الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
وقوله: {لِّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ}.وفى قراءة عبد الله: {لكى يعلم أهل الكتَاب ألا يقدرون}، والعرب تجعل لا صلة في كل كلام دخل في آخره جحد، أو في جحد غير مصرح، فهذا مما دخل آخره الجحد، فجعلت (لا) في أوله صلة. وأما الجحد السابق الذي لم يصرح به فقوله عز وجل: {ما مَنَعكَ ألاّ تسجُدَ}.وقوله: {ومَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذَا جاءَتْ لا يُؤمِنُون}.وقوله: {وَحَرَامٌ عَلى قَرْيةٍ أهْلَكْناهَا أنّهُم لا يَرْجِعُون}.وفى الحرام معنى الجحد والمنع، وفى قوله: {وما يشعركم} فلذلك جعلت (لا) بعده صلة معناها السقوط من الكلام. اهـ.
ومثله لتميم بن مقبل: فقوله: عارة، كالقول: خلفة. {ولله ميراث السموات والأرض} [10] أي: فيم لا تنفقون، وأنتم ميتون وتاركون ما تجمعون. {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح} [10] أي: هم على سبقهم لغيرهم متفاوتون في الدرجات. {من ذا الذي يقرض الله} [11] كل عمل خير أو شر، إذا كان بمثابة الجزاء، فهو قرض عند العرب، فلذلك وصفه بالحسن، إذ كان فيما يجزى ما ليس بحسن.قال الشنفري: {يسعى نورهم بين أيديهم} [12] نور أعمالهم المقبولة. أو نور الإيمان. {وبأيمانهم} [12] وهو نور آخر عن أيمانهم بما أنفقته أيمانهم.{بشراكم اليوم} [12] أي: النور بشراهم بالجنات. {انظرونا} [13] انتظرونا كما شوى واشتوى، وحفر واحتفر. قال الشاعر فجمع بين اللغتين: {قيل ارجعوا وراءكم} [13] إذ لم يتقدم بهم الإيمان. {فضرب بينهم بسور} [13] وهو الأعراف.قال عبد الله بن عمرو بن العاص: (هو سور بالمسجد الأقصى، وراءه وادي جهنم). وعن كعب: (أن السور هو الباب الذي يسمى باب الرحمة في المسجد الأقصى).{فتنتم أنفسكم} [14] أهلكتم وأضللتم. يقال: فتنه وأفتنه. قال الشاعر-فجمع بين اللغتين-: وقيل: فتنتم: ادعيتم الفتنة، لتقعدوا عن الجهاد، أي: قلتم: إئذن لي ولا تفتني. {وتربصتم} [14] قلتم: {نتربص به ريب المنون}. {الغرور} [14] الشيطان. وقيل: الدنيا.{هي مولاكم} [15] أولى بكم. {ألم يأن} [16] يقال: أنى يأني، وآن يئين، بمعنى: حان. فجمع بين اللغتين: {إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله} [18] أي: الذين تصدقوا، وأقرضوا الله بتلك الصدقة، فلذلك عطف بالفعل.ومن خفف الصاد، كان المعنى قوله تعالى: {إن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات}، لأن التصديق إيمان، وإقراض الله من العمل الصالح. {أعجب الكفار} [20] الزراع. ويجوز الكافرين، لأن الدنيا أفتن لهم وأعجب عندهم. {من قبل أن نبرأها} [22] نخلقها، أي: الأرض والأنفس، ولما حمل سعيد بن جبير إلى الحجاج، بكى بعض أصحابه، فسلاه سعيد بهذه الآية. {لكيلا تأسوا على ما فاتكم} [23] أي: أعلمناكم بذلك لتسلوا عن الدنيا، إذا علمتم أن ما ينالكم في كتاب قد سبق، لا سبيل إلى تغييره.قال ابن مسعود: «لجمرة على لساني تحرقه جزءًا جزءًا، أحب إلي من أن أقول لشيء كتبه الله: ليته لم يكن». وحدث قتيبة بن سعيد قال: هبطت واديًا، فإذا أنا بفضاء مملوء من جيف الإبل، لا يحصى عددًا، وشيخ على تل كأفرح ما يكون، فقلت: أكانت كلها لك؟ فقال: كان باسمي فارتجعها مالكها، وأنشد: لا {فإن الله هو الغني} [24] (هو) في مثل هذا الموضع فصل في عبارة البصريين، وعماد في عبارة الكوفيين. قال سيبويه: إنما يدخل، ليعلم أن الاسم قبله قد تم، ولم يبق نعت ولا بدل، فينتظر الخبر. ومثله: {إني أنا ربك}، {أنهم هم الفائزون}، {إنا نحن نزلنا الذكر}، فكلها فصول مؤكدة لا موضع لها من الإعراب. وهذا أصوب وأقرب ممن قال: إنه مبتدأ، و{الغني}: خبره، و{الحميد}: خبر بعد خبر، والجملة من المبتدأ والخبر، خبر، لأن كونهما خبري إن من غير واسطة أقصد وأقسط من أن يجعلا خبرا مبتدأ، ثم (هو) وهما: خبر (إن). {وأنزلنا الحديد} [25] قيل: إن آدم هبط إلى الأرض بالسندان والمطرقة والكلبتين وقيل: إنها من الأرض، ومعنى الإنزال: الإظهار، فالماء ينزل من السماء، ثم يغور في الأرض، ثم ينعقد في المعادن جواهر، مثل: الكبريت والزئبق، فيكون بامتزاجهما على الأيام الحديد ونحوه، ومثلها قوله: {وأنزل لكم من الأنعام}.{وليعلم الله من ينصره ورسله} [25] أي: أزيحت العلل في خلق الأشياء وتيسير المنافع والمصالح، ليعلم الله من ينصره. {بالغيب} [25] أي: سره مثل علانيته. {رهبانية} [27] تقديره: وابتدعوا رهبانية. {ما كتبناها عليهم} [27] أي: ما كتبنا عليهم غير ابتغاء رضوان الله. {كفلين من رحمته} [28] نصيبين، أحدهما لإيمانهم بالرسل الأولين، والثاني لإيمانهم بخاتم النبيين. {لئلا يعلم أهل الكتاب} [29] قيل: إن يعلم هنا بمعنى: (يظن) كما جاء (الظن) في مواضع بمعنى (العلم).وقيل: معناه: لأن يعلم، قال الراجز: أ هـ.
{يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}.قال: {يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم} يريد: عَنْ أيْمانِهِم- والله أعلم- كما قال: {يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ} يقول (بِطرْفٍ).{يَوْمَ يَقول الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُواْ انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُواْ وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُواْ نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ}.وقال: {انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ} لأنه من (نَظَْرْتُه) يريد (نَظرْتُ) فـ(أَنَا أنْظُرُهُ) ومعناه: أنْتَظِرُهُ.وقال: {بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ} معناه: {وَضُرِبَ بَيْنَهُم سُورٌ}.{مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَآ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}.وقال: {إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَآ} يريد- والله أعلم- (إِلاَّ هُوَ في كِتَابٍ) فجاز فيها الاضمار. وقد تقول: (عِنْدِي هذا لَيسَ إِلاَّ) تريد: ليس إِلاَّ هُوَ.{الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}.وقال {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} واستغنى بالاخبار التي في القرآن كما قال: {وَلَوْ أَنَّ قرآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ} ولم يكن في ذا الموضع خبر، والله أعلم بما ينزل هو كما أنزل وكما أراد ان يكون.{لِّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّن فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}.وقال: {لِّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ} يقول: لأن يعلم. اهـ.
16 – {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا}؟! أي ألم يحن. يقال: اني الشيء يأني، إذا حان.{فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ} يعني: الغاية.20- {كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ} أي الزراع. يقال للزارع: كافر، لأنه إذا القى البذر في الأرض: كفره، أي غطّاه.21- {عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ} أي سعتها كسعة السماء والأرض. وقد تقدم ذكر هذا.22-{مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها} أي نخلقها.23- {لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ} أي لا تحزنوا.25- {لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} أي بالعدل.{وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ} ذكروا: أن اللّه انزل العلاة- وهي: السّندان- والكلبتين والمطرقة.{فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ} للقتال، {وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ}: مثل السكين، والفأس، والمر، والإبرة.27- {وَرَهْبانِيَّةً}: اسم مبني من (الرّهبة)، لما فضل عن المقدار وأفرط فيه. وهو ما نهي اللّه عنه إذ يقول: {لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} [النساء: 171 والمائدة: 77].ويقال: دين اللّه بين المقصر والغالي.{ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللَّهِ} أي ما امرناهم بها الا ابتغاء رضوان اللّه، أي أمرنا منها بما يرضي اللّه عز وجل، لا غير ذلك.28- {يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ}: نصيبين وحظين.29- {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ} أي ليعلموا انهم لا يقدرون {عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ}. اهـ.
|