الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق ***
وقال الشَافعيُ: ليسا من الرَأس، ويُسنُّ لهما ماءٌ جديدٌ. لنا سبعة أحاديث: 222- الحديث الأوَل: قال أحمد: ثنا يحيى بن إسحاق ثنا حمَّاد بن زيد عن سِنَان بن ربيعة عن شَهْر بن حَوْشب عن أبي أمَامَة عن النَبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "الأذنان من الرََّأس". فإن قال الخصم: في هذا الحديث: سِنَان وشَهْر، فأمَّا سِنَان: فقال أبو حَاتِمٍ الرَازيَّ: هو مضطرب الحديث. وأمَا شَهْر: فقال ابن عَدِي: ليس بالقويِّ، ولا يحتجُ بحديثه. وقال الدَّارَقُطْنيُ: قال سُلَيمان بن حَرْبٍ عن حمَّاد بن زيدٍ: إنَ قوله: (الأذنان من الرَأس) من قول أبي أمامة غير مرفوعٍ. وهو الصَّواب. وسيأتي فيما نقله الحافظ ابن عبد الهادي عن "سنن أبي داود" نحو هذا عن سليمان بن حرب، وأن حماد بن زيد شك في الرفع والوقف. ويبدو أن ابن الجوزي لم يرد نقل كلام الدارقطني بنصه، وإنما أراد أن يشير إلى الاختلاف على حمَّاد بن زيد في هذا الإسناد (فبعضهم رواه عنه مجزوماً برفعه، وبعضهم رواه عنه مجزوماً بوقفه، وبعضهم رواه عنه بالشك)، وأنَ سليمان بن حرب رواه عن حمَّاد مجزوماً بوقفه، فيكون المراد بقوله (قال سليمان بن حرب عن حماد بن زيد) أي في روايته للحديث، والله تعالى أعلم. فالجواب: أمَّا شَهر: فقد وثَّقه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين. وأمَّا سِنَان: فإنَّما قال فيه يحيى: ليس بالقويِّ. والاضطراب في الحديث لا يمنع الثِّقة. وجواب من قال: (هو قول أبي أمامة) أن نقول: الرَّاوي قد يرفع الشيءَ، وقد يُفْتي به. ز: وروى هذا الحديث: أبو داود وابن ماجه والدَارَقُطنيُ. والصَواب أنَه موقوف على أبي أمامة كما قال الدَارَقُطْنيُ. 222/أ- قال أبو داود: [ثنا] سليمان بن حرب (ح) وحدَّثنا مسدَّد وقتيبة عن حمَّاد بن زيد عن سِنَان بن ربيعة عن شَهر بن حَوْشب عن أبي أُمامة رضي الله عنه ذكر وُضوء النَبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح المأقين، قال: وقال: الأذنان من الرَأس. قال سليمان بن حرب: يقولها أبو أمامة. وقال قتيبة: قال حمَّاد: لا أدري هو من قول النَبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو أبي أمامة- يعني: قصة الأذنين-. وقال حرب: قلت لأبي عبد الله- يعني أحمد بن حنبل-: الأذنان من الرَأس؟ قال: نعم. قلت: صحَ فيه شيءٌ عن النَبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: لا أعلم O. 223- الحديث الثَاني: قال الدَارَقُطنيُ: ثنا ابن صاعد ثنا الجرَاح بن مَخْلد ثنا يحيى بن العريان ثنا حاتم بن إسماعيل عن أسامة بن زيدٍ عن نافعٍ عن ابن عمر أنَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "الأذنان من الرَّأس". قالوا: قد قدح أحمد في أسامة، وقال: قد روى عن نافع أحاديث مناكير. وقال النَسائيُ: ليس بالقوي. قلنا: قد قال يحيى بن معين: هو ثقةٌ صالحٌ. قالوا: فقد قال الدَارَقُطْنيُ: رَفْعُه وهمٌ، والصَواب أَنه موقوف على ابن عمر. قلنا: الذي يرفعه يذكر زيادة، والزيادة من الثقة مقبولة، والصَحابي قد يروي الشَيء مرفوعاً، وقد يقوله على سبيل الفتوى. 224- الحديث الثَالث: قال الدَارَقُطْنيُ: ثنا أبو الحسن محمَد بن عبد الله بن زكريا النَيسابوريَّ ثنا أحمد بن عمرو بن عبد الخالق ثنا أبو كامل الجَحدَريَّ ثنا غُنْدَر محمَد بن جعفر عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عبَّاس أن النَبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "الأذنان من الرأس". قالوا: قال الدَارَقُطْنيُ: تفرَّد به أبو كامل عن غُنْدَر، وهو وهمٌ؛ وتابعه الرَبيع بن زيدٍ- وهو متروكٌ-، والصَواب عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلاً. قلنا: أبو كامل لا نعلم أحداً طعن فيه، والرَفع زيادة، والزيادة من الثقة مقبولة، كيف وقد وافقه غيره؟! فإن لم يعتد برواية الموافق اعتبر بها؛ ومن عادة المحدِّثين أنهم إذا رأوا من وقف الحديث ومن رفعه: وقفوا مع الواقف احتياطاً، وليس هذا مذهب الفقهاء، ومن الممكن أن يكون ابن جريج سمعه من عطاء مرفوعاً، ورواه له سليمان عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير مسندٍ. ز: وقد زعم ابن القطَان أيضاً أن إسناد هذا الحديثِ صحيحٌ، قال: لثقة رواته واتصاله، وإنَّما أعلَه الدَارَقُطْنِيُ بالاضطراب في إسناده فتبعه عبد الحقِّ على ذلك، وهو ليس بعيبٍ فيه، والذي قال فيه الدَارَقُطْنِيُ، هو: (أنَّ أبا كامل تفرَد به عن غندر، ووهم فيه عليه) هذا ما قال، ولم يؤيِّده بشيءٍ، ولا عضده بحجَّةٍ، غير أنَّه ذكر أن ابن جريج- الذي دار الحديث عليه- يُروى عنه عن سليمان بن موسى عن النَبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: وما أدري ما الذي يمنع أن يكون عنده في ذلك حديثان: مسندٌ ومرسلٌ؟! والله أعلم. انتهى كلامه، وفيه نظر كثيرٌ. 225- وقد روى هذا الحديث ابنُ عَدِيّ في "كامله " في ترجمة عبد الله بن سلمة الأفطس- وهو متروك-، فقال: حدَثنا محمَد بن محمَد بن البَاغَنْديَّ ثنا أبو كامل ثنا غُنْدَر عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عبَّاس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الأذنان من الرَّأس". قال أبو كامل: لم أكتب عن غُنْدَر إلا هذا الحديث الواحد، أفادنيه عنه: عبد الله بن سلمة الأفطس. قال ابن عَدِيّ: وهذا الحديث لا أعلم يرويه عن غُنْدَر بهذا الإسناد غير أبي كامل، وحدَث عن أبي كامل بهذا الحديث: المعمريَّ والبَاغَنْديَّ. وقد روي هذا الحديث عن الرَبيع بن زيدِ عن ابن جريج. انتهى كلام ابن عَدِيّ. وهذه الطَريقة التي سلكها المؤلف ومن تابعه (في أنَّ الأخذ بالمرفوع في كل موضعِ) طريقةٌ ضعيفةٌ، لم يسلكها أحد من المحققين وأئمة العلل في الحديث O. 226- الحديث الرَابع: قال الدَارَقُطنيُ: ثنا عليُّ بن عبد الله بن مُبَشر ثنا محمَّد بن حرب ثنا عليُ بن عاصم عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن أبي هريرة عن النَبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "الأذنان من الرأس". قالوا: قد قال الدَارَقُطنيُ: وهم عليُ بن عاصم في قوله: (عن أبي هريرة)، والصَّحيح: عن ابن جريج عن سليمان مرسلاً. قلنا: قد أجبنا عن هذا آنفاً، وذكرنا مذهب المحدثين في ذلك. ز: عليُ بن عاصم: متكلَمٌ فيه، قال يزيد بن هارون- في روايةِ عنه-: ما زلنا نعرفه بالكذب. وقال ابن معين: ليس بشيءٍ. وقال النَسائيُ: متروك الحديث. وسليمان بن موسى: لم يسمع من أبي هريرة. والصَواب ما قاله الدَارَقُطْنِيُ أنَه مرسلٌ O. 227- الحديث الخامس: قال الدَارَقُطْنِيُ: ثنا عليُ بن الفضل بن طاهر البَلْخِيُ ثنا حمَّاد بن محمَد بن حفص ثنا محمَد بن الأزهر الجوزجاني ثنا الفضل بن موسى السِّينانيُ عن ابن جريجِ عن سليمان بن موسى عن الزهريِ عن عروة عن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الأذنان من الرَأس". قالوا: قال الدَارَقُطْنيُ: المرسل أصحُ. قلنا: قد سبق جوابه. 228- الحديث السادس: قال الدَارَقُطْنيُ: ثنا يحيى بن محمَد بن صاعد ثنا أحمد بن بكر أبو سعد ثنا محمَد بن مصعب القَرْقَسَانيُ ثنا إسرائيل عن جابر عن عطاء عن ابن عبَّاس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الأذنان من الرأس". قالوا: جابر هو: ابن يزيد الجعفيُ، وقد ضعَّفوه. قلنا: قد وثَّقه: الثَوريَّ وشعبة. قالوا: قد رواه مرَة: عن عطاء عن النَبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قلنا: الرَاوي: قد يسند، وقد يختصر. ز: أحمد بن بكر: ويقال: ابن بكرُويه، أبو سعد البَالِسيُ، ضعيفٌ، قال ابنُ عَدِي: روى أحاديث مناكير عن الثِّقات. وروى هذا الحديث في ترجمته عن ابن صاعد، ثمَّ قال: وهذا الحديث لا يعرف إلا بأحمد ابن بكر. وقال الأزديَّ: أحمد بن بكر يضع الحديث. وقد ذكر الدَارَقُطَّنيُ أنَ هذا الحديث اختلف فيه على جابر الجعفيَّ، وأن رواية من أرسله أشبه بالصَواب. وقد رواه عمر بن قيس عن عطاء عن ابن عبَّاس موقوفاً، وعمر ضعيف O. قال المؤلف: وقد روي هذا الحديث من وجوهٍ كثيرة فيها ضعفٌ، فاقتصرنا على ما ذكرنا. 229- الحديث السَابع: قال الترمذيَّ: ثنا قتيبة ثنا بكر بن مضر عن ابن عجلان عن عبد الله بن محمَد بن عَقيل عن الرُبيع بنت مُعوِّذ أنَّها رأت النَبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضَأ، قالت: فمسح رأسه وصدغيه وأذنيه مرَةً واحدةً. وقد روى الخصم: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخذ ماءً جديداً لأذنيه. ولا حجَّة لهم في هذا، لأَنَّا نقول: هذا الأولى.
لنا خمسة أحاديث: الأوَّل: حديث المغيرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضَأ فمسح بناصيته ومسح على العمامة. وقد سبق بإسناده، وهو متفقٌ عليه. كذا قال المؤلف! وقد تقدَم أنَه من أفراد مسلم. 230- والثَاني: حديث بلال: قال أحمد: ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن الحكم عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عُجرة عن بلال قال: مسح رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الخفينِ والخمارِ. انفرد بإخراجه مسلم. 231- طريق آخر: قال أحمد: ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ثنا محمَّد ابن راشد ثنا مكحول عن نعيم بن حِمار عن بلال أنَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "امسحوا على الخفين والخمار". ز: مكحول لم يسمع من نعيم، فهو منقطع. ومحمَّد بن راشد هو: المكحوليُ، ثقة، وقد تكلَم بعضهم فيه، قال شعبة: هو صدوقٌ. وقال عبد الرَزَّاق: ما رأيت أورع في الحديث منه. وقال أحمد ويحيى: ثقة: وقال أبو حاتم: صدوق حسن الحديث. وقال النَسائيُ: ليس بالقويِّ. وقال ابن حِبَان: كان من أهل النُسك، لكن لم يكن الحديث من صناعته، فكان يأتي بالشيء على التَوهُم فكثرت المناكير في روايته فاستحق ترك الاحتجاج به. وفي اسم أبي نعيم خمسة أقوال حكاها الصُوريَّ: همار- بالميم-، وهبار- بالباء-، وهدار- بالدَال- وخمار- بالخاء المعجمة والمفتوحة-، وحَمار- بالحاء المهملة المكسورة- O. 232- الحديث الثَّالث: قال أحمد: ثنا الحسن بن سَوَار ثنا ليث بن سعد عن معاوية عن عتبة أبي أُميَّة عن أبي سلاَّم الأسود عن ثوبان قال: رأيتُ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأَ ومسح على الخفيَن وعلى الخمار. ز: أبو سلام الأسود: لم يسمع من ثوبان. قاله يحيى بن معين وغيره. وعتبة ليس بمشهورِ. 233- وعن ثوبان قال: بعث رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سريَةَ فأصابهم البرد، فلمَّا قدموا على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرهم أن يمسحوا على العصائب والتَساخين. رواه الإمام أحمد وأبو داود والحاكم وقال: على شرط مسلم. وليس كما قال. والعصائب: العمائم؛ والتَّساخين: الخفاف. قاله الإمام أحمد O. 234- الحديث الرَابع: قال أحمد: ثنا عبد الصَمد ثنا داود بن أبي الفرات ثنا محمَد بن زيدِ عن أبي شُريح عن أبي مسلم- مول زيد بن صُوحان- قال: كنت مع سلمان الفارسي فرأى رجلاً قد أحدث وهو يريد أن ينزع خفَّيه، فأمره سلمان أن يمسح على خفَّيه وعلى عمامته، وقال: رأيتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح على خُفَّيه وعلى خماره. ز: رواه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن يونس بن محمَد المؤدِّب عن داود. ورواه أبو داود الطَّيالسيُ في "مسنده" عن داود. ومحمَد بن زيدٍ: هو العبديَّ، قاضي مرو، قال أبو حاتم: صالح الحديث، لا بأس به. وأبو شريح وأبو مسلم: ذكرهما ابن حِبَان في "الثقات". وقال الحافِظُ عبد الغني المقدسيُ- في هذا الحديث-: غريبٌ من حديث المراوزة، لا أعلم رواه غير داود بن أبي الفرات عن محمَّدِ بن زيدٍ قاضي مروO. 235- الحديث الخامس: قال أحمد: ثنا أبو الغيرة ثنا الأوزاعيُ عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جعفر بن عمرو بن أميَة الضَمري عن أبيه قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح على الخفين والعمامة. ز: حديث عمرو: رواه البخاريَّ عن عبدان عن ابن المبارك عن الأوزاعي O. وفي الباب: عن أنس. والمسح على العمامة مذهبُ: أبي بكر وعمرَ وعليٍّ وسعدِ بن أبي وقَاص وعبدِ الرَّحمن بن عوفٍ وسلمان وأبي الدَّرداءِ وأبي موسى وأنسٍ. قال أبو بكر الأثرم: سمعتُ أبا عبد الله يقول: المسح على العمامة قد روي من خمسة أوجهٍ عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قيل له: تذهب إليه؟ قال: نعم. قلت: فإذا مسح على العمامة ثمَّ خلعها أعاد وضوءه؟ قال: نعم.
وقال ابن جريرٍ: المسح. لنا أحايث: 236- الأوَل: قال أحمد: ثنا عفَان ثنا أبو عوانة ثنا أبو بشر عن يوسف ابن ماهَك عن عبد الله بن عمرو قال: تخلَّف عنّا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سفرةٍ سافرناها، فأدركنا وقد أرهقتنا الصَلاة ونحن نتوضَأ، فجعلنا نمسح على أرجلنا. قال: فنادى بأعلى صوته- مرَتين أو ثلاثاً-: "ويلٌ للأعقابِ من النار". أخرجاه في "الصحيحين". 237- الحديث الثَاني: قال أحمد: ثنا هُشيم عن شعبة عن محمَد بن زياد عن أبي هريرة أَنه مرَ بقومٍ يتوضَّؤون فقال: أسبغوا الوُضوء، فإني سمعت أبا القاسم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "ويل للأعقاب من النَّار". أخرجاه في "الصحيحين". وقد روى: "ويلٌ للأعقاب من النار ": جابرٌ وعائشةُ. ز: 239- وعن معيقيب قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ويلٌ للأعقاب من النار". رواه أحمدُ. 239- وعن خالدِ بنِ الوليد ويزيد بن أبي سفيان وشُرَحبيل بن حَسَنةَ وعمرو بن العاص- كل هؤلاء- سمعوه من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "أتموا الوضوء، ويلٌ للأعقاب من النَّار". رواه ابن ماجه. 240- وعن عبد الله بن الحارث بن جزء قال: سمعتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "ويلٌ للأعقاب وبطون الأقدام من النَّار". رواه أحمد والدَارَقُطنيُ والحاكم. 241- وعن ليث عن عبد الرَحمن بن سابط عن أبي أمامة- أو: عن أخي أبي أمامة- قال: رأى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قوماً على أعقاب أحدهم مثل موضع الدرهم- أو مثل موضع ظفرِ لم يصبه الماء- قال: فجعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "ويلٌ للأعقاب من النَّار". قال: وكان أحدهم ينظر فإذا رأى بعقبة موضعاً لم يصبه الماء أعاد وُضوءه. رواه البيهقيُ في "سننه". وحديث عائشة: رواه مسلم في "صحيحه". وحديث جابر: رواه أحمد وابن ماجه، والله أعلم O. الحديث الثَالث: قد ذكرنا في حديث عثمان وعلي أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يغسل رجليه إذا توضأ. وكذلك في رواية كلِّ من روى وُضوء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. احتجوا: 242- بما روى أحمد: ثنا يحيى عن شعبة قال: حدَثني يعلى عن أبيه عن أوس بن أبي أوس قال: رأيتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضَّأ ومسح على نعليه، ثُمَّ قام إلى الصَّلاة. ورواه أبو داود فقال: على نعليه وقدميه. وهذا محمولٌ على أنَّ نعليه عمَّت قدميه فمسح عليهما كما يمسح على الخفِّ. قالوا: فقد رواه هُشيم عن يعلى، وقال فيه: توضَّأ ومسح على رجليه. وجواب هذا من وجهين: أحدهما: أنَّ أحمد قال: لم يسمع هُشيم هذا من يعلى. قلت: وقد كان هُشيم يدلِّس، فلعله سمعه من بعض الضُّعفاء ثم أسقطه. والثَّاني: أن يكون المعنى: مسح على، رجليه وهما في الخفَّين.
وقال أبو حنيفة ومالك: مستحبٌ. لنا: أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضَّأ مرتباً، وذكر الوضوء مرتباً، لم يرو عنه غير ذلك: 243- قال الإمام أحمد: ثنا عبد الله بن يزيد ثنا عكرمة بن عمَّار ثنا شدَاد بن عبد الله عن عمرو بن عبسة عن النَبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "ما منكم أحد يقرب وَضوءه ثمَّ يتمضمض ويستنشق وينتثر إلا خرَّت خطاياه من فمه وخياشيمه مع الماء، ثمَّ يغسل وجهه إلا خرَّت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء، ثمَّ يغسل يديه إلى المرفقين إلا خرَّت خطايا يديه من أطراف أنامله، ثمَّ يمسح رأسه كما أمره الله إلا خرَّت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء، ثمَّ يغسل قدميه إلى الكعبين كما أمره الله إلا خرَّت خطايا قدميه من أطراف أصابعه مع الماء". انفرد بإخراجه مسلمٌ. ز: أخرج مسلمٌ أصلَ هذا الحديث ولم يخرج بعض ألفاظه، وهو حديثٌ طويلٌ، رواه بطوله: عن أحمد بن جعفر المَعْقِري عن النَّضر بن محمَد عن عكرمة بن عمَّار عن شدَاد بن عبد الله أبي عمَّار ويحيى ابن أبي كثير عن أبي أمامة و عمرو بن عبسة. وقوله: "كما أمره الله "- بعد غسل القدمين-: لم يروه مسلمٌ، بل رواه ابنُ خزيمة في "صحيحه". وكذلك لم يرو مسلمٌ قولَه: "كما أمره الله " بعد مسح الرأس O. 244- وقال الدَارَقُطْنِيُ: ثنا عليُ بن محمَد المصريَّ ثنا يحيى بن عثمان بن صالح ثنا إسماعيل بن مسلمة بن قَعنب ثنا عبد الله بن عرادة عن زيد ابن الحواري عن معاوية بن قُرَة عن [عبيد] بن عمير عن أُبي بن كعبٍ أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعا بماء فتوضأ مرَّة مرَّة:، وقال: "هذه وظيفة الوضوء، وضوءٌ من لم يتوضَّأه لم يقبل الله له صلاة". ثمَّ توضَّأ مرَّتين مرَّتين، وقال: "هذا وضوءٌ من توضَّأه أعطاه الله كفلين من الأجر". ثُمَّ توضأ ثلاثاً ثلاثاً، ثُمَّ قال: "هذا وضوئي ووضوء المرسلين قبلي". في هذا الإسناد: زيد بن الحواري، قال يحيى: ليس بشيء. وقال النَسائيُ: ضعيفٌ. وقال أبو زرعة: واهي الحديث. وقال أحمد ابن حنبل: صالحٌ. وفيه: عبد الله بن عرادة، قال يحيى: ليس بشيءٍ. وقال البخاريُّ: منكر الحديث. وقال ابن حِبَان: لا يجوز الاحتجاج به. 245- وقال الدَارَقُطنيُ: ثنا دعلج ثنا الحسن بن سفيان ثنا المسيَّب بن واضح ثنا حفص بن ميسرة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال: توضأ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرَّة مرَّة، وقال: "هذا وضوء من لا يَقبل الله منه صلاة إلا به". ثمَّ توضأ مرَّتين، وقال: "هذا وضوء من يضاعف الله له الأجر مرَّتين". ثمَّ توضأ ثلاثاً ثلاثاً، وقال: "هذا وضوئي ووضوء المرسلين قبلي". قال الدَارَقُطْنيُ: تفرَد به المسيَب بن واضح عن حفص، والمسيَب ضعيفٌ. ووجه احتجاج أصحابنا من هذين الحديثين أنهم يقولون: لا يخلو أن يكون رتَّب أو لم يرتب، لا يجوز أن يكون لم يرتِّب فثبت أنَّه رتَّب. ز: روى حديث أبيِّ بن كعب: ابنُ ماجه في "سننه". 246- وعن عبد الله بن عمر عن النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من توضأَ واحدةً فتلك وظيفةُ الوُضوءِ الذي لابدَّ منها، ومن توضَأَ اثنتين فله كفلان من الأجرِ، ومن توضأَ ثلاثاً فذلك وضوئي ووُضوء الأنبياءِ قبلي". رواه الإمامُ أحمدُ، وهو من رواية زيدِ بنِ الحواري العمِِّي أيضاً O. أمَّا حجتُهم: فرووا أنَ الرُبيع روت أنَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح رأسه بما فضل من وَضوءه. وليس الحديث كذلك، إنَّما هو: مسح رأسه بما بقي في يديه من ماء الوُضوء. 247- فروى أحمد: ثنا وكيع ثنا سفيان عن عبد الله بن محمَّد بن عَقيل قال: حدَّثتني الرُّبيع بنتُ مُعوَذ بن عَفْراء قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأتينا فيكثر، فأتانا فوضعنا له الميضأة، فتوضَّأ فغسل كفيه ثلاثاً، ومضمض واستنشق، وغسل وجهه وذراعيه، ومسح رأسه بما بقي من وَضوءه في يديه، وغسل رجليه. واحتجُّوا: 248- بما رووا عن ابن عبَّاس أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غسل وجهه، ثمَّ يديه، ثمَّ رجليه، ثمَّ مسح برأسه. وهذا لا يصحُ، ومن الجائز أن يكون شك: هل مسح رأسه أم لا؟ فمسح احتياطاً. 249- ورووا أنَ عليَّ بن أبي طالب قال: ما أبالي بأي أعضائي بدأت. وهذا محمولٌ على تقديم الشِّمال على اليمن. ز: 250- عن زياد- مولى بني مخزوم- قال: قيل لعليٍِّ عليه السَلام: إن أبا هريرة يبدأ بميامنه في الوضوء. فدعا بماءٍ فتوضأ فبدأ بمياسره. 251- وعن عبد الله بن عمرو بن هند قال: قال عليٌّ عليه السَّلام: ما أبالي إذا أتممت وضوئي بأي أعضائي بدأت. 252- وعن أبي العبيدين [عن] عبد الله بن مسعود أنََّه سئل عن رجلِ توضأ فبدأ بمياسره؟ فقال: لا بأس. روى هذه الأحاديث الدَارَقُطْنِيُ. زيادٌ- مولى بني مخزوم-: [قال إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين: لا شيء. وعبد الله بن عمرو بن هند:] قال الدَارَقُطْنِيُ: ليس بالقويِّ. 253- وروى الإمام أحمد عن جرير عن قابوس عن أبيه أن عليّاً سُئل، فقيل له: أحدنا يستعجل فيغسل شيئَا قبل شيءِ. قال: لا، حتَّى يكون كما أمره الله تعالى. احتجَ به أحمد في رواية الأثرم، والله أعلم O.
وقال أبو حنيفة: لا تُشترط. لنا خمسة أحاديث: منها: حديث أُبيٍّ؛ وحديث ابن عمر، وقد سبقا. ووجه الحجَة: أَنه لا يخلو أن يكون والى أو لم يوال، لا يجوز أن يكون لم يوال، فثبت أنَّه والى. 254- الحديث الثَالث: قال أحمد ثنا موسى بن داود ثنا ابن لَهيْعَة عن أبي الزبير عن جابر أنَ عمر بن الخطَاب أخبره أَنه رأى رجلاً توضَأ للصَلاة، فترك موضع ظفرِ على ظهر قدمه، فأبصره النًبيُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "ارجع فأحسن وضوءك". فرجع فتوضأ ثمَّ صلَّى. 255- طريق آخر: قال ابن ماجه: ثنا حَرمَلة بن يحيى ثنا ابن وهب ثنا ابن لهيعة عن أبي الزُبير عن جابر عن عمر بن الخطَاب قال: رأى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلاً يتوضَأ فترك موضع الظُفر على قدمه، فأمره أن يعيد الوضوء والصَّلاة. ابنُ لَهيِعة: مجروحٌ. ز: روى مسلم في "صحيحه " حديثَ عمرَ من رواية معقل عن أبي الزبير، ولفظه: أن رجلاً توضأ فترك موضع ظُفرِ على قدمه، فأبصره النَبيُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "ارجع فأحسن وضوءك". فرجع ثمَّ صلَّى O. 256- الحديث الرَابع: قال أحمد: ثنا إبراهيم بن أبي العبَّاس ثنا بقيَة ثنا بحير بن سعدِ عن خالد بن معدان عن بعض أزواج النَبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى رجلاً يصلِّي، وفي ظهر قدمه لمعة قدر الدِّرهم لم يصبها الماء، فأمره رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يعيد الوضوء. ز: وروى هذا الحديث: أبو داود، وعنده: فأمره أن يعيد الوضوء والصَلاة. قال الأثرم: قلت لأحمد: هذا إسنادٌ جيدٌ؟ قال: نعم. وقد احتجَ [به] الإمام أحمد أيضاً في رواية غير واحدٍ من أصحابه. وتكلَم فيه البيهقيُ وابن حزم وغيرهما بغير مستندِ قويٍّ، والله أعلم O. 257- الحديث الخامس: قال الدَارَقُطْنيُ: ثنا أبو بكر النَيسابوريَّ ثنا أحمد بن عبد الرَحمن بن وهبِ ثنا عمِّي ثنا جرير بن حازم أنَّه سمع قتادة ثنا أنس ابن مالك أنَ رجلاً جاء إلى النَبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد توضَأ وترك على قدميه مثل الظُفْرِ، فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ارجع فأحسن وضوءك". ز: ورواه الإمام أحمد وابن ماجه وأبو داود وقال: ليس هذا الحديث بمعروف، لم يروه إلا ابن وهب O. فإن قيل: هذا الحديث قد روي من طريق آخر وفيه: "ارجع فأتمَّ وضوءك". قلنا: هذا يرويه الوازع بن قانع، قال أحمد ويحيى: ليس بثقةٍ. وقال الرَازيَّ: ذاهب الحديث. وقال النَّسائيُْ: متروكٌ.
وقال داود: يجوز له وللحائض. لنا: 258- ما روى الدَارَقُطْنيُّ: ثنا أبو بكر النَّيسابوريُّ ثنا محمَّد بن يحيى ثنا الحكم بن موسى ثنا يحيى بن حمزة عن سليمان بن داود قال: حدَّثني الزُّهريُّ عن أبي بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جدِّه أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتب إلى أهل اليمن كتاباً، فكان فيه: "لا يمسُّ القرآن إلا طاهر". ز: هذا الذي احتجَ به المؤلف قطعةٌ من حديثٍ طويلِ فيه ذكر الصَّدَقات والديات وغيرها. وسليمان- راوي الحديث-: اختلفوا فيه: فقيل: هو سليمان بن أرقم. وقيل: سليمان بن داود الخولانيُّ. وقد روى الحديث بطوله الإمام أحمد وأبو داود في "المراسيل " عن الحكم بن موسى، وقال أبو داود: هذا وهمٌ من الحكم. يعني قوله: (ابن داود)، وإنَّما هو سليمان بن أرقم، وهو متروكٌ. ورواه النَسائيُّ: عن عمرو بن منصور عن الحكم بن موسى به. وعن الهيثم بن مروان بن الهيثم بن عمران عن محمَد بن بكَّار بن بلال عن يحيى بن حمزة عن سليمان بن أرقم. وقال: هذا أشبه بالصَواب، وسليمان بن أرقم: متروك الحديث. ورواه أبو القاسم الطَّبرانيُ عن محمَد بن عبد الله الحضرمي عن الحكم. ورواه أبو حاتم بن حِبَان في "صحيحه" وقال: سليمان بن داود الخولانيُ من أهل دمشق، ثقةٌ مأمون؛ وسليمان بن داود اليماميُ لا شيء؛ وجميعاً يرويان عن الزهري. وقال أبو حاتم: سليمان: لا بأس به، يقال: إنَّه سليمان بن أرقم، فالله أعلم. وقال أبو الحسن بن البَراء عن عليَّ بن المديني: منكر الحديث. وضعَّفه. وقال أبو يعلى الموصليُ عن يحيى بن معينِ: ليس بمعروفِ، وليس يصحُ هذا الحديث. وقال أبو بكر ابن أبي خيثمة وعثمان بن سعيد الدَارميُ عن يحيى بن معين: ليس بشيءِ. قال عثمان: أرجو أنَه ليس كما قال [يحيى]، فإنَّ يحيى بن حمزة روى عنه أحاديث حساناً، كأنَّها مستقيمة. وقال أبو القاسم البغويَّ: سمعت أحمد بن حنبل وسئل عن حديث الصَّدقات- الذي يرويه يحيى بن حمزة- أصحيحٌ هو؟ فقال: أرجو أن يكون صحيحاً. يعني حديث الحكم بن موسى عن يحيى بن حمزة عن سليمان بن داود عن الزُّهريِّ. وقال أبو الحسن الهرويَّ: الحديث في أصل يحيى بن حمزة: (عن سليمان ابن أرقم) غلط عليه الحكم. وقال أبو زرعة الدِّمشقيُ: الصَواب: سليمان بن أرقم. وقال ابن مَنْدَه: رأيت في كتاب يحيى بن حمزة بخطّه: (عن سليمان بن أرقم عن الزُّهريَّ) وهو الصَّواب. وقال صالح جزرة: ثنا دحيم قال: نظرت في كتاب يحيى حديثَ عمرو ابن حزم في الصَّدقات، فإذا هو: عن سليمان بن أرقم. قال صالح: فكتب هذا الكلام عنِّي مسلم بن الحجَّاج. وقال أبو بكر البيهقيُ: وقد أثنى على سليمان بن داود: أبو زرعة وأبو حاتم وعثمان بن سعيد وجماعة من الحفاظ، ورأوا هذا الحديث الذي رواه في الصَدقات موصول الإسناد حسناً، والله أعلم. وقال يعقوب بن سفيان: لا أعلم جميع الكتب كتاباً أصحُ من كتاب عمرو بن حزم، كان أصحاب النَبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والتابعون يرجعون إليه ويدعون آراءهم. 259- وقد روى الدَارَقُطْنِيُ: ثنا محمَد بن مخلد ثنا الحسن بن أبي الرَبيع أنا عبد الرَّزاق أنا معمر عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه قال: كان في كتاب النَبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعمرو بن حزم: "لا يمسُّ القرآن إلا على طهر". قال الدَّارَقُطْنيُ: هو مرسلٌ، ورواته ثقات. 260- وقال الإمام عثمان بن سعيد الدَّارميُ: ثنا نعيم بن حمَّاد عن ابن المبارك عن معمر عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن أبيه عن جده أن النَبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتب لعمرو بن حزم. وساق نعيم الحديث بطوله. 261- وقال الدَّارَقُطْنِيُ: حدَثنا الحسن بن إسماعيل ثنا سعيد بن محمَد ابن ثواب ثنا أبو عاصم أنا ابن جريج عن سليمان بن موسى قال: سمعت سالماً يحدّث عن أبيه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يمسُ القرآن إلا طاهر". سليمان بن موسى: قال البخاريُّ: عنده مناكير. وقال النَسائيُ: ليس بالقوي في الحديث. ووثقه يحيى بن معين ودُحيم والترمذيَّ وابنُ عَدِي وغيرهم. 262- وعن مطر عن حسَان بن بلال عن حَكيم بن حزام أن النَبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا تمسّ القرآن إلا وأنت طاهرٌ". رواه أبو القاسم اللالكائيُ بإسناده، وفيه نظرٌ. ورواه الدَارَقُطْنِيُ، ولفظه: "لا تمسّ القرآن إلا وأنت على طهرٍ". وقال: كلُهم ثقات. 263- وقال أبو بكر عبد الله بن أبي داود: ثنا أحمد بن الحباب الحميريَّ ثنا أبو صالح الحكم بن المبارك الخاشْتيُ ثنا محمَد بن راشد عن إسماعيل المكيَّ عن القاسم بن أبي بزة عن عثمان بن أبي العاص قال: كان فيما عهد إليَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تمسّ المصحف وأنت غير طاهرٍ". 264- قال عبد الله: ونا أبو طاهر ثنا ابن وهب أخبرني مالك عن إسماعيل بن محمَد بن سعد بن أبي وقَّاص عن مصعب بن سعد أنَه قال: كنت أمسك المصحف على سعد بن أبي وقَاص فاحتككت، فقال سعد: لعلك مسست ذكرك؟ قلت: نعم. قال: قم فتوضأ. فقمت فتوضَّأتُ ثُمَّ رجعتُ. كذا رواهما أبو بكر بن أبي داود في كتاب "المصاحف". وحديث عثمان بن أبي العاص: منقطعٌ، لأنَّ القاسم لم يدرك عثمان؛ وإسماعيل بن مسلم المكيُ: ضعيفٌ، تركه بعضهم. وحديث مصعب بن سعد: رواه مالك في "الموطأ". 265- وقال الدَّارَقُطْنِيُ: ثنا أحمد بن محمَد بن إسماعيل الآدميُ ثنا محمَد ابن عبيد الله المنادي ثنا إسحاق الأزرق ثنا القاسم بن عثمان البصريَّ عن أنس بن مالكِ قال: خرج عمر متقلداً بالسَّيف، فقيل له: إنَ ختنك وأختك قد صبوا. فأتاهما عمر وعندهما رجل من المهاجرين يقال له: خبَّاب، وكانوا يقرؤون "طه"، فقال: أعطوني الكتاب الذي عندكم فأقرأه- وكان عمر يقرأ الكتب-. فقالت له أخته: إنك رجسٌ، ولا يمسُّه إلا المطهَّرون، فقم فاغتسل أو توضأ. فقام عمر فتوضَّأ، ثُمَّ أخذ الكتاب فقرأ: "طه". ورواه أبو يعلى الموصليُّ بطريقِ عن إسحاق الأزرق مطوَلاً. وقال الطَّبراني: تفرَّد به القاسم. وقال الدَارَقُطْنيُّ: القاسم بن عثمان ليس بالقوي. وقال البخاريَّ: له أحاديث لا يتابع عليها. 266- وعن عبد الرَحمن بن يزيد قال: كنَّا مع سلمان فخرج فقضى حاجته ثمَّ جاء، فقلت: يا أبا عبد الله، لو توضأت لعلنا أن نسألك عن آيات؟! قال: إني لست أمسُّه، إنَّما لا يمسُه إلا المطهرون. فقرأ علينا ما شئنا. رواه الدَارَقُطْنِيُ وصحَحه O.
وعنه: يجوز. وقال داود: يجوز أن يقرأ. وقال مالك: يقرأ آياتِ يسيرة للتعوُذ. لنا: 267- ما روى الدَارَقُطْنِيُ: ثنا البغويَّ ثنا داود بن رشيد ثنا إسماعيل ابن عيَّاش عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن". وقد رواه مغيرة بن عبد الرَّحمن وأبو معشر كلاهما عن موسى بن عقبة، وهما وإسماعيل بن عيَّاش كلُهم ضعفاء مجروحون. ز: وروى هذا الحديث: ابن ماجه والترمذيَّ وقال: لا نعرفه إلا من حديث إسماعيل بن عيَّاش. وقد رواه الدَارَقُطْنِيُّ من غير طريق ابن عيَّاش كما ذكر المؤلف، فقال: 268- حدثنا محمَّد بن حَمدُويه المروزيَّ ثنا عبد الله بن حمَّاد الآمُليُّ ثنا عبد الملك بن مسلمة قال: حدَّثني المغيرة بن عبد الرَحمن عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يقرأ الجنب شيئاً من القرآن". قال الدَّارَقُطْنِيُ: عبد الملك هذا كان بمصر، وهذا غريبٌ عن مغيرة بن عبد الرَّحمن، وهو ثقةٌ. وقال ابن حِبَّان: عبد الملك بن مسلمة يروي مناكير كثيرة. وقال ابن يونس: منكر الحديث. وقال أبو حاتم الرَّازيُّ: مضطرب الحديث، ليس بالقوي، حدَّثني بحديثٍ في الكرم عن النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن جبريل، حديث موضوع. وقال أبو زرعة: ليس بالقويِّ، منكر الحديث. 269- قال الدَارَقُطنِيُ: وحدَّثنا محمَد بن مخلد ثنا محمَد بن إسماعيل الحسَّانيُ عن رجلٍ عن أبي مَعشر عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر عن النَبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "الحائض والجنب لا يقرآن من القرآن شيئاً". فيه رجلٌ [مبهم]، وآخر ضعيفٌ- وهو: أبو مَعشر نَجيح بن عبد الرحمن-. وقد قال عبد الله بن أحمد في حديث إسماعيل بن عيَّاش عن موسى بن عقبة: عرضت على أبي هذا الحديث، فقال: هذا حديث باطلٌ. وقال ابنُ عَدِي: ليس لهذا الحديث أصلٌ- وفي بعض النُسخ: من حديث عبيد الله-. وضعَّفه البخاريَّ والبيهقيُ وغيرهما. وقد رواه الدَارَقُطنيُ أيضاً: من رواية سعيد بن يعقوب الطَالقاني وإبراهيم بن العلاء الزبيدي عن إسماعيل بن عيَّاش عن موسى بن عقبة وعبيد الله بن عمر عن نافع. وقال ابن عَدي: زاد في هذا الإسناد عن ابنِ عيَّاش: إبراهيمُ بنُ العلاء وسعيدُ بنُ يعقوبَ الطَّالقانيُ، فقالا: عبيد الله وموسى بن عقبة. وقال شيخنا أبو الحجَاج: رواه محمَد بن بكيرٍ الحضرميُ عن إسماعيل بن عيَّاش [عن] موسى بن عقبة وعبيد الله بن عمر عن نافع. وقال عبد الرَحمن بن أبي حاتم: سمعت أبي- وذكر حديث إسماعيل بن عيَّاش عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئاً من القرآن "-، فقال أبي: هذا خطأٌ، إنَما هو عن ابن عمر قوله. وقال الحافظ أبو القاسم بن عساكر في كتاب "الأطراف ": قد رواه عبد الله ابن حمَّاد الآمليُ عن القعنبيَّ عن المغيرة بن عبد الرَحمن عن موسى بن عقبة. وقوله: (عن القعنبي) وهمٌ، فإن عبد الله بن حمَّاد إنَما رواه عن عبد الملك بن مسلمة المصري، وهو ضعيفٌ كما تقدَم. وقال الحافظ محمَد بن عبد الواحد- بعد ذكر حديث إسماعيل بن عيَّاش-: قلت: إسماعيل بن عيَّاش: تكلَم فيه غير واحدٍ من أهل العلم، غير أنَ بعض الحفَاظ قال: قد روي من غير حديثه بإسنادٍ لا بأس به، والله أعلم. وكأنه أشار إلى ما ذكره الحافظ أبو القاسم. وقول المؤلف في مغيرة بن عبد الرَحمن: (أنه ضعيفٌ مجروح) وهمٌ، فإنَه ثقةٌ من رجال "الصَحيحين "، وهو: الحزاميُ لا المخزوميُّ، وإن كانا يرويان عن موسى بن عقبة فيما قيل O. 270- قال الئَارَقُطْنِيُ: وثنا ابن صاعد ثنا عبد الله بن عمران العابديَّ ثنا سفيان عن مِسْعر وشعبة عن عمرو بن مُرَة عن عبد الله بن سلِمة عن عليٍّ قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يحجبه عن قراءة القرآن شيءٌ إلا أن يكون جنباً. قال عمرو بن مرَة في عبد الله بن سلِمة: تعرف وتنكر. ز: وروى هذا الحديث: أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذيَّ والنَسائيُ، ولفظ أبي داود: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يخرج من الخلاء فيقرئنا القرآن، ويأكل معنا اللحم، ولم يكن يحجُبُه- أو قال: يحجُزه- عن القرآن شيءٌ ليس الجنابة. ولفظ حديث الترمذي: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرئنا القرآن على كل حالِ ما لم يكن جنباً. وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. ورواه أبو حاتم بنُ حِبَان والحاكم وقال: هذا حديثٌ صحيحُ الإسناد، والشَيخان لم يحتجَّا بعبد الله بن سلِمة، ومدار الحديث عليه، وعبد الله ابن سلِمة: غير مطعونِ فيه. وذكر أبو بكر البزَّار أنَّه لا يروى عن علي إلا من حديث عمرو بن مُرَة عن عبد الله بن سلِمة. وحكى البخاريَّ عن عمرو بن مُرَة: كان عبد الله- يعني ابن سلِمة- يحدِّثنا فتعرف وتنكر، وكان قد كبر، لا يتابع في حديثه. وقال العِجليُ: عبد الله بن سلِمة: كوفيٌ، تابعيٌ ثقةٌ. وقال يعقوب بن شيبة: ثقةٌ يعدُ في الطبقة الأولى من فقهاء الكوفة بعد الصَحابة. وقال أبو حاتم والنَسائيُ: تعرف وتنكر. وقال ابنُ عَدِيٍّ: أرجو أنَّه لا بأس به. وقال أبو طالب عن أحمد بن حنبل: لم يرو أحدٌ: "لا يقرأ الجنب"، غير شعبة عن عمرو بن مُرَة عن عبد الله بن سلِمة. وقال غيره: قد رواه عن عمرو بن مُرَة أيضاً غير شعبة: سليمان الأعمش ومِسْعر ومحمَد بن عبد الرَّحمن [بن أبي ليلى]. وذكر الشَّافعيُ هذا الحديث، وقال: وإن لم يكن أهل الحديث يثبتونه. قال البيهقيُ: وإنَّما توقَف الشَافعي في ثبوتِ هذا الحديث لأنَ مداره على عبد الله بن سلِمة الكوفي، وكان قد كبر وأنكر من حديثه وعقله بعض النكرة، وإنَما روى هذا الحديث بعد ما كبر- قاله شعبة-. وذكر الخطَّابيُّ أنَ الإمام أحمد بن حنبل كان يوهن حديث عليٍّ هذا، ويضعِّف أمر عبد الله بن سلِمة. وقال سفيان بن عيينة: سمعتُ هذا الحديث من شعبة، وقال شعبة: لم يرو [] عمرو بن مُرَة أحسن من هذا الحديث. وقال شعبة: لا أرى أحسن منه عن عمرو بن مُرَة. وكان شعبة يقول في هذا الحديث: هذا ثلث رأس مالي. 271- وعن عليٍّ وأبي موسى قالا: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يا عليّ، إنِّي أرضى لك ما أرضى لنفسي، وأكره لك ما أكره لنفسي، لا تقرأ القرآن وأنت جنبٌ، ولا وأنت راكعٌ، ولا وأنت ساجدٌ، ولا تصلِّ وأنت عاقصٌ شعرك، ولا تدبح تدبيح الحمار". رواهُ الدَّارَقُطْنيُّ من رواية أبي نعيم النَّخعيَّ- واسمه عبد الرَحمن بن هانىء-، قال الإمام أحمد: ليس بشيءٍ. وكذَّبه يحيى بن معين، وقال أبو حاتم الرَازيَّ: لا بأس به، يكتب حديثه. وقال ابن عَديٍّ: عامة ماله لا يتابعه الثقات عليه. وأبو نعيم يرويه عن أبي مالك النخعيَّ عبد الملك بن حسين، وقد قال يحيى بن معينِ في أبي مالكِ: ليس بشيءِ. وقال أبو زرعة وأبو حاتم: ضعيف الحديث. 272- وعن يحيى بن أبي أنيسة عن أبي الزبير عن جابر قال: لا تقرأ الحائض ولا الجنب ولا النفساء القرآن. رواه الدَارَقُطْنِيُ. 272- وعن محمَد بن الفضل عن أبيه عن طاوس عن جابر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تقرأ الحائض ولا النفساء شيئاً من القرآن". رواه الدَّارَقُطْنِيُ أيضاً، ومحمَد بن الفضل: كذَّبه يحيى بن معينٍ، وقال أحمد: ليس بشيءٍ، حديثه حديث أهل الكذب. وقال النَسائيُ: متروك الحديث. وأبوه ضعَّفه الفلاَّس وابن عَديٍّ. 273- وعن عامر بن السِّمط ثنا أبو الغريف الهمدانيُ قال: كنا مع عليٍّ عليه السَلام في الرَحبة، فخرج إلى أقصى الرَّحبة، فوالله ما أدرى أبولاً أحدث أم غائطاً؟ ثمَّ جاء فدعا بكوزٍ من ماءٍ، فغسل كفَّيه ثمَّ قبضهما إليه، ثم قرأ صدراً من القرآن، ثمَّ قال: اقرؤوا القرآن ما لم يصب أحدكم جنابةً، فإن أصابه فلا ولا حرفاً واحداً. رواه الدَارَقُطْنِيُ، وقال: صحيحٌ عن عليٍّ. 274- وقال أحمد: ثنا عائذ بن حبيب حدَثني عامر بن السِّمط عن أبي الغريف قال: أُتي عليٌّ بوَضوءٍ، فمضمض واستنشق ثلاثاً، وغسل وجهه ثلاثاً، وغسل يديه وذراعيه ثلاثاً، ثمَّ مسح برأسه، ثمَّ غسل رجليه، ثم قال: هكذا رأيتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ. ثمَّ قرأ شيئاً من القرآن، ثمَّ قال: هذا لمن ليس بجنبٍ، فأمَا الجنب فلا ولا آية. أبو الغريف سيأتي الكلام عليه في المسح. 275- وعن زَمعة بن صالح عن سلمة بن وهرام عن عكرمة قال: كان عبد الله بن رواحة مضطجعاً إلى جنب امرأته، فقام إلى جارية له في ناحية الحجرة، فوقع عليها، وفزعت امرأته فلم تجده في مضجعه، فقامت، فخرجت، فرأته على جاريته، فرجعت إلى البيت، فأخذت الشَّفرة، ثمَّ خرجت، وفرغ، فقام فلقيها تحمل الشَفرة، فقال: مَهْيَم؟ قالت: لو أدركتك حيث رأيتك لوجأت بين كتفيك بهذه الشَفرة. قال: وأين رأيتني؟ قالت: رأيتك على الجارية. فقال: ما رأيتني، وقد نهانا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يقرأ أحدنا القرآن وهو جنبٌ. قالت: فاقرأ، فقال: أتانا رسول الله يتلو كتابه *** كما لاح مشهور من الفجر ساطع أتانا بالهدى بعد العمى فقلوبنا *** به موقنات أنَ ما قال واقع يبيت يجافي جنبه عن فراشِه *** إذا استثقلت بالمشركين المضاجع فقالت: آمنت بالله، وكذَّبت البصر. ثُمَّ غدا على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبره، فضحك حتَّى بدت نواجذه. رواه الدَارَقُطنيُ هكذا مرسلاً، ورواه من وجهِ آخر عن زَمعة عن سلمة عن عكرمة عن ابن عبَاسِ متصلاً. وزَمعة بن صالح: ضعَّفه أحمد ويحيى وأبو حاتم وغيرهم، وقال أبو زرعة: واهي الحديث. وقال البخاريَّ: يخالف في حديثه، تركه ابن مهديٍّ أخيراً. وقال ابن معين مرَّةَ: صويلح الحديث. وقال ابن عَدِيٍّ: ربَّما يهم في بعض ما يرويه، وأرجو أنَّ حديثه صالحٌ لا بأس به. وسلمة بن وهرام: قال أحمد: روى عنه زَمعة أحاديث مناكير، أخشى أن يكون حديث ضعيفاً. وقال إسحاق بن منصور عن يحيى بن معينِ، وأبو زرعة: ثقة. وقال أبو داود: ضعيفٌ. وقال ابن عَدِي: أرجو أنَه لا بأس بروايات الأحاديث التي يرويها عنه غيرُ زَمعة. وذكره ابن حِبَان في كتاب "الثقات "، والله أعلم O.
وعنه: ينقض في حقِّ الرَاكع والسَاجد بكل حالٍ، وبه قال مالك. وقال أبو حنيفة وداود: لا ينقض إلا في حال الاضطجاع. وقال الشَّافعيُ: ينقض إلا في حال الجلوس. لنا: 276- ما روى أحمد: ثنا عبد السَلام بن حرب عن يزيد بن عبد الرَّحمن عن قتادة عن أبي العالية الرِّياحي عن ابن عبَاسٍ أنَّ النَبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "ليس على من نام ساجداً وضوء حتَّى يضطجع، فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله". قالوا: قال الدارَقُطْنيُ: تفرد به يزيد- وهو الدَّالانيُ- عن قتادة، ولا يصحُ. قال ابن حِبَّان: كان كثير الخطأ، لا يجوز الاحتجاج به. وقد رواه ابن أبي عروبة عن قتادة موقوفاً. قلنا: قد ذكرنا أنَّ مذهب المحدثين إيثار قول من وقف الحديث احتياطاً، وليس هذا بشيءٍ. وقول الدَارَقُطْنِيُ: (لا يصح) دعوى بلا دليلٍ! وقد قال أحمد: يزيد لا بأس به. ورواية من وقفه لا تمنع كونه مرفوعاً، فإنَ الرَاوي قد يسند وقد يفتي بالحديث. ز: وقد روى هذا الحديث: أبو داود والترمذيَّ والدَارَقُطنيُ. وقال أبو داود: هو حديث منكر، لم يروه إلا يزيد الدَالاني. وقال الترمذيَّ: وقد رواه سعيد عن قتادة عن ابن عبَاسِ قوله، لم يذكر أبا العالية، ولم يرفعه. وقال إبراهيم الحربيُّ: هو حديثٌ منكرٌ. وذكر ابن حِبَان أن يزيد الدَالانيَ كان كثير الخطأ، فاحش الوهم، يخالف الثَّقات في الروايات، حتَّى إذا سمعها المبتدئ في هذه الصَّناعة علم أنَّها معمولة أو مقلوبة، لا يجوز الاحتجاج به إذا وافق الثقات، فكيف إذا انفرد عنهم بالمعضلات؟!. وقد أخطأ ابنُ حِبَان في ترجمة الدَالاني، فلذلك ضعَّفه، وقال أبو حاتم: يزيد صدوقٌ [ثقةٌ]. وقال يحيى بن معينِ والنَسائيُ: ليس به بأسٌ. وقال الحاكم أبو أحمد: لا يتابع في بعض حديثه. وقال ابن عَدِيَّ: له أحاديث صالحة، وفي حديثه لينٌ، إلا أنَّه مع لينه يكتب حديثه. وقال شعبة: إنَّما سمع قتادة من أبي العالية أربعة أحاديث: حديث يونس بن متّى، وحديث ابن عمر في الصَلاة، وحديث " القضاة ثلاثة "، وحديث ابن عبَّاس: حدّثني رجالٌ مرضيون. وقال أبو القاسم البغويُّ: يقال: إنَّ قتادة لم يسمع هذا الحديث من أبي العالية. وقال البيهقي: وأمَّا هذا الحديث فإنَّه قد أنكره على أبي خالد الدَالاني جميع الحفَاظ، وأنكر سماعه من قتادة: أحمدُ بنُ حنبل ومحمَّد بنُ إسماعيل البخاريّ َوغيرهما O. احتجُّوا بأربعة أحاديث: 277- الحديث الأوَّل: قال الدَّارَقُطْنِيُ: ثنا أبو حامد محمَّد بن هارون ثنا سليمان بن عمر بن خالد ثنا بقيَّة بن الوليد عن الوَضين بن عطاء عن محفوظ ابن علقمة عن عبد الرَّحمن بن عائذ الأزديِّ عن عليَّ بن أبي طالب قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "العين وكاء السَّه، فمن نام فليتوضَأ". السَّه: حلقة الدُبر. 278- الحديث الثَاني: قال الدَّارَقُطْنيُ: وثنا أبو حامد محمَد بن هارون ثنا [عيسى بن] مساور ثنا الوليد بن مسلم عن أبي بكر بن عبد الله ابن أبي مريم عن عطيَّة بن قيس الكِلاعي عن معاوية بن أبي سفيان أنَ النَبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "العين وكاء السَّه، فإذا نامت العين استطلق الوكاء". 279- الحديث الثَالث: قال الدَّارَقُطْنِيُ: وثنا محمَّد بن جعفر الطَّبريَّ ثنا سليمان بن محمَّد الجنَّابي ثنا أحمد بن محمَّد بن أبي عمران الدَّورقيُ ثنا يحيى بن بسطام ثنا عمر بن هارون عن يعقوب بن عطاء عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من نام جالساً فلا وضوء عليه، ومن وضع جنبه فعليه الوضوء". 280- الحديث الرَّابع: ذكره الدَّارَقُطْنِي في كتاب " العلل " من حديث أبي هريرة عن النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَه قال: "وجب الوضوء على كل نائمٍ إلا من خفق برأسه خفقةً أو خفقتين". هذه الأحاديث فيها مقال: [أمَّا] الأوَل: ففيه الوَضين، قال السَعديَّ: هو واهي الحديث. وقال أحمد: ما كان به بأس. وفي الثَاني: أبو بكر بن أبي مريم، قال يحيى: ليس بشيءٍ. وقال مرَّةً: صدوقٌ. وفي الثَّالث: عمر بن هارون، قال يحيى: كذَّابٌ خبيثٌ، ليس حديثه بشيءٍ. وقال النَسائيُّ: متروك الحديث. وأمَّا الرَابع: فقال الدَّارَقُطِني: إنَما يروى عن ابن عبَّاسٍ قوله. ز: روى حديث علي: الإمام أحمد، وأبو داود، وابن ماجه. وابن عائذ: لم يلق عليّاً. وروى حديث معاوية: عبد الله بن أحمد وجادةً في كتاب أبيه بخطِّ يده، وقال: أظنُّه كان في المحنة قد ضرب على هذا الحديث في كتابه. ورواه البيهقيُ من رواية ابن أبي مريم مرفوعاً، ومن رواية مروان بن جناح عن عطيَّة بن قيس موقوفاً، وهو أصحُ. وسئل أحمد عن حديث علي ومعاوية في ذلك، فقال: حديث عليٍّ أثبت وأقوى. وقال عبد الرَحمن بن أبي حاتم: سألت أبي عن حديثِ رواه بقيَة [عن] الوَضين بن عطاء عن محفوظ بن علقمة عن ابن عائذ عن عليٍّ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وعن حديث أبي بكر بن أبي مريم عن عطيَّة بن قيسِ عن معاوية عن النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "العين وكاء السَّه". فقال: ليسا بقويين. وسئل أبو زرعة عن حديث ابن عائذ عن عليٍّ فقال: ابن عائذٍ عن عليٍّ مرسلٌ O.
وعنه: إذا كان لشهوة، وهو قول الشَّافعيِّ. وقال أبو حنيفة: لا ينقض. لنا: 281- ما روى الدَارَقُطْنِيُ: ثنا الحسين بن إسماعيل ثنا يوسف بن موسى ثنا جرير عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى عن معاذ ابن جبل أنَه كان قاعداً عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجاءه رجلٌ، فقال: يا رسول الله، ما تقول في رجلٍ أصاب من امرأة لا تحلُ له، فلم يدع شيئاً يصيبه الرَجل من امرأته إلا قد أصابه منها، غير أنَّه لم يجامعها. فقال له النَّبيُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "توضَّأ وضوءً حسناً ثُم قم فصل". ز: وروى هذا الحديث: الإمام أحمد والتِّرمذي والحاكم والبيهقيُ وقال: وفيه إرسالٌ، عبدُ الرَحمن بن أبي ليلى لم يدرك معاذ بن جبل. 282- وروى مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه أنه كان يقول: قبلة الرَّجل امرأته وجَسُه بيده من الملامسة، فمن قبل امرأته أو جسَّها بيده فعليه الوضوء. 283- وعن أبي عبيدة عن أبيه- هو ابن مسعودٍ- في القبلة من اللمس: وفيها الوضوء. رواهما أبو بكر الأثرم. 284- وعن الزهريَّ عن سالم عن ابن عمر أنَ عمَر بن الخطاب قال: القبلة من اللمس فتوضؤ منها. رواه الدَارَقُطْنِيُ والبيهقيُ، وهو غير محفوظِ O. احتجّوا بحديثين: 285- الحديث الأوَّل: رواه الَّترمذيَّ: ثنا قتيبة ثنا وكيع عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة عن عائشة أنَ النَبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبَّل بعض نسائه ثمَّ خرج إلى الصَلاة ولم يتوضَأ. 286- طريق آخرٌ: قال أحمد: ثنا محمَّد بن فضيل ثنا الحجاج عن عمرو بن شعيب عن زينب السَّهميَة عن عائشة قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضَّأ ثُمَّ يقبِّل ثُمَّ يصلَّي ولا يتوضَّأ. 287- طريقٌ ثالثٌ: قال الدَارَقُطنيُ: ثنا الحسن بن إسماعيل ثنا أحمد ابن بشر بن عبد الوهَاب ثنا هشام ثنا عبد الحميد ثنا الأوزاعيُ قال: حدَثني عمرو بن شعيبٍ عن زينب أنَّها سألت عائشة عن الرَّجل يقبِّل امرأته ويلمسها، أيجب عليه الوضوء؟ فقالت: لربَّما توضَّأ النَبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيقبِّلني ثم يمضي فيصلِّي ولا يتوضَّأ. 288- طريقٌ رابعٌ: قال الدَارَقُطْنيُ: وثنا الحسين بن إسماعيل ثنا يعقوب بن إبراهيم الدَورقيُ ثنا عبد الرَحمن بن مهدي عن سفيان الثَوريِّ عن أبي رَوْق عن إبراهيم التَيميِّ عن عائشة قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ، ثُمَّ يقبِّل بعد ما يتوضأ، ثُمَّ يصلِّي ولا يتوضأ. 289- طريقٌ خامسٌ: قال الدَارَقُطَّنيُ: وثنا عثمان بن أحمد الدَقَاق ثنا محمَد بن الحسن الحنينيُ ثنا جندل بن والق ثنا عبيد الله بن عمرو عن غالب عن عطاء عن عائشة قالت: ربَّما قبَّلني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ صلَّى ولا يتوضَّأ. 290- الحديث الثَاني: قال أبو حاتم ابن حِبَان: ثنا ابن قتيبة ثنا عبد العزيز بن إسحاق بن هَبار ثنا آدم بن أبي إياس ثنا ركن بن عبد الله عن مكحول عن أبي أمامة قال: قلت: يا رسول الله، الرَّجل يتوضأ للصَلاة ثُمَّ يقبِّل أهله أو يلاعبها، ينقض ذلك وضوءه؟ قال: "لا". والجواب: أمَّا الطَريق [الأوَل]- في الحديث الأوَل-: فقال الترمذيَّ: سمعت محمَد بن إسماعيل يضعِّف هذا الحديث، ويقول: حبيب لم يسمع من عروة. وضعَّفه يحيى بن سعيد أيضاً، وقال: هو شبه لا شيء. وأمَّا الطّريق الثَاني والثَّالث: ففيهما زينب، قال الدَارَقُطْنيُ: زينب هذه مجهولةٌ، فلا تقوم بها حجَة. قلت: والحجَاج مجروح أيضاً. وأمَّا الطريق الرَابع. فقال التَرمذيَّ: لا يعرف لإبراهيم سماعٌ من عائشة، وليس يصحُ عن النَبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذا الباب شيءٌ. وقال الدَارَقُطْنيُ: لم يروه عن إبراهيم غير أبي رَوْق عطيَة بن الحارث، ولا نعلم حدَّث به غير الثَوري وأبي حنيفة، واختلفا فيه: وأسنده الثَوريُّ عن عائشة، وأسنده أبو حنيفة عن حفصة، وكلاهما أرسله، وإبراهيم لم يسمع من عائشة ولا من حفصة، ولا أدرك زمانهما. قال: وقد روى هذا الحديث معاوية بن هشام عن الثَوري عن أبي رَوْق عن إبراهيم التَيميَّ عن أبيه عن عائشة فوصل إسناده، واختلف عليه في لفظه: فروى عثمان بن أبي شيبة عنه: أن النَبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقبِّل وهو صائمٌ. وقال غير عثمان: كان يقبل ولا يتوضََّأ. وقد رواه أبو سلمة خالد بن سلمة الجهنيُ فقال: (عن عبد الله بن غالب) ووهم فيه، وإنَّما أراد (غالب بن عبيد الله)، وأبو سلمة: ضعيفٌ أيضاً. وأمَّا حديث أبي أمامة: فقال ابن حِبَان: لا يحلُ الاحتجاج بركن وقال النَّسائيُ والدَارَقُطنيُ: هو متروكٌ. ز: حديث حبيب عن عروة عن عائشة: رواه الإمام أحمد وابن ماجه وقالا: عن عروة بن الزبير. ورواه أبو داود وقال: قال يحيى بن سعيد القطَان لرجل: احك عني أنَّهما شبه لا شيء. يعني هذا الحديث وحديث آخر. قال أبو داود: ورُوي عن الثَوري أنه قال: ما حدَّثنا حبيب إلا عن عروة المزنيِّ. يعني لم يحدِّثهم عن عروة بن الزبير بشيءٍ. قال: وقد روى حمزة الزَّيات عن حبيب عن عروة بن الزبير عن عائشة حديثاً صحيحاً. وحديث إبراهيم عن عائشة: رواه الإمام أحمد وأبو داود والنَّسائيُ، وقالا: إبراهيم لم يسمع من عائشة. وقال النَّسائيُ: ليس في هذا الباب أحسن من هذا الحديث، وإن كان مرسلاً. وقال النسائيُ: أنا محمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم عن شعيب عن الليث قال: أنا ابن الهاد عن عبد الرَحمن بن القاسم عن القاسم عن عائشة قالت: إن كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليصلي وإني لمعترضةٌ بين يديه اعتراض الجنازة، حتَّى إذا أراد أن يوتر مسَّني برجله. هذا إسنادٌ صحيحٌ على شرط الصَحيح. وابن الهاد هو: يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد، وقد اتفقوا على الاحتجاج به. وقد روى الإمام أحمد هذا الحديث في " مسنده " عن يونس عن الليث O.
|