فصل: بَابُ مِشَدِّ الْمَسْكَةِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العقود الدرية في تنقيح الفتاوي الحامدية



.بَابُ مِشَدِّ الْمَسْكَةِ:

ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ آخِرَ الْكِتَابِ بَعْدَ الْفَرَائِضِ وَرَأَيْتُ الْمُنَاسِبَ ذِكْرُهُ هُنَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَمِمَّا رَأَيْتُهُ بِخَطِّ الْمَوْلَى الْهُمَامِ الْعَلَّامَةِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَفَنْدِي الْعِمَادِيِّ سَقَى ضَرِيحَهُ صَوْبُ الْغَمَامِ الْغَادِي جَوَابَ سُؤَالٍ عَنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْفِلَاحَةِ وَالْمَسْكَةِ لِاخْتِلَافٍ وَقَعَ بَيْنَ النُّوَّابِ بِمَحْكَمَةِ الْبَابِ وَطَلَبَ الْجَوَابَ رَئِيسُ الْكُتَّابِ لَا شَكَّ أَنَّهُمَا لَفْظَانِ مُتَغَايِرَانِ مَعْنًى وَحُكْمًا أَمَّا الْمَسْكَةُ فَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ اسْتِحْقَاقِ الْحِرَاثَةِ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ مِنْ الْمَسْكَةِ لُغَةً وَهِيَ مَا يُتَمَسَّكُ بِهِ فَكَأَنَّ الْمُتَسَلِّمَ لِلْأَرْضِ الْمَأْذُونَ لَهُ مِنْ صَاحِبِهَا فِي الْحَرْثِ صَارَ لَهُ مَسْكَةٌ يَتَمَسَّكُ بِهَا فِي الْحَرْثِ فِيهَا وَحُكْمُهَا أَنَّهَا لَا تُقَوَّمُ فَلَا تُمْلَكُ وَلَا تُبَاعُ وَلَا تُورَثُ، وَأَمَّا الْفِلَاحَةُ فَمَعْنَاهَا عَمَلُ الْحِرَاثَةِ نَفْسِهَا وَحُكْمُهَا أَنَّهَا تُقَوَّمُ فَتُمْلَكُ وَتُبَاعُ وَتُورَثُ فَلَوْ فَلَحَ الرَّجُلُ أَرْضَهُ مَثَلًا وَبَاعَ الْفِلَاحَةَ الَّتِي فَلَحَهَا لِزَيْدٍ ثُمَّ انْتَفَعَ بِهَا الْمُشْتَرِي حَتَّى زَالَ وُجُودُهَا مِنْ الْأَرْضِ يَسُوغُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَتَسَلَّمَ الْأَرْضَ وَيَمْنَعَ زَيْدًا مِنْ حَرْثِهَا وَلَا يَبْقَى لَهُ حَقُّ الْمَسْكَةِ نَعَمْ قَدْ جَرَى فِي عُرْفِ الْفَلَّاحِينَ إطْلَاقُ الْفِلَاحَةِ عَلَى الْمَسْكَةِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمْ فَرَغْتُ عَنْ فِلَاحَتِي أَوْ مَسْكَتِي أَوْ مِشَدِّي وَيُرِيدُ مَعْنًى وَاحِدًا وَهُوَ اسْتِحْقَاقُ الْحَرْثِ فَلَا يَسُوغُ لَهُ التَّعَرُّضُ لِلْمَفْرُوغِ لَهُ كَمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مَسْكَةُ فِلَاحَةٍ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ وَقَدْ فَلَحَ بِهَا فِلَاحَةً مُتَقَوِّمَةً ثُمَّ إنَّهُ فَرَغَ عَنْ الْفِلَاحَةِ لِعَمْرٍو فَتَسَلَّمَ عَمْرٌو الْأَرْضَ وَزَرَعَهَا فَلَا يَسُوغُ لِزَيْدٍ التَّعَرُّضُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ.
(أَقُولُ) فِي الْقَامُوسِ الْفِلَاحَةُ الْحِرَاثَةُ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهَا الْكِرَابَ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ إنَّهَا مُتَقَوِّمَةٌ؛ لِأَنَّ الْكِرَابَ كَمَا فِي الْقَامُوسِ إثَارَةُ الْأَرْضِ لِزَرْعِهَا أَيْ شَقُّهَا وَتَهْيِئَتُهَا لَهُ فَهُوَ وَصْفٌ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ فِي نَفْسِهِ كَمَا مَرَّ غَيْرَ مَرَّةٍ فَلَا يُبَاعُ وَلَا يُورَثُ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهَا الكردار يَصِحُّ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا وَالْكِرْدَارُ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ وَالْقَامُوسِ بِكَسْرِ الْكَافِ مِثْلُ الْبِنَاءِ وَالْأَشْجَارِ وَالْكَبْسِ إذَا كَبَسَهُ مِنْ تُرَابٍ نَقَلَهُ مِنْ مَكَان كَانَ يَمْلِكُهُ وَمِنْهُ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ يَجُوزُ بَيْعُ الكردار وَلَا شُفْعَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ نَقْلِيٌّ. اهـ.
وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الْوَقْفِ مَا نَصُّهُ وَقْفُ الكردار بِدُونِ وَقْفِ الْأَرْضِ لَا يَجُوزُ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ وَقْفِ الْبِنَاءِ بِدُونِ وَقْفِ الْأَرْضِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ وَالْكِرْدَارُ تُرَابٌ يُكْبَسُ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُغْرَسُ فِيهِ الْأَشْجَارُ وَتُبْنَى عَلَيْهِ الْأَبْنِيَةُ وَذَلِكَ التُّرَابُ يُسَمَّى كِبْسًا بِكَسْرِ الْكَافِ وَسُكُونِ الْبَاءِ. اهـ.
وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْعَلَائِيُّ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْبُيُوعِ مِنْ شَرْحِهِ عَلَى التَّنْوِيرِ مَا نَصُّهُ وَفِي مُعِينِ الْمُفْتِي لِلْمُصَنِّفِ مَعْزِيًّا الْوَلْوَالِجِيَّةِ عِمَارَةٌ فِي أَرْضِ رَجُلٍ بِيعَتْ، فَإِنْ بِنَاءً أَوْ أَشْجَارًا جَازَ، وَإِنْ كِرَابًا أَوْ كَرْيَ أَنْهَارٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِمَالٍ وَلَا بِمَعْنَى مَالٍ لَمْ يَجُزْ قُلْتُ: وَمُفَادُهُ أَنَّ بَيْعَ الْمَسْكَةِ لَا يَجُوزُ وَكَذَا رَهْنُهَا وَلِذَا جَعَلُوهُ الْآنَ فَرَاغًا كَالْوَظَائِفِ فَلْيُحَرَّرْ. اهـ.
كَلَامُ الْعَلَائِيِّ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمَسْكَةَ غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ وَأَنَّهَا كِرَابُ الْأَرْضِ وَنَحْوُهُ مِمَّا لَيْسَ بِمَالٍ فَهِيَ أَعَمُّ مِنْ الْحِرَاثَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تُطْلَقُ عَلَى الكردار أَيْضًا لَكِنْ الْمَسْكَةُ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ تَكُونُ فِي الْأَرَاضِي السَّلِيخَةِ.
وَبِالْمَعْنَى الثَّانِي تَكُونُ فِي نَحْوِ الْبَسَاتِينِ وَتُسَمَّى فِي زَمَانِنَا بِالْقِيمَةِ وَهِيَ كَبْسُ الْأَرْضِ وَإِثَارَتُهَا مَعَ عِمَارَةِ الْجُدُرِ الْمُحِيطَةِ بِالْبُسْتَانِ، وَبَيْتٌ فِي دَاخِلِهِ يُسَمَّى خُمًّا وَجُرْنٌ لِمَعْكِ الْمِشْمِشِ، وَقُمَامَةٌ مَجْمُوعَةٌ فِي الْبُسْتَانِ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْيَانِ الْقَائِمَةِ كَآلَاتِ الْحِرَاثَةِ وَبَعْضِ الْمُزْدَرَعَاتِ مِنْ أُصُولِ الرَّطْبَةِ وَغَيْرِهَا وَهِيَ بِهَذَا الْمَعْنَى لَا شَكَّ فِي أَنَّهَا تُبَاعُ وَتُورَثُ وَكَأَنَّهَا سُمِّيَتْ قِيمَةً لِكَوْنِهَا أَعْيَانًا مُتَقَوِّمَةً لَا مُجَرَّدَ وَصْفٍ وَوَجْهُ تَسْمِيَتِهَا مَسْكَةً أَنَّ مَنْ ثَبَتَتْ لَهُ بِالْقِدَمِيَّةِ لَا تُرْفَعُ يَدُهُ عَنْ أَرْضِهَا مَا دَامَ يَزْرَعُهَا وَيَدْفَعُ إلَى الْمُتَكَلِّمِ عَلَيْهَا مَا عَلَيْهَا مِنْ أُجْرَةِ مِثْلٍ أَوْ مِنْ عُشْرٍ أَوْ خَرَاجٍ فَلَهُ اسْتِمْسَاكٌ بِهَا مَا دَامَ حَيًّا وَكَذَا بَعْدَ مَوْتِهِ فَتُورَثُ عَنْهُ إنْ كَانَتْ بِالْمَعْنَى الثَّانِي، وَإِنْ كَانَتْ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ تُدْفَعُ أَرْضُهَا إلَى ابْنِهِ مَجَّانًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ابْنٌ فَإِلَى بِنْتِهِ إلَى آخِرِ مَا سَيَأْتِي، وَأَمَّا مَا فِي الْقُنْيَةِ وَنَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ بِقَوْلِهِ يَثْبُتُ حَقُّ الْقَرَارِ فِي ثَلَاثِينَ سَنَةً فِي الْأَرْضِ السُّلْطَانِيَّةِ وَالْمِلْكِ وَفِي الْوَقْفِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَلَوْ بَاعَ حَقَّ قَرَارِهِ فِيهَا جَازَ وَفِي الْهِبَةِ اخْتِلَافٌ وَلَوْ تَرَكَهَا بِالِاخْتِيَارِ تَسْقُطُ قِدَمِيَّتُهُ حَاوِي الزَّاهِدِيِّ. اهـ.
فَالْمُرَادُ بِهِ الْأَعْيَانُ الْمُتَقَوِّمَةُ لَا مُجَرَّدُ الْأَمْرِ الْمَعْنَوِيِّ لِمَا عَلِمْتَ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِهِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَا شُفْعَةَ فِي الكردار أَيْ الْبِنَاءِ وَيُسَمَّى بِخُوَارِزْمَ حَقَّ الْقَرَارِ؛ لِأَنَّهُ نَقْلِيٌّ. اهـ.
وَكَذَا مَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ النِّهَايَةِ بِقَوْلِهِ إنَّمَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ فِي الْأَرَاضِي الَّتِي تُمْلَكُ رِقَابُهَا حَتَّى إنَّ الْأَرَاضِيَ الَّتِي حَازَهَا الْإِمَامُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَدَفَعَهَا إلَى النَّاسِ مُزَارَعَةً فَصَارَ لَهُمْ فِيهَا قَرَارُ الْبِنَاءِ وَالْأَشْجَارِ فَلَوْ بِيعَتْ هَذِهِ الْأَرَاضِيَ فَبَيْعُهَا بَاطِلٌ وَبَيْعُ الكردار إذَا كَانَ مَعْلُومًا يَجُوزُ وَلَكِنْ لَا شُفْعَةَ فِيهِ مِنْ النِّهَايَةِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ فِي بَابِ مَا تَجِبُ فِيهِ الشُّفْعَةُ وَمَا لَا تَجِبُ. اهـ.
فَالْمُرَادُ بِهِ أَيْضًا مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَعْيَانِ الْمَوْجُودَةِ فَقَوْلُهُ إذَا كَانَ مَعْلُومًا احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا جَهِلَهُ الْمُشْتَرِي وَهَذَا الكردار يُوجَدُ فِي زَمَانِنَا أَيْضًا فِي الْحَوَانِيتِ وَيُسَمَّى جَدَكًا وَهُوَ مَا يَبْنِيهِ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الْحَانُوتِ مِنْ مَالِهِ لِنَفْسِهِ وَمَا يَضَعُهُ فِيهَا مِنْ آلَاتِ الصِّنَاعَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْيَانِ الْقَائِمَةِ فِيهَا بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّينَ لَهُ بِذَلِكَ أَوْ لِمَنْ بَاعَهُ ذَلِكَ وَيَثْبُتُ لَهُ بِذَلِكَ حَقُّ الْقَرَارِ مَا دَامَ يَدْفَعُ أُجْرَةَ مِثْلِ الْحَانُوتِ خَالِيَةً عَنْ جَدَكِهِ وَقَدْ ذَكَرَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الدَّعَاوَى وَالْبَيِّنَاتِ أَنْوَاعَ الْكِرْدَارَاتِ مِنْ كِرْدَار الْحَمَّامِ وَكِرْدَارِ الْعَطَّارِ وَكِرْدَارِ الْكَرْمِ وَكِرْدَارِ كَذَا وَكَذَا وَبَيَانُ كَيْفِيَّةِ كِتَابَتِهَا فِي صَكِّ الْبَيْعِ فَرَاجِعْهَا وَقَدْ يُخَصُّ الْجَدَكُ بِمَا يَثْبُتُ فِي الْحَانُوتِ عَلَى وَجْهِ الْقَرَارِ مِمَّا لَا يُنْقَلُ وَلَا يُحَوَّلُ كَالْبِنَاءِ وَالْأَغْلَاقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَهَذَا يُسَمِّيهِ الْفُقَهَاءُ سُكْنَى قَالَ فِي التَّجْنِيسِ رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ سُكْنَى لَهُ فِي حَانُوتِ رَجُلٍ آخَرَ مُرَكَّبًا بِمَالٍ مَعْلُومٍ وَقَدْ أَخْبَرَهُ الْبَائِعُ بِأَنَّ أُجْرَةَ هَذَا الْحَانُوتِ سِتَّةٌ ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ أُجْرَتَهُ عَشْرَةٌ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ فِي غَيْرِ الْمَشْرِيِّ وَلِصَاحِبِ الْحَانُوتِ أَنْ يُكَلِّفَ الْمُشْتَرِيَ رَفْعَ السُّكْنَى، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي ضَرَرٌ؛ لِأَنَّهُ شَغَلَ مِلْكَهُ. اهـ.
وَفِي الْفَصْلِ السَّادِسَ عَشَرَ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَنْ الذَّخِيرَةِ شَرَى سُكْنَى فِي دُكَّانٍ وَقْفٍ فَقَالَ الْمُتَوَلِّي مَا أَذِنْتُ لَهُ بِالسُّكْنَى فَأَمَرَهُ بِالرَّفْعِ فَلَوْ شَرَاهُ بِشَرْطِ الْقَرَارِ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ وَإِلَّا فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِثَمَنِهِ وَلَا بِنُقْصَانِهِ. اهـ.
وَهُوَ غَيْرُ الْخُلُوِّ الَّذِي هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْقِدَمِيَّةِ وَوَضْعِ الْيَدِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ هُوَ وَاسْتَدَلَّ بِذَلِكَ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْخُلُوِّ، فَإِنَّهُ اسْتِدْلَالٌ فَاسِدٌ لِمَا عَلِمْتَ مِنْ أَنَّ السُّكْنَى أَعْيَانٌ قَائِمَةٌ مَمْلُوكَةٌ كَمَا أَوْضَحَهُ الْعَلَّامَةُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي رِسَالَةٍ خَاصَّةٍ لَكِنْ إذَا كَانَ هَذَا الْجَدَكُ الْمُسَمَّى بِالسُّكْنَى قَائِمًا فِي أَرْضِ وَقْفٍ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ مَسْأَلَةِ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ فِي الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ لِصَاحِبِهِ الِاسْتِبْقَاءُ بِأُجْرَةِ مِثْلِ الْأَرْضِ حَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْوَقْفِ، وَإِنْ أَبَى النَّاظِرُ نَظَرًا لِلْجَانِبَيْنِ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ فِي مَتْنِ التَّنْوِيرِ وَأَفْتَى بِهِ الْمُؤَلِّفُ تَبَعًا لِلْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الْإِجَارَاتِ وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي التَّجْنِيسِ مِنْ أَنَّ لِصَاحِبِ الْحَانُوتِ أَنْ يُكَلِّفَهُ رَفْعَهُ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي الْحَانُوتِ الْمِلْكِ بِقَرِينَةِ مَا فِي الْفُصُولَيْنِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمِلْكَ قَدْ يَمْتَنِعُ صَاحِبُهُ عَنْ إيجَارِهِ وَيُرِيدُ أَنْ يَسْكُنَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ يَبِيعَهُ أَوْ يُعَطِّلَهُ بِخِلَافِ الْمَوْقُوفِ الْمُعَدِّ لِلْإِيجَارِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لِلنَّاظِرِ إلَّا أَنْ يُؤَجِّرَهُ فَإِيجَارُهُ مِنْ ذِي الْيَدِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ أَوْلَى مِنْ إيجَارِهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لِمَا فِيهِ مِنْ النَّظَرِ لِلْوَقْفِ وَلِذِي الْيَدِ وَالْمُرَادُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ أَنْ يَنْظُرَ بِكَمْ يُسْتَأْجَرُ إذَا كَانَ خَالِيًا عَنْ ذَلِكَ الْجَدَكِ بِلَا زِيَادَةِ ضَرَرٍ وَلَا زِيَادَةِ رَغْبَةٍ مِنْ شَخْصٍ خَاصٍّ بَلْ الْعِبْرَةُ لِلْأُجْرَةِ الَّتِي يَرْضَاهَا الْأَكْثَرُ وَلَكِنْ هَذَا قَلَّ أَنْ يُوجَدَ فِي زَمَانِنَا بَلْ هُوَ مَعْدُومٌ، وَإِنَّمَا يَسْتَأْجِرُهُ صَاحِبُ الْجَدَكِ بِأَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ وَبَقِيَ قِسْمٌ آخَرُ يُسَمَّى بِالْمَرْصَدِ وَهُوَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ رَجُلٌ عَقَارَ الْوَقْفِ مِنْ دَارٍ أَوْ حَانُوتٍ مَثَلًا وَيَأْذَنَ لَهُ الْمُتَوَلِّي بِعِمَارَتِهِ أَوْ مَرَمَّتِهِ الضَّرُورِيَّةِ مِنْ مَالِهِ عِنْدَ عَدَمِ مَالٍ حَاصِلٍ فِي الْوَقْفِ وَعَدَمِ مَنْ يَسْتَأْجِرُهُ بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ يُمْكِنُ تَعْمِيرُهُ أَوْ مَرَمَّتُهُ بِهَا فَيُعَمِّرُهُ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ مَالِهِ عَلَى قَصْدِ الرُّجُوعِ بِذَلِكَ فِي مَالِ الْوَقْفِ عِنْدَ حُصُولِهِ أَوْ اقْتِطَاعِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَهَلْ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْقَاضِي أَوْ أَنْ يَحْكُمَ بِهِ حَنْبَلِيٌّ أَوْ لَا.
قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ فَرَاجِعْهُ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذِهِ الْعِمَارَةَ لَيْسَتْ مِلْكًا لِلْمُسْتَأْجِرِ بَلْ هِيَ وَقْفٌ تَابِعَةٌ لَهُ؛ لِأَنَّهَا بِمَالِ الْوَقْفِ وَمَا أَنْفَقَهُ الْمُسْتَأْجِرُ دَيْنٌ لَهُ عَلَى الْوَقْفِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ تِلْكَ الْعِمَارَةَ وَلَا بَيْعُهُ لِذَلِكَ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ نَعَمْ إذَا أَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ الْخُرُوجَ لَهُ قَبْضُ دَيْنِهِ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ بِإِذْنِ النَّاظِرِ وَيَصِيرُ ذَلِكَ الدَّيْنُ لِلدَّافِعِ كَمَا كَانَ لِلْقَابِضِ حَتَّى لَوْ دَفَعَهُ لَهُ أَحَدٌ بِلَا إذْنِ النَّاظِرِ بَرِئَ الْوَقْفُ مِنْهُ وَلَيْسَ لِلدَّافِعِ الرُّجُوعُ عَلَى الْوَقْفِ بِشَيْءٍ مِنْهُ وَلَا أَخْذُهُ مِنْ الْقَابِضِ كَمَنْ أَوْفَى دَيْنَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمُدَايَنَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَيَقَعُ هَذَا كَثِيرًا فِي زَمَانِنَا وَالنَّاسُ عَنْهُ غَافِلُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ مَا يَقَعُ عِنْدَ تَعَنُّتِ النَّاظِرِ فِي طَلَبِ زِيَادَةٍ كَثِيرَةٍ فِي الرِّشْوَةِ حَتَّى يَأْذَنَ بِالدَّفْعِ فَيَقْبِضُ صَاحِبُ الْمَرْصَدِ جَمِيعَ مَرْصَدِهِ سِرًّا بِلَا إذْنِ النَّاظِرِ ثُمَّ يُشْهِدُ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي ذَلِكَ الْمَرْصَدِ، وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ فُلَانٌ أَيْ الدَّافِعُ وَأَنَّ اسْمَهُ كُتِبَ فِي صَكِّ الْمَرْصَدِ عَارِيَّةً وَهَذِهِ الْحِيلَةُ تَنْفَعُ الدَّافِعَ فِي الظَّاهِرِ،
وَأَمَّا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا بَلْ يَبْرَأُ الْوَقْفُ عَنْ الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ وَلَا يَسُوغُ لَهُ الرُّجُوعُ بِهِ عَلَى أَحَدٍ كَمَا قُلْنَا وَلَا قَبْضُهُ مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُتَبَرِّعًا بِمَا دَفَعَ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ شَيْءٌ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا هَذِهِ الْمَسَائِلَ فِي هَذَا الْمَحَلِّ لِمُنَاسَبَةٍ ظَاهِرَةٍ وَلِخُلُوِّ عَامَّةِ الْكُتُبِ عَنْ بَيَانِهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
(سُئِلَ) فِي أَرَاضِي قَرْيَةٍ مَعْلُومَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ جِهَاتِ أَوْقَافٍ وَمِيرِيٍّ تَحْتَ تَكَلُّمِ زَيْدٍ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ جَمِيعُ أُمُورِ الْمِيرِيِّ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ عَزَّ نَصْرُهُ لِكُلٍّ مِنْ الْجِهَاتِ حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ فِيهَا بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَعُشْرُ كَامِلِهَا تَحْتَ تَكَلُّمِ زَيْدٍ الْمَزْبُورِ أَيْضًا وَلِرَجُلٍ مِشَدُّ مَسْكَةٍ فِي أَرْضٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ جُمْلَةِ أَرَاضِيهَا فَرَغَ عَنْهُ لِآخَرَ فَهَلْ يَكُونُ الْفَرَاغُ مَوْقُوفًا عَلَى إذْنِ زَيْدٍ وَنُظَّارِ الْأَوْقَافِ الْمَزْبُورَةِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَسُئِلَ أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ عَمَّنْ تَصَرَّفَ فِي أَرْضٍ عُشْرِيَّةٍ وَفَوَّضَهَا إلَى قَرِيبِهِ غَيْرِ الِابْنِ وَابْنِ الِابْنِ أَوْ إلَى أَجْنَبِيٍّ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَتَصَرَّفَ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ فِيهَا زَمَانًا ثُمَّ مَاتَ الْمُفَوِّضُ فَهَلْ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْ الْمُتَصَرِّفِ وَيُفَوِّضَهَا إلَى مَنْ شَاءَ فَأَجَابَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّفْوِيضَ مَتَى وَقَعَ بِلَا إذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ لَا تَزُولُ الْأَرْضُ عَنْ يَدِ الْمُفَوِّضِ حَقِيقَةً فَكَانَتْ فِي يَدِ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ عَارِيَّةً.
كَذَا فِي فَتَاوِيهِ قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ سُئِلْنَا عَنْ رَجُلٍ فِي تَصَرُّفِهِ أَرْضٌ مِيرِيَّةٌ وَفَوَّضَ حَقَّ تَصَرُّفِهِ إلَى ابْنِهِ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَتَسَلَّمَهَا ابْنُهُ وَزَرَعَهَا وَحَرَثَهَا زَمَانًا ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ وَأَرَادَ صَاحِبُ الْأَرْضِ أَنْ يُعْطِيَهَا إلَى الْغَيْرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ اسْتَحَقَّهَا بِوَجْهٍ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فَأَجَبْنَا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَفْوِيضَهُ إيَّاهَا إلَى الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ بَاطِلٌ فَلَمْ يَنْقَطِعْ حَقُّ تَصَرُّفِهِ عَنْهَا صُرَّةُ الْفَتَاوَى مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى وَفِيهَا رَجُلٌ تَصَرَّفَ فِي الْأَرْضِ الْمِيرِيَّةِ عَشْرَ سِنِينَ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ الْقَرَارِ وَلَا تُؤْخَذُ مِنْ يَدِهِ مِنْ الْخَانِيَّةِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. اهـ.
وَفِيهَا الْأَرَاضِي الْمِيرِيَّةُ عَوَارِي فِي يَدِ الرَّعَايَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَلَا هِبَتُهَا وَلَا اسْتِبْدَالُهَا إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو السُّعُودِ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَأَجَابَ بِأَنَّ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ كُلَّهَا تَصِحُّ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ أَعْنِي لَا تَكُونُ الْأَرَاضِي الْمِيرِيَّةُ مِلْكًا لِأَحَدٍ إلَّا بِتَمْلِيكِ السُّلْطَانِ لَهُ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ فِي تَصَرُّفِهِ أَرْضٌ مِنْهَا فَلَيْسَ لَهُ إلَّا تَفْوِيضُ حَقِّ تَصَرُّفِهِ إلَى الْغَيْرِ بِإِذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ حَتَّى لَوْ كَانَ تَفْوِيضُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا يُعْتَبَرُ لِكَوْنِهِ نَائِبًا عَنْ السُّلْطَانِ فِي ذَلِكَ إلَى آخِرِ مَا أَفَادَهُ فَرَاجِعْهُ إنْ رُمْتَهُ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي أَرَاضِي وَقْفٍ مَعْلُومَةٍ يَتَوَارَدُ طَائِفَةً بَعْدَ أُخْرَى يَزْرَعُونَهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ وَيَدْفَعُونَ مَا عَلَيْهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَمَضَى لِذَلِكَ عِدَّةُ سِنِينَ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ فِيهَا كِرْدَار وَهُوَ الْكِبْسُ وَالْبِنَاءُ وَالْأَشْجَارُ الْمُسَمَّى عِنْدَهُمْ بِحَقِّ الْقَرَارِ أَصْلًا وَالْآنَ تَزْعُمُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنَّ لَهُمْ فِيهَا كِرْدَارًا فَهَلْ لَا يَثْبُتُ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ مَا ذُكِرَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي قِطْعَةِ أَرْضٍ سَلِيخَةٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفِ بِرٍّ فَأَجَّرَهَا النَّاظِرُ لِزَيْدٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَقَدْ مَضَتْ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ وَلَيْسَ لَهُ فِيهَا كِرْدَار وَهُوَ الْكِبْسُ وَالْبِنَاءُ وَالْأَشْجَارُ الْمُسَمَّى عِنْدَهُمْ بِحَقِّ الْقَرَارِ أَصْلًا وَالْآنَ يَزْعُمُ أَنَّ لَهُ فِيهَا مِشَدَّ مَسْكَةٍ بِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ يَزْرَعُهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهَا كِرْدَار وَيَمْتَنِعُ مِنْ تَسْلِيمِهَا لَهُ بِغَيْرِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ مَا ذُكِرَ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ أَقُولُ مِشَدُّ الْمَسْكَةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُودِ الكردار الْمَذْكُورِ بَلْ مِشَدُّ الْمَسْكَةِ فِي الْأَغْلَبِ يَكُونُ فِي الْأَرَاضِي السَّلِيخَةِ الْخَالِيَةِ مِنْ الْبِنَاءِ وَالْأَشْجَارِ وَيَكُونُ بِمُجَرَّدِ كَرْبِ الْأَرْضِ وَكَرْيِ أَنْهَارِهَا مَعَ الْقِدَمِيَّةِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَوَّلَ الْبَابِ وَمِمَّا سَيَأْتِي وَلِذَا تَرَاهُمْ يَلْهَجُونَ بِأَنَّهُ لَا يُورَثُ وَلَا يُبَاعُ وَلَوْ كَانَ كِرْدَارًا كَانَ عَيْنًا قَائِمَةً تُورَثُ وَتُبَاعُ فَتَأَمَّلْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مِشَدُّ مَسْكَةٍ فِي أَرْضِ وَقْفٍ فَفَرَغَ عَنْهَا لِعَمْرٍو وَصَدَّقَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ عَلَى الْفَرَاغِ وَأَجَازَهُ وَالْآنَ يَزْعُمُ بَكْرٌ أَنَّ زَيْدًا كَانَ فَرَغَ لَهُ عَنْ الْمِشَدِّ قَبْلَ الْفَرَاغِ الْمَذْكُورِ وَلَمْ يُجِزْ الْمُتَوَلِّي فَرَاغَهُ وَلَمْ يُصَدِّقْ عَلَيْهِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ الْفَرَاغُ الصَّادِرُ مِنْ زَيْدٍ لِعَمْرٍو دُونَ غَيْرِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ؛ لِأَنَّ تَفْوِيضَهُ إيَّاهَا إلَى الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ بَاطِلٌ فَلَمْ يَنْقَطِعْ حَقُّ تَصَرُّفِهِ عَنْهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ وَصُرَّةِ الْفَتَاوَى وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِي أَرْضٍ مَعْلُومَةٍ مِسَاحَتُهَا كَذَا فَدَّانًا مِنْ فُدُنِ قَرْيَةٍ مَعْلُومَةٍ جَارِيَةٍ فِي جِهَتَيْ وَقْفٍ وَمِيرِيٍّ جَارٍ مِشَدُّ مَسْكَةِ الْأَرْضِ وَغِرَاسُهَا الْقَائِمُ بِهَا فِي تَصَرُّفِ وَمِلْكِ زَيْدٍ بِالتَّلَقِّي عَنْ أَبِيهِ الْمُتَصَرِّفِ قَبْلَهُ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَمَضَى لِتَصَرُّفِهِمَا مُدَّةٌ مَدِيدَةٌ وَهُمَا يَدْفَعَانِ مَا عَلَى الْأَرْضِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَالْمِيرِيِّ فِي الْمُدَّةِ بِلَا مُعَارِضٍ وَالْآنَ قَامَ جَمَاعَةٌ مِنْ زُرَّاعِ الْقَرْيَةِ يُعَارِضُونَ زَيْدًا فِي الْأَرْضِ الْمَزْبُورَةِ بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ زَاعِمِينَ أَنَّ مِسَاحَتَهَا تَزِيدُ عَلَى قَدْرِ مَا بِيَدِهِ وَأَنَّ لَهُمْ مَسْحَ أَرَاضِي الْقَرْيَةِ وَرَفْعَ يَدِهِ عَنْ الزَّائِدِ وَاقْتِسَامَهُ بَيْنَهُمْ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ وَيَبْقَى الْقَدِيمُ عَلَى قِدَمِهِ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ كَانَ مِشَدُّ مَسْكَتِهَا فِي تَصَرُّفِهِ وَغِرَاسُهَا جَارٍ فِي مِلْكِهِ لَيْسَ لَهُمْ نَزْعُهَا مِنْ يَدِهِ وَقَدْ أَفْتَى بِمِثْلِهِ عَلَّامَةُ فِلَسْطِينَ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ مِنْ أَوَائِلَ كِتَابِ الْوَقْفِ إلَى أَنْ قَالَ إنَّ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ زَائِدًا فَقَدْ يَكُونُ لِمَعْنًى رَآهُ الْمُتَكَلِّمُ عَلَى الْوَقْفِ وَالْأَصْلُ الصِّحَّةُ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مِشَدُّ مَسْكَةٍ فِي أَرْضِ وَقْفٍ سَلِيخَةٍ وَلِعَمْرٍو أَيْضًا مِشَدُّ مَسْكَةٍ فِي أَرْضِ وَقْفٍ سَلِيخَةٍ فَدَفَعَ زَيْدٌ أَرْضَهُ لِعَمْرٍو وَأَخَذَ أَرْضَهُ بَدَلَهَا بِطَرِيقِ الْمُقَايَضَةِ وَمَضَى لِذَلِكَ نَحْوُ سَنَتَيْنِ وَصَدَرَ ذَلِكَ كُلُّهُ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ مُتَوَلِّي وَقْفِ الْأَرْضَيْنِ وَلَا إجَازَةٍ مِنْهُ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَيُرِيدُ زَيْدٌ اسْتِرْدَادَ أَرْضِهِ مِنْ عَمْرٍو وَرَدَّ أَرْضَهُ لَهُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي قِطَعِ أَرَاضٍ مِنْ قَرْيَةٍ جَارِيَاتٍ بِكَمَالِهَا فِي وَقْفِ بِرٍّ وَفِي مِشَدِّ مَسْكَةِ جَمَاعَةٍ وَعَلَى الْقَرْيَةِ عُشْرٌ فَفَرَغَ رَجُلٌ مِنْ الْجَمَاعَةِ مِنْ مِشَدِّ مَسْكَتِهِ لِزَيْدٍ فَأَجَازَ الْعُشْرِيُّ فَرَاغَهُ وَلَمْ يُجِزْهُ نَاظِرُ الْوَقْفِ فَهَلْ يَكُونُ الْفَرَاغُ الْمَذْكُورُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ نَاظِرِ الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ لَا عَلَى إجَازَةِ الْعُشْرِيِّ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا فَرَغَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو عَنْ مِشَدِّ مَسْكَتِهِ فِي قِطَعِ أَرَاضِي وَقْفٍ سَلِيخَةٍ بِالتَّرَاضِي وَأَجَازَهُ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ وَيُرِيدُ زَيْدٌ الْآنَ الرُّجُوعَ عَنْ الْفَرَاغِ وَاسْتِرْدَادِ الْأَرَاضِي مُتَعَلِّلًا بِأَنَّ الْعِوَضَ الْمَزْبُورَ فِيهِ غَبْنٌ فَاحِشٌ وَأَنَّ الْمِشَدَّ يُسَاوِي أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَا عِبْرَةَ بِتَعَلُّلِهِ وَالْفَرَاغُ الْمَزْبُورُ صَحِيحٌ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي مَزْرَعَةٍ مَعْلُومَةٍ مُشْتَرَكَةٍ مَعَ قَنَاةِ مَائِهَا الْمُخْتَصِّ بِهَا بَيْنَ جِهَتَيْ وَقْفَيْنِ مَعْلُومَيْنِ فَتَعَطَّلَتْ الْقَنَاةُ وَدُثِرَتْ وَاحْتَاجَتْ لِلتَّعْزِيلِ وَالتَّعْمِيرِ وَتَعَطَّلَتْ الْمَزْرَعَةُ بِسَبَبِ ذَلِكَ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى خَمْسِينَ سَنَةً وَتَعَيَّنَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي إيجَارِهَا مِمَّنْ يَزْرَعُهَا وَيَحْرُثُهَا وَيُعَمِّرُ قَنَاتَهَا وَيَعْزِلُهَا وَيَصْرِفُ فِي ذَلِكَ مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ مِنْ مَالِهِ لِيَكُونَ مَرْصَدًا عَلَيْهِمَا لِعَدَمِ مَالٍ حَاصِلٍ فِي الْوَقْفَيْنِ يَفِي بِذَلِكَ وَعَدَمِ مَنْ يَرْغَبُ فِي اسْتِئْجَارِهَا مُدَّةً مُسْتَقْبَلَةً بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ تُصْرَفُ عَلَى ذَلِكَ فَآجَرَهَا الْمُتَوَلُّونَ عَلَى الْوَقْفَيْنِ مِنْ رَجُلَيْنِ مَعْلُومَيْنِ مُدَّةَ سَنَةٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ ثَبَتَ لَدَى قَاضِي الْقُضَاةِ أَنَّهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَحَكَمَ بِصِحَّتِهَا فِي حَادِثَةِ الزِّيَادَةِ وَأَذِنَ الْمُتَوَلُّونَ لِلْمُسْتَأْجَرَيْنِ بِحَرْثِ الْمَزْرَعَةِ وَكَبْسِهَا بِالتُّرَابِ وَتَسْوِيَتِهَا حَتَّى تَصِيرَ قَابِلَةً لِلزِّرَاعَةِ وَيَكُونَ لَهُمَا حَقُّ الْقَرَارِ فِيهَا الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْمَسْكَةِ وَبِالْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ فِيهَا لِيَكُونَ مَا يَغْرِسَانِهِ وَيَبْنِيَانِهِ مِلْكًا لَهُمَا وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِهَا بَعْدَ ثُبُوتِهِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ غِرَاسُ كَرْمٍ مَعْلُومٍ قَائِمٍ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فِي أَرْضٍ مِيرِيَّةٍ وَلَهُ فِيهَا مِشَدُّ مَسْكَةٍ فِي أَرَاضٍ مَعْلُومَةٍ فَفَرَغَ عَنْ مِشَدِّ مَسْكَةِ الْأَرَاضِي الْمَرْقُومَةِ لِعَمْرٍو وَبَاعَهُ نِصْفَ الْغِرَاسِ الْمَزْبُورِ بَيْعًا بَاتًّا شَرْعِيًّا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَأَجَازَ الْمُتَكَلِّمُ عَلَيْهَا الْفَرَاغَ الْمَذْكُورَ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً شَرْعِيَّةً فَهَلْ يَعْمَلُ بِمَضْمُونِهَا بَعْدَ الثُّبُوتِ الشَّرْعِيِّ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي مَزْرَعَةٍ تَيْمَارِيَّةٍ مُلَاصِقَةٍ لِأَرَاضِي قَرْيَةِ وَقْفٍ وَلِأَهَالِي الْقَرْيَةِ مِشَدُّ مَسْكَةٍ قَدِيمَةٍ فِي أَرَاضٍ الْمَزْرَعَةِ فَآجَرَهَا تَيْمَارِيُّهَا مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؟
(الْجَوَابُ): تُؤَجَّرُ لِصَاحِبِ مِشَدِّ مَسْكَتِهَا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَلَا تُؤَجَّرُ لِغَيْرِهِ إلَّا إذَا أَبَى ذَلِكَ. (أَقُولُ) وَبِذَلِكَ أَفْتَى الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ أَيْضًا.
(سُئِلَ) فِي ذِي مَسْكَةٍ فِي أَرْضِ وَقْفٍ تَرَكَهَا ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ اخْتِيَارًا مِنْهُ بِدُونِ عُذْرٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ سَقَطَتْ مَسْكَتُهُ؟
(الْجَوَابُ): سَقَطَ حَقُّهُ بِالتَّرْكِ الْمَذْكُورِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ. (أَقُولُ) وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الْمَرْحُومُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ وَيَأْتِي مِثْلُهُ عَنْ الْمَعْرُوضَاتِ.
(سُئِلَ) فِي مُسْتَأْجِرِ أَرْضِ وَقْفٍ وَتَيْمَارٍ وَلَهُ فِيهَا مِشَدُّ مَسْكَةٍ غَرَسَ فِيهَا أَشْجَارًا بِدُونِ صَرِيحِ الْإِذْنِ وَلَمْ يُضِرَّ الْغِرَاسُ الْمَزْبُورُ بِالْأَرْضِ مَعَ اطِّلَاعِ نَاظِرِ الْوَقْفِ وَالتَّيْمَارِيِّ عَلَى ذَلِكَ وَرِضَاهُمَا بِهِ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ وَعِبَارَتُهُ وَفِي الْقُنْيَةِ يَجُوزُ لِلْمُسْتَأْجَرَيْنِ غَرْسُ الْأَشْجَارِ وَالْكُرُومِ فِي الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ إذَا لَمْ يُضِرَّ بِالْأَرْضِ بِدُونِ صَرِيحِ الْإِذْنِ مِنْ الْمُتَوَلِّي دُونَ حَفْرِ الْحِيَاضِ، وَإِنَّمَا يَحِلُّ لِلْمُتَوَلِّي الْإِذْنُ فِيمَا يَزِيدُ الْوَقْفُ بِهِ خَيْرًا قَالَ مُصَنِّفُهَا قُلْتُ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ حَقُّ قَرَارِ الْعِمَارَةِ فِيهَا أَمَّا إذَا كَانَ فَلَا يَحْرُمُ الْحَفْرُ وَالْغَرْسُ وَالْحَائِطُ مِنْ تُرَابِهَا لِوُجُودِ الْإِذْنِ فِي مِثْلِهَا. اهـ.
بَحْرٌ مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَا يَمْلِكُ الْوَقْفَ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِوَقْفِ جَامِعٍ أَرْضٌ سَلِيخَةٌ مُعَطَّلَةٌ غَيْرُ صَالِحَةٍ لِلزِّرَاعَةِ فَأَذِنَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ لِزَيْدٍ بِحَرْثِهَا وَإِصْلَاحِهَا وَكَبْسِهَا وَزِرَاعَتِهَا لِيَدْفَعَ قِسْمَهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ فَفَعَلَ زَيْدٌ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي سِتِّ سَنَوَاتٍ حَتَّى مَاتَ الْمُتَوَلِّي وَتَوَلَّى الْوَقْفَ غَيْرُهُ وَيُرِيدُ رَفْعَ يَدِ زَيْدٍ عَنْهَا بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ الْقَرَارِ فِيهَا تَبْقَى بِيَدِهِ بِأَجْرِ مِثْلِهَا أَوْ بِأَنْ يُؤَدِّيَ قِسْمَهَا الْمُتَعَارَفَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ لَهُ مِشَدُّ مَسْكَةٍ فِي أَرْضِ وَقْفٍ سَلِيخَةٍ فَأَقَرَّ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ أَنَّهُ مَلَّكَ الْمِشَدَّ لِزَوْجَتِهِ وَمَاتَ عَنْهَا وَرَدَّ النَّاظِرُ ذَلِكَ وَلَمْ يَرْضَهُ فَهَلْ يَكُونُ التَّمْلِيكُ غَيْرَ صَحِيحٍ وَلِلنَّاظِرِ تَفْوِيضُ الْمِشَدِّ لِمَنْ شَاءَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي قَرْيَةٍ جَارِيَةٍ بِتَمَامِهَا فِي وَقْفِ بِرٍّ وَعَلَيْهَا عُشْرٌ لِجِهَةِ الْمِيرِيِّ تَحْتَ تَكَلُّمِ تَيْمَارِيٍّ وَلِجَمَاعَةٍ فِي أَرْضِهَا مِشَدُّ مَسْكَةٍ وَغِرَاسٌ فَفَرَغَ أَحَدُ الْجَمَاعَةِ الْمَزْبُورِينَ عَنْ مِشَدِّ مَسْكَتِهِ لِزَيْدٍ الْأَهْلِ لِذَلِكَ بِإِذْنِ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ وَإِجَازَتِهِ فَهَلْ يَكْفِي ذَلِكَ وَلَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْفَرَاغِ عَلَى إذْنِ صَاحِبِ التَّيْمَارِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ؛ لِأَنَّ التَّيْمَارِيَّ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ حَتَّى يَتَصَرَّفَ فِيهَا، وَإِنَّمَا التَّصَرُّفُ فِي الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ لِمُتَوَلِّيهَا كَمَا هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِهِمْ. (أَقُولُ) وَبِذَلِكَ أَفْتَى أَيْضًا الْمَرْحُومُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ الْحَائِكُ مُفْتِي دِمَشْقَ كَمَا فِي فَتَاوَاهُ.
(سُئِلَ) فِي أَرَاضِي وَقْفٍ مَعْلُومَاتٍ جَارٍ ثُلُثَاهَا فِي مِشَدِّ مَسْكَةِ زَيْدٍ وَثُلُثُهَا فِي مِشَدِّ مَسْكَةِ عَمْرٍو يُرِيدُ عَمْرٌو أَنْ يَمْسَحَهَا، فَإِذَا خَرَجَ مَا بِيَدِ زَيْدٍ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثَيْنِ يَزْعُمُ أَنَّ لَهُ رَفْعَ يَدِهِ عَنْ الزَّائِدِ وَالتَّصَرُّفَ بِهِ بِدُونِ إذْنٍ مِنْهُ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لِعَمْرٍو ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُتَصَرِّفًا فِي حِصَّتِهِ الْجَارِيَةِ فِي مِشَدِّ مَسْكَتِهِ فَعَلَيْهِ دَفْعُ مَا يَخُصُّهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ زَائِدَةً عَمَّا يَزْعُمُ أَوْ نَاقِصَةً بِحَسَبِهَا وَلَا يُنْزَعُ الزَّائِدُ مِنْ يَدِهِ إلَّا بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ. (أَقُولُ) هَذَا إذَا تَمَسَّكَ زَيْدٌ بِالتَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ وَلَمْ يُقِرَّ بِأَنَّ حِصَّتَهُ الثُّلُثَانِ، فَإِنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ يَكُونُ إقْرَارًا بِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِمَّا زَادَ عَلَى الثُّلُثَيْنِ فَيُنْزَعُ الزَّائِدُ مِنْ يَدِهِ عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ حَيْثُ ادَّعَاهُ الْآخَرُ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَتْ مَزْرَعَةٌ سَلِيخَةٌ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ تَحْتَ نِظَارَةِ رَجُلٍ مِنْ مُسْتَحِقِّيهَا وَفِي تَوَاجُرِ زَيْدٍ مِنْهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَاسْتَوْفَى زَيْدٌ مَنْفَعَتَهَا فِي الْمُدَّةِ وَاسْتَأْجَرَهَا عَمْرٌو مِنْ النَّاظِرِ الْمَذْكُورِ مُدَّةً أُخْرَى مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَالْآنَ ادَّعَى أَنَّ لِزَيْدٍ الْمُسْتَأْجِرِ السَّابِقِ الْمَزْبُورِ بِهَا مِشَدُّ مَسْكَةٍ وَأَنَّهُ وَقَفَهَا عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ عَمْرٌو الْمَذْكُورُ بِمُوجِبِ صَكٍّ صَدَرَ لَدَى قَاضٍ حَنْبَلِيٍّ حَكَمَ بِصِحَّةِ وَقْفِ الْمَسْكَةِ عَلَى مَذْهَبِهِ ثُمَّ أَنْفَذَهُ حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ بِنَاءً عَلَى صِحَّتِهِ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَفْتَى مُفْتٍ حَنْبَلِيٌّ بِعَدَمِ صِحَّةِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ وَبِعَدَمِ صِحَّةِ الْمَسْكَةِ الْمَذْكُورَةِ وَبِكَوْنِ الْحُكْمِ غَيْرَ وَاقِعٍ مَوْقِعَهُ الشَّرْعِيَّ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى صِحَّةِ حُكْمِ الْحَنْبَلِيِّ وَقَدْ ظَهَرَ عَدَمُ صِحَّتِهِ فَهَلْ لَا يُعْمَلُ بِالصَّكِّ الْمَزْبُورِ حَيْثُ كَانَ الْحَالُ مَا ذُكِرَ.
؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ كَانَ الْحَالُ مَا ذُكِرَ فَلَا شَكَّ وَلَا رَيْبَ أَنَّ تَنْفِيذَ الْحَنَفِيِّ لِذَلِكَ غَيْرُ وَاقِعٍ مَوْقِعَهُ الشَّرْعِيَّ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى صِحَّةِ حُكْمِ الْحَنْبَلِيِّ وَقَدْ ظَهَرَ عَدَمُ صِحَّتِهِ وَلَمْ يُوَافِقْ مَذْهَبَ الْحَنَابِلَةِ حَسْبَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ مُفْتِيهِمْ نَاقِلًا ذَلِكَ عَنْ كُتُبِهِمْ الْمُعْتَمَدَةِ بِمَا مُلَخَّصُهُ أَنَّ أَصْلَ الْمَسْكَةِ لَا تَكُونُ عِنْدَهُمْ فِي الْأَرَاضِي الْمَوْقُوفَةِ كَالْمَزْرَعَةِ الْمَذْكُورَةِ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الْأَرَاضِي الْخَرَاجِيَّةِ السُّلْطَانِيَّةِ إذَا أَحْيَاهَا رَجُلٌ بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَحَرَثَهَا وَكَبَسَهَا بِالتُّرَابِ وَصَارَ يُؤَدِّي خَرَاجَهَا وَيَزْرَعُهَا حَتَّى سَاغَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي ذَلِكَ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ فِي أَمْلَاكِهِمْ. اهـ.
وَلَمْ يَقَعْ الْحُكْمُ فِي فَصْلٍ مُجْتَهَدٍ فِيهِ أَصْلًا حَتَّى إنَّهُ إذَا حَكَمَ مُخَالِفًا لِرَأْيِهِ يَنْفُذُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ،
وَإِنْ كَانَ الْمُفْتَى بِهِ خِلَافَهُ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَالْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ فِي الْمَذْهَبِ النُّعْمَانِيِّ فَفِي الْمُلْتَقَى وَالْقَضَاءُ فِي مُجْتَهَدٍ فِيهِ بِخِلَافِ رَأْيِهِ نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا لَا يَنْفُذُ عِنْدَهُمَا وَبِهِ يُفْتَى وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ وَالْمَجْمَعِ وَالْوِقَايَةِ وَغَيْرِهَا وَهَذَا الْحُكْمُ مِنْ الْحَنْبَلِيِّ لَيْسَ بِحُكْمٍ عَلَى مُقْتَضَى مَذْهَبِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْحَنْبَلِيُّ الْمَذْكُورُ حَتَّى يُقَالَ فِيهِ مَا نَقَلُوهُ فِي الْمُتُونِ وَغَيْرِهَا بِمَا نَصُّهُ، وَإِذَا رُفِعَ إلَيْهِ حُكْمُ قَاضٍ أَمْضَاهُ إلَّا مَا خَالَفَ كِتَابًا أَوْ سُنَّةً أَوْ إجْمَاعًا حَتَّى يُعْتَبَرَ فِيهِ التَّنْفِيذُ الْمَذْكُورُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ الْهَادِي وَعَلَيْهِ اعْتِمَادِي وَقَدْ أَفْتَى الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الْحَنْبَلِيُّ عَلَى سُؤَالٍ رُفِعَ إلَيْهِ فِي مِشَدِّ الْمَسْكَةِ وَنَصُّهُ فِي جَمَاعَةٍ فَرَغُوا لِزَيْدٍ عَنْ مِشَدِّ مَسْكَةٍ لَهُمْ فِي قِطَعِ أَرَاضِي وَقْفٍ بِدُونِ إذْنِ الْمُتَكَلِّمِ عَلَى الْأَرَاضِي الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ يَصِحُّ الْفُرُوغُ الْمَذْكُورُ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنُوا وَقَدْ حَكَمَ الْحَنْبَلِيُّ بِالصِّحَّةِ أَمْ لَا فَأَجَابَ لَا يَصِحُّ الْفَرَاغُ عَنْ الْأَوْقَافِ الْأَهْلِيَّةِ وَأَوْقَافِ الْمَسَاجِدِ وَنَحْوِهَا سَوَاءٌ أَذِنَ الْمُتَكَلِّمُ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَمْ يَأْذَنْ بَلْ لِلنَّاظِرِ إيجَارُهَا وَصَرْفُ أُجْرَتِهَا فِي جِهَاتِ الْوَقْفِ وَلَا يَصِحُّ الْفَرَاغُ إلَّا فِيمَا فُتِحَ عَنْوَةً وَلَمْ يُقْسَمْ وَضُرِبَ عَلَيْهِ خَرَاجٌ يُؤْخَذُ مِمَّنْ هُوَ فِي يَدِهِ وَالْحَالُ مَا ذُكِرَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ مُحَمَّدٌ الْمُفْتِي الْحَنْبَلِيُّ بِالشَّامِ هَكَذَا كَتَبَ وَلَا أَعْلَمُ مِنْ أَيِّ كِتَابٍ نَقَلَ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مِشَدُّ مَسْكَةٍ فِي مَزْرَعَةٍ جَارِيَةٍ فِي تَيْمَارٍ وَأَوْقَافٍ فَفَرَغَ عَنْهَا لِعَمْرٍو وَبَكْرٍ فَرَاغًا شَرْعِيًّا لِعَمْرٍو الثُّلُثُ وَلِبَكْرٍ الثُّلُثَانِ وَصَدَرَ ذَلِكَ لَدَى قَاضٍ حَنْبَلِيٍّ حَكَمَ بِصِحَّةِ الْفَرَاغِ، وَإِنْ صَدَرَ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ عَلَى الْمَزْرَعَةِ حُكْمًا شَرْعِيًّا مُوَافِقًا مَذْهَبَهُ مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ بَعْدَ الدَّعْوَى الشَّرْعِيَّةِ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِهَا بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ حَكَمَ حَاكِمٌ يَرَى ذَلِكَ مُوَافِقًا مَذْهَبَهُ مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ الشَّرْعِيَّةَ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِ الْحُجَّةِ الْمَزْبُورَةِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا. (أَقُولُ) مُقْتَضَى مَا مَرَّ فِي السُّؤَالِ السَّابِقِ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ غَيْرُ مُوَافِقٍ مَذْهَبَ الْحَنْبَلِيِّ لِوُجُودِ الْوَقْفِ فَتَأَمَّلْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ وَأَخَوَيْنِ مِشَدُّ مَسْكَةٍ فِي أَرْضِ وَقْفٍ سَلِيخَةٍ جَارِيَةٍ فِي تَوَاجُرِهِمْ مِنْ نَاظِرِ الْوَقْفِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ ثُمَّ مَاتَ الْأَخَوَانِ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ لَا عَنْ وَلَدٍ فَهَلْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي حِصَّتِهِمَا، وَدَفْعُ أَرْضِ الْوَقْفِ لِمَنْ يَزْرَعُهَا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ مُفَوَّضٌ إلَى نَاظِرِ وَقْفِهَا وَلَا تُورَثُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مِشَدُّ مَسْكَةٍ فِي أَرَاضِي وَقْفِ سَلِيخَةٍ لَيْسَ لَهُ فِيهَا بِنَاءٌ وَلَا أَشْجَارٌ فَمَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ أَصْلًا فَفَوَّضَهَا مُتَوَلِّي الْوَقْفِ لِابْنِهِ الْأَهْلِ لِذَلِكَ الْقَادِرِ عَلَى الزِّرَاعَةِ وَأَدَاءِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِمَا رَأَى فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَصْلَحَةِ لِلْوَقْفِ وَلِزَيْدٍ ابْنُ أَخٍ يُعَارِضُ فِي ذَلِكَ زَاعِمًا أَنَّهُ يَرِثُهَا فَهَلْ أَرَاضِي الْوَقْفِ لَا تُورَثُ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ وَالتَّفْوِيضُ الْمَذْكُورُ صَحِيحٌ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ. (أَقُولُ) هَذَا التَّفْوِيضُ فِي حُكْمِ الْإِيجَارِ وَقَدْ قَالُوا لَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يُؤَجِّرَ ابْنَهُ وَسَيَأْتِي مَا يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَا.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مِشَدُّ مَسْكَةٍ فِي أَرْضِ وَقْفٍ سَلِيخَةٍ وَمَاتَ عَنْ ابْنٍ وَفَوَّضَ الْمُتَوَلِّي الْمِشَدَّ الْمَزْبُورَ لَهُ عَلَى وَجْهِ الْأَحَقِّيَّةِ مِنْ الْغَيْرِ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ وَاقِعًا مَوْقِعَهُ الشَّرْعِيَّ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مِشَدُّ مَسْكَةٍ فِي أَرْضِ وَقْفٍ سَلِيخَةٍ وَمَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ وَابْنٍ مِنْهَا مَاتَ عَنْ أُمِّهِ الْمَزْبُورَةِ وَعَنْ ابْنِ عَمٍّ عَصَبَةٍ فَفَوَّضَ نَاظِرُ الْوَقْفِ عَشَرَةَ قَرَارِيطَ مِنْهَا لِلزَّوْجَةِ الْمَزْبُورَةِ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ قِيرَاطًا مِنْهَا لِابْنِ الْعَمِّ وَأَذِنَ لَهُمَا فِي زِرَاعَةِ الْأَرْضِ وَدَفْعِ أُجْرَةِ مِثْلِهَا لِلْوَقْفِ وَهُمَا قَادِرَانِ عَلَى الزِّرَاعَةِ وَأَدَاءِ الْأُجْرَةِ الْمَرْقُومَةِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَفِي التَّفْوِيضِ وَالْإِذْنِ حَظٌّ وَمَصْلَحَةٌ لِلْوَقْفِ فَهَلْ يَكُونُ التَّفْوِيضُ صَحِيحًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ. (أَقُولُ) سَيَأْتِي عَنْ الْمَعْرُوضَاتِ أَنَّ الْأُمَّ أَحَقُّ بِالتَّوْجِيهِ إلَيْهَا مِنْ الْغَيْرِ لَكِنْ بِمِثْلِ مَا يَدْفَعُهُ الْغَيْرُ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالطَّابُو.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ أَوْلَادٍ ذُكُورٍ، وَإِنَاثٍ وَخَلَّفَ غِرَاسًا قَائِمًا بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فِي أَرْضِ وَقْفٍ مَشْغُولَةٍ كُلِّهَا بِهِ وَيُرِيدُ الذُّكُورُ الِاخْتِصَاصَ بِالْأَرْضِ وَالتَّصَرُّفَ بِهَا وَحْدَهُمْ دُونَ الْإِنَاثِ، وَإِنْ كَانَتْ مَشْغُولَةً بِغِرَاسِ مُوَرِّثِهِمْ فَهَلْ لَيْسَ لِلذُّكُورِ ذَلِكَ وَيَتَصَرَّفُ بِهَا الْكُلُّ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ؟
(الْجَوَابُ): لَيْسَ لِلذُّكُورِ ذَلِكَ وَحْدَهُمْ دُونَ الْإِنَاثِ وَتَصِحُّ الْإِجَارَةُ لِلْجَمِيعِ بِحَسَبِ حِصَصِهِمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مِشَدُّ مَسْكَةٍ فِي أَرْضِ وَقْفٍ سَلِيخَةٍ وَفِي دَوَائِرِهَا الْأَرْبَعَةِ غِرَاسُ حَوَرٍ بِالْمُهْمَلَةِ مَاتَ زَيْدٌ عَنْ ابْنَيْنِ قَادِرَيْنِ عَلَى الزِّرَاعَةِ وَعَلَى دَفْعِ مَا عَلَيْهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ فَهَلْ تَبْقَى الْأَرْضُ بِيَدِ الِابْنَيْنِ عَلَى وَجْهِ الْأَحَقِّيَّةِ مِنْ الْغَيْرِ؟
(الْجَوَابُ): الِابْنَانِ أَحَقُّ بِالْأَرْضِ مِنْ غَيْرِهِمَا.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ لَا عَنْ وَلَدٍ أَصْلًا وَخَلَّفَ مِشَدَّ مَسْكَةٍ فِي أَرْضٍ سَلِيخَةٍ تَيْمَارِيَّةٍ فَوَجَّهَهَا التَّيْمَارِيُّ لِابْنِ أَخِي الْمَيِّتِ وَأَذِنَ لَهُ فِي زِرَاعَتِهَا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الزِّرَاعَةِ لِمَا رَأَى فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَصْلَحَةِ فَهَلْ يَكُونُ الْإِذْنُ صَحِيحًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي نَظِيرِ هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا وَجَّهَهَا لِأَجْنَبِيٍّ قَادِرٍ وَلَيْسَ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ فَهَلْ يَكُونُ التَّفْوِيضُ صَحِيحًا وَيُمْنَعُ الْوَرَثَةُ مِنْ مُعَارَضَتِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ. (أَقُولُ) سَيَأْتِي عَنْ الْمَعْرُوضَاتِ أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الِابْنِ تُعْطَى الْأَرْضُ لِلْبِنْتِ ثُمَّ لِلْأَخِ لِأَبٍ ثُمَّ لِلْأُخْتِ ثُمَّ لِلْأَبِ ثُمَّ لِلْأُمِّ فَتَنَبَّهْ.
(سُئِلَ) فِي مِشَدِّ الْمَسْكَةِ هَلْ يَرِثُهُ النِّسَاءُ أَوْ لَا؟
(الْجَوَابُ): الْحَمْدُ لِلَّهِ مُلْهِمِ الصَّوَابِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى تَفْصِيلٍ إنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ تُرَابٌ لِلْمُوَرِّثِ أَوْ سِرْقِينٌ أَوْ غِرَاسٌ، فَإِنَّهُنَّ يَرِثْنَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ التُّرَابَ مِلْكٌ وَكَذَا السِّرْقِينُ وَالْغِرَاسُ قَالَ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى وَجَازَ عِنْدَنَا بِلَا كَرَاهَةٍ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ بَيْعُ السِّرْقِينِ بِالْكَسْرِ مُعَرَّبُ سِرْكِينٍ بِالْفَتْحِ الرَّوْثُ وَفِي الشرنبلالية وَالْبُرْجُنْدِيِّ رَجِيعُ مَا سِوَى الْإِنْسَانِ؛ لِأَنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهِ لِاسْتِكْثَارِ الرَّيْعِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ مِنْ السَّلَفِ، وَإِنْ كَانَ نَجِسًا وَالِانْتِفَاعُ كَالْبَيْعِ فِي الْحُكْمِ. اهـ.
فَحَيْثُ جَازَ بَيْعُهُ يَكُونُ مَمْلُوكًا لَهُ وَمِلْكُهُ يَرِثُهُ وَرَثَتُهُ ذُكُورًا، وَإِنَاثًا وَأَفْتَى الْمَرْحُومُ الْوَالِدُ عَلِيٌّ أَفَنْدِي الْعِمَادِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنَّهَا تَرِثُ فِي الْمَسْكَةِ إذَا كَانَ فِي الْأَرْضِ غِرَاسٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْأَرْضِ تُرَابُهُ وَلَا سِرْقِينُهُ وَلَا غِرَاسُهُ، وَإِنَّمَا حَرَثَهَا وَسَاوَاهَا وَجَعَلَهَا قَابِلَةً لِلزِّرَاعَةِ وَثَبَتَ لَهُ بِذَلِكَ حَقُّ الْقَرَارِ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِمِشَدِّ الْمَسْكَةِ، فَإِنِّي وَأَبِي وَعَمِّي لَمْ نُفْتِ بِذَلِكَ وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنْ أَجْدَادِي أَفْتَوْا بِإِرْثِهِنَّ لِذَلِكَ وَلَا بِعَدَمِهِ؛ لِأَنَّ الْمَسْكَةَ إمَّا حَقٌّ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ يَرِثُهُ جَمِيعُ وَرَثَتِهِ ذُكُورًا، وَإِنَاثًا، وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَلَا يَرِثُهُ أَحَدٌ مِنْ ذَكَرٍ وَلَا أُنْثَى، وَأَمَّا عَدَمُ إفْتَائِي بِإِرْثِهِنَّ فَلِمَا قَامَ عِنْدِي مِنْ الشُّبْهَةِ قِيَاسًا عَلَى إرْثِ الْوَلَاءِ، فَإِنَّ النِّسَاءَ لَا يَرِثْنَ فِي الْوَلَاءِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ مُجَرَّدٌ وَالنِّسَاءُ لَسْنَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ وَكَذَلِكَ الْمَسْكَةُ حَقٌّ مُجَرَّدٌ وَالنِّسَاءُ لَسْنَ مِنْ أَهْلِ الزِّرَاعَةِ، فَإِنْ اشْتَرَتْ امْرَأَةٌ عَبْدًا فَأَعْتَقَتْهُ أَوْ جَاهَدَتْ فَاسْتَرَقَّتْ أَسِيرًا فَأَعْتَقَتْهُ،
فَإِذَا مَاتَ فَلَهَا وَلَاؤُهُ؛ لِأَنَّهَا تَأَهَّلَتْ لِذَلِكَ بِسَبَبِ شِرَائِهَا أَوْ جِهَادِهَا وَكَذَلِكَ إذَا فَرَغَ لَهَا رَجُلٌ عَنْ مِشَدِّ مَسْكَتِهِ أَوْ حَرَثَتْ وَاسْتَحَقَّتْ مَسْكَةً بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ؛ لِأَنَّهَا تَأَهَّلَتْ لِذَلِكَ وَصَارَتْ مِنْ أَهْلِ الْحَرْثِ وَالْكَبْسِ هَذَا مَا لَاحَ فِي خَاطِرِي وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.
وَسُئِلَ الْوَالِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ وَعَنْ بِنْتٍ مِنْهَا وَعَنْ أَخٍ لِأُمٍّ وَعَنْ أُخْتٍ لِأُمٍّ وَأَوْلَادِ أُخْتٍ وَخَلَّفَ تَرِكَةً وَمِنْ جُمْلَتِهَا مَسْكَةُ أَرَاضٍ فِيهَا غِرَاسٌ وَبِنَاءٌ لَهُ وَأَرْضٌ مَوْقُوفَةٌ تَابِعَةٌ لِذَلِكَ فَمَنْ يَخْتَصُّ بِذَلِكَ وَمَنْ يَرِثُهُ الْجَوَابُ تُقْسَمُ التَّرِكَةُ مِنْ ثَمَانِيَةِ أَسْهُمٍ لِلزَّوْجَةِ مِنْ ذَلِكَ سَهْمٌ وَاحِدٌ وَلِلْبِنْتِ سَبْعَةُ أَسْهُمٍ فَرْضًا وَرَدًّا وَلَا شَيْءَ لِمَنْ ذُكِرَ بَعْدُ فَتَرِثُ الْبِنْتُ الْمَرْقُومَةُ مَعَ أُمِّهَا جَمِيعَ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ وَمَسْكَةِ الْأَرْضِ الْحَامِلَةِ لِلْغِرَاسِ الْمَرْقُومِ كَمَا تَقَدَّمَ لِلْأُمِّ سَهْمٌ وَاحِدٌ وَالْبَاقِي لِلْبِنْتِ، وَأَمَّا الْأَرَاضِي الْمَوْقُوفَةُ فَعَلَى حَسَبِ شَرْطِ الْوَاقِفِ.
وَسُئِلَ الْمَرْحُومُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ فِي رَجُلٍ بَقَرِيَّة سُلْطَانِيَّةٍ مِنْ خَاصَّاتِ حَاكِمِ الْبَلْدَةِ تَصَرَّفَ فِي قِطَعٍ سَلَائِخَ مِنْ أَرَاضِي الْخَاصِّ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً بِإِذْنِ صَاحِبِهِ وَدَفَعَ الْمُرَتَّبَ وَلَهُ أُخْتٌ قَامَتْ الْآنَ تُعَارِضُهُ فِي الْأَرَاضِي الْمَوْقُوفَةِ مُتَعَلِّلَةً بِأَنَّ الْأَرَاضِيَ قَبْلَ هَذِهِ الْمُدَّةِ كَانَتْ فِي تَصَرُّفِ أَبِيهَا الْمُتَوَفَّى عَنْهُمَا جَمِيعًا وَأَنَّ الْأَرَاضِيَ تَكُونُ مِيرَاثًا عَنْهُ لَهُمَا فَهَلْ الْأَرَاضِي الْخَاصَّةُ السُّلْطَانِيَّةُ لَا تُوَرَّثُ أَجَابَ: الْأَرَاضِي السُّلْطَانِيَّةُ أَرَاضِي بَيْتِ الْمَالِ لَا تُوَرَّثُ، وَإِنَّمَا يَدْفَعُهَا مَنْ فَوَّضَ السُّلْطَانُ نَصَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَمْرَهَا إلَيْهِ إلَى الْقَادِرِينَ عَلَى إصْلَاحِهَا مِنْ الرِّجَالِ وَلَا حَظَّ لِلنِّسَاءِ فِيهَا، وَأَمَّا مَا فِيهَا مِنْ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ فَهُوَ مِلْكٌ لِأَرْبَابِهِ يُقْسَمُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ عَلَى فَرِيضَةِ اللَّهِ تَعَالَى. اهـ.
(أَقُولُ) وَقَدْ أَفْتَى الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ أَيْضًا بِذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ مِنْ هَذَا الْبَابِ فَفِي مَوْضِعٍ فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ ابْنٍ وَبِنْتٍ وَبِيَدِهِ مِشَدُّ مَسْكَةٍ فِي أَرْضٍ تَيْمَارِيَّةٍ فَأَفْتَى بِانْتِقَالِهَا لِلِابْنِ فَقَطْ وَبِأَنَّهَا لَا تُورَثُ وَفِي مَوْضِعٍ فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ أَوْلَادٍ إنَاثٍ وَلَهُ مِشَدُّ مَسْكَةِ أَرَاضِي وَقْفٍ سَلَائِخُ فَأَفْتَى بِأَنَّ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يُوَجِّهَهَا لِمَنْ أَرَادَ وَفِي مَوْضِعٍ فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ بِنْتَيْنِ وَأَخٍ وَخَلَّفَ مِشَدَّ مَسْكَةِ أَرْضِ وَقْفٍ وَغِرَاسًا قَائِمًا فِي بَعْضِ الْأَرْضِ فَسَلَّمَ الْمُتَوَلِّي الْأَرْضَ السَّلِيخَةَ لِلْأَخِ فَقَطْ فَأَفْتَى بِأَنَّ لِلْمُتَوَلِّي ذَلِكَ وَلِلْبِنْتَيْنِ ثُلُثَا الْغِرَاسِ وَفِي مَوْضِعٍ فِيمَنْ لَهُ مِشَدُّ مَسْكَةِ أَرْضٍ تَيْمَارِيَّةٍ فَمَاتَ عَنْ وَلَدٍ ذَكَرٍ فَفَوَّضَهَا السَّبَاهِيُّ لِآخَرَ فَأَفْتَى بِأَنَّ لَهُ ذَلِكَ.
وَفِي هَذَا مُخَالَفَةٌ لِمَا مَرَّ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مَشْغُولَةً بِمِلْكِ الْمَيِّتِ تَوَجَّهَ لِوَرَثَتِهِ تَبَعًا لِلْمِلْكِ إذْ وَضْعُ الْمِلْكِ كَانَ بِحَقٍّ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ كَانَ لَهُ حَقُّ الْقَرَارِ فَفِي تَوْجِيهِهَا لَهُمْ مَعَ الْتِزَامِهِمْ بِمَا كَانَ يَدْفَعُهُ مُوَرِّثُهُمْ إبْقَاءٌ لِمَا وُضِعَ بِحَقٍّ عَلَى أَصْلِهِ، وَأَمَّا لَوْ وُجِّهَتْ لِغَيْرِهِمْ أَوْ لِبَعْضِهِمْ دُونَ الْبَعْضِ يَلْزَمُ مِنْهُ إزَالَةُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَنْ وُجِّهَتْ لَهُ قَدْ لَا يَرْضَى بِإِبْقَاءِ ذَلِكَ فِي أَرْضِهِ فَيَلْزَمُ الضَّرَرُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بَعْضُ الْأَرْضِ مَشْغُولًا بِذَلِكَ وَبَعْضُهَا فَارِغًا فَوَجَّهَ الْفَارِغَ لِغَيْرِهِمْ أَوْ لِبَعْضِهِمْ أَوْ كَانَتْ كُلُّهَا فَارِغَةً كَذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا ضَرَرَ فِي ذَلِكَ وَقَدْ مَرَّ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ فَتْوَى مِنْ الْمُؤَلِّفِ مَضْمُونُهَا أَنَّهُ إذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ أَشْجَارٌ وَمِشَدُّ مَسْكَةٍ فِي أَرْضِ وَقْفٍ تَنْتَقِلُ لِوَرَثَتِهِ بَعْدَهُ وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي وَسَطِهَا شَجَرَتَانِ كَبِيرَتَانِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ فِي جَانِبٍ مِنْ الْأَرْضِ كَالْمُسَنَّاةِ وَالْجَدَاوِلِ إلَخْ فَرَاجِعْهُ وَقَدْ مَرَّ آنِفًا فِي هَذَا الْبَابِ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ ابْنٌ ذَكَرٌ كَانَ أَحَقَّ بِالتَّوْجِيهِ لَهُ مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ الْمُصْطَلَحُ عَلَيْهِ الْآنَ فِي جَمِيعِ الْأَرَاضِي السُّلْطَانِيَّةِ وَالْوَقْفِ فَيُوَجِّهُهَا الْمُتَكَلِّمُ عَلَيْهَا لِلِابْنِ مَجَّانًا بِطَرِيقِ الْأَحَقِّيَّةِ مِنْ غَيْرِهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ لَهُ بِنْتٌ فَتَوَجَّهَ لَهَا بِشَيْءٍ يَأْخُذُهُ الْمُتَكَلِّمُ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ الْبِنْتِ وَيُسَمَّى ذَلِكَ بِ الطَّابُو وَالطَّابُو كَلِمَةٌ تُرْكِيَّةٌ أَوْ فَارِسِيَّةٌ مَعْنَاهَا الصَّكُّ الَّذِي يُكْتَبُ فِيهِ التَّوْجِيهُ وَكَأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ هُوَ أُجْرَةٌ عَلَى كِتَابَةِ ذَلِكَ الصَّكِّ فَسُمِّيَ بِاسْمِهِ أَوْ هُوَ أُجْرَةٌ مُعَجَّلَةٌ عَنْ الْأَرْضِ فَالْبِنْتُ لَهَا حَقُّ التَّوْجِيهِ لَكِنْ بِالطَّابُو بِخِلَافِ نَحْوِ ابْنِ الْعَمِّ، فَإِنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ بَلْ الْمُتَكَلِّمُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ التَّوْجِيهِ لَهُ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ ثُمَّ رَأَيْتُ الْعَلَائِيَّ ذَكَرَ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُلْتَقَى مِنْ بَابِ الْخَرَاجِ نَحْوَ ذَلِكَ فَقَالَ تَنْتَقِلُ لِلِابْنِ وَلَا تُعْطَى الْبِنْتُ حِصَّةً، وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ ابْنًا بَلْ بِنْتًا لَا يُعْطِيهَا وَيُعْطِيهَا صَاحِبُ التَّيْمَارِ لِمَنْ أَرَادَ وَفِي سَنَةِ 958 فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَرَاضِي الَّتِي تُحْيَا وَتُفْتَحُ بِعَمَلٍ وَكُلْفَةِ دَرَاهِمَ فَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ تُعْطَى لِلْغَيْرِ بِالطَّابُو فَالْبَنَاتُ لَمَّا كَانَ يَلْزَمُ حِرْمَانُهُنَّ مِنْ الْمَالِ الَّذِي صَرَفَهُ أَبُوهُنَّ وَرَدَ الْأَمْرُ السُّلْطَانِيُّ بِالْإِعْطَاءِ لَهُنَّ لَكِنْ تُنَافِسُ الْأُخْتُ الْبِنْتَ فِي ذَلِكَ فَيُؤْتَى بِجَمَاعَةٍ لَيْسَ لَهُمْ غَرَضٌ.
فَأَيُّ مِقْدَارٍ قَدَّرُوا الطَّابُو بِهِ تُعْطِيهِ الْبَنَاتُ وَيَأْخُذْنَ الْأَرْضَ. اهـ.
هَذَا وَقَدْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ نَحْوَ وَرَقَتَيْنِ وَنِصْفٍ فَتَاوَى وَمَسَائِلَ عَنْ مَشَايِخِ الْإِسْلَامِ السَّابِقِينَ فِي الدَّوْلَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ بِأَلْفَاظٍ تُرْكِيَّةٍ أَكْثَرُهَا غَرَائِبُ لَا تُوجَدُ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ وَكَأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَوَامِرَ سُلْطَانِيَّةٍ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِي الْأَرَاضِي السُّلْطَانِيَّةِ لِحَضْرَةِ السُّلْطَانِ عَزَّ نَصْرُهُ فَلَهُ أَنْ يَأْذَنَ بِتَوْجِيهِهَا عَلَى طَرِيقٍ خَاصٍّ فَلَا تَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ مَا لَمْ يُخَالِفْ الشَّرْعَ الشَّرِيفَ فَأَرَدْتُ أَنْ أَذْكُرَ زُبْدَتَهَا بِعِبَارَةٍ عَرَبِيَّةٍ بَعْدَمَا عَرَّبَهَا إلَيَّ رَجُلٌ مَوْثُوقٌ بِهِ عَارِفٌ بِاللُّغَتَيْنِ وَصُورَتُهُ هَذَا مَا وُجِدَ مَكْتُوبًا فِي مَجْمُوعَةِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ عَبْدِ اللَّهِ أَفَنْدِي مُفْتِي الْمَمَالِكِ الْعُثْمَانِيَّةِ فِي آخِرِ دَوْلَةِ السُّلْطَانِ (أَحْمَدَ الْمَعْرُوضَاتُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِمَوَادِّ الْأَرَاضِي فِي تَارِيخِ سَنَةِ 1018 ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَأَلْفٍ).
مِشَدُّ مَسَكَةِ الْأَرَاضِي الْمَحْلُولَةِ عَنْ الْمُتَوَفَّى عِنْدَ عَدَمِ الِابْنِ تُعْطَى لِبِنْتِهِ، فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فَلِأَخِيهِ مِنْ أَبٍ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَلِأُخْتِهِ السَّاكِنَةِ فِيهَا، فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فَلِأَبِيهِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَلِأُمِّهِ وَلَيْسَ لِغَيْرِ هَؤُلَاءِ مِنْ أَقَارِبِهِ حَقٌّ فِي أَخْذِ مِشَدِّ الْمَسْكَةِ بِالطَّابُو مَاتَتْ الْمَرْأَةُ عَنْ ابْنٍ تُوَجَّهُ الْأَرْضُ السَّلِيخَةُ لِابْنِهَا فَقَطْ إذَا مَاتَ الذِّمِّيُّ لَا تُوَجَّهُ لِوَلَدِهِ الْمُسْلِمِ.
إذَا مَاتَ الشَّرِيكُ أَوْ فَرَغَ عَنْ حِصَّتِهِ لِأَجْنَبِيٍّ بِإِذْنِ الْمُتَكَلِّمِ فِي الْأَرَاضِي الْمِيرِيَّةِ كَانَ لَلشَّرِيك الْآخَرِ حَقُّ الطَّلَبِ لَا يَبْطُلُ حَقُّ الطَّلَبِ إلَى خَمْسِ سِنِينَ.
إذَا غَابَ مَنْ لَهُ الْمِشَدُّ وَعَطَّلَ الْأَرْضَ ثَلَاثَ سِنِينَ فَالْمُتَكَلِّمُ مُخَيَّرٌ فِي تَوْجِيهِ الْأَرْضِ لِقَرِيبِ الْغَائِبِ مِمَّنْ لَهُ حَقُّ الطَّابُو أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ وَلَيْسَ هَذَا مِثْلَ الْمَوْتِ. (أَقُولُ) أَيْ لِأَنَّهُ إذَا عَطَّلَهَا ثَلَاثَ سِنِينَ وَمَاتَ عَنْ ابْنٍ قَبْلَ أَنْ يُوَجِّهَهَا الْمُتَكَلِّمُ لِأَحَدٍ لَا خِيَارَ لَهُ بَلْ تَنْتَقِلُ لِلِابْنِ مَجَّانًا كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا إذَا وَجَّهَ الْمُتَكَلِّمُ أَرَاضِيَ الصِّغَارِ لِأَجْنَبِيٍّ لَهُمْ أَخْذُهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ إلَى عَشْرِ سِنِينَ لَا يُعْتَبَرُ التَّفْوِيضُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ أَخْذُ الْعُشْرِ وَالرَّسْمِ فِي سِنِينَ مُتَعَدِّدَةٍ لَا يَكُونُ إذْنًا لَا بُدَّ مِنْ الْإِذْنِ صَرِيحًا. (أَقُولُ) سَيَأْتِي نَظِيرُهُ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا أَفْتَى بِهِ الْعَلَّامَةُ الْمَرْحُومُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ مِنْ أَنَّ أَخْذَ الْمُتَوَلِّي وَالتَّيْمَارِيِّ الْمُرَتَّبِ عَلَى الْأَرْضِ إذْنٌ فِي التَّصَرُّفِ فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ إذْنُ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ فِي التَّيْمَارِ يَكْفِي فِي تَفْوِيضِ الْمَزْرَعَةِ.
الْمُتَصَرِّفُونَ فِي مَزْرَعَةٍ بَعْدَ رَفْعِ حَصَائِدِهِمْ إذَا أَرَادَ غَيْرُهُمْ أَنْ يَرْعَى مَوَاشِيَهُ وَأَخَذُوا مِنْهُمْ دَرَاهِمَ فَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَمْنَعَهُمْ مِنْ الرَّعْيِ.
الْأَرَاضِي الْمَتْرُوكَةُ الَّتِي فِي تَصَرُّفَاتِ بَعْضِ أَهْلِ الْقُرَى مِنْ غَيْرِ زِرَاعَةٍ إذَا أَرَادَ بَعْضُ النَّاسِ أَنْ يَتَّخِذُوا فِيهَا طَرِيقًا وَمَمَرًّا لِدَوَابِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ جَبْرًا وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمْ دَرَاهِمَ وَيَأْذَنَ لَهُمْ بِذَلِكَ بِأَخْذِ الْعُشْرِ وَالرَّسْمِ لَا يَسْقُطُ حَقُّ الطَّابُو إذَا غَابَ الْمُتَصَرِّفُ فِي الْمَزْرَعَةِ فَأَحْدَثَ رَجُلٌ فِيهَا بِنَاءً بِإِذْنِ الزَّعِيمِ السَّبَاهِيِّ ثُمَّ حَضَرَ الْمُتَصَرِّفُ لَهُ رَفْعُ ذَلِكَ الْبِنَاءِ إذَا لَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْ الْمَذْكُورِينَ مِمَّنْ لَهُ حَقُّ الْمِشَدِّ عَنْ الْمُتَوَفَّى فَالْمُتَكَلِّمُ عَلَى الْأَرَاضِي يُوَجِّهُ ذَلِكَ لِمَنْ يُرِيدُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَجِّهَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِابْنِهِ لِوُرُودِ الْأَمْرِ السُّلْطَانِيِّ بِذَلِكَ.
إذَا مَاتَ مَنْ لَهُ الْمِشَدُّ عَنْ بِنْتٍ وَامْتَنَعَتْ الْبِنْتُ عَنْ قَبُولِهِ بَعْدَ عَرْضِهِ عَلَيْهَا وَطَلَبَ أَخُو الْمُتَوَفَّى لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ أَنْ يَأْخُذَهُ بِإِعْطَاءِ الطَّابُو لَا يُلْزِمُ الْمُتَكَلِّمَ ذَلِكَ بَلْ يُوَجِّهُهُ لِمَنْ أَرَادَ.
(أَقُولُ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَنْ لَهُ حَقُّ الْأَخْذِ بَعْدَ الِابْنِ إذَا امْتَنَعَ مِنْهُ لَا يَنْتَقِلُ الْحَقُّ لِمَنْ بَعْدَهُ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُمْتَنِعُ مَوْجُودًا، فَإِنَّ الْأَخَ رُتْبَتُهُ بَعْدَ الْبِنْتِ كَمَا مَرَّ أَوَّلَ هَذِهِ الْمَعْرُوضَاتِ فَحَيْثُ لَمْ تَكُنْ الْبِنْتُ مَوْجُودَةً يَنْتَقِلُ الْحَقُّ إلَى الْأَخِ، وَإِذَا كَانَتْ مَوْجُودَةً وَامْتَنَعَتْ لَا يَنْتَقِلُ إلَى الْأَخِ بَلْ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْأَجْنَبِيِّ فَالْخِيَارُ لِلْمُتَكَلِّمِ إنْ شَاءَ وَجَّهَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
الْأَرْضُ تَنْتَقِلُ مِنْ الْأُمِّ لِابْنِهَا مَجَّانًا لَكِنْ إلَى عَشْرِ سِنِينَ يَكُونُ بِالطَّابُو وَلَا يَكُونُ لِبَنَاتِهَا حَقُّ الطَّابُو أَرْضُ الْأُخْتِ لَا تُعْطَى لِلْأَخِ بِالطَّابُو بَلْ صَاحِبُ الْأَرْضِ مُخَيَّرٌ. (أَقُولُ) عُلِمَ مِنْ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَنَّ مَا مَرَّ أَوَّلَ هَذِهِ الْمَعْرُوضَاتِ مِنْ أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الِابْنِ تُعْطَى لِلْبِنْتِ ثُمَّ لِلْأَخِ إلَخْ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَيِّتُ رَجُلًا أَمَّا لَوْ كَانَ امْرَأَةً فَلَيْسَ لِلْبِنْتِ وَلَا لِمَنْ بَعْدَهَا حَقُّ الْأَخْذِ، وَإِنَّمَا يُعْطَى لِابْنِهَا مَجَّانًا إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَغَيْرُهُ وَالْأَجْنَبِيُّ سَوَاءٌ فَيُوَجِّهُهُ صَاحِبُ الْأَرْضِ الْمُتَكَلِّمِ عَلَيْهَا لِمَنْ أَرَادَ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ عَنْ ابْنٍ تُوَجَّهُ الْأَرْضُ لِابْنِهَا فَقَطْ فَقَوْلُهُ فَقَطْ يُشْعِرُ بِأَنَّ أَرْضَ الْمَرْأَةِ لَا يَسْتَحِقُّهَا غَيْرُ ابْنِهَا عِنْدَ عَدَمِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ لَيْسَ لِأَوْلَادِ الْعَمِّ حَقُّ الطَّابُو إذَا مَاتَ مَنْ لَهُ الْمِشَدُّ وَفِي ذِمَّتِهِ دَيْنٌ لِلْمِيرِيِّ أَوْ لِغَيْرِهِ لَا يُبَاعُ الْمِشَدُّ لِذَلِكَ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ أَنَا أُوفِي الدَّيْنَ وَآخُذُ الْمِشَدَّ وَلَوْ بِيعَ أَوْ أَخَذَهُ أَحَدٌ وَأَوْفَى الدَّيْنَ ثُمَّ طَلَبَهُ الِابْنُ يَأْخُذُهُ مَجَّانًا.
الْأَرْضُ الْمَحْلُولَةُ فِي قَرْيَةٍ لَوْ أَعْطَاهَا صَاحِبُهَا لِأَهَالِي قَرْيَةٍ أُخْرَى فَصَاحِبُ الضَّرُورَةِ وَالِاحْتِيَاجِ إلَيْهَا مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ يَأْخُذُهَا إنْ لَمْ تَمْضِ سَنَةٌ، فَإِنْ مَضَتْ سَنَةٌ فَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ الشُّرَكَاءُ مِنْ السَّبَاهِيَّةِ وَالزُّعَمَاءِ إذَا فَوَّضَ أَحَدُهُمْ فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ مُعَارَضَتُهُ.
(أَقُولُ) لَكِنْ مَنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ مُشَارَكَةُ الْآذِنِ فِي أَخْذِ الْعُشْرِ مِنْ الْأَرْضِ الْمُفَوَّضَةِ كَمَا سَيَأْتِي لَيْسَ لِابْنِ الِابْنِ حَقُّ الطَّابُو. (أَقُولُ) سَيَأْتِي مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ جَعَلُوا ابْنَ الِابْنِ كَالِابْنِ فِي انْتِقَالِ الْمِشَدِّ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ مِثْلُهُ فِي الِانْتِقَالِ إلَيْهِ مَجَّانًا وَالْمُرَادُ مِمَّا هُنَا أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الطَّابُو فَلَا مُنَافَاةَ تَأَمَّلْ.
مَزْرَعَةُ الصَّغِيرِ أَوْ الْأَسِيرِ لَوْ تَعَطَّلَتْ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ لَا تَسْتَحِقُّ التَّوْجِيهَ لِلْغَيْرِ بِالطَّابُو الْمَزْرَعَةُ لَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ بَدَلَ صُلْحٍ تَفْوِيضُ أَهْلِ الْمَزْرَعَةِ لَا عِبْرَةَ بِهِ مَزْرَعَةٌ فِي تَصَرُّفِ زَيْدٍ ادَّعَاهَا عَمْرٌو وَدَفَعَ زَيْدٌ مِقْدَارًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَصَالَحَهُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ عَشَرَةً مِنْ السَّبَاهِيَّةِ لَا يَصِحُّ.
الصَّغِيرُ الَّذِي لَهُ حَقُّ الطَّابُو فِي أَرْضٍ لَوْ أَسْقَطَهُ وَصِيُّهُ لَا يَسْقُطُ.
عَرَضَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ مِنْ الْأَرْضِ عَلَى شَرِيكِهِ بِرَسْمِ مِثْلِهِ فَامْتَنَعَ عَنْ أَخْذِهَا، فَإِنْ فَوَّضَ لِأَجْنَبِيٍّ فَلَيْسَ لَلشَّرِيك أَنْ يَدْفَعَ مَا دَفَعَهُ الْأَجْنَبِيُّ وَيَأْخُذَ الْأَرْضَ.
إذَا فَلَحَ رَجُلٌ بِفَأْسِهِ غَيْضَةً بِغَيْرِ إذْنِ السَّبَاهِيِّ وَالزَّعِيمِ وَجَعَلَهَا مَزْرَعَةً فَالسَّبَاهِيُّ يَأْخُذُ مِنْ رَجُلٍ مِقْدَارًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَيُفَوِّضُهَا إلَيْهِ هَذَا أَوْلَى إذَا مَاتَ الْعَبْدُ عَنْ غَيْرِ تَفْوِيضٍ لَا تَنْتَقِلُ الْأَرْضُ لِمَوْلَاهُ وَيُعْطِيهَا السَّبَاهِيُّ لِمَنْ أَرَادَ.
مُتَوَلِّي وَقْفٍ لَوْ أَعْطَى الْأَرَاضِيَ بِنُقْصَانٍ فَاحِشٍ عَنْ مِثْلِ الطَّابُو فَلِلْمُتَوَلِّي حَالًا أَنْ يَقُولَ كَمِّلْ لِي مِثْلَ الطَّابُو وَإِلَّا أُعْطِهَا لِغَيْرِكَ.
مَزْرَعَةُ الْقَاصِرِ إذَا فَوَّضَهَا وَلِيُّهُ لِرَجُلٍ فَمَاتَ الْقَاصِرُ قَبْلَ الْبُلُوغِ فَلَيْسَ لِلسَّبَاهِيِّ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْ مَحْلُولِ الْقَاصِرِ وَالتَّفْوِيضُ الْأَوَّلُ نَافِذٌ.
عَطَّلَ رَجُلٌ أَرْضَهُ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ وَمَاتَ عَنْ ابْنٍ قَبْلَ أَنْ يُفَوِّضَ السَّبَاهِيُّ الْأَرْضَ لِلْغَيْرِ، فَإِنَّهَا تَنْتَقِلُ لِلِابْنِ مَجَّانًا.
إذَا وَجَّهَ وَكِيلُ السَّبَاهِيِّ الْمَزْرَعَةَ الْمَحْلُولَةَ بِنُقْصَانٍ فَاحِشٍ لَيْسَ لِلسَّبَاهِيِّ أَنْ يُكْمِلَ إلَى مِثْلِ الطَّابُو، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ فَلِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَسْتَكْمِلَ مِثْلَ أَجْرِ مِثْلِهِ.
إذَا غَلَبَ الْمَاءُ عَلَى مَزْرَعَةِ زَيْدٍ ثَلَاثِينَ سَنَةً ثُمَّ انْجَلَى عَنْهَا الْمَاءُ فَلَهُ أَنْ يَضْبِطَهَا وَيَتَصَرَّفَ بِهَا.
لِصَاحِبِ الْأَرْضِ الْمَحْلُولَةِ أَنْ يُعْطِيَهَا لِابْنِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ بِزِيَادَةٍ عَلَى مِثْلِ الطَّابُو وَذَلِكَ صَحِيحٌ مُعْتَبَرٌ. (أَقُولُ) تَقَدَّمَ قَبْلَ هَذَا أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ أَخْذِهَا لِنَفْسِهِ أَوْ لِابْنِهِ لِلْأَمْرِ السُّلْطَانِيِّ بِذَلِكَ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّهُ هُنَا بِزِيَادَةٍ عَلَى مِثْلِ الطَّابُو فَتَأَمَّلْ.
رَجُلٌ تَحْتَ يَدِهِ أَرْضُ وَقْفٍ وَفِي تَصَرُّفِهِ بِالطَّابُو إذَا أَحْدَثَ فِيهَا بِنَاءً فَلِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَأْخُذَ أَجْرَ الْمِثْلِ عَنْ الْعَرْصَةِ. (أَقُولُ) أَفْتَى بِمِثْلِهِ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ فِيمَنْ لَهُ بِنَاءُ دَارٍ فِي قَرْيَةٍ مِيرِيَّةٍ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فَرَاجِعْهُ.
الْمُتَصَرِّفُونَ فِي الطَّاحُونِ بِالشَّرِكَةِ إذَا فَرَّغَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ لِأَجْنَبِيٍّ فَلَيْسَ لَلشَّرِيكِ الْآخَرِ أَنْ يَدْفَعَ مَا دَفَعَهُ الْأَجْنَبِيُّ وَيَأْخُذَهَا. (أَقُولُ) سَيَأْتِي أَنَّ الشَّرِيكَ أَحَقُّ بِنَصِيبِ شَرِيكِهِ فِي الْمِشَدِّ إذَا دَفَعَ مَا يَدْفَعُهُ الْغَيْرُ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الطَّاحُونِ وَالْمِشَدِّ فَتَأَمَّلْ.
لَيْسَ لِوَصِيِّ الصَّغِيرِ أَنْ يُفَرِّغَ مَزْرَعَةَ الصَّغِيرِ لِأَجْنَبِيٍّ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَفْعٌ لِلْوَصِيِّ تَفْوِيضُ الْمَزْرَعَةِ لِأَجْلِ الصَّغِيرِ أَبُو السُّعُودِ مِنْ فَتَاوِيهِ.
لِزَيْدٍ وَأَخِيهِ عَمْرٍو مَزْرَعَةٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا وَفِي تَصَرُّفِهِمَا مَاتَ زَيْدٌ عَنْ بِنْتَيْنِ فَعَرَضَ الْمُتَكَلِّمُ حِصَّتَهُ عَلَيْهِمَا فَامْتَنَعَتَا فَأَعْطَاهَا الْمُتَكَلِّمُ لِبَكْرٍ الْأَجْنَبِيِّ وَأَرَادَ عَمْرٌو أَخْذَهَا وَدَفْعَ مَا دَفَعَهُ بَكْرٌ لِأَجْلِ أَنَّهُ شَرِيكٌ وَخَلِيطٌ قَبْلَ مُضِيِّ خَمْسِ سِنِينَ فَلَيْسَ لِعَمْرٍو ذَلِكَ الْمَرْحُومُ يَحْيَى الْمِنْقَارِيُّ.
(أَقُولُ) هَذَا مُخَالِفٌ أَيْضًا لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الشَّرِيكَ أَحَقُّ مِنْ الْغَيْرِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْحَقَّ هُنَا لِلْبِنْتَيْنِ فَلَا يَنْتَقِلُ لَلشَّرِيك، وَإِنْ امْتَنَعَتَا إذْ لَيْسَ الِامْتِنَاعُ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُمْتَنِعُ مَوْجُودًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
مَاتَ رَجُلٌ بِلَا وَلَدٍ ذَكَرٍ وَأَخَذَتْ بِنْتُهُ هِنْدٌ مَزْرَعَتَهُ بِالطَّابُو وَأَعْطَتْ الرَّسْمَ لِلسَّبَاهِيِّ وَمَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تَسْتَوْفِيَ الضَّبْطَ وَالتَّصَرُّفَ فِي ذَلِكَ فَلِوَرَثَتِهَا أَنْ يَأْخُذُوا مِنْ السَّبَاهِيِّ الرَّسْمَ الَّذِي قَبَضَهُ مِنْ هِنْدٍ عَبْدُ الرَّحِيمِ أَفَنْدِي نَقَلَ زَيْدٌ حَصَادَهُ لِأَجْلِ الدِّيَاسِ إلَى مَوْضِعِ الدِّيَاسِ فَاحْتَرَقَ الْحَصَادُ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ أَثَرٌ فَلِلسَّبَاهِيِّ أَخْذُ الْعُشْرِ مِنْ زَيْدٍ عَنْ الْحَصَادِ الْمَذْكُورِ عَبْدُ الرَّحِيمِ أَفَنْدِي.
مَزْرَعَةٌ فِي تَصَرُّفِ زَيْدٍ فَتَعَدَّى عَمْرٌو فَزَرَعَهَا وَحَصَدَهُ فَهَلْ لِزَيْدٍ أَنْ يَأْخُذَ أَجْرَ الْمِثْلِ مِنْ عَمْرٍو الْجَوَابُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْأَخْذِ جَبْرًا وَلَكِنَّ السَّبَاهِيَّ وَقْتَ أَخْذِ عُشْرِهِ لَوْ حَكَّمَ حَاكِمًا بِمِقْدَارِ شَيْءٍ يَجُوزُ ذَلِكَ أَبُو السُّعُودِ أَفَنْدِي.
هَذَا آخِرُ مَا قَصَدْتُ ذِكْرَهُ مِمَّا عَرَّبَهُ لِي مَنْ أَثِقُ بِهِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنِّي قَدْ رَأَيْتُ بِهَامِشِ نُسْخَتَيْ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ بِخَطِّ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ مَسَائِلَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فَأَحْبَبْتُ إلْحَاقَهَا بِمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ لِغَرَابَتِهَا أَيْضًا تَكْثِيرًا لِلْفَائِدَةِ وَهَذِهِ صُورَتُهَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْأَرْضُ عُشْرِيَّةً وَلَا خَرَاجِيَّةً وَكَانَتْ رَقَبَتُهَا لِبَيْتِ الْمَالِ وَكَانَتْ وُجِدَتْ بِيَدِ الزُّرَّاعِ تَكُونُ بِيَدِهِمْ عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ إذَا وُجِّهَتْ لَهُمْ فِي الْأَصْلِ بِالطَّابُو فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُمْ لَهَا وَلَا رَهْنُهُمْ وَلَا إيدَاعُهُمْ وَلَا إعَارَتُهُمْ وَلَا شُفْعَتُهُمْ وَلَا اسْتِبْدَالُهُمْ فَتَصَرُّفُهُمْ بِذَلِكَ بَاطِلٌ وَتُسَمَّى تِلْكَ الْأَرَاضِي أَرَاضِي مُمَلَّكَةٌ وَمِيرِيَّةٌ إذَا مَاتَ أَحَدُهُمْ عَنْ ابْنٍ يَتَصَرَّفُ ابْنُهُ كَأَبِيهِ وَبِدَفْعِ مَا عَلَيْهَا لِلْمُتَكَلِّمِ وَلَا يُدَاخِلُهُ أَحَدٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ابْنٌ وَكَانَ لَهُ بِنْتٌ يُوَجِّهُهَا الْمُتَكَلِّمُ لِلْبِنْتِ بِالطَّابُو بِمَا يَدْفَعُهُ الْغَيْرُ أَمَّا مَنْ لَهُ التَّصَرُّفُ إذَا فَرَغَ عَنْ حَقِّ تَصَرُّفِهِ وَأَخَذَ شَيْئًا مِنْ الْمَفْرُوغِ لَهُ بَدَلَ الْفَرَاغِ ثُمَّ وَجَّهَ الْمُتَكَلِّمُ ذَلِكَ لِلْمَفْرُوغِ لَهُ بِعِوَضٍ بِالطَّابُو لَا يَكُونُ مُخَالِفًا لِلشَّرْعِ الشَّرِيفِ وَالتَّصَرُّفُ بِلَا إذْنِ الْمُتَكَلِّمِ بَاطِلٌ وَالْمَدْفُوعُ أُجْرَةٌ مُعَجَّلَةٌ، وَإِذَا أَعْطَى الْقَاضِي حُجَّةً فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَهِيَ بَاطِلَةٌ أَبُو السُّعُودِ.
مَنْ لَهُ الْمِشَدُّ إذَا مَاتَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ابْنٌ وَلَا ابْنُ ابْنٍ يُوَجِّهُ لِبِنْتِهِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَلِأَخِيهِ لِأَبٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلِأُخْتِهِ السَّاكِنَةِ فِيهَا، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَلِأَبِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلِأُمِّهِ وَلَيْسَ لِغَيْرِهِمْ حَقُّ الطَّابُو وَكَذَلِكَ الْمَرْعَى وَالْمَشْتَى مَعْرُوضَاتٌ.
(أَقُولُ) مُقْتَضَاهُ أَنَّ ابْنَ الِابْنِ بِمَنْزِلَةِ الِابْنِ فَلَهُ حَقُّ الْأَخْذِ مَجَّانًا بِدُونِ طَابُو وَالتَّقْيِيدُ بِكَوْنِ الْأَخِ لِأَبٍ احْتِرَازٌ عَنْ الْأَخِ لِأُمٍّ فَقَطْ وَعَدَمُ التَّقْيِيدِ بِذَلِكَ فِي الْأُخْتِ يُفِيدُ الْإِطْلَاقَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
إذَا مَاتَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْمِشَدِّ أَوْ فَوَّضَ لِلْغَيْرِ فَلِلْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَ شَرِيكِهِ بَعْدَ دَفْعِ مَا دَفَعَهُ الْغَيْرُ وَلَا يُمَكَّنُ الْغَيْرُ وَلَا يَبْطُلُ الْحَقُّ إلَى خَمْسِ سِنِينَ مَعْرُوضَاتٌ. (أَقُولُ) تَقَدَّمَ مَا يُخَالِفُ هَذَا وَقَدَّمْنَا الْجَوَابَ عَنْهُ فَتَأَمَّلْ.
الْأَرْضُ الْمُسْتَحَقَّةُ لَلطَّابُو بِسَبَبِ التَّعْطِيلِ يَأْخُذُهَا الْمُتَصَرِّفُ بِالطَّابُو مَعْرُوضَاتٌ إذَا ذَهَبَ مَنْ لَهُ الْمِشَدُّ إلَى بَلَدٍ آخَرَ وَعَطَّلَهُ ثَلَاثَ سِنِينَ يَسْتَحِقُّ الطَّابُو وَصَاحِبُ الْأَرْضِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْإِعْطَاءِ لَهُ بِالطَّابُو وَبَيْنَ الْإِعْطَاءِ لِلْغَيْرِ لَيْسَ هَذَا مِثْلَ الْوَفَاةِ مَعْرُوضَاتٌ.
(أَقُولُ) قَدَّمْنَا بَيَانَ الْفَرْقِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَصَاحِبُ الْأَرْضِ مُخَيَّرٌ إلَخْ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهُ يَأْخُذُهَا الْمُتَصَرِّفُ بِالطَّابُو، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ وَإِنْ سَقَطَ حَقُّهُ بِالتَّعْطِيلِ يَكُونُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ لَكِنْ يَأْخُذُهَا بِالطَّابُو لَا مَجَّانًا لِكَوْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ قَدْ اسْتَحَقَّهُ فَتَأَمَّلْ بِتَعْطِيلِ أَرْضِ الصِّغَارِ لَا يَكُونُ مُسْتَحِقًّا لَلطَّابُو وَلَوْ أَعْطَى لِلْغَيْرِ فَلَهُمْ أَخْذُهَا إلَى عَشْرِ سِنِينَ بَعْدَ الْبُلُوغِ مَعْرُوضَاتٌ. (أَقُولُ) فَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ سُقُوطِ حَقِّ الْمَسْكَةِ بِالتَّعْطِيلِ ثَلَاثَ سِنِينَ فَتَأَمَّلْ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
إذَا قَسَمَ مَنْ لَهُ الْمِشَدُّ الْأَرْضَ بَيْنَ ابْنَيْهِ وَسَلَّمَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِقْدَارًا مِنْهَا بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ لَا يَكُونُ مُعْتَبَرًا مَعْرُوضَاتٌ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا مَاتَ عَنْ أَوْلَادٍ غَيْرِهِمَا لَهُمْ أَخْذُ حِصَّتِهِمْ مِنْهَا مَعْرُوضَاتٌ.
إذَا أَعْطَى زَيْدٌ وَعَمْرٌو لِأُخْتِهِمَا حِينَ زَوَّجَاهَا مِقْدَارًا مِنْ أَرْضِهِمَا ثُمَّ تَصَرَّفَتْ الْأُخْتُ بِهِ أَكْثَرَ مِنْ عَشْرِ سِنِينَ ثُمَّ مَاتَتْ فَامْتَنَعَا مِنْ دَفْعِ الطَّابُو لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَتَعَلَّلَا بِأَنَّهُمَا أَعْطَيَا الْأَرْضَ لَهَا بِلَا إذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ لَيْسَ لَهُمَا الِامْتِنَاعُ وَبَعْدَ عَشَرَةٍ دَعْوَى الْأَرْضِ مَمْنُوعَةٌ مَعْرُوضَاتٌ أَهْلُ الْبَدْوِ إذَا شَتَّوْا فِي مَكَان إنْ كَانَ الرَّسْمُ مَوْجُودًا فِي الدَّفْتَرِ يُؤْخَذُ عَنْ الْمَكَانِ وَإِلَّا، فَإِنْ كَانَ يُؤْخَذُ مِنْ قَدِيمٍ عَادَةً يُؤْخَذُ وَإِلَّا فَلَا مَعْرُوضَاتٌ.
إذَا أَسْلَمَ الْفَارِغُ الْأَرْضَ بِلَا إذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَتَصَرَّفَ بِهَا الْمَفْرُوغُ لَهُ ثَلَاثَ سِنِينَ بِالزِّرَاعَةِ وَدَفَعَ الْعُشْرَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ صَرِيحٍ مِنْهُ وَإِعْطَاءٍ تَمَسَّكَ بِذَلِكَ وَمَاتَ الْمَفْرُوغُ لَهُ بِلَا وَلَدٍ وَأَرَادَ الْفَارِغُ التَّصَرُّفَ بِهَا وَأَبَى صَاحِبُ الْأَرْضِ إلَّا بِالطَّابُو الْجَدِيدِ فَلِلْفَارِغِ ذَلِكَ وَلَا عِبْرَةَ لِإِبَائِهِ عَبْدُ اللَّهِ أَفَنْدِي. (أَقُولُ): هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ قَبْضَ صَاحِبِ الْأَرْضِ الْعُشْرَ لَيْسَ إذْنًا فِي التَّصَرُّفِ وَتَقَدَّمَ أَيْضًا فِي الْمَسَائِلِ السَّابِقَةِ مِثْلُهُ وَأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ.
قَاصِرٌ لَيْسَ لَهُ مَالٌ وَلَهُ مِشَدُّ مَسْكَةِ أَرْضٍ سَلِيخَةٍ وَأَرَادَ وَصِيُّهُ تَفْوِيضَهُ لِزَيْدٍ بِإِذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ لِضَرُورَةِ النَّفَقَةِ فَلِلْوَصِيِّ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ أَفَنْدِي.
بَعْدَ انْتِقَالِ مِشَدِّ مَسْكَةِ أَرْضٍ سَلِيخَةٍ مِنْ زَيْدٍ إلَى ابْنِهِ الْقَاصِرِ إذَا فَوَّضَ وَصِيُّ الْقَاصِرِ ذَلِكَ لِعَمْرٍو بِإِذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ ثُمَّ بَلَغَ الْقَاصِرُ وَأَرَادَ أَخْذَهَا مِنْ عَمْرٍو لَهُ ذَلِكَ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا تَعَلَّلَ عَمْرٌو بِأَنَّهُ مَضَى بَعْدَ الْبُلُوغِ تِسْعُ سِنِينَ وَأَرَادَ أَنْ لَا يُسَلِّمَهَا لِلْبَالِغِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ مَعْرُوضَاتٌ. (أَقُولُ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا فِيمَا إذَا كَانَ التَّفْوِيضُ بِلَا ضَرُورَةٍ بِقَرِينَةِ مَا قَبْلَهُ تَأَمَّلْ.
إذَا غَلَبَ الْمَاءُ عَلَى مِشَدِّ مَسْكَةِ أَرْضٍ سَلِيخَةٍ لِزَيْدٍ وَلَمْ يُمْكِنْ الزَّرْعُ فِيهَا وَأَرَادَ صَاحِبُهَا بَعْدَ انْقِطَاعِ الْمَاءِ تَفْوِيضَهَا لِلْغَيْرِ إذَا لَمْ يَمْضِ عَلَى تَرْكِ الزَّرْعِ ثَلَاثُ سِنِينَ لَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ ذَلِكَ مَعْرُوضَاتٌ.
(أَقُولُ) وَجْهُهُ أَنَّهُ فِي حَالِ غَلَبَةِ الْمَاءِ إذَا تَرَكَ الزَّرْعَ لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ وَلَوْ مَضَى ثَلَاثُونَ سَنَةً كَمَا مَرَّ فَلَا تَزُولُ يَدُ الْمُتَصَرِّفِ عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ وَكَذَا لَوْ تَرَكَ زَرْعَهَا بَعْدَ انْقِطَاعِ الْمَاءِ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ فَلَهُ التَّصَرُّفُ بِهَا وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ الْمُتَكَلِّمِ عَلَيْهَا تَفْوِيضُهَا لِغَيْرِ الْمُتَصَرِّفِ؛ لِأَنَّ التَّرْكَ بِلَا عُذْرٍ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ لَا يُسْقِطُ حَقَّهُ مِنْ الْمِشَدِّ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
إذَا تَعَلَّلَ التَّيْمَارِيُّ بَعْدَ تَفْوِيضِ الْمَزْرَعَةِ الْمَحْلُولَةِ لِزَيْدٍ عَنْ عَمْرٍو بِأَنَّهُ لَمْ يَرَهَا قَبْلَ التَّفْوِيضِ وَزَعَمَ أَنَّهُ يُفَوِّضُهَا بِالزِّيَادَةِ لِبَكْرٍ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ مَعْرُوضَاتٌ إذَا وَكَّلَ مَنْ لَهُ الْمِشَدُّ أَخَاهُ فِي الزِّرَاعَةِ وَغَابَ لَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ التَّفْوِيضُ لِلْغَيْرِ مَعْرُوضَاتٌ.
فَرَغَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو عَنْ مِشَدِّ مَسْكَتِهِ فِي أَرْضٍ سَلِيخَةٍ بِإِذْنِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ فِي التَّيْمَارِ دُونَ بَعْضٍ لَيْسَ لِمَنْ لَمْ يَأْذَنْ الْمُعَارَضَةُ غَايَتُهُ لَهُ أَخْذُ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الْعُشْرِ مَعْرُوضَاتٌ.
إذَا تَرَكَ مَنْ لَهُ الْمِشَدُّ الزِّرَاعَةَ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ لَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ التَّفْوِيضُ لِلْغَيْرِ، وَإِذَا تَرَكَ ثَلَاثَ سِنِينَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ التَّفْوِيضُ لِلْغَيْرِ مَعْرُوضَاتٌ. (أَقُولُ) يُسْتَثْنَى أَرْضُ الصِّغَارِ كَمَا مَرَّ قَرِيبًا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
إذَا غَابَ مَنْ لَهُ الْمِشَدُّ بِلَا تَوْكِيلِ أَحَدٍ لِلتَّيْمَارِيِّ التَّفْوِيضُ لِلْغَيْرِ بِالطَّابُو إذَا كَانَتْ الْغَيْبَةُ ثَلَاثَ سِنِينَ أَوْ أَكْثَرَ مَعْرُوضَاتٌ.
مَنْ لَهُ الْمِشَدُّ إذَا مَاتَ بِلَا وَلَدٍ ذَكَرٍ فَوَجَّهَ صَاحِبُ الْأَرْضِ لِلْغَيْرِ مَعَ طَلَبِ بِنْتَيْ الْمُتَوَفَّى بِالطَّابُو قَبْلَ مُرُورِ سِتِّ سِنِينَ، فَإِذَا دَفَعَتَا مَا دَفَعَهُ الْغَيْرُ بِلَا زِيَادَةِ ضَرَرٍ كَانَ لَهُمَا الْأَخْذُ مَعْرُوضَاتٌ إذَا مَاتَ مَنْ لَهُ الْمِشَدُّ بِلَا وَلَدٍ ذَكَرٍ وَخَلَّفَ قَاصِرَةً فَعَرَضَ ذَلِكَ صَاحِبُ الْأَرْضِ عَلَى وَصِيِّ الْقَاصِرَةِ لِلْقَاصِرَةِ فَأَبَى عَنْ أَخْذِهِ لَهَا وَأَذِنَ بِدَفْعِهِ لِلْغَيْرِ فَوَجَّهَهُ لِعَمْرٍو ثُمَّ أَرَادَ الْوَصِيُّ أَنْ يَدْفَعَ مَا دَفَعَهُ عَمْرٌو مِنْ الطَّابُو مِنْ مَالِ الْقَاصِرَةِ وَيَأْخُذَ الْأَرْضَ لِلْقَاصِرَةِ فَلَهُ ذَلِكَ مَعْرُوضَاتٌ إذَا فَوَّضَ مَنْ لَهُ الْمِشَدُّ لِزَيْدٍ بِإِذْنِ الشَّرْعِ بِلَا إذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ بِعِوَضٍ لَمْ يَقْبِضْهُ وَمَاتَ قَبْلَ قَبْضِهِ بِلَا وَلَدٍ وَأَرَادَ وَرَثَتُهُ أَخْذَ الْعِوَضِ مِنْ زَيْدٍ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ مَعْرُوضَاتٌ إذَا مَضَى مُدَّةُ الْتِزَامِ زَيْدٍ وَلَمْ تُعْطَ الْأَرْضُ الْمَحْلُولَ فِي زَمَانِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا مَحْلُولٌ يَكُونُ الْإِعْطَاءُ لِلْمُلْتَزِمِ الْجَدِيدِ مَعْرُوضَاتٌ الْمَزْرَعَةُ كَمَا تَنْتَقِلُ إلَى الِابْنِ تَنْتَقِلُ إلَى ابْنِ الِابْنِ مَعْرُوضَاتٌ.
إذَا مَاتَ مَنْ لَهُ الْمِشَدُّ عَنْ ابْنٍ تَنْتَقِلُ إلَى ابْنِهِ مَجَّانًا بِلَا طَابُو سَوَاءٌ كَانَ الِابْنُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا وَسَوَاءٌ كَانَتْ مُعَدَّةً لِلزِّرَاعَةِ أَوْ لِلْحَشِيشِ مَعْرُوضَاتٌ.
(أَقُولُ) فَائِدَةُ هَذَا التَّعْمِيمِ دَفْعُ مَا يُتَوَهَّمُ وَهُوَ أَنَّهُ إنَّمَا تَنْتَقِلُ إلَى الصَّغِيرِ إذَا لَمْ تَكُنْ مُحْتَاجَةً لِلْعَمَلِ كَالْمُعَدَّةِ لِلْحَشِيشِ فَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهَا تَنْتَقِلُ إلَيْهِ، وَإِنْ احْتَاجَتْ لِعَمَلٍ كَالْمُعَدَّةِ لِلزِّرَاعَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
أَرْض الذِّمِّيِّ لَا تَنْتَقِلُ إلَى ابْنِهِ الْمُسْلِمِ مَعْرُوضَاتٌ إذَا مَاتَ بِلَا وَلَدٍ بَعْدَ إلْقَاءِ الْبَذْرِ فِي مِشَدِّ مَسْكَتِهِ وَنَبَتَ الزَّرْعُ وَفَوَّضَ صَاحِبُ الْأَرْضِ الْمِشَدَّ لِعَمْرٍو يَتَصَرَّفُ وَرَثَةُ زَيْدٍ بِالْأَرْضِ إلَى إدْرَاكِ الزَّرْعِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِعَمْرٍو مَعْرُوضَاتٌ إذَا فَرَغَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو عَنْ مِشَدِّ مَسْكَةِ أَرْضٍ سَلِيخَةٍ بِلَا مَعْرِفَةِ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَسَلَّمَهَا لِعَمْرٍو وَنَهَاهُ عَنْ أَخْذِ التَّمَسُّكِ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ قَبْلَ تَسْلِيمِ بَدَلِ الْفَرَاغِ فَأَخَذَ عَمْرٌو تَمَسُّكًا قَبْلَ تَسْلِيمِ الْبَدَلِ بِلَا إذْنِهِ ثُمَّ مَاتَ عَمْرٌو بِلَا وَلَدٍ وَأَرَادَ زَيْدٌ التَّصَرُّفَ فِيهَا كَالْأَوَّلِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ الْإِذْنِ بِالتَّمَسُّكِ وَأَنَّ التَّفْوِيضَ لَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ فَهَلْ لِزَيْدٍ ذَلِكَ الْجَوَابُ نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ مَعْرُوضَاتٌ أَبِي السُّعُودِ إذَا وَجَّهَ التَّيْمَارِيُّ الْأَرْضَ الْمَحْدُودَةَ لِزَيْدٍ عَلَى أَنَّ مِقْدَارَ أَفْدِنَتِهَا كَذَا عَلَى وَجْهِ التَّخْمِينِ ثُمَّ مَنَعَ زَيْدًا مِنْ التَّصَرُّفِ بِمَا زَادَ عَلَى التَّخْمِينِ وَأَرَادَ تَوْجِيهَ الزِّيَادَةِ لِلْغَيْرِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ مَعْرُوضَاتٌ.
لَيْسَ الْأَخُ لِأَبَوَيْنِ أَحَقَّ مِنْ الْأَخِ لِأَبٍ فِي الطَّابُو فِي مِشَدِّ مَسْكَةِ الْأَرْضِ السَّلِيخَةِ وَالْعِبْرَةُ فِي ذَلِكَ لِلْأَبِ لَا لِلْأُمِّ مَعْرُوضَاتٌ إذَا تَرَكَ مَنْ لَهُ الْمِشَدُّ وَطَنَهُ وَتَوَطَّنَ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ فَصَاحِبُ الْأَرْضِ مَأْمُورٌ بِتَوْجِيهِهَا لِلْغَيْرِ حَالًا إذَا وَجَّهَ الْمُتَكَلِّمُ الْأَرْضَ الْمَحْلُولَةَ لِعَمْرٍو بِمُوجِبِ تَمَسُّكٍ وَخَتْمٍ وَزَرَعَ فِيهَا أَرْبَعَ سِنِينَ قَامَ بَكْرٌ الْمُتَكَلِّمُ بَعْدَ عَزْلِ الْأَوَّلِ يَزْعُمُ أَنَّهُ يُحَلِّفُ عَمْرًا عَلَى أَنَّ التَّمَسُّكَ وَالْخَتْمَ لَمْ يَكُونَا بَعْدَ الْعَزْلِ لَيْسَ لِبَكْرٍ ذَلِكَ بِحَسَبِ الْقَانُونِ مَعْرُوضَاتٌ إذَا مَاتَ مَنْ لَهُ الْمِشَدُّ عَنْ قَاصِرٍ وَكَانَتْ الْأَرْضُ أَرْضَ كَرْمٍ فَوَجَّهَهَا صَاحِبُهَا لِعَمْرٍو بِالطَّابُو فَغَرَسَ فِيهَا عَمْرٌو كَرْمًا وَمَضَى تِسْعُ سِنِينَ ثُمَّ بَلَغَ الْقَاصِرُ وَضَبَطَ الْأَرْضَ وَكَلَّفَ عَمْرًا بِقَلْعِ الْغِرَاسِ بِمُبَاشَرَةِ صَاحِبِ الْأَرْضِ لَهُ ذَلِكَ مَعْرُوضَاتٌ.
مَنْ لَهُ الْمِشَدُّ إذَا مَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ حَامِلٍ لَا يَقْدِرُ الْمُتَكَلِّمُ عَلَى تَوْجِيهِهِ لِلْغَيْرِ قَبْلَ ظُهُورِ الْحَمْلِ مَعْرُوضَاتٌ هَذَا آخِرُ مَا رَأَيْتُهُ بِهَامِشِ نُسْخَتَيْ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَكَأَنَّهُ مُعَرَّبٌ مِنْ أَلْفَاظٍ تُرْكِيَّةٍ كَمَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ وَقَدْ غَيَّرْتُ بَعْضَ عِبَارَاتٍ مِنْهُ لِرَكَاكَتِهَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.