فصل: كِتَابُ الدَّعْوَى:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العقود الدرية في تنقيح الفتاوي الحامدية



.كِتَابُ الدَّعْوَى:

(سُئِلَ) فِي الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ فِي ضِمْنِ عَقْدٍ فَاسِدٍ هَلْ يَمْنَعُ الدَّعْوَى؟
(الْجَوَابُ): لَا يَمْنَعُ الدَّعْوَى بِهِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ مَعْزِيًّا لِلْبَزَّازِيَّةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى خَارِجٌ عَلَى مُتَوَلِّي وَقْفِ ذِي يَدٍ عَلَى حَانُوتِ الْوَقْفِ بِأَنَّ الْبِنَاءَ الْمَوْجُودَ بِهَا الْقَائِمَ بِأَرْضِهَا الْجَارِيَةِ فِي الْوَقْفِ لَهُ بَنَاهُ وَكِيلُهُ فُلَانٌ لَهُ فِي الْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ وَطَالَبَهُ بِرَفْعِ يَدِهِ عَنْ الْبِنَاءِ الْمَزْبُورِ فَأَجَابَ الْمُتَوَلِّي بِأَنَّ الْبِنَاءَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ بَنَاهُ هُوَ بِمَالِ الْوَقْفِ لِلْوَقْفِ بَعْدَ انْهِدَامِ بِنَائِهَا الْأَوَّلِ الَّذِي كَانَ لِلْخَارِجِ الْمَذْكُورِ وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً شَرْعِيَّةً عَلَى دَعْوَاهُ فَهَلْ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ الْحَالُ مَا ذَكَرَ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ؛ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ إثْبَاتًا عَلَى مَا عُرِفَ كَمَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى وَلِأَنَّ الْبِنَاءَ يُعَادُ وَيَتَكَرَّرُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا وَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ فِي دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَمَا كَانَ سَبَبُهُ يَتَكَرَّرُ كَمَا فِي الْمُلْتَقَى وَالْمِنَحِ وَالْبَحْرِ وَالدُّرَرِ وَالزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهَا وَفِي الْمُحِيطِ وَلَوْ كَانَتْ الْمُنَازَعَةُ فِي دَارٍ وَأَقَامَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا دَارُهُ يُقْضَى بِهَا لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ يَكُونُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَلَمْ يَكُنْ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ فَيُقْضَى بِهِ لِلْخَارِجِ. اهـ.
(أَقُولُ) وَتَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِعَيْنِهَا فِي الشَّهَادَاتِ فِي مَسَائِلَ تَعَارُضِ الْبَيِّنَاتِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا مُلَخَّصَةً مِنْ كِتَابِ الشَّيْخِ غَانِمٍ الْبَغْدَادِيِّ وَأَنَّ هَذَا هُوَ الْمُفْتَى بِهِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ فِي أَوَّلِ بَابِ مَا يَدِّعِيهِ الرَّجُلَانِ أَنَّ دَعْوَى الْوَقْفِ مِنْ قَبِيلِ دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ بِاعْتِبَارِ مِلْكِ الْوَاقِفِ وَذَكَرَ مِنْ ذَلِكَ مَسَائِلَ فَرَاجِعْهُ فَمَا اشْتَهَرَ عَلَى الْأَلْسِنَةِ أَنَّ بَيِّنَةَ الْوَقْفِ مُقَدَّمَةٌ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ أَوْ هُوَ عَلَى خِلَافِ الْمُفْتَى بِهِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا سُرِقَتْ لِزَيْدٍ دَابَّةٌ مَعْلُومَةٌ ثُمَّ وَجَدَهَا بِيَدِ عَمْرٍو فَادَّعَاهَا لَدَى الْقَاضِي بِمُقْتَضَى أَنَّهَا جَارِيَةٌ فِي مِلْكِهِ بِطَرِيقِ الشِّرَاءِ مِنْ بَكْرٍ وَأَنَّهَا فُقِدَتْ مِنْهُ مُنْذُ كَذَا وَأَجَابَ عَمْرٌو بِأَنَّهُ ابْتَاعَهَا مِنْ رَجُلٍ سَمَّاهُ وَجَحَدَ دَعْوَى زَيْدٍ فَأَثْبَتَ زَيْدٌ دَعْوَاهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ فِي وَجْهِ عَمْرٍو وَحَكَمَ لَهُ الْقَاضِي بَعْدَمَا حَلَفَ زَيْدٌ بِاَللَّهِ أَنَّ الدَّابَّةَ الْمَذْكُورَةَ لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ بِبَيْعٍ وَلَا بِهِبَةٍ وَلَا بِوَجْهٍ مِنْ سَائِرِ الْوُجُوهِ الشَّرْعِيَّةِ وَأَنَّهَا بَاقِيَةٌ فِي مِلْكِهِ إلَى يَوْمِ تَارِيخِهِ وَلَمْ يُثْبِتْ عَمْرٌو دَعْوَاهُ فَهَلْ يَكُونُ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ وَاقِعًا مَوْقِعَهُ الشَّرْعِيَّ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ بِيَدِ زَيْدٍ عَقَارٌ مُتَصَرِّفٌ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى أَرْبَعِينَ سَنَةً بِلَا مُعَارِضٍ وَلَا مُنَازِعٍ وَعَمْرٌو مُطَّلِعٌ عَلَى تَصَرُّفِهِ الْمَذْكُورِ وَلَمْ يَدَّعِ بِذَلِكَ عَلَى زَيْدٍ وَلَا مَنَعَهُ مِنْ الدَّعْوَى مَانِعٌ شَرْعِيٌّ فَهَلْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى زَيْدٍ وَلَا دَعْوَى وَارِثِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَيُتْرَكُ فِي يَدِ الْمُتَصَرِّفِ؛ لِأَنَّ الْحَالَ شَاهِدٌ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى وَقَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَهْلِ الْفَتْوَى لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بَعْدَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ سَنَةً إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي غَائِبًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا وَلَيْسَ لَهُمَا وَلِيٌّ أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَمِيرًا جَائِرًا يُخَافُ مِنْهُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمَبْسُوطِ تَرَكَ الدَّعْوَى ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَلَمْ يَكُنْ مَانِعٌ مِنْ الدَّعْوَى ثُمَّ ادَّعَى لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الدَّعْوَى مَعَ التَّمَكُّنِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحَقِّ ظَاهِرًا. اهـ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ تَصَرَّفَ فِي أَرْضٍ زَمَانًا وَرَجُلٌ آخَرُ يَرَى تَصَرُّفَهُ فِيهَا ثُمَّ مَاتَ الْمُتَصَرِّفُ وَلَمْ يَدَّعِ الرَّجُلُ حَالَ حَيَاتِهِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَذَكَرَ فِي الْفَتَاوَى الْمَعْرُوفَةِ مَنْ لَهُ دَعْوَى فِي دَارِ رَجُلٍ فَلَمْ يُخَاصِمْ ثَلَاثَ سِنِينَ وَهُوَ فِي الْمِصْرِ بَطَلَ حَقُّهُ إلَّا أَنَّ هَذَا مَهْجُورٌ فَلَا يَنْفُذُ فِيهِ قَضَاءُ قَاضٍ فَإِنْ رَفَعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ فَإِنَّ الثَّانِيَ يُبْطِلُ قَضَاءَ الْأَوَّلِ وَيَجْعَلُ الْمُدَّعِيَ عَلَى حَقِّهِ وَكَذَا الْمَرْأَةُ إذَا لَمْ تُخَاصِمْ سِنِينَ وَلَمْ تَطْلُبْ الْمَهْرَ الْمَفْرُوضَ كَذَا فِي قَاضِي خَانْ جَامِعُ الْفَتَاوَى مِنْ أَوَّلِ كِتَابِ الدَّعْوَى لَكِنْ فِي حَاوِي الزَّاهِدِيِّ مِنْ الدَّعْوَى أَنَّ الرِّوَايَةَ فِي عَدَمِ سَمَاعِهَا مِنْهُ بَعْدَ تَرْكِهَا ثَلَاثَ سِنِينَ فِي الْأَرَاضِي الْمَوْقُوفَةِ وَالْمُسَبَّلَةِ وَمَا يَحْتَاجُ فِي بَقَائِهِ إلَى الْإِنْفَاقِ وَالْمَرَمَّةِ إلَى أَنْ قَالَ لَكِنْ أَفْتَى الْمُتَأَخِّرُونَ بِذَلِكَ فِيمَا بَعْدَ ثَلَاثِينَ سَنَةً فِي كُلِّهَا لِكَوْنِهَا أَوْسَطَ الرِّوَايَاتِ الثَّلَاثِ وَخَيْرُ الْأُمُورِ أَوْسَطُهَا وَلِكَوْنِ كُلِّهَا مُسْتَوِيَةً فِي مِلْكِ اللَّهِ تَعَالَى. اهـ.
وَارْجِعْ إلَى الْحَاوِي فِي هَذَا الْمَحَلِّ فَإِنَّ فِيهِ فَوَائِدَ جَمَّةً وَقَدْ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَمُفْتِي الْأَنَامِ عَبْدُ اللَّهِ أَفَنْدِي الْمُفْتِي الْعَامُّ بِالْمَمَالِكِ الْعُثْمَانِيَّةِ عَلَى سُؤَالٍ رُفِعَ إلَيْهِ بِمَا صُورَتُهُ فِي بَعْضِ عَقَارٍ فِي يَدِ زَيْدٍ يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِطَرِيقِ الْمِلْكِ بِالشِّرَاءِ الشَّرْعِيِّ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً وَبَعْدَ مَوْتِهِ تَصَرَّفَ فِيهِ وَرَثَتُهُ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ وَالْآنَ قَامَ مُتَوَلِّي وَقْفٍ يُرِيدُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ ذَلِكَ الْعَقَارَ مِنْ مُسْتَغَلَّاتِ الْوَقْفِ وَأَتَى بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِدَعْوَاهُ فَهَلْ لِلْقَاضِي أَنْ يَنْزِعَ الْعَقَارَ لِلْوَقْفِ مِنْ يَدِ الْوَرَثَةِ بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ أَجَابَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَتَبَهُ عَبْدُ اللَّهِ الْفَقِيرُ عُفِيَ عَنْهُ.
وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا سَمِعَ الْقَاضِي تِلْكَ الشَّهَادَةَ وَحَكَمَ بِنَزْعِ الْعَقَارِ لِلْوَقْفِ مِنْ يَدِ الْوَرَثَةِ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً فَهَلْ يَنْفُذُ حُكْمُهُ وَتُعْتَبَرُ حُجَّتُهُ أَمْ لَا وَمَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الْقَاضِي أَجَابَ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ وَلَا تُعْتَبَرُ حُجَّتُهُ وَيُعْزَلُ كَتَبَهُ عَبْدُ اللَّهِ الْفَقِيرُ عُفِيَ عَنْهُ. اهـ.
وَلَا سِيَّمَا بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى تَصَرُّفِ زَيْدٍ الْمَذْكُورِ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ قَالَ فِي فَتَاوَى الْوَلْوَالِجِيِّ رَجُلٌ تَصَرَّفَ زَمَانًا فِي أَرْضٍ وَرَجُلٌ آخَرُ رَأَى الْأَرْضَ وَالتَّصَرُّفَ وَلَمْ يَدَّعِ وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ تُسْمَعْ بَعْدَ ذَلِكَ دَعْوَى وَلَدِهِ فَتُتْرَكُ عَلَى يَدِ الْمُتَصَرِّفِ؛ لِأَنَّ الْحَالَ شَاهِدٌ. اهـ.
وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْهَادِي وَعَلَيْهِ اعْتِمَادِي. (أَقُولُ) وَالْحَاصِلُ مِنْ هَذِهِ النُّقُولِ أَنَّ الدَّعْوَى بَعْدَ مُضِيِّ ثَلَاثِينَ سَنَةً أَوْ بَعْدَ ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ لَا تُسْمَعُ إذَا كَانَ التَّرْكُ بِلَا عُذْرٍ مِنْ الْأَعْذَارِ الْمَارَّةِ؛ لِأَنَّ تَرْكَهَا هَذِهِ الْمُدَّةِ مَعَ التَّمَكُّنِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحَقِّ ظَاهِرًا كَمَا مَرَّ عَنْ الْمَبْسُوطِ وَإِذَا كَانَ الْمُدَّعِي نَاظِرًا أَوْ مُطَّلِعًا عَلَى تَصَرُّفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَى أَنْ مَاتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَى وَرَثَتِهِ كَمَا مَرَّ عَنْ الْخُلَاصَةِ.
وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْمُدَّعِي لَا تُسْمَعُ دَعْوَى وَرَثَتِهِ كَمَا مَرَّ عَنْ الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَوْتَ لَيْسَ بِقَيْدٍ وَأَنَّهُ لَا تَقْدِيرَ بِمُدَّةٍ مَعَ الِاطِّلَاعِ عَلَى التَّصَرُّفِ لِمَا ذَكَرَهُ فِي تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ وَشَرْحِهِ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى آخِرَ الْكِتَابِ بَاعَ عَقَارًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ ثَوْبًا وَابْنُهُ أَوْ امْرَأَتُهُ أَوْ غَيْرُهُمَا مِنْ أَقَارِبِهِ حَاضِرٌ يَعْلَمُ بِهِ ثُمَّ ادَّعَى الِابْنُ مَثَلًا أَنَّهُ مِلْكُهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ كَذَا أَطْلَقَهُ فِي الْكَنْزِ وَالْمُلْتَقَى وَجَعَلَ سُكُوتَهُ كَالْإِفْصَاحِ قَطْعًا لِلتَّزْوِيرِ وَالْحِيَلِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنَّ سُكُوتَهُ وَلَوْ جَارًا لَا يَكُونُ رِضًا إلَّا إذَا سَكَتَ الْجَارُ وَقْتَ الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ وَتَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِيهِ زَرْعًا وَبِنَاءً فَحِينَئِذٍ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى قَطْعًا لِلْأَطْمَاعِ الْفَاسِدَةِ. اهـ.
وَقَوْلُهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ أَيْ دَعْوَى الْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ جَارًا كَمَا فِي حَاشِيَةِ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ عَلَى الْمِنَحِ وَأَطَالَ فِي تَحْقِيقِهِ فِي فَتَاوِيهِ الْخَيْرِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى فَقَدْ جَعَلُوا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُجَرَّدَ السُّكُوتِ عِنْدَ الْبَيْعِ مَانِعًا مِنْ دَعْوَى الْقَرِيبِ وَنَحْوِهِ كَالزَّوْجَةِ بِلَا تَقْيِيدٍ بِاطِّلَاعٍ عَلَى تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي كَمَا أَطْلَقَهُ فِي الْكَنْزِ وَالْمُلْتَقَى.
وَأَمَّا دَعْوَى الْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ جَارًا فَلَا يَمْنَعُهَا مُجَرَّدُ السُّكُوتِ عِنْدَ الْبَيْعِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الِاطِّلَاعِ عَلَى تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يُقَيِّدُوهُ بِمُدَّةٍ وَلَا بِمَوْتٍ كَمَا تَرَى؛ لِأَنَّ مَا يَمْنَعُ صِحَّةَ دَعْوَى الْمُورِثِ يَمْنَعُ صِحَّةَ دَعْوَى الْوَارِثِ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ كَمَا فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ وَغَيْرِهِ فَتَأَمَّلْ ثُمَّ إنَّ مَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْوَلْوَالِجِيَّةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ غَيْرُ قَيْدٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ جَارًا بَلْ مُجَرَّدُ الِاطِّلَاعِ عَلَى التَّصَرُّفِ مَانِعٌ مِنْ الدَّعْوَى وَإِنَّمَا فَائِدَةُ التَّقْيِيدِ بِالْبَيْعِ هِيَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْأَجْنَبِيِّ فَإِنَّ الْقَرِيبَ لِلْبَائِعِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ إذَا سَكَتَ عِنْدَ الْبَيْعِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ إذَا اطَّلَعَ عَلَى تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي وَسَكَتَ فَالْمَانِعُ لِدَعْوَاهُ هُوَ السُّكُوتُ عِنْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى التَّصَرُّفِ لَا السُّكُوتُ عِنْدَ الْبَيْعِ فَلِأَجْلِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا صَوَّرُوا الْمَسْأَلَةَ بِالْبَيْعِ وَوَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا مَعَ تَمَامِ بَيَانِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُحَرَّرٌ فِي حَوَاشِينَا رَدِّ الْمُحْتَارِ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ ثُمَّ رَأَيْت فِي فَتَاوَى الْمَرْحُومِ الْعَلَّامَةُ الْغَزِّيُّ صَاحِبُ التَّنْوِيرِ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ.
وَنَصُّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ لَهُ بَيْتٌ فِي دَارٍ يَسْكُنُهُ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ وَلَهُ جَارٌ بِجَانِبِهِ وَالرَّجُلُ الْمَذْكُورُ يَتَصَرَّفُ فِي الْبَيْتِ الْمَذْكُورِ هَدْمًا وَعِمَارَةً مَعَ اطِّلَاعِ جَارِهِ عَلَى تَصَرُّفِهِ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ إذَا ادَّعَى الْبَيْتَ أَوْ بَعْضَهُ بَعْدَمَا ذَكَرَ مِنْ تَصَرُّفِ الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ فِي الْبَيْتِ هَدْمًا وَبِنَاءً فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ أَمْ لَا أَجَابَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ.
فَانْظُرْ كَيْفَ أَفْتَى بِمَنْعِ سَمَاعِهَا مِنْ غَيْرِ الْقَرِيبِ بِمُجَرَّدِ التَّصَرُّفِ مَعَ عَدَمِ سَبْقِ الْبَيْعِ وَبِدُونِ مُضِيِّ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ عَدَمَ سَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ مُضِيِّ ثَلَاثِينَ سَنَةً أَوْ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى التَّصَرُّفِ لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى بُطْلَانِ الْحَقِّ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ مَنْعٍ لِلْقُضَاةِ عَنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى مَعَ بَقَاءِ الْحَقِّ لِصَاحِبِهِ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ بِهِ الْخَصْمُ يَلْزَمُهُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ حُكْمًا بِبُطْلَانِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ وَيَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ تَعْلِيلُهُمْ لِلْمَنْعِ بِقَطْعِ التَّزْوِيرِ وَالْحِيَلِ كَمَا مَرَّ فَلَا يَرِدُ مَا فِي قَضَاءِ الْأَشْبَاهِ مِنْ أَنَّ الْحَقَّ لَا يَسْقُطُ بِتَقَادُمِ الزَّمَانِ.
ثُمَّ رَأَيْت التَّصْرِيحَ بِمَا قُلْنَاهُ فِي الْبَحْرِ قُبَيْلَ فَصْلِ دَفْعِ الدَّعْوَى وَلَيْسَ أَيْضًا مَبْنِيًّا عَلَى الْمَنْعِ السُّلْطَانِيِّ كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ بَلْ هُوَ حُكْمٌ اجْتِهَادِيٌّ نَصَّ عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ كَمَا رَأَيْت فَاغْتَنِمْ تَحْرِيرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَإِنَّهُ مِنْ مُفْرَدَاتِ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الْمُنْعِمِ الْوَهَّابِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ ثُلُثَا دَارٍ مَعْلُومَةٍ جَارُ ثُلُثِهَا الْآخَرِ فِي مِلْكِ عَمْرٍو وَزَيْدٌ سَاكِنٌ وَمُتَصَرِّفٌ فِي ثُلُثَيْهَا بِطَرِيقِ الْمِلْكِ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى عِشْرِينَ سَنَةً حَتَّى مَاتَ عَنْ أَوْلَادٍ تَصَرَّفُوا فِي ذَلِكَ بَعْدَهُ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ عَنْهُ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً كُلُّ ذَلِكَ بِلَا مُعَارِضٍ لَهُمْ فِي ذَلِكَ وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْهُ وَالْآنَ قَامَ بَكْرٌ يَدَّعِي ثُلُثًا مِنْ الثُّلُثَيْنِ الْمَزْبُورَيْنِ أَنَّهُ كَانَ لِأَبِيهِ الْمُتَوَفَّى مِنْ مُدَّةِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً وَمَضَتْ هَذِهِ الْمُدَّةُ وَهُوَ بَالِغٌ وَلَمْ يَدَّعِ ذَلِكَ عَلَى أَوْلَادِ زَيْدٍ وَلَا عَلَى زَيْدٍ وَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ الدَّعْوَى بِذَلِكَ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ وَالْكُلُّ فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَوْلَادُ زَيْدٍ يُنْكِرُونَ ذَلِكَ فَهَلْ تَكُونُ دَعْوَى بَكْرٍ الْمَذْكُورَةُ غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ تَكُونُ غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ لِلنَّهْيِ السُّلْطَانِيِّ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ بِيَدِ ذِمِّيٍّ حَانُوتٌ مَعْلُومَةٌ مُتَصَرِّفٍ فِيهَا بِطَرِيقِ الْمِلْكِ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى عِشْرِينَ سَنَةً بِلَا مُعَارِضٍ وَلَا مُنَازِعٍ حَتَّى هَلَكَ عَنْ وَرَثَةٍ تَصَرَّفُوا فِي الْحَانُوتِ الْمَزْبُورَةِ نَحْوَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَالْآنَ قَامَ ذِمِّيٌّ آخَرُ يُعَارِضُ الْوَرَثَةَ فِي الْحَانُوتِ الْمَذْكُورَةِ مُدَّعِيًا أَنَّهَا كَانَتْ لِعَمَّتِهِ الْهَالِكَةِ عَنْهُ مِنْ مُدَّةِ عِشْرِينَ سَنَةً وَالْوَرَثَةُ يُنْكِرُونَ ذَلِكَ وَمَضَتْ هَذِهِ الْمُدَّةُ وَالْمُدَّعِي الْمَذْكُورُ بَالِغٌ حَاضِرٌ مَعَهُمْ فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ يَدَّعِ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَلَا مَنَعَهُ مِنْ الدَّعْوَى مَانِعٌ شَرْعِيٌّ أَصْلًا فَهَلْ تَكُونُ دَعْوَى الْمُدَّعِي بِذَلِكَ عَلَى الْوَرَثَةِ غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ لِلْمَنْعِ السُّلْطَانِيِّ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِجَمَاعَةٍ دَارٌ سَاكِنِينَ فِيهَا وَمُتَصَرِّفِينَ بِهَا بِطَرِيقِ الْمِلْكِ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى عِشْرِينَ سَنَةً بِلَا مُعَارِضٍ لَهُمْ وَالْآنَ قَامَ رَجُلٌ يَدَّعِي عَلَيْهِمْ بِحِصَّةٍ فِي الدَّارِ وَهُمْ يُنْكِرُونَ وَمَضَتْ هَذِهِ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَدَّعِ ذَلِكَ بِلَا مَانِعٍ شَرْعِيٍّ وَالْكُلُّ مُقِيمُونَ بِبَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ فَهَلْ تَكُونُ دَعْوَاهُ غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ لِلْمَنْعِ السُّلْطَانِيِّ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَا تُسْمَعُ إلَّا بِأَمْرٍ سُلْطَانِيٍّ حَيْثُ خَصَّصَ السُّلْطَانُ نَصَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْقَضَاءَ بِذَلِكَ وَأَمَرَ بِعَدَمِ سَمَاعِهَا. (أَقُولُ) مُقْتَضَى مَا مَرَّ عَنْ الْخُلَاصَةِ الْوَلْوَالِجِيَّةِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ آنِفًا عَدَمُ السَّمَاعِ مَعَ الِاطِّلَاعِ عَلَى التَّصَرُّفِ بِنَاءً وَزَرْعًا وَنَحْوَهُمَا بِدُونِ مَنْعٍ سُلْطَانِيٍّ لَكِنْ مَعَ وُجُودِ الْمَنْعِ السُّلْطَانِيِّ لَا يَنْفُذُ الْحُكْمُ أَصْلًا لَوْ سَمِعَ الْقَاضِي الْمَمْنُوعُ هَذِهِ الدَّعْوَى لِكَوْنِهِ مَعْزُولًا عَنْ سَمَاعِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُوجَدْ الْمَنْعُ الْمَذْكُورُ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ كَلَامَهُمْ السَّابِقَ فِيمَا يَمْنَعُ سَمَاعَ الدَّعْوَى يُفِيدُ عَدَمَ صِحَّةِ الدَّعْوَى وَمَعْلُومٌ أَنَّ صِحَّةَ الدَّعْوَى شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْقَضَاءِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَمْنُوعًا مِنْ جِهَةِ السُّلْطَانِ الَّذِي وَلَّاهُ الْقَضَاءَ فَتَأَمَّلْ.
(سُئِلَ) فِيمَا لَوْ مَنَعَ السُّلْطَانُ عَزَّ نَصْرُهُ قُضَاتَهُ فِي جَمِيعِ وِلَايَتِهِ أَنْ يَسْمَعُوا دَعْوَى مَضَى عَلَيْهَا خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ شَرْعِيٍّ سِوَى الْوَقْفِ وَمَالِ الْيَتِيمِ وَالْغَائِبِ فَإِذَا ادَّعَى أَحَدٌ بَعْدَ هَذِهِ الْمُدَّةِ وَلَمْ يَمْنَعْهُ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ وَسَمِعَ الْقَاضِي دَعْوَاهُ وَحَكَمَ بِذَلِكَ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ سَمَاعُهَا وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ كَثِيرُونَ مِنْ الْعُلَمَاءِ النَّحَارِيرِ مِنْهُمْ الْوَالِدُ وَالْعَمُّ وَالْعَلَّامَةُ الْجَدُّ وَالْفَهَّامَةُ ابْنُ نُجَيْمٍ وَالْمُدَقِّقُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَالْمُحَقِّقُ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الْغَزِّيُّ التُّمُرْتَاشِيُّ وَجَوَابُهُ نَظْمًا صُورَتُهُ لَا يَمْلِكُ الْقَاضِي سَمَاعَ خُصُومَةٍ لِلْعَزْلِ فِيهَا وَهُوَ أَمْرٌ مُشْتَهَرْ وَمُحَمَّدُ الْغَزِّيُّ قَالَ جَوَابَهُ يَرْجُو الثَّوَابَ مِنْ الْعَزِيزِ الْمُقْتَدِرْ وَأَجَابَ كَذَلِكَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الْعَامِرِيُّ الْمُفْتِي الشَّافِعِيُّ بِالشَّامِّ وَالشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الْمُفْتِي الْحَنْبَلِيُّ وَالشَّيْخُ أَسْعَدُ الْمُفْتِي الْمَالِكِيُّ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ يُرِيدُ الدَّعْوَى عَلَى زَيْدٍ بِمِيرَاثِ أُمِّهِ الْمُتَوَفَّاةِ مِنْ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَزَيْدٌ يَجْحَدُ وَمَضَتْ هَذِهِ الْمُدَّةُ مِنْ بُلُوغِهِ رَشِيدًا وَلَمْ يَدَّعِ بِذَلِكَ وَلَا مَنَعَهُ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ وَهُمَا مُقِيمَانِ فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ فَهَلْ تَكُونُ دَعْوَاهُ بِذَلِكَ غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ لِلْمَنْعِ السُّلْطَانِيِّ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَالْقَضَاءُ يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ وَتَقْيِيدُهُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَاسْتِثْنَاءُ بَعْضِ الْخُصُومَاتِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَعَلَى هَذَا لَوْ أَمَرَ السُّلْطَانُ بِعَدَمِ سَمَاعِ الدَّعْوَى لَا تُسْمَعُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ سَمَاعُهَا أَشْبَاهٌ وَفِيهَا الْحَقُّ لَا يَسْقُطُ بِتَقَادُمِ الزَّمَانِ قَذْفًا أَوْ قِصَاصًا أَوْ حَقًّا لِعَبْدِ كَذَا فِي لِعَانِ الْجَوْهَرَةِ.
وَقَالَ مُحَشِّيهَا الْفَاضِلُ السَّيِّدُ أَحْمَدُ الْحَمَوِيُّ بَعْدَ هَذَا الْمَحَلِّ بِوَرَقَتَيْنِ أَخْبَرَنِي أُسْتَاذِي شَيْخُ الْإِسْلَامِ يَحْيَى أَفَنْدِي الشَّهِيرُ بِالْمِنْقَارِيِّ أَنَّ السَّلَاطِينَ الْآنَ يَأْمُرُونَ قُضَاتَهُمْ فِي جَمِيعِ وِلَايَاتِهِمْ أَنْ لَا يَسْمَعُوا دَعْوَى بَعْدَ مُضِيِّ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً سِوَى الْوَقْفِ وَالْإِرْثِ. اهـ.
وَمُقْتَضَى مَا أَفْتَى بِهِ الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ أَنَّ الْإِرْثَ غَيْرُ مُسْتَثْنًى فَإِنَّهُ سُئِلَ فِيمَا إذَا تَعَذَّرَتْ الدَّعْوَى لِغَيْبَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ وُجِدَتْ بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً هَلْ تُسْمَعُ بَعْدَهَا أَوْ لَا أَجَابَ نَعَمْ تُسْمَعُ؛ لِأَنَّ السُّلْطَانَ نَصَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِيمَا اشْتَهَرَ عَنْهُ أَنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْ الْمَنْعِ ثَلَاثَ مَسَائِلَ مِنْ الدَّعَاوَى تُسْمَعُ بَعْدَ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ: مَالَ الْيَتِيمِ وَالْوَقْفَ وَالْغَائِبَ وَمِنْ الْمُقَرَّرِ أَنَّ التَّرْكَ لَا يَتَأَتَّى مِنْ الْغَائِبِ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ لِعَدَمِ تَأَتِّي الْجَوَابِ مِنْهُ بِالْغَيْبَةِ وَالْعِلَّةِ خَشْيَةَ التَّزْوِيرِ وَلَا تَتَأَتَّى بِالْغَيْبَةِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ غَيْبَةِ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ. اهـ.
كَلَامُ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ سَمَاعِ دَعْوَى الْإِرْثِ بَعْدَ هَذِهِ الْمُدَّةِ لِعَدَمِ ذِكْرِهَا فِي الْمُسْتَثْنَيَاتِ مِنْ الْمَنْعِ وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْحَمَوِيِّ وَقَدْ كَتَبَ أَحْمَدُ أَفَنْدِي الْمِهْمَنْدَارِي عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْئِلَةٍ بِأَنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَى الْإِرْثِ وَلَا يَمْنَعُهَا طُولُ الْمُدَّةِ.
وَأَمَّا مَا أَفْتَى بِهِ الْعَلَّامَةُ أَبُو السُّعُودِ أَفَنْدِي وَصَاحِبُ الْبَيْتِ كَمَا قِيلَ أَدْرَى فَهَذِهِ صُورَتُهُ (مِيرَاثه مُتَعَلِّق اللي التمش ييل بِعُذْرٍ شَرْعِيٍّ ترك أَوْ لنان دعوى بِلَا أَمْرِ استماع أَوْ لنورمي الجواب أَوْ لنو عذر قوي أَوْ ليحق) فَقَيَّدَهَا كَمَا تَرَى بِالْعُذْرِ وَهَذَا فِي سَائِرِ الدَّعَاوَى وَكَتَبَ أَحْمَدُ أَفَنْدِي الْمِهْمَنْدَارِي عَلَى سُؤَالٍ آخَرَ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ وَصُورَتُهُ فِيمَنْ تَرَكَتْ دَعْوَاهَا الْإِرْثَ عَلَى زَيْدٍ بَعْدَ بُلُوغِهَا خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً بِلَا عُذْرٍ فَهَلْ تَكُونُ دَعْوَاهَا الْمَذْكُورَةُ عَلَيْهِ غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ إلَّا بِأَمْرٍ سُلْطَانِيٍّ أَجَابَ تَكُونُ دَعْوَاهَا الْمَذْكُورَةُ عَلَيْهِ غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ إلَّا بِأَمْرٍ سُلْطَانِيٍّ وَالْحَالَةُ هَذِهِ. اهـ.
(اون بش ييل بِغَيْرِ عذر شَرْعِيٍّ ترك أَوْ لنان مِيرَاثه مُتَعَلِّق دعوى بِلَا أَمَرَ استماع أَوْ لنورمي الْجَوَابُ: خَصْم حَقِّي بَاقِي أيد وكنه مُعْتَرَف دكل أيسه أَوْ لنماز أَبُو السُّعُودِ أَفَنْدِي). (أَقُولُ) وَقَدْ صَرَّحَ الْعَلَائِيُّ قُبَيْلَ بَابِ التَّحْكِيمِ بِاسْتِثْنَاءِ الْوَقْفِ وَالْإِرْثِ وَوُجُودِ الْعُذْرِ الشَّرْعِيِّ ثُمَّ قَالَ وَبِهِ أَفْتَى الْمُفْتِي أَبُو السُّعُودِ. اهـ.
وَعَلَيْهِ فَتُسْمَعُ دَعْوَى الْإِرْثِ لَكِنْ نَقَلَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْمُنْلَا عَلِيٌّ عَنْ فَتَاوَى عَلِيٍّ أَفَنْدِي مُفْتِي الرُّومِ عَدَمَ سَمَاعِهَا وَصُورَتُهُ (أون بش سنه بِلَا عذر ترك أَوْ لنان مَيْرَا دعوا سي بِلَا أَمَرَ مسموعه أَوْ لَوْ رَمْي الجواب أَوْ لماز ا هـ).
وَنَقَلَ مِثْلَهُ شَيْخُ مَشَايِخِنَا السَّائِحَانِيُّ عَنْ فَتَاوَى عَبْدِ اللَّهِ أَفَنْدِي فَقَدْ اضْطَرَبَ كَلَامُهُمْ كَمَا تَرَى فِي مَسْأَلَةِ الْإِرْثِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَارَةً وَرَدَ أَمْرٌ مَعَ اسْتِثْنَائِهَا وَتَارَةً بِدُونِهِ وَبَقِيَ هُنَا شَيْءٌ قَدَّمْنَا بَعْضًا مِنْهُ فِي بَابِ الرِّدَّةِ وَالتَّعْزِيرِ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا أَمَرَ السُّلْطَانُ قُضَاتَهُ بِشَيْءٍ ثُمَّ مَاتَ ذَلِكَ السُّلْطَانُ وَوُلِّيَ غَيْرُهُ يَحْتَاجُ الثَّانِي إلَى أَمْرٍ جَدِيدٍ لِيَجْرِيَ عَلَى قُضَاتِهِ مَا جَرَى عَلَى قُضَاةِ الْأَوَّلِ وَقَدْ رَأَيْت ذَلِكَ فِي فَتَاوَى الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ حَيْثُ قَالَ فِي كِتَابِ أَدَبِ الْقَاضِي مَا نَصُّهُ سُئِلَ فِيمَا لَوْ مَنَعَ السُّلْطَانُ قُضَاتَهُ عَنْ سَمَاعِ مَا مَضَى عَلَيْهِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً مِنْ الدَّعَاوَى هَلْ يَسْتَمِرُّ ذَلِكَ أَبَدًا أَمْ لَا أَجَابَ لَا يَسْتَمِرُّ ذَلِكَ أَبَدًا بَلْ إذَا أَطْلَقَ السَّمَاعَ لِلْمَمْنُوعِ بَعْدَ الْمَنْعِ جَازَ وَكَذَا لَوْ وُلِّيَ غَيْرُهُ وَأَطْلَقَ لَهُ ذَلِكَ يَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ فَيَسْمَعُ كُلَّ دَعْوَى وَكَذَا لَوْ مَاتَ السُّلْطَانُ وَوُلِّيَ سُلْطَانٌ غَيْرُهُ فَوَلَّى قَاضِيًا وَلَمْ يَمْنَعْهُ بَلْ أَطْلَقَ لَهُ قَائِلًا وَلَّيْتُك لِتَقْضِيَ بَيْنَ النَّاسِ جَازَ لَهُ سَمَاعُ كُلِّ دَعْوَى إذَا أَتَى الْمُدَّعِي بِشَرَائِطِ صِحَّتِهَا الشَّرْعِيَّةِ الْمُقَرَّرَةِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَاضِيَ وَكِيلٌ عَنْ السُّلْطَانِ وَالْوَكِيلُ يَسْتَفِيدُ التَّصَرُّفَ مِنْ مُوَكِّلِهِ فَإِذَا خَصَّصَ لَهُ تَخَصَّصَ وَإِذَا عَمَّمَ تَعَمَّمَ وَالْقَضَاءُ يَتَخَصَّصُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالْحَوَادِثِ وَالْأَشْخَاصِ وَإِذَا اخْتَلَفَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْمَنْعِ وَالْإِطْلَاقِ فَالْمَرْجِعُ هُوَ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ وُجُوبَ سَمَاعِ الدَّعْوَى وَعَدَمَهُ خَاصٌّ بِهِ لَا تَعَلُّقَ لِلْمُتَدَاعَيَيْنِ بِهِ فَإِذَا قَالَ مَنَعَنِي السُّلْطَانُ عَنْ سَمَاعِهَا لَا يُنَازَعُ فِي ذَلِكَ.
وَإِذَا قَالَ أَطْلَقَ لِي سَمَاعَهَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَا لَمْ يُثْبِتْ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ الْمَنْعَ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ لِخَصْمِهِ فَيَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ الْحُكْمِ لِأَنَّهُ لَيْسَ قَاضِيًا فِيمَا مُنِعَ عَنْهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الرَّعِيَّةِ فِي ذَلِكَ وَإِذَا أَتَاهُ خَبَرٌ بِالْمَنْعِ مِنْ عَدْلٍ أَوْ كِتَابٍ أَوْ رَسُولٍ عَمِلَ بِهِ كَمَا يَعْمَلُ بِالْمُشَافَهَةِ مِنْ السُّلْطَانِ وَمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْهُ وَعَلِمَ أَحْكَامَ الْوَكِيلِ اسْتَخْرَجَ مَسَائِلَ كَثِيرَةً تَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْمَبْحَثِ وَهَانَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ وَانْكَشَفَ لَهُ الْحَالُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ.
كَلَامُ الْعَلَّامَةِ خَيْرِ الدِّينِ وَهُوَ كَلَامٌ رَصِينٌ مَتِينٌ وَحِينَئِذٍ فَإِذَا كَانَ سُلْطَانُ زَمَانَنَا نَصَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى نَهَى كُلَّ قَاضٍ وَلَّاهُ عَنْ سَمَاعِ دَعْوَى الْمِيرَاثِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ غَيْرِهَا أَيْضًا بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً لَزِمَهُمْ ذَلِكَ وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُمْ إذَا خَالَفُوا وَكَذَا لَوْ نَهَى الْبَعْضَ دُونَ الْبَعْضِ فَيَلْزَمُ مَنْ نَهَاهُ وَأَمَّا بِدُونِ النَّهْيِ فَالْقَضَاءُ مُطْلَقٌ فَيَصِحُّ حُكْمُهُمْ فِي جَمِيعِ الدَّعَاوَى وَلَوْ بَعْدَ هَذِهِ الْمُدَّةِ مَا لَمْ يَمْضِ عَلَيْهَا ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً فَحِينَئِذٍ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى كَمَا مَرَّ عَنْ الْمَبْسُوطِ فَإِنْ قُلْت قَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ السُّلْطَانِ أَوْ خَلْعِهِ كَمَا مَرَّ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ الْخَلِيفَةَ نَائِبٌ عَنْ الْمُسْلِمِينَ فِي تَقْلِيدِهِ لِلْقُضَاةِ وَالْمُسْلِمُونَ عَلَى حَالِهِمْ فَلَا يَنْعَزِلُ الْقَاضِي بِمَوْتِ النَّائِبِ يَعْنِي السُّلْطَانَ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ يَبْقَى بَعْدَ مَوْتِ مُوَلِّيهِ عَلَى حَالِهِ فَإِذَا كَانَ مُوَلِّيهِ نَهَاهُ عَنْ شَيْءٍ يَبْقَى نَهْيُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ.
قُلْت هَذَا مُسَلَّمٌ فِي نَفْسِ ذَلِكَ الْقَاضِي الَّذِي نُهِيَ عَنْ شَيْءٍ ثُمَّ مَاتَ مُوَلِّيهِ وَلَيْسَ كَلَامُنَا فِيهِ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي قَاضٍ آخَرَ وَلَّاهُ السُّلْطَانُ الْآخَرُ وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْ شَيْءٍ فَهَذَا الْقَاضِي الْجَدِيدُ لَا يَكُونُ مَنْهِيًّا بِنَهْيِ السُّلْطَانِ السَّابِقِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَنْصُوبًا مِنْ جِهَتِهِ عَلَى أَنَّ السُّلْطَانَ الْوَاحِدَ إذَا نَهَى قَاضِيًا وَأَطْلَقَ لِقَاضٍ آخَرَ لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي الْآخَرُ مَنْهِيًّا بِنَهْيِ سُلْطَانِهِ لِلْقَاضِي الْأَوَّلِ فَإِنْ قُلْت قَدْ ذَكَرَ الْعَلَّامَةُ الْحَمَوِيُّ فِي حَوَاشِي الْأَشْبَاهِ أَنَّهُ قَدْ عُلِمَ مِنْ عَادَتْهُمْ يَعْنِي سَلَاطِينَ بَنِي عُثْمَانَ نَصَرَهُمْ الرَّحْمَنُ أَنَّهُ إذَا تَوَلَّى سُلْطَانٌ عُرِضَ عَلَيْهِ قَانُونُ مَنْ قَبْلَهُ وَأُخِذَ أَمْرُهُ بِاتِّبَاعِهِ. اهـ.
قُلْت الَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ كَوْنَهُ مَأْمُورًا بِاتِّبَاعِ مَنْ قَبْلَهُ مَعْنَاهُ أَنْ يُقَرِّرَ مَا فَعَلُوهُ وَيَمْشِيَ عَلَى قَانُونِهِمْ الَّذِي رَتَّبُوهُ وَيَأْمُرَ بِمَا أَمَرُوا بِهِ وَيَنْهَى عَمَّا نَهَوْا عَنْهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ تَصِيرَ قُضَاتُهُ مَأْمُورِينَ أَوْ مَنْهِيِّينَ بِمُجَرَّدِ تَوْلِيَتِهِ لَهُمْ تَوْلِيَةً غَيْرَ مُقَيَّدَةٍ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا وَلَّى قَاضِيًا يَقُولُ لَهُ وَلَّيْتُك كَذَا أَوْ نَهَاك عَنْ كَذَا حَتَّى يَكُونَ جَارِيًا عَلَى قَانُونِ مَنْ قَبْلَهُ كَمَا اشْتَهَرَ عَنْهُ أَنَّهُ حِينَ يُوَلِّي الْقَاضِي يَأْمُرُهُ فِي مَنْشُورِهِ بِاتِّبَاعِ أَصَحِّ الْأَقْوَالِ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ كَعَادَةِ غَيْرِهِ مِنْ السَّلَاطِينِ الْمَاضِينَ.
فَلِذَا لَوْ حَكَمَ الْقَاضِي بِخِلَافِ الْأَصَحِّ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ وَلَوْلَا أَمْرُهُ بِذَلِكَ لَنَفَذَ وَإِنْ خَالَفَ قَانُونَ مَنْ قَبْلَهُ بَلْ لَوْ أَمَرَهُ بِأَمْرٍ مُخَالِفٍ لِقَانُونِ مَنْ قَبْلَهُ فَالظَّاهِرُ نُفُوذُهُ وَلُزُومُ اتِّبَاعِهِ حَيْثُ وَافَقَ قَانُونَ الشَّرْعِ الْقَوِيمِ فَهَذَا مَا ظَهَرَ لِفَهْمِي السَّقِيمِ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى أَخَوَاتُ زَيْدٍ عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِنَّ مِنْ دَارِ أَبِيهِنَّ الْمُتَوَفَّى مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَهُوَ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّ الدَّارَ مُخَلَّفَةٌ لَهُمْ عَنْ أَبِيهِمْ فَهَلْ تُسْمَعُ الدَّعْوَى؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقِرًّا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَلَوْ طَالَتْ الْمُدَّةُ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْعَلَّامَةُ أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ وَصُورَتُهُ (يكرمي ييل مقداري ترك أَوْ لنان دعوى خَصْم مُقِرًّا وليجق استماع أَوْ لنورمي الجواب أَوْ لنور ا هـ).
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَرَكَ زَيْدٌ دَعْوَاهُ عَلَى عَمْرٍو بِحَقٍّ لَهُ مُدَّةَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَلَمْ يَدَّعِ زَيْدٌ عَلَيْهِ بِذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي بَلْ طَالَبَهُ بِذَلِكَ مِرَارًا فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ وَيُرِيدُ زَيْدٌ الْآنَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ مُتَعَلِّلًا بِأَنَّهُ مَا تَرَكَ الدَّعْوَى فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ أَمْ لَا؟
(الْجَوَابُ): قَالَ فِي الْمِنَحِ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى وَشَرْطُهَا أَيْ شَرْطُ جَوَازِ الدَّعْوَى مَجْلِسُ الْقَاضِي فَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى فِي مَجْلِسِ غَيْرِهِ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ جَوَابُهُ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الدُّرَرِ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ وَمِنْهَا مَجْلِسُ الْقَضَاءِ فَلَا تُسْمَعُ هِيَ وَالشَّهَادَةُ إلَّا بَيْنَ يَدَيْ الْحَاكِمِ. اهـ.
فَمُقْتَضَى هَذِهِ النُّقُولِ الْمُعْتَبَرَةِ أَنَّ دَعْوَاهُ غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ وَلَا عِبْرَةَ بِتَعَلُّلِهِ بِأَنِّي مَا تَرَكْت فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ لِعَدَمِ شَرْطِ الدَّعْوَى وَهُوَ كَوْنُهَا عِنْدَ الْقَاضِي فَافْهَمْ وَلْيَكُنْ عَلَى ذُكْرٍ مِنْك فَإِنَّهُ قَدْ تَكَرَّرَ السُّؤَالُ عَنْهَا بَلْ صَرِيحُ فَتْوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ أَفَنْدِي أَنَّهُ إذَا ادَّعَى عِنْدَ الْقَاضِي مِرَارًا وَلَمْ يُفَصِّلْ الْقَاضِي الدَّعْوَى وَمَضَتْ الْمُدَّةُ الْمَزْبُورَةُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ الدَّعْوَى عِنْدَ الْقَاضِي وَصُورَةُ فَتْوَاهُ (زَيْد عمرو أيله مِقْدَارًا قجه بِهِ مُتَعَلِّق دعوا سي أَوْ لمغله زَيْد هرايكي أوج سنه ده بركره مبلغ مزبوري قَاضِي حُضُور نده دعوى يدوب لكن دعو الرِّيّ فَصَلِّ أَوْ لنميوب بِرّ وَجَهْله أون بش سنه مُرُورًا يلسه حَالًا زَيْد مبلغ مزبوري عمرو دن دعوى أيلسه عُمْرًا ون بش سنه مُرُورًا يتمك أيله دعواك مسموعه مَا ولما زديو زيدي دعوا دن منعه قادرا وَلَوْ رَمْي الجواب أَوْ لمار).
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ رَجُلٌ عَنْ ابْنٍ حَاضِرٍ فِي بَلْدَتِهِ وَعَنْ أَوْلَادٍ غَيْرِهِ غَائِبِينَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ وَخَلَّفَ تَرِكَةً فِي بَلَدِهِ وَضَعَ الْحَاضِرُ يَدَهُ عَلَيْهَا كُلِّهَا وَجْهٌ شَرْعِيٌّ وَمَضَى لِذَلِكَ مُدَّةُ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَمَاتَ الْآنَ عَنْ أَوْلَادٍ وَتَرِكَةٍ بِيَدِهِمْ ثُمَّ حَضَرَ إخْوَتُهُ وَيُرِيدُونَ الدَّعْوَى عَلَى أَوْلَادِ أَخِيهِمْ بِمَا يَخُصُّهُمْ مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِمْ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ يَسُوغُ لِلْإِخْوَةِ الْغَائِبِينَ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ يَسُوغُ لَهُمْ ذَلِكَ حَيْثُ مَنَعَهُمْ مِنْ الدَّعْوَى مَانِعٌ شَرْعِيٌّ وَهُوَ الْغَيْبَةُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ بِيَدِ زَيْدٍ وَأَخِيهِ عَمْرٍو مِشَدُّ مَسَكَةٍ فِي أَرْضٍ وَقْفٍ سَلِيخَةٍ يَزْرَعَانِهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ وَيَدْفَعَانِ مَا عَلَيْهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَمَضَى لِذَلِكَ مُدَّةٌ تَزِيدُ عَلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً بِلَا مُعَارِضٍ حَتَّى مَاتَ عَمْرٌو وَالْآنَ قَامَتْ أُخْتُ زَيْدٍ تُعَارِضُهُ وَتُعَارِضُ ابْنَ أَخِيهِ فِي مِشَدِّ الْأَرْضِ الْمَزْبُورَةِ مُدَّعِيَةً أَنَّ لَهَا بَعْضَهُ إرْثًا عَنْ أَبِيهِ وَالْكُلُّ فِي قَرْيَةٍ وَاحِدَةٍ فَهَلْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَا تُسْمَعُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَرَكَ الْوَرَثَةُ الدَّعْوَى عَلَى زَيْدٍ بِدَيْنٍ لِمُورِثِهِمْ الْمُتَوَفَّى مُنْذُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَكَانَ فِيهِمْ قَاصِرٌ بَلَغَ الْآنَ رَشِيدًا وَيُرِيدُ الدَّعْوَى عَلَى زَيْدٍ بِقَدْرِ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الدَّيْنِ فَهَلْ يَسُوغُ لَهُ ذَلِكَ دُونَ الْبَالِغِينَ لِلْمَنْعِ السُّلْطَانِيِّ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي بِنَاءِ حَوَانِيتَ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ قَائِمٍ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فِي أَرْضِ وَقْفِ بِرٍّ مُحْتَكَرَةٍ وَنُظَّارُ وَقْفِ الْبِنَاءِ وَاضِعُونَ يَدِهِمْ عَلَيْهِ وَمُتَصَرِّفُونَ فِيهِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَيَدْفَعُونَ مُحَاكَرَةَ الْأَرْضِ وَهِيَ أَجْرُ مِثْلِهَا لِلْمُتَوَلِّينَ عَلَى وَقْفِ الْبِرِّ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى سِتِّينَ سَنَةً إلَى الْآنَ بِلَا مُعَارِضٍ وَلَا مُنَازِعٍ لَهُمْ فِي ذَلِكَ وَالْآنَ قَامَ مُتَوَلِّي وَقْفِ الْبِرِّ يُكَلِّفُ نَاظِرَ الْوَقْفِ الْأَهْلِيِّ إظْهَارَ حُجَّةِ احْتِكَارٍ وَاحْتِرَامٍ تَشْهَدُ لِجِهَةِ الْوَقْفِ الْأَهْلِيِّ بِذَلِكَ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟
(الْجَوَابُ): يَعْمَلُ بِوَضْعِ يَدِ نُظَّارِ الْوَقْفِ الْأَهْلِيِّ الْمَذْكُورِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ فِي الْبِنَاءِ الْمَذْكُورِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ وَلَا يُكَلِّفُ النَّاظِرُ الْمَرْقُومَ إلَى مَا ذَكَرَ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ الْمَرْقُومَةِ إلَّا بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ إذْ لَا يُنْزَعُ شَيْءٌ مِنْ يَدِ أَحَدٍ إلَّا بِحَقٍّ ثَابِتٍ مَعْرُوفٍ وَقَالَ الْمُؤَلِّفُ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ آخَرَ يَعْمَلُ بِوَضْعِ الْيَدِ وَلَا يُكَلَّفُ إلَى إظْهَارِ كِتَابِ احْتِرَامٍ وَإِذْنٍ وَقَدْ نَقَلَ عُلَمَاؤُنَا أَنَّ أَقْصَى مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الْمِلْكِ الْيَدُ وَذَكَرَ عُمْدَةُ الْفُقَهَاءِ السَّرَّاجُ الْحَانُوتِيُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلسُّلْطَانِ تَكْلِيفُ النَّاسِ إلَى إثْبَاتِ مَا بِأَيْدِيهِمْ بِالْبَيِّنَةِ وَلَوْ كَلَّفَهُمْ ذَلِكَ لَمَا بَقِيَ مِلْكٌ فِي يَدِ أَحَدٍ وَقَالُوا أَيْضًا إنَّ الْيَدَ وَالتَّصَرُّفَ الْمُدَدَ الْمُتَطَاوِلَةَ دَلِيلُ الِاسْتِحْقَاقِ ظَاهِرًا وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو يُوسُفَ فِي كِتَابِ الْخَرَاجِ كَمَا نَقَلَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ نُجَيْمٍ فِي أَشْبَاهِهِ إنَّهُ لَا يُنْزَعُ شَيْءٌ مِنْ يَدِ أَحَدٍ إلَّا بِحَقٍّ ثَابِتٍ مَعْرُوفٍ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ مُحَمَّدٌ الْعِمَادِيُّ الْمُفْتِي بِدِمَشْقِ الشَّامِ وَكَتَبَ جَوَابِي كَذَلِكَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الْعَامِرِيُّ الْمُفْتِي الشَّافِعِيُّ وَالشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ التَّغْلِبِيُّ الْحَنْبَلِيُّ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بِيَدِهِ دَارٌ بِطَرِيقِ الشِّرَاءِ مُتَصَرِّفٍ بِهَا مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً بِلَا مُعَارِضٍ وَالْآنَ قَامَ نَاظِرُ وَقْفٍ يَدَّعِي جَرَيَانَ حِصَّةٍ مِنْهَا فِي الْوَقْفِ وَذُو الْيَدِ مُنْكِرٌ لِذَلِكَ وَهُمَا فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ يَمْنَعْ مِنْ الدَّعْوَى مَانِعٌ شَرْعِيٌّ فَهَلْ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى الْمَذْكُورَةُ بَعْدَ الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْبَحْرِ وَجَامِعِ الْفَتَاوَى.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ يَدَّعِي عَلَى آخَرَ بِأَنَّهُ قَتَلَ مُوَرِّثَهُ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى عِشْرِينَ سَنَةً وَلَمْ يَمْنَعْهُ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ فَهَلْ تَكُونُ دَعْوَاهُ غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ؟
(الْجَوَابُ): إذَا تَرَكَ دَعْوَى الْقِصَاصِ بِلَا عُذْرٍ شَرْعِيٍّ عِشْرِينَ سَنَةً لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْمَوْلَى شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ أَفَنْدِي مُفْتِي السَّلْطَنَةِ الْعَلِيَّةِ كَمَا هُوَ مَسْطُورٌ فِي فَتَاوِيهِ الْمَشْهُورَةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا لَوْ مَنَعَ السُّلْطَانُ نَصَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَاضِيَ بَلْدَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ سَمَاعِ دَعْوَى فُلَانٍ الْمُتَعَلِّقَةِ بِوَقْفِ كَذَا إلَّا فِي إسْلَامْبُول فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَنْعِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) الرَّحِيمِيُّ فِيمَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ بِدَارِ وَقْفٍ أَنَّهَا مِلْكُهُ بِالْإِرْثِ وَكَانَ قَدْ مَضَى عَلَى تَرْكِ هَذِهِ الدَّعْوَى خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَهُوَ قَرِيبُ الْوَاقِفِ يَعْلَمُ بِالْوَقْفِ وَهُمَا فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ (أَجَابَ) لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بِدُونِ أَمْرٍ شَرِيفٍ وَعَلَى تَقْدِيرِ وُرُودِ الْأَمْرِ بِالسَّمَاعِ فَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ الْفِقْهُ أَنَّهُ يُمْنَعُ أَيْضًا حَيْثُ وَقَفَ الْوَاقِفُ وَسَلَّمَ وَقَرِيبُهُ حَاضِرٌ يَعْلَمُ كَمَا إذَا بَاعَ وَهُوَ حَاضِرٌ يَعْلَمُ قَطْعًا لِلْأَطْمَاعِ الْفَاسِدَةِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى عِشْرِينَ سَنَةً ثُمَّ مَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ فَجَاءَتْ تَدَّعِي أَنَّ لَهَا بِذِمَّتِهِ مُؤَخَّرَ صَدَاقِهَا وَالْوَرَثَةُ يُنْكِرُونَ ذَلِكَ وَلَمْ يَمْنَعْهَا مِنْ الدَّعْوَى بِذَلِكَ مَانِعٌ وَهُمْ فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ فَهَلْ تَكُونُ دَعْوَى الْمَرْأَةِ بِذَلِكَ غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ لِلنَّهْيِ السُّلْطَانِيِّ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو غِرَاسُ كَرْمٍ مَعْلُومٍ جَارٍ فِي مِلْكِهِمَا وَقَائِمٌ فِي أَرْضِ وَقْفٍ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَهُمَا وَاضِعَانِ يَدَهُمَا عَلَيْهِ وَمُتَصَرِّفَانِ بِهِ وَيَدْفَعَانِ مَا عَلَى أَرْضِهِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً بِطَرِيقِ الْإِرْثِ عَنْ وَالِدِهِمَا كُلُّ ذَلِكَ بِدُونِ مُعَارِضٍ لَهُمَا فِي ذَلِكَ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ وَالْآنَ قَامَتْ امْرَأَةٌ تَدَّعِي حِصَّةً فِي الْغِرَاسِ وَالْكُلُّ فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ تَدَّعِ عَلَيْهِمَا قَبْلُ وَلَا مَنَعَهَا مِنْ الدَّعْوَى بِذَلِكَ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ وَهُمَا يُنْكِرَانِ ذَلِكَ فَهَلْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمَرْأَةِ الْمَزْبُورَةِ بِذَلِكَ وَتُمْنَعُ مِنْ مُعَارَضَتِهِمَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي صَكٍّ حَاصِلُ مَا فِيهِ أَنَّ زَيْدًا عَمَّرَ فِي دَارِ كَذَا الْجَارِيَةِ فِي وَقْفِ كَذَا وَفِي تَوَاجِرِهِ مِنْ نُظَّارِ الْوَقْفِ عِمَارَةً ضَرُورِيَّةً بِإِذْنِهِمْ وَأَنَّهُ صَرَفَ فِي ذَلِكَ مَبْلَغًا قَدْرُهُ كَذَا وَأَثْبَتَهُ فِي وَجْهِ النُّظَّارِ الْمَذْكُورِينَ لَدَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ بَعْدَ اعْتِرَافِهِمْ بِالْإِذْنِ وَإِنْكَارِهِمْ لِلتَّعْمِيرِ وَالْقَدْرِ الْمَصْرُوفِ ثُمَّ مَضَى لِذَلِكَ مُدَّةٌ تَزِيدُ عَلَى عِشْرِينَ سَنَةً وَيُرِيدُ زَيْدٌ الدَّعْوَى عَلَى النُّظَّارِ بِالْمَبْلَغِ مُسْتَنِدًا لِلصَّكِّ الْمَزْبُورِ فَهَلْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ حَيْثُ لَمْ يَدَّعِ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَا مَنَعَهُ مِنْ الدَّعْوَى مَانِعٌ شَرْعِيٌّ لِلْمَنْعِ السُّلْطَانِيِّ أَمْ لَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ حَيْثُ الْحَالُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ لِلْمَنْعِ السُّلْطَانِيِّ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِي أَرْضَيْنِ مُتَلَاصِقَتَيْنِ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا نَهْرٌ صَغِيرٌ يَسْقِيهِمَا وَيَسْقِي غَيْرَهُمَا جَارِيَةٍ إحْدَاهُمَا فِي وَقْفِ زَيْدٍ وَالْأُخْرَى فِي وَقْفِ عَمْرٍو وَكُلٌّ مِنْهُمَا حَامِلَةٌ لِغِرَاسٍ قَائِمٍ بِهَا وَبِحَافَّتَيْ النَّهْرِ مِنْ جِهَةِ كُلِّ أَرْضٍ مِنْهُمَا وَكُلٌّ مِنْ نُظَّارِ الْوَقْفَيْنِ مُتَصَرِّفٌ فِي أَرْضِ وَقْفِهِ وَغِرَاسِهَا فَوَضَعَ نَاظِرُ وَقْفِ زَيْدٍ يَدَهُ عَلَى حَافَّةِ النَّهْرِ وَغِرَاسِهَا الَّتِي فِي جِهَةِ الْأَرْضِ الثَّانِيَةِ زَاعِمًا أَنَّهُمَا تَبَعٌ لِأَرْضِ وَقْفِ زَيْدٍ وَلَمْ يَسْبِقْ لَهُ وَلَا لِمَنْ قَبْلَهُ مِنْ نُظَّارِ وَقْفِهِ وَضْعُ يَدٍ وَلَا تَصَرُّفٌ فِي ذَلِكَ أَصْلًا وَلِنَاظِرِ وَقْفِ عَمْرٍو بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ تَشْهَدُ بِجَرَيَانِ ذَلِكَ فِي وَقْفِ عَمْرٍو وَأَنَّهُ تَابِعٌ لِأَرْضِهِ وَأَنَّهُ وَمَنْ قَبْلَهُ مِنْ النُّظَّارِ مُتَصَرِّفُونَ فِي ذَلِكَ لِجِهَةِ وَقْفِ عَمْرٍو فَهَلْ إذَا أَقَامَهَا تُقْبَلُ وَتُرْفَعُ يَدُ نَاظِرِ وَقْفِ زَيْدٍ عَنْ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي بُسْتَانَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا جَارٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا مَجْرَى مَاءٍ يَسْقِي أَرْضَ الْبُسْتَانَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَنُظَّارُ أَحَدِهِمَا وَاضِعُونَ أَيْدِيهمْ وَمُتَصَرِّفُونَ فِي مُسَنَّاةِ الْمَجْرَى مِنْ الْجِهَتَيْنِ وَفِي الْغِرَاسِ الْقَائِمِ بِهِمَا مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ إلَى الْآنَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ بِلَا مُعَارِضٍ وَلَا مُنَازِعٍ وَفِيمَا يَلِي الْمُسَنَّاةِ الَّتِي جِهَةُ الْبُسْتَانِ الْآخَرِ سِيَاجٌ قَدِيمٌ فَاصِلٌ بَيْنَ الْمُسَنَّاةِ وَالْبُسْتَانِ وَالْآنَ يَدَّعِي نَاظِرُ الْبُسْتَانِ الْآخَرُ أَنَّ الْمُسَنَّاةَ تَابِعَةٌ لِبُسْتَانِهِ مَعَ الْغِرَاسِ الْقَائِمِ بِهَا مُتَعَلِّلًا بِكَوْنِهَا فِي جِهَتِهِ وَبِكَوْنِهِ أَعْلَى مِنْ الْأُخْرَى وَلَمْ يَسْبِقْ لَهُ وَلَا لِمَنْ قَبْلَهُ وَضْعُ يَدٍ وَلَا تَصَرُّفٌ فِي ذَلِكَ أَصْلًا وَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْآخَرُ فَهَلْ يُعْمَلُ بِوَضْعِ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ بَعْدَ ثُبُوتِهِمَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ يُعْمَلُ بِوَضْعِ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَلَا عِبْرَةَ بِالتَّعَلُّلِ الْمَذْكُورِ حَيْثُ كَانَ الْحَالُ مَا ذَكَرَ وَالْمَسْأَلَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْمُلْتَقَى مِنْ كِتَابِ الشُّرْبِ.
(سُئِلَ) فِي مُسَنَّاةِ أَرْضَيْنِ إحْدَاهُمَا أَرْفَعُ مِنْ الْأُخْرَى وَعَلَى الْمُسَنَّاةِ أَشْجَارٌ لَا يُعْرَفُ غَارِسُهَا فَالْقَوْلُ لِمَنْ مِنْ أَرْبَابِ الْأَرْضِينَ؟
(الْجَوَابُ): قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ فِي فَصْلِ الْمُعَامَلَةِ مُسَنَّاةٌ بَيْنَ أَرْضَيْنِ إحْدَاهُمَا أَرْفَعُ مِنْ الْأُخْرَى وَعَلَى الْمُسَنَّاةِ أَشْجَارٌ لَا يُعْرَفُ غَارِسُهَا قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ إنْ كَانَ الْمَاءُ يَسْتَقِرُّ فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى بِدُونِ الْمُسَنَّاةِ وَلَا يَحْتَاجُ فِي إمْسَاكِ الْمَاءِ إلَى الْمُسَنَّاةِ كَانَ الْقَوْلُ فِي الْمُسْنَاةِ قَوْلُ صَاحِبِ الْأَرْضِ الْعُلْيَا مَعَ يَمِينِهِ وَإِذَا كَانَ الْقَوْلُ فِي الْمُسَنَّاةِ قَوْلَهُ كَانَتْ الْأَشْجَارُ لَهُ مَا لَمْ يُقِمْ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ السُّفْلَى تَحْتَاجُ فِي إمْسَاكِ الْمَاءِ إلَى الْمُسَنَّاةِ كَانَتْ الْمُسَنَّاةُ وَمَا عَلَيْهَا مِنْ الْأَشْجَارِ بَيْنَهُمَا. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ فِي نَوْعِ نَقْضِ الْقِسْمَةَ فَحَصَلَ بِمَا ذَكَرْنَا الْجَوَابُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ قَلَعَ تَالَةً إنْسَانٍ وَغَرَسَهَا وَرَبَّاهَا فَهِيَ لِلْغَارِسِ بِالْقِيمَةِ.
نَهْرٌ بَيْنَهُمَا ادَّعَيَا أَشْجَارَهُ النَّابِتَةَ فِي ضِفَّتِهِ إنْ عُلِمَ الْغَارِسُ فَهِيَ لَهُ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ خَاصٍّ لِأَحَدِهِمَا فَلِلْمَالِكِ وَإِنْ فِي مُشْتَرَكٍ فَبَيْنَهُمَا بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الْمُزَارَعَةِ.
(سُئِلَ) فِي قِطْعَةِ أَرْضٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ وَمُحْتَكَرَةٍ لِجِهَةِ وَقْفِ بِرٍّ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَلِوَقْفِ الْبِرِّ دِمْنَةُ مَاءٍ بِقَسَاطِلَ فِي الْأَرْضِ الْمَزْبُورَةِ يَجْرِي فِيهَا الْمَاءُ لِوَقْفِ الْبِرِّ فَضَعُفَ مَاؤُهَا الْأَصْلِيُّ فَاسْتَأْجَرَ الْمُتَوَلِّي لِجِهَةِ وَقْفِ الْبِرِّ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ مَجْرَى مَاءٍ وَأَرَادَ أَنْ يُجْرِيَهُ وَيَضُمَّهُ فِي الْقَسَاطِلِ الْمَزْبُورَةِ لِلْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ فِي ذَلِكَ فَعَارَضَهُ نَاظِرُ الْوَقْفِ الْأَهْلِيِّ فِي ذَلِكَ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ الْمُعَارَضَةُ وَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي جَمَاعَةٍ لَهُمْ قَاسَارِيَّةٌ بِهَا بِرْكَةُ مَاءٍ يَجْرِي إلَيْهَا مِنْ فَائِضِ بِرْكَةِ حَمَّامِ وَقْفٍ وَاضِعُونَ يَدِهِمْ وَمَنْ قَبْلَهُمْ مِنْ مُلَّاكِ الْقَاسَارِيَّةِ عَلَيْهَا وَعَلَى الْمَاءِ الْمَزْبُورِ وَمَجْرَاهُ وَمُتَصَرِّفُونَ فِي ذَلِكَ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى ثَمَانِينَ سَنَةً بِلَا مُعَارِضٍ وَالْآنَ قَامَ مُتَوَلِّي وَقْفِ الْحَمَّامِ يُكَلِّفُهُمْ دَفْعَ حِكْرٍ عَنْ الْمَاءِ وَمَجْرَاهُ لِلْوَقْفِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَلَمْ يَسْبِقْ لَهُ وَلَا لِمَنْ قَبْلَهُ مِنْ الْمُتَوَلِّينَ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَيْسَ بِيَدِهِ مُسْتَنَدٌ شَرْعِيٌّ فَهَلْ حَيْثُ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا ذُكِرَ لَا يَلْزَمُ الْمُلَّاكَ ذَلِكَ إلَّا بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَتْ هِنْدٌ وَصِيًّا عَلَى ابْنِهَا الْيَتِيمِ فَأَبْرَأَتْ عَمَّةَ الْيَتِيمَ عَنْ الدَّعَاوَى بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ عَنْ نَفْسِهَا وَكَانَ لِلْيَتِيمِ حُقُوقٌ وَأَعْيَانٌ عِنْدَ عَمَّتِهِ وَتُرِيدُ أُمُّهُ الدَّعْوَى بِهَا عَلَى عَمَّتِهِ بِطَرِيقِ الْوِصَايَةِ عَلَيْهِ وَأَخْذَهَا لَهُ مِنْهَا بِالْوِصَايَةِ عَلَيْهِ بَعْدَ الثُّبُوتِ فَهَلْ يَسُوغُ لَهَا ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَإِذَا أَبْرَأَ رَجُلًا عَنْ الدَّعَاوَى ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ مَالًا بِالْوَكَالَةِ أَوْ الْوِصَايَةِ يُقْبَلُ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الدَّعْوَى.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا سَاقَى زَيْدٌ عَمْرًا عَلَى غِرَاسِهِ الْمَعْلُومِ لِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ مُسَاقَاةً شَرْعِيَّةً وَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْمُسَاقَاةِ فَقَامَ عَمْرٌو يَدَّعِي حِصَّةً مَعْلُومَةً فِي الْغِرَاسِ الْمَزْبُورِ الْمُسَاقَى عَلَيْهِ فَهَلْ تَكُونُ دَعْوَى عَمْرٍو الْمِلْكِيَّةَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْجَارِ بَعْدَ ذَلِكَ غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ؟
(الْجَوَابُ): لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ بَعْدَ الْمُسَاقَاةِ الْمَذْكُورَةِ أَفْتَى بِذَلِكَ الشَّيْخُ الْحَانُوتِيُّ وَأَجَابَ فِي ضِمْنِ سُؤَالٍ بِقَوْلِهِ اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ وَسَاقَى عَلَى جَمِيعِ الْأَشْجَارِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْمِلْكِيَّةَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْجَارِ بَعْدَ ذَلِكَ لِلتَّنَاقُضِ إلَخْ. اهـ.
وَأَفْتَى بِمِثْلِهِ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ مُفْتِي دِمَشْقَ سَابِقًا كَمَا هُوَ مَسْطُورٌ فِي هَامِشِ فَتَاوِيهِ.
(سُئِلَ) فِي رُبْعِ مَزْرَعَةٍ مَعْلُومٍ جَارٍ فِي وَقْفِ بِرٍّ يَحُدُّهُ مِنْ الْقِبْلَةِ قِطْعَةُ أَرْضٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ يُؤَجِّرُهَا نَاظِرُهَا مِنْ جَمَاعَةٍ وَيَحُدُّهَا نُظَّارُهَا مِنْ الشَّمَالِ بِالْمَزْرَعَةِ الْمَذْكُورَةِ غَيْرَ أَنَّ مُتَوَلِّي وَقْفِ رُبْعِ الْمَزْرَعَةِ وَمَنْ قَبْلَهُ مِنْ الْمُتَوَلِّينَ يَتَنَاوَلُونَ قِسْمَ الرُّبْعِ مِنْ زُرَّاعِهِ وَمُتَصَرِّفُونَ فِيهِ مِنْ الرُّبْعِ الْمَذْكُورِ إلَى مَحَلٍّ مَعْلُومٍ فِي الْأَرْضِ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ إلَى الْآنَ بِلَا مُعَارِضٍ وَالْآنَ قَامَ نَاظِرُ الْأَرْضِ يُعَارِضُ فِي ذَلِكَ مُدَّعِيًا أَنَّ حَدَّ أَرْضِهِ الشَّمَالِيَّ وَرَاءَ الْمَحَلِّ الْمَزْبُورِ مِنْ الْمَزْرَعَةِ دَاخِلَهَا وَهُوَ قَطْعُ أَرَاضٍ مُسَمَّيَاتٍ فِي حُجَجِ إجَارَاتِ أَرْضِهِ وَالْحَالُ أَنَّ التَّصَرُّفَ الْقَدِيمَ لِلْمُتَوَلِّينَ عَلَى رُبْعِ الْمَزْرَعَةِ فِي حَدِّهَا إلَى الْمَحَلِّ الْمَزْبُورِ وَيَأْخُذُونَ قِسْمَ الزَّرْعِ كَمَا ذَكَرَ وَلَمْ يَسْبِقْ لِنُظَّارِ وَقْفِ الْأَرْضِ وَضْعُ يَدٍ وَلَا تَصَرُّفٌ شَرْعِيٌّ بِمَا يَدِّعِيهِ مِنْ الْحَدِّ الْمَذْكُورِ الْمُجَاوِزِ لِلْمَحَلِّ الْمَزْبُورِ فَهَلْ يُعْمَلُ بِتَصَرُّفِ الْمُتَوَلِّينَ عَلَى الرُّبْعِ الْمَذْكُورِ وَلَا يُلْتَفَتُ لِمُجَرَّدِ دَعْوَى الْآخَرِ حَيْثُ الْحَالُ مَا ذَكَرَ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ كَانَ الْمُتَوَلُّونَ وَاضِعِي أَيْدِيهِمْ وَمُتَصَرِّفِينَ بِرُبْعِ الْمَزْرَعَةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَزْبُورِ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ إلَى الْآنَ يُعْمَلُ بِوَضْعِ يَدِهِمْ وَتَصَرُّفِهِمْ بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا؛ لِأَنَّ وَضْعَ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفَ حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ وَلَا يُلْتَفَتُ لِمُجَرَّدِ دَعْوَى نَاظِرِ وَقْفِ الْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ حَيْثُ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ وَضْعُ يَدٍ وَلَا تَصَرُّفٌ فِي ذَلِكَ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ رَجُلٌ عَنْ ابْنٍ وَخَمْسِ بَنَاتٍ وَخَلَّفَ تَرِكَةً وَضَعَ الِابْنُ يَدَهُ عَلَيْهَا نَحْوَ عِشْرِينَ سَنَةً وَهُوَ مُقِرٌّ بِذَلِكَ وَيُرِيدُ الْبَنَاتُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِنَّ فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُنَّ وَتُرْفَعُ يَدُهُ عَنْ حِصَّتِهِنَّ؟
(الْجَوَابُ): تُسْمَعُ دَعْوَاهُنَّ عَلَيْهِ بِذَلِكَ حَيْثُ كَانَ مُقِرًّا بِذَلِكَ وَتُرْفَعُ يَدُهُ عَنْ حِصَّتِهِنَّ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ وَعَنْ أَوْلَادٍ بَالِغِينَ مِنْ غَيْرِهَا اخْتَلَفُوا مَعَهَا فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ صَالِحٍ لِلزَّوْجَيْنِ فَلِمَنْ الْقَوْلُ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ؟
(الْجَوَابُ): الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ لِلزَّوْجَةِ مَعَ يَمِينِهَا قَالَ فِي التَّنْوِيرِ مِنْ بَابِ التَّحَالُفِ وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَاخْتَلَفَ وَارِثُهُ مَعَ الْحَيِّ فِي الْمُشْكِلِ الصَّالِحِ لَهُمَا فَالْقَوْلُ فِيهِ لِلْحَيِّ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو لَدَى الْقَاضِي بِمَبْلَغِ دَيْنٍ مَعْلُومٍ وَطَالَبَهُ بِهِ فَأَجَابَ عَمْرٌو بِأَنَّ أَصْلَ الْمَبْلَغِ كَذَا وَأَنَّهُ دَفَعَ لِزَيْدٍ كَذَا وَكَذَا زَائِدًا عَنْ قَدْرِ الدَّيْنِ فَطَلَبَ مِنْ عَمْرٍو إثْبَاتَ مَا ادَّعَاهُ فَلَمْ يَثْبُتْ وَطَلَبَ يَمِينَ الْمُدَّعِي عَلَى عَدَمِ قَبْضِهِ مَا ذَكَرَ وَطَلَبَ مِنْهُ الْيَمِينَ مِرَارًا فَنَكَلَ وَلَمْ يَحْلِفْ فَمَنَعَهُ الْحَاكِمُ مِنْ مُعَارَضَةِ عَمْرٍو بِسَبَبِ الْمَبْلَغِ الْمُدَّعَى بِهِ فَهَلْ يَكُونُ الْمَنْعُ وَاقِعًا مَوْقِعَهُ الشَّرْعِيَّ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قُضِيَ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَالْقَضَاءُ مَاضٍ عَلَى حَالِهِ تَنْوِيرٌ مِنْ الدَّعْوَى وَمِثْلُهُ فِي الدُّرَرِ وَغَيْرِهِ وَمَتَى حَكَمَ الْقَاضِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْحَقِّ عِنْدَ النُّكُولِ لَمْ يَسْمَعْ بَعْد ذَلِكَ يَمِينَهُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالنُّكُولِ بِمَنْزِلَةِ الْحُكْمِ بِإِقْرَارِهِ وَالْقَاضِي إذَا سَمِعَ إقْرَارَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْحَقِّ لَمْ يَلْتَفِتْ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى إنْكَارِهِ كَذَلِكَ إذَا حَكَمَ بِنُكُولِهِ شَرْحُ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ مِنْ بَابِ النُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ أَوْلَادٍ بَالِغِينَ وَعَنْ زَوْجَتَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا سَاكِنَةٌ فِي بَيْتٍ فِيهِ أَمْتِعَةٌ عَلَى حِدَةٍ فَاخْتَلَفَتْ إحْدَاهُمَا وَالْأَوْلَادُ مَعَ الْأُخْرَى فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ الَّتِي هِيَ فِيهِ وَالْأَمْتِعَةُ مِمَّا يَصْلُحُ لِلزَّوْجَيْنِ فَهَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ لَهَا بِيَمِينِهَا فِي ذَلِكَ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ لِلْبَاقِينَ؟
(الْجَوَابُ): إذَا مَاتَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ وَاخْتَلَفَ وَارِثُهُ مَعَ الْحَيِّ مِنْهُمَا فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ الصَّالِحِ لَهُمَا فَالْقَوْلُ لِلْحَيِّ مِنْهُمَا بِيَمِينِهِ فِي ذَلِكَ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ لِلْبَاقِينَ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْيَدِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَغَيْرِهِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ رَجُلٌ عَنْ زَوْجَةٍ وَأُخْتٍ شَقِيقَةٍ وَابْنِ عَمِّ عَصَبَةٍ وَخَلَّفَ تَرِكَةً فَادَّعَتْ الزَّوْجَةُ مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ بِذِمَّةِ الْمَيِّتِ وَأَثْبَتَتْهُ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ لَدَى الْقَاضِي فِي وَجْهِ وَكِيلٍ عَامٍّ ثَابِتِ الْوَكَالَةِ عَنْ الْأُخْتِ ثُمَّ صَدَّقَ لَهَا الْوَكِيلُ الْمَزْبُورُ عَلَى ذَلِكَ وَأَقَرَّ بِهِ وَالْآنَ يَدَّعِي الْوَكِيلُ بِالْوَكَالَةِ أَنَّ الزَّوْجَةَ كَانَتْ أَبْرَأَتْ ذِمَّةَ الزَّوْجِ مِنْ الْمَبْلَغِ قَبْلَ تَصْدِيقِهِ وَإِقْرَارِهِ فَهَلْ حَيْثُ صَدَّقَ وَأَقَرَّ أَنَّ الدَّيْنَ بَاقٍ فِي التَّرِكَةِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْمَزْبُورَةُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْمَذْكُورَةُ بَعْدَ إقْرَارِهِ الْمَزْبُورِ لِلتَّنَاقُضِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَفِي فَتَاوَى الْأَنْقِرْوِيِّ عَنْ الْقُنْيَةِ التَّنَاقُضُ يَمْنَعُ الدَّعْوَى لِغَيْرِهِ كَمَا يَمْنَعُهُ لِنَفْسِهِ ب خ مَنْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ لِغَيْرِهِ فَكَمَا لَا يَمْلِكُ أَنْ يَدَّعِيَهُ لِنَفْسِهِ لَا يَمْلِكُ أَنْ يَدَّعِيَهُ لِغَيْرِهِ بِوَكَالَةٍ أَوْ وِصَايَةٍ قش وَصِيٌّ أَقَرَّ بِهِ لَهُ ثُمَّ ادَّعَاهُ لِلصَّغِيرِ لَا تُسْمَعُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ زَيْدٌ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ تَحْتَ أَيْدِيهِمْ فَادَّعَى عَمْرٌو دَيْنًا لَهُ بِذِمَّةِ زَيْدٍ الْمُتَوَفَّى عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ لَدَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ شَهِدَا لَهُ بِذَلِكَ لَدَى الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ فَحَكَمَ لَهُ بِذَلِكَ وَأَمَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِدَفْعِ الدَّيْنِ لِعَمْرٍو مِنْ التَّرِكَةِ فَدَفَعَ لَهُ بَعْضَهُ مِنْ غَيْرِ تَحْلِيفِ عَمْرٍو يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ ثُمَّ حَضَرَ وَارِثٌ آخَرُ وَادَّعَى عَلَى عَمْرٍو بِأَنَّ دَعْوَاهُ عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ وَطَالَبَهُ بِالْمَدْفُوعِ لِكَوْنِهِ أَخَذَهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ فَهَلْ يَكُونُ الدَّفْعُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ وَاقِعٍ مَوْقِعَهُ الشَّرْعِيَّ لِعَدَمِ الِاسْتِحْلَافِ وَلَا يَدْفَعُ الدَّيْنَ الْمَذْكُورَ قَبْلَ الِاسْتِحْلَافِ الشَّرْعِيِّ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لِمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ أَنَّ الْقَاضِيَ يَسْتَحْلِفُ الطَّالِبَ حَتَّى قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ يَحْلِفُ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ الْوَصِيِّ وَالْوَارِثِ بِاَللَّهِ مَا اسْتَوْفَيْتَ دَيْنَك مِنْ الْمَدْيُونِ وَلَا مِنْ أَحَدٍ أَدَّاهُ إلَيْك عَنْهُ وَلَا قَبَضَهُ قَابِضٌ وَلَا أَبْرَأْتَهُ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ وَلَا أَحَلْتَ بِذَلِكَ وَلَا بِشَيْءٍ مِنْهُ عَلَى أَحَدٍ وَلَا عِنْدَك بِهِ وَلَا بِشَيْءٍ مِنْهُ رَهْنٌ. اهـ.
وَعَلَّلَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ بِأَنَّ الْيَمِينَ لَيْسَتْ لِلْوَارِثِ هَاهُنَا وَإِنَّمَا هِيَ لِلتَّرِكَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرِيمٌ آخَرُ أَوْ مُوصًى لَهُ فَالْحَقُّ فِي هَذَا فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ فَعَلَى الْقَاضِي الِاحْتِيَاطُ فِي ذَلِكَ وَقَالَ قَبْلَهُ وَلَا يَدْفَعُ لَهُ شَيْئًا حَتَّى يَسْتَحْلِفَ. اهـ.
فَحَيْثُ أَجْمَعُوا عَلَى تَحْلِيفِهِ وَذَكَرُوا أَنَّهُ لَا يَدْفَعُ إلَيْهِ الْمَالَ حَتَّى يُسْتَحْلَفْ وَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ لَمْ تَسْتَوْفِ الدَّعْوَى شَرَائِطَهَا حَتَّى يَنْفُذَ حُكْمُهُ بِالدَّفْعِ وَالْقَاضِي مَأْمُورٌ بِالْحُكْمِ بِأَصَحِّ الْأَقْوَالِ مِنْ مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَبِي حَنِيفَةَ النُّعْمَانِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَإِذَا حَكَمَ بِغَيْرِ الْأَصَحِّ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْزُولٌ عَنْهُ؛ لِأَنَّ التَّوْلِيَةَ حَصْرِيَّةٌ فَكَيْفَ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى التَّحْلِيفِ.
وَأَمَّا مَا قِيلَ إنَّ الْقَضَاءَ يُقَوِّي الضَّعِيفَ فَالْمُرَادُ قَاضٍ لَهُ مَلَكَةُ الِاجْتِهَادِ وَأَمَّا الْمُقَلِّدُ فَإِنَّهُ مَتَى خَالَفَ مُعْتَمَدَ مَذْهَبِهِ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ وَيُنْقَضُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى كَمَا بَسَطَهُ التُّمُرْتَاشِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَأَمَّا دَعْوَاهُ عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ فَصَحِيحَةٌ إذْ بَعْضُ الْوَرَثَةِ يَكُونُ خَصْمًا عَنْ الْمَيِّتِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَائِنَا الْأَعْلَامِ رَوَّحَ اللَّهُ تَعَالَى رُوحَهُمْ بِدَارِ الْإِسْلَامِ.
(تَتِمَّةٌ):
قَالَ فِي الْبَحْرِ وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ دَفَعَ لِلْمَيِّتِ دَيْنَهُ وَبَرْهَنَ هَلْ يَحْلِفُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ احْتِيَاطًا. اهـ.
قَالَ الْعَلَّامَةُ الْغَزِّيُّ التُّمُرْتَاشِيُّ. (أَقُولُ) يَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَرَدَّدَ فِي التَّحْلِيفِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ الدُّيُونُ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا لَا بِأَعْيَانِهَا وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ قَدْ ادَّعَى عَلَى الْمَيِّتِ. اهـ.
وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْبَحْرِ. (أَقُولُ) قَدْ يُقَالُ إنَّمَا يَحْلِفُ فِي مَسْأَلَةِ مُدَّعِي الدَّيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ احْتِيَاطًا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُمْ شَهِدُوا بِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ وَقَدْ اسْتَوْفَى فِي بَاطِنِ الْأَمْرِ وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ دَفْعِ الدَّيْنِ فَقَدْ شَهِدُوا عَلَى حَقِيقَةِ الدَّفْعِ فَانْتَفَى الِاحْتِمَالُ الْمَذْكُورُ فَكَيْفَ يُقَالُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَرَدَّدَ فِي التَّحْلِيفِ فَتَأَمَّلْ. اهـ.
(أَقُولُ) وَكَلَامُ الرَّمْلِيِّ هُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ تَنَبَّهَ.
(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ تَرَكَتْ دَعْوَاهَا الْإِرْثَ مِنْ أَبِيهَا عَلَى أَخِيهَا مُدَّةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ سَنَةً بِلَا مَانِعٍ شَرْعِيٍّ وَهُوَ مُنْكِرٌ لِذَلِكَ فَهَلْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهَا الْآنَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَهْلِ الْفَتْوَى لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بَعْدَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ سَنَةً إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي غَائِبًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا وَلَيْسَ لَهُمَا وَلِيٌّ أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَمِيرًا جَائِرًا يُخَافُ مِنْهُ كَذَا فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى نَقْلًا عَنْ الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ.
سُئِلَ) فِي خَارِجٍ وَذِي يَدٍ عَلَى ثَوْرٍ تَنَازَعَا فِيهِ كُلٌّ يَدَّعِي شِرَاءَهُ مِنْ آخَرَ وَتَارِيخُ الْخَارِجِ أَسْبَقُ فَهَلْ يُعْمَلُ بِالْأَسْبَقِ تَارِيخًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمَا وَإِنْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا يُقْضَى لِلْخَارِجِ إلَّا إذَا أَرَّخَا وَتَارِيخُ أَحَدِهِمَا أَسْبَقُ فَحِينَئِذٍ يُحْكَمُ لَهُ، وَإِنْ بَرْهَنَ خَارِجَانِ عَلَى مِلْكٍ مُؤَرَّخٍ أَوْ شِرَاءٍ مُؤَرَّخٍ مِنْ وَاحِدٍ غَيْرِ ذِي يَدٍ، أَوْ بَرْهَنَ خَارِجٌ عَلَى مِلْكٍ مُؤَرَّخٍ وَذُو يَدٍ عَلَى مِلْكٍ مُؤَرَّخٍ أَقْدَمَ فَالسَّابِقُ أَحَقُّ إلَخْ تَنْوِيرُ الْأَبْصَارِ مِنْ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ مِنْ الدَّعْوَى وَفِي الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ الْخُلَاصَةِ فَلَوْ كَانَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا يُقْضَى لِلْخَارِجِ إلَّا إذَا أَرَّخَا وَتَارِيخُ ذِي الْيَدِ أَسْبَقُ فَحِينَئِذٍ يُقْضَى لَهُ. اهـ.
وَفِي الْمِنَحِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ لَا تُقْبَلُ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ وَهُوَ يَمْلِكُهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ مَعْزِيًّا إلَى خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ.
(أَقُولُ) هَذَا فِي الشِّرَاءِ مِنْ الْغَائِبِ فَفِي نُورِ الْعَيْنِ فِي آخِرِ الْفَصْلِ السَّادِسِ رَامِزًا لِلْمَبْسُوطِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الشِّرَاءِ مِنْ الْغَائِبِ إلَّا بِالشَّهَادَةِ بِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ إمَّا بِمِلْكِ بَائِعِهِ بِأَنْ يَقُولُوا بَاعَ وَهُوَ يَمْلِكُهُ وَإِمَّا بِمِلْكِ مُشْتَرِيهِ بِأَنْ يَقُولُوا هُوَ لِلْمُشْتَرِي اشْتَرَاهُ مِنْ فُلَانٍ وَإِمَّا بِقَبْضِهِ بِأَنْ يَقُولُوا شَرَاهُ مِنْهُ وَقَبَضَهُ. اهـ.
ثُمَّ رَمَزَ لِفَتَاوَى الْقَاضِي ظَهِيرِ الدِّينِ ادَّعَى إرْثًا وَرِثَهُ مِنْ أَبِيهِ وَادَّعَى آخَرُ شِرَاءَهُ مِنْ الْمَيِّتِ وَشُهُودُهُ شَهِدُوا بِأَنَّ الْمَيِّتَ بَاعَهُ مِنْهُ وَلَمْ يَقُولُوا بَاعَهُ مِنْهُ وَهُوَ يَمْلِكُهُ قَالُوا لَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ مُدَّعِي الشِّرَاءِ أَوْ مُدَّعِي الْإِرْثِ فَالشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّهَا عَلَى مُجَرَّدِ الْبَيْعِ إنَّمَا لَا تُقْبَلُ إذَا لَمْ تَكُنْ الدَّارُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ الْوَارِثِ أَمَّا لَوْ كَانَتْ فَالشَّهَادَةُ بِالْبَيْعِ كَشَهَادَةٍ بِبَيْعٍ وَمِلْكٍ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ زَيْدٍ فَرَسًا مَعْلُومَةً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَالْآنَ قَامَ عَمْرٌو الْخَارِجُ يَدَّعِيهَا مِنْ الرَّجُلِ بِالنِّتَاجِ وَيُرِيدُ الْمُشْتَرِي إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى عَمْرٍو الْمُدَّعِي الْمَزْبُورِ أَنَّهَا نِتَاجُ فَرَسِ بَائِعِهِ فَهَلْ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي أَنَّهَا نِتَاجُ فَرَسِ بَائِعِهِ عَلَى عَمْرٍو الْخَارِجِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَإِنْ بَرْهَنَ خَارِجٌ وَذُو يَدٍ عَلَى النِّتَاجِ فَذُو الْيَدِ أَوْلَى هُوَ الصَّحِيحُ خِلَافًا لِعِيسَى بْنِ أَبَانَ شَرْحُ الْمُلْتَقَى مِنْ بَابِ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ نَقْلًا عَنْ الْبَحْرِ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ الدَّعْوَى مِنْ فَتَاوِيهِ وَفِيهَا أَيْضًا وَبُرْهَانُ الْمُشْتَرِي عَلَى نِتَاجِ بَائِعِهِ كَبُرْهَانِ بَائِعِهِ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ.
(أَقُولُ) وَلَا بُدَّ مِنْ الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ حَيْثُ قَالَ لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ هَذِهِ الدَّابَّةَ نَتَجَتْ عِنْدَهُ أَوْ نُسِجَ هَذَا الثَّوْبُ عِنْدَهُ أَوْ أَنَّ الْوَلَدَ وَلَدَتْهُ أَمَتُهُ وَلَمْ يَشْهَدُوا بِالْمِلْكِ فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى لَهُ قَالَ وَكَذَا لَوْ شَهِدُوا أَنَّهَا بِنْتُ أَمَتِهِ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا شَهِدُوا بِالنَّسَبِ. اهـ.
وَبِهِ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ مُحَمَّدٌ التَّاجِيُّ كَمَا فِي فَتَاوَاهُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُمْ إنَّ ذَا الْيَدِ أَوْلَى فِي دَعْوَى النِّتَاجِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَدَّعِ الْخَارِجُ عَلَيْهِ فِعْلًا أَمَّا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّك غَصَبْته مِنِّي أَوْ أَوْدَعْتُهُ عِنْدَك أَوْ آجَرْتُهُ مِنْك فَادَّعَى ذُو الْيَدِ النِّتَاجَ قُدِّمَ الْخَارِجُ عَلَيْهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْبَحْرِ وَالزَّيْلَعِيِّ وَشُرَّاحِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِمْ كَمَا أَوْضَحْتُهُ فِيمَا عَلَّقْتُهُ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ عَمْرٍو بَغْلَةً بِدِمَشْقَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ فَاسْتَحَقَّهَا مُسْتَحِقٌّ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى بِدَعْوَى النِّتَاجِ وَحُكِمَ لَهُ بِهَا وَرَجَعَ يَطْلُبُ الثَّمَنَ مِنْ بَائِعِهِ فَأَرَادَ أَنْ يُبَرْهِنَ أَنَّهَا نَتَجَتْ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ بَائِعِهِ وَالْمُسْتَحِقُّ غَائِبٌ وَكَذَا الْبَغْلَةُ فَهَلْ يُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْمُسْتَحِقِّ لِقَبُولِ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ حَتَّى يَبْطُلَ الْحُكْمُ السَّابِقُ أَوْ لَا وَهَلْ يُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْبَغْلَةِ أَيْضًا؟
(الْجَوَابُ): مُقْتَضَى مَا أَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي فَتَاوَاهُ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ مُوَافِقًا لِمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ حُضُورِ الْمُسْتَحِقِّ قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَهَذَا الْقَوْلُ أَظْهَرُ وَأَشْبَهُ وَمُقْتَضَى مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ عَدَمُ الْقَبُولِ بِلَا حُضُورِ الْمُسْتَحِقِّ قَالَ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَالْأَشْبَهُ وَمَا فِي الْخُلَاصَةِ يَقْتَضِي اشْتِرَاطَ حَضْرَةِ الْبَغْلَةِ أَيْضًا فَتَأَمَّلْ وَلَا تَعْجَلْ هَذَا مَا ظَهَرَ لِلْعَبْدِ الضَّعِيفِ. (أَقُولُ) وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ فَرَاجِعْهُ.
(سُئِلَ) فِي ذِي يَدٍ وَخَارِجٍ بَرْهَنَا عَلَى نِتَاجِ جَمَلٍ وَلَمْ يُوَافِقْ سَنَةَ تَارِيخِهِمَا فَهَلْ يُقْضَى بِهِ لِذِي الْيَدِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ مِنْ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ.
(سُئِلَ) فِي ذِي يَدٍ عَلَى مَعْزَةٍ هِيَ نِتَاجُ مَعْزَتِهِ نَتَجَتْ عِنْدَهُ وَلَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ ادَّعَاهَا خَارِجٌ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ فَهَلْ يُقْضَى بِبَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ ادَّعَيَا النِّتَاجَ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِبَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَى ذُو الْيَدِ النِّتَاجَ وَالْآخَرُ مِلْكًا مُطْلَقًا وَهَذَا إذَا لَمْ يُؤَرِّخَا فَإِنْ أَرَّخَا قُضِيَ لِصَاحِبِ الْيَدِ أَيْضًا إلَّا إذَا كَانَ سِنُّ الدَّابَّةِ مُخَالِفًا لِوَقْتِ صَاحِبِ الْيَدِ مُوَافِقًا لِوَقْتِ الْخَارِجِ فَحِينَئِذٍ يُقْضَى لِلْخَارِجِ عِمَادِيَّةٌ مِنْ الْفَصْلِ الثَّامِنِ وَتَمَامُ الْفُرُوعِ فِيهَا وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ ادَّعَى عَلَى آخَرَ النِّتَاجَ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنَّكَ أَقْرَرْت أَنَّك اشْتَرَيْت هَذِهِ الدَّابَّةَ مِنْ فُلَانٍ فَهَلْ يَكُونُ دَفْعًا لِدَعْوَى الْمُدَّعِي إنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَمْ لَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ يَكُونُ دَفْعًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ فِي التَّنَاقُضِ فِي الدَّعَاوَى.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ زَيْدٌ عَنْ وَرَثَةٍ وَخَلَّفَ دَارًا وَضَعَ بَعْضُهُمْ يَدَهُ عَلَيْهَا فَطَالَبَتْهُ زَوْجَةُ الْمُتَوَفَّى بِقَدْرِ مِيرَاثِهَا مِنْهَا فَأَثْبَت لَدَى قَاضٍ حَنْبَلِيٍّ أَنَّ الْمُتَوَفَّى وَقَفَهَا عَلَى أَوْلَادِهِ الْأَرْبَعَةِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ وَثُمَّ إلَخْ وَالْحَالُ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَيْسَ نَاظِرًا عَلَى الْوَقْفِ وَلَا مَأْذُونًا لَهُ بِالدَّعْوَى بِذَلِكَ مِنْ الْقَاضِي الْعَامِّ وَأَنَّ الشُّهُودَ لَمْ يَذْكُرُوا اسْمَ جَدِّ الْوَاقِفِ الْمَزْبُورِ فِي الشَّهَادَةِ بَلْ ذَكَرُوا اسْمَهُ وَاسْمَ أَبِيهِ فَقَطْ وَهُوَ مِمَّنْ لَا يُعْرَفُ بِهِمَا وَذَكَرُوا صِنَاعَتَهُ الَّتِي يُشَارِكُهُ فِيهَا غَيْرُهُ وَلَمْ يُعْرَفْ بِهَا لَا مَحَالَةَ ثُمَّ تَرَافَعُوا لَدَى قَاضِي الْقُضَاةِ فَأَلْغَى حُكْمَ الْحَنْبَلِيِّ الْمَذْكُورِ وَحَكَمَ بِجَرَيَانِ الدَّارِ فِي مِلْكِ وَرَثَةِ زَيْدٍ حُكْمًا شَرْعِيًّا مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً شَرْعِيَّةً فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ ادَّعَى الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَنَّهُ وَقْفٌ عَلَيْهِ لَوْ ادَّعَاهُ بِإِذْنِ الْقَاضِي يَصِحُّ وِفَاقًا وَبِغَيْرِ إذْنِهِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْغَلَّةِ لَا غَيْرُ فَلَا يَكُونُ خَصْمًا فِي شَيْءٍ آخَرَ وَلَوْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ جَمَاعَةً فَادَّعَى أَحَدُهُمْ أَنَّهُ وَقْفٌ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي لَا يَصِحُّ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَمُسْتَحِقُّ غَلَّةِ الْوَقْفِ لَا يَمْلِكُ دَعْوَى غَلَّةِ الْوَقْفِ وَإِنَّمَا يَمْلِكُهُ الْمُتَوَلِّي وَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى رَجُلٍ مُعَيَّنٍ قِيلَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُتَوَلِّي بِغَيْرِ إطْلَاقِ الْقَاضِي وَيُفْتَى بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ الْأَخْذُ لَا التَّصَرُّفُ فِي الْوَقْفِ وَلَوْ غَصَبَ الْوَقْفَ أَحَدٌ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ خُصُومَةٌ بِلَا إذْنِ الْقَاضِي جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثَ عَشَرَ.
وَمِثْلُهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْعَاشِرِ وَالْبَزَّازِيَّةِ مِنْ آخِرِ الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الْوَقْفِ وَفِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْغَلَّةُ أَوْ السُّكْنَى لَا يَمْلِكُ الْإِجَارَةَ وَلَا الدَّعْوَى لَوْ غُصِبَ مِنْهُ الْوَقْفُ إلَّا بِتَوْلِيَةٍ أَوْ إذْنِ قَاضٍ وَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى رَجُلٍ مُعَيَّنٍ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى عِمَادِيَّةٌ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الْغَلَّةِ لَا الْعَيْنِ. اهـ.
وَلَا بُدَّ لِقَبُولِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْغَائِبِ مِنْ ذِكْرِ اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ أَوْ اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ وَالصِّنَاعَةِ إذَا كَانَ مَعْرُوفًا بِهَا بِأَنْ لَا يَكُونَ فِي بَلَدِهِ شَرِيكٌ لَهُ فِي تِلْكَ الصِّنَاعَةِ كَذَا فِي الدُّرَرِ وَالتَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِمَا.
(سُئِلَ) فِي صَغِيرٍ مَاتَ عَنْ أُمٍّ وَثَلَاثِ أَخَوَاتٍ شَقِيقَاتٍ وَخَلَّفَ تَرِكَةً فَادَّعَى أَخَوَانِ عَلَى وَكِيلِ عَمَّتَيْ الصَّغِيرِ أَنَّهُمَا ابْنَا ابْنِ ابْنِ عَمٍّ لَهُ وَطَالَبَاهُمَا بِقَدْرِ مَا خَصَّهُمَا مِنْ تَرِكَتِهِ فَأَنْكَرَ الْوَكِيلُ نَسَبَهُمَا لَهُ وَأَتَيَا بِشَاهِدَيْنِ شَهِدَا فِي وَجْهِ الْوَكِيلِ الْمَرْقُومِ أَنَّهُمَا ابْنَا ابْنِ ابْنِ عَمِّ الصَّغِيرِ وَلَمْ يَذْكُرَا فِي شَهَادَتِهِمَا أَنَّهُمَا ابْنَا عَمٍّ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ وَلَمْ يُزَكِّيَا قَبْلَ الْحُكْمِ وَلَمْ تَكُنْ التَّرِكَةُ فِي يَدِ الْعَمَّتَيْنِ الْمَزْبُورَتَيْنِ وَلَمْ تَكُونَا خَصْمًا فِي إثْبَاتِ النَّسَبِ فَهَلْ يَكُونُ الثُّبُوتُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ صَحِيحٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ الدَّعْوَى عَلَى غَيْرِ ذِي الْيَدِ لَا تُسْمَعُ إلَّا فِي دَعْوَى الْغَصْبِ فِي الْمَنْقُولِ وَأَمَّا فِي الدُّرَرِ وَالْعَقَارِ فَلَا فَرْقَ كَمَا فِي التَّتِمَّةِ. اهـ.
وَالْخَصْمُ فِي إثْبَاتِ النَّسَبِ خَمْسَةٌ الْوَارِثُ وَالْوَصِيُّ وَالْمُوصَى لَهُ وَالْغَرِيمُ لِلْمَيِّتِ أَوْ عَلَى الْمَيِّتِ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى وَفِيهِ أَيْضًا دَعْوَى الْمِلْكِ لَا تَصِحُّ عَلَى غَيْرِ ذِي الْيَدِ. اهـ.
بِاخْتِصَارٍ وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ طَلَبَ الْمِيرَاثَ وَادَّعَى أَنَّهُ عَمُّ الْمَيِّتِ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ دَعْوَاهُ أَنْ يُفَسِّرَ وَيَقُولَ هُوَ عَمُّهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ أَوْ لِأَبِيهِ أَوْ لِأُمِّهِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ وَهُوَ وَارِثُهُ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ عِمَادِيَّةٌ مِنْ أَوَاخِرِ الْفَصْلِ السَّادِسِ.
وَفِي الْفَتَاوَى الرَّحِيمِيَّةِ سُئِلَ فِي رَجُلٍ يَدَّعِي عَلَى وَصِيِّ صِغَارٍ أَنَّهُ ابْنُ ابْنِ ابْنِ عَمِّ الْمَيِّتِ فَهَلْ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى مُجَرَّدِ هَذِهِ الدَّعْوَى إذَا أَقَامَهَا أَوْ لَا؟
(الْجَوَابُ): لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى مُجَرَّدِ هَذِهِ الدَّعْوَى وَلَا يَصِحُّ بِهَا الْقَضَاءُ بِالنَّسَبِ وَإِنَّمَا تُقْبَلُ بِشُرُوطٍ: أَنْ تَكُونَ بَعْدَ دَعْوَى مَالٍ صَحِيحَةٍ حَيْثُ كَانَتْ دَعْوَى لِبُنُوَّةِ الْعُمُومَةِ قَالَ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ بَسْطِ الْكَلَامِ وَحَاصِلُ مَا يَنْفَعُنَا هُنَا أَنَّ الشُّهُودَ إذَا شَهِدُوا بِنَسَبٍ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْبَلُهُمْ وَلَا يَحْكُمُ بِهِ إلَّا بَعْدَ دَعْوَى مَالٍ إلَّا فِي الْأَبِ وَالِابْنِ. اهـ.
وَأَنْ يَنْسِبَ الشُّهُودُ الْمَيِّتَ وَالْمُدَّعِيَ لِبُنُوَّةِ الْعُمُومَةِ حَتَّى يَلْتَقِيَا إلَى أَبٍ وَاحِدٍ وَأَنْ يَقُولُوا هُوَ وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ قَاضِي خَانْ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْأَبُ الْوَاحِدُ الْمُلْتَقَى إلَيْهِ مَعْرُوفًا لِلْقَاضِي بِالِاسْمِ وَالنَّسَبِ بِالْأَبِ وَالْجَدِّ إذْ الْخِصَامُ فِيهِ وَالتَّعْرِيفُ بِذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ لَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ وَلَا يَصِحُّ الْقَضَاءُ بِهَا وَيَنْبَغِي الِاحْتِيَاطُ فِي الشَّهَادَةِ بِالنَّسَبِ سِيَّمَا فِي هَذَا الزَّمَانِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ وَلِيَّ الْأَمْرِ نَصَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَا وَلَّى الْقُضَاةَ إلَّا لِيَحْكُمُوا بِالشَّهَادَةِ الْمُزَكَّاةِ فَلَا يَصِحُّ الْآنَ بِشَهَادَةٍ غَيْرِ مُزَكَّاةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ فَتَاوَى الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحِيمِ مِنْ فَصْلِ دَعْوَى النَّسَبِ.
(قَالَ الْمُؤَلِّفُ) قُلْت هَذَا مُنَاقِضٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْعِمَادِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْجَدِّ الَّذِي الْتَقَيَا إلَيْهِ وَقَدْ مَثَّلَ لَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ مِثَالًا وَلَمْ يَذْكُرْ اسْمَ أَبِي الْجَدِّ وَلَا اسْمَ جَدِّهِ لَكِنْ أَفْتَى الْإِمَامُ أَبُو السُّعُودِ بِاشْتِرَاطِ ذِكْرِ الْأَبِ كَمَا ذَكَرَهُ الْبَشْمَقْجِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَأَظُنُّ أَنَّ الرَّحِيمِيَّ اشْتَرَطَ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِمْ كَصَاحِبِ التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى عَلَى غَائِبٍ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَإِنْ حَكَمَ بِدُونِ ذِكْرِ الْجَدِّ نَفَذَ وَأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ الدَّعْوَى عَلَى الْجَدِّ الَّذِي الْتَقَيَا إلَيْهِ وَالْحَالُ أَنَّ الدَّعْوَى عَلَى الْمَيِّتِ الَّذِي يَطْلُبُونَ إرْثَهُ فَتَنَبَّهْ.
(سُئِلَ) فِي جَارِيَةٍ اشْتَرَاهَا رَجُلٌ مِنْ سَيِّدِهَا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ قَبَضَهُ سَيِّدُهَا وَتَسَلَّمَهَا الْمُشْتَرِي مِنْهُ وَذَهَبَ بِهَا إلَى مَنْزِلِهِ مُنْقَادَةً لِلرِّقِّ وَالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ سَاكِتَةً وَاسْتَخْدَمَهَا الْمُشْتَرِي نَحْوَ سِتِّ سِنِينَ وَالْآنَ أَرَادَ بَيْعَهَا فَزَعَمَتْ أَنَّهَا حُرَّةُ الْأَصْلِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهَا فَهَلْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَا يُقْبَلُ ذَكَرَ الْإِمَامُ رَشِيدُ الدِّينِ فِي فَتَاوِيهِ مِنْ الْبَابِ التَّاسِعِ الْعَبْدُ إذَا انْقَادَ لِلْبَيْعِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إنِّي حُرُّ الْأَصْلِ بِدُونِ بَيِّنَةٍ وَتَفْسِيرُ الِانْقِيَادِ التَّسْلِيمُ إلَى الْمُشْتَرِي يَعْنِي إذَا سَلَّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي لَا يَأْبَى وَيَسْكُتُ أَمَّا السُّكُوتُ عِنْدَ الْبَيْعِ لَا يَكُونُ انْقِيَادٌ لِلْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَقُومُ بِهِ بَلْ يُوجَدُ بِالْعَاقِدِ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي أَحْكَامِ السُّكُوتِ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا بِيعَ وَهُوَ حَاضِرٌ فَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْبَيْعِ أَنَا حُرٌّ لَا يُقْبَلُ عِمَادِيَّةٌ فِي الْفَصْلِ الْأَرْبَعِينَ وَلَوْ قَالَ الْعَبْدُ أَنَا حُرُّ الْأَصْلِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِحُكْمِ الْأَصْلِ مَا لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ انْقِيَادٌ لِلرِّقِّ وَبَعْدَهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِلَا بُرْهَانٍ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ الدَّعْوَى.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ تَصَرَّفَ فِي دَارٍ مَعْلُومَةٍ زَمَانًا تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ فِي أَمْلَاكِهِمْ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ لَهُ فِي ذَلِكَ وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْهُ ثُمَّ بَاعَهَا مِنْ زَيْدٍ وَبَاعَهَا زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو وَمَضَى لِلتَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ أَكْثَرُ مِنْ عِشْرِينَ سَنَةً وَلِلرَّجُلِ قَرِيبٌ مُطَّلِعٌ عَلَى التَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ هُوَ وَوَرَثَتُهُ مِنْ بَعْدِهِ وَلَمْ يَدَّعُوا بِشَيْءٍ مِنْ الدَّارِ وَالْكُلُّ فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ مِنْ الدَّعْوَى مَانِعٌ شَرْعِيٌّ قَامَ الْآنَ وَرَثَتُهُ يُرِيدُونَ الدَّعْوَى بِشَيْءٍ مِنْ الدَّارِ فَهَلْ تَكُونُ دَعْوَاهُمْ بِذَلِكَ غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُمْ فِي ذَلِكَ وَتُتْرَكُ الدَّارُ فِي يَدِ الْمُتَصَرِّفِ قَطْعًا لِلْأَطْمَاعِ الْفَاسِدَةِ؛ لِأَنَّ السُّكُوتَ كَالْإِفْصَاحِ قَطْعًا لِلتَّزْوِيرِ وَالْحِيَلِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ كَالتَّنْوِيرِ وَالْكَنْزِ وَالْمُلْتَقَى فِي مَسَائِلَ شَتَّى آخِرَ الْكِتَابِ وَالْبَزَّازِيَّةِ الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَعِبَارَتُهَا رَجُلٌ تَصَرَّفَ زَمَانًا فِي أَرْضٍ وَرَجُلٌ آخَرُ رَأَى الْأَرْضَ وَالتَّصَرُّفَ وَلَمْ يَدَّعِ وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ تُسْمَعْ بَعْدَ ذَلِكَ دَعْوَى وَلَدِهِ فَتُتْرَكُ فِي يَدِ الْمُتَصَرِّفِ؛ لِأَنَّ الْحَالَ شَاهِدٌ. اهـ.
لَا سِيَّمَا بَعْدَ صُدُورِ الْمَنْعِ السُّلْطَانِيِّ عَنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَالْمَسْأَلَةُ فِي فَتَاوَى الْأَنْقِرْوِيِّ مُفَصَّلَةٌ وَكَذَا فِي الْخَيْرِيَّةُ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى فِي عِدَّةِ أَسْئِلَةٍ.
(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ وَأُمٍّ وَابْنٍ قَاصِرٍ وَخَلَّفَتْ تَرِكَةً قَامَتْ الْأُمُّ الْآنَ تَدَّعِي بِأَنَّ لَهَا أَمْتِعَةً مَعْلُومَةً فِي التَّرِكَةِ دَفَعَتْهَا لِابْنَتِهَا عَلَى سَبِيلِ الْعَارِيَّةِ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَهُمَا فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ يَمْنَعْهَا مِنْ الدَّعْوَى مَانِعٌ شَرْعِيٌّ وَالزَّوْجُ يُنْكِرُ دَعْوَاهَا فَهَلْ تَكُونُ دَعْوَاهَا غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ لِلْمَنْعِ السُّلْطَانِيِّ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ بِيَدِ هِنْدٍ أَمْتِعَةٌ مَعْلُومَةٌ مُتَصَرِّفَةٌ فِيهَا مِنْ مُدَّةِ سِنِينَ بِلَا مُعَارِضٍ وَلَهَا أُمٌّ مَاتَتْ عَنْهَا وَعَنْ ابْنَيْ أَخٍ شَقِيقٍ يُعَارِضَانِهَا فِي الْأَمْتِعَةِ وَيَدَّعِيَانِ أَنَّهَا لِأُمِّهَا وَهِيَ تُنْكِرُ وَتَدَّعِي أَنَّ الْأَمْتِعَةَ لَهَا فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي ذَلِكَ وَعَلَى ابْنَيْ أَخِيهَا الْإِثْبَاتُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي قَرَوِيٍّ اخْتَلَفَ مَعَ زَوْجَتِهِ فِي بَقَرَةٍ وَنِتَاجِهَا فِي بَيْتِهِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهَا فَهَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ لَهُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْمَوَاشِيَ مِمَّا يَصْلُحُ لَهُمَا كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالْمِنَحِ وَالْقَوْلُ لَهُ فِي الصَّالِحِ لَهُمَا.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ وَرَثَةُ الزَّوْجِ مَعَ الزَّوْجَةِ فِي أَمْتِعَةِ الْبَيْتِ الصَّالِحَةِ لِلزَّوْجَةِ فَقَطْ كَالْأَسَاوِرِ الذَّهَبِ وَغَيْرِهَا وَمَا يَصْلُحُ لَهُمَا كَالنُّقُودِ وَغَيْرِهَا فَالْقَوْلُ لِمَنْ فِي الْفَرِيقَيْنِ؟
(الْجَوَابُ): الْقَوْلُ لِلزَّوْجَةِ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهَا وَأَجَابَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ سُؤَالٍ آخَرَ بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا فِي الرَّقِيقِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَصْلُحُ لَهُمَا كَمَا فِي الْبَحْرِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَتْ هِنْدٌ عَنْ زَوْجٍ وَابْنٍ مِنْهُ ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ عَنْ زَوْجَةٍ وَبِنْتٍ مِنْهَا وَتَرَكَا دَارًا كَانَا سَاكِنَيْنِ فِيهَا اخْتَلَفَ ابْنُ هِنْدٍ مَعَ الزَّوْجَةِ وَبِنْتِهَا فَهُمَا يَدَّعِيَانِ أَنَّ نِصْفَ الدَّارِ لِلزَّوْجِ الْمُتَوَفَّى الْمَزْبُورِ وَابْنُ هِنْدٍ يَدَّعِي أَنَّ كَامِلَ الدَّارِ لِوَالِدَتِهِ هِنْدٍ وَلَا بَيِّنَةَ فَهَلْ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ لِوَرَثَةِ الزَّوْجِ مَعَ الْيَمِينِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَإِنْ مَاتَا فَاخْتَلَفَ وَرَثَتُهُمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ وَرَثَةِ الزَّوْجِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ كَمَا فِي لِسَانِ الْحُكَّامِ وَمِثْلُهُ فِي الْخَيْرِيَّةِ نَقْلًا عَنْهُ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا وَاخْتَلَفَا فِي بَيْتٍ سَاكِنَيْنِ فِيهِ وَلَهَا بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ بِجَرَيَانِ الْبَيْتِ فِي مِلْكِهَا فَهَلْ يُقْضَى بِبَيِّنَتِهَا؟
(الْجَوَابُ): الْبَيْتُ لِلزَّوْجِ بِيَمِينِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ إلَّا أَنْ تُقِيمَ الْبَيِّنَةَ فَيُقْضَى بِبَيِّنَتِهَا؛ لِأَنَّهَا خَارِجَةٌ قَالَ فِي لِسَانِ الْحُكَّامِ مِنْ الْأَوَائِلِ وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَا بَعْدَ طَلَاقِهَا ثَلَاثًا أَوْ بَائِنًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أَجْنَبِيَّةً بِالطَّلَاقِ فَزَالَتْ يَدُهَا هَذَا إذَا اخْتَلَفَا قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ وَإِذَا مَاتَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ وَرَثَةِ الزَّوْجِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْقَوْلُ قَوْلُ وَرَثَةِ الْمَرْأَةِ إلَى قَدْرِ جِهَازِ مِثْلِهَا وَفِي الْبَاقِي الْقَوْلُ قَوْلُ وَرَثَةِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ يَقُومُ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ فَصَارَا كَالْمُوَرَّثَيْنِ اخْتَلَفَا بِأَنْفُسِهِمَا وَهُمَا حَيَّانِ فِي حَالِ قِيَامِ النِّكَاحِ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ كَانَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ فَكَذَا بَعْدَ مَوْتِهِمَا إلَخْ. اهـ.
أَقُولُ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ تَحْتَ قَوْلِ الْكَنْزِ وَلَهُ فِيمَا يَصْلُحُ لَهُمَا شَمِلَ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يَعْنِي صَاحِبَ الْكَنْزِ مَا إذَا مَاتَتْ الْمَرْأَةُ فِي لَيْلَةِ الزِّفَافِ وَهُوَ خِلَافُ الْمُتَعَارَفِ فِي الْفُرُشِ وَنَحْوِهَا وَلِهَذَا قَالَ فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ لَوْ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ فِي لَيْلَتِهَا الَّتِي زُفَّتْ إلَيْهِ فِي بَيْتِهِ لَا يُسْتَحْسَنُ أَنْ يَجْعَلَ مَتَاعَ الْفُرُشِ وَحُلِيَّ النِّسَاءِ وَمَا يَلِيقُ بِهِنَّ لِلزَّوْجِ وَالطَّنَافِسَ وَالْقَمَاقِمَ وَالْأَبَارِيقَ وَالصَّنَادِيقَ وَالْفُرُشَ وَالْخَدَمَ وَاللُّحُفَ لِلنِّسَاءِ وَكَذَا مَا يُجَهَّزُ مِثْلُهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ مَعْرُوفًا بِتِجَارَةِ جِنْسٍ مِنْهَا. اهـ.
فَكَذَا إذَا اخْتَلَفَا حَالَ الْحَيَاةِ فِيمَا يَصْلُحُ لَهُمَا فَالْقَوْلُ لَهُ إلَّا إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ لَيْلَةَ الزِّفَافِ فَالْقَوْلُ لَهَا لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ غَالِبًا مِنْ أَنَّ الْفُرُشَ وَمَا ذَكَرَ مِنْ الصَّنَادِيقِ وَالْخَدَمِ تَأْتِي بِهِ الْمَرْأَةُ وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ لِلْفَتْوَى إلَّا أَنْ يُوجَدَ نَصٌّ فِي حُكْمِهِ لَيْلَةَ الزِّفَافِ عَنْ الْإِمَامِ بِخِلَافِهِ فَيُتَّبَعَ. اهـ. كَلَامُ الْبَحْرِ مُلَخَّصًا.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مُتَزَوِّجٍ بِامْرَأَةٍ وَبِيَدِهَا عَقَارٌ وَاضِعَيْنِ يَدَهُمَا عَلَيْهِ وَمُتَصَرِّفَيْنِ فِيهِ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ بِلَا مُعَارِضٍ لَهُمَا فِي ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ الرَّجُلُ عَنْ ابْنٍ مِنْهَا وَبَقِيَ الْعَقَارُ بِيَدِ الزَّوْجَةِ ثُمَّ مَاتَتْ عَنْ ابْنِهَا الْمَذْكُورِ وَعَنْ بِنْتٍ مِنْ زَوْجٍ آخَرَ مَاتَ قَبْلَهَا قَامَ الِابْنُ الْآنَ يَدَّعِي بِأَنَّ الْعَقَارَ مِلْكٌ لِأَبِيهِ وَالْبِنْتُ أَنَّهُ لِأُمِّهَا وَلَا بَيِّنَةَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَهَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ لِلِابْنِ الْمَزْبُورِ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ فَالْقَوْلُ لِلِابْنِ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ وَتَرِثُ الْبِنْتُ الْمَذْكُورَةُ مِنْهُ قِيرَاطًا وَاحِدًا وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ عَنْ لِسَانِ الْحُكَّامِ. (أَقُولُ) لَمْ يُبَيِّنْ فِي السُّؤَالِ الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ مَا هُوَ وَالْحُكْمُ الْمَذْكُورُ إنَّمَا هُوَ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ قَالَ فِي الْكَنْزِ وَإِنْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ فَالْقَوْلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيمَا يَصْلُحُ لَهُ وَلَهُ فِيمَا يَصْلُحُ لَهُمَا وَقَالَ فِي الْبَحْرِ أَيْ الْقَوْلُ لَهُ فِي مَتَاعٍ يَصْلُحُ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ وَمَا فِي يَدِهَا فِي يَدِ الزَّوْجِ وَالْقَوْلُ فِي الدَّعَاوَى لِصَاحِبِ الْيَدِ بِخِلَافِ مَا يَخْتَصُّ بِهَا؛ لِأَنَّهُ يُعَارِضُهُ ظَاهِرٌ أَقْوَى مِنْهُ. اهـ.
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا وَمُرَادُهُمْ مِنْ الْمَتَاعِ هُنَا مَا كَانَ فِي الْبَيْتِ وَلَوْ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمُشْكِلِ. اهـ.
وَالْمُرَادُ بِالْمُشْكِلِ الصَّالِحُ لَهُمَا وَبَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ بَعْدَهُ وَمَا يَصْلُحُ لَهُمَا الْفُرُشُ وَالْأَمْتِعَةُ وَالْأَوَانِي وَالرَّقِيقُ وَالْمَنْزِلُ وَالْعَقَارُ وَالْمَوَاشِي وَالنُّقُودُ كَذَا فِي الْكَافِي وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الْبَيْتَ لِلزَّوْجِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا بَيِّنَةٌ وَعَزَاهُ فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ إلَى الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ. اهـ.
كَلَامُ الْبَحْرِ وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا أَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي غَيْرِ مَتَاعِ الْبَيْتِ وَكَانَ فِي أَيْدِيهِمَا فَإِنَّهُمَا كَالْأَجْنَبِيَّيْنِ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا. اهـ.
وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الْعَقَارَ إذَا لَمْ يَكُونَا سَاكِنَيْنِ فِيهِ لَمْ يَدْخُلْ فِي مُسَمَّى مَتَاعِ الْبَيْتِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ فَقَطْ وَقَدْ عَلِمْت تَفْسِيرَ مَتَاعِ الْبَيْتِ بِمَا كَانَ فِي الْبَيْتِ لَكِنْ كَتَبْتُ فِيمَا عَلَّقْتُهُ عَلَى الْبَحْرِ أَنَّ الْأَوْلَى تَفْسِيرُهُ بِالْبَيْتِ وَبِمَا كَانَ فِيهِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي نَفْسِ الْبَيْتِ كَذَلِكَ فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَ الْبَحْرِ وَإِذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي غَيْرِ مَتَاعِ الْبَيْتِ الْمُرَادُ بِهِ مَا كَانَ خَارِجًا عَنْ سُكْنَاهُمَا فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا فَيَتَعَيَّنُ تَقْيِيدُ الْعَقَارِ فِي السُّؤَالِ بِمَا كَانَا سَاكِنَيْنِ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(سُئِلَ) فِي ابْنٍ كَبِيرٍ لَهُ عِيَالٌ وَكَسْبٌ مَاتَ أَبُوهُ عَنْهُ وَعَنْ وَرَثَةٍ يَدَّعُونَ أَنَّ مَا حَصَّلَهُ مِنْ كَسْبِهِ مُخَلَّفٌ عَنْ أَبِيهِمْ وَيُرِيدُونَ إدْخَالَهُ فِي التَّرِكَةِ فَهَلْ حَيْثُ كَانَ لَهُ كَسْبٌ مُسْتَقِلٌّ يَخْتَصُّ بِمَا أَنْشَأَهُ مِنْ كَسْبٍ وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ مُقَاسَمَتُهُ فِي ذَلِكَ وَلَا إدْخَالُهُ فِي التَّرِكَةِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ سَاكِنٍ فِي بَيْتِ أَبِيهِ فِي جُمْلَةِ عِيَالِهِ وَصَنْعَتُهُمَا مُتَّحِدَةٌ يُعِينُهُ بِتَعَاطِي أُمُورِهِ وَلَا يُعْرَفُ لِلِابْنِ مَالٌ سَابِقٌ فَاجْتَمَعَ مَالٌ بِكَسْبِهِ وَيُرِيدُ أَنْ يَخْتَصَّ بِهِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ جَمِيعُ مَا حَصَّلَهُ بِكَسْبِهِ مِلْكٌ لِأَبِيهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِيهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ جَمِيعُ مَا حَصَّلَهُ بِكَسْبِهِ مِلْكٌ لِأَبِيهِ لَا شَيْءَ لَهُ فِيهِ حَيْثُ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ عِيَالِهِ وَالْمُعِينُ لَهُ فِي أُمُورِهِ وَأَحْوَالِهِ وَصَنْعَتُهُمَا مُتَّحِدَةٌ وَلَا يُعْرَفُ لِلِابْنِ مَالٌ سَابِقٌ؛ لِأَنَّ الِابْنَ إذَا كَانَ فِي عِيَالِ الْأَبِ يَكُونُ مُعِينًا لَهُ فِيمَا يَصْنَعُ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَمَجْمَعِ الْفَتَاوَى وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ إذَا تَنَازَعَ الرَّجُلُ مَعَ بَنِيهِ الْخَمْسَةِ وَهُمْ فِي دَارِ أَبِيهِمْ كُلُّهُمْ فِي عِيَالِهِ فَقَالَ الْبَنُونَ الْمَتَاعُ مَتَاعُنَا وَالْأَبُ يَدِّعِيهِ لِنَفْسِهِ فَإِنَّ الْمَتَاعَ يَكُونُ لِلْأَبِ وَلِلْبَنِينَ الثِّيَابُ الَّتِي عَلَيْهِمْ لَا غَيْرُ إلَخْ مِنْ الْقَوْلِ لِمَنْ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى.
(أَقُولُ) وَفِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ سُئِلَ فِي ابْنٍ كَبِيرٍ ذِي زَوْجَةٍ وَعِيَالٍ لَهُ كَسْبٌ مُسْتَقِلٌّ حَصَّلَ بِسَبَبِهِ أَمْوَالًا وَمَاتَ هَلْ هِيَ لِوَالِدِهِ خَاصَّةً أَمْ تُقْسَمُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ أَجَابَ هِيَ لِلِابْنِ تُقْسَمُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى حَيْثُ كَانَ لَهُ كَسْبٌ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ.
وَأَمَّا قَوْلُ عُلَمَائِنَا أَبٌ وَابْنٌ يَكْتَسِبَانِ فِي صَنْعَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمَا شَيْءٌ ثُمَّ اجْتَمَعَ لَهُمَا مَالٌ يَكُونُ كُلُّهُ لِلْأَبِ إذَا كَانَ الِابْنُ فِي عِيَالِهِ فَهُوَ مَشْرُوطٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ عِبَارَاتِهِمْ بِشُرُوطٍ مِنْهَا اتِّحَادُ الصَّنْعَةِ وَعَدَمُ مَالٍ سَابِقٍ لَهُمَا وَكَوْنُ الِابْنِ فِي عِيَالِ أَبِيهِ فَإِذَا عُدِمَ وَاحِدٌ مِنْهَا لَا يَكُونُ كَسْبُ الِابْنِ لِلْأَبِ وَانْظُرْ إلَى مَا عَلَّلُوا بِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ قَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّ الِابْنَ إذَا كَانَ فِي عِيَالِ الْأَبِ يَكُونُ مُعِينًا لَهُ فِيمَا يَضَعُ فَمَدَارُ الْحُكْمِ عَلَى ثُبُوتِ كَوْنِهِ مُعِينًا لَهُ فِيهِ فَاعْلَمْ ذَلِكَ. اهـ.
وَأَجَابَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ عَنْ سُؤَالٍ آخَرَ بِقَوْلِهِ حَيْثُ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ عِيَالِهِ وَالْمُعِينِينَ لَهُ فِي أُمُورِهِ وَأَحْوَالِهِ فَجَمِيعُ مَا حَصَّلَهُ بِكَدِّهِ وَتَعَبِهِ فَهُوَ مِلْكٌ خَاصٌّ لِأَبِيهِ لَا شَيْءَ لَهُ فِيهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَلَوْ اجْتَمَعَ لَهُ بِالْكَسْبِ جُمْلَةُ أَمْوَالٍ؛ لِأَنَّهُ فِي ذَلِكَ لِأَبِيهِ مُعِينٌ حَتَّى لَوْ غَرَسَ شَجَرَةً فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَهِيَ لِأَبِيهِ نَصَّ عَلَيْهِ عُلَمَاؤُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فَلَا يَجْرِي فِيهِ إرْثٌ عَنْهُ لِكَوْنِهِ لَيْسَ مِنْ مَتْرُوكَاتِهِ. اهـ.
وَأَجَابَ أَيْضًا عَنْ سُؤَالٍ آخَرَ بِقَوْلِهِ إنْ ثَبَتَ كَوْنُ ابْنِهِ وَأَخَوَيْهِ عَائِلَةً عَلَيْهِ وَأَمْرُهُمْ فِي جَمِيعِ مَا يَفْعَلُونَهُ إلَيْهِ وَهُمْ مُعِينُونَ لَهُ فَالْمَالُ كُلُّهُ لَهُ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيمَا لَدَيْهِ بِيَمِينِهِ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ فَالْجَزَاءُ أَمَامَهُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا بِهَذَا الْوَصْفِ بَلْ كَانَ كُلٌّ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ وَاشْتَرَكُوا فِي الْأَعْمَالِ فَهُوَ بَيْنَ الْأَرْبَعَةِ سَوِيَّةٌ بِلَا إشْكَالٍ وَإِنْ كَانَ ابْنُهُ فَقَطْ هُوَ الْمُعِينُ وَالْإِخْوَةُ الثَّلَاثَةُ بِأَنْفُسِهِمْ مُسْتَقِلِّينَ فَهُوَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا بِيَقِينٍ وَالْحُكْمُ دَائِرٌ مَعَ عِلَّتِهِ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الدِّينِ الْحَامِلِينَ لِحِكْمَتِهِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ ادَّعَى عَلَى آخَرَ إجَارَةَ حَانُوتٍ فَأَنْكَرَ خَصْمُهُ ذَلِكَ وَيُرِيدُ تَحْلِيفَهُ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ لَهُ تَحْلِيفُهُ وَكَيْفُ يَحْلِفُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَهُ تَحْلِيفُهُ وَكَيْفِيَّةُ تَحْلِيفِهِ مَا فِي 16 مِنْ الْعِمَادِيَّةِ فِي مَسَائِلِ الِاسْتِحْلَافِ لَوْ ادَّعَى إجَارَةَ ضَيْعَةٍ أَوْ دَارٍ أَوْ حَانُوتٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ ادَّعَى مُزَارَعَةً فِي الْأَرْضِ أَوْ مُعَامَلَةً فِي نَخْلٍ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِلِ بِاَللَّهِ مَا بَيْنَك وَبَيْنَ هَذَا الْمُدَّعِي إجَارَةٌ قَائِمَةٌ تَامَّةٌ لَازِمَةٌ الْيَوْمَ فِي هَذَا الْعَيْنِ الْمُدَّعَى وَلَا لَهُ قَبِلَكَ حَقٌّ بِالْإِجَارَةِ الَّتِي وَصَفَ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ بِيَدِ ذِمِّيَّيْنِ دَارٌ مَعْلُومَةٌ عَنْ أَبِيهِمَا الْمُتَصَرِّفِ فِيهَا قَبْلَهُمَا بِطَرِيقِ الشِّرَاءِ بِمُوجَبِ حُجَّةٍ مُتَضَمِّنَةٍ أَنَّهُ مُرَتَّبٌ عَلَى بَعْضٍ غَيْرِ مَعْلُومٍ مِنْ أَرْضِ الدَّارِ فِي كُلِّ سَنَةٍ قِرْشَانِ لِجِهَةِ وَقْفِ دَيْرٍ مُعَيَّنٍ صَدَقَةً يَدْفَعُونَهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ مِنْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَالْآنَ قَامَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ يُكَلِّفُ الذِّمِّيَّيْنِ الْمَزْبُورَيْنِ إلَى بَيَانِ الْبَعْضِ الْمَزْبُورِ وَاسْتِئْجَارِهِ مِنْهُ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بَلْ يَدْفَعُونَ الْقِرْشَيْنِ فِي كُلِّ سَنَةٍ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ لَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي تَكْلِيفُهُمْ إلَى مَا ذَكَرَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَالْعُمْدَةُ فِي ذَلِكَ التَّصَرُّفُ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ وَوَضْعُ الْيَدِ مِنْ الْمُدَدِ الْمُتَطَاوِلَةِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِجِهَةِ وَقْفٍ قِطْعَةُ أَرْضٍ دَاخِلَ دَارِ زَيْدٍ وَهِيَ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ وَزَيْدٌ يَدْفَعُ لِنَاظِرِ الْوَقْفِ فِي كُلِّ سَنَةٍ ثُلُثَيْ قِرْشٍ أُجْرَةً عَنْهَا وَيَأْخُذُ بِذَلِكَ وُصُولًا مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ قَامَ الْآنَ نَاظِرُ الْوَقْفِ يُكَلِّفُ زَيْدًا إلَى اسْتِئْجَارِ أَرْضٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ أَرْضِ الدَّارِ زَاعِمًا أَنَّهَا هَذِهِ وَزَيْدٌ يُنْكِرُ ذَلِكَ وَيُكَلِّفُهُ إلَى إثْبَاتِهَا بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ يُكَلَّفُ النَّاظِرُ إلَى ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ بِيَدِ جَمَاعَةٍ بَسَاتِينُ مَعْلُومَةٌ وَهُمْ مُتَصَرِّفُونَ فِيهَا بِطَرِيقِ الْمِلْكِ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى أَرْبَعِينَ سَنَةً وَيَدْفَعُ كُلٌّ مِنْهُمْ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى بُسْتَانِهِ لِجِهَةِ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ مِنْ قَبْلِ هَذِهِ الْمُدَّةِ إلَى الْآنَ بِلَا مُعَارِضٍ وَيَعْلَمُونَ وَجْهَ الدَّفْعِ أَنَّهُ بِطَرِيقِ الْمُرَتَّبِ وَيَزْعُمُ نَاظِرُ الْوَقْفِ أَنَّ أَرْضَ الْبَسَاتِينِ كُلَّهَا جَارِيَةٌ فِي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ بِمُجَرَّدِ أَخْذِهِ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ مِنْ مُلَّاكِهَا وَلَيْسَ بِيَدِهِ مُسْتَنَدٌ شَرْعِيٌّ يَشْهَدُ بِمَا زَعَمَهُ فَهَلْ لَا عِبْرَةَ بِمُجَرَّدِ زَعْمِهِ وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ لِلدَّافِعِينَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَا عِبْرَةَ بِمُجَرَّدِ زَعْمِهِ وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ لِلدَّافِعِينَ أَنَّ دَفْعَهُمْ بِطَرِيقِ الْمُرَتَّبِ؛ لِأَنَّهُمْ مُمَلَّكُونَ وَهُمْ أَعْلَمُ بِجِهَةِ الدَّفْعِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْفُصُولَيْنِ وَفَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ وَغَيْرِهَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ دَفَعَ إلَى ابْنِهِ مَالًا فَأَرَادَ أَخْذَهُ صُدِّقَ أَنَّهُ دَفَعَهُ قَرْضًا لِأَنَّهُ مُمَلِّكٌ دَفَعَ إلَيْهِ دَرَاهِمَ فَقَالَ لَهُ أَنْفِقْهَا فَفَعَلَ فَهُوَ قَرْضٌ كَمَا لَوْ قَالَ اصْرِفْهَا إلَى حَوَائِجِك وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ ثَوْبًا وَقَالَ اكْتَسِ بِهِ فَفَعَلَ يَكُونُ هِبَةً؛ لِأَنَّ قَرْضَ الثَّوْبِ بَاطِلٌ لِسَانُ الْحُكَّامِ فِي هِبَةِ الْمَرِيضِ وَغَيْرِهِ دَفَعَ إلَى غَيْرِهِ دَرَاهِمَ فَأَنْفَقَهَا وَقَالَ صَاحِبُ الدَّرَاهِمِ أَقْرَضْتُك وَقَالَ الْقَابِضُ لَا بَلْ وَهَبْتنِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ صَاحِبِ الدَّرَاهِمِ مِنْ نِكَاحِ الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى مَيِّتٍ أَلْفًا فَبَرْهَنَ وَارِثُهُ أَنَّ الْأَبَ أَعْطَى أَلْفًا يُقْبَلُ وَالْوَارِثُ يُصَدَّقُ فِي أَنَّ الْأَبَ أَعْطَاهُ بِجِهَةِ الدَّيْنِ لِقِيَامِهِ مَقَامَ مُوَرِّثِهِ فَيُصَدَّقُ فِي جِهَةِ التَّمْلِيكِ فُصُولَيْنِ مِمَّا يَكُونُ الْقَوْلُ فِيهِ لِلْمُمَلَّكِ.
(سُئِلَ) فِي دَارٍ مَعْلُومَةٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفِ بِرٍّ وَالْمُتَوَلُّونَ عَلَى الْوَقْفِ مُتَصَرِّفُونَ بِهَا وَاضِعُونَ يَدَهُمْ عَلَيْهَا وَيُؤَجِّرُونَهَا وَيَقْبِضُونَ أُجْرَتَهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى خَمْسِينَ سَنَةً بِلَا مُعَارِضٍ وَالْآنَ قَامَ نَاظِرُ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ يَدَّعِي أَنَّهَا جَارِيَةٌ فِي الْوَقْفِ الْأَهْلِيِّ مُسْتَنِدًا فِي ذَلِكَ لِمُجَرَّدِ ذِكْرِهَا فِي كِتَابِ الْوَقْفِ الْأَهْلِيِّ وَلَمْ يَسْبِقْ لَهُ وَضْعُ يَدٍ وَلَا تَصَرَّفَ فِيهَا لِجِهَةِ وَقْفِهِ وَمَضَتْ هَذِهِ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَدَّعِ بِلَا مَانِعٍ شَرْعِيٍّ وَالْجَمِيعُ فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ فَهَلْ تَكُونُ دَعْوَاهُ غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ تَرَكَ الدَّعْوَى ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَانِعٌ مِنْ الدَّعْوَى ثُمَّ ادَّعَى لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الدَّعْوَى يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحَقِّ ظَاهِرًا. اهـ.
وَلَا عِبْرَةَ بِمُجَرَّدِ ذِكْرِهَا فِي كِتَابِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ مَعَ عَدَمِ التَّصَرُّفِ بِذَلِكَ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ فِي يَدِهِ ضَيْعَةٌ فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّهَا وَقْفٌ وَأَحْضَرَ صَكًّا فِيهِ خُطُوطُ الْعُدُولِ وَالْقُضَاةِ الْمَاضِينَ وَطَلَبَ مِنْ الْقَاضِي الْقَضَاءَ بِذَلِكَ الصَّكِّ قَالُوا لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ بِذَلِكَ الصَّكِّ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا يَقْضِي بِالْحُجَّةِ وَالْحُجَّةُ هِيَ الْبَيِّنَةُ أَوْ الْإِقْرَارُ وَأَمَّا الصَّكُّ فَلَا يَصْلُحُ حُجَّةً؛ لِأَنَّ الْخَطَّ يُشْبِهُ الْخَطَّ. اهـ.
(أَقُولُ) اُنْظُرْ التَّوْفِيقَ بَيْنَ مَا فِي الْخَانِيَّةِ وَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ قَوْلِهِمْ يَسْلُكُ بِمُنْقَطِعِ الثُّبُوتِ الْمَجْهُولَةِ شَرَائِطُهُ وَمَصَارِفُهُ مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي دَوَاوِينِ الْقُضَاةِ. اهـ.
وَفِي الْخَصَّافِ لَوْ صَارَ قَاضِيًا عَلَى بَلَدٍ فَوَجَدَ فِي دِيوَانِ الْقَاضِي الَّذِي قَبْلَهُ ذِكْرُ وُقُوفٍ فِي أَيْدِي الْأُمَنَاءِ فَوَجَدَ لَهَا رُسُومًا فِي دِيوَانِهِ يَحْمِلُهُمْ عَلَى ذَلِكَ فِي الِاسْتِحْسَانِ. اهـ.
وَنَحْوُهُ فِي الْإِسْعَافِ وَفِي الزَّيْلَعِيِّ وَالْمُلْتَقَى آخِرَ الْكِتَابِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى قَالُوا الْكِتَابُ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ مُسْتَبِينٌ مَرْسُومٌ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مُعَنْوَنًا أَيْ مُصَدَّرًا بِالْعِنْوَانِ وَهُوَ أَنْ يُكْتَبَ فِي صَدْرِهِ مِنْ فُلَانٍ إلَى فُلَانٍ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فَهَذَا كَالنُّطْقِ فَلَزِمَ حُجَّةٌ وَمُسْتَبِينٌ غَيْرُ مَرْسُومٍ كَالْكِتَابَةِ عَلَى الْجُدْرَانِ وَأَوْرَاقِ الْأَشْجَارِ أَوْ عَلَى الْكَاغَدِ لَا عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ فَلَا يَكُونُ حُجَّةً إلَّا بِانْضِمَامِ شَيْءٍ آخَرَ إلَيْهِ كَالنِّيَّةِ وَالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ وَالْإِمْلَاءِ عَلَى الْغَيْرِ حَتَّى يَكْتُبَهُ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ قَدْ تَكُونُ لِلتَّجْرِبَةِ وَنَحْوِهَا وَبِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ تَتَعَيَّنُ الْجِهَةُ.
وَقِيلَ الْإِمْلَاءُ بِلَا إشْهَادٍ لَا يَكُونُ حُجَّةً وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَغَيْرُ مُسْتَبِينٍ كَالْكِتَابَةِ عَلَى الْهَوَاءِ أَوْ الْمَاءِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ كَلَامٍ غَيْرِ مَسْمُوعٍ وَلَا يَثْبُتُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الْأَحْكَامِ وَإِنْ نَوَى. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْهِدَايَةِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْأَوَّلَ صَرِيحٌ وَالثَّانِيَ كِنَايَةٌ وَالثَّالِثَ لَغْوٌ وَسُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ عَنْ شَخْصٍ ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ بِحَقٍّ وَأَظْهَرَ خَطَّ يَدِهِ بِذَلِكَ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَلْ يُحَلِّفُهُ الْقَاضِي أَنَّهَا لَيْسَتْ خَطَّهُ أَمْ عَلَى عَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ أَوْ يَسْتَكْتِبُهُ فَأَجَابَ إذَا كَتَبَ عَلَى رَسْمِ الصُّكُوكِ وَجَحَدَ أَنَّهُ خَطُّهُ يَحْلِفُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِخَطِّهِ؛ لِأَنَّهُ أَنْكَرَ الْكِتَابَةَ أَوْ يَسْتَكْتِبُهُ الْقَاضِي فَإِذَا كَتَبَ وَقَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ هُمَا وَاحِدٌ أَلْزَمَهُ الْحَقَّ وَإِنْ اعْتَرَفَ أَنَّهُ خَطُّهُ وَأَنْكَرَ مَا كَتَبَ فِيهِ حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ قَبَضَهُ وَقَضَى لَهُ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَا يَقْضِي لَهُ وَأَجَابَ عَنْ سُؤَالٍ آخَرَ إذَا كَتَبَ عَلَى رَسْمِ الصُّكُوكِ يَلْزَمُهُ الْمَالُ وَهُوَ أَنْ يَكْتُبَ يَقُولُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ إنَّ فِي ذِمَّتِهِ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ كَذَا كَذَا فَهُوَ إقْرَارٌ يَلْزَمُ وَإِنْ لَمْ يَكْتُبْ عَلَى هَذَا الرَّسْمِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ.
وَأَجَابَ عَنْ سُؤَالٍ آخَرَ إذَا كَتَبَ إقْرَارَهُ عَلَى الرَّسْمِ الْمُتَعَارَفِ بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ فَهُوَ مُعْتَبَرٌ فَيَسَعُ مِنْ شَاهِدٍ كِتَابَتُهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ إذَا جَحَدَ إذَا عَرَفَ الشَّاهِدُ مَا كَتَبَ إقْرَارَهُ عَلَيْهِ أَمَّا إذَا شَهِدُوا أَنَّهُ خَطُّهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُشَاهِدُوا كِتَابَتَهُ فَلَا يُحْكَمُ بِذَلِكَ وَسُئِلَ عَمَّنْ أَنْكَرَ الْمَسْطُورَ هَلْ يَحْلِفُ أَنَّهُ مَا كَتَبَ عَلَيْهِ أَمْ عَلَى عَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ فَأَجَابَ يَحْلِفُ عَلَى عَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ خَاصَّةً. اهـ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ اضْطَرَبَ كَلَامُهُمْ فِي مَسْأَلَةِ الْعَمَلِ بِالْخَطِّ وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ أَوْ أَنَّ فِيهِ قَوْلَيْنِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ التَّعْبِيرُ بِلَفْظِ قَالُوا كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ مَا مُلَخَّصُهُ إذَا كَتَبَ إقْرَارَهُ بَيْنَ يَدَيْ الشُّهُودِ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا لَا يَكُونُ إقْرَارًا فَلَا تَحِلُّ الشَّهَادَةُ بِهِ وَلَوْ كَانَ مَصْدَرًا مَرْسُومًا وَإِنْ لِغَائِبٍ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْعَامَّةُ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ قَدْ تَكُونُ لِلتَّجْرِبَةِ إلَخْ فَأَفَادَ إنَّ عَامَّةَ عُلَمَائِنَا عَلَى عَدَمِ الْعَمَلِ بِالْخَطِّ وَفِي شَهَادَاتِ التَّنْوِيرِ وَإِذَا كَانَ بَيْنَ الْخَطَّيْنِ مُشَابَهَةٌ ظَاهِرَةٌ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْمَالِ قَالَ شَارِحُهُ هُوَ الصَّحِيحُ خَانِيَّةٌ وَإِنْ أَفْتَى قَارِئُ الْهِدَايَةِ بِخِلَافِهِ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يُعَوَّلُ عَلَى هَذَا التَّصْحِيحِ؛ لِأَنَّ قَاضِي خَانْ مِنْ أَجَلِّ مَنْ يُعْتَمَدُ عَلَى تَصْحِيحَاتِهِ إلَخْ.
وَأَشَارَ الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ إلَى أَنَّ قَوْلَهُمْ لَا يُعْتَمَدُ عَلَى الْخَطِّ وَلَا يُعْمَلُ بِمَكْتُوبِ الْوَقْفِ الَّذِي عَلَيْهِ خُطُوطُ الْقُضَاةِ الْمَاضِينَ إلَخْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا وَجَدَهُ الْقَاضِي فِي أَيْدِي الْقُضَاةِ الْمَاضِينَ وَلَهُ رُسُومٌ فِي دَوَاوِينِهِمْ وَيُشِيرُ إلَيْهِ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْإِسْعَافِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ اسْتِحْسَانٌ وَاسْتَثْنَى أَيْضًا فِي الْأَشْبَاهِ تَبَعًا لِمَا فِي قَاضِي خَانْ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا خَطَّ السِّمْسَارِ وَالْبَيَّاعِ وَالصَّرَّافِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْبَحْرِ وَكَذَا فِي الْوَهْبَانِيَّةِ وَحَقَّقَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ وَكَذَا الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي شَرْحِهَا وَأَفْتَى بِهِ التُّمُرْتَاشِيُّ صَاحِبُ التَّنْوِيرِ وَنَسَبَهُ الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ إلَى غَالِبِ الْكُتُبِ قَالَ حَتَّى الْمُجْتَبَى حَيْثُ قَالَ وَأَمَّا خَطُّ الْبَيَّاعِ وَالصَّرَّافِ وَالسِّمْسَارِ فَهُوَ حُجَّةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَنْوَنًا ظَاهِرًا بَيْنَ النَّاسِ وَكَذَلِكَ مَا يَكْتُبُ النَّاسُ فِيمَا بَيْنَهُمْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ حُجَّةً لِلْعُرْفِ. اهـ.
وَفِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ صَرَّافٌ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ بِمَالٍ مَعْلُومٍ وَخَطُّهُ مَعْلُومٌ بَيْنَ التُّجَّارِ وَأَهْلِ الْبَلَدِ ثُمَّ مَاتَ فَجَاءَ غَرِيمٌ يَطْلُبُ الْمَالَ مِنْ الْوَرَثَةِ وَعُرِضَ خَطُّ الْمَيِّتِ بِحَيْثُ عَرَفَ النَّاسُ خَطَّهُ حَكَمَ بِذَلِكَ فِي تَرِكَتِهِ إنْ ثَبَتَ أَنَّهُ خَطُّهُ وَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ بَيْنَ النَّاسِ بِمِثْلِهِ حُجَّةُ. اهـ.
مَا قَالَهُ الْبِيرِيُّ.
ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْعَيْنِيُّ وَالْبِنَاءُ عَلَى الْعَادَةِ الظَّاهِرَةِ وَاجِبٌ فَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ الْبَيَّاعُ وَجَدْت فِي يادكاري بِخَطِّي أَوْ كَتَبْت فِي يادكاري بِيَدِي أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ كَانَ هَذَا إقْرَارًا مُلْزِمًا إيَّاهُ (قُلْت) وَيُزَادُ أَنَّ الْعَمَلَ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هُوَ بِمُوجِبِ الْعُرْفِ لَا بِمُجَرَّدِ الْخَطِّ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَأَقَرَّهُ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي بَابِ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي حَيْثُ قَالَ وَفِي الْأَشْبَاهِ لَا يُعْمَلُ بِالْخَطِّ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ كِتَابِ الْأَمَانِ وَيَلْحَقُ بِهِ الْبَرَاءَاتُ وَدَفْتَرُ بَيَّاعٍ وَصَرَّافٍ وَسِمْسَارٍ إلَخْ وَكَتَبْت فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ نَقْلًا عَنْ شَيْخِنَا الْمُحَقِّقِ حُجَّةِ اللَّهِ الْبَعْلِيِّ التَّاجِيِّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْأشَبْاهِ مَا نَصُّهُ تَنْبِيهٌ مِثْلُ الْبَرَاءَةِ السُّلْطَانِيَّةِ الدَّفْتَرُ الْخَاقَانِيُّ الْمُعَنْوَنُ بِالطُّرَّةِ السُّلْطَانِيَّةِ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِهِ وَلِلْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ عَلَاءِ الدِّينِ الْحَصْكَفِيُّ شَارِحِ التَّنْوِيرِ وَالْمُلْتَقَى رِسَالَةٌ فِي ذَلِكَ حَاصِلُهَا بَعْدَ أَنْ نَقَلَ مَا هُنَا مِنْ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِكِتَابِ الْأَمَانِ وَنَقَلَ جَزْمَ ابْنِ الشِّحْنَةِ وَابْنِ وَهْبَانَ بِالْعَمَلِ بِدَفْتَرِ الصَّرَّافِ وَالْبَيَّاعِ وَالسِّمْسَارِ لِعِلَّةِ أَمْنِ التَّزْوِيرِ.
كَمَا جَزَمَ بِهِ الْبَزَّازِيُّ وَالسَّرَخْسِيُّ وَقَاضِي خَانْ وَأَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ فِي الدَّفَاتِرِ السُّلْطَانِيَّةِ أَوْلَى كَمَا يَعْرِفُهُ مَنْ شَاهَدَ أَحْوَالَ أَهَالِيِهَا حِينَ نَقَلَهَا إذْ لَا تُحَرَّرُ أَوَّلًا إلَّا بِإِذْنِ السُّلْطَانِ ثُمَّ بَعْدَ اتِّفَاقِ الْجَمِّ الْغَفِيرِ عَلَى نَقْلِ مَا فِيهَا مِنْ غَيْرِ تَسَاهُلٍ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ تُعْرَضُ عَلَى الْمُعَيَّنِ لِذَلِكَ فَيَضَعُ خَطَّهُ عَلَيْهَا ثُمَّ تُعْرَضُ عَلَى الْمُتَوَلِّي لِحِفْظِهَا الْمُسَمَّى بِدَفْتَرٍ أَمِينِيٍّ فَيَكْتُبُ عَلَيْهَا ثُمَّ تُعَادُ أُصُولُهَا إلَى أَمْكِنَتِهَا الْمَحْفُوظَةِ بِالْخَتْمِ فَالْأَمْنُ مِنْ التَّزْوِيرِ مَقْطُوعٌ بِهِ وَبِذَلِكَ.
كُلِّهِ يَعْلَمُ جَمِيعُ أَهْلِ الدَّوْلَةِ وَالْكَتَبَةُ فَلَوْ وُجِدَ فِي الدَّفَاتِرِ أَنَّ الْمَكَانَ الْفُلَانِيَّ وَقْفٌ عَلَى الْمَدْرَسَةِ الْفُلَانِيَّةِ مَثَلًا يُعْمَلُ بِهِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ وَبِذَلِكَ يُفْتِي مَشَايِخُ الْإِسْلَامِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي بَهْجَةِ عَبْدِ اللَّهِ أَفَنْدِي وَغَيْرِهَا فَلْيُحْفَظْ. اهـ.
مَا نَقَلْتُهُ مِنْ شَرْحِ شَيْخِنَا الْمَذْكُورِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى انْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ ظَاهِرًا وَعَلَيْهِ فَمَا يُوجَدُ فِي دَفَاتِرِ التُّجَّارِ فِي زَمَانِنَا إذَا مَاتَ أَحَدُهُمْ وَقَدْ حَرَّرَ بِخَطِّهِ مَا عَلَيْهِ فِي دَفْتَرِهِ الَّذِي يَقْرُبُ مِنْ الْيَقِينِ أَنَّهُ لَا يُكْتَبُ فِيهِ عَلَى سَبِيلِ التَّجْرِبَةِ وَالْهَزْلِ يُعْمَلُ بِهِ وَالْعُرْفَ جَارٍ بَيْنَهُمْ بِذَلِكَ فَلَوْ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ لَزِمَ ضَيَاعُ أَمْوَالِ النَّاسِ إذْ غَالِبُ بِيَاعَاتِهِمْ بِلَا شُهُودٍ فَلِهَذِهِ الضَّرُورَةِ جَزَمَ بِهِ الْجَمَاعَةُ الْمَذْكُورُونَ وَأَئِمَّةُ بَلْخِي كَمَا نَقَلَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَكَفَى بِالْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ وَقَاضِي خَانْ قُدْوَةً وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ قَاعِدَةِ أَنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِالْخَطِّ فَلَا يَرِدُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا تَحِلُّ الشَّهَادَةُ بِالْخَطِّ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْعَامَّةُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ تَعْلِيلُهُمْ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ قَدْ تَكُونُ لِلتَّجْرِبَةِ فَإِنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ فِي مَسْأَلَتِنَا مُنْتَفِيَةٌ وَاحْتِمَالُ أَنَّ التَّاجِرَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَدْ دَفَعَ الْمَالَ وَأَبْقَى الْكِتَابَةَ فِي دَفْتَرِهِ بَعِيدٌ جِدًّا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الِاحْتِمَالَ مَوْجُودٌ وَلَوْ كَانَ بِالْمَالِ شُهُودٌ فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ قَدْ أَوْفَى الْمَالَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الشُّهُودُ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّا حَيْثُ قُلْنَا بِالْعَمَلِ بِمَا فِي الدَّفْتَرِ فَذَاكَ فِيمَا عَلَيْهِ.
كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ وَغَيْرِهَا أَمَّا فِيمَا لَهُ عَلَى النَّاسِ فَلَا يَنْبَغِي الْقَوْلُ بِهِ فَلَوْ ادَّعَى بِمَالٍ عَلَى آخَرَ مُسْتَنِدًا لِدَفْتَرِ نَفْسِهِ لَا يُقْبَلُ لِقُوَّةِ التُّهْمَةِ هَذَا وَقَدْ وَقَعَتْ فِي زَمَانِنَا حَادِثَةٌ سُئِلْنَا عَنْهَا فِي تَاجِرٍ لَهُ دَفْتَرٌ عِنْدَ كَاتِبِهِ الذِّمِّيِّ مَاتَ التَّاجِرُ فَادَّعَى عَلَيْهِ آخَرُ بِمَالٍ وَأَنَّهُ مَكْتُوبٌ بِخَطِّ كَاتِبِهِ الذِّمِّيِّ فَكَشَفَ عَلَى الدَّفْتَرِ فَوُجِدَ كَذَلِكَ وَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ الْمَالَ وَاَلَّذِي ظَهَرَ لِي فِي الْجَوَابِ أَنَّهُ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالْمَالِ لِكَوْنِهِ لَيْسَ خَطَّهُ بَلْ هُوَ خَطُّ كَافِرٍ وَلِكَوْنِ الدَّفْتَرِ لَيْسَ تَحْتَ يَدِهِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الذِّمِّيَّ كَتَبَهُ بَعْدَ مَوْتِ التَّاجِرِ فَقَدْ وُجِدَتْ فِيهِ شُبْهَةٌ قَوِيَّةٌ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ دَفْتَرُهُ بِخَطِّهِ وَهُوَ مَحْفُوظٌ عِنْدَهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
وَقَدْ رَأَيْت فِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ الْحَانُوتِيِّ سُؤَالًا حَاصِلُهُ فِيمَا يَكْتُبُهُ التُّجَّارُ عَلَى أَحْمَالِهِمْ مِنْ الْعَلَامَةِ الدَّالَّةِ عَلَى اسْمِ صَاحِبِهَا هَلْ تَدُلُّ الْعَلَامَةُ عَلَى أَنَّ الْحِمْلَ مِلْكُ صَاحِبِ الْعَلَامَةِ الْجَوَابُ إنْ كَانَ صَاحِبُ الْعَلَامَةِ أَوْ وَكِيلُهُ وَاضِعٌ الْيَدَ عَلَى الْحُمُولِ فَلَا كَلَامَ فِي أَنَّ وَضْعَ الْيَدِ دَلِيلُ الْمِلْكِ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا عِبْرَةَ حِينَئِذٍ بِمُجَرَّدِ مَا لَمْ يَثْبُتْ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ خِلَافُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَضْعُ يَدٍ فَالْأَصْلُ أَيْضًا أَنَّ الْحُمُولَ لِصَاحِبِ الِاسْمِ حَيْثُ لَمْ يَثْبُتْ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَنَّهَا لِغَيْرِهِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مَبْلَغٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ بِذِمَّةِ ابْنِهِ الْبَالِغِ فَأَذِنَ لَهُ بِالْإِنْفَاقِ مِنْهُ عَلَى أَوْلَادٍ آخَرِينَ صِغَارٍ وَعَلَى أُمِّهِمْ وَغَابَ وَأَنْفَقَ الِابْنُ عَلَيْهِمْ مِنْ ذَلِكَ الْمَبْلَغِ قَدْرًا مَعْلُومًا نَفَقَةَ الْمِثْلِ فِي مُدَّةِ غَيْبَةِ أَبِيهِ الْمُحْتَمَلَةِ لِذَلِكَ وَالظَّاهِرُ يُصَدِّقُهُ فِيهَا ثُمَّ حَضَرَ الْأَبُ وَيُرِيدُ احْتِسَابَ مَا أَنْفَقَهُ عَلَى أَبِيهِ مِنْ مَبْلَغِهِ الْمَزْبُورِ بَعْدَ ثُبُوتِ الْإِذْنِ وَالْإِنْفَاقِ وَقَدَّرَهُ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَسُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ عَنْ شَخْصٍ أَذِنَ لِآخَرَ أَنْ يُعْطِيَ زَيْدًا أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِهِ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ فَأَدَّى الْمَأْمُورُ وَغَابَ زَيْدٌ وَأَنْكَرَ الْإِذْنَ وَطَالَبَهُ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى الدَّفْعِ فَهَلْ يُلْزَمُ بِذَلِكَ أَجَابَ إنْ كَانَ الْمَالُ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ أَمَانَةً فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَأْمُورِ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ كَانَ مَغْصُوبًا أَوْ دَيْنًا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) هَلْ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ لَوْ أَقَامَهَا الْمُدَّعِي بَعْدَ يَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؟
(الْجَوَابُ): تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ وَتُقْبَلُ عَلَى مَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى وَالتَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الدَّعْوَى قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ لَوْ أَقَامَهَا الْمُدَّعِي بَعْدَ يَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عِنْدَ الْعَامَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو مَالًا فَأَجَابَ بِالْإِنْكَارِ فَأَثْبَتَ ذَلِكَ زَيْدٌ بِالْبَيِّنَةِ وَقَضَى الْقَاضِي بِهِ ثُمَّ ادَّعَى عَمْرٌو أَنَّهُ أَبْرَأَهُ مِنْهُ فَهَلْ يُقْبَلُ بُرْهَانُهُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ يَقْبَلُ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَمَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَالًا فَقَالَ مَا كَانَ لَك عَلَيَّ شَيْءٌ قَطُّ فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي عَلَى أَلْفٍ وَبَرْهَنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْقَضَاءِ أَيْ الْإِيفَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ وَلَوْ بَعْدَ الْقَضَاءِ قُبِلَ بُرْهَانُهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقَرَّ زَيْدٌ بِأَنَّ بِذِمَّتِهِ لِعَمْرٍو مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَثَبَتَ إقْرَارُهُ الْمَذْكُورُ لَدَى الْقَاضِي بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَحَكَمَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ ثُمَّ قَامَ الْآنَ يَدَّعِي إيفَاءَ بَعْضِ الْمَبْلَغِ الْمَزْبُورِ قَبْلَ الْإِقْرَارِ فَهَلْ تَكُونُ دَعْوَاهُ غَيْرَ مَقْبُولَةٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ فِي الْأَنْقِرْوِيِّ مِنْ التَّنَاقُضِ عَنْ الثَّانِيَ عَشَرَ مِنْ الأسروشنية وَإِنْ ادَّعَى الْإِيفَاءَ قَبْلَ الْإِقْرَارِ لَا تُقْبَلُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى جَمَاعَةٌ عَلَى زَيْدٍ بِمَبْلَغٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ تَسْتَحِقُّهُ مُوَرِّثَتُهُمْ فُلَانَةُ فَاعْتَرَفَ بِهِ ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامٍ أَقَامَ زَيْدٌ بَيِّنَةً عَلَى دَفْعِهِ الْمَبْلَغَ لِلْمُوَرِّثَةِ قَبْلَ مَوْتِهَا وَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَيَحْلِفُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَيَحْلِفُ لِمَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ لَوْ ادَّعَى الْإِيفَاءَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ فَإِنْ كَانَ كِلَا الْقَوْلَيْنِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ لَمْ تُقْبَلْ لِلتَّنَاقُضِ وَإِنْ تَفَرَّقَا عَنْ الْمَجْلِسِ ثُمَّ ادَّعَاهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْإِيفَاءِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ تُقْبَلُ لِعَدَمِ التَّنَاقُضِ وَنَحْوُهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالْأَشْبَاهِ وَالْبَحْرِ وَغَيْرِهَا وَلَوْ ادَّعَى الْإِيفَاءَ قَبْلَ إقْرَارِهِ لَا تُقْبَلُ كَمَا فِي الْفُصُولَيْنِ وَمِثْلُهُ فِي فَتَاوَى التُّمُرْتَاشِيِّ مِنْ الدَّعْوَى مُفَصَّلًا وَفِي الْمُحِبِّيَّةِ مِنْ الدَّعْوَى لَوْ ادَّعَى دَيْنًا عَلَيْهِ فَأَقَرْ ثُمَّ ادَّعَى الْإِيفَاءَ بَعْدَ ذَا الْخَبَرْ لَمْ تُسْتَمَعْ دَعْوَاهُ لِلتَّنَاقُضِ إلَّا إذَا ادَّعَى بِدَفْعٍ عَارِضِ كَأَنْ يَقُولَ كَانَ دَفْعِي بَعْدَ أَنْ أَقْرَرْت بَعْدَ بُرْهَةٍ مِنْ الزَّمَنْ أَوْ قَدْ دَفَعْت عَقِبَ التَّفَرُّقِ عَنْ مَجْلِسِي فَعِنْدَ ذَاكَ صَدِّقْ. (أَقُولُ) هَذِهِ النُّقُولُ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ الصَّوَابَ فِي الْجَوَابِ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ عَدَمُ قَبُولِ الْبَيِّنَةِ كَمَا فِي جَوَابِ السُّؤَالِ الَّذِي قَبْلَهُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَاعَ زَيْدٌ ثُلُثَيْ دَارِهِ الْمَعْلُومَةِ مِنْ ابْنَتِهِ الْبَالِغَةِ وَثُلُثَهَا مِنْ زَوْجَتِهِ بَيْعًا بَاتًّا شَرْعِيًّا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَبْرَأَهُمَا عَنْهُ إبْرَاءً شَرْعِيًّا فِي صِحَّتِهِ وَجَوَازِ أَمْرِهِ الشَّرْعِيِّ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ عَمَّنْ ذَكَرَ وَعَنْ تَرِكَةٍ مُسْتَغْرَقَةٍ بِالدَّيْنِ وَثَبَتَ الْبَيْعُ وَالْإِبْرَاءُ الْمَذْكُورَانِ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ ثُبُوتًا شَرْعِيًّا فِي وَجْهِ غَرِيمِ الْمَيِّتِ فَهَلْ يَكُونُ الْإِثْبَاتُ شَرْعِيًّا صَحِيحًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ إذَا ادَّعَى دَيْنًا عَلَى مَيِّتٍ بِحَضْرَةِ وَارِثِهِ وَذَكَرَ الْوَارِثُ أَنَّ الْمَيِّتَ قَدْ كَانَ بَاعَ هَذَا الْعَيْنَ فِي حَيَاتِهِ مِنْ فُلَانٍ كَانَ دَفْعًا صَحِيحًا حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ تَنْدَفِعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي مُحِيطٌ بُرْهَانِيٌّ فِي الدَّعْوَى مِنْ فَصْلِ الْمُتَفَرِّقَاتِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى الْمَدْيُونُ الْإِيصَالَ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعِي وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ فَطَلَبَ يَمِينَهُ فَقَالَ الْمُدَّعِي اجْعَلْ حَقِّي فِي الْخَتْمِ بِمَعْنَى أَحْضِرْ حَقِّي ثُمَّ اسْتَحْلِفْنِي فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ فِي زَمَانِنَا كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ مِنْ الدَّعْوَى.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو مَمْلُوكًا بَالِغًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَتَسَلَّمَهُ الْمُشْتَرِي وَبَقِيَ عِنْدَهُ أَيَّامًا ثُمَّ إنَّ الْمَمْلُوكَ يُرِيدُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى سَيِّدِهِ زَيْدٍ بِأَنَّ عَمْرًا أَعْتَقَهُ حِينَ كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ فِي وَقْتِ كَذَا وَلَهُ بَيِّنَةٌ شَرْعِيَّةٌ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ تُقْبَلُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَلَوْ بَاعَ عَبْدًا وَدَفَعَهُ إلَى الْمُشْتَرَى وَقَبَضَ ثَمَنَهُ وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَذَهَبَ بِهِ إلَى مَنْزِلِهِ وَالْعَبْدُ سَاكِتٌ وَهُوَ مِمَّنْ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ فَهَذَا إقْرَارٌ مِنْهُ بِالرِّقِّ؛ لِأَنَّهُ انْقَادَ لِلْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ وَلَا يَثْبُتُ ذَلِكَ شَرْعًا إلَّا فِي الرَّقِيقِ فَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَسْعَى فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ إلَّا أَنْ تَقُومَ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ تُقْبَلُ وَالتَّنَاقُضُ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ أَطْلِقْ الْحُرِّيَّةَ فَشَمِلَ الْأَصْلِيَّةَ وَالْعَارِضَةَ لِخَفَاءِ حَالِ الْعُلُوقِ فَإِنَّ الْوَلَدَ يُجْلَبُ صَغِيرًا مِنْ دَارٍ إلَى دَارٍ وَيَنْفَرِدُ الْمَوْلَى بِالْإِعْتَاقِ إلَخْ الْبَحْرُ الرَّائِقُ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ وَمِثْلُهُ فِي الدُّرَرِ وَتَمَامُ فُرُوعِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ فِي دَعْوَى الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَامَ مِنْ آخَرَ عَيْنًا بِيَدِهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ تِلْكَ الْعَيْنَ لَهُ فَهَلْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَا تُسْمَعُ بَعْدَ ثُبُوتِ الْمُسَاوَمَةِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقَرَّ زَيْدٌ فِي صِحَّتِهِ وَسَلَامَتِهِ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ يَسْتَحِقُّ وَلَا يَسْتَوْجِبُ قَبْلَ عَمْرٍو حَقًّا مُطْلَقًا مِنْ سَائِرِ الْحُقُوقِ الشَّرْعِيَّةِ وَأَبْرَأَ ذِمَّتَهُ إبْرَاءً عَامًّا مِنْ كُلِّ حَقٍّ وَدَعْوَى شَرْعِيَّيْنِ قَامَ زَيْدٌ الْآنَ يُرِيدُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى عَمْرٍو بِشَيْءٍ سَابِقٍ عَلَى تَارِيخِ الْإِقْرَارِ وَالْإِبْرَاءِ الْعَامَّيْنِ وَيُحَلِّفُهُ عَلَيْهِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَالْعِمَادِيَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ وَبِهِ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ الْحَانُوتِيُّ وَلِلشُّرُنْبُلَالِيِّ رِسَالَةٌ فِي ذَلِكَ سَمَّاهَا تَنْقِيحَ الْأَحْكَامِ فِي حُكْمِ الْإِقْرَارِ وَالْإِبْرَاءِ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ وَأَجَابَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ إذَا لَمْ يُثْبِتْ الْمُقِرُّ بِالْبَرَاءَةِ أَنَّ تَارِيخَ مَا ادَّعَى بِهِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ تَارِيخِ الْبَرَاءَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ مَعَ يَمِينِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَأَجَابَ عَنْ الْمِكَاسِ إذَا أَشْهَدَ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى زَيْدٍ مَكْسَ كَذَا وَكَذَا وَكَذَا وَلَا كَذَا وَلَا غَيْرِهِ ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ مَالًا فَتَمَسَّكَ بِقَوْلِهِ وَلَا غَيْرِهِ فَقَالَ الْمَكَّاسُ أَرَدْتُ وَلَا غَيْرِهِ مِنْ الْمُكُوسِ خَاصَّةً بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُدَّعِي مَعَ يَمِينِهِ أَنَّ الَّذِي ادَّعَى بِهِ غَيْرُ الْمَكْسِ وَأَنَّ قَوْلَهُ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ بَيَانٌ لِلْمَكْسِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُجْمِلُ وَالْمُبْرِئُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ مِنْ بَابِ الْقَضَاءِ.
وَصُورَةُ فَتْوَى الْحَانُوتِيِّ مَا نَصُّهُ فِيمَنْ أَبْرَأَ عَامًّا هَلْ لَهُ دَعْوَى بِشَيْءٍ سَابِقٍ أَمْ لَا أَجَابَ حَيْثُ أَبْرَأَ عَامًّا مُشْتَمِلًا عَلَى الْإِقْرَارِ بِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ حَقًّا مُطْلَقًا وَلَا اسْتِحْقَاقًا وَلَا دَعْوَى لَيْسَ لَهُ الدَّعْوَى بِشَيْءٍ سَابِقٍ عَلَى الْبَرَاءَةِ الْمَذْكُورَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقَعْ بِلَفْظِ الْإِقْرَارِ بِعَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ عَلَى وَجْهِ النَّفْيِ بَلْ وَقَعَ بِلَفْظِ الْإِبْرَاءِ عَنْ الْمَالِ أَوْ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِيهِ الْإِبْرَاءُ عَنْ الْأَعْيَانِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِلَفْظِ الْإِبْرَاءِ عَنْ الدَّعْوَى كَمَا سَيَأْتِي عَنْ الْفُصُولِ نَقْلًا عَنْ قَاضِي خَانْ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي نَوْعٍ فِي الْمُسَاوَمَةِ وَفِي الْعِدَّةِ أَبْرَأَهُ عَنْ الدَّعَاوَى ثُمَّ ادَّعَى مَالًا بِالْإِرْثِ إنْ كَانَ مَوْتُ مُوَرِّثِهِ قَبْلَ الْإِبْرَاءِ صَحَّ وَتَبْطُلُ الدَّعْوَى وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِ مُوَرِّثِهِ وَمِثْلُهُ فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي الْإِبْرَاءِ عَنْ الدَّعَاوَى وَلَمْ يَذْكُرْ كُلٌّ مِنْهُمَا جَوَابَ الشَّرْطِ الَّذِي ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِ مُوَرِّثِهِ فَكَانَتْ وَصْلِيَّةً فَيَقْتَضِي أَنَّ الشَّرْطَ أَنْ يَكُونَ مَوْتُ الْمُوَرِّثِ سَابِقًا عَنْ الْإِبْرَاءِ سَوَاءٌ عَلِمَ الْمُبْرِئُ بِالْمَوْتِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ.
لَكِنْ قَدْ ذَكَرَ صَاحِبُ الْبَزَّازِيَّةِ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَكْثَرَ مِنْ كُرَّاسٍ فِي الرَّابِعَ عَشَرَ فِي دَعْوَى الْإِبْرَاءِ وَالصُّلْحِ جَوَابَ الشَّرْطِ وَلَمْ يَجْعَلْ أَدَاةَ الشَّرْطِ وَصْلِيَّةً حَيْثُ قَالَ أَبْرَأَهُ عَنْ الدَّعَاوَى ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ إرْثًا عَنْ أَبِيهِ إنْ كَانَ مَاتَ أَبُوهُ قَبْلَ الْإِبْرَاءِ لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى وَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ مَوْتَهُ وَقْتَ الْإِبْرَاءِ يَصِحُّ فَقَدْ أَتَى بِقَوْلِهِ يَصِحُّ الَّذِي هُوَ جَوَابُ الشَّرْطِ وَلَمْ يَجْعَلْ الْأَدَاةَ وَصْلِيَّةً كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ وَقَالَ فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ مِنْ الْعِمَادِيَّةِ مَا نَصُّهُ وَفِي دَعْوَى فَتَاوَى قَاضِي خَانْ اتَّفَقَتْ الرِّوَايَاتُ عَلَى أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَوْ قَالَ لَا دَعْوَى لِي قِبَلَ فُلَانٍ وَلَا خُصُومَةَ لِي قَبْلَهُ يَصِحُّ حَتَّى لَا تُسْمَعَ دَعْوَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا فِي حَقٍّ حَادِثٍ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ وَلَوْ قَالَ بَرِئْتُ مِنْ دَعْوَايَ فِي هَذِهِ الدَّارِ يَصِحُّ وَلَا يَبْقَى لَهُ حَقٌّ فِيهَا وَلَوْ قَالَ بَرِئْتُ مِنْ هَذَا الْعَبْدِ كَانَ بَرِيئًا مِنْهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ خَرَجْتُ مِنْ هَذَا الْعَبْدِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَهُ.
وَقَالَ فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ سُئِلَ إذَا أَقَرَّ شَخْصٌ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى فُلَانٍ حَقًّا وَلَا يَمِينًا بِاَللَّهِ تَعَالَى لِمَا مَضَى مِنْ الزَّمَانِ وَإِلَى تَارِيخِهِ ثُمَّ ادَّعَى الْمُقِرُّ بِدَعْوَى مَاضِيَةٍ فَطَلَبَ يَمِينَهُ هَلْ يَحْلِفُ أَجَابَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ عَلَيْهِ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْيَمِينَ بَعْدَ صِحَّةِ الدَّعْوَى.
وَقَالَ فِي الْمَبْسُوطِ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْبَحْرِ فِي صُلْحِ الْوَرَثَةِ وَنَصُّهُ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ لَا حَقَّ لِي قِبَلَ فُلَانٍ كُلُّ عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ وَكُلُّ كَفَالَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ أَوْ إجَارَةٍ فَإِنْ ادَّعَى الطَّالِبُ قَبْلَ ذَلِكَ حَقًّا لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ عَلَيْهِ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنَّهُ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ؛ لِأَنَّهُ بِهَذَا اللَّفْظِ اسْتَفَادَ الْبَرَاءَةَ عَلَى الْعُمُومِ وَكَذَا إذَا قَالَ لَا مِلْكَ لِي فِي هَذَا الْعَيْنِ كَمَا فِي الْبَحْرِ أَيْضًا عَنْ الْمَبْسُوطِ فَانْظُرْ إلَى هَذِهِ النُّقُولِ عَنْ هَذِهِ الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ خُصُوصًا مَا نَقَلَهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ عَنْ قَاضِي خَانْ بِقَوْلِهِ وَقَدْ اتَّفَقَتْ الرِّوَايَاتُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ وَلَا يُشْكِلُ عَلَى تِلْكَ النُّقُولِ الْمُعْتَبَرَةِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ مَا يُبْطِلُ الدَّعْوَى بِقَوْلِهِ لَوْ مَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ وَقَسَّمُوا التَّرِكَةَ بَيْنَهُمْ وَأَبْرَأَ كُلٌّ مِنْهُمْ صَاحِبَهُ مِنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُ الْوَرَثَةِ إرْثًا عَنْ الْمَيِّتِ تَصِحُّ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ هَذَا مُنَافٍ لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا وَقَعَتْ الْبَرَاءَةُ عَنْ الدَّعَاوَى ثُمَّ ادَّعَى مَالًا بِالْإِرْثِ فَإِنْ كَانَ قَدْ عَلِمَ بِمَوْتِ الْمُوَرِّثِ صَحَّ وَتَبْطُلُ الدَّعْوَى فَأُخِذَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى وَلَوْ ادَّعَى إرْثًا حَيْثُ عَلِمَ بِمَوْتِ الْمُوَرِّثِ قَبْلَ الْبَرَاءَةِ.
نَعَمْ يَخْرُجُ كَلَامُ الْقُنْيَةِ بِقَوْلِنَا أَوَّلًا إذَا وَقَعَتْ الْبَرَاءَةُ عَلَى وَجْهِ الْعُمُومِ وَكَانَتْ مُشْتَمِلَةً عَلَى الْإِقْرَارِ بِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ حَقًّا مُطْلَقًا إلَخْ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الْإِخْبَارِ وَمَا فِي الْقُنْيَةِ مِنْ بَابِ الْإِنْشَاءِ وَهُوَ الْإِبْرَاءُ وَكَذَا مَا ذَكَرَهُ فِي الْقُنْيَةِ وَغَيْرِهَا بِقَوْلِهِمْ وَصِيُّ الْمَيِّتِ إذَا دَفَعَ مَا كَانَ فِي يَدِهِ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ إلَى وَلَدِ الْمَيِّتِ وَأَشْهَدَ الْوَلَدُ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ قَبَضَ تَرِكَةَ وَالِدِهِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ مِنْهَا قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ إلَّا اسْتَوْفَاهُ ثُمَّ ادَّعَى فِي يَدِ الْوَصِيِّ شَيْئًا وَقَالَ هَذَا مِنْ تَرِكَةِ وَالِدِي وَأَقَامَ بَيِّنَةً قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ جَوَابُهُ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ الْإِقْرَارُ عَلَى الْعُمُومِ الْمُطْلَقِ إنَّمَا عَمَّمَ فِي تَرِكَةِ وَالِدِهِ حَيْثُ قَالَ لَمْ يَبْقَ لَهُ مِنْهَا أَيْ مِنْ التَّرِكَةِ وَلَمْ يَأْتِ بِالْعُمُومِ مُطْلَقًا وَلِذَا قَالَ قَاضِي خَانْ وَغَيْرُهُ فِي الْوَصِيَّةِ أَشْهَدَ الْيَتِيمَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ قَبَضَ مِنْ الْوَصِيِّ تَرِكَةَ وَالِدِهِ إلَخْ وَلَمْ يُعَمِّمْ بَلْ خَصَّصَ فِي تَرِكَةِ وَالِدِهِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَقَدْ جَعَلَ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ لِابْنِ نُجَيْمٍ ذَلِكَ مُسْتَثْنًى مِنْ الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ حَيْثُ قَالَ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بَعْدَ الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ إلَّا ضَمَانَ الدَّرْكِ.
ثُمَّ قَالَ وَأَمَّا إذَا أَبْرَأَ الْوَارِثُ الْوَصِيَّ إبْرَاءً عَامًّا وَقَدْ أَوْسَعَ فِي ذَلِكَ وَعَلَى مَا قَرَّرْنَا الْإِبْرَاءَ الْعَامَّ بِأَنْ يَكُونَ الْعُمُومُ مُطْلَقًا لَا مِنْ جِهَةِ التَّرِكَةِ وَلَا غَيْرِهَا لَا يَحْتَاجُ إلَى جَعْلِهَا مِنْ الْمُسْتَثْنَيَاتِ؛ لِأَنَّهُ يُشْكِلُ عَلَى جَعْلِهَا مِنْ الْمُسْتَثْنَيَاتِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ فِي أَوَّلِ هَذَا الْكَلَامِ مِنْ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى وَلَوْ كَانَتْ بِالْإِرْثِ حَيْثُ عَلِمَ بِمَوْتِ الْمُوَرِّثِ إلَّا أَنْ تُخَصَّ الْمَسْأَلَةُ الْمُسْتَثْنَاةُ بِمَسْأَلَةِ الْوَصِيِّ دُونَ الْوَارِثِ تَأَمَّلْ (قُلْت) وَذَلِكَ كُلُّهُ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ الْبَرَاءَةُ وَالْإِقْرَارُ بَعْدَ دَعْوَى شَيْءٍ خَاصٍّ وَلَمْ يُعَمِّمْ بِأَنْ يَقُولَ أَيَّةَ دَعْوَى كَانَتْ أَوْ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ لِمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَيْضًا بَعْدَ كَلَامِهِ السَّابِقِ بِقَوْلِهِ وَفِي الْمُنْيَةِ ادَّعَى عَلَيْهِ دَعَاوَى مُعَيَّنَةً ثُمَّ صَالَحَهُ وَأَقَرَّ أَنَّهُ لَا دَعْوَى لَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ حَقًّا آخَرَ تُسْمَعُ وَحَمَلَ إقْرَارَهُ عَلَى الدَّعْوَى الْأُولَى إلَّا إذَا عَمَّمَ وَقَالَ أَيَّةَ دَعْوَى كَانَتْ أَوْ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ وَمِمَّا يَدُلُّك عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُمُومِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ أَيَّةَ دَعْوَى كَانَتْ مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَيْضًا فِي الصُّلْحِ فِي نَوْعٍ فِيمَا يُشْتَرَطُ قَبْضُهُ مَا نَصُّهُ ادَّعَى دَيْنًا أَوْ عَيْنًا عَلَى آخَرَ وَصَالَحَهُ عَلَى بَدَلٍ وَكَتَبَا بِذَلِكَ وَثِيقَةَ الصُّلْحِ وَذَكَرَا فِيهَا صَالَحَا عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى عَلَى كَذَا وَلَمْ يَبْقَ لِهَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَى وَلَا خُصُومَةٌ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ ثُمَّ جَاءَ الْمُدَّعِي يَدَّعِي عَلَيْهِ بَعْدَ الصُّلْحِ بِدَعْوَى أُخْرَى بِأَنْ كَانَتْ الْمُدَّعِيَةُ مَثَلًا امْرَأَةً ادَّعَتْ دَارًا وَجَرَى الْحَالُ كَمَا ذُكِرَ ثُمَّ جَاءَتْ الْمَرْأَةُ تَطْلُبُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَيْنًا بِالْمَهْرِ لَا تُسْمَعُ؛ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ عَنْ الدَّعْوَى ذُكِرَتْ مُطْلَقَةً أَيْ عَامَّةً حَيْثُ قَالَ وَلَا خُصُومَةَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَلَا مَانِعٍ مِنْ أَنْ يَدَّعِيَ وَاحِدًا وَيُصَالِحَ عَنْهُ وَعَنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى تَأَمَّلْ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالْعُمُومِ أَنْ يَأْتِيَ بِشَيْءٍ زَائِدٍ عَلَى قَوْلِهِ لَا دَعْوَى لَهُ حَيْثُ قَالَ وَلَا خُصُومَةَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَإِنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ مُفِيدًا لِلْعُمُومِ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ مَعْنَى أَيَّةِ دَعْوَى كَانَتْ.
وَبِمَا ذَكَرْنَاهُ انْدَفَعَ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ التَّنَاقُضِ بَيْنَ كَلَامِهِمْ؛ لِأَنَّ الْمُصَرِّحِينَ بِعَدَمِ سَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ الْمُطْلَقِ هُمْ الْمُصَرِّحُونَ بِسَمَاعِهَا بَعْدَ إبْرَاءِ الْوَارِثِ وَغَيْرِهِ لَكِنْ فِي مَحَالَّ مُخْتَلِفَةٍ فَلَوْلَا هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ لَكَانَ التَّنَاقُضُ وَاقِعًا بَيْنَ كَلَامِهِمْ أَجْمَعِينَ. (أَقُولُ) وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى مَسْأَلَةِ دَعْوَى الْوَارِثِ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِالِاسْتِيفَاءِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقَرَّ زَيْدٌ فِي صِحَّتِهِ وَسَلَامَتِهِ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ قِبَلَ عَمْرٍو مِنْ الْحُقُوقِ الشَّرْعِيَّةِ مُطْلَقًا ثُمَّ أَرَادَ الْآنَ الدَّعْوَى عَلَى عَمْرٍو بِكَفَالَةٍ سَابِقَةٍ عَلَى الْإِقْرَارِ الْمَزْبُورِ فَهَلْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى زَيْدٍ بِذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ يَدْخُلُ فِي الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ الْمَذْكُورِ الْكَفَالَةُ كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبَحْرِ كَمَا بَسَطَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي رِسَالَتِهِ: تَنْقِيحُ الْأَحْكَامِ فِي حُكْمِ الْإِبْرَاءِ وَالْإِقْرَارِ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ نَاقِلًا عَنْ الْمَبْسُوطِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَاعَ زَيْدٌ رَقِيقَهُ الْبَالِغَ مِنْ عَمْرٍو بَيْعًا بَاتًّا شَرْعِيًّا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالرَّقِيقُ مُنْقَادٌ لِلرِّقِّ وَالْبَيْعِ قَامَ الْبَائِعُ الْآنَ يَدَّعِي عِتْقَ الرَّقِيقِ قَبْلَ بَيْعِهِ لَهُ وَالرَّقِيقُ لَمْ يَدَّعِهِ فَهَلْ دَعْوَى الْعَبْدِ شَرْطٌ فِي الْعِتْقِ الْعَارِضِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَالْعَبْدُ إذَا ادَّعَى حُرِّيَّةَ الْأَصْلِ ثُمَّ الْعِتْقَ الْعَارِضَ تُسْمَعُ وَالتَّنَاقُضُ لَا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ وَفِي حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ لَا تُشْتَرَطُ الدَّعْوَى وَفِي الْإِعْتَاقِ الْمُبْتَدَأِ تُشْتَرَطُ الدَّعْوَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَيْسَ بِشَرْطٍ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ دَعْوَى الْأَمَةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ خُلَاصَةٌ مِنْ الْفَصْلِ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي دَعْوَى الْعِتْقِ وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الدَّعْوَى تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ حِسْبَةً بِدُونِ الدَّعْوَى فِي طَلَاقِ الْمَرْأَةِ وَعِتْقِ الْأَمَةِ وَالْوَقْفِ وَهِلَالِ رَمَضَانَ إلَى أَنْ قَالَ وَلَا تُقْبَلُ فِي عِتْقِ الْعَبْدِ بِدُونِ الدَّعْوَى خِلَافًا لَهُمَا وَاخْتَلَفُوا عَلَى قَوْلِهِ فِي الْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ وَالْمُعْتَمَدُ لَا. اهـ.
قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ لَا أَيْ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ بِيرِيٌّ وَقَالَ الْحَمَوِيُّ تَحْتَ قَوْلِهِ وَالْمُعْتَمَدُ لَا.
(أَقُولُ) نَقَلَ صَاحِبُ الْعِمَادِيَّةِ عَنْ فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي الشَّهَادَةِ الْقَائِمَةِ عَلَى الْعِتْقِ مِنْ جِهَةِ الْمَوْلَى وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ إذَا شَهِدَ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ أَنَّهَا تُقْبَلُ بِدُونِ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ بِحُرِّيَّةِ أُمِّهِ فَهِيَ شَهَادَةٌ بِحُرْمَةِ الْفَرْجِ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ صَاحِبِ الْمُحِيطِ أَنَّهُ حَكَى فِي شَرْحِهِ لِلْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ الصَّحِيحَ اشْتِرَاطُ الدَّعْوَى فِي ذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ كَمَا فِي الْعِتْقِ الْعَارِضِ وَأَنَّ التَّنَاقُضَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى وَلَا صِحَّةَ الشَّهَادَةِ فِيهَا. اهـ.
وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الدَّعْوَى أَيْضًا الشَّهَادَةُ بِحُرِّيَّةِ الْعَبْدِ بِدُونِ دَعْوَاهُ لَا تُقْبَلُ عِنْدَ الْإِمَامِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ إلَى أَنْ قَالَ وَالصَّحِيحُ عِنْدَهُ اشْتِرَاطُ دَعْوَاهُ فِي الْعَارِضَةِ وَالْأَصْلِيَّةِ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْإِعْتَاقِ مِنْ غَيْرِ الْعَبْدِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ إلَخْ وَفِي فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ جَوَابًا عَنْ سُؤَالٍ حَيْثُ اعْتَرَفَ الْعَبْدُ بِالْعُبُودِيَّةِ لِسَيِّدِهِ يَكُونُ عَبْدًا لَهُ وَسَوَاءٌ كَانَتْ هُنَاكَ بَيِّنَةٌ أَمْ لَا وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ الْمُنَازِعِ إنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ مَعَ عَدَمِ دَعْوَى الْعَبْدِ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ حُرِّيَّةَ الْعَبْدِ لَا تَثْبُتُ إلَّا بَعْدَ دَعْوَاهُ وَلَا تَجُوزُ فِيهَا دَعْوَى الْحِسْبَةِ بِخِلَافِ الْأَمَةِ.
وَأَمَّا إذَا رَجَعَ الْعَبْدُ عَنْ دَعْوَى الْعُبُودِيَّةِ وَادَّعَى الْحُرِّيَّةَ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِدُونِ بَيِّنَةٍ نَعَمْ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً تُسْمَعُ وَلَا يَمْنَعُ التَّنَاقُضَ بَيْنَ قَوْلِهِ أَنَا عَبْدٌ ثُمَّ دَعْوَاهُ الْحُرِّيَّةَ وَإِقَامَةَ الْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ كَمَا فِي الْفَصْلِ الْأَرْبَعِينَ مِنْ الْعِمَادِيَّةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ أَوْدَعَتْ عِنْدَ ابْنَتِهَا الْبَالِغَةِ دَنَانِيرَ مَعْلُومَةً فَتَسَلَّمَتْهَا مِنْهَا وَحَفِظَتْهَا لَهَا إلَى أَنْ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ عَنْ ابْنَتِهَا الْمَزْبُورَةِ وَعَنْ ابْنٍ قَامَتْ الْبِنْتُ تَدَّعِي حِصَّةً فِي الْوَدِيعَةِ مِلْكًا لَهَا غَيْرَ الْإِرْثِ فَهَلْ يَكُونُ مَا ذُكِرَ مَانِعًا مِنْ دَعْوَاهَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ الِاسْتِيدَاعُ يَمْنَعُ دَعْوَى الْمِلْكِ كَمَا فِي الدُّرَرِ وَغَيْرِهِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ رَجُلٌ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ مُسْتَغْرَقَةٍ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ لِجَمَاعَةٍ وَيُرِيدُ بَعْضُ الْوَرَثَةِ أَدَاءَ دَيْنِهِ لِيَبْقَى لَهُ مِنْ التَّرِكَةِ شَيْءٌ بِحَسَبِ مَا يَنُوبُ حِصَّتَهُ مِنْهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَجَازَ لِأَحَدِ الْوَرَثَةِ اسْتِخْلَاصُ الْعَيْنِ مِنْ التَّرِكَةِ بِأَدَاءِ قِيمَتِهِ إلَى الْغُرَمَاءِ فُصُولَيْنِ فِي 28 وَمِثْلُهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَأَفْتَى بِمِثْلِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ مِنْ الدَّعْوَى قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ إذَا جَاءَ الْغَرِيمُ وَادَّعَى الدَّيْنَ فَالْخَصْمُ هُوَ الْوَارِثُ وَلِلْوَرَثَةِ اسْتِخْلَاصُ التَّرِكَةِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَكَذَا لِأَحَدِ الْوَرَثَةِ إذَا امْتَنَعَ الْبَاقُونَ وَلَوْ امْتَنَعَ الْكُلُّ عَنْ الِاسْتِخْلَاصِ لَا يُجْبَرُونَ وَلَكِنَّ الْقَاضِيَ يُنَصِّبُ وَصِيًّا بِيرِيٌّ عَلَى الْأَشْبَاهِ قُبَيْلَ الْكَفَالَةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَكَّلَ رَجُلٌ آخَرَ فِي كِتَابَةِ أَشْيَاءَ عِنْدَ حَاكِمٍ عُرِفَ فَصَارَ يَكْتُبُهَا وَيَأْخُذُ دَرَاهِمَ مِنْ النَّاسِ غَيْرِ شَرْعِيَّةٍ مُسَمَّاةٍ بِالرُّسُومَاتِ وَيَدْفَعُهَا آخِرَ السَّنَةِ لِمُوَكِّلِهِ وَيَزْعُمُ مُوَكِّلُهُ أَنَّهُ قَبَضَ دَرَاهِمَ مِنْ النَّاسِ أَزْيَدَ مِمَّا دَفَعَهُ لَهُ وَيُرِيدُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَأَخْذَهُ مِنْهُ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ تَكُونُ دَعْوَاهُ بِذَلِكَ غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لِأَنَّ الدَّعْوَى لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ بِحَقٍّ ثَابِتٍ مَعْلُومِ الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَذْكُرَ سَبَبَ وُجُوبِهَا وَالْمَالُ الْمُدَّعَى لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي حَتَّى يَحْكُمَ الْحَاكِمُ بِهِ لِلْمُدَّعِي بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَذِكْرِ سَبَبِ وُجُوبِهِ إذْ هُوَ مَالُ النَّاسِ فَحَقُّ الطَّلَبِ لَهُمْ لَا لَهُ وَرُكْنُ الدَّعْوَى أَنْ يُضِيفَ الْحَقَّ إلَى نَفْسِهِ إنْ كَانَ أَصِيلًا فَكَيْفَ يُضِيفُهُ إلَى نَفْسِهِ وَهُوَ لِلنَّاسِ وَلَمْ يَكُنْ وَكِيلًا عَنْهُمْ وَهُوَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ حِسْبَةً عَنْ أَرْبَابِهِ لِمَا فِي الْأَشْبَاهِ أَنَّ لَنَا شَاهِدَ حِسْبَةٍ وَلَيْسَ لَنَا مُدَّعِي حِسْبَةٍ وَقَدْ أَفْتَى بِمِثْلِهِ فِي دَعْوَى الْمُسْتَنِيبِ فِي الْمَحْصُولِ الْعَلَّامَةُ خَيْرُ الدِّينِ كَمَا فِي فَتَاوَاهُ مِنْ الدَّعْوَى نَقْلًا عَنْ شَيْخِهِ الْعَلَّامَةِ الشَّمْسِ الْحَانُوتِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ أَرْضٌ حَامِلَةٌ لِغِرَاسٍ فَزَارَعَ عَمْرًا عَلَيْهَا مُدَّةَ مُزَارَعَةٍ شَرْعِيَّةٍ بَعْدَمَا سَاقَاهُ عَلَى الْغِرَاسِ الْمَرْقُومِ فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ مُسَاقَاةً شَرْعِيَّةً وَالْآنَ قَامَ عَمْرٌو يَدَّعِي أَنَّ الْغِرَاسَ وَالْأَرْضَ لَهُ فَهَلْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْمَزْبُورَةُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَا تُسْمَعُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ فِي فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ وَسَاقَى عَلَى جَمِيعِ الْأَشْجَارِ الَّتِي بِالْغَيْطِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْمِلْكِيَّةَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْجَارِ بَعْدَ ذَلِكَ لِلتَّنَاقُضِ وَإِذَا لَمْ تَصِحَّ الدَّعْوَى لَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَى التَّمْلِيكِ لِمَا فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ مِنْ الْفُصُولِ لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُدَّعِيَ آجَرَ نَفْسَهُ مِنِّي لِيَعْمَلَ فِي الْكَرْمِ يَكُونُ دَفْعًا وَيَكُونُ إقْرَارًا مِنْ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَيْسَ مِلْكَهُ. اهـ.
وَفِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ السَّابِعِ لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُدَّعِيَ آجَرَ نَفْسَهُ مِنِّي لِيَعْمَلَ فِي الْكَرْمِ يَكُونُ دَفْعًا وَيَكُونُ إقْرَارًا مِنْ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَيْسَ مِلْكَهُ وَكَذَا لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُدَّعِيَ اسْتَأْجَرَ مِنِّي هَذِهِ الدَّارَ أَوْ أَخَذَ هَذِهِ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً يَكُونُ دَفْعًا. اهـ.
وَفِي الدُّرَرِ وَالْمُسَاقَاةُ إجَارَةٌ مَعْنًى كَالْمُزَارَعَةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ بِذِمَّةِ عَمْرٍو مَبْلَغٌ دَرَاهِمُ دَيْنٍ شَرْعِيٍّ مَعْلُومٍ وَلِعَمْرٍو بِذِمَّةِ بَكْرٍ دَيْنٌ أَيْضًا يُرِيدُ زَيْدٌ أَخْذَ دَيْنِ عَمْرٍو مِنْ بَكْرٍ بِدُونِ وَكَالَةٍ عَنْ عَمْرٍو وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَفِي الْأَقْضِيَةِ لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَدْيُونِ مَدْيُونِهِ لَا تُقْبَلُ وَلَا يَمْلِكُ أَخْذَ الدَّيْنِ مِنْهُ خُلَاصَةٌ مِنْ الْفَصْلِ الرَّابِعِ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ الْمَرْقُومِ.
(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ مَاتَتْ عَنْ أَبٍ وَزَوْجٍ وَابْنٍ صَغِيرٍ مِنْهُ فَدَفَنَ الْأَبُ مَعَهَا أَمْتِعَةً مِنْ أَمْتِعَتِهَا بِدُونِ إذْنِ الزَّوْجِ وَتَلِفَتْ الْأَمْتِعَةُ فَهَلْ يَضْمَنُ الْأَبُ حِصَّةَ الزَّوْجِ وَالِابْنِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الدَّعْوَى.
(سُئِلَ) فِي أَحَدِ الْوَرَثَةِ إذَا أَشْهَدَ عَلَيْهِ قَبْلَ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى أَعْيَانٍ مَعْلُومَةٍ أَنَّهُ تَرَكَ حَقَّهُ مِنْ الْإِرْثِ وَأَسْقَطَهُ وَأَبْرَأَ ذِمَّةَ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ مِنْهَا وَيُرِيدُ الْآنَ مُطَالَبَةَ حَقِّهِ مِنْ الْإِرْثِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): الْإِرْثُ جَبْرِيٌّ لَا يَسْقُطُ بِالْإِسْقَاطِ وَقَدْ أَفْتَى بِهِ الْعَلَّامَةُ الرَّمْلِيُّ كَمَا هُوَ مُحَرَّرٌ فِي فَتَاوَاهُ مِنْ الْإِقْرَارِ نَقْلًا عَنْ الْفُصُولَيْنِ وَغَيْرِهِ فَرَاجِعْهُ إنْ شِئْت.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ جَمَلٌ عِنْدَ عَمْرٍو وَعَلَى سَبِيلِ الْأَمَانَةِ فَقَالَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو أَبْرَأْتُك عَنْ الْجَمَلِ فَهَلْ يَكُونُ الْإِبْرَاءُ الْمَزْبُورُ غَيْرَ صَحِيحٍ؟
(الْجَوَابُ): الْإِبْرَاءُ عَنْ الْأَعْيَانِ لَا يَجُوزُ كَمَا فِي صَدْرِ الشَّرِيعَةِ مِنْ الصُّلْحِ وَمِثْلُهُ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَالْعَلَائِيِّ وَالْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الدَّعْوَى وَقَدْ حَقَّقَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي رِسَالَتِهِ تَنْقِيحِ الْأَحْكَامِ وَالْبِيرِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ فِي الْقَوْلِ فِي الدَّيْنِ وَفِي لِسَانِ الْحُكَّامِ مِنْ الْفَصْلِ السَّادِسِ فِي الْإِقْرَارِ مَا نَصُّهُ وَفِي الْمَنْبَعِ الْإِبْرَاءُ عَنْ الْأَعْيَانِ لَا يَصِحُّ. اهـ.
وَتَمَامُ الْفَوَائِدِ فِيهِ.
(سُئِلَ) فِي دَارٍ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى بُيُوتٍ وَمَسَاكِنَ وَسَاحَةٍ سَمَاوِيَّةٍ لِلِارْتِفَاقِ لِزَيْدٍ فِيهَا بُيُوتٌ وَلِعَمْرٍو فِيهَا بَيْتٌ وَاحِدٌ فَهَلْ تَكُونُ السَّاحَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَذُو بَيْتٍ مِنْ دَارٍ كَذِي بُيُوتٍ فِي حَقِّ سَاحَتِهَا فَهِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ تَنْوِيرٌ مِنْ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ. (أَقُولُ) وَهَذَا بِخِلَافِ الشُّرْبِ إذَا تَنَازَعُوا فِيهِ فَإِنَّهُ بِقَدْرِ الْأَرْضِ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ أَيْضًا فَعِنْدَ كَثْرَةِ الْأَرَاضِي تَكْثُرُ الْحَاجَةُ إلَيْهِ فَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِ الْأَرَاضِي بِخِلَافِ الِانْتِفَاعِ بِالسَّاحَةِ فَإِنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْلَاكِ كَالْمُرُورِ فِي الطَّرِيقِ كَذَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ لِلزَّيْلَعِيِّ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ اخْتِلَافُ أَصْحَابِ الْبُيُوتِ فِي سَاحَةِ الدَّارِ وَلَا بَيِّنَةَ تُقْسَمُ السَّاحَةُ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ فَمَنْ كَانَ لَهُ بَيْتٌ مِنْ تِلْكَ الدَّارِ يُسَاوِي مَنْ كَانَ لَهُ مِنْهَا عَشَرَةُ بُيُوتٍ مَثَلًا؛ لِأَنَّ انْتِفَاعَ صَاحِبِ الْبَيْتِ بِالسَّاحَةِ كَانْتِفَاعِ صَاحِبِ الْعَشَرَةِ فَكَثْرَةُ بُيُوتِ أَحَدِهِمَا لَا يَسْتَلْزِمُ اسْتِحْقَاقَهُ فِي السَّاحَةِ أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اخْتَلَفُوا فِي شِرْبِ الْأَرَاضِي وَلَا بَيِّنَةَ فَإِنَّهُ يَقْسِمُ الشِّرْبَ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ الْأَرَاضِي لَا عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ؛ لِأَنَّ احْتِيَاجَ صَاحِبِ الْأَرَاضِي الْمُتَعَدِّدَةِ إلَى الشِّرْبِ أَكْثَرُ مِنْ احْتِيَاجِ غَيْرِهِ فَيَقْسِمُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ أَرَاضِيهِمْ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ كُلَّ أَرْضٍ لَهَا شِرْبٌ يَخُصُّهَا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي وَيَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ عِنْدَ عَدَمِ ظُهُورِ الْحَالِ كَمَا لَوْ كَانَتْ دَارٌ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى عَشَرَةِ بُيُوتٍ مَثَلًا لِوَاحِدٍ مِنْهَا بَيْتٌ وَاحِدٌ وَلِآخَرَ تِسْعَةٌ وَتَنَازَعَا فِي سَاحَتِهَا تُجْعَلُ السَّاحَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِتَسَاوِيهِمَا فِي الْحَاجَةِ كَمَا قُلْنَا فَلَوْ بَاعَ الْآخَرُ بُيُوتَهُ التِّسْعَةَ مِنْ تِسْعَةِ رِجَالٍ لِكُلِّ رَجُلٍ بَيْتًا كَانَ نِصْفُ السَّاحَةِ الَّذِي كَانَ لِلْبَائِعِ مُنْقَسِمًا أَتْسَاعًا بَيْنَهُمْ وَيَبْقَى النِّصْفُ لَلشَّرِيكِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ مِلْكُهُ لِهَذَا النِّصْفِ قَبْلَ الْبَيْعِ فَلَا يَزُولُ مِنْهُ شَيْءٌ بِبَيْعِ شَرِيكِهِ وَكَذَا لَوْ مَاتَ الشَّرِيكُ الْأَوَّلُ صَاحِبُ الْبَيْتِ عَنْ عِشْرِينَ وَلَدًا مَثَلًا لَا يَنْتَقِلُ إلَيْهِمْ إلَّا مَا كَانَ يَمْلِكُهُ مُوَرِّثُهُمْ وَهُوَ نِصْفُ السَّاحَةِ وَكَذَا لَوْ كَانَتْ هَذِهِ الدَّارُ كُلُّهَا لِرَجُلٍ وَاحِدٍ فَمَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ تَكُونُ السَّاحَةُ عَلَى قَدْرِ إرْثِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَا عَلَى قَدْرِ رُءُوسِهِمْ وَكَذَا يُقَالُ فِي شِرْبِ الْأَرَاضِيِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي تَفَقُّهًا وَلَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا صَرِيحًا وَلَكِنَّ الْقَوَاعِدَ تَقْتَضِيهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِي الْمُسْتَأْجِرِ هَلْ يَصْلُحُ خَصْمًا فِي إثْبَاتِ الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ فِي الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ أَوْ لَا؟
(الْجَوَابُ): لَا يَصْلُحُ خَصْمًا فِي ذَلِكَ لِمَا فِي التَّتِمَّةِ الْمُسْتَأْجِرُ لَا يَنْتَصِبُ خَصْمًا فِي إثْبَاتِ الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَلَا فِي إثْبَاتِ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ إلَّا إذَا ادَّعَى الْفِعْلَ عَلَيْهِ. اهـ.
وَقَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الْمُسْتَأْجِرُ لَا يَكُونُ خَصْمًا لِمُدَّعِي الْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ وَالشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى لَا تَكُونُ إلَّا عَلَى مَالِكِ الْعَيْنِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ مَالِكُ الْعَيْنِ. اهـ.
وَصَحَّحَهُ السَّرَخْسِيُّ وَمَالَ الطَّوَاوِيسِيُّ وَالْبَزْدَوِيُّ إلَى أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ الثَّانِيَ يَنْتَصِبُ خَصْمًا لِلْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ وَمَا صَحَّحَهُ السَّرَخْسِيُّ هُوَ فَتْوَى ظَهِيرِ الدِّينِ كَذَا فِي شَرْحِ النَّظْمِ الْوَهْبَانِيِّ وَنُقِلَ عَنْ الصُّغْرَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَكُونُ خَصْمًا لِلْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُرْتَهِنِ وَيُخَالِفُهُ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ قَوْلِهِ وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي آجَرَ ثُمَّ بَاعَ وَسَلَّمَ تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ الْآجِرُ غَائِبًا؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَدَّعِي الْمِلْكَ لِنَفْسِهِ فَكَانَ خَصْمًا لِكُلِّ مَنْ يَدَّعِي حَقًّا فِيهِ وَكَذَا الرَّهْنُ إذَا أَخَذَهُ الرَّاهِنُ وَبَاعَهُ فَالْمُرْتَهِنُ يُخَاصِمُ الشَّارِيَ وَإِنْ غَابَ الرَّاهِنُ لِمَا قُلْنَا. اهـ.
لَكِنْ نَقَلَ بَعْدَهُ مَا يُوَافِقُ مَا عَنْ الصُّغْرَى حَيْثُ قَالَ وَفِي الذَّخِيرَةِ بَاعَ مِنْ آخَرَ شَيْئًا فَادَّعَى ثَالِثٌ أَنَّ الْبَائِعَ كَانَ آجَرَ مِنْهُ أَوْ رَهَنَهُ الْبَيْعَ لَا يُقْبَلُ حَتَّى يَحْضُرَ الْبَائِعُ فَإِذَا حَضَرَ وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ الْآنَ قَبْلُ فَلْيُتَأَمَّلْ عِنْدَ الْفَتْوَى مِنَحٌ مُلَخَّصًا مِنْ بَابِ فَسْخِ الْإِجَارَةِ. (أَقُولُ) وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ وَقَعَ الْخِلَافُ فِي شَيْئَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ مِنْ غَائِبٍ هَلْ يَصْلُحُ خَصْمًا لِمَنْ يُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَ الْعَيْنَ مِنْ الْمَالِكِ قَبْلَهُ أَوْ ارْتَهَنَهَا أَوْ اشْتَرَاهَا وَالثَّانِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مِنْ غَائِبٍ هَلْ يَصْلُحُ خَصْمًا لِمَنْ يُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَ الْعَيْنَ أَوْ ارْتَهَنَهَا مِنْ الْمَالِكِ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَيَنْبَغِي فِي الْأَوَّلِ اعْتِمَادُ عَدَمِ السَّمَاعِ لِظُهُورِ عِلَّتِهِ وَهِيَ أَنَّ الدَّعْوَى لَا تَكُونُ إلَّا عَلَى مَالِكِ الْعَيْنِ أَيْ وَالْمُسْتَأْجِرُ مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ صَحَّحَهُ السَّرَخْسِيُّ وَيَنْبَغِي فِي الثَّانِي اعْتِمَادُ السَّمَاعِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَدَّعِي الْمِلْكَ لِنَفْسِهِ وَهَذَا مَا مَرَّ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ ثُمَّ رَأَيْت الْعَلَائِيَّ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ نَقَلَهُ عَنْ شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ للشرنبلالي مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ.
(سُئِلَ) هَلْ تُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ فِي دَعْوَى الرَّهْنِ أَمْ لَا؟
(الْجَوَابُ): قَدْ وَقَعَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اضْطِرَابُ وَاخْتِلَافُ جَوَابٍ فَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ يُشْتَرَطُ وَمَا فِي الْخَانِيَّةِ لَا يُشْتَرَطُ وَعِبَارَتُهَا لَوْ رَهَنَ رَجُلٌ عِنْدَ إنْسَانٍ عَيْنًا وَسَلَّمَ ثُمَّ انْتَزَعَهُ مِنْ يَدِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَبَاعَهُ وَسَلَّمَ ثُمَّ جَاءَ الْمُرْتَهِنُ وَادَّعَى الرَّهْنَ وَأَرَادَ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الرَّهْنِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ غَائِبًا وَيَأْخُذُ الْعَيْنَ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي وَيُسَلِّمُ إلَى الْمُرْتَهِنِ لِمَا قُلْنَا. اهـ.
وَقَدْ نَصَّ الشَّيْخُ قَاسِمٌ فِي التَّصْحِيحِ عَلَى أَنَّ قَاضِي خَانْ مِنْ أَهْلِ التَّرْجِيحِ لَكِنْ فِي قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ دَعْوَى الْمَنْقُولِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ حَضْرَتُهُ وَكَذَلِكَ فِي الْخُلَاصَةِ وَقَدْ اضْطَرَبَ الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
(سُئِلَ) فِي أَرْضٍ جَارِيَةٍ فِي تَيْمَارِ زَيْدٍ مُتَصَرِّفٌ بِهَا هُوَ وَمَنْ قَبْلَهُ مِنْ التَّيْمَارِيِّينَ وَوَاضِعُونَ الْيَدَ عَلَيْهَا مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ لِجِهَةِ التَّيْمَارِ الْمَزْبُورِ وَالْآنَ قَامَ تَيْمَارِيٌّ آخَرُ يُرِيدُ الدَّعْوَى عَلَى زَيْدٍ بِأَنَّهَا جَارِيَةٌ فِي تَيْمَارِهِ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ السُّلْطَانِ أَعَزَّ اللَّهُ تَعَالَى أَنْصَارَهُ وَلَمْ يَسْبِقْ لَهُ تَصَرُّفٌ وَلَا وَضْعُ يَدٍ عَلَى ذَلِكَ أَصْلًا فَهَلْ يَبْقَى الْقَدِيمُ عَلَى قِدَمِهِ وَلَيْسَ لَهُ الدَّعْوَى بِذَلِكَ عَلَى زَيْدٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ إذْ التَّيْمَارِيُّ لَا يَكُونُ خَصْمًا يُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ يَدَّعِي هُوَ عَلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِي عَيْنِ الْأَرْضِ مِلْكٌ وَلَا شُبْهَةُ مِلْكٍ تُسَوِّغُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ أَوْ لَهُ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الْحَانُوتِيُّ وَالْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى.
(سُئِلَ) فِي زَعِيمِ قَرْيَةٍ بِيَدِهِ قِطْعَةُ أَرْضٍ بِمُوجِبِ بَرَاءَةٍ سُلْطَانِيَّةٍ وَدَفْتَرٍ سُلْطَانِيٍّ يَتَصَرَّفُ بِهَا هُوَ وَمَنْ قَبْلَهُ مِنْ الزُّعَمَاءِ لِجِهَةِ الزَّعَامَةِ الْمَرْقُومَةِ قَامَ نَاظِرُ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ يَدَّعِي عَلَيْهِ أَنَّهَا جَارِيَةٌ فِي وَقْفِهِ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ السُّلْطَانِ أَعَزَّ اللَّهُ تَعَالَى أَنْصَارَهُ فَهَلْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ لَا يَنْتَصِبُ الزَّعِيمُ خَصْمًا فِي ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ لَهُ عَقَارَاتٌ مَعْلُومَةٌ بَاعَهَا فِي صِحَّتِهِ مِنْ زَوْجَتِهِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا وَعَنْ ابْنٍ ادَّعَى عَلَيْهَا بِإِرْثِهِ مِنْ الْعَقَارَاتِ فَأَثْبَتَتْ فِي وَجْهِهِ الشِّرَاءَ الْمَزْبُورَ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ لَدَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ حَكَمَ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَمَنَعَ الْمُدَّعِيَ الْمَزْبُورَ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ قَامَ الِابْنُ الْآنَ يَدَّعِي أَنَّهُ اشْتَرَى الْعَقَارَاتِ الْمَذْكُورَةَ مِنْ وَالِدِهِ قَبْلَ شِرَائِهَا بِعَشْرِ سَنَوَاتٍ فَهَلْ لَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ الْمَزْبُورَةُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَا تُسْمَعُ فَفِي الْمُحِيطِ وَفِي الْفَتَاوَى وَلَوْ ادَّعَى دَارًا شِرَاءً مِنْ أَبِيهِ ثُمَّ ادَّعَاهَا مِيرَاثًا عَنْهُ تُسْمَعُ وَلَوْ ادَّعَى أَوَّلًا بِسَبَبِ الْإِرْثِ ثُمَّ الشِّرَاءِ لَا تُقْبَلُ وَيَثْبُتُ التَّنَاقُضُ كَذَا فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ مِنْ الْعِمَادِيَّةِ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْعَاشِرِ ادَّعَى دَارًا شِرَاءً مِنْ أَبِيهِ ثُمَّ ادَّعَاهَا إرْثًا مِنْهُ تُسْمَعُ لِإِمْكَانِ تَوْفِيقِهِ بِأَنْ يَقُولَ اشْتَرَيْته وَعَجَزْت عَنْ إثْبَاتِهِ فَوَرِثْته ظَاهِرًا وَلَوْ ادَّعَى أَوَّلًا بِالْإِرْثِ ثُمَّ ادَّعَى الشِّرَاءَ لَا يُقْبَلُ لِلتَّنَاقُضِ وَتَعَذُّرِ تَوْفِيقِهِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَعَدَّدَتْ الْقُضَاةُ فِي بَلْدَةٍ وَوَقَعَتْ خُصُومَةٌ بَيْنَ مُتَدَاعِيَيْنِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَطْلُبُ قَاضِيًا فَهَلْ الْخِيَارُ فِي ذَلِكَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَمْ لَا؟
(الْجَوَابُ): الْعِبْرَةُ فِي ذَلِكَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنْ طَلَبَ قَاضِيًا يُجَابُ إلَى طُلْبَتِهِ كَمَا فِي فَتَاوَى التُّمُرْتَاشِيِّ وَفَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ وَالْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ فَقَالَ الْعِبْرَةُ لِقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى كَتَبَهُ فَقِيرُ رَبِّهِ إسْمَاعِيلُ الْمُفْتِي بِقَضَاءِ الشَّامِ وَمِنْ خَطِّهِ الْمَعْهُودِ نَقَلْته وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْبَحْرِ وَشَرْحِ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ أَوَّلِ كِتَابِ الدَّعْوَى وَصُورَةُ فَتْوَى الْحَانُوتِيِّ سُئِلَ هَلْ الْخِيَرَةُ لِلْمُدَّعِي أَمْ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْخِيَرَةَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَجَابَ عَنْ ذَلِكَ السُّؤَالِ الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْمَقْدِسِيُّ بِمَا نَصُّهُ الَّذِي وَقَفْت عَلَيْهِ إذَا كَانَ قَاضِيَانِ فِي مِصْرٍ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي مَحَلَّةٍ عَلَى حِدَةٍ فَوَقَعَتْ الْخُصُومَةُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا فِي مَحَلَّةٍ وَالْآخَرُ فِي مَحَلَّةٍ أُخْرَى فَالْعِبْرَةُ لِقَاضِي مَحَلَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ كَتَبَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ مَا صُورَتُهُ قَدْ أَطْلَقَ صَاحِبُ الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّ الْخِيَرَةَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَنَصُّهُ فِي الْمِصْرِ قَاضِيَانِ وَوَقَعَتْ الدَّعْوَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَرَادَ كُلٌّ أَنْ يَذْهَبَ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَالْعِبْرَةُ لِقَاضِي الْمُدَّعِي عِنْدَ الثَّانِي وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لِقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ.
وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ وَلَوْ كَانَ فِي الْبَلْدَةِ قَاضِيَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مَحَلَّةٍ عَلَى حِدَةٍ فَوَقَعَتْ الْخُصُومَةُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا مِنْ مَحَلَّةٍ وَالْآخَرُ مِنْ مَحَلَّةٍ أُخْرَى وَالْمُدَّعِي يُرِيدُ أَنْ يُخَاصِمَهُ إلَى قَاضِي مَحَلَّتِهِ وَالْآخَرُ يَأْبَى ذَلِكَ اخْتَلَفَ فِيهَا أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْعِبْرَةَ لِمَكَانِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. اهـ.
وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (أَقُولُ) قَدَّمْنَا فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ تَحْرِيرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِمْ قَاضِيَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ أَنَّهُ قَدْ أُمِرَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالْحُكْمِ عَلَى أَهْلِ مَحَلَّتِهِ فَقَطْ فَهُنَا الْعِبْرَةُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَمَّا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَأْذُونًا بِالْحُكْمِ عَلَى كُلِّ مَنْ حَضَرَ عِنْدَهُ فَيَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْمُدَّعِي إلَخْ مَا قَدَّمْنَاهُ فَرَاجِعْهُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو بِأَنَّ لَهُ بِذِمَّتِهِ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ فَأَنْكَرَ عَمْرٌو دَعْوَاهُ ثُمَّ إنَّ زَيْدًا أَثْبَتَ مُدَّعَاهُ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِهِ وَأَخَذَ زَيْدٌ مَبْلَغَهُ الْمَزْبُورَ مِنْهُ ثُمَّ ادَّعَى عَمْرٌو أَنَّك كَاذِبٌ وَمُبْطِلٌ فِي دَعْوَاك هَذِهِ حَتَّى أَنَّك أَقْرَرْت بِذَلِكَ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَيُرِيدُ عَمْرٌو الْآنَ إثْبَاتَ إقْرَارِهِ الْمَزْبُورِ وَاسْتِرْدَادَ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ مَالًا وَقُضِيَ بِالْمَالِ لِلْمُدَّعِي بِالْبَيِّنَةِ ثُمَّ قَالَ الْمُدَّعِي كُنْت كَاذِبًا فِيمَا ادَّعَيْت يَبْطُلُ الْقَضَاءُ وَإِذَا قَالَ الْمُدَّعِي بَعْدَ الْقَضَاءِ الْمُقْضَى بِهِ لَيْسَ مِلْكِي لَا يَبْطُلُ الْقَضَاءُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لَمْ يَكُنْ مِلْكِي وَهَذَا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَيْسَ مِلْكِي يَتَنَاوَلُ الْحَالَ وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ نَفْيِ الْحَالِ انْتِفَاؤُهُ مِنْ الْأَصْلِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لَمْ يَكُنْ مِلْكِي مِنْ الْعَاشِرِ مِنْ قَضَاءِ التَّتَارْخَانِيَّةِ بَرْهَنَ عَلَى قَوْلِ الْمُدَّعِي أَنَا مُبْطِلٌ فِي الدَّعْوَى أَوْ شُهُودِي كَذَبَةٌ أَوْ لَيْسَ لِي عَلَيْهِ شَيْءٌ صَحَّ الدَّفْعُ دُرَرٌ مِنْ آخِرِ الدَّعْوَى وَمِثْلُهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ ادَّعَى رَجُلٌ مَالًا أَوْ عَيْنًا فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنَّكَ أَقْرَرْت فِي حَالِ جَوَازِ إقْرَارِك أَنْ لَا دَعْوَى لِي وَلَا خُصُومَةَ لِي عَلَيْك وَأَثْبَتّ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ تُسْمَعُ وَتَنْدَفِعُ دَعْوَاهُ وَإِنْ كَانَ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُدَّعَى عَلَيْهِ بِسَبَبٍ بَعْدَ الْإِقْرَارِ لَكِنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الْمُوجِبَ وَالْمُسْقِطَ إذَا تَعَارَضَا يُجْعَلُ الْمُسْقِطُ آخِرًا؛ لِأَنَّ السُّقُوطَ يَكُونُ بَعْدَ الْوُجُوبِ سَوَاءٌ اتَّصَلَ الْقَضَاءُ بِالْأَوَّلِ أَوْ لَمْ يَتَّصِلْ عِمَادِيَّةٌ مِنْ أَوَاخِرِ السَّابِعِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ زَيْدٌ عَنْ وَرَثَةٍ بَالِغِينَ وَخَلَّفَ حِصَّةً مِنْ دَارٍ وَصَدَّقَ الْوَرَثَةُ أَنَّ بَقِيَّةَ الدَّارِ لِفُلَانٍ وَفُلَانَةَ ثُمَّ ظَهَرَ وَتَبَيَّنَ أَنَّ مُوَرِّثَهُمْ الْمَزْبُورَ اشْتَرَى بَقِيَّةَ الدَّارِ مِنْ وَرَثَةِ فُلَانٍ وَفُلَانَةَ فِي حَالِ صِغَرِ الْمُصَدِّقِينَ وَأَنَّهُ خَفِيَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ فَهَلْ يَكُونُ التَّنَاقُضُ فِي مَحَلِّ الْخَفَاءِ عَفْوًا وَلَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ اشْتَرَى دَارًا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ مِنْ نَفْسِهِ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ وَكَبِرَ الِابْنُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِمَا صَنَعَ الْأَبُ ثُمَّ إنَّ الْأَبَ بَاعَ تِلْكَ الدَّارَ مِنْ رَجُلٍ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ ثُمَّ إنَّ الِابْنَ اسْتَأْجَرَ الدَّارَ مِنْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ عَلِمَ بِمَا صَنَعَ الْأَبُ فَادَّعَى الدَّارَ عَلَى الْمُشْتَرِي فَقَالَ الْمُشْتَرِي فِي الدَّفْعِ إنَّكَ مُتَنَاقِضٌ؛ لِأَنَّ الِاسْتِئْجَارَ اعْتِرَافٌ أَنَّ الدَّارَ لَيْسَتْ مِلْكَك.
هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ صَارَتْ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى وَقَدْ اخْتَلَفَتْ أَجْوِبَةُ الْمُفْتِينَ فِي هَذَا وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا لَا يَصْلُحُ دَفْعًا وَإِنْ ثَبَتَ التَّنَاقُضُ فِيهِ إلَّا أَنَّ هَذَا تَنَاقُضٌ فِيمَا طَرِيقُهُ طَرِيقُ الْخَفَاءِ وَالتَّنَاقُضُ فِي مِثْلِهِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى فَتَاوَى عَطَاءِ اللَّهِ أَفَنْدِي عَنْ التَّتَارْخَانِيَّةِ الْمَدْيُونُ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ لَوْ بَرْهَنَ عَلَى إبْرَاءِ الدَّائِنِ وَالْمُخْتَلِعَةِ بَعْدَ أَدَاءِ بَدَلِ الْخُلْعِ لَوْ بَرْهَنَتْ عَلَى طَلَاقِ الزَّوْجِ قَبْلَ الْخَلْعِ يُقْبَلُ وَالْجَامِعُ فِي الْكُلِّ خَفَاءُ الْحَالِ وَكَذَلِكَ الْوَرَثَةُ إذَا قَاسَمُوا مَعَ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَالِ ثُمَّ ادَّعَوْا رُجُوعَ الْمُوصِي يَصِحُّ لِانْفِرَادِ الْمُوصِي بِالرُّجُوعِ أَنْقِرْوِيٌّ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّةِ قَالَ فِي الْكَنْزِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ التَّنَاقُضُ يَمْنَعُ دَعْوَى الْمِلْكِ لَا الْحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبِ وَالطَّلَاقِ قَالَ فِي الْبَحْرِ؛ لِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى الْخَفَاءِ فَيُعْذَرُ فِي التَّنَاقُضِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ يُبْنَى عَلَى الْعُلُوقِ وَالطَّلَاقَ وَالْحُرِّيَّةَ يَنْفَرِدُ بِهِمَا الزَّوْجُ وَالْمَوْلَى إلَى أَنْ قَالَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَصْرَ مَا يُعْفَى فِيهِ التَّنَاقُضُ بَلْ إنَّ الْمُرَادَ أَنَّ مَا كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى الْخَفَاءِ فَإِنَّهُ يُعْفَى فِيهِ التَّنَاقُضُ فَمِنْ ذَلِكَ مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ اشْتَرَى دَارًا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ مِنْ نَفْسِهِ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ.
(سُئِلَ) فِي خَوَابِي مَصْبَغَةِ وَقْفٍ مُلْتَصِقَةٍ بِأَرْضِهَا بِالْبِنَاءِ مَاتَ صَبَّاغُهَا عَنْ وَرَثَةٍ اخْتَلَفُوا مَعَ نَاظِرِهَا يَدَّعُونَ أَنَّهَا مِلْكُ مُوَرِّثِهِمْ وَبِنَاؤُهُ وَالنَّاظِرُ يُنْكِرُ فَهَلْ الْقَوْلُ لِلنَّاظِرِ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ كَانَتْ فِي الْأَرْضِ مُلْصَقَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ النَّاظِرِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَأَجَابَ الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِقَوْلِهِ لَا شُبْهَةَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ النَّاظِرِ لَا قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ إلَخْ مَا حَرَّرَهُ فِي فَتَاوِيهِ مِنْ الدَّعْوَى.
(سُئِلَ) بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ امْرَأَةً ادَّعَتْ عَلَى وَرَثَةِ مُطَلِّقِهَا زَيْدٍ بِأَنَّ لَهَا عِنْدَهُ حُلِيًّا عَيَّنَتْهُ فَأَقَامَ الْوَرَثَةُ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ حِينَ طَلَّقَهَا جَرَى بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ إبْرَاءٌ عَامٌّ وَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَقَرَّ بِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ عِنْدَ الْآخَرِ حَقٌّ مُطْلَقًا وَأَثْبَتُوا ذَلِكَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ ادَّعَتْ الْمُدَّعِيَةُ أَنَّ زَيْدًا الْمَزْبُورَ أَقَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ الْإِبْرَاءِ وَالْإِقْرَارِ بِأَنَّ الْحُلِيَّ الْمَذْكُورَ عِنْدَهُ لِلْمُدَّعِيَةِ عَلَى طَرِيقِ الْأَمَانَةِ فَهَلْ تُسْمَعُ هَذِهِ الدَّعْوَى بَعْدَ الْإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ تُسْمَعُ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ إنَّ الْإِبْرَاءَ الْعَامَّ إنَّمَا يُمْنَعُ إذَا لَمْ يُقِرَّ بِأَنَّ الْعَيْنَ لِلْمُدَّعِي فَإِنْ أَقَرَّ بَعْدَهُ بِأَنَّ الْعَيْنَ لِلْمُدَّعِي سَلَّمَهَا إلَيْهِ وَلَا يَمْنَعُهُ الْإِبْرَاءَ. اهـ.
وَبِهِ جَزَمَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي رِسَالَتِهِ تَنْقِيحِ الْأَحْكَامِ فِي حُكْمِ الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْحِنْطَةِ وَجَحَدَ عَمْرٌو ذَلِكَ فَبَرْهَنَ زَيْدٌ عَلَى دَعْوَاهُ وَقُضِيَ لَهُ بِذَلِكَ فَبَرْهَنَ عَمْرٌو عَلَى أَنَّهُ قَضَاهُ ذَلِكَ فَهَلْ يُقْبَلُ بُرْهَانُ عَمْرٍو عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ يُقْبَلُ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ وَمَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَالًا فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا كَانَ لَك عَلَيَّ شَيْءٌ قَطُّ فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي عَلَى أَنَّهُ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفٌ وَبَرْهَنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْقَضَاءِ أَيْ الْإِيفَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ وَلَوْ بَعْدَ الْقَضَاءِ أَيْ الْحُكْمِ بِالْمَالِ قُبِلَ بُرْهَانُهُ لِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ. اهـ.
ادَّعَى عَلَيْهِ شَرِكَةً أَوْ قَرْضًا أَوْ وَدِيعَةً أَوْ عَارِيَّةً أَوْ قَبْضَ مَالَ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ فَأَنْكَرَ ثُمَّ اعْتَرَفَ وَادَّعَى الرَّدَّ أَجَابَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ إذَا جَحَدَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ ثُمَّ ادَّعَى الرَّدَّ لَا تُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّهُ بِالْجُحُودِ خَرَجَ عَنْ أَنْ يَكُونَ أَمِينًا. اهـ.
(سُئِلَ) فِي ذِي يَدٍ عَلَى دَارٍ سَاكِنٍ فِيهَا بِطَرِيقِ الْإِجَارَةِ مِنْ زَيْدٍ الْغَائِبِ ادَّعَى عَلَيْهِ خَارِجٌ أَنَّ الدَّارَ لَهُ بِمِلْكٍ مُطْلَقٍ فَهَلْ إذَا بَرْهَنَ ذُو الْيَدِ أَنَّ زَيْدًا الْغَائِبَ آجَرَهَا مِنْهُ تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ أَمْ لَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ إذَا بَرْهَنَ ذُو الْيَدِ أَنَّ زَيْدًا الْغَائِبَ آجَرَهَا مِنْهُ تَنْدَفِعُ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي إلَّا إذَا كَانَ مَعْرُوفًا بِالْحِيَلِ وَالْمَسْأَلَةُ شَهِيرَةٌ بِمُخَمَّسَةِ الدَّعْوَى وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ قَالَ ذُو الْيَدِ هَذَا الشَّيْءُ أَوْدَعَنِيهِ فُلَانٌ الْغَائِبُ أَوْ أَعَارَنِيهِ أَوْ آجَرَنِيهِ أَوْ رَهَنِيهِ أَوْ غَصَبْته مِنْهُ وَبَرْهَنَ عَلَى ذَلِكَ انْدَفَعَتْ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ عُرِفَ بِالْحِيَلِ لَا تَنْدَفِعُ بِهِ وَبِهِ يُؤْخَذُ مُلْتَقَى.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَرْهَنَ زَيْدٌ عَلَى الرَّهْنِ مِنْ عَمْرٍو الْغَائِبِ وَلَمْ يُعْرَفْ بِالْحِيَلِ وَعَيْنُ الرَّهْنِ قَائِمَةٌ وَقَالَ الشُّهُودُ نَعْرِفُ الْغَائِبَ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ فَهَلْ تَنْدَفِعُ عَنْهُ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَ مِنْهُ شُقَّةً مِحَفَّةً مِنْ مَكَّةَ إلَى الشَّامِ بِمَأْكَلِهِ وَمَشْرَبِهِ وَلَمْ يَتَقَاوَلْ مَعَهُ عَلَى أُجْرَتِهَا وَطَالَبَهُ بِمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ قِرْشًا أُجْرَةِ مِثْلِهَا فَأَجَابَ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهَا مِنْهُ بِمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ قِرْشًا دَفَعَ لَهُ مِنْهَا خَمْسَةً وَسَبْعِينَ قِرْشًا وَدَفَعَ بِإِذْنِهِ لِرَجُلٍ يُدْعَى مُحَمَّدٌ أَغَا الْمُتَوَفَّى خَمْسِينَ قِرْشًا فَلَمْ يُصَدِّقْهُ عَلَى ذَلِكَ وَأَنْكَرَ فَأَحْضَرَ شَاهِدَيْنِ شَهِدَا بِطِبْقِ جَوَابِهِ فَقَامَ الْمُدَّعِي يُطَالِبُ وَصِيَّ مُحَمَّدٍ أَغَا الْمَيِّتِ بِالْخَمْسِينَ قِرْشًا الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ يَكُونُ عَدَمُ تَصْدِيقِ الْمُدَّعِي عَلَى الْإِذْنِ مَانِعًا مِنْ طَلَبِهِ الْخَمْسِينَ قِرْشًا أَمْ لَا؟
(الْجَوَابُ): عَدَمُ التَّصْدِيقِ لَا يَكُونُ تَنَاقُضًا لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَبْلَغُ أَجْرَ مِثْلِ الرُّكُوبِ وَقِيمَةَ الْأَكْلِ فِي الْقِيَمِيِّ وَالشُّرْبِ وَثُبُوتُ قَبْضِ مُحَمَّدٍ أَغَا لِذَلِكَ فِي وَجْهِ وَصِيِّهِ بَعْدَ جُحُودِهِ لِذَلِكَ وَشُرُوطُ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَيِّتِ بِذِكْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْيَمِينِ وَغَيْرِهِ ثُمَّ تَزْكِيَةُ الشُّهُودِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(جَوَابُ سُؤَالٍ) إذَا ثَبَتَ بَيْعُهُ وَتَصْدِيقُهُ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَالْبَيْعُ الْمَذْكُورُ صَحِيحٌ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بِشَيْءٍ مِمَّا بَاعَهُ وَصُدِّقَ عَلَيْهِ لِسَعْيِهِ فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ وَهُوَ الْبَيْعُ الْمَذْكُورُ وَلِلتَّنَاقُضِ بِسَبَبِ تَصْدِيقِهِ؛ لِأَنَّ التَّصْدِيقَ إقْرَارٌ لَا فِي الْحُدُودِ كَمَا فِي الشَّرْحِ فِي دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ أَشْبَاهٌ مِنْ الدَّعْوَى وَفِي الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ بُيُوعِ الْبَزَّازِيَّةِ مَنْ سَعَى فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ لَا يُقْبَلُ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ إلَخْ وَفِي فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ مِنْ آخِرِ الشَّهَادَةِ التَّنَاقُضُ يَمْنَعُ الدَّعْوَى سَوَاءٌ صَدَرَ مِنْ الْوَكِيلِ أَوْ الْوَصِيِّ. اهـ.
وَفِي الْأَنْقِرْوِيِّ عَنْ الْفُصُولَيْنِ مِنْ وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ التَّنَاقُضُ يَمْنَعُ الدَّعْوَى لِغَيْرِهِ كَمَا يَمْنَعُهُ لِنَفْسِهِ فج الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ مَنْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ لِغَيْرِهِ فَكَمَا لَا يَمْلِكُ أَنْ يَدَّعِيَهُ لِنَفْسِهِ لَا يَمْلِكُ أَنْ يَدَّعِيَهُ لِغَيْرِهِ بِوَكَالَةٍ أَوْ وِصَايَةٍ.
(سُئِلَ) مِنْ قَاضِي الشَّامِ سَنَةَ 1140 بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ زَيْدًا النَّاظِرَ عَلَى وَقْفِ جَدَّتِهِ فُلَانَةَ آجَرَ الْحِصَّةَ الْمَعْلُومَةَ مِنْ الْبُسْتَانِ الْمَعْلُومِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ لِجِهَةِ الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ وَاسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ سَبْعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً وَفِي كُلِّ سَنَةٍ يُوَزِّعُ الْأُجْرَةَ الْمَزْبُورَةَ مَعَ بَقِيَّةِ رِيعِ الْوَقْفِ عَلَى مُسْتَحَقِّي الْوَقْفِ قَامَ الْآنَ يَدَّعِي أَنَّ الْحِصَّةَ الْمَذْكُورَةَ جَارِيَةٌ فِي مِلْكِهِ وَمِلْكِ إخْوَتِهِ الْغَائِبِينَ إرْثًا عَنْ وَالِدِهِمْ وَأَنَّهُ كَانَ ضَبَطَ الْحِصَّةَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ ظَانًّا أَنَّهَا لِلْوَقْفِ وَالْحَالُ أَنَّهَا لَمْ تُوجَدْ مُحَرَّرَةً فِي كِتَابِ الْوَقْفِ الْمَرْقُومِ وَبَعْدَ ذَلِكَ اطَّلَعَ عَلَى جَرَيَانِهَا فِي مِلْكِ مُوَرِّثِهِمْ وَأَنَّ إخْوَتَهُ قَبْلَ تَارِيخِهِ أَثْبَتُوا فِي وَجْهِهِ جَرَيَانَ الْحِصَّةِ فِي مِلْكِهِمْ بِمُوجِبِ حُجَّةٍ فَكَيْفَ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ؟
(الْجَوَابُ): الَّذِي ظَهَرَ لَنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ التَّتَبُّعِ وَالتَّنْقِيرِ عَلَيْهَا فِي الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ أَنَّ إيجَارَ زَيْدٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا جَارِيَةٌ فِي وَقْفِ جَدَّتِهِ تَصْدِيقٌ مِنْهُ عَلَى جَرَيَانِهَا فِي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ وَالتَّصْدِيقُ إقْرَارٌ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى التَّصْدِيقُ إقْرَارٌ إلَّا فِي الْحُدُودِ كَمَا فِي الشَّرْحِ مِنْ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ. اهـ.
وَقَدْ اعْتَرَفَ صَرِيحًا بِجَرَيَانِهَا فِي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ فِي الْحُجَّةِ الْمُتَضَمِّنَةِ لِكَوْنِهَا مَوْرُوثَةً عَنْ أَبِيهِ وَلَا عُذْرَ لِمَنْ أَقَرَّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ قَالَ فِي الْإِسْعَافِ إذَا أَقَرَّ رَجُلٌ صَحِيحٌ بِأَرْضٍ فِي يَدِهِ أَنَّهَا صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ صَحَّ إقْرَارُهُ وَتَصِيرُ وَقْفًا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ؛ لِأَنَّ الْأَوْقَافَ تَكُونُ فِي أَيْدِي الْقُوَّامِ عَادَةً فَلَوْ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُ مَنْ هِيَ فِي أَيْدِيهِمْ لَبَطَلَتْ أَوْقَافٌ كَثِيرَةٌ. اهـ.
وَقَدْ عَقَدَ الْإِمَامُ الْكَبِيرُ الْخَصَّافُ لِصِحَّةِ إقْرَارِ الرَّجُلِ بِأَرْضٍ فِي يَدِهِ أَنَّهَا وَقْفٌ بَابًا مُسْتَقِلًّا وَأَطَالَ فِي تَقْرِيرِ ذَلِكَ وَأَمَّا دَعْوَى الْجَهْلِ بِكَوْنِهَا مِلْكًا لَهُمْ حِينَ الْإِيجَارِ فَلَا تُسْمَعُ حِينَ إقْرَارِهِ الْمَذْكُورِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ نَقْلًا عَنْ إقْرَارِ التَّتِمَّةِ وَفِي فَتَاوَى الْإِمَامِ الْجَلِيلِ قَاضِي خَانْ لَوْ ادَّعَى الْوَقْفَ أَوَّلًا فِي الدَّارِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا لَهُ لَا تُسْمَعُ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ كِتَابِ الْإِقْرَارِ إذَا أَقَرَّ بِشَيْءٍ ثُمَّ ادَّعَى الْخَطَأَ لَمْ يُقْبَلْ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَفِيهَا أَيْضًا مِنْ أَحْكَامِ الْجَهْلِ مَا نَصُّهُ وَقَالُوا فِي كِتَابِ الْغَصْبِ إنَّ الْجَهْلَ بِكَوْنِهِ مِلْكَ الْغَيْرِ يَدْفَعُ الْإِثْمَ لَا الضَّمَانَ. اهـ.
هَذَا مَا اتَّضَحَ لَنَا مِنْ كُتُبِ الْأَئِمَّةِ الْأَعْلَامِ. (أَقُولُ) لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُؤَلِّفُ لِلْكَلَامِ عَلَى إثْبَاتِ أُخُوَّةِ زَيْدٍ الْمِلْكَ بِالْإِرْثِ عَنْ أَبِيهِمْ وَالْحُكْمُ فِيهِ أَنَّهُمْ حَيْثُ لَمْ يَكُونُوا نُظَّارًا عَلَى الْوَقْفِ مَعَ أَخِيهِمْ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُمْ تَصْدِيقٌ أَيْضًا بِجَرَيَانِ الْحِصَّةِ فِي الْوَقْفِ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يَمْنَعُ صِحَّةَ دَعْوَاهُمْ فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ وَأَقَامُوا الْبَيِّنَةَ الشَّرْعِيَّةَ الْمُزَكَّاةَ عَلَى طِبْقِ دَعْوَاهُمْ ثَبَتَ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ قَدْرُ مَا يَخُصُّهُمْ وَبَقِيَتْ حِصَّةُ أَخِيهِمْ زَيْدٍ جَارِيَةً فِي الْوَقْفِ لِعَدَمِ سَمَاعِ دَعْوَاهُ عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ وَتَصْدِيقِهِ فَإِنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ لَا يَتَعَدَّى الْمُقِرَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو بِأَنَّ مَنْ الْجَارِي فِي مِلْكِهِ جَمِيعُ الْبَغْلَةِ الْبَرْشَاءِ وَأَنَّهُ وَضَعَ الْبَغْلَةَ الْمَرْقُومَةَ أَمَانَةً عِنْدَ بَكْرٍ ثُمَّ وَجَدَهَا بِيَدِ عَمْرٍو فَاعْتَرَفَ عَمْرٌو بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا لِكَوْنِهِ شَرَاهَا مِنْ بَكْرٍ الْمَذْكُورِ مُنْذُ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ بِثَلَاثِينَ قِرْشًا وَأَنْكَرَ كَوْنَ الْبَغْلَةِ لِلْمُدَّعِي وَطَلَبَ مِنْهُ إثْبَاتَ كَوْنِهَا أَمَانَةً عِنْدَ بَكْرٍ فَأَحْضَرَ زَيْدٌ بَيِّنَةً شَهِدَتْ لَهُ بِكَوْنِهَا أَمَانَةً عِنْدَ بَكْرٍ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟
(الْجَوَابُ): يُشْتَرَطُ أَنْ يَذْكُرَ الْمُدَّعِي أَنَّهَا بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَطْلُبَ إحْضَارَهَا إنْ أَمْكَنَ وَيُشِيرَ إلَيْهَا فِي الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ وَالِاسْتِحْلَافِ وَإِنْ تَعَذَّرَ إحْضَارُهَا بِهَلَاكِهَا أَوْ غَيْبَتِهَا ذَكَرَ قِيمَتَهَا كَمَا فِي مُتُونِ الْمَذْهَبِ وَإِذَا أَرَادَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ الْمُسْتَحِقُّ بِاَللَّهِ مَا بَاعَهُ وَلَا وَهَبَهُ وَلَا تَصَدَّقَ بِهِ وَلَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ حَلَفَ كَذَلِكَ وَأَمَّا اشْتِرَاطُ حَضْرَةِ الْمُودِعِ فِي دَعْوَى الْوَدِيعَةِ فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَالْأَنْقِرْوِيَّةِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِي ذِي يَدٍ عَلَى دَارٍ ادَّعَى عَلَيْهِ زَيْدٌ بِهَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَقَرَّ لَهُ بِهَا وَيُرِيدُ نَزْعَهَا مِنْ يَدِهِ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟
(الْجَوَابُ): إنْ جَعَلَ زَيْدٌ إقْرَارَ ذِي الْيَدِ سَبَبًا لِمِلْكِهِ فَلَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ الْإِقْرَارَ سَبَبًا لِلْمِلْكِ بِأَنْ ادَّعَى أَنَّهَا مِلْكُهُ وَهَذَا أَقَرَّ لَهُ بِهَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ كَذَا أَفْتَى الْمِهْمَنْدَارِي وَأَفْتَى أَيْضًا بِأَنَّ مَنْ أَثْبَتَتْ أَنَّهَا مُسْتَحِقَّةٌ فِي الْوَقْفِ لَهَا الدَّعْوَى عَلَى مَنْ تَنَاوَلَ الْغَلَّةَ لَا عَلَى النَّاظِرِ لِأَنَّهُ دَفَعَ شَيْئًا يَسْتَحِقُّهُ غَيْرُ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِالْمُسْتَحِقِّ وَلَهَا مُطَالَبَتُهُ بِهِ شَرْعًا مَعَ عَدَمِ الضَّمَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ زَيْدٌ مُتَصَرِّفًا فِي دَارٍ بِطَرِيقِ الشِّرَاءِ مِنْ عَمْرٍو وَغَيْرِهِ بِمُوجِبِ صَكٍّ ثُمَّ صَدَّقَهُ عَمْرٌو عَلَى جَرَيَانِهَا فِي مِلْكِهِ فَهَلْ يَكُونُ تَصْدِيقُهُ صَحِيحًا يُعْمَلُ بِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَمَنْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ لِغَيْرِهِ لَا يَمْلِكُ أَنْ يَدَّعِيَهُ لِنَفْسِهِ وَلَا لِغَيْرِهِ بِوَكَالَةٍ أَوْ وِصَايَةٍ كَذَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ مِنْ الْفَصْلِ الْعَاشِرِ مِنْ نُورِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ التَّصْدِيقَ إقْرَارٌ إلَّا فِي الْحُدُودِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ قُبَيْلَ الْوَكَالَةِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ أَنْ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ دَعْوَاهُ لِغَيْرِهِ نِيَابَةً وَبِخِلَافِ مَا لَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى فَادَّعَى عَلَيْهِ مَالًا بِوَكَالَةٍ أَوْ وِصَايَةٍ فَإِنَّهُ يُسْمَعُ كَمَا فِي نُورِ الْعَيْنِ مِنْ الْفَصْلِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ أَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ أَوْ إبْرَاءَهُ لَا يُنَافِي أَنَّهُ لِغَيْرِهِ.
(سُئِلَ) فِي امْرَأَتَيْنِ بَاعَتَا دَارَهُمَا مِنْ رَجُلٍ بَيْعًا بَاتًّا شَرْعِيًّا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَكُتِبَ بِذَلِكَ صَكٌّ مُتَضَمِّنٌ لِكَوْنِهِمَا بَاعَتَا مَا هُوَ جَارٍ فِي مِلْكِهِمَا وَأَطْلَقَ تَصَرُّفَهُمَا الشَّرْعِيَّ وَالْآنَ تَدَّعِيَانِ أَنَّ الدَّارَ وَقْفٌ عَلَيْهِمَا فَهَلْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُمَا؟
(الْجَوَابُ): لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُمَا الْمَزْبُورَةُ؛ لِأَنَّ مَنْ سَعَى فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ فَسَعْيُهُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَسُئِلَ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ عَنْ امْرَأَةٍ بَاعَتْ دَارًا ثُمَّ ادَّعَتْ أَنَّهَا وَقْفٌ هَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهَا أَمْ لَا أَجَابَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَلَوْ بَاعَ ضَيْعَةً ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَيْهِ وَعَلَى أَوْلَادِهِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِلتَّنَاقُضِ؛ لِأَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى الْبَيْعِ إقْرَارٌ مِنْهُ وَإِنْ أَرَادَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ قِيلَ تُقْبَلُ.
وَقِيلَ لَا تُقْبَلُ وَهُوَ أَصْوَبُ وَأَحْوَطُ؛ لِأَنَّهُ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ أَنَّ الضَّيْعَةَ وَقْفٌ عَلَيْهِ يَدَّعِي فَسَادَ الْبَيْعِ وَحَقًّا لِنَفْسِهِ فَلَا تُسْمَعُ لِلتَّنَاقُضِ ذَكَرَهُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ بَاعَ عَقَارًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ وَقْفٌ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُسْمَعُ وَقَوْلُ الزَّيْلَعِيِّ وَهُوَ أَصْوَبُ أَيْ لِلتَّنَاقُضِ الصَّرِيحِ بِالْبَيْعِ ثُمَّ دَعْوَى الْوَقْفِ وَقَوْلُهُ وَأَحْوَطُ لِمَا فِي سَمَاعِهَا مِنْ الْإِضْرَارِ بِالنَّاسِ بِاحْتِيَالِ أَهْلِ الْحِيَلِ وَالْخِدَاعِ بِبَيْعِ الْوَقْفِ وَإِظْهَارِ الْبَائِعِ أَنَّهُ مِلْكٌ ثُمَّ انْعِطَافُهُ عَلَيْهِ بِدَعْوَاهُ وَإِلْزَامُهُ بِأُجْرَتِهِ لِمُدَّةِ وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ وَرُبَّمَا تَسْتَغْرِقُ أَضْعَافَ ثَمَنِهِ فَيَجِبُ عَدَمُ الْقَبُولِ حَسْمًا لِمَادَّةِ الْفَسَادِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ.
وَأَفْتَى قَارِئُ الْهِدَايَةِ فِيمَا إذَا بَاعَ دَارًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ وَقَفَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ وَقَفَهَا مُوَرِّثُهُ بِأَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِيهِ قِيلَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّهُ تَنَاقَضَ فِي دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا مِلْكُهُ وَلَهُ بَيْعُهَا، وَدَعْوَى الْوَقْفِ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ تَنَاقُضٌ وَقِيلَ تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا تُشْتَرَطُ فِيهِ الدَّعْوَى فَتُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ؛ لِأَنَّهَا بَيِّنَةٌ حِسِّيَّةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَجَابَ التُّمُرْتَاشِيُّ صَاحِبُ التَّنْوِيرِ بِقَوْلِهِ اخْتَلَفَ مَشَايِخُنَا فِي ذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْوَقْفِ مَقْبُولَةٌ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَبِهِ نَأْخُذُ وَاعْتَمَدَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّهُ إنْ ادَّعَى وَقْفًا غَيْرَ مُسَجَّلٍ لَا تُسْمَعُ وَإِنْ ادَّعَى وَقْفًا مَحْكُومًا بِلُزُومِهِ تُقْبَلُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَجَابَ أَيْضًا لِمَشَايِخِنَا خِلَافٌ فِي ذَلِكَ وَالْمُخْتَارُ الْقَبُولُ. (أَقُولُ) وَانْظُرْ مَا كَتَبْنَاهُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي أَوَّلِ الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْوَقْفِ.
(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ وَعَنْ أَخٍ وَأُخْتٍ شَقِيقَيْنِ وَخَلَّفَتْ تَرِكَةً ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ عَنْ أَبٍ اخْتَلَفَ مَعَ وَرَثَةِ الزَّوْجَةِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ الصَّالِحِ لِلزَّوْجَيْنِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمْ فَالْقَوْلُ لِمَنْ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ؟
(الْجَوَابُ): إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ فَمَا يَصْلُحُ لِلرِّجَالِ فَهُوَ لِلرَّجُلِ بِيَمِينِهِ وَمَا يَصْلُحُ لِلنِّسَاءِ فَهُوَ لِلْمَرْأَةِ بِيَمِينِهَا وَمَا يَصْلُحُ لَهُمَا فَهُوَ لِلرَّجُلِ بِيَمِينِهِ وَهَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْهُمَامِ الْمُقَدَّمِ السَّابِقِ فِي حَلَبَةِ الِاجْتِهَادِ وَعَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الِاعْتِمَادُ قَالَ الْإِمَامُ الْإِسْبِيجَابِيُّ وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَاعْتَمَدَهُ النَّسَفِيُّ وَالْمَحْبُوبِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَمَشَتْ عَلَيْهِ أَصْحَابُ الْمُتُونِ الْمَوْضُوعَةِ لِلْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ الْمُعَنْوَنِ بِالتَّرْجِيحِ وَإِذَا مَاتَ الزَّوْجَانِ فَاخْتَلَفَ وَرَثَتُهُمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ وَرَثَةِ الزَّوْجِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فِي الصَّالِحِ لَهُ وَلَهُمَا لِأَنَّ الْوَارِثَ يَقُومُ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ فَصَارَ كَالْمُوَرِّثِينَ إذَا اخْتَلَفَا بِأَنْفُسِهِمَا وَهُمَا حَيَّانِ فِي حَالِ قِيَامِ النِّكَاحِ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ كَانَ عَلَى مَا ذَكَرَ فَكَذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِمَا كَذَا فِي لِسَانِ الْحُكَّامِ وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الْهُمَامُ مُحَرِّرُ مَذْهَبِ النُّعْمَانِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ عَلَيْهِ رَحْمَةُ الرَّحِيمِ الرَّحْمَنِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُسْتَعَانُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَكَّلَ زَيْدٌ الْمُتَوَلِّي عَلَى وَقْفٍ وَكِيلًا فِي الدَّعْوَى عَلَى عَمْرٍو الْمُتَوَلِّي عَلَى وَقْفٍ آخَرَ فَوَكَّلَ عَمْرٌو وَكِيلًا آخَرَ لِاسْتِمَاعِهَا فَحَضَرَ الْوَكِيلَانِ مَجْلِسَ الشَّرْعِ الشَّرِيفِ وَفُصِّلَتْ دَعْوَاهُمَا بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ قَامَ زَيْدٌ الْآنَ يَدَّعِي عَدَمَ صِحَّةِ الدَّعْوَى بِالْوَكَالَةِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ فَهَلْ تَصِحُّ وَتُسْمَعُ دَعْوَى وَكِيلِ الْمُدَّعِي عَلَى وَكِيلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَلَيْسَ فِي مَنْعِ سَمَاعِهَا نَقْلٌ وَلَا عَلَيْهِ دَلِيلٌ كَمَا هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ كَلَامِ الْعُلَمَاءِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ وَوَرَثَةٍ غَيْرِهَا وَخَلَّفَ تَرِكَةً مُشْتَمِلًا بَعْضُهَا عَلَى أَوَانٍ مَعْلُومَةٍ تَزْعُمُ الزَّوْجَةُ أَنَّ زَوْجَهَا مَلَّكَهَا هَذِهِ الْأَوَانِيَ الْمَذْكُورَةَ فِي صِحَّتِهِ وَالْوَرَثَةُ يُنْكِرُونَ ذَلِكَ فَهَلْ عَلَيْهَا إثْبَاتُ التَّمْلِيكِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَإِلَّا فَهِيَ مَوْرُوثَةٌ تُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ أَنَّ ذَلِكَ مِلْكٌ لِزَوْجِهَا الْمُتَوَفَّى الْمَذْكُورِ ثُمَّ ادَّعَتْ أَنَّهُ مَلَّكَهَا ذَلِكَ فَعَلَيْهَا إثْبَاتُ دَعْوَاهَا بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَإِنْ لَمْ تُثْبِتْ فَهِيَ مَوْرُوثَةٌ عَنْهُ تُقْسَمُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ سَرْدِ الْأَقْوَالِ فِي مَسْأَلَةِ اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ مِنْ بَابِ التَّحَالُفِ مَا نَصُّهُ وَفِي الْبَدَائِعِ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ تُقِرَّ الْمَرْأَةُ أَنَّ هَذَا الْمَتَاعَ اشْتَرَاهُ فَإِنْ أَقَرَّتْ بِذَلِكَ سَقَطَ قَوْلُهَا؛ لِأَنَّهَا أَقَرَّتْ بِالْمِلْكِ لِزَوْجِهَا ثُمَّ ادَّعَتْ الِانْتِقَالَ إلَيْهَا فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ. اهـ.
وَكَذَا إذَا ادَّعَتْ أَنَّهَا اشْتَرَتْهُ مِنْهُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ.
وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَوْ بَرْهَنَ عَلَى شِرَائِهِ كَانَ كَإِقْرَارِهَا بِشِرَائِهِ مِنْهُ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ عَلَى الِانْتِقَالِ إلَيْهَا مِنْهُ بِهِبَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَلَا يَكُونُ اسْتِمْتَاعُهَا بِمُشْرِيهِ وَرِضَاهُ بِذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ مَلَّكَهَا ذَلِكَ كَمَا تَفْهَمُهُ النِّسَاءُ وَالْعَوَامُّ وَقَدْ أَفْتَيْت بِذَلِكَ مِرَارًا.
(سُئِلَ) فِي بُسْتَانٍ جَارِيَةٌ أَرْضُهُ مَعَ كَامِلِ غِرَاسٍ فِيهَا قَدِيمٍ فِي وَقْفِ بِرٍّ وَفِيهِ غِرَاسَاتٌ جَدِيدَةٌ وَمُسْتَجِدَّةٌ جَارٍ بَعْضُهَا فِي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ وَالْبَاقِي مِلْكُ زَيْدٍ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى أَرْبَعِينَ سَنَةً بِلَا مُعَارِضٍ وَلَا مُنَازِعٍ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ عَنْ وَرَثَةٍ بَاعُوا حِصَّتَهُمْ الْمَذْكُورَةَ مِنْ عَمْرٍو بِمَعْرِفَةِ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ وَتَصْدِيقِهِ ثُمَّ بَاعَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ جَمِيعَ الْغِرَاسِ الْقَدِيمِ لِشُلُوِّهِ ثُمَّ بَعْدَ سَنَتَيْنِ ادَّعَى الْمُتَوَلِّي الْمَذْكُورُ عَلَى عَمْرٍو بِجَرَيَانِ جَمِيعِ الْغِرَاسِ الْمَوْجُودِ فِي الْوَقْفِ مُسْتَصْحَبًا مِنْ زَمَنِ الْوَاقِفِ وَأَنَّ لَهُ بَيِّنَةً تَشْهَدُ بِذَلِكَ وَذَكَرَ عَمْرٌو أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً تَشْهَدُ بِحُدُوثِ الْغِرَاسَاتِ الْجَدِيدَةِ وَالْمُسْتَجِدَّةِ بِمُقْتَضَى غَرْسِهِ لَهَا هُوَ وَزَيْدٌ وَوَرَثَتُهُ وَأَثْبَتَ عَمْرٌو ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ الْمُزَكَّاةِ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ لِعَمْرٍو بِالْحِصَّةِ الْجَارِيَةِ فِي مِلْكِهِ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ بَيِّنَةَ الْعَارِضِ وَالْحُدُوثِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى بَيِّنَةِ الِاسْتِصْحَابِ.
وَمَنَعَ الْمُتَوَلِّيَ وَجِهَةَ الْوَقْفِ مِنْ مُعَارَضَةِ عَمْرٍو فِي ذَلِكَ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً شَرْعِيَّةً ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ قَامَ وَكِيلٌ عَنْ الْمُتَوَلِّي الْمَذْكُورِ يَدَّعِي قِدَمَ الْغِرَاسِ الْمَذْكُورِ وَجَرَيَانَهُ جَمِيعَهُ فِي الْوَقْفِ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ ثَبَتَ حُدُوثُ الْغِرَاسَاتِ الْمَذْكُورَةِ جَمِيعِهَا الْجَارِي نِصْفُهَا فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ فِي وَجْهِ الْمُتَوَلِّي الْمَزْبُورِ وَجَرَى التَّصَرُّفُ بِذَلِكَ الْمُدَّةَ الْمَزْبُورَةَ وَزَالَ الْقَدِيمُ جَمِيعُهُ الَّذِي فِيهِ وَقُضِيَ بِذَلِكَ بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيِّ بَعْدَ دَعْوَى الْمُتَوَلِّي الْمَذْكُورِ بِذَلِكَ تَكُونُ دَعْوَى وَكِيلِهِ بِغِرَاسٍ قَدِيمٍ آخَرَ غَيْرِ مَا ذَكَرَ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ بِالْمُعَايَنَةِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَقَدْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ حُدُوثُ جَمِيعِ هَذِهِ الْغِرَاسَاتِ الْمَوْجُودَاتِ الَّتِي هِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى بَيِّنَةِ الْقِدَمِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغْدَادِيُّ وَحَكَمَ بِهَا فَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ السَّابِقُ الثَّابِتُ شَرْعًا بِمَا هُوَ دُونَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ الْهِدَايَةِ إذْ الْقَضَاءُ يُصَانُ عِنْدَ الْإِلْغَاءِ مَا أَمْكَنَ وَأَيُّ بَيِّنَةٍ سَبَقَتْ وَقُضِيَ بِهَا لَمْ تُقْبَلْ الْأُخْرَى وَفِي الْكَافِي مِنْ الشَّهَادَةِ إذَا تَضَمَّنَتْ الْبَيِّنَةُ نَقْضَ قَضَاءٍ تُرَدُّ. اهـ.
وَالدَّعْوَى مَتَى فُصِّلَتْ مَرَّةً بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ لَا تُنْقَضُ وَلَا تُعَادُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ ادَّعَى عَبْدًا وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ ذِي الْيَدِ أَنَّهُ لِلْمُدَّعِي تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَيُقْضَى بِالْعَبْدِ لَهُ اعْتِبَارًا لِلْإِقْرَارِ الثَّابِتِ بِالْبَيِّنَةِ بِالثَّابِتِ عِيَانًا عِمَادِيَّةٌ مِنْ السَّادِسَ عَشَرَ وَإِنْ كَانُوا مَعْرُوفِينَ بِالْعَدَالَةِ فَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ السَّابِقُ الثَّابِتُ بِشَهَادَتِهِمْ إذْ الْقَضَاءُ يُصَانُ عَنْ الْإِلْغَاءِ مَا أَمْكَنَ وَالشُّهُودُ الَّذِينَ شَهِدُوا ثَانِيًا إنْ كَانُوا غَيْرَ عُدُولٍ فَشَهَادَتُهُمْ مَرْدُودَةٌ وَإِنْ كَانُوا عُدُولًا فَقَدْ تَرَجَّحَتْ شَهَادَةُ الْأَوَّلِينَ بِالْقَضَاءِ مِنْ آخِرِ وَقْفِ الْخَيْرِيَّةِ لَهُ كَنِيفٌ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَزَعَمَ غَيْرُهُ أَنَّهُ مُحْدَثٌ وَزَعَمَ صَاحِبُهُ أَنَّهُ قَدِيمٌ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ مُحْدَثٌ تَرْجِيحُ الْبَيِّنَاتِ لِلْبَغْدَادِيِّ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْعَارِضِ عَلَى الْبَيِّنَةِ الْمُثْبِتَةِ لِلِاسْتِصْحَابِ فَتَاوَى الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ وَلَوْ أَقَامَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً أَنِّي بِعْتهَا فِي صِغَرِي وَأَقَامَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً بِعْتهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ فَبَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ الْعَارِضُ قُنْيَةٌ مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ الْمُتَضَادَّتَيْنِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ قِيرَاطٌ مِنْ غِرَاسِ بُسْتَانٍ مَعْلُومٍ وَمِائَةُ قِرْشٍ مَوْضُوعَةٌ تَحْتَ يَدِ شَرِيكِهِ عَمْرٍو فَأَقَرَّ بِأَنَّ الْقِيرَاطَ الْمَذْكُورَ وَالْمِائَةَ قِرْشٍ الْمَذْكُورَةَ لِبَكْرٍ بِطَرِيقِ التَّمْلِيكِ وَأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ مَعَ بَكْرٍ فِي ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ عَنْ وَرَثَةٍ وَأَقَامَ بَكْرٌ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ فِي وَجْهِ أَحَدِهِمْ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ بَيَّنَ إقْرَارَهُ أَنَّهُ مِنْ جِهَةِ التَّمْلِيكِ فَدَعْوَى التَّمْلِيكِ لَا تُسْمَعُ لِمَا قَالَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ نَاقِلًا عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي خَلَلِ الْمَحَاضِرِ وَالسِّجِلَّاتِ بِرَمْزِ التَّتِمَّةِ عُرِضَ عَلَيَّ مَحْضَرٌ كُتِبَ فِيهِ مَلَّكَهُ تَمْلِيكًا صَحِيحًا وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ مَلَّكَهُ بِعِوَضٍ أَوْ بِلَا عِوَضٍ قَالَ أَجَبْت أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى ثُمَّ رَمَزَ لِشُرُوطِ الْحَاكِمِ اكْتَفَى فِي مِثْلِ هَذَا بِقَوْلِهِ وَهَبْت لَهُ هِبَةً صَحِيحَةً وَقَبَضَهَا وَلَكِنَّ مَا أَفَادَهُ فِي التَّتِمَّةِ أَجْوَدُ وَأَقْرَبُ إلَى الِاحْتِيَاطِ. اهـ.
فَإِذَا كَانَ التَّمْلِيكُ هِبَةً وَبُيِّنَ فَهِبَةُ الْمَشَاعِ الَّذِي يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ بَاطِلَةٌ لَا سِيَّمَا وَهُوَ غِرَاسٌ وَأَيْضًا مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الْهِبَةِ الْقَبْضُ وَلَمْ يُوجَدْ لَا فِي الْغِرَاسِ وَلَا فِي الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ وَفِي الْعِمَادِيَّةِ وَهَبَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَإِنْ كَانَتْ وَصِيَّةً لَكِنَّهَا هِبَةٌ حَقِيقَةً فَتَفْتَقِرُ إلَى الْقَبْضِ وَلَمْ يُوجَدْ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ عِمَارَةُ حَوَانِيتَ مَعْلُومَةٍ جَارِيَةٍ فِي مِلْكِهِ وَمَبْلَغٌ مُرْصَدٌ مَعْلُومٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى دَارٍ مَعْلُومَةٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفِ كَذَا فَمَلَكَ ذَلِكَ جَمِيعَهُ مِنْ أَوْلَادِهِ الْقَاصِرِينَ بِالْوِلَايَةِ عَلَيْهِمْ وَأَشْهَدَ أَنْ لَا حَقَّ لَهُ مَعَهُمْ فِي ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَ عَنْهُمْ وَعَنْ وَرَثَةٍ غَيْرِهِمْ وَبَلَغَ الْقَاصِرُونَ رَشِيدِينَ وَادَّعَتْ الْوَرَثَةُ عَلَيْهِمْ لَدَى حَاكِمٍ حَنْبَلِيٍّ حَكَمَ بِصِحَّةِ التَّمْلِيكِ لِلْقَاصِرِينَ وَبِعَدَمِ مُعَارَضَةِ الْوَرَثَةِ لَهُمْ فِي حَادِثَةِ تَمْلِيكِ الْبِنَاءِ دُونَ الْأَرْضِ وَحَادِثَةِ دَعْوَى التَّمْلِيكِ مُنْفَرِدَةً مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدِ كَوْنِهِ بَيْعًا أَوْ هِبَةً وَحَادِثَةِ دَعْوَى تَمْلِيكِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ فِي الْمُرْصَدِ الْمَزْبُورِ حُكْمًا شَرْعِيًّا مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ بَعْدَ الدَّعْوَى مِنْ وَكِيلِ الْوَرَثَةِ عَلَى الْأَوْلَادِ الْمَذْكُورِينَ وَالشَّهَادَةِ الْمُسْتَقِيمَةِ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً أَفْتَى مُفْتِي مَذْهَبِهِ بِصِحَّتِهَا وَأَنْفَذَ حُكْمَهُ حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً شَرْعِيَّةً فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِ الْحُجَّتَيْنِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى نَاظِرُ وَقْفٍ عَلَى نَاظِرِ وَقْفِ ذِي يَدٍ بِأَنَّ مِنْ الْجَارِي تَحْتَ نِظَارَتِهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ أَرَاضٍ مُتَلَاصِقَاتٍ مَعْلُومَاتٍ وَأَنَّ ذَا الْيَدِ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَطَلَبَ مِنْهُ تَسْلِيمَهَا لِجِهَةِ وَقْفِهِ وَرَفْعَ يَدِهِ عَنْهَا فَاعْتَرَفَ ذُو الْيَدِ بِجَرَيَانِ نِصْفِ الْجَمِيعِ فِي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ وَأَنْكَرَ جَرَيَانَ الرُّبْعِ الْمُدَّعَى بِهِ فِي وَقْفِ الْمُدَّعِي لِجَرَيَانِهِ فِي وَقْفِ ذِي الْيَدِ وَكَلَّفَهُ إثْبَاتَ ذَلِكَ فَأَبْرَزَ مِنْ يَدِهِ كِتَابَ وَقْفِهِ الْمُتَضَمِّنِ لِذَلِكَ وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُزَكَّاةِ فِي وَجْهِهِ طِبْقَ مَا ادَّعَاهُ وَاسْتَوْفَتْ الدَّعْوَى شَرَائِطَهَا الشَّرْعِيَّةَ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ الْمُتَدَاعَى لَدَيْهِ لِجِهَةِ وَقْفِهِ بِذَلِكَ فَهَلْ يَكُونُ حُكْمُهُ وَاقِعًا مَوْقِعَهُ الشَّرْعِيَّ وَإِذَا أَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ السَّابِقُ بِهَا؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ الْخَارِجِ أَوْلَى وَلَا سِيَّمَا بَعْدَ الْحُكْمِ الْمَزْبُورِ أَوْضِحُوا لَنَا الْجَوَابَ بِنَقْلِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَلَكُمْ جَزِيلُ الثَّوَابِ مِنْ الْمَلِكِ الْوَهَّابِ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ اسْتَوْفَتْ الدَّعْوَى شَرَائِطَهَا الشَّرْعِيَّةَ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ لَهُ بِذَلِكَ يَكُونُ حُكْمُهُ وَاقِعًا مَوْقِعَهُ الشَّرْعِيَّ؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ الْخَارِجِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ.
قَالَ فِي الْمُلْتَقَى فِي دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ لَا تُعْتَبَرُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ فِي الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ وَالدُّرَرِ وَالنُّقَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا لَا سِيَّمَا الْخَارِجُ مُدَّعٍ وَذُو الْيَدِ مُنْكِرٌ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ} وَقَدْ وَرَدَ بَعْضُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَأَنَّهُ مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَقَدْ اُسْتُخْرِجَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ مِائَتَا أَلْفِ مَسْأَلَةٍ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْقَضَاءَ لِذِي الْيَدِ قَضَاءُ تَرْكٍ لَا قَضَاءُ اسْتِحْقَاقٍ إذْ لَا يُكَلَّفُ لِلْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّ أَقْصَى مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى حَقِيقَةِ كَلَامِهِ وَضْعُ يَدِهِ إذْ هُوَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَى الْبَيِّنَةِ وَمِنْ الْمُقَرَّرِ أَنَّ دَعْوَى الْوَقْفِ مِنْ قَبِيلِ دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ بِاعْتِبَارِ مِلْكِ الْوَاقِفِ قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ نُجَيْمٍ فِي بَحْرِهِ مِنْ بَابِ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ دَعْوَى الْوَقْفِ مِنْ قَبِيلِ دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَفَرَّعَ عَلَى ذَلِكَ فُرُوعًا فَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ وَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ الْمَزْبُورُ لَوْ أَقَامَهَا بَعْدَهُ.
كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ عَلَّامَةُ فِلَسْطِينَ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ عَلَى سُؤَالٍ رُفِعَ إلَيْهِ فِي مِثْلِ هَذَا فَأَجَابَ وَأَجَادَ وَلِأَعْظَمِ فَائِدَةٍ أَفَادَ بِقَوْلِهِ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ السَّابِقُ بِإِقَامَةِ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ الْمَذْكُورِ إذْ الْبَيِّنَةُ لَيْسَتْ لَهُ وَإِنَّمَا هِيَ لِلْخَارِجِ وَقَدْ أَقَامَهَا وَقُضِيَ لَهُ بِهَا فَلَا يَجُوزُ نَقْضُهَا بِإِقَامَةِ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى ذِي فَهْمٍ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ مَنْ صَارَ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بَعْدَهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْهَا وَفِي الْكَافِي مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَةِ إذَا تَضَمَّنَتْ الشَّهَادَةُ نَقْضَ قَضَاءٍ تُرَدُّ وَبَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَضَمَّنَتْ نَقْضَ قَضَاءٍ اسْتَوْفَى شَرَائِطَهُ فَتُرَدُّ وَلَا تُسْمَعُ وَسَوَاءٌ قُلْنَا بِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالْوَقْفِ قَضَاءٌ جُزْئِيٌّ أَوْ كُلِّيٌّ أَيْ عَلَى النَّاسِ كَافَّةً أَوْ يَخْتَصُّ وَالصَّحِيحُ الْمُفْتَى بِهِ أَنَّهُ جُزْئِيٌّ وَلَكِنْ قَدْ صَارَ ذُو الْيَدِ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ وَبَيِّنَتُهُ لَمْ تُفِدْ غَيْرَ مَا أَفَادَتْهُ الْيَدُ فَكَيْفَ يُنْقَضُ بِهَا الْقَضَاءُ بِالْبَيِّنَةِ الْمُفِيدَةِ الْمُثْبِتَةِ خِلَافَ الظَّاهِرِ وَلِمِثْلِهِ جُعِلَتْ الْبَيِّنَاتُ وَالْقَضَاءُ بِالْوَقْفِ كَالْقَضَاءِ بِالْمِلْكِ وَفِي الْقَضَاءِ بِالْمِلْكِ إذَا صَارَ ذُو الْيَدِ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ كَمَا قُلْنَا وَهَذَا مِمَّا لَا تَوَقُّفَ فِيهِ لِمَنْ غَمَسَ رَأْسَ خِنْصَرِهِ فِي الْفِقْهِ. اهـ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) هَلْ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ لَوْ أَقَامَهَا الْمُدَّعِي بَعْدَ يَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ لَا؟
(الْجَوَابُ): تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ وَتُقْبَلُ عَلَى مَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُلْتَقَى وَالتَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى وَقَالَ فِي الدُّرَرِ ثُمَّ إذَا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَالْمُدَّعِي عَلَى دَعْوَاهُ وَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ بِيَمِينِهِ لَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ مَا لَمْ تَقُمْ الْبَيِّنَةُ عَلَى وَفْقِ دَعْوَاهُ فَإِنْ وَجَدَهَا أَقَامَهَا وَقَضَى لَهُ بِهَا وَبَعْضُ الْقُضَاةِ مِنْ السَّلَفِ كَانُوا لَا يَسْمَعُونَهَا بَعْدَ الْيَمِينِ وَيَقُولُونَ يَتَرَجَّحُ جَانِبُ صِدْقِهِ بِالْيَمِينِ فَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي وَهَذَا الْقَوْلُ لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَبِلَ الْبَيِّنَةَ مِنْ الْمُدَّعِي بَعْدَ يَمِينِ الْمُنْكِرِ وَكَانَ شُرَيْحٌ يَقُولُ الْيَمِينُ الْفَاجِرَةُ أَحَقُّ أَنْ تُرَدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي يَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَلْ هِيَ حَقُّ الْمُدَّعِي فَلَا بُدَّ مِنْ طَلَبِهِ أَمْ لِلْقَاضِي أَنْ يُحَلِّفَهُ وَلَوْ بِلَا طَلَبِ الْمُدَّعِي؟
(الْجَوَابُ): الْيَمِينُ لِلْقَاضِي مَعَ طَلَبِ الْمُدَّعِي لِمَا فِي التَّنْوِيرِ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَحْلِفَ عِنْدَ غَيْرِ الْقَاضِي وَيَكُونَ بَرِيئًا فَهُوَ بَاطِلٌ. اهـ.
لَكِنْ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي فَإِذَا طَالَبَهُ بِهِ يُجِيبُهُ أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ الْقَاضِي بِالْحَدِيثِ الْمَعْرُوفِ وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٌ عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ {جَاءَ رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ وَرَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ الْحَضْرَمِيُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ هَذَا غَلَبَنِي عَلَى أَرْضِي كَانَتْ لِأَبِي وَقَالَ الْكِنْدِيُّ هِيَ أَرْضِي فِي يَدِي أَزْرَعُهَا لَيْسَ لَهُ فِيهَا حَقٌّ فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِلْحَضْرَمِيِّ أَلَكَ بَيِّنَةٌ قَالَ لَا قَالَ فَلَكَ يَمِينُهُ قَالَ يَا رَسُولُ اللَّهِ الرَّجُلُ فَاجِرٌ لَا يُبَالِي عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ يَتَوَرَّعُ عَنْ شَيْءٍ فَقَالَ لَيْسَ لَك مِنْهُ إلَّا ذَلِكَ فَانْطَلَقَ لِيَحْلِفَ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا الَّذِي حَلَفَ عَلَى مَالٍ لِيَأْكُلَهُ ظُلْمًا لَيَلْقَيَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَهُوَ عَنْهُ غَيْرُ رَاضٍ}. اهـ.
فَجَعَلَ الْيَمِينَ حَقَّهُ بِصَرِيحِ إضَافَةِ الْيَمِينِ إلَيْهِ فَاللَّامُ الْمِلْكِ وَالِاخْتِصَاصِ فِي قَوْلِهِ فَلَكَ يَمِينُهُ وَإِنَّمَا جَعَلَ الْيَمِينَ حَقُّ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ أَتْوَى حَقَّهُ بِإِنْكَارِهِ فَشُرِعَ الِاسْتِحْلَافُ حَتَّى لَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا زَعَمَ يَكُونُ إتواء مُقَابَلَةَ إتْوَاءٍ وَهُوَ مَشْرُوعٌ كَالْقِصَاصِ وَهُوَ أَعْظَمُ مِنْ إتْوَاءِ الْمَالِ فَإِنَّ الْيَمِينَ الْفَاجِرَةَ تَدَعُ الدِّيَارَ بَلَاقِعَ وَإِنْ كَانَ صَادِقًا يَنَالُ الثَّوَابَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى سَبِيلِ التَّعْظِيمِ صَادِقًا. اهـ.
لَكِنْ نُقِلَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَسْتَحْلِفُ بِلَا طَلَبٍ فِي أَرْبَعِ مَوَاضِعَ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي بِاَللَّهِ مَا رَضِيت بِالْعَيْبِ وَالشَّفِيعُ بِاَللَّهِ مَا أَبْطَلْت شُفْعَتَك وَالْمَرْأَةُ إذَا طَلَبَتْ فَرْضَ النَّفَقَةِ عَلَى زَوْجِهَا الْغَائِبِ تُحَلَّفُ بِاَللَّهِ مَا خَلَّفَ لَك زَوْجُك شَيْئًا وَلَا أَعْطَاك النَّفَقَةَ.
وَالرَّابِعُ يَحْلِفُ الْمُسْتَحِقُّ بِاَللَّهِ مَا بِعْت وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ يُحَلِّفْهُ الْقَاضِي بِلَا طَلَبِ الْوَصِيِّ وَالْوَارِثِ بِاَللَّهِ مَا اسْتَوْفَيْته مِنْ الْمَدْيُونِ وَلَا مِنْ أَحَدٍ أَدَّاهُ إلَيْك وَلَا قَبَضَهُ لَك قَابِضٌ بِأَمْرِك وَلَا أَبْرَأْته مِنْهُ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ وَلَا أَحَلْت بِهِ أَحَدًا وَلَا عِنْدَك وَلَا بِشَيْءٍ مِنْهُ رَهْنٌ.
(سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ التَّحْلِيفُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ أَمْ لَا؟
(الْجَوَابُ): قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَلَا يَسْتَحْلِفُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ لِمَا رَوَيْنَا. اهـ.
وَهُوَ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ عُمَرَ وَهُوَ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ قَالَ إنَّ اللَّهَ نَهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ فَمَنْ كَانَ حَالِفًا - أَيْ مُرِيدًا لِلْحَلِفِ - فَلَا يَحْلِفْ إلَّا بِاَللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ} رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ وَفِي لَفْظٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ} وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَا تَحْلِفُوا إلَّا بِاَللَّهِ وَلَا تَحْلِفُوا إلَّا وَأَنْتُمْ صَادِقُونَ} رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَإِنَّمَا جُعِلَ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ فِي الْحَلِفِ تَعْظِيمًا لِلْمَحْلُوفِ بِهِ وَحَقِيقَةُ الْعَظَمَةِ لَا تَكُونُ إلَّا لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يُضَاهِي بِهِ غَيْرَهُ.
وَظَاهِرُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ لَوْ حَلَّفَهُ الْقَاضِي بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى لَمْ يَكُنْ يَمِينًا قَالَ فِي الْبَحْرِ وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا. اهـ.
وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَقِيلَ فِي زَمَانِنَا إذَا أَلَحَّ الْخَصْمُ سَاغَ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْلِفَ بِذَلِكَ أَيْ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ لِقِلَّةِ الْمُبَالَاةِ بِالْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى. اهـ.
وَيُرَدُّ عَلَى هَذَا الْقِيلِ أَنَّ هَذَا تَعْلِيلٌ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ فَلَا يَصِحُّ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ وَفِي الْخَانِيَّةِ وَإِنْ أَرَادَ الْمُدَّعِي تَحْلِيفَهُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يُجِيبُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّحْلِيفَ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ حَرَامٌ وَبَعْضُهُمْ جَوَّزَ ذَلِكَ فِي زَمَانِنَا وَالصَّحِيحُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ. اهـ.
وَفِي الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ مِنْ التَّتَارْخَانِيَّةِ وَالْفَتْوَى عَلَى عَدَمِ التَّحْلِيفِ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَفِي الذَّخِيرَةِ التَّحْلِيفُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْأَيْمَانِ الْغَلِيظَةِ لَمْ يُجَوِّزْهُ أَكْثَرُ مَشَايِخِنَا وَأَجَازَهُ الْبَعْضُ فَيُفْتَى بِهِ إنْ مَسَّتْ الضَّرُورَةُ وَإِذَا بَالَغَ الْمُسْتَفْتَى فِي الْفَتْوَى يُفْتِي بِأَنَّ الرَّأْيَ إلَى الْقَاضِي. اهـ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ فَإِنْ مَسَّتْ الضَّرُورَةُ يُفْتِي بِأَنَّ الرَّأْيَ إلَى الْقَاضِي فَلَوْ حَلَّفَهُ الْقَاضِي بِالطَّلَاقِ فَنَكَلَ وَقَضَى بِالْمَالِ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ. اهـ.
فَتَلَخَّصَ مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يُحَلِّفَهُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ عِنْدَ إلْحَاحِ الْخَصْمِ وَأَنَّهُ يُفْتَى بِجَوَازِ ذَلِكَ إنْ مَسَّتْ الضَّرُورَةُ وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ بِالنُّكُولِ عَنْهُ وَلَوْ قَضَى بِهِ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ وَعَنْ هَذَا قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ وَلَكِنَّهُمْ قَالُوا إنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ بِهِ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ؛ لِأَنَّهُ نَكَلَ عَمَّا هُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ شَرْعًا وَلَوْ قَضَى بِهِ لَمْ يَنْفُذْ قَضَاؤُهُ. اهـ.
لَكِنْ فِيهِ إشْكَالٌ؛ لِأَنَّ فَائِدَةَ التَّحْلِيفِ الْقَضَاءُ بِالنُّكُولِ فَإِذَا لَمْ يَجُزْ الْقَضَاءُ بِالنُّكُولِ عَمَّا ذَكَرَ فَكَيْفَ يَجُوزُ التَّحْلِيفُ بِهِ وَلَعَلَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ مِنْ أَنَّهُ لَا تَحْلِيفَ بِهِمَا فَلَا اعْتِبَارَ بِنُكُولِهِ وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِالتَّحْلِيفِ بِهِمَا فَيُعْتَبَرُ نُكُولُهُ وَيُقْضَى بِهِ؛ لِأَنَّ التَّحْلِيفَ إنَّمَا يُقْصَدُ لِنَتِيجَتِهِ وَإِذَا لَمْ يُقْضَ بِالنُّكُولِ فَلَا يَنْبَغِي الِاشْتِغَالُ بِهِ وَكَلَامُ الْفُضَلَاءِ فَضْلًا عَنْ الْعُلَمَاءِ الْعِظَامِ يُصَانُ عَنْ اللَّغْوِ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ فِي الْبَحْرِ وَالْمِنَحِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا ثَبَتَ قَلْعُ الْمُتَوَلِّي لِغِرَاسِ الْوَقْفِ وَإِزَالَتُهُ وَإِعْدَامُهُ بَعْدَ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ وَالشَّهَادَةِ الْمُسْتَقِيمَةِ بِالْحَادِثَةِ الشَّرْعِيَّةِ بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ فِي وَجْهِ الْمُتَوَلِّي وَمَضَتْ مُدَّةٌ ثُمَّ بَعْدَهَا ادَّعَى وَكِيلٌ عَنْ الْمُتَوَلِّي الْمَزْبُورِ عَلَى زَيْدٍ أَنَّهُ قَلَعَ الْغِرَاسَ الْمَذْكُورَ بِعَيْنِهِ بَعْدَمَا ثَبَتَ قَلْعُهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَبَعْدَ انْفِصَالِ الدَّعْوَى بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيِّ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟
(الْجَوَابُ): تَكْرِيرُ الْقَلْعِ وَالتَّصَرُّفِ بِهِ بَعْدَ ثُبُوتِ قَلْعِهِ وَإِعْدَامِهِ أَوَّلًا مُسْتَحِيلٌ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ أَنَّ مِنْ شُرُوطِ الدَّعْوَى كَوْنُ الْمُدَّعِي مِمَّا يَحْتَمِلُ الثُّبُوتَ فَدَعْوَى مَا يَسْتَحِيلُ وُجُودُهُ بَاطِلَةٌ. اهـ.
وَالدَّعْوَى مَتَى فُصِّلَتْ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ لَا تُنْقَضُ وَلَا تُعَادُ كَمَا صُرِّحَ بِذَلِكَ فِي كُتُبِ عُلَمَائِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مَبْلَغُ دَيْنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ بِذِمَّةِ عَمْرٍو وَقَصَدَ زَيْدٌ السَّفَرَ وَلَهُ زَوْجَةٌ فَأَذِنَ لِعَمْرٍو أَنْ يَدْفَعَ لَهَا مِنْ الدَّيْنِ مَا تَحْتَاجُهُ مِنْ النَّفَقَةِ وَسَافَرَ فَدَفَعَ عَمْرٌو لَهَا شَيْئًا مِنْ الدَّيْنِ ثُمَّ حَضَرَ زَيْدٌ وَادَّعَى عَمْرٌو دَفْعَ قَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّيْنِ وَكَذَّبَهُ زَيْدٌ وَالزَّوْجَةُ فِي ذَلِكَ وَاعْتَرَفَا بِوُصُولِ قَدْرٍ دُونَ مَا يَدِّعِيهِ عَمْرٌو فَهَلْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ عَمْرٍو إلَّا بِبَيِّنَةٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةِ حَيْثُ كَانَ الْمَالُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الْمَأْذُونُ لَهُ بِالدَّفْعِ إذَا ادَّعَاهُ وَكَذَّبَاهُ فَإِنْ كَانَتْ أَمَانَةً فَالْقَوْلُ لَهُ وَإِنْ كَانَ مَضْمُونًا كَالْغَصْبِ وَالدَّيْنِ لَا كَمَا فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ وَمِنْ الثَّانِي مَا إذَا أَذِنَ الْمُؤَجِّرُ لِلْمُسْتَأْجِرِ بِالتَّعْمِيرِ مِنْ الْأُجْرَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ مِنْ أَمَانَاتِ الْأَشْبَاهِ.
(سُئِلَ) فِي الدَّعْوَى إذَا فُصِّلَتْ مَرَّةً بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ مُسْتَوْفِيَةً شَرَائِطَهَا الشَّرْعِيَّةَ فَهَلْ لَا تُنْقَضُ وَلَا تُعَادُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَا تُنْقَضُ وَلَا تُعَادُ. (أَقُولُ) لَيْسَ هَذَا عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ هَذَا حَيْثُ لَمْ يَزِدْ الْمُدَّعِي عَلَى مَا صَدَرَ مِنْهُ أَوَّلًا أَمَّا لَوْ جَاءَ بِدَفْعٍ صَحِيحٍ أَوْ جَاءَ بِبَيِّنَةٍ بَعْدَ عَجْزِهِ عَنْهَا فَإِنَّهَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ كَمَا أَوْضَحَهُ الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الدَّعْوَى مِنْ فَتَاوَاهُ حَيْثُ قَالَ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ مَا نَصُّهُ يُنْظَرُ فِي دَعْوَى الْمُدَّعِي إنْ كَانَ أَتَى بِهَا مَعَ دَفْعٍ أَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً تُسْمَعُ وَيُقْبَلُ مِنْهُ الدَّفْعُ وَكَذَلِكَ لَوْ مَنَعَ الْخَصْمَ مِنْ التَّعَرُّضِ لَهُ لِعَدَمِ بَيِّنَةٍ قَامَتْ مِنْهُ عَلَى خَصْمِهِ ثُمَّ أَتَى بِهَا تُسْمَعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ حَيْثُ لَمْ يَزِدْ عَلَى مَا صَدَرَ مِنْهُ أَوَّلًا وَهُوَ مَقْصُودُ الْعُلَمَاءِ فِي قَوْلِهِمْ لَا تُسْتَأْنَفُ الدَّعْوَى قَالَ مَشَايِخُنَا فِي كُتُبِهِمْ كَالذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا كَمَا يَصِحُّ الدَّفْعُ يَصِحُّ دَفْعُ الدَّفْعِ وَكَذَا يَصِحُّ دَفْعُ دَفْعِ الدَّفْعِ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ يَصِحُّ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَكَمَا يَصِحُّ قَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ يَصِحُّ بَعْدَهَا وَكَمَا يَصِحُّ الدَّفْعُ قَبْلَ الْحُكْمِ يَصِحُّ بَعْدَ الْحُكْمِ وَفِي الذَّخِيرَةِ بَرْهَنَ الْخَارِجُ عَلَى نِتَاجٍ فَحَكَمَ لَهُ ثُمَّ بَرْهَنَ ذُو الْيَدِ عَلَى النِّتَاجِ يَحْكُمُ لَهُ بِهِ. اهـ.
فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي بَيِّنَةٍ مُثْبَتَةٍ وَلَهَا اعْتِبَارٌ وَحَكَمَ بِهَا وَسَمِعَ بَعْدَهَا دَعْوَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَبَطَلَ الْقَضَاءُ عَلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ فَكَيْفَ لَا تَبْطُلُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ فِيمَا أُلْحِقَ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَإِنْ حَكَمَ الْقَاضِي لَهُ بِظَاهِرِ الْيَدِ الْمُغْنِيَةِ لَهُ عَنْ الْبَيِّنَةِ فَكَيْفَ بَيِّنَةٌ غَيْرُ مُثْبَتَةٍ؛ لِأَنَّ عَنْهَا غِنًى بِالْيَدِ وَلَا حَاجَةَ لِلْحُكْمِ بِهَا إذْ الْقَضَاءُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ عِنْدَ عَدَمِ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ قَضَاءَ تَرْكٍ لَا قَضَاءَ اسْتِحْقَاقٍ فَنَقُولُ إنْ أَعَادَ الْخَصْمُ الدَّعْوَى وَلَا بَيِّنَةَ مَعَهُ بِمَا يَدَّعِي لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّهَا عَيْنُ الْأُولَى حَيْثُ لَمْ يَقُمْ بَيِّنَةٌ وَلَمْ يَأْتِ بِدَفْعٍ شَرْعِيٍّ وَقَدْ مَنَعَ أَوَّلًا لِعَدَمِ إقَامَتِهَا فَمَا أَتَى بِهِ تَكْرَارٌ مَحْضٌ مِنْهُ وَقَدْ مَنَعَ بِمَا سَبَقَ فَلَا يَلْتَفِتُ إلَيْهِ وَلَا يَسْمَعُ مِنْهُ إجْمَاعًا. اهـ.
كَلَامُ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بَعْدَهُ فِيهِ إلَّا أَنْ يُبَرْهِنَ عَلَى إبْطَالِ الْقَضَاءِ بِأَنْ ادَّعَى دَارًا بِالْإِرْثِ وَبَرْهَنَ وَقَضَى ثُمَّ ادَّعَى الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ الشِّرَاءَ مِنْ مُوَرِّثِ الْمُدَّعِي أَوْ ادَّعَى الْخَارِجُ الشِّرَاءَ مِنْ فُلَانٍ وَبَرْهَنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى شِرَائِهِ مِنْ فُلَانٍ أَوْ مِنْ الْمُدَّعِي قَبْلَهُ أَوْ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالدَّابَّةِ فَبَرْهَنَ عَلَى نِتَاجِهَا عِنْدَهُ. اهـ.
وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُمْ يَصِحُّ الدَّفْعُ بَعْدَ الْحُكْمِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ فِيهِ إبْطَالُ الْقَضَاءِ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ أَيْضًا بِمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ التَّوْفِيقُ لِمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَنْ فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ لَوْ أَتَى بِالدَّفْعِ بَعْدَ الْحُكْمِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ لَا يُقْبَلُ نَحْوَ أَنْ يُبَرْهِنَ بَعْدَ الْحُكْمِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَرَّ قَبْلَ الدَّعْوَى أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الدَّارِ لَا يَبْطُلُ الْحُكْمُ لِجَوَازِ التَّوْفِيقِ بِأَنْ شَرَاهُ بِخِيَارٍ فَلَمْ يَمْلِكْهُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ ثُمَّ مَضَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ وَقْتَ الْحُكْمِ فَمَلَكَهُ فَلَمَّا احْتَمَلَ هَذَا لَمْ يَبْطُلْ الْحُكْمُ الْجَائِزُ بِشَكٍّ وَلَوْ بَرْهَنَ قَبْلَ الْحُكْمِ يُقْبَلُ وَلَا يَحْكُمُ إذْ الشَّكُّ يَدْفَعُ الْحُكْمَ وَلَا يَرْفَعُهُ. اهـ.
لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا مَبْنِيًّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ إمْكَانَ التَّوْفِيقِ كَافٍ أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّوْفِيقِ بِالْفِعْلِ فَلَا تَقْيِيدَ بِمَا ذَكَرَ وَقَدْ ذَكَرُوا الْقَوْلَيْنِ فِي مَسَائِلِ التَّنَاقُضِ وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَقَالَ إنَّهُ الْأَصْوَبُ عِنْدِي وَأَقَرَّهُ فِي نُورِ الْعَيْنِ أَنَّهُ إنْ كَانَ التَّنَاقُضُ ظَاهِرًا وَالتَّوْفِيقُ خَفِيًّا لَا يَكْفِي إمْكَانُ التَّوْفِيقِ وَإِلَّا يَكْفِي الْإِمْكَانُ ثُمَّ أَيَّدَهُ بِمَسْأَلَةٍ فِي الْجَامِعِ وَهِيَ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَهُ فَمَكَثَ قَدْرَ مَا يُمْكِنُهُ الشِّرَاءُ مِنْهُ ثُمَّ بَرْهَنَ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْهُ بِلَا تَارِيخٍ قُبِلَ لِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ بِأَنْ يَشْتَرِيَهُ بَعْدَ إقْرَارِهِ وَلِأَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْعَقْدِ الْمُبْهَمِ تُفِيدُ الْمِلْكَ لِلْحَالِ. اهـ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا فِي مُخَمَّسَةِ الدَّعْوَى أَنَّ الْخَارِجَ لَوْ ادَّعَى الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ عَلَى ذِي الْيَدِ وَلَمْ يَدَّعِ ذُو الْيَدِ أَنَّ فُلَانًا الْغَائِبَ أَوْدَعَهُ عِنْدَهُ أَوْ ادَّعَى وَلَكِنْ لَمْ يُبَرْهِنْ حَتَّى قَضَى لِلْخَارِجِ لَمْ تُسْمَعُ دَعْوَى ذِي الْيَدِ إلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْإِيدَاعِ وَلَا بُرْهَانِهِ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْبَحْرِ إنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِمْ إنَّ الدَّفْعَ بَعْدَ الْحُكْمِ صَحِيحٌ إلَّا أَنْ يُخَصَّ مِنْ الْكُلِّيِّ. اهـ.
وَأَجَابَ فِي نُورِ الْعَيْنِ بِأَنَّ هَذَا الْفَرْعَ لَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مُقَابِلِ الْمُخْتَارِ وَهُوَ عَدَمُ صِحَّةِ الدَّفْعِ بَعْدَ الْحُكْمِ وَتَمَامُهُ فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الْبَحْرِ فَاغْتَنِمْ هَذِهِ الْفَوَائِدَ الْفَرَائِدَ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ عَلَى رَجُلٍ اسْمُهُ فَضْلُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ وَظِيفَةٌ فِي وَقْفٍ وَقَيَّدَ اسْمَهُ فِي بَرَاءَةِ الْوَظِيفَةِ السَّيِّدُ أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ فَادَّعَى فَضْلُ اللَّهِ الْمَزْبُورُ عَلَى مُتَوَلِّي الْوَقْفِ بِوَظِيفَتِهِ فَأَنْكَرَهَا زَاعِمًا أَنَّهُ قَيَّدَ اسْمَهُ فِي الْبَرَاءَةِ السَّيِّدُ أَحْمَدُ فَهِيَ لِرَجُلٍ آخَرَ فَذَكَرَ فَضْلُ اللَّهِ بِأَنَّ لَهُ اسْمَيْنِ أَحَدُهُمَا السَّيِّدُ أَحْمَدُ وَالثَّانِي فَضْلُ اللَّهِ وَيُرِيدُ إثْبَاتَ مَا ادَّعَاهُ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَيَجُوزُ تَعَدُّدُ الْأَسْمَاءِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ وَيَجُوزُ تَعَدُّدُ الِاسْمِ شَرْعًا وَعُرْفًا قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ فِي الْخَامِسَ عَشَرَ مِنْ الدَّعْوَى غَلَطُ الِاسْمِ لَا يَضُرُّ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لَهُ اسْمَانِ.
وَفِي صُوَرِ الْمَسَائِلِ عَنْ الْفَتَاوَى الرَّشِيدِيَّةِ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ اسْمَ جَدِّهِ أَحْمَدُ لَا تَبْطُلُ الدَّعْوَى لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لِجَدِّهِ اسْمَانِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي السَّادِسَ عَشَرَ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ اشْتَرَى جَارِيَةً اسْمُهَا شَجَرَةُ الدُّرِّ وَاسْتُحِقَّتْ بِذَلِكَ الِاسْمِ وَعِنْدَ إرَادَةِ الْمُشْتَرِي الرُّجُوعَ بِالثَّمَنِ قَالَ اُسْتُحِقَّتْ مِنِّي جَارِيَةٌ اسْمُهَا قَضِيبُ الْبَانِ تَصِحُّ الدَّعْوَى إنْ قَالَ اُسْتُحِقَّتْ عَلَيَّ الْجَارِيَةُ الَّتِي اشْتَرَيْتهَا مِنْك وَالْغَلَطُ فِي الِاسْمِ لَا يَمْنَعُ الدَّعْوَى بَعْدَمَا عَرَّفَهَا بِذَلِكَ التَّعْرِيفِ وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنَّ لَهَا اسْمَيْنِ. اهـ.
فَيُحْتَمَلُ أَنَّ لَهُ اسْمَيْنِ أَوْ أَنَّ اسْمَهُ أَحْمَدُ وَلَقَبَهُ فَضْلُ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي الْخَيْرِيَّةُ مِنْ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ سُئِلَ فِي رَجُلٍ تَدْعُوهُ النَّاسُ مُحَمَّدَيْنِ وَاسْمُهُ الْحَقِيقِيُّ مُحَمَّدٌ وَعَلَيْهِ تَيْمَارٌ بِبَرَاءَةٍ سُلْطَانِيَّةٍ وَالْمَكْتُوبُ فِيهَا اسْمُهُ الْحَقِيقِيُّ مُحَمَّدٌ لَا مُحَمَّدَيْنِ هَلْ يُوجِبُ ذَلِكَ خَلَلًا فِي بَرَاءَتِهِ أَمْ لَا الْجَوَابُ لَا يُوجِبُ خَلَلًا فَتَعَدُّدُ الْأَسْمَاءِ جَائِزٌ شَرْعًا وَعُرْفًا وَالْمُسَمَّى وَاحِدٌ فَإِذَا أَتَى مُتَعَنِّتٌ مُسْتَدْرِكًا فِيهَا بِهَذَا الْأَمْرِ مَا هُوَ نَافِذٌ وَلَا يَسْتَدْرِكُ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي التَّعْرِيفِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ هُوَ الْعِلْمُ وَهُوَ حَاصِلٌ بِأَحَدِ الِاسْمَيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ الْغَائِبِ دَارٌ مَرْهُونَةٌ مِنْ قِبَلِهِ عِنْدَ عَمْرٍو بِدَيْنٍ شَرْعِيٍّ ثَابِتٍ لِعَمْرٍو بِذِمَّةِ زَيْدٍ فَبِيعَتْ الدَّارُ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ قَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ عَنْ دَيْنِهِ هُوَ ثَمَنُ مِثْلِهَا بَعْدَ ثُبُوتِ الدَّيْنِ وَالرَّهْنِ الْمَذْكُورَيْنِ لَدَى قَاضٍ شَافِعِيٍّ حَكَمَ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَأَجَازَهُ مُوَافِقًا مَذْهَبَهُ مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ وَأَفْتَى مُفْتٍ شَافِعِيٌّ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَالثُّبُوتِ ثُمَّ بَاعَ الْمُشْتَرِي الدَّارَ مِنْ بَكْرٍ وَتَصَرَّفَ بَكْرٌ بِالدَّارِ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً حَتَّى مَاتَ زَيْدٌ عَنْ ابْنٍ عَارَضَ بَكْرًا فِي الْمَبِيعِ وَتَرَافَعَ مَعَهُ لَدَى حَاكِمٍ حَنَفِيٍّ مَنَعَ الِابْنَ مِنْ مُعَارَضَةِ بَكْرٍ فِي الدَّارِ وَكَتَبَ بِكُلٍّ مِنْ الْبَيْعِ وَالثُّبُوتِ وَالْمَنْعِ حُجَّةً وَمَضَتْ مُدَّةٌ وَالْآنَ قَامَ الِابْنُ يُعَارِضُ بَكْرًا فِي الْمَبِيعِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يُمْنَعُ الِابْنُ مِنْ الْمُعَارَضَةِ فِي ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ حَيْثُ الْحَالُ مَا ذَكَرَ.
(سُئِلَ) فِي عَقَارٍ مَعْلُومٍ جَارٍ فِي جِهَةِ وَقْفِ بِرٍّ وَالْمُتَوَلُّونَ عَلَى الْوَقْفِ وَاضِعُونَ يَدَهُمْ عَلَيْهِ وَمُتَصَرِّفُونَ فِيهِ لِجِهَةِ وَقْفِ الْبِرِّ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى أَرْبَعِينَ سَنَةً بِلَا مُعَارِضٍ لَهُمْ فِي ذَلِكَ وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْهُ فَادَّعَى مُتَوَلِّي وَقْفِ بِرٍّ آخَرَ عَلَى وَكِيلِ الْوَقْفِ الْأَوَّلِ لَدَى نَائِبِ مَحْكَمَةٍ بِجَرَيَانِ الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ فِي الْوَقْفِ الْآخَرِ وَحَكَمَ نَائِبُ الْمَحْكَمَةِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ الْآخَرِ بِالْعَقَارِ الْمَزْبُورِ بِشَهَادَةٍ بَيِّنَةٍ شَهِدَتْ عَلَى خِلَافِ الْمَشْهُورِ الْمُتَوَاتِرِ مِنْ كَوْنِ الْعَقَارِ جَارِيًا فِي جِهَةِ الْوَقْفِ الْأَوَّلِ وَبَعْدَ مُرُورِ الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ تَصَرَّفَ الْمُدَّعِي بِالْعَقَارِ مُدَّةَ أَرْبَعِ سِنِينَ ثُمَّ ادَّعَى وَكِيلٌ شَرْعِيٌّ عَنْ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ الْأَوَّلِ لَدَى نَائِبِ قَاضِي الْقُضَاةِ عَلَى مُتَوَلِّي الْوَقْفِ الْآخَرِ بِأَنَّ الْحُكْمَ الْمَزْبُورَ صَدَرَ بِشَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى خِلَافِ الْمَشْهُورِ الْمُتَوَاتِرِ وَأَنَّ الدَّعْوَى بَعْدَ مُرُورِ الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ بِلَا مَانِعٍ غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ الْمَزْبُورَةَ وَمَنَعَ نَائِبُ قَاضِي الْقُضَاةِ الْمُتَوَلِّيَ الْمَزْبُورَ وَجِهَةَ وَقْفِهِ مِنْ مُعَارَضَةِ الْوَقْفِ الْأَوَّلِ فِي الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ وَحَكَمَ بِهِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ الْأَوَّلِ مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ وَكَتَبَ بِهِ حُجَّةً شَرْعِيَّةً فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِهَا بَعْدَ ثُبُوتِهِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى لَا تُسْمَعُ بَعْدَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمَبْسُوطِ وَلِأَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى خِلَافِ الْمَشْهُورِ الْمُتَوَاتِرِ لَا تُسْمَعُ وَلَا تُقْبَلُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ اسْتِحْقَاقٌ مَعْلُومٌ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ فَمَاتَ لَا عَنْ تَرِكَةٍ وَلَهٌ وَلَدٌ انْتَقَلَ الِاسْتِحْقَاقُ إلَيْهِ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ فَقَامَ عَمْرٌو يَدَّعِي دَيْنًا لَهُ بِذِمَّةِ زَيْدٍ وَيُكَلِّفُ وَلَدَهُ دَفْعَهُ لَهُ مِنْ اسْتِحْقَاقِهِ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ فَهَلْ لَا يَلْزَمُ الِابْنَ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِأَيْتَامٍ حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ فِي طَاحُونَةٍ إرْثًا عَنْ أَبِيهِمْ فَبَاعَهَا عَمُّهُمْ بِدُونِ وِصَايَةٍ عَلَيْهِمْ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ مِنْ زَيْدٍ وَتَصَرَّفَ بِهَا زَيْدٌ وَاسْتَوْفَى مَنْفَعَتَهَا مُدَّةً حَتَّى بَلَغَ الْأَيْتَامُ رَشِيدِينَ وَيُرِيدُونَ الدَّعْوَى بِهَا عَلَى الْمُشْتَرِي وَرَفْعَ يَدِهِ عَنْهَا وَمُطَالَبَتَهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذَكَرَ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ يَسُوعُ لَهُمْ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي طَاحُونَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ جِهَاتِ وَقْفٍ وَمِيرِي جَارِيَةٍ فِي تَوَاجِرِ أَخَوَيْنِ وَتَصَرُّفِهِمَا بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ قَامَتْ الْآنَ امْرَأَةُ وَصِيٍّ عَلَى أَوْلَادِهَا الْأَيْتَامِ تُكَلِّفُ الْأَخَوَيْنِ بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ دَفْعَ مَبْلَغٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ لِجِهَةِ الْأَيْتَامِ وَيُسَمَّى ذَلِكَ رَسْمًا زَاعِمَةً أَنَّ بِيَدِ الْأَيْتَامِ تَيْمَارًا بِمُوجِبِ بَرَاءَةٍ مُحَرَّرَةٍ بِأَخْذِ شَيْءٍ مَعْلُومٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ يُسَمُّونَهُ رَسْمًا مِنْ أَرْبَابِ أَمَاكِنَ وَمَرْسُومٌ مِنْ جُمْلَةِ الْأَمَاكِنِ اسْمُ الطَّاحُونَةِ الْمَزْبُورَةِ وَأَنَّ الْأَيْتَامَ يَسْتَحِقُّونَ الْمَبْلَغَ لِتَيْمَارِهِمْ رَسْمًا عَلَى الطَّاحُونَةِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ لِلْأَخَوَيْنِ وَلَا لِأَبِيهِمَا وَجَدِّهِمَا قَبْلَهُمَا دَفْعَ شَيْءٍ لِلْمَرْأَةِ وَلَا لِوَالِدِ أَوْلَادِهَا وَلَا لِغَيْرِهِ مِنْ التَّيْمَارِيِّينَ السَّابِقِينَ قَبْله فَهَلْ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَيْسَ لَهَا مُطَالَبَةُ الْأَخَوَيْنِ بِذَلِكَ وَالْمُسْتَأْجِرُ لَيْسَ بِخَصْمٍ لِسَمَاعِ هَذِهِ الدَّعْوَى فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهَا عَلَيْهِمَا بِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا قَالَ الْمُدَّعِي لِي بَيِّنَةٌ غَائِبَةٌ عَنْ الْمِصْرِ مُدَّةَ سَفَرٍ وَطَلَبَ يَمِينَ خَصْمِهِ فَهَلْ يَحْلِفُ وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ إذَا حَضَرَتْ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ دَخَلَتْ الْحَمَّامَ ثُمَّ خَرَجَتْ مِنْهُ وَادَّعَتْ عَلَى الْحَمَّامِيَّةِ أَنَّهَا كَانَتْ دَفَعَتْ لَهَا قَبْلَ دُخُولِهَا زُنَّارًا وَالْحَمَّامِيَّةُ تُنْكِرُ ذَلِكَ وَتُكَلِّفُ الْمَرْأَةَ إثْبَاتَ دَعْوَاهَا بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ تُكَلَّفُ إلَى ذَلِكَ وَلَا عِبْرَةَ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ وَبِنْتٍ وَأَبٍ وَأُمٍّ وَخَلَّفَتْ تَرِكَةً بَاعَهَا الزَّوْجُ بِحُضُورِ الْأَبِ وَالْأُمِّ بِثَمَنٍ قَبَضَهُ فَقَامَتْ الْأُمُّ تَدَّعِي أَنَّ لَهَا فِي التَّرِكَةِ أَمْتِعَةً مُعَيَّنَةً دَفَعَتْهَا لَهَا حِينَ التَّجْهِيزِ عَلَى سَبِيلِ الْعَارِيَّةِ وَالْأُمُّ فَقِيرَةٌ وَالْعُرْفُ فِي بَلْدَتِهِمَا مُشْتَرَكٌ وَلَهَا بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَيَزْعُمُ الزَّوْجُ أَنَّ سُكُوتَهَا حِينَ الْبَيْعِ رِضًا مِنْهَا مَانِعٌ مِنْ دَعْوَى الْعَارِيَّةِ فَهَلْ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهَا وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِ الزَّوْجِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ تُقْبَلُ مِنْهَا دَعْوَى الْعَارِيَّةِ بِوَجْهِهَا الشَّرْعِيِّ حَيْثُ كَانَ الْحَالُ مَا ذُكِرَ وَأَمَّا سُكُوتُهَا حِينَ الْبَيْعِ فَلَا يَكُونُ رِضًا لِمَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ قَاعِدَةٍ لَا يُنْسَبُ إلَى سَاكِتٍ قَوْلٌ وَلَوْ رَأَى الْمَالِكُ رَجُلًا يَبِيعُ مَتَاعَهُ وَهُوَ حَاضِرٌ سَاكِتٌ لَا يَكُونُ رِضًا عِنْدَنَا.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ الْغَائِبِ دَيْنٌ بِذِمَّةِ عَمْرٍو فَقَامَ بَكْرٌ يُكَلِّفُ عَمْرًا دَفْعَ الدَّيْنِ الْمَزْبُورِ لَهُ بِدُونِ وَكَالَةٍ عَنْ الْغَائِبِ وَلَا حَوَالَةٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ زَاعِمًا أَنَّ لَهُ دَيْنًا عَلَى الْغَائِبِ وَأَنَّ لَهُ أَخْذَهُ وَاسْتِيفَاءَهُ مِنْ دَيْنِهِ الَّذِي بِذِمَّةِ عَمْرٍو فَهَلْ لَيْسَ لِبَكْرٍ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ.
(سُئِلَ) فِي جَمَاعَةٍ أَقَرُّوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِمَالٍ لِزَيْدٍ وَأَشْهَدُوا بِذَلِكَ ثُمَّ بَعْدَ الْإِقْرَارِ ادَّعَوْا أَنَّ بَعْضَ هَذَا الْمَالِ قَرْضٌ وَبَعْضَهُ رِبًا عَلَيْهِمْ وَأَقَامُوا بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُمْ وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُمْ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ أَقَرَّ بِمَالٍ فِي صَكٍّ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ بَعْضَ هَذَا الْمَالِ قَرْضٌ وَبَعْضَهُ رِبًا عَلَيْهِ فَإِنْ أَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً تُقْبَلْ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي مَعْصَرَةِ دِبْسِ مُعَدَّةٍ لِلِاسْتِغْلَالِ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَأَخِيهِ عَمْرٍو نِصْفَيْنِ فَمَاتَ زَيْدٌ عَنْ أَوْلَادٍ فَوَضَعَ عَمْرٌو أَخُوهُ يَدَهُ عَلَى جَمِيعِ الْمَعْصَرَةِ وَاسْتَوْفَى مَنْفَعَتَهَا كُلَّهَا مُدَّةً بِلَا إجَارَةٍ وَلَا أُجْرَةٍ لِحِصَّةِ أَوْلَادِ أَخِيهِ حَتَّى مَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ وَيُرِيدُ أَوْلَادُ زَيْدٍ الرُّجُوعَ فِي تَرِكَةِ عَمْرٍو بِأُجْرَةٍ مِثْلَ حِصَّتِهِمْ فِي الْمَعْصَرَةِ عَنْ الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذَكَرَ فَهَلْ يَسُوغُ لَهُمْ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَهُمْ ذَلِكَ. (أَقُولُ) إنَّمَا يَسُوغُ لَهُمْ الرُّجُوعُ إنْ كَانُوا صِغَارًا فِي مُدَّةِ اسْتِيفَاءِ عَمِّهِمْ الشَّرِيكِ مَنْفَعَةَ الْمَعْصَرَةِ الْمُشْتَرَكَةِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ مَنَافِعَ الْغَصْبِ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ عِنْدَنَا إلَّا فِي ثَلَاثٍ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ وَقْفًا أَوْ مَالَ يَتِيمٍ أَوْ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ لَكِنَّ الْمُعَدَّ لِلِاسْتِغْلَالِ إنَّمَا تُضْمَنُ مَنْفَعَتُهُ إذَا لَمْ يَسْكُنْ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ أَوْ عَقْدٍ فَلَوْ سَكَنَهُ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ لَا يَضْمَنُ لِمَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي الْغَصْبِ عَنْ الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَنَصُّهُ بَيْتٌ أَوْ حَانُوتٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ سَكَنَهُ أَحَدُهُمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَجْرُ إنْ كَانَ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ؛ لِأَنَّهُ سَكَنَ بِتَأْوِيلِ الْمِلْكِ. اهـ.
فَفِي مَسْأَلَتِنَا حَيْثُ كَانَ الْأَوْلَادُ بَالِغِينَ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ لَا يَجِبُ لَهُمْ شَيْءٌ عَلَى الشَّرِيكِ؛ لِأَنَّ سُكْنَاهُ كَانَتْ بِتَأْوِيلِ الْمِلْكِ وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا فَلَهُمْ الْأُجْرَةُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَالَ الْيَتِيمِ لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ بَلْ ذَكَرَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ عَنْ الْقُنْيَةِ أَنَّ الْمُعَدَّ لِلِاسْتِغْلَالِ إذَا سَكَنَهُ الشَّرِيكُ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ لِيَتِيمٍ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ الْأَوَّلُ كَمَا حَرَّرْته فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ.
(سُئِلَ) فِي جَمَاعَةٍ لَهُمْ بُسْتَانٌ ادَّعَى عَلَيْهِمْ مُدَّعٍ فِيهِ وَلَحِقَهُمْ خُسْرَانٌ بِسَبَبِ الدَّعْوَى غَرَّمَهُ أَحَدَهُمْ بَعْدَمَا قَالَ لَهُ الْبَاقُونَ ادْفَعْ ذَلِكَ وَمَهْمَا غَرِمْت فَعَلَيْنَا بِقَدْرِ حِصَّتِنَا فَدَفَعَهُ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ عَلَيْهِمْ بِقَدْرِ حِصَّتِهِمْ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ ابْنٍ وَبَنَاتٍ بَالِغِينَ وَخَلَّفَ دَارًا وَضَعَ الِابْنُ الْمَزْبُورُ يَدَهُ عَلَيْهَا مُدَّةَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَطَلَبَ الْبَنَاتُ حِصَّتَهُنَّ مِنْهَا فَامْتَنَعَ مِنْ تَسْلِيمِهَا لَهُنَّ مُتَعَلِّلًا بِأَنَّ دَعْوَاهُنَّ بَعْدَ مُرُورِ الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ لَا تُسْمَعُ مَعَ إقْرَارِهِ بِأَنَّ الدَّارَ مُخَلَّفَةٌ لَهُمْ عَنْ أَبِيهِمْ فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُنَّ بِذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ تُسْمَعُ.
(سُئِلَ) فِي بِكْرٍ بَالِغَةٍ ظَهَرَ بِهَا حَبَلٌ وَسُئِلَتْ عَنْهُ فَقَالَتْ مِنْ زَيْدٍ وَزَيْدٌ يُنْكِرُ وَلَمْ يُصَدِّقْهَا عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ وَلَا تُصَدَّقُ فِي حَقِّهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَا تُصَدَّقُ فِي حَقِّهِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهَا.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا رَكِبَ زَيْدٌ عَلَى حَائِطِ جَارِهِ بِجُذُوعٍ وَعَارَضَهُ الْجَارُ فِي ذَلِكَ فَدَفَعَ لَهُ زَيْدٌ مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ لِيُبْقِيَ الْجُذُوعَ ثُمَّ هَدَمَ الْجَارُ الْحَائِطَ وَسَقَطَتْ الْجُذُوعُ وَمَنَعَ زَيْدًا مِنْ إعَادَتِهَا وَيُرِيدُ زَيْدٌ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ بِالْمَبْلَغِ وَأَخْذَهُ مِنْهُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَهُ الرُّجُوعُ بِهِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِهِنْدٍ وَابْنِ أَخِيهَا الْغَائِبِ دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فِي مَحَلَّةِ كَذَا وَيَرِدُ عَلَى الْمَحَلَّةِ غَرَامَاتٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِحِفْظِ الْأَمْلَاكِ وَيُكَلِّفُ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ هِنْدًا إلَى دَفْعِ مَا عَلَى نَصِيبِ الْغَائِبِ فِي الدَّارِ مِنْ الْغَرَامَاتِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يُمْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ مِنْ الْغَرَامَاتِ لِحِفْظِ الْأَمْلَاكِ فَهِيَ عَلَى الْمُلَّاكِ بِحَسَبِ أَمْلَاكِهِمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو الْأَصِيلِ عَنْ نَفْسِهِ وَالْوَكِيلِ عَنْ وَالِدَتِهِ بِأَنَّ مِنْ الْجَارِي فِي مِلْكِ الْمُدَّعِي وَالْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ بِالشِّرَاءِ مِنْ مُدَّةِ تِسْعِ سِنِينَ مِنْ فُلَانٍ بِثَمَنِ كَذَا جَمِيعُ الْبَغْلِ الْحَاضِرِ وَأَنَّهُ نُهِبَ مِنْهُ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَوَجَدَهُ الْآنَ بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَمُوَكِّلَتِهِ وَطَالَبَهُ بِتَسْلِيمِهِ إلَيْهِ فَأَجَابَ عَمْرٌو بِوَضْعِ يَدِهِ وَيَدِ مُوَكِّلَتِهِ عَلَى الْبَغْلِ الْمَزْبُورِ لِجَرَيَانِهِ فِي مِلْكِهِمَا بِمُقْتَضَى أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَشَقِيقَهُ بَكْرًا كَانَا ابْتَاعَاهُ مِنْ مُدَّةِ تِسْعِ سِنِينَ وَخَمْسَةِ أَشْهُرٍ وَأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ مِنْ رَجُلٍ اسْمُهُ كَذَا بِثَمَنِ كَذَا ثُمَّ فُقِدَ مِنْ يَدِ أَخِيهِ بَكْرٍ ثُمَّ مَاتَ بَكْرٌ وَانْحَصَرَ إرْثُهُ فِيهِ وَفِي أُمِّهِ الْمُوَكِّلَةِ الْمَزْبُورَةِ ثُمَّ وَجَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأُمُّهُ الْمُوَكِّلَةُ الْبَغْلَ الْمَزْبُورَ بِيَدِ رَجُلٍ وَأَثْبَتَا جَرَيَانَهُ فِي مِلْكِهِمَا لَدَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ حَكَمَ لَهُمَا بِهِ بَعْدَ حَلِفِهِمَا عَلَى ذَلِكَ الْيَمِينَ الشَّرْعِيَّ بِمُوجِبِ حُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ بِتَارِيخِ كَذَا وَأَبْرَزَهَا مِنْ يَدِهِ وَتَمَسَّكَ بِهَا وَأَنْكَرَ جَرَيَانَهُ فِي مِلْكِ الْمُدَّعِي الْمَزْبُورِ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعِي الْمَضْمُونُ الْحُجَّةَ فَهَلْ الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي أَوْ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِذَا أَقَامَاهَا بِأَيِّهِمَا يُعْمَلُ؟
(الْجَوَابُ): يُقْضَى بِالْبَغْلِ الْمَذْكُورِ لِمَنْ يُثْبِتُ سَبْقَ الشِّرَاءِ كَمَا فِي الْمُلْتَقَى وَالْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَالتَّنْوِيرِ وَعِبَارَتُهُ وَإِنْ بَرْهَنَ خَارِجَانِ عَلَى مِلْكٍ مُؤَرَّخٍ أَوْ شِرَاءٍ مُؤَرَّخٍ مِنْ وَاحِدٍ أَوْ خَارِجٌ عَلَى مِلْكٍ مُؤَرَّخٍ وَذُو يَدٍ عَلَى مِلْكٍ مُؤَرَّخٍ أَقْدَمَ فَالسَّابِقُ أَحَقُّ. اهـ.
وَفِي الْمِنَحِ مَا نَصُّهُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ لَا تُقْبَلُ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ وَهُوَ يَمْلِكُهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ مَعْزِيًّا إلَى خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (أَقُولُ) مَا فِي الْمِنَحِ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ نَقْلًا عَنْ نُورِ الْعَيْنِ فَرَاجِعْهُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مِشَدُّ مَسْكَةٍ فِي أَرْضِ وَقْفٍ سَلِيخَةٍ فَدَفَعَ الْأَرْضَ لِعَمْرٍو لِيَزْرَعَهَا عَمْرٌو لِنَفْسِهِ وَيَدْفَعَ مَا عَلَيْهَا لِلْوَقْفِ وَغَيْرِهِ فَزَرَعَهَا عَمْرٌو فِي عِدَّةِ سِنِينَ وَدَفَعَ مَا عَلَيْهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَغَيْرِهِ وَالْآنَ قَامَ زَيْدٌ يُطَالِبُ عَمْرًا بِأُجْرَةِ الْأَرْضِ زَاعِمًا أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ أُجْرَتَهَا فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ فَهَلْ لَا يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَا يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ.
(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ تَدَّعِي قِدَمَ نَهْرَيْنِ أَزْيَدَ مِنْ مِائَةِ سَنَةٍ وَأَنَّ لَهَا بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ وَرَجُلٍ يَدَّعِي الْحُدُوثَ مِنْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً وَلَهُ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ فَأَيُّ الْبَيِّنَتَيْنِ تُقَدَّمُ؟
(الْجَوَابُ): إذَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ الْحُدُوثِ وَالْقِدَمِ فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ بَيِّنَةُ الْقِدَمِ أَوْلَى وَفِي تَرْجِيحِ الْبَيِّنَاتِ لِلْبَغْدَادِيِّ عَنْ الْقُنْيَةِ بَيِّنَةُ الْحُدُوثِ أَوْلَى وَذَكَرَ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحِ الْمُنْتَقَى أَنَّ بَيِّنَةَ الْقِدَمِ أَوْلَى فِي الْبِنَاءِ وَبَيِّنَةَ الْحُدُوثِ أَوْلَى فِي الْكَنِيفِ. اهـ.
وَقَالَ فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ لَهُ كَنِيفٌ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَزَعَمَ غَيْرُهُ أَنَّهُ مُحْدَثٌ وَزَعَمَ صَاحِبُهُ أَنَّهُ قَدِيمٌ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ مُحْدَثٌ؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ وِلَايَةَ النَّقْضِ ثُمَّ رَقَّمَ لِكِتَابٍ آخَرَ الْقَوْلُ فِي هَذَا قَوْلُ الْمُدَّعِي بِالْقِدَمِ لِكَوْنِهِ مُتَمَسِّكًا بِالْأَصْلِ. اهـ.
وَفِي رِسَالَةِ الْحِجَجِ وَالْبَيِّنَاتِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي تَرْجِيحِ الْبَيِّنَةِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْأُصُولِ إنَّمَا هُوَ كَوْنُهَا مُثْبِتَةً خِلَافَ الظَّاهِرِ إذْ الْبَيِّنَةُ إنَّمَا شُرِعَتْ لِإِثْبَاتِ أَمْرٍ حَادِثٍ وَالْيَمِينُ لِإِبْقَائِهِ عَلَى مَا كَانَ. اهـ.
فَعَلَى هَذَا بَيِّنَةُ الْحُدُوثِ تُقَدَّمُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (أَقُولُ) وَحَاصِلُ مَا فِي الْحَاوِي أَنَّ بَيِّنَةَ الْحُدُوثِ أَوْلَى لِإِثْبَاتِهَا أَمْرًا عَارِضًا وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الْعُرُوضِ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِلْأَصْلِ الْمُقَرَّرِ فِي الْفُرُوعِ وَالْأُصُولِ مِنْ أَنَّ الْبَيِّنَةَ لِإِثْبَاتِ خِلَافِ الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْبَيِّنَةِ وَلِذَا حَيْثُ عُدِمَتْ الْبَيِّنَةُ يَكُونُ الْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْقِدَمِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ تَرْجِيحُ هَذَا عَلَى مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِمُوَافَقَتِهِ لِلْقَوَاعِدِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ وَقَدَّمْنَا أَنَّ مَا فِي شَرْحِ الْمُنْتَقَى حِكَايَةٌ لِقَوْلَيْنِ مُتَعَارِضَيْنِ لَا جَمْعٌ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ إذْ لَا فَرْقَ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ بَيْنَ الْكَنِيفِ وَالْبِنَاءِ وَقَدَّمْنَا أَيْضًا قَوْلًا ثَالِثًا فِي الْمَسْأَلَةِ وَأَنَّ الْمُؤَلِّفَ أَفَادَ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ حَيْثُ لَمْ يُؤَرِّخَا فَإِنْ أَرَّخَا قُدِّمَ الْأَسْبَقُ تَارِيخًا كَمَا جَزَمَ بِهِ أَصْحَابُ الْمُتُونِ وَغَيْرُهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ زَيْدٌ عَنْ وَرَثَةٍ بَالِغِينَ وَخَلَّفَ تَرِكَةً مُشْتَمِلَةً عَلَى دُيُونٍ لَهُ بِذِمَمِ جَمَاعَةٍ مَعْلُومِينَ وَعَلَى أَعْيَانٍ مَعْلُومَةٍ اقْتَسَمَ الْوَرَثَةُ الْأَعْيَانَ وَبَقِيَتْ الدُّيُونُ بِذِمَمِ الْجَمَاعَةِ لَمْ يُسْقِطْهَا الْوَرَثَةُ بِمُسْقِطٍ وَلَا اسْتَوْفَوْهَا وَلَا شَيْئًا مِنْهَا وَكَتَبُوا بِالِاقْتِسَامِ حُجَّةً مُتَضَمَّنَةً لِلْإِبْرَاءِ الْعَامِّ بَيْنَهُمْ بِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَا يَسْتَحِقُّ قِبَلَ الْآخَرِ حَقًّا مُطْلَقًا لَا مِنْ التَّرِكَةِ وَلَا مِنْ غَيْرِهَا فَهَلْ تَكُونُ الدُّيُونُ الْمَذْكُورَةُ لِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ عَلَى حَسَبِ حِصَصِهِمْ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَا تَدْخُلُ فِي الْإِبْرَاءِ الْمَذْكُورِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ يَحْتَرِفُ بِعَصْرِ بَزْرِ الْمِشْمِشِ يَسْتَخْرِجُ دُهْنَهُ وَيَبِيعُهُ وَهُوَ مُتْقِنٌ لِحِرْفَتِهِ وَيُكَلِّفُهُ أَهْلُ حِرْفَتِهِ أَنْ يَكُونَ شَرِيكًا مَعَهُمْ فِي ذَلِكَ جَبْرًا بِلَا رِضَاهُ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يُمْنَعُونَ مِنْ تَكْلِيفِهِ ذَلِكَ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي جَمَاعَةٍ لَهُمْ دَعْوَى عَلَى ابْنِ زَيْدٍ الْبَالِغِ يُكَلِّفُونَ زَيْدًا إحْضَارَ ابْنِهِ بِلَا كَفَالَةٍ مِنْهُ لَهُ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَا يَلْزَمُ الْأَبَ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَا يَلْزَمُهُ إحْضَارُ وَلَدِهِ إلَّا بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِرَجُلَيْنِ مَبْلَغُ دَيْنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ مُرْصَدٌ لَهُمَا عَلَى حَمَّامِ وَقْفٍ مَصْرُوفٍ فِي تَعْمِيرِهِ الضَّرُورِيِّ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَمَحْكُومٌ بِصِحَّتِهِ فَدَفَعَ ذَلِكَ لَهُمَا رَجُلَانِ مِنْ مَالِهِمَا بِإِذْنِ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ وَالْقَاضِي لِيَكُونَ لَهُمَا مُرْصَدًا عَلَى الْوَقْفِ وَحَكَمَ لَهُمَا بِاسْتِحْقَاقِهِمَا لِذَلِكَ عَلَى الْوَقْفِ وَمَضَتْ مُدَّةٌ وَالْآنَ يُرِيدُ الدَّافِعَانِ الْمَذْكُورَانِ الرُّجُوعَ عَلَى الْقَابِضِينَ بِنَظِيرِ الْمَبْلَغِ الْمَدْفُوعِ وَأَخْذَهُ مِنْهُمَا بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ إلَّا بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ زَيْدٌ لَا عَنْ وَارِثٍ ظَاهِرٍ وَخَلَّفَ تَرِكَةً فَادَّعَى عَمْرٌو دَيْنًا قَدْرَهُ كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ لَهُ بِذِمَّةِ زَيْدٍ لَمْ يَأْخُذْهُ مِنْ زَيْدٍ بَعْدَمَا نَصَّبَ الْقَاضِي وَصِيًّا لِسَمَاعِ الدَّعْوَى الْمَذْكُورَةِ وَأَقَامَ عَمْرٌو بَيِّنَةً عَادِلَةً شَهِدَتْ لَهُ بِطِبْقِ دَعْوَاهُ الْمَزْبُورَةِ فِي وَجْهِ الْوَصِيِّ الْمَذْكُورِ وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ الْحَلِفَ الشَّرْعِيَّ بَعْدَ جُحُودِ الْوَصِيِّ لِذَلِكَ وَحَكَمَ لَهُ الْقَاضِي بِذَلِكَ وَيُرِيدُ عَمْرٌو أَخْذَ ذَلِكَ مِنْ التَّرِكَةِ فَهَلْ يَسُوغُ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ وَرَثَةَ زَيْدٍ الْمَقْتُولِ ادَّعَوْا عَلَى جَمَاعَةٍ خَمْسَةِ أَنْفَارٍ مَعْلُومِينَ بِأَنَّهُمْ ضَرَبُوا بُنْدُقِيَّتَيْنِ فَأَصَابَتْ إحْدَاهُمَا مُهْرَ زَيْدٍ الْمَذْكُورَ فِي خَاصِرَتِهِ الْيُمْنَى وَخَرَجَتْ مِنْ الْيُسْرَى وَضَرَبُوهُ أَيْضًا بِسِكِّينٍ فِي صَدْرِهِ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ سَاعَتِهِ وَلَا تَعْلَمُ الْوَرَثَةُ مَنْ ضَرَبَهُ مِنْ الْجَمَاعَةِ وَجَاءُوا بِشَاهِدَيْنِ شَهِدَا كَذَلِكَ وَأَنَّهُمَا لَا يَعْلَمَانِ مَنْ ضَرَبَهُ مِنْهُمْ وَيَعْلَمَانِ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ الضَّرْبِ الْحَاصِلِ مِنْ بَيْنِ الْخَمْسَةِ أَنْفَارٍ الْمَذْكُورِينَ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟
(الْجَوَابُ): شَرْطُ صِحَّةِ الدَّعْوَى الْعِلْمُ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَتَعْيِينُهُ لِيُنَصِّبَ الْحُكْمَ عَلَيْهِ فَحَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ الضَّارِبُ وَلَمْ يُعَيَّنْ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَى جَمِيعِ الضَّارِبِينَ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَصُورَةُ مَا أَفْتَى بِهِ فِي جَمَاعَةٍ يَضْرِبُونَ بِالْبُنْدُقِ حَوْلَ مَطْهَرٍ أَصَابَتْ بُنْدُقَةٌ وَجْهَ صَغِيرٍ فَبَضَّعَتْهُ وَلَمْ يُعْلَمْ الضَّارِبُ فَمَا الْحُكْمُ أَجَابَ حَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ الضَّارِبُ وَلَمْ يُعَيَّنْ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَى جَمِيعِ الضَّارِبِينَ حَيْثُ لَا يُتَصَوَّرُ الضَّرْبُ مِنْهُمْ بِأَجْمَعِهِمْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُحَالٌ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَتْ هِنْدٌ عَلَى وَكِيلِ بِنْتِ زَوْجِهَا بِأَنَّ لَهَا بِذِمَّةِ بَعْلِهَا وَالِدِ الْمُوَكِّلَةِ مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ قَدْرُهُ كَذَا وَأَنَّهُ مَاتَ وَالْمَبْلَغُ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ وَبَرْهَنَتْ وَحَلَفَتْ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ إنْكَارِ الْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ وَحُكِمَ لَهَا بِذَلِكَ ثُمَّ بَلَغَ الْمُوَكِّلَةَ أَنَّ الْمُدَّعِيَةَ أَبْرَأَتْ ذِمَّةَ بَعْلِهَا الْمَزْبُورَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ إبْرَاءً عَامًّا مِنْ كُلِّ حَقٍّ وَدَعْوَى وَطَلَبٍ وَلَهَا بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ بِذَلِكَ فَهَلْ إذَا أَقَامَتْهَا تُسْمَعُ وَتُمْنَعُ الْمُدَّعِيَةُ مِنْ دَعْوَاهَا الْمَزْبُورَةِ أَمْ لَا؟
(الْجَوَابُ): قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَمَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَالًا فَقَالَ مَا كَانَ لَك عَلَيَّ شَيْءٌ قَطُّ فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي عَلَى أَلْفٍ وَبَرْهَنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْقَضَاءِ أَيْ الْإِيفَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ وَلَوْ بَعْدَ الْقَضَاءِ قُبِلَ بُرْهَانُهُ. اهـ.
ادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفًا قَرْضًا فَأَنْكَرَ قَائِلًا مَا لَك عَلَيَّ شَيْءٌ قَطُّ فَبَرْهَنَ الطَّالِبُ عَلَى الدَّيْنِ وَالْمَطْلُوبُ عَلَى الْإِيفَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ يُقْبَلُ لِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ وَلَوْ زَادَ وَلَا أَعْرِفُك لَا يُسْمَعُ لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّوْفِيقِ وَعَنْ الْقُدُورِيِّ يُسْمَعُ أَيْضًا لِجَوَازِ صُدُورِ الْإِيفَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ مِنْ بَعْضِ وُكَلَائِهِ كَمَا يَكُونُ لِلْأَشْرَافِ وَإِنْ قَالَ لَيْسَ لَك عِنْدِي وَدِيعَةٌ تُسْمَعُ دَعْوَى الرَّدِّ وَالْهَلَاكِ لِوُضُوحِ التَّوْفِيقِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَقُولَ لَيْسَ لَك عِنْدِي وَدِيعَةٌ لِأَنِّي رَدَدْتهَا أَوْ هَلَكَتْ فَعَلَى هَذَا فِي مَسْأَلَةِ الدَّيْنِ الَّتِي ذَكَرْنَا عَنْ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ يَنْبَغِي أَنْ يُفَصَّلَ الْجَوَابُ وَيُقَالَ إنْ قَالَ لَيْسَ لَك عَلَيَّ تُسْمَعُ دَعْوَى الْإِيفَاءِ وَلَوْ قَالَ مَا اسْتَدَنْت مِنْك لَا لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّوْفِيقِ بَزَّازِيَّةٌ فِي الْخَامِسَ عَشَرَ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَةِ.