الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق ***
وقال أبو حنيفة: لا ينقض. لنا تسعة أحاديث: 291- الحديث الأوَل: قال أحمد: ثنا يحيى بن سعيد عن هشام بن عروة عن أبيه عن بُسرة بنت صفوان أن النَّبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من مسَّ ذكره فلا يصلِّي حتَّى يتوضَّأ". هذا إسنادٌ لا مطعن فيه. قال التِّرمذيُّ: هذا حديثٌ صحيحٌ. وقال البخاريُّ: هو أصحُ شيءٍ في هذا الباب. 292- الحديث الثَاني: قال أحمد: وثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق قال: حدَثني محمَد بن مسلم الزهريَّ عن عروة بن الزبير عن زيد بن خالد الجهنيَّ قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "من مسَّ فرجه فليتوضأ". 293- الحديث الثَّالث: قال أحمد: وثنا عبد الجبار بن محمَّد الخطَابي ثنا بقية ثنا محمَد بن الوليد الزُّبيديُّ عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "أيما رجل مسَّ فرجه فليتوضَّأ، وأيُّما امرأة مست فرجها فلتتوضَّأ". 294- الحديث الرَابع: قال الدارَقُطنيى: ثنا محمَد بن [مخلد] ثنا عثمان بن معبد بن نوح ثنا إسحاق بن محمد الفرويَّ ثنا عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من مسَّ ذكره فليتوضأ وضوءه للصَّلاة". 295- الحديث الخامس: قال الدَّارَقُطنِي: وثنا [] عثمان بن أحمد الدَقَاق ثنا الحسن بن سلام السواق ثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي ثنا يزيد بن عبد الملك بن المغيرة النوفليُّ عن سعيد بن أبي سعيد المقبُريِّ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه حتَّى لا يكون بينه وبينه حجاب ولا ستر فليتوضأ وضوءه للصَّلاة". 296- الحديث السَادس: قال الدَارَقُطَّني: وثنا محمد بن مخلد ثنا حمزة ابن العبَّاس المروزيُّ ثنا عتيق بن يعقوب حدَثني عبد الرَحمن بن عبد الله بن عمر ابن حفص العُمريَّ عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "ويل للذين يمسون فروجهم، ثُم يصلون ولا يتوضَّؤون". قالت عائشة: بأبي وأمِّي هذا للرجال، أفرأيت النساء؟ قال: "إذا مسَّت إحداكن فرجها فلتتوضأ للصَّلاة". 297- الحديث السَّابع: أنبأنا محمَّد بن، عبد الباقي أنبأنا إبراهيم بن عمر البرمكيُّ عن عبد العزيز بن جعفر ثنا أحمد ثنا محمَّد بن عوف ثنا مروان ثنا الهيثم ابن جميل ثنا الأوزاعيُ ثنا العلاء بن الحارث عن مكحول عن عنبسة بن أبي سفيان عن أم حبيبة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من مسَّ ذكره فليتوضَّأ". 298- الحديث الثَامن: قال ابن ماجه: ثنا إبراهيم بن المنذر الحزاميُ ثنا معن بن عيسى عن ابن أبي ذئب عن عقبة بن عبد الرَحمن عن محمَّد بن عبد الرَحمن بن ثوبان عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا مسَّ أحدكم ذكره فعليه الوضوء". 299- الحديث التَّاسع: قال ابن ماجه: ثنا سفيان بن وكيع ثنا عبد السَّلام بن حرب عن إسحاق بن أبي فروة عن الزهري عن عبد الرَّحمن بن عبدِ القاريّ عن أبي أيوب قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "من مسَّ فرجه فليتوضأ". قال الخصم: كلُّ هذه الأحاديث مطعونٌ فيها: أمَّا الأول فقالوا: لم يسمعه عروة من بُسرة، إنَّما سمعه من مروان: 300- فروى الترمذيَّ: ثنا إسحاق بن منصور أنا أبو أسامة عن هشام ابن عروة عن أبيه عن مروان عن بُسرة عن النَبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك. 310- وروى أحمد: ثنا إسماعيل بن عليَّة ثنا عبد الله بن أبي بكر قال: سمعت عروة بن الزبير يحدث أبي قال: ذاكرني مروان مسَّ الذَكر، فقلت: ليس فيه الوضوء. فقال: فإن بسرة بنت صفوان تحدث فيه. فأرسل إليها رسولاً، فذكر الرَسول أنَّها تحدث أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من مسَّ ذكره فليتوضأ". وقال إبراهيم الحربيُّ: حديث بُسرة يرويه شرطيٌ عن شرطيٍّ عن امرأة. وذكر الدَّارَقُطْنِيُ أنَ عليَّ بن المديني قال: أرسل مروان شرطيَّاً إلى بُسرة حتَّى ردَّ إليه جوابها. وذكروا عن يحيى بن معين أنَّه قال: ثلاثة أحاديث لا تصحُ: حديث مسِّ الذَّكر، و " لا نكاح إلا بوليٍّ " و " كل مسكرٍ حرامٌ". وأمَا الحديث الثَاني: فإنَّ مالكاً قد قدح في ابن إسحاق. وأمَا الثَالث: فإنَ بقيَة كان مدلِّساً عن الضُعفاء، فلا يوثق بحديثه؛ ثمَّ عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه مرسلٌ، والمراسيل ليست بحجَةٍ. وأمَا الرَابع والتاسع: ففيهما إسحاق الفرويَّ، قال النَّسائيُ: ليس بثقةٍ. وفي الرَّابع: عبد الله بن عمر، وقد ضعَّفه يحيى، وقال النَسائيُ: ليس بالقوي. وقال ابن حِبَّان: غلب عليه التَعبُد فغفل عن الحفظ، فوقعت المناكير في روايته، فلمَّا فحش خطؤه استحقَّ التَّرك. وأمَّا الخامس: ففيه يزيد بن عبد الملك، قال أحمد: عنده مناكير. وقال يحيى والدَارَقُطْنِيُ: ضعيفٌ. وقال أبو حاتم الرَازيَّ: منكر الحديث جدا. وقال النَسائي: متروك الحديث. وأمَا السَادس: ففيه عبد الرَّحمن العمريَّ، قال أحمد: ليس يساوي حديثه شيئاً، خرقناه، كان كذَّاباً. وقال يحيى: ليس بشيءٍ. وقال أبو حاتم اْلرَازيَّ: متروك الحديث، كان يكذب. وقال النَساْئُي. وأبو زرعة والدَارَقُطْنِيُ: متروكٌ. وأمَّا السَابع: فقال التَّرمذيُّ: قال البخاريَّ: مكحول لم يسمع من عنبسة. قال: وكأنَّه لم ير هذا الحديث صحيحاً. وقد ذكر محمَد بن سعد أن العلماء ضعَّفوا مكحولاً. وأمَّا الثَامن: فقال البخاريَّ: إنَما روى عقبة عن ابن ثوبان هذا الحديث مرسلاً عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: وقال بعضهم: عن جابر، ولا يصحُ. وأمَّا التَاسع: ففيه إسحاق الفرويُّ، وقد سبق جرحه. والجواب: أمَا الحديث الأوَل: فقد حكم بصحته الترمذيَّ، وإسناده صحيحٌ، ومن الممكن أن يقال: إن عروة حين سمعه عن بُسرة لم يكن سمعه منها، ثمَّ سمعه منها، يدلُ على هذا: أنَّ الدَارَقُطْنِيُ روى في " كتابه " عن عروة، قال بعد أن حدَثه مروان: فسألت بُسرة بعد ذلك فصدَّقته. وأمَّا ابن إسحاق: فقد وثَقه يحيى، وقال شعبة: هو صدوق وبقيَة: قد أخرج عنه مسلمٌ في " صحيحه". وما زال العلماء يحتجُون بحديث عمرو بن شعيبٍ عن أبيه عن جدِّه، وإذا كان جدُه عبد الله لم يكن الحديث مرسلاً، لأنَه قد سمع شعيبٌ منه، ثمَّ المراسيل عندنا حجَّة. وأمَا عبد الله بن عمر: فقد قال يحيى- في روايةٍ-: ليس به بأس. ويمكن أن نطالب بسبب التَّضعيف في حقِّ الكلِّ، فإنَّ [المحدِّثين] يضعِّفون بما ليس [بتضعيفٍ] عند الفقهاء. وما حكوه عن الحربيِّ فبعيدٌ، لأنَ قوله: (عن امرأة) يدلُ على وهنٍ وليس في الصّحابيات مغمز. وكذلك ما حكوا عن يحيى، فإنَه لا يثبت، وقد كان مذهبه: انتقاض الوضوء بمسِّ الذَّكر، وكان يحتجُ بحديث بُسرة- كذلك رواه الدَارَقُطْنِيُ عنه-، وروى عنه عبد الملك الميمونيُ أنَّه قال: إنَّما يطعن في حديث بُسرة من لا يذهب إليه! والاعتماد من هذه الأحاديث على حديث بُسرة. ز: حديث بُسرة: رواه أيضاً: أبو داود وابن ماجه والنَّسائيُ وأبو حاتم ابن حِبَّان في " صحيحه". وقال النَسائيُ: هشام بن عروة لم يسمع من أبيه هذا الحديث. وقال الإمام أحمد: قال شعبة: لم يسمع هشام حديث أبيه في مسِّ الذَّكر. قال يحيى: فسألت هشاماً، فقال: (أخبرني أبي). ورواه ابن أبي فديك عن ربيعة بن عثمان عن هشام بن عروة عن أبيه عن مروان عن بُسرة. فذكر الحديث، قال عروة: فسألت بُسرة فصدَّقته. فقد صحَّ سماع عروة من بُسرة، وسماع هشام من أبيه. وقال الشافعيُ: قد روينا [قولنا] عن غير بُسرة عن النَبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والذي يعيب علينا الرِّواية عن بُسرة يروي عن عائشة بنت عجرد وأمِّ خداش وعِدَةٌ من النساء لسن بمعروفات في العامَّة، ويحتجُ بروايتهن، ويضعِّف بُسرة مع سابقتها وقديم هجرتها وصحبتها النَبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! وقد حُدِّث بهذا في دار المهاجرين والأنصار- وهم متوافرون- ولم يدفعه منهم أحدٌ، بل علمنا بعضهم صار إليه عن روايتها، منهم: عروة بن الزبير، وقد دفع وأنكر الوضوء من مسِّ الذَّكر قبل أن يسمع الخبر، فلمَّا علم أنَّ بُسرة روته قال به وترك قوله، وسمعها ابن عمر تحدِّث به فلم يزل يتوضَأ من مسِّ الذَّكر حتَّى. مات، وهذه طريقة الفقه والعلم. وقال عبد الرَحمن بن أبي حاتم: سألت أبي عن حديثِ رواه عبد الرَزاق وأبو قُرَة موسى بن طارق عن ابن جريج عن عبد الله بن أبي بكر عن الزهري عن عروة عن بُسرة وزيد بن خالد عن النَبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مسَّ الذَّكر. قال أبي: أخشى أن يكون ابن جريج أخذا هذا الحديث من إبراهيم بن أبي يحيى، لأنَّ أبا جعفر ثنا قال: سمعت إبراهيم بن أبي يحيى يقول: جاءني ابن جريجٍ بكتبٍ مثل هذا- خفض يده اليسرى ورفع يده اليمنى مقدار بضعة عشر جزءً-، فقال: أروي هذا عنك؟ قال: نعم. وقال أيضاً: سألت أبي عن حديثٍ رواه حسن الحُلوانيُ عن عبد الصَّمد ابن عبد الوارث عن أبيه عن حسين العلَّم عن يحيى بن أبي كثير عن المهاجر بن عكرمة عن الزهري عن عروة عن عائشة عن النَبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من مسَّ ذكره فليتوضَّأ". ورواه شعيب بن إسحاق عن هشام عن يحيى عن عروة عن عائشة عن النَبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من مسَ ذكره في الصَلاة فليتوضَّأ". قال أبي: هذا حديثٌ ضعيفٌ، لم يسمعه يحيى من الزهري، وأدخل بينهم رجلاً ليس بالمشهور، ولا أعلم أحداً روى عنه إلا يحيى، وإنَّما يرويه الزُّهريَّ عن عبد الله بن أبي بكر عن عروة عن مروان عن بُسرة عن النَبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولو أنَ عروة سمع من عائشة لم يدخل بينهما أحداً! وهذا يدلُ على وهن الحديث. وقال أيضاً: سألت أبي عن حديثٍ رواه الوليد بن مسلم عن عبد الرَحمن ابن نمر اليحصبيّ عن الزهريّ عن عروة عن مروان عن بُسرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه كان يأمر بالوضوء من مسِّ الذَّكر، والمرأة مثل ذلك. فقال أبي: هذا حديثٌ وهم فيه في موضعين: أحدهما: أنَّ الزهريَّ يرويه عن عبد الله بن أبي بكر، وليس في الحديث ذكر المرأة. قلت لأبي: فحديث أمِّ حبيبة عن النَبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في من مسَّ ذكره فليتوضَّأ؟ قال: روى ابن لهيعة في هذا الحديث ما يوهن هذا الحديث، أو تدلُ روايته أنَّ مكحولاً أدخل بينه وبين عنبسة رجلاً. وروى أبو بكر الرَازيُّ عن أبي الحسن الكرخيّ عن أبي عون الفرائضي قال: سمعت عبَّاساً الدُوريَّ قال: سمعت يحيى بن معين يقول: ثلاثة أحاديث لا تصح عن النَبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كلُّ مسكرٍ حرامٌ"، و " لا نكاح إلا بوليّ"، و " من مسنَ ذكره فليتوضأ". قال العبَّاس: فذكرته لأحمد فقال: يصحُ في مسِّ الذَّكر. : حديث مكحول عن عنبسة. قال: فجئت إلى يحيى فذكرت ذلك له، فقال: مكحول لم ير عنبسة. وقد روي نحو هذا عن يحيى من وجهٍ آخر، وفي صحته نظرٌ. وحديث زيد بن خالد: غلط فيه ابن إسحاق، وصوابه: (عن بسرة) بدل: زيد. وحديث عمرو بن شعيب كن أبيه عن جده: إسناده قويٌّ، لكن قد اختلف فيه على عمرو. وحديث ابن عمر: في إسناده إسحاق بن محمَّد الفرويَّ، وهو غير إسحاق بن عبد الله بن أبي فَروة الذي في حديث أبي أيُّوب، وظنّهما المؤلِّف واحداً، وهو وهمٌ. فأمَّا إسحاق بن محمَد: فروى عنه البخاريَّ في " صحيحه "، ووهَّاه أبو داود، وقال النسائيُ: ليس بثقةٍ. وقال أبو حاتم: كان صدوقاً، ولكن ذهب بصره فربَّما لقِّن، وكتبه صحيحة. ووثَّقه ابن حِبَّان. وأمَا إسحاق بن عبد الله بن أبي فروه: فهو متروكٌ باتفاقهم، وقد اتهمه بعضهم. وأمَّا حديث أبي هريرة: فقد ذكر عبد الحقِّ الحافظ الأزديُّ المغربيُّ- في كتاب " الأحكام " له- عن أبي عمر ابن عبد البِّر: أنَّ أصبغ بن الفرج رواه عن ابن القاسم عن نافع بن أبي نعيم ويزيد بن عبد الملك جميعاً عن سعيد بن أبي سعيد، قال: فصحَّ الحديث بنقل العدل عن العدل على ما قال ابن السَّكن، إلا أنَّ أحمد بن حنبل كان لا يرضى نافع بن أبي نعيم، وخالفه يحيى بن معين فقال: هو ثقة. 302- أخبرنا بالحديث الحافظ أبو الحجَّاج: أنا ابن الدَّرجيّ أخبرتنا عفيفة بنت أحمد إجازةً أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله أنا ابن ريذَه أنا الطَّبرانيُّ ثنا أحمد بن عبد الله بن العبَّاس الطائيُّ البغداديُّ ثنا أحمد بن سعيد الهمدانيُّ ثنا أصبغ بن الفرج ثنا عبد الرَّحمن بن القاسم عن نافع بن أبي نعيم ويزيد ابن عبد الملك النوفليِّ عن سعيد المقبريَّ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه ليس دونها حجابٌ فقد وجب عليه الوضوء". وقال الطَّبرانيُ: لم يروه عن نافع إلا عبد الرَحمن بن القاسم الفقيه المصريَّ، ولا عن عبد الرَحمن إلا أصبغ، تفرَّد به أحمد بن سعيد. ورواه أبو حاتم ابن حِبَّان في " صحيحه " والحاكم وصححه. وأمَّا حديث أمِّ حبيبة: فرواه ابن ماجه. وروي عن الإمام أحمد أَنه قال: حديث أم حبيبة حديثٌ صحيحٌ. وكذلك قال أبو زرعة الرَازيَّ فيما حكى عنه التِّرمذيَّ. وأمَا حديث جابر: فرواه أبو بكر الأثرم أيضاً، ولفظه: "من مسَّ ذكره فليتوضأ". وخطَأ أبو حاتم الرَازيَّ من وصله، وقال: النَّاس يروونه عن ابن ثوبان عن النَبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلاَ، لا يذكرون جابراً. وقال الشافعيُ: سمعت غير واحدٍ من الحفَاظ يروونه لا يذكرون جابراً. 303- وقد روي عن قيس بن طلق عن أبيه طلق بن عليٍّ عن النَبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من مسَّ فرجه فليتوضَّأ". رواه الطَبرانيُ وصحَحه، وهو حديثٌ غريبٌ، وفي إسناده حمَّاد بن محمَد الحنفيُ وأيُوب بن عتبة وهما ضعيفان. وممن قال بنقض الوضوء من مسَّ الذكر: عمر وابن عمر وابن عبَّاس وأنس، حكاه عنهم أحمد. وسعد بن أبي وقَاص وأبو هريرة، حكاه الخطَّابي عنهما. وزيد بن خالد الجهنيُ والبراء بن عازب وجابر بن عبد الله، حكاه ابن عبد البِّر عنهم. وروي عن عائشة. وقال البيهقيُ: أنا أبو عبد الله الحافظ حدَثني أبو بكر محمد بن عبد الله الجراحيُ العدل الحافظ بمرو ثنا عبد الله بن يحيى القاضي السَّرخسيُ ثنا رجاء بن مُرجَّى الحافظ قال: اجتمعنا في مسجد الخيف أنا وأحمد بن حنبل وابن المدينيِّ وابن معينٍ، فتناظروا في مسِّ الذَكر، فقال ابن معين: يتوضأ منه. وتقلَد ابن المدينيَّ قول الكوفيين وقال به، فاحتجَ ابن معينٍ بحديث بُسرة، واحتجَّ ابن المديني بحديث قيس بن طلق، وقال ليحيى: كيف تتقلَّد إسناد بُسرة، ومروان أرسل شرطيّاً حتَّى ردَ جوابها إليه؟! فقال يحيى: ثمَّ لم يقنع ذلك عروة، حتَّى أتاها فسألها وشافهته بالحديث. ثم قال يحيى: ولقد أكثر النَّاس في قيس وأنَّه لا يحتجُ بحديثه. فقال أحمد: كلا الأمرين على ما قلتما. فقال يحيى: مالك عن نافع عن ابن عمر: يتوضأ من مسِّ الذَكر. فقال عليٌّ: كان ابن مسعود يقول: لا يتوضَّأ منه، وإنَّما هو بضعة من جسدك. فقال: [يحيى]: هذا عمن؟ فقال عليٌّ: عن سفيان عن أبي قيس عن هزيل عن عبد الله، وإذا اجتمع ابن مسعود وابن عمر فاختلفا فابن مسعود أولى أن يتبع. فقال [له أحمد بن حنبل]: نعم، ولكن أبو قيس الأودي لا يحتجُ بحديثه. فقال عليٌ: حدَثني أبو نعيم ثنا مسعر عن عمير بن سعيد عن عمَّار قال: ما أبالي مسسته أو أنفي. فقال يحيى: بين عمير وعمَّار مفازة! وروي عن ابن المديني ما يدلُ على أنه رجع إلى حديث بُسرة. وقال صاعقة: قال عليُ بن المديني: اجتمع سفيان وابن جريج فتذاكرا مسَّ الذَّكر، فقال ابن جريج: يتوضَّأ منه، فقال سفيان: لا يتوضَّأ منه، أرأيت لو أمسك بيده منيّاً ما كان عليه؟ قال ابن جريج: يغسل يده. فقال: أيُّهما أكثر المنيّ أو مسُّ الذَّكر؟! فقال: ما ألقاها على لسانك إلا الشَّيطان O. قال المؤلف: وللخصم ثلاثة أحاديث: 304- الحديث الأوَّل: قال أحمد: ثنا حمَّاد بن خالد ثنا أيُّوب بن عتبة اليماميُ عن قيس بن طلق عن أبيه قال: جاء رجلٌ إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسأله عن مسِّ الذكر، فقال: يا رسول الله، أيتوضأ أحدنا من مسِّ ذكره؟ فقال: "هل هو إلا بضعةٌ منك؟!". ورواه ابن عَدي عن محمَد بن يحيى بن سليمان عن عاصم بن عليًّ عن أيُّوب بن عتبة. 305- طريقٌ ثانٍ: قال أحمد: ثنا موسى بن داود ثنا محمَد بن جابر عن قيس بن طلق عن أبيه قال: كنت جالساً عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسأله رجلٌ فقال: مسست ذكري- أو: الرَّجل يمسُّ ذكره في الصَلاة عليه الوضوء؟- قال: "لا، إنَّما هو منك". 306- طريقٌ ثالثٌ: قال ابن عَديٍّ: ثنا محمَّد بن خريم الدمشقيُ ثنا هشام بن عمَّار ثنا سعيد بن يحيى ثنا عبد الحميد بن جعفر عن أيُوب بن محمَد العجليَّ عن قيس بن طلق- أو: طلق بن قيس- الحنفيَّ عن أبيه أَنَّه سأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن مسِّ فرجه، فقال: "إنَّما هو بضعةٌ منك". 307- طريقٌ رابعٌ: أنا محمد بن أبي طاهر البزَّار أنا أبو يعلى محمَد بن الحسين أنا عليُ بن عمر بن شاذان أنا حامد بن بلال ثنا محمَّد بن عبد الله البخاريَّ ثنا عيسى بن موسى غنجاز عن [غياث] بن إبراهيم عن محمَّد بن جابر الحنفيَّ عن قيس بن طلق عن أبيه قال: سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن مسِّ الذَكر، فقال: "إنَّما هو بضعةٌ منك". 308- طريقٌ خامسٌ: قال الترمذيُ: ثنا هنَّاد ثنا ملازم بن عمرو عن عبد الله بن بدر عن قيس بن طلق بن عليٍّ عن أبيه عن النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه قال: "وهل هو إلا مضغةٌ منك- أو: بضعةٌ منه-". 309- الحديث الثَاني: قال ابن عَدِي: أنا أبو يعلى ثنا كامل بن طلحة ثنا حمَّاد بن سلمة عن جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة أنَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إنَّما هو حِذية منك". يعني مسَّ الذَّكر. 310- الحديث الثَالث: قال الدَارَقُطْنيُ: أنا محمَد بن أحمد بن عمرو أنا أحمد بن محمَّد بن رشدين ثنا سعيد بن عفير ثنا الفضل بن المختار عن الصَّلت ابن دينار عن عصمة بن مالك الخطميَّ- وكان من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنَ رجلاً قال: يا رسول الله، إني احتككت في الصَلاة فأصابت يدي فرجي؟ فقال النَبيُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وأنا أفعل ذلك". هذه الأحاديث الثَّلاثة ضعاف: أمَّا الأوَل: ففي طريقه الأوَل: أيُوب بن عتبة، قال يحيى بن معينٍ: ليس بشيءٍ. وقال النَسائيُ: مضطرب الحديث. وأمَا الثَاني: ففيه محمَد بن جابر، قال يحيى: ليس بشيءٍ. وقال الفلاَّس: متروك الحديث. وقال ابن حِبَان: كان يُلحق في كتبه ما ليس من حديثه، ويسرق ما ذُوكر به فيحدث به. وفي الطَريق الثَالث: العجليُ، وقد ضعَّفه يحيى بن معينٍ؛ وفيه: عبد الحميد، قال الثَوريَّ: هو ضعيفٌ. وفي الطَريق الرابع: غياث بن إبراهيم، قال أحمد والبخاريَّ والدَارَقُطْنِيُ: هو متروكٌ. وقال يحيى: كان كذَّاباً. وقال ابن حِبَان: يضع الحديث. وقد سبق ذكر محمَّد بن جابر. وأمَا قيس بن طلق: فقد ضعَّفه أحمد ويحيى، وقال أبو حاتم الرَازيَّ وأبو زرعة: قيسٌ لا تقوم به حجَّة. وقد ادَّعى أصحابنا- على تقدير صحَّة هذا الحديث- أنَه منسوخٌ، وقالوا: لأنَّه كان في أوَّل الهجرة، وأحاديثنا متأخرة، إذ من جملة رواتها أبو هريرة وإسلامه متأخر. 311- قال الدَارَقُطْنيُ: ثنا إسماعيل بن يونس ثنا إسحاق بن أبي إسرائيل ثنا محمَد بن جابر عن قيس بن طلق عن أبيه قال: أتيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهم يؤسسون مسجد المدينة، وهم ينقلون الحجارة، فقلت: يا رسول الله، ألا ننقل كما ينقلون؟ قال: "لا، ولكن اخلط لهم الطَّين يا أخا اليمامة فأنت أعلم به". قال: فجعلت أخلطه وينقلونه. وأمَّا حديثهم الثَاني: ففيه القاسم، قال ابن حِبَان: كان يروي عن أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المعضلات. وفيه جعفر بن الزبير، قال شعبة: كان يكذب. وقال البخاريَّ والنَّسائيُّ والدَارَقُطني: متروكٌ. وأمَّا الحديث الثَّالث: ففيه الصَّلت، كان شعبة يتكلَّم فيه، وقال أحمد والفلاّس والدارَقُطنِي: ليس بالقويِّ. وفي رواية عن أحمد قال: ترك النَّاس حديثه. وفيه الفضل بن المختار، قال ابن عَدِيٍّ: له أحاديث منكرة. وقال أبو حاتم الرَّازيُّ: هو مجهولٌ، وأحاديثه منكرةٌ، يحدث بالأباطيل. ز: وروى حديث قيس بن طلق عن أبيه: أبو داود وابن ماجه والنَّسائيُّ وأبو حاتم ابن حِبَان. وقال التّرمذيُّ: هو أحسن شيءٍ روي في هذا الباب. وقال الشَّافعيُّ: قد سألنا عن قيس فلم نجد من يعرفه بما يكون لنا قبول خبره، وقد عارضه من وصفنا ثقته ورجاحته في الحديث وثبته. وقال الطَّحاويُّ: حديث ملازم مستقيم الإسناد غير مضطرب في إسناده ولا في متنه، فهو أولى عندنا مما رويناه أولاً من الآثار المضطربة في أسانيدها، ولقد حدَّثني ابن أبي عمران قال: سمعت عبَّاس بن عبد العظيم العنبريُّ يقول: سمعت عليَّ بن المدينيٌ يقول: حديث ملازم هذا أحسن من حديث بسرة. وروى حديث أبي أمامة: ابن ماجه في " سننه". وحديث عصمة بن مالك: يرويه الفضل بن المختار عن عبيد الله بن موهب عنه- لا عن الصَّلت-، ولو نقله المؤلّف من كتاب الدَّارَقُطنيٌ ولم يتصرَّف فيه لم يقع له الوهم فيه، والله أعلم. وممن قال بعدم النَّقض من مسِّ الذَكر: عليٌّ وابن مسعودِ وعمَّار وأبو الدَّرداءَ وحذيفةُ وعمرانُ بنُ حصينٍ. وروي أيضاً عن سعد بن أبي، وقَّاصٍ وابن عبَّاسِ وأبي هريرة O.
وقال مالك والشَّافعيُّ: لا ينقض. وقال أبو حنيفة في القيء كقولنا، وفي الدُّود كقولهم، وفي سائر الأشياء ينقض بكلِّ حالٍ. لنا عشرة أحاديث: 312- الأوَّل: قال التِّرمذيُّ: ثنا هنَّاد ثنا أبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حُبيش إلى النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: يا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إني امرأة أستحاض فلا أطهر أفأدع الصَّلاة؟ قال: "لا، [] إنَّما ذلك عرق وليست بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصَّلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدَّم وتوضَّئي لكلَّ صلاة حتَّى يجيء ذلك الوقت". أخرجاه. قالوا: قال اللالكائيُّ: قوله: "وتوضَّئي لكل صلاةٍ" من قول عروة، وهكذا أخرج في " الصَّحيحين ": قال هشام: قال أبي: ثم توضَّئي لكل صلاةٍ حتَّى يجيء ذلك الوقت. قلنا: قد ذكره الترمذيَّ كما رويناه، وحكم بصحته ثمَّ لا يمكن أن يقول هذا عروة من قبل نفسه، إذ لو قاله هو كان لفظه: ثمَّ تتوضَّأ لكلِّ صلاةٍ. فلما قال: (توضَّئي). شاكل ما قبله. ز: قوله: (في الصَّحيحين) وهمٌ، وصوابه في " الصّحيح"، فإنَّ مسلماً لم يخرجه بل أخرجه البخاريَّ وحده، وقد تكلَّمنا على هذا الحديث وذكرنا ما علِّل به في مكانٍ آخرO. 313- الحديث الثَاني: قال أحمد: ثنا عبد الصَمد بن عبد الوارث حدَثني أبي عن حسين المعلم عن يحيى بن أبي كثير حدَثني الأوزاعيُ عن يعيش ابن الوليد المخزومي عن أبيه عن معدان بن أبي طلحة عن أبي الدَّرداء أنَّ النَبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قاء فتوضَّأ. فلقيت ثوبان في مسجد دمشق، فذكرت له ذلك فقال: صدق، أنا صببت له وَضوءه. قالوا: قد اضطربوا في هذا الحديث، فرواه: معمر عن يحيى بن أبي كثير عن يعيش عن خالد بن معدان عن أبي الدَّرداء، ولم يذكر فيه الأوزاعي. فالجواب: أنَّ اضطراب بعض الرُواة لا يؤثر في ضبط غيره. قال الأثرم: قلت لأحمد: قد اضطربوا في هذا الحديث، فقال: حسين المعلم يجوِّده. وقال الترمذيَّ: حديث حسين أصحُ شيءَ في هذا الباب. ز: ورواه أبو داود والنَسائيُ والحاكم- وقال: على شرطهما- والبيهقيُ- وتكلَم فيه- والترمذيَّ وقال: وقد جوَّد حسين المعلم هذا الحديث، وحديث حسين أصحُ شيءٍ في هذا الباب. وروى معمر هذا الحديث عن يحيى بن أبي كثير فأخطأ فيه، فقال: (عن يعيش بن الوليد عن خالد بن معدان عن أبي الدَّرداء) ولم يذكر فيه (الأوزاعي)، وقال: (عن خالد بن معدان)، وإنما هو (معدان بن أبي طلحة) O. 314- الحديث الثَالث: قال الدَارَقُطْنيُ: ثنا البغويَّ أنَ داود بن رُشيد حدَثهم ثنا إسماعيل بن عيَّاش حدَثني عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج عن أبيه وعن عبد الله بن أبي مليكة عن عائشة أنَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا قاء أحدكم في صلاته أو قلس، فلينصرف فليتوضأ، ثمَّ ليبن على ما مضى من صلاته ما لم يتكلَّم". قالوا: قال الدَارَقُطْنيُ: الحفاظ من أصحاب ابن جريجِ يروونه عن ابن جريجِ عن أبيه عن النَبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلاَ. وأمَّا حديثه عن ابن أبي مليكة عن عائشة الذي يرويه إسماعيل بن عيَّاش: فقال أبو حاتم الرَازيَّ: ليس بشيء، وإنَّما يرويه ابن أبي مليكة عن النَبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قلنا: قد قال يحيى بن معين: إسماعيل بن عيَّاش ثقة. والزيادة من الثِّقة مقبولةٌ، والمرسل عندنا حجَةٌ. ز: الصَحيح أنَ هذا الحديث مرسل، قال الدَّارَقُطْنيُ: قال لنا أبو بكر- يعني: النَّيسابوريَّ-: سمعتُ محمَد بنَ يحيى يقول: هذا هو الصَحيح عن ابن جريج مرسل، فأمَّا حديث ابن أبي مليكة عن عائشة الذي يرويه إسماعيل بن عيَّاش فليس بشيءٍ. 315- وقد رواه ابن ماجه: عن محمد بن يحيى عن الهيثم بن خارجة عن إسماعيل بن عيَّاش عن ابن جريجٍ عن ابن أبي مليكة عن عائشة مرفوعاً، ولفظه: "من أصابه قيء أو رعاف أو قلس أو مذي فلينصرف فليتوضأ، ثمَّ ليبن على صلاته وهو في ذلك لا يتكلَّم". وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سألت أبي عن حديثِ رواه إسماعيل بن عيَّاش عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن عائشة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا قاء أحدكم في صلاته أو رعف أو قلس فليتوضَّأ، وليبن على ما صلَّى ما لم يتكلم". قال أبي: هذا خطأٌ، إنَّما [يروونه] عن ابن جريج عن أبيه عن ابن أبي مليكة عن النَبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلاً، والحديث هذا. وقال ابن عَدِي: ثنا ابن أبي عصمة ثنا أبو طالب قال: سألت أحمد بن حنبل عن حديث ابن عيَّاشِ عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن عائشة أنَ النَّبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من قاء أو رعف أو أحَدث في صلاته فليذهب فليتوضَّأ ثم ليبن على صلاته". فقال: هكذا رواه ابن عيَّاش، إنَّما رواه ابن جريج قال: (عن أبي) إنَّما هو عن أبيه- ولم يسمعه من أبيه- ليس فيه عائشة ولا النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقال البيهقي: قال الشافعي في حديث ابن جريجِ عن أبيه: ليست هذه الرِّواية بثابتةٍ عن النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال البيهقيُ: وهذا الحديث أحد ما أنكر على إسماعيل بن عيَّاش، والمحفوظ ما رواه الجماعة عن ابن جريج عن أبيه عن النَبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلاً. كذلك رواه: محمَد عبد الله الأنصاريَّ وأبو عاصم النَّبيل وعبد الرَزاق وعبد الوهاب بن عطاءٍ وغيرهم عن ابن جريج. وأمَّا حديث ابن أبي مليكة عن عائشة: فإنما يرويه إسماعيل بن عيَّاش وسليمان بن أرقم عن ابن جريجٍ، وسليمان بن أرقم: متروكٌ. وما يرويه إسماعيل بن عيَّاش عن غير أهل الشَام: ضعيف لا يوثق به. وروي عن إسماعيل عن عبَّاد بن كثير وعطاء بن عجلان عن ابن أبي مليكة عن عائشة. وعبَّاد وعطاء- هذا-: ضعيفان O. 316- الحديث الرَابع: قال الدَارَقُطْنيُ: ثنا محمَد بن نوح الجنديسابوريَّ ثنا محمَد بن إسماعيل الأحمسيُ ثنا الحسن بن علي الرزاز أنا محمَد بن الفضل عن أبيه عن ميمون بن مهران عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النَبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "ليس في القطرة ولا في القطرتين من الدَّم وضوءٌ إلا أن يكون دماً سائلاً". قالوا: قد رواه حجَاج بن نُصير عن محمَد بن الفضل عن أبيه عن ميمون عن أبي هريرة- ولم يذكر سعيداً-. وكلا الطَّريقين عن محمَد بن الفضل بن عطيَّة، قال أحمد: ليس حديثه بشيءٍ، حديثه حديث أهل الكذب. وقال يحيى: كان كذَّاباً. وقال الفلاَّس والنَسائيُ: متروك الحديث. وقال ابن حِبَان: يروي الموضوعات عن الأثبات، لا يحل كتب حديثه إلا على سبيل الاعتبار. 317- الحديث الخامس: قال الدَارَقُطْنِيُ: ثنا أحمد بن سلمان قال: قرئ على أحمد بن ملاعب وأنا أسمع: ثنا عمرو بن عون ثنا أبو بكر الداهِرِيَّ عن حجَاج عن الزهري عن عطاء بن يزيد عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من رعف في صلاته فليرجع فليتوضأ، وليبن على صلاته". وفي لفظٍ آخر: "إذا قاء أحدكم أو رعف وهو في الصَّلاة أو أحدث فلينصرف، فليتوضَّأ، ثمَّ ليجئ فليبن على ما مضى". هذا الحديث لا يثبت. قال أحمد: أبو بكر الداهِريَّ يروي أحاديث مناكير، ليس هو بشيءٍ. وقال يحيى وعليٌ: ليس بشيءٍ. وقال السعديَّ: كذَابٌ مصرِّح. وقال ابن حِبَّان: يضع الحديث على الثِّقات. 318- الحديث السَّادس: قال الدارَقُطنِي: ثنا القاضي الحسين بن إسماعيل ثنا أحمد بن منصور ثنا إسحاق بن منصور ثنا هُريم عن عمرو القرشي عن أبي هاشم عن زاذان عن سلمان قال: رآني النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد سال من أنفي دمٌ، فقال: "أحدث لما حدث وضوءاً". وهذا لا يصح، عمرو القرشي- هذا-: أبو خالد الواسطيُّ، كذَّبه أحمد ويحيى، وقال وكيع: كان في جوارنا يضع الحديث، فلمَّا فطن له تحول إلى واسط. وكذلك قال ابن راهويه وأبو زرعة: كان يضع الحديث. 319- الحديث السَّابع: قال الدارَقُطْني: ثنا الحسن بن الخضر ثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس ثنا عمران بن موسى ثنا عمر بن رياح ثنا عبد الله ابن طاوس عن أبيه عن ابن عبَّاس قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا رعف في صلاته توضأ ثمَّ بنى على صلاته. وهذا لا يصح، قال الفلاَّس: عمر بن رياح: دجَّال. وقال الدَّارَقُطْنيُ: متروكٌ. وقال ابن حِبَّان: يروي الموضوعات عن الثقات، لا يحل، كتب حديثه إلا على التَّعجُب. 320- الحديث الثَامن: قال الدَّارَقُطْنيُ: ثنا محمَّد بن أحمد بن عمرو ثنا محمَّد بن عمرو بن خالد ثنا أبي ثنا محمَّد بن سلمة عن ابن أرقم عن عطاء عن ابن عبَّاس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا رعف أحدكم في صلاته فلينصرف فليغسل عنَّه الدَّم، ثمَّ ليُعد وضوءه، وليستقبل صلاته". سليمان بن أرقم: متروكٌ. 321- الحديث التَّاسع: قال الدَّارَقُطنيُّ: ثنا محمَّد بن إسماعيل الفارسيُّ ثنا موسى بن عيسى بن المنذر ثنا أبي ثنا بقيَّة عن يزيد بن خالد عن يزيد بن محمَّد عن عمر بن عبد العزيز قال: قال تميم الدَاريُّ: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الوضوء من كل دمٍ سائلٍ". قال الدَّارَقُطْنيُّ: عمر لم يسمع من تميم ولا رآه، ويزيد بن خالد ويزيد ابن محمَد: مجهولان. 322- الحديث العاشر: قال الدَّارَقُطْنيُّ: ثنا أحمد بن محمّد بن سعيد ثنا أحمد بن عبد الرَّحمن بن سراج والحسن بن عليَّ بن بزيع قالا: ثنا حفص الفرَّاء ثنا سَوَّار بن مصعب عن زيد بن علي عن أبيه عن جدِّه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "القلس حدثٌ". قال الدارَقُطني: لم يروه عن زيد غير سَوَار، وسَوَار: متروكٌ. وللخصم حديثان: 323- الحديث الأوَل: قال الدَارَقُطني: ثنا أبو سهل بن زياد ثنا صالح بن مقاتل بن صالح ثنا أبي ثنا سليمان بن داود القرشي ثنا حُميد الطَّويل عن أنس بن مالك قال: احتجم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فصلَّى ولم يتوضَّأ، ولم يزد على غسل محاجمه. وأصحابنا يقولون: يحتمل أن يكون توضَأ ولم يره أنس، ويحتمل أن يكون صلى ناسياً، ويحتمل أن يكون لم يخرج من الدَّم ما يقطر. ز: حديث أنس: لا يثبت، وسليمان بن داود: مجهولٌ، وصالح بن مقاتل: ليس بالقويِّ- قاله الدارَقُطَّنِي-، وأبوه: غير معروفٍ. وقال البيهقي: في إسناد هذا الحديث ضعفٌ. 324- وعن عَقيل بن جابر عن أبيه جابر بن عبد الله قال: خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعني في غزوة ذات الرقاع- فأصاب رجلٌ امرأةَ رجلٍ من المشركين، فحلف أن لا أنتهي حتَّى أهريق دماً في أصحاب محمَّدٍ، فخرج يتبع أثر النَبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فنزل النَبيُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منزلاً، فقال: "من رجلٌ يكلؤنا؟ " فانتدب رجلٌ من المهاجرين وقام رجلٌ من الأنصار، فقال: "كونا بفم الشَعب". قال: فلما خرج الرَّجلان إلى فم الشعب اضطجع المهاجريَّ وقام الأنصاريَّ يصلِّي، [وأتى] الرَّجل، فلما رأى شخصه عرف أنَّه رَبِيَّة للقوم، فرماه بسهم فوضعه فيه، فنزعه، حتَّى رماه بثلاثة أسهم، ثمَّ ركع وسجد، ثمَّ أنْبَه صاحبه، فلمَّا عرف أنهم قد نَذِروا به هرب، ولما رأى المهاجريَّ ما بالأنصاري من الدماء قال: سبحان الله! ألا أنبهتني أوَلَ ما رمى؟! قال: كنت في سورةٍ أقرأها فلم أُحِبَ أن أقطعها. رواه أبو داود عن أبي توبة الرَبيع بن نافع عن ابن المبارك عن محمَد بن إسحاق قال: حدَثني صدقة بن يسار عن عَقيل بن جابر. فذكره. وعَقيل بن جابر: فيه جهالةٌ. وصدقة: ثقةٌ، روى له مسلمٌ في " صحيحه". وروى هذا الحديث: الإمام أحمد، وزاد: وأيم الله لولا أن أضيع ثغراً أمرني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بحفظه لقطع نفسي قبل أن أقطعها. ورواه أبو بكر ابن خزيمة وأبو حاتم ابن حِبَان في " صحيحيهما "، والدَّارَقُطْنيُ وقال: إسناده صالح. والحاكم وصحَّحه. وروى البخاريَّ، قال: ويذكر عن جابر أنَ النَبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان في غزوة ذات الرِّقاع فرمي رجلٌ بسهمٍ، فنزفه الدَم، فركع وسجد، ومضى في صلاته. لم يذكر له إسناداً O. 325- الحديث الثَاني: قال الدَارَقُطنيُ: ثنا أبو عبيد القاسم بن إسماعيل ثنا القاسم بن هاشم السِّمسار ثنا عتبة بن السَّكن الحمصي ثنا الأوزاعيُ عن عبادة بن نُسيٍّ وهبيرة بن عبد الرَحمن قالا: ثنا أبو أسماء الرَحبيُّ ثنا ثوبان أنَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قاء فدعاني بوَضوء فتوضَّأ، فقلت: يا رسول الله، أفريضةٌ الوضوء من القيء؟ قال: "لو كان فريضةٌ لوجدته في القرآن". قال الدَارَقُطنيُ: لم يروه عن الأوزاعي غير عتبة بن السَّكن، وهو متروك الحديث.
ويستدلُ أصحابنا على ذلك بحديثين: أحدهما: حديث أبي هريرة: "ليس في القطرة ولا القطرتين من الدَم وضوء " وقد سبق. 326- الحديث الثَاني رواه الدَارَقُطْنيُ: [ثنا محمَد بن خلف الخلاَّل ثنا محمَد بن هارون بن حميد ثنا أبو الوليد القرشي] ثنا الوليد أخبرني بقيَة عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباسِ أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رخَّص في دم الحُبُون يعني: الدَّماميل. قالوا: قال الدَارَقُطْنيُ: هذا باطل عن ابن جريج، ولعلَ بقيَة دلَّسه عن رجلٍ ضعيفِ، والله أعلم. قلنا: بقيّة قد أخرج عنه مسلم. ز: وقد ذكر ابن عَدِي هذا الحديث في كتاب " الكامل " في مناكير بقيَة، ورواه من طريق: أحمد بن يونس الحمصيِّ عن الوليد بن مسلم عن بقيَة، وقال: هذا الحديث لا يعرف إلا ببقيَّة عن ابن جريجِ. قال: ويشبه أن يكون بين بقيَة وبن ابن جريج بعض المجهولين أو بعض الضُعفاء، لأنَّ بقيَّة كثيراً ما يفعل ذلك O. وقد استدلَّ أصحابنا بآثارٍ منها: 326/أ- أنَّ عمر بن الخطَاب عصر بثرة في وجهه فخرج منها شيءٌ من دم وقيحٍ، فمسحه بيده وصلَّى ولم يتوضَّأ. 326/ب- وعن عبد الله بن أبي أوفى أنَه تنخم دماً عبيطاً وهو يصلِّي. 326/جـ- وعن جابر أنَه سئل عن رجلِ صلَّى، فامتخط، فخرج مع المخاط شيءٌ من دم، قال: لا بأس، يتمُ صلاته. قال الخصم: القياس استواء النَّاقض، إلا أنَّا تركناه في القيء لما: 326/د- روي عن علي عليه السَّلام أنَّه ذكر الأحداث فقال في جملتها: أو دسعةٌ من قيءَ تملأ الفم. 326/هـ- وعن ابن عبَّاسِ أنَه قال: إذا كان القيء يملأ الفم أوجب الوضوء. قلنا: هذه الآثار لا تمنع القياس عليها.
وقال أبو حنيفة: يبطل. استدلَّ أصحابنا بحديثين: 327- الحديث الأوَل: قال الدَّارَقُطني: ثنا عبد الباقي بن قانع ثنا محمَّد بن بشر بن مروان ثنا المنذر بن عمَّار ثنا أبو شيبة عن يزيد أبي خالد عن أبي سفيان عن جابر عن النبيٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "الضَّحك ينقض الصَّلاة ولا ينقض الوضوء". 328- الحديث الثَّاني: قال الدَّارَقُطني: ثنا محمَّد بن مخلد ثنا يزيد بن الهيثم ثنا صبح بن دينار ثنا المعافى بن عمران ثنا ابن لهيعة عن زَبَّان بن فائد عن سهل بن معاذ عن أبيه عن النبيٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "الضَّاحك فى الصلاة والملتفت والمفرقع أصابعه بمنزلة واحدةٍ". ورواه أحمد في " المسند ": ثنا حسن ثنا ابن لهيعة. فذكره. وهذان الحديثان ضعيفان: أمَّا الأوَّل: فقد اختلف عن أبي شيبة، فروى الدَّارَقُطني: 329- ثنا أبو جعفر أحمد بن إسحاق بن بهلول قال: حدَّثني أبي قال: حدَّثني أبي عن أبي شيبة عن يزيد أبي خالد عن أبي سفيان عن جابر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الكلام ينقض الصَّلاة ولا ينقض الوضوء". ثمَّ إنَّ أبا شيبة- واسمه: عبد الرحمن بن إسحاق-: ضعيفٌ، كذلك قال يحيى بن معين، وقال أحمد: ليس بشيءٍ، منكر الحديث. وأما يزيد: فقال ابن حِبَّان: لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد. وأما الحديث الثاني: فقال يحيى: سهل ضعيفٌ. وقال ابن حِبَّان: لست أدري التَّخليط منه أو من زبَّان. وزبَّان: لا يحتج به، قال أحمد: أحاديثه مناكير. وقال أبو حاتم الرَّازيُّ: هو صالحٌ. ز: قول المؤلف: (إنَّ أبا شيبة هو: عبد الرَّحمن بن إسحاق) وهمٌ، وإنما هو: إبراهيم بن عثمان- جدُّ بني أبي شيبة-، وقد ضعََّفه غير واحدٍ. وقال البيهقي في هذا الحديث: ورواه أبو شيبة إبراهيم بن عثمان فرفعه- وهو ضعيفٌ-، والصَّحيح أنَّه موقوفٌ O. احتجوا بحديثٍ قد روي مرفوعاً من سبعة طرقي، ومرسلاً من وجوهٍ: 330- الطَّريق الأوَل من المرفوع: قال ابن عَدِي: ثنا ابن جَوصا ثنا عطيَّة بن بقيَة قال: حدَثني أبي ثنا عمرو بن قيس السكونيُ عن عطاء عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من ضحك في صلاة قهقهةً فليعد الوضوء والصَّلاة". 331- الطَريق الثَاني: أنا أبو منصور القزاز أنا أبو بكر أحمد بن عليِّ بن ثابت أنا أبو سعيد الحسن بن محمد بن حسنويه ثنا القاضي أبو بكر محمَد بن عمر الجِعَابي ثنا عبد الله بن أحمد بن خزيمة ثنا عليُّ بن حُجر ثنا عبد العزيز بن حصين عن عبد الكريم أبي أميّه عن الحسن عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من ضحك في الصلاة فليعد الوضوء والصلاة". 332- الطريق الثَالث: قال ابن عَدِي: ثنا أحمد بن الحسين الصوفيُّ ثنا سفيان بن محمَّد الفزاريُّ ثنا ابن وهبٍ أخبرني يونس بن يزيد عن الزهري عن أبي معاذ عن الحسن عن أنس بن مالك أنَّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي بالنَّاس فدخل أعمى المسجد فتردَّى في بئرٍ أو حفرةٍ فضحك القوم، فأمر النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من ضحك أن يعيد الوضوء والصَّلاة. 333- الطَّريق الرَّابع: قال ابن عدي: ثنا زيد بن عبد الله بن زيد الفارض ثنا كثير بن عبيد ثنا بقية [عن] محمَّد الخزاعيَّ عن الحسن عن عمران بن حُصين أن النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لرجلٍ ضحك: "أعد وضوءك". 334- قال ابن عَدِي: وثنا ابن صاعد ثنا محمَّد بن عيسى بن حيَان ثنا الحسن بن قتيبة ثنا عمر بن قيس عن عمرو بن عبيد عن الحسن عن عمران بن حُصين عن النَبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا قهقه أعاد الوضوء والصَلاة". ز: قال ابن عَدِي بعد أن روى هذا الحديث: كذا قال في هذا الإسناد: (عن عمر بن قيس عن عمرو بن عبيد) وإنَّما هو: عمرو بن قيس- وهو السكونيُ الحمصيُ- عن عمرو بن عبيد. 335- حدَثنا عمرو بن سنان المنبجيُ ثنا عبد الوهَاب بن الضَحَاك ثنا إسماعيل بن عيَّاش عن عمرو بن قيس عن عمرو بن عبيد عن الحسن عن عمران ابن حُصين الخزاعي سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "من ضحك في الصَلاة قرقرةً فليعد الوضوء والصَلاة". قال ابن عَدِي: ورواه بقيَة عن عمرو بن قيس عن عطاء عن ابن عمر عن النَبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. حدَثناه ابن جَوْصَا. فذكره كما تقَدَم. فأسقط بقيَة- أو غيره-: عمرو بن عبيد، وقال: عن عطاء عن ابن عمر O. 336- الطريق الخامس: قال ابن عَدِي: ثنا ابن زهير التُستَريَّ ثنا عبيد الله بن سعد الزهريَّ ثنا عمِّي ثنا أبي عن ابن إسحاق قال: حدَثني ابن دينار عن الحسن البصري عن أبي المَليح الهذلي عن أبيه قال: بينا نحن نصلي خلف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ أقبل رجل ضرير البصر، فوقع في حفرةٍ قريباً منَّا، فضحك بعضنا، فأمرنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بإعادة الوضوء والصَلاة من أوَّلها. 337- الطَّريق السادس: قال الدارَقُطْني: ثنا أبو بكر النيسابوريُّ ثنا إبراهيم بن هانئ ثنا محمد بن يزيد بن سنان ثنا يزيد بن سنان ثنا سليمان الأعمش عن أبي سفيان عن جابرٍ قال: قال لنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من ضحك منكم في صلاته فليتوضَّأ ثم ليعد الصَّلاة". 338- الطَّريق السَابع: قال الدارَقُطْني: ثنا دَعْلَج ثنا محمَّد بن عليٌ بن زيدٍ ثنا سعيد بن منصور ثنا خالد بن عبد الله عن هشام بن حسَان عن حفصة عن أبي العالية عن رجل من الأنصار أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلٌي بأصحابه، فمر رجلٌ في بصره سوءٌ، فتردّى في بئر، فضحك طوائف من القوم، فأمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من ضحك أن يعيد الوضوء والصَّلاة. وقد أرسل هذا الحديث جماعة: منهم الحسن: 339- قال الدارَقُطني: ثنا أبو بكر النيسابوري حدثني موهب بن يزيد ثنا ابن وهبٍ أخبرني يونس عن ابن شهاب عن الحسن قال: بينا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلٌي إذ جاء رجلٌ فوقع في حفرةٍ فضحك بعض القوم، فأمر من ضحك أن يعيد الوضوء والصَّلاة. ومنهم مَعبد الجهني: 340- قال الدارَقُطني: ثنا أبو بكر الشافعي وأحمد بن محمد بن زياد قالا: ثنا إسماعيل بن محمَد بن أبي كثير القاضي ثنا مكيُّ بن إبراهيم ثنا أبو حنيفة عن منصور بن زاذان عن الحسن عن مَعبد عن النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: بينما هو في الصَلاة إذا أقبل رجلٌ أعمى يريد الصَّلاة، فوقع في زُبية، فاستضحك القوم حتَّى قهقهوا، فلمَّا انصرف النَبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من كان منكم قهقه فليعد الوضوء والصَلاة". ومنهم أبو العالية: 341- قال الدَارَقُطَّنيُ: ثنا أبو بكر النَيسابوريَّ ثنا يوسف بن سعيد ثنا أحمد بن يونس ثنا زائدة عن هشام عن حفصة عن أبي العالية قال: جاء رجلٌ في بصره سوءٌ فدخل المسجد ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي فتردَّى في حفرةٍ كانت في المسجد، فضحك طوائفٌ منهم، فلمَّا قضى صلاته أمر من كان ضحك أن يعيد الوضوء والصَلاة. هذا الحديث حديث أبي العالية، هو الذي رواه مرسلاً، وكلُ من رفعه فقد غلط ومن أرسله عن غيره فإنه يرجع إليه. فأما الطريق الأوَّل: ففيه بقيَّة، ومن عادته التَّدليس، فكأنه سمعه من بعض الضُعفاء فحذف اسم ذاك، وقد كان له رواةٌ يسوون الحديث ويحذفون اسم الضَّعيف. وأما طريق أبي هريرة: ففيه علل: إحداهن: أن الحسن لم يسمع من أبي هريرة. والثانية: عبد الكريم، فقد رماه أيُوب السَختيانيُ بالكذب، وقال أحمد ويحيى: ليس بشيء. وقال السَعديَّ: غير ثقةٍ. وقال الدَّارَقُطْنيُ: متروك. والثَالثة: عبد العزيز، قال يحيى: ليس يساوي حديثه فلسا. وقال مسلم بن الحجَّاج: ذاهب الحديث. وقال النَسائيُ: متروك الحديث. وأمَّا طريق أنس: ففيه آفتان: أبو معاذ- واسمه: سليمان بن أرقم-، قال أحمد: ليس بشيءٍ، لا يروى عنه الحديث. وقال يحيى: ليس بشيء، لا يساوي فلساً. وقال النسائيُ والدَارَقُطْنيُّ: متروك. والثانية: سفيان بن محمَّد، قال ابن عَدِي: كان يسرق الأحاديث، ويسوي الأسانيد، وفي حديثه موضوعات. والبلاء في هذا الحديث منه. وقد رواه داود بن المحبَّر عن أيُوب بن خوط عن قتادة عن أنس، وداود: متروك. وأما حديث عمران: ففي طريقه الأوَل: الخزاعيُّ، قال ابن عَدِي: هو من مجهولي مشايخ بقيَة. قال: ويقال في هذا الحديث: عن محمد بن راشد عن الحسن وابن راشد: مجهولٌ أيضاً. وفي طريقه الثَاني: عمرو بن عبيد، وهو كذَّاب،، وعمر بن قيس، وهو متروكٌ. وأما حديث أسامة: ففيه الحسن بن دينار. وقد رواه الحسن بن عمارة عن خالد الحذَّاء عن أبي المليح عن أبيه. وقد حكم شعبة بكذب الحسنين: ابن دينار، وابن عمارة. قال الدَارَقُطْنيُ: وقد أخطأ في الإسناد، إنَّما روى هذا الحديث الحسن البصريَّ عن حفص بن سليمان المنقريِّ عن أبي العالية. قال: وقول الحسن بن عمارة: (عن خالد الحذَاء) وهمٌ قبيحٌ، وإنَّما رواه خالد الحذَّاء عن حفصة عن أبي العالية. وأمَّا حديث جابر: ففيه يزيد بن سنان، ضعَّفه أحمد وعليٌّ، وقال يحيى: ليس بشيء. وقال النَسائيُ: متروكٌ. وقال الدَارَقُطْنيُ: وهم يزيد بن سنان فيه في موضعين: أحدهما: في رفعه إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ والثاني: في لفظه؛ والصَحيح: عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر من قوله: من ضحك في الصَّلاة أعاد الصَلاة ولم يعد الوضوء. كذلك رواه جماعة من الثقات الرُفعاء عن الأعمش، منهم: الثَّوريَّ وأبو معاوية ووكيع وغيرهم. وقد روي حديث عن جابر يدلُ على ما جرى في زمن النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من ذلك غير أنَّه لا يصحُ. 342- قال الدَارَقُطْنِيُ: ثنا يوسف بن يعقوب بن إسحاق ابن البهلول حدَثني جدي ثنا المسيَّب بن شريك عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال: ليس على من ضحك في الصَّلاة إعادة وضوءٍ، إنَّما كان ذلك لهم حين ضحكوا خلف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وهذا لا يصحُ، قال يحيى بن معين: المسيَّب ليس بشيءٍ. وقال أحمد: ترك النَّاس حديثه. وقال الفلاَّس: اجتمعوا على ترك حديثه. وأما حديث الرٌجل من الأنصار: فغلط من خالد بن عبد الله الواسطي، قال الدَارَقُطنيُ: لم يصنع خالدٌ شيئاً، وقد خالفه خمسة أثباتِ حفَاظِ، وقولهم أولى بالصَّواب. وقال قبل هذا الكلام: وروى هذا الحديث هشام بن حسَّان عن حفصة عن أبي العالية مرسلاً. حدَّث به عنه جماعة، منهم: سفيان الثَوريَّ وزائدة بن قدامة ويحيى بن سعيد القطَّان وحفص بن غياث وروح بن عبادة وعبد الوهَاب بن عطاء وغيرهم، فاتفقوا عن هشام عن حفصة عن أبي العالية. قال: وأمَّا حديث مَعْبد: فوهم فيه أبو حنيفة على منصور، وإنما رواه منصور بن زاذان عن ابن سيرين عن مَعبد، ومَعْبد لا صحبة له. قال الدَارَقُطْنِيُ: ثنا إسماعيل بن محمَد الصَفَار ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي ثنا عليُ بن المدينيِّ قال: قال لي عبد الرَحمن بن مهديّ: هذا الحديث يدور على أبي العالية. فقلت: قد رواه الحسن مرسلاً. فقال: حدَثني حمَّاد بن زيد عن حفص بن سليمان المِنْقَري قال: أنا حدَثت به الحسن عن حفصة عن أبي العالية. فقلت: فقد رواه إبراهيم مرسلا. فقال: حدَثني شَريك عن أبي هاشم قال: أنا حدَّثت به إبراهيم عن أبي العالية. فقلت: فقد رواه الزهريَّ مرسلاً. فقال: قد رأيتُه في كتاب ابن أخي الزهري عن الزهري عن سليمان بن أرقم عن الحسن. قال الدَارَقُطْنيُ: فرجعت الأسانيد كلُها إلى أبي العالية، وأبو العالية أرسل هذا الحديث عن النَبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يسمَّ بينه وبينه رجلا سمعه منه. قال: وقد روى عاصم الأحول عن محمَد بن سيرين- وكان عالماً بأبي العالية وبالحسن قال: لا تأخذ بمراسيل الحسن ولا أبي العالية فإنَّهما لا يباليان عمن أخذا. وقال أبو أحمد بن [عَدِيّ] الحافظ: كل رواة هذا الحديث يرجع إلى أبي العالية، ومن أجل هذا الحديث تُكلِّم في أبي العالية. وقال أحمد بن حنبل: ليس في الضَحك حديث صحيحٌ. ز: وقال الشَّافعي: حديث أبي العالية الرِّياحي رياحٌ. وقال الذُّهلي: لم يثبت عن النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الضَّحك في الصَلاة خبرٌ. وقال الخلَال: أخبرنا عبد الله أنه سمع أباه يقول في حديث إبراهيم في الضَّحك: سمعنا أن إبراهيم سمعه من أبي هاشم. قال: ويذكرون أنَّ الزهريَّ قال: حدَثني سليمان بن أرقم. وسليمان لا يسوى حديثه شيء، لا يروى عنه الحديث. قال أبي: وحدَثنا عبد الرَزاق أنا معمر قال: سألنا الزهريَّ عن ذلك، فقال: ليس في الضَّحك وضوءٌ. وقد تكلَم الدَّارَقُطنِي وغيره من الحفَّاظ على أحاديث القهقهة وبيَنوا عللها، وقد كتبنا ذلك في موضعٍ آخر. وقد وهم المؤلف في كلامه على حديث الرَجل من الأنصار وهماً قبيحاً، وانتقل من حديثِ إلى حديث، وقد كتبنا ما وهم فيه على الصَواب O.
لنا أربعة أحاديث: 343- الحديث الأوَّل: قال أحمد: ثنا عبد الله بن الوليد ثنا سفيان عن سماك بن حرب عن جعفر بن أبي ثور عن جابر بن سمرة أنَّ رجلاً سأل النَبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنتوضَّأ من لحوم الغنم؟ قال: "لا " قال: أنتوضَّأ من لحم الإبل؟ قال: "نعم". انفرد بإخراجه مسلمٌ. ز: جابر بن سمرة: هو جدُّ جعفر بن أبي ثور، قال أبو حاتم بن حِبَّان: جعفر بن أبي ثور هو: أبو ثور بن عكرمة، فمن لم يحكم صناعة الحديث توهَّم أنَّهما رجلان مجهولان. وقال عليُ بن المدينيٌ: جعفر بن أبي ثور- هذا-: رجلٌ مجهولٌ. وليس كذلك، بل هو مشهورٌ روى عنه جماعة O. 344- الحديث الثَّاني: قال أحمد: ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن عبد الله بن عبد الله عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب قال: سئل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الوضوء من لحوم الإبل، فقال: "توضَّؤا منها". قال إسحاق بن راهويه: صحَّ في هذا الباب حديثان عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حديث جابر بن سمرة، وحديث البراء. ز: وروى حديث البراء: أبو داود وابن ماجه والترمذي؟ من حديث الأعمش أيضاً عن عبد الله بن عبد الله الرَازي. وروي عن الإمام أحمد أَنه قال: فيه حديثان صحيحان: حديث البراء وجابر بن سمرة. وقال ابن خزيمة: لم نر خلاَفاً بين علماء أهل الحديث أنَّ هذا الحديث صحيحٌ من جهة النقل لعدالة ناقليه O. 345- الحديث الثالث: قال أحمد: ثنا عفَّان ثنا حمَّاد بن سلمة ثنا الحجَاج بن أرطاة عن عبد الله بن عبد الرَحمن بن أبي ليلى عن أبيه عن أُسيد بن حُضير أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "توضؤا من لحوم الإبل ولا توضََّؤا من لحوم الغنم، وصلُّوا في مرابض الغنم ولا تصلُوا في مبارك الإبل". 346- طريقٌ آخر: قال أحمد: وثنا محمَد بن مقاتل ثنا عبَّاد بن العوَّام ثنا الحجَاج عن عبد الله مولى بني هاشم- قال: وكان ثقة- عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أُسيد بن حُضير عن النَبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه سئل عنه ألبان الإبل، قال: "توضؤا من ألبانها". وسئل عن ألبان الغنم، فقال: "لا توضَّؤا من ألبانها". قال الترمذيَّ: أخطأ حمَّاد بن سلمة في هذا الحديث حين قال: (عن عبد الله بن عبد الرَّحمن)، والصَحيح: (عن عبد الله بن عبد الله الرَازي). ز: وروى هذا الحديث: ابن ماجه في " سننه " عن أبي إسحاق إبراهيم بن عبد الله بن حاتم عن عبَّاد بن العوَام عن جحَّاج. ورواه حرب بن إسماعيل عن يحيى بن عبد الحميد عن عبّاد بلفظِ آخر: "لا تصلُوا في أعطان الإبل، وتوضَّؤا من لحومها، وصلُّوا في مرابض الغنم، ولا توضَؤا من لحومها". وهو حديثٌ مرسلٌ، فإن ابن أبي ليلى لم يسمع من أُسيد بن حُضير. والحجَّاج بن أرطاة: تكلَّم فيه غير واحدٍ من الأئمة. 347- وعن عبد الله بن عمر قال: سمعتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "توضؤا من لحوم الإبل، ولا توضؤا من لحوم الغنم، وتوضَّؤا من ألبان الإبل، ولا توضَّؤا من ألبان الغنم، وصلُّوا في مرابض الغنم، ولا تصلوا في معاطن الإبل". رواه ابن ماجه من رواية عطاء بن السَائب، قال أحمد: ثقةٌ رجلٌ صالحٌ. وقال أيضاً: من سمع منه قديماً فهو صحيح، ومن سمع منه حديثاً لم يكن بشيءٍ. ووثَّقه ابن معينِ وأبو حاتم الرَازي،. والذي رواه عن عطاء: خالد بن يزيد، وهو غير مشهور. وقد روي هذا الحديث موقوفا على ابن عمر، وهو أشبه O. 348- الحديث الرابع: قال عبد الله بن الإمام أحمد: حدَثني عمرو بن محمَد بن بكير الناقد ثنا عَبيدة بن حميد عن عُبيدة الضَّبي عن عبد الله بن عبد الله القاضي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن ذي الغُرَة قال: عرض أعرابيٌ لرسول الله- ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسير- فقال: يا رسول الله، تدركنا الصلاة ونحن في أعطان الإبل فنصلي فيها؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا". قال: أفنتوضَّأ من لحومها؟ قال: "نعم". ز: عَبيدة بن حميد: هو بفتح العين، وهو ثقةٌ من رجال الصَّحيح، قال أحمد: صالح الحديث. وقال ابن معين: ما به بأس. وأمَّا عُبيدة الضَبيُ: فهو بضمِّ العين، وهو عُبيدة بن مُعَتِّب، وقد ضعَّفوه، وقال أحمد: ترك النَّاس حديثه. وقال يحيى بن معين: ليس بشيءٍ. وقال الفلاََّس: كان سيء الحفظ، متروك الحديث. وأمَّا عبد الله بن عبد الله القاضي: فهو راوي حديث البراء وأسيد، سئل عنه أحمد بن حنبل فقال: لا أعلم إلا خيراً. وقال بعض العلماء في هذا الحديث: ليس هو بشيءَ، وذو الغُرَة لا يدرى من هو؟ وقال ابن أبي حاتم: ذو الغُرَة الطَائيُ، له صحبة، مما رواه عُبيدة الضبيُ عن عبد الله بن عبد الله الرَازي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن ذي الغُرَة قال: سألت النَبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الصلاة في أعطان الإبل والوضوء من لحومها. والحديث خطأٌ، والصَحيح عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء عن النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وعبيدة ضعيف الحديث. سمعت أبي يقول ذلك. وقال العبَّاس الدُوريَّ: سمعت يحيى بن معين يقول: ذو الغُرَة من أصحاب النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ O. وللخصم حديثان: 349- أحدهما: ما رواه الدَارَقُطْنيُ: ثنا أبو محمد بن صاعد ثنا إبراهيم ابن منقذ الخَولاني ثنا إدريس بن يحيى الخَولانيُ ثنا الفضل بن المختار عن ابن أبي ذئبٍ عن شعبة مولى ابن عبَّاس عن ابن عبَّاس أنَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "الوضوء مما يخرج وليس مما يدخل". في هذا الإسناد شعبة مولى ابن عبَّاس، قال مالكٌ والنسائيُ: ليس بثقةٍ. وقال يحيى: لا يكتب حديثه. وقد روي عن أحمد ويحيى أنهما قالا: ليس به بأسٌ. وفيه: الفضل بن المختار، قال أبو حاتم الرَازيُّ: هو مجهولٌ، وأحاديثه منكرةٌ، يحدِّث بالأباطيل. وقال ابن عَدِي: لعل البلاء في هذا الحديث من الفضل لا من شعبة، لأنَّ له أحاديث منكرةٌ. وقال: والأصل في هذا الحديث أنَّه موقوفٌ. قلت: وهذا الكلام إنَّما يحفظ من قول ابن عبَّاس، كذلك رواه سعيد ابن منصور. 350- الحديث الثاني: رووا: "لا وضوء من طعام أحلَه الله". وهذا لا يعرف.
|