الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع
.(بَابُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ الْحُكْمِيَّةِ): أَيْ: تَطْهِيرُ مَوَارِدِ الْأَنْجَاسِ، وَذِكْرِ النَّجَاسَاتِ وَمَا يُعْفَى عَنْهُ مِنْهَا وَتَقَدَّمَ تَعْرِيفُ النَّجَاسَةِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الطَّهَارَةِ (وَهِيَ) أَيْ: النَّجَاسَةُ الْحُكْمِيَّةُ (الطَّارِئَةُ عَلَى مَحَلٍّ طَاهِرٍ) بِخِلَافِ الْعَيْنِيَّةِ (وَلَا تَصِحّ إزَالَتُهَا) أَيْ: النَّجَاسَةِ الْحُكْمِيَّةِ (بِغَيْرِ مَاءٍ طَهُورٍ) لِحَدِيثِ أَسْمَاءَ قَالَتْ «جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إحْدَانَا يُصِيبُ ثَوْبَهَا مِنْ دَمِ الْحَيْضَةِ، كَيْفَ تَصْنَعُ؟ قَالَ تَحُتُّهُ، ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالْمَاءِ، ثُمَّ تَنْضَحُهُ، ثُمَّ تُصَلِّي فِيهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.وَأَمَرَ بِصَبِّ ذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ فَأُهْرِيقَ عَلَى بَوْلِ الْأَعْرَابِيِّ وَلِأَنَّهَا طَهَارَةٌ مُشْتَرَطَةٌ فَأَشْبَهَتْ طَهَارَةَ الْحَدَثِ (وَلَوْ) كَانَ الْمَاءُ الطَّهُورُ (غَيْرَ مُبَاحٍ) لِأَنَّ إزَالَتَهَا مِنْ قِسْمِ التُّرُوكِ، وَلِذَلِكَ لَمْ تُعْتَبَرْ لَهُ النِّيَّةُ (وَ) النَّجَاسَةُ (الْعَيْنِيَّةُ لَا تَطْهُرُ بِغَسْلِهَا بِحَالٍ وَتَقَدَّمَ) (فِي الطَّهَارَةِ) وَلَا يُعْقَلُ لِلنَّجَاسَةِ مَعْنًى، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ.(وَالْكَلْبُ وَالْخِنْزِيرُ نَجِسَانِ) وَكَذَا مَا تَوَلَّدَ مِنْهُمَا وَسُؤْرُ ذَلِكَ وَعَرَقُهُ، وَكُلُّ مَا خَرَجَ مِنْهُ لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِيهِ، قَالَهُ فِي الشَّرْحِ (يَطْهُرُ مُتَنَجِّسٌ بِهِمَا وَ) مُتَنَجِّسٌ (بِمُتَوَلِّدٍ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِمَا) أَوْ أَجْزَاءِ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُمَا، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا (غَيْر أَرْضٍ وَنَحْوِهَا) كَصَخْرٍ وَحِيطَانٍ (بِسَبْعِ غَسَلَاتِ مُنَقِّيَةٍ، إحْدَاهُنَّ بِتُرَابٍ طَهُورٍ وُجُوبًا) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا قَالَ «إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِمُسْلِمٍ «فَلْيُرِقْهُ ثُمَّ لِيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ» وَلَهُ أَيْضًا «طَهُورُ إنَاءِ أَحَدِكُمْ إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِيهِ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ».وَلَوْ كَانَ سُؤْرُهُ طَاهِرًا لَمْ يَأْمُرْ بِإِرَاقَتِهِ وَلَا وَجَبَ غَسْلُهُ وَالْأَصْلُ أَنَّ وُجُوبَ الْغَسْلِ لِنَجَاسَتِهِ، وَلَمْ يُعْهَدْ التَّعَبُّدُ فِي غَسْلِ الْبَدَنِ، وَالطَّهُورُ لَا يَكُونُ إلَّا فِي مَحَلِّ الطَّهَارَةِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ تَعَبُّدًا، لَمَا اخْتَصَّ الْغَسْلُ بِمَوْضِعِ الْوُلُوغِ، لِعُمُومِ اللَّفْظِ فِي الْإِنَاءِ كُلِّهِ، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فِي الْكَلْبِ فَالْخِنْزِيرُ شَرٌّ مِنْهُ لِنَصِّ الشَّارِعِ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَحُرْمَةِ اقْتِنَائِهِ، فَثَبَتَ الْحُكْمُ فِيهِ بِطَرِيقِ التَّنْبِيهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَنُصَّ الشَّارِعُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْتَادُونَهُ.وَلَمْ يَذْكُرْ أَحْمَدُ فِي الْخِنْزِيرِ عَدَدًا وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي التُّرَابُ غَيْرُ الطَّهُورِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُبْدِعِ وَالْإِنْصَافِ، وَقَدَّمَاهُ، وَأَنَّهُ إذَا لَمْ تُنَقَّ النَّجَاسَةُ بِالسَّبْعِ زَادَ حَتَّى تُنَقَّى كَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ وَأَنَّهُ لَا تَتَعَيَّنُ إحْدَى الْغَسَلَاتِ لِلتُّرَابِ.(وَ) لَكِنَّ الْغَسْلَةَ (الْأُولَى أَوْلَى) بِجَعْلِ التُّرَابِ فِيهَا لِلْخَبَرِ وَلِيَأْتِيَ الْمَاءُ بَعْدَهُ فَيُنَظِّفَهُ (وَيَقُومُ أُشْنَانٌ وَصَابُونٌ وَنُخَالَةٌ وَنَحْوُهَا) مِنْ كُلِّ مَا لَهُ قُوَّةٌ فِي الْإِزَالَةِ (مَقَامَهُ) أَيْ: التُّرَابِ (وَلَوْ مَعَ وُجُودِهِ) وَعَدَمِ تَضَرُّرِ الْمَحَلِّ بِهِ لِأَنَّ نَصَّهُ عَلَى التُّرَابِ تَنْبِيهٌ عَلَى مَا هُوَ أَبْلَغُ مِنْهُ فِي التَّنْظِيفِ.وَ(لَا) تَقُومُ (غَسْلَةٌ ثَامِنَةٌ) مَقَامَ التُّرَابِ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالتُّرَابِ مَعُونَةٌ لِلْمَاءِ فِي قَطْعِ النَّجَاسَةِ أَوْ لِلتَّعَبُّدِ فَلَا يَحْصُلُ بِالْمَاءِ وَحْدَهُ (وَيُعْتَبَرُ اسْتِيعَابُ الْمَحَلِّ بِهِ) أَيْ: بِالتُّرَابِ بِأَنْ يُمِرَّ التُّرَابَ مَعَ الْمَاءِ عَلَى جَمِيعِ أَجْزَاءِ الْمَحَلِّ الْمُتَنَجِّسِ لِيَتَحَقَّقَ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» (إلَّا فِيمَا يَضُرّهُ) التُّرَابُ.(فَيَكْفِي مُسَمَّاهُ) أَيْ: أَقَلُّ شَيْءٍ يُسَمَّى تُرَابًا يُوضَعُ فِي مَاءِ إحْدَى الْغَسَلَاتِ لِحَدِيثِ «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» وَلِلنَّهْيِ عَنْ إفْسَادِ الْمَالِ (وَيُعْتَبَرُ مَزْجُهُ) أَيْ: التُّرَابِ (بِمَاءٍ يُوصِلهُ إلَيْهِ) أَيْ: إلَى الْمَحَلِّ الْمُتَنَجِّسِ فَلَا يَكْفِي مَائِعٌ غَيْرُ الْمَاءِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي حَاشِيَةِ التَّنْقِيحِ.وَعِبَارَةُ الْفُرُوعِ: فَيُعْتَبَرُ مَائِعٌ يُوصِلهُ إلَيْهِ ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَجَزَمَ بِمَعْنَاهُ فِي التَّنْقِيحِ وَالْمُنْتَهَى فَ (لَا) يَكْفِي (ذَرُّهُ) أَيْ: التُّرَاب عَلَى الْمَحَلِّ الْمُتَنَجِّسِ (وَإِتْبَاعُهُ الْمَاءَ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» إذْ الْبَاءُ فِيهِ لِلْمُصَاحَبَةِ.قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُحْتَمَلُ يَكْفِي ذَرّهُ وَيُتْبِعُهُ الْمَاءَ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ وَهُوَ أَظْهَرُ تَتِمَّةٌ إذَا وَلَغَ فِي الْإِنَاءِ كِلَابٌ، أَوْ أَصَابَ الْمَحَلَّ نَجَاسَاتٌ مُتَسَاوِيَةٌ فِي الْحُكْمِ فَهِيَ كَنَجَاسَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ لِأَغْلَظِهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا أَجْزَأَ عَمَّا يُمَاثِلُ، فَعَمَّا دُونَهُ أَوْلَى وَلَوْ وَلَغَ فِيهِ فَغَسَلَ دُونَ السَّبْعِ، ثُمَّ وَلَغَ فِيهِ مَرَّةً أُخْرَى غُسِلَ لِلنَّجَاسَةِ الثَّانِيَةِ، وَانْدَرَجَ فِيهَا مَا بَقِيَ مِنْ عَدَدِ الْأُولَى.(وَتُطَهَّرُ بَقِيَّةُ الْمُتَنَجِّسَاتِ بِسَبْعٍ مُنَقِّيَةٍ) لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ «أُمِرْنَا أَنْ نَغْسِلَ الْأَنْجَاسَ سَبْعًا» ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُبْدِعِ وَغَيْرُهُ فَيَنْصَرِفُ إلَى أَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَمَرَ بِهِ فِي نَجَاسَةِ الْكَلْبِ فَيَلْحَقُ بِهِ سَائِرُ النَّجَاسَاتِ؛ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَاهَا وَالْحُكْمُ لَا يَخْتَصُّ بِمَوْرِدِ النَّصِّ بِدَلِيلِ إلْحَاقِ الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ بِهِ فَعَلَى هَذَا يُغْسَلُ مَحَلُّ الِاسْتِنْجَاءِ سَبْعًا كَغَيْرِهِ، صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَالشِّيرَازِيُّ وَابْنُ عَقِيلٍ وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ.لَكِنْ نَصَّ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد، وَاخْتَارَهُ فِي الْمُغْنِي، أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهِ عَدَدٌ، اعْتِمَادًا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَصِحّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ، لَا فِي قَوْلِهِ وَلَا فِي فِعْلِهِ (وَلَا يُشْتَرَطُ لَهَا) أَيْ: بَقِيَّةِ النَّجَاسَاتِ (تُرَابٌ) قَصْرًا لَهُ عَلَى مَوْرِدِ النَّصِّ.(فَإِنْ لَمْ يُنَقَّ) الْمَحَلُّ الْمُتَنَجِّسُ (بِهَا) أَيْ: بِالسَّبْعِ (زَادَ) فِي الْغُسْلِ (حَتَّى يُنَقَّى) الْمَحَلُّ (فِي الْكُلِّ) أَيْ: كُلِّ النَّجَاسَاتِ، مِنْ نَجَاسَةِ الْكَلْبِ وَغَيْرِهِ (وَلَا يَضُرُّ بَقَاءُ لَوْنِ) النَّجَاسَةِ (أَوْ رِيحِهَا أَوْ هُمَا) أَيْ: اللَّوْنُ وَالرِّيحُ (عَجْزًا) عَنْ إزَالَتِهِمَا، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ. «أَنَّ خَوْلَةَ بِنْتَ يَسَارٍ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَيْسَ لِي إلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ وَأَنَا أَحِيضُ فِيهِ قَالَ فَإِذَا طَهُرْتِ فَاغْسِلِي مَوْضِعَ الدَّمِ، ثُمَّ صَلِّي فِيهِ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنْ لَمْ يَخْرُجْ أَثَرُهُ قَالَ يَكْفِيكِ الْمَاءُ، وَلَا يَضُرُّكِ أَثَرُهُ» رَوَاه أَحْمَدُ (وَيُطَهَّرُ) الْمَحَلُّ مَعَ بَقَائِهِمَا أَوْ بَقَاءِ أَحَدِهِمَا (وَيَضُرُّ) بَقَاءُ (طَعْمٍ) لِدَلَالَتِهِ عَلَى بَقَاءِ الْعَيْنِ، وَلِسُهُولَةِ إزَالَتِهِ فَلَا يُحْكَمُ بِطَهَارَةِ الْمَحَلِّ مَعَ بَقَاءِ أَجْزَاءِ النَّجَاسَةِ فِيهِ.(وَإِنْ اسْتَعْمَلَ فِي إزَالَتِهِ) أَيْ: أَثَرِ النَّجَاسَةِ (مَا يُزِيلُهُ كَالْمِلْحِ وَغَيْرِهِ، فَحَسَنٌ) لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ امْرَأَةٍ مِنْ غِفَارٍ. «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْدَفَهَا عَلَى حَقِيبَتِهِ، فَحَاضَتْ قَالَتْ: فَنَزَلْتُ، فَإِذَا بِهَا دَمٌ مِنِّي فَقَالَ: مَا لَكِ لَعَلَّكِ نَفِسْتِ؟ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَأَصْلِحِي مِنْ نَفْسِكِ، ثُمَّ خُذِي إنَاءً مِنْ مَاءٍ فَاطْرَحِي فِيهِ مِلْحًا، ثُمَّ اغْسِلِي مَا أَصَابَ الْحَقِيبَةَ مِنْ الدَّمِ» (وَلَا يَجِب) ذَلِكَ لِمَا سَبَقَ مَنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.(وَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ طَعَامٍ وَشَرَابٍ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ، لِإِفْسَادِ الْمَالِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ، كَمَا يُنْهَى عَنْ ذَبْحِ الْخَيْلِ الَّتِي يُجَاهَدُ عَلَيْهَا، وَالْإِبِلِ الَّتِي يُحَجُّ عَلَيْهَا، وَالْبَقَرِ الَّتِي يُحْرَثُ عَلَيْهَا، وَنَحْوِ ذَلِكَ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْحَاجَةِ إلَيْهَا قَالَهُ الشَّيْخُ).وَفِي الِاخْتِيَارَاتِ فِي آخِرِ كِتَابِ الْأَطْعِمَةِ: وَيُكْرَهُ ذَبْحُ الْفَرَسِ الَّذِي يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الْجِهَادِ، بِلَا نِزَاعٍ (وَلَا بَأْسَ بِاسْتِعْمَالِ النُّخَالَةِ الْخَالِصَةِ) مِنْ الدَّقِيقِ (فِي التَّدَلُّكِ، وَغَسْلِ الْأَيْدِي بِهَا، وَكَذَا) التَّدَلُّكِ وَغَسْلُ الْأَيْدِي (بِبِطِّيخٍ وَدَقِيقِ الْبَاقِلَاءِ) وَهِيَ الْفُولُ، إنْ شَدَّدْتَ اللَّامَ قَصَرْتَ، وَإِنْ خَفَّفْتَ مَدَدْتَ.ذَكَرَهُ فِي حَاشِيَتِهِ (وَغَيْرهَا مِمَّا لَهُ قُوَّةُ الْجَلَاءِ، لِحَاجَةٍ) وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: يُكْرَهُ أَنْ يَغْسِلَ جِسْمَهُ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَطْعِمَةِ، مِثْلِ دَقِيقِ الْحِمَّصِ أَوْ الْعَدَسِ أَوْ الْبَاقِلَاءِ وَنَحْوِهِ (وَيُغْسَلُ مَا نُجِّسَ بِبَعْضِ الْغَسَلَاتِ بِعَدَدِ مَا بَقِيَ بَعْدَ تِلْكَ الْغَسْلَةِ) لِأَنَّهَا نَجَاسَةٌ تُطَهَّرُ فِي مَحَلِّهَا بِمَا بَقِيَ مِنْ الْغَسَلَاتِ، فَطَهُرَتْ بِهِ فِي مِثْلِهِ قِيَاسًا عَلَيْهِ.فَلَوْ تَنَجَّسَ بِالْغَسْلَةِ الرَّابِعَةِ مَثَلًا، غُسِلَ ثَلَاثُ غَسَلَاتٍ إحْدَاهُنَّ (بِتُرَابٍ إنْ لَمْ يَكُنْ) التُّرَابُ (اُسْتُعْمِلَ) فِيمَا سَبَقَ مِنْ الْغَسَلَاتِ (حَيْثُ اُشْتُرِطَ) التُّرَابُ، بِأَنْ كَانَتْ نَجَاسَةَ كَلْبٍ أَوْ خِنْزِيرٍ، أَوْ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَإِنْ كَانَ اُسْتُعْمِلَ فِيمَا قَبْلُ كَفَى (وَيُعْتَبَرُ الْعَصْرُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ) خَارِجَ الْمَاءِ (مَعَ إمْكَانِهِ) أَيْ: الْعَصْرِ (فِيمَا تَشَرَّبَ نَجَاسَةً لِيَحْصُلَ انْفِصَالُ الْمَاءِ عَنْهُ) أَيْ: عَنْ الْمَحَلِّ الْمُتَنَجِّسِ (وَلَا يَكْفِي تَجْفِيفُهُ بَدَلَ الْعَصْرِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ عَصْرُهُ، كَالزُّلَالِيِّ وَنَحْوِهَا) مِنْ كُلِّ مَا لَا يُمْكِنُ عَصْرُهُ (فَبِدَقِّهَا أَوْ دَوْسِهَا، وَتَقْلِيبِهَا أَوْ تَثْقِيلِهَا بِمَا يَفْصِلُ الْمَاءَ عَنْهَا)، لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْعَصْرِ لِتَعَذُّرِهِ.(وَلَوْ عُصِرَ الثَّوْبُ فِي مَاءٍ وَلَوْ جَارِيًا، وَلَمْ يَرْفَعْهُ مِنْهُ لَمْ يَطْهُرْ) لِعَدَمِ انْفِصَالِ الْمَاءِ عَنْهُ (فَإِذَا رَفَعَهُ مِنْهُ) وَلَوْ بَعْدَ عَصْرِهِ مَرَّاتٍ (فَهِيَ غَسْلَةٌ وَاحِدَةٌ، يَبْنِي عَلَيْهَا) وَيُتِمُّ السَّبْعَ (وَلَا يَكْفِي فِي الْعَدَدِ تَحْرِيكُهُ) أَيْ: الْإِنَاءِ (فِي الْمَاءِ وَخَضْخَضَتُهُ) وَلَوْ غُمِسَ الْإِنَاءُ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ لَمْ يَطْهُرْ، حَتَّى يَنْفَصِلَ عَنْهُ وَيُعَادَ إلَيْهِ الْعَدَدُ الْمُعْتَبَرُ.(إنْ وَضَعَهُ) أَيْ: الثَّوْبَ وَنَحْوَهُ (فِي إنَاءٍ وَصَبَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ فَغَسَلَهُ وَاحِدَةً يُبْنَى عَلَيْهَا) بَعْدَ عَصْرِهِ، حَتَّى يَحْصُلَ الْعَدَدُ الْمُعْتَبَرُ (وَيَطْهُرُ) الثَّوْبُ وَنَحْوُهُ بِذَلِكَ (نَصًّا) لِأَنَّ الْمَاءَ وَارِدٌ عَلَى مَحَلِّ التَّطْهِيرِ أَشْبَهَ مَا لَوْ صَبَّهُ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ إنَاءٍ وَإِنْ غُمِسَ النَّجِسُ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ، نَجُسَ الْمَاءُ، وَلَمْ يَطْهُرْ النَّجِسُ وَلَا يُعْتَدُّ بِهَا غَسْلَةً (وَعَصْرُ كُلِّ ثَوْبٍ) وَنَحْوِهِ (عَلَى قَدْرِ الْإِمْكَانِ، بِحَيْثُ لَا يَخَافُ عَلَيْهِ الْفَسَادَ) لِلنَّهْيِ عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ (وَمَا لَمْ يَتَشَرَّبْ) النَّجَاسَةَ (كَالْآنِيَةِ: يُطَهَّرُ بِمُرُورِ الْمَاءِ عَلَيْهِ وَانْفِصَالِهِ) عَنْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (وَلَا يَكْفِي مَسْحُهُ) أَيْ: الْمُتَنَجِّسِ (وَلَوْ كَانَ صَقِيلًا، كَسَيْفٍ وَنَحْوِهِ) كَمِرْآةٍ، لِعُمُومِ مَا سَبَقَ مِنْ الْأَمْرِ بِغَسْلِ الْأَنْجَاسِ.وَالْمَسْحُ لَيْسَ غَسْلًا (فَلَوْ قُطِعَ بِهِ) أَيْ: بِالسَّيْفِ الْمُتَنَجِّسِ وَنَحْوِهِ بَعْدَ مَسْحِهِ (قَبْلَ غَسْلِهِ مِمَّا فِيهِ بَلَلٌ، كَبِطِّيخٍ وَنَحْوِهِ، نَجَّسَهُ) لِمُلَاقَاةِ الْبَلَلِ لِلنَّجَاسَةِ (فَإِنْ كَانَ) مَا قَطَعَهُ بِهِ (رَطْبًا لَا) بَلَلَ فِيهِ (كَجُبْنٍ وَنَحْوِهِ، فَلَا بَأْسَ بِهِ) كَمَا لَوْ قَطَعَ بِهِ يَابِسًا لِعَدَمِ تَعَدِّي النَّجَاسَةِ إلَيْهِ (وَإِنْ لَصِقَتْ النَّجَاسَةُ) فِي الطَّاهِرِ (وَجَبَ فِي إزَالَتِهَا الْحَتُّ) أَيْ: الْحَكُّ بِطَرَفِ حَجَرٍ أَوْ عُودٍ (وَالْقَرْصُ) أَيْ: الدَّلْكُ بِأَطْرَافِ الْأَصَابِعِ وَالْأَظْفَارِ دَلْكًا شَدِيدًا، وَيُصَبُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ حَتَّى تَزُولَ عَيْنُهُ، وَأَثَرُهُ ذَكَرَهُ فِي حَاشِيَتِهِ عَنْ الْأَزْهَرِيِّ (إنْ لَمْ تُزَلْ) النَّجَاسَةُ (بِدُونِهِمَا) أَيْ: الْحَتِّ وَالْقَرْصِ لِأَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ وَاجِبٌ وَفِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ:إذَا أَصَابَ ثَوْبَ الْمَرْأَةِ حَيْضُهَا اُسْتُحِبَّ أَنْ تَحُتُّهُ بِظُفْرِهَا، حَتَّى تَذْهَبَ خُشُونَتُهُ، ثُمَّ تَقْرِصَهُ بِرِيقِهَا لِيَلِينَ لِلْغَسْلِ ثُمَّ تَغْسِلهُ بِالْمَاءِ.(قَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ إنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ الْمَحَلُّ بِهِمَا) أَيْ: بِالْحَتِّ وَالْقَرْصِ، فَإِنْ تَضَرَّرَ بِهِمَا سَقَطَا (وَيُحْسَبُ الْعَدَدُ فِي إزَالَتِهَا) أَيْ: النَّجَاسَةِ (مِنْ أَوَّلِ غَسْلَةٍ، وَلَوْ قَبْلَ زَوَالِ عَيْنِهَا) لِعُمُومِ مَا سَبَقَ (فَلَوْ لَمْ تُزَلْ) النَّجَاسَةُ (إلَّا فِي الْغَسْلَةِ الْأَخِيرَةِ أَجْزَأَ) ذَلِكَ لِحُصُولِ الْإِنْقَاءِ وَالْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ فَائِدَةٌ: لَوْ غُسِلَ بَعْضُ الثَّوْبِ النَّجِسِ طَهُرَ مَا غُسِلَ مِنْهُ قَالَ الْمُوَفَّقُ: وَيَكُونُ الْمُنْفَصِلُ نَجِسًا لِمُلَاقَاتِهِ غَيْرَ الْمَغْسُولِ قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ وَفِيهِ نَظَرٌ ا هـ فَإِنْ أَرَادَ غَسْلَ بَقِيَّتِهِ غَسَلَ مَا لَاقَاهُ قَالَهُ فِي الْإِنْصَافِ..(فَصْلٌ): فيما تَطْهُرُ بِهِ الأَرْضُ: (وَتَطْهُرُ أَرْضٌ مُتَنَجِّسَةٌ بِمَائِعٍ) كَبَوْلٍ (أَوْ) بِنَجَاسَةٍ (ذَاتِ جِرْمٍ أُزِيلَ) ذَلِكَ (عَنْهَا، وَلَوْ) كَانَتْ النَّجَاسَةُ (مِنْ كَلْبٍ، نَصًّا) أَوْ خِنْزِيرٍ.(وَ) يَطْهُرُ (صَخْرٌ وَأَجْرِنَةُ حَمَامٍ) وَنَحْوِهِ صِغَارٌ مَبْنِيَّةٌ أَوْ كِبَارٌ مُطْلَقًا قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ (وَحِيطَانٌ وَأَحْوَاضٌ وَنَحْوُهَا: بِمُكَاثَرَةِ الْمَاءِ عَلَيْهَا) أَيْ: الْمَذْكُورَاتِ، مِنْ الْأَرْضِ وَالصَّخْرِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا، لِحَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي طَائِفَةِ الْمَسْجِدِ فَقَامَ إلَيْهِ النَّاسُ لِيَقَعُوا بِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعُوهُ، وَأَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.وَلَوْ لَمْ يَطْهُرْ بِذَلِكَ لَكَانَ تَكْثِيرًا لِلنَّجَاسَةِ وَلِأَنَّ الْأَرْضَ مَصَابُّ الْفَضَلَاتِ وَمَطَارِحُ الْأَقْذَارِ، فَلَمْ يُعْتَبَرْ فِي تَطْهِيرِهَا عَدَدٌ، دَفْعًا لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ (وَلَوْ) كَانَ مَا كُوثِرَتْ بِهِ (مِنْ مَطَرٍ وَسَيْلٍ) لِأَنَّ تَطْهِيرَ النَّجَاسَةِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ النِّيَّةُ فَاسْتَوَى مَا صَبَّهُ الْآدَمِيُّ وَغَيْرُهُ وَالْمُرَادُ بِالْمُكَاثَرَةِ: صَبُّ الْمَاءِ عَلَى النَّجَاسَةِ (بِحَيْثُ يَغْمُرهَا مِنْ غَيْرِ) اعْتِبَارِ (عَدَدٍ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَمْ يَبْقَ لِلنَّجَاسَةِ عَيْنٌ وَلَا أَثَرٌ مِنْ لَوْنٍ أَوْ رِيحٍ) فَإِنْ لَمْ يَذْهَبَا لَمْ تَطْهُرْ (إنْ لَمْ يَعْجَزْ) عَنْ إزَالَتِهِمَا أَوْ إزَالَةِ أَحَدِهِمَا قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُزَالُ إلَّا بِمَشَقَّةٍ، سَقَطَ كَالثَّوْبِ ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ وَتَطْهُرُ الْأَرْضُ وَنَحْوُهَا بِالْمُكَاثَرَةِ (وَلَوْ لَمْ يَنْفَصِلْ الْمَاءُ) الَّذِي غُسِلَتْ بِهِ عَنْهَا لِلْخَبَرِ السَّابِقِ حَيْثُ لَمْ يَأْمُرْ بِإِزَالَةِ الْمَاءِ عَنْهَا (وَيَضُرُّ) بَقَاءُ (طَعْمِ) النَّجَاسَةِ بِالْأَرْضِ كَالثَّوْبِ لِمَا تَقَدَّمَ.(وَإِنْ تَفَرَّقَتْ أَجْزَاؤُهَا) أَيْ: النَّجَاسَةِ (أَوْ اخْتَلَطَتْ بِأَجْزَاءِ الْأَرْضِ كَالرَّمِيمِ وَالدَّمِ إذَا جَفَّ، وَالرَّوْثِ لَمْ تَطْهُرْ) الْأَرْضُ إذَنْ (بِالْغَسْلِ) لِأَنَّ عَيْنَ النَّجَاسَةِ لَا تَنْقَلِبُ (بَلْ) تَطْهُرُ (بِإِزَالَةِ أَجْزَاءِ الْمَكَانِ) بِحَيْثُ يَتَيَقَّنُ زَوَالُ أَجْزَاءِ النَّجَاسَةِ.(وَلَوْ بِإِدْرَارِ الْبَوْلِ وَنَحْوِهِ) كَالدَّمِ (وَهُوَ رَطْبٌ فَقَلَعَ التُّرَابَ الَّذِي عَلَيْهِ أَثَرُهُ، فَالْبَاقِي طَاهِرٌ) لِعَدَمِ وُصُولِ النَّجَاسَةِ إلَيْهِ (وَإِنْ جَفَّ) الْبَوْلُ وَنَحْوُهُ (فَأَزَالَ مَا عَلَيْهِ الْأَثَرُ) مِنْ التُّرَابِ (لَمْ تَطْهُرْ) الْأَرْضُ لِأَنَّ الْأَثَرَ إنَّمَا يَبِينُ عَلَى ظَاهِرِهَا (إلَّا أَنْ يُقْلَعَ مَا يُتَيَقَّنُ بِهِ زَوَالُ مَا أَصَابَهُ الْبَوْلُ وَالْبَاقِي طَاهِرٌ) لِتَحَقُّقِهِ عَدَمَ وُصُولِ النَّجَاسَةِ إلَيْهِ.(وَلَا تَطْهُرُ أَرْضٌ مُتَنَجِّسَةٌ وَلَا غَيْرُهَا) مِنْ الْمُتَنَجِّسَاتِ (بِشَمْسٍ وَلَا رِيحٍ وَلَا جَفَافٍ) لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِغَسْلِ بَوْلِ الْأَعْرَابِيِّ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ يُطَهِّرُ لَاكْتَفَى بِهِ وَلِأَنَّ الْأَرْضَ مَحَلٌّ نَجِسٌ فَلَمْ يُطَهَّرْ بِالْجَفَافِ، كَثِيَابٍ.وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ كَانَتْ الْكِلَابُ تَبُولُ وَتُقْبِلُ وَتُدْبِرُ فِي الْمَسْجِدِ فَلَمْ يَكُونُوا يَرُشُّونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ يُحْمَلُ أَنَّهَا كَانَتْ تَبُولُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ تُقْبِلُ وَتُدْبِرُ فِيهِ فَيَكُونُ إقْبَالُهَا وَإِدْبَارُهَا بَعْدَ بَوْلِهَا، جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ.(وَلَا) تَطْهُرُ (نَجَاسَةٌ بِاسْتِحَالَةٍ) لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ أَكْلِ الْجَلَّالَةِ وَأَلْبَانِهَا لِأَكْلِهَا النَّجَاسَة، وَلَوْ طَهُرَتْ بِالِاسْتِحَالَةِ لَمْ يَنْهَ عَنْهُ (وَلَا) تَطْهُرُ نَجَاسَةٌ أَيْضًا بِ (نَارٍ فَالْقَصْرُ مل) أَيْ: الرَّمَادُ مِنْ الرَّوْثِ النَّجِسِ نَجِسٌ (وَصَابُونٍ عُمِلَ مِنْ زَيْتٍ نَجِسٍ، وَدُخَانِ نَجَاسَةٍ، وَغُبَارُهَا) نَجِس (وَمَا تَصَاعَدَ مِنْ بُخَارِ مَاءٍ نَجِسٍ إلَى جِسْمٍ صَقِيلٍ أَوْ غَيْرِهِ) نَجِسٌ (وَتُرَابُ جَبَلٍ بِرَوْثِ حِمَارٍ) أَوْ بَغْلٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ (نَجِسٌ) وَلَوْ احْتَرَقَ كَالْخَزَفِ.وَكَذَا لَوْ وَقَعَ كَلْبٌ فِي مَلَّاحَةٍ فَصَارَ مِلْحًا، أَوْ فِي صَبَّانَةٍ فَصَارَ صَابُونًا (إلَّا عَلَقَةً خُلِقَ مِنْهَا آدَمِيٌّ) أَوْ حَيَوَانٌ طَاهِرٌ فَإِنَّهَا تَصِيرُ طَاهِرَةً، بَعْدَ أَنْ كَانَتْ نَجِسَةً لِأَنَّ نَجَاسَتَهَا بِصَيْرُورَتِهَا عَلَقَةً فَإِذَا زَالَ ذَلِكَ عَادَتْ إلَى أَصْلِهَا كَالْمَاءِ الْكَثِيرِ الْمُتَغَيِّرِ بِالنَّجَاسَةِ (وَ) إلَّا (خَمْرَةً انْقَلَبَتْ خَلًّا بِنَفْسِهَا) فَإِنَّهَا تَطْهُرُ لِأَنَّ نَجَاسَتَهَا لِشِدَّتِهَا الْمُسْكِرَةِ الْحَادِثَةِ لَهَا.وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ نَجَاسَةٍ خَلَّفَتْهَا، فَوَجَبَ أَنْ تَطْهُرَ، كَالْمَاءِ الَّذِي تَنَجَّسَ بِالتَّغَيُّرِ إذَا زَالَ تَغَيُّرُهُ بِنَفْسِهِ وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ سَائِرُ النَّجَاسَاتِ، لِكَوْنِهَا لَا تَطْهُرُ بِالِاسْتِحَالَةِ؛ لِأَنَّ نَجَاسَتَهَا لِعَيْنِهَا وَالْخَمْرَةُ نَجَاسَتُهَا لِأَمْرٍ زَالَ بِالِانْقِلَابِ (أَوْ) انْقَلَبَتْ الْخَمْرَةُ خَلًّا (بِنَقْلِهَا) مِنْ مَوْضِعٍ إلَى آخَرَ، أَوْ مِنْ دَنٍّ إلَى آخَرَ (لِغَيْرِ قَصْدِ التَّخْلِيلِ) فَتَطْهُرُ، كَمَا لَوْ انْقَلَبَتْ بِنَفْسِهَا.(وَيَحْرُمُ تَخْلِيلُهَا) وَلَوْ كَانَتْ لِيَتِيمٍ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَمْرِ تُتَّخَذُ خَلًّا؟ قَالَ لَا وَالنَّبِيذُ كَالْخَمْرِ» فِيمَا تَقَدَّمَ (فَإِنْ خُلِّلَتْ) أَيْ: فُعِلَ بِهَا شَيْءٌ تَصِيرُ بِهِ خَلًّا (وَلَوْ بِنَقْلِهَا لِقَصْدِهِ) أَيْ: التَّخْلِيلِ (لَمْ تَطْهُرْ) لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَحْرُمُ تَخْلِيلُهَا فَلَا تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الطَّهَارَةُ (وَدَنُّهَا) أَيْ: الْخَمْرِ (مِثْلُهَا، فَيَطْهُرُ بِطَهَارَتِهَا) تَبَعًا لَهَا (وَلَوْ مِمَّا يُلَاقِي الْخَلّ مِمَّا فَوْقَهُ مِمَّا أَصَابَهُ الْخَمْرُ فِي غَلَيَانِهِ) فَيَطْهُرُ كَاَلَّذِي لَاقَاهُ الْخَلُّ (كَمُحْتَفَرٍ مِنْ الْأَرْضِ طَهُرَ مَاؤُهُ بِمُكْثٍ) أَيْ: بِزَوَالِ تَغَيُّرِهِ بِنَفْسِهِ (أَوْ بِإِضَافَةِ) مَاءٍ كَثِيرٍ، أَوْ بِنَزْحٍ بَقِيَ بَعْدَهُ كَثِيرٌ.وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَا بُنِيَ فِي الْأَرْضِ مِنْ الصَّهَارِيجِ وَالْبَحْرَاتِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَطْهُرُ بِمُكَاثَرَتِهِ بِالْمَاءِ الطَّهُورِ، وَهِيَ حَاصِلَةٌ (لَا إنَاء طَهُرَ مَاؤُهُ بِمُكْثِهِ أَوْ كُوثِرَ مَاءٌ نَجِسٌ فِيهِ بِمَاءٍ كَثِيرٍ طَهُورٍ، حَتَّى صَارَ) مَا فِيهِ (طَهُورًا لَمْ يَطْهُرْ الْإِنَاءُ بِدُونِ انْفِصَالِهِ) أَيْ: الْمَاءِ (عَنْهُ فَإِذَا انْفَصَلَ) الْمَاءُ عَنْهُ (حُسِبَتْ غَسْلَةً وَاحِدَةً) وَلَوْ خَضْخَضَهُ مَرَّاتٍ (يُبْنَى عَلَيْهَا) مَا بَقِيَ مِنْ الْغَسَلَاتِ (وَيَحْرُمُ عَلَى غَيْرِ خَلَّالٍ إمْسَاكُ خَمْرٍ لِيَتَخَلَّلَ بِنَفْسِهِ، بَلْ يُرَاقُ) الْخَمْرُ (فِي الْحَالِ فَإِنْ خَالَفَ) غَيْرُ الْخَلَّالِ (وَأَمْسَكَ) الْخَمْرَ (فَصَارَ خَلًّا بِنَفْسِهِ) أَوْ بِنَقْلِهِ لَا لِقَصْدِ تَخْلِيلٍ (طَهُرَ) لِمَا تَقَدَّمَ.وَأَمَّا الْخَلَّالُ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ إمْسَاكُ الْخَمْرِ لِيَتَخَلَّلَ لِئَلَّا يَضِيعَ مَالُهُ وَإِذَا تَخَلَّلَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ بِنَقْلٍ، لَا لِقَصْدِ تَخْلِيلٍ حَلَّتْ وَإِلَّا فَلَا (وَالْخَلُّ الْمُبَاحُ: أَنْ يُصَبَّ عَلَى الْعِنَبِ أَوْ الْعَصِيرِ خَلٌّ قَبْلَ غَلَيَانِهِ) وَقَبْلَ أَنْ تَمْضِي عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهِنَّ (حَتَّى لَا يَغْلِيَ) قِيلَ لِلْإِمَامِ: فَإِنْ صُبَّ عَلَيْهِ خَلٌّ فَغَلِيَ قَالَ يُهْرَاقُ (وَالْحَشِيشَةُ الْمُسْكِرَةُ نَجِسَةٌ) اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَالْمُرَادُ بَعْدَ عِلَاجِهَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْغَزِّيِّ فِي شَرْحِهِ عَلَى مَنْظُومَتِهِ وَقِيلَ: طَاهِرَةٌ قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَحَوَاشِي صَاحِبِ الْفُرُوعِ عَلَى الْمُقْنِعِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ وَهُوَ الصَّوَابُ قَالَهُ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي هُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُبْدِعِ.(وَلَا يَطْهُرُ دُهْنٌ) تَنَجَّسَ (بِغَسْلِهِ) لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ وُصُولُ الْمَاءِ إلَى جَمِيعِ أَجْزَائِهِ، وَلَوْ تَحَقَّقَ ذَلِكَ لَمْ يَأْمُرْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِرَاقَةِ السَّمْنِ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ الْفَأْرَةُ.وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ مِنْهَا مَا يَتَأَتَّى غَسْلُهُ كَزَيْتٍ وَنَحْوِهِ وَكَيْفِيَّةُ تَطْهِيرِهِ: أَنْ يُجْعَلَ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ وَيُحَرَّكَ، حَتَّى يُصِيبَ جَمِيعَ أَجْزَائِهِ، ثُمَّ يُتْرَكَ حَتَّى يَعْلُوَ عَلَى الْمَاءِ، فَيُؤْخَذَ.وَإِنْ تَرَكَهُ فِي جَرَّةٍ وَصَبَّ عَلَيْهِ مَاءً وَحَرَّكَهُ فِيهِ، وَجَعَلَ لَهَا بِزَالًا، يَخْرُج مِنْهُ الْمَاءُ جَازَ (وَلَا) يَطْهُرُ (بَاطِنُ حُبٍّ) تَشَرَّبَ النَّجَاسَةَ.(وَ) لَا (عَجِينٌ) تَنَجَّسَ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ غَسْلُهُ (وَ) لَا (لَحْمٌ تَنَجَّسَ) وَتَشَرَّبَ النَّجَاسَةَ (وَلَا إنَاءٌ تَشَرَّبَ نَجَاسَةً وَ) لَا (سِكِّينٌ سُقِيَتْ مَاءً نَجِسًا) أَوْ بَوْلًا أَوْ نَحْوَهُ مِنْ النَّجَاسَاتِ لِأَنَّ الْغَسْلَ لَا يَسْتَأْصِلُ أَجْزَاءَ النَّجَاسَةِ مِمَّا ذُكِرَ قَالَ أَحْمَدُ فِي الْعَجِينِ: يُطْعَمُ النَّوَاضِحَ، وَلَا يُطْعَمُ لِشَيْءٍ يُؤْكَلُ فِي الْحَالِ وَلَا يُحْلَبُ لَبَنُهُ، لِئَلَّا يَنْجُسَ بِهِ وَيَصِيرَ كَالْجَلَّالَةِ.وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ الْمَقْدِسِيِّ فِي الْمُبْهِجِ: آنِيَةُ الْخَمْرِ مِنْهَا الْمُزَفَّتُ، فَيَطْهُرُ بِالْغَسْلِ لِأَنَّ الزِّفْتَ يَمْنَعُ وُصُولَ النَّجَاسَةِ إلَى جِسْمِ الْإِنَاءِ وَمِنْهَا مَا لَيْسَ بِمُزَفَّتٍ، فَيَتَشَرَّبَ أَجْزَاءَ النَّجَاسَةِ، فَلَا يَطْهُرُ بِالتَّطْهِيرِ فَإِنَّهُ مَتَى تُرِكَ مَائِعٌ ظَهَرَ فِيهِ طَعْمُهُ أَوْ لَوْنُهُ (وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَجَمَاعَةٌ يَطْهُرُ الزِّئْبَقُ بِالْغَسْلِ) لِأَنَّهُ لِقُوَّتِهِ وَتَمَاسُكِهِ يَجْرِي مَجْرَى الْجَامِدِ، وَبَعْدَهُ ابْنُ حَمْدَانَ.(وَيَجُوزُ الِاسْتِصْبَاحُ بِدُهْنٍ مُتَنَجِّسٍ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ) لِجَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِالنَّجَاسَةِ عَلَى وَجْهٍ لَا تَتَعَدَّى وَأَمَّا فِي الْمَسْجِدِ فَلَا لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى تَنْجِيسِهِ (وَلَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَلَا بَيْعُهُ وَيَأْتِي فِي الْبَيْعِ) لِأَنَّ اللَّهَ إذَا حَرَّمَ شَيْئًا حَرَّمَ ثَمَنَهُ.(وَإِنْ وَقَعَ فِي مَائِعٍ سِنَّوْرٍ) وَهُوَ الْهِرُّ (أَوْ فَأْرَةٌ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يَنْضَمُّ دُبُرُهُ إذَا وَقَعَ) فِي مَائِعٍ (فَخَرَجَ حَيًّا فَطَاهِرٌ) لِانْضِمَامِ دُبُرِهِ (وَكَذَا) إذَا وَقَعَ (فِي جَامِدٍ وَهُوَ) أَيْ: الْجَامِدُ (مَا لَا تَسْرِي النَّجَاسَةُ فِيهِ) غَالِبًا.وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: مَا لَوْ فُتِحَ وِعَاؤُهُ لَمْ تَسِلْ أَجْزَاؤُهُ قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ سَمْنَ الْحِجَازِ لَا يَكَادُ يَبْلُغهُ (وَإِنْ مَاتَ فِيهِ) أَيْ: الْجَامِدِ هِرٌّ أَوْ نَحْوُهُ أُلْقِيَتْ وَمَا حَوْلَهَا (أَوْ حَصَلَتْ مِنْهُ) أَيْ: السِّنَّوْرِ وَنَحْوِهِ (رُطُوبَةٌ) وَفِي نُسْخَةٍ فِي دَقِيقٍ وَنَحْوِهِ كَالسَّمْنِ الْجَامِدِ (أُلْقِيَتْ وَمَا حَوْلَهَا، وَبَاقِيهِ طَاهِرٌ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْفَأْرَةِ تَمُوتُ فِي السَّمْنِ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.(فَإِنْ اخْتَلَطَ) النَّجِسُ بِالطَّاهِرِ (وَلَمْ يَنْضَبِطْ) النَّجِسُ (حَرُمَ) الْكُلُّ، تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْحَظْرِ (وَتَقَدَّمَ إذَا وَقَعَتْ النَّجَاسَةُ فِي مَائِعٍ) فِي الثَّالِثِ مِنْ أَقْسَامِ الْمِيَاه، وَأَنَّهُ يَنْجُسُ وَإِنْ كَثُرَ وَلَوْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ مَعْفُوًّا عَنْهَا.(وَإِذَا خَفِيَ مَوْضِعُ نَجَاسَةٍ فِي بَدَنٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ مُصَلًّى صَغِيرٍ، كَبَيْتٍ صَغِيرٍ لَزِمَهُ غَسْلُ مَا يَتَيَقَّنُ بِهِ إزَالَتَهَا فَلَا يَكْفِي الظَّنُّ) لِأَنَّهُ اشْتَبَهَ الطَّاهِرُ بِالنَّجِسِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ اجْتِنَابُ، الْجَمِيعِ، حَتَّى يَتَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ بِالْغَسْلِ كَمَا لَوْ خَفِيَ الْمُذَكَّى بِالْمَيِّتِ وَلِأَنَّ النَّجَاسَةَ مُتَيَقَّنَةٌ فَلَا تَزُولُ إلَّا بِيَقِينِ الطَّهَارَةِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ جِهَتَهَا مِنْ الثَّوْبِ غَسَلَهُ كُلَّهُ وَإِنْ عَلِمَهَا فِي أَحَدِ كُمَّيْهِ وَجَهِلَهُ غَسَلَهُمَا وَإِنْ رَآهَا فِي بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ الَّذِي عَلَيْهِ غَسَلَ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ نَظَرُهُ (وَ) إنْ خَفِيَتْ نَجَاسَةٌ (فِي صَحْرَاءَ وَاسِعَةٍ وَنَحْوِهَا) كَحَوْشٍ وَاسِعٍ (يُصَلِّي فِيهَا بِلَا غَسْلٍ وَلَا تَحَرٍّ) فَيُصَلِّي فِيهِ حَيْثُ شَاءَ، لِئَلَّا يُفْضِي إلَى الْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ.(وَبَوْلُ الْغُلَامِ الَّذِي لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ لِشَهْوَةٍ نَجِسٌ) صَرَّحَ بِهِ الْجُمْهُورُ، كَبَوْلِ الْكَبِيرِ، لَكِنْ، (يُجْزِئُ نَضْحُهُ وَهُوَ غَمْرُهُ بِالْمَاءِ وَإِنْ لَمْ يَنْفَصِلْ) الْمَاءُ عَنْ الْمَحَلِّ (وَيَطْهُرُ الْمَحَلُّ بِهِ) أَيْ: بِالنَّضْحِ بَوْلُ الْغُلَامِ الْمَذْكُورِ، لِحَدِيثِ أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مُحْصَنٍ «أَنَّهَا أَتَتْ بِابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَجْلَسَهُ فِي حِجْرِهِ فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ فَدَعَا بِمَاءٍ فَنَضَحَهُ وَلَمْ يَغْسِلْهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.وَقَوْلُهَا لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ أَيْ: بِشَهْوَةٍ وَاخْتِيَارٍ، لَا لِعَدَمِ أَكْلِهِ بِالْكُلِّيَّةِ لِأَنَّهُ يُسْقَى الْأَدْوِيَةُ وَالسُّكَّرُ وَيُحَنَّكُ حِينَ الْوِلَادَةِ فَإِنْ أَكَلَهُ بِنَفْسِهِ غُسِلَ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ إنَّمَا وَرَدَتْ فِيمَنْ لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ، فَيَبْقَى مَنْ عَدَاهُ عَلَى الْأَصْلِ (وَكَذَا قَيْؤُهُ) أَيْ: قَيْءِ الْغُلَامِ الَّذِي لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ لِشَهْوَةٍ (وَهُوَ أَخَفُّ مِنْ بَوْلِهِ) فَيَكْفِي نَضْحُهُ، بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَ(لَا) يُنْضَحُ بَوْلُ (أُنْثَى وَخُنْثَى) وَقَيْؤُهُمَا بَلْ يُغْسَلُ لِقَوْلِ عَلِيٍّ يَرْفَعُهُ «يُنْضَحُ مِنْ بَوْلِ الْغُلَامِ وَيُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْجَارِيَةِ» قَالَ قَتَادَةَ هَذَا إذَا لَمْ يُطْعَمَا فَإِذَا طَعِمَا غُسِلَا جَمِيعًا وَالْحِكْمَةُ فِيهِ: أَنَّ بَوْلَ الْغُلَامِ يَخْرُجُ بِقُوَّةٍ، فَيَنْتَشِرُ، أَوْ أَنَّهُ يَكْثُرُ حَمْلُهُ عَلَى الْأَيْدِي، فَتَعْظُمُ الْمَشَقَّةُ بِغَسْلِهِ، أَوْ أَنَّ مِزَاجَهُ حَارٌّ، فَبَوْلُهُ رَقِيقٌ بِخِلَافِ الْجَارِيَةِ.وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَمْ يَتَبَيَّنْ لِي فَرْقٌ مِنْ السُّنَّةِ بَيْنَهُمَا وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْغُلَامَ أَصْلُهُ مِنْ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ وَالْجَارِيَةُ مِنْ اللَّحْمِ وَالدَّمِ وَقَدْ أَفَادَهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ، وَهُوَ غَرِيبٌ.(وَإِذَا تَنَجَّسَ أَسْفَلَ خُفٍّ أَوْ حِذَاءٍ) وَهُوَ النَّعْلُ (أَوْ نَحْوَهُمَا) كَالسُّرْمُوزَةِ (أَوْ) تَنَجَّسَ أَسْفَلُ (رِجْلٍ أَوْ ذَيْلِ امْرَأَةٍ بِمَشْيٍ أَوْ غَيْرِهِ وَجَبَ غَسْلُهُ) كَالثَّوْبِ وَالْبَدَنِ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: يَسِيرُ النَّجَاسَةِ إذَا كَانَتْ عَلَى أَسْفَلِ الْخُفِّ وَالْحِذَاءِ بَعْدَ الدَّلْكِ يُعْفَى عَنْهُ، عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهِ وَقَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ ا هـ.قُلْتُ: وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ «إذَا وَطِئَ الْأَذَى بِخُفَّيْهِ فَطَهُورُهُمَا التُّرَابُ» رَوَاه أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ وَهُوَ ثِقَةٌ رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ كَانُوا يُصَلُّونَ فِي نِعَالِهِمْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تَسْلَمُ مِنْ نَجَاسَةٍ تُصِيبُهَا، فَلَوْلَا أَنَّ دَلْكَهَا يُجْزِئُ لَمَا صَحَّتْ الصَّلَاةُ فِيهَا وَلِأَنَّهُ مَحَلٌّ يَكْثُرُ إصَابَةُ النَّجَاسَةِ لَهُ، فَعُفِيَ عَنْهُ بَعْدَ الدَّلْكِ كَالسَّبِيلَيْنِ.
|