقَعَ اضْطِرَابٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي جَوَابِ مَسْأَلَةِ الْحَاجَّةِ أَكَابِرَ الْمَذْكُورَةِ فِي الْفَتَاوَى التَّاجِيَّةِ لِلْعَلَّامَةِ مُحَمَّدٍ التَّاجِيِّ الْبَعْلِيِّ وَفِي الْفَتَاوَى الْإِسْمَاعِيلِيَّة فَلْنَذْكُرْهَا تَتْمِيمًا لِلْفَائِدَةِ قَالَ فِي الْفَتَاوَى التَّاجِيَّةِ سُئِلْت مِنْ مَدِينَةِ طَرَابُلُسَ الشَّامِ سَنَةَ 1110 عَمَّا إذَا أَنْشَأَتْ الْوَاقِفَةُ وَقْفَهَا عَلَى نَفْسِهَا مُدَّةَ حَيَاتِهَا لَا يُشَارِكُهَا فِيهِ مُشَارِكٌ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهَا يَكُونُ الثُّلُثُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى بِنْتِهَا الْحَاجَّةِ أَكَابِرَ وَالثُّلُثَانِ عَلَى أَوْلَادِ ابْنِهَا عَلِيٍّ جَلَبِيٌّ، وَهُمْ مُحَمَّدٌ وَمُصْطَفَى وَحُسْنِي ثُمَّ مِنْ بَعْدِ وَفَاةِ بِنْتِهَا الْحَاجَّةِ أَكَابِرَ يَكُونُ الثُّلُثُ عَلَى أَوْلَادِهَا ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهَا ثُمَّ عَلَى أَنْسَالِهَا وَأَعْقَابِهَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَيَكُونُ الثُّلُثَانِ مِنْ بَعْدِ وَفَاةِ أَوْلَادِ ابْنِهَا الْمَذْكُورِينَ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ عَلَى أَنْسَالِهِمْ وَأَعْقَابِهِمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَمِمَّنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ وَلَدٍ عَادَ نَصِيبُهُ إلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَمَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ عَادَ نَصِيبُهُ إلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مَاتَتْ بِنْتُ الْوَاقِفَةِ الْحَاجَّةُ أَكَابِرُ قَبْلَ مَوْتِ أُمِّهَا الْوَاقِفَةِ وَخَلَّفَتْ الْحَاجَّةُ أَكَابِرُ ابْنًا وَبِنْتًا ثُمَّ مَاتَتْ الْوَاقِفَةُ فَهَلْ يَرْجِعُ نَصِيبُ الْحَاجَّةِ أَكَابِرَ إلَى وَلَدَيْهَا الْمَذْكُورَيْنِ أَوْ لَا فَأَجَبْت لَا شَكَّ فِي انْتِقَالِ الثُّلُثِ الْمَوْقُوفِ إلَى وَلَدَيْ أَكَابِرَ الْمَذْكُورَيْنِ لَكِنْ لَا بِطَرِيقِ التَّلَقِّي عَنْهَا إذْ هِيَ حِينَ الْمَوْتِ لَمْ يَكُنْ لَهَا نَصِيبٌ بِنَاءً عَلَى مَا هُوَ الرَّاجِحُ فِي الْمَسْأَلَةِ مِنْ كَوْنِ النَّصِيبِ الْمَشْرُوطِ انْتِقَالُهُ عَمَّنْ مَاتَ مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفَةِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهَا عَنْ وَلَدٍ إلَى وَلَدِهِ خَاصًّا بِالْمُتَنَاوَلِ بِالْفِعْلِ غَيْرُ شَامِلٍ لِمَا هُوَ بِالْقُوَّةِ وَقَدْ وَقَعَ فِي ذَلِكَ مُعْتَرَكٌ عَظِيمٌ وَاضْطِرَابٌ طَوِيلٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ بَلْ بِاعْتِبَارِ دُخُولِ أَوْلَادِ أَكَابِرَ فِي أَعْدَادِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَشُمُولِ قَوْلِ الْوَاقِفَةِ ثُمَّ بَعْدَ وَفَاةِ بِنْتِهَا الْحَاجَّةِ أَكَابِرَ يَكُونُ الثُّلُثُ عَلَى أَوْلَادِهَا إلَخْ لَهُمْ فَيَلْزَمُ دُخُولُ أَوْلَادِ مَنْ مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ فِي الْوَقْفِ عَمَلًا بِهَذَا الشَّرْطِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
وَبِمَا قَرَرْنَاهُ عُلِمَ أَنَّ اسْتِحْقَاقَ أَوْلَادِ أَكَابِرَ الثُّلُثَ الْمَوْقُوفَ مَحَلُّ اتِّفَاقٍ مِمَّنْ يَقُولُ بِاخْتِصَاصِ النَّصِيبِ بِمَا هُوَ بِالْفِعْلِ وَمَنْ يَقُولُ بِشُمُولِهِ لِمَا هُوَ بِالْقُوَّةِ أَيْضًا وَغَيْرُ خَافٍ أَنَّهُ لَا دَخْلَ مَعَ مُسْتَحِقِّي الثُّلُثِ الْمَوْقُوفِ لِمُسْتَحِقِّي الثُّلُثَيْنِ الْمَوْقُوفَيْنِ فِي ذَلِكَ أَصْلًا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وَقْفٌ مُسْتَقِلٌّ لَا دَخْلَ لِأَحَدِهِمَا مَعَ الْآخَرِ فَافْهَمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.
مَا فِي الْفَتَاوَى التَّاجِيَّةِ وَرَأَيْت بِخَطِّ أَخِي مُؤَلِّفِهَا الشَّيْخِ يَحْيَى التَّاجِيِّ عَلَى الْهَامِشِ أَنَّ أَخَاهُ وَضَعَ فِي مَسْأَلَةِ أَكَابِرَ رِسَالَةً سَمَّاهَا رَفْعَ الْجِدَالِ وَالشِّقَاقِ عَنْ وَلَدِ مَنْ مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ وَرَأَيْت بِخَطِّهِ أَيْضًا أَجْوِبَةً لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ فَمِنْهَا مَا أَجَابَ بِهِ مُفْتِي مِصْرَ الْقَاهِرَةِ الْعَلَّامَةُ عَلِيٌّ الْعَقَدِيُّ الْحَنَفِيُّ الْأَزْهَرِيُّ بِمِثْلِ مَا مَرَّ وَكَذَا أَجَابَ الْعَلَّامَةُ أَحْمَدُ أَفَنْدِي الْكَوَاكِبِيُّ مُفْتِي حَلَبِ الشَّهْبَاءِ وَذَكَرَ صُورَةَ جَوَابِهِ ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ شَيْخِهِ الْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ الْحَائِكِ أَنَّهُ حَيْثُ مَاتَتْ أَكَابِرُ فِي حَيَاةِ وَالِدَتِهَا فَلَا شَيْءَ لَهَا وَبِمَوْتِ أُمِّهَا بَعْدَهَا لَا يَكُونُ لِوَلَدَيْهَا شَيْءٌ بَلْ يُصْرَفُ الثُّلُثُ إلَى الْفُقَرَاءِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ رَفَعَ هَذَا السُّؤَالَ إلَى الْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ عَبْدِ الْغَنِيِّ النَّابُلُسِيِّ الْمُفْتِي بِدِمَشْقَ الشَّامِ وَإِلَى الشَّيْخِ عَبْدِ الْفَتَّاحِ السِّبَاعِيِّ الْمُفْتِي بِمَدِينَةِ حِمْصَ فَكَتَبَا بِالْمُوَافَقَةِ لِلشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ.
(سُئِلَ) فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ مُرَتَّبٍ بِثُمَّ عَلَى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ عَنْ وَلَدِهِ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ وَمَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ فَإِلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى فَانْحَصَرَ رِيعُهُ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ الذُّرِّيَّةِ وَمَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَهُوَ السَّيِّدُ مُحَمَّدٌ لَا عَنْ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَيْسَ فِي دَرَجَتِهِ وَطَبَقَتِهِ أَحَدٌ وَلَا فِي الطَّبَقَاتِ الَّتِي فَوْقَهُ أَحَدٌ وَفِي الطَّبَقَةِ الَّتِي تَلِي طَبَقَتَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ مُسْتَحِقِّي الْوَقْفِ وَلَيْسَ أَقْرَبَ مِنْ رَجُلٍ اسْمُهُ السَّيِّدُ خَلِيلٌ فَهَلْ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ لِلسَّيِّدِ خَلِيلٍ فَقَطْ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ حَيْثُ كَانَ الْوَقْفُ مُرَتَّبًا بِثُمَّ وَلَمْ يُوجَدْ فِي دَرَجَةِ الْمُتَوَفَّى وَلَا فِي الَّتِي فَوْقَهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ فَيَنْتَقِلُ نَصِيبُ السَّيِّدِ مُحَمَّدٍ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ وَلَا عَلَى الدَّرَجَاتِ وَهِيَ الدَّرَجَةُ الَّتِي تَلِي دَرَجَتَهُ فَقَدْ قَامَتْ الدَّرَجَةُ الَّتِي تَلِي دَرَجَتَهُ مَقَامَ دَرَجَةِ الْمُتَوَفَّى وَقَدْ شَرَطَ الْوَاقِفُ مَعَ قَيْدِ الدَّرَجَةِ الْأَقْرَبِيَّةَ وَلَيْسَ فِي أَهْلِ الدَّرَجَةِ الْمَذْكُورَةِ أَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى مِنْ السَّيِّدِ خَلِيلٍ الْمَذْكُورِ فَيَخْتَصُّ بِهِ وَحْدَهُ دُونَ بَقِيَّةِ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ الَّتِي تَلِي دَرَجَةَ الْمُتَوَفَّى عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى وَلِأَنَّ مُرَادَ الْوَاقِفِ بِقَوْلِهِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ قُرْبُ الدَّرَجَةِ وَالرَّحِمِ فِي كُلِّ دَرَجَةٍ لَا قُرْبُ الْإِرْثِ وَالْعُصُوبَةِ فَإِنَّ قُرْبَ الْقَرَابَةِ أَدْعَى إلَى غَرَضِ الْوَاقِفِينَ بِالصَّرْفِ بِسَبَبِهِ وَمَفْهُومٌ أَيْضًا مِنْ قَوْلِ الْوَاقِفِينَ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ وَفِي التَّعْوِيلِ عَلَى غَيْرِهِ إلْغَاءُ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ وَذَلِكَ حِرْمَانُ اعْتِبَارِ الْأَقْرَبِيَّةِ الَّتِي هِيَ الدَّاعِيَةُ إلَى الشَّفَقَةِ وَمَزِيدِ الرَّحْمَةِ وَإِلَى بَذْلِ الْمَالِ بِلَا إشْكَالٍ فَاعْتِبَارُ الْأَقْرَبِيَّةِ أَوْفَقُ لِغَرَضِهِمْ الْمُعْتَبَرِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ حَتَّى صَرَّحُوا بِأَنَّ غَرَضَ الْوَاقِفِ يَصْلُحُ مُخَصِّصًا هَذَا مَا ظَهَرَ لِي بَعْدَ التَّأَمُّلِ فِي كَلَامِ بَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ عُلَمَائِنَا الْمُحَقِّقِينَ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ وَبِهِ أَسْتَعِينُ.
(أَقُولُ) إنَّمَا سَمَّى دَرَجَةَ السَّيِّدِ خَلِيلٍ أَعْلَى الدَّرَجَاتِ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ دَرَجَةَ الْمُتَوَفَّى وَهُوَ السَّيِّدُ مُحَمَّدٌ لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ وَلَا فَوْقَهَا أَحَدٌ فَصَارَتْ الدَّرَجَةُ الَّتِي تَلِي النَّازِلَةَ عَنْهَا وَهِيَ دَرَجَةُ السَّيِّدِ خَلِيلٍ أَعْلَى الدَّرَجَاتِ وَمَا أَفْتَى بِهِ هُنَا فِيهِ كَلَامٌ يَأْتِي قَرِيبًا.
(سُئِلَ) فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ أَنْشَأَهُ الْوَاقِفُ عَلَى نَفْسِهِ أَيَّامَ حَيَاتِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ مُرَتَّبًا بَيْنَ الْبُطُونِ بِثُمَّ عَلَى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ أَوْ أَسْفَلَ مِنْهُ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ أَوْ الْأَسْفَلِ وَمَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ فَنَصِيبُهُ لِمَنْ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى وَمَنْ مَاتَ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ لِشَيْءٍ مِنْ مَنَافِعِ الْوَقْفِ وَتَرَكَ وَلَدًا أَوْ أَسْفَلَ مِنْهُ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ الْمَتْرُوكُ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ الْمُتَوَفَّى أَنْ لَوْ كَانَ حَيًّا وَقَامَ مَقَامَهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ عَلَى ذَلِكَ الشَّرْطِ وَالتَّرْتِيبِ الْمَذْكُورَيْنِ فَمَاتَ مُسْتَحِقٌّ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ هُوَ عَبْدُ النَّبِيِّ ابْنُ كَمَالِ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْوَاقِفِ وَالْمَوْجُودُ حِينَ مَوْتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ رَجُلٌ وَاحِدٌ مِمَّنْ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ هُوَ مُحَمَّدٌ بْنُ زُلَيْخَا بِنْتِ سَلَمَةَ ابْنَةِ الْوَاقِفِ وَرَجُلَانِ مِنْ أَهْلِ الطَّبَقَةِ التَّالِيَةِ لِطَبَقَةِ الْمَيِّتِ أَنْزَلَ مِنْهُ دَرَجَةً وَاحِدَةً مَاتَتْ أُمُّهُمَا قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ فِي حَيَاةِ أَبِيهَا الْمُسْتَحِقِّ وَانْتَقَلَ إلَيْهِمَا بِمَوْتِهِ نَصِيبُهَا الْمَفْرُوضُ لَهَا مِنْ اسْتِحْقَاقِ أَبِيهَا أَنْ لَوْ كَانَتْ مَوْجُودَةً وَيُرِيدَانِ أَنْ يُشَارِكَا مُحَمَّدًا فِي نَصِيبِ عَبْدِ النَّبِيِّ الْمَذْكُورِ فَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ فَمِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إلَى مَا قَالَهُ السُّبْكِيّ مِنْ أَنَّهُمَا يُشَارِكَانِ مُحَمَّدًا فِي نَصِيبِ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ مِنْ أَهْلِ طَبَقَتِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إلَى مَا قَالَهُ السُّيُوطِيّ وَحَقَّقَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ.
وَأَشَارَ إلَيْهِ مُحَشِّي الْأَشْبَاهِ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْمَقْدِسِيُّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ أَنَّ مُحَمَّدًا يَخْتَصُّ بِذَلِكَ دُونَهُمَا وَأَنَّ لَفْظَ الطَّبَقَةِ فِي كَلَامِ الْوَاقِفِ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ دُونَ الْمَجَازِ لِئَلَّا يَلْزَمَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمُتَضَادَّيْنِ وَإِعْطَاءُ الشَّخْصِ فِي مَوْضِعٍ دَلَّ صَرِيحُ كَلَامِ الْوَاقِفِ عَلَى حِرْمَانِهِ فِيهِ وَحِرْمَانُهُ فِي مَوْضِعٍ دَلَّ صَرِيحُ الْكَلَامِ أَيْضًا عَلَى إعْطَائِهِ فِيهِ كَمَا إذَا مَاتَ الْمُتَوَفَّى أَبُوهُ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ فَإِنْ أَعْطَيْنَا نَصِيبَهُ أَهْلَ طَبَقَتِهِ وَأَهْلَ طَبَقَةِ أَبِيهِ مَعًا جَمَعْنَا بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ وَإِنْ أَعْطَيْنَا أَهْلَ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا دُونَ الْأُخْرَى فَإِنْ كَانَتْ طَبَقَتُهُ نَكُونُ أَهْمَلْنَا الْمَجَازِيَّةَ وَقَدْ كُنَّا فَرَضْنَاهُ مِنْ أَهْلِهَا وَإِنْ كَانَتْ طَبَقَةُ أَبِيهِ نَكُونُ أَهْمَلْنَا الْحَقِيقَةَ بَعْدَ أَنْ حَكَمْنَا لَهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ فِيهَا بِصَرِيحِ شَرْطِ الْوَاقِفِ فَأَبْقَيْنَا الطَّبَقَةَ فِي كَلَامِ الْوَاقِفِ عَلَى حَقِيقَتِهَا وَأَعْمَلْنَا الْكَلَامَيْنِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَقُلْنَا إنَّ غَرَضَ الْوَاقِفِ أَنَّ وَلَدَ مَنْ مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ لَا يَكُونُ مَحْرُومًا بَلْ يَسْتَحِقُّ الْقَدْرَ الَّذِي لَوْ فُرِضَ أَبُوهُ حَيًّا لَتَلَقَّاهُ عَنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ تَشْبِيهًا لِوَلَدِ مَنْ مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ بِوَلَدِ مَنْ مَاتَ بَعْدَهُ فِي الْإِعْطَاءِ وَلَوْ قُلْنَا بِخِلَافِ ذَلِكَ لَزِمَ أَنْ نُثْبِتَ لِلْمُشَبَّهِ قَدْرًا زَائِدًا عَلَى الْمُشَبَّهِ بِهِ إذْ وَلَدُ مَنْ مَاتَ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ لَيْسَ لَهُ هَذَا الْمَعْنَى. اهـ.
فَأَيُّ الْقَوْلَيْنِ عَلَيْهِ يُعَوَّلُ وَهَلْ يُعْتَمَدُ الثَّانِي أَمْ الْأَوَّلُ أَفْتَوْنَا مَأْجُورِينَ أَثَابَكُمْ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ آمِينَ أَقُولُ لَمْ أَرَ لِلْمُؤَلِّفِ هُنَا جَوَابًا عَنْ هَذَا السُّؤَالِ وَلَكِنَّ تَرْتِيبَ السُّؤَالِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ يُشِيرُ إلَى اخْتِيَارِ الْقَوْلِ الثَّانِي وَقَدْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ عَنْ شَرْحِ الْإِقْنَاعِ الْحَنْبَلِيِّ مَا نَصُّهُ فَائِدَةٌ لَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي الْوَقْفِ عَنْ وَلَدٍ وَإِنْ سَفَلَ وَآلَ الْحَالُ فِي الْوَقْفِ إلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُتَوَفَّى مَوْجُودًا لَدَخَلَ قَامَ وَلَدُهُ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ وَإِنْ سَفَلَ وَاسْتَحَقَّ مَا كَانَ أَصْلُهُ يَسْتَحِقُّهُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا فَانْحَصَرَ الْوَقْفُ فِي رَجُلٍ مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ وَرُزِقَ خَمْسَةَ أَوْلَادٍ مَاتَ أَحَدُهُمْ فِي حَيَاةِ وَالِدِهِ وَتَرَكَ وَلَدًا ثُمَّ مَاتَ الرَّجُلُ عَنْ أَوْلَادِهِ الْأَرْبَعَةِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ ثُمَّ مَاتَ مِنْ الْأَرْبَعَةِ ثَلَاثَةٌ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَبَقِيَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ مَعَ وَلَدِ أَخِيهِ اسْتَحَقَّ الْوَلَدُ الْبَاقِي أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ رِيعِ الْوَقْفِ وَوَلَدُ أَخِيهِ الْخُمُسَ الْبَاقِيَ أَفْتَى بِهِ الْبَدْرُ مُحَمَّدُ الشَّهَاوِيُّ الْحَنَفِيُّ وَتَابَعَهُ النَّاصِرُ الطَّبَلَاوِيُّ الشَّافِعِيُّ وَالشِّهَابُ أَحْمَدُ الْبُهُوتِيُّ الْحَنْبَلِيُّ.
وَوَجْهُهُ أَنَّ قَوْلَ الْوَاقِفِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي هَذَا الْوَاقِفِ إلَخْ مَقْصُورٌ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْوَلَدِ لِنَصِيبِ وَالِدِهِ الْمُسْتَحِقِّ لَهُ فِي حَيَاتِهِ لَا يَتَعَدَّاهُ إلَى مَنْ مَاتَ مِنْ إخْوَةِ وَالِدِهِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ بَعْدَ مَوْتِهِ بَلْ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ لِلْإِخْوَةِ الْأَحْيَاءِ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ عَلَى أَنَّ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ إلَخْ إذْ لَا يُمْكِنُ إقَامَةُ الْوَلَدِ مُقَامَ أَبِيهِ فِي الْوَصْفِ الَّذِي هُوَ الْإِخْوَةُ حَقِيقَةً بَلْ مَجَازًا وَالْأَصْلُ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَفِي ذَلِكَ جَمْعٌ بَيْنَ الشَّرْطَيْنِ وَعَمَلٌ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي مَحَلِّهِ وَذَلِكَ أَوْلَى مِنْ إلْغَاءِ أَحَدِهِمَا. اهـ.
شَرْحُ الْإِقْنَاعِ الْحَنْبَلِيُّ مِنْ الْوَقْفِ قُبَيْلَ فَصْلٍ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَسَّمَ الْوَقْفُ عَلَى أَوْلَادِهِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ أَقُولُ وَلِلْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ حَسَنٍ الشُّرُنْبُلَالِيِّ رِسَالَةٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَذَكَرَ الْإِفْتَاءَ بِذَلِكَ عَنْ الْجَمَاعَةِ الْمَارِّينَ فِي عِبَارَةِ شَرْحِ الْإِقْنَاعِ وَعَنْ الشَّيْخِ نَاصِرِ الدِّينِ اللَّقَانِيِّ الْمَالِكِيِّ وَالشَّيْخِ شِهَابِ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ الشَّافِعِيِّ وَالشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْمَسِيرِيِّ الْحَنَفِيِّ وَالشِّهَابِ أَحْمَدَ بْنِ شَعْبَانَ الْحَنَفِيِّ وَالشَّيْخِ زَيْنِ بْنِ نُجَيْمٍ الْحَنَفِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَنَقَلَ نُصُوصَ عِبَارَاتِهِمْ وَكَرَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِالنَّقْضِ وَالرَّدِّ وَالرَّفْضِ وَنَقَلَ عَنْ الْمُحَقِّقِ الشَّيْخِ عَلِيٍّ الْمَقْدِسِيِّ أَنَّهُ خَالَفَهُمْ وَأَفْتَى بِأَنَّ الْوَلَدَ يَقُومُ مَقَامَ أَبِيهِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ فَيَأْخُذُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ أَبُوهُ مِنْ أُصُولِهِ وَمِنْ فُرُوعِ أُصُولِهِ فَيَأْخُذُ وَلَدُ الْوَلَدِ فِي صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي عِبَارَةِ شَرْحِ الْإِقْنَاعِ نِصْفَ الْوَقْفِ مِثْلُ عَمِّهِ لَا خُمْسَهُ.
قَالَ وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنْ أَعْيَانِ الْفُقَهَاءِ وَفُقَهَاءِ الْأَعْيَانِ وَقَالُوا إنَّهُمَا فِي الْقِسْمَةِ مُسْتَوِيَانِ لِأَنَّ لَفْظَ مَقَامٍ فِي قَوْلِ الْوَاقِفِ قَامَ مَقَامَهُ مُضَافٌ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْمُضَافَ يَعُمَّ وَكَذَا لَفْظُ مَا فِي قَوْلِهِ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ مِنْ أَدَوَاتِ الْعُمُومِ فَيَقُومُ الْوَلَدُ مَقَامَ أَصْلِهِ وَيَسْتَحِقُّ مَا يَسْتَحِقُّهُ ابْتِدَاءً وَمَا يَسْتَحِقُّهُ بَعْدَ الدُّخُولِ فَإِنَّ ذَلِكَ الْوَلَدَ لَوْ كَانَ أَبُوهُ حَيًّا شَارَكَ أَبُوهُ إخْوَتَهُ فِي حِصَّةِ أَبِيهِمْ وَكَذَا فِي حِصَّةِ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَقِيمًا فَيَقُومُ ذَلِكَ الْوَلَدُ مَقَامَهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ لَا فِي حِصَّتِهِ الَّتِي اسْتَحَقَّهَا أَبُوهُ وَلَوْ كَانَ حَيًّا مِنْ أَبِيهِ فَقَطْ وَقَدْ نَصَّ الْإِمَامُ الْخَصَّافُ الَّذِي أَذْعَنَ لِفَضْلِهِ أَهْلُ الْوِفَاقِ وَالْخِلَافِ عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْأَخِيرِ مِنْ كَلَامِ الْوَاقِفِ وَلَا شَكَّ أَنَّ قَوْلَهُ عَلَى أَنَّ مَنْ تُوُفِّيَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ إلَخْ مُتَأَخِّرٌ. اهـ.
وَبِذَلِكَ أَفْتَى الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ أَيْضًا وَنَقَلَهُ فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ السُّيُوطِيّ خِلَافًا لِمَا زَعَمَهُ السَّائِلُ حَيْثُ ذَكَرَ أَنَّ السُّيُوطِيّ قَائِلٌ بِالْأَوَّلِ كَمَا مَرَّ فِي السُّؤَالِ لَكِنْ لَا يَخْفَى عَلَيْك أَنَّ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ مِنْ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ مَشَوْا عَلَى مَا فِي شَرْحِ الْإِقْنَاعِ كَمَا سَمِعْت عَلَى أَنَّ الْمُحَقِّقَ الشَّيْخَ عَلِيًّا الْمَقْدِسِيَّ قَدْ وَافَقَهُمْ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْأَشْبَاهِ وَرَدَّ عَلَى السُّيُوطِيّ بِمَا مَرَّ فِي السُّؤَالِ مِنْ قَوْلِهِ لِئَلَّا يَلْزَمَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمُتَضَادَّيْنِ إلَخْ فَالْأَوْلَى الْإِفْتَاءُ بِمَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَهْلِ الْإِفْتَاءِ وَإِنْ كَانَ مَا عَلَّلَ بِهِ الْمَقْدِسِيُّ لِلْمَقَالِ فِيهِ مَجَالٌ أَعْرَضْت عَنْهُ خَشْيَةَ التَّطْوِيلِ وَالْإِمْلَالِ.
بَقِيَ هُنَا شَيْءٌ لَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهِ وَقَدْ صَارَ حَادِثَةَ الْفَتْوَى فِي زَمَانِنَا وَهُوَ أَنَّهُ شَرَطَ الْوَاقِفِ انْتِقَالَ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ وَلَدٍ إلَى وَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ ثُمَّ شَرَطَ قِيَامَ وَلَدِ مَنْ مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ مَقَامَ أَصْلِهِ كَمَا فِي صُورَةِ السُّؤَالِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ ثُمَّ وُجِدَ مُسْتَحَقٌّ اسْمُهُ زَيْدٌ لَهُ ابْنٌ وَبِنْتٌ مَاتَا فِي حَيَاتِهِ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِمَا لِشَيْءٍ وَخَلَّفَ الِابْنُ خَمْسَةَ أَوْلَادٍ وَالْبِنْتُ ثَلَاثَةً ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ الْمَذْكُورُ عَنْ أَوْلَادِ ابْنِهِ وَبِنْتِهِ الثَّمَانِيَةِ الْمَذْكُورِينَ فَهَلْ يُقْسَمُ نَصِيبُهُ بَيْنَ جَمِيعِ أَوْلَادِ ابْنِهِ وَبِنْتِهِ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ عَمَلًا بِالشَّرْطِ الْأَوَّلِ وَهُوَ انْتِقَالُ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ وَلَدٍ إلَى وَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمْ أَثْمَانًا لِأَنَّ لَفْظَ الْوَلَدِ يَشْمَلُ الْوَاحِدَ وَالْمُتَعَدِّدَ أَوْ يُقْسَمُ نَصِيبُهُ عَلَى ابْنِهِ وَبِنْتِهِ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِمَا حَيَّيْنِ ثُمَّ يُعْطِي مَا أَصَابَ ابْنَهُ إلَى أَوْلَادِهِ وَمَا أَصَابَ بِنْتَه إلَى أَوْلَادِهَا لِقِيَامِ أَوْلَادِ كُلٍّ مَقَامَ أَصْلِهِ عَمَلًا بِالشَّرْطِ الثَّانِي فَيُقْسَمُ نَصِيبُ زَيْدٍ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ ثَلَاثِينَ لِلِانْكِسَارِ عَلَى مَخْرَجِ النِّصْفِ وَتَبَايُنِ عَدَدِ الرُّءُوسِ فَيَخْرُجُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَوْلَادِ الِابْنِ ثَلَاثَةٌ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَوْلَادِ الْبِنْتِ خَمْسَةٌ حَيْثُ لَمْ يُشْرَطْ تَفْضِيلُ الذَّكَرِ عَلَى الْأُنْثَى وَقَعَتْ هَذِهِ الْحَادِثَةُ وَلَمْ نَجِدْ مَنْ تَعَرَّضَ لَهَا وَاَلَّذِي ظَهَرَ لِي الْأَوَّلُ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الشَّرْطَيْنِ مُتَعَارِضَانِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُلْغَى وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا بِجَعْلِ الثَّانِي مُخَصِّصًا لِعُمُومِ الْأَوَّلِ بِمَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدِ وَلَدٍ فَقَطْ تَرْجِيحًا لِلْمُتَأَخِّرِ مِنْ الشُّرُوطِ كَمَا هُوَ الْأَصْلُ عِنْدَنَا فَيَكُونُ مُرَادُ الْوَاقِفِ بِالشَّرْطِ الثَّانِي إدْخَالَ مَا خَرَجَ بِالْأَوَّلِ.
وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ فِي الشَّرْطِ الْأَوَّلِ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ وَلَدٍ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ إلَى وَلَدِهِ إنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ وَإِلَى وَلَدِ وَلَدِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِوَلَدِ وَلَدِهِ الَّذِي مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ مَعَ وُجُودِ الْوَلَدِ الصُّلْبِيِّ فَشَرَطَ الشَّرْطَ الثَّانِيَ وَهُوَ أَنَّ مَنْ مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ قَامَ مَقَامَ أَبِيهِ يُشَارِكُهُ عَمُّهُ فِي نَصِيبِ جَدِّهِ بِأَنْ يُقْسَمَ عَلَى الطَّبَقَةِ الْأُولَى وَيُفْرَضُ الْمَيِّتُ مِنْهَا حَيًّا وَاحِدًا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ فَمَا أَصَابَهُ يُعْطَى لِوَلَدِهِ وَاحِدًا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ وَلَدٌ صُلْبِيٌّ أَصْلًا بَلْ وُجِدَ أَوْلَادُ أَوْلَادِهِ فَقَطْ مَاتَ أُصُولُهُمْ فِي حَيَاةِ جَدِّهِمْ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ كَمَا فِي الْحَادِثَةِ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِ الْفُرُوعِ عَمَلًا بِالشَّرْطِ الْأَوَّلِ إذْ لَا حَاجَةَ إلَى اعْتِبَارِ الشَّرْطِ الثَّانِي لِأَنَّهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ لِإِدْخَالِ مَنْ لَوْلَاهُ لَخَرَجُوا وَهُنَا لَمْ يَخْرُجُوا بَلْ اسْتَحَقُّوا بِأَنْفُسِهِمْ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ صَاحِبَ الْأَشْبَاهِ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَتَكَلَّمَ عَلَيْهَا مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ وَالثَّانِي الْقَوْلُ بِنَقْضِ الْقِسْمَةِ بَعْدَ انْقِرَاضِ كُلِّ بَطْنٍ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُؤَلِّفُ فَلْنَتَعَرَّضْ لَهُ تَتْمِيمًا لِلْفَائِدَةِ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ فَنَقُولُ حَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْوَاقِفَ إذَا رَتَّبَ بَيْنَ الْبُطُونِ بِثُمَّ أَوْ بِالْفَاءِ لَكِنْ قَالَ طَبَقَةً بَعْدَ طَبَقَةٍ ثُمَّ إنَّهُ شَرَطَ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدِ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ ثُمَّ مَاتَ الْوَاقِفُ عَنْ عَشْرَةِ أَوْلَادٍ مَثَلًا فَيُقَسَّمُ الْوَقْفُ بَيْنَهُمْ فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمْ عَنْ أَوْلَادٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَيْهِمْ عَمَلًا بِالشَّرْطِ الْمُتَأَخِّرِ وَهَكَذَا إذَا مَاتَ أَوْلَادُهُ عَنْ أَوْلَادٍ.
وَكَذَا إذَا مَاتَ الثَّانِي مِنْ الْعَشَرَةِ ثُمَّ الثَّالِثُ ثُمَّ الرَّابِعُ إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْهُمْ وَاحِدٌ فَإِذَا مَاتَ هَذَا الْوَاحِدُ وَهُوَ الْعَاشِرُ آخِرُ مَنْ بَقِيَ مِنْ الطَّبَقَةِ الْأُولَى لَمْ يَنْتَقِلْ نَصِيبُهُ إلَى أَوْلَادِهِ لَوْ كَانَ لَهُ أَوْلَادٌ وَإِنَّمَا تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ وَتُقَسَّمُ غَلَّةُ الْوَقْفِ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى حَسَبِ مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ مِنْ تَسْوِيَةٍ أَوْ مُفَاضَلَةٍ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَيَحْرُمُ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الطَّبَقَةِ الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ وَلَا يَخْتَصُّ أَحَدٌ بِنَصِيبِ أَبِيهِ لِأَنَّ أَهْلَ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ صَارُوا الْآنَ مُسْتَحِقِّينَ بِأَنْفُسِهِمْ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَشَرْطُهُ انْتِقَالُ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ إلَى وَلَدِهِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ وُجُودِ مَنْ يُسَاوِي الْمَيِّتَ ثُمَّ إذَا قُسِمَتْ الْغَلَّةُ عَلَى أَهْلِ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ انْتَقَلَ نَصِيبُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ إلَى وَلَدِهِ إلَى أَنْ تَنْقَرِضَ الطَّبَقَةُ الثَّانِيَةُ فَتُنْقَضُ الْقِسْمَةُ أَيْضًا وَتُقْسَمُ الْغَلَّةُ عَلَى أَهْلِ الطَّبَقَةِ الثَّالِثَةِ وَهَكَذَا يُفْعَلُ فِي الرَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ وَقَدْ أَفْتَى بِنَقْضِ الْقِسْمَةِ السَّرَّاجُ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ مُحَقِّقِي الشَّافِعِيَّةِ كَمَا رَأَيْته فِي فَتَاوَاهُ وَقَالَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدْ وَقَعَتْ قَدِيمًا فَأَتَيْت بِهَذَا فِيهَا وَوَافَقَ عَلَيْهَا أَكَابِرُ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ثُمَّ رَأَيْت التَّصْرِيحَ بِهَا فِي أَوْقَافِ الْخَصَّافِ وَفِيهِ الْجَزْمُ بِمَا أَفْتَيْت بِهِ. اهـ.
كَلَامُ الْبُلْقِينِيُّ وَأَفْتَى الْمُحَقِّقُ ابْنُ حَجَرٍ فِي فَتَاوِيهِ وَأَوْضَحَهُ وَقَالَ قَدْ تَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ السَّيِّدُ السَّمْهُودِيُّ وَنَقَلَ عِبَارَةَ السَّيِّدِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ نُقِلَ فِي الْأَشْبَاهِ الْقَوْلُ بِنَقْضِ الْقِسْمَةِ عَنْ الْإِمَامِ السُّبْكِيّ وَالْجَلَالِ السُّيُوطِيّ وَقَالَ أَفْتَى بِهِ بَعْضُ عُلَمَاءِ الْعَصْرِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ الْخَصَّافِ ثُمَّ اعْتَرَضَهُمْ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَتَأَمَّلُوا كَلَامَ الْخَصَّافِ ثُمَّ فَصَّلَ فِي الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ الْعَطْفُ بَيْنَ الْبُطُونِ بِثُمَّ وَبَيْن مَا إذَا كَانَ بِالْوَاوِ وَتُنْقَضُ الْقِسْمَةُ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَأَطَالَ فِي تَقْرِيرِ ذَلِكَ وَرَدَّ عَلَيْهِ جَمِيعُ مَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ فِي حَوَاشِي الْأَشْبَاهِ وَغَيْرِهَا كَالْمَقْدِسِيِّ وَالْبِيرِيِّ وَالْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ وَالْحَمَوِيِّ.
وَقَدْ بَسَطَ الْمَسْأَلَةَ الْإِمَامُ الْخَصَّافُ وَكَذَا صَاحِبُ الْإِسْعَافِ وَأَفْتَى بِذَلِكَ أَيْضًا الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ لَكِنَّهُ غَفَلَ عَنْ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ وَكَذَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الشِّهَابُ أَحْمَدُ الشَّلَبِيُّ الْحَنَفِيُّ فِي فَتَاوِيهِ فَنَقَضَ الْقِسْمَةَ بِانْقِرَاضِ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ وَقَسَّمَ عَلَى أَهْلِ الثَّالِثَةِ قِسْمَةً مُسْتَأْنَفَةً وَحَرَمَ مَنْ كَانَ يَسْتَحِقُّ مِنْ أَهْلِ الرَّابِعَةِ وَرَدَّ عَلَى بَعْضِ مَشَايِخِهِ حَيْثُ أَفْتَوْا بِخِلَافِ ذَلِكَ وَقَالَ إنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَالصَّوَابُ نَقْضُ الْقِسْمَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ صَرِيحُ عِبَارَةِ الْخَصَّافِ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ مَشَايِخِنَا خَالَفَ فِي ذَلِكَ بَلْ وَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ. اهـ.
فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ مَا فِي الْأَشْبَاهِ غَيْرُ صَحِيحٍ حَتَّى أَلَّفَ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيُّ رِسَالَةً فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ ذَكَرَهَا الْعَلَّامَةُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي مَجْمُوعِ رَسَائِلِهِ فَلْنَذْكُرْ حَاصِلَهَا مِمَّا يُوَضِّحُ الْمَسْأَلَةَ مَعَ تَرْكِ التَّعَرُّضِ لِرَدِّ كَلَامِ الْأَشْبَاهِ فَإِنَّهُ مَبْسُوطٌ فِي الْحَوَاشِي وَذَلِكَ أَنَّ الْعَلَّامَةَ الْمَقْدِسِيَّ سُئِلَ فِي شَخْصٍ وَقَفَ وَقْفَهُ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى جَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ وَمَا فَضَلَ فَعَلَى مَنْ يُوجَدُ مِنْ أَوْلَادِهِ ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَذُرِّيَّتِهِمْ وَنَسْلِهِمْ طَبَقَةً بَعْدَ طَبَقَةٍ وَنَسْلًا بَعْدَ نَسْلٍ تَحْجُبُ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا مِنْهُمْ أَبَدًا الطَّبَقَةَ السُّفْلَى عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ وَتَرَكَ وَلَدًا أَوْ وَلَدَ وَلَدٍ أَوْ أَسْفَلَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَيْهِ وَمَنْ مَاتَ لَا عَنْ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى إخْوَتِهِ الْمُشَارِكِينَ لَهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إخْوَةٌ وَلَا أَخَوَاتٌ فَإِلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ.
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي دَرَجَتِهِ غَيْرُهُ فَإِلَى أَقْرَبِ الطَّبَقَاتِ إلَى الْمُتَوَفَّى وَعَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ لِشَيْءٍ وَتَرَكَ وَلَدًا أَوْ أَسْفَلَ مِنْهُ وَآلَ الْوَقْفُ إلَى حَالٍ لَوْ كَانَ الْمُتَوَفَّى حَيًّا بَاقِيًا لَاسْتَحَقَّ قَامَ وَلَدُهُ أَوْ وَلَدُ وَلَدِهِ مَقَامَهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَاسْتَحَقَّ لَوْ كَانَ أَصْلُهُ يَسْتَحِقُّهُ لَوْ كَانَ الْمُتَوَفَّى حَيًّا بَاقِيًا ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ لَا تَنْقَطِعُ فَمَاتَ الْوَاقِفُ عَنْ سِتَّةِ أَوْلَادٍ هُمْ شَرَفُ الدِّينِ وَزَيْنُ الدِّينِ وَأَحْمَدُ وَزَيْنَبُ وَعَائِشَةُ وَفَاخِتَةُ ثُمَّ مَاتَ شَرَفُ الدِّينِ عَنْ وَلَدَيْنِ عَلِيٍّ وَحَيَاةِ النُّفُوسِ، ثُمَّ مَاتَتْ زَيْنَبُ عَنْ بِنْتِهَا سَيِّدَةِ الْأَنَا ثُمَّ مَاتَتْ سَيِّدَةُ الْأَنَا عَقِيمًا ثُمَّ مَاتَ عَلِيٌّ عَنْ ابْنِهِ شَرَفِ الدِّينِ ثُمَّ مَاتَتْ حَيَاةُ النُّفُوسِ عَقِيمًا أَيْضًا ثُمَّ مَاتَتْ عَائِشَةُ عَقِيمًا أَيْضًا ثُمَّ مَاتَ زَيْنُ الدِّينِ عَقِيمًا أَيْضًا ثُمَّ مَاتَتْ فَاخِتَةُ عَنْ بِنْتِهَا نَسَبٍ ثُمَّ مَاتَ أَحْمَدُ عَنْ أَوْلَادٍ ثُمَّ مَاتَتْ نَسَبٌ عَنْ ابْنِهَا صَلَاحِ الدِّينِ فَهَلْ تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ بِمَوْتِ أَحْمَدَ الْمَذْكُورِ لِأَنَّهُ آخِرُ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ السِّتَّةِ وَيُقْسَمُ رِيعُ الْوَقْفِ عَلَى أَوْلَادِ أَحْمَدَ الْمَذْكُورِينَ وَشَرَفِ الدِّينِ وَصَلَاحِ الدِّينِ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ بِلَا تَفَاوُتٍ بَيْنَهُمْ أَمْ لَا تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ بِالنِّسْبَةِ إلَى شَرَفِ الدِّينِ وَصَلَاحِ الدِّينِ وَيَخْتَصُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا تَلَقَّاهُ عَنْ وَالِدِهِ قَلَّ أَوْ كَثَّرَ؟ (الْجَوَاب) تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ بِمَوْتِ أَحْمَدَ الْمَذْكُورِ لِكَوْنِهِ آخِرَ أَوْلَادِ الْوَقْفِ مَوْتًا وَيُقْسَمُ رِيعُ الْوَقْفِ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ فَمَنْ كَانَ مَوْجُودًا أَخَذَ نَصِيبَهُ وَمَنْ كَانَ مَيِّتَا وَلَهُ وَلَدٌ قَامَ وَلَدُهُ مَقَامَهُ وَأَخَذَ نَصِيبَهُ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ الْمَذْكُورِ.
وَقَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْوَاقِعَةُ وَأَفْتَى فِيهَا مَشَايِخُ مَشَايِخِنَا وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا بِنَقْضِ الْقِسْمَةِ مِنْهُمْ الشَّيْخُ الْمُحَقِّقُ الْحَافِظُ الزَّيْنِيُّ قَاسِمٌ وَذُكِرَ أَنَّ بَعْضَ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ كَالسُّبْكِيِّ وَالْبُلْقِينِيِّ قَدْ تَبِعَا الْإِمَامَ الْخَصَّافَ فِي ذَلِكَ وَأَلَّفَ فِي ذَلِكَ رِسَالَةً سَمَّاهَا الْعِصْمَةَ فِي نَقْضِ الْقِسْمَة وَمَنْ طَالَعَهَا اطَّلَعَ عَلَى مَا يَشْفِي الْعَلِيلَ وَمِنْهُمْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَبْدُ الْبَرِّ بْنُ الشِّحْنَةِ الْحَنَفِيُّ وَتَبِعَهُ الشَّيْخُ الْمُحَقِّقُ نُورُ الدِّينِ الْمَحَلِّيُّ الشَّافِعِيُّ وَالشَّيْخُ الْعَالِمُ الصَّالِحُ بُرْهَانُ الدِّينِ الطَّرَابُلُسِيّ الْحَنَفِيُّ وَقَاضِي الْقُضَاةِ شَيْخُنَا نُورُ الدِّينِ الطَّرَابُلُسِيُّ وَشَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ شِهَابُ الدِّينِ الرَّمْلِيُّ الشَّافِعِيُّ وَقَاضِي الْقُضَاةِ الْبُرْهَانُ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ الشَّافِعِيِّ وَتَبِعَهُ الْعَلَامَةُ عَلَاءُ الدِّينِ الْإِخْمِيمِيُّ وَغَيْرُهُمْ.
وَإِنَّمَا تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ بِمَوْتِ آخِرِ كُلِّ طَبَقَةٍ وَلَا يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ لِأَوْلَادِهِ وَتَرَكْنَا قَوْلَ الْوَاقِفِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ إلَخْ لِأَنَّا وَجَدْنَا بَعْضَهُمْ أَيْ بَعْضَ أَهْلِ الطَّبَقَةِ الَّتِي تَلِيهِ يَسْتَحِقُّ بِنَفْسِهِ لَا بِأَبِيهِ فَعَمِلْنَا بِذَلِكَ وَقَسَّمْنَا الْغَلَّةَ عَلَى عَدَدِهِمْ كَذَا قَالَهُ الْخَصَّافُ وَتَوْضِيحُهُ أَنَّ الْوَاقِفَ قَدْ رَتَّبَ فِي وَقْفِهِ تَرْتِيبًا يَقْتَضِي اسْتِحْقَاقَ الْبَطْنِ الْأَعْلَى مُقَدَّمًا عَلَى غَيْرِهِ مَعَ قَصْدِهِ صِلَةَ بَعْضِ الْبَطْنِ الْأَسْفَلِ مَعَ وُجُودِ الْبَطْنِ الْأَعْلَى فَجَعَلَ نَصِيبَ الْمَيِّتِ مِنْ الْأَعْلَى مَرْدُودًا لِوَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ قَصْدًا لِعَدَمِ حِرْمَانِهِ مِنْ الْوُصُولِ إلَى شَيْءٍ مِنْ وَقْفِهِ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ الَّذِي صِلَتُهُ صِلَةُ أَبِيهِ غَالِبًا فَكَانَ كَلَامُهُ مُشْتَمِلًا عَلَى تَرْتِيبَيْنِ تَرْتِيبُ أَفْرَادٍ وَهُوَ تَرْتِيبُ الْفَرْعِ عَلَى أَصْلِهِ وَتَرْتِيبُ جُمْلَةٍ وَهُوَ تَرْتِيبُ اسْتِحْقَاقِ جُمْلَةِ الْبَطْنِ الثَّانِي عَلَى انْقِرَاضِ جُمْلَةِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَهُوَ تَرْتِيبُ جُمْلَةٍ فَيَكُونُ الْوَقْفُ مُنْحَصِرًا فِي الْبَطْنِ الَّذِي يَلِيهِ وَيَبْطُلُ حُكْمُ مَا انْتَقَلَ عَنْ الْمَيِّتِ فِي الْبَطْنِ الْأَعْلَى إلَى وَلَدِهِ مِنْ الْأَسْفَلِ وَيَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْوَقْفِ جَمِيعُ الْبَطْنِ الثَّانِي لِأَنَّهُ فِي الْبَطْنِ الثَّانِي يَسْتَحِقُّ بِعُمُومِ قَوْلِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَلَمْ يَبْقَ حِينَئِذٍ صُورَةٌ يَحْتَاجُ فِيهَا إلَى انْتِقَالِ نَصِيبِ أَحَدٍ إلَى وَلَدِهِ لِاسْتِوَاءِ أَهْلِ الْبَطْنِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ.
وَقَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَهَذَا التَّعْلِيلُ مِنْ الْخَصَّافِ، يَقْتَضِي أَنَّ كَلَامَيْ الْوَاقِفِ مُتَعَارِضَانِ وَرُجِّحَ الثَّانِي لِاسْتِحْقَاقِهِمْ بِأَنْفُسِهِمْ وَاسْتِحْقَاقِهِمْ فِي الْأَوَّلِ بِأَبِيهِمْ وَالِاسْتِحْقَاقُ بِالنَّفْسِ مُقَدَّمٌ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ بِالْأَبِ لِأَنَّ ذَلِكَ بِلَا وَاسِطَةٍ وَهَذَا بِوَاسِطَةٍ وَمَا لَيْسَ بِوَاسِطَةٍ أَرْجَحُ. اهـ.
مَا فِي الرِّسَالَةِ مُلَخَّصًا وَتَمَامُ الْكَلَامِ فِيهَا.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا شَرَطَ وَاقِفُ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ الْمُرَتَّبِ فِيهِ بَيْنَ الطَّبَقَاتِ بِثُمَّ شُرُوطًا مِنْهَا أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ عَادَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ إلَى مَنْ هُوَ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى فَمَاتَ رَجُلٌ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ وَلَيْسَ فِي طَبَقَتِهِ أَحَدٌ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَفِي الدَّرَجَةِ الَّتِي هِيَ أَعْلَى مِنْ دَرَجَةِ الْمُتَوَفَّى عَمُّهُ شَقِيقُ وَالِدِهِ وَعَمُّهُ لِأُمِّهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ الْمُسْتَحَقِّينَ الْمُتَنَاوِلِينَ لِرِيعِهِ فَلِمَنْ تَنْتَقِلُ حِصَّةُ الْمُتَوَفَّى؟
(الْجَوَابُ): تَنْتَقِلُ لِعَمِّ الْمُتَوَفَّى الشَّقِيقِ لِكَوْنِهِ أَقْرَبَ إلَيْهِ (مَا قَوْلُ الْعُلَمَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ) فِيمَا إذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى الذُّرِّيَّةِ مُرَتَّبًا بَيْنَ الطَّبَقَاتِ بِثُمَّ وَلَمْ يُنَصَّ فِي الشَّرْطِ عَلَى حُكْمِ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِاخْتِصَاصِ أَهْلِ الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا بِالْغَلَّةِ وَمَنْعِ أَهْلِ السُّفْلَى عَمَلًا بِالتَّرْتِيبِ الَّذِي شَرَطَهُ الْوَاقِفُ ثُمَّ مَاتَ بَعْضُ أَهْلِ الْوَقْفِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ فَهَلْ يَعُودُ نَصِيبُهُ إلَى مَنْ فِي الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا دُونَ غَيْرِهِمْ؟
(الْجَوَابُ): يَعُودُ نَصِيبُهُ إلَى مَنْ فِي الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا دُونَ غَيْرِهِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيُّ عُفِيَ عَنْهُ، الْحَمْدُ لِلَّهِ نَعَمْ يَخْتَصُّ مَنْ فِي الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا بِغَلَّةِ الْوَقْفِ كَتَبَهُ نَجْمُ الدِّينِ الْغَزِّيُّ الشَّافِعِيُّ عُفِيَ عَنْهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَبِهِ ثِقَتِي الْجَوَابُ كَذَلِكَ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا هُنَا لَك وَكَتَبَهُ الْفَقِيرُ أَبُو الْقَاسِمُ الْمَالِكِيُّ عُفِيَ عَنْهُ.
(أَقُولُ) الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي الْإِسْعَافِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ إذَا سَكَتَ عَنْ حُكْمِ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ يُصْرَفُ نَصِيبُهُ مَصْرِفَ الْغَلَّةِ أَيْ فَيُقَسَّمُ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْتَحِقِّينَ مِنْ الْغَلَّةِ كَمَا نَذْكُرُ تَحْقِيقَهُ قَرِيبًا ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا أَفْتَى بِهِ الْمُؤَلِّفُ فِي هَذَا السُّؤَالِ وَقَبْلَهُ مِنْ بَقَاءِ اعْتِبَارِ الْأَقْرَبِيَّةِ حَيْثُ فُقِدَتْ الدَّرَجَةُ مُوَافِقٌ لِمَا أَفْتَى بِهِ نَفْسُهُ فِي مَوَاضِعَ مِمَّا حَذَفْنَاهُ اخْتِصَارًا وَنَقَلَ الْمُؤَلِّفُ مِثْلَهُ عَنْ الْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْخَلِيلِيِّ الشَّافِعِيِّ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ طَوِيلٍ حَاصِلُ السُّؤَالِ فِي وَقْفٍ مُرَتَّبٍ بِثُمَّ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ عَنْ وَلَدٍ وَأَسْفَلَ مِنْهُ عَادَ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ وَمَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ عَادَ نَصِيبُهُ لِمَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى فَمَاتَتْ امْرَأَةٌ مِنْهُمْ اسْمُهَا مَرْيَمُ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَيْسَ فِي دَرَجَتِهَا أَحَدٌ وَلَا فِي الَّتِي أَنْزَلُ مِنْهَا أَحَدٌ وَفِي الطَّبَقَةِ الَّتِي هِيَ فَوْقَهَا جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ أَقْرَبُهُمْ إلَيْهَا خَالَتُهَا آمِنَةُ وَفِي الطَّبَقَةِ الَّتِي هِيَ أَعْلَى مِنْ آمِنَةَ جَمَاعَةٌ أَيْضًا خَالَتُهَا أَقْرَبُ مِنْهُمْ فَلِمَنْ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهَا.
الْجَوَابُ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهَا مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ لِخَالَتِهَا فَقَطْ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ دُونَ مَنْ فِي دَرَجَةِ خَالَتِهَا وَمَنْ هُوَ أَبْعَدُ مِنْهَا وَذَلِكَ لِشَرْطِ الْوَاقِفِ الْأَقْرَبِيَّةَ فِي الدَّرَجَةِ وَحَيْثُ تَعَذَّرَتْ الدَّرَجَةُ لِفَقْدِهَا أُلْغِيَ قَوْلُهُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَبَقِيَ قَوْلُهُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ فَيَجِبُ إعْمَالُهُ صَوْنًا لَهُ عَنْ الْإِلْغَاءِ إعْمَالًا لِشَرْطِ الْوَاقِفِ مَا أَمْكَنَ إذْ شُرُوطُ الْوَاقِفِ كَنُصُوصِ الشَّارِعِ فِي الْإِعْمَالِ كَذَلِكَ وَلَوْ أَعْطَى نَصِيبَ الْمُتَوَفَّاةِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ لِخَالَتِهَا الَّتِي لَيْسَتْ فِي دَرَجَتِهَا وَلِمَنْ شَارَكَ خَالَتَهَا فِي دَرَجَتِهَا مَعَ عَدَمِ الْأَقْرَبِيَّةِ فِيهِمْ لَأَلْغَيْنَا قَوْلَهُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ أَيْضًا مَعَ إمْكَانِ إعْمَالِهِ بِتَقْدِيمِ الْخَالَةِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ دُونَ بَقِيَّةِ مَنْ فِي دَرَجَةِ خَالَتِهَا وَدُونَ مَنْ هُوَ أَعْلَى دَرَجَةً مِنْ خَالَتِهَا الْمَذْكُورَةِ وَالتَّرْتِيبُ بِثُمَّ لَا يُشْعِرُ بِإِعْطَاءِ مَنْ هُوَ أَعْلَى دَرَجَةً مِنْ الْمُتَوَفَّى نَصِيبَ الْمُتَوَفَّى فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ يَقْتَضِيهِ إذْ عُلُوُّ الدَّرَجَةِ وَنُزُولُهَا لَا دَخْلَ لَهُ فِي التَّرْتِيبِ بِثُمَّ مَعَ قَوْلِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ إلَخْ أَلَا تَرَى أَنَّهُ فِي صُورَةِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورَةِ فِي السُّؤَالِ لَوْ مَاتَ أَحَدُ أَخَوَيْنِ عَنْ ابْنٍ ثُمَّ الِابْنُ عَنْ ابْنٍ فَإِنَّ ابْنَ الِابْنِ يَرِثُ نَصِيبَ أَبِيهِ الْمُنْتَقِلِ إلَى أَبِيهِ مِنْ أَبِيهِ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ إلَخْ مَعَ وُجُودِ عَمِّ أَبِيهِ الَّذِي هُوَ أَعْلَى مِنْهُ فِي الدَّرَجَةِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا دَخْلَ فِي الدَّرَجَةِ مَعَ التَّرْتِيبِ بِثُمَّ بَعْدَ قَوْلِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ إلَخْ.
وَهَذَا مَا تَلَخَّصَ مِنْ كَلَامِ الْعَلَّامَةِ ابْنِ حَجَرٍ فِي الْفَتَاوَى وَغَيْرِهَا فَإِنَّهُ أَطَالَ فِي ذَلِكَ وَاعْتَمَدَ مَا ذَكَرْنَاهُ كَتَبَهُ مُحَمَّدٌ الْخَلِيلِيُّ.
(أَقُولُ) نَقَلَ الْمُؤَلِّفُ عَقِبَ ذَلِكَ سُؤَالًا آخَرَ فِي وَقْفٍ مُرَتَّبٍ بِثُمَّ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ عَادَ نَصِيبُهُ إلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ الْمُتَنَاوِلِينَ لَهُ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فِي ذَلِكَ إلَى الْمُتَوَفَّى فَالْأَقْرَبُ فَمَاتَ مِنْهُمْ شَخْصٌ عَقِيمًا وَلَيْسَ فِي دَرَجَتِهِ مِنْ الْمُتَنَاوِلِينَ أَحَدٌ وَفِي أَعْلَى الدَّرَجَاتِ مِنْ الْمُتَنَاوِلِينَ رَجُلٌ اسْمُهُ زَيْنُ الدِّينِ بْنُ أَحْمَدَ فَهَلْ يَعُودُ نَصِيبُ الشَّخْصِ الْمُتَوَفَّى إلَى زَيْنِ الدِّينِ الْمَذْكُورِ وَيَخْتَصُّ بِهِ زِيَادَةً عَلَى مَالِهِ مِنْ أَصْلِ الْوَقْفِ لِكَوْنِهِ وَحْدَهُ أَعْلَى الطَّبَقَاتِ الْجَوَابُ نَعَمْ يَعُودُ نَصِيبُهُ إلَى زَيْنِ الدِّينِ الْمَزْبُورِ وَيَخْتَصُّ بِهِ لِكَوْنِهِ وَحْدَهُ أَعْلَى الطَّبَقَاتِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ مُحَمَّدٌ الْعِمَادِيُّ الْمُفْتِي بِدِمَشْقَ الشَّامِ عُفِيَ عَنْهُ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى أَحْمَدُ أَفَنْدِي الْمِهْمَنْدَارِي وَالْإِمَامُ الْمُحَدِّثُ الشَّيْخُ أَبُو الْمَوَاهِبِ الْحَنْبَلِيُّ وَالْعَلَّامَةُ الْفَقِيهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الْغَنِيِّ النَّابْلُسِيُّ مُعَلِّلِينَ بِمَا عَلَّلَ بِهِ كَمَا رَأَيْته بِخُطُوطِهِمْ الْمَعْهُودَةِ وَهُوَ كَمَا تَرَى مُخَالِفٌ لِمَا أَفْتَى بِهِ الْخَلِيلِيُّ.
وَوَجْهُ مَا هُنَا أَنَّ قَوْلَهُ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فِي ذَلِكَ إلَى الْمُتَوَفَّى فَالْأَقْرَبُ قَيْدٌ لِأَهْلِ الدَّرَجَةِ لَا شَرْطٌ مُسْتَقِلٌّ حَتَّى يُقَالَ إنَّهُ يَجِبُ إعْمَالُ شَرْطِ الْوَاقِفِ مَا أَمْكَنَ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُقَيَّدَ إذَا انْتَفَى انْتَفَى الْقَيْدُ وَيُؤَكِّدُ كَوْنَهُ قَيْدًا قَوْلُهُ الْأَقْرَبُ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ اسْمَ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ إلَى الدَّرَجَةِ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ قَيْدٌ لِلشَّرْطِ لَا شَرْطٌ مُسْتَقِلٌّ تَأَمَّلْ. (أَقُولُ) وَوَجْهُ الْمُخَالَفَةِ أَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا أَنَّ زَيْنَ الدِّينِ الْمَذْكُورَ أَقْرَبُ مِنْ غَيْرِهِ بَلْ أَعْطَوْهُ لِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ مِنْ أَعْلَى الدَّرَجَاتِ فَدَلَّ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِهِمْ الْأَقْرَبِيَّةَ حَيْثُ فُقِدَتْ الدَّرَجَةُ فَيَعُودُ نَصِيبُ الْمُتَوَفَّى لِمَنْ فِي أَعْلَى الدَّرَجَاتِ وَإِنْ كَانَ تَحْتَهُ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى مِنْهُ وَهَذَا مَيْلٌ مِنْ الْمُؤَلِّفِ إلَى إلْغَاءِ الْأَقْرَبِيَّةِ حَيْثُ فُقِدَتْ الدَّرَجَةُ وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ أَيْضًا وَقَالَ وَأَفْتَى بِمِثْلِهِ شِهَابُ الدِّينِ أَفَنْدِي الْعِمَادِيُّ وَالْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ شِهَابُ الدِّينِ أَفَنْدِي فِي وَقْفٍ مُرَتَّبٍ بِثُمَّ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَيْهِ فَمَاتَ شَخْصٌ مِنْهُمْ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَيْسَ فِي دَرَجَتِهِ أَحَدٌ وَالْمَوْجُودُ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ عَمَّةُ أَبِي الْمُتَوَفَّى الْمَذْكُورِ وَهِيَ خَاسِكِيَّةُ بِنْتُ بَدْرِ الدِّينِ ابْنِ الْوَاقِفِ وَعَمَّتَا الْمُتَوَفَّى وَهُمَا آمِنَةُ وَصَائِمَةُ بِنْتَا مُحَمَّدِ بْنِ بَدْرِ الدِّينِ الْمَذْكُورِ وَابْنُ بِنْتِ عَمِّ جَدِّ الْمُتَوَفَّى وَهُوَ عَبْدُ الْقَادِرِ ابْنُ بَرَكَةَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ ابْنِ الْوَاقِفِ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ إلَى خَاسِكِيَّةَ خَاصَّةً حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي دَرَجَةِ الْمُتَوَفَّى أَحَدٌ يَعُودُ إلَيْهِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْوَاقِفُ حُكْمَ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَمْ يَكُنْ فِي دَرَجَتِهِ أَحَدٌ فَكَانَ الشَّرْطُ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ فَرَجَعَ الْحُكْمُ إلَى أَصْلِ الْوَقْفِ الْمُرَتَّبِ الْمُقْتَضِي لَأَنْ يُقَدَّمَ أَهْلُ الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا عَلَى أَهْلِ السُّفْلَى وَلَا شَكَّ أَنَّ خَاسِكِيَّةَ أَعْلَى دَرَجَةً مِنْ الْمَذْكُورِينَ فَلَا جَرَمَ أَنَّهَا اخْتَصَّتْ بِنَصِيبِ مُحَمَّدٍ الْمَذْكُورِ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ شِهَابُ الدِّينِ الْعِمَادِيُّ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا أَفْتَى بِهِ أَوَّلًا كَالْعَلَّامَةِ الْخَلِيلِيِّ فَقَدْ نَاقَضَ الْمُؤَلِّفُ نَفْسَهُ حَيْثُ أَفْتَى بِاعْتِبَارِ الْأَقْرَبِيَّةِ الْمَشْرُوطَةِ ثُمَّ أَفْتَى بِإِلْغَائِهَا وَقَدَّمْنَا قَبْلَ أَوْرَاقٍ مَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الْعَلَّامَةِ عِمَادِ الدِّينِ حَيْثُ أَفْتَى بِإِلْغَائِهَا أَيْضًا وَأَعْطَى نَصِيبَ الْمُتَوَفَّى لِمَنْ فِي أَعْلَى الطَّبَقَاتِ.
وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ وَقَدَّمْنَا أَنَّ الْعَلَّامَةَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ رَدَّ عَلَى مُفْتِي الشَّامِ عِمَادِ الدِّينِ أَفَنْدِي بْنِ الْعَلَّامَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَفَنْدِي الْعِمَادِيِّ الْمَذْكُورِ فِي رِسَالَةٍ سَمَّاهَا الِابْتِسَامَ بِأَحْكَامِ الْإِفْحَامِ وَنَشْقِ نَسِيمِ الشَّامِ فَلْنَذْكُرْ حَاصِلَهَا ثُمَّ نَذْكُرْ مَا يَتَلَخَّصُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَنَقُولُ ذَكَرَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ جَوَابَ الشَّيْخِ عِمَادِ الدِّينِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ قَبْلَ أَوْرَاقٍ وَهُوَ أَنَّهُ يَنْتَقِلُ نَصِيبُ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ الْمَزْبُورِينَ فِي الْوَقْفِ إلَى ابْنِ الْوَاقِفِ وَبِنْتِ الْوَاقِفِ لِكَوْنِهِمَا أَعْلَى طَبَقَةً مِنْ بَقِيَّةِ أَهْلِ الْوَقْفِ عَمَلًا بِالتَّرْتِيبِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ لَفْظَةِ ثُمَّ دُونَ خَالِ الصَّغِيرِ وَدُونَ عَمِّ الصَّغِيرَةِ وَعَمَّتِهَا الْمَزْبُورَيْنِ لِكَوْنِهِمْ أَدْنَى دَرَجَةً مِنْ ابْنِ الْوَاقِفِ وَبِنْتِ الْوَاقِفِ ثُمَّ قَالَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ قُلْت هَذَا الْجَوَابُ خَطَأٌ نَقْلًا وَعَقْلًا أَمَّا نَقْلًا فَبِمَا قَالَهُ الْإِمَامُ الْخَصَّافُ إنْ كَانَ الْوَاقِفُ ذَكَرَ حَالَ مَنْ يَمُوتُ مِنْهُمْ وَعَلَى مَنْ يَرْجِعُ سَهْمُهُمْ أَمْضَيْنَا عَلَى مَا شَرَطَ مِنْ ذَلِكَ وَإِلَّا نَظَرْنَا إلَى مَنْ كَانَ مَوْجُودًا يَوْمَ تَقَعُ الْقِسْمَةُ فَقَسَّمْنَا الْغَلَّةَ بَيْنَهُمْ وَأَسْقَطْنَا مِنْهُمْ الْمَيِّتَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَيِّتُ مَاتَ مِنْهُمْ بَعْدَ مَا طَلَعَتْ الْغَلَّةُ قَبْلَ وَقْتِ الْقِسْمَةِ فَيَكُونُ سَهْمُهُ ذَلِكَ لِوَرَثَتِهِ. اهـ.
كَلَامُ الْخَصَّافِ فَقَدْ صَرَّحَ بِخَطَأِ ذَلِكَ الْمُجِيبِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مُعْتَمِدًا عَلَى عَدَمِ بَيَانِ نَصِيبِ الْمَيِّتِ لِمَنْ يُصْرَفُ فِي نَصِّ الْوَاقِفِ فَلَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِهِ بِنَصِيبِ الْمَيِّتِ أَحَدًا مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ وَإِنْ كَانَ مُعْتَمِدًا عَلَى بَيَانِ نَقْلٍ فَلَا وُجُودَ لَهُ وَأَمَّا خَطَؤُهُ عَقْلًا فَإِنَّهُ لَا يَتَوَهَّمُ أَحَدٌ أَنَّ الْعَمَلَ بِالتَّرْتِيبِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ لَفْظَةِ ثُمَّ لَا يُوجِبُ اخْتِصَاصَ الْأَعْلَى مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ الْمُتَفَاوِتِينَ دَرَجَةً عُلْوِيَّةً وَسُفْلِيَّةً بِنَصِيبِ الْمَيِّتِ الَّذِي لَا فَرْعَ لَهُ دُونَ الْأَدْنَى دَرَجَةً لِأَنَّ التَّرْتِيبَ الْحَاصِلَ فِي نَصِّ هَذَا الْوَاقِفِ هُوَ مَنْعُ الْفَرْعِ الْمَحْجُوبِ بِأَصْلِهِ لَا غَيْرِهِ وَلَا قَائِلَ بِحِرْمَانِ مُسْتَحِقٍّ هُوَ أَسْفَلُ دَرَجَةً بِوُجُودِ مُسْتَحِقٍّ هُوَ أَعْلَى دَرَجَةً مِنْ نَصِيبِ مَيِّتٍ لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ حَالَ نَصِيبِهِ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى أَصْلِ الْغَلَّةِ وَالْأَسْفَلُ وَالْأَعْلَى فِيهَا سَوَاءٌ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَإِنْ تَفَاوَتَتْ الْأَنْصِبَاءُ وَقَدْ نَصَّ الْوَاقِفُ عَلَى إبْطَالِ التَّرْتِيبِ بِنَصِّهِ عَلَى صَرْفِ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ لِلْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ إلَى الْمُتَوَفَّى وَلَعَلَّك تَقُولُ إنَّ الْأَقْرَبَ إلَى الْمُتَوَفَّى مَشْرُوطُ انْتِقَالِ نَصِيبِهِ إلَيْهِ بِوُجُودِ مُسَاوٍ لَهُ فِي طَبَقَتِهِ كَأَخٍ وَابْنِ عَمٍّ فَيَنْتَفِي الْمَشْرُوطُ بِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ وَيَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الِانْقِطَاعِ فَرَجَعْت إلَى الْعَمَلِ بِثُمَّ وَأَجْرَيْت التَّرْتِيبَ الَّذِي ذَكَرْته فَنَقُولُ فِي رَدِّهِ الطَّبَقَةَ تَكُونُ طَبَقَةَ اسْتِحْقَاقٍ جَعْلِيَّةً لَا طَبَقَةَ إرْثٍ نِسْبِيَّةً وَهُنَا كَذَلِكَ قَدْ اشْتَرَطَ الْوَاقِفُ تَقْدِيمَ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ إلَى الْمُتَوَفَّى وَالْأَقْرَبُ الْخَالُ لِابْنِ أُخْتِهِ وَالْعَمُّ وَالْعَمَّةُ لِابْنِ الْأَخِ هَذَا حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ وَمُلَخَّصُهُ أَنَّ الْوَاقِفَ حَيْثُ رَتَّبَ وَقْفَهُ بَيْنَ الطَّبَقَاتِ بِثُمَّ وَشَرَطَ عَوْدَ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ عَقِيمًا إلَى مَنْ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ دَرَجَتِهِ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنْهُمْ وَلَمْ يُوجَدْ فِي دَرَجَةِ الْمُتَوَفَّى أَحَدٌ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ إلَى الْأَقْرَبِ إلَيْهِ مِنْ أَيِّ دَرَجَةٍ كَانَتْ وَلَا يُلْغَى اشْتِرَاطُهُ الْأَقْرَبِيَّةَ وَإِنْ فُقِدَتْ الدَّرَجَةُ.
وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا مَرَّ عَنْ الْخَلِيلِيِّ عَنْ ابْنِ حَجَرٍ وَمُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الْجَمَاعَةِ الْمَذْكُورِينَ مِنْ أَهْلِ الْإِفْتَاءِ بِدِمَشْقَ الشَّامِ وَأَقُولُ أَيْضًا التَّحْقِيقُ خِلَافُ مَا أَطْلَقَهُ كُلٌّ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ فَأَلْقِ نَحْوَ مَا أَقُولُ السَّمْعَا وَاجْمَعْ حَوَاشِيَ الْكَلِمَاتِ جَمْعَا.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَاقِفَ إذَا رَتَّبَ بَيْنَ الطَّبَقَاتِ الِاسْتِحْقَاقِيَّةِ وَجَعَلَ كُلَّ طَبَقَةٍ حَاجِبَةً لِلَّتِي تَلِيهَا ثُمَّ شَرَطَ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ وَمَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ فِي ذَلِكَ فَقَدْ نَسَخَ بِهَذَا الشَّرْطِ عُمُومَ تَرْتِيبِهِ السَّابِقَ وَكَانَ هَذَا الشَّرْطُ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ فَكَأَنَّهُ قَالَ إنَّ الْوَقْفَ مُخْتَصٌّ بِالطَّبَقَةِ الْعُلْيَا ثُمَّ بِاَلَّتِي تَلِيهَا وَهَكَذَا إلَّا إذَا مَاتَ أَحَدٌ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ أَوْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ فَقَدْ أَدْخَلَ وَلَدَ الْمُتَوَفَّى أَوْ أَهْلَ دَرَجَتِهِ مَعَ الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ نَاسِخًا عُمُومَ تَرْتِيبِهِ السَّابِقَ بِاسْتِثْنَائِهِ اللَّاحِقِ وَنَظِيرُهُ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} إذْ الْمَعْنَى وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ إخْوَةٌ فَإِذَا انْتَفَى أَنْ يَكُونَ لَهُ إخْوَةٌ كَانَ لَهَا الثُّلُثُ الْمَفْرُوضُ لَهَا عِنْدَ عَدَمِ فَرْعِ الْمَيِّتِ.
فَفِي مَسْأَلَتِنَا إذَا مَاتَ مَيِّتٌ لَا عَنْ وَلَدٍ وَلَيْسَ فِي دَرَجَتِهِ أَحَدٌ لَمْ يَكُنْ فِي كَلَامِ الْوَاقِفِ مَا يُخَالِفُ شَرْطَهُ السَّابِقَ فَيَبْقَى مَا شَرَطَهُ عَلَى حَالِهِ وَيُدْفَعُ نَصِيبُ الْمُتَوَفَّى الْمَذْكُورِ لِأَهْلِ الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا وَمَنْ دَخَلَ مَعَهُمْ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَيُقَسَّمُ كَبَاقِي غَلَّةِ الْوَقْفِ وَلَا يَخْتَصُّ بِذَلِكَ النَّصِيبِ الْأَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى مِنْ الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا أَوْ غَيْرِهَا حَيْثُ قُيِّدَ الْوَاقِفُ الْأَقْرَبُ بِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ دَرَجَةِ الْمُتَوَفَّى لِأَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يُعْطِ نَصِيبَ الْمُتَوَفَّى لِمُطْلَقِ الْأَقْرَبِ بَلْ لِأَقْرَبَ خَاصٍّ فَإِعْطَاؤُهُ لِلْأَقْرَبِ مِنْ غَيْرِ دَرَجَتِهِ تَخْصِيصٌ لِكَلَامِ الْوَاقِفِ بِمَا لَيْسَ فِيهِ فَتَعَيَّنَ إلْغَاءُ الْأَقْرَبِيَّةِ حَيْثُ فُقِدَتْ الدَّرَجَةُ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ ثُمَّ حَيْثُ لَغَتْ الْأَقْرَبِيَّةُ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ إلَى جَمِيعِ الْمُتَنَاوِلِينَ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ كَمَا قُلْنَا وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ أَهْلُ الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا فَقَطْ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الْجَمَاعَةُ الْمَذْكُورُونَ لِمَا نَقَلَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ عَنْ الْإِمَامِ الْخَصَّافِ فِيمَا مَرَّ آنِفًا مِنْ أَنَّهُ يَسْقُطُ سَهْمُ الْمَيِّتِ وَتُقَسَّمُ الْغَلَّةُ عَلَى جَمِيعِ الْمَوْجُودِينَ.
وَلِمَا قَالَهُ الْخَصَّافُ أَيْضًا فِي بَابِ الرَّجُلُ يَجْعَلُ أَرْضَهُ مَوْقُوفَةً عَلَى نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَنَسْلِهِ إذَا قَالَ أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي وَنَسْلِي وَعَقِبِي مَا تَنَاسَلُوا عَلَى أَنْ يَبْدَأَ بِالْبَطْنِ الْأَعْلَى مِنْهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ حَتَّى يَنْتَهِيَ ذَلِكَ إلَى آخِرِ الْبُطُونِ مِنْهُمْ وَكُلَّمَا حَدَثَ الْمَوْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي وَأَوْلَادِهِمْ فَنَصِيبُهُ مَرْدُودٌ إلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَنَسْلِهِ وَعَقِبِهِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ وَكُلَّمَا حَدَثَ الْمَوْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي وَنَسْلِهِمْ وَعَقِبِهِمْ وَلَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا وَلَا وَلَدَ وَلَدٍ وَلَا نَسْلًا وَلَا عَقِبًا كَانَ نَصِيبُهُ رَاجِعًا إلَى الْبَطْنِ الَّذِي فَوْقَهُمْ قَالَ هُوَ عَلَى هَذَا الَّذِي شَرْطُ الْوَاقِفِ.
قُلْت فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَقِيَ مِنْهُمْ أَحَدٌ قَالَ يَرْجِعُ ذَلِكَ إلَى أَصْلِ الْغَلَّةِ وَيَكُونُ لِمَنْ يَسْتَحِقُّهَا. اهـ.
كَلَامُ الْخَصَّافِ وَاخْتَصَرَهُ فِي الْإِسْعَافِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ قَالَ وَكُلَّمَا حَدَثَ الْمَوْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ وَلَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا وَلَا نَسْلًا كَانَ نَصِيبُهُ مِنْهَا رَاجِعًا إلَى الْبَطْنِ الَّذِي فَوْقَهُ وَمَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَلَمْ يَكُنْ فَوْقَهُ أَحَدٌ أَوْ لَمْ يُذْكَرْ فِي سَهْمِ مَنْ يَمُوتُ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ شَيْئًا يَكُونُ نَصِيبُهُ رَاجِعًا إلَى أَصْلِ الْغَلَّةِ وَجَارِيًا مَجْرَاهَا وَيَكُونُ لِمَنْ يَسْتَحِقُّهَا وَلَا يَكُونُ لِلْمَسَاكِينِ مِنْهَا شَيْءٌ إلَّا بَعْدَ انْقِرَاضِهِمْ لِقَوْلِهِ عَلَى وَلَدِي وَنَسْلِهِمْ أَبَدًا. اهـ.
وَاخْتَصَرَهُ الْعَلَائِيُّ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ حَيْثُ قَالَ وَلَوْ قَالَ وَكُلُّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ نَسْلٍ كَانَ نَصِيبُهُ لِمَنْ فَوْقَهُ وَلَمْ يَكُنْ فَوْقَهُ أَحَدٌ أَوْ سَكَتَ عَنْهُ يَكُونُ رَاجِعًا لِأَصْلِ الْغَلَّةِ لَا الْفُقَرَاءِ مَا دَامَ نَسْلُهُ بَاقِيًا. اهـ.
فَهَذِهِ النُّقُولُ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ فِي نَصِيبِ الْمُتَوَفَّى يَرْجِعُ نَصِيبُهُ إلَى أَصْلِ الْغَلَّةِ كَمَا لَوْ سَكَتَ وَلَوْ يُبَيِّنُ حَالَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَتَوْضِيحُهُ أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ جَمَاعَةٌ مُتَنَاوِلُونَ فِي خَمْسِ طَبَقَاتٍ مَثَلًا وَقَدْ شَرَطَ الْوَاقِفُ انْتِقَالَ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ عَقِيمًا إلَى أَهْلِ الطَّبَقَةِ الَّتِي فَوْقَهُ فَمَاتَ مِنْ أَهْلِ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ رَجُلٌ عَقِيمًا فَنَصِيبُهُ لِأَهْلِ الْأُولَى فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا أَحَدٌ فَنَصِيبُهُ لِأَهْلِ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ.
وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ أَهْلُ الثَّالِثَةِ وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْأَعْلَى الْآنَ وَهُوَ نَصٌّ فِي مَسْأَلَتِنَا وَهِيَ مَا إذَا شَرَطَ انْتِقَالَ نَصِيبِهِ لِأَهْلِ دَرَجَتِهِ وَلَمْ يُوجَدْ فِيهَا أَحَدٌ لَا يَخْتَصُّ بِنَصِيبِهِ أَحَدٌ دُونَ أَحَدٍ بَلْ يَسْقُطُ سَهْمُهُ وَتُقَسَّمُ الْغَلَّةُ بِتَمَامِهَا عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ بِقَدْرِ أَنْصِبَائِهِمْ كَأَنَّ هَذَا الْمُتَوَفَّى لَمْ يُوجَدْ فِيهِمْ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ إلْغَاءُ لِلتَّرْتِيبِ بَيْن الطَّبَقَاتِ الْمُسْتَفَادِ بِثُمَّ أَوْ بِقَوْلِهِ طَبَقَةً بَعْدَ طَبَقَةٍ لِأَنَّ مَعْنَى التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ أَنَّ الطَّبَقَةَ الْعُلْيَا تَحْجُبُ الَّتِي تَلِيهَا سِوَى أَوْلَادِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الْعُلْيَا فَيُشَارِكُونَ أَعْمَامَهُمْ وَمَنْ فِي دَرَجَةِ أَعْمَامِهِمْ وَكَذَا لَوْ مَاتَ هَؤُلَاءِ الْأَوْلَادُ عَنْ أَوْلَادٍ فِي الطَّبَقَةِ الثَّالِثَةِ يُشَارِكُونَ أَهْلَ الطَّبَقَةِ الْأُولَى فِي غَلَّةٍ الْوَقْفِ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ فَغَلَّةُ الْوَقْفِ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْجَمِيعِ فَكُلُّ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ حَيًّا يُؤْخَذُ نَصِيبُهُ مِنْهَا وَيُدْفَعُ إلَيْهِ فَإِنْ خَرَجَتْ غَلَّةُ سَنَةٍ وَكَانَ بَعْضُهُمْ مَيِّتًا سَقَطَ نَصِيبُهُ مِنْهَا وَقُسِّمَتْ بِتَمَامِهَا عَلَى بَاقِي الْأَحْيَاءِ الْمُسْتَحِقِّينَ إلَّا إذَا كَانَ الْوَاقِفُ شَرْطَ انْتِقَالِ نَصِيبِ ذَلِكَ الْمَيِّتِ إلَى أَحَدٍ فَحِينَئِذٍ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْأَحَدُ مَوْجُودًا دُفِعَ إلَيْهِ نَصِيبُ الْمَيِّتِ مِنْ الْغَلَّةِ وَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَمُتْ وَإِلَّا بَقِيَتْ الْغَلَّةُ عَلَى حَالِهَا وَقُسِّمَتْ بِتَمَامِهَا عَلَى أَهْلِهَا الْأَحْيَاءِ وَلَا يَقْتَضِي التَّرْتِيبُ بَيْنَ الطَّبَقَاتِ دَفْعَ نَصِيبِ ذَلِكَ الْمَيِّتِ إلَى أَعْلَى الطَّبَقَاتِ حِينَ عَدَمِ مَنْ يَخْلُفُهُ فِي نَصِيبِهِ إذْ لَا وَجْهَ لِتَرْجِيحِهِمْ عَلَى بَقِيَّةِ الْمُسْتَحِقِّينَ الَّذِينَ جَعَلَهُمْ الْوَاقِفُ شُرَكَاءَ مَعَهُمْ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ وَإِنْ كَانُوا مِنْ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ وَلَا يُقَالُ يَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَأْخُذَ أَوْلَادُ الْمُتَوَفَّى أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ يَأْخُذُهُ أَبُوهُمْ وَالْوَاقِفُ إنَّمَا شَرَطَ دَفْعَ نَصِيبِ أَبِيهِمْ إلَيْهِمْ فَلَوْ شَارَكُوا أَهْل الطَّبَقَة الْعُلْيَا لَزِمَ زِيَادَتُهُمْ عَلَى أَبِيهِمْ لِأَنَّا نَقُولُ مَا خَصَّهُمْ مِنْ نَصِيبِ ذَلِكَ الْمُتَوَفَّى الَّذِي لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَدْفَعُ نَصِيبَهُ إلَيْهِ إنَّمَا هُوَ مِنْ قَبِيلِ الزِّيَادَةِ فِي الْغَلَّةِ فَزَادَ سَهْمُهُمْ بِسَبَبِ ذَلِكَ أَلَا تَرَى أَنَّ غَلَّةَ الْوَقْفِ قَدْ تَزِيدُ فِي سَنَةٍ وَقَدْ تَنْقُصُ فِي أُخْرَى فَإِذَا كَانَ أَبُوهُمْ فِي حَيَاتِهِ بَلَغَ سَهْمُهُ مِنْ الْغَلَّةِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ ثُمَّ لَمَّا مَاتَ كَثُرَتْ غَلَّةُ الْوَقْفِ حَتَّى صَارَ سَهْمُهُ يَبْلُغُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَمَا كُنْت تَدْفَعُهَا لِأَوْلَادِهِ فَكَذَا إذَا قَلَّ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْغَلَّةَ.
وَهَذَا كُلُّهُ تَوْجِيهٌ لِلْمَنْقُولِ وَلَيْسَ ذَلِكَ يَلْزَمُنَا بَلْ مَنْ ادَّعَى خِلَافَ ذَلِكَ وَأَرْجَعَ نَصِيبَ الْمُتَوَفَّى الْمَذْكُورِ إلَى أَعْلَى الطَّبَقَاتِ فَقَطْ فَإِنْ كَانَ بِمُجَرَّدِ فَهْمِهِ أَوْضَحَنَا لَك مَا يُخَالِفُهُ وَإِنْ كَانَ بِالنَّقْلِ عَنْ أَحَدٍ فَلْيَذْكُرْهُ لَنَا حَتَّى نُقَابِلَهُ مَعَ مَنْ نَقَلْنَا عَنْهُ وَقَدْ قَالُوا الْخَصَّافُ كَبِيرٌ فِي الْعِلْمِ يُقْتَدَى بِهِ وَنَحْنُ نَقَلْنَا مَا قُلْنَا عَنْ الْخَصَّافِ الَّذِي أَذْعَنَ بِفَضْلِهِ أَهْلُ الْوِفَاقِ وَالْخِلَافِ وَصَارَ عُمْدَةُ أَهْلِ الْمَذَاهِبِ فِي مَسَائِلِ الْأَوْقَافِ وَتَبِعَهُ صَاحِبُ الْإِسْعَافِ شِعْرٌ أُولَئِكَ آبَائِي فَجِئْنِي بِمِثْلِهِمْ إذَا جَمَعَتْنَا يَا جَرِيرُ الْمَجَامِعُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَقْفَ إذَا كَانَ مُرَتَّبًا بِثُمَّ أَوْ غَيْرِ مُرَتَّبٌ وَقَدْ سَكَتَ الْوَاقِفُ عَنْ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ أَوْ شَرَطَ صَرْفَهُ لِأَهْلِ دَرَجَتِهِ أَوْ لِغَيْرِهِمْ وَلَمْ يُوجَدْ الْمَشْرُوطُ يُصْرَفُ نَصِيبُ الْمُتَوَفَّى الْمَذْكُورِ إلَى مَصَارِفِ الْغَلَّةِ وَلَا يُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ لِوُجُودِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْأَوْلَادِ وَالذُّرِّيَّةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْإِسْعَافِ لَكِنْ بَقِيَ هُنَا تَحْقِيقٌ يَحْصُلُ بِهِ نَوْعُ تَوْفِيقٍ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ فِي الدَّرَجَةِ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ فَتَارَةً يَقُولُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْهُمْ فَهَذَا لَا شَكَّ أَنَّهُ جَعَلَ الْأَقْرَبَ قَيْدًا فِي أَهْلِ الدَّرَجَةِ فَحَيْثُ فُقِدَتْ الدَّرَجَةُ لَغَتْ الْأَقْرَبِيَّةُ لِأَنَّهُ اعْتَبَرَ الْأَقْرَبِيَّةَ فِي نَوْعٍ خَاصٍّ وَهُوَ أَهْلُ دَرَجَةِ الْمُتَوَفَّى فَلَا يَجُوزُ لَنَا تَعْمِيمُهُ وَمِثْلُهُ لَوْ حُذِفَ قَوْلُهُ مِنْهُمْ وَاقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ لِأَنَّهُ يَكُون بَدَلَا مِمَّا قَبْلَهُ وَتَارَةً يَقُولُ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ.
وَالْمُتَبَادِرُ مِنْهُ أَنَّ مُرَادَهُ تَقْدِيمُ الْأَقْرَبِ مِنْ أَهْلِ الدَّرَجَةِ أَيْضًا لَا مُطْلَقًا وَلَكِنْ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ تَقْدِيمُ الْأَقْرَبِ مُطْلَقًا بِقَرِينَةِ قَطْعِهِ عَمَّا قَبْلَهُ بِقَوْلِهِ يُقَدَّمُ وَكَأَنَّ الْخَلِيلِيَّ لَحَظَ هَذَا الْمَعْنَى فَاعْتُبِرَ الْأَقْرَبِيَّةَ عِنْدَ فَقْدِ الدَّرَجَةِ وَلَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ صِلَةَ أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ أَعَنَى لَفْظَ الْأَقْرَبِ مَحْذُوفَةٌ تَقْدِيرُهَا مِنْهُمْ وَالضَّمِيرُ فِيهَا عَائِدٌ إلَى أَهْلِ الدَّرَجَةِ وَتَارَةً يَقُولُ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ فَقَوْلُهُ فِي ذَلِكَ إشَارَةٌ إلَى أَهْلِ الدَّرَجَةِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ مِنْهُمْ وَيُحْتَمَلُ كَوْنُهُ إشَارَةً إلَى النَّصِيبِ أَيْ يُقَدَّمُ فِي نَصِيبِ الْمُتَوَفَّى عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ وَكَأَنَّ الشُّرُنْبُلَالِيَّ لَحَظَ هَذَا الْمَعْنَى فَاعْتَبَرَ الْأَقْرَبِيَّةَ حَيْثُ فُقِدَتْ الدَّرَجَةُ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ الْأَقْرَبُ مِنْ أَهْلِ الدَّرَجَةِ بِدَلِيلِ الصِّلَةِ الْمُقَدَّرَةِ فَإِنَّ تَقْدِيرَهَا مِنْهُمْ أَيْ مِنْ أَهْلِ الدَّرَجَةِ كَمَا قُلْنَا وَلَوْ قَدَّرْتهَا مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ أَحَدٌ وَفِي دَرَجَتِهِ جَمَاعَةٌ وَفِي غَيْرِهَا رَجُلٌ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ أَهْلِ دَرَجَتِهِ اسْتَحَقَّ نَصِيبَهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ الْأَقْرَبُ إلَيْهِ دُونَ أَهْلِ دَرَجَتِهِ وَلَمْ نَرَ أَحَدًا قَالَ بِذَلِكَ أَصْلًا فَتَعَيَّنَ إلْغَاءُ اعْتِبَارِ الْأَقْرَبِيَّةِ حَيْثُ فُقِدَتْ الدَّرَجَةُ وَمَصْرِفُ نَصِيبِ الْمُتَوَفَّى إلَى مَصَارِفِ غَلَّةِ الْوَقْفِ كَمَا سَمِعْت التَّصْرِيحَ بِهِ.
وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ أَهْلُ الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا خِلَافًا لِمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجَمَاعَةُ الْمَذْكُورُونَ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ فَإِنْ قُلْت قَدْ أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي فَتَاوِيهِ بِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْجَمَاعَةِ الْمَذْكُورِينَ وَعَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ لِلِانْقِطَاعِ الَّذِي صَرَّحُوا بِأَنَّهُ يُصْرَفُ إلَى الْأَقْرَبِ لِلْوَاقِفِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِغَرَضِهِ عَلَى الْأَصَحِّ. اهـ.
فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ مَا نَقَلْته عَنْ الْخَصَّافِ وَغَيْرِهِ خِلَافُ الْأَصَحِّ فَلَمْ يَبْقَ لَك مُسْتَنَدٌ عَلَى دَعْوَاك قُلْت لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ مَذْهَبِنَا قَالَ إنَّ الْمُنْقَطِعَ يُصْرَفُ إلَى الْأَقْرَبِ لِلْوَاقِفِ وَإِنَّمَا قَالُوا يُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ وَكَأَنَّهُ سَبَقَ قَلَمُهُ فِي ذَلِكَ أَوْ اُشْتُبِهَ عَلَيْهِ مَذْهَبُهُ بِمَذْهَبِ غَيْرِهِ يُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَهُ نَفْسُهُ فِي فَتَاوَاهُ الْخَيْرِيَّةِ حَيْثُ قَالَ وَالْمُنْقَطِعُ الْوَسَطِ فِيهِ خِلَافٌ قِيلَ يُصْرَفُ إلَى الْمَسَاكِينِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَنَا وَالْمُتَظَافِرُ عَلَى أَلْسِنَةِ عُلَمَائِنَا ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَسْطُرٍ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ آخَرَ وَفِي مُنْقَطِعِ الْوَسَطِ الْأَصَحُّ صَرْفُهُ إلَى الْفُقَرَاءِ وَأَمَّا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُصْرَفُ إلَى أَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ. اهـ.
وَلَا يَخْفَى عَلَيْك أَنَّ مَسْأَلَتَنَا هَذِهِ لَيْسَتْ مِنْ قِسْمِ الْمُنْقَطِعِ الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ لِوُجُودِ الْمُسْتَحِقِّ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ بِنَصِّ الْوَاقِفِ وَلِذَا قَالَ فِي الْإِسْعَافِ يَكُونُ نَصِيبُهُ رَاجِعًا إلَى أَصْلِ الْغَلَّةِ وَلَا يَكُونُ لِلْمَسَاكِينِ شَيْءٌ إلَّا بَعْدَ انْقِرَاضِهِمْ أَيْ الْمُسْتَحِقِّينَ لِقَوْلِ الْوَاقِفِ عَلَى وَلَدِي وَنَسْلِهِمْ أَبَدًا. اهـ.
وَالْمُنْقَطِعُ إنَّمَا يَكُونُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْعَمَلُ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَقَدْ يَكُونُ مُنْقَطِعَ الْأَوَّلِ وَصُورَتُهُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ لَوْ قَالَ أَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى مَنْ يَحْدُثُ لِي مِنْ الْوَلَدِ وَلَيْسَ لَهُ وَلَدٌ يَصِحُّ هَذَا الْوَقْفُ وَتُقَسَّمُ الْغَلَّةُ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَإِنْ حَدَثَ لَهُ وَلَدٌ بَعْدَ الْقِسْمَةِ تُصْرَفُ الْغَلَّةُ الَّتِي تُوجَدُ بَعْدَهُ إلَى هَذَا الْوَلَدِ ثُمَّ قَالَ وَلَوْ قَالَ أَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى بَنِيَّ وَلَهُ ابْنَانِ أَوْ أَكْثَرُ فَالْغَلَّةُ لَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا ابْنٌ وَاحِدٌ وَقْتَ وُجُودِ الْغَلَّةِ فَنِصْفُهَا لَهُ وَالنِّصْفُ لِلْفُقَرَاءِ إلَخْ فَالْمِثَالُ الْأَوَّلُ مُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ فِي جَمِيعِ الْغَلَّةِ وَالثَّانِي فِي نِصْفِهَا وَأَمَّا مُنْقَطِعُ الْوَسَطِ فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ غَيْرَ مَرَّةٍ وَأَمَّا مُنْقَطِعُ الْآخِرِ فَهُوَ حَيْثُ تَنْقَرِضُ الذُّرِّيَّةُ أَوْ الْجَمَاعَةُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ بِأَعْيَانِهِمْ وَيَئُولُ إلَى الْفُقَرَاءِ وَقَدْ أَخَذَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ حَقَّهَا مِنْ الْبَيَانِ فَلْنَكُفَّ عَنَانَ الْقَلَمِ فِيهَا عَنْ الْجَرَيَانِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ وَقْفَهُ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَأَنْسَالِهِمْ وَأَعْقَابِهِمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ عَلَى الشَّرْطِ وَالتَّرْتِيبِ الْمُعَيَّنَيْنِ أَعْلَاهُ وَمَاتَ وَتَصَرَّفَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ بَعْدَهُ عَلَى وَفْقِ شَرْطِهِ مِنْ حَجْبِ الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا لِلسُّفْلَى مِنْ مُدَّةٍ مَدِيدَةٍ فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَا ذُكِرَ فَلَا يُعْطَى لِأَهْلِ الطَّبَقَة السُّفْلَى شَيْءٌ مَا دَامَ أَحَدٌ مِنْ الْعُلْيَا؟
(الْجَوَابُ): يَعْمَلُ بِمَا ذُكِرَ.
(سُئِلَ) فِي وَاقِفَةٍ أَنْشَأَتْ وَقْفَهَا عَلَى نَفْسِهَا أَيَّامَ حَيَاتِهَا ثُمَّ مِنْ بَعْدِهَا عَلَى زَوْجِهَا فُلَانٍ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَنَسْلِهِ وَعَقِبِهِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَمَاتَتْ الْوَاقِفَةُ ثُمَّ مَاتَ زَوْجُهَا عَنْ ابْنَيْنِ وَبِنْتٍ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ ثُمَّ مَاتَتْ الْبِنْتُ عَنْ الِابْنِ الثَّانِي وَعَنْ أَوْلَادٍ فَهَلْ يَعُودُ نَصِيبُهَا إلَى شَقِيقِهَا أَمْ إلَى أَوْلَادِهَا؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ رَتَّبَ الْوَقْفَ بِثُمَّ فَيَعُودُ نَصِيبُهَا إلَى شَقِيقِهَا وَلَا يَعُودُ إلَى أَوْلَادِهَا مَا دَامَ شَقِيقُهَا مَوْجُودًا قَالَ فِي الْإِسْعَافِ مِنْ بَابِ الْوَقْفِ عَلَى الْأَوْلَادِ وَأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ وَلَوْ ذَكَرَ الْبُطُونَ الثَّلَاثَةَ ثُمَّ قَالَ عَلَى الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ أَوْ قَالَ عَلَى وَلَدِي ثُمَّ عَلَى وَلَدِ وَلَدِي ثُمَّ وَثُمَّ أَوْ قَالَ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ يَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ بِهِ الْوَاقِفُ وَلَا يَكُونُ لِلْبَطْنِ الْأَسْفَلِ شَيْءٌ مَا بَقِيَ مِنْ الْبَطْنِ الْأَعْلَى أَحَدٌ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ بَابِ الْوَقْفِ عَلَى الْأَوْلَادِ وَالْأَقْرِبَاءِ وَمِثْلُهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَقَدْ أَجَابَ الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ عَنْ مِثْلِ هَذَا بِقَوْلِهِ لَا شَيْءَ لِأَوْلَادِ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ مَا دَامَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى لِتَرْتِيبِ الِاسْتِحْقَاقِ بِثُمَّ مُؤَكَّدًا لَهُ بِقَوْلِهِ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا تَحْجُبُ السُّفْلَى إلَخْ وَالْمَسْأَلَةُ أَيْضًا فِي فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ فِي مَوْضِعَيْنِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ شَخْصٌ وَقْفًا مِنْ مَضْمُونِهِ مَا لَفْظُهُ أَنَّ الْوَقْفَ الْمَذْكُورَ تَجْرِي أُجُورُهُ وَمَنَافِعُهُ عَلَى السَّادَةِ الْأَشْرَافِ بَنِي أَبِي الْجِنِّ الْحُسَيْنِيِّ وَعَلَى أَوْلَادِهِمْ وَذُرِّيَّتِهِمْ مِنْ أَوْلَادِ الظُّهُورِ دُونَ أَوْلَادِ الْبُطُونِ وَالْآنَ مَاتَ شَخْصٌ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَهُ أُخْتٌ شَقِيقَةٌ وَبَقِيَّةُ مُسْتَحَقِّي مَنَافِعِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ مِنْ الذُّرِّيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ حِصَّةُ الْمَيِّتِ الْمَذْكُورِ تَعُودُ عَلَى أُخْتِهِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ عَلَيْهَا وَعَلَى بَقِيَّةِ الذُّرِّيَّةِ الْمَوْجُودِينَ يَوْمَئِذٍ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ حَيْثُ أَطْلَقَ الْوَاقِفَ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِذِكْرِ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَمَا حُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى فِي ذَلِكَ أَفْتُونَا؟
(الْجَوَابُ): الْحَمْدُ لِلَّهِ تُقَسَّمُ غَلَّةُ هَذَا الْوَقْفِ بَعْدَ مَوْتِ الْمَذْكُورِ بَيْنَ جَمِيعِ مُسْتَحِقِّي الْوَقْفِ مِنْ أَوْلَادِ الظُّهُورِ بِالسَّوِيَّةِ وَلَا يَخْتَصُّ بِهَا أَحَدٌ دُونَ أَحَدٍ وَأُخْتُ الْمَيِّتِ تَأْخُذُ أُسْوَةَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ يَحْيَى الْبَهْنَسِيُّ الْحَنَفِيُّ عُفِيَ عَنْهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ مَا أَجَابَ بِهِ مَوْلَانَا هُوَ الْجَوَابُ كَتَبَهُ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ الْفِيشَاوِيُّ الشَّافِعِيُّ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْجَوَابُ كَمَا مَوْلَانَا أَجَابَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَفَائِيُّ الْحَنْبَلِيُّ عُفِيَ عَنْهُ فِي وَاقِفٍ وَقَفَ وَقْفَهُ عَلَى نَفْسِهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَنَسْلِهِ وَعَقِبِهِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ لَا تَنْقَطِعُ فَهَلْ كُلُّ مَنْ لَهُ اسْتِحْقَاقٌ وَدُخُولٌ فِي الْوَقْفِ يَسْتَحِقُّ فِي غَلَّتِهِ مَعَ مَنْ يُدْلِي بِهِ حَيْثُ لَمْ يَشْتَرِطْ التَّرْتِيبَ أَجَابَ نَعَمْ يَسْتَحِقُّ الْجَمِيعُ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمْ بِحَسَبِ قِلَّتِهِمْ وَكَثْرَتِهِمْ فَيَسْتَحِقُّ الِابْنُ مَعَ وُجُودِ وَالِدِهِ مِنْ فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ خَيْرِ الدِّينِ الرَّمْلِيِّ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا شَرَطَ وَاقِفُ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ عَادَ نَصِيبُهُ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ إلَى مَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى ثُمَّ مَاتَ الْآنَ شَخْصٌ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَتَرَكَ إمَّا حَامِلًا مِنْ عَمِّهِ الْعَصَبَةِ الَّذِي هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ ثُمَّ وَضَعَتْ الْحَامِلُ بِنْتًا بَعْدَ شَهْرٍ مِنْ مَوْتِ الشَّخْصِ الْمَزْبُورِ وَمِنْ طُلُوعِ الْغَلَّةِ وَلَيْسَ فِي دَرَجَةِ الشَّخْصِ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ أُخْتِهِ الْمَزْبُورَةِ الَّتِي كَانَتْ حَمْلًا حِينَ مَوْتِهِ فَهَلْ يَعُودُ نَصِيبُهُ لِأُخْتِهِ الْمَزْبُورَة دُونَ غَيْرِهَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ حَيْثُ كَانَ الْحَالُ مَا ذُكِرَ.
(سُئِلَ) فِي وَقْفٍ آخَرَ مَشْرُوطٍ فِيهِ كَمَا ذُكِرَ قَبْلَهُ فَمَاتَ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ امْرَأَةٌ وَلَيْسَ فِي دَرَجَتِهَا وَذَوِي طَبَقَتِهَا سِوَى جَمَاعَةٍ مِنْ الذُّرِّيَّةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ غَيْرَ مُتَنَاوِلِينَ لِحَجْبِهِمْ بِأُصُولِهِمْ وَالْكُلُّ فِي الْقُرْبِ إلَيْهَا سَوَاءٌ فَبَعْضُهُمْ أَوْلَادُ بِنْتِ عَمِّ أُمِّهَا وَالْبَعْضُ أَوْلَادُ ابْنِ عَمَّةِ أُمِّهَا وَالْبَعْضُ أَوْلَادُ بِنْتِ عَمَّةِ أُمِّهَا وَالْبَعْضُ بِنْتُ ابْنِ عَمِّ أُمِّهَا وَلَهَا خَالٌ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ الْمُتَنَاوِلِينَ مِنْ أَهْلِ طَبَقَةٍ أَعْلَى مِنْ طَبَقَتِهَا يَزْعُمُ أَنَّ نَصِيبَهَا مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ دُونَ أَهْلِ طَبَقَتِهَا الْمَذْكُورِينَ فَلِمَنْ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهَا مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ؟
(الْجَوَابُ): يَنْتَقِلُ مَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهَا وَذَوِي طَبَقَتِهَا لَا يُقَدَّمُ أَحَدٌ مِنْهُمْ حَيْثُ كَانُوا فِي الْقُرْبِ سَوَاءً عَمَلًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَلَا شَيْءَ لِلْخَالِ مِنْ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ الْحَالُ مَا ذُكِرَ ؟
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ وَقْفَهُ مُنْجَزًا عَلَى ابْنِهِ مُحَمَّدٍ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى ابْنَتِهِ حَامِدَةَ وَعَلَى مَنْ سَيَحْدُثُ لِمُحَمَّدٍ مِنْ الْأَوْلَادِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ وَثُمَّ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ فَإِذَا انْقَرَضُوا بِأَجْمَعِهِمْ عَادَ وَقْفًا عَلَى مَنْ يُوجَدُ مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ وَأَنْسَالهمْ وَالْحُكْمُ فِيهِمْ كَالْحُكْمِ فِي أَوْلَادِ مُحَمَّدٍ وَمَاتَ الْوَاقِفُ وَابْنُهُ مُحَمَّدٌ وَانْقَرَضَتْ ذُرِّيَّةُ مُحَمَّدٍ وَالْمَوْجُودُ الْآنَ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ وَلَدَا ابْنِهِ هُمَا أَحْمَدُ وَأَبُو الصَّفَاءِ وَابْنَا بِنْتِ ابْنِ الْوَاقِفِ هُمَا دَرْوِيشُ وَسُلَيْمَانُ فَهَلْ تَنْتَقِلُ غَلَّةُ الْوَقْفِ لِوَلَدَيْ ابْنِ الْوَاقِفِ أَحْمَدَ وَأَبِي الصَّفَاءَ دُونَ دَرْوِيشِ وَسُلَيْمَانَ؟
(الْجَوَابُ): يَنْتَقِلُ لِأَحْمَدَ وَأَبِي الصَّفَاءِ دُونَ دَرْوِيشِ وَسَلِيمَانِ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ الْحُكْمُ فِيهِمْ كَالْحُكْمِ فِي أَوْلَادِ مُحَمَّدٍ وَأَوْلَادِ مُحَمَّدٍ الْوَقْفُ فِيهِمْ مُرَتَّبٌ فَيَنْتَقِلُ حُكْمُ التَّرْتِيبِ الَّذِي فِيهِمْ إلَى أَوْلَادِ الْوَاقِفِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(أَقُولُ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ بِانْتِقَالِ الْغَلَّةِ إلَى جَمِيعِ الْأَرْبَعَةِ الْمَوْجُودِينَ مِنْ ابْنَيْ ابْنِهِ وَابْنَيْ بِنْتِ ابْنِهِ الْمَذْكُورِينَ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ عَادَ وَقْفًا عَلَى مَنْ يُوجَدُ إلَخْ فَإِنَّ لَفْظَةَ مَنْ عَامَّةٌ تَشْمَلُ الْجَمِيعَ وَالتَّرْتِيبَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ بَعْدَ الدُّخُولِ فِي الْوَقْفِ لِأَنَّ الْمُرَتَّبَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُرَتَّبٍ عَلَيْهِ وَالْأَرْبَعَةُ الْمَذْكُورُونَ هُمْ الَّذِينَ وُجِدُوا عِنْدَ انْقِرَاضِ أَوْلَادِ مُحَمَّدٍ فَيَعُودُ الْوَقْفُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى أَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَيُعْتَبَرُ فِيهِمْ التَّرْتِيبُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ كَلِمَةِ ثُمَّ الْعَاطِفَةِ وَالْعَطْفُ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فَيَدْخُلُ الْأَرْبَعَةُ الْمَذْكُورُونَ فِي الْوَقْفِ ثُمَّ أَوْلَادُهُمْ مِنْ بَعْدِهِمْ ثُمَّ وَثُمَّ فَيَتَحَقَّقُ التَّرْتِيبُ بَعْدَ دُخُولِهِمْ أَمَّا قَبْلَهُ فَلَا يَتَحَقَّقُ وَلَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ لَحَظَ الْمَعْنَى الْحَاصِلَ مِنْ الْعَطْفِ بِثُمَّ وَهُوَ تَقْدِيمُ كُلِّ طَبَقَةٍ عُلْيَا عَلَى الَّتِي تَلِيهَا فَإِنَّهُ حُكْمُ الْعَطْفِ بِثُمَّ فَقَوْلُ الْوَاقِفِ وَالْحُكْمُ فِيهِمْ إلَخْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِمْ ذَلِكَ التَّقْدِيمُ وَرَأَيْت فِي فَتَاوَى الشِّهَابِ أَحْمَدَ الرَّمْلِيِّ الْكَبِيرِ الشَّافِعِيِّ سُؤَالًا حَاصِلُهُ فِيمَنْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِ الظُّهُورِ مُرَتَّبًا بِثُمَّ وَعِنْدَ انْقِرَاضِهِمْ فَعَلَى أَوْلَادِ الْبَنَاتِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ وَثُمَّ عَلَى الشَّرْطِ وَالتَّرْتِيبِ فَمَاتَ أَوْلَادُ الظُّهُورِ وَوُجِدَ مِنْ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ جَمَاعَةٌ مُخْتَلِفُو الدَّرَجَاتِ فَأَجَابَ بِانْتِقَالِ الْوَقْفِ إلَى أَقْرَبِ الدَّرَجَاتِ إلَى الْوَاقِفِ وَهَذَا مُؤَيِّدٌ لِمَا أَجَابَ بِهِ الْمُؤَلِّفُ فَتَأَمَّلْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ رَجُلٌ وَقْفَهُ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى نَسْلِهِ وَعَقِبِهِ عَلَى الشَّرْطِ وَالتَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ يَرْجِعُ نَصِيبُهُ إلَى مَنْ هُوَ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ مُتَّصِلَةٍ فَمَاتَ الْوَاقِفُ وَأَوْلَادُهُ وَأَوْلَادُ أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادُ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَانْحَصَرَ رِيعُ الْوَقْفِ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ النَّسْلِ وَالْعَقِبِ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ وَمَاتَتْ امْرَأَتَانِ مِنْ النَّسْلِ فِي حَيَاةِ أَخِيهِمَا عَنْ أَوْلَادٍ فَهَلْ يَدْخُلُ أَوْلَادُهُمَا فِي النَّسْلِ وَيَسْتَحِقُّونَ فِي رِيعِ الْوَقْفِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الْإِسْعَافِ النَّسْلُ الْوَلَدُ وَوَلَدُ الْوَلَدِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا.
ا هـ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(أَقُولُ) هَذَا الْجَوَابُ يَحْتَاجُ إلَى بَيَانٍ زَائِدٍ فَلَا بَأْسَ بِإِيرَادِهِ عَلَى عَادَتِنَا فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنْ الْإِتْحَافِ بِفَرَائِدِ الْفَوَائِدِ وَهُوَ أَنَّ دُخُولَ أَوْلَادِ الْمَرْأَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ قَدْ طَالَ فِيهِمَا الْجِدَالُ وَكَثُرَ الْقِيلُ وَالْقَالُ أَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فَهِيَ مَا إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ فِي الْوَقْفِ الْمُرَتَّبِ انْتِقَالَ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ إلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَسَكَتَ عَنْ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي هَذَا السُّؤَالِ فَهَلْ يَنْتَقِلُ نَصِيبُ الْمُتَوَفَّى عَنْ وَلَدٍ إلَى وَلَدِهِ أَمْ لَا وَقَعَ نَظِيرُهُ فِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ لَا شَيْءَ لِأَوْلَادِ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ مَا دَامَ وَاحِدٌ مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى لِتَرْتِيبِ الِاسْتِحْقَاقِ بِثُمَّ مُؤَكَّدًا لَهُ بِقَوْلِهِ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا مِنْهُمْ تَحْجُبُ الطَّبَقَةَ السُّفْلَى وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ إلَخْ كَمَا لَا يَخْفَى وَكَتَبَ الشَّيْخُ شَرَفُ الدِّينِ وَالشَّيْخُ صَالِحٌ وَالشَّيْخُ مَحْفُوظٌ الْمَفْتُونَ بِغَزَّةَ جَوَابِي كَذَلِكَ هَذَا وَقَدْ أَفْتَى بُرْهَانُ الدِّينِ الطَّرَابُلُسِيُّ الْحَنَفِيُّ فِي مِثْلِهِ بِاسْتِحْقَاقِ أَوْلَادِ الْمَيِّتِ مَعَ وُجُودِ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ قَالَ لِمَفْهُومِ الْقَيْدِ الْمَسْكُوتِ عَنْ تَتْمِيمِهِ بِمَعْلُومِيَّتِهِ أَوْ لِغَفْلَةِ الْكَاتِبِ عَنْهُ وَلِضَرُورَةِ انْحِصَارِ غَلَّةِ الْوَقْفِ فِي ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ مَا بَقِيَ مِنْهُمْ أَحَدٌ. اهـ.
وَلَا يَخْفَى مَا فِي ذَلِكَ لِمَا عُلِمَ أَنَّ الْمَفَاهِيمَ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهَا عِنْدَنَا عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ اسْتِحْقَاقَ أَوْلَادِ الْمَيِّتِ هُوَ الْمَفْهُومُ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الْمَفْهُومَ إذْ مَفْهُومُهُ أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ عِنْدَ الْأَوْلَادِ لَا يَكُونُ لِمَنْ فِي دَرَجَةِ الْمُتَوَفَّى وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ لِأَوْلَادِهِ.
وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْغَفْلَةِ وَضَرُورَةُ انْحِصَارِ غَلَّةِ الْوَقْفِ فِي ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ مَا بَقِيَ مِنْهُمْ أَحَدٌ لَا يَلْزَمُ مِنْهَا اسْتِحْقَاقُ أَوْلَادُ وَلَدِ الْوَاقِفِ مَعَ أَوْلَادِهِ لِصُلْبِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا الشَّافِعِيَّ الْأَنْصَارِيَّ أَفْتَى بِمَا أَفْتَيْت فِي وَاقِعَتَيْنِ وَأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ اسْتِحْقَاقُ الْمَيِّتِ إلَى أَوْلَادِهِ مَعَ مَا ذُكِرَ قَالَ وَإِنْ أَفْتَى بِهِ أَيْ بِرُجُوعِ الِاسْتِحْقَاقِ لِأَوْلَادِ الْمَيِّتِ الشَّيْخِ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَمَلًا بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ إذْ مَفْهُومُهُ أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ عِنْدَ وُجُودِ الْأَوْلَادِ لَا يَكُونُ لِمَنْ فِي دَرَجَةِ الْمُتَوَفَّى وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ لِأَوْلَادِهِ بَلْ يَرْجِعُ اسْتِحْقَاقُ الْمَيِّتِ لِأَخِيهِ لَا لِشَرْطِ الْوَاقِفِ بَلْ لِكَوْنِ الْوَقْفِ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ وَأَخُوهُ أَقْرَبُ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ. اهـ.
وَقَدْ أَفْتَى مَوْلَانَا الشَّيْخُ أَحْمَدُ شِهَابُ الدِّينِ الرَّمْلِيُّ الْأَنْصَارِيُّ الشَّافِعِيُّ بِمِثْلِ مَا أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.
مَا فِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ وَلَا يَخْفَى عَلَيْك مَا فِي ذَلِكَ أَمَّا أَوَّلًا فَقَوْلُهُ إنَّ الْمَفَاهِيمَ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهَا عِنْدَنَا فَإِنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِهَا فِي النُّصُوصِ لَا فِي كَلَامِ النَّاسِ كَيْفَ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ مَفَاهِيمَ الْكُتُبِ حُجَّةٌ وَهُوَ نَفْسُهُ قَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ أَيْضًا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَقَوْلُهُمْ شَرْطُ الْوَاقِفِ كَنَصِّ الشَّارِعِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ فَيُعْمَلُ بِمَفْهُومِهِ وَإِلَّا لَزِمَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي الذُّكُورِ مَثَلًا أَنْ يُلْغِيَ مَفْهُومَ تَقَيُّدِهِ بِالذُّكُورِ وَيَحْكُمَ بِمُشَارَكَةِ الْإِنَاثِ مَعَهُمْ لِدُخُولِهِنَّ فِي لَفْظِ الْأَوْلَادِ وَكَذَا يَلْزَمُ أَنْ يُلْغِيَ تَقْيِيدَهُ انْتِقَالَ نَصِيبِ الْعَقِيمِ إلَى أَهْلِ دَرَجَتِهِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْمَحْذُورَاتِ الَّتِي لَمْ يَقُلْ بِهَا أَحَدٌ.
وَأَمَّا ثَانِيًا فَقَوْلُهُ إذْ مَفْهُومُهُ إلَخْ نَقُولُ هُوَ كَذَلِكَ لَكِنْ قَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ غَرَضَ الْوَاقِفِ يَصْلُحُ مُخَصِّصًا وَهُنَا لَمَّا شَرَطَ انْتِقَالَ نَصِيبِ الْمُتَوَفَّى عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ إلَى أَهْلِ دَرَجَتِهِ عُلِمَ أَنَّ غَرَضَهُ انْتِقَالُ نَصِيبِ الْمُتَوَفَّى عَنْ وَلَدٍ إلَى وَلَدِهِ لِأَنَّهُ الْمُوَافِقُ لِأَغْرَاضِ الْوَاقِفِينَ وَلِذَا تَرَى عَامَّتَهُمْ يُصَرِّحُ بِهِ فَيُحْمَلُ الْمَفْهُومُ عَلَيْهِ وَإِنْ احْتَمَلَ غَيْرَهُ احْتِمَالًا بَعِيدًا لِأَنَّ الْحَمْلَ عَلَى أَقْرَبِ الْمُحْتَمَلَاتِ أَوْلَى فَعُلِمَ أَنَّ مَا أَفْتَى بِهِ صَاحِبُ الْإِسْعَافِ الْبُرْهَانُ الطَّرَابُلُسِيُّ وَالشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ وَالشِّهَابُ أَحْمَدُ الرَّمْلِيُّ الشَّافِعِيُّ هُوَ الْأَظْهَرُ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى التُّمُرْتَاشِيُّ صَاحِبُ التَّنْوِيرِ وَقَدْ رَأَيْت تَأْلِيفًا مُسْتَقِلًّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِلْعَلَّامَةِ ابْنِ حَجَرٍ الْمَكِّيِّ الشَّافِعِيِّ سَمَّاهُ بِسَوَابِغِ الْمَدَدِ فِي الْعَمَلِ بِمَفْهُومِ قَوْلِ الْوَاقِفِ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ أَفْتَى فِيهِ بِمَا قَالَهُ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ وَقَالَ وَبِهِ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ فِي بَحْرِهِ وَوَالِدُهُ وَأَقَرَّهُمَا الْأَذْرَعِيُّ وَأَفْتَى بِهِ الْإِمَامُ السُّبْكِيّ وَالْوَلِيُّ أَبُو زَرْعَةَ وَالْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَرَدَّ عَلَى شَيْخِهِ الْقَاضِي زَكَرِيَّا وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ وَأَطَابَ فَرَاجِعْهُ.
فَاتِّفَاقُ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ مُؤَيِّدٌ لِمَا أَفْتَى بِهِ الْبُرْهَانُ الطَّرَابُلُسِيُّ نَعَمْ رَأَيْت فِي كِتَابِ الْإِمَامِ الْخَصَّافِ فِي بَابِ الرَّجُلُ يَجْعَلُ أَرْضَهُ وَقْفًا عَلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ مَسْأَلَةٌ تُؤَيِّدُ مَا أَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَهِيَ إذَا وَقَفَ أَرْضَهُ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَمِنْ بَعْدِهِمَا عَلَى الْمَسَاكِينِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمَا وَلَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا كَانَ نَصِيبُهُ لِلْبَاقِي مِنْهُمَا فَمَاتَ أَحَدُهُمَا وَتَرَكَ وَلَدًا يَرْجِعُ نَصِيبُهُ لِلْفُقَرَاءِ لَا لِلْبَاقِي مِنْهُمَا لِأَنَّ شَرْطَهُ أَنْ لَا يَتْرُكَ وَلَدًا وَلَا لِوَلَدِ الْمَيِّتِ لِأَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ لِوَلَدِ الْمَيِّتِ. اهـ.
مُلَخَّصًا فَلَمْ يُعْتَبَرْ مَفْهُومُ قَوْلِ الْوَاقِفِ فَمَنْ مَاتَ مِنْهُمَا وَلَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا إلَخْ إذْ لَوْ اعْتَبَرَهُ لَأَعْطَى نَصِيبَ الْمَيِّتِ لِوَلَدِهِ لَكِنْ قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ بِأَنَّ الْأَوْلَادَ فِي مَسْأَلَةِ الْخَصَّافِ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ أَصْلًا لِأَنَّ الْوَقْفَ بَعْدَ فُلَانٍ وَفُلَانٍ الْمَذْكُورَيْنِ يَسْتَحِقُّهُ الْمَسَاكِينُ فَلِذَا أَلْغَى الْمَفْهُومَ إذْ يَلْزَمُ مِنْ اعْتِبَارِهِ إلْغَاءُ شَرْطِ الْوَاقِفِ وَإِدْخَالُ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ فِي الْوَقْفِ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّ الْأَوْلَادَ فِيهَا مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ بِنَصِّ الْوَاقِفِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ اعْتِبَارِ مَفْهُومِ كَلَامِهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَحْذُورَيْنِ بَلْ فِي اعْتِبَارِهِ إعْمَالُ غَرَضِهِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ.
وَلَوْ كَانَ غَرَضُهُ انْتِقَالَ نَصِيبِ الْمَيِّتِ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ كَمَا أَفْتَى بِهِ فِي الْخَيْرِيَّةِ لَمْ يُقَيَّدْ بِقَوْلِهِ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ بَلْ كَانَ يَقُولُ مَنْ مَاتَ هَذَا مَا ظَهَرَ لِفَهْمِي السَّقِيمِ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فَهِيَ أَنَّهُ هَلْ يَدْخُلُ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ فِي النَّسْلِ وَالْعَقِبِ وَكَذَا هَلْ يَدْخُلُونَ فِي نَحْوِ الْأَوْلَادِ وَالذُّرِّيَّةِ وَقَدْ كُنْت عَزَمْت عَلَى أَنْ أَضَعَ فِيهَا رِسَالَةً لِمَا وَقَعَ فِيهَا مِنْ الِاضْطِرَابِ فَاسْتَغْنَيْت عَنْ ذَلِكَ بِمَا أُحَرِّرُهُ هُنَا فَأَقُولُ قَدْ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ الْإِمَامُ الطَّرَسُوسِيُّ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَمَا أَطَالَ فِي النُّقُولِ مَا حَاصِلُهُ إنَّ فِي دُخُولِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ فِي لَفْظِ الْأَوْلَادِ وَأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ اخْتِلَافُ الرِّوَايَةِ فَفِي رِوَايَةِ الْخَصَّافِ وَهِلَالٍ يَدْخُلُونَ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَدْخُلُونَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَكَذَا فِي دُخُولِهِمْ فِي لَفْظِ الذُّرِّيَّةِ وَالنَّسْلِ وَالْعَقِبِ اخْتِلَافُ الرِّوَايَةِ وَفِي التَّجْرِيدِ لِلْكَرْمَانِيِّ وَكَذَا لَفْظُ الْآلِ وَالْجِنْسِ وَأَهْلِ الْبَيْتِ الْحُكْمُ فِيهِمْ وَاحِدٌ وَلَا يَدْخُلُ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ قَالَ وَنَظَمْت ذَلِكَ فِي بَيْتَيْنِ وَهُمَا آلٌ وَأَهْلٌ وَأَوْلَادٌ كَذَا عَقِبٌ نَسْلٌ وَجِنْسٌ كَذَا ذُرِّيَّةٌ حُصِرُوا فَلَا دُخُولَ لِأَوْلَادِ الْبَنَاتِ فَقُلْ فِيمَا ذَكَرْت فَقَدْ تَمَّ الَّذِي ذَكَرُوا قَالَ وَرَأَيْت بَعْضَ النَّاسِ يَقُولُ إنَّهُ إذَا قَالَ عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِ أَوْلَادِي إنَّ أَوْلَادَ الْبَنَاتِ يَدْخُلُونَ حِينَئِذٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُولَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ.
وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَإِنَّ تَعْلِيلَ الْأَصْحَابِ يَرِدُ ذَلِكَ وَلَوْ ذَكَرَ عَشْرَةَ بُطُونٍ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا الْمَانِعَ مِنْ دُخُولِهِمْ كَوْنَهُمْ مَنْسُوبِينَ إلَى آبَائِهِمْ دُونَ أُمَّهَاتِهِمْ. اهـ.
مُلَخَّصًا وَذَكَرَ الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ فِي قَاعِدَةِ الْأَصْلِ فِي الْكَلَامِ الْحَقِيقَةُ أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ غَالِبُ الْمَشَايِخِ أَنَّ الذُّرِّيَّةَ وَالنَّسْلَ خَاصٌّ بِأَوْلَادِ الْأَبْنَاءِ دُونَ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَأَنَّهُ اُخْتُلِفَ هَلْ يَدْخُلُ وَلَدُ الْبِنْتِ فِي قَوْلِهِ عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي قَالَ فِي الْمُحِيطِ لَا يَدْخُلُونَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِأَنَّهُمْ يُنْسَبُونَ إلَى الْأَبِ لَا إلَى الْأُمِّ وَاعْتَمَدَهُ فِي التَّجْنِيسِ وَكَذَا اعْتَمَدَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْهُمْ الشَّيْخُ قَاسِمٌ الْحَنَفِيُّ وَقَالَ وَهُوَ الَّذِي يُفْتَى بِهِ وَأَمَّا مَا قَالَهُ ابْنُ كَمَالٍ بَاشَا وَالشَّيْخُ عَبْدُ الْبَرِّ بْنُ الشِّحْنَةِ فَهُوَ بَحْثٌ مِنْهُمَا وَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ لِمَا قَالَهُ نَقَلَةُ الْمَذْهَبِ بَلْ وَلَا يَسُوغُ لِأَحَدٍ الْأَخْذُ بِهِ لِأَنَّ الْمُقَرَّرَ عِنْدَ الْمَشَايِخِ أَنَّهُ مَتَى اُخْتُلِفَ فِي مَسْأَلَةٍ فَالْعِبْرَةُ لِمَا قَالَهُ الْأَكْثَرُ وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى عَدَمِ الدُّخُولِ وَمَا قَالَهُ الْخَصَّافُ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الرِّوَايَةِ إلَّا أَنْ عِنْد انْقِرَاض أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ يُفْتِي بِدُخُولِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ كَمَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ وَوَقَفَ هِلَالٌ. اهـ.
مُلَخَّصًا.
لَكِنْ فِي الْخَانِيَّةِ مَا مُلَخَّصَةُ لَوْ قَالَ عَلَى وَلَدِي فَالْغَلَّةُ لِوَلَدِ الصُّلْبِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى لِأَنَّ اسْمَ الْوَلَدِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْوِلَادَةِ وَالْوِلَادَةِ مَوْجُودَةٌ فِي الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَقْتَ الْوَقْفِ وَلَدٌ لِصُلْبِهِ وَلَهُ وَلَدُ ابْنٍ فَالْغَلَّةُ لَهُ دُونَ مَنْ دُونَهُ مِنْ الْبُطُونِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ الْبِنْتِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَبِهِ أَخَذَ هِلَالٌ وَذَكَرَ الْخَصَّافُ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَدْخُلُ أَيْضًا وَالصَّحِيحُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ لِأَنَّ أَوْلَادَ الْبَنَاتِ يُنْسَبُونَ إلَى آبَائِهِمْ لَا إلَى آبَاءِ أُمَّهَاتِهِمْ بِخِلَافِ وَلَدِ الِابْنِ وَذَكَرَ فِي السِّيَرِ مَا يُوَافِقُ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ فِيمَا لَوْ قَالَ أَهْلُ الْحَرْبِ أَمِّنُونَا عَلَى أَوْلَادِنَا أَنَّ أَوْلَادَ الْبَنَاتِ لَيْسُوا بِأَوْلَادِهِمْ وَلَوْ قَالَ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي يَدْخُلُ وَلَدُهُ لِصُلْبِهِ وَأَوْلَادُ بَنِيهِ وَلَا يُقَدَّمُ وَلَدُ الصُّلْبِ لِأَنَّهُ سَوَّى بَيْنَهُمْ وَهَلْ يَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ الْبِنْتِ قَالَ هِلَالٌ نَعَمْ وَقَالَ عَلِيٌّ الرَّازِيّ إذَا وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ لَا يَدْخُلُ وَلَدُ الْبِنْتِ وَلَوْ قَالَ عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِهِمْ يَدْخُلُ وَلَدُ الْبِنْتِ وَالصَّحِيحُ قَوْلُ هِلَالٍ لِأَنَّ اسْمَ وَلَدِ الْوَلَدِ كَمَا يَتَنَاوَلُ أَوْلَادَ الْبَنِينَ يَتَنَاوَلُ أَوْلَادَ الْبَنَاتِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي السِّيَرِ إذَا قَالَ أَهْلُ الْحَرْبِ أَمِّنُونَا عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِنَا يَدْخُلُ فِيهِ أَوْلَادُ الْبَنِينَ وَأَوْلَادُ الْبَنَاتِ.
قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ لِأَنَّ وَلَدَ الْوَلَدِ اسْمٌ لِمَنْ وُلِدَ وَلَدُهُ وَابْنَتُهُ وَلَدُهُ فَمَنْ وَلَدَتْهُ ابْنَتُهُ يَكُونُ وَلَدَ وَلَدِهِ حَقِيقَةً بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ عَلَى وَلَدِي فَإِنَّ وَلَدَ الْبِنْتِ لَا يَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّ اسْمَ الْوَلَدِ يَتَنَاوَلُ وَلَدَ الِابْنِ لِأَنَّهُ يُنْسَبُ إلَيْهِ عُرْفًا وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ وَلَدَ الْوَلَدِ يَتَنَاوَلُ وَلَدَ الْبِنْتِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا. اهـ.
مَا فِي الْخَانِيَّةِ مُلَخَّصًا وَمِثْلُهُ فِي الْإِسْعَافِ وَمُقْتَضَى مَا نَقَلَهُ عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ إذَا أَتَى بِالْبَطْنِ الثَّانِي كَقَوْلِهِ عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي لَا خِلَافَ فِي دُخُولِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ وَإِنَّمَا خِلَافُ فِيمَا إذَا اقْتَصَرَ عَلَى الْبَطْن الْأَوَّل وَبِهِ صَرَّحَ فِي الذَّخِيرَةِ حَيْثُ قَالَ وَالْجَوَابُ فِي الْوَقْفِ عَلَى قَوْلِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ إذَا وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِ فُلَانٍ دَخَلَ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ رِوَايَةً وَاحِدَةً. اهـ.
لَكِنْ ذَكَرَ الطَّرَسُوسِيُّ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ الْمَذْهَبِ التَّصْرِيحَ بِأَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ عَدَمُ الدُّخُولِ فِي ذَلِكَ وَعِبَارَةُ ابْنِ الشِّحْنَةِ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ هَكَذَا قُلْت نَقَلَ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ إذَا وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِ فُلَانٍ يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَقْفِ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ رِوَايَةً وَاحِدَةً ثُمَّ نُقِلَ عَنْ السُّغْدِيِّ وَالشَّيْخِ الْإِمَامِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ.
وَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ رِوَايَةَ الدُّخُولِ عَنْ أَصْحَابِنَا وَالْمُرَادُ بِهِمْ فِي مِثْلِ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَقَدْ انْضَمَّ إلَى ذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ فِي هَذَا الزَّمَانِ لَا يَفْهَمُونَ سِوَى ذَلِكَ وَلَا يَقْصِدُونَ غَيْرَهُ وَعَلَيْهِ عَمَلُهُمْ وَعُرْفُهُمْ مَعَ كَوْنِهِ حَقِيقَةَ اللَّفْظِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ. اهـ.
كَلَامُ ابْنِ الشِّحْنَةِ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْوَهْبَانِيَّةِ وَكَذَا ابْنُ نُجَيْمٍ فِي رِسَالَةٍ أَلَّفَهَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ فِي فَتَاوِيهِ عَقِبَ فَتْوَى أُخْرَى بِخِلَافِهَا قَالَ فِيهَا فَفِي الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافُ تَصْحِيحٍ وَتَرَجَّحَ الْقَوْلُ بِعَدَمِ الدُّخُولِ بِكَوْنِهِ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ وَهُوَ لَا يُعْدَلُ عَنْهُ لِكَوْنِهِ أَصْلَ الْمَذْهَبِ خُصُوصًا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ أَنَّ الْمُفْتَى بِهِ عَدَمُ الدُّخُولِ. اهـ.
وَفِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ أَحْمَدَ الشَّلَبِيِّ إمَّا نَصُّهُ وَرَدَ عَلَيَّ سُؤَالٌ فِي أَوْلَادِ الْبَنَاتِ هَلْ يَدْخُلُونَ فِي لَفْظِ الْأَوْلَادِ وَأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ وَنَسْلِهِمْ وَعَقِبِهِمْ أَمْ لَا يَدْخُلُونَ فَذَكَرْت ذَلِكَ لِقَاضِي الْقُضَاةِ نُورِ الدِّينِ الطَّرَابُلُسِيِّ فَجَنَحَ إلَى مَا اخْتَارَهُ الْخَصَّافُ مِنْ الدُّخُولِ فَقُلْت لَهُ إنَّ الْفَتْوَى بِخِلَافِ مَا اخْتَارَهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ وَغَيْرِهِ.
وَتَقَدَّمَتْ الْمُحَاوَرَةُ بَيْنَنَا فِيهِ فِي الدُّرُوسِ فَقَالَ لِي إنْ عَمِلَ النَّاسُ فِي جَمِيعِ مَكَاتِيبِهِمْ الْقَدِيمَةِ وَالْحَدِيثَةِ عَلَى دُخُولِهِمْ كَمَا اخْتَارَهُ الْخَصَّافُ فَيَنْبَغِي الْإِفْتَاءُ بِمَا اخْتَارَهُ مَعَ التَّنْصِيصِ عَلَى اخْتِيَارِهِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. اهـ.
وَالْحَاصِلُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنَّ فِي دُخُولِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ اخْتِلَافُ الرِّوَايَةِ وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَدَمُ الدُّخُولِ وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ كَأَوْلَادِي أَوْ بِاللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْمُفْرَدِ وَالْجَمْعِ كَوَلَدِي وَسَوَاءٌ اقْتَصَرَ عَلَى الْبَطْنِ الْأَوَّلِ كَمَا مَثَّلْنَا أَوْ ذَكَرَ الْبَطْنَ الثَّانِيَ مُضَافًا إلَى الْبَطْنِ الْأَوَّلِ الْمُضَافِ إلَى الضَّمِيرِ الْعَائِدِ عَلَى الْوَاقِفِ كَأَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي أَوْ الْعَائِدِ عَلَى الْأَوْلَادِ كَأَوْلَادِي وَأَوْلَادِهِمْ عَلَى مَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ وَأَمَّا عَلَى مَا قَالَهُ الْخَصَّافُ فَإِنَّهُمْ يَدْخُلُونَ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ وَعَلَى مَا قَالَهُ عَلَيَّ الرَّازِيّ إنَّ ذِكْرَ الْبَطْنِ الثَّانِي بِاللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ الْمُضَافِ إلَى ضَمِيرِ الْوَاقِفِ كَوَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي لَا يَدْخُلُونَ وَإِنْ ذَكَرَهُ بِلَفْظِ الْجَمْعِ الْمُضَافِ إلَى ضَمِيرِ الْأَوْلَادِ كَأَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ دَخَلُوا وَعَلَى مَا قَالَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ لَا يَدْخُلُونَ فِي الْبَطْنِ الْأَوَّلِ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْبَطْنِ الثَّانِي مُطْلَقًا.
وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ الدُّخُولُ وَهُوَ اخْتِيَارٌ لِقَوْلِ هِلَالِ بْنِ يَحْيَى تِلْمِيذِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ وَصَحَّحَهُ فِي الْخَانِيَّةِ مُسْتَدِلًّا بِمَا فِي السِّيَرِ وَقَدْ قَالُوا إنَّ الْإِمَامَ قَاضِيَ خَانْ مِنْ أَجَلِّ مَنْ يُعْتَمَدُ عَلَى تَصْحِيحِهِ لِأَنَّهُ فَقِيهُ النَّفْسِ وَقَالُوا أَيْضًا إنَّ السِّيَرَ الْكَبِيرَ لِلْإِمَامِ مُحَمَّدٍ هُوَ أَحَدُ الْكُتُبِ السِّتَّةِ الَّتِي هِيَ كُتُبُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الَّتِي صَنَّفَهَا الْإِمَامُ مُحَمَّدٌ وَالسِّيَرُ الْكَبِيرُ آخِرُهَا تَصْنِيفًا فَمَا فِيهِ هُوَ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْحَالُ لَا يُقَالُ إنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي السِّيَرِ مِنْ دُخُولِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ فِي أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ إنَّمَا هُوَ فِي الْأَمَانِ فَدَخَلُوا لِلِاحْتِيَاطِ بِخِلَافِ الْوَقْفِ لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَتْ هَذِهِ هِيَ الْعِلَّةَ بَلْ الْعِلَّةُ مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ مِنْ تَنَاوُلِ اللَّفْظِ لَهُ حَقِيقَةً وَلَوْ كَانَتْ الْعِلَّةُ الِاحْتِيَاطَ لَدَخَلُوا أَيْضًا فِي أَوْلَادِي أَعْنِي الْبَطْنَ الْأَوَّلَ مَعَ أَنَّهُمْ لَا يَدْخُلُونَ فِيهِ كَمَا مَرَّ فَعُلِمَ أَنَّ دُخُولَهُمْ لِتَنَاوُلِ اللَّفْظِ لَهُمْ حَقِيقَةً وَإِنِّي لَأَعْجَبُ مِنْ الْقَوْلِ بِعَدَمِ الدُّخُولِ فَإِنَّ الْوَلَدَ أَصْلُهُ مِنْ الْوِلَادَةِ وَيَتَّصِفُ بِهَا كُلٌّ مِنْ الْأَبِ وَالْأُمِّ وَلِذَلِكَ سِيَّمَا وَالدَّيْنُ وَلَكِنَّ حَقِيقَةَ الْوِلَادَةِ إنَّمَا هِيَ مِنْ الْأُمِّ فَكَمَا يَكُونُ الْوَلَدُ وَلَدًا لِأَبِيهِ كَذَلِكَ يَكُونُ وَلَدًا لِأُمِّهِ بَلْ هِيَ أَحَقُّ بِذَلِكَ لِمَا قُلْنَا فَأَوْلَادُ الشَّخْصِ كُلُّ مَنْ وَلَدِهِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَيَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ ابْنِهِ لِكَوْنِهِ يُنْسَبُ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَوْلُودًا لَهُ بِخِلَافِ وَلَدِ بِنْتِهِ لِانْتِفَاءِ الْوِلَادَةِ وَالنِّسْبَةُ دَلِيلُهُ قَوْله تَعَالَى {يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} فَإِنَّهُ لِلذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ مِنْ أَوْلَادِ الصُّلْبِ وَأَوْلَادِ الِابْنِ دُونَ أَوْلَادِ الْبِنْتِ فَإِذَا كَانَ كُلُّ مَنْ وُلِدَ لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ يُسَمَّى وَلَدَهُ حَقِيقَةً ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى فَكَذَا كُلُّ مَنْ وُلِدَ لِهَذَا الْوَلَدِ يُسَمَّى وَلَدًا لَهُ كَذَلِكَ فَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ أَوْلَادُ أَوْلَادِي كُلٌّ مِنْ أَوْلَادِ الْأَبْنَاءِ وَأَوْلَادِ الْبَنَاتِ حَقِيقَةً إذْ لَا شَكَّ أَنَّ الْبِنْتَ مِنْ أَوْلَادِهِ فَوَلَدُهَا وَلَدُ وَلَدِهِ حَقِيقَةً.
وَكَوْنُ وَلَدِهَا يُنْسَبُ لِأَبِيهِ لَا لَهَا وَلَا لِأَبِيهَا لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ يُسَمَّى وَلَدًا لَهَا وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ لَا يَدْخُلَ فِي الْوَقْفِ عَلَى أَوْلَادِهَا فَعُلِمَ أَنَّ الْوَجْهَ الْوَجِيهَ دُخُولُهُمْ فِيهِ بِلَا خِلَافٍ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ هِلَالٌ وَالْخَصَّافُ اللَّذَانِ عَلَيْهِمَا الْمُعَوَّلُ فِي مَسَائِلِ الْأَوْقَافِ وَتَبِعَهُمَا صَاحِبُ الْإِسْعَافِ وَصَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ مُحَمَّدٌ فِي السِّيَرِ الَّذِي هُوَ آخِرُ كُتُبِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ تَصْنِيفًا وَمَشَى عَلَيْهِ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ الَّذِي أَمْلَى الْمَبْسُوطَ مِنْ صَدْرِهِ فِي عِدَّةِ مُجَلَّدَاتٍ وَهُوَ مَحْبُوسٌ فِي الْبِئْرِ وَنَاهِيك بِهِ مِنْ إمَامٍ وَقَدْ صَحَّحَهُ فَقِيهُ النَّفْسِ قَاضِي خَانْ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ انْضَمَّ إلَى ذَلِكَ عُرْفُ النَّاسِ وَعَمَلُهُمْ عَلَيْهِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا حَتَّى لَوْ فَرَضْنَا أَنَّهُ لَا رِوَايَةَ فِي الدُّخُولِ أَصْلًا يَنْبَغِي أَنْ يُفْتَى بِالدُّخُولِ لِمَا فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّ كَلَامَ الْوَاقِفِينَ يُحْمَلُ عَلَى مُتَعَارَفِهِمْ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعُرْفَ وَاخْتِلَافَ الزَّمَانِ مُعْتَبَرٌ فِي تَغَيُّرِ بَعْضِ الْأَحْكَامِ وَلِهَذَا كَثِيرًا مَا تَرَاهُمْ يَقُولُونَ فِي بَعْضِ خِلَافِيَّاتِ أَصْحَابِ الْإِمَامِ لَهُ إنَّ هَذَا اخْتِلَافُ عَصْرٍ وَزَمَانٍ لَا دَلِيلٍ وَبُرْهَانٍ وَنَظِيرُهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَتَغَدَّى فَالْغَدَاءُ فِي عُرْفِهِمْ مِنْ الضَّحْوَةِ وَفِي عُرْفِنَا مِنْ الزَّوَالِ فَلَيْسَ فِي حَمْلِ الْيَمِينِ عَلَى عُرْفِنَا مُخَالَفَةٌ لِأَصْلِ الْمَذْهَبِ وَكَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَسَائِلِ.
وَتَقَدَّمَ فِي صَدْرِ الْكِتَابِ عَنْ الْقُنْيَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُفْتِي وَلَا لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَا عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَيَتْرُكَا الْعُرْفَ أَيْ فِيمَا لَا يُخَالِفُ النَّصَّ كَمَا ذَكَرْنَا هُنَاكَ وَالْعُرْفُ فِي مَسْأَلَتِنَا مُوَافِقٌ لَنَصَّ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ كَمَا تَلَوْنَا وَلِوَضْعِ اللُّغَةِ كَمَا قَرَّرْنَا وَلِظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا نَقَلْنَا وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ عُرْفَ النَّاسِ كَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَوْ أَرَادُوا إخْرَاجَ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ مِنْ الْوَقْفِ يَقُولُونَ عَلَى أَوْلَادِ الصُّلْبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا جَرَمَ أَنَّ قَاضِيَ الْقُضَاةِ نُورَ الدِّينِ الطَّرَابُلُسِيَّ جَنَحَ إلَى رِوَايَةِ الدُّخُولِ وَوَافَقَهُ الْعَلَّامَةُ الشَّلَبِيُّ وَابْنُ الشِّحْنَةِ وَابْنُ نُجَيْمٍ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَلَمَّا قَصَرَ الْعَلَّامَةُ الطَّرَسُوسِيُّ وَالْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ نَظَرَهُمَا عَلَى مُجَرَّدِ الرِّوَايَةِ قَالَا مَا قَالَا وَلَوْ لُحِظَا مَا قُلْنَاهُ لَمَا خَالَفَاهُ لِأَنَّ مَا اسْتَنَدَا إلَيْهِ مِنْ النُّقُولِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُتَعَارَفْ خِلَافُهُ لِمَا قُلْنَاهُ وَلِمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ أَنَّ مُطْلَقَ الْكَلَامِ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ يَنْصَرِفُ إلَى الْمُتَعَارَفِ. اهـ.
وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ مُخَالِفًا لِأَصْلِ اللُّغَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّا لَوْ حَمَلْنَا كَلَامَهُ عَلَى اللُّغَةِ وَخَالَفْنَا عُرْفَهُ لَكِنَّا أَلْزَمْنَاهُ بِمَا لَمْ يَقْصِدْهُ.
كَمَا لَوْ أَوْصَى لِصِهْرِهِ مَثَلًا وَفِي عُرْفِهِ أَنَّ الصِّهْرَ اسْمٌ لِزَوْجِ الْبِنْتِ وَنَحْوِهَا مِنْ مَحَارِمِهِ مَعَ أَنَّ الصِّهْرَ فِي عُرْفِ اللُّغَوِيِّينَ وَالْفُقَهَاءِ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ عِرْسِهِ فَلَوْ حَمَلْنَا الصِّهْرَ عَلَيْهِ لَزِمَ دَفْعُ الْمَالِ إلَى غَيْرِ مَنْ أَرَادَهُ الْمُوصِي وَمِثْلُهُ الْوَقْفُ وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى وَلَدِي وَنَسْلِي وَلَهُ وَلَدٌ وَوَلَدُ وَلَدٍ دَخَلُوا فِي الْوَقْفِ لِأَنَّ النَّسْلَ يَتَضَمَّنُ الْقَرِيبَ وَالْبَعِيدَ الْقَرِيبَ بِحَقِيقَتِهِ وَالْبَعِيدَ بِحُكْمِ الْعُرْفِ إلَخْ فَانْظُرْ كَيْفَ أُدْخِلَ بِالْعُرْفِ مَا لَمْ يَدْخُلْ فِي حَقِيقَةِ اللَّفْظِ فَعُلِمَ أَنَّ مَا قَالُوا إنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ الْمُفْتَى بِهِ لَا يُخَالِفُ مَا قُلْنَا وَاَلَّذِي يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّي أَنَّ هَذَا هُوَ الْحَقُّ وَلَا نِزَاعَ لِأَحَدٍ فِيهِ بَلْ يَقْبَلُهُ وَيَرْتَضِيهِ كُلُّ فَقِيهٍ نَبِيهٍ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ الَّذِي لَا تَكَادُ تَجِدُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَحَيْثُ أَتَيْنَا بِخُلَاصَةِ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَزِدْنَا عَلَيْهِ مَا هُوَ أَنْفَعُ الْوَسَائِلِ مِنْ دُرَرِ الْقَلَائِدِ وَفَرَائِدِ الْفَوَائِدِ وَأَتَيْنَا مِنْهَا بِأُمَّهَاتِهَا وَحَرَّرْنَا مِنْهَا أَجَلَّ مُهِمَّاتِهَا فَلْيَكُنْ فِي هَذَا الْقَدْرِ كِفَايَةٌ لِذَوِي الدِّرَايَةِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.